You are on page 1of 285

‫بـهجة النوار‬ ‫‪3‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪4‬‬


‫بـهجة النوار‬ ‫‪5‬‬
‫بـهجة النوار‬ ‫‪6‬‬
‫بـهجة النوار‬ ‫‪7‬‬
‫بـهجة النوار‬ ‫‪8‬‬
‫بـهجة النوار‬ ‫‪9‬‬
‫تنبـيه‬
‫أ صل هذا الكتاب ر سالة قد مت من ق بل الح قق لن يل در جة الاج ستي ف أ صول الد ين؛ ف‬
‫جام عة أم درمان ال سلمية بال سودان الشق يق‪ ،‬ت ت عنوان "ب ـهجة النوار ‪ ..‬للش يخ أب ـي م مد‬
‫عبدال بن ح يد ال سالي ‪ ..‬درا سة وتقي قا" أشرف علي ها فضيلة الش يخ ال ستاذ الدكتور شو قي بش ي‬
‫عبدالجيد‪ ،‬وقد نوقشت وأجيزت بتاريخ ‪ 20‬ربـيع الول سنة ‪1419‬هـ الوافق ‪13/8/1998‬م‪.‬‬
‫وتقت ضي مقابلة الح سان بالح سان أن أ سجل ه نا جز يل شكري وعظ يم إمتنا ن لفضيلت ـه‬
‫على ما أسداه ل من جهد وإرشاد‪.‬‬

‫******‬
‫قمنا باختصار كثي من متويات الرسالة فيما يتعلق بالدراسة والتحقيق فقط!! من باب إخراج‬
‫ما لبد منـه وما كان على خلف ذلك استبعدناه تفيفا على القراء‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪10‬‬


‫مقدمة التحقيق‬
‫المـد ل الول فليـس قبله ش يء وال خر فل يس بعده ش يء سـبحانـه تن ـزه عن الدوث‬
‫والزوال وتقدس عن الشب ـيه والمثال وأش هد أن ل إله إل ال وحده لشر يك له وأش هد أن سيدنا‬
‫م مد عبده ور سوله الل هم صل على م مد ف الول ي و صل على م مد ف الخر ين وارض الل هم عن‬
‫صحابتـه الطاهرين وعن التابعي لم ال يوم الدين … أما بعد‬
‫فإن علم أ صول الد ين من أشرف العلوم الشرع ية‪ ،‬لتعل قه بإثبات ال صانع‪ ،‬وتوح يد الالق‬
‫عز وجل‪ ،‬ونفي الشباه والضداد عنه تعال‪ ،‬وإثبات الرسالت والقدر والعاد‪ ،‬وهي الركائز الت‬
‫تقوم علي ها الشري عة ال سلمية‪ ،‬والكلم على سائر الركان التعل قة باليان؛ ال ت ل ي صح إيان‬
‫الكلف إل بإثباتـها جلة‪ ،‬وعدم الزيغ ف مضامينها تفصيل‪ ،‬ومرد حراسة الخي منها إل هذا‬
‫العلم الشريف‪ ،‬وقد عُن علماء السادة الباضية بـهذا العلم منذ القرون الول‪ ،‬من أجل إيضاح‬
‫الق والكشف عن ضللت البتدعي وتزييف آرائهم ودحض مفترياتـهم ودسهم ف الشريعة‬
‫الغراء‪ ،‬وهذا دأب ـهم على تطاول القرون إل يوم نا هذا‪ ،‬و ما مناظرة المام أ ب عبيدة م سلم بن‬
‫أبـ كريةـ رحهـ ال تعال لواصـل بـن عطاء العتزل فـ القدر التـ ذكرهـا الدرجينـ فـ "طبقاتـه" (‬
‫ل بينا لذلك‪ ،‬فضل عن الرسائل الت حررها المام مبوب بن الرحيل رح ه ال تعال‬ ‫‪ )2/246‬إل مثا ً‬
‫ف كشف حقيقة هارون بن اليمان‪ ،‬ومناظرة الوفد النفوسي من الباضية للواصلية – من العتزلة‬
‫– ف أيام المام عبد الوهاب بن عبد الرحن أيام الدولة الرستمية الت تد أخبارها ف "الزهار‬
‫الرياضيـة" للبارونــي ص(‪ ،)178-170‬ومناظرة العلمـة أبـ خزر يغل بـن زلتاف رحهـ ال تعال‬

‫للمعتزل الذي عجز عنه علماء مصر آنذاك فغلبه وأسقط حجته كما تراه ف "سي الئمة" لب‬
‫زكرياء يي بن أب زكرياء الوارجلنـي ص(‪ ،)234‬أما مدوناتـهم الطبوعة ف هذا العلم فهي‬
‫من الكثرة بكان‪ ،‬لعل أقدمها تلكم الرويات ف العقيدة ف الزء الثالث من "مسند المام الربيع‬
‫بن حبيب‪/‬ط"‪ ،‬وما جاء ف بداية "أصول الدينونة الصافية‪/‬ط(‪ ")1‬لعمروس بن فتح النفوسي (ت‬
‫‪283‬هــ)‪ ،‬وكتاب "الدليـل والبهان‪/‬ط(‪ ")1‬لبـ يعقوب الوارجلنـ (ت ‪570‬هــ)‪ ،‬وكتاب‬
‫"الوجز‪/‬ط(‪ ")3‬لرفيقه أب عمار عبد الكاف التناوت (ت قبل ‪570‬هـ)‪ ،‬والجزاء الثلثة الول من‬
‫"الضياء‪/‬ط(‪ ")1‬للعل مة سلمة بن م سلم العو تب (ق ‪ 5‬ه ـ)‪ ،‬و"الو هر القت صر‪/‬ط(‪ ")1‬ل ب ب كر‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪11‬‬


‫أح د بن ع بد ال الكندي (ق ‪6‬ه ـ)‪ ،‬وكتاب "النور‪/‬ط(‪ ")1‬للش يخ عثمان بن أ ب عبدال ال صم‬
‫(ق ‪7‬ه ـ)‪ ،‬وأول "قوا عد ال سلم" للجيطال (ت ‪750‬ه ـ)‪ ،‬و"مقد مة التوح يد‪/‬ط" الن سوب‬
‫لب حفص عمر بن جيع (ق ‪8‬هـ) مع حاشيت الشماخي والتلت‪ ،‬وأول "منهج الطالبي‪/‬ط(‪")1‬‬
‫للش يخ خيس الشق صي (ق ‪11‬ه ـ)‪ ،‬و من أش هر م صنفات التأخر ين كتا ب "معال الد ين‪/‬ط(‪")1‬‬
‫و"النور‪/‬ط" للشيخ عبد العزيز الثمين (ت ‪1223‬هـ)‪ ،‬و"قاموس الشريعة‪/‬ط(‪ ")1‬للشيخ جيل بن‬
‫خيس السعدي تد مباحث العقيدة ف الجزاء (‪ )4،5،6‬منه‪ ،‬وكتاب "تهيد قواعد اليان‪/‬ط(‪")1‬‬
‫للمح قق الليلي ومبا حث العقيدة ف أجزائه الول‪ ،‬و"شرح عقيدة التوح يد‪/‬ط(‪ ")1‬للش يخ م مد‬
‫بـن يوسـف أطفيـش الشهيـ بقطـب الئمـة‪ ،‬وكتاب "الرشاد‪/‬ط(‪ ")2‬للشيـخ سـيف بـن ناصـر‬
‫الروصي (ت ‪1341‬هـ)‪.‬‬
‫وأما مؤلفات المام نور الدين عبد ال بن حيد السالي مؤسس النهضة العلمية ف عمان‬
‫فـ هذا الجال فهـي ثلثـة أههـا "مشارق النوار‪/‬ط(‪ ")3‬وكتابنـا هذا "بجـة النوار" إضافـة إل‬
‫"روض البيان على ف يض النان‪/‬ط" ف الرد على من ادّ عى قدم القرآن‪ ،‬وتع تب مؤلفا ته رحهـ ال تعال من‬
‫أحسن مؤلفات إباضية الشرق‪ ،‬وأجودها سبكا وتقيقا للمسائل‪.‬‬
‫وكتابه (بـهجة النوار) هو من أشهر كتبـه ف العقيدة بعد كتابـه (مشارق أنوار العقول)‪،‬‬
‫أودع فيه خلصة مباحث العقيدة بأسلوب وسط بـي الطناب والياز‪ ،‬وهو الشرح الصغي لنظومته‬
‫ف أصول الدين السماة "أنوار العقول"‪ ،‬بيد أنه ما يستكفى به ف هذا الفن للمبتدىء والتوسط‪ ،‬فقد‬
‫حوى زبدة "الشارق" بأسلوب ميسر‪ ،‬ويكفي أن يكون الشارح واللخص المام السالي وهو مَن هو‪،‬‬
‫وهذه النسخة الت نضعها بـي يديك مققة لول مرة‪ ،‬ولا كانت الطبعة التداولة للكتاب ل تلوا من‬
‫أخطاء آثرنا أن نسعف القارئ بذه النسخة الت نرجوا أن تكون خلوا من أخطاء ما قبلها ولعلي أشي‬
‫إل خطأ فادح ورد ف تلك الطبعة حت ل يظن بأننا نلقي بالكلم على عواهنه فمثل جاء السطر الخي‬
‫ف الصفحة (‪ 30‬من الطبعة التداولة)‪:‬‬
‫(ويصح على تأويل آخر أن يمل معن الية على الوجوب)ا‪.‬هـ‬
‫هذا ال سطر وجوده ه نا خ طأ بل مله ب عد الب يت ر قم (‪ )18‬ك ما تده م صححا ف هذه‬
‫النسخة‪.‬‬
‫‪ )(1‬طبع ف وزارة التراث والثقافة – سلطنة عمان‪.‬‬
‫‪ )(2‬طبعته مكتبة السيد الستشار – سلطنة عمان‪.‬‬
‫‪ )(3‬طبع ف دار اليل بيوت‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪12‬‬


‫هذا بالضا فة إل أخطاء أخرى أشر نا ل ا ف ثنا يا الكتاب‪ ،‬وأهل نا تارة ما كان على خلف‬
‫الخطوطات العتمدة‪ ،‬ماـ قـد يتنبـه له القارئ بنفسـه‪ ،‬ولسـت أدعـي هنـا أن هذه النسـخة مـبأة مـن‬
‫العيوب‪ ،‬إذ الكمال للعزيز الغفار‪ ،‬والطأ من النسان وارد‪ ،‬والعصمة لن عصمهم ال‪ ،‬وبال التوفيق‪.‬‬

‫علي بن سعيد بن مسعود الغافري‬


‫البيد اللكترون‬
‫‪alghafri@email.com‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪13‬‬


‫فصل‬
‫في التعريف بالمصنف رحمه الله‬
‫اسمه ونسبـه‬
‫هو المام الجدد الجتـهد الحقق الفقيه الصول التكلم الؤرخ الديب أبـي ممد عبدال بن حيد‬
‫بن سلوم بن عبـيد بن خلفان بن خيس السالي(‪ )4‬العمان(‪ )5‬رحه ال تعال‪.‬‬

‫‪ )(4‬ترجتـه مأخوذة من‪:‬‬


‫‪" ‬نـهضة العيان" ـ للشيخ ممد ولد العلمة السالي ـ ص(‪ 118‬ـ ‪ )262‬وهو أهم مصدر لترجتـه‪.‬‬
‫‪ ‬مقدمة "جوهر النظام" للشيخ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش الزائري ـ نـزيل القاهرة ـ الزء الول ص(د ـ ن)‪.‬‬
‫‪" ‬العلم" لي الدين الزركلي (‪.)4/84‬‬
‫‪" ‬شقائق النعمان" للشيخ ممد بن راشد الصيبـي (‪ 3/9‬ـ ‪.)24‬‬

‫‪ )(5‬فضائل أهل عمان مشهورة وهم من جرى ذكرهم بالي على أشرف لسان‪:‬‬
‫ـ فقد جاء من طريق أبـي برزة السلمي قال‪ :‬بعث رسول ال رجل إل حي من أحياء العرب‪ ،‬فسبوه وضربوه‪،‬‬
‫فجاء إل رسول ال فأخبه فقال رسول ال ‪» :‬لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ول ضربوك«‪.‬‬
‫رواه المام مسلم ف "صحيحه" برقم [‪ ]2544‬والمام أحد ف "مسنده" برقم [ ‪ ]19794‬والرويان ف "مسند الصحابة"‬
‫برقم [‪.]1325‬‬
‫ـ وعن أبـي لبـيد قال‪ :‬خرج رجل من طاحية مهاجرا‪ ،‬يقال له‪ :‬بـيح بن أسد‪ ،‬فقدم الدينة بعد وفاة رسول ال‬
‫بأيام فرآه عمر فعلم أنـه غريب فقال له‪ :‬من أنت؟‪ .‬قال‪ :‬من أهل عمان‪ .‬قال‪ :‬من أهل عمان؟‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فأدخله‬
‫على أبــي بكـر فقال‪ :‬هذا مـن الرض التـ سـعت رسـول ال يقول‪» :‬إنـ لعلم أرضـا يقال لاـ عمان ينضـح‬
‫بناحيتـها البحر‪ ،‬بـها حي من أحياء العرب لو أتاهم رسول ما رموه بسهم ول حجر«‪.‬‬
‫رواه المام أحد ف "مسنده" برقم [‪ ]310‬والارث بن أبـي أسامة ف "مسنده" برقم [ ‪ 1042‬ـ بغية الباحث] وأبو‬
‫يعلى ف "مسنده" [‪ 1485‬و ‪ 1486‬ـ القصد العلي]‪.‬‬
‫وعنـه يقول اليثمي ف "ممع الزوائد" (‪" :)10/24‬رواه أحد ورجاله رجال الصحيح غي لازة بن زبار؛ وهو ثقة‪ ،‬ورواه‬
‫أبو يعلى كذلك"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫ـ وروى ابن حبان ف "صحيحه" برقم [‪/ 7266‬الحسان] عن أبـي برزة السلمي قال‪" :‬بعث رسول ال رجل‬
‫إل حيّ من أحياء العرب ف شيء ل أدري ما قال‪ ،‬فسبوه وضربوه فرجع إل النبـي فشكا إليه فقال‪» :‬لكن أهل عمان‬
‫لو أتاهم رسول ما سبوه ول ضربوه«‪.‬‬
‫ـ وعن طلحة بن داود قال‪ :‬قال رسول ال ‪» :‬نعم الرضعون أهل عمان«‪.‬‬
‫رواه الطبان ف "العجم الكبـي" [‪ ]8164‬وعبدالرزاق ف "مصنفه" [‪]13987‬‬
‫وعن ـه يقول اليث مي ف "مم عه" (‪" :)10/20‬رواه ال طبان وف يه عنب سة مول طل حة بن داود ول أعر فه‪ ،‬وبق ية رجاله‬
‫ثقات"‪ .‬ا‪.‬هـ‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪14‬‬


‫يعود نسبـه إل قبـيلة السوال وعنـهم يقول العلمة السيابـي رحه ال تعال ف "اسعاف العيان"‪:‬‬
‫"ومن النـزار بعمان السوال وهم قوم من ضبة بن أدّ بن طابة بن إلياس بن مضر بن نـزار بن معد‬
‫بن عدنان ‪ ...‬ال أن قال‪ :‬وان ا أقام شهرت ـهم ذلك العلم وال سيد الم د أ بو م مد عبدال بن ح يد‬
‫رحه ال ورضي عنـه‪ .)6(".‬ا‪.‬هـ‬
‫هذا نسبـه رحه ال ولسان حاله يقول‪:‬‬
‫يومـــا على الحســـاب نتكـــل‬ ‫ــت‬ ‫ــابنا كرمـ‬‫ــنا وإن أحسـ‬ ‫لسـ‬
‫ــا فعلوا‬
‫ــل مـ‬ ‫ــل مثـ‬ ‫ــ‪ ،‬ونفعـ‬ ‫تبنـ‬ ‫نبنــ كمــا كانــت أوائلنـــا‬

‫ويقطن السوال ف الناطق الشرقية والداخلية والباطنة من عمان‪ ،‬وتعتب "الوقي" النازل القدية لم‪.‬‬
‫مولده ونشأتـه‬
‫ولد ف سنة ‪1286‬ه ـ ف بلدة "الوق ي" التاب عة لدينة الر ستاق‪،‬وكأن العنا ية اللية شاءت‬
‫لذا الصبـي أن يرى ببصيتـه أكثر ما يرى ببصره لئل ينشغل بزخارف الدنيا فكف بصره وهو ابن‬
‫اثنت عشرة سنة وكان حافظا قوي الذاكرة ل يكاد يسمع شيء إل حفظه ووعاه‪.‬‬
‫نشأ ف بلدتـه الذكورة حيث فتح عينيه على الدنيا لول مرة ف أحضان أسرتـه الطيبة النبت وتعلم‬
‫البادئ الول ية على يد والده الوقور ح يد بن سلوم‪ ،‬ث تا قت نف سه ال تل قي الز يد فتو جه بدا ية ال‬
‫الرستاق الت هي أقرب الواضر الت تزخر بالعلماء والكتبات آنذاك فأخذ عن الشيخ عبدال بن ممد‬
‫الاشي‪ ،‬كما لزم ف قرية "قصرى" منـها الشيخ راشد بن سيف اللمكي حيث انضم إل مدرستـه‬
‫هناك فأتّ ح فظ القرآن علي يد يه وأ خذ عن ـه مبادئ العلوم وقوا عد الل غة العرب ـية والف قه وأ صول‬
‫الد ين‪ ،‬وابان مك ثه مع الش يخ اللم كي حدث أن قام العل مة صال بن علي الار ثي بزيارة ل صديقه‬
‫اللمكي فأعجب بالسالي الذي كان طالبا آنذاك لا رأى من توقد بصيتـه‪ ،‬فطلب من الشيخ اللمكي‬
‫أن يسمح له بزيارتـه ف بلده "القابل" فوافق الشيخ اللمكي على ذلك‪.‬‬
‫وأخذ العلم كذلك عن الشيخ ماجد بن خيس العبي وتتلمذ على يديه‪ ،‬ولا بلغ السابعة عشر من‬
‫عمره بدأ ف كتابة تاربـه فألف منظومتـه الت ساها "بلوغ المل ف الفرادات والمل" ف قواعد‬
‫اللغة والنحو‪ ،‬ث كتب عليها شرحا ول ياوز العشرين من عمره‪ ،‬وحي فاق ما عند أشياخه طلبت‬
‫نفسه الزيد‪ ،‬وف سنة ‪1308‬هـ عزم على السي ال النطقة الشرقية بعمان بعد ذيوع صيت العلمة‬

‫وانظر الديث ف "الصابة" لبن حجر (‪ 3/428‬دار الكتب العلمية)‪.‬‬


‫‪ )(6‬اسعاف العيان ـ للشيخ سال بن حود السيابـي ـ ص ‪ 69‬ـ الكتب السلمي ـ بـيوت ـ الطبعة الول ـ‬
‫‪1384‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪15‬‬


‫الصلح المي صال بن علي الارثي الذي اتذ هو وآباءه من "القابل" مسكنا لم ذلك الشهم الذي‬
‫جنّد نف سه لد مة الشرع وال صلح ب ـي الناس وال مر بالعروف والن ـهي عن الن كر ول يس ذلك‬
‫ببدع من المر فهو تربـية العلمة الحقق الليلي رحه ال(‪ )7‬وحي وصل ال هناك نـزل ف ضيافة‬
‫الش يخ سلطان بن م مد الب سي‪ ،‬ث انت قل ال مدر سة العل مة الار ثي الذي فرح ب ـهذا التلم يذ‬
‫النجيب‪.‬‬
‫يقول الش يخ سعيد بن ح د الار ثي حف ظه ال‪" :‬حدث ن أب ـي عن أب ـيه قال‪ :‬جئت يو ما إل "القا بل"‬
‫فوجدت صالا متلئا سرورا ـ يع ن الش يخ صال بن علي ـ يقول‪ :‬يا سليمان؛ لو تعجلت قليل‬
‫لشاهدت ولدا ساليا يكاد أن يلتـهم العلم التـهاما‪ ،‬ولئن بارك ال فيه ليكو نن مددا لذا الدين‬
‫قدوة للمسـلمي(‪ ،)8‬مـر عليّـ الشيـخ سـلطان بـن ممـد البسـي وعنده هذا الولد السـالي مـن أهـل‬
‫"الوق ي" جاء طال با للعلم‪ ،‬فن ـزل ع ند الش يخ سلطان‪ ،‬وجاءا زائر ين لطاو عة الجري ي‪ ،‬فك نا أ نا‬
‫والشيخ سلطان نتذاكر مسألة‪ ،‬ول نتفق عل حل لا‪ .‬فلما رجعا ‪ ..‬قال السالي لشيخه‪ :‬كان عندي ف‬
‫السألة وجه‪ .‬قال‪ :‬لِ مَ ل تقله؟‪ .‬قال‪ :‬إن هبت الشيخ‪ .‬فلما جاءا ف الساء قال سلطان‪ :‬إن هذا الولد‬
‫السـالي عنده قول فـ السـألة التـ تذاكرناهـا‪ .‬فقلت له‪ :‬حسـن؛ يسـنّ قرونــه ويأتـ باـ عنده‪.‬‬
‫فا ستنطقناه‪ ،‬فإذا عل مه وعقله أ كب من ج سمه‪ ،‬فأخذت ـه عن ـه أر يد أن ينفع نا‪ ،‬ولكن ـه طلب م ن‬
‫حت يعود من "بدية" إل "الضيبـي" ث ينتقل إلينا‪.‬‬
‫وبالفعل فقد حصل ذلك وانتقل بكله وثقله‪ ،‬وسكن ف جوار الشيخ‪ .‬وصار كما ذكر ف مؤلفاتـه‬
‫أنـه من أكب شيوخه‪ ،‬كما هو معلوم ف تراجه‪ .‬ولا استقر الال بالشيخ السالي وترعرع‪ ،‬وصار‬
‫مدرسامنظورا إليه جاء رجل حجري ف بعض اليام فسأل الشيخ صال عن مسألة ف الطلق ‪ ..‬فأفتاه‬
‫الشيخ برمة زَوْجِه عليه‪ .‬فراح ـ الرجل ـ إل الشيخ السالي فسأله عن السألة ول يبه أنـه سأل‬
‫عن ـها من ق بل‪ .‬فأفتاه الش يخ بواز الرّجْعَة إلي ها‪ .‬فر جع ال سائل إل الش يخ صال فأ خبه عن فتوى‬
‫تلميذه‪ .‬فغضب غضبا شديدا‪ ،‬وأرسل إليه قائل‪ :‬ما يملك على أن تفت ف شيء ل تعرفه‪ ،‬تعلمتم وما‬
‫تأدب تم‪ .‬قال‪ :‬وكان الش يخ ال سالي يغ ضب كثيا‪ .‬ول ا ل ي كن مال لنفاذ غضب ـه‪ ،‬قام ود خل الفلج‬
‫واغتسل ث رجع إل شيخه قائل‪ :‬يا شيخي؛ اسع حجت فيما قلت‪ ،‬لكنّي أهابك فتفضّل؛ حي أتكلم‬
‫ل تتكلم ح ت أفرغ‪ ،‬فإن رأ يت حج ت مقبولة‪ ،‬فال ق يق بل من أ صغر م ن‪ ،‬وإن كان باطل‪ ،‬فالبا طل‬

‫‪ )(7‬نـهضة العيـان ـ ل بن السالي ص (‪.)119‬‬


‫‪ )(8‬وقد صحت فراسته رحه ال‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪16‬‬


‫مردود على من كان أ كب م ن(‪ .)9‬قال‪ :‬قل‪ .‬وكان ال سالي أعطاه ال عل ما ول سانا‪ ،‬فأدل بالدلة ال ت‬
‫يستدل بـها على قوله حت فرغ‪.‬‬
‫وكان قبـل إحضار الدليـل قال‪ :‬أول؛ أعتذر إليـك لنـ ل أعلم أنـك أفتيـت فـ هذه السـألة‪ ،‬وإل‬
‫لتأدبت‪ ،‬وأعرف منـزلت‪ ،‬ولكن إذ وقع ما وقع لبد من إظهار الجة‪.‬‬
‫قال الشيخ لا سع قوله‪ :‬إف تِ؛ فقد آن لك أن تفت‪ ،‬نن حي يتعلم الناس ننازع البدو تت ـ شجر‬
‫ــ السـّمر‪ ،‬القـ مـا قلت‪".‬ا‪.‬هــ وهكذا لعـ نمـ الشيـخ السـالي فـ سـاء العلم باعتراف أشياخـه‬
‫وتزكيتـهم له‪.‬‬
‫أوصافه‬
‫يقول ولده الشيخ ممد ف كتابـه "نـهضة العيان" ص (‪ 119‬ـ ‪ )121‬واصفا له‪:‬‬
‫"كان شديد الغية ف ذات ال تعال‪ ،‬ل تأخذه فيه لومة لئم‪ ،‬يقول الق وينطق بالصدق‪ ،‬مشهور‬
‫بالب سالة وال صلبة‪ ،‬كث ي الردّ على من خالف ملة ال سلم‪ ،‬مشغول البال بأمّت ـه‪ ،‬يفرح ب ا ينفع ها‪،‬‬
‫ويزن لا يضرها‪ ،‬وإنـه ليكتئب إذا أصيب أحد من المة بدث ولو بالصي‪.‬‬
‫ل تلو مَشَاهِدُ هُ الكري ة من فائدة دين ية‪ ،‬أو عائدة دنيو ية‪ ،‬أو شاردة أدب ـية‪ ،‬مشتغل بتدر يس العلم‬
‫والتأليف‪ ،‬والفصل بـي الصوم بالكم الشرعي‪.‬‬
‫كان خطيبا ِمْنطِْيقَا‪ ،‬يرتل الطب الطوال ف الجامع والحافل؛ حسْب ما يقتضيه القام من السعي ف‬
‫اصلح المة وجع الشمل‪ ،‬يُرَغّب وُيرَهّب بأبلغ بـيان وأفصح لسان‪.‬‬
‫كان جوادا سخيا؛ قلّ ما أ كل وحده لزدحام الضيوف بناد يه وكثرة ملزم يه الغترف ي من ف يض‬
‫أياديـه‪ ،‬يقدم للضيـف مـا حضره بل تكلّف ول بطـر‪ ،‬كثيـ التفقّد والتعرف على حاجـة إخوانــه‬
‫وتلمذتـه ليواسيهم‪.‬‬

‫‪ )(9‬تأمل أدب التلميذ مع شيخه حت وإن جانبه الصواب‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪17‬‬


‫كان قد َعزَف نفسه عن التوسع ف الدنيا والسكون إليها(‪ ،)10‬قليل التعلّق بتبعاتـها وشواغلها العائقة‬
‫عن طريق الخرة‪ .‬كان عظيم اليبة ل ينطق أحد ف ملسه‪ ،‬إل أن يكون سائل أو متعلما أو ذا حاجة‬
‫جدّية‪ .‬ولقد رأى ذات مرة خصما يتعنت خصمه وقد قهره بفضول منطقه‪ .‬وكان الشيخ ياول الصلح‬
‫ب ـينـهما‪ ،‬فل ما رأى ذلك التع نت زَ َجرَه ا وقال‪ :‬هَلُمّ ا إل ال كم‪ .‬وضرب بع صاه أما مه‪ ،‬وكا نت‬
‫سوداء من حطب البنوس‪ ،‬فما هو إل أن سلّم ذلك التعنت المر‪ ،‬وصال خصمه‪ .‬فعوتب بعد ذلك‬
‫فقال‪ :‬إن خفت من تلك العصى السوداء‪ .‬ومناقبـه كثية العدد‪.‬‬
‫…‪..‬كان يك ثر من تلوة هذه ال ية ف الحا فل‪ :‬يـا أيهـا الذيـن آمنوا هـل أدلكـم‬
‫على تجارة تنجيكـم مـن عذاب أليـم ‪..‬اليـة ال صف ‪ 10 :‬وغي ها من اليات الشو قة‬
‫للجهاد الرغّبة لدار العاد‪.‬‬
‫كان ـ عفا ال عنـه ـ كثي التضرع إل ال فتراه ف بعض الحيان ف ملسه‪ ،‬أو ف الطريق‪ ،‬أو ف‬
‫م صلّه و قد ر فع يد يه إل ال سماء قائل‪ :‬لب ـيك الل هم لب ـيك‪ .‬ث يب سط يد يه ويقول‪ :‬الل هم اج ع‬
‫الش مل‪ ،‬وألّف ب ـي القلوب‪ ،‬وأ يد الكل مة‪ .‬ون و ذلك من الدع ية ال ت ير جو ب ـها نظام ال سلمي‪،‬‬
‫وتد ذلك ف أجوبة السائل عنـه إذا تأمّلتـها‪.‬‬

‫‪ )(10‬وهو على جانب عظيم من التواضع استمع إليه يرد على سؤال بعضهم وقد أطراه ف مطلعه فأجابـه ـ كما ف "العقد‬
‫الثمي" (‪:)1/345‬‬
‫غُررت ومثلك مـــــــــــــــــــــن ل يُغَـــــــــــــــــــــر‬
‫أيدح مثلك مثلي بذا‬
‫ولو شُمتنــــــــــــــــــــــ وأنــــــــــــــــــــــا نائم‬
‫ـــــــــــــرت‬ ‫ـــــــــــــ هل اقتصـ‬ ‫ـــــــــــــت إل اليـ‬ ‫هُديـ‬
‫أعوذ بربــــــــــــــــــــــي أن أ ْح َمدَنـــــــــــــــــــــْ‬
‫ــــــــــر‬ ‫ــــــــــت القمـ‬ ‫ــــــــــّهى فظننـ‬ ‫ــــــــــت السـ‬ ‫رأيـ‬
‫ومـــــــــــا أنـــــــــــا فـــــــــــ ِورْدِه والصـــــــــــّدَر‬
‫زمان الغنائم عِفْـــــــــــــــــــــت البـــــــــــــــــــــ‬
‫مديكـــــــــــ منـــــــــــ على مـــــــــــا ظهـــــــــــر‬
‫باـــــــــــ ليـــــــــــس فِيّـــــــــــ لكيل أغـــــــــــر‬
‫وهذا من تواضعه كما هو شأن العلماء العاملي‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪18‬‬


‫كان كثيا ما يقول‪ :‬اختب نا ال فوجَدَ نا كاذب ـي(‪ .)11‬يتأوه كثيا ل ا يراه ف الناس من الختلف‪،‬‬
‫وعدم الد فيما يعود على حياتـهم بالسعادة‪ ،‬ولا يراه من الفساد ف البلد‪ ،‬فتراه قطع حديثه وتنفس‬
‫الصعداء قائل‪ :‬ذهب الوفاء‪ ،‬ذهب لدين‪ ،‬ذهبت الرؤة‪ ،‬ذهبت الغية‪ ،‬ذهبت الَ ِميّة‪ ،‬طمع فينا الصم‪،‬‬
‫طُلبْنا بالكائد‪ ،‬نُصب لنا البائل‪ ،‬فإنا ل وإنا إليه راجعون‪ .‬ومن قوله‪:‬‬
‫والكــل منــا غافــل ولهــي‬ ‫حرب النصـــارى اليوم بالدواهـــي‬
‫وإنــــها أقوى مـــن الدافـــع‬ ‫فيأخذون الدار بالدايـــــــــع‬

‫وكثيا ما يتمثل بقول دعبل‪:‬‬


‫ــــ ل أقــــل َفنَدَا‬
‫ال يعلم أنـ‬ ‫مــا أكثــر الناس ل بــل مــا أقلّهــم‬
‫على كثيـــ؛ ولكـــن ل أرى أحدا‬ ‫إنــ لفتــح عينــ حيــ أفتحهــا‬

‫ويكرر قوله‪ :‬ول كن ل أرى أحدا‪ .‬ل ا ي يش ف صدره من المور ال ت ل ي د من ي ساعده على القيام‬
‫ب ـها‪ ،‬ويك ثر الدعاء على الن صارى وال ستعمرين ف أك ثر مال سه‪ .‬و من أدعيت ـه الام عة‪ :‬الل هم خذ‬
‫أعداء الدين‪ ،‬وارددهم على أعقابـهم خاسرين خاسئي‪ .".‬ا‪.‬هـ‬
‫شيوخه‬
‫إن النفوس الكبـية ل تأنف عن الستفادة من الغي جل أو صغر لذا كان من الطبـيعي أن‬
‫يكون الناس بـي عال ومتعلم ومفيد ومستفيد وكان لبد لكل طالب علم من شيخ يسدده ويضبط‬
‫له العارف خشية أن يتبلبل فكره لو أسلمه دون توجيه‪ ،‬وكان العلماء ف السابق يتخيون من الشيوخ‬
‫من عرف بطهارة السية ونبل السريرة وللشيخ السالي جلة من الشيوخ نـهل من مراشدهم واغترف‬
‫من ني معارفهم حيث ل مدارس نظامية ول جامعات متخصصه ف تلك الونة‪ ،‬وكان الال ف عمان‬
‫على النظام الألوف ف القرون الاضية‪ ،‬وأشهر من تتلمذ عليه النور السالي‪:‬‬
‫‪ )1‬الشيخ راشد بن سيف اللمكي وهو الذي رباه على العلم وكان أول شيوخه الذين لزمهم وجلس‬
‫ف حَِلقِ هم أيام كان يتردد عل يه ف بلدت ـه‪ ،‬من ت صانيفه "ال سالك ف علم النا سك ـ ؟" وب عض‬
‫(‪)12‬‬
‫الرسائل والنظومات الشعرية‪ ،‬وتوف بالرستاق سنة ‪1333‬هـ‪.‬‬

‫‪ )(11‬هذا من تواضعه رحه ال وهكذا ديدن من يشى ال يظن بنفسه التقصي‪ ،‬ل كالمل من بغاث اللق الذين يظن الواحد‬
‫منـهم أنـه خي خلق ال وأنـه ول ل وهو عن تلك النازل نازل وال الستعان‪.‬‬
‫‪ )(12‬نـهضة العيان ـ (‪ 274‬ـ ‪.)275‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪19‬‬


‫‪ )2‬الشيخ صال بن علي الارثي وهو الذي ترج على يديه وكان كل الشيخي متعلق بالخر وعند‬
‫وفاة الشيخ صال حزن عليه الشيخ السالي حزنا بالغا حيث كان له أكثر من والده‪ ،‬وهو الذي كان له‬
‫ال ثر الكب ـي على الش يخ ال سالي‪ ،‬ح يث كان له مرب ـيا وشي خا ومعل ما وم ساندا‪ ،‬وأعان تلميذه‬
‫ال سالي على انشاء مدر ستـه ال ت أ صبحت ملذا لطلب العلم وتو ف الش يخ صال سنة ‪1314‬ه ـ‬
‫وقام السالي بمع فتاواه ورسائله ف مموع طبع بعنوان "عي الصال" وجعل كتابـه "الق اللي ف‬
‫سية الشيخ صال بن علي" مقدمة لذا الجموع‪.‬‬
‫‪ )3‬الش يخ ما جد بن سعيد العَبي من العلماء الذ ين ا ستفاد من ـهم ف مدي نة "الر ستاق" وكان النور‬
‫السالي يتردد عليه لينـهل من علمه ويستفيد منـه وكان يكن له وافرا من الحترام حت إنـه حي‬
‫يقوم بزيارتـه ويتوجه له أحدهم بالسؤال ـ ف حضرة الشيخ العبي ـ يقول‪" :‬ان لذه النواحي فقيه‬
‫وفقيهها الشيخ العبي"‪ .‬وتوف سنة ‪1346‬هـ(‪.)13‬‬
‫‪ )4‬الشيخ عبدال بن ممد الاشي وهو من العلماء الذين أخذ عنـهم ف مدينة "الرستاق"(‪.)14‬‬
‫‪ )5‬الشيخ ممد بن سيف الرحيلي(‪.)15‬‬
‫‪ )6‬الشيخ ممد بن مسعود البوسعيدي(‪.)16‬‬
‫تلميذه‬
‫ليس من الغريب أن العلماءَ التقياء ف كل زمان الكه فُ الذي يأوي إليه طالبوا العرفة واللجأ‬
‫الذي يق صده مرتادوا العلوم ول غرا بة أن ن د مدر سة العل مة ال سالي احدى البقاع ال ت ت ضم ب ـي‬
‫جنباتــها جيل مـن ثار غرسـه بـل إن أغلب رجال العلم بعده هـم نتاج جهوده‪ ،‬يقول الشيـخ أبـو‬

‫‪ )(13‬ترجتـه ف نـهضة العيان (‪ 451‬ـ ‪.)458‬‬


‫‪ )(14‬الرجع السابق ص (‪.)118‬‬
‫‪" )(15‬السالي ‪ ..‬الجدد" للشيخ ناصر الرموري ص (‪ )44‬ضمن قراءات ف فكر السالي‪.‬‬
‫‪ )(16‬الرجع السابق ص (‪.)44‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪20‬‬


‫ا سحاق ف تقدي ه لكتاب "جو هر النظام"‪" :‬تلميذه كث ي ل نبالغ إذا قل نا إن رجال العلم اليوم بعمان‬
‫جلّهم من تلميذه‪ ،‬وقد نبغ منـهم كثي …"‪.‬ا‪.‬هـ وأهم تلميذه هم‪:‬‬
‫‪ )1‬المام العادل سال بن را شد بن سليمان بن عا مر الرو صي‪ ،‬ولد ف الباط نة سنة ‪1301‬ه ـ‬
‫وتعلم القرآن ومبادئ العلوم على يد والده ث رحل ال الشرقية ليلتحق بدرسة السالي وبقي ملزما‬
‫له منذ راهق اللم‪ ،‬استشهد ف بلدة "الضراء" بالنطقة الشرقية ف ليلة الامس من ذي القعدة سنة‬
‫‪1338‬هـ وكانت فترة امامتـه ‪ 7‬سني(‪.)17‬‬
‫‪ )2‬المام العادل ممد بن عبدال الليلي حفيد العلمة الشهي سعيد بن خلفان الليلي‪ ،‬ولد المام‬
‫ممد ف مدينة "سائل" سنة ‪1299‬هـ نشأ فيها ولزم العلماء هناك ث انتقل ال الرتع الشهي ف‬
‫بلدة "القابل" ليكون تلميذا بـي يدي النور السالي‪ ،‬وتقلد المامة بعد وفاة المام سال بسبعة أيام‬

‫‪ )(17‬ترجت ـه ف ن ـهضة العيان ـ ل بن ال سالي (ص ‪ 125‬وص ‪ )197‬وليتأ مل القارئ آثار ترب ـية الش يخ ال سالي‬
‫لتلميذه ح يث ي صف ولده م مد ف ن ـهضة العيان (‪ )198‬المام العادل سال بن را شد الرو صي فيقول‪" :‬كان ر بع‬
‫القا مة‪ ،‬ن يف ال سم‪ ،‬أن ـهكتـه العبادة … أع بد أ هل زمان ـه وأورع هم‪ ،‬وأشد هم غِية على مارم ال … ضُرب ب ـه‬
‫الثل ف عمان قبل المامة وبعدها زهدا وورعا وعفافا‪ ،‬ترى يده اليمن ترتعش إذا دخل ف الصلة‪ ،‬وتسمع لصدره وجيبا‪ ،‬ل‬
‫ي س ب ا يتحدث الناس ب ـه إذا د خل صلتـه‪ ،‬ح ت إن ـه ليغ يب عن الكون إل الذب‪ ،‬ل تراه طول عمره إل راك عا أو‬
‫ساجدا‪.‬‬
‫كان قوت ـه كفا فا‪ ،‬كان يق عد على الب ساط والرض الفرو شة بال صباء‪ ،‬كان ل يت جب عن الناس‪ ،‬يبا سط إخوان ـه‪،‬‬
‫ويُحضرهم ما يضُره من الطعام … ل يدخر الوجود ول يطلب الفقود‪ .‬ولا تول أمر السلمي كانت حالتـه التعفف عن‬
‫الخذ من بـيت الال جهده إل قُوتـه وقُوت من يعوله بالعروف‪ .‬فمن ورعه أدركتـه فطرة البدان (زكاة الفطر ) بعد‬
‫فتح سايل‪ ،‬فلم يد شيئا يلكه لدائها‪ ،‬وأب أن يقترض من بـيت الال أو من الناس‪ ،‬فباع عباءتـه ‪ ..‬وأنفق ثنـها فيما‬
‫وجب عليه‪...‬ال"‪ .‬ا‪.‬هـ وطالع "نـهضة العيان" ص ‪.311‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪21‬‬


‫(‪)18‬‬
‫ف ش هر ذي القعدة عام ‪1338‬ه ـ و سار ف الناس ب سيتـه فكان خ ي سلف ل ي خلف‬
‫واستمرت امامتـه لدة ‪ 35‬سنة نشر فيها العدل والرخاء حت توف سنة ‪1373‬هـ‪.‬‬
‫‪ )3‬الشيخ عيسى نل الشيخ صال بن علي الارثي كان أحد الستفيدين من الشيخ السالي بعد وفاة‬
‫والده‪ ،‬تقلد إمارة قو مه ب عد أب ـيه وكان كري ا مضيا فا وجي ها ع ند الناس واشت ـهر ب سن ال سية‬
‫على طريقـة والده وإن كان ل يبلغهـا‪ ،‬كان ملزمـا للعتكاف والعبادة‪ ،‬ولد الشيـخ عيسـى فـ‬
‫"القابل" سنة ‪1290‬هـ ونشأ ف كنف أبـيه وكان خلفا له بعد وفاتـه وسار على خطاه وله‬
‫ب عض الر سائل والجو بة من ـها "الرد العز يز على أحكام الدر يز ـ ؟" ور سالة ف "م نع ال سقاط‬
‫بالوائح ـ ؟" وغيها‪ ،‬واستفاد منـه الكثيون حت توف سنة ‪1365‬هـ(‪.)19‬‬
‫‪ )4‬الشيخ أبوزيد عبدال بن ممد بن رزيق الريامي الزكوي‪( ،‬خرج من "ازكي" إل "القابل" ف‬
‫أوائل سنة ستة ع شر وثلثائة وألف و هو غلم؛ يطلب العلم الشر يف‪ ،‬فبذل مهجت ـه ف خد مة‬
‫العلم وأهله) هكذا وصفه شيخه السالي ف مطلع كتابـه (حل الشكلت) وكان يكتب عن شيخه‬
‫مسودات التآليف ويعد من كبار تلمذتـه مع اتصافه بأنـه على جانب عظيم من الزهد والورع‬
‫وسيتـه ف توليه للمامي سال وممد على مدينة "بـهل" تدل على التسامي ف بذل الي للناس‬
‫وهضم النفس عن الظوظ الدنيوية والقيام بالمر بالعروف والنـهي عن النكر استلهاما من سية‬
‫العمرين رضي ال عنـهما‪ .‬وتوف ف مدينة "بـهل" سنة ‪1364‬هـ(‪.)20‬‬
‫‪ )5‬العلمـة أبـو مالك عامـر بـن خيـس بـن مسـعود الالكـي الذي ولد فـ "وادي بنـ خالد" سـنة‬
‫‪1280‬ه ـ وتتل مذ على يد الشيخ ي صال بن علي الار ثي والش يخ نور الد ين ال سالي ح ت بلغ‬
‫شأوا عظيما‪ ،‬وف حقه يقول عنـه شيخه السالي ـ حي مرض ـ‪" :‬ما أخاف عليكم من جهل‬

‫‪ )(18‬ي صفه تلميذه العل مة م مد بن شا مس البطا شي رح ه ال تعال ف كتاب ـه "الك شف عن ال صابة" ص (‪ )49‬فيقول‪" :‬و قد‬
‫أدركنا من أئمة الباضية المام ممد بن عبدال الليلي وصحبناه مقدار ثلثي سنة فما وجدناه فحاشا ول لعانا يكم بالق‬
‫ويقول الق‪ ،‬القريب والبعيد عنده سواء‪ ،‬كف يده ولسانـه عما ل يل‪ ،‬ل ينطق بالفضول ورِعَا عن الحارم‪ ،‬مسارعا إل‬
‫أداء اللوازم‪ ،‬يكفيه من القوت ما يسد الرمق‪ ،‬ل يستأثر عن صغي ول كبـي‪ ،‬ن صّب نفسه لوائج السلمي‪ ،‬أنفق أمواله!!‬
‫لوجـه ال وِلعِزّ دولة السـلمي‪ ،‬متسـبا صـابرا على مضـض الزمان وعلى سـوء أخلق الرجال‪ ،‬ل يعرف الغضـب إل أن‬
‫تنتـهك مارم ال‪ ،‬عاش على هذه السية حت توفاه ال ف وقت الظهية والر شديد؛ فأظلتـه والاملي له سحابة!! حت‬
‫دفن عند قب المامي العادلي ناصر بن مرشد وسلطان بن سيف‪ ،‬وقد وجد الافرون للقب رائحة كرائحة السك!! وال‬
‫يول فضله من يشاء‪ ،‬والذي يؤثر عن الئمة السابقي أضعاف أضعاف هذا"‪ .‬ا‪.‬هـ ث استطرد ف ذكر كرامات من سبقه من‬
‫الئمة فلياجعه من أراد‪.‬‬
‫‪ )(19‬نـهضة العيان لبن السالي (‪ 87‬ـ ‪.)95‬‬
‫‪ )(20‬ترجتـه ف نـهضة العيان (‪ 493‬وما بعدها) وأعماله الصلحية ف ص (‪ 495‬ـ ‪.)497‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪22‬‬


‫وفي كم عا مر بن خ يس"‪ .‬و من ت صانيفه كتاب ـه "موارد اللطاف ـ ط‪/‬التراث" َنظَ مَ ف يه كتاب‬
‫<متصر العدل والنصاف> للشيخ الشماخي‪ ،‬و"غاية الطلوب ف الثر النسوب ـ ؟" و "غاية‬
‫التحق يق ف أحكام النت صار والتغر يق" ط بع مع <العقود الفض ية> للش يخ سال الار ثي‪ .‬وتو ف‬
‫الشيخ عامر سنة ‪1346‬هـ(‪.)21‬‬
‫‪ )6‬العل مة نا صر بن را شد الرو صي شق يق المام سال وقاض يه وعامله على الر ستاق والعواب ـي‬
‫وتوابعهما‪ ،‬كما أنـه عمل للمام الليلي‪ ،‬وهو عال ماهد غيور وتوف سنة ‪1362‬هـ(‪.)22‬‬
‫‪ )7‬العل مة أ بو ال ي عبدال بن غا بش النوفلي كان عال ا عامل ور عا فاضل‪ ،‬تول القضاء للمام ي‬
‫الروصـي والليلي‪ ،‬واسـتعفى آخـر عمره شفقـة على نفسـه مـن تمـل التبعات‪ ،‬وتوفـ سـنة‬
‫‪1339‬هـ والكل راض عن سيتـه(‪.)23‬‬
‫‪ )8‬العل مة سليمان بن سيف الميي كان أعلم أ هل م صره بعلم اللة‪ ،‬طلب ـه أ هل زنبار من‬
‫شيخه أن يكون مدرسا لم‪ ،‬فأسعفهم شيخه وأرسله إليهم(‪.)24‬‬
‫‪ )9‬الشيخ سليمان بن ممد بن أحد بن عبدال الكندي ولد ف مسقط سنة ‪1298‬هـ تعلم على‬
‫يد خاله الشيخ سعيد بن ناصر الكندي وأخذ عن العلمة السالي وشرح منظومتـه "غاية الراد" ف‬
‫كتابـه "بداية المداد ـ ط‪/‬التراث" ويقال انـه أمره بشرحها‪ .‬وكانت وفاتـه ف نـزوى سنة‬
‫‪1337‬هـ وهو العام الذي تصادف فيه نـزول وباء الطاعون بـها(‪.)25‬‬
‫‪ )10‬العل مة ح د بن عب ـيد ال سليمي أ حد العلماء الجلء‪ ،‬ع مل للمام ي الرو صي والليلي‪،‬‬
‫وتقلد القضاء بسمايل وبدبد وفنجا وتوابعهن(‪.)26‬‬
‫‪ )11‬العل مة سيف بن ح د بن شيخان ال غبي‪ ،‬أ حد العلماء البارز ين ع مل كذلك للمام ي على‬
‫منح ودما والطائيي ونواحيها(‪.)27‬‬

‫‪ )(21‬نـهضة العيان ص (‪.)465‬‬


‫‪ )(22‬الرجع السابق ص (‪.)486‬‬
‫‪ )(23‬الرجع السابق ص (‪.)412‬‬
‫‪ )(24‬الرجع السابق ص (‪.)126‬‬
‫‪ )(25‬الرجع السابق ص (‪.)301‬‬
‫‪ )(26‬الرجع السابق ص (‪.)126‬‬
‫‪ )(27‬الرجع السابق ص (‪.)126‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪23‬‬


‫‪ )12‬الشيخ الشاعر ممد بن شيخان السالي الذي لقبـه القطب الزائري بـ "شيخ البـيان" توف‬
‫سنة ‪1346‬ه ـ و ف ح قه يقول الش يخ ال سالي‪" :‬لول وجود شا عر العرب أب ـي م سلم الرواحي‬
‫بزنبار لقلت‪ :‬إنـه أشعر أهل عصره"(‪.)28‬‬
‫‪ )13‬العلمة سعيد بن أحد الراشدي(‪.)29‬‬
‫‪ )14‬الشيخ سليمان بن حامد الباشدي(‪.)30‬‬
‫‪ )15‬العلمة الضرير سال بن حد الراشدي(‪.)31‬‬
‫‪ )16‬العلمة أبو شيذان عامر بن علي الشيذان(‪.)32‬‬
‫‪ )17‬العلمة الزاهد عبدال بن عامر بن مهيّل العزري توف سنة ‪1358‬هـ(‪.)33‬‬
‫‪)18‬العلمة قسور بن حود الراشدي(‪.)34‬‬
‫‪)19‬العلمة أبو الوليد سعود بن حد بن خليفي التوف سنة ‪.)35(1373‬‬
‫يقول الش يخ م مد ال سالي ف "ن ـهضة العيان" (‪" :)127‬هؤلء مشاه ي تلميذه‪ ،‬والذ ين ت ت‬
‫طبقتـهم كثي‪ ،‬بل ل تد عمانيا له أدن مسكة من العلم‪ ،‬إل وقد اغترف من ذلك البحر والتقط من‬
‫ذلك الدرّ‪ ،‬ب سب ما ق سم له الوا هب من الوا هب‪ ،‬ذلك ف ضل ال يؤت يه من يشاء وال ذو الف ضل‬
‫العظيم"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫مصنفاتـه‬
‫خلّف الش يخ ال سالي جلة طي بة من الت صانيف ال ت تطايرت ف البلد وتناقل ها العباد‪ ،‬ول ي كن م ن‬
‫ي صنفون ل جل الشهرة وال سمعة بل كان ف كتب ـه راجيا الفضل من ال ملتم سا خد مة الد ين ب كل‬
‫اصرار راجيا أن تزاح غشاوة الهل عن الناس فصنف الكتب النافعة ول يغفل أن يترك ما يفيد الصغي‬
‫والكبــي والقتصـد والجتــهد‪ ،‬وكان يُعنـ بتحريـر كتبــه ومصـنفاتـه ويهتـم بتوضيـح الدلئل‬

‫‪ )(28‬الرجع السابق ص (‪ 459‬وما بعدها) وانظر كلم السالي عنـه ص (‪ )461‬منـه‪.‬‬


‫‪ )(29‬الرجع السابق ص (‪.)126‬‬
‫‪ )(30‬الرجع السابق ص (‪.)127‬‬
‫‪ )(31‬الرجع السابق ص (‪.)127‬‬
‫‪ )(32‬الرجع السابق ص (‪.)127‬‬
‫‪ )(33‬الرجع السابق ص (‪.)481‬‬
‫‪ )(34‬الرجع السابق ص (‪.)127‬‬
‫‪ )(35‬الرجع السابق ص (‪.)503‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪24‬‬


‫وتب سيط ال سائل فل يس في ها إطناب م ل‪ ،‬ول اخت صار م ل‪ ،‬يعت ن باللب دون الق شر وبالو هر دون‬
‫الظهر ولذا صارت مؤلفاتـه مقدمة على غيها واعتن بـها الناس أيا عناية‪ ،‬ومن أبرزها‪:‬‬
‫‪ o‬في علم الحديث‪:‬‬
‫‪" )1‬شرح مسند المام الربـيع بن حبـيب الفراهيدي" رحه ال تعال ف ثلثة ملدات (طبع)‪.‬‬
‫‪ o‬في علم العقيدة‪:‬‬
‫‪" )1‬مشارق أنوار العقول" و هو أ هم كتب الش يخ ف هذا الجال و هو شرح مو سع لنظومت ـه "أنوار‬
‫العقول" و قد أث ن على هذا الكتاب عال الباض ية الزائري الق طب م مد بن يو سف اطف يش عند ما‬
‫وقف عليه(‪ )36‬طبع ف ملدين‪.‬‬
‫‪ )2‬منظومة "أنوار العقول" وهي أرجوزة صنفها ف علم العقيدة بلغت (‪ )317‬بـيتا‪.‬‬
‫‪" )3‬بـهجة النوار" كتابنا هذا‪.‬‬
‫‪" )4‬روض البـيان على فيض النان" شرح فيه منظومة رفيق عمره الشيخ سعيد بن حد الراشدي‬
‫"ف يض النان ف الرد على من ادّ عى قدم القرآن" ال ت بل غت ( ‪ )106‬ب ـيتا‪ ،‬وشرح ها شر حا بدي عا‬
‫(طبع)‪.‬‬
‫‪" )5‬كشف القيقة" أرجوزة ف الدفاع عن مذهب الباضية ونقض تقولت خصومهم وبـيان خطأ‬
‫العتراضات عليهم‪ .‬وقام بشرحها الشيخ سال بن حود السيابـي رحه ال تعال ‪.‬‬
‫‪" )6‬غاية الراد ف العتقاد" منظومة أخرى تنتـهي برف اللم مطلعها‪:‬‬
‫مـا شاءهـا وبل مِثـل هنـاك خـل"‬ ‫"المـد ل منشـئ الكائنـات على‬
‫وشرحها العلمة سليمان بن ممد الكندي (ت ‪1337‬هـ) طبع بوزارة التراث العمانية‪ ،‬ولا شرح‬
‫آ خر ل سماحة الش يخ أح د بن ح د الليلي مف ت عمان و هو ف أوراق مطبو عة بالا سوب‪ ،‬ل ين شر‬
‫تاريا بعد‪.‬‬
‫‪" )7‬رسالة ف التوحيد" ل تزيد عن أربع ورقات كتبـها تلبـية لطلب رفيقه الشيخ سعيد بن حد‬
‫الراشدي اهتم فيها ببحثي الليات والنبوات باياز ‪...‬‬
‫‪ o‬في أصول الفقه‪:‬‬
‫‪" )1‬طلعة الشمس" شرح بـه منظومتـه "شس الصول" ف هذا العلم الليل‪ ،‬ت طبعه ف ملدين‬
‫ب صر ث صورتـه وزارة التراث العمان ية‪ ،‬وو ضع بواش يه كتاب "ب ـهجة النوار" ف الجلد الول‪.‬‬
‫وكتاب "الِجج القنعة ف أحكام صلة المعة" ف الجلد الثان‪.‬‬

‫‪ )(36‬الرجع السابق ص (‪.)128‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪25‬‬


‫‪")2‬الجة الواضحة ف الرد على التلفيقات الفاضحة" رد فيها على من ادّعى العلم وتعاطى منـزلة‬
‫الجتـهاد من أهل زمانـه‪ .‬ل ينشر‪.‬‬
‫‪ o‬في علم الفقه‪:‬‬
‫‪" )1‬معارج المال على مدارج الكمال" وهو أوسع كتاب فقهي خلّفه الشيخ وهو شرح لكتابـه‬
‫النظمي "مدارج الكمال" بـيد أنـه ل يتم حيث عاجلتـه النية قبل ذلك‪ ،‬يقع ف ثان قطع مطوطة‬
‫وقد طبعتـه وزارة التراث ف (‪ )18‬ملدا‪.‬‬
‫‪" )2‬مدارج الكمال بنظم متصر الصال" وهو كتاب نظمي على بر الرجز يزيد على اللفي بـيت‬
‫نَظَم ف يه كتاب العل مة اليم ن أ بو ا سحاق ابراه يم بن ق يس بن سليمان الضر مي البا ضي ال سمى‬
‫"متصر الصال ـ ط" ّت طبْع "الدارج" أيضا بوزارة التراث‪.‬‬
‫‪" )3‬جوهر النظام" وهو أرجوزة جامعة لكثي من البواب الشرعية وقد طبع هذا الكتاب قديا ف مصر‬
‫ص ّورَت تلك الطبعة مرارا ث أعيد طبعه‬
‫مع تعليقات قيمة للشيخ ابراهيم اطفيش أبو اسحاق الزائري و ُ‬
‫مؤخرا مع تعليقات الشيخ الذكور بالضافة إل تعليقات للشيخ الفقيد ابراهيم بن سعيد العبي ‪ ،‬ف‬
‫ملدين‪.‬‬
‫‪" )4‬جوابات الشيخ السالي" حيث كان يعتن با يرد إليه من أسئلة فيأمر بتدوين السؤال والواب‬
‫والبحوث الصغية والرسائل ف كتاب خاص وقد جع بعضها الشيخ سال بن حد الارثي وأطلق على‬
‫ما ج عه "الع قد الثم ي ‪ ..‬ناذج من فتاوى نور الد ين" وط بع ف (‪ )4‬أجزاء ب صر ث قا مت مكت بة‬
‫الضامري ـ السيب‪ .‬بتصويرها‪ ،‬غي أنـها ل تشكّل الجموعة الصلية‪ .‬هذا وقد نشرت الجموعة‬
‫الكاملة مؤخرا ف سبعة أجزاء مرتبة على البواب العهودة‪.‬‬
‫‪" )5‬حل الشكلت" وهو ملد عبارة عن أجوبة لسئلة كتبـها تلميذه الزاهد أبوزيد عبدال بن ممد‬
‫الريامي وقد طبع ف وزارة التراث العمانية‪.‬‬
‫‪" )6‬ايضاح البـيان ف أحكام نكاح الصبـيان" يبحث فيه قضية زواج البالغ بالصبـية أو العكس أو‬
‫زواج الصبـي بالصبـية‪ .‬ويكشف رأي فقهاء الباضية ف هذه السألة وقد نشر مؤخرا‪.‬‬
‫‪" )7‬الجج القنعة ف أحكام صلة المعة" وقد طبع بـهامش كتابـه "طلعة الشمس" التقدم‪.‬‬
‫‪" )8‬تلق ي ال صبـيان" و هو كتاب مت صر ك ما يت ضح من عنوان ـه مو جه إل شري ة كب ـية من‬
‫الجت مع أل و هم صغار ال سن والعوام‪ .‬و قد ط بع هذا الكتاب البارك مرارا وتكرارا لشدة الطلب عل يه‬
‫رغم صغر حجمه وهو منتشر ف الكتبات‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪26‬‬


‫‪" )9‬طريق السداد إل علم الرشاد" شرح لنظومة رفيق عمره الشيخ سعيد بن حد الراشدي ف أحكام‬
‫الهاد السماة "علم الرشاد ـ ط" فعلق عليها الشيخ شرحا يكشف مدراتـها ‪ .‬ل يكمل ول ينشر‬
‫بعد‪.‬‬
‫‪ )10‬رسالة "بـيان الدلة على ناسة الدم السفوح" تكلم فيها عن هذه القضية بتحليل الفقيه الناقد‬
‫مع اللام بأطراف القضية وكشف ما يتعلق بكم الدم السفوح من حيث ناستـه طبع مؤخرا‪.‬‬
‫‪ o‬في التاريخ‪:‬‬
‫‪" )1‬تفة العيان ف سية أهل عمان" وهو خدمة جليلة أسداها الشيخ لبلده الت ل يظهر لا تاريخ‬
‫يضارع ما كتبـه ف هذا الكتاب فما يوجد من كتب التاريخ الت نشرت ل يستوعب التاريخ الافل‬
‫بالحداث لذه البلد‪ ،‬وكتابـه هذا أهم مصدر لي باحث عن عمان وما يتعلق بـها‪ ،‬فقام بتسجيل‬
‫تاري ه هذا لي سد خلل وثغرة مه مة‪ .‬و قد ن شر هذا الكتاب الق يم ف جزئ ي ب صر ح يث اعت ن بنشره‬
‫والتعليق عليه الشيخ أبو اسحاق الزائري رحه ال تعال نـزيل القاهرة‪ ،‬ث صورت تلك الطبعة مرارا‪.‬‬
‫‪" )2‬الق اللي ف سية الشيخ صال بن علي رحه ال تعال " كتبـه عرفانا بالميل لشيخه الفضال الذي‬
‫أوله رعايتـه وضمه إل كنفه فاستفاد منـه وأفاد‪ .‬طبع أيضا‪.‬‬
‫‪ o‬في اللغة والدب‪:‬‬
‫‪" )1‬النـهل الصاف ف العروض والقواف" شرح متع على أرجوزتـه ف علم العروض‪ .‬طبعتـه وزارة‬
‫التراث بعمان‪.‬‬
‫‪" )2‬شرح بلوغ المل ف الفردات والمل" وهو شرح صنعه على منظومتـه "بلوغ المل" ف مبادئ‬
‫الل غة و هي أول ما صاغتـه قريت ـه وك تب علي ها الشرح الذكور ب عد ذلك‪ .‬طبعت ـه وزارة التراث‬
‫بعمان‪.‬‬
‫‪ " )3‬الوا هب ال سنية على الدرة الب ـهية" شرح على ن ظم "الجروميّة" للعمري طي طبعت ـه وزارة‬
‫التراث ف جزئي صغار (سلسلة تراثنا)‪.‬‬
‫‪" )4‬ديوان السالي" فيه مموعة طيبة من قصائده الرائعة‪ .‬وهو ل يزال مطوطا؛ ل ينشر منـه إل بعض‬
‫القصائد الختارة جُعلت ف نـهاية كتابـه "الق اللي"‪.‬‬
‫‪ o‬مجالت أخرى‪:‬‬
‫‪" )1‬بذل الجهود ف مال فة الن صارى واليهود" تكلم ف يه عن التشب ـه بالشرك ي ف الو نة الخية‬
‫وأضراره على الجتمع‪.‬‬
‫‪ )2‬رسالة "سواطع البهان" وهي رسالة ف اللباس بعث بـها لهل زنبار ول تنشر حت الن‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪27‬‬


‫‪ )3‬قام بتصحيح نسخ مسند الربـيع الفراهيدي وحاول جهده تليصها من التصحيفات الت لقت‬
‫ب ـه و سجل ف مقدمت ـه تنب ـيهات قيّ مة‪ .‬و هي مطبو عة مع ن سخ ال سند الذكور ـ باختلف‬
‫طبعاتـه ـ‪.‬‬
‫‪ )4‬قام بالتعليق على كتاب العلمة القطب الزائري وردّه السمى "ياعقب يا جزائري" ونشر الكتاب‬
‫مع تعليقات الشيخ السالي ف مصر قديا‪.‬‬
‫‪ )5‬قام بمع فتاوى وأجوبة شيخه صال بن علي الارثي ف ملد ساه "عي الصال من أجوبة الشيخ‬
‫الصال" طبع ف دمشق‪ ،‬ث أعيد طبعه ف عمان‪.‬‬
‫‪ )6‬له رسائل متعددة إل بعض العلماء سواء من الباضية الغاربة أو من علماء بقية الذاهب خصوصا‬
‫الذين كان يلتقي بـهم ف جوار الرمي وقد تباحث مع جاعة منـهم‪ .‬وهذه الرسائل موجودة ف‬
‫بعض الجلدات بوزة أحفاده ف مكتبة السالي‪.‬‬

‫وفاتـه‬
‫توف رحه ال تعال عندما كان متوجها لقابلة الشيخ ماجد بن سعيد العبي ليفهمه رأيه ف مسألة الوصية‬
‫بقراءة القرآن على القابر حيث يرى الشيخ أنـها ل تثبت‪" ،‬فكان من قضاء ال وقدره أنـه لا وصل‬
‫ومن معه من العيان إل قرية بن صبح عند غروب الشمس‪ ،‬عزموا على البـيت بـها‪ ،‬فتوجهوا إل‬
‫الحلة ال سفلى من ـها‪ ،‬ف صدعه غ صن شجرة أم با(‪ )37‬معتر ضا على الطر يق‪ ،‬و هو على راحلت ـه ول‬
‫يبصـره لكونــه ضريرا‪ ،‬ول ينبــهه أصـحابـه لمـر أراده ال‪ ،‬فألقاه على ظهره واهـي القوى"(‪.)38‬‬
‫ا‪.‬هـ وكان مرضه هذا هو الذي مات فيه(‪ )39‬حيث توف بعد العتمة من ليلة ‪ 5‬من شهر ربـيع الول‬
‫سنة ‪1332‬هـ وعمره ‪ 48‬سنة وبضعة أشهر وُقبِر ف بلدة تنوف تت سفح البل الخضر بعدما‬

‫‪ )(37‬هي شجرة الانو‪.‬‬


‫‪ )(38‬الرجع السابق ص (‪.)131‬‬
‫‪ )(39‬قال الشيخ سعيد بن حد الارثي‪" :‬لا سقط الشيخ نور الدين من راحلتـه‪ ،‬وبقي يعال الوت ف بلدة "تنوف" كان‬
‫يقول‪ :‬سنقسم إن شاء ال مغا ن الند‪ .‬وكان يكرر ها‪ ،‬يقول هذا ح ثا للم سلمي على اقتفاء ال سلف‪ ،‬ول كي تك تب الن ية ف‬
‫حسناتـه‪.‬‬
‫قال‪ :‬وجاءه المام يعوده‪ .‬فقال له‪ :‬لِم جئت؟‪ .‬قال‪ :‬عائدا لك‪ .‬قال‪ :‬ار جع فأ نت ف مقام أ صلح للم سلمي من عياد ت‪.‬‬
‫فرجع ف الال‪.‬‬
‫قال‪ :‬وانكسرت رقبتـه فبقي أياما إذا حل على الكتاف هان عليه السهر‪ ،‬وإذا وضع اشتد عليه‪ .‬وذات يوم قال‪ :‬ما هذا‬
‫اليوم؟‪ .‬قلنا‪ :‬كذا‪ .‬قال‪ :‬بعد غد!‪ .‬ل يزد على هذه الملة‪ ،‬وما عرفنا معناها‪ ،‬فإذا هو يوت بعد غد‪ .‬رحم ال تلك الوصال‬
‫وأدخلها دار اللد واللل"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪28‬‬


‫صلى عليه تلميذه الكبـي أبوزيد عبدال بن ممد بن رزيق الريامي رحه ال تعال‪ ،‬وكان موتـه نكبة ف‬
‫عمان بأسرها‪ ،‬وف شهر ربـيع الثان توف قطب الئمة عال الديار الزائرية ومتـهد السادة الباضية‬
‫ف تلك البقاع الشيخ ممد بن يوسف اطفيش رحه ال تعال فكان الطب جلل‪.‬‬
‫هذا وقد رثى الشيخ السالي طائفة من الشعراء من أهل زمانـه وأبرزهم الشاعر الكبـي العلمة‬
‫أبومسلم ناصر بن سال الرواحي رحه ال تعال ف قصدتي عصماوتي‪ ،‬نقتبس منـهما البـيات التالية‪:‬‬
‫قال ف القصيدة الول(‪:)40‬‬
‫وحياتنــــــــا تعدو إل الضمارِ‬ ‫ريـــــــب النون مقارض العمار‬
‫ياليتـــــها حذرت مــــن التيار‬ ‫والنفــــس تلهــــو فوق تيار الردى‬
‫مثــــل القرار على شفيــــ هار‬ ‫قرّت على رنـــق وزخرف باطـــل‬
‫ث قال‪:‬‬
‫وتركـــت أمتنـــا بغيـــ خيار‬ ‫ـــا‬ ‫ـــرعة الوت انتقرت خيارنـ‬ ‫ياصـ‬
‫ـاري‬ ‫ـل فيــه السـ‬‫غشــي الظلم وضـ‬ ‫ناهيــــك مــــن اطفاء أنوار الدى‬
‫فالديــــن ل يبقــــى بل أحبار‬ ‫ناهيـــك مـــن اعدام أحبار التقـــى‬
‫ســور لديــن الصــطفى وســواري‬ ‫ـهم‬‫ـص الس ـّراة فانــ‬ ‫ـن قعـ‬‫ـك مـ‬ ‫ناهيـ‬
‫ــــــم الكرام ول حاة الار‬ ‫رسـ‬ ‫ناهيــك مــن هلك الكرام فمــا بقــي‬
‫كانوا خلئف ســـــــنة الختار‬ ‫ويله أوحشـــت الديار مـــن الل‬
‫قدرتـــــها وترا مــــن الوتار‬ ‫أو كلمـــا نمـــت فضيلة ســـيد‬
‫والعلم والبدال والخيار‬ ‫أســـرعت فـــ الغواث والقطاب‬
‫نـــزح القطيــ وجــف روض الدار‬ ‫مهل فمـــا أبقيـــت ثـــ بقيـــة‬
‫فالوـــــــ خاو والديار عواري‬ ‫مازلت تعتقريـــن كـــل أعزتـــ‬
‫ويله مــن شهبـــي ومــن أقماري‬ ‫ــم‬ ‫ــب الفضائل كلهـ‬ ‫ــ شهـ‬ ‫أفقدتنـ‬
‫ث قال‪:‬‬
‫ــــلماء طرا كعبـــة الســـرار‬
‫العال القطـــب الجدد عمدة العــــ‬
‫رفــــع النار ولت حيــــ منار‬
‫ليــث العارك مربــع الفضــل الذي‬
‫أبـــي الضيــم مولنــا عزيــز الار‬

‫‪ )(40‬ديوان أبـي مسلم ـ للعلمة أبومسلم نا صر بن سال الروا حي العمان ـ ن ـزيل زنبار ـ ص (‪ 399‬ـ ‪)406‬‬
‫الطبعة الت قدم لا عبدالرحن الزندار‪ ،‬وديوان أبـي مسلم رحه ال أفضل دواوين الشعر بل منازع‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪29‬‬


