You are on page 1of 2

‫}وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {]الشورى‪.

[30:‬‬

‫فلنعلم أن ما أصابنا هو بسبب ذنوبنا ومعاصينا ‪ ،‬قال سبحانه ‪ ":‬وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا‬
‫ي ـ رضي الله عنه ـ ‪ ":‬ما نزل بلء إل بذنب ول رفع إل بتوبة "‪.‬‬
‫عن كثير "‪ ،‬وقد نقل عن عل ّ‬

‫فل بد من التوبة والنابة والرجوع إلى الله ‪ ،‬والتضرع إليه ‪ ،‬والخروج من المظالم ‪ ،‬والربا ‪ ،‬مع وجوب المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬والرجوع الي الله في كل صغيرة وكبيرة ؛ في أنفسنا وبيوتنا وما ولينا ؛ لعل الله أن‬
‫يكشف ما بنا من سوء ‪" ،‬وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون " ‪.‬‬

‫جرت سنة الله عز وجل في عباده‪ ،‬أن يعاملهم بحسب أعمالهم‪ ،‬فإذا اتقى الناس ربهم الذي خلقهم ورزقهم‪ ،‬أنزل‬
‫عليهم البركات من السماء‪ ،‬وأخرج لهم الخيرات من الرض‪ ،‬كما قال سبحانه‪ } :‬ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا‬
‫لفتحنا عليهم بركات من السماء والرض {]العراف‪.[9:‬‬

‫ــ وقال تعالى‪ } :‬وأن لو استقاموا على الطريقة لسقيناهم ماء غدقا ً {]الجن‪ ،[16:‬وإذا تمرد العباد على شرع‬
‫الله‪ ،‬وفسقوا عن أمره أتاهم العذاب والنكال من الكبير المتعال‪ ،‬فإذا كان العباد مطيعين لله عز وجل‪ ،‬معظمين‬
‫لشرعه‪ ،‬أغدق عليهم النعم‪ ،‬وأزاح عنهم النقم‪ ،‬وإذا تبدل حال العباد من الطاعة إلى المعصية‪ ،‬ومن الشكر إلى‬
‫الكفر‪ ،‬حلت بهم النقم‪ ،‬وزالت عنهم النعم‪.‬‬

‫ــ فكل ما يحصل للعباد من محن‪ ،‬وكوارث ومصائب‪ ،‬فبما كسبت أيديهم ويعفو عن كثير كما قال تعالى‪} :‬وما‬
‫أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {]الشورى‪.[30:‬‬

‫ــ إن ما نشاهده من هذه اليات الكونية‪ ،‬لهي آية من آيات الله‪ ،‬تجعل المؤمن متصل ً بالله‪ ،‬ذاكرا ً له شاكرا لنعمه‪،‬‬
‫مستجيرا به خائفا من نقمته وسخطه‬

‫قال عز وجل )وكأين من آية في السموات والرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ( أي ليتفكرون فيها ول‬
‫يعتبرون بها ‪..‬‬

‫إن الريح جند من جنود الله تعالى التي ل يقاومها شيء‪ ،‬فإذا خرجت عن سرعتها المعتادة – بإذن ربها ‪ -‬دمرت‬
‫المدن وهدمت المباني‪ ،‬واقتلعت الشجار‪ ،‬وكسرت الطائرات وخربت محركاتها وصارت عذابا على من حلت‬
‫بدارهم فلما عتا قوم عاد وقالوا )من أشد منا قوة ( أرسل الله عليهم الريح العقيم فقال جل وعل ) وفي عاد اذ‬
‫أرسلنا عليهم الريح العقيم ماتذر من شيء أتت عليه ال جعلته كالرميم ( قال البغوي ‪ :‬هي التي ل خير فيها ول‬
‫بركة ول تلقح شجرا ول تحمل مطرا ما تذر من شيء أتت عليه من أنفسهم وأنعامهم ومواشيهم وأموالهم إل‬
‫جعلته كالرميم أي كالشيء الهالك البالي وهو نبات الرض إذا يبس وديس قال مجاهد كالتبن اليابس) تفسير‬
‫البغوي ج ‪/4‬ص ‪(233‬‬
‫وقد سماها الله تعالى )عاتية( في قوله‪ } :‬وأما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية { قال المفسرون عتت عليهم بغير‬
‫رحمة ول بركة وقيل ‪ :‬عتت على الخزنة فخرجت بغير حساب‪.‬‬

‫ـ كيف ل وهي جند من جنود الله ينصر بها من يشاء من عباده المؤمنين كما حصل في غزوة الخندق‪.‬‬

‫ـ قال الله تعالى‪ } :‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها‬
‫وكان الله بما تعملون بصيرا { }الحزاب‪ .{9 :‬روى ابن ابي نجيح عن مجاهد قال هي الصبا كفأت قدورهم ونزعت‬
‫فساطيطهم )خيامهم( حتى أظعنتهم )معاني القرآن ‪ -‬النحاس ج ‪/5‬ص ‪( 328‬‬