‫معـــز الديـــن ســـيف اللة البتار‬ ‫ــــا‬ ‫ــــيطة معلم الدنيـ‬ ‫غوث البسـ‬
‫ـــــمال فــــ القبال والدبار‬ ‫حامــي حىــ الســلم حجتـــه‬
‫ــف الذكـر طود الجـد بدر السـاري‬ ‫برــ العارف والكمال مســدد العـــ‬
‫والليــــــل داج والذئاب ضواري‬ ‫الســالي أبـــي ممــد النيـــ‬
‫غادرت مـــن هول ومـــن اذعار‬ ‫ــة‬ ‫ــلها العراك مروعـ‬ ‫ــي وترسـ‬ ‫تضـ‬
‫ـــفار‬ ‫ـــا هجرة طالت على السـ‬
‫يـ‬ ‫مهل هام الســــتقامة مــــا الذي‬
‫ارجــع فديتــك يــا غريــب الدار‬ ‫ــت فهجرتـــها‬ ‫قوّمتـــها فتقوّمـ‬
‫فالعـــز تتـــ عزائم النصـــار‬ ‫ارجــع إليهــا حيــث قــل حاتـــها‬
‫ارحــم يتيمــك وهــو ديــن الباري‬ ‫ارجــع إل الســلم تمــ نصــره‬
‫والعســــال والقلم والســــفار‬ ‫ارجــــع فإن الســــتقامة أرملت‬
‫بوار ربــــــــك جية الشرار‬ ‫ـيف‬ ‫ـع السـ‬‫ـف دمـ‬ ‫ـد كيـ‬ ‫ـع تشاهـ‬ ‫ارجـ‬
‫ارجــع ومــا ظنــ بأنــك مشتــر‬
‫جثمــت عليــك صــحائف الحجار‬ ‫ث يقول‪:‬‬
‫ومثار حزنــــ فيــــك بالثار‬ ‫هيهات يــا أســفاه ل رجعــى وقــد‬
‫وخذي الداد "مشارق النوار"‬ ‫ــحابـها‬ ‫ــد صـ‬ ‫ــلون بالثار بعـ‬ ‫يسـ‬
‫فأصـبت فـ صـبي وفـ أنصـاري‬ ‫يـا "طلعـة الشمـس" اسـتري عنـا الضيـا‬
‫فاليوم ل جلدي ول أقداري‬ ‫ـى‬‫ـب الصـ‬ ‫ـي وكان ل صـ‬ ‫ـت النصـ‬ ‫كنـ‬
‫والســــخط فــــ أن القدر جار‬ ‫أقدرت ل جلدا يقاوم نكبتـــــــ‬
‫والطمنانــة تتــ حكــم الباري‬ ‫ناهيــك مــن جلدي يقينــ بالرضــا‬
‫ــان العزا‬
‫ــش إحسـ‬ ‫ــت برد العيـ‬ ‫فرأيـ‬
‫……ال القصيدة‬
‫وقال ف القصيدة الثانية(‪:)41‬‬
‫رُزئ الســـلم بالطْـــب الل ْل‬ ‫نكســـي العلم يـــا خيـــ اللل‬
‫قــد أصــيب العلم واغتيــل العملْ‬ ‫وانتثــر يــا دمــع أجفان التقــى‬
‫ــس انبتلْ‬‫ــن بالمـ‬ ‫ــل الديـ‬
‫إن حبـ‬ ‫وانفطــر يــا قلب واســتقص الســى‬
‫ث يقول‪:‬‬

‫‪ )(41‬الرجع السابق ص (‪ 406‬ـ ‪ )411‬تصرف بالذف‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪30‬‬


‫بـــل جيـــع العلم أودى والعملْ‬ ‫يارجال العلم أودى قطبكــــــــم‬
‫غارة شعواء مـــا عنــــها حِولْ‬ ‫فتكـــت بالســـالي الرتضـــى‬
‫والســموات ومــا فيهــا اســتقل‬ ‫فتكـــة أورثـــت الرض البكـــا‬
‫ل ول دافعهـــا وقـــع الســـل‬ ‫فتكــة ل يمــ منـــها جيشــه‬
‫فتيــة وهــو على الكون اشتمــل‬ ‫عجبــــا مــــن نعشــــه تمله‬
‫ــزل‬ ‫ــب نــ‬ ‫ــ القـ‬‫أترى العال فـ‬ ‫جعــــ العال فــــ حيزومــــه‬
‫ث قال‪:‬‬
‫هذه الدنيا وما معن الذل‬ ‫مــا حيــد العيــش مــن بعدك فــ‬
‫لو طفقت الدهر أستمري القل‬ ‫والبكاء الرــــ ل يشفــــي الوى‬
‫بل فقدنا الي ف كل مل‬ ‫مـــــا فقدناك هامـــــا مفردا‬
‫صفحات الكون ضوء يشتعل‬ ‫ـــ‬ ‫ـــك فـ‬‫ـــا فقدناك وعرفانـ‬ ‫مـ‬
‫فيك ما أشرق نم أو أفل‬ ‫ســـــيد العرفان دهري مأتـــــ‬
‫ولسان حَدّهُ يَفري البل‬ ‫أخرس الول لســـان فـــ الرثـــا‬
‫وهنيئا لك عيشا ل ُيثَل‬ ‫مــا هنئت العيــش مــذ فارقتـــه‬
‫صدعة الدين وما برد الغلل‬ ‫مـــا هناء الؤمـــن القـــ على‬
‫كمصاب الدين أو نقص الكمل‬ ‫أنـــــا ل أعلم رزءً فادحـــــا‬
‫وارتفاع العلم هُلك وخَبل‬ ‫يرفـــــع العلم بوت العلمـــــا‬
‫برهة ث دعاه فرحل‬ ‫أكرم ال بـــــــه أمتنــــــا‬
‫خلفها من كرم إل انتقل‬ ‫يــا لاــ مــن رحلة مــا تركــت‬
‫غربة السلم ف أزكى مل‬ ‫يــا لاــ مــن رحلة صــحّت بـــها‬
‫إنـها داهية ُأمّ الغِيَل‬ ‫ــن العزا‬
‫ــم حسـ‬‫ــ لكـ‬ ‫ــة اليـ‬ ‫أمـ‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪31‬‬


‫فصل‬
‫فيما يتعلق بالكتاب‬
‫نسبتـه وأهميتـه‬
‫يتضح ببوز من الصفحة الول ف كلت الخطوطتي عنوان هذا الكتاب حيث شاء مصنفه أن‬
‫يسميه (بـهجة النوار) وقد صرح الشيخ بنفسه بـهذه التسمية حي يقول ف مقدمتـه ـ كما‬
‫سيأت ـ ‪" :‬وقد كنت شرحتـها شرحا متصرا‪ ،‬على معان أبـياتـها مقتصرا‪ ،‬ث إن زدت على‬
‫نظمها زيادات‪ ،‬وألقتـه جلة أبـيات‪ ،‬فرجعت إل ذلك الشرح فنقّحتـه وإل هذا الزيد‬
‫فشرحتـه‪ ،‬فهاك نظما مررا وشرحا مهذبا متصرا سيتـه (بـهجة النوار) جعله ال ل ذخرا ف دار‬
‫القرار‪ ،‬وهو حسبـي ونعم الوكيل"‪ .‬وهو الذي يعنيه ف مقدمة كتابـه "مشارق أنوار العقول" حي‬
‫يقول (‪.." :)1/47‬وقد أجرى النّان على لسان منظومة منطوية ف ذلك الفنّ على أجلّ العان‪ .‬سالكة‬
‫طريقة الوسط‪ ،‬وقد كنت ألفت عليها شرحا مطابقا لقتضى حالا‪ ،‬موضحا لشكلها ومفسرا لجالا"‪.‬‬
‫وكتاب (بـهجة النوار) شرحه الصغي على منظومتـه تلك‬
‫‪ o‬وقد نسب هذا الكتاب للسالي أيضا ولده الشيخ ممد اللقب بـ"الشيبة" بن العلمة السالي ف‬
‫كتابـه "نـهضة العيان" ص(‪ )128‬ف جلة مصنفات والده‪.‬‬
‫ولخلف ف صحة نسبة الكتاب للشيخ السالي ول المد‪.‬‬
‫ويكن الشارة إل أهية الكتاب ف النقاط التية‪:‬‬
‫أول‪ :‬أن هذا كتاب مـن ك تب العقيدة ال ت تناولت أكثـر من موضوع في ها بل تناول أكثـر القضايـا‬
‫العقائدية ما عدا قضية المامة الت أوردها كثي من الصنفي ف أصول الدين على اختلف مذاهبـهم‬
‫ف كتب ـهم ومؤلفات ـهم‪ ،‬ول عل الش يخ إن ا أغ فل هذا ال مر ف كتاب ـه هذا لتو فر مادت ـه ف بق ية‬
‫الك تب الخرى‪ ،‬والتعدد ية ف الواض يع ب صورة أقرب لل ستيعاب ي قل وجود ها ف ك تب الباض ية‬
‫القدامى من أهل عمان إل ف الوسوعات الضخمة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬معالة الصنف ف شرح أبـيات منظومتـه "أنوار العقول" تتسم ف هذا الكتاب بأنـها موجّهة‬
‫خالية من التشعب وإطالة الَنفَس كما هو الال ف شرحه الكبـي "مشارق أنوار العقول"‪ ،‬وهذه اليزة‬
‫تصلح للناشئ ف الطلب وللمتوسطي الذين أنـهوا البادئ الولية ف علم العقيدة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يتسم عرض الصنف ف هذا الكتاب بناقشة أدلة الخالفي وبـيان ما فيها من هفوات كما هو‬
‫الال ف بقية مصنفاتـه وهذ بده يعطي الكتاب ميزة وقيمة ل توجد ف كتاب يلو من الناقشات أو‬
‫الذي يهتم بالسرد فقط دون نقاش‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪32‬‬


‫مخطوطاتـه‬
‫يسر ل الول سبحانـه وتعال أن أعثر على مطوطتي لذا الكتاب ويكن اعطاء صورة سريعة‬
‫عنـهما كالتال‪:‬‬
‫الول‪ :‬مطوطة مكتبة السالي ف "بدية"‪ ،‬وهذه الكتبة تضم نفائس الكتب والخطوطات الت خلفها‬
‫الشيخ السالي ‪ ..‬والخطوطة تأت ف (‪ )119‬ورقة أي ف حوال (‪ )238‬صفحة من القطع العادي مع‬
‫سقوط ور قة من ـها ب سبب التمزق الناش يء من قدم ها‪ ،‬و ف كل صفحة (‪ )17‬سطر ف الغالب مع‬
‫استعمال اللون الحر أحيانا ف بعض الكلمات للتنبـيه عليها‪ ،‬وإبراز السطر الت تكون فيها أبـيات‬
‫النظومة بط أكب من الط الستعمل ف الشرح‪ ،‬كما يلحظ عليها كثرت الخطاء الملئية وهي من‬
‫الناسخ دون شك‪ ،‬كما يلحظ وجود تزق ف أطراف بعض الورق الناشئ من القدم‪ ،‬مع انفرادها عن‬
‫رفيقتـها بفهرس للمنظومة والكتاب معا‪ ،‬كما أن هذه النسخة كتبت ف حياة الصنف يدل على ذلك‬
‫تأريها إذ كتبت ف سنة ‪1314‬هـ وبـهذا تكون هي النسخة الم لذا الكتاب ورمزت لا بالرف‬
‫(أ)‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬مطوطة مكتبة السيد الستشار برقم (‪ 154‬ب) وعدد أوراقها يبلغ (‪ )122‬أي أنـها تشكل‬
‫(‪ )244‬صفحة من القطع العادي وهي كاملة ليس فيها سقط ـ ف الصفحات ـ وف كل صفحة (‬
‫‪ )15‬سطر ف الغالب‪ ،‬وكتا بة أب ـيات النظو مة والعناو ين باللون الحر وتتميز هذه النسخة بأن ـها‬
‫أقل أخطاءً من سابقتـها وأكثر اعتناءً بالنسخ من حيث وضوح الكلمات ودقة الكتابة‪ ،‬غي أن هذه‬
‫النسخة كتبت متأخرة عن الول إذ ت النتـهاء منـها سنة ‪1337‬هـ أي بعد وفاة الصنف بمس‬
‫سـنوات‪ ،‬وناسـخها هـو زهران بـن خلفان بـن سـرور اليعربــي‪ .‬ثـ أضيـف إل هذه النسـخة أرقام‬
‫الصفحات بقلم مغاير‪ ،‬ورمزت لذه النسخة بالرمز (ب)‪.‬‬
‫‪ o‬منـهج التحقيق‪:‬‬
‫أما عن النـهج الذي سلكتـه ف تقيق الكتاب فقد اتبعت منـهج (النص النتخب)‪ ،‬حيث أن هذا‬
‫الن ـهج كف يل باظهار ال نص ب صورتـه ال ت أراد ها الؤلف وذلك لن بق ية الطرق التب عة ل تلو من‬
‫عيوب‪ ،‬فمثل طري قة اعتماد ن سخة معي نة وجعل ها الن سخة الم لعتبارات من ـها القدم؛ ل ا عيوب ـها‬
‫مـن حيـث وجود النقـص أو التصـحيفات فـ تلك الخطوطـة واضطرار الحقـق ال تفصـيل تلك‬
‫الختلفات وتكملة ذلك النقص ف الواشي ما ل يؤدي إل خدمة الت والنص النقول حيث يؤدي‬
‫إل تكليف القارئ ضبط النص بنفسه وهذا تعقيد ل طائل وراءه‪ .‬أما طريقة النص النتخب فهي أسلم‬
‫الطرق وأولها بالتباع وذلك أن الحقق يراعي اتام اللل من بقية النسخ الت عنده فيثبتـه ف الت ل‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪33‬‬


‫ف الواشي وعند اختلف العبارات يراعي النسب بالسياق وبراد الصنف ومقتضى مذهبـه وآرائه‬
‫ال ت عرف ب ـها‪ ،‬ل أن يورد عبارات مطوطة معي نة وإن كانت ل تؤدي الغرض الطلوب‪ ،‬لذا آثرت‬
‫اتباع هذه الطريقة مع مراعاة أن القدم أول بالثبات مت ما كانت العبارات تؤدي نفس الغرض‪ ،‬كما‬
‫قمت بترقيم البـيات حيث يفيد مثل هذا العمل ف بعض الحالت أحيانا كما قمت بقابلة بعض‬
‫الب ـيات وت صحيحها من كتاب "مشارق أنوار العقول" باعتباره الشرح التأ خر وف يه ا صلح لب عض‬
‫البـيات تد ذلك مبـينا ف الواشي لحقا‪ ،‬هذا مع تريج أحاديث الكتاب وعزو اليات الكرية‬
‫إل مظانـها ف الكتاب العزيز وبـيان ما يشكل من النص والتعليق على ما ينبغي التعليق عليه‪.‬‬
‫وهذه بعض الصور من مطوطت الكتاب‪:‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪34‬‬


‫الصفحات الولى من النسخة (أ)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪35‬‬


‫الصفحات الخيرة من النسخة‬
‫(أ)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪36‬‬


‫الصفحات الولى من النسخة‬
‫(ب)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪37‬‬


‫الصفحات الخيرة من النسخة‬
‫(ب)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪38‬‬


‫نص‬
‫الكتاب‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪39‬‬


‫لك ال مد يا من نور عقول نا بالد ين‪ ،‬وط هر قلوب نا من ز يغ اللحد ين‪ ،‬و صفى عقائد نا من‬
‫ضللت البتدع ي‪ ،‬وخلص أعمال نا من أقاو يل البطل ي‪ ،‬وجعلنا من القوم الاد ين الهتدين‪ ،‬وال صلة‬
‫والسلم على خي مبعوث رحة للعالي‪ ،‬وعلى آله وصحبـه وعلى تابعيهم إل يوم الدين‪.‬‬
‫وب عد؛ فهذه منظو مة مَنّ عليّ ب ـها الرح ن النان‪ ،‬ف قوا عد التوح يد وأ صول(‪ )42‬الديان‪،‬‬
‫سالكة أعلى منـهج ف هذا الشأن‪ ،‬واردة أعذب منـهل يلو الذهان‪ ،‬تنطق بالصدق ف كل نادي‪،‬‬
‫وتصـدع بالقـ بــي الاضـر والبادي‪ ،‬قريبـة الأخـذ للمتناول‪ ،‬بعيدة الغور عـن اعتراض الجادل‪،‬‬
‫سيتـها (أنوار العقول)‪ ،‬وما أجدرها با فيها أقول‪:‬‬
‫ل ولإشراق شســــ أوقمــــر‬ ‫هذه النوار ل نمــــ زهــــر‬
‫مطلع زانــت بـــه تلك الفكــر‬ ‫فلهــــــــا ألباب أرباب العلى‬
‫وحوت كـــل مهمـــّ معتـــب‬ ‫ـد نأى‬ ‫ـا قـ‬‫ـها مـ‬ ‫ـت ف ـ فنــ‬ ‫قربـ‬
‫شهدوا وضــــع مبانيهــــا الغرر‬ ‫ليــت أشياخــي الُل قــد ســلفوا‬
‫وانتخابـــــي لعانيهــــا الدرر‬ ‫ورأوا تنقيحهـــا فـــ جعهـــا‬
‫ــــم أعلى قدر‬ ‫ــــ عندهـ‬ ‫ولاـ‬ ‫فلهـــم فيهـــا مال واســـع‬

‫وقد كنت شرحتـها شرحا متصرا‪ ،‬على معان أبـياتـها مقتصرا‪ ،‬ث إن زدت على نظمها‬
‫زيادات‪ ،‬وألقتــه جلة أبــيات‪ ،‬فرجعـت إل ذلك الشرح فنقّحتــه وإل هذا الزيـد فشرحتــه‪،‬‬
‫فهاك نظ ما مررا وشر حا مهذ با مت صرا سيتـه (ب ـهجة النوار) جعله ال ل ذخرا ف دار القرار‪،‬‬
‫وهو حسبـي ونعم الوكيل‪.‬‬

‫‪ )(42‬سقطت من (ب) كلمة أصول‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪40‬‬


‫(‪)43‬‬
‫(بسـم الله الرحمـن الرحـيم)‬
‫(الباء) للستعانـه متعلقة بحذوف مقدم عند النحويي‪ ،‬ومؤخر عند البـيانيي لفائدة القصر‬
‫والهتمام‪ ،‬وهل ذلك الحذوف اسم أو فعل؟‪ ،‬والق انـه فعل مناسب لغرض البسمل تقديره بسم‬
‫ال أبتديء أو أُألّف أو نو ذلك‪.‬‬
‫وإضافة اسم إل ال للبـيان أو للحقيقة أو للستغراق كما ف "الميان"(‪ )44‬وصرح ف "حاشية‬
‫الشذور" أن الضافة تأت لا تأت عليه ال من العان‪ ،‬و(ال) َعلَ مٌ على الذات الواجب الوجود الستحق‬
‫لميع الحامد‪.‬‬
‫(الرحن الرحيم) هل ها اسان من اساء ال؟ أو صفتان ؟ وعلى كل القولي فليسا بِعَلَمَي؛‬
‫لن كل واحد منـهما كُلّي ينحصر فيه فرد‪ ،‬والعَلَم ليس كذلك‪ ،‬وهل ها ف أوجه العراب صفتان‬
‫ل ؟ اوبدلن منـه ؟ او عطفا بـيان؟ وجوه‪..‬وهل الرحن أبلغ معنً من الرحيم؟ أو الرحيم أبلغ معن‬
‫من الرحن؟‪ .‬أو ها مترادفان ف العن؟ كما يعلم من الطولت‪.‬‬
‫وابتدأ بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز‪ ،‬وعمل با جاء ف الرواية عنـه ‪ » :‬كل أمر ذي بال‬
‫ليبدؤ فيه ببسم ال فهو أبتر«(‪ ،)45‬وف رواية ›أقطع]‪ ،‬وف رواية ›أجذم]‪ ،‬والعن متحد ف كلها أي‬
‫منقطـع عـن البكات وإن تـ بناءً ليتـم معنً‪ ،‬وكذلك يكون البتداء بالمدلة بعـد البسـملة اقتداءً‬

‫‪ )(43‬ف (أ) كتب بعد البسملة "رب يسر وأعن ياكري" وهي ساقطة من (ب) ويتمل أن هذه اللفظة من زيادة الناسخ أو‬
‫أنـها زيدت فيما بعد كما يظهر من تغي الط إل أن يقال أن الصنف كان قد أتى بـها ف أول نظمه لـ"أنوار العقول"‬
‫وأدرجها هنا‪.‬‬
‫‪ )(44‬هيميان الزاد (‪ 1/54‬و ‪.)55‬‬
‫‪ )(45‬الديث رواه التاج السبكي بسنده ف "طبقات الشافعية الكبى" (‪ )1/12‬بلفظ‪" :‬ليبدأ فيه ببسم ال الرحن الرحيم‬
‫فهو أقطع"‪ .‬ورواه عبد القاهر الرهاوي ف "الربعي" كما ف "كنـز العمال" للمتقي الندي برقم [‪ .]2491‬قال السيوطي‬
‫ف تفسيه "الدر النثور" عند الكلم على البسملة من سورة الفاتة‪" :‬وأخرج الافظ عبد القاهر الرهاوي ف "الربعي" بسند‬
‫صحيح! عن أبـي هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪» :‬كل أمر ذي بال ل يبدأ فيه ببسم ال الرحن الرحيم أقطع«" ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪41‬‬


‫بالكتاب العزيز؛ فإنـها ف أول الفاتة‪ ،‬وعمل با ف الرواية عنـه ‪ » :‬كل أمر ذي بال ليبدؤ فيه‬
‫بمد ال والصلة عليّ فهو أقطع أبتر محوق من كل بركة«(‪.)47( )46‬‬

‫شمـــــس الصول‬ ‫(‪()1‬الحمد لله الذي قــــد أشرقـــــــا‬


‫في نـهى ذوي التقى)‬

‫‪ )(46‬الديث بـهذا اللفظ رواه الليلي ف "الرشاد" ص(‪/ 118‬دار الفكر) عن أبـي هريرة ‪ .‬ومن طريقه التاج السبكي‬
‫ف "الطبقات الكبى" (‪ )1/15‬ورواه الرهاوي ف "الربعي" كما ف "كنـز العمال" للهندي برقم [‪.]2510‬‬
‫وجاء بلفظ‪» :‬كل أمر ذي بال ل يبدأ فيه بالمد أقطع«‪ .‬رواه ابن ماجة برقم [‪ ]1894‬والبـيهقي ف "السنن الكبى"‬
‫(‪ )3/296‬والتاج السبكي ف "الطبقات الكبى" (‪ )1/7‬عن أبـي هريرة ‪ .‬وعند الطبان ف "الكبـي" (‪ )19/72‬من‬
‫طريق كعب بن مالك ‪.‬‬
‫وبلفظ‪» :‬بمد ال فهو أقطع« النسائي ف "السنن الكبى" برقم [‪ ]10328‬وهو أيضا ف "عمل اليوم والليلة" له برقم [‬
‫‪ ]498‬والب ـيهقي ف "ش عب اليان" بر قم [‪ ]4372‬وا بن حبان ف صحيحه بر قم [‪1‬و ‪ /2‬الح سان] والدارقط ن ف‬
‫سننـه بر قم [‪ ]872‬والليلي ف "الرشاد" ص(‪ )117‬وا بن النجار ف "ذ يل تار يخ بغداد" (‪ 19/218‬مع التار يخ) من‬
‫طريق أبـي هريرة ‪.‬‬
‫كما جاء بلفظ‪» :‬كل كلم ل يبدأ فيه بالمد ل فهو أجذم« رواه أبو داود ف سننـه برقم [‪ ]4840‬من طريق أبـي‬
‫هريرة وحسنـه النووي ف "رياض الصالي" ـ عند كتاب‪ :‬حد ال تعال وشكره ـ ورواه أيضا ابن أبـي شيبة ف‬
‫"ال صنف" بر قم [‪ ]26674‬بل فظ (أق طع) وكذا الليلي ف "الرشاد" ص(‪ )381‬و من طري قه التاج ال سبكي ف "الطبقات‬
‫الكبى" (‪ )1/12‬و (‪ )1/15‬عن أبـي هريرة ‪.‬‬
‫وبلفظ‪» :‬كل كلم ل يبدأ ف أوله بذكر ال فهو أبتر« النسائي ف "السنن الكبى" برقم [‪ ]10331‬ومثله ف "عمل اليوم‬
‫والليلة" له برقم [‪ ]501‬وهو ف هذين الوضعي من مراسيل الزهري وهي بنـزلة الريح عند يي القطان‪.‬‬
‫وجاء بلفظ‪» :‬كل كلم أو أمر ذي بال ل يفتح بذكر ال عزوجل فهو أبتر ـ أو قال‪ :‬أقطع« هكذا ف مسند المام أحد‬
‫(‪ 2/359‬القدي ة) و(‪ 2/477‬بر قم ‪ /8733‬الك تب العلم ية)‪ .‬و من طري قه التاج ال سبكي ف "الطبقات" (‪ )1/16‬ورواه‬
‫أيضا الدارقطن ف سننـه برقم [‪ ]873‬عن أبـي هريرة ‪.‬‬
‫وجاء بل فظ‪ » :‬كل كلم ليذ كر ال ف يه فيبدأ ب ـه وي صلى علي ف يه ف هو أق طع أك تع محوق من كل بر كة«‪ .‬رواه أ بو‬
‫ال سي أح د بن م مد بن ميمون ف "فضائل علي" عن أب ـي هريرة ك ما ف "كن ـز العمال" للمت قي الندي بر قم [‬
‫‪.]6463‬‬
‫وقد أطال الكلم عن الروايتي ـ اللتي ذكرها الصنف هنا ـ التاج السبكي ف "طبقات الشافعية الكبى" ( ‪ 1/5‬ـ ‪24‬‬
‫تق يق اللو والطنا حي) فليطال عه من أراد التو سع ف طرق الد يث وأ سانيده‪ .‬قال الا فظ ا بن ح جر ف "ف تح الباري" (‬
‫‪/ 8/278‬الكتب العلمية) بعد نقله لكلم النووي عن روايات هذا الديث‪" :‬والديث الذي أشار إليه أخرجه أبو عوانة ف‬
‫صحيحه و صححه ا بن حبان أي ضا و ف سنده مقال‪ ،‬وعلى تقد ير صحتـه فالروا ية الشهورة ف يه بل فظ (ح د ال) و ما عدا‬
‫ذلك من اللفاظ ال ت ذكر ها النووي وردت ف ب عض طرق الد يث بأ سانيد واه ية"‪ .‬وأن ظر أي ضا كلم الشوكان ف "ن يل‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪42‬‬


‫قال اللوي(‪" :)48‬المـد هو الثناء بغيـ الادث الطبوع"‪ .‬فدخـل فيـه الثناء على ال بصـفاتـه القديةـ‬
‫فإنـه من أجل الحامد‪ ،‬وبـهذا يعترض على غي هذا التعريف من التعاريف فإنـها ترج هذا المد‬
‫وإن كان قد أجيب عن ذلك بتع سفات ف بعضها سوء أدب مع الر بّ تعال وليس هذا مل ب سطه‪.‬‬
‫وخرج عن الثناء و صف من هو ف الدرك ال سفل من النار ب ا(‪ )49‬تضمن ـه ذق انـك أنـت‬
‫العزيـز الكــريم الدخان ‪ 49 :‬فإن ـه ل يس بثناء بل تنق يص له و سخرية‪ .‬والش كر ف عل ين بئ عن‬
‫تعظ يم الن عم ب سبب النعام وق يل ل بد أن يكون النعام على الشا كر فعُلم أن ب ـينـهما عمو ما من‬
‫وجه‪.‬‬
‫و(ال) ف ال مد إ ما للع هد والعهود حينئذ ال مد القد ي‪ ،‬وإ ما للج نس و هو مذ هب الزمشري(‪ )50‬ف‬
‫"كشافه" وعليه فجائز تارة ومتنع أخرى على حسب الحتمالت كما ف "الميان"‪.‬‬
‫وإما للستغراق فيكون العن كل فرد من أفراد المد ل ‪ -‬وهو الق ‪ -‬وعليه اعتمد القطب(‪ )51‬ف‬
‫"الميان" ويؤيده قوله تعال‪ :‬وما بكم من نعمة فمن الله النحل ‪ 53 :‬وينصره ما حكى‬

‫الوطار" (‪1/14‬و ‪ )15‬و (‪ )3/300‬و كلم الناوي ف "فيض القدير" (‪5/13‬و ‪.)14‬‬
‫‪ )(47‬ف (ب) زيادة ‪:‬وهذه النظومة فقال شعرا‪.‬‬
‫‪ )(48‬أحد بن عبد الفتاح بن يوسف الجيي اللوي أبو العباس شهاب الدين‪ ،‬الزهري شافعي الذهب‪ ،‬ولد ف القاهرة سنة‬
‫‪1088‬هـ وتوف بـها عام ‪1181‬هـ وصفه البت بأنـه‪ :‬إمام وقتـه ف حل الشكلت‪ ،‬العول عليه ف العقولت‬
‫والنقولت‪ .‬له ت صانيف كثية من ـها "شرحان ل ت ال سلم" ف الن طق كب ـي و صغي‪ ،‬و"شرح عقيدة الغمري" و "من ـهل‬
‫التحقيق ف مسألة الغرانيق" و "عقد الدرر البـهية ف شرح الرسالة السمرقندية" وغيها‪( .‬العلم ‪.)1/152‬‬
‫‪ )(49‬ف (ب) ‪ :‬لا‪.‬‬
‫‪ )(50‬تأت ترجتـه عند التعليق على البـيت رقم (‪.)143‬‬
‫‪ )(51‬هو العلمة الغربـي ممد بن يوسف اطفيش أحد كبار علماء الباضية ف الزائر نابغة زمانـه كان حريصا على العلم‬
‫ف صغره ول ا بلغ سن الام سة عشرة من عمره جلس للتدر يس ف حلقات العلم يقول ال ستاذ الرا حل عدون جهلن ف‬
‫كتابـه "الفكر السياسي" ص (‪" :)105‬وحي بلغ العشرين كان أكب عال ف وادي ميزاب ـ النطقة الت يقطنـها إباضية‬
‫الزائر ـ ففتح دارا للتعليم وعكف على التأليف وشر للصلح الجتماعي والسي بالنـهضة الديثة‪ ،‬وليس هذا بالمر‬
‫الي على مفكر أعزل نشأ ف وطن عظمت فيه الحن وانعدمت وسائل الراحة وقلّت مذكيات الواهب بل عاش ف وسط‬
‫كثي الفت اشتدت فيه وطأة الضطهاد للعلماء العاملي ‪ "..‬انتـهى وما بـي الشرطتي من للتوضيح‪ .‬وأزيد هنا بأن هذا‬
‫العال كان له دور كبـي ف النضال ضد الفرنسيي وكان السلطان العثمان عبد الميد الثان من يله ويترمه وكذا سلطي‬
‫عمان ف تلك الفترة وتوف سنة ‪1332‬هـ وله من الؤلفات ما يشار إليه بالبنان عند الباضية كـ"شرح النيل" ف الفقه‬
‫القارن طبع ف ‪17‬ج "وهيميان الزاد" ف التفسي طبع ف ‪15‬ج و"تيسي التفسي" ف التفسي أيضا طبع ف ‪15‬ج و"شرح‬
‫لمية الفعال" ف فن التصريف طبع ف ‪3‬ج و "شرح لشرح متصر العدل والنصاف للشماخي" ف أصول الفقه بلغ ‪6‬ج ‪-‬‬
‫ل يطبع للسف ‪ -‬وغيها كثي‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪43‬‬


‫اللوي ف حاشيت ـه م ا وجده مكتوبا ب ط شي خه‪" :‬قال المام الف خر(‪ :)52‬ال مد معرفا ليقال إل ف‬
‫حق ال عز وجل ول يوز أن يقال المد لزيد‪ .‬قاله سيبويه"‪.‬‬
‫واللم ف (ل) للختصاص وينصره تقدي الار والجرور ف سورة التغابن وذلك [عند](‪ )53‬قوله تعال‬
‫صيّر ال صول‬‫له الملك وله الحمـد التغابـن ‪ 1 :‬و(أشر قا‪..‬ال) المزة لل صيورة فكان الع ن َ‬
‫الت هي كالشمس ف الهتداء بـها مشرقةً؛ فإن قلتَ‪ :‬قد جعلت الشمس من باب الشبـه بـه فل مَ‬
‫ل تعلهـا مـن باب السـتعارة؟‪ .‬قلت‪ :‬ليصـح أن يكون مـن باب السـتعارة إل حيـث يطوى ذكـر‬
‫الشبـه أصلً وهو هنا مذكور وهوالصول‪ ،‬والضافة بـينـهما من باب اضافة الشبـه بـه ال‬
‫الشبـه‪.‬‬
‫و(ال صول) ج ع أ صل و هو ما عُرف ح كم غيه ب ـه‪ .‬و(الن ـهى) ج ع ن ـهيَة و هي(‪ )54‬الع قل‪،‬‬
‫و(التّقى) اسم بعن التقوى و هو(‪ )55‬الزهد عن الحارم والسارعة إل تأدية اللوازم؛ وف يه اشارة إل أن‬
‫العلم النافـع ليعطـى لغيـ التقـي لن وعاء العلم الورع؛ وفـ البـ‪» :‬يلهمـه ال السـعداء ويرمـه‬
‫(‪)56‬‬
‫الشقياء«‬

‫وكلمة الق طب هي الل قب الذي اشت ـهر ب ـه‪ ،‬ول يعن الباض ية ب ـهذا اللقب العن الذي فسر ب ـه الصوفية لصطلح‬
‫الق طب عند هم‪ ،‬فالق طب هو الذي تدور عل يه الشياء قال ف "متار ال صحاح" ص (‪" :)541‬وق طب القوم سيدهم الذي‬
‫يدور عليه أمرهم‪ ،‬وصاحب اليش قطب رحى الرب" ا‪.‬هـ‪ .‬وإنا لقبوه بـهذا للمنـزلة الت بلغها من العلم حت صار‬
‫مدار الفتوى عليه ف ذلك الوقت‪ ،‬قال ابن دريد ف مقصورتـه‪:‬‬
‫للحرب فاعلــم أنن قطــب الرحى‬ ‫فـإن سعت بـرحى منصــوبة‬
‫أ ما ع ند ال صوفية فلهذا ال سم تف سي خاص ب ـهم فترى الناوي ي صفه ف "التوق يف على مهمّات التعار يف" ص (‪)586‬‬
‫بقوله‪" :‬القطب‪ :‬وقد يُسمى غوثا؛ باعتبار التجاء اللهوف إليه‪ ،‬عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر ال تعال ف كل زمان‬
‫أعطاه الطلسم العظم من لدنـه‪ ،‬وهو يسري ف الكون وأعيانـه الباطنة والظاهرة سريان الروح ف السد‪ ،‬بـيده قسطاس‬
‫الفيض العمّ‪ ،‬وزنـه يتبع علمه‪ ،‬وعلمه يتبع علم الق‪ ،‬وعلم الق يتبع الاهيات الغي معولة‪ ،‬فهو يُفيض روح الياة على‬
‫الكون العلى والسفل‪ ،‬وهو قلب إسرافيل من حيث حصتـه اللكية الاملة مادة الياة والحساس ل من حيث إنسانيتـه‪،‬‬
‫وحكم جبيل فيه كحكم النفس الناطقة ف النشأة النسانية‪ ،‬وحكم ميكائيل فيه كحكم القوة الاذبة فيها‪ ،‬وحكم عزرائيل‬
‫ف يه كح كم القوة الداف عة في ها"‪ .‬انت ـهى بن صه وف يه مغالة وانراف فتب ـي الفرق ول تلط ب ـي مراد الباض ية وتف سي‬
‫الصوفية‪.‬‬
‫‪ )(52‬تأت ترجتـه عند البـيت رقم (‪.)125‬‬
‫‪ )(53‬زيادة من للسياق‪.‬‬
‫‪ )(54‬ف (ب)‪ :‬وهو ‪.‬‬
‫‪ )(55‬ف (أ)‪ :‬وهي‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪44‬‬


‫وف قوله (شس الصول) براعة الستـهلل؛ وهي أن يعل التكلم ف أول كلمه اشارة إل مقصوده‪،‬‬
‫وأحسنـها مايكون على وجه التورية‪.‬‬

‫وجـــانبوا بســــرها‬ ‫(‪()2‬فأبصـــــــروا بنورهــــــا المسالكـــا‬


‫المهــــالــكا)‬
‫قوله‪( :‬فأب صروا) الراد بالب صية لبالب صر‪ ،‬والباء ف قوله‪( :‬بنور ها) لل سببـية أوللم صاحبة‪ ،‬و(الاء)‬
‫منـه عائدة إل الصول ل إل الشمس كما قد يُتَوَهّم‪ ،‬و(السالك) جع مسلك وهو مكان السلوك‪،‬‬
‫و(جانبوا) فا عل من الجانبة و هي الباعدة؛ فإن قل تَ‪ :‬ل أت يت بفَا َعلَ ف هذا القام مع أن ـه موضوع‬
‫للمفاعلة غالبا ول تأت بافت عل مع أن ـه موضوع للتج نب والتاذ ونوه ا؟ قل تُ‪ :‬التيان بفَا َعلَ ف‬
‫هذا الوضع أول من التعبـي بـافتعل لكونـه أبلغ معنً وأنح فائدةً وأوف بتأدية القصود؛ أل ترى‬
‫أن العن حينئذ كأن الهالك جانبتـهم بنفسها بسبب ذلك السر الذي أودع ف الصول فلم تتعرض‬
‫لم أصل وبـهذا يظهر لك القصود و(الهالك) جع مهلك وهو موضع اللك‪.‬‬

‫فــي حضـــرة‬ ‫(‪()3‬حتى استــووا على بسـاط القــــرب‬


‫قدسيــــة فى القرب)‬
‫(‪)57‬‬
‫(السـتواء) هـو العتدال‪ ،‬و (بسـاط القرب) عبارة عـن كون الوصـول إل خيـ مأمول إل مقام‬
‫الشاهدة ودرجة الكاشفة‪ ،‬وتقرب العبد إل موله امتثاله لمره وزجره‪ ،‬وتقريب ال لعبده توفيقه اياه‬
‫لطاعتـه واعانتـه له وتليصه له من كثيف الغيار‪ ،‬و (الضرة) عبارة عن دائرة الكمال‪.‬‬
‫قال الدمنـهوري(‪" :)58‬الراد بالضرة ـ ويعب عنـها بضرة القدس وهي الالة الت اذا وصل اليها‬
‫السـالك سـي عارفا وواصـلً ــ أن يكون فـ حالة ليرى فيهـا ال الول سـبحانـه وتعال"‪ .‬والراد‬

‫‪ )(56‬مقطـع مـن خـب موقوف مـن كلم معاذ بـن جبـل أوله‪" :‬تعلموا العلم فإن تعلمـه ل تعال خشيـة وطلبــه عبادة‬
‫ومذاكرتـه تسبـيح والبحث عنـه جهاد وتعليمه لن ل يعلمه صدقة ‪...‬ال" رواه أبو نعيم الصفهان ف "حلية الولياء" (‬
‫‪ 1/302‬برقم ‪ 809‬ـ دار الكتب العلمية) وعزاه الشيخ أبو ستـه ممد بن عمر ف "حاشية الترتيب" ( ‪ )1/44‬لبـي‬
‫الشيخ الصفهان وابن عبد الب‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(57‬ف (ب) الصول‪ .‬وهو تصحيف‪.‬‬
‫‪ )(58‬أحد بن عبد النعم بن يوسف بن صيام الدمنـهوري‪ ،‬شيخ الامع الزهر وأحد علماء مصر الكثرين من التصنيف‪،‬‬
‫كان يعرف بالذاهب ـي لعل مه بالذا هب الرب عة‪ .‬ولد ف دمن ـهور عام ‪1101‬ه ـ وتعلم بالز هر‪ ،‬وول مشيخت ـه‪ .‬من‬
‫ت صانيفه‪" :‬ن ـهاية التعر يف بأق سام الد يث الضع يف ـ خ" و "الف يض العم يم ف مع ن القرآن العظ يم ـ خ" و "إيضاح‬
‫البـهم من معان السلم ـ ط" ف النطق‪ ،‬و"حلية اللب الصون بشرح الوهر الكنون ـ ط" و "سبـيل الرشاد إل نفع‬
‫العباد ـ ط" وغيها‪ .‬توف بالقاهرة عام ‪1192‬هـ‪( .‬العلم ـ للزركلي ‪.)1/164‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪45‬‬


‫بقوله(‪› :)59‬ليرى فيهـا ال الول]‪ .‬أي ليرى صـدور الشياء على القيقـة ال منــه تعال فانيا عـن‬
‫الكوان؛ متوج ها بقلب ـه إل الرح ن‪ ،‬متلقفا ما يلق يه الول سبحانـه وتعال ف قلب ـه من لطائف‬
‫العرفان‪ ،‬ولشك أن الوسيلة إل هذه الالة ذكر الول سبحانـه وتعال‪ ،‬و(القدسية) نسبة إل القدس‬
‫وهو البعد عما ليليق بـها‪ ،‬ول ايطاء ف البـيت لن القرب الول بعن التقرب الذي هو فعل العبد‬
‫والقرب الثان بعن التقريب الذي هو فعل ال‪.‬‬

‫وبسقـــت‬ ‫(‪()4‬فانتعشــــــــت عقـــولهم بالـــذكر‬


‫أســــرارهـــــم بالفكر)‬
‫يقال انتعش العاثر اذا نـهض من عثرتـه‪ ،‬و (العقول) جع عقل وقد اختلف فيه فقال الشافعي‪" :‬هو‬
‫آلة خلقها ال ف عباده ييزون بـها بـي الشياء وأضدادها ركبـها فيهم سبحانـه ليستدلوا بـها‬
‫ب ـي المور الغائ بة بالعلمات‪ ،‬ن صبـها ل م منّا من ـه ونع مة"‪ .‬وقال قوم‪ :‬هو مع ي(‪ )60‬ف القلب‬
‫و سلطانـه ف الدماغ؛ لن أك ثر الواس ف الرأس‪ ،‬ولذلك قد يذ هب بالضرب على الدماغ‪ .‬وقال‬
‫آخرون‪ :‬هو قُوّةٌ وبصية ف القلب منـزلتـه منـه منـزلة البصر من العي ويسمى عقلً لكونـه‬
‫مان عا للن فس عن ف عل مات ـهواه ـ مأخوذ من عِقال النّا قة الا نع ل ا أن تذ هب ح يث شاءت ـ‬
‫وهوملوق ف النسان أن يزداد وينتقص جيع العلومات بس وغيه اليه مرجعها وهو ييزها ويقضي‬
‫عليها‪.‬‬
‫و(الذكر) القرآن العظيم وهو أصل للعلوم بأسرها فما من أصلٍ إل وهو مستنبط منـه؛ قال رسول ال‬
‫‪»:‬العلم كله القرآن و هو ال صل والتن ـزيل و ما بعده من العلم تف سي له وتأو يل«(‪ ،)61‬و ساه ذكرا‬
‫لقوله تعال‪ :‬وهذا ذكر مبارك أنـزلناه النبـياء ‪. 50 :‬‬
‫وقول الناظـم‪( :‬بسـقت) أي طالت كمـا عـن ماهـد وعكرمـة فـ تفسـي قوله تعال‪ : :‬والنخـل‬
‫باســقات ق ‪ ، 10 :‬والراد ب ـ (ال سرار) العقول و ضع الظا هر ف مو ضع الض مر على ل فظ غ ي‬
‫الول وهو أحسن ما يكون فيه‪ ،‬و(الفكر) حركة الّنفْس ف العقولت‪ ،‬وحركتـها ف الحسوسات‬
‫تييل‪.‬‬

‫فأعربــــــــت عن‬ ‫(‪()5‬فأبــرزوا نتـــــــــائج الفكــــــار‬


‫شـــــرف المقدار)‬
‫‪ )(59‬أي الدمنـهوري‪.‬‬
‫‪ )(60‬ف (أ)‪ :‬معن‪ .‬والتصحيح من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(61‬ل يتيسر ل العثور عليه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪46‬‬


‫(البراز) نق يض ال سْتار‪ ،‬و (النتائج) هي ال ت تن شأ عن الف كر ج ع نتي جة؛ و هي ل غة الثمرة واضا فة‬
‫(‪)62‬‬
‫النتائج إل الفكار مـن باب اضافـة التسـبب إل السـبب‪( ،‬فأعربـت) أي أبانـت‪ ،‬و(شرف القدار)‬
‫عبارة عن الرتبة العالية الت وصلوا اليها ووقفوا لديها بواسطة العلم‪.‬‬

‫مصطحبـــــان‬ ‫(‪()6‬ثم صـــــــلة الله مـــــع سلمــه‬


‫بســنــــا انعـــامــه)‬
‫عــلى النـــــبـي‬ ‫(‪()7‬ممتزجــــان بالثنــــــا الجــميــــل‬
‫المصـطفى الجليـــل)‬
‫الصلة من ال رحة ومن اللئكة استغفار ومن الناس دعاء‪ ،‬وقيل بل صلة اللئكة دعاء أيضا وف‬
‫معناه قلت‪:‬‬
‫صلة اللق معنـاها الدعاء‬ ‫صلة ال رحتـه وأمــا‬
‫وجلة (الصلة) خبية لفظا انشائية معنً‪ ،‬و(السلم) التحية‪ ،‬ورفع (مصطحبان) على أنـه خب لبتدأ‬
‫مذوف تقديره ه ا(‪ )63‬م صطحبان و(ال سناء) ـ بف تح ال سي ـ الضوء‪ ،‬و(النعام) بف تح المزة ج ع‬
‫نع مة‪ ،‬وبك سرها م صدر أن عم عل يه‪ ،‬واضا فة ال سناء إل النعام من باب اضا فة ال صفة إل مو صوفها‪،‬‬
‫والع ن ف يه م صطحبان بانعا مه ال سنية‪ ،‬ور فع (متزجان) على أن ـه خب لبتدأ أي ضا‪ ،‬والنب ـي ان سان‬
‫أوحي اليه بشرع؛ فإن أمر بتبليغه سي رسولً(‪ )64‬أيضا‪ ،‬وهو بالمزة من النبأ اي الب فيصح أن يكون‬
‫بعن فاعل باعتبار أنـه ُمبِر ـ بكسر الباء ـ عن ال عزوجل أو بعن مفعول باعتبار أن جبيل أخبه‬
‫عن ال تعال ‪ ..‬وبالنبأ من النبوة وهي الرفعة؛ فيصح أن يكون بعن مفعول لنـه مرفوع الرتبة عن‬

‫‪ )(62‬تصحفت هذه العبارة ف (أ) فكتبت‪ :‬أي أبانت فأعربت القدار‪ .‬والتصحيح من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(63‬ف (ب)‪ :‬هنا‪ .‬وهو خطأ‪.‬‬
‫‪ )(64‬الظاهر أن الصواب مع من قال أن النبـي مبعوث بدعوة من سبقه من الرسل إذ ل معن ف أن يوحى إليه بشرع خاص‬
‫له وحده هذا إذا صح التعريف ف عدم مطالبتـه بالتبليغ أما لو طلب منـه التبليغ فيحتمل أن يكون بشرع من سبقه فيلزمه‬
‫و صف النبوة ـ ل جل التمي يز ب ـينـه وب ـي الر سول ف كون الثا ن له تشر يع م ستقل ـ أو أن يكون بشرع خاص‬
‫وحينـها يسمى رسول وهذه القواعد ل يوجد لا ضابط من النصوص حت يوصف مالفها بجانبة الصواب إل أنـها ترجع‬
‫إل تري النسب با يتلئم مع الطرفي‪ ،‬قال العلمة الثمين ف (معال الدين)‪ )2/50( :‬بعد ذكر اللف ف السألة‪" :‬وقيل‬
‫ها بعن"ا‪.‬هـ أي النبوة والرسالة بعن واحد‪ .‬ومن أوضح أدلة القائلي بأن النبـي هو الذي يكم بشريعة من قبله قوله‬
‫ـ هدى ونور يكـم بــها النبــيون الذيـن أسـلموا للذيـن هادوا (الائدة ‪ )44 :‬فذكـر‬
‫تعال‪ :‬إنـا أنــزلنا التوراة فيه ا‬
‫سبحانـه أن التوراة هي شريعة النبـياء من بن إسرائيل‪ ،‬فيظهر منـه أن النبـي يكم بشرع من قبله‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪47‬‬


‫غيه أوفاعـل لرفعـة غيه إذ مـا مـن مرفوع ال وباب رفعتــه النبــي ‪ ،‬و(الصـطفى) الالص(‪،)65‬‬
‫و(الليل) العظيم‪.‬‬
‫والل والصحـــب‬ ‫(‪()8‬محمـــــد سيـد كل من شفـــــع‬
‫الرضى ومن تبع)‬
‫(م مد) مفعّل مـن ال مد؛ علم لاتـ النبــيي والرسـلي ‪ ،‬وسـي بذلك لكثرة خ صاله الحمودة‪،‬‬
‫و(سيد كل من شفع) أي أشرف هم وأفضل هم؛ قال ‪»:‬أنا سيد ولد آدم ول فخر«(‪ ،)66‬و(الل) الراد‬
‫بـهم آله وهم هنا كل من كان على طريقـتـه‪ ،‬متمسكا بشريعتـه بدليل ما ف الرواية عنـه‬
‫‪»:‬آل ممد كل مؤمن«‪ ،‬وف رواية »آل ممد كل تقي«(‪ )67‬وعلى هذا العن أنشدوا‪:‬‬

‫‪ )(65‬الالص ‪ .‬سقطت من (ب)‪.‬‬


‫‪ )(66‬الديث بـهذا اللفظ رواه ابن ماجة برقم [‪ ]4308‬عن أبـي سعيد ورواه ابن أبـي شيبة ف "الصنف" برقم [‬
‫‪ ]31940‬والارث ف "مسنده" برقم [‪ 937‬ـ بغية الباحث] كلها عن السيدة عائشة رضي ال عنـها‪ ،‬والبـيهقي ف‬
‫"شعب اليان" برقم [‪ ]1488‬عن ابن عباس ‪ ،‬وابن أبـي عاصم ف "سنتـه" [‪ ]793‬عن عبدال بن سلم ‪.‬‬
‫وجاء بل فظ‪» :‬أ نا سيد الناس يوم القيا مة« رواه البخاري ف " صحيحه" بر قم [‪ ]4712‬وم سلم ف " صحيحه" [‪]194‬‬
‫كلها عن أبـي هريرة ‪ ،‬والاكم ف "الستدرك" برقم [‪ ]82‬عن عبادة و[‪ ]8712‬عن حذيفة ‪.‬‬
‫وجاء بلفظ‪» :‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ول فخر« رواه المام أحد ف "مسنده" برقم [‪ 2550‬و ‪ ]2696‬وابن حبان‬
‫[‪ ]6444‬كلهاـ عـن ابـن عباس ‪ ،‬والترمذي فـ "سـننـه" برقـم [‪ 3148‬و ‪ ]3615‬عـن أبــي سـعيد ‪ ،‬ورواه‬
‫البـيهقي ف "شعب اليان" برقم [‪ ]1489‬عن أنس وأبو يعلى ف "مسنده" [‪ 1256‬ـ القصد العلي] عن عبدال بن‬
‫سلم ‪ ،‬ومسلم ف "صحيحه" برقم [‪ ]2278‬عن أبـي هريرة ـ دون لفظة "ول فخر" ـ‪.‬‬
‫وجاء بل فظ‪» :‬أ نا سيد ولد آدم« ع ند أبوداود ف "ال سنن" بر قم [‪ ]4673‬عن أب ـي هريرة وأ بو ب كر الشاف عي ف‬
‫"الغيلنيات" برقم [‪ ]7‬عن عائشة رضي ال عنـها‪ .. .‬وغيهم‪.‬‬
‫‪ )(67‬رواه البـيهقي ف "السنن الكبى" (‪ 2/218‬برقم ‪ )2873‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬سئل رسول ال عن آل‬
‫م مد؟‪ .‬فقال‪ » :‬كل ت قي«‪ .‬وقال الب ـيهقي ع قب ذلك‪" :‬وهذا ل ي ل الحتجاج بثله؛ نا فع ال سلمي أ بو هر مز ب صري‬
‫كذبـه يي بن معي وضعفه أحد بن حنبل وغيها من الفاظ‪ ".‬ورواه أيضا تام الرازي ف "الفوائد" برقم [‪ ]1567‬عن‬
‫أ نس بن مالك قال‪ :‬سئل ر سول ال من آل م مد؟‪ .‬فقال‪ » :‬كل ت قي من أ مة م مد«‪ .‬ورواه عن ـه كذلك ا بن‬
‫مردويه ف "تفسيه" واسناده تراه ف "تفسي ابن كثي" (‪ 2/293‬ـ النفال‪ )34/‬ورواه ابن عدي ف "الكامل" (‪)7/41‬‬
‫والعقيلي ف "الضعفاء" (‪ )4/287‬بلفظ »كل مؤمن تقي« بأسانيد فيها ضعفاء‪.‬‬
‫وروى البــيهقي فـ "السـنن الكـبى" (‪ 2/217‬برقـم ‪ )2872‬موقوفا على جابر بـن عبدال قال‪" :‬آل ممـد‬
‫أمت ـه"‪ .‬وف يه (‪ 2/217‬بر قم ‪ )2869‬من طر يق عبدالرزاق قال‪ :‬سعت رجل يقول للثوري‪ :‬من آل م مد؟‪ .‬قال‪ :‬قد‬
‫اختلف الناس فمنـهم من يقول‪ :‬أهل البـيت‪ .‬ومنـهم من يقول‪ :‬من أطاعه وعمل بسنتـه‪.‬‬
‫‪ o‬وله شاهد عن عمرو بن العاص قال‪" :‬سعت رسول ال جهارا غي سر يقول‪» :‬إن آل أبـي فلن ليسوا ل بأولياء‬
‫إنا وليي ال وصال الؤمني‪ .‬قال عمرو‪ :‬سعت النبـي يقول‪ :‬ولكن لم رحم أبلها ببللا« يعن أصلها بصلتـها"‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪48‬‬


‫من العاجـم والسودان والعرب‬ ‫آل النبـي هم أتباع ملتـه‬
‫صلى الصلي على الغاوي أب لب‬ ‫لو ل يكن آلـه ال قرابتــه‬
‫و(ال صحب) ـ بف تح الهملة الول وا سكان الثان ية ـ ا سم ج ع ل صاحب بع ن ال صحابـي‪ ،‬قال‬
‫الناوي(‪ )68‬ف "التيسي"‪" :‬هو من لقيه بعد النبوة وقبل موتـه مؤمنا بـه" (انتـهى)‪ .‬و(الرِضى) ـ‬
‫بكسر الراء ـ مصدر رَضي ـ بفتحها ـ صفة للل والصحب على حد زيدٌ عدلٌ‪ ،‬ويوز أن تقول‬
‫على حذف مضاف تقديره أهل الرضى ونوه‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬ومن تبع) أراد التابعي لم بإحسان إل يوم الدين‪ ،‬فإن قلت قد جعلت آله كل من كان على‬
‫طريقتــه متمسـكا بشريعتــه ونفيـت أن يكون آله على الصـوص أهـل بــيتـه تشريفا لمـ على‬
‫غيهم فما الفائدة ف عطف الصحب على الل ؟‪ .‬قلت‪ :‬هذا العطف من باب عطف الاص على العام‬

‫أخرجـه المام البخاري فـ "صـحيحه" [‪ ]5990‬والمام أحدـ فـ "مسـنده" (‪ 4/249‬برقـم ‪ )17821‬وأبـو عوانـة فـ‬
‫"مسنده" (‪ .)1/96‬والشاهد ف هذه الرواية أن قوله »إن آل أبـي فلن« ـ الت ل يبعد أن الرواة أبـهموها ـ مشعرة‬
‫بقرابتـهم من النبـي بدليل قوله ‪» :‬ولكن لم رحم«‪ .‬قال الافظ ابن حجر العسقلن ف "فتح الباري" (‪10/514‬‬
‫و ‪/ 515‬الكتب العلمية)‪" :‬قلت‪ :‬قال أبو بكر بن العربـي ف (سراج الريدين)‪ :‬كان ف أصل حديث عمرو بن العاص‪:‬‬
‫»إن آل أب ـي طالب« فغُ ـيّ َر »آل أب ـي فلن«‪ .‬كذا جزم ب ـه‪ ،‬وتعقب ـه ب عض الناس وبالغ ف التشن يع ون سبـه إل‬
‫التحا مل على آل أبـي طالب‪ ،‬ول ي صب هذا الن كر فإن هذه الروا ية ال ت أشار إلي ها ا بن العرب ـي موجودة ف (مستخرج‬
‫أبـي نعيم) من طريق الفضل بن الوفق عن عنبسة بن عبدالواحد بسند البخاري عن بـيان بن بشر عن قيس بن أبـي‬
‫حازم عن عمرو بن العاص رفعه‪» :‬إن لبن أبـي طالب رحا أبلها ببللا« وقد أخرجه الساعيلي من هذا الوجه أيضا لكن‬
‫أبـهم لفظ "طالب" وكأن الامل لن أبـهم هذا الوضع ظنـهم أن ذلك يقتضي نقصا ف آل أبـي طالب وليس كما‬
‫توهوه‪ ".‬ا‪.‬هـ‬
‫‪ o‬وله شا هد آ خر‪ :‬عن أ نس بن مالك قال‪ :‬كان لر سول ال موليان حب شي وقب طي فا ستبّا يو ما فقال أحده ا‪ :‬يا‬
‫حب شي‪ .‬وقال ال خر‪ :‬يا قب طي‪ .‬فقال ر سول ال ‪» :‬ل تقول هكذا‪ ،‬إن ا أنت ما رجلن من آل م مد ـ ـ«‪ .‬رواه‬
‫الطبان ف "العجم الصغي" برقم [‪ ]564‬وف "الوسط" أيضا وقال اليثمي ف "ممع الزوائد" (‪ 1/462‬دار الفكر)‪" :‬رواه‬
‫(النفال ‪:‬‬ ‫الطبان ف الصغي والوسط ورجاله موثقون"‪ .‬ا‪.‬هـ ويكفي ف هذا القام قوله تعال‪ :‬إن أولياؤه إل التقون‬
‫‪ .)34‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(68‬ز ين الد ين م مد عبدالرؤوف بن تاج العارف ي بن علي بن ز ين العابد ين الدادي ث الناوي أ حد علماء الشافع ية ولد‬
‫بالقاهرة سنة ‪952‬هـ من مؤلفاتـه‪" :‬فيض القدير ـ ط" شرح الامع الصغي للسيوطي وهو أشهرها‪ ،‬و"التيسي ـ ط"‬
‫اختصار للول‪ ،‬و "كنوز القائق ـ ط" و"شرح الشمائل للترمذي ـ ط" و"الكواكب الدرية ف تراجم السادة الصوفية ـ‬
‫ط" و"التوقيف على مهمات التعاريف ـ ط" وغيها وتوف سنة ‪1031‬هـ‪.‬‬
‫("العلم" للزركلي ‪ 6/204‬ـ مقدمة د‪ .‬رضوان الدايه على كتاب "التوقيف" للمناوي ص ‪ 5‬ـ ‪ 7‬وهو ينقل هناك من‬
‫"خلصة الثر ف أعيان القرن الادي عشر" للمحبـي)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪49‬‬


‫لنك تة يدري ها من خاض رياض جنان علم الب ـيان؛ و قد ورد م ثل هذا ف القرآن الكر ي من ـها قوله‬
‫تعال‪ :‬حافظوا على الصلوات والصلة الوسطى البقرة ‪. 238 :‬‬
‫وأنـه أجـــل‬ ‫(‪()9‬وبعـــــد فالـــــدين أهـــم مقصــدا‬
‫علـــــم قصــــــدا)‬
‫عن كــل مـا كلــــف‬ ‫(‪()10‬لنـه يعـــــــــــرب للنســــــان‬
‫بالـــــــبرهان)‬
‫(الواو) ـ من قوله‪ :‬وبعد ـ إما عاطفة والعطوف حينئذ قصة على قصة‪ ،‬وإما نائبة عن إما التفضيلية؛‬
‫وهذا الوجه أحسن من الول لقترانـها بالفاء‪ ،‬وعليه فيكون العن على مذهب سيبويه(‪ )69‬مهما يكن‬
‫من ش يء م هم ب عد ح د ال وال صلة وال سلم على ر سول ال وعلى أولياء ال ف هو عِلْ مُ الد ين لشدة‬
‫الحتياج اليه وكثرة التعويل عليه‪ ،‬وقوله‪( :‬فالدين) أي فعلم الدين‪..‬ال‪ .‬والدين هو وضع الي سائق‬
‫لذوي العقول باختيارهم الحمود إل ما هو خي لم بالذات‪ .‬ويسمى شريعة باعتبار أن ال شرعه لنا‬
‫دينـا‪ ،‬ويسـمى ملة باعتبار أن اللك أمله على النبــي‪ ،‬أو باعتبار املء النبــي على أمتــه فالعنـ‬
‫واحد‪ ،‬واختلف العبارات باختلف العتبارات‪ ،‬وقوله‪( :‬أهم مقصدا) أي مقصده أهم أي أشد َهمّا‬
‫(‪)70‬‬
‫من مقصد غيه‪ ،‬والَمّ هنا بعن العزم‪ ،‬وقوله‪( :‬وانـه أجل علم) أي وأن علم الدين أعظم [من]‬
‫كل علم طلب لينتفع بـه‪ ،‬وقوله‪( :‬يُعرب) أي يبـي‪ ،‬و(النسان)‪ :‬هو اليوان الناطق‪ ،‬والراد بـه‬
‫ه نا الكلف‪ ،‬و(التكل يف)‪ :‬هو إلزام ال الع بد ما ي شق على الن فس فعله‪ ،‬وعرّ فه بعض هم بأن ـه ال مر‬
‫والن ـهي اللذان ي ب ب ـهما العقاب والثواب‪ .‬وف يه ن ظر لن التكل يف ش يء غ ي ال مر والن ـهي‪،‬‬
‫و(البهان) هو ما أثبت العن ف النفس وهو والجة والدليل ألفاظ متحدة العن‪.‬‬
‫إن تــــدرها‬ ‫(‪()11‬وقد نظمــــت دررا فـــي أصلــــه‬
‫جـــــــزت طريق عدله)‬

‫‪ )(69‬إمام النحو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنب الفارسي الصل والارثي بالولء من أهل البصرة الشهي بسيبويه وهي كلمة‬
‫فارسية تعن رائحة التفاح‪ .‬ولد سنة ‪148‬هـ ف إحدى قرى شياز وانتقل إل البصرة‪ ،‬واستملى على حاد بن سلمة وأخذ‬
‫الن حو عن عي سى بن ع مر‪ ،‬ويو نس بن حب ـيب ولزم الل يل بن أح د وأ خذ عن أب ـي الطاب الخ فش الكب ـي‬
‫(والخافشة ثلثة)‪ .‬وصفه العيشي بقوله‪" :‬كنا نلس مع سيبويه النحوي ف السجد وكان شابا جيل نظيفا قد تعلق من كل‬
‫علم بسبب‪ ،‬وضرب ف كل أدب بسهم مع حداثة سنـه وبراعتـه ف النحو"‪ .‬وقال الذهبـي‪ :‬طلب الفقه والديث مدة‬
‫ث أق بل على العرب ـية فبع و ساد أ هل الع صر؛ وألف في ها كتاب ـه الكب ـي الذي ل يدرك شأوه ف يه‪ .‬ور حل إل بغداد‬
‫وجرت بـينـه وبـي الكسائي وأصحابـه مناظرة‪ .‬من تصانيفه كتابـه الشهي ف النحو السمى "الكتاب ـ ط" وتوف‬
‫سنة ‪ 180‬على ال صحيح ق يل ف شياز وق يل ف الب صرة وال أعلم‪"( .‬تار يخ بغداد" للخط يب البغدادي ‪ 12/190‬الك تب‬
‫العلمية ـ "سي النبلء" للذهبـي ‪ 7/583‬الفكر ـ "العلم" للزركلي ‪.)5/81‬‬
‫‪ )(70‬زيادة من للسياق‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪50‬‬


‫(النظم) لغة لفّ الشيء إل الشيء؛ يقال نظمت اللؤلؤ ف السلك اذا ضممت بعضه إل بعض‪ ،‬وف‬
‫ال صطلح‪ :‬وزن م صوص على قاف ية م صوصة‪ .‬و (الدرر) اللؤلؤ شَب ـه ال سائل ال ت نظم ها بالدرر‬
‫وا ستعار ل ا ا سها‪ ،‬وقوله‪ ( :‬ف أ صله) أي ف أ صوله؛ والضم ي عائد إل الد ين لن ـه شا مل لل صول‬
‫والفروع‪ ،‬أي وقد نظمت هذه السائل الت هي كالدرر ف حسنـها وصفائها ف علم أصول الدين‪:‬‬
‫وهو معرفة ما للنفس وما عليها اعتقادا؛ وانّما سي هذا العلم أصول الدين ل نّ الدين كله مبنّ عليه‬
‫صحةً وف سادا فل د ين ل ن ل اعتقاد له‪ ،‬وقوله‪( :‬ان تدر ها) أي تعلم ها مِ نْ َدرَى الشيءَ اذا عَلِمَه‪ ،‬و‬
‫(جزت) بعن سلكت‪ .‬و(طريق عدله) عبارة عن الستقامة ف الدين‪.‬‬
‫ُ‬
‫عـــــــن الكرام‬ ‫(‪()12‬لَقَّط ّتـهــــــا مـــــن زاخـــر الثار‬
‫الســـــادة البـرار)‬
‫(التلقيط) الخذ شيئا فشيئا من حيث ل يُحَس‪ ،‬والضم ي ف لقّطت ـها عائد إل الدرر بعن السائل‪،‬‬
‫و(الزاخر) الطامي يقال زخر البحر اذا طمى‪ ،‬و(الثار) جع أثر وهو ف الصل الب الروي عن رسول‬
‫ال ‪ ،‬و هو مع ن قول م ل حظ للن ظر مع ورود ال ثر‪ ،‬ث ن قل ف ا صطلحنا إل كلم العلماء(‪ )71‬ف‬
‫الحكام الشرعية‪ ،‬وقوله‪( :‬عن الكرام) جع كري؛ فهو لغة من إذا سئل أعطى‪ ،‬ث نقل إل التّقي لقوله‬
‫تعال‪ :‬ان أكرمكـم عنـد الله أتقاكـم الجرات ‪ ، 13 :‬و (ال سادة) ج ع سيد و هو مَن فاق‬
‫قومه بفضيلة‪ ،‬و(البرار) جع بَرّ ـ بفتح ال َوحّدَة ـ؛ وهو من أصلح ما بـينـه وبـي ربـه‪.‬‬
‫حتـــــــى أراهـــا‬ ‫(‪()13‬والله بالقبـــــــــول فيهـــــا يقضي‬
‫في غد من قرضي)‬
‫كـــــل الـــــــورى‬ ‫(‪()14‬ومنـه أرجــــو أن يعـــــم نفعهـــــا‬
‫وأن يتم صنعهــا)‬
‫(القبول) الثواب على الشيء‪ ،‬و (يقضي) أي يكم‪ ،‬وقوله‪( :‬حت أراها) أي كي أجدها‪ ،‬فحت بعن‬
‫كي كقولك للكافر أسلم حت تدخل النة‪ .‬و(غدٍ) اسم لليوم الذي بعد يومك الذي أنت فيه‪ ،‬وأراد‬
‫ب ـه ه نا الخرة‪ ،‬و ف التعب ـي ب ـه عن ـها تنب ـيه على سرعة اضمحلل الدن يا واقبال الخرة‪ ،‬و‬

‫‪ )(71‬وهو اصطلح تده ف كتب أئمة الذهب الباضي فحيث يقول التقدمون‪[ :‬ف الثر] فإنا يعنون بـه كلم أجلة علماء‬
‫الذ هب ال سابقي‪ ،‬ول أر يد القارئ الكر ي أن يب عد النج عة في ظن أن الباض ية يعلون كلم أئمت ـهم ال سابقي ف در جة‬
‫تتساوى مع سنة النبـي بيث يعلون من كلمهم أمرا ل يكن التغاضي عنـه‪ ،‬فإن الواقع بلف ذلك‪ ،‬ولئن كان من‬
‫رجالت الدارس الخرى من ينبذ التقليد ف إلتزام أقوال الئمة عند ظهور ما يالف ذلك من الجج والباهي فإن الباضية‬
‫كانوا أحرص الفرق على رد أقوال السابقي من العلماء إذا كانت تلك القوال مالفة للدليل القطعي‪ ،‬ولكن هذا التعبـي ـ‬
‫بالثر ـ إنا هو إصطلح درجوا عليه ليس إل وكما يقال‪ :‬ل مشاحة ف الصطلح‪ .‬بلف الشيعة الذين يعلون النقول‬
‫عن أئمتـهم مكمل للسنة فل تتلط عليك المور‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪51‬‬


‫(قر ضي) أي عملي ال صال؛ وأصل القرض هو ما أعطيتـه غيك لتقتضيه منـه‪ ،‬شبـه ب ـه العمل‬
‫ل منـهما راجع إل صاحبـه بنفعه؛ اقتباسا من قوله تعال‪ :‬من ذا الذي‬ ‫الصال بامع أن ك ً‬
‫يقرض الله قرضا ً حسـنا ً فيضاعفـه له وله أجٌر كريـم الديـد ‪ ، 11 :‬والاء من‬
‫قوله (ومنـه) عائد إل اسم الللة‪ ،‬و (الورى) اللق‪ .‬و(الصنع) اسم بعن الصناعة‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪52‬‬


‫الـركـن الول‬
‫في العلم وما يشتمل عليه‬
‫ـ وفيه أربعة أبواب ـ‬
‫قَدّ مَ ركن العلم على ركن الملة مع أنـها هي العروة الوثقى لن تسك بـها‪ ،‬وهي السلمة لن ل‬
‫ينقض ها؛ لكون العلم أصلً ل ا‪ ،‬وب ـه تقوم الجة ب ـها على الكلف‪ ،‬وإن كا نت حجة معنا ها تقوم‬
‫باطر البال فهو أيضا علم‪.‬‬
‫واختلف ف حَدّ العلم فقال قوم إنـه لحد له‪ ،‬وقيل بل ُيحَد وحَدّه ادراك العلوم على ما هو بـه(‪،)72‬‬
‫وقيل الدراك والحاطة والستبانة‪ ،‬قال ف "الدلة والبـيان" وهو الصحيح‪.‬‬
‫البــــــاب الول‬
‫في أقســـام العلم وأحكامــه‬
‫[الحكام](‪ )73‬ج ع ح كم و هو النِ سبَة التا مة ب ـي الشيئ ي‪ .‬وشرعا‪ :‬هو أ ثر خطاب ال تعال التعلق‬
‫بفعل العباد‪ ،‬كان اقتضاءً كالياب والتحري والندب والتكريه أو تييا كالباحة‪ ،‬قدم ذكر العلم على‬
‫ال هل مع أن ال هل موجود َطبْعَا ف الن سان لقوله تعال‪ :‬والله أخرجكـم مـن بطون‬
‫أمهاتكم ل تعلمون شيئا الن حل ‪ 78 :‬تنبـيها على شرف العلم وفضيلت ـه وارتفاع رتبتـه‬
‫وعلو درجتـه‪.‬‬
‫مــــــــــــل‬ ‫تأ ُّ‬ ‫(‪()15‬ومحـــــــدث العلــــــم ضروري بل‬
‫ونظــــري تؤمـــــل)‬
‫ينقسم العلم الادث ـ بالنسبة إل حصوله ـ إل قسمي‪ :‬ضروري ونظري؛ (فالضروري) هو الذي‬
‫سهُ و ما هو عل يه من‬‫غ ي متاج إل تأ مل أي َتفَكّ ر واكت ساب‪ ،‬و هو أنواع أقوا ها علم الن سان نَفْ َ‬
‫حالت ـه ث الفرق ب ـي الوجود والعدوم‪ ،‬وأن الش يء ي ستحيل كون ـه ف مكان ي ف و قت وا حد‬
‫وموجود ومعدوم ف وقت واحد‪ ،‬وقائم وقاعد ف حال‪ ،‬ثُمّ ما وََق عَ عند تواترالخبار كالعلم بالبلدان‬
‫النائية واللوك الاضية‪ ،‬ث العلم باجة البناء إل بانٍ والكتابة إل كاتب‪.‬‬
‫و(النظري) هو الذي يتاج ف ت صيله إل تأ مل واكت ساب‪ ،‬و ف "الدلة والب ـيان"‪ " :‬هو الذي يعلم‬
‫بالستدلل"‪ ،‬واحْترز بحدث العلم عن علمه تعال فانـه لتقسيم له ول يوصف بأنـه ضروري ول‬

‫‪ )(72‬قال البدر الشماخي رحه ال تعال ف (متصر العدل والنصاف) ص ‪" :8‬العلم إدراك الشيء بيث ل يتمل النقيض‪ ،‬خلفا‬
‫ل قال‪ :‬ل يد‪ .‬وهو ضربان‪ :‬قدي صفة ذات ل تعال‪ .‬ومدث"ا‪.‬هـ وحاصله أن العلم هو القائم على الزم واليقي الوافق‬
‫لقيقة الشيء‪.‬‬
‫‪ )(73‬ليست ف الخطوطتي وإنا زيدت للسياق‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪53‬‬


‫نظري‪ .‬وقسـّم العلم المام الليلي(‪ )74‬إل ثلثـة أقسـام‪ :‬إل وهْبــي وضروري ومكتسـبـي‪ .‬فكان‬
‫جوابـه لن سأله عن الفرق بـينـهما بأن قال‪" :‬الوهبـي يلقيه ال تعال ف قلب عبده َفيْ ضٌ نوران‬
‫ومَدَد رحان‪ ،‬والضروري ليكن أن يتصور لذي بال خلفه بأنّ الثني اكثر من الواحد‪ ،‬والكسبـي‬
‫ماعُرف بالتعليم والتحفظ والجتـهاد فحصل بسمع من السموعات أو نظر من الرئيات أو بفكرة من‬
‫القدمات لهل الستدلل والنظر" (انتـهى)‪ .‬وعند التحقيق فالوهبـي راجع إل الضروري وداخل ف‬
‫حَدّه(‪.)75‬‬
‫فـــي الشـــــرع‬ ‫ن لـــــه تَعَبُّـــــد‬
‫(‪()16‬والكــــل من ذ َي ْ ِ‬
‫معــروف كما سنورد)‬
‫(‪)76‬‬
‫اخْـتُلف ف دخول ال على كل وبعض فأجازه قوم ومنعه آخرون كذا ذكره العطار ف "حاشيتـه‬
‫على الزهر ية"‪ .‬ولف ظة (ذ ين) اشارة إل الضروري والنظري أي كل من الضروري والنظري له تع بد‬
‫تُدرَك معر فة ذلك التع بد من علم الشرع‪ ،‬فتع بد الضروري كاليان بال وملئكت ـه وكتب ـه ور سله‬

‫‪ )(74‬المام الح قق سعيد بن خلفان بن أحد بن صال الليلي من ن سل المام العادل الل يل بن شاذان والمام ال صلت بن‬
‫مالك الروصي‪ ،‬فهو من أسرة عريقة خدمت السلم علما وعمل‪ ،‬أحد علماء الباضية بعمان‪ ،‬ولد ف بوشر من ضواحي‬
‫مسقط عام ‪1231‬هـ ونشأ بـها حيث كان ملزما للشيخ سعيد بن عامر الطيوان وبعدها انتقل ال الشيخ حاد بن ممد‬
‫البسط ولا آنس منـه شيخه تبحره ف علوم اللغة طلب منـه نظم كتاب الكاف ف العروض الذي شرحه بعد ف كتاب‬
‫"مظ هر الا ف"‪ ،‬ث لزم العل مة الكب ـي الش يخ نا صر بن أب ـي نب ـهان الرو صي وترج على يد يه ك ما تأ ثر ب ـه ف‬
‫أ سلوبـه‪ ،‬وكان مناضل لد مة د ين ال وأ كب شا هد على ذلك ما بذله من ج هد ومال ف إقا مة الل فة العادلة ف عمان‬
‫حيث قام بساعدة بعض العلماء ف تنصيب المام عزان بن قيس إماما على عمان ـ وتفاصيل نضاله تدها ف "تفة العيان"‬
‫(‪ 193 /2‬ـ ‪ )227‬للشيخ السالي ـ‪ .‬من جلة تلميذه الشيخ صال بن علي الارثي والشيخ عبدال بن ممد الاشي‬
‫والش يخ م مد بن خ يس ال سيفي الن ـزوي‪ ،‬من ت صانيفه‪" :‬ته يد قوا عد اليان ـ ط" و هو جا مع ف الف قه والعقيدة‪،‬‬
‫و"النواميس الرحانية ـ ط" و"لطائف الكم ف صدقات النعم ـ ط" و"كرسي أصول الدين" (مطوط) و"مقاليد التصريف‬
‫ـ ط" و"مظهر الاف ف العروض والقواف" (مطوط) و"إغاثة اللهوف ف المر بالعروف والنـهي عن النكر" (مطوط)‬
‫وغيها استشهد ف عام ‪1287‬هـ‪"( .‬شقائق النعمان" للخصيبـي ‪ 2/333‬ـ "قراءات ف فكر الليلي" ـ استفادة عامة‬
‫من بوث الندوة وبالخص بث د‪ .‬مبارك الراشدي)‪.‬‬
‫‪ )(75‬أصل التفرقة بـي القسمي من حيث منشأها فالضروري ناشئ بسبب الضرورة بسب نوعها والوهبـي ناشئ من‬
‫الن حة الل ية ـ بل تكسب ـ وعل يه فكلم الح قق الليلي ل غبار عل يه‪ ،‬ن عم ها متفقان من حيث كون من ح صل له‬
‫جازم بكذب مالفهما إن كان ف ُح ْك ٍم يقتضي تكذيب مالفه‪.‬‬
‫‪ )(76‬هو حسن بن ممد بن ممود العطار من علماء مصر ‪ ..‬أصله من الغرب ومولده بالقاهرة سنة ‪1190‬هـ‪ .‬وكان أبوه‬
‫عطارا فتبع أباه ف تارتـه بادئ المر‪ ..‬ث انصرف إل الدب والعلم‪ .‬وله رسالة ف "كيفية العمل بالسطرلب والربعي‬
‫القنطر والجيب والبسائط" وكتاب ف "النشاء والراسلت ـ ط" و"ديوان شعر" و حواشٍ ف العربـية‪ ،‬والنطق‪ ،‬والصول‬
‫ـ أكثرها مطبوع‪ .‬وتوف بالقاهرة سنة ‪1250‬هـ‪( .‬بتصرف من "العلم" للزركلي ‪.)2/220‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪54‬‬


‫واليوم ال خر‪ ،‬وكالعتقاد بأن ـه ل ي صحّ مُح سنٌ مُ سيء ف حالة واحدة‪ ،‬ول مؤ من كا فر ف حالة‬
‫واحدة؛ اللهم ال أن يراد باليان اللغوي ل الشرعي‪ ،‬ول شقي سعيد ف حالة واحدة إل غي ذلك من‬
‫الضداد ونو ها‪ ،‬وتع بد النظري هو كالعر فة بتفا صيل ال صلة وحدود ها والعر فة بال صيام وحدوده‬
‫وتفا صيله والعر فة بال ج ومواقيت ـه وفرائ ضه و سننـه والعر فة بالزكاة وتفا صيلها‪ ،‬إل غ ي ذلك م ا‬
‫يدرك علمه بالستدلل والتعلم والتفكر‪.‬‬
‫تعليـــــــمه‬ ‫(‪()17‬والعلــــم منـه لزم قــــد وجبا‬
‫والثانـــــــي نفل ندبـا)‬
‫فواجـــــب ومــا‬ ‫(‪()18‬فكل شـــــيء لم يسعنـــا جهلــــه‬
‫عـــــــداه نفلــه)‬
‫ينقسم العلم(‪ )77‬ـ بالنسبة إل الكم الشرعي ـ إل واجب ومندوب اليه‪( .‬فالواجب)هو علم كل‬
‫شيء غي واسع الهل بـه‪ ،‬وهو الراد بقوله ‪» :‬العلم فريضة على كل مسلم«‪ ،‬وف رواية‪» :‬طلب‬

‫‪ )(77‬ينبغي تقييده بـ(العلم النافع أو الشرعي) كما هنا؛ لن ف اطلقه يتمل الحكام الشرعية المسة فيدخل فيه ما هو‬
‫مرم وهو ما كان موصل للشرك أو لرتكاب الحرمات كالسحر ـ ف الغالب ـ مثل‪ ،‬وما هو مكروه كتعلم ما ل فائدة‬
‫فيه وتعلم اليل الت تُبطل بـها القوق ـ وهذا يرم فيه فعل تلك اليل دون التعلم ـ ‪ ،‬وكذا الباحة ف البعض الخر‬
‫وله أمثلة كثية من ـها تعلم الِرف التعددة ـ و هو قد ير قى ال الوجوب والندب ب سب الن ية وكذا ب سب تو قف أمور‬
‫الدين عليه ـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪55‬‬


‫العلم فري ضة على كل م سلم«(‪)78‬وقوله‪» :‬اطلبوا العلم ولو ف ال صي«(‪ )79‬وهذا الق سم مه ما لزم أ حد‬
‫ليسعه التأخي عن طلبـه إل بعذر بـي كما سيأت ان شاء ال‪.‬‬
‫و(الندوب) هو علم كل شيء واسع الهل بـه‪ ،‬ولكن ف تعليمه منفعة دينية أو صلح للعالَم‪ ،‬فمن‬
‫طلبـه من غي تضييع لفرض كقوت عيال إل غيه من الفرائض الاضرة كان له الفضل العظيم كما‬
‫سـيأت ان شاء ال‪ ،‬وهذا القسـم هـو الشار اليـه بقوله تعال‪ :‬قـل هـل يسـتوي الذيــن‬
‫يعلمون والذين ليعلمون إنما يتذكر أولو اللباب الز مر ‪ 9 :‬ويصح على تأويل‬
‫آخر أن يمل معن الية على الوجوب‪.‬‬
‫لقــــــادر‬ ‫(‪()19‬والبحـــــث للواجـــب حتما ً يلزم‬
‫بـــــــــترك ذاك يـأثـــم)‬
‫معـــــــبرا وان‬ ‫(‪()20‬والحــــد للقــــــــدرة أن يَرى لــه‬
‫نـــــأى يمضي لـــه)‬
‫ومـــــــــأمن مع‬ ‫(‪()21‬في الصـــح مـــع وجـــدان ما يحمله‬
‫قـــوت من يكفله)‬
‫(البحث) طل بٌ باجتـهاد؛ أي يلزم طلب العلم الواجب لزوما حتميا على من قدر عليه‪ ،‬ومن تركه‬
‫مع القدرة على طلب ـه ف هو آ ث هالك إل أن يتوب‪ ،‬وحدّ القدرة ف هذا أن ي د من يعل مه علم ذلك‬
‫وإن بَعُد هذا العلم لز مه أن ير حل ال يه فيتعلم من ـه ما لز مه عل مه؛ وليلزم ال سي ال يه ال اذا كان‬

‫‪ )(78‬جاء من طر يق أ نس بن مالك رواه ا بن ما جة ف " سننـه" [‪ ]224‬و الب ـيهقي ف "ش عب اليان" [‪ 1663‬و‬
‫‪ 1664‬و ‪ 1665‬و ‪ ]1666‬وأبـو نعيـم فـ "الليـة" [‪ ]12506‬والطيـب فـ "تاريـخ بغداد" (‪ 4/378‬و ‪ 429‬ــ‬
‫‪ 7/398‬ـ ‪ 9/113‬و ‪ 369‬ـ ‪ 10/373‬ـ ‪ ]11/421‬وا بن النجار ف "ذ يل تار يخ بغداد (‪ 18/87‬مع التار يخ)‬
‫والقضاعي ف "الشهاب" [‪ ]175‬والعقيلي ف "الضعفاء" (‪.)4/250‬‬
‫كما جاء من طريق أبـي سعيد الدري رواه البـيهقي ف "الشعب" [‪ ]1667‬والطيب (‪ )5/193‬والقضاعي [‬
‫‪.]174‬‬
‫ورواه الطبان ف "الصغي" [‪ ]22‬عن السيدة عائشة رضي ال عنـها‪ ،‬والطيب ف "التاريخ" (‪ )1/424‬من طريق المام‬
‫علي‪ ،‬و المام أبو حنيفة ف "مسنده" عن أبـي هريرة ‪ ،‬والعقيلي ف "الضعفاء" (‪ )2/58‬عن ابن عمر و(‪)3/410‬‬
‫عن ا بن عباس ‪ ،‬وجاء مر سل عن ال سي بن علي ع ند ال طبان ف "ال صغي" [‪ ]61‬والط يب ف "تار يخ بغداد" (‬
‫‪.)5/414‬‬
‫رواه الطبان ف "الكبـي" [‪]10439‬‬
‫‪ )(79‬رواه المام الرب ـيع الفراهيدي ف "م سنده" بر قم [‪ ]18‬والب ـيهقي ف "ش عب اليان" بر قم [‪ ]1663‬والط يب ف‬
‫"تاريخ بغداد" (‪ 9/369‬دار الكتب العلمية) والشجري ف "المال الميسية" (‪ )1/57‬والعقيلي ف "الضعفاء" (‪)2/230‬‬
‫وابن عدي ف "الكامل" (‪ )4/118‬من طريق أنس بن مالك وهو حديث صحيح ثابت لتصاله برواية العدول الثقات ف‬
‫"مسند" الربـيع الفراهيدي‪ ،‬أما بقية طرقه فل تلو من مقال‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪56‬‬


‫صحيحا واجدا للراحلة والمان ف الطر يق وواجدا للقوت الذي يتر كه ل ن يلز مه عوله إل أن ير جع‬
‫إليهـم‪ ،‬فقوله (يرى) أي يدـ له‪ ،‬وقوله‪( :‬معـبا) أي من ي عب له عل مه بعبارة يعقلهـا وال فل يلزمـه‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬وان نأى) أي بَعُدَ ذلك ال عب عن بلده‪ .‬وقوله‪( :‬ي ضي له) أي ير حل ال يه‪ .‬وقوله‪ ( :‬ف ال صح)‬
‫بضم ال صاد اسم بع ن الصحة‪ .‬وقوله‪ ( :‬مع وجدان) مصدر وجد‪ .‬وقوله‪ ( :‬ما يمله) أي مع وجوده‬
‫الذي يمله ال يه و هو الركوب؛ وذلك اذا ل ي ستطع ال شي ال يه‪ .‬وقوله‪( :‬ومأ من) م صدر أمِ نَ بع ن‬
‫المان‪ .‬وقوله‪( :‬مع قوت من يكفله) أي مع وجدانـه قوتا يتركه لن يكفله أي لن يلزمه عَوْله‪ ،‬فهذه‬
‫خسـة شروط وهـي‪ :‬وجود الــ ُم َعبّر‪ ،‬والصـحة‪ ،‬والركوب اذا ل يسـتطع الشـي‪ ،‬والمان‪ ،‬وقوت‬
‫العيال‪ ،‬وترك شرطـا سـادسا وهـو الزاد ا ُلبَلّغ إل أنــه تنطوي عليـه عبارتــه بالأمـن‪ ،‬فان ترك الزاد‬
‫موف‪ .‬وهذا الذي ذكره الناظم ما تقوم فيه الجة بالسماع‪ ،‬وأما الذي تقوم عليه فيه الجة من العقل‬
‫فغي مَُنفّس لحد فيه بالسؤال بعد خطور البال كما سيأت ان شاء ال ف موضعه‪.‬‬
‫فان قل تَ‪ :‬هل يلزم أحدا علم ما يطمئن اليه قلبـه أنـه لو عاش يلزمه ذلك(‪ )80‬وياف عند لزومه أن‬
‫ل يد من يُ َعّبرُ له ايّاه؟‪ .‬قل تُ‪ :‬ل يلزمه ذلك ال أنـه من باب الفضيلة والوسيلة‪ ،‬ولو كان يلزمه ذلك‬
‫للزمه أن يعرف ما هو أبعد منـه فَيتَمَشّى هذا القول إل أن يلزمه أن يعرف جيع ما ف علم ال؛ وهذا‬

‫‪ )(80‬كأن يسئل من كان قبل وجود الطائرات مثل عن حكم الصلة ف الطائرة وكيفيتـها‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪57‬‬


‫مال والدائن بــه دائن بضلل‪ .‬وباـ أورده المام أبـو سـعيد(‪ )81‬ــ رضـي ال عنــه ــ فـ كتاب‬
‫"الستقامة"(‪ )82‬كفاية من أن نطيل بالتفصيل له هاهنا‪.‬‬
‫جاءت بـه مـــن‬ ‫(‪()22‬وفضلــــه ليـــــس له احــصــاء‬
‫ربنــــا النباء)‬
‫الاء من قوله (وفضله) عائدة إل العلم‪ ،‬و(الحصاء) ـ بالكسر ـ الضبط والصر‪ ،‬و(النباء) بالفتح‬
‫الخبار أي ف ضل العلم ل يس له ض بط ل ن رام ضب طه‪ ،‬ول ح صر ل ن شاء ح صره لِعِظَم ما منّ ال‬
‫بسببـه من النّعم على صاحبـه دلت على ذلك اليات القرانية والحاديث النبوية‪.‬‬
‫أمـا اليات فقـد قال عزوجـل‪ :‬شهـد الله أنــه ل اله ال هـو والملئكـة وأولوا‬
‫العلم قائمـا بالقسـط آل عمران ‪ 18 :‬فان ظر ك يف بدأ سبحانـه وتعال بنف سه وَثنّ ى باللئ كة‬
‫وثَلّث بأهـل العلم‪ ،‬وناهيـك بــهذا شرفـا وفضلً‪ ،‬وقال تعال‪ :‬يرفـع الله الذيـن آمنوا‬
‫منكـم والذيـن أوتوا العلم درجات الجادلة ‪ 11 :‬قال ا بن عباس ـ ر ضي ال عن ـه ـ‪:‬‬
‫"للعلماء درجات فوق درجات الؤمن ي ب سبعمائة در جة ما ب ـي الدرجت ي م سية خ سمائة عام"‪.‬‬
‫الزمر ‪9 :‬‬ ‫وقال ال عزوجل‪ :‬قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ليعلمون‬
‫ه من عباده العلماءُ فا طر ‪، 28 :‬وقال تعال‪ :‬قل كفى‬
‫‪،‬وقال‪ :‬انما يخشى الل َ‬

‫‪ )(81‬العلمة الكبـي أبو سعيد ممد بن سعيد بن ممد بن سعيد الناعبـي الكدمي من كبار علماء الباضية بعمان‪ ،‬وكدم‬
‫إحدى ضواحي ولية المراء ولد عام ‪305‬هـ تقريبا ونشأ ف ظلل حكومة المام العادل سعيد بن عبد ال وكان مؤازرا‬
‫له منذ بلوغه اللم ويبدو أنـه تتلمذ عليه ف بداية أمره إذ كان هذا المام موصوفا بأنـه عال ل يشق له غبار‪ ،‬كما أخذ‬
‫عن الشيخ أبو السن ممد بن السن و عاصر إمامة المام الرضي راشد بن الوليد‪ ،‬وكان أبو سعيد عال يشار إليه بالبنان‬
‫ول أدل على ذلك من قوة التأثي الذي خلفه من بعده حيث لقت فتاواه وأجوبتـه ومصنفاتـه صدورا رحبة فكان تراثه‬
‫مط اهتمام عند أهل عمان ويندر أن ترى الصنفات الت جاءت بعده إل وتول فتاواه اهتماما بالغا وهو القصود بـ(أبـي‬
‫سعيد) إذا اطلق ع ند الباض ية‪ ،‬وكان زاهدا متور عا ب ق ي صفه الش يخ ال سالي ف "ت فة العيان" ( ‪ )1/191‬بقوله‪" :‬وكان‬
‫لبـي سعيد يومئذ نلة وخرة وهي شجرة العنب‪ ،‬قيل انـه يأكل من تر النخلة بل خبز ول حلء [وهو اللحم بأنواعه]‪،‬‬
‫وله ثلث ن سوة مو سرات ل يأ كل من مال ن شيئا‪ ،‬و قد أخذن ـه ل جل عل مه وأح سب أن ـه كان يق سم ثرة النخلة على‬
‫السنة والمرة [شجرة العنب] للكسوة فيما قيل‪ ،‬هذا هو الزهد لن عقله" ا‪.‬هـ‪ .‬من تصانيفه "العتب ـ ط" و "الستقامة‬
‫ـ ط" و "زيادات الشراف ـ خ" وف يه تت بع كتاب الشراف على مذا هب أ هل العلم ل بن النذر الني سابوري وعلق عل يه‬
‫كحاش ية يبز في ها رأي الذ هب البا ضي و قد أورد صاحب "ب ـيان الشرع" ب عض هذا الكتاب‪ .‬ك ما له ممو عة أجو بة‬
‫بعنوان "الامع الفيد ف أحكام أبـي سعيد ـ ط" جعه الشيخ سرحان بن سعيد الزكوي‪ .‬وتوف سنة ‪355‬هـ تقريبا ول‬
‫يزال قـبه معروف ببلد العارض مـن كدم‪"( .‬تفـة العيان" للسـالي ‪ 1/191‬ــ "إتاف اعيان" للبطاشـي ‪ 1/215‬ــ‬
‫‪.)225‬‬
‫‪ )(82‬انظر "الستقامة" للمام أبـي سعيد الكدمي (‪ 2/214‬وما بعدها)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪58‬‬


‫بالله شهيدا ً بـيني وبـينكم ومن عنده علم الكتاب الرعد ‪ ، 43 :‬وقال تعال‪:‬‬
‫وقال الذي عنده علم مـن الكتاب أنـا آتيـك بــه النمـل ‪ 40 :‬تنب ـيها على أن ـه‬
‫اقتدر بقوة العلم‪ ،‬وقال عزوجـل‪ :‬وقال الذيــن اوتوا العلم ويلكــم ثواب الله‬
‫خيـر لمـن آمـن وعمـل صـالحاً القصـص ‪ 80 :‬وف يه أن عِظَم قدر الخرة يعلم بالعلم‪ ،‬وقال‬
‫َ‬
‫تعال‪ :‬وتلك المثال نضربــها للن ّاس ومـا يعقلهـا إل العالمون العنكبوت ‪43 :‬‬

‫وقال تعال‪ :‬ولو ردوه إلى الرســول وإلى اولي المــر منـــهم لعلمــه‬
‫الذيـن يسـتنبطونـه منــهم الن ساء ‪َ 83 :‬ردّ ُحكْمَ هُ ف الوقائع إل ا ستنباطهم وَألَ قَ رتبت ـهم‬
‫برتبة النبـياء ف كشف حكم ال‪.‬‬
‫وأ ما الخبار النبو ية ف قد أورد الا فظ ا بن ح جر(‪ )83‬من ـها جلة م سرودة مذو فة ال سناد ف ها ن ن‬
‫نوردها على طريقتـه‪ :‬قال رسول ال ‪ » :‬من يرد ال بـه خيا يفقّهه ف الدين«(‪» )84‬اذا أراد ال‬

‫‪ )(83‬تأت ترجتـه ف التعليق على البـيت رقم (‪.)285‬‬


‫‪ )(84‬بـهذا اللفظ جاء من طريق معاوية بن أبـي سفيان رواه الربـيع الفراهيدي ف "مسنده" برقم [‪ ]26‬والبخاري ف‬
‫"صـحيحه" [‪ 71‬و ‪ ]3116‬ومسـلم فـ "صـحيحه" [‪ 1037‬و ‪ 1038‬و ‪ ]1923‬وأحدـ فـ "مسـنده" [‪ 16843‬و‬
‫‪ 16852‬و ‪ 16856‬و ‪ 16866‬و ‪ 16884‬و ‪ 16915‬و ‪ ]16934‬وا بن حبان ف " صحيحه" [‪ ]89‬و الدار مي ف‬
‫" سننـه" [‪ 224‬و ‪ ]226‬وا بن أب ـي شي بة ف "ال صنف" [‪ 31036‬و ‪ ]31037‬وع بد بن ح يد ف "م سنده" [‪/412‬‬
‫النت خب] والب ـيهقي ف "ش عب اليان" [‪ 4870‬و ‪ ]10307‬والقضا عي ف "الشهاب" [‪ 346‬و ‪ ]954‬والجري ف‬
‫"أخلق العلماء" ص(‪.)15‬‬
‫وجاء من طر يق ا بن عباس رواه المام أح د ف "م سنده" [‪ ]2794‬والترمذي ف " سننـه" [‪ ]2645‬والدار مي ف‬
‫"سننـه" [‪ ]225‬والجري ف "اخلق العلماء" ص(‪.)15‬‬
‫وجاء من طريق أبـي هريرة رواه المام أحد برقم [‪ ]7212‬وابن ماجة ف "سننـه" [‪ ]220‬والطبان ف "الصغي" [‬
‫‪ ]797‬والقضاعي ف "الشهاب" [‪ ]345‬والجري ف "الربعي" ـ الديث الول منـها ـ وف "أخلق العلماء" له ص(‬
‫‪.)15‬‬
‫وجاء من طريق أنس بن مالك رواه المام الربـيع ف "مسنده" برقم [‪ ]25‬ولفظه‪» :‬من أراد ال بـه ‪.«..‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪59‬‬


‫بعبد خيا فقهه ف الدين وألمه رشده«(‪» )85‬أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع«(‪ )86‬وف حديث‬
‫(‪)87‬‬
‫ختَلَف ف يه والمهور على قبوله‪» :‬ف ضل العلم خ ي من ف ضل العبادة وخ ي دين كم الورع«‬‫سنده ُم ْ‬
‫و» من سلك طريقا يلتمس فيه علما سَهّل ال له بـه طريقا إل النّة‪ ،‬وان اللئكة لتضع أجنحتـها‬
‫لطالب العلم رضا لا يطلب وان العال ليستغفر له من ف السموات ومن ف الرض حت اليتان ف الاء‬
‫وفضل العال على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وان العلماء ورثة النبـياء‪ ،‬وان النبـياء‬
‫ل يُ َورّثوا دينارا ول درهاـ‪ ،‬واناـ َورّثوا العلم فمـن أخذه أخـذ بظـ أوفـر«(‪ .)88‬ووقـع للناس فـ هذا‬

‫‪ )(85‬بـهذا اللفظ من طريق أبـي هريرة رواه النسائي ف "السنن الكبى" برقم [‪ ]5839‬وابن ماجة ف "سننـه" [‬
‫‪ ]220‬وعبد الرزاق الصنعان ف "الصنف" [‪ .]20851‬ومن طريق معاوية بن أبـي سفيان رواه المام أحد [‪ 16840‬و‬
‫‪ 16848‬و ‪ 16880‬و ‪ ]16886‬ـ دون لفظة‪" :‬وألمه رشده" ـ ورواه أيضا أبو نعيم ف "اللية" [‪.]6714‬‬
‫ورواه ابن أبـي شيبة ف "الصنف" [‪ ]31039‬من كلم عبـيد بن عمي وف [‪ ]31040‬من كلم ممد بن كعب‪.‬‬
‫قال اليثمي ف "ممع الزوائد" (‪ 1/327‬دار الفكر)‪" :‬رواه البزار والطبان ف الكبـي ورجاله موثقون"‪ .‬ا‪.‬هـ ولعله فيما‬
‫ل يطبع من "الكبـي" للطبان‪.‬‬
‫قال اليثمي ف "ممع الزوائد" (‪" :)1/325‬رواه الطبان‬ ‫‪ )(86‬رواه الطبان ف "الصغي" برقم [‪ ]1086‬عن ابن عمر‬
‫ف الثلثة وفيه ممد بن أبـي ليلى ضعفوه لسوء حفظه"‪ .‬ول أجده ف مطبوعة "الكبـي" فلعله فيما ل يطبع‪.‬‬
‫ورواه القضاعي ف "الشهاب" [‪ ]1290‬عن ابن عمر وابن عباس كلها بسند ليس فيه ابن أبـي ليلى هذا‪.‬‬

‫‪ )(87‬الد يث ب ـهذا الل فظ جاء من طر يق حذي فة رواه الا كم ف "ال ستدرك" بر قم [‪ ]317‬وأ بو نع يم ف "الل ية" [‬
‫‪ ]2087‬وابن عدي ف "الكامل" (‪ )4/198‬والطبان ف "الوسط" والبزار ف "مسنده" وعنـهما يقول اليثمي ف "ممع‬
‫الزوائد" (‪" :)1/325‬رواه الطبان ف "الوسط" والبزار وفيه عبد ال بن عبدالقدوس وثقه البخاري وابن حبان وضعفه ابن‬
‫معي وجاعة"‪.‬‬
‫ورواه الا كم ف "الستدرك" برقم [‪ 314‬و ‪ 315‬و ‪ ]316‬عن سعد بن أب ـي وقاص بل فظ‪" :‬أ حب إلّ"‪ .‬وعن ـه‬
‫يقول الذهب ـي ف "تلخ يص ال ستدرك" ـ م عه ـ ‪ :‬على شرطه ما‪ .‬أي البخاري وم سلم‪ .‬ك ما رواه ا بن ع ساكر ف‬
‫"البلدانية" ـ البلد السادس عشر ـ ص(‪ )94‬عن ثوبان بلفظة‪" :‬أفضل من"‪ .‬بدل من‪" :‬خي من"‪.‬‬
‫وروي بلفظ‪» :‬أفضل العلم خي من فضل العبادة وملك دينكم الورع« رواه ابن أبـي شيبة ف "مصنفه" [‪ 26106‬و‬
‫‪ ]34396‬عن عمرو بن قيس ‪ .‬والقضاعي ف "الشهاب" [‪ ]40‬والطيب ف "تاريخ بغداد" (‪ )5/203‬ـ بدون لفظة‬
‫"أفضل" ـ كلها عن ابن عباس ‪ .‬والشجري ف "أماليه" (‪ )1/59‬عن ابن عمر ‪.‬‬

‫‪ )(88‬الد يث بتما مه هكذا جاء من طر يق أب ـي الدرداء رواه الترمذي ف " سننـه" [‪ ]2682‬وأبوداود ف "ال سنن" [‬
‫‪ ]3641‬وا بن ما جة ف " سننـه" [‪ ]223‬وا بن حبان ف " صحيحه" [‪ /88‬الح سان] والدار مي ف " سننـه" [‪]342‬‬
‫والبـيهقي ف "شعب اليان" [‪ 1696‬و ‪ ]1697‬والطيب ف "تاريخ بغداد" (‪.)1/414‬‬
‫وجاء قوله ‪ » :‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال له طريقا إل النة« مفردا من طريق أبـي هريرة عند‬
‫الرب ـيع الفراهيدي ف "م سنده" [‪ ]20‬وأح د ف "م سنده" [‪ 7445‬و ‪ ]8336‬وا بن حبان [‪ ]84‬وا بن أب ـي شي بة ف‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪60‬‬


‫ـ رسـول ال جئت أطلب العلم‪ .‬قال‪» :‬مرحب ا‬
‫ـ‬ ‫الديـث اختلف كثيـ قال صـفوان بـن عسـّال(‪ :)89‬ي ا‬
‫بطالب العلم‪ ،‬ان طالب العلم لتحفّه اللئكة بأجنحتـها ث يركب بعضهم بعضا حت يبلغوا ساء الدنيا‬
‫من مبتـهم لا يطلب«(‪» )90‬يا أبا ذر لئن تغدوا فَتعَلّم آية من كتاب ال خي لك من أن تصلي مائة‬
‫(‪)91‬‬
‫ركعة‪ ،‬ولئن تغدو فَتعَلّم بابا من العلم عُ ِملَ ب ـه أو ل يُع مل خ ي لك من أن تصلي ألف ركعة«‬
‫»الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ال ذكر ال وما واله وعالا أو متعلما«(‪» )92‬ان ما يلحق الؤمن من‬

‫"مصنفه" [‪ .]26108‬وهو موقوف على ابن عباس عند الدارمي [‪.]345‬‬


‫ع ند الرب ـيع [‬ ‫وجاء قوله ‪» :‬إن اللئ كة لت ضع أجتحت ـها لطالب العلم ر ضا ل ا يطلب« مفردا من طر يق أ نس‬
‫‪ ]19‬ومن طريق صفوان بن عسال عند أحد [‪ 18113‬و ‪ 18122‬و ‪ ]18124‬وغيهم‪.‬‬
‫‪ )(89‬الصحابـي الليل صفوان بن عسال من بن الربض بن زاهر الرادي‪ ،‬غزا مع النبـي اثنت عشرة غزوة‪ .‬وسكن‬
‫الكوفة‪ ،‬روى عنـه من الصحابة عبدال بن مسعود‪ ،‬وأما بقية الرواة الذين أخذوا عنـه فأشهرهم زر بن حبـيش وعبدال‬
‫بن سلمة وعبـيدال بن خليفة وغيهم‪ .‬ويقال إنـه من بن جل بن كنانة بن ناجية بن مراد‪"( .‬الستيعاب" لبن عبدالب‬
‫‪ 2/279‬ـ "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر ‪.)4/393‬‬
‫‪ )(90‬هذا الديث روي مرفوعا عند الطبان ف "الكبـي" (‪ 8/54‬برقم ‪ )7347‬وابن عدي ف "الكامل" (‪ )6/331‬عن‬
‫ا بن م سعود ورواه الجري ف "أخلق العلماء" ص(‪ )22‬والا كم ف "ال ستدرك" بر قم [‪ ]341‬عن زر بن حب ـيش‪.‬‬
‫وقد روي هذا الديث موقوفا من كلم صفوان بن عسال عند طائفة من أصحاب الديث‪ ..‬يقول الذهبـي عن رواية‬
‫الا كم ف تلخي صه باش ية "ال ستدرك" (‪ 1/180‬دار الك تب العلم ية)‪" :‬خال فه شيبان فقال‪ :‬ث نا ال صعق‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن‬
‫النـهال‪ ،‬عن زر عن ابن مسعود قال‪ :‬حدّث صفوان بن عسال قال‪ :‬أتيت رسول ال ‪ .‬ورواه أبو جناب الكلبـي عن‬
‫طلحة بن مصرف عن زر موقوفا على صفوان ‪ ..‬والذين أسندوه أحفظ‪ ".‬بل إن الاكم نفسه ـ بعدما أورد رواية موقوفة‬
‫ـ يقول ف "ال ستدرك" (‪ .. " :)1/181‬ف قد أ سنده جا عة وأوق فه جا عة والذي أ سنده أح فظ والزيادة من ـهم مقبولة"‪.‬‬
‫ا‪.‬هـ‬
‫و عن روا ية ال طبان التقد مة يقول اليث مي ف "م مع الزوائد" (‪" :)1/344‬رواه ال طبان ف "الكب ـي" ورجاله رجال‬
‫الصحيح‪ ".‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪ )(91‬رواه ابن ماجة ف "السنن" برقم [‪ ]219‬عن أبـي ذر ‪ ..‬وف اسناده عبدال بن زياد البحران تكلموا فيه وعلي بن‬
‫زيد بن جدعان "ضعيف" كما ف "تقريب التـهذيب" لبن حجر (‪ )2/37‬وعليه يكون الديث ضعيفا وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(92‬جاء مـن طريـق أبــي هريرة رواه ابـن ماجـة [‪ ]4112‬والبــيهقي فـ "شعـب اليان" [‪ ]1708‬والعقيلي فـ‬
‫"الضعفاء" (‪ )2/326‬كما رواه أيضا الترمذي ف "سننـه" [‪ ]2322‬بزيادة ‪» :‬أل إن الدنيا ‪.«..‬‬
‫وجاء بلفظ‪» :‬الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إل متعلم خيا ومعلمه« موقوف على كعب رواه الدارمي ف "سننـه" [‬
‫‪ ]322‬وابن أبـي شيبة ف "مصنفه" [‪.]35321‬‬
‫وجاء بل فظ‪» :‬الدن يا ملعو نة ملعون ما في ها إل عال وذ كر ال و ما واله« من طر يق ا بن م سعود رواه ال طبان ف‬
‫"الوسط" وفيه يقول اليثمي ف "ممعه" (‪" :)1/328‬رواه الطبان ف "الوسط" وقال‪ :‬ل يروه عن ابن ثوبان عن عبدة إل‬
‫أبو الطرف الغية بن الطرف‪ .‬قلت‪ :‬ل أر من ذكره‪ ".‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪61‬‬


‫عمله وحسناتـه بعد موتـه علما َعلّمَه ونشره‪ ،‬أو ولدا صالا تركه‪ ،‬أو مصحفا َو ّرثَه‪ ،‬أو مسجدا‬
‫بناه‪ ،‬أو بـيتا لبن السبـيل بناه ‪ ،‬أو نـهرا أجراه‪ ،‬أو صدقة أخرجها من ماله ف صحتـه وحياتـه‬
‫تلحقه ب عد موتـه«(‪» )93‬خي ما يلف الرجل من بعده ثلث‪ :‬ولد صال يدعو له‪ ،‬وصدقة تري‬
‫يبل غه أجر ها‪ ،‬وعلم يع مل ب ـه من بعده«(‪» )94‬علماء هذه ال مة رجلن ر جل آتاه ال عل ما فبذله‬
‫للناس ول يأخذ عليه طمعا ول يشتر بـه ثنا؛ فذلك يستغفر له حيتان البحر ودواب الب والطي ف جو‬
‫السماء‪ ،‬ورجل آتاه ال علما فبخل بـه عن عباد ال وأخذ عليه طمعا واشترى بـه ثنا؛ فذلك يلجم‬
‫يوم القيا مة بلجام من نار‪ ،‬وينادي منادٍ هذا الذي آتاه ال عل ما فب خل ب ـه عن عباد ال وأ خذ عل يه‬
‫طمعا واشترى ب ـه ث نا‪ ،‬وكذلك ح ت يفرغ ال ساب«(‪» )95‬ف ضل العال على العا بد كفضلي على‬
‫أدناكم«(‪» )96‬إن ال وملئكتـه وأهل السماوات وأهل الرض حت النملة ف جحرها وحت الوت‬
‫ف الاء لي صلون على معل مي الناس ال ي«(‪» )97‬يقول ال عزو جل للعلماء يوم القيا مه‪ :‬ا ن ل أج عل‬
‫علمي وحلمي فيكم ال وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ول أبال«(‪ )98‬واضافة العلم واللم‬
‫الذَيْنِ فيهم اليه تعال صريح ف أنـهم كانو عاملي ملصي‪».‬العلم علمان؛ علم ف القلب فذلك العلم‬

‫‪ )(93‬جاء من طريق أبـي هريرة رواه ابن خزية ف "صحيحه" برقم [‪ ]2490‬وابن ماجة برقم [‪.]242‬‬
‫و ف "حل ية الولياء" لب ـي نع يم ال صفهان بر قم [‪ ]2675‬عن أ نس بن مالك قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ » :‬سبع يري‬
‫أجرها للعبد بعد موتـه وهو ف قبه‪ :‬من علم علما‪ ،‬أو أجرى نـهرا‪ ،‬أو حفر بئرا‪ ،‬أو غرس نل‪ ،‬أو بن مسجدا‪ ،‬أو ورّث‬
‫مصحفا‪ ،‬أو ترك ولدا يستغفر له بعد موتـه«‪.‬‬
‫‪ )(94‬جاء من طريق أبـي قتادة رواه ابن خزية ف "صحيحه" برقم [‪ ]2495‬وابن حبان ف "صحيحه" [‪ 93‬و ‪/4882‬‬
‫الحسان] وابن ماجة [‪ ]241‬والطبان ف "الصغي" [‪ ]387‬ـ دون لفظة‪" :‬ثلث" ـ وجاء من طريق أبـي هريرة‬
‫عند الشجري ف "أماليه" (‪.)1/69‬‬
‫‪ )(95‬رواه الطبان ف "الوسط" عن ابن عباس يقول اليثمي ف "ممع الزوائد" (‪ 1/332‬دار الفكر)‪" :‬رواه الطبان ف‬
‫"الوسط" وفيه عبد ال بن خراش ضعفه البخاري وأبو زرعة وأبو حات وابن عدي ووثقه ابن حبان"‪ .‬ا‪.‬هـ ول يعتد بتوثيق‬
‫ا بن حبان إذا تفرد لشت ـهاره بتوث يق الجاه يل وا بن خراش ضع فه أي ضا ال ساجي والن سائي والدارقط ن والو صلي ك ما ف‬
‫"تـهذيب التـهذيب" لبن حجر (‪ /5/177‬العلمية) ولص حاله ف "التقريب" (‪ )1/412‬فقال‪" :‬ضعيف‪ ،‬وأطلق عليه‬
‫ابن عمار‪ :‬الكذاب‪ ".‬ا‪.‬هـ و قال الذهبـي ف "الكاشف" (‪" :)2/74‬ضعفوه" ا‪.‬هـ‪ .‬وعليه فيكون الديث ضعيفا وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫‪ )(96‬جاء من طر يق أب ـي أما مة رواه الترمذي ف " سننـه" بر قم [‪ ]2685‬وال طبان ف "الكب ـي" (‪ 8/233‬بر قم‬
‫‪ .)7911‬ورواه الدار مي ف " سننـه" بر قم [‪ ]289‬عن مكحول مر سل و[‪ ]340‬عن ال سن مر سل أي ضا مع اختلف‬
‫يسي‪.‬‬
‫‪ )(97‬رواه أي ضا الترمذي وال طبان ف الوضع ي التقدم ي ك ما رواه الشجري ف "أمال يه" (‪ )1/54‬كل هم من طر يق أب ـي‬
‫أمامة ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪62‬‬


‫النافع‪ ،‬وعلم ف اللسان فذلك حجة ال على ابن آدم«(‪» )99‬من غدا إل السجد ل يريد ال أن يتعلم‬
‫خيا أو يعل مه كان له كأ جر حاج تاما ح جه«(‪ » )100‬من خرج ف طلب العلم ف هو ف سبـيل ال‬
‫ح ت ير جع«(‪ » )101‬من غدا ير يد العلم يتعل مه ل ف تح له با با إل ال نة وفر شت له اللئ كة أكتاف ها‬
‫و صلت عل يه ملئ كة ال سموات وحيتان الب حر وللعال من الف ضل على العا بد كف ضل الق مر ليلة البدر‬
‫على أصـغر كوكـب فـ السـماء والعلماء ورثـة النبــياء لن النبــياء ل يُ َورّثوا دينارا ول درهاـ‪،‬‬
‫ولكنـهم ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بظ وافر ـ وزاد البـيهقي(‪ :)102‬ـ وموت العال مصيبة لتب‬
‫‪ )(98‬رواه ال طبان ف "الكب ـي" (‪ 2/84‬بر قم ‪ )1381‬من طر يق ثعل بة بن ال كم‪ .‬وجاء بألفاظ مقار بة ع ند ال طبان ف‬
‫"الصغي" برقم [‪ ]582‬عن أبـي موسى الشعري‪ .‬وأبو حنيفة ف "مسنده" ص(‪ /39‬الكتب العلمية) عن ابن مسعود ‪.‬‬
‫والرويان ف "مسند الصحابة" (‪ 1/210‬برقم ‪ )542‬عن أبـي موسى أيضا‪ .‬ورواه العقيلي ف "الضعفاء" (‪ )3/372‬عن‬
‫ابن عباس وابن عدي ف "كامله" (‪ )4/111‬عن أبـي موسى الشعري‪ .‬وتأمل كلم السيوطي ف "اللل الصنوعة" (‬
‫‪ 1/201‬و ‪ 202‬دار الكتب العلمية)‪.‬‬
‫وا بن النجار ف "ذ يل تار يخ بغداد" (‬ ‫‪ )(99‬رواه الط يب البغدادي ف "تار يخ بغداد" (‪ )5/108‬عن جابر بن عبدال‬
‫‪ 17/34‬مع التاريخ) والشجري ف "أماليه" (‪ )1/60‬كلها عن أنس ‪.‬‬
‫ورواه الب ـيهقي ف "ش عب اليان" [‪ ]1825‬من كلم الفض يل بن عياض‪ .‬ك ما رواه الدار مي ف " سننـه" [ ‪ 364‬و‬
‫‪ ]365‬و ابن أبـي شيبة ف "مصنفه" [ ‪ ]34350‬كلها من طريق السن البصري مرسل‪ .‬وأسانيده ل تتمل التصحيح‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(100‬جاء من طريق أبـي أمامة رواه الطبان ف "الكبـي" (‪ 8/94‬برقم ‪ )7473‬وعنـه يقول اليثمي ف "ممعه" (‬
‫‪" :)1/329‬رواه الطـبان فـ "الكبــي" ورجاله موثقون كلهـم"‪ .‬كمـا رواه أبـو نعيـم فـ "حليـة الولياء" (‪)6/102‬‬
‫والشجري ف "أماليه" (‪ )1/56‬ورواه الاكم ف "الستدرك" برقم [‪ ]311‬عن أبـي أمامة بلفظ‪» :‬من غدا إل السجد‬
‫ل يريد إل أن يتعلم خيا أو يعلمه كان له أجر معتمر تام العمرة‪ ،‬فمن راح إل السجد ل يريد إل ليتعلم خيا أو يعلمه فله‬
‫أجر حاج تام الجة«‪ .‬قال الذهبـي ف "تلخيصه" له‪" :‬على شرط البخاري"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫‪ )(101‬جاء من طريق أنس بن مالك رواه الترمذي ف "سننـه" برقم [‪ ]2647‬والطبان ف "الصغي" [‪ ]372‬والجري‬
‫ف "أخلق العلماء" ص(‪ )24‬والعقيلي ف "الضعفاء" (‪.)2/17‬‬
‫وجاء من طريق صفوان بن عسال بلفظ‪ » :‬من غدا يطلب علما كان ف سبـيل ال حت يرجع« رواه الطبان ف‬
‫"الكبـي" (‪ 8/67‬برقم ‪.)7388‬‬
‫وجاء من طريق أبـي هريرة بلفظ‪ » :‬من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيا أو يعلمه كان كالجاهد ف سبـيل ال ‪«..‬‬
‫رواه ا بن حبان ف " صحيحه" بر قم [‪ /87‬الح سان] والا كم ف "ال ستدرك" ر قم [‪ 309‬و ‪ ]310‬وقال عقب ـه‪" :‬هذا‬
‫حديث صحيح على شرط الشيخي فقد احتجا بميع رواتـه ول أعلم علة له‪ .".‬وقال الذهبـي ف "تلخيصه" عليه‪" :‬وهو‬
‫على شرطهما ول أعلم له علة"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫‪ )(102‬الافظ أبو بكر أحد بن السي بن علي بن موسى البـيهقي السروجردي وبـيهق من نواحي نيسابور عال بالديث‬
‫لكنـه غلب عليه النتصار لذهب الشافعي‪ ،‬قال أبو العال الوين‪ :‬ما من شافعي إل وللشافعي عليه منّة إل أحد البـيهقي‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪63‬‬


‫وثلمة ل تُسَد وهو نم طمس‪ ،‬موت قبـيلة أيسر من موت عال«(‪» )103‬نضّر ال امرئ ـ أي رزقه‬
‫النضارة والبـهجة والسن ـ سع مقالت فوعاها فأداها كما سعها؛ فرب حامل فقه إل من هو أفقه‬
‫من ـه‪ ،‬ورب حا مل ف قه ل يس بفق يه‪ ،‬ثلث لي غل علي هن قلب م سلم؛ اخلص الع مل ل‪ ،‬ومنا صحة‬
‫اولة ال مر‪ ،‬ولزوم الما عة فإن دعوت ـهم لت بط ـ و ف روا ية‪ :‬ت فظ من ورائ هم ـ و من كا نت‬
‫الدنيا نيتـه َفرّق ال عليه أمره وجعل فقره بـي عينيه ول يأتـه من الدنيا ال ما كتب ال له‪ ،‬ومن‬
‫كانت الخرة نيتـه جع ال أمره وجعل غناه ف قلبـه وأتتـه الدنيا وهي راغمــة«(‪» )104‬فمن‬

‫فإن له على الشافعي مِنّة لتصانيفه ف نصرة مذهبـه وأقاويله‪ .‬ولد سنة ‪384‬هـ سع الاكم وأبا بكر بن فورك وأبا علي‬
‫الروذباري وغيهم‪ ،‬من تصانيفه‪" :‬السنن الكبى ـ ط" و"دلئل النبوة ـ ط" و"شعب اليان ـ ط" و "الساء والصفات‬
‫ـ ط" وغي ها وتو ف سنة ‪458‬ه ـ‪"( .‬تذكرة الفاظ" للذهب ـي ‪ 3/1132‬ـ "تب ـيي كذب الفتري" ل بن ع ساكر‬
‫‪ 265‬ـ "طبقات الشافعية" للتاج السبكي ‪.)4/8‬‬
‫‪ )(103‬الد يث ب ـهذا التمام رواه الب ـيهقي ف "ش عب اليان" (‪ )2/264‬بر قم [‪ ]1699‬عن أب ـي الدرداء وا سناده‬
‫ضعيف جدا لن فيه خالد بن يزيد بن أبـي مالك وعنـه يقول المام أحد‪ :‬ليس بشيء‪ .‬وقال ابن معي‪ :‬بالعراق كتاب‬
‫ينبغي أن يدفن‪ ،‬وبالشام كتاب ينبغي أن يدفن‪ ،‬فأما الذي بالعراق فكتاب "التفسي" عن ابن الكلبـي عن أبـي صال عن‬
‫ا بن عباس‪ ،‬وأ ما الذي بالشام فكتاب "الديّات" لالد بن يز يد بن أب ـي مالك؛ ل يرض أن يكذب على أب ـيه ح ت كذب‬
‫على أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه وآله و سلم‪ .‬قال ا بن أب ـي الواري‪ :‬وك نت قد سعت من خالد بن يز يد كتاب‬
‫"الديات" فأعطيت ـه ل بن عبدوس العطار فقطّ عه‪ .‬وقال الن سائي‪ :‬ل يس بث قة وقال الف سوي والدارقط ن‪ :‬ضع يف‪ .‬وقال أ بو‬
‫داود‪ :‬ضعيف‪ .‬وقال أيضا‪ :‬متروك الديث‪ .‬وعده جاعة ف الضعفاء كما ف "تـهذيب" ابن حجر (‪ 3/115‬و ‪، )116‬‬
‫وشيخه عثمان بن أين ل أر من ذكره‪.‬‬
‫لكن الذي يتأمل عبارات الديث يد أنـه رواية بالعن لديث‪ » :‬من سلك طريقا يلتمس فيه علما … ال« بتمامه‬
‫الذي تقدم فهو شاهد له‪ ،‬وزيادة‪» :‬موت العال مصيبة ل تب وثلمة …ال« رواها الطبان ف "الكبـي" قال اليثمي ف‬
‫"ممعه" (‪" :)1/473‬رواه الطبان ف "الكبـي" وفيه عثمان بن أين ل أر من ذكره وكذلك اساعيل بن صال‪ ".‬ا‪.‬هـ ـ‬
‫وهي ف القسم الذي ل يطبع من العجم لن أحاديث أبـي الدرداء ليست ف الطبوع ـ ورواها أيضا أبو يعلى ف "مسنده"‬
‫كما ف "الطالب العالية" لبن حجر (‪ )3/133‬لكن يبدو أن هذه الزيادة غي ثابتة لبقاء العلل التقدمة كما يفهم من كلم‬
‫اليث مي‪ .‬وجاء ف معنا ها ع ند الب ـيهقي ف "الش عب" [‪ ]1719‬موقوفا على ا بن م سعود وع ند الدار مي [‪ ]324‬عن‬
‫ال سن قال‪" :‬كانوا يقولون‪ :‬موت العال ثلمة ف السلم ل يسدها شيء ما اختلف الليل والنـهار"‪ .‬ول تصلح أن تكون‬
‫شواهد لتلك الزيادة وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(104‬الديث بـهذا التمام جاء من طريق زيد بن ثابت رواه المام أحد ف "مسنده" برقم [‪ ]21645‬وابن حبان ف‬
‫" صحيحه" [‪ ]679‬والدار مي ف " سننـه" [‪ ]229‬والب ـيهقي ف "ش عب اليان" [‪ 1736‬و ‪ ]1737‬وتام الرازي ف‬
‫"الفوائد" [‪.]1461‬‬
‫و من قوله ‪» :‬ن ضر ال ‪ ....‬ح ت ‪ :‬ت فظ من ورائ هم« جاء من طر يق جب ـي بن مط عم رواه المام أح د [‬
‫‪ 16743‬و ‪ ]16759‬وا بن ما جة ف " سننـه" [‪ ]3056‬والدار مي [‪ 227‬و ‪ ]228‬والا كم ف "ال ستدرك" [‪ 294‬و‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪64‬‬


‫دل على خ ي فله م ثل أ جر فاعله ـ أو قال‪ :‬عامله ـ«(‪» )105‬الدال على ال ي كفاعله وال ي ب‬
‫اغا ثة اللهفان«(‪ » )106‬من د عا إل هدى كان له من ال جر م ثل أجور من تب عه ل ين قص ذلك من‬
‫أجورهم شيئا«(‪.)107‬‬

‫‪ 295‬و ‪ ]296‬وابن حبان ف "الجروحي" (‪.)1/5‬‬


‫ومن طريق زيد بن ثابت رواه ابن ماجة [‪ ]230‬وابن حبان [‪ ]67‬وابن أبـي عاصم ف "سنتـه" [‪.]94‬‬
‫ومن طريق ابن مسعود رواه الترمذي ف "سننـه" [‪ ]2658‬والشافعي ف "مسنده" ص(‪/ 240‬غي الرتّب) والميدي‬
‫ف "م سنده" [‪ ]88‬والبغوي ف "تف سيه" (‪ )2/89‬و من طر يق أ نس رواه المام أح د [‪ .]13355‬و من طر يق أب ـي‬
‫الدرداء عند الدارمي [‪ .]230‬ومن طريق جندرة بن خيشنة عند الطبان ف "ال صغي" برقم [‪ .]292‬ومن طريق‬
‫النعمان بن بشي ف "الستدرك" للحاكم [‪.]297‬‬
‫وقوله‪» :‬من كانت الدنيا ‪...‬ال« دون ما قبلها جاء من طريق أنس بن مالك عند ابن أبـي الدنيا ف جزء "ذم الدنيا"‬
‫[‪ ]399‬وع ند الترمذي [‪ ]2465‬ـ بتقد ي الخرة على الدن يا ـ‪ .‬وجاء من طر يق ز يد بن ثا بت ع ند ال طبان ف‬
‫"الكب ـي" (‪ 5/143‬بر قم ‪ )4891‬وع ند ا بن ما جة [‪ ]4105‬والب ـيهقي ف "الش عب" [‪ ]10338‬والخي ين بل فظ‪:‬‬
‫»من كانت الدنيا هه‪.«..‬‬
‫‪ )(105‬جاء من طريق أبـي مسعود النصاري رواه المام مسلم ف "صحيحه" برقم [‪ ]1893‬والمام أحد ف "مسنده"‬
‫[‪ 17088‬و ‪ 22402‬و ‪ ]22414‬والترمذي [‪ ]2671‬وأبوداود [‪ ]5129‬وابـن حبان [‪ 289‬و ‪ ]1666‬وعبدالرزاق‬
‫ف "مصنفه" [‪ ]20054‬والطيالسي [‪ ]611‬والطبان ف "الكبـي" (‪ 17/225‬ـ ‪ )227‬برقم [‪ 622‬و ‪ 623‬و ‪624‬‬
‫و ‪ 625‬و ‪ 626‬و ‪ 627‬و ‪ ]630‬والبـيهقي ف "السنن الكبى" [‪ 17843‬و ‪ ]17844‬وف "شعب اليان" [‪]7655‬‬
‫والبخاري ف "الدب الفرد" [‪ ]242‬وابن عدي ف "الكامل" (‪ 2/329‬دار الفكر) والعقيلي ف "الضعفاء" (‪.)1/236‬‬
‫‪ )(106‬الد يث بتما مه جاء من طر يق أ نس بن مالك رواه أ بو يعلى ف "م سنده" [م ‪ 1041‬ـ الق صد العلي (زوائده)]‬
‫وا بن أب ـي الدن يا ف جزء "قضاء الوائج" بر قم [‪ .]27‬و من طر يق بريدة رواه تام الرازي [‪ ]1583‬وا بن عدي ف‬
‫"الكامل" (‪ .)3/298‬ومن طريق ابن عباس رواه البـيهقي ف "الشعب" [‪.]7657‬‬
‫أما عبارة »الدال على الي كفاعله« دون ما بعدها فقد رويت من طريق أبـي مسعود النصاري عند المام أحد [‬
‫‪ ]22423‬والطبان ف "الكبـي" (‪ 17/227‬ـ ‪ )228‬برقم [‪ 628‬و ‪ 629‬و ‪ 631‬و ‪ ]632‬والبـيهقي ف "شعب‬
‫اليان" [‪ ]7656‬والقضا عي ف "الشهاب" بر قم [‪ ]86‬والط يب ف "تار يخ بغداد" (‪ )7/394‬وا بن عدي (‪.)2/342‬‬
‫ومن طريق بريدة رواه أحد [‪ ]23091‬وأبوحنيفة ف "مسنده" ص(‪ )226‬والرويان ف "مسند الصحابة" برقم [‪.]6‬‬
‫ومـن طريـق أنـس عنـد الترمذي [‪ .]2670‬ورواه العقيلي فـ "الضعفاء" (‪ )3/306‬عـن سـهل بـن سـعد وطلحـة بـن‬
‫عبـيدال‪.‬‬
‫‪ )(107‬جاء من طريق أبـي هريرة رواه مسلم ف "صحيحه" [‪ ]2674‬والمام أحد ف "مسنده" [‪ ]9184‬والترمذي [‬
‫‪ ]2674‬وأبوداود [‪ ]4609‬وابن ماجة [‪ ]206‬وابن حبان [‪ /112‬الحسان] والدارمي [‪ ]513‬وابن أبـي عاصم ف‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪65‬‬


‫البـــاب الثـــاني‬
‫ســـــــؤال‬ ‫ُّ‬ ‫فـي ال‬
‫وهو لغةً‪ :‬الطلب‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫فلما أبـيتم كان حاكمنا السّ ْمرُ‬ ‫سألناكم قبل الرماح حقوقنا‬
‫وف الصطلح‪ :‬هو ما يَُبرْهَن بـه ف العلم ومنـه اشتقاق السألة ث استعمل لفظ السألة َعلَمَا عامّا‬
‫على طائفة مصوصة من الكلم فهي من أعلم الشخاص كأساء سائر التراجم‪ ،‬وإنا قدّم الُصَنّف هذا‬
‫الباب على الذي يليه لن السؤال سبب للفتوى‪ ،‬والسبب مقدم على مسببـه‪.‬‬
‫والثانــــي‬ ‫(‪()23‬سؤالنا قسمــــــان قســــــم حجـرا‬
‫تفـــــويض المجيــب قررا)‬
‫ينقسم السؤال ـ بالنسبة إل مطالبة الواب ـ إل سؤال حجر وسؤال تفويض؛ فالول نو سؤال‬
‫جرَ على الج يب ال أن ييب ـه‬ ‫الر جل عن العالَم ـ بف تح اللم ـ هل هو مدث أم ل؟ فكأن ـه َح َ‬
‫بأ حد الوجه ي‪ .‬و (التفو يض) هو ن و سؤال الر جل عن الدللة [على حدوث العال فيج يب الج يب‬
‫بأي دللة](‪ )108‬شاء فكأنـه فوضه ف ذلك‪ .‬وف شرح قصيدة فتح بن نوح(‪ )109‬قال‪" :‬وقسّمَه آخرون‬
‫على خسة؛ فقالوا‪ :‬سؤال فائدة‪ ،‬وسؤال تعنت‪ ،‬وسؤال استفهام‪ ،‬وسؤال تقرير‪ ،‬وسؤال إجلل(‪،)110‬‬
‫ومثل هذا من العان فكأنـهم عبوا عن العلة الت بـها سأل السائل؛ إما أن يسئل ليستفهم أو ليتعنّت‬
‫وليس هذا الوجه من أقسام السؤال‪ ،‬وانا هو من أقسام العلة الت لا سأل السائل" (انتـهى)‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ول مانع من تقسيم السؤال إل ما ذكر باعتبار غرض السائل‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫ســـم‬ ‫لــــــــلزم قَ ِّ‬ ‫(‪()24‬وباعتبار الشــــرع في التعبــــــد‬
‫ونفــل تـهتدي)‬
‫ينق سم ال سؤال ـ بالن سبة إل العتبار الشر عي ف التع بد أي التكل يف ـ إل ق سمي؛ لزم ون فل‪،‬‬
‫(فاللزم) هو السؤال عن كل ما ل يسع جهله من دين ال‪ .‬و(النفل) هو السؤال عما عدا ذلك وعبارة‬
‫خرِج السـؤال الكروه والحجور كالسـؤال عمـا ل فائدة فيـه والتجسـس عـن العورات‪ ،‬قال‬ ‫الناظـم ُت ْ‬
‫القاضي ناد(‪ )111‬ف "الكلة وحقائق الدلة"‪" :‬والسؤال سؤالن؛ سؤال مأمور بـه‪ ،‬وسؤال منـهي‬
‫عنـه‪ ،‬فالأمور بـه على ضربـي؛ سؤال عن واجبٍ فهو واجب‪ ،‬وسؤال عن مندوب اليه فهو سؤال‬

‫"سنتـه" [‪.]113‬‬
‫عند ابن ماجة برقم [‪ ]205‬ـ باختلف يسي ـ‪.‬‬ ‫وجاء من طريق أنس بن مالك‬
‫‪ )(108‬ساقطة من (أ) والتكملة من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(109‬يأت عند البـيت رقم (‪.)31‬‬
‫‪ )(110‬ف (أ) ‪ :‬الجلل‪ .‬والتصحيح من (ب)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪66‬‬


‫ندب‪ ،‬ف من اعت قد ترك ال سؤال عن الندوب ال يه ف هو هالك باجاع‪ ،‬وال سؤال الن ـهي عن ـه هو ما‬
‫ُعفِ يَ العباد عن ال سؤال عن ـه م ا ف الب حث عن ـه اياب ح كم أو تر ي أ مر قد كان لول ال سؤال‬
‫حللً‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬ياأيهـا الذيـن آمنوا ل تسـألوا عـن أشياء إن تُبْد َ لكـم‬
‫تسؤكم‪ ..‬الية "الائدة ‪( 101 :‬انتـهى)‪.‬‬
‫أقول‪ :‬الراد ـ بقوله‪ :‬ف من اعت قد ترك ال سؤال عن الندوب ال يه ف هو هالك باجاع ـ أي من اعت قد‬
‫ذلك دينا فانـه ل شك ف هلكه بذلك لنـه دان ل بلف ما أمره بـه وندبـه اليه والتقرب إل‬
‫ال بلف ما أمره بـه هالك اجاعا‪ ،‬وليس الراد بقوله‪ :‬فمن اعتقد ترك السؤال‪..‬ال‪ .‬مَ نْ عزَ مَ على‬
‫تركه‪ ،‬لن العازم على ترك الندوب من غيدينونة بتركه مع تأدية ما وجب عليه وترك ما ُحرّ مَ عليه‬
‫سال اجاعا‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫تناقـــــض أو‬ ‫(‪()25‬أسقط ســـؤال إن أتى خــــــمس بـه‬
‫جـــاء باضطـــرابـه)‬
‫أو كــــونـه من‬ ‫(‪()26‬اثبات أو جمـــــع ســـــؤالين معــــــا‬
‫المحـــــــال وقعا)‬
‫ينقسم السؤال ـ بالنظر إل نفس لفظه ـ إل سؤال صحيح وإل سؤال ساقط؛ فأما السؤال الصحيح‬
‫هو ما خل من هذه الشياء الم سة وح قه أن ياب إل اذا ح صل له ما نع من غ ي لف ظه َكَتعَنّ تِ ف‬

‫‪ )(111‬العلمة القاضي أبو العال ناد بن موسى بن الشيخ ناد بن ابراهيم النحي أحد علماء الباضية من أهل عمان ف القرن‬
‫الامس الجري‪ .‬تتلمذ على علماء عصره ومنـهم القاضي أبو علي السن بن أحد بن نصر الجاري‪ ،‬واشتغل بالعلم حت‬
‫بلغ ف يه مرت بة عل يا وكان قاض يا للمام م مد بن أب ـي غ سان ‪ ..‬و ف ر سالة من أهال الباط نة لذا المام قالوا في ها‪.." :‬‬
‫وعضده بالزبر الضرغام والسيد القمقام والبطل القدام؛ القاضي الجل سيف السلم وعي العلماء والكماء‪ ،‬ذي البصية‬
‫والرشاد والصلح والسداد‪ ،‬البارز يوم اللد أبـي العال ناد بن موسى بن ناد ‪ ..‬ال"‪ .‬ويعد الشيخ ناد أبرز العاقدين‬
‫على المام ممد بن المام خنبش بن ممد بل كان من يشار إليهم بالبنان ف زمن والده المام خنبش وهو الذي كتب عهدا‬
‫للشيخ ناد يقول فيه‪" :‬بسم ال الرحن الرحيم ‪ ..‬هذا ما يقول المام خنبش بن ممد بن هشام للقاضي ناد بن موسى‪ :‬إن‬
‫قد جعلتك قاضيا بالق وحاكما بـي الناس بالعدل‪ ،‬ووليتك جيع أمور عمان برها وبرها وسهولا وجبالا؛ على أن تعمل‬
‫ف هذه الولية الت وليتكها بكتاب ال البار وسنة نبـيه الختار ما انفصل ظلم الليل عن ضوء النـهار‪ .‬فال فاتق وإليه‬
‫ف وعليه فتوكل وبـه فاعتصم ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪ .".‬ا‪.‬هـ ومن مصنفاتـه كتاب‬ ‫فالت ِج وبـه فاكت ِ‬
‫"الكلة وحقائق الدلة ـ خ" يقول السالي ف "اللمعة الرضية"‪" :‬يقال إنـه ف خسة أجزاء ول أجد منـه إل جزءا واحدا‬
‫جع فيه بـي أصول الفقه وأصول الدين وحقق فيه مباحث علم الكلم‪ .".‬وكتاب "الرشاد ـ ؟" ف أصول الدين وكتاب‬
‫"الوالة ـ ؟" وله السية العروفة بـ"سية ناد ـ ؟" ف الرد على الخالفي‪ .‬وكان مقتله ف ‪ 13‬رجب سنة ‪513‬هـ‪.‬‬
‫("السية" لبن مداد ص ‪ 32‬ـ ‪ 33‬ـ "اللمعة الرضية" للسالي ص ‪ 24‬ـ "تفة العيان" للسالي ‪ 1/223‬و ‪ 237‬و‬
‫‪ 244‬ـ "اتاف العيان" للبطاشي ‪ 1/277‬ـ ‪.)278‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪67‬‬


‫ال سائل ون و ذلك‪ ،‬وأ ما ال سؤال ال ساقط ف هو ما كان ف لف ظه أ حد هذه الم سة و هي؛ التنا قض‪،‬‬
‫والضطراب‪ ،‬والثبات‪ ،‬وجع سؤالي متلفي ف سؤال واحد ويطلب لما جوابا واحدا‪ ،‬والسؤال عن‬
‫الحال‪ ،‬فاذا كان ف السؤال أحد هذه المسة كان ساقطا وحقه أن ل ياب‪.‬‬
‫فأ ما ( التنا قض) ف هو أن يكون آ خر ال سؤال مناقضا لوله‪ ،‬مثال ذلك أن يقول ال سائل‪ :‬اذا كان العال‬
‫مدثا فما الدليل علىقدمه؟!‪ .‬أو يقول‪ :‬اذا كان الماد غي متحرك فما الدليل على تركه؟!‪.‬‬
‫وأ ما (الضطراب) ف هو أن يُدْخِل ال سائل ف سؤاله ال عم ف ال خص مثال ذلك أن يقول‪ :‬ما الدل يل‬
‫الذي صار بـه ال َعرَض حركة! وما الدليل الذي صار بـه العال جسما؟! فالعرض أعم من الركة‪،‬‬
‫والعال أعم من السم‪ ،‬وف ادخال كل منـهما ف صاحبـه اضطراب‪.‬‬
‫وأما (الثبات) فهو أن يسأل عن زيادة فائدة والسئول ينفي أصلَ ذلك الشيء؛ مثال ذلك أن يقول‪ :‬ما‬
‫الدل يل على ثبوت رؤ ية ال ف الخرة؟!‪ .‬وال سئول ين في الرؤ ية أ صل‪ .‬و ما الدل يل على خروج أ هل‬
‫الكبائر من النار؟!‪ .‬والسئول ليقول بذلك‪.‬‬
‫وأما (جع السؤالي معا) فهو أن يسأل عن شيئي متلفي ويريد لما علة واحدة ودليل واحدا ف الوجه‬
‫الذي اختلفا فيه‪ ،‬مثال ذلك أن يقول‪ :‬ما العلة الت صار بـها السم مؤلفا والعرض مضمحل؟!‪ .‬وما‬
‫الدليل على حدوث العال وصدق الرسل؟!‪.‬‬
‫وأما السؤال عن (الحال) فهو أن يسأل عن شيء ُيحِيل العقل وجوده‪ ،‬مثال ذلك أن يقول‪ :‬هل يقدر‬
‫ال أن يلق له شريكا؟!‪ .‬وهل يقدر ال أن يعل النسان ناطقا صامتا ف حالة واحدة؟!‪.‬وال أعلم‪.‬‬
‫(فصــــــل)‬
‫في اللفاظ الممتنع بـها السؤال عن المولى‬
‫جل وعل‬
‫من‪ ،‬أَي‪ ،‬متى عـــن ربنا‬ ‫َ‬ ‫(‪()27‬امنع بكيف‪ ،‬لِم‪ ،‬وهـــــل سؤال‬
‫تعالى)‬
‫عن هيئـــة‪ ،‬وعلـــــة لِم‬ ‫من أين‪ ،‬وكم؛ فكيفـــــا‬ ‫(‪()28‬أين‪ ،‬و ِ‬
‫تلفــا)‬
‫يتنـع السـؤال عـن ال عزوجـل بأشياء لدللتــها على معنـ حادث‪ ،‬فالسـؤال بــها مـن خواص‬
‫الادثات‪ ،‬وتلك الشياء هي؛ كيف‪ ،‬و لِ مَ ـ بكسر اللم وفتح اليم ـ وتسكينـه ف الشعر شائع‬
‫لستقامة الوزن‪ ،‬وهَل‪ ،‬ومَن ـ بفتح اليم ـ‪ ،‬وأي ـ بفتح المزة ـ‪ ،‬ومت‪ ،‬وأين‪ ،‬ومِن أين‪ ،‬وكم‪.‬‬
‫فهذه تسعة ألفاظ وترك عاشرا وهو(ما)وهي سؤال عن ماهية الشيء أي حقيقتـه‪ ،‬وكل واحدة من‬
‫هذه اللفاظ لا معن بلف غيها ولا جواب بلف جواب الخرى‪ ،‬وكلها غي جائز ف حق الول‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪68‬‬