‫ـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال‪) :‬اللهم ! إني أسألك خيرها‪ ،‬وخير ما فيها‪ ،‬وخير ما‬
‫أرسلت به‪ .‬وأعوذ بك من شرها‪ ،‬وشرما فيها‪ ،‬وشر ما أرسلت به(رواه مسلم‪.‬‬

‫الرياح جند من جنود الله يسلطها على من يشاء فانها أيضا خلق من خلق الله يسخرها لمن يشاء من عباده‪ ،‬قال‬
‫ض ال ِّتي َباَرك َْنا ِفيَها وَك ُّنا ب ِك ُ ّ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن(‬
‫مي َ‬
‫عال ِ ِ‬
‫يٍء َ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫مرِهِ إ ِلى الْر ِ‬‫ري ب ِأ ْ‬‫ج ِ‬‫ة تَ ْ‬‫ف ً‬
‫ص َ‬
‫عا ِ‬ ‫ح َ‬‫ن الّري َ‬ ‫ما َ‬ ‫سل َي ْ َ‬‫المولى تبارك وتعالى)وَل ِ ُ‬
‫شهٌْر()سـبأ‪ :‬من الية ‪ (12‬قال قتادة تغدو مسيرة‬ ‫حَها َ‬
‫شهٌْر وََرَوا ُ‬ ‫ها َ‬‫ح غُد ُوّ َ‬ ‫ن الّري َ‬ ‫سل َي َْ‬
‫ما َ‬ ‫)النبياء‪ ( 81:‬وقال تعالى َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫)‬
‫شهر إلى نصف النهار وتروح مسيرة شهر إلى آخر النهار فهي تسير في اليوم الواحد مسيرة شهرين) زاد المسير‬
‫‪ -‬ابن الجوزي ج ‪/6‬ص ‪(438‬‬
‫ان مما ينبغي الحذر منه هو نسبة هذه الظواهر الى الطبيعة كما يسميها بعضهم )غضب الطبيعة ( وكما يقول‬
‫بعضهم ان هذه ظواهر طبيعية‪ .‬لها أسباب معروفة‪ .‬ل علقة لها بأفعال الناس حتى صار الناس ل يخافون عند‬
‫حدوثها‪ ،‬ول يعتبرون بها‪.‬‬

‫قال العلمة ابن عثيمين رحمه الله ‪ :‬ونحن ل ننكر أن يكون لها أسباب حسية ولكن من الذي أوجد هذه السباب‬
‫الحسية ؟؟‬

‫إن السباب الحسية ل تكون إل بأمر الله عز وجل ‪ ،‬والله بحكمته جعل لكل شي سببا إما سببا ً شرعي وإما سببا ً‬
‫حسيا ً هكذا جرت سنه الله عز وجل‬

‫ع ُ‬
‫ظوا اتعظوا‪ ،‬وإذا أذنبوا استغفروا‪ ،‬وإذا ابتلوا صبروا‪،‬إنه‬ ‫ـ نسأل الله عّز وجل أن يجعلني وإياكم من الذين إذا وُ ِ‬
‫سميع مجيب‪.‬‬

‫ـ فلنتق ‪ ،‬ولنأخذ بأسباب النجاة ‪،‬فإن هلك النسان ونجاته مقيد بما كسبت يداه ‪ ،‬ولنعتبر بمن حولنا‪ ،‬ولنتعظ بما‬
‫يجري بالقوام من غيرنا‪ ،‬كان عبدالله بن مسعود يحدث في المسجد ‪ :‬إن الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد‬
‫من وعظ بغيره‬

‫ول بد من الستغفار القلبي والعملي "وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ‪.‬‬

‫وينبغي التسلح بسلح الدعاء ‪ ،‬فإن الله يجيب دعوة الداع إذا دعاه وبخاصة المضطر " وإذا سألك عبادي عني فإني‬
‫قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " ‪.‬‬
‫" أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء “‪.‬‬
‫" ادعوا ربكم تضرعا ً وخفية إنه ل يحب المعتدين"‪.‬‬

‫نسأل الله أن يحفظ بلدنا وشركتنا من كل سوء وأن يرفع البلء عن المستضعفين ‪ ،‬وأن يرد كيد العداء في‬
‫نحورهم ‪ ،‬إنه سميع مجيب ‪.‬‬
‫"اللهم منزل الكتاب ‪ ،‬ومجري السحاب ‪ ،‬وهازم الحزاب ‪ ،‬ارفع البلء عن سودانير"‪.‬‬

‫ـ نسأل الله أن يهدينا‪ ،‬وأن يرزقنا جميًعا الفقه في الدين‪ ،‬وأن يجعلني وإياكم من عباده الصالحين‬

‫جمال عزمي‬

You might also like