‫جل وعل وكذلك ل توز هذه اللفاظ سؤال عن صفاتـه الذاتية لن صفاتـه هي ذاتـه ل غيها‬
‫ـ كما يأت ان شاء ال ـ فكل ما ليوز ف حقه تعال ليوز ف صفاتـه الذاتية لا تقدم‪.‬‬
‫واختلف ف السؤال بِلِمَ من هذه اللفاظ عن صفاتـه الفعلية فأجازه قوم ومنعه آخرون‪ ،‬والنع مذهب‬
‫المام أبـي عبدال ممد بن مبوب(‪ )112‬ـ رحه ال ـ‪ ،‬وقيل ان كان السؤال بـها عن الصفات‬
‫الفعلية انكارا لفعله تعال فل يوز‪ ،‬وان كان َتعَلّمَا وَتفَهّمَا واستدللً على قدرتـه تعال فذلك جائز‪،‬‬
‫سأل عمـا يفعـل وهـم يسـألون‬
‫النبــياء ‪23 :‬‬ ‫واح تج القائلون بال نع بقوله تعال‪ :‬ل ي ُـ ْ‬
‫وسيأت الفرق بـي الصفات الذاتية والفعلية عند ذكر الناظم لا ان شاء ال‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬فكيفا عن هيئة) هذا شروع ف الكلم على تفصيل معان هذه اللفاظ أي فكيف سؤال يطلب‬
‫ب ـها(‪ )113‬تعي ي اليئة؛ و هي الالة ال ت علي ها ال سئول عن ـه‪ ،‬فاذا قل َ‬
‫ت مثل‪ :‬ك يف ز يد؟‪ .‬فكأ نك‬
‫سألت عن حالتـه فيقال لك صحيح أو سقيم أو حيّ أو ميت‪ ،‬وهذا كله غي جائز ف حقه تعال‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬وعلة لِم تل فا) أي تو جد‪ ،‬قال تعال‪ :‬انــهم ألفوا أبائهـم ضاليـن ال صافات ‪ 69 :‬أي‬
‫وجدوا‪ ،‬والعلة هي الت لجلها يكون ذلك الشيء يعن أ نّ لِ مَ سؤال عن علة ـ وهي مركبة من لم‬
‫الر وما الستفهامية فحذف ألفها بدخول حرف الر عليها كما ف القانون النحوي ـ‪.‬‬

‫‪ )(112‬العلمة أبو عبدال ممد بن مبوب بن الرحيل بن سيف بن هبـية القرشي الزومي‪ ،‬من علماء الباضية العمانيي ف‬
‫القرن الثالث الجري‪ .‬وهو سليل العلمة الكبـي مبوب بن الرحيل فهي أسرة علم وصلح‪ ،‬يقول الشيخ البطاشي‪" :‬شيخ‬
‫السلمي ومرجعهم ف الرأي والفتوى وكان مضرب الثل ف العلم والزهد والتقوى‪ ".‬ولد ف صحار ون شأ بـها أيام دولة‬
‫المام العادل غسان بن عبدال وتألق نمه أيام المام الصلت بن مالك حيث كان على رأس العلماء الذين عقدوا له البـيعة‬
‫سنة ‪237‬هـ وتقلد له القضاء على مدي نة صحار وتوابع ها‪ .‬ون ـهل من معارف والده ف بدا ية المر ث تابع تعلي مه عند‬
‫الشيخ موسى بن علي الزكوي وتزوج من ابنتـه الت رجع بـها إل بلده صحار‪ .‬وتلميذه كثر منـهم ولداه العلمتان‬
‫بشي وعبدال‪ ،‬والشيخ عزان بن الصقر والعلمة أبو الؤثر الصلت بن خيس والعلمة الفضل بن الواري والشيخ أبو جابر‬
‫ممد بن جعفر الزكوي‪ .‬ومن مسائله الفقهية الت شهرت عنـه ما ذكره العلمة العوتبـي ف "الضياء" قال‪" :‬قيل لا دخل‬
‫أهل الند ف السلم قال لم ممد بن مبوب‪ :‬اذهبوا فصلوا وقولوا (سبحان ال) ف قيامكم وركوعكم وسجودكم؛ حت‬
‫تتعلموا ‪."..‬‬
‫وله كتاب ي قع ف سبعي جزءا ـ مفقود ـ قال ال سالي ف "اللم عة الرض ية" ص (‪" :)19‬وكتاب م مد بن مبوب‬
‫يذكرون أن ـه سبعون جزءا قال البادي‪ :‬رأ يت من ـه جزءا وا حد‪ ".‬ا‪.‬ه ـ وله ب عض ال سائل النثورة مبثو ثة ف الوا مع‬
‫الفقهية الت دونـها العلماء بعده كما توجد له رسالة ضمن "السي والوابات" (‪ 223 /2‬ـ ‪ .)268‬وكانت وفاتـه ف‬
‫ظل دولة المام الصلت بن مالك ف الثالث من مرم سنة ‪260‬هـ‪.‬‬
‫("السية" لبن مداد ص ‪ 30‬ـ "الفتح البـي" لبن رزيق ص ‪ 233‬ـ "اللمعة الرضية" للسالي ص ‪ 19‬ـ "اتاف‬
‫العيان" للبطاشي ‪.)1/191‬‬
‫‪ )(113‬ف (ب) ‪ :‬بـه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪69‬‬


‫وأي لشــــركة وأجزا‬ ‫(‪()29‬وهل لتصديق‪ ،‬ومن عن جــــنس‪،‬‬
‫النفس)‬
‫من أيــــن‬ ‫أين‪ ،‬و ِ‬ ‫(‪()30‬متى ســــؤال جـــاء عن زمــــان‪،‬‬
‫عن المــكان)‬
‫فـــرد قديم قاهــــــر‬ ‫(‪()31‬وكــــم ســـــؤال عــــدد‪ ،‬وانـه‬
‫سبحـانـه)‬
‫هل سؤال يطلب ب ـها التصديق(‪ )114‬و هو طلب الن سبة بلف التصور فان ـه طلب التعي ي بعد‬
‫(‪)115‬‬

‫العلم بالن سبة وله من الدوات ما عدا هل‪ .‬وقوله‪( :‬و من عن ج نس) أي سؤال يراد ب ـه تشخ يص‬
‫النس‪ ،‬فقولك‪ :‬مَن هذا؟ تريد تشخيصه ونسبتـه‪ .‬ومَ نْ جبيل؟ تريد مِن أي جنس هو‪ ،‬فيقال لك‪:‬‬
‫انـه من جنس اللئكة‪ ،‬وإل هذا قصد اللعي ف سؤاله لوسى ـ عليه السلم ـ حي قال‪ :‬فمن‬
‫ربكما يا مـوسى طه ‪ 49 :‬أراد من أي جنس‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬وأي لشركـة‪..‬ال البــيت) يعنـ أن أي سـؤال عمـا ييـز التشاركيـ كقوله تعال‪ :‬أي‬
‫الفريقيـن خيـر مقامـا مريـ ‪ 73 :‬أي أن ن أم أ صحاب م مد لن ـهما شريكان ف الفريق ية‪،‬‬
‫ويسأل بـها أيضا عن أجزاء النفس كقولك أي أجزاء زيد أحسن؟‪ .‬فيقال لك‪ :‬وجهه أو يده أو نو‬

‫‪ )(114‬التصديق عند الناطقة هو‪ :‬ادراك تتصور فيه شيئي مفردين بـينـهما علقة ما‪ ،‬كأن تتصور أن (الشجرة خضراء) أو‬
‫أن (الش مس مضيئة) أو أن صديقك (م مد ي ضر اليوم) ‪...‬ال‪ ،‬فأ نت ف كل هذه الدراكات تت صور شيئ ي ب ـينـهما‬
‫علقة‪ ،‬أو بعبارة أخرى تكم بشيء على شيء‪ ،‬ففي مثال الشجرة تكم بالخضرار على الشجرة‪ ،‬ومثل هذا الكم يسمى‬
‫ف النطق التصديق‪ ،‬فالتصديق ادراك لمرين معا وفيه حكم بشيء على شيء وهذا يعن أن التصديق يشتمل على تصورين‬
‫ومن علقة تربط هذين التصورين‪"( .‬مدخل لدراسة النطق القدي" د‪ .‬أحد الطيب ص ‪ 11‬ـ "البصائر النصيية" للساوي‬
‫ص ‪.)26‬‬
‫‪ )(115‬الت صور ع ند الناط قة هو‪ :‬ادراك ب سيط لع ن ش يء مفرد م ثل (كتاب) و (من ـزل) و (ر جل) أو ما شئت من العا ن‬
‫الفردة ال ت ت طر ببالك ح ي ت سمع عن ـها فأ نت ح ي ت سمع لف ظة (جام عة) فا نك تتخ يل مبنً يشت مل على العد يد من‬
‫الكليات والقاعات وب ـه أ ساتذة وطلب ـه ويتوى على و سائل للكتا بة مع جلة من الك تب‪ .‬وهذا هو الذي يعرف ع ند‬
‫الناطقة بالتصور وهو لشيء مفرد فأنت هنا تصورت معن جامعة فقط‪ ،‬ولو اضفت إليها معن آخر لصبح تصديقا كما لو‬
‫قلت‪( :‬جامعة اسلمية) فانك هنا تتصور لوازم الامعة مع وصفها بأنـه اسلمية وهو شيء يتلف عن الامعة لكن صارت‬
‫بـينـهما علقة وهذا هو التصديق ـ وقد تقدم ـ أما التصور فهو لشيء مفرد فقط‪.‬‬
‫يقول الفخر الرازي ف "شرح عيون الكمة" (‪" :)1/43‬اعلم أنا إذا أدركنا أمرا من المور‪ ،‬فإن ل نكم عليه بكم البتة‬
‫نف يا كان أو اثبا تا فذاك هو الت صور‪ .‬وان حكم نا عل يه ب كم نف يا كان أو اثبا تا فذاك هو الت صديق"‪ .‬ا‪.‬ه ـ ("شرح عيون‬
‫الكمة" للرازي ‪ 1/43‬ـ "مدخل لدراسة النطق القدي" د‪ .‬أحد الطيب ص ‪ 11‬ـ "البصائر النصيية" للساوي ص ‪.)26‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪70‬‬


‫ذلك‪ .‬وقوله‪( :‬م ت سؤال) أي لف ظة م ت سؤال يطلب ب ـها تعي ي الزمان ماض يا كان أو م ستقبل‪،‬‬
‫كقولك‪ :‬مت كان هذا؟‪.‬فيقال لك‪ :‬أمس‪ .‬أو مت يكون؟ فيقال لك‪ :‬غدا‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬أ ين‪ ..‬ال الب ـيت) يع ن أن أ ين ومِن أ ين ـ بك سر ال يم ـ سؤالن يطلب ب ـهما تعي ي‬
‫الكان‪ ،‬قال السيوطي(‪ )116‬ف "شرح عقوده"‪:‬ـ "قال الشيخ بـهاء الدين(‪ :)117‬والفرق بـي أين ومِن‬
‫أ ين؛ أنّ أ ين سؤال عن الكان الذي حل ف يه الش يء ومِن أ ين سؤال عن الكان الذي برز من ـه‬
‫الشيء"‪(.‬انتـهى)‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬و كم) أي لف ظة كم سؤال يطلب ب ـها تعي ي العدد كقوله تعال‪ :‬كـم لبثتـم قالوا‬
‫لبثنـا يومـا أو بعـض يوم الكهـف ‪ 19 :‬فهذه اللفاظ كلهـا يتنـع السـؤال بــها عـن الباري‬
‫سـبحانـه‪ ،‬وكذلك مـا كان بعناهـا (كأنّىـ) {فانــها تارة بعنـ كيـف كقوله تعال‪ :‬فأتوا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حرثكم أن ّى شئتم البقرة ‪ 223 :‬وأخرى بعن من أين كقوله تعال‪ :‬أن ّى لك هذا آل عمران‬

‫‪ 37 :‬أي مـن أيـن لك هذا‪.‬و(كأيّان) فإنــها بعنـ متـ مطلقا عنـد النحوييـ نوـ قوله تعال‪:‬‬
‫يسئلونك عن الساعة أيَّان مرساها العراف ‪ 187 :‬أي مت‪ ،‬وكقوله تعال‪ :‬يسأل‬
‫أيان يوم القيامـة القيا مة ‪ 6 :‬أي م ت يكون‪ .‬و(كح ت) فان ـها بع ن إل م ت يكون هذا الش يء‬
‫قال ف "شفاء الائم على بعض الدعائم"‪:‬ـ "‪..‬وقد قالوا إن السؤال كله عن تسعة أشياء أولا السؤال‬
‫بــهل وهـو لنـك اناـ تسـأل أول عـن عدم الشيـء ووجوده وجوابــه موجود أو معدوم‪ ،‬فان قال‬
‫معدوم فقد بطل وان قال موجود فحينئذ تسأل با هو‪ ،‬وانا تسأل بـها عن النس خاصة فتقول‪ :‬ما‬

‫‪ )(116‬العل مة أ بو الف ضل جلل الد ين ع بد الرح ن بن أب ـي ب كر بن م مد بن سابق الضيي ال سيوطي من كبار علماء‬
‫الشافع ية ف وقت ـه ولد سنة ‪849‬ه ـ ون شأ ف القاهرة يتي ما ح يث تو ف و هو ف سن الام سة‪ ،‬وكان الكمال بن المام‬
‫النفي صاحب "فتح القدير" أحد الوصياء عليه‪ ،‬توف سنة ‪911‬هـ وصلى عليه الشعران بالقاهرة‪ .‬أما تصانيفه فأكثر من‬
‫أن تصى قيل بلغت ستمائة مصنف ما بـي رسالة صغية وملدات ومن أشهرها "الدر النثور ـ ط" ف التفسي‪ ،‬والنصف‬
‫الول من "تفسي الللي ـ ط" و"التقان ف علوم القرآن ـ ط" و "تدريب الراوي ـ ط" ف مصطلح الديث و "الل‬
‫الصنوعة ف الحاديث الوضوعة ـ ط" وغيها كثي‪( .‬تقدمة الشيخ عبد الوهاب عبداللطيف على "تدريب الراوي" ‪1/10‬‬
‫ـ ‪ 29‬ـ "العلم" للزركلي ‪ 3/301‬ـ "مسالك النفا" للسيوطي ضمن "الاوي للفتاوي" ‪.)2/229‬‬
‫‪ )(117‬قاضي القضاة بـهاء الدين عبدال بن عبدالرحن بن عبدال بن ممد القرشي الاشي الشهي بـ ابن عقيل ـ نسبة إل‬
‫عقيل بن أبـي طالب ـ المذان الصل والصري النشأة والوفاة ولد بالقاهرة سنة ‪698‬هـ وهو من كبار أئمة النحو حت‬
‫قال عنـه ابن حيان‪ :‬ما تت أدي السماء أنى من ابن عقيل‪ .‬تول قضاء الديار الصرية فترة ‪ ..‬له "شرح ألفية ابن مالك" ف‬
‫النحو متداول مشهور‪ ،‬و "التعليق الوجيز على الكتاب العزيز" تفسي ل يكمله و "الامع النفيس" ف فقه الشافعية ل يتمه‪،‬‬
‫و"الساعد ـ خ" شرح التسهيل ف النحو‪ ،‬وغيها وكانت وفاتـه بالقاهرة سنة ‪769‬هـ‪"( .‬العلم" للزركلي ‪ 4/96‬ـ‬
‫تقدمة الشيخ مي الدين عبد الميد على "شرح ابن عقيل" ‪.)1/7‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪71‬‬


‫هو ؟‪ .‬تعن أي جنس هو‪ ،‬فيقال‪ :‬إنـه مدث‪ ،‬جسم‪ ،‬حيوان‪ ،‬إنسان‪ ،‬عرض‪ ،‬حركة‪ ،‬سكون‪ .‬فإذا‬
‫سأل بَن؛ فإنا يسأل عن انسان خاصة‪ ،‬فيقال له‪ :‬أعرابـي‪ ،‬تركي‪ ،‬أخ‪ ،‬ابن‪ .‬فإذا سأل بأي فإنا سأل‬
‫عن قصد واشارة‪ ،‬فيقال له‪ :‬هذا وذاك‪ .‬فإذا سأل عن كم هو ؟ فإنا سأل عن عدد‪ ،‬فيقال له‪ :‬واحد‬
‫اثنان ثلثة‪.‬فإذا سأل بكيف؛ فإنا سأل عن حال وصفة‪ ،‬فيقال له‪ :‬حيّ أو ميت‪ ،‬أبـيض أو أسود‪،‬‬
‫حلوٌ أو حامض‪.‬‬
‫فإذا سـأل بأيـن؛ فإناـ سـأل عـن مكان فيقال له‪ :‬فـ مكان كذا وكذا بالشرق أو بالغرب أو بكـة أو‬
‫بالدينة‪ .‬فإن‪ :‬سأل لِمَ كان ؟‪ .‬فإنا سأل عن علة‪ ،‬فيقال له لعلة كذا وكذا‪.‬فإذا سأل بت فإنا سأل عن‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪72‬‬


‫زمان ماض أو مستقبل‪ ،‬فيقال له‪ :‬كان ف المس أو يكون غدا؛ وقد ذكرها أبو نصر النفوسي(‪ )118‬ف‬
‫بـيت فقال‪:‬‬
‫وتسع سـؤالت عـن ال فانْفِهـا سأجعها ف البـيت نظما على ضمن‬
‫فهل‪ ،‬من‪ ،‬أي‪ ،‬كيف‪ ،‬أين‪ ،‬مت‪ ،‬لِمَ وتاسعهـا كـم فاحـرز وتفطن‬
‫انتـهى"‪ .‬وقول الناظم‪( :‬وأنـه فرد‪..‬إل آخره) أتى بالب مؤكدا لقتضاء القام ذلك؛ فإنـه لا ذكر‬
‫أول اللفاظ الت ل توز على ال سبحانـه سارع ف تنـزيهه عن كل ما ل يليق بـه فحسن تأكيد‬
‫ال ب وقوله‪( :‬فرد) لشر يك له ول أجزاء في سأل عن ـه ب كم وأي‪ ،‬وقوله‪( :‬قد ي) أي سابق على كل‬
‫ش يء فل ي سأل عن ـه بك يف‪ ،‬ول ج نس في سأل ب ن‪ ،‬ول حادث في سأل عن ـه بِل مَ وم ت‪ ،‬وقوله‪:‬‬

‫‪ )(118‬العلمة أبو نصر فتح بن نوح اللوشائي‪ ،‬من علماء الباضية عاش ف النصف الول للقرن السابع الجري وولد ف مدينة‬
‫(تلوشايت) من ضواحي "نفوسة" ف ليبـيا حاليا‪ ،‬تلقى البادئ الولية ف بـيتـه ث انتقل إل الدرسة الكبى الت كان‬
‫يشرف عليها خاله أبو يي زكريا بن ابراهيم فكان نعم التلميذ لنعم الستاذ‪ ،‬وله على أستاذه هذا مرثية رائعة وكان أبو نصر‬
‫لغو يا ح ت أن ـه قرظ كل ما أل فه شعرا‪ .‬قال الش يخ علي مع مر‪" :‬بلغ ف الدرا سة مبل غا ل ي صله إل القل يل من عباد ال‬
‫الختارين؛ ثقافة واسعة وخلق رضي‪ ،‬وإيان قوي وشدة ف دين ال‪ ،‬وقيام بالق ل يقوم بـه إل عدد ضئيل من أصحاب‬
‫البدأ والد ين والضم ي‪ .‬إذا ترا فع إل يه الناس للخ صومة ج عل ب ـينـه وب ـينـهم سترا من باب أو جدار أو غيه ح ت ل‬
‫يغلبـه الياء فيميل مع أحدهم ‪ ..‬أما ليله الذي يبتدئ بعد نـهاية الدروس الت يلقيها ف السجد بعد صلة العشاء لعموم‬
‫الناس‪ ،‬ف قد كان يق سمه ق سمي؛ ق سم لذاكرة العلوم ومراج عة ال سفار الضخ مة والتحق يق العل مي الذي يتاج إل يه‪ .‬وأ ما‬
‫القسم الخر فخاص بعبادة ربـه يناجيه فيه ويستلهمه الداية والتوفيق والبكة‪ ،‬وعند الصباح كان يشتغل بالتدريس لينشئ‬
‫جيل من الشباب الوا عي يتح مل عن ـه ر سالة ال سلم"‪ .‬ا‪.‬ه ـ من آثاره‪" :‬الق صيدة النون ية" أجود التون ف العقيدة ع ند‬
‫إباضية الغرب ـ وهي مدرجة ف نـهاية كتاب "الدعائم ـ ط" لبن النضر ـ وقام بشرحها العلمة الكبـي أبو طاهر‬
‫اساعيل بن موسى اليطال ول يزال شرحه مطوطا‪ ،‬وشرحها العلمة ضياء الدين الثمين ف كتابـه "النور ـ ط‪ /‬حجرية"‪،‬‬
‫وله "منظومة رائية" ف فقه الصلة ـ مع "الدعائم" أيضا ـ وله قصيدة "نونية" ف قضية خلق القرآن‪ ،‬وله قصائد ف الوعظ‪،‬‬
‫وف أيامه أو قبله بقليل ورد كتاب "الل والصابة" لبن وصاف وهو شرح على كتاب "الدعائم" فأصلح ما حرفه النساخ‬
‫وأنشد عليه أبـياتا‪ ..‬ومن أبـياتـه ف "النونية" ف العقيدة يقول‪:‬‬
‫بفقـــه العـاش مولعي بألسـن‬ ‫"نظـرت إلـى قـرائنـا فوجدتـهـم‬
‫صعـاب وما فيهـا ثــار لن ين"‪.‬‬ ‫تنـاسوا أصـول الـدين من أجل انـها‬
‫ويقول ف "رائيتـه" ف فقه الصلة‪:‬‬
‫لدنيـا وأخـرى عامـل بالتشمــر‬ ‫"أحـب فت ماضي العزيـة حازمـا‬
‫ول بالثــوم الراكـد التــدثـر"‪.‬‬ ‫وأمـا أخو النـومات ل مرحبا بـه‬
‫("السي" للشماخي ‪ 2/189‬ـ ‪ 190‬ـ"الباضية ف موكب التاريخ" اللقة الثانية (الباضية ف ليبـيا) القسم الثان ‪97‬‬
‫ـ ‪ 101‬للشيخ علي يي معمر ـ والنظومتي "النونية" و"الرائية" ف نـهاية كتاب "الدعائم" لبن النضر العمان ص ‪139‬‬
‫ـ ‪.)211‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪73‬‬


‫(قاهر) أي غالب لمكان له(‪ )119‬يويه فيسأل عنـه بأين ومِن أين‪ ،‬وقوله‪( :‬سبحانـه) أي تنـزيها‬
‫له عن ما ل يليق بـه تعال عن جيع ذلك علوّا كبـيا‪.‬‬

‫‪ )(119‬والعلو السـي الذي يعتقده البعـض والذي رفضـه الكثيـ مـن العلم على اختلف مذاهبــهم يرده فـ هذا الزمـن‬
‫ـ مـن التقدميـ العلمـة أبـو يعقوب الوارجلنـ فـ "الدليـل‬ ‫اكتشاف أن الرض كرويـة وإن كان قـد نبــه على هذا أيض ا‬
‫والبهان" وا بن حزم الندل سي ف "الف صل" إل أن ب عض الناس يعت قد أن الرض م سطحة وأن ال سماء فوق ها وأن العرش‬
‫والذات العل ية فوق ذلك ك ما هو ت صور الناس ف الزم نة الغابرة‪ ،‬وهذا تنكره اليئة ال ت خلق ال تعال علي ها هذه الب سيطة‬
‫ويردها العلم الديث ففكرة العلو مردودة بـهذا المر الذي ل ماحكة فيه‪ ،‬فاختلف جهة العلو على مستوى بلدان العال‬
‫ل انفكاك عن ـه لكرو ية الرض‪ ،‬ف من تش بث بفكرة العلو ال سي فليب ـي أي اتاه ير يد العلو أ هو الذي يتنا سب مع بلد‬
‫ال صي واليابان أم العلو الذي الذي يتنا سب مع بلد الزائر والغرب فإن علو هذا معا كس لعلو ذاك‪ ،‬فلي فق من يز عم غ ي‬
‫هذا‪ ،‬وأدلة الباض ية وب عض الشاعرة ف ن في العلو ال سي وإرادة العلو العنوي مب سوطة ف كتب ـهم ان ظر (معال الد ين)‬
‫للعلمة الثمين (‪ 1/172‬ط التراث)‪.‬‬
‫ولف ظة (أ ين ال) ف حد يث الار ية الذي ي ستدل ب ـه الب عض رد علي ها العلماء بأن ـها شاذة وذلك لورود روايات لتلك‬
‫الواقعة من طرق صحيحة يقول لا النبـي فيها‪» :‬أتشهدين أن ل إله إل ال؟« بدل من لفظة‪( :‬أين ال)‪ .‬الت أتت من‬
‫رواية الديث بالعن عند ناقلها وقد روى حديث الارية بلفظ‪» :‬أتشهدين أن ل إله إل ال؟«‪ .‬من طرق صحيحة عند‬
‫المام أحد ف "مسنده" برقم [‪ ]15749‬والمام مالك ف "الوطأ" ص(‪ 777‬ـ ط‪.‬عبدالباقي) والدارمي ف "سننـه" برقم‬
‫[‪ ]2348‬والطبان ف "الكبـي" برقم [‪ ]12369‬وعبدالرزاق ف "مصنفه" برقم [‪ 16814‬و ‪ ]16815‬وغيهم وعن‬
‫سند المام أحد يقول اليثمي ف "ممع الزوائد" (‪" :)4/445‬رواه أحد ورجاله رجال الصحيح"‪.‬‬
‫وجاء أي ضا بطرق ثاب تة بل فظ‪ »( :‬من ر بك؟«‪ .‬قالت‪ :‬ال)‪ .‬ف قد روا ها ب ـهذه اللف ظة المام أح د ف "م سنده" بر قم [‬
‫‪ 19474‬و ‪ 19484‬دار الكتب العلمية] وابن حبان ف "صحيحه" [‪ 1207‬ـ زوائده‪ :‬موارد الظمآن] وهي ف ترتيبـه‬
‫"الح سان" بر قم [‪ ]4296‬والن سائي ف "ال سنن ال صغرى" (‪ )6/252‬بر قم [‪ ]3653‬والب ـيهقي ف "ال كبى" بر قم [‬
‫‪ ]15266‬والطبان ف "العجم الكبـي" (‪ )7/320‬برقم [‪ ]7257‬وف (‪ )17/136‬برقم [‪.]338‬‬
‫وأما رواية‪( :‬أين ال؟‪ .‬قالت‪ :‬ف السماء أو فأشارت إل السماء)‪ .‬الت ف "صحيح مسلم" فهي مدرجة فيه من توهم أن فيه‬
‫نقصا ولذا فهي ليست ثابتة يدلك على هذا قول البـيهقي ف "الساء والصفات" ص(‪" :)422‬قد أخرجه مسلم مقطّعا من‬
‫حديث الوزاعي وحجاج الصواف عن يي بن أبـي كثي دون! قصة الارية!!"‪ .‬والبـيهقي ل يشتري كتابـه من الطابع‬
‫والكتبات بل كانوا يتلقون مثل هذه الكتب بالسماع عن الشيوخ ويعرضونـها عليهم‪ ،‬على الصوص إذا كان المر يتعلق‬
‫بالصحيحي فيكون كلمه حجة هنا‪.‬‬
‫وعلى تقد ير ثبوت ـها ف يه فهي شاذة‪ ،‬ولو ق يل ك يف تكون روا ية شاذة و هي ف " صحيح مسلم"! فالواب أن هناك بعض‬
‫الروايات الت حكم عليها العلماء بالشذوذ منـها ما هو ف "صحيح" مسلم كرواية‪" :‬ث يطوي الرضي بشماله!"‪ .‬برقم [‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪74‬‬


‫‪ ]2788‬فقد حكم بعضهم بشذوذ لفظة‪" :‬بشماله" بن في هم اللبان ف "تريج الصطلحات الرب عة الواردة ف القرآن"‬
‫للمودودي‪.‬‬
‫و قد تكلم الكوثري با سهاب عن روا ية (أ ين ال) ف تعلي قه على "ال سيف ال صقيل (أعيـد طباعتـه فـ الكتبـة الزهريـة للتراث – القاهرة)" للت قي‬
‫السبكي ص(‪ 94‬ـ ‪ )95‬وللسيد حسن بن علي السقاف رسالة مطبوعة بعنوان "تنقيح الفهوم العالية با ثبت وما ل يثبت‬
‫ف حد يث الار ية" أفاض في ها عن ملب سات هذه الروا ية‪ ،‬وله أيضا تعليقات قي مة على كتاب "العلو للعلي الغفار" للذ هب‬
‫أبطل فيه النصوص الت يتج بـها الجسمة ف إثبات العلو السي للذات العلية‪ ،‬فلياجعها من شاء وال الستعان‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪75‬‬


‫البــــاب الثالـــث‬
‫فـي الجتـهــاد والفتــوى‬
‫(الفتوى) ـ بالواو مع فتح الفاء‪ ،‬وبالياء مع ضم الفاء ـ هي تبـيي الق للسائل‪ ،‬وأما (الجتـهاد)‬
‫فهو استفراغ الفقيه الوسع ف تصيل حادثة بشرع‪ .‬ولـمّا كان مستمد الجتـهاد والفتوى الصول‬
‫الثلثة بل خلف}(‪ )120‬بدأ بـها فقال‪:‬‬
‫إجمــــــاع بعـــــدَ‬ ‫(‪()32‬والصل للفقـــــه كتـــاب الباري‬
‫سنـــة المختـار)‬
‫أصول الفقه ثلثة‪ :‬كتاب ال‪ ،‬وسنة رسول ال ‪ ،‬واجاع الهتدين من المّة؛ فأما الكتاب‪ :‬فلنـه‬
‫معجز وهو من عند ال ول شك ول يسع جهله بل ول الشك فيه لن قامت عليه حجتة‪ .‬واختلف ف‬
‫وجه اعجازه هل هو من حيث التراكيب على أنـه أفحم البلغاء فيها‪ ،‬أو من حيث الخبار بالغيب‪ ،‬أو‬
‫من حيث اخباره عن المم الالية‪ ،‬أو من حيث عدم التناقض فيه مع طوله‪ ..‬أقوال؛ والظاهر أن كل‬
‫ذلك معجز‪.‬‬
‫وأما السنة‪ :‬فلثبوت أصلها من الكتاب قال تعال‪ :‬من يطع الرسول فقد أطاع الله‬
‫النسـاء ‪. 80 :‬وقال‪ :‬ومـا ينطـق عـن الهوى ان هـو ال وحـي يوحـى النجـم ‪. 3 :‬‬
‫الشـر ‪7 :‬‬ ‫وقال‪ :‬ومـا آتاكـم الرسـول فخذوه ومـا نــهاكم عنــه فانتــهوا‬
‫‪.‬وقال‪ :‬وما أرسلنا من رسول ال ليطاع بإذن الله النساء ‪. 64 :‬‬
‫وأ ما الجاع‪ :‬فلثبوت أ صله من الكتاب وال سنة؛ ف من الكتاب قوله تعال‪ :‬وكذلك جعلناكـم‬
‫أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس البقرة ‪ 143 :‬ـ كما أن الرسول شهيد عليهم‬
‫ـ وقوله تعال‪ :‬ياأيهـا الذيـن آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسـول وأولي‬
‫المـر منكـم النسـاء ‪ 59 :‬فقرن ال سـبحانـه طاعتــهم بطاعتـة وطاعـة رسـوله‪ .‬وقوله‪ :‬ولو‬
‫ردوه إلى الرسول وإلى أُولي المر منـهم لعلمه الذين يستنبطونـه‬
‫منـهم النساء ‪. 83 :‬‬
‫ومن السنّة قوله ‪» :‬لتتمع أمت على ضلله« وف رواية‪» :‬ليمع ال أمت على ضللة« وف حاشية‬
‫الترتيب(‪ » :)121‬ما كان ليج مع أم ت على ضلل«(‪ ،)122‬وقوله‪ » :‬ما رآه ال سلمون ح سنا ف هو عند ال‬
‫‪ )(120‬هذه القطعة بـي هاتي الاصرتي سقطت من (أ) بسبب تزق فيها‪.‬‬
‫‪ )(121‬ف "حاشية الترتيب" (‪ )1/62‬طبعة وزارة التراث القومي والثقافة‪ .‬وهو شرح لسند المام الربـيع الفراهيدي للشيخ‬
‫أبـي عبدال ممد بن عمر العروف بأبـي ستـه والشهي بالحشي لكثرة حواشيه الت وضعها على كتب الباضية‪.‬‬
‫‪ )(122‬جاء من طريق ابن عباس رواه المام الربـيع الفراهيدي ف "مسنده" رقم [‪ ]39‬بلفظ » ما كان ال ليجمع أمت‬
‫على ضلل« ورواه الاكم ف "الستدرك" رقم [‪ 398‬و ‪ ]399‬بلفظ »ل يمع ال أمت على ضللة أبدا ‪.«..‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪76‬‬


‫حسن«(‪ ،)123‬فالراد بأصل الفقه ف كلم الصنف هو أدلة الفقه من حيث استناده اليها واضافتـه اليها‪،‬‬
‫والراد بالفقه ما يعمّ العلم بالعمليات والعقائد والخلق‪.‬‬
‫و(الكتاب) هو الكلم النـزل للعجاز على رسولنا ممد النقول عنـه تواترا‪ .‬و(السنّة) هي أقواله‬
‫وأفعاله وتقريراتـه‪ .‬و(الجاع) هو اتفاق متـهدي المة على أمر ف عصر‪ ،‬وكل واحد من هذه‬
‫الصول الثلثة يكون قطعيّ الدللة ويكون ظنيّها‪.‬‬
‫فأ ما القط عي من الكتاب ف هو ما كان ن صا على ش يء بعين ـه؛ ك ما ف قوله تعال‪ :‬حّرِـمت‬
‫عليكم الميتة والدم‪..‬الية الائدة ‪ ، 3 :‬وأما الظن من الكتاب فهو ما ل يكن ن صّا ف شيء‬
‫بعينـه وانا استخرج منـه ذلك الشيء من طريق الستدلل والستنباط وذلك كما ف قوله تعال‪:‬‬
‫مه كرهـا ووضعتــه كرهـا‬ ‫ووصـينا النسـان بوالديـه إحسـانا حملتــه أ ُّـ‬
‫وحمله وفصـاله ثلثون شهرا الحقاف ‪ 15 :‬فا ستنبط العلماء من هذه ال ية أن أ قل ال مل‬
‫ستة أش هر؛ وذلك لِمَا علموا من قوله تعال‪ :‬والوالدات يرضعـن أولدهـن حوليـن‬
‫كاملين‪..‬الية البقرة ‪ 233 :‬أنّ مدة الرضاع حولن اسقطوا الولي من ثلثي شهرا فبقيت ستة أشهر‬
‫وليست الية نصا ف هذا كله‪ ،‬ولكن العلماء استنبطوا منـها ذلك بالشارة اليه فدللتـها على ذلك‬
‫ظنيّة‪.‬‬

‫وجاء مـن طريـق ابـن عمـر رواه الاكـم فـ "السـتدرك" برقـم [‪ 391‬و ‪ 392‬و ‪ 393‬و ‪ 394‬و ‪ 395‬و ‪ 396‬و‬
‫‪ ]397‬وأبو نعيم ف "حلية الولياء" برقم [‪ ]3088‬بألفاظ متقاربة‪.‬‬
‫‪ )(123‬هذا الد يث روي من طر يق أ نس مرفو عا ع ند الط يب ف "تار يخ بغداد" (‪ 4/387‬دار الك تب العلم ية) ولف ظه‬
‫هناك‪» :‬إن ال نظر ف قلوب العباد فلم يد قلبا أتقى من أصحابـي ولذلك اختارهم فجعلهم أصحابا‪ ،‬فما استحسنوا فهو‬
‫عند ال حسن‪ ،‬وما استقبحوا فهو عند ال قبـيح« واسناده ليس بذاك‪.‬‬
‫وجاء موقوفا على ابن مسعود عند البـيهقي ف "العتقاد" ص(‪/ 183‬الكتب العلمية) والطيالسي ف "مسنده" برقم [‬
‫‪ ]246‬وكذا ف "م سند" المام أح د (‪ 1/493‬بر قم ‪ )3599‬وال طبان ف "الكب ـي" (‪ 9/113‬بر قم ‪ )8583‬ولف ظه‬
‫»‪ ...‬فما رأى السلمون حسنا فهو عند ال حسن وما رأوا سيئا فهو عند ال سيئ«‪ .‬قال اليثمي ف "ممعه" (‪)1/428‬‬
‫بعدما أورد خب ابن مسعود ‪" :‬رواه أحد والبزار والطبان ف الكبـي ورجاله موثقون" ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪77‬‬


‫وأما القطعي من السنّة فهو ما نقله التواتر عنـه ‪ ،‬أو أجعت المة على أن ـه عن ـه عليه السلم‬
‫كحد يث‪ »:‬من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار«(‪ .)124‬وأ ما الظ ن من ال سنّة ف هو ما ن قل‬
‫عنـه من طريق الحاد أو من طريق التواتر لكنـه ليس نصّا(‪ )125‬ف الطلوب‪.‬‬
‫وأ ما القط عي من الجاع ف هو ما كان ف شي ل يتقدم ف يه خلف ول ينازع ف يه أ حد من الجمع ي‬
‫لقبل انعقاده ول بعده حت انقرض عصرهم على ذلك‪ ،‬ول يكن مالفا لنص من الكتاب أو السنّة؛ فان‬

‫‪ )(124‬هذ الديث جاء بـهذا اللفظ من عدة طرق أهها‪:‬‬


‫من طريق ابن عباس رواه الربـيع الفراهيدي برقم [‪ ]738‬وأحد [‪ 2679‬و ‪ ]2979‬والترمذي [‪ ]2951‬والدارمي‬
‫[‪ ]232‬وابن أبـي شيبة ف "مصنفه" [‪ ]26244‬والطبان ف "الكبـي" [‪ 12393‬و ‪.]12394‬‬
‫من طريق الغية بن شعبة رواه المام البخاري ف "صحيحه" [‪ ]1291‬ومسلم برقم [ ‪ ]4‬وأحد ف "مسنده" [ ‪ 18164‬و‬
‫‪ ]18229‬وابن أبـي شيبة [‪ ]26245‬والطبان ف "الكبـي" (‪ 20/408‬رقم ‪ 974‬و ‪.)975‬‬
‫مـن طريـق عبدال بـن عمرو رواه البخاري [‪ ]3461‬وأحدـ فـ "مسـنده" [‪ 6493‬و ‪ 6600‬و ‪ 6902‬و ‪]7022‬‬
‫والترمذي [‪ ]2669‬وابن أبـي شيبة [‪.]26232‬‬
‫من طر يق أب ـي هريرة رواه البخاري [‪ 110‬و ‪ ]6197‬وم سلم بر قم [‪ ]3‬واح د [‪ 9336‬و ‪ 9369‬و ‪ 10067‬و‬
‫‪ ]10739‬والنسائي ف "الكبى" [‪ ]5915‬والطيالسي ف "مسنده" [‪/ 2421‬دار العرفة]‪.‬‬
‫من طريق علي بن أبـي طالب كرم ال وجهه رواه المام أحد ف "مسنده" [‪ 586‬و ‪ ]1079‬والترمذي [‪.]3715‬‬
‫من طريق الزبـي بن العوام رواه أحد ف "مسنده" برقم [‪ ]1417‬وأبوداود ف "سننـه" [ ‪ ]3651‬والنسائي ف "الكبى"‬
‫[‪ ]5912‬وابن ماجة [‪ ]36‬والدارمي [‪ ]233‬وابن أبـي شيبة [‪.]26233‬‬
‫من طر يق أب ـي سعيد الدري رواه أح د بر قم [‪ 11098‬و ‪ 11350‬و ‪ 11410‬و ‪ ]11542‬وا بن ما جة [‪]37‬‬
‫وابن أبـي شيبة [‪.]26238‬‬
‫من طريق أنس رواه المام أحد ف "مسنده" [‪ 11948‬و ‪ 12117‬و ‪ 12161‬و ‪ 12708‬و ‪ 12770‬و ‪12806‬‬
‫و ‪ 13104‬و ‪ 13194‬و ‪ 13969‬و ‪ 13978‬و ‪ ]13988‬والترمذي [‪ ]2661‬والنسـائي فـ "الكـبى" [‪]5194‬‬
‫وا بن ما جة [‪ ]32‬وا بن حبان ف " صحيحه" [‪ /31‬الح سان] والدار مي [‪ 235‬و ‪ 236‬و ‪ ]238‬وا بن أب ـي شي بة [‬
‫‪ 26230‬و ‪ ]26243‬والطيالسي [‪.]2084‬‬
‫مـن طريـق جابر بـن عبدال رواه المام أحدـ [‪ ]14265‬وابـن ماجـة [‪ ]33‬والدارمـي [‪ ]231‬وابـن أبــي شيبـة [‬
‫‪.]26242‬‬
‫مـن طريـق عقبـة بـن عامـر رواه المام أحدـ [‪ ]17441‬وابـن حبان فـ "صـحيحه" [‪ 1049‬و ‪ 2546‬و ‪]5412‬‬
‫والطبان ف "الكبـي" (‪ 17/327‬رقم ‪ )904‬و(‪ 19/296‬رقم ‪.)657‬‬
‫من طر يق ز يد بن أر قم رواه المام أح د [‪ ]19288‬والا كم [‪ ]258‬وا بن أب ـي شي بة [‪ ]26246‬وال طبان ف‬
‫"الكبـي" [‪ 5017‬و ‪ 5018‬و ‪ 5019‬و ‪ 5020‬و ‪.]5055‬‬
‫من طر يق ا بن م سعود رواه الترمذي ف سننـه" [‪ 2257‬و ‪ ]2659‬وا بن ما جة [‪ ]30‬وال طبان ف "الكب ـي" [‬
‫‪ ]10074‬والطيالسي [‪ 342‬و ‪.]362‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪78‬‬


‫خلف النصـوص حرام ول ينعقـد على مالفتــها اجاع‪ .‬وأمـا الظنـ مـن الجاع فهـو مـا عدا مـا‬
‫ذكرتـه‪.‬‬
‫ولّا كان مال فة القط عي من كل وا حد من هذه الثل ثة ال صول حراما وضللة بإجاع من اعترف‬
‫بالجاع من المة الحمدية أشار إل ذلك فقال‪:‬‬
‫وهـــــالك مـــــن كان‬ ‫منِعَـا‬
‫(‪()33‬والجتـهــاد عند هـــــــذي ُ‬
‫فيها مبدعــا)‬
‫تقدم أن الجتـهاد هو استفراغ الفقيه الوسع ف استحصال حادثة بشرع‪ ،‬وف هذا البـيت اشارة إل‬
‫حكمه الشرعي فيحرم الجتـهاد ف مواضع ورد نص الكتاب أو السنّة أو الجاع القطعي ف بـيان‬
‫حكمها‪ ،‬ويب التسليم لا والقبول لبـيانـها‪ ،‬ويوز الجتـهاد ف الشياء الت ل يرد فيها نص من‬
‫هذه الثلثة‪ ،‬ويب على من بلغ الجتـهاد(‪ )126‬واحتاج إل العمل أو الفتوى أو الكم با ل يرد بـه‬
‫نص من الصول الثلثة‪.‬‬

‫من طريق عتبة بن غزوان رواه الاكم ف "الستدرك" [‪ .]5141‬ومن طريق ابن عمر رواه ابن أبـي شيبة [‪.]26229‬‬
‫من طريق عبدال بن الارث رواه المام الربـيع الفراهيدي ف "مسنده" [‪.]739‬‬
‫كما رواه الدارمي أيضا ف "سننـه" برقم [‪ ]234‬عن يعلى بن مرة و[‪ ]237‬عن أبـي قتادة ‪.‬‬
‫وروي من طريق مسلم مول خالد بن عرفطة عند الاكم [‪ ]5222‬وابن أبـي شيبة [‪.]26234‬‬
‫ورواه الافظ الطبان ف "العجم الكبـي" برقم [‪ ]204‬عن طلحة بن عبـيدال‪ .‬و[‪ ]4100‬عن خالد بن عرفطه‪ .‬و[‬
‫‪ ]6679‬عـن السـائب بـن يزيـد ‪ .‬و[‪ ]7302‬عـن صـهيب ‪ .‬و[‪ ]8181‬عـن طارق بـن أشيـم الشجعـي ‪ .‬و(‬
‫‪ 17/139‬رقم ‪ )346‬عن العرس بن عميه ‪ .‬و(‪ 18/187‬رقم ‪ )442‬عن عمران بن حصي ‪ .‬و(‪ 19/393‬رقم‬
‫‪ )922‬عن معاوية‪ .‬و(‪ 22/263‬رقم ‪ )675‬عن يعلى بن أمية التميمي ‪.‬‬
‫ورواه كذلك ا بن سعد ف "الطبقات ال كبى" والط يب البغدادي ف "تار يخ بغداد" والميدي ف "م سنده" وا بن عدي ف‬
‫"كامله" والعقيلي ف "الضعفاء" وقل أن يوجد كتاب من كتب السنّة إل وروى هذا الديث‪.‬‬
‫وللطبان جزء مطبوع بعنوان "طرق حديث من كذب علي متعمدا"‪ .‬وعد هذا الديث جاعة من العلماء من قبـيل التواتر‬
‫فقد رواه من الصحابة تسعة وتسعون صحابـيا سرد أساءهم الزبـيدي ف كتابـه "لقط الل التناثرة ‪ ..‬ف الحاديث‬
‫التواترة" ص(‪ 261‬ـ ‪263‬دار الكتب العلمية) وانظر كلم النووي حول هذا الديث ف "شرح مسلم" (‪.)1/65‬‬
‫‪ )(125‬ف (ب)‪ :‬لكنـه نص ف الطلوب‪ .‬وهذا خطأ والتصحيح من (أ) ومعناه أن التواتر يكون ظن الدللة إذا ل يكن نصا‬
‫ف حكم بعينـه والعكس بالعكس فإذا كان التواتر نصا ف حكم بعينـه كان قطعي الدللة وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(126‬هذا وقد تفاوت الناس ف اف ساح الجال أمام الجت ـهاد ففر يق ي ضع أما مه العقبات وفر يق يعله ف متناول كل أ حد‬
‫وال ق ب ـي الن ـهجي إذ ل بد من ح صول ب عض اللت في من أراد الجت ـهاد وإل ل صبح الشرع مهزلة ل كل متقوّل‪،‬‬
‫يقول ساحة الشيخ أحد بن حد الليلي حف ظه ال تعال‪" :‬لريب أن الجتـهاد ركن ركي من أركان الفقه السلمي‪ ،‬لتوفر‬
‫الدواعي إليه ف كل عصر‪ ،‬ولسيما هذا العصر ‪...‬؛ ولكن لبد من ضوابط ‪....‬؛ لن الناس ف قضية الجتـهاد بـي‬
‫منطلق وجامد‪ .‬فالنطلق يب أن يكون ف حدود‪ ،‬والمود أيضا غي ممود‪ ،‬وخي المور أوسطها‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪79‬‬


‫وقوله‪(:‬هالك‪..‬ال) أي من ابتدع حكما مع ورود أحد هذه الصول فهو هالك؛ لن مالفتـها حرام‬
‫وضلل‪..‬ولّا كان الجتـهاد ف غيها قد يكون جائزا‪ ،‬وقد يكون واجبا أشار إل النوعي فقال‪:‬‬
‫وواجـــــــــب أن‬ ‫جوَِّزا‬
‫(‪()34‬والرأي في غـــــــير الصــــول ُ‬
‫جـوََزا)‬
‫نتحرى ال ْ‬
‫الراد بــ(الرأي) هنـا الجتــهاد الفقهـي‪ ،‬وبــ(التحري) طلب مـا هـو الول فـ العمـل‪ ،‬أي يوز‬
‫الجتـهاد ف الشياء الت ل يرد فيها نص أحد الصول الثلثة لن شاء أن يتـهد ويب على من بلغ‬
‫رتبة الجتـهاد فأراد العمل أو الفتوى أو الكم با ل يرد فيه نص أحد الثلثة الصول؛ فاذا اجتـهد‬
‫الجتــهد فعليـه أن يأخـذ باـ أداه اليـه اجتــهاده وان خالف غيه‪ ،‬ول يوز له أن يترك العدل فـ‬
‫(‪)127‬‬
‫اجتـهاده وان خالفه من خالفه ف ذلك خلفا لا ف "أجوبة" المام ابن مبوب لهل الغرب‬

‫فمن أنواع النطلق أن يقال بأن أيّ أحد كان ولو كان عاميّا يب عليه أن يستخرج الكم بنفسه من الكتاب ومن السنّة‪،‬‬
‫ومن إجاع المة‪ ،‬وأل يتقيد بذهب‪ .‬هذا أمر عسي‪ ،‬لن الناس ل يكلفون ما ل يستطيعون‪ ،‬وأنّى لذا العامي‪ ،‬وكثي من‬
‫السلمي لسانـهم غي اللسان العربـي ـ لسان القرآن ـ ولسان الرسول عليه أفضل الصلة والسلم‪ ،‬ل يفهمون معان‬
‫القرآن وإن تلوا القرآن‪ .‬وهذا العا مي العرب ـي أنّى له أن يعرف النا سخ من الن سوخ‪ ،‬والح كم من التشاب ـه‪ ،‬والطلق من‬
‫القيّد‪ ،‬والجمل من البـي‪ ،‬والعام من الاص‪ ،‬ويردّ كل شيء إل نصابـه‪ ،‬فإلزام عوام الناس وجهلتـهم أن يتـهدوا من‬
‫غ ي أن تتو فر ل م القدرة على الجت ـهاد أ مر ف يه إفراط‪ ،‬وذلك يؤدي و قد أدى فعل إل تن طع كث ي من العوام على علماء‬
‫ال سلمي؛ إذا قرأ أحد هم حدي ثا ل يعرف ف أي منا سبة قال الر سول ذلك الد يث‪ .‬أو تل آ ية ل يعرف سبب ن ـزول‬
‫الية انطلق وقال ف الية أو قال ف الديث برأيه‪ .‬مع أن أجلة الصحابة كانوا يتوقفون أن يفسروا القرآن با تدلم عليه‬
‫عقولم من غي أن يستندوا إل ركائز ثابتة وأدلة يستضيؤن بـها‪.‬‬
‫والمود أيضا أن يقول القائل بأن الواجب على العال أن يقلد من قبله‪ ،‬فإن من سبق كان أكثر علما وأوسع إطلعا‪ ،‬وأطول‬
‫باعا‪ ،‬وأعمق نظرا‪ ،‬وأرحب صدرا‪ .‬نعم ل ينكر مقام السلف ولكن كل أحد متعبد إن أطاق الجتـهاد وقدر عليه أل يقلد‬
‫غيه‪ ،‬ول تقليد إل للمعصوم‪ ".‬ا‪.‬هـ نقل عن كتاب "ندوة الفقه السلمي" نشر وزارة العدل والوقاف ـ بسلطنة عمان‬
‫ـ ص (‪ 98‬ـ ‪.)99‬‬
‫‪ )(127‬مدرجة ف كتاب "السي والوابات" (‪ 2/223‬ـ ‪ )268‬وكلمه حول هذا الوضوع ف ص(‪.)234‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪80‬‬


‫وتابعه على ذلك أبو السن البسيان(‪ )128‬ف "سيتـه"(‪ )129‬وذلك أنـهما قال‪ :‬إنّ الاكم يترك رأيه‬
‫إن ل يوافقه عليه أحد من الماعة ويأخذ بقولم‪ !.‬ول يفى ما فيه من العدول عن ذروة التحقيق إل‬
‫حضيض التقليد‪ ،‬ث انـه أشار إل هذا العن بعينـه فقال‪:‬‬
‫ممــــا نـــــرى‬ ‫(‪()35‬ولم يجز خلفنــــا للعــــــــــدل‬
‫وميلنــــا للهزل)‬
‫كان خــــلف كافر‬ ‫(‪()36‬في غير ما قد حكم الحـــــاكم أو‬
‫فيــما رأوا)‬
‫وان حكمــــت‬ ‫(‪()37‬أو من طريق الزهد كــــان أفضل‬
‫ن العدل)‬ ‫فاقصد َّ‬
‫َ‬
‫حل ّهَـــا وإن نـهي‬ ‫رأيت ِ‬ ‫(‪()38‬وذاك مثل الكل للسبــــاع قــد‬
‫ورد)‬
‫كمثــــل ما اختــار‬ ‫(‪()39‬حملتـه علـى سـبـيــــــل الدب‬
‫امام المذهب)‬
‫يرم على الجتــهد العدول عـن الرأي الذي يرى أنــه القرب إل العدل للدلة التـ عنده عليـه؛‬
‫والخذ بالرأي الذي يرى أنـه أبعد عن الصواب ف نظره لخالفتـه الدلة الت عنده‪ ،‬لن ال عزوجل‬
‫كلف كل واحد من الجتـهدين أن يأخذ عند الاجة إل الخذ با أداه اليه اجتـهاده فهو فرض ف‬
‫حقه‪ ،‬والعدول إل غيه عدول عن فرضه‪ ،‬لكن استثن بعضهم من هذه القاعدة ثلثة أشياء وذكر أن‬
‫فيها جواز العدول عن العدل إل الهزل ف نظر الجتـهد‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬في ما اذا حكم عليك حاكم عدل ـ وكان من يوز له الكم ف الُختَلَف فيه ـ فإنـه‬
‫ي ب عل يك اتبا عه في ما ح كم ب ـه‪ ،‬ول يوز لك مالفت ـه ف ذلك وان ك نت ترى أن الذي ح كم‬
‫بـه هو الهزل والبعد من الدلة‪ .‬ويبحث فيه بأن هذا غي خارج من تلك القاعده؛ أل ترى أنـه اذا‬

‫‪ )(128‬العلمة أبو السن علي بن ممد بن علي بن ممد بن السن البسيوي من علماء الباضية بعُمان ف القرن الرابع الجري‬
‫لزم العلمة أبـي ممد عبدال بن ممد بن بركة فتعلم على يديه حت صار من يشار إليه بالبنان‪ ،‬وحي تقدم بـه السن‬
‫ث قل سعه ح ت كانوا أحيا نا إذا أرادوا ا ستفتاءه كتبوا له ف الرض فيجيب ـهم ب سب ما كتبوا له‪ ،‬من ت صانيفه "الا مع"‬
‫مطبوع ف ‪4‬ج و"الختصر" مطبوع أيضا وله بعض الرسائل مدرجة ف "السي والوابات" الجلد الثان ‪ 1‬ـ ص(‪ 5‬ـ ‪.)8‬‬
‫‪2‬ـ ص(‪ 62‬ـ ‪3 .)112‬ـ ص(‪ 124‬ـ ‪ )222‬ونشرت الميع وزارة التراث العمانية‪ ،‬وكانت وفاتـه ف مطلع القرن‬
‫الا مس الجري ـ التأر يخ بال سنوات غ ي متو فر ـ‪"( .‬اتاف العيان" ـ للبطا شي ‪ 1/229‬ـ "نشأة التدو ين للف قه"‬
‫د‪.‬مبارك الراشدي ص ‪ 190‬ضمن كتاب ندوة الفقه السلمي )‪.‬‬
‫‪ )(129‬مدرجة ف كتاب "السي والوابات" (‪ 2/124‬ـ ‪ )222‬وكلمه حول هذا الوضوع ف ص(‪.)194‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪81‬‬


‫حكم لك بشي ٍء ترى أنـه لغيك ل يوز لك أخذه غاية ما فيه أن الواجب ف الصورة الول النقياد‬
‫لكم الاكم ل ترك العدل ف نظره‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أنـه اذا كان ف الرأي الذي يرى أنـه أبعد من الدلة مالفة لكافر قال يوز له ترك ما هو‬
‫العدل ف نظره والخذ با هو أهزل فيخالف الكافر ف ذلك كان الكافر مشركا أو فاسقا‪ ،‬ونصب‬
‫للول دليل "يهودي مر على ر سول ال ور سول ال وأ صحابـه واقفون ع ند د فن م يت‪ ،‬فقال‬
‫اليهودي هكذا تف عل أحبار نا‪ .‬قال‪ :‬فق عد ر سول ال وأ مر أ صحابـه بالقعود مال فة لليهود"(‪.)130‬‬
‫(‪)132‬‬
‫ونصب للثان دليل ما روي أن جابر بن زيد (‪ )131‬ـ رضي ال عنـه ـ خالف السن البصري‬

‫‪ )(130‬جاء من طريق عبادة بن الصامت رواه أبوداود ف "سننـه" برقم [‪ ]3176‬والترمذي ف "سننـه" برقم [‪]1020‬‬
‫وابن ماجة ف "سننـه" [‪ ]1545‬والبـيهقي ف "السنن الكبى" [‪ 4/44‬برقم ‪ ]6890‬والازمي ف "العتبار" ص(‪328‬‬
‫بتحقيق د‪ .‬قلعجي)‪.‬‬
‫قال الافظ ابن حجر ف "فتح الباري" (‪ 3/233‬دار الكتب العلمية)‪:‬‬
‫"و قد ورد مع ن الن ـهي من حد يث عبادة قال‪» :‬كان النب ـي يقوم للجنازة ف مر ب ـه حب من اليهود فقال‪ :‬هكذا‬
‫نف عل‪ .‬فقال‪ :‬اجل سوا وخالفو هم« أخر جه أح د وأ صحاب ال سنن إل الن سائي‪ ،‬فلو ل ي كن ا سناده ضعي فا لكان ح جة ف‬
‫النسخ‪ "..‬ا‪.‬هـ ويشتم منـه ضعف هذا الديث وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(131‬المام أبو الشعثاء جابر بن زيد الزدي اليحمدي العمان مولدا ووفاة قضى أكثر عمره ف البصرة حاضرة العلم آنذاك‪،‬‬
‫وهو من طبقة كبار التابعي روى عن ابن عمر والسيدة عائشة وابن الزبـي والكم بن عمرو الغفاري وأكثر من مالسة ابن‬
‫عباس فكان أحد أقرب تلميذه‪ ،‬أخذ عنـه قتادة وعمرو بن دينار ويعلى بن مسلم وأبو عبـيدة مسلم بن أبـي كرية‬
‫وخلق كثي‪ ،‬شهد له ابن عباس بقوله‪" :‬لو أن أهل البصرة نـزلوا عند قول جابر بن زيد لوسعهم علما من كتاب ال"‪.‬‬
‫وقال ا بن ع مر ف يه‪ " :‬يا جابر إ نك من فقهاء الب صرة ‪ ."...‬و ف "الضعفاء" لل ساجي عن ي ي بن مع ي‪ :‬كان جابر إباض يا‬
‫وعكر مة صفريا‪ .‬و ف كتاب "الز هد" لح د‪ :‬ل ا مات جابر بن ز يد قال قتادة‪" :‬اليوم مات أعلم أ هل الرض‪ .‬مات سنة‬
‫‪93‬هـ‪( .‬العب ‪ 1/80‬ـ وتذكرة الفاظ ـ للذهبـي ‪ 1/72‬ـ تـهذيب التـهذيب ـ لبن حجر ‪ 2/35‬ـ طبقات‬
‫الدرجين ـ ‪.)2/205‬‬
‫*(تنبـيه) كلم يي بن معي ـ إمام الرح والتعديل ـ الدال على نسبة المام جابر إل الباضية رواه عنـه أيضا الافظ‬
‫ابن عدي ف كتابـه "الكامل" (‪ )4/71‬ـ دار الفكر ـ بـيوت ـ الطبعة الثالثة ـ ‪1988‬م‪.‬‬
‫‪ )(132‬أبو سعيد السن بن يسار البصري من كبار التابعي وأمه خية مولة أم سلمة ولد لسنتي بقيتا من خلفة عمر‪ ،‬ونشأ‬
‫بالدينة فحفظ كتاب ال ف خلفة عثمان‪ ،‬وسعه يطب مرات‪ ،‬وكان يوم الدار ابن أربع عشرة سنة ث كب ولزم الهاد‬
‫ولزم العلم والعمل وكان أحد الشجعان‪ ،‬انتقل إل البصرة وعظمت هيبتـه ف القلوب‪ .‬أثن عليه أنس بن مالك بقوله‪:‬‬
‫"سلوا السن فإنـه حفظ ونسينا"‪ .‬كان يدخل على الولة فيأمرهم وينـهاهم ل ياف ف الق لومة لئم‪ ،‬وله مع الجاج‬
‫بن يوسف مواقف وقد سلم من أذاه‪ ،‬وصفه النسائي بتدليس السناد‪ ،‬وقال البزار‪" :‬سع السن البصري من جاعة‪ ،‬وروى‬
‫عن آخرين ل يدركهم‪ ،‬وكان يتأول فيقول‪ :‬حدثنا وخطبنا‪ .‬يعن قومه الذين حُدثوا وخطبوا بالبصرة‪ .‬قال‪ :‬ول يسمع من‬
‫ابن عباس‪ ،‬ول السود بن سريع‪ ،‬ولعبادة‪ ،‬ولسلمة بن الحب‪ ،‬ول عثمان‪ ،‬ول أحسبـه سع من أبـي موسى‪ ،‬ول من‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪82‬‬


‫حي قال له ـ وقد حضر معه ف مرضه الذي مات فيه ـ‪ :‬قل يا جابر ل إله إل ال‪ .‬فأمسك جابر مع‬
‫قدرتـه على النطق مافة أن يقال تبع السن على مذهبـه(‪.)133‬‬
‫ويبحث فيه بأن هذا كله خلف ما عليه القاعدة‪ ،‬فإن القاعدة هي أنـه ل يوز للمجتـهد أن يالف‬
‫ما رآه أنـه هو الق ف نظره وأن ما عداه خلف الق ف نظره؛ وقعوده وامساك جابر عن القول‬
‫ليس حراما قبل ذلك‪.‬‬

‫النعمان بن بشي‪ ،‬ول من عقبة بن عامر‪ ،‬ول سع من أسامة‪ ،‬ول من أبـي هريرة‪ ،‬ول من ثوبان‪ ،‬ول من العباس"‪ .‬فعلى‬
‫هذا تكون روايتـه عنـهم من قبـيل النقطع‪ .‬قال الذهبـي‪" :‬قلت‪ :‬وهو مدلس فل يتج بقوله‪( :‬عن) ف من ل يدركه‪،‬‬
‫و قد يدلس ع من لق يه وي سقط من ب ـينـه وب ـينـه ‪ ."..‬وله كلمات سائرة وكتاب ف "فضائل م كة ـ خ" تو ف عام‬
‫‪110‬هــ‪"( .‬ميزان العتدال" ‪ 1/527‬ــ و"تذكرة الفاظ" للذهبــي ‪ 1/71‬ــ "طبقات الدلسـي" برقـم (‪ )40‬ــ‬
‫و"تـهذيب التـهذيب" لبن حجر ‪.)243 /2‬‬
‫‪ )(133‬هذا الكلم ل يؤخذ على علتـه فالمام جابر بن زيد كان صديقا حيما للحسن البصري ول يكن السن يتلف معه‬
‫ف كثي من القضايا كما يظهر من مطالعة بعض مواقفه وكان المام جابر يكن له من الحترام والود يتضح ذلك من طلبـه‬
‫له عند حضور أجله ولو كان السن البصري يتلف مع المام جابر ف قضايا حرجة لا كلف نفسه هذا الطلب ‪..‬‬
‫وال ق أن ام ساك المام جابر كان تقريرا لبدأ يعتقده و هو أن من ظهرت له ش يء من علمات انت ـهاء أجله كان ذلك‬
‫مؤذنا بأنـه يوت على ما كان عليه قبلها ول تنفع التوبة بعد معاينة أسباب الوت ـ كما حصل لفرعون عندما غرق مثل‬
‫ـ يتضح ذلك من نقل العلمتي الدرجين ف "طبقات الشائخ" (‪ )2/207‬والشماخي ف "كتاب السي" ( ‪ )1/69‬للواقعة‬
‫وهي كما يلي‪:‬‬
‫[لا حضرت جابر بن زيد الوفاة أتاه ثابت البنان وقال‪ :‬يا أبا الشعثاء هل تشتـهي شيئا؟‪ .‬قال‪ :‬إن ل أشتـهي شيئا إل‬
‫أن ألقى السن قبل أن أموت‪ .‬قال فخرج ثابت البنان فدخل على السن فأعلمه بقول جابر بن زيد‪ ،‬قال‪ :‬وكان السن إذ‬
‫ذاك مستخفيا‪ ،‬فقال‪ :‬كيف ل بذلك؟‪ .‬قال‪ :‬اركب بغلت على السرج وأنا أردف خلفك‪ ،‬وأعطيك طيلسان وأرجو أن ل‬
‫ُيعْرَض لنا‪ .‬قال ففعل‪ ،‬ودخل على أبـي الشعثاء وهو مضطجع فانكب عليه السن وهو يقول‪ :‬يا أبا الشعثاء؛ قل ل إله إل‬
‫ال‪ .‬فر فع جابر عين يه‪ ،‬فقال‪ :‬أعوذ بال من غدو ورواح إل النار‪ .‬فقال له ال سن‪ :‬يا أ با الشعثاء؛ قل ل إله إل ال‪ .‬فقال‪:‬‬
‫أعوذ بال من غدو ورواح إل النار‪ .‬ث قال‪ :‬يا أبا سعيد يوم يأت بعض آيات ربك ل ينفع نفسا ايانـها ل تكن آمنت‬
‫من قبل أو كسبت ف ايانـها خيا ـ النعام ‪ 158 :‬ـ‪ .‬قال‪ :‬فقال السن‪ :‬هذا وال الفقيه العال‪ ،‬ث قال‪ :‬يا أبا سعيد‬
‫حدثن بديث ترويه عن رسول ال ف الؤمن إذا حضرتـه الوفاة‪ .‬قال‪ :‬قال رسول ال ‪» :‬إن الؤمن اذا حضرتـه‬
‫الوفاة وجد على كبده بردا« فقال جابر‪ :‬ال أكب‪ ،‬وال إن لجد بردا على كبدي‪ .].‬ا‪.‬هـ‬
‫و قد ح صل مو قف مشاب ـهه لو قف المام جابر مع ثا بت البنا ن ك ما ف "حل ية الولياء" لب ـي نع يم ( ‪ 2/366‬ر قم‬
‫‪ )2584‬و"مسند ابن العد" برقم [‪" : ]1398‬عن ممد بن ثابت البنان قال‪ :‬ذهبت ألقن أبـي وهو ف الوت قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫يا أبت قل ل إله إل ال‪ .‬قال‪ :‬يا بن خل عن فإن ف وردي السادس أو السابع‪".‬‬
‫والشاهد أن تلقي اليت لفظة التوحيد ل يفيده إن كان غارقا طول حياتـه ف مالفة شرع ال وهذا الذي كان يرمي إليه‬
‫المام جابر‪ ،‬فإن كان الصنف يعن مالفة المام جابر للحسن ف هذه النظرة ـ و الختيار ف السائل الشرعية يسمى مذهبا‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪83‬‬


‫وثالثها‪ :‬أنـه اذا كان ف الرأي الذي يرى أنـه الهزل ف نظره نوع زهد وتنـزه وف الرأي الذي‬
‫يرى أنــه الرجـح والعدل ترك لذلك التنــزه والورع قال فهاهنـا يوز له أن يترك مـا يرى أنــه‬
‫العدل فيأخذ با ف نظره أنـه الهزل‪ ،‬وضرب لذلك مثل بسألة تليل السباع وتريها على أنـه‬
‫قد ورد النـهي من الشارع عن أكلها‪ ،‬وقد اختلف العلماء ف تأويل هذا النـهي فذهب بعضهم إل‬
‫أن هذا النـهي للتحري فحرّم أكل السباع لذلك وذهب آخرون منـهم إمام الذهب أبو سعيد ممد‬
‫بن سعيد الكدمي إل حل هذا النـهي على الكراهية والتنـزه فأجازوا(‪ )134‬أكل لوم السباع وقالوا‬
‫في ها بالتكر يه‪ ،‬فاذا رأى الجت ـهد جواز أكل ها وأن هذا الن ـهي للكراه ية ك ما عل يه هذا المام ـ‬
‫رضوان ال عليه ـ كان جائزا له أن يتمسك با رأى فيأكل‪ ،‬وأن يدع أكلها تنـزها لا ف أكلها من‬
‫الكراهية؛ هذا ف الكم الذي يصه بنفسه‪ ،‬أما اذا حكّمَه غيه وولِيَ الكومة ف ذلك وجب عليه أن‬
‫يكم با يرى أنـه القرب للصواب‪.‬‬
‫مثال ذلك اذا تاصم اليه رجلن اصطاد أحدها سَُبعَا(‪ )135‬فأطلقه منـه الخر فطلب الصطاد حقّه من‬
‫ـ َعهُ كان على هذا الاكـم أن يكـم لذا الصـطاد على هذا الذي أطلقـه بضمان سـبعه‪.‬‬ ‫الذي أطلق سَُب‬
‫ويب حث فيه بأن ما ذ كر من جواز الترك لل كل ليس من هذا الباب الذي ن ن بصدده‪ ،‬فان ترك هذا‬
‫الجتـهد أكل هذه السباع إنا هو لمتثال النـهي الوارد عن الشرع فل يلزم من المتناع عن أكلها‬
‫القول بأن أكلها حرام‪ ،‬أل ترىأنـه حي صار حاكما وجب عليه الخذ با رأى أنـه الرجح ف‬
‫نظره فيلزمه الكم بـه‪ ،‬ولجل هذه اليرادات على هذه الستثنيات أشار الصنف للتبي من استثنائها‬
‫بقوله‪( :‬فيمـا رأوا) أي فيمـا رأى السـتثنون لذه الصـال‪ ،‬ولّاـ فرغ مـن بــيان الحكام التـ تصـ‬
‫الجتـهد شرع ف بـيان حكم الضعيف عن الجتـهاد فقال‪:‬‬
‫هــــل جائز بما نشا‬ ‫ن العدل‬ ‫(‪()40‬والخلـف إن لم نعــــرف َّ‬
‫أن نعمل)‬
‫ـ فكلمه ل غبار عليه‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(134‬على أن الش يخ نف سه ر جع عن هذا القول فح كم بر مة لوم ال سباع ف م صنفاتـه التأخرة فمثل يقول ف "جو هر‬
‫النظام" (‪:)1/221‬‬
‫والنّجـس البـيث ثـم السكـر‬ ‫وإنــايــرم منـه الضـرر‬
‫والضّــاريات الوحـش والطيـور‬ ‫والـدّم واليتـة والنـزيـــر‬
‫كالسْــد والفهــود والذّئـاب‬ ‫وهـي من السّـباع ذات الناب‬
‫كالبــاز والعقــاب والنســور‪.‬‬ ‫وذات ملـب من الطيـــور‬
‫‪ )(135‬ال سبع ـ ب ضم الباء وفتح ها و سكونـها ـ الفترس من اليوان ‪ ..‬ك ما ف "القاموس الح يط" للفيوزأبادي (مادة‪:‬‬
‫سبع)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪84‬‬


‫بل نستــــشير واجبا‬ ‫(‪()41‬أو ل اذا التحري في ذا يعــــدم‬
‫من يعلم)‬
‫اختلف العلماء ف الضعيف الذي لقدرة له على الجتـهاد ول استطاعة له على ترجيح القوال؛ وقد‬
‫أراد أن يعمل بشيء من الشياء ـ الت قد اختلف العلماء ف حكمها ـ ‪ :‬فذهب بعضهم إل أن لذا‬
‫الضع يف أن يأ خذ بأي قول شاء من تلك القوال الوجوده ف م سألتـه‪ ،‬ول يلز مه ف كل قض ية أن‬
‫ي ستعي بالفق يه الا ضر‪ ،‬واح تج لذلك بأن قوله ل يس بأث بت ف يه م ن تقد مه ف يه فأورده أثرا صحيحا‬
‫فيحسن اتباعه لن بعده بل قد يكن أن يكون الول أكثر علما وأصح نظرا وبالعكس فاستوى المران‬
‫في ما وجده من أ ثر صحيح أو نقله له عن الوائل من الختلف صريح(‪ )136‬أو أ خبه الفق يه ال ي‬
‫بوجود الختلف ف يه و سكت عن التعد يل في ما يك يه‪ ،‬وحُ كم ما عَ ّدلَه ب عض علماء ال سلف وعَ ّدلَ‬
‫َغْيرَه الفقيه الاضر من اللف حُكم ما اختلف الفقهاء ف تعديله ويرجع المر فيه إل جواز المرين‪،‬‬
‫هذا كله اذا ل يكن لذا الضعيف قدرة على معرفة العدل‪ ،‬وكانت السألة ما وجد الختلف فيها‪،‬‬
‫أما اذا شاء العمل بشيء ل يوجد ف بـيان حكمه شيء عن العلماء فهاهنا يب عليه مشاورة أهل‬
‫العلم ف ذلك ول يوز له أن يعمل بـهوى نفسه‪.‬‬
‫وذهب آخرون إل أنـه يب على هذا الضعيف اذا شاء العمل با يتلف فيه أن يشاور من قدر على‬
‫مشورتــه مـن الفقهاء‪ ،‬وأن يسـتعي فـ طلب العدل مـن القوال والدليـل على ذلك قوله تعال‪:‬‬
‫ولوردوه إلى الرســـول وإلى أولي المـــر منــــهم لعلمـــه الذيـــن‬
‫يسـتنبطونـه منــهم النسـاء ‪ 83 :‬لن ال ستنباط ل يكون ال من الفقهاء العلماء ب ـه‪ ،‬و قد أُمِر‬
‫الضعفاء برد المر فيه إليهم والخذ فيه بقولم فهم الجة فيه لم وعليهم ويدل على ذلك قوله تعال‪:‬‬
‫فاسألوا أهل الذكر ان كنتم ل تعلمون النحل ‪. 43 :‬‬
‫أقول‪ :‬وهذا الذهـب أقوى دليل وأقوم سـبـيل مـن الذي قبله لذه الدلة‪ ،‬ولاـ فـ مشورة العال مـن‬
‫امكان الطلع على دل يل القول الذي يرشده عل يه ويأمره بال خذ ب ـه‪ ،‬فيكون بذلك آخذا بالدل يل‬
‫الذي سعه فيُنـزل ف وجوب الشاورة للعال عند وجوده منـزلة القادر على الجتـهاد‪ ،‬ول يفى‬
‫أن حكـم مـن كان متــهدا ول يطلع على الدلة فـ شيـء مـن الحكام أن حكمـه فـ ذلك حكـم‬
‫الضع يف لن ـه ف ذلك ال كم ضع يف أي ضا بناء على القول بتجزئ الجت ـهاد و هو مذ هب المام‬
‫الكدمي وف قول ثان ان الجتـهاد ل يتجزأ فل يكون متـهدا حت يكون عالا بميع الدلة من‬
‫الكتاب والسنّة‪ ،‬والول هو الختار وال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(136‬ف (ب)‪ :‬صحيح‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪85‬‬


‫والــــوزر والضمان‬ ‫(‪()42‬وخطأ العالم في الفتوى همــــل‬
‫للذي عمل)‬
‫الطأ نوعان؛ أحدها‪ :‬أن يكون صاحبـه معتقدا اصابة الق فيما أفت بـه ويظن أنـه صواب وهو‬
‫مالف للحق‪ ،‬فهذا غ ي معذور من ال ث والضمان ـ كان عال ا أو جاهل ـ اذا حرّم ما أ حل ال أو‬
‫أحل ما حرم ال‪ ،‬وقد حصل التحرز من هذا النوع بقول الناظم‪(:‬وخطأ العال) لن صاحب هذا النوع‬
‫وان كان عالا ف غيه فهو جاهل بـه‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬أن يكون الفت عالا بذلك الشيء الذي أخطأ فيه وبأصوله فأخطأ بلسانـه وهو يعلم أن لو‬
‫انتب ـه أن ـه م طئ ف يه فهذا متلف ف تضم ي صاحبـه‪ ،‬والذي عل يه المهور من الهابذة أن ـه‬
‫لضمان عليه‪ ،‬وأما الث فل نعلم أن أحدا قال بـه ف هذا الوضع‪ ،‬والذي وجدناه عن علمائنا انـه‬
‫ل إث عليه بدليل قوله ‪» :‬رفع عن أمت الطأ والنسيان‪ ..‬الديث«(‪)137‬وباشارة قوله تعال ـ حكاية‬
‫عن الؤمن ي ـ‪ :‬ربنـا ل تؤاخذنـا إن نسـينا أو أخطأنـا البقرة ‪ 286 :‬و ما أح سن قول‬
‫الصائغي(‪:)138‬‬
‫مرفوعة عنـه وما أوله(‪.)139‬‬ ‫وزلة العالــم ف فتــواه‬
‫وقول النا ظم‪ ( :‬ف الفتوى) احتراز من خ طأ العال ف ال كم فإن ـه ل يعذر من ضمان ـه‪ ،‬أ ما ال ث‬
‫فمعذور عن ـه ف الالت ي وإن ا كان عل يه الضمان ف ال كم دون الفتوى(‪ )140‬ل ا ف ال كم من جب‬

‫‪ )(137‬تريه يأت مع ماثله ف التعليق على البـيت رقم (‪.)304‬‬


‫‪ )(138‬الشيخ سال بن سعيد بن علي الصائغي‪ ،‬من علماء الباضية بعمان عاش ف القرن الثالث عشر الجري‪ ،‬كان على درجة‬
‫عالية من العلم والوقار وكان مهابا ف زمانـه قائما بالمر بالعروف والنـهي عن النكر‪ ،‬من تصانيفه الرجوزة الت قام‬
‫بتنقيحها الشيخ السالي ف كتابـه جوهر النظام وأرجوزتـه هذه تبلغ ما يقارب عشرة الف بـيت يقول عنـها السالي‬
‫ف تقديه للكتابـه جوهر النظام‪:‬‬
‫ف الفهـــم مبلغا نظـــام الصائغي‬ ‫وبعــــد إن خي نظم بالـــغ‬
‫من واجــب وجائـز ومنـــــع‬ ‫فــإنـه حوى بـيـان الشـــرع‬
‫وطـاب حفظــه لدى الفــاظ ‪..‬ال‬ ‫واْنصَـبّ ف سهـــولة اللفـاظ‬
‫وله كذلك "الرشاد" ل يزال مطوطا ترى بعض فصوله مدرجة ف "قاموس الشريعة" للسعدي‪ ،‬وله كتاب "الضنون بـه‬
‫على غي أهله" مطوط وهو ف أصول الدين والفقه والداب ف ثلثة أجزاء‪( .‬تعليق الشيخ أبو اسحاق الزائري على "جوهر‬
‫النظام" ‪ /1‬بداية الكتاب ـ "شقائق النعمان" للخصيبـي ‪.)3/8‬‬
‫‪ )(139‬البـيت برمتـه ف "جوهر النظام" (‪ 1/34‬بتحقيق الشيخ ابراهيم بن سعيد العبي) وهو من أرجوزة الصائغي تراه ف‬
‫"قاموس الشريعة" للعلمة السعدي (‪ 2/63‬التراث)‪.‬‬
‫‪ )(140‬على أن الفتوى أمرها خطي فهي ل تتأتى من كل من تعلم بعض السائل كما هو الال ف هذا الزمن حيث يتصدر لذا‬
‫الشأن من ل يصلح أن يكون طالبا بـي يدي علماء السلف‪ ،‬وليس بغريب أن يتواجد ف بعض الدول ف الشارع الواحد‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪86‬‬


‫ـب‪ .‬وقوله‪( :‬والوزر‬ ‫ـا جـ‬‫ـس فيهـ‬ ‫ـه ليـ‬ ‫ـم دون الفتوى فإنــ‬ ‫ـه على قبول قول الاكـ‬
‫الحكوم عليـ‬
‫والضمان‪..‬ال) أي إ ث ذلك ال طأ وضمان ـه ان ـهما على مَن َقبِلَه من العال وعَمِل ب ـه أو حَكَم‬
‫لنـه ل يوز لحد أن يقبل خلف الق أو يعمل بـه‪ ،‬ولو قال بـه من قال من العلماء فالعلماء إنا‬
‫هم حجة ف الق ل ف الباطل‪ .‬ولّا صرح بتأثيم العامل بلف الق وتضمينـه استدرك ذلك ببـيان‬
‫توبتـه فقال‪:‬‬
‫فالتـــوب مجمــــل أتى‬ ‫(‪()43‬وان خفــــي بطلنـه عليـــــه‬
‫اليـه)‬
‫ولم يجـــد معـــبرا‬ ‫(‪()44‬ان كان مما حجة السمــــاع بـه‬
‫فلتنــــتبـه)‬

‫العشرات من نصب نفسه للفتيا وهذا من التلعب بأمور الشرع والعياذ بال واستسهال الال مع عدم ادراك خطورة ما هم‬
‫بصدده‪ ،‬وإن كان غي خفي أن الصحابة وخيار التابعي كانوا يتدافعون الفتيا فيما بـينـهم وكان الواحد منـهم يتمن لو‬
‫كفاه غيه‪ ،‬هذا و قد شرط الفحول من العلماء للجت ـهاد والفتوى شرو طا ح ت ل يكون الد ين لع بة ل كل من هب ودب‬
‫فهذا العل مة أ بو ا سحاق الشيازي الشاف عي يقول ف كتاب ـه "الل مع ‪ ..‬ف أ صول الف قه" ص (‪" :)127‬وينب غي أن يكون‬
‫الفت عارفا بطرق الحكام وهي الكتاب‪ ،‬والذي يب أن يعرف من ذلك ما يتعلق بذكر الحكام واللل والرام دون ما‬
‫فيه من القصص والمثال والواعظ والخبار‪ ،‬وييط بالسنن الرويّة عن رسول ال ف بـيان الحكام‪ ،‬ويعرف الطرق الت‬
‫يعرف بــها مـا يتاج إليـه مـن الكتاب والسـنة مـن أحكام الطاب وموارد الكلم ومصـادره مـن القيقـة والجاز‪ ،‬والعام‬
‫والاص‪ ،‬و الج مل والف صل‪ ،‬والطلق والق يد‪ ،‬والنطوق والفهوم‪ ،‬ويعرف من الل غة والن حو ما يعرف ب ـه مراد ال تعال‬
‫ومراد رسوله وما تقتضيه‪ ،‬ومعرفة الناسخ من ذلك من النسوخ‪ ،‬وأحكام النسخ وما يتعلق بـه‪ ،‬ويعرف اجاع السلف‬
‫وخلفهم‪ ،‬ويعرف ما يعتد بـه من ذلك وما ل يعتد بـه‪ ،‬ويعرف القياس والجتـهاد والصول الت يوز تعليلها وما ل‬
‫يوز‪ ،‬والوصاف الت يوز أن يعلل بـها وما ل يوز‪ ،‬وكيفية انتزاع العلل‪ ،‬ويعرف ترتيب الدلة بعضها على بعض وتقدي‬
‫الول منـها ووجوه الترجيح‪ ،‬ويب أن يكون ثقة مأمونا ل يتساهل ف أمر الدين‪ ".‬ا‪.‬هـ وقال ابن أمي الاج النفي ف‬
‫"التقرير و التحبـي" (‪" :)3/341‬قال ابن السمعان‪ :‬الفت من استكمل فيه ثلث شرائط؛ الجتـهاد‪ ،‬والعدالة‪ ،‬والكف‬
‫عن الترخيص والتساهل‪ .‬وللمتساهل حالتان‪ :‬احداها أن يتساهل ف طلب الدلة وطرق الحكام ويأخذ ببادئ النظر وأوائل‬
‫الفكر فهذا مق صّر ف حق الجتـهاد ول يل له أن يفت ول يوز أن يُستفت‪ ،‬والثانية أن يتساهل ف طلب الرخص وتأول‬
‫ال سنّة فهذا متجوّز ف دين ـه و هو آ ث من الول‪ .‬ا‪.‬ه ـ و ف أ صول ا بن مفلح‪ :‬قال أ صحابنا وغي هم‪ :‬يرم ت ساهل الف ت‬
‫وتقل يد معرو فٍ ب ـه ‪ .‬و ف شرح البد يع للهندي‪ :‬وي ب أن يكون عدل ث قة ح ت يو ثق في ما ي ب ب ـه من الحكام ‪..‬ال"‬
‫ا‪.‬هـ وقد تكلم ف مثل هذا غيهم من العلماء على اختلف مذاهبـهم وتباين مشاربـهم‪ ،‬وتـهوين المر ل يكون إل‬
‫من ل يبال بـهذا الدين متلعب بأحكامه أو من يدع نفسه فيوهها بلوغه تلك النـزلة وهي أبعد من النجوم ف أفلكها‬
‫عنـه‪ ،‬أما من يبحث عن الرخص أينما كانت فحدث عنـهم ول حرج‪ ،‬حت صار التورع عن التخليط ف أمور الشرع‬
‫والخذ بالعزائم والعمل بالحوط من ملفات الاضي عند كثي من الناس وال الستعان‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪87‬‬


‫الاء من قوله‪( :‬بطلن ـه) عائدة إل ال طأ وكذلك ف قوله‪( :‬ال يه)‪ ،‬والاء من قوله‪( :‬عل يه) عائدة إل‬
‫الذي عمل وانتصب ممل على الال من فاعل أتى أي ل يلو ذلك الطأ إما أن يكون ما تقوم بـه‬
‫الجة من العقل أو ما تقوم حجتـه من السماع فالول‪ :‬غي معذور صاحبـه مهما خطر بباله ال‬
‫باعتقاده الـق فيه‪ .‬والثان‪ :‬نوعان؛ ‪1‬ـ تأدية مفروض‪2.‬ـ وترك مجور‪.‬‬
‫فأما تأدية الفروض فاذا ل يد ُمعَبّرا يعب له اياه ول يأت له من قبل بصيتـه بإلام ونوه فهو معذور‪،‬‬
‫كما سيأت اذا اعتقد ف جلتـه السؤال عن جيع ما يلزمه من دين ال‪.‬‬
‫ستَحِل أو‬
‫وأ ما ترك الحجور ف قد ق يل ان ـه ل ي سع أحدا أن يرتكب ـه عال ا بجره كان أو جاهل مُ ْ‬
‫ُمحَ ّرمَا‪ ،‬ومن ارتكبـه فهو هالك ظال لنـه قد ورد ف الثر الجتمع عليه‪ :‬يسع الناس جهل ما دانو‬
‫بتحري ه ما ل يركبوه أو يتولوا راكب ـه أو يبأوا من العلماء اذا برؤا من راكب ـه‪ ،‬وهذا قد ارت كب‬
‫ذلك الحجور عل يه ارتكاب ـه فل عذر له ب هل‪ ،‬ول بفتوى م طئ لن الف ت اذا أخ طأ و جه ال صواب‬
‫فليس بجة‪ .‬وقيل اذا ل يد من العب ف هذا ونوه وكان قد اعتقد ف جلتـه التاب عن جيع ما‬
‫لزمتـه فيه التوبة والسؤال عن جيع ما لزمه فيه السؤال فهو سال‪ ،‬وف هذا سئل المام الليـلي ـ‬
‫رحه ال ـ‪:‬‬
‫الســــــــــؤال‬
‫نسائل شس العصر أعن سعيـدنا سللة خلفان الليـلي المجدا‬
‫عن الراكب الحجور جهل ول يزل مقيمـا عليه مدة الدهر سرمدا‬
‫يالس أعـلم النام ول يســل وموطنـه دار بـها العلـم والدى‬
‫يدارس للثــار طول زمانـه ولكنـه لا يراه مســـوّدا‬
‫ول يسمع التحـري فيه ول يكن خطـورا له بالبـال كي يتعبدا‬
‫ويسبـه فعل حـلل وأنـه تقي كري خائف موقع الردى‬
‫أيسلم عند ال ان مـات هكـذا ويدخلـه الفردوس فيها ملدا‬
‫فقل ما أراك ال فيهـا مصـرحا صفات قيام الجة الكل مرشدا‬
‫فل زلت مبورا وحبا موفقــا لكشـف مهمات خليفة أحدا‬
‫عليه صلة ال ما ناحـت الربـا نسيم الصبا أو جابت العيس فدفدا‬
‫فأجــــــــاب ـ رضوان الله عليه ـ‪:‬‬
‫اليك بمـد ال نظمـا مؤيـدا بكم كتاب ال‪ ،‬من شـرع أحدا‬
‫عليه صـلة ال ث سـلمــه وأهليه والصحاب أفضل من هدى‬
‫فمن ركب الحجور جهـل بجره من الكم من مشروع ربـي تعبـدا‬
‫بـهجة النوار‬ ‫‪88‬‬
‫وضيع مفروض السـؤال وأنـه على قدرة منـه فقد ضل واعتـدى‬
‫مـن الق إل أن يبشّـر بالردى‬ ‫وما عذره بالهل شيئا يفيــده‬
‫كزان ول يـدر الزنـاء مرمـا وواطـئ أدبـار النسـاء تعمـدا‬
‫اذا ل يسل من قبل فعل بـه ابتـدا‬ ‫فذلك بالجـاع ل شك هالك‬
‫وهذا عليـه حجـة ال ربنــا أقيمت وما ف الهل عذر له بـدا‬
‫ولو سقط التكليف عن كل جاهل لكان اقتنـاء الهل للنفع أعـودا‬
‫ول تبغ ف ذاك اختـــلفا فانـه ضلل وكن أهل الـدال مفنـدا‬
‫فهذا بإجاع على نص مكم الـ ـكتاب وما فيه اعوجـاج تـأودا‬
‫وان تاب من قبل الذهـاب فربنا حليم غفور ذنب من تاب واهتـدى‬
‫ودعن من ذكر الذي ليس واجدا له أحـدا مـن يعـب للهــدى‬
‫فهذا له حكم يـص عمومهـا ولكـن أراه ل يكن لك مقصـدا‬
‫فجئت بمد ال بالق واضحـا سلم علـى هادي البية أحـدا‬
‫وقال ف مو ضع آ خر من "فتاو يه"‪.." :‬وأ ما النوع الثا ن و هو ركوب الحجور ف د ين ال تعال من‬
‫أ صول ما ل تقوم ب ـه ح جج العقول فق يل ف هذا على الطلق ب ـهلك فاعله من التعبد ين لن ـه‬
‫يف عل ما ليوز له ف دين ـه و قد ن قض الد ين‪ ،‬و ف ال ثر الجت مع عل يه (ي سع الناس ج هل ما دانوا‬
‫بتحريهـ مال يركبوه‪..‬ال) وهذا قـد ركبــه فضاق عليـه ول يسـعه جهـل بكـم ظاهره وإل فالهـل‬
‫أشرف بضاعة ان كان بـه عذر لن أطاعه فهو أول بالكرامة لنـه مطية السلمة؛ ويأب ال ذلك‪.‬‬
‫وف قول آخر‪ :‬فعسى ان ل تقم عليه الجة برامه أن ل يبلغ بـه إل هلكه وآثامه إن دان ل تعال‬
‫بالتوبة منـه بعينـه ان كان ف الدين حراما‪ ،‬وبالسؤال عنـه بعينـه أيضا إن هدي إل ذلك ف أحد‬
‫الوجهي أو فيهما تاما وإل ففي الملة‪ ،‬ولبد أن يدين ف جلتـه الت تعبده بـها أن يطيعه ف كل‬
‫شيء من أمره ويسأل مع القدرة عما يب عليه السؤال عنـه من دينـه ويتوب اليه من كل معصية‬
‫علمها أو جهلها ف حينـه مع الدينونة له با يب عليه ف ذلك إن لزمه شيء هنالك‪ ،‬أو هدي اليه‬
‫حال وجوب ـه بالتعي ي‪ ،‬أو ف الملة من أ صل ما ب ـه يد ين فإذا دان ل تعال ب ا ي ب من هذا ف‬
‫الملة إل أن ـه لعدم قيام ال جة عليه برمة ما ركب ـه ل ي هد إل حك مه فأتاه على غ ي ع مد من ـه‬
‫للمعصية وإنا وقع منـه لقصور علمه‪ ،‬وكذلك إن أخذ فيه بفتيا من دلّه على غي عدله ل مقلدا له‬
‫على حال ول مدّع يا على ال ف يه بحال لكون ـه ف يه على غ ي ا ستحلل ول مهمل عل يه اعتقاده ف يه‬
‫على ال صوص أو ف الملة إل لعذر ـ ك ما سبق ف مثله من مقال ـ فتكون الفت يا ف هذا القام‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪89‬‬


‫لباطلها حكم لشيء فكأنـها ل تكن ف الحكام شيئا فكان ذلك من خطأ الفت على ما يعذر بـه‪،‬‬
‫أم يلم فقابل ذلك على حجره وإن ل يكن هذا من عذره إل أنـه ما ل تقم الجة عليه بـه وهو غي‬
‫مق صّر ف الواجب من عقيدت ـه‪ ،‬ففي قول الشيخ أبـي نبـهان(‪ )141‬ـ رحه ال عليه ـ ف غي‬
‫موضع من "أجوبتـه" ما دل أن يسن ظنـه ف ال؛ يرجو أن ل يهلك من أجله بشرط ما ذكرناه من‬
‫التزام طر يق النجاة ف عقيدتـه‪ ،‬وقد صرح ف هذا وف غيه من جوابـه بوجود الختلف ف هذا‬
‫وبابـه‪ ،‬وقوله صحيح وآثار الشيخ أبـي سعيد ـ رحه ال ـ تشهد له بصوابـه‪ ،‬وكفى بـهما‬
‫قدوة لن أراد ال بـه الداية وبأثارها نور يهدي كما له هو أهل‪ ،‬وبمده نتوسل اليه أن ينقذنا من‬
‫الهل وبحمد وآله عليهم أفضل الصلة والسلم‪.".‬‬
‫هذا كلمـه وبــه تعلم أن مـا فـ كلمـه النظوم ممول على مـن أتـى الرام بعـد قيام الجـة عليـه‬
‫بـه(‪ )142‬لنـه هو موضع اللك بإجاع ـ كما يرشد إليه قوله‪" :‬ودعن من ذكر الذي ليس واجدا‬
‫‪"..‬ال‪ ،‬والذي ف كلمه النثور ممول على من أتى الرام والال(‪ )143‬أن الجة ل تقم عليه ف ذلك‬
‫الشيـء بعينــه لكنــها قامـت عليـه فـ الملة‪ ،‬وذلك كمـا لو علم أن فـ ديـن ال حلل وحرامـا‬
‫فارتكب شيئا ل يعلم حكم ال فيه؛ فإذا هو حرام ف دين ال فان هذا هو موضع النـزاع وال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(141‬الشيخ الرئيس أبو نبـهان جاعد بن خيس بن مبارك بن يي من نسل المام العادل الليل بن شاذان بن المام الصلت‬
‫بن مالك الروصي من علماء الباضية بعمان ولد عام ‪1147‬هـ وتتلمذ على يد الشيخ سعيد بن أحد الكندي والشيخ‬
‫حبـيب بن سال النـزوي‪ ،‬وصفه الشيخ السالي ف "تفة العيان" (‪ )2/147‬بقوله‪.." :‬ان أبا نبـهان كان التقدم على‬
‫أ هل زمان ـه بالعلم والف ضل والشرف‪ ،‬واتذه الناس قدوة ف مرا شد دين ـهم وم صال دنيا هم‪ ،‬وقلده الفا ضل أمر هم ل ا‬
‫علموا من علمه وورعه …" وهو والد العلمة الكبـي ناصر بن أبـي نبـهان ـ تأت ترجتـه ـ‪ ،‬توف عام ‪1237‬هـ‬
‫بعد حياة قضاها ف كفاح الظلم ونشر العلم من تصانيفه‪" :‬دقاق أعناق أهل النفاق ـ خ" ورسالة ف "أحكام الذبائح ـ ؟"‬
‫وكتاب "ال ج ولواز مه" (ن شر م صورا عن مطوطت ـه) وجزء ف "تف سي سورة الفات ة" وأكثر ها ل تن شر ب عد‪"( .‬الف تح‬
‫البـي" لبن رزيق ص(‪ )150‬ـ "تفة العيان" للسالي ‪ 2/147‬ـ "شقائق النعمان" للخصيبـي ‪.)1/139‬‬
‫‪ )(142‬ف هذا التوجيه نظر وذلك لن الحقق الليلي صرح هناك بأن هذا القارف من يهل الكم فيكون من ل تقم عليه‬
‫ال جة ب ـه يدلك على هذا قوله‪" :‬ف من ر كب الحجور جهل! بجره!!" وقوله‪" :‬ول يدر! الزناء مر ما" و من قا مت عل يه‬
‫الجة ل يسمى جاهل‪ .‬والستشهاد بقوله‪" :‬ودعن من ذكر الذي ليس واجدا ‪ "..‬ال ل تعلق له هنا بل حاصله أنـه فرّق‬
‫بـي من يكنـه الوصول ال معرفة الكم الشرعي بسبب وجود ا ُلعَبّر فترك السؤال‪ ،‬وبـي من ل يكنـه ذلك كالنقطع‬
‫ف جزيرة فهذا له ح كم خاص‪ .‬والتوج يه الثا ن الذي اختاره ال صنف أقرب من هذا بكث ي وعمو ما ل ج هل ول تا هل ف‬
‫السلم ولو كان ف الهل عذر لكان أشرف من حيث أنـه موصل للسلمة ويأب ال ذلك‪ ،‬وعليه فالكم هنا يشمل من‬
‫قامت عليه الجة على الشيء بعينـه ومن ل تقم عليه الجة عليه بعينـه ما دام هناك من يوضح له الكم الشرعي ف‬
‫الشياء وما دام قد علم أن ف شرع ال حلل وحراما وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(143‬ف (ب)‪ :‬واللل‪ .‬وهو تصحيف‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪90‬‬


‫أو تقول ان كلمه النظوم ممول على من ضيّع فرض السؤال وضيع اعتقاده بالهال‪ ،‬وما ف كلمه‬
‫النثور ممول على ما إذا ل يضيع مفروض السؤال ول يهمل العتقاد ف إجتناب ما عدا اللل ث ظهر‬
‫أن هذا الوجه هو أول أن يمل عليه كلم هذا الحقق وال أعلم‪.‬‬
‫ولا كان الهل نقيض العلم وكانت أحكام العلم دائرة بـينـه وبـي الهل إذ ما وجب علمه َحرُمَ‬
‫جهله‪ ،‬وما حرم جهله وجب علمه‪ ،‬ختم هذا الركن بـهذا الباب فقال‪:‬‬
‫البــاب الــرابع‬
‫فـي أقســــام الجهــل‬
‫وفيما يسع جهله وما ليسع‬
‫وبـه يتم الكلم على الركن الول ـ إن شاء‬
‫الله ـ‬
‫صاحبـه والثاني فهو‬ ‫(‪()45‬والجهل قسمان بسيط سلمــــا‬
‫ما انتمى)‬
‫صاحبـه بفعــــلـــــه‬ ‫(‪()46‬إلى مركَّـــب وليــــس يسلـم‬
‫بل يأثــم)‬
‫ينقسم الهل؛ إل بسيط وإل ُمرَكّب‪( ،‬فالبسيط) هو عدم العلم بالشيء ما من شأنـه العلم حت ل‬
‫يتصور ف باله شيء ما جهل بـه ول يطر بعقله شيء من صفاتـه وصاحب هذا القسم معذور سال‬
‫لن الجة ل تقم عليه بعلم ما جهله‪ ،‬ول يكون التكليف ال بعد قيام الجة؛ أما ما قيل من أن راكب‬
‫الحجور فـ ديـن ال هالك ولو ل يعلم بجره فذلك ممول على مـن علم أن فـ ديـن ال حلل‬
‫وحرامـا‪ ،‬لكنــه ل يعلم الكـم فيمـا ارتكبــه بعينــه وهذا قـد تقدم له تصـور علم بوجود جلة‬
‫الحرمات فهلكه انا كان بعد قيام الجة عليه ف الملة وجهله با ارتكبـه جهل مركب ل بسيط‪.‬‬
‫وأما (الركب) فهو اعتقاد الشيء على خلف ما هو عليه‪ ،‬وإنا سُمّيَ هذا القسم ُمرَ ّكبَا لتركّبـه من‬
‫عدم العلم بالش يء واعتقاد أن ـه عال‪ ،‬ف صاحبـه ي ظن أن ـه عال بالش يء و هو جا هل ب ـه وال يه‬
‫الشارة بقول القائل‪:‬‬
‫وأنك ل تدري بأنك ل تدري‬ ‫ومن عجب اليام أنك جاهل‬
‫وصاحب هذا القسم هالك ان كان جهله با يلزمه العلم بـه‪ ،‬وانا كان هالكا لقيام الجة عليه بذلك‬
‫الشيء واعتقاده فيه على خلف حقيقتـه ل يكون عذرا له بعد وجوب علمه‪ ،‬فالراد بقوله‪( :‬والثان‬
‫فهو ما انتمى إل مركب) أي القسم الثان من قسمي الهل هو ما انتسب إل مركب أي سي بذلك‪،‬‬
‫وقوله‪( :‬بل يأث) تأكيد لقوله وليس يسلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪91‬‬


‫ولا فرغ من تقسيم الهل بالنظر إل حقيقتـه وحصوله ف ذهن الكلف شرع ف بـيان تقسيم الهل‬
‫الركب منـه بالنظر إل حكم الشارع فيه فقال‪:‬‬
‫ُ‬
‫لواســــع الجهـــل‬ ‫(‪()47‬وباعتباره لـــــدى التكل ّـــــف‬
‫وضيــق يفي)‬
‫الاء مـن قوله‪( :‬وباعتباره) عائدة إل القسـم الركـب مـن قسـمي الهـل لنــه أقرب مذكور‪ ،‬ولن‬
‫الق سم الول صاحبـه معذور و سال فل يتأ تى ف يه هذا النق سام‪ ،‬والع ن أن ال هل الر كب ينق سم‬
‫بالن ظر إل ح كم الشارع ف يه إل ق سمي؛ أحده ا سال صاحبـه والثا ن هالك‪ ،‬في سلم صاحبـه إذا‬
‫جهل با ل يلزمه العلم بـه‪ ،‬ويهلك إذا جهل با يلزمه العلم بـه‪ ،‬وسيأت بـيان ما يلزمه العلم بـه‬
‫و ما ل يلز مه مف صل‪ ،‬ولك أن تقول ان الاء من قوله‪( :‬وباعتباره) عائدة إل حقي قة ال هل مع ق طع‬
‫النظر عن التق سيم الذكور‪ ،‬والعن ينق سم الهل من حيث هو إل واسع الهل وهو الهل البسيط‬
‫وبعـض الركـب‪ ،‬وإل مـا ل يسـع جهله وهـو بعـض الركـب‪ .‬وقول الناظـم‪( :‬فـ التكلف) أي فـ‬
‫ُسـبّبٌ‬
‫ّفـ م َ‬
‫التكليـف‪ ،‬ففـي اطلق التكلف على التكليـف ماز إرسـال لعلقـة السـبّبـية لن التكل َ‬
‫للتكليف؛ يقال‪ :‬كلفتـه فتكلّف‪.‬‬
‫ولا فرغ من بـيان أقسام الهل وأحكامه شرع ف بـيان الشياء الت يسع جهلها والشياء الت ل‬
‫يسع جهلها فقال‪:‬‬
‫فعـــلمه في‬ ‫مؤَقَّـت‬ ‫(‪()48‬وأي فـرض فعــــلـــــه ُ‬
‫مثبَّــت)‬‫وقتـــــــــه ُ‬
‫وقيل ل حجة ممـــن‬ ‫(‪()49‬حجتـه تقـوم ممــــن عبَّـــــــــرا‬
‫كفـــــرا)‬
‫إن استطـــــعتـه بل‬ ‫(‪()50‬بل ما عــــدا البَّر أتى في المعتبر‬
‫نيل ضرر)‬
‫تنقسم الشياء الت ُتعُبّدْنا بـها إل قسمي‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬تقوم حجتـه من عقل الكلف‪ ،‬وسيأت الكلم عليه ان شاء ال تعال ف بابـه‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬تقوم حجتـه من السماع‪ ،‬وهو نوعان‪)1 :‬امتثال أمر‪)2 ،‬وامتثال نـهي؛ فامتثال المر تأدية‬
‫الفترضات من البدان والموال؛ و هو أي ضا نوعان‪ :‬أحده ا مؤقّ ت الع مل؛ أي يلزم أداؤه ف و قت‬
‫ُمعَيّن‪ .‬وثانيهما ما ليس كذلك‪ ،‬وسيأت الكلم عليه ـ إن شاء ال تعال ـ‪.‬‬
‫فأما الذي عمله مؤقت؛ كالصلة والصوم فيلزمه عمله بدخول وقتـه وتقوم حجتـه حينئذ من جيع‬
‫ا ُل َعبّرِ ين ولو كان ا ُلعَبّر كافرا أو طفل أو سع ذلك من ل سان طائر ففه مه أو وجده مكتو با ف كا غد‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪92‬‬


‫وغيه‪ ،‬وهذا هو الذي أورده المام أبو سعيد ف "استقامتـه"(‪ )144‬وقيل إن الكافر ليس بجة ف هذا‬
‫(‪)145‬‬
‫وغيه‪ ،‬بل ما عدا البَرّ ـ بفتح الباء ـ وهو الصال ف جيع أموره ل يكون حجة قاله ف "العتب"‬
‫متجا له بقوله تعال‪ :‬ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبـيل‬
‫النساء ‪:‬‬

‫‪. 141‬‬
‫قال أبو ب كر(‪ )146‬ف "الهتداء"(‪" :)147‬ذه بت الن ـزوانية إل قيام الجة ب ـه من كل معلم من كا فر‬
‫أومسلم أو كتابة ف حجر أو من(‪ )148‬فم طائر واعتلّوا بأن الق بنفسه حجة فحيث وجد كان حجة ل‬
‫يعتبون ف ذلك العلم بـه‪ ،‬والجة لم ف ذلك قول النبـي ‪» :‬اقبل الق من جاءك بـه بغيضا‬

‫‪ )(144‬ف "الستقامة" للمام الكدمي (‪ 2/215‬ـ ‪/ 216‬طبعة وزارة التراث العمانية)‪.‬‬


‫‪ )(145‬ف "العتب" للمام الكدمي (‪ / 1/71‬التراث العمانية)‪.‬‬
‫‪ )(146‬العلمة أبو بكر أحد بن عبدال بن موسى بن سليمان الكندي‪ ،‬من كبار علماء الباضية العمانيي ف القرن السادس‬
‫الجري‪ ،‬ولد ونشأ ف مدينة "نـزوى" حاضرة العلم آنذاك‪ .‬وهو ابن عم العلمة الكبـي ممد بن ابراهيم صاحب الكتاب‬
‫الذائع الصيت "بـيان الشرع" أشهر كتب الشرع عند علماء عمان‪ ..‬تتلمذ على يد الشيخ أحد بن ممد بن صال الغلفقي‬
‫النـزوي‪ ،‬واستفاد كثيا من ابن عمه الذكور حت كان يعتن بكتبـه ورسائله بل قيل إنـه هو الذي رتب "بـيان الشرع"‬
‫على هذا الن سق‪ .‬وترب على يديه ثلة ل بأس بـهم من أهل عمان وكان له مقام بارز ف الياة السياسية وذ كر غي واحد‬
‫أنـه توف بعد أن عقَد للمام ممد بن خنبش ببلدة "سون" هو ومن حضر من الجله‪ ،‬وأقام عنده بسون ستة أشهر ث‬
‫عرض له الرض الذي مات فيـه فاندر إل أهله بــنـزوى فلبـث عندهـم عشرة أيام ثـ توفـ وقُب بــ"الضـ" مـن سـد‬
‫نـزوى‪ .‬وكانت له مؤلفات راقية تدل على هتـه العالية ف العلم من أشهرها كتاب "الصنف ‪42/‬ج‪ /‬التراث" ف الفقه‬
‫وف حقه يقول العلمة خلف بن سنان الغافري‪:‬‬
‫كمـثل "بـيان الشرع" ل و"الصـنف"‬ ‫"ولـمـا بـلن ال بالـكم ل أجــد‬
‫الـؤلـف ف يـوم الزا والصـنف"‪.‬‬ ‫فيـا رب فاجزِ بالكـرامـة مهــجـة‬
‫وله كتاب "الوهر القتصر ـ ط‪/‬التراث" وفيه مسائل كلمية‪ ،‬و"الهتداء ـ ط" و "التخصيص ف الولية والباءة ـ ؟"‬
‫و"التسهيل ـ ؟" ف الفرائض و "سية البرة ـ ؟" ف الرد على من طعن ف سيتـهم‪ ،‬وكتاب "التيسي ـ ؟" ف النحو‪،‬‬
‫و"الذخية ـ ؟" كتاب ألفه للباضية من أهل حضرموت ‪ ..‬ول يظهر من هذه الكتب ف عال الطبوعات إل الثلثة الول‪.‬‬
‫وتوف كما تقدم سنة ‪557‬هـ ودفن ف سد نـزوى‪.‬‬
‫("السية" لبن مداد ص ‪ 31‬ـ "تفة العيان" ‪ 1/244‬ـ "اللمعة الرضية" للسالي ص ‪ 21‬و ‪ 22‬ـ "اتاف العيان"‬
‫للبطاشي ‪ 1/253‬ـ ‪.)264‬‬
‫‪ )(147‬ص (‪31‬ـ ‪.)32‬‬
‫‪ )(148‬ف الصلي و الطبوع من "الهتداء" ‪( :‬ف)‪ .‬فأصلحتـه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪93‬‬


‫كان أو حبـيبا‪ ،‬ورد الباطل على من جاءك بـه بعيدا كان أو قريبا«(‪ )149‬قالوا‪ :‬فلما كان الباطل غي‬
‫مقبول من جاء بـه من مسلم أو كافر بإجاع كان الق مقبول من جاء بـه من مسلم أو كافر‪.‬‬
‫وذهبت الرستاقية إل أن الجة ف تفسي ما تعبّد ال بـه ل تقوم إل من الثقات؛ واحتجوا بقول ال‬
‫تعال‪ :‬ولن يجعـل الله للكافريـن على المؤمنيـن سـبـيل النسـاء ‪ 141 :‬وبقوله‬
‫سبحانـه‪ :‬ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبـينوا الجرات ‪ 6 :‬قالوا‬
‫فقد أمر بالتبـي عند خب الفاسق وهو عام ف كل نبأ حت يصح التخصيص‪ ،‬قالوا‪ :‬وف أمره بالتبـي‬
‫عند خب الفاسق دليل على ترك التبـي عند خب غي الفاسق وال أعلم"‪(.‬انتـهى)‪ .‬أقول‪ :‬وف كل‬
‫واحد من هذين الستدللي نظر فليتأمل‪.‬‬
‫وقول الناظم‪( :‬إن استطعتـه ‪..‬ال) أي إن قدرت على وجود(‪ )150‬العب من غي تمل لشقة خارجية‬
‫ول إصابة ضرر ف الن فس والعيال‪ ،‬و قد تقدم ذ كر الشروط ل ن ي ب عليه الروج ف طلب ال عب ف‬
‫الباب الول من هذا الركن فراجعه من هنالك‪.‬‬
‫معــــبرا نور هـــداه‬ ‫(‪()51‬واعتقد الســــؤال إن لم تستطع‬
‫تتبــــع)‬
‫رأيــــت من أدائـــــه‬ ‫(‪()52‬لكن عليــــك أن تؤديـــه كمـا‬
‫متمما)‬
‫وفقــــك الباري وإل‬ ‫(‪()53‬فإن تكن موافقا صدق العمــــل‬
‫فالبدل)‬
‫قــــولن بالفــور ودين‬ ‫(‪()54‬مختلف فيه ومــع مــــن أثبتـه‬
‫مثبتـه)‬
‫أي اج عل ف عقيدتك السؤال إذا ل تقْدِر على وجود العبّر حت تتوصل اليه بو جه من الوجوه‪ ،‬ل كن‬
‫سنَ ف عقلك من أدائه‪،‬‬ ‫عليك مع العتقاد للسؤال أن تؤدي ذلك الفترض الواجب عليك فعله كما َح ُ‬
‫والداء‪ :‬فعل الش يء ف وقت ـه‪ .‬والقضاء‪ :‬فعله ب عد وقت ـه أ) ا ستدراكا ـ والعادة‪ :‬فعله ف وقت ـه‬
‫ـ‪ .‬ب) ثانيا للل‪.‬‬
‫فإذا وجدت العبّر و َعبّر لك ذلك الفترض ك ما أديت ـه أ نت من ق بل ف قد وف قك ال عل يه ول بدل‬
‫عليك ف يه‪ ،‬وإن عبّر لك على خلف ما أ نت مؤد له فالبدل متلف ف يه على قول ي؛ هل هو عليك أو‬
‫ل؟ أوجبــه قوم ول يوجبــه آخرون‪ ،‬واختلف الثبتون للبدل هـل هـو لزم على الفور ــ أي فـ‬

‫‪ )(149‬الديـث ذكره التقـي الندي فـ "كنــز العمال" (‪ )15/794‬وعزاه للديلمـي‪ .‬وهـو فـ "الفردوس بأثور الطاب"‬
‫للديلمي (‪ 1/433‬برقم ‪ )1762‬عن ابن مسعود فذكره ـ بدون سند ـ‪.‬‬
‫‪ )(150‬ف (ب)‪ :‬ورود‪ .‬وهو تصحيف‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪94‬‬


‫أ سرع ما ا ستطعت لن الفور تعج يل إنفاذ الوا جب ـ أو دَيْن ُمثْبَت عل يك م ت ما شئت أن تؤد يه‬
‫فواسع لك (قولن)‪ .‬والاء ف قول الناظم‪( :‬مثبتـه) للمبالغة كما ف قوله تعال‪ :‬بل النسان‬
‫على نفسه بصيره القيامة ‪. 14 :‬‬
‫ث أشار إل بـيان النوع الثان من نوعي الفرض الفعلي فقال‪:‬‬
‫فواســع جهلــــكه إلى‬ ‫(‪()55‬وإن يكن غير مؤقــــت العمل‬
‫الجل)‬
‫وقيـــل كالول نظــــم‬ ‫(‪()56‬مالم تكــــن معتقــــدا لتركــه‬
‫سلكه)‬
‫لن وقـــــت ذيــــن‬ ‫(‪()57‬وذاك مثل الحــــج والزكـاة‬
‫للممـات)‬
‫هذا النوع هو الثان من نوعي امتثال المر وهو الفرائض الغي الؤقتـه ـ أي ل يكن عملها مدودا ف‬
‫وقت معلوم(‪ )151‬ـ كالج والزكاة لن وقتـهما واسع إل حضور الوت لن ل يدن بترك فعلهما أو‬
‫يعتقده من غي دينونة‪ ،‬فإذا لزمك أحد هذين الفرضي أو ما كان ف معناها فواسع جهلك بعلمه إل‬
‫الجل أي إل حضور وقت انقضاء الجل‪ ،‬فإذا حضر وقتـه لزمك علم ذلك الفترض‪ ،‬وكان عليك‬
‫جةً ف الصلة والصوم اللزمي الاضر وقتـهما‪ .‬وقيل بل يلزمك العلم بكل‬ ‫جةُ جيع من كان ح ّ‬
‫ُح ّ‬
‫مفترض عليك ـ وإ نْ وسعك التأخي ف أدائه ـ لئل تكون جاهل با افترض عليك ف دين ال وهذا‬
‫معن قول الناظم‪( :‬وقيل كالول‪ ..‬إل آخر البـيت)‪ ،‬والراد بـ(الول) ف قوله الفرض الؤقت فعله‪.‬‬
‫وفيه قول ثالث‪ :‬وهو أنـه ل يسع تأخي أدائه بعد المكان‪ ،‬فيكون من الفرائض الؤقتـه ويتمله قول‬
‫الناظم أيضا‪ ،‬وهذا القول ليبعد عندي ف الزكاة لقترانـها بالصلة ف أكثر آي القرآن‪ ،‬ولقوله تبارك‬
‫وتعال‪ :‬وويـل للمشركيـن ‪ o‬الذيـن ل يؤتون الزكاة وهـم بالخرة هـم‬
‫كافرون ف صلت ‪6 :‬و ‪ 7‬ول يس من الشرك ي من يؤ ت الزكاة‪ ،‬ان ا ذكر ها ه نا تري ضا للمؤمن ي على‬
‫السارعة ف أدائها وتنبـيها على لزوم فرضها إل أن القول الول من هذه القوال الثلثة هو الشهي‬
‫التداول وعليه المام أبو سعيد ـ رضي ال تعال عنـه ـ ف "الستقامه"‪.‬‬
‫جميعـــه مـــا لــــم‬ ‫(‪()58‬وواســــع جهــلــــك بالمحــَّرم‬
‫عليـــه تُقْدِم)‬
‫إن قائــــم العــين‬ ‫(‪()59‬كالـــــدم والميتـــــة والخنـزيــر‬
‫وكالخمــــور)‬

‫‪ )(151‬يبحث فيه من جهة أن الختار كون الج على الفور ل على التراخي وف حينـه يكون وقتـه معلوم مضيق غي موسع‬
‫على الستطيع وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪95‬‬


‫فــــي أي مـا كــان من‬ ‫(‪()60‬وكالذي يذبــــح للوثـــــان‬
‫المكــان)‬
‫والخلــــف في الخمر‬ ‫(‪()61‬وذا لدى المضطر قد أبـيحــــا‬
‫أتى صريحا)‬
‫هذا النوع الثا ن من النوع ي اللذ ين تقوم ب ـهما ح جة ال سماع؛ و هو امتثال الن ـهي عن ارتكاب‬
‫الحرمات جيعها‪ ،‬والهل بـها واسع لن ل يقدم عليها بارتكاب أو تليل بقول دون ارتكاب‪ ،‬فإن‬
‫كان ش يء من ذلك فل ي سع جهل ها ولزم الفا عل علم تري ها سواء كان إرتكاب ـه إيا ها على علم‬
‫بن سها وج هل بتحري ها أو علم بن سها وج هل بتحري ها‪ ،‬وتلك الحرمات (كالدم) والراد ب ـه الدم‬
‫السفوح كما صرح بـه تعال ف سورة النعام‪ ،‬فإن قلتَ‪ :‬من الدماء ما هو حرام بإجاع كالسفوح‪،‬‬
‫ومنـه ما هو حلل باتفاق كدم السمك‪ ،‬ومنـه ما هو متلف فيه كدم الستجلبات؛ فكيف ل يسع‬
‫جهله لراكبـه مع وجود الحتمال فيه؟! فالواب‪ :‬أن الكم فيه التحري حت يصح غيه‪( .‬وكاليتة)‬
‫وهي الت ل تُذَكّ فدخل تت هذه العبارة النخنقة والوقوذة ـ وهي الضروبة بالعمد حت ماتت ـ‬
‫والتردية ـ وهي الت تتردى من علو إل أسفل فماتت من غي تذكية ـ والنطيحة ـ وهي فعيلة بعن‬
‫(‪)153‬‬
‫مفعول من النطح وهو السدع(‪ )152‬ـ وما أكل السبع ـ كالذئب والنمر ونوها ـ إل ما ذكيتم‬
‫أي إل ما أدركتم ذكاتـه من هذه الشياء فذكيتموه فهو حلل لكم وحدّ ما يل من هذه بالتذكية‬
‫هو أن تتحرك الذكّاة بعد التذكية ولو بارحة قيل ولو ترك طرف عينـها ـ أي جفنـها ـ وأما‬
‫سائر البدن الذي ليس بارحة فل اعتبار بتحرّكه ف تليلها لنـه قد تكون تلك الركة فيه وهو لم‬
‫ن شر عا كمي تة الب حر لقوله تبارك وتعال‪ :‬أحـل‬ ‫م سلوخ‪ ،‬ويرج عن هذه العبارة ما كان م ستث ً‬
‫لكـم صـيد البحـر وطعامـه متاعـا لكـم وللسـيارة الائدة ‪ 96 :‬فهـو حلل على‬
‫الطلق لقوله ـ وقد سئل عنـه فقال‪:‬ـ » هو الطهور ماؤه والل ميتتـه«(‪ ،)154‬وكميتة الراد‬

‫‪ )(152‬ف (ب)‪ :‬الدع‪ .‬والن سب ما أثبت ـه ك ما ف (أ)‪ ،‬قال الفيوزابادي ف "القاموس الح يط" (مادة َسدَع)‪" :‬ال سّدع‪:‬‬
‫صدَم الشيء بالشيء ‪ ."...‬وف "لسان العرب" لبن منظور (مادة َسدَع)‪.." :‬والسدع‪ :‬صَدم الشيء بالشيء َسدَعَه‬ ‫كالنع‪َ ،‬‬
‫يسدعه َسدْعَا" والنطح ل يكون بغي اصطدام!‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(153‬من قوله تعال‪ :‬حر مت علي كم الي تة والدم ول م الن ـزير و ما أ هل لغ ي ال ب ـه والنخن قة والوقوذة والترد ية‬
‫والنطيحة وما أكل السبُع إل ما ذكيتم وما ذبح على النّصب وأن تستقسموا بالزلم ذلكم فسق ‪ ...‬الية (الائدة ‪.)3 :‬‬
‫‪ )(154‬جاء من طريق أبـي هريرة رواه المام أحد ف "مسنده" [‪ 7252‬و ‪ 8756‬و ‪ ]9123‬والمام مالك ف "الوطأ"‬
‫(‪ )1/22‬وا بن خزي ة ف " صحيحه" [‪ ]111‬والترمذي [‪ ]69‬وأبوداود [‪ ]83‬والن سائي ف "ال صغرى" [‪ 59‬و ‪ 332‬و‬
‫‪ ]4350‬و ف "ال كبى" [‪ 58‬و ‪ ]4862‬وا بن ما جة [‪ 386‬و ‪ ]3246‬وا بن حبان [‪ ]1240‬والا كم ف "ال ستدرك" [‬
‫‪ 491‬و ‪ 492‬و ‪ 493‬و ‪ 497‬و ‪ ]498‬والدارمي [‪ 728‬و ‪ 729‬و ‪ ]2011‬والبـيهقي ف "السنن الكبى" برقم [‪ 1‬و‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪96‬‬


‫سنّة(‪ )155‬وما شابـهه فهو مقيس عليه‪ .‬وقول الناظم‪( :‬والنـزير إن قائم العي) أي والنـزير إن‬ ‫لل ُ‬
‫كان قائم العي أي ل يتغي شخصه فهو من الحرمات أيضا فل يوز لحد أن يقدم على ارتكابـه ول‬
‫تليله بقوله سواء َعلِ مَ بـه أو جَهِل‪ ،‬وأما إن كان غي قائم العي بأن كان لما مقطّعَا فواسع جهله‬
‫ل ن أكله اذا ل يعلم ب ـه أن ـه ل م خن ـزير وأكَلَ هُ مِ نْ عِنْد مَ نْ توز ذب ـيحتـه إذ ل فرق ب ـي‬
‫لمه وبـي لم سائر اليوانات؛ وما أحسن قول ابن النضر(‪:)156‬‬

‫‪ 2‬و ‪.]18965‬‬
‫و من طر يق جابر بن عبدال رواه أح د [‪ ]15022‬وا بن خزي ة [‪ ]112‬وا بن ما جة [‪ ]388‬وا بن حبان [‪1241‬‬
‫‪/‬الحسان] والاكم [‪ ]500‬والبـيهقي ف "الكبى" برقم [‪ 1195‬و ‪.]18966‬‬
‫ومن طريق ابن عباس رواه المام الربـيع الفراهيدي ف "مسنده" [‪.]161‬‬
‫ورواه ابن ماجة [‪ ]387‬عن ابن الفراسي‪ .‬ورواه الاكم [‪ ]499‬عن عل يّ‪ .‬ورواه عبدالرزاق ف "مصنفه" [‪ ]318‬عن‬
‫ابـن عمرو ‪ .‬و[‪ ]320‬عـن أنـس و[‪ ]8656‬عـن ييـ بـن أبــي كثيـ‪ .‬كمـا رواه أحدـ [‪ ]23159‬ول يسـم‬
‫الصحابـي‪.‬‬
‫وجاء من طريق بعض بن مدل رواه ابن أبـي شيبة ف "مصنفه" [‪ ]1378‬وعبدالرزاق برقم [‪ 321‬و ‪.]8657‬‬
‫‪ )(155‬دليله قوله ‪» :‬أحلت لكـم ميتتان ودمان فاليتتان الراد والسـمك‪ ،‬والدمان الكبـد والطحال«‪ .‬والديـث جاء مـن‬
‫طريق ابن عباس رواه المام الربـيع ف "مسنده" برقم [‪ .]618‬وجاء ـ بألفاظ مقاربة ـ من طريق ابن عمر رواه‬
‫المام أحد [‪ ]5725‬وابن ماجة [‪ 3218‬و ‪ ]3314‬وعبد بن حيد ف "مسنده" [‪/ 820‬النتخب] والبـيهقي ف "السنن‬
‫الكبى" [‪ 1197‬و ‪ .]19697‬وغيهم‪.‬‬
‫‪ )(156‬العلمة أحد بن سليمان بن عبدال بن أحد بن العلمة الضر بن سليمان بن النضر ـ وهو جدهم الذي ينتسبون إليه‬
‫ـ وأ صلهم من الن عب ف هو ناعب ـي اشت ـهر با بن الن ضر‪ .‬أ حد العلماء الباض ية من أ هل عمان عاش ف القرن ال سادس‬
‫الجري ونشأ وترعرع ف مدينة "سائل" يقول السالي ف "تفة العيان" (‪ .." :)1/249‬وكان يتعلم عند الشيخ مبارك بن‬
‫سليمان بن ذهل ومنـه تعلم الشعر وله ف الفظ ما فاق بـه أهل زمانـه وكان عالا بأشعار العرب وسيهم وتواريهم‬
‫وماوراتـهم‪ ،‬ناهيك بعلم اللغة فإنـه أخذها بذافيها‪ ،‬وغاية ما حفظ من أشعار العرب أربعي ألف بـيت؛ ما كان من‬
‫الثلثة إل الواحد‪ ،‬وأما القصائد الكبار فل تصى‪ ،‬وكان ينظم القصيدة ف ليلة وله ديوان أكثره تغزل فلما تبقر ف العلم مزقه‬
‫ث صرف قريضه ف نظم الشريعة‪ ،‬وتفرقت قصائده ف البلدان وذهب أكثرها فمن الذاهب قصيدة ف الولية والباءة غي‬
‫اللمية الشهورة وقصائد ف الصلة والحكام تزيد على أربع قصائد وقصيدة ف الضاد والطاء نو مائت بـيت‪ ،‬وقيل إنـه‬
‫تبقر ف العلم وشاعت تصانيفه ف الفاق وهو ابن أربع عشرة سنة والدعائم من آخر ما نظم‪ ،‬وقال ابن زكريا ف حقه‪ :‬إنـه‬
‫أشعر العلماء وأعلم الشعراء‪ .‬ونقل عن ابن النظر أنـه قال‪ :‬أنا أحفظ وقد نومتن أمي ف الهد‪ ،‬وقد علقت حول رأسي‬
‫شراخ ب سر أب ـيض ـ أي جزء من عذق ف يه ب سر و هو الر طب ق بل نض جه ـ فانطل قت عن ـز فلكت ـه ف صحت‪،‬‬
‫فطردتـها جارية عن‪ ،‬ث رجعت فلكت الرقة الت عليّ فصادفت ابـهام رجلي فصحت فطردتـها الارية أيضا وأخذتن‬
‫أمي والدم يسيل من رجلي‪ ،‬فنظرت فإذا أنا ابن عشرين يوما!‪ ".‬ا‪.‬هـ وكان معاصرا للشيخ فاضل بن عبدال القلهات وكان‬
‫عال عصره والشيخ أبـي عمر النخلي الذي ذكره ف احدى قصائده وكان من أخص أصدقائه وكان يتلف إليه وهو عال‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪97‬‬


‫ذي الهل حرم وذوي العقل‬ ‫كذلك النـزير حيّا على‬
‫جهلك بالعضـاء والنشـل‬ ‫وواسع من بعد تقـطيعه‬
‫وحلو على النـــزير القرد لقترانـــهما فــ قوله تعال‪ :‬وجعـــل منــــهم القردة‬
‫والخنازيـر الائدة ‪ 60 :‬واختلفوا فـ خنــزير البحـر فقال قوم هـو حلل لن ال أحـل صـيده على‬

‫ف الفقه‪.‬‬
‫والسبب ف ذهاب أكثر مؤلفاتـه ما حصل له حيث قُتل فنـهب بـيتـه وخزانة كتبـه وأحرقت بالنار وذلك بـيد‬
‫السلطان الائر خردلة بن ساعة بن مسن ـ أخزاه ال ـ الذي كان من فسقه وجوره وتعسفه يأخذ من كل سبع نلت‬
‫نلة‪ ،‬ويسقي مزارعه باء العباد‪ ،‬ويأكل أموال الساجد والدارس والقابر‪ ،‬ويأخذ نصف مهر الرأة من العاجل إذا تزوجت‪،‬‬
‫وإذا طلقت ياصم ف الجل‪ ،‬ويأخذ نصف الب والتمر والقطن‪ ،‬ويكلف الناس حل متاع بـيت الال إل الصن بعنف‪،‬‬
‫ويكلف أهل "قيقا" و"بدبد" يملون ترهم وما يغتصبـه منـهم على دوابـهم وظهورهم إليه ول يبال‪ ،‬ويأخذ نصف حق‬
‫الدعِي‪ ،‬ول يلّف النكر بل ينوع له العذاب حت يقر لغريه ‪ ...‬وتصادف أن تزوجت ابنة أخت الشيخ ابن النضر على مهر‬
‫قدره خسي ممدية ـ عملة ـ فضة فأرسل خردلة جنديا لخذ نصفها من الشيخ أحد فمنعها الشيخ ول يعطه‪ ،‬فأرسل‬
‫خردلة مموعة من الند يطلبون منـه مقابلتـه‪ ،‬فلما مثل بـي يديه طالبـه بالدراهم وتـهدده وأغلظ عليه‪ ،‬ومن بعض‬
‫ما قاله‪ :‬ك نا أرد نا م نك الم سي ف قط‪ ،‬والن ل يكف نا إل د مك‪ .‬فقال الش يخ‪ :‬ال مر ل ن خل قك ل لك‪ .‬فقال البار‪ :‬أوَ‬
‫تـهزأ بـي؟!‪ .‬فأشار إل بعض الند أن ألقوه من هذه الكوة ـ النافذة ـ فكتفوه وألقوه وكانت كوة قصره شديدة العلو‬
‫فوقع إل الرض ميتا ـ رحه ال ـ وهو شاب قيل عمره خس وثلثون عاما‪.‬‬
‫ث أمر خردلة أن تدخل داره ويؤخذ ما فيها فأخذت كتبـه ومصنفاتـه فأحرقت‪ ،‬وكان له جلة مصنفات منـها كتاب‬
‫"سلك المان" ف سي أهل عمان ملدان ل يدوا منـهما شيئا إل تسعة كراريس مروقة‪ .‬وكتاب "الوصيد ف ذم التقليد"‬
‫ملدان وكتاب "مرآة البصر ف ممع الختلف من الثر" أربع ملدات وجدت قطعة منـه بـ"قيقا" وهي من بعض تساويده‬
‫إنا ل وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫ومن كلم ابن زكريا يرثيه‪:‬‬
‫وتفقـده أقـلمه ومـابـره‬ ‫"فحـسبك من تثـن علـه دفاتره‬
‫أوائلـه تثـن لـه وأواخـره‪".‬‬ ‫فكم لبـن اليام والدهر ألســن‬
‫ول يبق من مؤلفاتـه غي "الدعائم ـ ط" وهو مموعة من القصائد ف التوحيد والفقه‪ .‬وقصيدتـه "اللمية" ف الولية‬
‫والباءة و قد شرح الدعائم طائ فة من العلماء كا بن و صاف و ساه "ال ل وال صابة ـ ط" و البادي ف "شفاء الائم على‬
‫بعض الدعائم ـ خ" وللقطب اطفيش شرح مطوط‪ .‬كما لذا الخي شرح على القصيدة "اللمية ف الولية والباءة" لبن‬
‫النضر مطوط أيضا‪.‬‬
‫وما تيز بـه أنـه يبتدئ القصيدة الفقهية بعبارات الزهد والكمة فمثل ف "الدعائم" يقول ص (‪:)46‬‬
‫ومن آخيتـه قـد مـات طـرا‬ ‫"أتأمـل بعـد شيب الرأس عمـرا‬
‫وزخرف للبـلى كفـنا وقـبا‬ ‫فمـا زخـرفـت للدنـيا فدعـه‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪98‬‬


‫الطلق‪ ،‬وذهب آخرون إل التحري لن(‪ )157‬ال حرّم النـزير على الطلق‪ ،‬وقيل فيه بالتكريه من‬
‫غي تري وهو سائغ‪ .‬وقوله‪( :‬وكالمور) جع خر أي كذلك المور فهي حرام ف كتاب ال تعال‬
‫ول يوز لحد ارتكابـها ول تليلها بهل ول علم‪ ،‬قال ابن النضر ـ رحه ال ـ‪:‬‬
‫ف حال علم منـه أو جهل‬ ‫والمـر لعذر لن ذاقها‬
‫وكذلك كل مسكر لقوله ‪ » :‬كل مسكر حرام «(‪)158‬خلفا لب ـي حنيفة(‪ )159‬ف تليله المر من‬
‫غي الزبـيب والتمر‪ ،‬قال ابن النضر‪:‬‬

‫ومـر شهـورها شهـرا فشهرا‬ ‫تظنك خالـدا تصـي اللـيالـي‬


‫يسوق إلـيك مـزرة ونــرا‬ ‫فسـوف يسـوق أشهـرهن يوم‬
‫يقلـب أمرها بطنا وظهرا‪.. .‬ال"‬ ‫أخـو الدنـيا يبـيـت بـها غـريرا‬
‫ويقول ف ص (‪:)125‬‬
‫فـإنـك ل مـالة تـدعيـن‬ ‫"دعيـن عنـك يا دنيـا دعـين‬
‫ويُخـتدع اغـتـرارا مـرتيـن‬ ‫أيلـسع مؤمن مـن جحر أفعـى‬
‫وموعـظة وف ذي الـيـتـي‬ ‫أمـا ف القـارظي لـنا اعتـبار‬
‫ورب الـنـتي وذي رُعــي‬ ‫وفـي رب البـحية والسـبايا‬
‫وأبـقى بعـدهـم ل تصرعين!‬ ‫صـرعتـيهم على البـلواء منـهم‬
‫إذا الرشـاء جـاش لـا أنين!‬ ‫فهـل تغـني عنـي من فتيـل‬
‫لـدي فأيسي أو فارتين ‪ ..‬ال"‬ ‫إلـيك إلـيك مالك من نصيب‬
‫("خزا نة الثار" ـ ض من مقد مة كتاب "الدعائم" ص ‪ 4‬ـ "ت فة العيان" لل سالي ‪ 1/248‬ـ ‪ 249‬ـ "اللم عة‬
‫الرض ية" لل سالي ص ‪ 25‬و ‪ 26‬ـ "شقائق النعمان" للخ صيبـي ‪ 2/324‬ـ "اتاف العيان" للبطا شي ‪ 1/299‬ـ‬
‫‪.)307‬‬
‫‪ )(157‬ف (أ)‪ :‬بأن‪.‬‬
‫‪ )(158‬جاء مـن طريـق أبــي موسـى الشعري رواه المام البخاري فـ "صـحيحه" [‪ 4343‬و ‪ ]4344‬ومسـلم [‪]2001‬‬
‫وأحد [‪ 19695‬و ‪ ]19765‬والنسائي ف "الصغرى" [‪ ]5602‬وف "الكبى" [‪ 5105‬و ‪ 5107‬و ‪ 5112‬و ‪]6816‬‬
‫وابن ماجة [‪ ]3391‬والطيالسي [‪ 497‬و ‪.]498‬‬
‫ومن طريق جابر بن عبد ال رواه المام مسلم [‪ ]2002‬وأحد [‪ ]14892‬ووالنسائي ف "الصغرى" [‪ ]5709‬وف‬
‫"الكبى" [‪ ]6818‬وابن حبان [‪/ 5336‬الحسان]‪.‬‬
‫ومن طريق ابن عمر رضي ال عنـهما رواه مسلم [‪ ]2003‬وأحد [‪ 4644‬و ‪ 4862‬و ‪ 5650‬و ‪ 5732‬و ‪5733‬‬
‫و ‪ 5822‬و ‪ 6184‬و ‪ ]6223‬والترمذي [ ‪ 1861‬و ‪ ]1864‬وأبوداود [ ‪ ]3679‬والنسائي ف "الصغرى" [ ‪ 5582‬و‬
‫‪ 5583‬و ‪ 5585‬و ‪ 5586‬و ‪ 5587‬و ‪ 5605‬و ‪ 5700‬و ‪ ]5701‬وف "الكبى" [ ‪ 5092‬و ‪ 5093‬و ‪ 5095‬و‬
‫‪ 5096‬و ‪ 5097‬و ‪ 5115‬و ‪ 6811‬و ‪ 6812‬و ‪ ]6813‬وابن ماجة [ ‪ 3387‬و ‪ 3390‬و ‪ ]3392‬وابن حبان [‬
‫‪ 5342‬و ‪ 5344‬و ‪ 5345‬و ‪.]5351‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪99‬‬


‫من كل مشروب ولو من ماء‬ ‫والسكر مكروه حرام كله‬
‫وقوله‪( :‬وكالذي يذبح‪ ..‬ال البـيت) أي وكذلك مرم ما ذبح للوثان ـ جع َوثَن وهو الصنم ـ‬
‫ومثله ما ذ بح للنيان العبودة ف أي مكان كان ذلك الذبوح أي بإزاء ال صنم أو ناحيةٍ عن ـه بعيدة أو‬
‫قريبة؛ وَ ُو ّجهَ القَصْد اليه قال ابن النضر(‪:)160‬‬
‫ولو ذكّوه ف الل الشهود‬ ‫وما ذبوا لغي ال حـرم‬
‫وم ثل هذه الحرمات الذي ل يذ كر ا سم ال عل يه لقوله تعال‪ :‬ول تأكلوا ممـا لم يذكـر‬
‫اسم الله عليه النعام ‪ . 121 :‬وقوله‪( :‬وذا لدى الضطر) لفظة ذا اشارة مكن بـها عن جيع ما‬
‫النعام ‪:‬‬ ‫تقدم من الحرمات فهي لن اضطر إليها حلل لقوله تعال‪ :‬إل ما اضطررتم إليه‬

‫و من طر يق ابـن عباس ر ضي ال عنــهما رواه المام أحدـ [‪ 2480‬و ‪ ]3273‬وأبوداود [ ‪ ]3680‬وا بن حبان [‬
‫‪.]5341‬‬
‫ومن طريق عبدال بن عمرو رواه أحد [‪ 6485‬و ‪ 6599‬و ‪ ]6747‬وأبوداود [‪.]3685‬‬
‫و من طر يق أب ـي هريرة رواه المام أح د [‪ ]9551‬والن سائي ف "ال صغرى" [‪ 5588‬و ‪ ]5589‬و ف "ال كبى" [‬
‫‪ 5098‬و ‪ ]5099‬وابن ماجة [‪ ]3401‬وابن أبـي شيبة ف "مصنفه" [‪.]23734‬‬
‫ومن طريق السيدة عائشة رضي ال عنـها رواه أحد [‪ ]25045‬والترمذي [ ‪ 1863‬و ‪ ]1866‬وأبوداود [ ‪]3687‬‬
‫والنسائي ف "الصغرى" [‪ ]5590‬وف "الكبى" [‪ ]5100‬وابن حبان [‪ ]5341‬وابن أبـي شيبة [‪.]23731‬‬
‫ومن طريق بريدة رواه المام أحد [‪ ]23080‬والترمذي [‪ .]1869‬ومن طريق أبـي سعيد الدري رواه أحد [‬
‫‪ 11612‬و ‪ . ]11633‬ومـن طريـق السـيدة ميمونـة بنـت الارث رضـي ال عنــها رواه المام أحدـ [‪ 26881‬و‬
‫‪ .]26882‬ومن طر يق أب ـي بردة رواه الن سائي ف "ال صغرى" [‪ 5595‬و ‪ 5597‬و ‪ ]5604‬وا بن حبان [‪]5353‬‬
‫وا بن أب ـي شي بة [‪ .]23728‬والد يث ف ك تب أخرى ل تذ كر ه نا كمعج مي ال طبان "ال صغي" و"الكب ـي" و" سنن‬
‫الدارقطن" و"تاريخ بغداد" للخطيب وغيهم‪.‬‬
‫وجاء بلفظ‪ » :‬كل شراب أسكر فهو حرام« من طريق السيدة عائشة رضي ال عنـها رواه الربـيع الفراهيدي [‪]629‬‬
‫ومالك فـ "الوطـأ" (‪ )2/845‬والنسـائي فـ "الكـبى" [‪ 5101‬و ‪ 5103‬و ‪ ]5104‬وابـن حبان [‪ 5347‬و ‪]5348‬‬
‫والطيالسي [‪ ]1478‬وابن أبـي شيبة [‪ ]23729‬وغيهم‪.‬‬

‫‪ )(159‬المام أ بو حني فة النعمان بن ثا بت بن النعمان بن الرزبان التي مي بالولء‪ ،‬إمام النف ية (أ هل الرأي) ولد بالكو فة سنة‬
‫‪80‬هـ‪ .‬أراده النصور العباسي على القضاء ببغداد فأب‪ ،‬فحلف عليه ليفعلن‪ ،‬فحلف أبو حنيفة أنـه ل يفعل فحبسه إل أن‬
‫مات‪ .‬فتوف ف السجن ف بغداد سنة ‪150‬هـ من تصانيفه‪" :‬السند ـ ط" ف الديث جعه تلميذه و"رسالة البت ـ ط"‬
‫وينسب له "الفقه الكب" و"رسالة العال والتعلم ـ ط"‪ .‬أسرف ف ذمه الطيب البغدادي ف "تاريخ بغداد" وانتصر له ثلة‬
‫من علماء النفية آخرهم الكوثري ف كتابـه "تأنيب الطيب ـ ط"‪"( .‬مناقب المام أبـي حنيفة وصاحبـيه" للذهبـي‬
‫ص ‪ 7‬و ‪ 9‬مع تعليقات الكوثري هناك ـ "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر ‪ 10/401‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)8/36‬‬
‫‪ )(160‬الدعائم ص (‪ )176‬وشرح ابن وصاف (‪.)2/508‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪100‬‬


‫‪َ 119‬و َحدّ الضرر أن ياف على نفسـه اللك مـن الوع ول يدـ مـا ييـ بــه نفسـه ال أحـد هذه‬
‫الحرمات فجائز له بل وا جب عل يه أن يتناول من ـها قدر ما ي يي ب ـه نف سه ل زيادة‪ ،‬فاذا كان ف‬
‫حالة ضرر ووجد ميتة أنعام ولم خنـزير فليتناول من اليتة ويدع النـزير وان كان جائزا له التناول‬
‫منـه‪ ،‬ول يوز له أن يي نفسه بيتة البشر‪ ،‬واختلف ف المر هل يوز للمضطر التناول منـها أو ل‬
‫قولن واحتج القائلون بالنع بأن المر ل تعصم من اللك‪.‬‬
‫فواســــع لجاهــــلي‬ ‫(‪()62‬والجهل بالنساب أي تحريــــمها‬
‫علومهــا)‬
‫ارتكبـــــوها جهلهم بـها‬ ‫(‪()63‬ما تركوا ارتكابـها وضــــاق إن‬
‫استبن)‬
‫أي يسع جهل تري نكاح النساب الوارد ذكرها ف الكتاب والسنّة والجاع لن ل تقم عليه حجة‬
‫علمها‪ ،‬وذلك كتحري نكاح المهات والبنات والخوات والعمات والالت نسبا ورضاعا‪ ،‬وكتحري‬
‫الربائب على من دخل بأمهاتـهن‪ ،‬ويرم بالرضاع ما يرم بالنسب‪ ،‬وكتحري ذوات الصهر‪ ،‬هذا كله‬
‫ما ل يرتكبـه بتحليل فيكون مستحل لا حرّم ال‪ ،‬أو بإنتـهاك فيكون مضيعا لفرائض ال سواء علم‬
‫بالرمة أو جهل اذا علم بأصل النسب‪ ،‬وحد مرتكب ذلك بهل أو بعلم أن يقتل بالسيف‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪101‬‬


‫قال ف "شفاء الائم"‪.." :‬و ف م ثل هذا ال ثر النقول ف كتاب أب ـي سفيان(‪ )161‬عن عبداللك بن‬
‫مروان(‪ )162‬والعراب ـي الذي ن كح امرأة أب ـيه فأ تى ب ـه عبداللك فقال له‪ :‬مالك نك حت أ مك؟!‬
‫فقال‪ :‬لي ست بأ مي وان ا هي امرأة أب ـي فظن نت أن ـها ل حلل‪ .‬فضرب عن قه وقال‪ :‬ل ج هل ول‬
‫تاهل ف السلم‪ .‬فبلغ ذلك أبا الشعثاء فقال‪ :‬أجاد عبد اللك‪ .‬أو قال أحسن"‪ .‬وف هذا الثر أيضا ما‬
‫جرّ (تريها) ف قول الناظم على البدلية من النساب أو‬
‫يدل على أنـه جائز للجبابرة إقامة الدود‪ .‬ف َ‬

‫‪ )(161‬العلمة والؤرخ أبو سفيان مبوب بن الرحيل بن سيف بن هبـية القرشي الخزومي أحد كبار علماء الباضية من‬
‫طبقة أتباع التابعي نشأ ف البصرة وتتلمذ على يد الافظ الربـيع بن حبـيب الفراهيدي حيث كان ربـيبا له وهو راوية‬
‫مسنده الشهي‪ .‬كما استفاد من علماء السلمي ف تلك القبة وانتقل مع الافظ الربـيع الفراهيدي إل عمان ـ ولعله هو‬
‫الذي شجعه عليها ـ فسكن ف صحار على مقربة من غظفان القرية الت يسكنـها المام الربـيع ‪ ..‬وبقي نسله ف صحار‬
‫حت اليوم‪ .‬وبعد وفاة الربـيع توجه إل مكة الكرمة حرسها ال فسكن هناك مدة حت توفاه ال وكان طائفة من الباضية‬
‫يستقرون بـها‪.‬‬
‫وهو الد الكب لسرة آل الرحيل الت اشتـهرت بسلسلة من العلماء الفذاذ وأئمة العدل الذين منـهم ولداه العلمة‬
‫ممد بن مبوب والشيخ مب بن مبوب‪ ،‬وحفيده العلمة بشي بن ممد بن مبوب‪ ،‬والمام العادل سعيد بن عبدال بن ممد‬
‫بن مبوب ‪ ..‬وغيهم‪ .‬قال عنـه أبو العباس الدرجين (‪" :)2/279‬إن مناقب أبـي سفيان مغنية شهرتـها عن الشاهرة‬
‫فقد قامت مقام العيان"‪ .‬ا‪.‬هـ وقال المام أفلح بن عبد الوهاب‪" :‬عليكم بدراسة كتب أهل الدعوة ل سيما كتب أبـي‬
‫سفيان" كما ف "الطبقات" (‪ .)2/290‬ول يبق من كتبـه إل رسائل متناثرة ف بطون الكتب‪ ،‬ورسالتي ف كشف أحوال‬
‫هارون بن اليمان ضمن "السي والوابات" (‪ 1/276‬ـ ‪/ 324‬التراث) ورسالة له بعثها للمام عبدال بن يي الكندي؛‬
‫ذكرها الدرجين ف "طبقات الشائخ" (‪ 2/279‬ـ ‪.)289‬‬
‫("طبقات الشائخ" للدرجين ‪ 2/278‬ـ ‪ 290‬ـ كتاب "السي" للشماخي ‪ 1/108‬ـ "حاشية الترتيب" لبـي ستة‬
‫‪8/1‬و ‪ 2‬ـ "اتاف العيان" للبطاشي ‪ 1/164‬ـ ‪.)166‬‬
‫‪ )(162‬اللك الموي أبو الوليد عبد اللك بن مروان بن الكم بن أبـي العاص بن أمية‪ .‬ولد سنة ‪26‬هـ ونشأ ف الدينة‬
‫وكان ف بداية أمره يتصنع الفقه والعبادة فاستعمله معاوية على الدينة وهو ابن ست عشرة سنة وانتقلت إليه اللفة بوت‬
‫أبـيه سنة ‪65‬هـ وكان شديدا على مالفيه وخلص له اللك عند وفاة ابن الزبـي وهو أول من صك الدناني ف السلم‬
‫‪ ..‬وف "سي النبلء" للذهبـي (‪" :)5/235‬قال ابن عائشة أفضى المر إل عبداللك والصحف بـي يديه‪ ،‬فأطبقه! وقال‪:‬‬
‫هذا آخر العهد بك!!‪ .‬قلت ـ الذهبـي ـ‪ :‬اللهم ل تكر بنا"‪ .‬وفيه ( ‪" :)5/236‬وعن يي بن يي الغسان قال‪ :‬كان‬
‫عبد اللك كثيا ما يلس إل أم الدرداء ف مؤخر مسجد دمشق فقالت‪ :‬بلغن أنك شربت الطل ـ المر ـ بعد النسك‬
‫والعبادة!!‪ .‬فقال‪ :‬إي وال والدماء ‪ ...‬قال الذهبــي‪ :‬كان مـن رجال الدهـر ودهاة الرجال وكان الجاج مـن ذنوبــه"‪.‬‬
‫ا‪.‬هـ بل كان يوصي أبناءه بالجاج حت آخر رمق ف حياتـه فمن كلمه لم ـ كما ف "الكامل" لبن الثي (‪:)4/518‬‬
‫ــ "‪ ...‬فأكرموا الجاج فإنــه الذي وطـأ لكـم النابر ودوخ لكـم البلد وأذل العداء ‪ ."..‬ويقول عنــه ابـن الثيـ فـ‬
‫"الكا مل" (‪" :)4/522‬وكان ع بد اللك أول من غدر ف ال سلم و قد تقدم فعله بعمرو بن سعيد‪ ،‬وكان أول من ن قل‬
‫الديوان من الفار سية إل العرب ـية وأول من ن ـهى عن الكلم ف حضرة اللفاء؛ وكان الناس قبله يراجعون ـهم‪ ،‬وأول‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪102‬‬


‫ع طف ب ـيان‪ ،‬ويوز أن يكون ع طف ن سق بأي التف سييّة على مذ هب الكوفي ي و ما من قوله‪ ( :‬ما‬
‫تركوا) يوز أن تكون شرطيـة والواب حينئذ مذوف بدللة مـا قبله تقديره إن تركوا ارتكابــها‬
‫فال هل ل م وا سع‪ ،‬ويوز أن تكون ظرف ية م صدرية مقدرة بدة الترك فتكون متعل قة بوا سع‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(جهلهم) فاعل ضاق وجلة الشرط معترضه بـي الفعل وفاعله‪ .‬و(استب) أمر بطلب البـيان‪.‬‬
‫نكـاح من شــــاء بل‬ ‫(‪()64‬وواسـع لجــــاهــــــل النســـاب‬
‫ارتياب)‬
‫متى رأى حــــرام ما‬ ‫(‪ ()65‬إن كان لم يقصد خلفا ورجــــع‬
‫فيه وقع)‬
‫أي يسع من كان جاهل بالنسب عالا بالرمة أو جاهل بـها نكاح من شاء من النساء بل ارتياب أي‬
‫بل شك‪ ،‬وان أم كن أن تكون تلك النكو حة ف علم ال من يرم عليه نكا حه فل يزيل هذا المكان‬
‫الباحـة التـ أحلهـا ال وذلك مثل أن يكون لرجـل فـ قبــيلة أو بلدة ذات مرم منــه ول يعرفهـا‬
‫بعينـها ول يستطيع ادراك معرفتـها بعينـها‪ ،‬فل نقول أن ذلك الرجل ينع من أن يتزوج من تلك‬
‫القبـيلة أو البلدة مع امكان أن يقع ف ذات الحرم‪ ،‬قال ابن النضر‪:‬‬
‫والهل ان ل يعلموا واسع بالنسب الواشج ف الصل‬
‫فقد أحل ال من فضلــه وطئ ذوات العي النجل‬
‫مهضومة ذات شوا خدل‬ ‫من كل خود غضة بضـة‬
‫هذا كله اذا كان الفاعل لذلك معتقدا لوافقة دين ال ول يقصد خلفا لا أحل ال وأنـه مت ظهر له‬
‫حرام ما وقع فيه رجع عما كان عليه‪ ،‬ول يوز له القامة على ذلك بعد العلم بـه طرفة عي‪ ،‬وحجة‬
‫العلم ف ذلك ان ا تقوم بالشاهد ين العدل ي‪ ،‬و ما دون ذلك ل يكون ح جة على ذلك‪ ،‬و من ه نا قال‬
‫الشافعي(‪" :)163‬اذا تزوج الرجل امرأة مهولة النسب وكان أبوه غائبا ث رجع فقال‪ :‬هذه ابنت!‪ .‬وقالت‬

‫خليفة بل وكان يقال له‪ :‬رشح الجارة‪ .‬لبخله‪ ،‬وأول من نـهى عن المر بالعروف فإنـه قال ف خطبتـه بعد قتل ابن‬
‫الزب ـي‪ :‬ول يأمر ن أ حد بتقوى ال ب عد مقا مي هذا إل ضر بت عن قه!!‪ ".‬ا‪.‬ه ـ وكا نت وفات ـه سنة ‪86‬ه ـ ف دم شق‬
‫وا ستمر مل كه ‪ 13‬عا ما‪"( .‬الكا مل" ل بن الث ي ‪ 4/517‬ـ ‪ 522‬ـ " سي أعلم النبلء" ‪ 5/234‬ـ ‪ 236‬ـ "ال عب"‬
‫للذهبـي ‪ 1/75‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)4/165‬‬
‫‪ )(163‬المام أ بو ع بد ال م مد بن ادر يس بن العباس بن عثمان بن شا فع الشاف عي الطلب ـي القر شي إمام الشافع ية وأ حد‬
‫الفقهاء الربعة ولد بغزة ف فلسطي سنة ‪150‬هـ من مؤلفاتـه "الم ـ ط" وقيل جعه البويطي و "اختلف الديث ـ‬
‫ط" و "أحكام القرآن ـ ط" وله "السند ـ ط" وغيها كثي وعموما فالرجل ل يتاج إل تعريف‪"( .‬سي النبلء" للذهبـي‬
‫‪8/377‬ـ ‪ 423‬ـ "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر ‪ 9/23‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)6/26‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪103‬‬


‫الرأة‪ :‬هذا أب ـي!‪ .‬فعلى الا كم أن ي كم أن ـها اب نة أب ـي الر جل وإن ـها زوجت ـه(‪ )164‬فإن مات‬
‫أبوها كان الرث بـينـهما للذكر مثل حظ النثيي"‪.‬‬
‫محرمــــا أو مستحــل‬ ‫صر‬‫م ِ‬‫(‪()66‬ولم يسع جهل ضـللــــة ال ُ‬
‫إذ أصـر)‬
‫بعضــــهم ما لم تِع‬ ‫(‪()67‬من بعد أن تعلم كفــــره ومـع‬
‫الحكم يسع)‬
‫تبرأ ول تمســـــك عمن‬ ‫(‪()68‬بشـــرط أن ل تتــــــوله ول‬
‫ضـلل)‬
‫(الصرار) القامة على الذنب وفعل الذنب استخفافا بـه‪ ،‬والُ صِر فاعل ذلك‪ ،‬وللمصر أربع مراتب‬
‫على حسب أوجه الحداث لن الحداث ترج على أربعة أوجه‪:‬‬
‫أحدهـا‪ :‬أن تكون فـ نفـس الملة أو فـ شيـء منــها‪ ،‬فهذا ماـ ل يسـع مـن َعلِمَهُـ جَ ْهلُ ضَللِ‬
‫رَاكِبـه ول جهل ضلل التول له‪ ،‬ول جهل ضلل الشاك فيهما أو ف أحدها‪ ،‬حت قال القائل بذلك‬
‫انـه ل يعلم فيه اختلفا‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن يكون الدث ف تفسي الملة أو ف شيء منـه ما تقوم بـه الجة من العقل فهو كما‬
‫مضى ف الوجه الول إل أنـه قد قيل فيه ف بعض القول أنـه يسع من علمه جهل ضلل راكبـه‬
‫مال يب له علم ذلك والول أكثر‪.‬‬
‫وثالثهـا‪ :‬أن يكون الدث على و جه ال ستحلل من تل يل الرام وتر ي اللل م ا ل تقوم ال جة‬
‫بـه ف الصل إل بالسماع‪ ،‬فالقول فيه كالقول ف الدث ف تفسي الملة من الختلف‪.‬‬
‫ورابعهـا‪ :‬أن يكون الدث على سبـيل النت ـهاك ل ا يد ين الحدث بتحري ه فيخرج ف يه ما قد‬
‫ذكرنا من الثر الرفوع عن المام جابر ـ رحه ال ـ وسيأت ذكر الوجهي الولي مرة أخرى عند‬
‫ذكر الناظم لما ان شاء ال تعال‪.‬‬
‫واشارة الناظم تقتضي التسوية بـي الحرّم والستحل على أنـهما مادان بإصرارها قال تعال‪ :‬ل‬
‫تجـد قومـا يؤمنون بالله واليوم الخـر يوادُّون مـن حاد ّ الله ورسـوله‬
‫ولو كانوا آباءهـم‪ ..‬إل آ خر ال ية الجادلة ‪ 22 :‬هذا كله ب عد العلم بدث الصر وهو مع ن قوله‪:‬‬
‫(من بعد أن تعلم كفره) وأشار بقوله‪( :‬ومع بعضهم مال تعِ الكم) إل ما ذهب إليه بعض الفقهاء من‬
‫أنـه يسع جهل ضللة الصر مرّما كان أو مستحل اذا ل يعرف حكم الدث الواقع فيه‪ ،‬أعن هل‬
‫هو من الُكفّرات أم ل؟ وهذا القول حسن أيضا إل أنـه معلّق بشروط‪.‬‬

‫‪ )(164‬ل كن ل بد من التفر يق ب ـينـهما ه نا والذي يظ هر من ن قل ال صنف عن المام الشاف عي أن ـه ل يرى التفر يق لن‬
‫البـينة ف هذا تشترط بوجود العدلي وهاهنا ليس إل الرجل وابنتـه‪ .‬وف هذا نظر‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪104‬‬


‫أحدها‪ :‬أن ل تتوله على فعله وان كان وليّا لك فيما سلف‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬أن ل تبأ من َبرِئ منـه عالا كان أو ضعيفا‪.‬‬
‫ثالثهـا‪ :‬أن ل ت قف عن وَل ية من بَرِئ من ـه إذا كان ول يا لك من ق بل‪ ،‬فاذا كان م نك أ حد هذه‬
‫الشياء فل ي سعك ج هل ضللت ـه‪ ،‬وأ ما على القول الول وإن ل ي كن م نك أ حد هذه الشياء فل‬
‫يسعك جهل ضللتـه بعد العلم بدثه‪.‬‬
‫إن أنــــت عــــن تحليله‬ ‫(‪()69‬وواســــع جهــــلك بالمحـلل‬
‫لم تعدل)‬
‫علــــى شـــــروطهــــا‬ ‫(‪()70‬كالبـيع والملك وكالنكــــاح‬
‫وكالمبــاح)‬
‫حرّما لا أحل ال‪ ،‬فحينئذ يلزمك أن‬ ‫أي يسع جهلك بالحللت ف دين ال إن أنت ل ترمها فتكون ُم َ‬
‫تعلم تليلها ول يسعك جهل علمه وذلك كتحليل البـيع على شروطه الت هي‪)1 :‬أن يكون البـيع‬
‫من جنس اللل ‪)2‬وأن ل يكون البـيع والباع بـه من جنس واحد إل يدا بـيد‪)3 ،‬وأن يكون البائع‬
‫مال كا للمب ـيع قادرا على ت سليمه للمشتري‪ .‬و(كاللك) والراد ب ـه الرق على شرو طه ال ت هي‪ :‬أن‬
‫يكون الرق يق م ن أباح الشرع تلّكَه إ ما بإرث أو بشراء‪ ،‬أو ب سبـي وشرط هذا أن يكون ال سبـي‬
‫مشركا غي عربـي‪ .‬و(كالنكاح) على شروطه وهي أربعة؛ ‪)1‬الرضى من الزوجي‪)2 ،‬والهر‪)3 ،‬واذن‬
‫الول‪)4 ،‬وحضرة شاهدين‪ ،‬وما أحسن قول ابن النضر فيها‪:‬‬
‫بهر والول وشاهدين‪.‬‬ ‫فإن بانت فتزويج جديـد‬
‫َوَترَ كَ الرّضَى(‪ )165‬تعويل على أخذه من القام‪ .‬و(كالباحات) ال ت أباح ها ال تعال لعباده من غ ي ما‬
‫ذكرنا‪ ،‬هذا كله مال تقم حجة علمه بوجه من الوجوه فإذا قامت فل يسع دفعها‪.‬‬
‫ومن يكـن موافقـــــا‬ ‫(‪()71‬وحرم ارتكــــاب مالـم يعلــــم‬
‫لم يأثم)‬
‫قد أوجب الباري‬ ‫(‪()72‬وإن يرد في قصــــده خلف ما‬
‫عليــــه أثما)‬
‫اعلم أن المور ثلثة‪ 1 :‬ـ أمر بَا نَ لك ُرشْدَه فاتبعه‪ 2 .‬ـ وأمر بَانَ لك َغيّه فاجتنبـه‪ 3 .‬ـ وأمر أ ْش َكلَ‬
‫عليك حُكْ ُمهُ ف ِقفْ عنـه؛ ول يوز لك القدوم عليه حت يتضح لك حقّه‪ .‬فإذا ارتكب الراكب أمرا ل‬
‫يَعْلَم حقه من باطله فل يلو ذلك المر من أحد أمرين؛ إما أن يكون باطل ف أصل دين ال أو حقا‪،‬‬
‫فإن كان باطل فالرا كب له هالك ـ ق صده أو ل يق صده ـ إل أن يتوب من ـه و قد تقدم ف باب‬
‫الجتـهاد والفتوى شيء من هذا النوع فراجعه‪ ،‬وإن كان حقا فل يلو الراكب من أحد أمرين أيضا‬

‫‪ )(165‬التارك هنا هو العلمة ابن النضر صاحب "الدعائم" ويقصد بتركه أي ف البـيت الذكور له‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪105‬‬


‫إما أن يكون ف قصده موافقة الق فل إث عليه ف هذا لنـه قصد الق َفوُفّقَ اليه‪ ،‬وقيل ان عليه التوبة‬
‫من قدومه على ما ل يَعْلم‪ ،‬والول هو الصحيح لن كثيا من الصحابة قد فعلوا أشياء ل يعلموا حكم‬
‫ال فيها فإذا هي حق عند ال فأقرهم رسول ال على فعل ذلك فهذا عمار بن ياسر ـ رضي ال‬
‫عن ـه ـ تل فظ للمشرك ي بالشرك تَ ِقيّةً ول يعلم جواز التقيّ ة يومئذ بدل يل ما ن قل عن ـه أن ـه قال‬
‫لرسول ال ‪ :‬هلكت‪ ..‬الديث(‪ .)166‬وإما أن يكون ف قصده مالفا لدين ال فهذا هالك ِبنِيّتـه ول‬
‫تَْنفَعه موافقة الق بل عليه التوبة من تلك النيّة‪ .‬فالمور أربعة؛ ‪1‬ـ موافقتـه للباطـل مع قصـده له‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وموافقت ـه له مع ق صده ال ق‪ 3 .‬ـ وموافقت ـه لل حق مع ق صده له‪ 4 .‬ـ وموافقت ـه له مع ق صده‬
‫البا طل‪ .‬وب ـي كل المر ين الول ي والخر ين وا سطة و هي نوعان؛ أحدهمـا‪ :‬أن يكون الرا كب‬
‫مهمل أي ل يكن قاصدا لشيء دون شيء فيحكم له وعليه بكم ما ارتكبـه‪ .‬وثانيهما‪ :‬أن يكون‬
‫غي مبال أصاب حراما أم حلل فيحكم عليه باللك عند موافقة الباطل وبالتوبة عند موافقة الق‪.‬‬
‫خـاتمـــــــة‬
‫قــــد وسع الجهل‬ ‫(‪()73‬وقد تقوم حجـــــة العلــــم لمــا‬
‫بقول العلما)‬
‫وقيــل مالم تبصــر‬ ‫(‪()74‬لو كان واحدا ً له الفضل عــــل‬
‫الحــــق فـل)‬
‫كالنبـيـــــاء مقالهـــم‬ ‫(‪()75‬ورجـــــح الول أن العلــــمــا‬
‫قد لزمــا)‬
‫قيام ال جة عبارة عن وجود ها‪ ،‬وأ صل القيام النت صاب‪ ،‬و(ال جة) هي ما ي قع ب ـه للنا ظر حقي قة‬
‫الشيـء النظور فيـه‪ ،‬و(العلماء) جعـ عال أي تقوم حجـة العلم لاـ وسـع جهله بقول العلماء ولو كان‬
‫القائل واحدا على مذهـب المام أبــي سـعيد(‪ )167‬رضـي ال تعال عنــه وهـو الصـح‪ ،‬وقيـل ل تقوم بقول‬
‫الواحد بل بقول العَالِمَْينِ‪ ،‬وقيل غي ذلك‪.‬‬

‫‪ )(166‬يأت تريه عند التعليق على البـيت رقم (‪.)304‬‬


‫‪ )(167‬تقدمت ترجتـه تت البـيت رقم (‪.)21‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪106‬‬


‫والعالِم الذي تقوم ب ـه ال جة في ما ي سع جهله هو الذي اشت ـهر ف الناس عدله وانت شر ف الفاق‬
‫فضله(‪ ،)168‬وهذا هو معن قول الناظم‪(:‬له الفضل عل)(‪ )169‬أي ارتفع كناية عن اشتـهاره‪ ،‬ول يكون‬
‫ح جة ف هذا الو ضع إل على من بلغت ـه شهرة عل مه وعرف شخ صه أن ـه هو الشهور بوج هٍ من‬
‫الوجوه الت تتأت بـها العرفة الصحيحة‪ ..‬وقيل ل يكون العال ول العلماء حجة فيما يسع جهله حت‬
‫يبصـر الفت َى ــ بفتـح التاء ــ حـق قول العال‪ ،‬وعلى القوليـ ل يوزللمفت َى رد قول العال ول‬
‫تكذيب ـه‪ ،‬وال كل من هذ ين القول ي قول صادر عن الفضلء الكرام و هم أ هل ال ستقامة ف الد ين‪،‬‬

‫‪ )(168‬و قد حرر هذه ال سألة أرباب ال صول فال صنف نف سه يقول ف "طل عة الش مس" (‪" :)2/294‬واعلم أن ـه ي ب على‬
‫القلد البحث عن حال الفت ف الصلحية للفتوى وهل هو جامع للجتـهاد والعدالة أم ل؟ وقيل ل يلزمه ذلك إذ ل طريق‬
‫له إل تقيقه كما ل يلزمه البحث عن وجه الكم‪ .‬ورُد بأنـه إن ل يبحث عن حال الفت ل يأمن فسقه تصريا أو تأويل‬
‫أو جهله بعلوم الجتـهاد أو بعضها فل يصلح للفتوى فيكون تقليده إقداما على ما ل يؤمن قبحه ويكفيه ف ذلك سؤال من‬
‫يثق ببه ويثمر الظن ويكفيه أيضا أن يرى استفتاء الناس إيّاه معظمي له آخذين بقوله‪ ،‬قال صاحب "النـهاج"‪ :‬إذا كان ف‬
‫بلد شوكتـه لهل الق الذين ل يسكتون على منكر‪ ،‬وإل ل يأمن مع استفتاء الناس إياه كونـه غي صال"‪ .‬ا‪.‬هـ ويعن‬
‫جواز ا ستفتاء الناس وتعظيم هم لش خص مع ابتلءه بالفظائع ك ما هو الال ف هذا الز من ع ند من ين صب مفت يا لب عض‬
‫الدول!!‪.‬‬
‫ويقول أ بو ا سحاق الشيازي الشاف عي ف "الل مع" ص (‪" :)128‬وأ ما ال ستفت فل يوز أن ي ستفت من شاء على الطلق‬
‫لنـه ربا استفت من ل يعرف الفقه‪ ،‬بل يب أن يتعرف حال الفقيه ف الفقه والمانة"‪ .‬ا‪.‬هـ وللغزال كلم جيد ف هذا‬
‫الباب ف "الستصفى" (‪ )2/390‬على أنـهم اختلفوا فيما إذا وجد ف البلد أكثر من متأهل للفتيا ـ تساووا أم تفاضلوا ـ‬
‫هل على القلد أن يتار أي هم شاء ك ما نص عل يه أك ثر الشافع ية أم عل يه الجت ـهاد ف الترج يح ب ـينـهم في سأل العلم‬
‫والورع كما هو اختيار ابن سريج والقفال وإليه جنح أبو اسحاق السفرايين والكيّا ونص عليه ابن السمعان وانتصر له‬
‫الشاطبـي ف "الوافقات" (‪ 4/95‬وما بعدها ‪ /‬دار الكتب العلمية) وهذا مع وجود العلم والورع فكيف إذا انتفيا أو انتفى‬
‫أحده ا فحين ـه ل يوز ا ستفتاءه ك ما نص عل يه غ ي وا حد‪ .‬را جع التحر ير ل بن المام وشر حه ل بن أم ي الاج ال سمى‬
‫"التقرير والتحبـي" (‪.)3/345‬‬
‫(تنبيه)‪ :‬الفت ف الشرع هو من بلغ مرتب ًة من العلم تؤهله لبيان حكم الشرع ف مسائل العبادات والعاملت‪ ،‬وهل يشترط له‬
‫الجتهاد على اختلف مرات به وأجزائه أم ل – كأن يف ت باجتهاد مَن سبقه ع ند فقدان الجت هد ك ما ف "طل عة الش مس" (‬
‫‪ – )2/295‬خلف عريض بي أهل العلم‪ ،‬غي أنه ل يلي هذا المر إل من أحاط بكثي من السائل‪ ،‬مع اطلع واسع على‬
‫طرق الستدلل‪ ،‬ومعرفة تامة بكيفية استنباط الحكام من مظانـها‪ ،‬وليس ذلك مقصورا على من تنصبه الدول لذه الوظيفة‬
‫ك ما يتوه ه ب عض الهلة بل قد يكون غيه أول م نه‪ ،‬و قد يشار كه واحدٌ أو أك ثر وإن ل يُن صّبْ‪ ،‬ف في ز من ال صحابة‬
‫والتابعي يتواجد ف الصر الواحد أكثر من متأهل للفتوى‪ ،‬وكانوا يتدافعونـها بينهم خشية تبعتها‪ .‬طالع "العدل والنصاف"‬
‫للمام أ ب يعقوب الوارجل ن رحهـال تعال (‪ )21-2/20‬و"الح صول" للف خر الرازي (‪ ،)532-2/525‬وح سب العا قل ما‬
‫جاء ف الفتوى بغي علم الوعيد الوارد ف قوله تعال‪ :‬ول تقولوا لا تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل وهذا حرام لتفتروا‬
‫على ال الكذب إن الذين يفترون على ال الكذب ل يفلحون [النحل ‪.]116 :‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪107‬‬


‫واح تج القائلون بالول بأن العلماء يلزم قبول قول م ك ما يلزم قبول قول النب ـياء في ما جاءوا ب ـه‪،‬‬
‫لن العلماء ور ثة النب ـياء(‪ )170‬وين صره قوله ـ ف روا ية أخرى ـ ‪»:‬علماء أم ت كأنب ـياء ب ن‬
‫ا سرائيل«(‪ )171‬واح تج القائلون بالثا ن أن من ل يعرف ب عض آي الكتاب العظ يم وكان قد آ من ب ـه‬
‫ممل أنـه ليس عليه أكثر من ذلك‪ ،‬وليوز له رد ما سعه من الي الت ل يعرفها فكذلك هذا الفتَى‬
‫ل يلزمه قبول قول العلماء فيما يسعه جهله إذا ل يردّ قولم ول يكذبـهم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا قياس ح سن إل أن القاس عل يه متلف ف يه على قول ي‪ ،‬فذ هب قوم إل ما علم تَ مِ نْ أن‬
‫اليان بالقرآن ممل يزي ل ن ل يعرف ب عض آي هِ‪ ،‬وذ هب آخرون إل أن اليان ب ـه ممل ل يزي‬
‫ل ن سع من ـه ال ية واليت ي بل عل يه أن يؤ من ب كل ما سع من ـه‪ ،‬فالول من قول النا ظم‪(:‬ور جح‬
‫صلَتـها لنـها ف تقدير بصدر‪.‬‬ ‫الول) مفعول بـه والفاعل أنّ و ِ‬
‫ثم رأيــــت حقه ضاق‬ ‫(‪()76‬وكل شيء واسع جهــــلك بـه‬
‫انتبـه)‬

‫‪ )(169‬ف ال صلي‪ :‬وفضله عل‪ .‬و ما أثبت ـه من كلمات النا ظم‪ ،‬والعج يب أن ال صنف كرر هذه العبارة أي ضا ف الشارق (‬
‫‪ )1/266‬فكأن الشيخ غي ف نظم البـيت ليكون كالتال‪:‬‬
‫وقيل ما ل تبصــر الق فـــل‪.‬‬ ‫لو كان واحدا وفضلـــه عـــل‬
‫لكن مت النظومة ل يتغي ف الخطوطتي وكذا ف الشارق (‪ )1/264‬وعموما فليس بـي اليئتي خلف يذكر‪.‬‬
‫‪ )(170‬تقدم تر يج »العلماء ور ثة النب ـياء« مع أحاد يث ف ضل العلم ف الب ـيت ر قم (‪ )22‬ع ند قوله ‪ » :‬من سلك‬
‫طري قا يلت مس ف يه ‪ .«...‬قال الا فظ ا بن ح جر ف "ف تح الباري" (‪ 1/212‬دار الك تب العلم ية) ـ بعد ما أورد تبو يب‬
‫البخاري ف "صحيحه" ف كتاب العلم باب (‪[ )10‬وأن العلماء هم ورثة النبـياء ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بظ وافر]‬
‫قال ابن ح جر‪" :‬قوله‪( :‬وأن العلماء) بف تح أن ويوز كسرها و من هنا إل قوله‪( :‬وافر) طرف من حديث أخرجه أبو داود‬
‫والترمذي وابن حبان والاكم مصححا من حديث أبـي الدرداء‪ ،‬وحسنـه حزة الكنان‪ ،‬وضعفه عندهم سنده (؟)‪ ،‬لكن‬
‫له شواهد يتقوى بـها‪ ،‬ول يفصح الصنف بكونـه حديثا فلهذا ل يعد ف تعاليقه‪ ،‬لكن إيراده له ف الترجة يشعر أن له‬
‫ومنا سبتة للترجة من جهة أن الوارث‬ ‫أصل‪ ،‬وشاهده ف القرآن قوله تعال‪ :‬ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا‬
‫قائم مقام الوروث‪ ،‬فله حكمه فيما قام مقامه فيه"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪ )(171‬هذا الديث باطل موضوع كما حققه غي واحد من أهل الصنعة وعنـه يقول الشوكان ف "الفوائد الجموعة" ص(‬
‫‪/ 286‬الكتب السلمي)‪" :‬حديث‪ :‬علماء أمت كأنبـياء بن اسرائيل‪ .‬قال ابن حجر والزركشي‪ :‬ل أصل له‪ .‬وروي بسند‬
‫ضعيـف‪ :‬أقرب الناس مـن درجـة النبوة أهـل العلم والهاد‪ ".‬ا‪.‬هــ وقال العجلونـ فـ "كشـف الفاء" (‪" :)2/64‬قال‬
‫ال سيوطي ف (الدرر)‪ :‬ل أ صل له‪ .‬وقال [ال سخاوي] ف (القا صد)‪ :‬قال شيخ نا ـ يع ن ا بن ح جر ـ ل أ صل له‪ .‬وقَبله‬
‫الدميي والزركشي‪ .‬وزاد بعضهم‪ :‬ول يعرف ف كتاب معتب‪ ".‬ا‪.‬هـ وما بـي الاصرتي زيادة للتوضيح‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪108‬‬


‫أي كل شيء من دين ال وسعك جهله بأن ل تقم عليك حجة العلم بـه أو ل تركبـه فرأيت حقه‬
‫من باطله أي علمت ـه‪ .‬ضاق جهلك ب ـه لن عل مك بالش يء حجة عليك‪ ،‬ول ي سعك الرجوع من‬
‫العلم إل الهل وإن ل تعلم أن علمك حجة عليك كما أن القرآن هدى وإن ل يهتد بـه أحد مثل‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪109‬‬


‫الركـن الثـاني‬
‫في الجملة وتفسيرها وما يشتمل عليها‬
‫وفيـه ستـــة أبواب‬
‫أ ّخرَ هذا الر كن عن الذي قبله ل ا تقدم هناك‪ ،‬وقد مه على ر كن الوَل ية والباءة لن التع بد ب ـها لزم‬
‫بعد التعبد بالملة‪ ،‬فهي أحرى بالتقدي منـهما وها أجدر بالتأخي منـها لا بـينا‪.‬‬
‫البـــــاب الول‬
‫ـ مـن الركــن الثـاني ـ‬
‫في لزوم الجملة وكيفية قيام الحجة بـها‬
‫للّ"‪.." :‬ف الملة الت ليسع جهلها ول يسع‬ ‫الملة هي كما ذكرها ابن وَصّاف(‪ )172‬حيث قال ف "ا ِ‬
‫تركها‪ ،‬وهي الت يدعو اليها رسول ال وتدعو الئمة إليها بعده؛ أن يقول‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده لشريـك له‪ ،‬وأن ممدا عبده ورسـوله‪ ،‬وأن مـا جاء بــه حـق مـن عنـد ربــه‪ ،‬واليان بال‬
‫وملئكتـه وكتبـه ورسله واليوم الخر والبعث والساب والعقاب والنّة والنّار‪ ،‬وأن الساعة آتية ل‬
‫ريب فيها وأن ال يبعث من ف القبور‪ ،‬فهذا ما ل يسع جهله"‪.‬‬
‫قال البادي(‪" :)173‬اللف ف هذا بـي المة كثي وبـي الباضية أشد والشهور عند أكثر أصحابنا‬
‫هذا‪ ،‬ومنــهم مـن يزيـد اليان بالقدر خيه وشره وأنــه مـن ال تعال‪ ،‬ويزيـد بعضهـم تريـ دماء‬

‫‪ )(172‬الشيخ ممد بن وصاف البزار النـزوي من علماء الباضية ف عمان عاش ف النصف الثان من القرن السادس الجري‬
‫وكان معاصرا للعلمة أبـي علي السن بن أحد بن ممد العقري (ت ‪576‬هـ)‪ .‬ومن تصانيفه كتاب "الل والصابة ـ‬
‫ط" شرح لكتاب "الدعائم" لبن النضر وقد طبعتـه وزارة التراث العمانية بتحقيق عبد النعم عامر ـ وهو مصري ـ لكن‬
‫ما يؤسف له أن ل يذكر عنوان الكتاب ف هذه الطبعة البتة بل البلية أن يقول هذا الحقق ف تقديه للكتاب ص (ن)‪" :‬وله‬
‫كتاب اسـه "كحـل ابـن وصـاف" معروف فـ بلد الغرب‪ .".‬ا‪.‬هــ ول يدر الرجـل أنــه الكتاب الذي يققـه!! وليـس‬
‫"الكحل!؟!" بل هو "الل" فلينتبـه لذا وراجع "اللمعة الرضية" للسالي ص (‪.)26‬‬
‫هذا ول بن و صاف شرح م ستقل على "لم ية" ا بن الن ضر ف الول ية والباءة ؟‪.‬وتو ف ف ن ـهاية القرن ال سادس الجري‬
‫ـ ؟ ـ‪.‬‬
‫(بتصرف من "اتاف العيان" للبطاشي ‪ 1/437‬ـ ‪ 438‬ـ "اللمعة الرضية" للسالي ص ‪.)26‬‬
‫‪ )(173‬أ بو الف ضل أ بو القا سم بن ابراه يم البادي من علماء الباض ية ف الشمال الفري قي عاش ف الن صف الول من القرن‬
‫التاسع فنشأ ف جبل دمر ـ ف النوب التونسي ـ ث رحل إل جبل نفوسة ـ موقع إباضية ليبـيا ـ حيث درس على يد‬
‫العلمة الكبـي عامر بن على الشماخي ـ مؤلف "اليضاح" ف الفقه ـ ث عاد فنـهل من مدرسة الشيخ يعيش بن موسى‬
‫الزواغي ف جزيرة جربة ـ مكان إباضية تونس ـ وبعدها تول التدريس ف نفس الدرسة واستقر هناك حيث شارك ف‬
‫عضوية ملس العزابة من مؤلفاتـه "الواهر النتقاة" طباعة حجرية (غي متوفر) وهو ذيل لطبقات العلمة الدرجين و "رسالة‬
‫القائق" طبع ف الزائر و"شفاء الائم شرح لكتاب الدعائم" مطوط و"شرح العدل والنصاف للورجلن" ف أصول الفقه‬
‫ل يتمه وغيها‪"( .‬السِيَر" للشماخي ‪.)2/210‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪110‬‬


‫السلمي ويوجب اليان بـه ف العقيدة‪ ،‬ومن أصحابنا أيضا من اقتصر على التلفظ بالشهادة بثلث‬
‫كلمات والعتقاد ل ا ل غ ي‪( :‬ل إله إل ال‪ ،‬م مد ر سول ال ‪ ،‬و ما جاء ب ـه حق) و هي طري قة‬
‫المام عبدالرحن بن رستم(‪ )174‬ـ فيما وجدت عنـه ـ وهو الشهر عند أكثر الفرق" ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وهذه الطريقة هي الراد من عبارة الصنف وعليها بن الحكام الت ذكرها فيما سيأت وعبّر عمّا‬
‫عداها من الشياء الت ذكرها بتفسي الملة‪.‬‬
‫برهانـهـــا كغيرهـــا‬ ‫(‪()77‬والقول في الجمــــلة ما لم يقم‬
‫لــــم تلـــزم)‬
‫برهـــــان صدق يوضحن‬ ‫ل مكلفــــا بــل‬ ‫ج َّ‬
‫(‪()78‬إذ لم يكـن َ‬
‫السبل)‬
‫كمثـــــل ما قد كان هذا‬ ‫(‪()79‬ولو يشا لكــان منـه عـــــدل‬
‫فضــل)‬
‫(القول) هنا بعن الكم‪ ،‬و(الملة) تقدم بـيانـها قريبا‪ ،‬و(البهان) بعن الجة‪ ،‬والراد بـ(غيها)‬
‫سائر العبادات العتقاديات والعمليات والتركيّات‪ .‬ومعن ( َجلّ) أي َعظُمَ شأنـه‪ .‬و(مكلفا) أي ملزما‬
‫سبُلْ) الطرق الوصّلة إل معرفة‬
‫للعباد ما يشق على أنفسهم فعله‪ .‬و(برهان صدق) أي دليل صادق‪ .‬و(ال ُ‬

‫‪ )(174‬المام عبدالرح ن بن ر ستم بن ب ـهرام بن سام ـ بن ك سرى اللك الفار سي ـ فار سي ال صل‪ ،‬ومؤ سس الدولة‬
‫الر ستمية كا نت نشأت ـه بأرض القيوان ف الشمال الفري قي؛ و سبب و صوله هناك أن والده ر ستم بن ب ـهرام قدم م كة‬
‫حا جا بزوجت ـه وابن ـه عبدالرح ن فتو ف ف الطر يق ث تزو جت والدت ـه رجل من القيوان فحمل ها وابن ـها إل بلده‪.‬‬
‫والمام عبدالرحن أحد تلميذ المام الكبـي أبو عبـيدة مسلم بن أبـي كرية ـ الشيخ الثان للباضية ـ حيث رحل‬
‫للبصرة وبقي ملزما له مع رفاقه الربعة لدة ل تقل عن خس سني ‪ ..‬وبعد رحيلهم عنـه أجاز للمام عبدالرحن الفتاء با‬
‫سعه من ـه و ما ل ي سمعه ح ي تو سم ف يه القدرة على الجت ـهاد ‪ ..‬وأقي مت له الب ـيعة سنة ‪160‬ه ـ ف تيهرت ال ت‬
‫أ صبحت في ما ب عد عا صمة للدولة الر ستمية و صارت مدي نة مليئة بالعمران ب عد أن كان ال هل في ها قل يل ‪ ..‬وكان زاهدا‬
‫متواض عا على سية اللفاء الراشد ين و من أخباره أن ب عض أ هل الشرق ساروا إل يه ليطلعوا على أحواله فل ما بلغوا مدي نة‬
‫تيهرت ونـزلوا بساحة هناك أناخوا جالم ووضعوا أحالم فدخلوا يسألون عن دار المام إل أن اهتدوا إليها وكانوا يظنون‬
‫أنـها على شيء من العظمة كديار ملوك الشرق ولا وصلوها وجدوها دار زهد وورع‪ ،‬ووجدوا عند الباب غلما يعجن‬
‫طينا ويناوله لخر ـ هو المام!! ـ يصلح بـه بعض خلل فيه فسلموا على الغلم‪ ،‬وطلبوا منـه أن يستأذن لم على المام‬
‫ويبه بأنـهم رسل اخوانـه الشار قة إل يه‪ ،‬فرفع الغلم رأ سه نو السطح وقد علم أن المام سع كلمهم فأشار إليه أن‬
‫ي صبهم قليل‪ ،‬ف صبّرهم إل أن ن ـزل وغ سل ما كان ب ـيديه من الط ي ‪ ..‬وب قي ف الما مة أ حد ع شر عا ما مل ها عدل‬
‫ورخاء للبلد والعباد‪ ،‬ول ا حضرت ـه الوفاة ج عل الل فة من بعده شورى ف ستة ن فر ـ ك صنع ع مر بن الطاب ـ‬
‫وتو ف سنة ‪171‬ه ـ‪"( .‬أخبار الئ مة الر ستميي" ل بن ال صغي الال كي ص ‪ 28‬ـ ‪ 42‬ـ "طبقات الشا يخ" للدرجي ن‬
‫‪ 1/19‬ـ ‪ 22‬و ‪ 40‬ـ ‪ 47‬ـ " سي الئ مة" لب ـي زكر يا ‪ 81‬ـ ‪ 85‬ـ "ال سي" للشما خي ‪ 1/124‬ـ ‪ 126‬ـ‬
‫"الزهار الرياضية" للبارون ‪ 2/132‬ـ ‪ 150‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)3/306‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪111‬‬


‫ال تعال ومعرفة رسوله ممد ‪ .‬و(العدل) وضع الشيء ف موضعه من غي إعتراض على فاعله وضده‬
‫الور‪ .‬و(الف ضل) اعطاء بغ ي وجوب ول اياب‪ ،‬والع ن أن ح كم الملة من ج هة التكل يف ب ـها‬
‫كحكم غيها من سائر العبادات ل يلزم إعتقادها إل بعد قيام الجة بـها‪ ،‬والدليل على ذلك أنـه‬
‫َعظُ مَ شَأن ـه ل يكلف العباد بغ ي ح جة و هو دل يل صادق لقوله تعال‪ :‬ومـا كنـا معذبــين‬
‫حتى نبعث رسول السراء ‪ 15 :‬وإذا ثبت ما قررناه من أنـه عزّوجل ل يكلف العباد بغي حجة؛‬
‫وكان الزام الملة مـن جلة التكليفات وجـب أن ل تلزم إل بعـد قيام الجـة إذ ل يقـم دليـل على‬
‫ت صيص التكل يف ب ـها ب كم يالف التكل يف ب ا عدا ها فت ساوى ح كم ال ف التكل يف‪ ،‬فالملة‬
‫وغيها ف التكليف سواء‪ ،‬وتكليفه عزّوجل إيّانا بعد قيام الجة فضلٌ منـه تعال تفضّلَ بـه علينا‪،‬‬
‫ولو شاء أن يكلف نا بغ ي ح جة ول برهان كان ذلك عدل من ـه‪ ،‬ك ما كان التكل يف ب عد قيام ال جة‬
‫فضل‪ ،‬خِلفا للمعتزلة(‪ )175‬ف قولم بوجوب الصّلحية والصلحيّة على ال تعال‪.‬‬
‫‪ )(175‬العتزلة أ حد الذا هب ال سلمية ال ت نشأت ف ن ـهاية القرن الول ومطلع القرن الثا ن للهجرة الشري فة و هو مذ هب‬
‫يعال قضايا العقيدة مع ميل بارز للعقل على حساب النصوص ف بعض الحيان وكان لذا الذهب ظهور ذائع الصيت ف‬
‫العهد العباسي حيث تبناه بعض ملوك تلك الفترة من أمثال الأمون (ت ‪218‬هـ) وهو الذي نشطت ف عهده فكرة القول‬
‫بأن القرآن ملوق وا ستعرض لجل ها الناس وألزم هم ب ـهذا القول ح ت أن ـه أ ساء إل طائ فة من علماء ال مة آنذاك ولو ل‬
‫يفعل ما فعل لكان خيا‪ ،‬واستمرت تلك العادة ف عهد العتصم (ت ‪227‬هـ) وغل فيها الواثق (ت ‪232‬هـ) حت جاء‬
‫التوكل (ت ‪247‬هـ) فغي السار التبع وكان ملكه نكسة للمعتزلة‪ .‬أما ف عهد الأمون والعتصم والواثق كان رجالت‬
‫العتزلة يتمتعون بصانة سياسية وكانوا يستغلون الفرصة للنيل من مالفيهم الذين عرفوا بالفقهاء‪.‬‬
‫أما من الهة العلمية فيقول عنـهم الكوثري ـ بإنصاف ـ ف تقدمتـه لكتاب "تبـيي كذب الفتري" لبن عساكر‬
‫ص (‪" :)18‬والعتزلة على ضد الشوية بط مستقيم أنتجها البحث العلمي‪ ،‬ساقهم شره عقولم إل ماولة اكتناه كل شيء‬
‫وعداؤهم الصلي نو المود وخطتـهم دفع الراء التسربة من الارج إل السلم بجج دامغة وأدلة عقلية مفحمة ولم‬
‫موا قف شري فة ف الدفاع عن الد ين ال سلمي ازاء الدهري ي ومنكري النبوة والثنو ية والن صارى واليهود وال صابئة وأ صناف‬
‫اللحدة‪ ،‬وترى الذهبــي يَتَرحّمـ على الاحـظ فـ سـي النبلء حيـ يذكـر كتابــه فـ النبوة‪ ،‬ول نـر مـا يقارب كتاب‬
‫"تثبـيت دلئل النبوة" للقاضي عبدالبار ف قوة الجاج وحسن الصياغة ف دفع شكوك الشككي‪ ،‬وليس بيد العراض‬
‫الكلي عن كتب ـهم و كم في ها من الفوائد ال ت ل تزال ف أثواب ـه القشي بة ل ت بل بكرور الز من علي ها‪ .‬و كم كان ال ستاذ‬
‫المام ِي ُد فيها ما يدفع بـه خصوم العصر ول يتحاشى عن الخذ بـه من غي بس لقهم‪ ،‬إل أنـهم لكثرة اشتغالم‬
‫بناظرة الخصـام عدت منــهم إل عقولمـ آراء ابتعدوا بــها عـن الصـواب وانغمسـوا فـ بدع ردهـا الصـحاب‪ .‬قال‬
‫الطاب ـي صاحب معال ال سنن‪ :‬كا نت العتزلة ف الزمان الول على خلف هذه الهواء وان ا أحدث ها بعض هم ف الزمان‬
‫التأخر‪ ".‬ا‪.‬هـ‬
‫وجاءت تسميتـهم بالنظر إل طرد السن البصري لشيخهم وا صل بن عطاء حي قرر أن مرتكب الكبـية ف من ـزلة‬
‫بـي النـزلتي أي ليس بؤمن خالص ول كافر خالص فطرده السن من ملسه فاعتزل واصل إل احدى السواري وجلس‬
‫إليه أصحابـه فسموا معتزلة‪ ،‬لكن هذا التفسي لقى معارضة من قبل كثي من الباحثي ف القدي والديث حيث يقول الندي‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪112‬‬


‫ن لحظــــــة‬ ‫يُنَفَّ َ‬
‫ســــــ َّ‬ ‫(‪()80‬وإن أتى برهانـها امرءا فــــل‬
‫ليســــأل)‬
‫أي اذا قامت الجة بتكليف الملة على أحد من بلغ حد التكليف‪ ،‬وجب عليه اعتقادها وحرم عليه‬
‫جهلها وضاق عليه الشك فيها‪ ،‬ول يوسع له ف ترك إعتقادها ل َظةَ عَي وإن قصد بذلك الترك السؤال‬
‫عنـها وعن حقها‪ ،‬بـيانـه أنـه اذا قامت الجة بأن ل إله إل ال وأن ممد رسول ال وأن ما جاء‬
‫ب ـه م مد من رب ـه حق‪ ،‬و جب على من قا مت عل يه إعتقاد ذلك فإن ج هل أو شك أو تو قف ف‬

‫ف "الفهرست" ص(‪" :)282‬قال أبوبكر بن الخشيد‪ :‬ان العتزال لق بالعتزلة أيام السن على ما ذكره قوم ول يصح‬
‫عند نا ول رويناه‪ .‬قال‪ :‬والشهور ع ند علمائ نا أن ذلك ا سم حدث ب عد ال سن‪ .‬قال‪ :‬وال سبب ف يه أن عمرو بن عب ـيد ل ا‬
‫مات السـن وجلس قتادة ملسـه فاعتزله عمرو ونف ٌر معـه فسـماهم قتادة العتزلة‪ .‬واتصـل ذلك بعمرو فأظهـر تقبله والرضـا‬
‫ب ـه‪ ،‬وقال ل صحابـه‪ :‬إن العتزال و صف مد حه ال ف كتاب ـه؛ فهذا اتفاق ح سن فاقبلوه‪ ".‬ا‪.‬ه ـ ويقول أ بو ال سي‬
‫اللطي الشافعي ف كتابـه "التنبـيه والرد" ص(‪" :)36‬وهم سوا أنفسهم معتزلة وذلك عندما بايع السن بن علي عليه‬
‫ال سلم معاو ية وسلم إل يه ال مر اعتزلوا السن ومعاوية وج يع الناس وذلك أن ـهم كانوا من أ صحاب علي ولزموا منازلم‬
‫وم ساجدهم وقالوا‪ :‬نشت غل بالعلم والعبادة ف سموا بذلك معتزلة‪ ".‬ا‪.‬ه ـ ويقول الكوثري ف تقدي ه لكتاب "التنب ـيه والرد"‬
‫للمل طي ص(ج‪،‬د)‪" :‬ويظ هر من أن هذا ل قب اختاروه لنف سهم ف سايرهم الناس ف هذا التلق يب مع أن الشهور ف سبب‬
‫تلقيب ـهم كون ـهم يقولون بالن ـزلة ب ـي الن ـزلتي‪ ،‬أو اعتزال م ملس ال سن الب صري و ما ف هذا الكتاب ف سبب‬
‫التلقيب أقرب وأقعد ف العن مع كونـه من أقدم الروايات على بُعد الؤلف من التحيز لم ‪ ..‬وقال (حاشية)‪ :‬وكون القول‬
‫بالنـزلة بـي النـزلتي سبب التلقيب غي واضح كما أن صلة واصل زعيم العتزلة بأبـي هاشم عبدال بن ممد ابن‬
‫النفية وانتماءهم إليه قبل صلتـهم بالسن البصري‪ ،‬وهذا يدش أن يكون الثان سبب للتلقيب على أن الطرود من الجلس‬
‫ل يصح عده معتزل وال أعلم‪ ".‬ا‪.‬هـ بـيد أن القاضي عبد البار (ت ‪415‬هـ) وهو من متأخري علماء العتزلة يكي‬
‫ف كتابـه "شرح الصول المسة" اللف الاصل ف مسألة مرتكب الكبـية وأن السن اختار أنـه منافق وذكر أن‬
‫عمر بن عبـيد ذهب إل مثله وأنـه كان من أصحاب السن ث قال ف ص(‪" :)138‬وقد جرت بـي واصل وبـي‬
‫عمرو بن عبـيد مناظرة ف هذا فرجع عمرو بن عبـيد إل مذهبـه وترك حلقة السن واعتزل جانبا فسموه معتزليا‪ .‬وهذا‬
‫أصل تلقيب أهل العدل بالعتزلة‪ ".‬ا‪.‬هـ فتراه يعزو إل عمرو ترك حلقة السن ل واصل وال أعلم بقيقة التسمية‪ .‬والعتزلة‬
‫اشتـهروا ببدأ من التزمه عدوه منـهم ومن خالفه أقصوه عنـهم وهو مبدأ القول بالصول المسة وهي‪ 1 :‬ـ التوحيد‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العدل‪ 3 .‬ـ الوعد والوعيد‪4 .‬ـ النـزلة بـي النـزلتي‪5 .‬ـ المر بالعروف والنـهي عن النكر‪ .‬وهم ف الملة‬
‫يتفقون مـع الباضيـة فـ انكار رؤيـة ال فـ الخرة والقول بلق القرآن وأن مرتكـب الكبــية ملد فـ النار إذا ل يتـب‪،‬‬
‫وخالفوا الباضية ف القول بالصلح والصلح‪ ،‬والتحسي والتقبـيح العقليي وانفردوا كذلك بالقول بالقدر ونصهم على أن‬
‫الع بد خالق لفعاله ومراد هم تن ـزيه ال عن اثبات خلق ال شر له‪ .‬ول يس ب ـي الباض ية والعتزلة صلة تذ كر إل الل هم ف‬
‫التوافق الاصل ف البادئ الثلثة ولو كان ثة ارتباط كما يظن البعض لهتبل الباضية الفرصة أيام الأمون ف فترة القول بلق‬
‫القرآن ولتبوؤا الاصب العليا ف دولتـهم لكن شيئا من ذلك ل يدث وف كتب الباضية كثي من الناظرات مع العتزلة ففي‬
‫"طبقات الشائخ" للدرجين الباضي (‪ )2/246‬يقول‪" :‬وحكى بعض أصحابنا أن واصل بن عطاء العتزل صاحب عمرو بن‬
‫عب ـيد كان يتم ن لقاء أب ـي عب ـيدة ويقول‪ :‬لو قطعت ـه قط عت الباض ية‪ .‬قال‪ :‬فب ـينما هو ف ال سجد الرام وم عه‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪113‬‬


‫العتقاد حت ي سأل عن حق هذا الذي قامت ب ـه الجة عليه كان بذلك كله كافرا‪ ،‬وإن مات قبل‬
‫التصديق واعتقاد حق الملة مات هالكا والعياذ بال‪.‬‬
‫فإن ق يل‪ :‬ما بال الملة من ب ـي سائر العبادات ل يَُنفّ س ف ال سؤال عن ـها و ما عدا ها ُينَفّ س ف‬
‫السؤال عنـه وقد قلتم إن الملة كغيها ف التكليف‪ ..‬قلنا‪ :‬إن الملة كغيها ف قيام الجة بـها‬
‫للتكليف بـها ول نقل بأن جيع أحكامها كغيها وانا خصت بالتضييق عن السؤال عنـها بعد قيام‬
‫ال جة لن اعتقاد ها مطلوب ف الال‪ ،‬وكان العذر وا سعا ق بل ال جة و قد قا مت ال جة فل عذر ف‬
‫التأخ ي‪ ،‬أ ما ما عدا ها من العبادات العمليات والتركيات فرب ا ي سع تأخي ها‪ ،‬ورب ا ي سْلَم صاحبـها‬
‫باعتقاد ال سؤال عن ـها وال ّديْنُونَة بال ق في ها لدلة خا صة ب ـها ن و ولم يصـروا على مـا‬
‫فعلوا وهم يعلمون آل عمران ‪. 135 :‬‬
‫ضيّ قَ ف ال سؤال عن ـه ك ما ضيّ ق في ها ورأى أن حك مه كحكم ها‪،‬‬ ‫وأ ما تف سيها العتقادي فبع ضٌ َ‬
‫وبعضٌ وَسّع ف السؤال عنـه وعنده أنـه داخل تت هذه الملة فما ل يرد شيء منـه فهو واسع له‬
‫ترك اعتقاده بعينـه حت يرسخ ف ذهنـه علم ذلك وحقّه‪.‬‬
‫برهانـهــــا كفر جحود‬ ‫(‪()81‬ومنكر الجملة بعدمــــا نظــــر‬
‫قد كفر)‬
‫أي ومن جحد الملة بعد أن قامت عليه حجتـها أو قبل ذلك فهو كافر كفر جحود ول ينفعه عذر‬
‫ف ذلك‪ .‬أما من جهلها بعد قيام الجة بـها أو َشكّ فيها فهو كافر أيضا‪ ،‬لكن كفره يسمى شرك‬
‫مُسَاوَاه؛ وذلك لنـه قد جعل ما وجب عليه اعتقاده ولزمه علمه بنـزلة الذي ل يب عليه فيه شيء‬
‫أصحابـه‪ ،‬إذ أقبل أبو عبـيدة ومعه أصحابـه؛ فقيل لواصل‪ :‬هذا أبو عبـيدة ف الطواف‪ .‬قال‪ :‬فقام إليه واصل فلقيه‪،‬‬
‫وقال‪ :‬أنت أبو عبـيدة‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬أنت الذي بلغن أنك تقول‪ :‬إن ال يعذب على القدر‪ .‬فقال أبو عبـيدة‪ :‬ما هكذا‬
‫قلت؛ ل كن قلت إن ال يعذب على القدور‪ .‬فقال أ بو عب ـيدة‪ :‬وأ نت وا صل بن عطاء‪ .‬قال‪ :‬ن عم‪ .‬قال‪ :‬أ نت الذي بلغ ن‬
‫عنك أنك تقول‪ :‬ان ال يُع صَى بالستكراه‪ .‬قال‪ :‬فنكس واصل رأسه فلم يب بشيء‪ .‬ومضى أبو عبـيدة وأقبل أصحاب‬
‫واصل على واصل يلومونـه يقولون‪ :‬كنت تتمن لقاء أبـي عبـيدة‪ ،‬فسألتـه فخرج وسألك فلم تب!‪ .‬فقال واصل‪:‬‬
‫ويكم بنيت بناء منذ أربعي سنة فهدمه وأنا قائم فلم أقعد ول أبرح مكان‪ ".‬ا‪.‬هـ وللمام أبـي عبـيدة مسلم بن أبـي‬
‫كرية الشيخ الثان للباضية مناظرات مع جاعة من القائلي بالقدر فقد ناظر حزة الكوف ففي "الطبقات" أيضا ( ‪:)2/241‬‬
‫"وقال‪ :‬كان حزة الكوف يقول بشيء من القدر فهجره أبو عبـيدة وأمر بـهجرانـه‪ ،‬فقال يوما‪ :‬عجبا لبـي عبـيدة‬
‫يأمر بـهجران وهؤلء الفتيان يقولوا‪ :‬أراد‪ ،‬وشاء‪ ،‬وأحب‪ ،‬ورضي‪ ،‬وهو يدنيهم ول يقول بثل قولم!‪ .‬قال‪ :‬فبلغ قوله أبا‬
‫عبـيدة فقال‪ :‬قبح ال رأيه؛ إن هؤلء أرادوا اثبات القدر فقالوا فيه وحزة يريد ازالتـه وليس مثبتـه كمزيله"‪ .‬وناظر أيضا‬
‫ابن الشيخ البصري وتفاصيلها ف "الطبقات" للدرجين (‪ )2/241‬ما يزم العاقل بالطلع عليها أن التوافق الاصل ليس فيه‬
‫تأثي وتأثر ولو قيل من ذلك شيء فإن الباضية أسبق من العتزلة ف النشأة فل يكون التقدم متأثرا بالتأخر فيكون العتزلة هم‬
‫من أخذوا عن الباضية على أنا ل نثبت المرين ومن قال بغي هذا فعليه الدليل وال الستعان‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪114‬‬


‫مـن ذلك فكأنــه سـَاوَى بــي الكميـ مـع اختلف المريـن‪ ،‬والكـم فـ شرك الحود وشرك‬
‫ال ساواة مت حد دن يا وأخرى والفرق ب ـينـهما إن ا هو ف ن فس الت سمية خا صة‪ ،‬و سيأت ب ـيان‬
‫حكمهما ف الباب السادس من الركن الثالث ـ إن شاء ال ـ‪.‬‬
‫تشـــــك فيــــه والذي له‬ ‫(‪()82‬ولم يسع جهــــل ضللــه ول‬
‫تل)‬
‫عــــلى قيـــــــاس شائع‬ ‫(‪()83‬كذاك جهل من يشــــك فيـه‬
‫تلفيـه)‬
‫هذا بـيان لكم الواقف على انكار منكر الملة‪ ،‬فحكمه أنـه يب عليه أن يعلم كفر منكر المله‬
‫ول يسعه الهل بكفره ول الشك ف كفره‪ ،‬وكذلك ل يسع جهل ضلل من صوّبـه على كفره ول‬
‫الشك فيه وهو معن قول الصنف (والذي له تل) أي تبع‪ ،‬وكذلك ليسع جهل ضلل من شك ف‬
‫كفره‪ ،‬فإن حكم الشّاك ف كفره بعد علمه بكفره حكم من صوّبـه على كفره لنـه ل يسع جهل‬
‫ضللة كل واحد منـهما‪ ،‬وهذا القياس أعن قياس الشاك ف كفر منكر المله على مصوّبـه ف عدم‬
‫التوسعة ف جهل ضللة كل واحد منـهما قياس ظاهر جلي‪ ،‬ومثل منكر المله ف هذا الكم الاهل‬
‫بالمله بعد قيام الجه بـها والشاك فيها فإن كل واحد من هذين ل يسع جهل ضلله ول ضلل من‬
‫صوّبـه على ضلله‪ ،‬ول ضلل من شك ف ضلله ول يسع الشك ف ضلل كل واحد من هؤلء‪.‬‬
‫واعلم أن م صوب الُحدِث ف المله مشرك مثله‪ ،‬وأ ما الا هل لضلله والشاك ف ضلله مع اعتقاده‬
‫حق الملة ف هو فاسق منافق‪ ،‬وقول الصنف‪( :‬ول تشك) بصيغة الن ـهي على جهة التحري‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫ـــــ الجرور على حدّ قوله تعال‪ :‬واتقوا الله الذي‬ ‫(والذى له) معطوف على الضميـ‬
‫تسـاءلون بــه والرحام النسـاء ‪ 1 :‬بقراءة جر الرحام‪ .‬وقوله‪( :‬على قياس شائع) أي ظا هر‪،‬‬
‫ومعن (تلفيه) تده‪.‬‬
‫يجزيه دون نطقـــــه‬ ‫(‪()84‬والخلف في إيمانـها بالقلـــب هل‬
‫إذا نـزل)‬
‫للجتــــزا والبعض منـهم‬ ‫(‪()85‬تكليفه بـها فبعــــــض ذهبــــا‬
‫قد أبى)‬
‫اختلف العلماء ف كيفية اليان بالملة فذهب بعضهم إل أن كيفية اليان بـها أن يعتقد صدقها ف‬
‫جنانـه‪ ،‬ويظهر ذلك إقرارا بلسانـه وأنـه ل يكون مؤمنا إل بذلك‪ ،‬فالتلفظ بالشهادتي عند هؤلء‬
‫شرط لوجود اليان‪ ،‬وذ هب آخرون إل أن اليان ب ـها هو الت صديق ب ـها ف القلب‪ ،‬فإذا اعت قد‬
‫جزِيَا له فيما بـينـه وبـي ربـه‪ ،‬فإن مات على ذلك‬ ‫حقها بقلبـه وصدقها بنانـه كان ذلك ُم ْ‬
‫ف هو من جلة الؤمن ي‪ ،‬وأ ما في ما ب ـينـه وب ـي الناس فإن ـه ل يكون مع هم مؤم نا ح ت يتل فظ‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪115‬‬


‫بالشهادت ي ويلز مه التل فظ ب ـها إذا طولب بذلك‪ ،‬هذا إذا كان منكرا للجملة في ما تقدم من أ ْمرِه أو‬
‫شاكا في ها أو جاهل ب ـها ب عد قيام ال جة عل يه في ها‪ ،‬أ ما إذا ل يتقدم من ـه ش يء من هذا كله ول‬
‫يكن من اهل دار يُحْكَم على أهلها بالشرك فل يلزمه التلفظ بالشهادتي وإن طولب ول يسع لحد أن‬
‫يكم عليه بالشرك ف عدم تلفظه بذلك ول يسعه أن َيبْرَأ منـه لذلك‪ ،‬نعم يندب له أن يتلفظ مهما‬
‫طولب بذلك إذا ل يكن له مانع من التلفظ وال تعال أعلم‪.‬‬
‫تصديقــــه إن ذكرها قد‬ ‫(‪()86‬والخلف هل عليــــه أن يقـررا‬
‫خطرا)‬
‫شيئا بـها كعهــدها‬ ‫(‪()87‬أو يجتزي بالماضي مالم يحــــدث‬
‫لم ينكـث)‬
‫اختلف القائلون بإشتراط التلفظ لليان [بالملة](‪)176‬؛ فذهب بعضهم إل أن التلفظ بـها والتصديق‬
‫ب ـها مزئ مرة واحدة ف عمره ول يلز مه تكرار ذلك مال يأت بدث ين قض ب ـه إيان ـه فيكون‬
‫بـه مرتدا إل الشرك بعد السلم‪ ،‬وذهب آخرون إل أنـه يب تكرار اليان بـها إذا جرى ذكر‬
‫ذلك‪ ،‬وعند هؤلء يب على من كان موحدا أن يتلفظ بالشهادتي إذا طولب بذلك‪ ،‬لكن يرج على‬
‫قواعدهم أنـه إذا ل يبـهم إل التلفظ بالشهادتي ل يسعهم أن يكموا عليه بالشرك ول أن يبأوا‬
‫منـه لذلك‪ ،‬ووجه ذلك أن هذه السألة اجتـهادية فلما أب من التلفظ ول يتقدم منـه حالة يشرك‬
‫بـها احتمل له أن يكون مذهبـه عدم وجوب تكرار التلفظ أو أنـه مقلد ل ير وجوب ذلك‪ ،‬ومع‬
‫تسكه بقول من أقول السلمي ل يل لحد أن يكم عليه بالروج من الدين‪.‬‬
‫هذا والصحيح عندي عدم وجوب تكرار التلفظ بـها وإن جرى ذكرها معه إذا ل يرج عن السلم‬
‫بدث في ها لن ال صحابة ـ رضوان ال علي هم ـ ل يُن قل عن ـهم مع كثرة ذكر هم للجملة تكرار‬
‫التلفظ بـها كلما سعوها وإنا النقول عنـهم وعن النبـي أنـه إذا أسلم العبد وتلفظ بالشهادتي‬
‫مرة واحدة أدخلوه ف حكم السلمي ول يطالبوه بعد ذلك بشيء وال تعال أعلم‪.‬‬
‫كحــــكم ما رأيت من‬ ‫(‪()88‬وما عدا الجملــــة من تفسيرهـا‬
‫تعبـيرها)‬
‫أحــــدث والشــــائع ما‬ ‫(‪()89‬إل لدى السؤال والجهــــل بمـا‬
‫تقدمـا)‬
‫تفســــيرها بالقلب‬ ‫(‪()90‬وما عدا اليمــان فالــــلزم فـي‬
‫في التكلف)‬

‫‪ )(176‬من (ب)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪116‬‬


‫أي ما عدا الملة من تفسيها العتقادي الشتملة عليه والندرج تتـها كمعرفة كمالت ال عزوجل‬
‫ومعر فة النب ـياء والر سل واللئ كة والك تب الن ـزلة والوت والب عث وال ساب‪ ،‬وأن ح ساب ال ل‬
‫يشبـهه حساب‪ ،‬ومعرفة النّة والنار فحكمه حكم الملة ف جيع ما تقدم‪ ،‬ويالفها ف ثلثة مواضع‬
‫مستثناة من تلك القاعدة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ف السؤال؛ فإن الملة ل يلزم لا اعتقاد سؤال قبل قيام الجة ول يوسّع له ف السؤال بعد قيام‬
‫الجة بلف تفسيها‪ ،‬وقد تقدم ف هذا ما فيه كفاية إن شاء ال‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أنّ الدث ف الملة ل يسع جهل ضللة مدثه ول الشك فيه كما تقدم والدث ف تفسيها‬
‫قد قيل بأنـه يسع جهل ضللة ُمحْ ِدثِه ولو َعلِمَ حَ َدثَه ما ل تب له ضللتـه‪ ،‬إل أن الكثر فيه ما قيل‬
‫ف الملة وهو الراد بقول الناظم‪( :‬والشائع ما تقدما)‪.‬‬
‫وثالث ها‪ :‬أن اليان ف الملة متلف ف يه هل يزي بالقلب دون الن طق بالل سان أو ل ك ما تقدم؟‪ .‬ول‬
‫نعلم اختلفا ف اليان بتفسيها بل اللزم فيه بالقلب فقط‪.‬‬
‫وانت صبت (الملةَ) ف قول النا ظم على ال ستثناء‪ ،‬ول ا كان التكل يف بالملة متوق فا على قيام ال جة‬
‫أخذ ف بـيان كيفية قيام الجة هنا فقال‪:‬‬
‫وحجــــــة المعنــــى‬ ‫(‪()91‬فالحجة السمـــــاع في ذا كـله‬
‫له من عقله)‬
‫اعلم أن قيام الجة ف كل شيء ل يكون ال من أحد طريقي‪ ،‬الطريق الول‪ :‬العقل وهو طريق لقيام‬
‫الجة بالعان‪.‬‬
‫والطريق الثان‪ :‬النقل وهو طريق قيام الجة باللفاظ مع معانيها‪.‬‬
‫ولا كان أع ظم طرق الن قل هو ال سمع أطلق ف التعب ـي عن الن قل‪ ،‬على أن النقل قد يكون من غ ي‬
‫طريق السمع كالن ظر وذلك مثل أن يراه مكتوبا فإنـه إن عرف لفظ ذلك ومعناه كان ف حكم من‬
‫سعه‪.‬‬
‫ول ا كا نت الملة وتف سيها مشتمل ي على ألفاظ ومعا ن ث بت قيام ح جة العا ن ب ـهما من الع قل‪،‬‬
‫وتوقف قيام الجة ف ألفاظها على النقل‪ ،‬فمن خطر بباله أن له صانعا وأن لصانعه رسول يبلغ اللق‬
‫عنـه‪ ،‬وأنـه ليس كصانعه شيء وأن لن أطاع صانعه ثوابا ولن عصا عقابا‪ ،‬وجب عليه أن يعتقد‬
‫معن ذلك‪ ،‬ول يوز له أن ينكر شيئا منـه ول يلزمه معرفة شيء من أساء هذه الشياء حت تقوم عليه‬
‫الجة من طريق النقل أن اسم صانعه ال أو الرحن أو نو ذلك‪ ،‬وأن اسم رسوله ممدا أو أحدَ‪ ،‬وأن‬
‫اسم ثوابـه النّة واسم عقابـه النّار‪ ،‬فإذا قامت عليه الجة من طريق النقل بشيء من هذه الساء‬
‫وجب عليه معرفتـها وضاق عليه جهلها‪.‬‬
‫بـهجة النوار‬ ‫‪117‬‬
‫واعلم أن قيام الجة من العقل بأن ل رسولً إنا هو مبنٌ على مذهب بعض الصحاب‪ ،‬وذهب غيهم‬
‫لجّة ف ذلك إنا هي من طريق النقل وهو الصحيح وال أعلم‪.‬‬‫إل أن ا ُ‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪118‬‬


‫البـــاب الثــانــي‬
‫ـ من الـركــن الثـــانـي ـ‬
‫فــي التـــوحيـــــــــــد‬
‫وفيه أربعة فصول وخاتمه‬
‫الفصـــــــل الول‬
‫في نفي الضداد والنداد والشباه عن الله‬
‫تعالى‬
‫من نوره وعن هــــوى‬ ‫(‪()92‬وهاك توحيدا لنــــا فلتقتبـــس‬
‫النفس احتبس)‬
‫(ها) اسم فعل بعن خُذ‪ ،‬و(الكاف) للخطاب‪ ،‬و(التوحيد) هو‪ :‬إثبات الوحدانية ل تعال والقرار له‬
‫بالربوب ـية‪ ،‬ف في اثبات الوحدان ية له تعال اثبات لكمالت ـه الذات ية لن ـها أنواع وحدة الذات و ف‬
‫اثبات ـها له تعال انتفاء الشاب ـهة له تعال‪ ،‬وانتفاء صفات الع جز والدوث ف ذات ـه تعال‪ ،‬ووحدة‬
‫الصفات‪ ،‬ووحدة الفعال‪ ،‬وف اثبات كل واحدة منـهما اثبات للكمالت اللية‪ ،‬وف القرار له تعال‬
‫بالربوب ـية ا ستلزام توج يه العبادة ال يه‪ ،‬ونفي ها ع من سواه‪ ،‬ف من ع بد غيه ل ي كن موحّدا‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(فلتقتبس) أي فلتتخذ لك قبسا من نور هذا التوحيد فإنـه نور ف ظلمات الهل‪ ،‬وقوله‪( :‬وعن هوى‬
‫الن فس احت بس) أي امت نع ع ما ت يل ال يه نف سك من البا طل وأمـا مـن خاف مقام ربــه‬
‫ن الجنة هي المأوى النازعات ‪. 40 :‬‬ ‫ونـهى النفس عن الهوى فإ َّ‬
‫ولّ ا كان القرار بالربوب ـية م ستلزما لثبوت العبادة ل تعال دون غيه أ خذ ال صنف ف ب ـيان كيف ية‬
‫توجيهه العبادة لربـه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫سبحــــانـه ونـهيــــه‬ ‫ل امتثـــال أمـره‬ ‫(‪()93‬نعبــــده ج َّ‬
‫وزجـره)‬
‫وإن يشـــــأ عذبنــــا‬ ‫(‪()94‬فإن يشــــأ يرحمنا بفضـــلـه‬
‫بعدلـه)‬
‫له كـــــذا القــدرة‬ ‫(‪()95‬فالملك والعزة والسلطــــان‬
‫والبرهان)‬
‫أي نوجه عبادتنا اليه َعظُم شأنـه لجل إمتثال أمره الذي أمرنا بـه ف الشياء العملية‪ ،‬ولجل امتثال‬
‫نـهيه ف الشياء الت نـهانا عن فعلها‪ ،‬فالفعل والترك منا إنا ها لجل المر والنـهي فهما عبادة‬
‫منا له تعال‪ ،‬ومع ذلك فنحن مفوّضون المر اليه ومسلمون لكمه وراضون بقضائه ومتوكلون عليه‪،‬‬
‫فإن شاء أن يرحنـا فذلك بحـض فضله علينـا وان شاء أن يعذبنـا فذلك بعدله فينـا‪ ،‬فإن اللك والغلبـة‬
‫والجة والقدرة له تعال‪ ،‬فل يعترض عليه ف شيء من ملكه ول يستطيع أحد لرد ما أراده وهو قادر‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪119‬‬


‫على كل شيء‪ ،‬ومن كان مالكا للشياء قادرا على فعل ما يريد فيها غي مكوم عليه ول معترض عليه‬
‫ف شيء من أفعاله؛ فجميع ما فعله ف ملكه إما عدل وإما فضل‪ ،‬ث ان الصنف أخذ ف بـيان التنـزيه‬
‫فقال‪:‬‬
‫ل ل ول‬ ‫يحويــــه جــــ َّ‬ ‫(‪()96‬سبحـــانـه ليس لــــه مكــان‬
‫زمان)‬
‫وأنـه في ملكــــه‬ ‫(‪()97‬بخلقه لكــل شيء نشهـــــد‬
‫منفــرد)‬
‫أي تنـزيها له تعال عن اللول ف المكنة‪ ،‬وعن الدوث ف الزمنة‪ ،‬فإن المكان والزمان‬
‫خلق مـن خلقـه‪ ،‬ومـن ضرورة العقـل وجوب تقدم الالق على الخلوق فـ الوجود‪ ،‬فلو كان‬
‫تعال حالّ ف مكان أو حادثا ف زمان لوجب تقدم الكان والزمان عليه لضرورة العقل بذلك فيستلزم‬
‫خالقا غيه‪ ،‬وثبوت خالق غيه باطل لا يلزم عليه من المور الستحيلة‪ ،‬وأيضا فلو كان تعال حالّ ف‬
‫مكان لكان الكان حاويا له فيلزم عليه تديده وتناهيه؛ ومن كان متحددا متناهيا فليس بإله‪ ،‬ولو كان‬
‫تعال حادثا ف زمان لوجب أن يكون له مدث غيه‪ ،‬ومن كان مدثا فليس بإله‪ .‬وف قوله‪( :‬وأنـه ف‬
‫ملكه منفرد) إشارة إل ثبوت الوحدانية له تعال ف مطلق التصرف‪ ،‬وهي وحدة الفعال‪.‬‬
‫ولا نفى عنـه تعال صفت اللول والدوث أخذ ف نفي الصفات الت تلزمهما فقال‪:‬‬
‫ول وزيــــــــر ل ول‬ ‫شبـه ول نظيـــــر‬ ‫(‪()98‬ليس لــــه ِ‬
‫مشــــــير)‬
‫(الشِب ـه) ـ بالك سر ـ هو الشارك لغيه ولو ف صفة واحدة من صفاتـه‪ ،‬و(النظ ي) هو الِ ثل‬
‫الُ سَاوي‪ ،‬و(الوزير) هو العي ف المر العظيم بأرآءه الصائبة وأفكاره الثاقبة‪ ،‬و(الشي) هو الدال على‬
‫فعـل شيـء أو على تركـه بدللة خفيّةـ‪ ،‬والراد بــها هنـا مطلق الدللة والعنـ أنــه تعال ليـس له‬
‫مشاب ـه ف ذات ـه ول ف صفاتـه ول ف أفعاله ول ما ثل له ف ذلك‪ ،‬ول مع ي له على ش يء من‬
‫أفعاله الت فعلها أو سيفعلها‪ ،‬وأنـه تعال فعّال لا يريد ل لا يريد غيه‪ ،‬فل مشي له ف شيء من أفعاله‬
‫ول ف شيء من الشياء الت ل يُرد فعلها تعال ال عن ذلك‪ ،‬وعن ابن مسعود أنـه قال‪" :‬ما عرف‬
‫ال من شب ـهه بل قه"‪ .‬نا فع(‪" :)177‬أن عبدال بن ع مر كان جال سا ف أناس فأ تى ر جل فقال‪ :‬أي كم‬

‫‪ )(177‬المام الثقة أبو عبدال نافع بن الفقيه العدوي القرشي الدن مول ابن عمر‪ ،‬من كبار التابعي ف وقتـه‪ ،‬واختلف ف‬
‫متده على أقوال فقيل‪ :‬هو بربري‪ .‬وقيل‪ :‬نيسابوري‪ .‬وقيل‪ :‬ديلمي‪ .‬وقيل‪ :‬طالقان‪ .‬وقيل‪ :‬كابلي‪ .‬والرجح أنـه فارسي‬
‫الحتد ف الملة‪ .‬أصابـه ابن عمر ف بعض مغازيه صغيا ونشأ ف الدينة‪ ،‬روى عن موله وعائشة وأبـي هريرة ورافع بن‬
‫حديج وأبـي سعيد الدري وأم سلمة وأبـي لبابة بن عبد النذر وصفية بنت أبـي عبـيد ـ زوجة موله ـ وسال‬
‫وعبدال وعب ـيدال وز يد أبناء عبدال بن ع مر وغي هم‪ .‬وروى عن ـه الزهري وأيوب ال سختيان وعبدال بن وا قد وأخوه‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪120‬‬


‫عبدال بن ع مر؟‪ .‬فقال‪ :‬أ نا‪ .‬فقال الر جل‪ :‬إ ن تا جر أبت غي من ف ضل ال وإ ن قد مت هذه البلدة هذه‬
‫الليلة فاذا أنا برجل توست فيه الي فقعدت اليه فحدثن حديثا ضاق بـه صدري‪ .‬فقال عبدال‪ :‬وما‬
‫هو؟فإنـه ل اث عليك إذا حدثت بـه من غيك‪ .‬فقال‪ :‬قال ل؛ إن ال تبارك وتعال لا أراد أن يلق‬
‫آدم ل يدر كيف يلقه حت خلق مرآة فنظر فيها إل وجهه فخلق مثاله‪ .‬فقال له ابن عمر‪ :‬تعال ال ل‬
‫مثـل ل أل إن هذا الشيطان أراد أن يدخلك فـ دينــه أل وإن الشيطان قـد آيـس منكـم أن تعبدوا‬
‫أصناما ظاهرا فتعذرونـه ولكنـه يأت النسان فيقول كيف ربك؟ فل يزال بـه حت يصف ربـه‬
‫بصفة اللق فَيضِل وُيضِل فان لقيتـه فأخبه أن ابن عمر بريء من دينك أل وان نبـي ال سئل‬
‫عن ال عزو جل‪ ،‬فقال ال عزو جل‪ :‬قـل هـو الله أحـد الله الصـمد لم يلد ولم‬
‫يولد ولم يكـن له كفؤا أحـد الخلص فإن و سوس الشيطان ل كم فقولوا له ك ما قال ر سول‬
‫ال "‪.‬عن معاذ ـ رضي ال عنـه ـ "أنـه سيجع أقوام من هذه المّة عند اقتراب الساعة كفّارا‬
‫فقال رجل‪ :‬يا أبا عبدالرحن أبالحداث كفرهم أم بالحود؟ قال‪ :‬ل ولكن بالحود يحدون خالقهم‬
‫فيصفونـه بالصورة والعضاء والفاصل أولئك ل خلق لم ف الخرة ولم عذاب عظيم"‪.‬‬

‫زيد وحيد الطويل وابن جريج ويونس بن عبـيد وعمر وأبوبكر ولدا نافع وابن أبـي ذئب وجرير بن حازم وجويرية بن‬
‫أساء ومالك والليث وغيهم‪.‬‬
‫روى الصمعي قال‪ :‬حدثنا العمري عن نافع قال‪ :‬دخلت مع مولي على عبدال بن جعفر فأعطاه ف اثن عشر ألفا فأب‬
‫وأعتقن أعتقه ال‪ .‬وله عمر بن عبد العزيز صدقات اليمن كما بعثه أيضا إل مصر ليعلم أهلها السنن‪ .‬وهو من ثقات الرواة‪.‬‬
‫توفـ على الصـحيح سـنة ‪117‬هــ‪"( .‬تذكرة الفاظ" ‪ 1/99‬ــ "سـي النبلء" للذهبــي ‪ 5/563‬ــ "تــهذيب‬
‫التـهذيب" لبن حجر ‪.)10/368‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪121‬‬


‫عن سعيد بن جبـي(‪ )178‬أنـه قال‪" :‬أتى رهط من اليهود إل رسول ال فقالوا‪ :‬يا ممد هذا ال‬
‫خلق اللق فمن خلقه؟‪ .‬قال‪ :‬فغضب رسول ال حت انتقع لونـه ث واثبـهم غضبا لربـه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فجاء جبائيل صلى ال عليهما فَسَكّنـه وجاءه من ال بواب ما سألوه بـ قل هو ال أحد‪..‬إل تام‬
‫السورة "(‪.)179‬‬
‫قبــــل ول بعــــد فكل‬ ‫(‪()99‬ليس له فوق ول تحــــت ول‬
‫حظــل)‬
‫اليه تعزى حادث بــــذا‬ ‫(‪()100‬كذا يمـــين وشمــــال والـذي‬
‫احتذي)‬
‫(الفوق) اسم لهة العلو‪ ،‬و(التحت) اسم لهة السفل‪ ،‬و(قبل) اسم للتقدم‪ ،‬و(بعد) اسم للتأخر‪ ،‬ومعن‬
‫(حظل) منع‪ ،‬و(يي) اسم للجهة اليمن‪ ،‬و(شال) اسم للجهة اليسرى‪ ،‬ومعن (تعزى) تنسب‪ ،‬ومعن‬
‫(حادث) أي موجود بعد عدم‪ ،‬ومعن (احتذ) أي اقتد‪.‬‬
‫والعن أنـه تعال ليس له جهة يكون فيها‪ ،‬ل جهة فوقية ول تتية ول عن يي ول عن شال ول أمام‬
‫ول وراء‪ ،‬وليس له تعال َقْبلُ ـ أي ل يقال إن وجوده تعال مسبوق بشيء حت يقال إن قبله كذا ـ‬
‫ول بَعْد له ـ أي ل يس وجوده تعال متناه يا ح ت يقال ان ب عد تنا هي وجوده يكون كذا ـ وهذه‬
‫ال صفات أع ن الهات والقبل ية والبعد ية م ستحيلة ف ح قه تعال‪ ،‬لن من ن سب ال يه ش يء من ـها‬

‫‪ )(178‬التابعي الليل أبو عبد ال سعيد بن جبـي بن هشام الولبـي السدي بالولء الكوف‪ ،‬ولد سنة ‪45‬هـ روى عن ابن‬
‫عباس وابن الزبـي وأنس وطبقتـهم ويتمل عن السيدة عائشة ول يثبت ساعه من عبدال بن معقل ول من عدي بن حات‬
‫ول من المام علي ـ كرم ال وجهه ـ ول من أبـي هريرة وأبو موسى الشعري وأبو مسعود النصاري وإنا روايتـه‬
‫عنـهم مرسلة‪ ،‬وأخذ عنـه طائفة منـهم ابناه عبداللك وعبدال والعمش وعطاء بن السائب وساك بن حرب والنـهال‬
‫بن عمرو وآخرون‪ ،‬عن جعفر بن أبـي الغية قال‪ :‬كان ابن عباس بعدما عمي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونـه قال‪ :‬تسألون‬
‫وفيكم ابن أم الدهاء؟!‪ .‬يعن سعيد بن جبـي‪ ،‬وعن أشعث بن اسحاق قال‪ :‬كان يقال لسعيد بن جبـي جهبذ العلماء‪.‬‬
‫ول ا خرج ا بن الش عث على ع بد اللك بن مروان كان سعيد م عه وكان يقول يوم د ير الماجم‪ :‬قاتلوهم على جور هم ف‬
‫الكم وخروجهم من الدين وتبهم على عباد ال وإماتتـهم الصلة واستذللم السلمي‪ .‬نقل عن "الطبقات الكبى" لبن‬
‫سعد (‪ 6/265‬دار صادر) فلما انـهزموا لق سعيد بكة فأخذه خالد القسري وحله إل الجاج الذي قتله ف آخر سنة‬
‫‪94‬هـ‪"( .‬الطبقات الكبى" لبن سعد ‪ 6/256‬ـ ‪ 267‬دار صادر ـ "تذكرة الفاظ" للذهبـي ‪ 1/76‬ـ "تـهذيب‬
‫التـهذيب" لبن حجر ‪ 4/10‬الكتب العلمية)‪.‬‬
‫‪ )(179‬أخرجه بـهذا اللفظ ابن جرير الطبي ف "تفسيه" (‪ 11/26‬برقم ‪ 30229‬دار الكتب العلمية) وف اسناده شيخه‬
‫ممد بن حيد وف يه كلم قال الوزجا ن‪ :‬ردئ الذ هب غ ي ثقة ون سبـه أبو زر عة إل تعمد الكذب وكان ا بن خزي ة ل‬
‫يروي عن ـه وقال الن سائي‪ :‬ل يس بش يء‪ .‬وقال البخاري‪ :‬ف يه ن ظر‪ .‬ك ما ف "ت ـهذيب الت ـهذيب" للحا فظ ا بن ح جر (‬
‫‪ 9/109‬وما بعدها)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪122‬‬


‫واتصـف ب ـه يكون حاد ثا قط عا ف هي دل يل الدوث والرب تعال قد ي ل يس بادث‪ ،‬فل ي صح أن‬
‫يتصف بشيء منـها خلفا للمشبـهة القائلي بأنـه تعال ف جهة الفوق وإنـه على العرش مستقرا‬
‫إسـتقرار اللك على سـريره تعال ال عن ذلك‪ ،‬و قد تلقوا هذه القالة الشنيعـة مـن اليهود أخزا هم ال‬
‫تعال‪.‬‬
‫قال ف "الضياء"‪" :‬وبلغنا أن عبدال بن مسعود ـ رضي ال عنـه ـ مر بلقة وفيهم رجل من اليهود‬
‫يدثهم‪ ،‬فقال‪ :‬ما يدثكم؟ قالوا‪ :‬يدثنا عن التوراة وعن ربنا‪ .‬قال‪ :‬وعن ربكم باذا؟ قالوا‪ :‬يقول إن‬
‫ال لا خلق السموات والرض صعد إل السماء من بـيت القدس فوضع رجله على الصخرة الت فيه‬
‫وإنـه ينـزل ف السماء الدنيا ف النصف من شعبان‪ .‬فقال ابن مسعود ـ رضي ال عنـه ـ‪ :‬إنا ل‬
‫وإنا اليه راجعون (ثلث مرات) ث قال‪ :‬ل كفر بعد إيان ودوا لو تكفرون كما كفروا‬
‫فتكونون سواء النساء ‪ 89 :‬فهل قلتم كما قال ابراهيم خليل الرحن ل أحب الفلين‬
‫النعام ‪ 76 :‬أل فاتـهموا اليهود والنصارى على دينكم‪ ،‬ول تصدقوهم على ما يالف كتابكم‪ ،‬فإنـهم‬
‫سيضلون أكثر هذه المة‪ ،‬أل إن ربكم ليس بزائل ومن وصف ال زائل فقد كفر‪ ،‬ومن شبـهه بشيء‬
‫من الشياء فقد كفر"‪.‬‬
‫وعــــالم من قبــــل‬ ‫(‪()101‬ولم يزل وليــس شــــيء معه‬
‫أن يصنعه)‬
‫ومـــا اليــــه صــــائر‬ ‫(‪() 102‬بكـــونـه ولونـه وشكــلــــه‬
‫بفعلــه)‬
‫أي ل يزل تعال ول موجود سواه من ج يع الشياء‪ ،‬ف هو تعال متفرد بالقِدَم‪ ،‬والقِدَم وا جب له تعال‬
‫فيستحيل عليه العدم لن ما وجب قدمه استحال عدمه‪ ،‬وقوله‪( :‬وعال‪ ..‬ال) أي وهو عال أي ل يزل‬
‫تعال متصـفا بالعلم مـن قبـل وجود الشياء فعلمـه تعال صـفة ذاتيـة له‪ ،‬والاء مـن قوله (مـن قبـل أن‬
‫يصنعه) عائدة إل (الشيء) ف قوله (وليس شيء معه) وقوله‪( :‬بكونـه) متعلق بعَالِم‪ ،‬ومعن كونـه‬
‫وجوده بعـد عدم‪ ،‬أي ل يزل تعال وهـو عال بوجود الشياء التـ سـيوجدها‪ ،‬وعال بالزمان الذي‬
‫سيوجدها فيه‪ ،‬وبالكان الذي ستكون فيه‪ ،‬وعال بلونـها الذي ستتصف بـه‪ ،‬وعال بصورتـها الت‬
‫يكون علي ها شكل ها من طول وق صر وعرض وعال ب صيها الذي ستصي ال يه ب سبب أفعال ا ال سنة‬
‫وبسبب أفعالا القبـيحة‪ ،‬فالضمي من (كونـه) ومن (لونـه) ومن (شكله) وما بعدها كله عائد إل‬
‫الشيء ف قوله (وليس شيء معه)‪.‬‬
‫والراد بالشيء هنالك جيع الوجودات ما عدا الالق تعال‪ ،‬وف البـيتي تصريح بأنـه تعال عال با‬
‫كان وما سيكون وما هو كائن‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪123‬‬


‫الفصـل الثانـــي‬
‫فـي البراهـــــين‬
‫ج ع برهان و هو ما تركّ ب من مقدمات قطع ية‪ ،‬وأل ف الباه ي للع هد الذه ن أي ف الباه ي ا ُلَثبّتَة‬
‫لُدّعَانا فيما تقدم‪.‬‬
‫جــــاز عليــــــه وصف‬ ‫(‪()103‬لو أنـه مشابـه فــــي ذاتـه‬
‫مخلوقاتـه)‬
‫في الكل ما لـــــذلك‬ ‫(‪()104‬إذ كل شبـهــــين بوجـه لزما‬
‫الوجه انتمى)‬
‫هذا برهان ا ستحالة الشاب ـهة له تعال الذكورة ف قول ال صنّف‪( :‬ل يس له شب ـه‪ ..‬ال)‪ ،‬و صورة‬
‫البهان أن ـه لو كان تعال مشاب ـها ف ذات ـه لاز عل يه ما يوز على مشاب ـهه من ال صفات‪ ،‬ول‬
‫موجود إل وهـو إمـا خالق أو ملوق‪ ،‬وقـد ثبـت بالبهان أنــه تعال هـو الالق وأن جيـع مـا عداه‬
‫ملوق‪ ،‬فلو كان له مشابـه لكان ذلك الشابـه هو أحد ملوقاتـه فيستلزم أن يكون عزوجل يصح‬
‫أن يتصف بصفات ملوقاتـه‪ ،‬وصفات ملوقاتـه مستحيلة ف حقه فالشابـه مستحيل أيضا ووجه‬
‫ذلك أن التشابـهي إذا تشابـها ف صفة وجب أن يتصف كل واحد منـهما بوجب تلك الصفة‪،‬‬
‫وهذا معن قوله‪( :‬إذ كل شبـهي ‪..‬إل)‪ ،‬ومعن قوله‪( :‬ف الكل) أي من التشابـهي‪ ،‬ومعن (انتمى)‬
‫انتسب‪.‬‬
‫لكــان كل صالحــــا‬ ‫(‪()105‬لو كان ثــــان عنـده في الزل‬
‫لن يلـي)‬
‫والحكــــم من غير‬ ‫(‪()106‬ول دليــــل خص واحدا فقط‬
‫مرجح غلط)‬
‫هذا برهان إسـتحالة الشريـك معـه تعال فـ الزل الذكور فـ قول الصـنف‪( :‬ول يزل وليـس شيـء‬
‫معه)(‪ )180‬وصورة البهان أن ـه لو كان معه تعال ثان ف الزل لكان كل واحد من ـهما صالا لن‬
‫يتول ال مر على صاحبـه فَيتَمَانَعَان‪ ،‬ول يس ف وا حد من ـهما خ صوصية ي ستحق ب ـها ال ستبداد‬
‫بالمر والنفراد باللك‪ ،‬وتصيص واحد منـهما بذلك دون الخر مع صلحية كل منـهما له وعدم‬
‫الخصـص ترجيـح بل ُمرَجّحـ‪ ،‬والترجيـح بل مر جح غلط ل يسـتقيم ف العقول وبطلن اسـتقامتـه‬
‫ضروري‪.‬‬
‫لزمـــــه في ذاتـه‬ ‫(‪()107‬لو أنـه في أمــــــره معــان‬
‫النقصان)‬

‫‪ )(180‬ف البـيت رقم (‪.)101‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪124‬‬


‫هذا برهان نفـي العجـز عنــه تعال واسـتحالتـه الشار اليـه بقول الصـنف‪( :‬ول وزيـر ل ول‬
‫مشي)(‪ ،)181‬وصورة البهان أنـه لو كان تعال معانا ف أمره لكان ناقصا ف ذاتـه‪ ،‬لكنـه كامل ف‬
‫ذاتـه فهو غي معان ف أمره‪ ،‬ووجه ذلك أنـه ل يتاج إل العونة إل مَن كان عاجزا عن إتام المر‪،‬‬
‫ومَن كان عاجزا عن إتام أمره فل يس بكا مل ف ذات ـه لن من الكمال الذا ت وجود القدرة الذات ية‬
‫النافية للعجز‪.‬‬
‫وفي الجهـــــات‬ ‫(‪()108‬وهكــــذا يلــــزم في الزمــان‬
‫الست للمكان)‬
‫هذا برهان ن في اللول والدوث عن ـه تعال وا ستحالتـهما ف ح قه الذكور ين ف قول ال صنف‪:‬‬
‫(سبحانـه ليس له مكان‪ ..‬البـيت)(‪ ،)182‬وف قوله‪( :‬ليس له فوق‪ ..‬ال)(‪ .)183‬وصورة البهان أنـه‬
‫لو كان تعال حال ف مكان أو حاد ثا ف زمان للزم ات صاف ذات ـه بغا ية النق صان تعال عن ذلك‪.‬‬
‫وو جه ذلك أن ـه لو كان تعال حالّ ف مكان للزم أن يكون الكان مي طا ب ـه ولو من ج هة واحدة‬
‫فيلزم تديده وتناه يه وه ا م ستحيلن عل يه تعال‪ ،‬وأي ضا فلو كان تعال حالّ ف مكان للزم أن يكون‬
‫الكان أقوى منــه لنــه هـو الذي حله وكون غيه تعال أقوى منــه مال‪ ،‬ولو أنــه حادث فـ‬
‫زمان لحتاج إل ُمحْدِث‪ ،‬ومن كان متاجا إل ُمحْدِث فهو عاجز ليس بإله‪ ،‬وأيضا فل يلو أن يكون‬
‫ذلك الُحدِث هـو نفـس هذا الادث أو غيه‪ ،‬وكونــه نفسـه مال لنــه يومئذٍ معدوم والعدوم ل‬
‫يفعـل شيئا فـ غيه فضل أن يفعله فـ نفسـه فوجـب أن يكون الُحدِث غيه‪ ،‬فيكون أول بالُلوهيـة‬
‫منـه وهو باطل لا يلزم عليه من التسلسل‪.‬‬
‫كان فســادا ذلك‬ ‫(‪()109‬لو أنـه في ملكــــه مشـــــارك‬
‫التشــــارك)‬
‫هذا برهان ف نفي الشريك عنـه تعال ف ملكه وبـيان استحالتـه الذكور ف قول الصنف‪( :‬وأنـه‬
‫ف ملكه منفرد)(‪ .)184‬وصورة البهان أنـه لو كان معه تعال شريك ف ملكه لفسد هذا العالَم البديع‬
‫التقان البالغ ف الكمة‪ ،‬لكن العالَم غي فاسد فدلّ على أنـه تعال ف ملكه غي مشارك‪ ،‬ووجه ذلك‬
‫أن الشريكي إذا تشاركا ف شيء فل يلوان فيه من أحد أمرين‪ :‬إما أن يصطلحا على شيء فيه‪،‬‬
‫وإما أن يتنازعان فيه‪ ،‬وإصطلحهما على شيء فيه مع كون كل [واحد](‪ )185‬منـهما إلا مال‪،‬‬
‫‪ )(181‬ف البـيت رقم (‪.)98‬‬
‫‪ )(182‬ف البـيت رقم (‪.)96‬‬
‫‪ )(183‬ف البـيت رقم (‪.)99‬‬
‫‪ )(184‬ف البـيت رقم (‪.)97‬‬
‫‪ )(185‬من (ب)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪125‬‬


‫لستلزامه عجز كل واحد منـهما فت سقط ألوهيتـهما بسقوط قدرتـهما فلم يبق إل التنازع فيه‪،‬‬
‫ومع التنازع يصل الفساد والُشَاهَد ف العال غي ذلك فانتفى الشريك ضرورة وال تعال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪126‬‬


‫الفصــل الثالــث‬
‫فـــي الصفـــــــات‬
‫أي ف ال صفات الائزة ف حقه تعال‪ ،‬والواج بة ف حقه‪ ،‬أ ما الستحيلة ف حقه ف ما تقدم ف الفصل‬
‫الول‪ ،‬وقد أشار اليه هاهنا إجال فقال‪:‬‬
‫مخالـف لنـــــــا‬ ‫(‪()110‬في الذات والصفــــات والفعال‬
‫بكل حــال)‬
‫أي أن ـه تعال مالف لل قه ف ذات ـه و ف صفاتـه و ف أفعاله أي ل تشب ـه ذات ـه ذوات ـهم ول‬
‫تشب ـه صفاتـه صفاتـهم ول تشب ـه أفعاله أفعالم‪ ،‬ف هو تعال وا حد ف ذات ـه‪ ،‬بع ن أن ـه ليس‬
‫كمثله ف ذاتـه شيء‪ ،‬وواحد ف صفاتـه بعن أنـه ليس له ف أفعاله مشارك ول مشابـه فاستحال‬
‫ف حقه الشّبـيه من كل وجه وقد تقدم براهي ذلك‪.‬‬
‫بـينـه مـــن وصف‬ ‫(‪()111‬ولم يجـــــز وصفكـه بغـير مــا‬
‫نفســــه اعلما)‬
‫أي ل يوز لك أن تصفه تعال بصفة ل يصف بـها نفسه ف كتبـه أو على لسان أحد من أنبـيائه‪،‬‬
‫[فما ورد من وصفه لنفسه ف شيء من كتبـه أو على لسان أحد من أنبـيائه](‪ )186‬جاز لك وصفه‬
‫بـه‪.‬‬
‫ومال يرد كذلك فالتو قف عن ـه أول وال نع ف يه أظ هر‪ ،‬هذا مذ هب ب عض وذ هب آخرون إل أن ـه‬
‫يوز أن يصفه تعال بصفة تدل على كمال ولو ل يرد الشرع بـها مال ينع من ذلك‪.‬‬
‫حاصل ما ف القام أن الصفات [الكمالية](‪ )187‬إما أن يأذن الشرع أن نصفه بـها تعال‪ ،‬وإما أن ينع‬
‫من وصفه بـها‪ ،‬وإما أن يسكت عن ذكرها‪ ،‬فإن أذن فهو جائز إجاعا‪ ،‬وإن منع فهو مرم إجاعا‪،‬‬
‫وإن سكت فهو مل النـزاع وال تعال أعلم‪.‬‬
‫عانــــده فوصف‬ ‫(‪()112‬وأي وصف جـــــاز وصفـــه بما‬
‫فعـل أحكما)‬
‫يعــــرف وهـو‬ ‫(‪()113‬وما عدا ذاك بوصـــــف الذات‬
‫كالعليـــم آت)‬
‫تنق سم صفاتـه تعال إل صفات ذاتيّ ة وإل فعليّ ة؛ فأ ما ال صفات الفعل ية ف هي كل و صف صح أن‬
‫يتصف بـه وبضده تعال كالحياء والماتة وإرسال الرسل وإنـزال الكتب ونو ذلك‪ ،‬فإنـه تعال‬
‫يوز أن يتصف بـهذه الشياء وبأضدادها فتقول ميي وميت‪ ،‬مرسل الرسل غي مرسل لم بعد ممد‬

‫‪ )(186‬ساقطة من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(187‬من (أ)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪127‬‬


‫وهكذا‪ .‬وأمـا صـفات الذات فهـي كـل صـفة اسـتحال عليـه تعال التصـاف بضدهـا‪ ،‬وذلك‬
‫ك ـ(العل يم) فإن ـه ي ستحيل عل يه الت صاف ب ضد العلم و هو ال هل وكال سميع والب صي(‪ )188‬والر يد‬
‫والقدير فإنـه يستحيل عليه التصاف بأضداد هذه كلها‪.‬‬
‫وَفرّق بعض هم ب ـي صفات الذات و صفات الفعال بأن صفات الذات يوز إت صافه تعال ب ـها ف‬
‫الزل بل ي ب ذلك ف ح قه‪ ،‬و صفات الفعال ل يوز إت صافه ب ـها ف الزل إل على مع ن أن ـه‬
‫سيفعل ذلك فتقول ل يزل ال ح يا مريدا قادرا علي ما سيعا ب صيا‪ ،‬ول تقول ل يزل مي يا مي تا خال قا‬
‫للخلق مرسل للرسل منـزل للكتب ونو ذلك‪ ،‬إل على معن أنـه قادر على الحياء والماتة إل غي‬
‫ذلك ومنع بعض أصحابنا هذا الطلق مطلقا وال تعال أعلم‪.‬‬
‫ل غــــيرها دلـــت بذا‬ ‫(‪()114‬صفاتـه لذاتـه هي ذاتـــــــه‬
‫آياتـه)‬
‫حلولــــه وليــــس منـه‬ ‫(‪()115‬إذ لم تكن فيــــه لئل يلــــزم‬
‫نجـزم)‬
‫لغــــيره وذاك دأب‬ ‫(‪()116‬ول عليــــه فيكــــون أفقـرا‬
‫الفقــــرا)‬

‫‪( )(188‬فائدة) خلف التكلمي العقيم ف مسألة هل السم هو السمى أم غيه؟‪ .‬يلله العلمة أبو الؤثر الصلت بن خيس‬
‫(القرن الثالث) أحد علماء الباضية كما ف "السي والوابات" (‪ )2/288‬فيقول‪:‬‬
‫"إن كان يريد بالساء والصفات اللفاظ السموعة والطوط الكتوبة فهي غيه‪ ،‬وهي مدثة ملوقة‪ ،‬وإن كان يريد العن‬
‫بـها فهو ال تبارك وتعال‪ .‬وإن قال أفإسم هو أم جسم؟‪ .‬قيل له‪ :‬أما هو فليس بسم‪ ،‬وأما قولك أفإسم؟‪ .‬فإن كنت تريد‬
‫أهو اسم نفسه فقد مضى الواب ف ذلك أنك إن كنت تريد ما يسمع ويكتب فهو غيه‪ ،‬وإن كنت تريد بقولك العن‬
‫بـهذا السموع والكتوب فهو ال تبارك وتعال‪ .‬وليس قولك أفإسم هو أم جسم؟‪ .‬يوجب علينا أن نثبت لك أحد هذين‬
‫العنيي‪ ،‬لنك سألت عن معنيي كلها منفيي‪ ،‬لن قولك جسم منفي عنـه‪ ،‬وقولك اسم منفي عنـه‪ ،‬ل يوز أن يقال‬
‫إنـه اسم على هذا اللفظ لن السم ل يكون إل لسمى‪ ،‬فإذا أطلقنا أنـه اسم جعلناه اسا لغيه وهذا ل يوز‪ ،‬وهذا سؤال‬
‫ل يسأل عنـه أهل العلم‪ ،‬وإنا يسئل عن هذا السؤال جاهل أو متعنت‪ ،‬أو يكون السئول يتعدى إل ما ليس له فيزيد ف‬
‫الكم فدعه بذلك على جهة ما هو أهله‪ .‬وإنا كتبنا هذا لكم لنـه قد بلغكم أنـه قد جرى ف ذلك سؤال ودار بـينكم‬
‫فيه كلم‪ ،‬أحببنا أن تأخذوا ف ذلك بظكم وتعرفوا الق فيه‪.‬‬
‫ومثل هذا السؤال لو أن سائل سأل فقال‪ :‬أخبون عن فلن أكاتب أم حاسب؟‪ .‬فإنـه قد يكن أن يكون كاتبا حاسبا‪،‬‬
‫ويكن أن يكون ل كاتبا ول حاسبا‪ ،‬ويكن أن يكون فيه أحد المرين‪ ،‬فليس الواب لزم فيه أن يقال هو كاتب ول هو‬
‫حا سب‪ ،‬إل أن يكون ذلك ف يه‪ ،‬ول يس هذا م ثل قولك‪ :‬فلن حي أم م يت؟‪ .‬لن الياة والوت ل يس ب ـينـهما من ـزلة‪.‬‬
‫وكذلك لو كان أكاتب هو أم غي كاتب وأنـه ل بد أن يكون كاتبا أو غي كاتب‪.‬‬
‫وكذلك لو سأل فقال‪ :‬أخبون عن ال أجسم هو أم غي جسم؟‪ .‬قلنا‪ :‬بل هو غي جسم تبارك ال وتعال‪ .".‬ا‪.‬هـ‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪128‬‬


‫أي صفاتـه تعال الذاتية هي عي ذاتـه وليست هي غي ذاتـه كما زعمت الشعرية القائلون بأن‬
‫صفات الذات معان حقيقية زائدة على الذات قائمة بـها‪ ،‬وهذا القول باطل لنـها لو كانت صفات‬
‫ذاتـه تعال غي ذاتـه للزم عليه إما أن تكون حالّة ف ذاتـه العلية‪ ،‬وهو باطل لن ذاتـه العلية ل‬
‫يصح أن تكون مل للشياء‪ ،‬وإما أن تكون بعضا من الذات العلية وهو باطل أيضا لن ذاتـه العلية‬
‫غي ُمتََبعّضَة والّتبَعض عليها مال‪ .‬وإما أن تكون شيئا زائدا على الذات ل حالّ فيها ول بعضا منـها‪،‬‬
‫وهذا الو جه هو الذي اختاره ال صم وعوّلوا عل يه و هو با طل أي ضا لن ـه لو كا نت شيئا زائدا على‬
‫الذات للزم عليه افتقار الذات إل ذلك الزائد‪ ،‬والذات العلية كاملة بنفسها غي مفتقرة إل غيها‪ ،‬ومن‬
‫كان مفتقرا إل غيه فل يس بإله لن ـه عا جز ف نف سه متاج إل غيه‪ ،‬و من كان عاجزا ومتا جا إل‬
‫غيه ف هو بعزل عن صفات الُلوه ية و عن الكمالت الذات ية‪ ،‬وأي ضا فلو كا نت صفات ذات ـه غ ي‬
‫ذاتـه للزم عليه اما أن تكون مقارنة لذاتـه ف الوجود فيلزم تعدد القدماء وهو باطل قطعا‪ ،‬وإما أن‬
‫تكون سابقة على ذاتـه ف الوجود فيلزم عليه حدوث الذات العلية وهو باطل أيضا‪ ،‬وإما أن تكون‬
‫موجودة ب عد وجود الذات العل ية فيلزم عل يه أن يكون ال عزو جل ق بل حدوث ها غ ي مت صف ب ـهذه‬
‫الكمالت‪ ،‬فيكون غي قادر وغي عال إل آخرها وهو باطل قطعا‪ ،‬فثبت ما قلناه وبطل زعم الصم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬يلزمك على هذا التقرير(‪ )189‬نفي الصفات الذاتية‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬ل يلزمنا ذلك لنا إنا ننفي الزيادة على الذات ل نفس الصفات‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬الزائد الذي نفيتموه هو ن فس ال صفات إذ ل ي صح أن تكون ال صفات ع ي الذات‪ ،‬فلو كان‬
‫ذلك لا كان لتصاف الذات بالصفات معن لنـه من إتصاف الشيء بذاتـه فيكون معن قولنا ال‬
‫قادر بعن قولنا ذاتـه ذاتـه‪ ،‬ول شك أن كل عاقل ينكر تساويهما‪.‬‬
‫قلنـا‪ :‬ال صفات ع ي الذات ل ا ق ّدمْناه من البهان ول يلزم من ذلك ما ذكرتوه من ات صاف الش يء‬
‫بذاتــه لن هذه الصـفات لاـ معان اعتباريـة‪ ،‬وللذات كمالت ذاتيـة ل يدل عليهـا نفـس لفـظ‬
‫(الذات)‪ ،‬ول كل وا حد من تلك الكلمات مع ن اعتباري ي عب عن ـه بال صفة‪ ،‬فال صفات عبارة عن‬
‫العا ن العتبار ية الدالة على الكمالت الذات ية‪ ،‬فب ـهذا العتبار ل ي كن قول نا ال قد ير بن ـزلة قول نا‬
‫ذاتـه ذاتـه لا ف قولنا قدير من التعبـي عن العن العتباري الفيد للكمال الذات‪ ،‬حاصل ما ف‬
‫القام أن ذاتـه تعال متصفة بالكمالت الذاتية قائمة مقام ذات وصفة أي غنية بنفسها عن غيها وال‬
‫تعال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(189‬ف (ب)‪ :‬التقدير‪ .‬بالدال‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪129‬‬


‫وهــــو سميــــع ل‬ ‫جلبـــا‬ ‫(‪()117‬فهو عليــــم ل بعلـــم ُ‬
‫بسمــع ُركِّبـا)‬
‫وهــــو قديـــر ل‬ ‫(‪()118‬وهو بصير ل بعــــين نظــرت‬
‫بقــدرة عـرت)‬
‫لنـهـــــا في الصـــل‬ ‫(‪()119‬وهكذا في سائــــر الصــفات‬
‫عين الـذات)‬
‫أي فإذا ث بت ب ا قررناه من البهان أن صفاتـه تعال الذات ية ع ي ذات ـه ل غي ها ك ما ز عم الغ ي‪،‬‬
‫فنقول‪ :‬انـه تعال عليم بذاتـه ل بعلم هو غيه؛ أي ذاتـه عزوجل منكشفة لا العلومات انكشافا‬
‫تاما غي متاجة ف ذلك النكشاف إل واسطة بـينـها وبـي العلوم كما زعم الغي‪ ،‬وأنـه تعال‬
‫سيع بذاتـه ل بسمع ُمرَكّب فيه أو زائد عليه؛ أي ذاتـه تعال منكشفة لا السموعات إنكشافا تاما‬
‫غي متاجة ف ذلك النكشاف إل واسطة بـينـها وبـي السموعات كما زعم الغي‪ ،‬وأنـه تعال‬
‫بصي بذاتـه ل ببصر هو غيه أي ذاتـه تعال منكشفة لا البصرات انكشافا تاما غي متاجة ف ذلك‬
‫النكشاف إل واسطة بـينـها وبـي البصرات كما زعم الغي‪ ،‬وأنـه تعال قدير بذاتـه ل بقدرة‬
‫هـي غيه أي ذاتــه تعال منفعلة لاـ الشياء ايادا وانعدامـا غيـ متاجـة فـ ذلك التأثيـ إل واسـطة‬
‫بـينـهما وبـي الؤثرات كما زعم الغي‪.‬‬
‫وكذا القول ف سائر الصفات فنقول هو تعال مريد بذاتـه ل بإرادة هي غيه أي ذاتـه العلية كافية‬
‫ف ترج يح أ حد طر ف الم كن على ال خر غ ي متا جة ف ذلك التأث ي الاص إل وا سطة ب ـينـهما‬
‫وبـي الؤّثرَات كما زعم الغي‪ ،‬ونقول هو تعال حي بذاتـه ل بياة هي غيه أي ذاتـه العلية كافية‬
‫للتصاف بـهذه الكمالت غي متاجة ف التصاف بـها إل واسطة هي غيها تسمى بالياة كما‬
‫زعم الغي وال تعال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪130‬‬


‫الفصـــل الرابــــع‬
‫فـــي الرؤيـــــــة‬
‫أي بــيان اسـتحالة رؤيـة الباري عزوجـل‪ ،‬والرؤيـة هـي اتصـال شعاع الدقـة بالرئي‪ ،‬وقـد جوز‬
‫الشعريـة(‪ )190‬اتصـافه تعال بــها وقالوا بوقوع ذلك فـ الخرة للمؤمنيـ‪ ،‬وأكثـر السـلميي على‬
‫استحالتـها عليه تعال ومن ذهب إل ذلك العتزلة والوارج(‪ )191‬وغيهم‪ ،‬واستحالتـها هو الق لا‬
‫سـتعلمه مـن الدلة النقليـة والباهيـ العقليـة‪ ،‬وقـد تعلق الثبتون للرؤيـة فـ حقـه تعال بظواهـر آيات‬
‫وبوضوع روايات ل حاجة لنا بذكرها هاهنا خوف الطالة فلنعد إل بـيان الباهي العقلية والنقلية‬
‫فنقول‪:‬‬
‫‪ )(190‬نسبة للمام أبـي السن علي بن اساعيل بن اسحاق الشعري الذي عاش ف نـهاية القرن الثالث الجري حيث ولد‬
‫سنة ‪260‬هـ ف البصرة وتلقى مذهب العتزلة ف أول أمره حيث لزم الشيخ أبا علي البائي العتزل ول يفارقه لدة طويلة‬
‫حت اشتـهر وناظر على مذهب العتزلة ‪ ..‬ث رجع عن مذهبـهم وتركه وأعلن لنفسه مذهبا مستقل لييل فيه للمعتزلة ول‬
‫للحشوية الجسمة‪ ،‬وصنف كتبـه الت منـها؛ "البانة عن أصول الديانة ـ ط" و "مقالت السلميي ـ ط" و"اللمع ف‬
‫الرد على أهل الزيغ والبدع ـ ط" و"رسالة أهل الثغر ـ ط" وغيها وكانت وفاتـه سنة ‪324‬هـ‪.‬‬
‫واشتـهر من بعده فريق من العلماء ساروا على نفس الطريق وعرفوا بالشاعرة فكان من أبرزهم‪ :‬أبو الطيب الباقلن‬
‫(ت ‪403‬هــ) وعبـد القاهـر البغدادي (ت ‪429‬هــ) وأبـو العال الوينـ (ت ‪478‬هــ) والغزال (ت ‪505‬هــ)‬
‫والشهرستان (ت ‪548‬هـ) والفخر الرازي (ت ‪606‬هـ) والعضد اليي (ت ‪756‬هـ)‪.‬‬
‫وينص مذهب الشاعرة على الت‪:‬‬
‫‪1‬ـ ثبوت رؤية ال ف الدار الخرة‪2 .‬ـ أن القرآن قدي ليس بخلوق‪3 .‬ـ أن مرتكب الكبـية غي ملد ف النار‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أن صفات ال معان قائ مة زائة على الذات ل هي هو ول هي غيه‪ 5 .‬ـ أن الشفا عة حق للع صاة‪ 6 .‬ـ جواز‬
‫خلف الوعيد‪7 .‬ـ الصراط جسر على مت جهنم‪8 .‬ـ أن اليزان حسي يوزن بـه العمال يوم القيامة‪.‬‬
‫للتو سع حول الف كر الشعري ان ظر ["الفرق ب ـي الفرق" للبغدادي ص ‪ 312‬ـ ‪ 366‬ـ"مذا هب ال سلميي" د‪.‬‬
‫عبدالرحن بدوي ‪ 1/487‬ـ ‪ 568‬ـ "تاريخ الذاهب السلمية" لبـي زهرة ‪ 151‬ـ ‪ 163‬ـ "العلم" للزركلي‬
‫‪ 4/263‬ـ "ف علم الكلم" د‪.‬أحد ممود صبحي؛ حيث خصص الزء الثان للشاعرة]‪.‬‬
‫‪ )(191‬الوارج هم الذ ين ي ستحلون دماء وأموال مالفي هم ولذا ق صرهم الباض ية على ثلث فرق بارزة ف القد ي ات صفت‬
‫بـهذه الصفات هي (الزارقة) أتباع نافع بن الزرق و(النجدات) أتباع ندة بن عامر و(الصفرية) أتباع زياد بن الصفر‪،‬‬
‫أما أتباع الذاهب الخرى فعدوا الباضية من جلتـهم وهو أمر يأباه أتباع هذه الفرقة لوجود البون الشاسع بـي مبادئ‬
‫هذه الفرقة وفرق الوارج‪ ،‬أما أن يعد الوارج هم الذين خرجوا عن المام علي فهذه مازفة ليست بالينة إذ يلزم عليها عد‬
‫معاوية خارجيا هو الخر كيف ل وهو الارج بنده على المام علي وقاتله ف موقعة صفي‪ ،‬بل يتفاقم المر إل حد أن‬
‫يعتب طلحة والزبـي والسيدة عائشة خوارج هم أيضا على هذا القياس لربـهم له ف معركة المل‪ ،‬وعلى هذا كان ل بد‬
‫من ح صر هذه اللف ظة على الطوائف الثلث الشهية و هي (الزار قة والنجدات وال صفرية) ب سبب ا ستحللم لموال ودماء‬
‫مالفيهم ونظرتـهم لخالفيهم بأنـهم مشركون‪ .‬وبـيان تليل الباضية لذه القضية ف كتاب العلمة الكبـي علي يي‬
‫معمر "الباضية بـي الفرق السلمية" فقد فصل ف هذا الكتاب با يشفي الغليل‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪131‬‬


‫دنيـــــا وأخرى‬ ‫(‪()120‬ورؤية البـــــاري من المحـــــال‬
‫احكم بكل حال)‬
‫والكيـــــف والتبعيـض‬ ‫(‪()121‬لن من لزمهـــــا التـمــــيُّزا‬
‫والتـحيزا)‬
‫فهـذه ومـــــا أتى بـه‬ ‫(‪()122‬في جهة تقـــــابل الـــذي نظر‬
‫الســـور)‬
‫ولــــن تراني‬ ‫(‪()123‬من قول ل تدركه البصـــــار‬
‫فانتفـــــى البصــار)‬
‫زوال مـــا بـه اللـــــه‬ ‫(‪()124‬لنـها مـــدح لـــــه ول يصـح‬
‫ممتـــدح)‬
‫عــــــّزِه‬
‫تبــديـــل ِ‬ ‫(‪()125‬لو جاز أن يزول مدحـــــه لزم‬
‫شتـــــم)‬ ‫لو ُ‬ ‫بِذ ُ ٍّ‬
‫أي رؤية الباري تعال من الشياء الت ل يتصور ف العقل صحة وجودها‪ ،‬لن العقل ييل ذلك‪ ،‬وذلك‬
‫ان من لوازم الرؤية ومن شرائطها أن يكون الرئي متميزا ـ أي متشخصا ـ والرب تعال يستحيل‬
‫عليه التشخص‪ ،‬ومن لوازمها أيضا أن يكون الرئي متكيفا ـ أي ذا كيف؛ أي لون ـ وذلك على‬
‫ضا ـ أي ذا أبعاض؛ أي أجزاء ـ لن النظر اما‬ ‫ال مال‪ ،‬ومن لوازمها أيضا أن يكون الرئي ُ‬
‫متَبَع ِّ َ‬
‫أن ييط ب ـه كلّه و ُكلّ ُمحَا طٍ ب ـه متب عض ضرورةً‪ ،‬وإ ما أن يُ ْدرَك بع ضه فظ هر فيه التبعيض حيث‬
‫أدرك الب عض من ـه‪ ،‬وذلك ف ح قه تعال مال‪ ،‬و من لوازم ها أي ضا أن يكون الرئي متحيِّزا ً فـي‬
‫جهـة من الهات ـ أي حالّ في ها دون غي ها ـ والتحيز ف ح قه تعال مال وكذا يستحيل عليه‬
‫الكان أيضا(‪ ،)192‬ومن لوازمها أيضا أن تكون الهة الت فيها الرئي مقابلة للَّرائي لن الناظر‬

‫‪ )(192‬وقد اختلف الثبتون للرؤية ف هذه القضية فذهب الشاعرة ومن وافقهم إل اثبات الرؤية ونفوا استلزام الهة والكان‬
‫لا وييب عن هذا العلمة النذري ف "جواب السائل اليان" ص(‪ 95‬ـ ‪ )96‬فيقول‪:‬‬
‫"ث ما قيل ف نفي النياز والتحديد عن الرؤية من أنـه يرى ل ف مكان ول على جهة وثبوت مسافة بـي الرائي وذاتـه‬
‫تعال‪ ،‬فهذه عقيدة بديهية السفسطة‪ ،‬إذ أقل ما يدحضها أن يُرى ف موضع الرائي له من بقاع الحشر‪ ،‬أو فضاوات النان‪،‬‬
‫أو داخل القصور والوال‪ ،‬وكلها مفيد للتحيز والتحديد أو السافة والتباين أو الماسات وجل تعال عن ذلك‪..‬‬
‫ومع ذلك إن أريد بـه خروجه عن المكنة حال رؤيتـه كما هو التبادر من وقوع النكرة ف سياق النفي من عموم أجناسه‬
‫خروجا من النفي عنـه‪ ،‬فهو مع كونـه مال ف حقه تعال نوع تديد‪ ،‬إذ ما يلزم على ذلك التقدير أن خروج الوجود‬
‫عن شيء ووجوده ف غيه فهو إبطال للوجود ف الول‪ ،‬وثبوتـه ف الثان‪ ،‬وهو نوع تويل وتديد غي لئق بـه تعال‪.‬‬
‫وإن أريد أنـه يُرى ل ف مكان واحد بل ف جيع المكنة وجيع الهات فقد أحاطت بـه الهات والمكنة وتزأ هو لا‪،‬‬
‫إذ ل بد من اختصاص كل من أبعاضه جهة ومكانا وتعال ال عن ذلك‪ ،‬ث نفي السافة إثبات لللصاق واللتزاق ول تقق‬
‫معه للرؤية ‪..‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪132‬‬


‫ل يرى إل مـا يقابله وذلك فـ حقـه تعال مال‪ ،‬فاسـتحالة الرؤيـة فـ حقـه تعال لسـتحالة لوازمهـا‬
‫وشرائطها(‪)193‬؛ فهذه الباهي العقلية‪.‬‬
‫وأ ما ما أ تى ب ـه ال سور من الباه ي النقل يه فأشياء من ـها قوله تعال‪ :‬ل تدركـه البصـار‬
‫وهـو يدرك البصـار‪ ..‬ال يه النعام ‪ ، 103 :‬فن في عز و جل إدراك الب صار لذات ـه(‪ )194‬وامتدح‬
‫بذلك‪ ،‬فنفي الدراك مدح له تعال لذه اليه‪ ،‬وما كان مدحا له تعال فل يصح زواله عنـه واتصافه‬

‫وأجاب الثبـت بأنــه تعال قادر على خرق العوائد‪ ،‬قال النافـ‪ :‬أمـا كونــه تعال قادرا على ذلك فممـا ل شـك فيـه ول‬
‫نـزاع‪ ،‬وأما القول بالتعيي ف غي العيّن كما هنا فمن الشهادة على الغيب وما كنا للغيب حافظي [يوسف ‪]81 :‬‬
‫والقول بالتعي ي بناء على ما سلف من الظوا هر مجوج ب ا سبق من التآو يل ال صحيحة النحّاة عن التورط ف الهلك ول‬
‫المد"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫ومعلوم أن الشاعرة منكرون للجهة والفوقية السية! وإلزامهم أن الرؤية ل تكون إل لا كان ف جهة يسقط استدللم ولذا‬
‫تد ابن القيم الوزية يشنع على فكرة الشاعرة هذه ‪ -‬بكلم قبـيح ل يليق بالعلماء ‪ -‬كما ف "متصر الصواعق الرسلة"‬
‫ص(‪ )172‬فيقول‪" :‬فل يتمع القرار بالرؤية وإنكار الفوقية والباينة‪ ،‬ولذا فإن الهمية الغل تنكر علوه على خلقه‪ ،‬ورؤية‬
‫الؤمني له ف الخرة‪ ،‬ومانيثهم يقرون بالرؤية وينكرون العلو‪ ،‬وقد ضحك جهور العقلء من القائلي بأن الرؤية تصل من‬
‫غي مواجهة الرئي ومباينتـه‪ ،‬وهذا رد لا هو مركوز ف الفطر والعقول"‪ .‬ا‪.‬هـ على أن ابن القيم وشيخه من يثبت الرؤية‬
‫مع لوازمها العهودة من وقوع الرئي ف جهة ومكان ومقابلة وغيها وهذا متفرع من اعتقاد السمية ل تعال عندهم وال‬
‫الستعان‪.‬‬
‫‪ )(193‬وا ستدللم بأن هذه الشرائط لي ست لز مة لكون القيا مة م ل خرق العادات‪ ،‬ل ي تم وعن ـه يقول العل مة النذري ـ‬
‫أحد علماء الباضية ـ ف كتابـه "جواب السائل اليان" ص(‪" :)72‬فنعم دون تول صفات ذاتـه تعال عما هي‪ ،‬فل‬
‫يسمى ذلك خرقا بل نقصا وتليفا لا وعد وأوعد‪ ،‬إذ أكدها على نفسه مطلقا‪ ،‬وفهمت منـها أزليتـه معها أبدا ف عال‬
‫الد ن والع قب‪ ،‬ك ما أن ـه ل يزل فيه ما حكي ما عزيزا قادرا سيعا ب صيا عادل ونو ها‪ ،‬فكذا تعززه عن إدراك الب صر‪،‬‬
‫وتنـزهه عن الظلم والنقائص‪ ،‬كما أتى بـها نص الكتاب بحكم آيه‪ ،‬إل أن تأتينا بحكم ينقضه فنعم‪ ،‬ول تأتون بـه إل‬
‫بسلطان"ا‪.‬هـ وقال ص(‪ )99‬أيضا‪" :‬لكنـه يستلزم العطاء فيما ل يتقدم فيه البهان من علم الغيب‪ ،‬إذ ل بد من تعينـه‬
‫ببهان … فيلزم من خرق العادة إبطال الكمة وتغيي الكتاب والسنة‪ ،‬ولزوم ما ل يتعي لزومه ببهان الحجة‪ ،‬وذلك من‬
‫التعاطي بالغيبات‪ ،‬وليس من شأننا إل ببهان فأقمه لنا على ما عينتـه نتبع‪ ،‬إذ وعدنا ال أن نتبع برهان الكتاب والسنة‪،‬‬
‫والكم با ظ هر من ـهما ل ب ا غاب‪ ،‬وما عل يه ال سفسطة‪ ،‬وما ذلك إل إلزام ما ل يلزم‪ ،‬قل با للحجة ما ل ي كن له بال ق‬
‫مناط"‪ .‬ا‪.‬هـ ودعوى أن هذا النظر الذي يلزم له هذه الشياء ف الشواهد أما ف الغائب فل‪ ،‬باطلة أيضا لن ال تعال تعبدنا‬
‫ب ا نف هم ول نع قل من الرؤ ية إل ما كان ب ـهذه الطرق و من قال بغ ي ذلك يلز مه الدل يل‪ ،‬وقول م‪" :‬بل ك يف" ل طائل‬
‫ورائها‪ ،‬وحسبك أن هذه العبارة ل يأت بـها نص بل هي من عند القائلي بالرؤية‪ ،‬والنسان ل يؤمن بشيء يصادم العقول‬
‫فيما جاءت فيه الدلة متضاربة على هذه القاعدة‪ ،‬نعم فيما كانت الدلة القطعية غي قابلة للتأويل ول تضارب بـينـها ف‬
‫م سائل ل يدرك الع قل كن ـهها فهناك ي صح أن يقال هذا أ ما أن يزج ب ـها ف كل ش يء وفي ما كان الدل يل له صوارف‬
‫تصرفه فل يصح إثباتـه بـهذه القاعدة ولو جاز الخذ بـها مطلقا لقال من شاء ما شاء‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪133‬‬


‫بضده‪ ،‬لن ما كان سببا للمدح ف هو كمال وضده ن قص‪ ،‬ول ي صح أن يزول ش يئ من الكمالت‬
‫الل يه‪ ،‬ول أن يت صف الله ب شئ من اضداد ها النق صانيه فلو جاز أن يزول ما كان سببا لد حه تعال‬
‫للزم عل يه جواز تبد يل عزه تعال بالذل وحده تعال بالش تم‪ ،‬وهذا مال ف حق صفاتـه تعال‪ ،‬فكذا‬
‫التصاف بالرؤية ف وقت من الوقات او من شخص من الشخاص مال قطعا‪ ،‬لا يلزم عليه من تبديل‬
‫مُوجِب الدح‪ ،‬وجواز التصاف بو جب الذم‪ ،‬ف صح ا ستدللنا باليه وسقط اعتراضات الصم علينا‬
‫بحتملت وهية توهوا أنـها التحقيق ف معن الية‪ ،‬حت افتخر بعض متأخريهم بذلك فرحا با لديه‬

‫ولو انطلت هذه القاعدة لقيل بأن الناس يرون علمه تعال وقدرتـه وإرادتـه وحياتـه وسائر صفاتـه العلية‪ ،‬وكل ذلك‬
‫موجود وكل موجود يصح أن يرى ف قولكم وأنـها ترى بل كيف …ال وهذا ظاهر الفساد‪.‬‬
‫وأما تعلقهم بأن كل موجود يصح أن يرى فهو باطل أيضا لن الوجودات خالق وملوق وقياس الالق على الخلوق ف هذا‬
‫ظا هر الف ساد‪ ،‬وكان الول أن يعلوا قاعدت ـهم‪ :‬كل ملوق ي صح أن يرى‪ .‬وعل يه فل ينطلي على البارئ‪ .‬وقياس الغائب‬
‫على الشاهد باطل عاطل ولبن الوزي كلم جيد ف هذا الباب ف كتابـه "صيد الاطر" ف الفصل رقم [‪ ]237‬ص(‬
‫‪ 326‬وما بعدها)‪.‬‬
‫ثـ تعلقوا بأشياء منــها أنــهم قالوا إن ال يلق للنسـان حاسـة سـادسة يرى بــها‪ ،‬وياب بأن ذلك لو سـلم فلمـا ل‬
‫يوجد ها ال لو سى عل يه ال سلم كمعجزة له مع مقا مه الرف يع‪ ،‬فإن ق يل إن ذلك من حالت يوم القيا مة فالواب أن خرق‬
‫العوائد بـيد ال ل تده الزمنة ولذلك لا سئل ابراهيم ربـه أن يريه كيف يي الوتى ل يرد عليه بالنفي لنـه من أعمال‬
‫يوم القيا مة‪ ،‬بل كان الواب ك ما تعلم‪ ،‬و من الادثت ي تتب ـي أن طلب الرؤ ية ل يوز بال و سؤال ابراه يم جائز لتحق قه‬
‫وكلها من خرق العوائد ومن أعمال يوم القيامة‪.‬‬
‫ومن كلم العلمة النذري العمان ف كتابـه "جواب السائل" ص(‪ )100‬ما مفاده أن توقعهم قلب آلة الدراك‪ ،‬كي تقدر‬
‫على الرؤية ليس بشيء‪ ،‬لن اللة بعد قلبـها تكون آلة حا سّة فتقتضي مسوسا لا‪ ،‬وهو نفس الرجوع إل ما سبق فتبقى‬
‫شروط القابلة والهة‪.‬‬
‫وأما اعتلل البعض بأن كون موسى عليه السلم يسأل أمرا ل يوز ل يتناسب مع مقامه وعلمه‪ ،‬وهل العتزلة ومن وافقهم‬
‫أعرف من موسى بربـهم؟‪ .‬فهو ل يدي فتيل لن القائلي بإمتناع الرؤية قالوا إن موسى عليه السلم ل يسأل الرؤية لنفسه‬
‫بل سألا لقومه الذين ألوا عليه حت صرحوا له أنـهم لن يؤمنوا له حت يريهم ربـهم وقد جاء ف القرآن ذلك ف أمثال‬
‫قوله تعال‪ :‬فقد سألوا موسى أكب من ذلك فقالوا أرنا ال جهرة فأخذتـهم الصاعقة بظلمهم [النساء ‪ ]153 :‬وأما‬
‫قولم‪ :‬أنـه لو سألا لم لقال‪ :‬رب أرهم ينظرون إليك‪ .‬فالواب أن نفيها عنـه يدل بطريق الول أنـهم كذلك‪ ،‬وهي‬
‫أبلغ وأق طع لطلبت ـهم‪ ،‬ومفاد ها أن امتناع ها عن نب ـي مر سل يلزم امتناع ها عن كم أي ضا‪ ،‬ولذا أخذت ـهم ال صاعقة!! ول‬
‫تأخذه معهم كما ف الية التقدمة‪ ،‬مع أن الطلب من موسى! عليه السلم ما يدلك أنـه سألا لقومه‪.‬‬
‫وتليل القائلي بثبوت الرؤية لسؤال موسى وقولم إنـه جهل وقتـها!!‪ .‬كلم فج ولذا يقول العلمة النذري ف "جواب‬
‫ال سائل" ص(‪" :)52‬وكفاك قولم جهل وقت ـها‪ ،‬ومن جاز عل يه الهل ف البعض جاز ف سائره"‪ .‬ا‪.‬هـ فدل على أن‬
‫النسب ف حق النبوة أن يقال أنـه سألا لقومه ل له‪ .‬مع أنـهم يشنعون على العتزلة ف هذا الباب ث يقعون فيه إذا قالوا‬
‫بهله بوقتـها!‪ .‬ما هذا!‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪134‬‬


‫فقال‪:‬‬
‫لقالم معنً لا ما ألطفـــه‬ ‫ل تدرك البصار أكب حجـة‬
‫كابن الطيب إمام أهل العرفة‬ ‫يدريه من خب العلوم وراضها‬
‫ــ وأراد بابـن الطيـب الفخـر الرازي(‪ )195‬ــ‪ ،‬ومنــها قوله تعال لكليمـه عليـه السـلم‪ :‬لن‬
‫تراني‪ ..‬الية (‪)196‬العراف ‪ 143 :‬حي قال له‪ :‬ربـي أرني أنظر اليك فلو كانت الرؤية‬
‫جائزة ف حقه تعال لا علقها بالستحيل ف جوابـه لكليمه عليه السلم‪ ،‬وذلك قوله تعال‪ :‬ولكن‬
‫انظر إلى الجبل فإن استقر مكانـه فسوف تراني العراف ‪ 143 :‬فعلق الرؤية‬
‫على ا ستقرار ال بل‪ ،‬وا ستقرار ال بل ف عل مه تعال مال‪ ،‬والعلق على الحال مال مثله‪ ،‬أل ترى أن‬

‫[للتوسع ف مسألة إعتقاد الباضية لعدم الرؤية يرجى مراجعة الكتب التالية‪" :‬جواب السائل اليان" للعلمة النذري و"الق‬
‫الدامغ" للشيخ أحد الليلي و"معال الدين" للعلمة الثمين و"مشارق أنوار العقول" للسالي]‪.‬‬
‫‪ )(194‬وتأو يل الدراك بالحا طة ل ي صح الب تة‪ ،‬ودو نك قوله تعال‪ :‬ح ت إذا ادّاركوا في ها جي عا [العراف ‪ ]38 :‬أي‬
‫تلحقوا ول يعقل أحاط بعضهم ببعض أو تاوطوا ومشتقاتـه‪ ،‬بل أهل اللغة الذين إليهم الرجع ف هذه العضلت متفقي‬
‫على تفسي الدراك باللحاق وما يقاربـه ول يقل أحد بأنـه يفيد الحاطة ودونك كتب اللغة فراجعها ليتبـي لك خطأ‬
‫من قال بأن الدراك الحاطة‪ ،‬ومعلوم أن الفرد إذا قال‪ :‬أدركت حياة فلن‪ .‬ل يعن أنـه أحاط بـها من أولا إل آخرها‪،‬‬
‫بل يكن أنـه لقيه سنة أو حت شهرا‪ .‬وإذا قيل أدرك السهم الصيد ل يعن أنـه أحاط بـه‪.‬‬
‫قال صاحب "متار الصحاح" ص(‪ )203‬دار ابن كثي ـ بـيوت‪" :‬درك‪ :‬الدراك اللحوق‪ .‬قلت‪ :‬صوابـه اللحاق يقال‬
‫م شى ح ت أدر كه وعاش ح ت أدرك زمان ـه‪ ،‬وأدر كه بب صره أي رآه!! ‪ ..‬وتدارك القوم تلحقوا أي ل ق آخر هم أول م‬
‫‪..‬ال"‪.‬‬
‫‪ )(195‬المام أبو عبدال ممد بن عمر بن السن بن السي التيمي البكري الطبي الصل والرازي نسبة إل مدينة الري الت‬
‫ولد ب ـها عام ‪544‬ه ـ ‪ ،‬اشت ـهر بل قب "ا بن خط يب الري" وأحيا نا تت صر إل "ا بن الط يب"‪ ،‬من ت صانيفه‪" :‬التف سي‬
‫الكبـي أو مفاتيح الغيب ـ ط" و "الحصول ف أصول الفقه ـ ط" و "أساس التقديس" وغي ذلك وكانت وفاتـه سنة‬
‫‪ 606‬بدينة هراة‪"( .‬ميزان العتدال" للذهبـي ‪ 3/340‬ـ "طبقات الشافعية" لبن السبكي ‪ 8/81‬ـ "لسان اليزان" لبن‬
‫حجر ‪ 4/426‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)6/313‬‬
‫‪ )(196‬ولن تفيد التأبـيد عند كثي من أهل اللغة حيث هي مركبة من (ل) النافية و(إن) الؤكدة‪ ،‬ومن ذلك قوله تعال‪ :‬لن‬
‫يلقوا ذبا با [ال ج ‪ ]73 :‬وقوله تعال‪ :‬فلن أكون ظهيا للمجرم ي [الق صص ‪ ]17 :‬وقوله تعال‪ :‬فلن يلف ال‬
‫عهده [البقرة ‪ ]80 :‬ف في اليات الذكورة ل ي صح ح ل الن في بلن إل على التأب ـيد فالنقطاع فيه ما فا سد‪ ،‬و سلب‬
‫التأبـيد منـها هو خلف الصل كما ف قوله تعال‪ :‬ولن يتمنوه أبدا [البقرة ‪ ]95 :‬وف هذا يقول العلمة النذري ف‬
‫"جواب السائل اليان" ص(‪" :)57‬قال ف الدرر‪ :‬قلنا عدم استفادة التأبـيد ف الية من خارج ونن ل ننكر تلفه لدليل‬
‫بل تأكيدها هو الظاهر أتى بـه الذوق والستعمال"‪.‬ا‪.‬هـ‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪135‬‬


‫أحدنا يقول‪ :‬آتيك اذا شاب الغراب ـ أي ابـيض شعره ـ وابـيضاض شعر الغراب مال فالتيان‬
‫مال مثله لتعلقه بـه‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬استقرار البل مكن ف نفسه‪ ،‬والعلق بالمكن مكن مثله‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬إمكانـه ف نفسه إنا هو بسب جهلنا بقائق الشياء أما عند من َعلِ مَ القائق فاستقراره مال‪،‬‬
‫فظ هر أن ال ستقرار ل يس بم كن ف نف سه‪ ،‬وإن ا كان إمكان ـه بالن ظر إل عدم إطّلعِنَا على القائق‪،‬‬
‫والرب تعال عال بـها وبعدم استقرار البل‪ ،‬وعلق وقوع الرؤية عليه فصح ما قلناه والمد ل‪.‬‬
‫فاحكـــــــم له‬ ‫(‪()126‬ومن يدن بـها بكفـر النعـــــــم‬
‫سم)‬ ‫ج ِّ‬‫ن يُ َ‬
‫والشرك إ ْ‬
‫أو وجهه كوجـــــــه‬ ‫(‪()127‬كأن يقول يده مثـل يــــــــدي‬
‫بعض العبد)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪136‬‬


‫أي واحكم على من قال بواز الرؤية(‪ )197‬ف حقه تعال وعلى من قال بوقوعها ف الخرة بكفر النعمة‬
‫ـ و هو النفاق ـ فإن موز ذلك والقائل ب ـه ل شك أن ـه فاسق لخالفت ـه الع قل والنقل‪ ،‬فق ضى‬
‫الشرع بفسق من خالفه؛ هذا إذا ل يقل بتجسيم الباري أما إذا قال‪ :‬إنـه يُرى على كثيب‪ ،‬أو جالسا‬
‫على كرسي‪ ،‬أو له صورة كصورة النسان‪ ،‬أو على صورة أحد من خلقه‪ ،‬أو له وجه كأوجهنا‪ ،‬أو يد‬
‫كأيدي نا او ن و ذلك فهذا مشرك‪ ،‬وكذا من قال‪ :‬ان ـه يُرى ف الدن يا مشرك أي ضا لكابرت ـه الع قل‬

‫‪ )(197‬والباضية من ينكرون الرؤية وبسط رأيهم ف السألة ف كتاب الشيخ أحد بن حد الليلي "الق الدامغ" وهو مطبوع‬
‫ومتداول وفيه من الرد على أدلة القائلي بالرؤية ما يشفي الغليل‪ ،‬بل ما ل تده مموعا ف كتاب آخر‪ ،‬وأما الحاديث الت‬
‫تعلق بـها القائلون بالرؤية ففيها ما هو ضعيف وما هو موضوع وما هومعلل بعلة أوشاذ برة كقوله ‪» :‬ث يأتيهم ف غي‬
‫الصورة الت عليها فيقولوا ما أنت ربنا …الديث« الذي مفاده أن ال يتشكل من صورة إل صورة تعال ال عن ذلك وفيه‬
‫علل قاد حة تنب ـه ل ا ح ت من غ ي الباض ية ـ ان ظر تعليقات ال سيد ح سن بن علي ال سقاف الشاف عي على "د فع شب ـه‬
‫التشبــيه" لبـن الوزي ص(‪ )157‬حيـث قال‪ :‬وهذا الد يث شاذ عند نا برة‪ ،‬لن فيـه اشكالت تعارض القرآن وال سنة‬
‫ال صحيحة التواترة والشهورة وغي ها والقوا عد الثاب تة ف الكتاب وال سنة‪ ،‬و قد ذكرت له ستة ع شر إشكال ‪..‬ال ـ و قد‬
‫أخرج الديث الذكور البخاري ومسلم ف "صحيحيهما"‪.‬‬
‫كما أن بعض روايات الرؤية ف سندها ـ عند البخاري ومسلم فضل عن غيها ـ (حاد بن سلمة) وهو خفيف الضبط‪،‬‬
‫وله أوهام كما ف "ميزان الذهبـي" (‪ )1/590‬بل فيه ( ‪ )1/593‬ما نصه‪" :‬الدولبـي حدثنا ممد بن شجاع الثلجي‪،‬‬
‫حدثن ابراهيم بن عبدالرحن بن مهدي‪ ،‬قال‪ :‬كان حاد بن سلمة ل يعرف بـهذه الحاديث يعن الت ف الصفات‪ ،‬حت‬
‫خرج مرة إل عبّادان‪ ،‬فجاء و هو يروي ها‪ ،‬فل أح سب إل أن شيطا نا خرج إل يه من الب حر فألقا ها إل يه"‪ .‬فمثله ل ي ستنام إل‬
‫روايتـه‪.‬‬
‫وف بعض روايات الرؤية عند الشيخي فضل عمن سواها بعض الدلسي أمثال بقية بن الوليد والوليد بن مسلم وها من‬
‫الشهرة بكان بيث ل يتاج إل نقل ما قيل فيهما‪ ،‬غي أن ما ينبغي التنبـيه له أن الافظ ابن حجر تراه ف مقدمة "فتح‬
‫الباري" ياول بشكل غريب أن يرفع عنـهما التـهم أثناء رده على كلم الافظ الدارقطن الذي ينص على رواية البخاري‬
‫ومسلم عن طائفة من الضعفاء والدلسي بن فيهما الذكورين هنا مع أن ابن حجر نفسه ينص ف بقية كتبـه على ما فيهما‬
‫من مساوئ وهذا من تعصبـه لصحيح البخاري الذي اشتـهر بـه عند الحدثي فال الستعان‪.‬‬
‫أما ف كتاب "التصديق بالنظر" للجري الذي هو قسم من كتابـه "الشريعة" وقد طبعه بعضهم مستقل فأكثره من رواية‬
‫أبوب كر عبدال بن أب ـي داود الذي يقول عن ـه والده الا فظ أبوداود ال سجستان‪" :‬اب ن عبدال كذاب"‪ .‬ك ما ف "ل سان‬
‫اليزان" لبن حجر (‪ )3/348‬وشهادتـه ف ابنـه تكفي من أراد ال له الداية‪.‬‬
‫وكتاب "الرؤية" للدارقطن من رواية أبوطالب العشاري الغفل وابن كادش العكباوي الوضاع وكلها ل يؤمنان على سنة‬
‫النبـي فالكتاب الذكور ل يعول عليه أهل النقد‪.‬‬
‫وأما الرواية ـ ف صحيح مسلم [‪ ]297/181‬ـ الت جاء فيها تفسي الزيادة بالرؤية وفيها‪ …» :‬فيقولون‪ :‬ما هو؟ أل‬
‫يب ـيض وجوهنا ويدخل نا ال نة وير نا من النار؟‪ .‬فيك شف ال عن ـهم الجاب فينظرون إل ال‪ ،‬فما أعطا هم شيئا أ حب‬
‫إليهم من النظر إل وجهه‪ ،‬وهي الزيادة«‪ .‬فهي معلولة أيضا وقد تكفل بالرد عليها الحدث القنوبـي ف كتابـه "السيف‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪137‬‬


‫والنقـل بل شبــهة يتمسـك بــها‪ ،‬وإناـ ل نُشرّك مـن قال بأنــه يرى فـ الخرة لتأوله الكتاب‪،‬‬
‫والتأول اذا ل يوافق الق ف تأويله فليس بشرك لكنـه منافق وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫خاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــة‬ ‫ال َ‬
‫في تفسيرِ ألفاظ تعلقت بـها المشبـهة من‬
‫زوجل‬ ‫ب الله ع َّ‬ ‫كتا ِ‬
‫وعينـه أي‬ ‫(‪()128‬فوجهـــه أي ذاتـه في قولـــه‬
‫حفظـــــــه لفعلــــه)‬
‫تعل قت الشب ـهة ف تقر ير تشب ـيههم بآيات من القرآن العظ يم‪ ،‬وذلك أن ـهم أثبتوا له تعال وجها‬
‫وعينا ويدا إل غي ذلك من صفات خل قه تعال عن ذلك‪ ،‬واستدلوا ف اثبا تِ الوجه بقوله تعال‪:‬‬
‫ك إل‬‫ل والِكرام الرحنـ ‪ 27 :‬كـل شيءٍ هَال ِـ ٌ‬ ‫ك ذو الجل ِ‬ ‫ه رب َـ‬‫ويبقـى وج ُـ‬
‫وجهَه القصص ‪. 88 :‬‬
‫قلنا‪ :‬يأت الوجه ف اللغة على معا ٍن منـها الارحة الحدودة‪ ،‬وتفسي الوجه ف حقه تعال بـها مال‬
‫للزو مه التشب ـيه ال صرح بنف يه قوله تعال‪ :‬ليـس كَمثله شيـء الشورى ‪ 11 :‬مع ما تقدم من‬
‫البهان العقلي‪ ،‬فوجب تفسير الوجه بغير الجارحة ف حقه تعال‪ ،‬فقلنا معن الوجه‬
‫ف اليات إنا هو بعن الذات فقوله تعال‪ :‬ويبقى وجه ربك أي ذات ربك‪ ،‬وقوله تعال‪:‬‬
‫كل شيء هالك إل وجهه أي ذاتـه وكذا ف نظائرها من اليات‪.‬‬
‫الاد" ص(‪ 148‬ـ ‪ )167‬ونقل كلمه هنا يطول فليجع إليه من شاء بل فيه من التوسعة أنـه تعرض بالنقض لدعوى من‬
‫زعم أن لا شواهد وبـي ما ف ذلك من هفوات‪.‬‬
‫كما أن له كتاب خاص يبحث فيه الحاديث الواردة ف الرؤية وبـيان ما فيها من علل على طريقة الحدثي سيصدر قريبا‬
‫بإذن ال ما يدلك أن الروايات ف الرؤية ليست ثابتة‪.‬‬
‫ول يُحتج هنا بأن روايات الرؤية جاءت ف الصحيحي لن كون الرواية أتت ف الصحيحي أو أحدها ل يعن صحتـها‬
‫على الطلق بل الذي أطلق وصف الصحة عليهما إنا أراد الغالب ل العموم وإل فهناك ما يزيد على مائة عال ـ من غي‬
‫الباضية ـ وأكثرهم من أتباع! وأئمة! الذاهب الربعة وفيهم أيضا ابن تيمية وابن القيم وابن حزم والشوكان وأمثالم قد‬
‫ضعفوا بعض الروايات ف الصحيحي كما نص على ذلك العلمة الحدث القنوبـي ف كتابـه "السيف الاد" ص(‪)181‬‬
‫وف ذلك يقول‪" :‬هذا وقد وجدنا أكثر من مائة عال من أصحاب الذاهب الربعة وغيهم ضعفوا بعض أحاديث الشيخي‪،‬‬
‫أو أنـهم قالوا بوجود بعض الحاديث الضعيفة أو الوضوعة فيهما‪ ،‬ولول خوف الطالة لذكرتـهم مع بعض الحاديث‬
‫ال ت ضعفو ها‪ ،‬و سأفرد ذلك بر سالة خا صة بإذن ال تعال"‪ .‬ومفاده أن الش يخ و قف على كلم هم ون صوصهم ف ذلك‪ ،‬ث‬
‫سرد قائمة بأسائهم تراها ف الوضع الذكور‪.‬‬
‫ث فصل كلمهم ونقل النصوص الصرية الت تدل على ذلك ف مطلع الزء الثالث من كتابـه القيم (الطوفان) وقد صرح‬
‫من العا صرين أمثال الحدث الغماري الال كي ب ثل ذلك ف كتاب ـه "الغ ي على الحاد يث الوضو عة ف الا مع ال صغي" و‬
‫اللبان ف "إرواء الغليل" وغيهم ونقل بعض كلمهما الحدث القنوبـي العمان ف كتبـه النفة الذكر‪ ،‬وال الوفق‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪138‬‬


‫تجري‬ ‫طـه ‪39 :‬‬ ‫اثباتـ العيـ له تعال بقوله تعال‪ :‬ولتصــنع على عينــي‬
‫ِ‬ ‫وتعلقوا فـ‬
‫بأعيننا القمر ‪ . 14 :‬قلنا‪ :‬معن العي ف اليتي ا ِ‬
‫لفْظ‪ ،‬فقوله تعال‪ :‬ولتصنع على عيني‬
‫نـ تكون العيـن هنـا‬‫أي على حف ظي‪ ،‬و تجري بأعيننـا أي بفظ نا‪ ،‬ول يصـح أ ْ‬
‫بمعنى الجارحة الباصرة لا تقدم من البهان العقلي والنقلي‪ ،‬ولن اليات ل يكن حل معناها‬
‫على العي الت هي بعن الباصرة‪ ،‬فإن ـه ل يشك عاقل ف أنـه ليس الراد أن موسى عليه السلم‬
‫م صنوع على الع ي البا صِرة (أي فوق ها!!) ول أن ال سفينة تري بالع ي البا صرة أي ضا‪ ،‬فل بد لؤلء‬
‫الشبـهة من تأويل اليتي قطعا‪ ،‬وقد فروا عن التأويل فوقعوا فيما فروا منـه‬
‫وزادوا على ذلك تشبـيه ربـهم تعالى‪.‬‬
‫وقبضـــة والستوا‬ ‫(‪()129‬واليد منـه قـدرة أو قل نعــــــم‬
‫ملكـــــا يُسم)‬ ‫ُ‬
‫أي ومعنـ اليـد فـ قوله تعال‪ :‬يـد الله فوق أيديهـم الفتـح ‪ 10 :‬القدرة؛ أي قدرة ال فوق‬
‫قدرتـهم ل كما زعمت المشبـهة بأنـها جارحة تعال ال عن ذلك‪ ،‬وقد تأت اليد‬
‫بعنـ النعمـة(‪ )198‬كمـا فـ قوله تعال‪ :‬بـل يداه مبسـوطتان الائدة ‪ 64 :‬أي نعمتاه الظاهرة‬
‫والباط نة‪ ،‬والعرب تطلق ال يد على القدرة وعلى النع مة ك ما ل ي فى على من تت بع ل غة العرب‪ ،‬ل كن‬
‫هؤلء المشبــهة ل يفهمون العربــية لن غالب ـهم أ صله(‪ )199‬أعا جم فب ـهرتـهم‬
‫أنوار التنـزيل‪ ،‬فوقعوا ف مهاوي الضلل ـ والعياذ بال ـ وقوله‪( :‬وقبضة والستوا‪ ..‬ال) إشارة إل‬
‫ما ف قوله تعال‪ :‬والرض جميعـا قبضتــه يوم القيامـة الزمـر ‪ 67 :‬وإل ما ف قوله‬
‫تعال‪ :‬الرحمـن على العرش اسـتوى طـه ‪ 5 :‬أي القب ضة ف تلك ال ية وال ستواء ف‬
‫هذه الية وف نظائرها بعن اللك(‪ ،)200‬وكذا اليمي ف قوله تعال‪ :‬والسماوات مطويات‬
‫بـيمينـه الزمر ‪ ، 67 :‬فمعن قوله تعال‪ :‬والرض جميعا قبضتـه يوم القيامه أي‬

‫حدّث بديث (الصورة) و(اليد) وحديث (يكشف عن‬ ‫‪ )(198‬وما يدر نقله هنا أن المام مالك بن أنس أنكر ونـهى أن ُي َ‬
‫ساقه) وإليك نصه من كتاب "سي أعلم النبلء" للحافظ الذهبـي (‪ 7/417‬دار الفكر)‪" :‬أبو أحد بن عدي‪ :‬حدثنا أحد‬
‫بن علي الدائن‪ ،‬حدثنا اسحاق بن ابراهيم بن جابر‪ ،‬حدثنا أبو زيد بن أبـي الغمر‪ ،‬قال‪ :‬قال ابن القاسم‪ :‬سألت مالكا‬
‫عمّن حدّث بالديـث الذيـن قالوا‪" :‬إنّـ ال خلق آدم على صـورتـه" والديـث الذي جاء‪" :‬إن ال يكشـف عـن سـاقه"‪،‬‬
‫حدّث بـها أحد‪ ،‬فقيل‬ ‫وأنـه‪" :‬يدخل يده ف جهنم حت يرج من أراد"‪ .‬فأنكر مالك ذلك إنكارا شديدا‪ ،‬ونـهى أن ُي َ‬
‫له‪ :‬إن نا سا من أ هل العلم يتحدثون ب ـه‪ .‬فقال‪ :‬من هو؟‪ .‬ق يل‪ :‬ا بن عجلن عن أب ـي الزناد‪ .‬قال‪ :‬ل ي كن ا بن عجلن‬
‫يعرف هذه الشياء‪ ،‬ول ي كن عال ا‪ .‬وذَكَر أ با الزناد فقال‪ :‬ل يزل عامل لؤلء ح ت مات‪ .‬روا ها مقدام الرعي ن‪ ،‬عن ا بن‬
‫أبـي الغمر‪ ،‬والارث بن مسكي‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا ابن القاسم‪ ".‬ا‪.‬هـ وال الستعان‪.‬‬
‫‪ )(199‬ف (ب)‪ :‬كانوا‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪139‬‬


‫يكون ج يع الرض مل كه يوم القيا مه وكذلك هي اليوم‪ ،‬وان ا خص بذلك يوم القيا مة لنتفاء مد عي‬
‫اللك هنالك بل فه ف هذه الدن يا‪ ،‬فإن في ها من اد عى اللك لنف سه‪ ،‬وإل هذا الع ن الشارة ف قوله‬
‫تعال‪ :‬لمــن الملك اليوم غافـر ‪ 16 :‬ومعنـ قوله تعال‪ :‬والســماوات مطويات‬
‫بــيمينـه أي بقدرت ـه(‪ ،)201‬ومع ن قوله تعال‪ :‬الرحمـن على العرش اسـتوى‬
‫أي استول بعن مَلَكَه(‪ ،)202‬والرب عزوجل مستولٍ على العرش وعلى غيه‪ ،‬وإنا خص العرش بالذكر‬
‫ف هذه الية ونظائرها لن العرش أعظم الخلوقات‪ ،‬فناسب ذكره ف مقام المتداح‪ ،‬وإذا كان تبارك‬

‫‪ )(200‬وكذلك تد ابن جرير الطبي يُأول (الستواء) باللك والسلطان حي يقول ف تفسيه (‪ 1/228‬ـ ‪ )229‬ما نصه‪:‬‬
‫"والع جب م ن أن كر الع ن الفهوم من كلم العرب ف تأو يل قول ال‪ :‬ث ا ستوى إل ال سماء الذي هو بع ن العلو‬
‫والرتفاع‪ ،‬هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بالعن الفهوم كذلك أن يكون إنا عل وارتفع بعد أن كان تتـها‬
‫إل أن تأوله بالجهول من تأويله ال ستنكر‪ .‬ث ل ي نج م ا هرب من ـه! فيقال له‪ :‬زع مت أن تأويل قوله‪ :‬استوى أقْبَل؛‬
‫أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟‪ .‬فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل‪ ،‬ولكنـه اقبال تدبـي‪ ،‬قيل له‪ :‬فكذلك فقل؛ عل‬
‫عليها علو ملك وسلطان‪ ،‬ل علو انتقال وزوال‪ ".‬ا‪.‬هـ‬
‫واستنكار البعض بأن لو أريد بالستواء الستيلء لاء ولو ف آية واحدة من آيات الستواء‪ ،‬ييب عليه التقي السبكي حي‬
‫يرد على ابن القيم ف كتابـه "السيف الصقيل" ص(‪ 86‬ـ ‪ )87‬فيقول‪" :‬وهذا الذي قاله ليس بلزم‪ ،‬فالجاز قد يطّرد‬
‫وحسنـه أن لفظ استوى أعذب وأخصر‪ ،‬وليس هذا من الطّراد الذي يعله بعض الصوليي من علمة القيقة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫هو الطّراد ف ج يع موارد ال ستعمال‪ ،‬والذي ح صل ه نا اطّراد ا ستعمالا ف آيات فأ ين أحده ا من ال خر‪ ،‬ث إن ا ستوى‬
‫وزن ـه افت عل فال سي ف يه أ صلية وا ستول وزن ـها ا ستفعل فال سي ف يه زائدة ومعناه من الول ية‪ ،‬فه ما مادتان متغايرتان ف‬
‫اللفظ والعن‪ ،‬والستيلء قد يكون يق وقد يكون بباطل‪ ،‬والستواء ل يكون إل بق‪ ،‬والستواء صفة للمستوي ف نفسه‬
‫بالكمال والعتدال‪ ،‬وال ستيلء صفة متعد ية إل غيه‪ ،‬فل ي صح أن يقال‪ :‬ا ستول‪ .‬ح ت يقول‪ :‬على كذا‪ .‬وي صح أن يقول‪:‬‬
‫استوى‪ .‬ويتم الكلم‪ ،‬فلو قال‪ :‬استول‪ .‬ل يصل على القصود‪.‬‬
‫ومراد التكلم الذي يفسر ال ستواء بال ستيلء‪ ،‬التنب ـيه على صرف الل فظ الو هم للتشب ـيه‪ ،‬واللفظ قد يستعمل مازا ف‬
‫معن لفظ آخر ويلحظ معه معن آخر ف لفظ الجاز‪ ،‬ولو عب عنـه باللفظ القيقي لختل العن‪ ،‬وقد يريد التكلم أن‬
‫ال ستواء من صفات الفعال كال ستيلء التم حص للف عل من كل و جه‪ ،‬فيكون ال سبب ف لف ظة ال ستواء عذوبت ـها‬
‫واختصارها فقط دون ما ذكرناه ولكن ما ذكرناه أحسن وأمكن‪ ،‬مع مراعاة معن الستيلء‪ .‬وانظر قول الشاعر‪:‬‬
‫من غــي سيف ودم مهـراق‬ ‫قــد استـوى بشـر على العـراق‬
‫ولو أ تى بال ستيلء ل ي كن له هذه الطلوة وال سن‪ ،‬والراد بالسـتواء كمال اللك وهـو مراد القائليـ بال ستيلء‪ ،‬ولفـظ‬
‫الستيلء قاصر عن تأدية هذا العن فالستواء ف اللغة له معنيان‪:‬‬
‫أحدها استيلء بق وكمال؛ فيفيد ثلثة معان‪ ،‬ولفظ الستيلء ل يفيد إل معن واحدا‪ ،‬فإذا قال التكلم ف تفسي الستواء‬
‫الستيلء مراده العان الثلثة‪ ،‬وهو أمر يكن ف حق ال سبحانـه وتعال‪ ،‬فالقدم على هذا التأويل ل يرتكب مذورا ول‬
‫و صف ال تعال ب ا ل يوز عل يه‪ ،‬والفوض والن ـزه ل يقدم على التف سي بذلك لحتمال أن يكون الراد خال فه‪ ،‬وق صور‬
‫أفهامنا عن الوصف الق سبحانـه وتعال مع تنـزيهه عن صفات الجسام قطعا‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪140‬‬


‫وتعال مالكا لا هو أعظم الخلوقات ومستوليا عليه كان استيلؤه على ما هو دون ذلك ثابتا بطريق‬
‫الول‪ ،‬ومعن قوله (يُسَم) ـ بالبناء للمفعول ـ أي يُدْعَى‪ ،‬أي كلُ واحدٍ من القبضة والستوا يسمى‬
‫ملكا ـ أي يفسر باللك ـ وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫ومكـــــره عقوبـــــة‬ ‫عظَم‬ ‫جدُّه كوجهــه أو قـــــــل ِ‬ ‫(‪()130‬و َ‬
‫لمن ظلــــــم)‬
‫أي الد الضاف اليه تعال ف قوله‪ :‬وإنـه تعالى جد ربنا الن ‪ 3 :‬له معنيان أحدهما‪ :‬أن‬
‫يفسر بالذات كما فسر بذلك الوجه ف قوله تعال‪ :‬ويبقى وجه ربك الرحن ‪ 27 :‬وعليه فالعن‬
‫وأنـه تعال ربنا‪ ،‬والمعنى الثاني‪ :‬أن يفسر بال َعظَمَة‪ ،‬وعليه فالعن وأنـه تعال عظمة ربنا‪،‬‬
‫فال ِعظَم ف البـيت ـ بكسر العي الهملة وفتح الظاء العجمة ـ بعن العظمه‪.‬‬

‫والعن الثان للستواء ف اللغة‪ :‬اللوس والقعود ومعناه مفهوم من صفات الجسام‪ ،‬ل يعقل منـه ف اللغة غي ذلك وال‬
‫تعال منـزه عنـها‪ ،‬ومن أطلق القعود وقال إنـه ل يرد صفات الجسام‪ .‬قال شيئا ل تشهد بـه اللغة‪ ،‬فيكون باطل وهو‬
‫كالقر بالتجسيم النكر له‪ ،‬فيؤخذ بإقراره ول يفيد إنكاره"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫ولبن العربـي الالكي أيضا كلم جيد ف تليل السباب الت دعت إل تفسي الستواء بالستيلء ف كتابـه "عارضة‬
‫الحوذي" (‪ 2/198‬ـ ‪ )201‬ونقل كلمه يطول فمن أراد فلياجعه‪.‬‬

‫‪ )(201‬كما تأول ابن عباس قوله تعال‪ :‬والسماء بنيناها بأيدٍ حيث أوّل اليدي بالقوة‪ .‬أخرج ذلك ابن جرير الطبي‬
‫ف "تفسيه" (‪ )11/472‬برقم [‪ ]32245‬وذكر هناك تأويل اليدين بالقوة عن ماهد برقم [‪ ]32246‬وعن قتادة برقم [‬
‫‪ ]32247‬وعن ابن زيد برقم [‪ ]32249‬وعن سفيان برقم [‪ ]32250‬راجع قسم الدراسة‪ :‬ف قضية اثبات التأويل عند‬
‫السلف‪.‬‬

‫‪ )(202‬أما من فسر الستواء بالستقرار واللوس كحال الدمي فكلمه باطل وأكثر من ابتلي بـهذه الفة هم النابلة حت أن‬
‫ابن العربـي الالكي يقول ف "العواصم من القواصم" [الطبعة الكاملة دار الثقافة ‪ -‬قطر]ص(‪" :)209‬ولقد أخبن جاعة‬
‫من أهل السنة‪ ،‬بدينة السلم‪ ،‬أنـه ورد بـها الستاذ أبو القاسم عبد الكري بن هوازن القشيي‪ ،‬الصوف‪ ،‬من نيسابور‬
‫فعقد ملسا للذكْر‪ ،‬وحضر فيه كافة اللق‪ ،‬وقرأ القارئ‪ :‬الرحن على العرش استوى ‪ .‬قال ل أخصهم‪ :‬فرأيتـهم يعن‬
‫النابلة يقومون ف أثناء الجلس ويقولون‪ :‬قاعد‪ ،‬قاعد‪ .‬بأرفع صوت‪ ،‬وأبعده مدى‪ ،‬وثار أهل السنة من أصحاب القشيي‪،‬‬
‫ومن أهل الضرة‪،‬وتثاور الفئتان‪ ،‬وغلبت العامة‪ ،‬فأحجزوهم الدرسة النظامية‪ ،‬وحصروهم فيها‪ ،‬فرموهم بالنشاب‪ ،‬فمات‬
‫منـهم قوم وركب زعيم القضاة‪ ،‬وبعض الدارية‪ ،‬فسكنوا ثورتـهم‪ ،‬وأطفوا نورتـهم …ال"‪.‬‬
‫وقد تقدم أن ف كتاب "السنة" لبن أحد يقول‪" :‬وهل يكون الستواء إل باللوس!"‪ .‬وابن القيم ينقل ف "بدائع الفوائد"‬
‫روا ية في ها ما يف يد أن ال يلس على عر شه ول يتعقب ـها بش يء بل تده يقرر ما يريده هناك بتلك الروا ية فكأن ـه يرى‬
‫ثبوتـها‪ ،‬وكل أحد يعلم أن اللوس والقيام والستلقاء من صفات البشر‪ ،‬ومنـه تعلم أن القائلي بتفسيه بالستيلء أرادوا‬
‫كف شغب القائلي باللوس والقعود وال الستعان‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪141‬‬


‫وقوله‪( :‬ومكره عقو بة‪ ..‬ال) أي وال كر ال سند ال يه تعال ف ن و قوله تعال‪ :‬ومكروا ومكـر‬
‫الله آل عمران ‪ 54 :‬إناـ هـو عقوبـة للظال ل غيـ ذلك مـن الخادعـة والحتيال فمعنـ قوله تعال‪:‬‬
‫ومكر الله أي وعاقبـهم ال‪ ،‬أي قضى بعقوبتـهم وحكم بـها من حيث ل يعلمون ذلك‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪142‬‬


‫البــــاب الثالـــث‬
‫ـ مـن الركــن الثـاني ـ‬
‫في النبـياء والرسل والملئكة والكتب‬
‫يهدوننا إلى‬ ‫(‪ ()131‬ثم من الجائز بعث الرســـــل‬
‫الصـــــراط العدل)‬
‫بمعجـــــزات تبطـــــل‬ ‫(‪()132‬مقرونة دعواهـــم تفضــــــل‬
‫التقـــول)‬
‫ّ‬
‫أي ث إن أقول‪ :‬إن من الائز ف حقه تعال إرسال الرسل ـ أي والياء إل النبـياء ـ وانـزال‬
‫الك تب‪ ،‬ومع ن الائز ف ح قه تعال أي له أن يف عل ذلك وله أن ل يفعله‪ ،‬وي صح ات صافه ب ـه وعدم‬
‫ات صافه ب ـه خل فا ل ن أو جب ذلك ف ح قه تعال ول ن أحاله والقائل با ستحالة ذلك مشرك إجا عا‪،‬‬
‫وقوله‪( :‬يهدوننا إل الصراط) الملة ف مل الال من الرسل‪ ،‬والعن‪ :‬هادين لنا إل الصراط العدل ـ‬
‫أي ال ستقيم ـ و ف هذا تنب ـيه على حك مة ار سال الر سل‪ ،‬وقوله‪( :‬مقرو نة دعوا هم) ـ حال من‬
‫(واو) يهدون نا أو من الر سل أي ضا ـ أي دعوا هم بأن ـهم ر سل من ال تعال مقرو نة بعجزة؛ و هي‬
‫الارق للعادة التحدى بـه على الصم‪ ،‬فخرج بالارق السحر فإنـه غي خارق للعادة؛ وإنا هو أمر‬
‫مترتب على أسباب مَ نْ أحْكَمَهَا حصل له ذلك المر‪ ،‬والارق ليس ُمتَ َرتّبَا على سبب لكن لا خفيت‬
‫أسـباب السـحر على كثيـ مـن الناس ظـن أنــه خارق وليـس كذلك‪ ،‬وخرج بالتحدى بــه‪ ..‬ال‬
‫كرامات الولياء فإنـها وإن كانت خارقة أيضا ل تكون على جهة التحدي‪ ،‬أي فل تصل لن يدعي‬
‫النبوة من ـهم إذا ل ي كن نب ـيا كذا جرت عادت ـه سبحانـه وتعال حف ظا لرت بة النبوة و صونا لقام‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬تفضل) حال من قوله‪ :‬بعجزات‪ .‬والعا مل فيه مقرو نة‪ ،‬أي مقرونة دعواهم بعجزات متفضل‬
‫ب ـها علي هم‪ ،‬وقوله‪( :‬تب طل التقول) ن عت للمعجزات أي تلك العجزات مبطلة ِلتَقَوّل ال صم لدعائه‬
‫أن ـه ي ستطيع التيان بثل ها ك ما اد عى فرعون ف قوله لو سى ـ عل يه ال سلم ـ فلنأتينـك‬
‫بسحر مثله طه ‪ 58 :‬وكإدعاء مسيلمة أنـه يأت بثل القرآن‪.‬‬
‫يجـوز للرســـل‬ ‫(‪()133‬وواجـــــب عليك أن تعـرف ما‬
‫ومـــــا قد لزما)‬
‫في حقهـــم نَعْتَاً‬ ‫(‪()134‬وما استحـــــال عنـهــم فالـلزم‬
‫هـــــي المكارم)‬
‫والعقـــــل والضبــط‬ ‫(‪()135‬كالصـــــدق والتبليغ والمانــة‬
‫وكالفطانة)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪143‬‬


‫وكالجنــون‬ ‫(‪()136‬والمستحيل ضدهـــــا كالكذب‬
‫وارتكـــــاب الّرِيب)‬
‫في حقهـــــم إل‬ ‫(‪()137‬وما عــدا ذلك فهـــــو ممكـــن‬
‫الذي يستـهجن)‬
‫للرسل والنبـياء صفات واجبة ف حقهم ولم صفات مستحيلة ف حقهم وصفات مكنة ف حقهم‪،‬‬
‫ويلزم الكلف معرفة كل واحد من هذه الصفات بعد قيام الجة بـه عليه‪ ،‬فيجب ف حق النبـياء‬
‫والرسل (التبليغ) لا أمروا بتبليغه دون ما ل يؤمروا بذلك‪ ،‬ودون ما ُخّيرُوا ف تبليغه‪ ،‬ويب إتصافهم‬
‫ب ـ(ال صدق) و هو مطاب قة خبهم للوا قع‪ ،‬وي ب ات صافهم ب ـ(الما نة) و هي ح فظ ما ائتمنوا عل يه‬
‫ووض عه ف موض عه وأداؤه إل أهله‪ ،‬وي ب ات صافهم ب ـ(الع قل) فل يكون الجنون ر سول ول نب ـيا‬
‫ول يكون نب ـي صبـيا ـ أي مت صف ب صفة ال صبـيان ـ من عَدِم الت صاف بوجبات الع قل‪،‬‬
‫فيخرج بـهذا التقييد يي ـ عليه السلم ـ لقوله تعال‪ :‬وآتيناه الحكم صبـيا‬
‫مر ي ‪12 :‬‬

‫وكذا من كان مثله‪.‬‬


‫حا صل ما ف القام أن الوا جب الت صاف بالع قل‪ ،‬فإذا ح صل ف أ حد فل عبة بكثرة عدد ال سني‬
‫وقلت ـه‪ ،‬وي ب ف حق هم (الض بط) أي ح فظ ما أمروا بتبلي غه وضب طه ح ت يؤدون ـه على و جه ل‬
‫يكون فيه خلل‪ ،‬ويب ف حقهم (الفطانة) وهي اليقظة ف المور ليحصل لم بذلك ماورة الصم‪،‬‬
‫ومادلتـهم بالت هي أحسن‪ ،‬ويستحيل ف حقهم أضداد هذه الصفات مِنْ ذلك؛ (الكذب) وهو عدم‬
‫مطابقة الب لا ف الواقع‪ ،‬ومِن ذلك (النون) وهو زوال العقل‪ ،‬ومِن ذلك (ارتكاب الرّيَب) ـ أي‬
‫العاصي ـ فإنـهم لو ارتكبوها ما كانوا أمناء ف أوامر ربـهم ف أنفسهم فل يكونون أمناء ف غي‬
‫ذلك‪ ،‬وما عدا هذه ال صفات ال ت ذكرت ـها ف هي ف حق هم من الم كن ل م والائز ات صافهم ب ـها‪،‬‬
‫وذلك مثل النوم والكل والشرب والماع والشي بالسواق وغي ذلك من الباحات‪ ،‬نعم يستثن من‬
‫ذلك ما كان مستقبحا منـها ف العقل كالبول قياما فإن العقل يستقبح ذلك ف أدن البشر‪ ،‬فكيف‬
‫يستحسنـه ف أعلهم‪ ،‬على أن الغرض إتصافهم بكارم الخلق وليس هذا منـها‪.‬‬
‫ثم الكليم بعـــــده‬ ‫(‪()138‬أفضلهم نبـينـــا ثم الـــــخليــل‬
‫عيسى الجليل)‬
‫فالنبـيـــــا ذوو‬ ‫(‪()139‬وبعدهم نوح فبـــــاقي الرسل‬
‫المقـــام الكــمـل)‬
‫وقع الجاع على ثبوت تفاضل الرسل لقوله تعال‪ :‬تلك الرسل فضلنا بعضهم على‬
‫بعـض البقرة ‪ 253 :‬ووقـع الجاع على أفضليـة نبــينا عليـه الصـلة والسـلم على جيـع اللق لدلة‬
‫ت صه‪ ،‬وو قع التفاق على أن أف ضل الر سل من بعده أربع ـة‪ 1 :‬ـ ابراه يم خل يل الرح ن ‪ 2‬ـ ومو سى‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪144‬‬


‫كليم ال ‪ 3‬ـ وعيسى روح ال ‪ 4‬ـ ونوح نبـي ال ـ عليهم الصلة والسلم ـ ث وقع اللف ف‬
‫تفضيل بعض هؤلء على بعض‪ ،‬واعتمد الكثر الطريقة الت اعتمدها الصنف‪ ،‬ووقَ فَ بع ضٌ عن تعيي‬
‫الف ضل من ـهم وقال‪ :‬هذا باب ل سنا بكام ف يه لن أ مر ذلك إل التوق يف من الشارع‪ ،‬و هو حق‬
‫فالتو قف أول في ما ل يرد ف يه نص‪ .‬وقوله‪( :‬فبا قي الر سل) أي ب عد هؤلء الم سة ف الف ضل با قي‬
‫الرسل‪ ،‬وعدد الرسل ـ مع هؤلء المسة ـ ثلثائة وثلثة عشر رسولً أولم آدم وآخرهم ممد ‪،‬‬
‫وقوله‪( :‬فالنبـيا) أي بعد الرسل ف رتبة التفضيل النبـياء؛ وهم الذين أُوحي إليهم بشرع ل يؤمروا‬
‫بتبليغـه‪ ،‬فان أمروا بالتبليـغ كانوا رسـل أيضـا‪ ،‬وعدد النبــياء(‪ )203‬على القول الشهور مائة ألف‬
‫وعشرون أل فا ـ من ـهم الثلثائة والثل ثة ع شر ـ‪ ،‬وقوله‪( :‬ذوو القام الك مل) أي أ صحاب القام‬
‫الكامل‪.‬‬
‫سوى الهـــــدى بشرعنا‬ ‫(‪()140‬قد نسخت شرائع الجميـــــع‬
‫البديع)‬
‫فهـــــو على الـــدوام‬ ‫(‪()141‬وما له أي شرعنـــــا مغيـــر‬
‫ل يُغَيَّــر)‬

‫‪ )(203‬عدد النب ـياء والر سل والك تب الذي يتناقله ال صنفون ف العقيدة مأخوذ من الد يث الذي رواه أ بو ذر الغفاري‬
‫الذي جاء فيه‪:‬‬
‫"… قلت‪ :‬يار سول ال كم النب ـياء؟‪ .‬قال‪ :‬مائة ألف وعشرون أل فا ـ و ف روا ية‪ :‬وأرب عة وعشرون أل فا ـ‪ .‬قلت‪:‬‬
‫يارسول ال كم الرسل؟‪ .‬قال‪ :‬ثلثائة وثلث عشر جا غفيا‪ … .‬قلت‪ :‬يا رسول ال كم كتاب أنـزله ال تعال؟‪ .‬قال‪:‬‬
‫مائة كتاب وأربعة كتب‪".‬‬
‫وهذه الرواية بـهذا التمام أخرجها ابن حبان ف "صحيحه" برقم [‪ 94‬ـ موارد الظمآن] وأبو نعيم ف "اللية" ( ‪)1/221‬‬
‫برقم [‪ ]551‬وف الروايتي ابراهيم بن هشام بن يي الغسان قال عنـه أبو حات وغيه‪ :‬كذاب كما ف "موارد الظمآن"‬
‫ص(‪ )54‬للهيثمي‪.‬‬
‫وأخرجها من طريقه ـ بعدد الرسل فقط ـ أيضا المام أحد ف "مسنده" برقم [‪ 21601‬و ‪ ]21607‬والطيالسي ف‬
‫"مسنده" برقم [‪ ]478‬وفيهن السعودي وعنـها يقول اليثمي ف "ممع الزوائد" ( ‪" :)1/395‬رواه أحد والبزار والطبان‬
‫ف "الوسط" بنحوه وعند النسائي طرف منـه‪ ،‬وفيه السعودي وهو ثقة ولكنـه اختلط"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫كما أخرج المام أحد ف "مسنده" رواية من طريق أبـي أمامة يكي فيها عن أبـي ذر الغفاري برقم [‪]22351‬‬
‫وفيها ذكر عدد النبـياء والرسل دون الكتب‪ ،‬لكن ف سنده علي بن يزيد وعنـها يقول اليثمي ف "ممعه" (‪:)1/395‬‬
‫"رواه أحد والطبان ف "الكبـي" وقال‪" :‬كم عدد النبـياء؟‪ .‬قال‪ :‬مئة ألف وأربعة وعشرون ألفا"‪ .‬ومداره على علي بن‬
‫يزيد وهو ضعيف"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫ومنـه تد أن الروايات غي ثابتة ف هذا الباب‪ ،‬بقي البحث هنا عن رواية السعودي والرواة عنـه هل هم من روى قبل‬
‫اختلطه أم ل؟ فإن كان قبل اختلطه فلتصحيح الرواية مدخل وإن كان بعدها فل‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪145‬‬


‫اعلم أن شريعة نبـينا ناسخة لشرائع النبـياء من قبله أي ُمبَدّلَة لحكامها بأحكام أخر‪ ،‬إما مالف ٌة‬
‫سخُه من ذلك ـ كالتوح يد ـ فإن صفاتـه تعال ل يوز علي ها‬ ‫ل ا وإ ما مواف قة‪ ،‬إل ما ل ي صح نَ ْ‬
‫التغيي‪ ،‬فل يصح نسخ التعبّد فيها فل يكن أن يتعبد أحد من أهل اللل أن يعتقدوا أنـه ل يُرى ويتعبد‬
‫آخريـن أن يعتقدوا أنــه يُرى‪ ،‬وكمكارم الخلق فإن ال يأمـر بالعدل والحسـان ومكارم الخلق‬
‫داخلة تت العدل والحسان فل يصح أن يأمر بلف الكارم‪ ،‬وهذا النوع ـ ما ل يصح نسخه ـ‬
‫هو الراد من قول ال صنف ( سوى الدى) أي إل الدى فإن ـه ل ين سخ‪ ،‬أي لن ـه ل ي صح ن سخه‪،‬‬
‫وقوله‪( :‬وما له أي شرعنا ‪..‬ال) أي ل يغي شرع نبـينا ناسخ لنـه ليس بعده نبـي كما صرّح‬
‫الحزاب ‪40 :‬‬ ‫ب ـه حدي ثُ‪» :‬لنب ـي بعدي«(‪ )204‬وك ما دل عل يه قوله تعال‪ :‬وخاتـم النبــيين‬
‫فإن الا ت ل يكون معقوبا‪ ،‬فث بت امتناع ن سخ شر عه ل ستحالة نب ـي بعده‪ ،‬واعتقاد أن ـه ل نب ـي‬
‫بعده وأن شريعتـه ل تنسخ من بعده واجب علينا‪ ،‬فل يصح جهل علمه بعد قيام الجة بـه‪.‬‬
‫مـــــولهــــم بالقـرب‬ ‫(‪()142‬وبعدهــــم ملئــك حبـــــاهــم‬
‫واجتباهم)‬
‫تفضيـــــله على‬ ‫(‪()143‬أفضلهم جبريل والذي زعـــــم‬
‫الحبـيب قد غشم)‬
‫أي ب عد در جة النب ـياء ف الف ضل در جة اللئ كة ـ علي هم ال سلم ـ فإن ـه قد أعطا هم رب ـهم‬
‫ومولهم من الفضل الاص بـهم ما ل يعطه لغيهم‪ ،‬واصطفاهم لدمتـه وفرغّهم لنفاذ أمره فلهم‬
‫الف ضل العظ يم لذا التبج يل والتعظ يم‪ ،‬على أن ال عزو جل قد مدح هم ف كتاب ـه العز يز بقوله‪:‬‬
‫يسـبحون الليـل والنــهار ل يفترون النبــياء ‪ 20 :‬وقوله‪ :‬ل يعصـون الله مـا‬
‫أمرهـم ويفعلون مـا يؤمرون التحريـ ‪ 6 :‬ف هم ب ـهذا أف ضل من سائر الؤمن ي م ن عدا‬
‫النبـياء والرسلي‪ ،‬وفضل بعض أصحابنا وغيهم الؤمني عليهم‪ ،‬واستدل كل واحد من الفريقي‬

‫‪ )(204‬جزء من حديث جاء من طريق سعد بن أبـي وقاص رواه مسلم ف "صحيحه" [‪ ]2404‬وأحد ف "مسنده" [‬
‫‪ ]1605‬وع بد الرزاق ف "م صنفه" [‪ ]20390‬وأ بو ب كر الشاف عي ف "الغيلنيات" بر قم [‪ ]47‬وأ بو نع يم ف "الل ية" [‬
‫‪ 10300‬و ‪ 10301‬و ‪ 10302‬و ‪ 10303‬و ‪ 10304‬و ‪ 10306‬و ‪ 10308‬و ‪.]10309‬‬
‫وجاء من طر يق أب ـي هريرة رواه المام البخاري ف " صحيحه" [‪ .]3455‬وجاء من طر يق ثوبان رواه أحد [‬
‫‪ ]22457‬والترمذي [‪ .]2219‬ومـن طريـق جابر بـن عبدال رواه الترمذي [‪ ]3730‬وأبـو بكـر الشافعـي فـ‬
‫"الغيلنيات" [‪.]122‬‬
‫ورواه الاكم ف "الستدرك" [‪4105‬أ] عن وهب بن منبـه‪ .‬وأبو نعيم ف "اللية" [‪ ]10307‬عن علي‪ .‬وابن سعد ف‬
‫"الطبقات" (‪/ 3/17‬الكتب العلمية) عن سعد بن مالك ‪ .‬ورواه الطيب البغدادي ف "تاريخ بغداد" ف مواضع منـه‪،‬‬
‫وغيهم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪146‬‬


‫بأدلة ذكرنا ها ف غ ي هذا القام‪ ،‬ول شك أن ب عض اللئ كة أف ضل من ب عض لقوله تعال ـ حكا ية‬
‫عنـهم ـ‪ :‬وما منا إل له مقام معلوم الصافات ‪ 164 :‬وأفضلهم على الطلق جبيل ـ‬
‫عليه السلم ـ لنـه الرسول من ال إل أنبـيائه وان كان غيه قد ُأرْسِلَ أيضا فإرساله هو أكثر من‬
‫غيه‪ ،‬ولكثرة خصاله الفاضلة والفواضل زعم الزمشري(‪ )205‬أنـه أفضل من حبـيب الرحن ممد‬
‫وقد خرق الجاع بذلك ودخل مدخل كان الواجب عليه أن يقف دونـه‪.‬‬
‫وبالــــذي‬ ‫(‪()144‬بـهم جميعـــــا يجـــــب اليمــان‬
‫أنـزلـــــه الرحمــن)‬
‫على معان فيه‬ ‫(‪()145‬وهوكلم جاء بالنظـــــم التم‬
‫ارشـــــاد المم)‬
‫أي ي ب الت صديق على ج هة الذعان بالنب ـياء جي عا وبالر سل جي عا‪ ،‬وباللئ كة جي عا وب ا أن ـزل‬
‫الرح ن من الكلم على ر سله‪ ،‬فاليان وا جب ب كل وا حد من هذه ال صناف جلة‪ ،‬وي ب علي نا أن‬
‫نص ممدا وما أنـزل عليه باليان‪ ،‬فل يزي اليان بـه مع جلة الرسل ول اليان بالقرآن مع‬
‫جلة الك تب‪ ،‬وكذا ي ب علي نا أن ن ص باليان من قا مت علي نا ال جة بر سالتـه أو نبوت ـه من‬
‫النبـياء والرسل الذين من قبله ‪ ،‬وقوله‪( :‬وهو كلم دلّ‪ ..‬ال) هذا تفسي لا أنـزل الرحن؛ أي‬
‫الذي أنـزله ربنا هو كلم دلّ بالنظم التام على معان ترشد المم إل ناتـها وإل فلحها وصلحها‪،‬‬
‫وجلة ما أنـزل ال من الكتب على ما ف بعض الروايات مائة كتاب وأربعة كتب؛ خسون منـها‬
‫على شيث‪ ،‬وثلثون على ادريس فتلك ثانون‪ ،‬وعشرة صحف على إبراهيم‪ ،‬وعشرة على موسى قبل‬

‫‪ )(205‬العل مة أ بو القا سم جار ال ممود بن ع مر بن م مد بن أح د الوارز مي الزمشري‪ ،‬من كبار علماء العتزلة ولد ف‬
‫زمشر احدى ضواحي خوارزم سنة ‪467‬هـ رحل وسع ببغداد من نصر بن البطر‪ ،‬وحج وجاور بـها زمنا فلقب جار‬
‫ال‪ .‬قيل سقطت رجله فكان يشي على عمود من خشب‪ ،‬وروى عنـه بالجازة أبو طاهر السلفي وزينب بنت الشعري‪.‬‬
‫قال ا بن ح جر ف "ل سان اليزان" (‪" :)6/4‬و قد كان الزمشري ف غا ية العر فة بفنون البل غة وت صرف الكلم وكتاب ـه‬
‫(أساس البلغة) من أحاسن الكتب وقد أجاد فيه وبـي القيقة من الجاز ف اللفاظ الستعملة إفرادا وتركيبا‪ ،‬وكتابـه‬
‫(الفائق ف غريب الديث) من أنفس الكتب؛ لمعه التفرق ف مكان واحد مع حسن الختصار وصحة النقل‪ ،‬وله كتاب‬
‫(الفصل ف النحو) مشهور ورأيت له مصنفا ف الشتبـه ف ملد واحد وفيه فوائد جليلة‪ ،‬وأما التفسي فقد أولع الناس بـه‬
‫وبثوا عليه وبـينوا دسائسه وأفردوها بالتصنيف‪ ،‬ومن رسخت قدمه ف السنة وقرأ طرفا من اختلف القالت انتفع بتفسيه‬
‫ول يضره" ا‪.‬هـ قال السمعان‪ :‬برع ف الدب وصنف التصانيف‪ ،‬وورد العراق وخراسان ما دخل بلدا إل واجتمعوا عليه‬
‫وتلمذوا له‪ ،‬وكان علمة نسابة جاور مدة حت هبت على كلمه رياح البادية‪ .‬مات ليلة عرفة سنة ‪538‬هـ‪ .‬من تصانيفه‬
‫تفسيه الشهي وهو "الكشاف ـ ط" و معجم "أساس البلغة ـ ط" و"القامات ـ ط" و "الستقصى ف المثال ـ ط" و‬
‫"الفائق ف غر يب الد يث ـ ط" و "أع جب الع جب ف شرح لم ية العرب ـ ط" وغي ها كث ي‪"( .‬ال عب" ‪ 2/455‬ـ‬
‫و"سي أعلم النبلء" للذهبـي ‪ 14/596‬ـ و"لسان اليزان" لبن حجر ‪ 6/4‬ـ و"العلم" للزركلي ‪.)7/178‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪147‬‬


‫التوراة فتلك مائة‪ ،‬والتوراة على موسى‪ ،‬والزبور على داود‪ ،‬والنيل على عيسى‪ ،‬والقرآن العظيم على‬
‫نبـينا الكري عليه وعليهم أفضل صلة وأكمل تسليم‪.‬‬
‫ولنفــــــراده‬ ‫(‪()146‬والكل مخلـــــوق لمكـان العـدم‬
‫تعـــالى بالقـــــــدم)‬
‫أي كل وا حد من الكلم الن ـزل على الر سل ملوق‪ ،‬ل ش يء من ـها مت صف بالقدم‪ ،‬ل التوراة ول‬
‫النيل ول الزبور ول القرآن ول غيها من سائر الكتب‪ ،‬وذلك لدلة عقلية ونقلية؛‬
‫أما العقلية فمنـها أن الكلم النـزل مكن فناؤه وكل ما أمكن عدمه استحال قدمه‪ ،‬ومنـها أنـه‬
‫تعال منفرد بالقدم فلو كان الكلم أو شيـء منــه قدياـ للزم بطلن انفراده تعال بالقدم‪ ،‬وقـد قام‬
‫البهان على وجوب انفراده بذلك فل قدي غيه‪.‬‬
‫وأما النقلية فأشياء منـها قوله تعال‪ :‬خالق كل شيء النعام ‪ 102 :‬والكلم شيء فهو ملوق‬
‫لذه اليـة‪ ،‬ومنــها قوله تعال‪ :‬إنـا كـل شيـء خلقناه بقدر القمـر ‪ 49 :‬والكلم شيـء‪،‬‬
‫ومنـها أنـه موصوف بالنـزال كما ف قوله تعال‪ :‬إنا أنـزلناه القدر ‪ 1 :‬وكل منـزل منتقل‬
‫من جهة إل جهة‪ ،‬وكل منتقل حادث وكل حادث ملوق‪ ،‬إل غي ذلك من الدلة وال تعال أعلم‪.‬‬
‫فصـــــــل‬
‫في المحكــم والمتشــابـه‬
‫ومجمــــــــل‬ ‫(‪()147‬وفي القرآن محكــــــم ومشتبـه‬
‫مفصــل نؤمن بـه)‬
‫حديهما علـــــــى‬ ‫ل أتى من ربنـا والخلــــــف في‬ ‫(‪()148‬ك ٌ‬
‫أقاويـل تفـي)‬
‫نوعـــــــان أي‬ ‫(‪()149‬مع اتفـــــــاق منـهــــم أنـهمــــا‬
‫مختلف حكمهما)‬
‫أي ف القرآن آيات مكمة وفيه آيات متشابـهة‪ ،‬وفيه آيات مملة وفيه آيات مف صّلة ـ أي مبـينة‬
‫ــ‪ ،‬ويبـ اليان بميعـه مكمـه ومتشابــهه وممله ومفصـله لقوله تعال‪ :‬منـــه آيات‬
‫محكمات هـن أم الكتاب وأخـر متشابــهات فأمـا الذيـن فـي قلوبــهم‬
‫زيغ فيتَّبعون ما تشابـه منـه‪ ..‬الية آل عمران ‪ ، 7 :‬وقد اختلف العلماء ف بـيان الحكم‬
‫من التشابـه وف تعريف كل واحد منـهما على أقاويل تئ ف النظم‪ ،‬وهم مع اختلفهم متفقون‬
‫على أن الحكـم غيـ التشابــه والتشابــه غيـ الحكـم فهمـا نوعان متغايران‪ ،‬وحكـم كـل واحـد‬
‫منـهما يالف حكم الخر لن الرب تعال رتب على كل واحد حكما‪.‬‬
‫ث إنـه أخذ ف بـيان حد الحكم وبـيان حكمه فقال‪:‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪148‬‬


‫للنص‬ ‫(‪()150‬فالمحكم المتضح المعنى انقســــــم‬
‫ى فانحسم)‬ ‫والظــــــاهر معن ً‬
‫والظــــن في‬ ‫(‪()151‬في النص حكم القطــــــع بالمراد‬
‫الظــــــاهر للعبــاد)‬
‫صير اليــــــه‬ ‫(‪()152‬وإن أتــــــى بعكســـه الدليــــل‬
‫وهــــــو التأويـــل)‬
‫أو متعــــذراً‬ ‫(‪()153‬وهو قريبــــــا أو بعيـــدا وقعـا‬
‫فلــــــــــن يُتَّبَعــــا)‬
‫أي الحكم ـ من اليات ومن غيها من الروايات ـ هو ما اتضح معناه وهو قسمان؛ لنـه إما أن‬
‫يتضح العن ول يتمل معنً غيه وهو النص‪ ،‬وإما أن يتمل معنً ثانيا وإن كان احتمال بعيدا مثل‬
‫فهـو الظاهـر‪ ،‬ول كل وا حد من ال نص والظا هر ح كم‪ ،‬فح كم ال نص الق طع براد التكلم أي إذا‬
‫سعنا من الكلم ما ليتمل إل معنً واحدا قطعنا بأن مراد التكلم هو ذلك العن ل غيه لعدم احتمال‬
‫الكلم لغيه‪ ،‬وال كم ف الظا هر ال ظن بأن ما ظ هر من العا ن هو مراد التكلم‪ ،‬أي اذا سعنا كلما‬
‫يتمل معنيي لكن السابق إل الذهن أحدها ظننا أن ذلك السابق إل الذهن هو مراد التكلم‪ ،‬وانا كان‬
‫هذا كذلك لحتمال أن يكون التكلم أراد العن الثان؛ هذا إذا ل يقم دليل على أن مراد التكلم العن‬
‫الرجوح فإن قام الدليل بذلك ترك العن الظاهر و صِيَ إل العن الباطن لوجود ذلك الدليل الدال على‬
‫أن الباطن هو الراد‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪149‬‬


‫‪2‬ـ‬‫والصي من الظاهر إل العن الباطن هو التأويل(‪ )206‬وهو ينقسم إل ثلثة أقسام‪ 1 :‬ـ تأويل قريب‬
‫وتأويـل بع يد ‪3‬ــ وتأويـل متعذر‪ ،‬كل ذلك ب سب قُرب الحتمال للمع ن وُبعْدِه‪ ،‬فالتأويـل القريـب‬
‫يترجح بأدن دليل والتأويل البعيد يتاج إل تأويل قوي والتعذر منـه ل يقبل‪.‬‬
‫ف من التعذر تف سي الراف ضة لقوله تعال‪ :‬كمثـل الشيطان إذ قال للنسـان اكفـر‬
‫الشر ‪ 16 :‬قالوا‪ :‬الشيطان عمر بن الطاب‪ ،‬والنسان‪ :‬أبو بكر قال له خذ اللفة وأنا معينك عليها‪ .‬ـ‬

‫‪ )(206‬والتأو يل ف يه ما هو حق يتح تم ال صي إل يه ك ما أن ف يه البا طل الذي ي ب التحذ ير من ـه فال خذ ب ـه دون ضوا بط‬


‫وماربت ـه مطل قا كله ا خ طأ عظ يم يقول ال صنف ف كتاب ـه "طل عة الش مس" (‪ 1/169‬ـ ‪ 170‬التراث)‪" :‬و صرف‬
‫الظاهر إل العن الباطن بالدليل هو السمى عندهم بالتأويل‪ ،‬وهو ف اللغة‪ :‬مصدر أوّل وأصله من‪ :‬آل يؤول إذا رجع‪ ،‬كذا‬
‫ف "النـهاج"‪ .‬قال‪ :‬وأما ف الصطلح‪ :‬فهو صرف اللفظ عن حقيقتـه إل مازه لقرينة اقتضت ذلك الصرف‪ ،‬قال‪ :‬وله‬
‫شبـه باللغوي ـ أي العن ـ كأنـه رد اللفظ من ذهابـه على الظاهر‪ ،‬حت يرجع إل ما يريد بـه‪.‬‬
‫أقول ـ السالي ـ‪ :‬والراد بصرف اللفظ عن حقيقتـه هو أن يكون اللفظ موضوعا فيصرف عنـه ف الستعمال بدليل‪،‬‬
‫ويشمل ذلك الفرد إذا استعمل ف غي ما وضع له كالسد ف الشجاع‪ ،‬وكالطلق ف القيد‪ ،‬والعام إذا قُصر على أفراده ونو‬
‫ذلك‪ ،‬فاستعمال اللفظ من مفرد وغيه فيما وضع له هو (الظاهر) وصرفه إل غيه هو (التأويل)‪.‬‬
‫والراد بالقرينة هو الدليل الذي يصرف بـه الظاهر عن ظاهره؛ وهي إما‪:‬‬
‫ـ عقلية ‪ :‬كما ف قوله تعال‪ :‬ولتصنع على عين فالعي حقيقة ف الاسة‪ ،‬لكن لا منع العقل من وجود هذه الصفة فيه‬
‫تعال حكمنا بأن الراد بالعي ف الية غي حقيقتـها فقلنا‪ :‬أنـه أراد بالعي العلم أو الفظ على سبـيل التجوز‪.‬‬
‫ـ وإ ما أن تكون القري نة مقال ية‪ :‬ك ما ف قوله تعال‪ :‬ل يس كمثله ش يء فإن هذه ال ية قري نة صارفة لليات ـ ال ت‬
‫ظاهرها التجسيم ـ عن ظاهرها‪.‬‬
‫و قد يكون التأو يل قري با فيك فى ف صحتـه ووجوب قبوله أد ن مر جح‪ ،‬ك ما ذكر نا ف تأو يل الع ي بالعلم أو ال فظ‬
‫لكون ـها طري قا إليه ما‪ ،‬فإن هذا التأو يل مازي قر يب لقوة العل قة‪ .‬و قد يكون بعيدا وُبعْده ب سب غموض العل قة ال ت‬
‫سوغت التجوّز بـه‪ ،‬وبسب ضعف القرينة الت لجلها صرف اللفظ عن ظاهره فيحتاج إل مرجح أقوى ما ترجح بـه‬
‫التأويل القريب‪ ،‬وسيأت مثال البعيد‪.‬‬
‫و قد يكون التأو يل خار جا عن التجوزات الدائرة ف ال سُنْ العرب فل يق بل بل يرد على قائله ويكذب ب سبب ذلك؛ وذلك‬
‫ك ما ف تأويلت الباطن ية أخزا هم ال تعال؛ ثعبان مو سى ـ صلوات ال عل يه ـ بجت ـه‪ ،‬ون بع الاء من ب ـي ال صابع‬
‫بكثرة العلم‪ ،‬وتأويـل قوله تعال‪ :‬حرمـت عليكـم أمهاتكـم أن الراد بالمهات العلماء وتريـ مالفتــهم وانتــهاك‬
‫حرمهم ونو ذلك من تقولتـهم كثي …ال" ا‪.‬هـ‬
‫فل يس التأو يل ع ند القائل ي ب ـه من أتباع الفرق العتدلة مفتوح على م صراعيه ل كل من هب ودب بل كل ذلك مضبوط‬
‫بضوابط‪ ،‬وماربتـه بكل صوره ديدن من ل يعقل ما يرج من رأسه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪150‬‬


‫أخزاهم ال تعال ورضي عن الشيخي(‪ )207‬ـ ولم ف تريف القرآن العظيم على هذا النوال ما ينبغي‬
‫أن ينـزه متصرنا هذا عن ذكره‪.‬‬
‫ولا فرغ من بـيان حد الحكم وأحكامه شرع ف بـيان حد التشابـه وأحكامه فقال‪:‬‬
‫أو مفهـم‬ ‫(‪()154‬وذو اشتبـــاه ما اختفـى كالمجمل‬
‫تشبـيـــــه مولنا العلي)‬
‫له احتمــالن‬ ‫(‪()155‬فمنـه مـــــا قيــل بأنـه الـــذي‬
‫خـذ)‬ ‫فصاعـــــدا ً ُ‬
‫كتســـــع عـشر‬ ‫(‪()156‬ومنـه أيضـــا ما يكون مبـهمـا‬
‫أمرهم قد أبـهما)‬
‫تأويلــــه غـــــير‬ ‫(‪()157‬ومنـه أنـه الــــذي لم يَعلـــم‬
‫المهيمن اعلـم)‬
‫وجعلــــه أشيـــــاء‬ ‫(‪()158‬فكـــــل هـــذا أصـــله متَّحـــد‬
‫ليس يحمــد)‬
‫وقيل بالمثال‬ ‫(‪()159‬وقيل أحــــرف أوائل الســــــور‬
‫مـــــع كل خبر)‬
‫قـــــد كان ناسخا‬ ‫(‪()160‬وقيل ما قد كان منسوخـــــا وما‬
‫يسمى محكما)‬
‫التشاب ـه هو خلف الح كم وعرّفوه بأن ـه‪ :‬هو الذي اخت فى معناه‪ ،‬ولفاء معناه سببان؛ أحده ا‬
‫اجال الل فظ‪ ،‬وثانيه ما أن يكون ظاهره مال فا لدل يل الع قل وذلك ك ما إذا كان ف ظاهره تشب ـيه‬
‫الباري عزو جل بل قه كآ ية ال ستواء‪ ،‬ف هو باعتبار سببـه ق سمان م مل و ما كان ظاهره التشب ـيه‪،‬‬
‫وهذا ال د الذي ذكره الصنف و هو أن التشابـه ما اخت فى معناه شا مل لكثر التعاريف الواردة من‬
‫العلماء ف التشابـه‪ ،‬فيدخل تتـه قول من قال‪ :‬إن التشابـه ما كان له احتمالن فصاعدا يتفي فيه‬
‫العن الراد منـه ول يعلم ال بدليل خارجي؛ وهذا الدليل هو الذي نسميه بالبـيان‪ ،‬ويدخل تتـه‬
‫أي ضا من قال‪ :‬إن التشاب ـه هو ما كان مُب ـهمَا وذلك ك ما ف قوله تعال‪ :‬عليهـا تسـعة‬
‫عشر الد ثر ‪ 30 :‬فأبـهم العدود من هذه الية فلم يُ ْدرَ ما هو واحت مل أن يكون تسعة عشر ملكا‬
‫وأن يكون تسـعة عشـر صـفا إل غيـ ذلك وكمـا فـ قوله تعال‪ :‬ويحمــل عرش ربــك‬
‫فوقهم يومئذ ثمانية الاقة ‪ 17 :‬فحقيقة الثمانية مبـهمة‪ ،‬ووجه دخول هذا ف تعريف الصنف‬
‫‪ )(207‬الشيخان ها أبو بكر الصديق وعمر بن الطاب وها أشهر من أن ُيعَ ّرفَا صاحبـي النبـي وخليفتاه من بعده متفق‬
‫على تقديهما ل يشذ ف هذا إل الشيعة فإنـهم أساءوا إل أنفسهم ببغضهما ففحش مذهب الشيعة إنا أتى من موقفهم من‬
‫هذين الصحابـيي ـ الذي تبناه الثن عشرية بلف الزيدية ـ قال الشيخ السالي عنـهم ف منظومة "كشف القيقة"‪:‬‬
‫ويدعون أفضـل الثـــــواب"‪.‬‬ ‫"فيشتمون أفضــل الصحـــاب‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪151‬‬


‫إن ا هو من ح يث خفاء الع ن الراد‪ ،‬ويد خل تت ـه أي ضا قول من قال‪ :‬إن التشاب ـه هو ما ل يعلم‬
‫تأويله إل ال كو قت ال ساعة وككيف ية ال شر وكحقي قة الثواب وحقي قة العقاب إل غ ي ذلك وو جه‬
‫دخوله فيما تقدم بامع الفاء‪ ،‬ولذا قال الصنف‪( :‬فكل هذا أصله متحد) أي أصل هذه القاويل واحد‬
‫وهو الفاء‪ ،‬وقوله‪( :‬وجعله أشياء‪ ..‬ال) أي جعل ما ذُكر هاهنا أشياء متعددة لعان متلفة غي ممود‬
‫لن كل وا حد من تلك القوال ان ا اع تب ج هة من جهات الفاء‪ ،‬فالقدر الشترك ب ـي الم يع هو‬
‫الفاء فينب غي أن يؤخذ ف تعريف التشابـه فتكون تلك القاويل أنوا عا له ك ما صنع الصنف‪ ،‬وأ ما‬
‫قوله‪( :‬وقيل أحرف‪ ..‬ال) فهذه ثلثة أقاويل ف التشابـه خارجة عن ضابط الفاء ‪:‬‬
‫أحدهـا‪ :‬أن التشاب ـه هو الروف القطّ عة ف أوائل ال سـوركـ(ال ـ ال ص ـ الر ـ ال ر ـ‬
‫كهيعيص‪ ..‬إل آخرها) ووجه الروج من ذلك الضابط هو أن القول بـه يفيد حصر التشابـه ف‬
‫هذه الروف دون ما عداها من اليات‪.‬وثانيها‪ :‬أن التشابـه هو القصص والمثال وهو معن قوله‪:‬‬
‫(وقيل بالمثال مع كل خب)‪.‬وثالثها‪ :‬أن التشابـه هو ما كان منسوخا من اليات‪ ،‬وأما ما كان‬
‫منـها ناسخا فيسمى مكما‪.‬‬
‫حتى يبـين أظهــر‬ ‫(‪()161‬وحكمه الوقــــــوف في الجمــال‬
‫احتمـال)‬
‫أو يلزمـــــن تناقــض‬ ‫(‪()162‬والرد للمحـــــكم حكم الثاني‬
‫القـرآن)‬
‫ل ا كان التشاب ـه ق سمي ث بت ل كل ق سم ح كم‪ ،‬فله أي ضا حكمان فأ ما ح كم الج مل من ـه ف هو‬
‫الوقوف عن تعيي الراد منـه وعن العمل بـه حت يبـي الراد منـه بدليل يسمى بـيانا وهذا معن‬
‫قوله‪( :‬حت يبـي أظهر احتمال)‪ .‬وأما حكم النوع الثان منـه وهو ما كان ظاهره التشبـيه فحكمه‬
‫أن ُيرَد إل الح كم من اليات فيف سر ب ـه لقوله تعال‪ :‬منــه آيات محكمات هـن أم‬
‫طـه ‪5 :‬‬ ‫الكتاب آل عمران ‪ 7 :‬ومثال ذلك قوله تعال‪ :‬الرحمـن على العرش اسـتوى‬
‫فإنــه يبـ أن يرد إل قوله تعال‪ :‬ليــس كمثله شيــء الشورى ‪ 11 :‬فيسـتحيل أن يفسـر‬
‫الستواء بالستقرار لنـه لو ف سر بذلك لكان مثله شيء ف ذلك الو جه فيلزم تنا قض القرآن والقول‬
‫بتناقضه باطل وهذا معن قوله‪( :‬أو يلزمن تناقض القرآن)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪152‬‬


‫البـــاب الرابـــع‬
‫ـ مـن الركـن الثــاني ـ‬
‫في الوعــــد والوعيـــد‬
‫وفيه أربعة فصول‬
‫الفصـــل الول‬
‫في المـوت والبعـث والحسـاب‬
‫أي وف غي ذلك من العان كبـيان الرزق وعذاب القب والوض والكتب‪.‬‬
‫بـه كــذاك‬ ‫(‪()163‬والموت حق يجــب اليمــــــان‬
‫البعــــــث والحسبان)‬
‫أي الوت ثابت على كل ذي روح ل يشك ف ثبوتـه أحد لنـه موجود ضرورة‪ ،‬فيجب اليانـه‬
‫بـه تصديقا لقوله تعال‪ :‬كل نفس ذائقة الموت آل عمران ‪ 185 :‬فنعتقد أن كل ذي روح‬
‫يوت‪ ،‬وأمـا مـا عدا ذوات الرواح فالفناء فـ حقهـم ثابـت فهـم يفنون قطعـا لقوله تعال‪ :‬كـل‬
‫شيـء هالك إل وجهـه القصـص ‪ 88 :‬فالوت فناء خاص بذوات الرواح‪ ،‬والفناء عدم عام لاـ‬
‫ولغيها‪ ،‬وكذلك البعث ثابت بالباهي النقلية فاليان بـه واجب‪ ،‬وكذلك الساب بعد البعث ثابت‬
‫بالباهي النقلية أيضا فاليان بـه واجب أيضا‪.‬‬
‫ث إنـه أخذ ف بـيان كيفية الوت والبعث فقال‪:‬‬
‫والبعـــث ردهـا‬ ‫(‪()164‬فالموت أن تفارق الروح الجســـد‬
‫اليــــــه للبد)‬
‫اي فالوت هـو مفارقـة الروح للجسـد‪ ،‬لن حياة السـد إناـ هـي بسـبب مازجـة الروح له‪ ،‬قال فـ‬
‫"القناطـر"(‪" :)208‬واختلفوا ف كيف ية ق بض الروح فقال ب عض العلماء‪ :‬إن ملك الوت للروح بن ـزلة‬

‫‪ )(208‬قنا طر اليات (‪ )3/522‬ـ بت صرف ف الن قل ـ و هو من تأل يف العل مة أ بو طا هر ا ساعيل بن مو سى اليطال‬


‫النفوسي من علماء الباضية ف النصف الول من القرن الثامن الجري وجيطال من مدن جبل نفوسة (ف ليبـيا حاليا) مقر‬
‫الباض ية هناك‪ ،‬درس على يد أب ـي مو سى الطرمي سي و من مدر ستـه ترج واشت غل بالتدر يس ف مدر سة أب ـي ز يد‬
‫الزغور ت ح يث شارك صديقه وزميله العل مة أب ـي عز يز ث انت قل إل فر سطاء فقام في ها بالتدر يس ت سع سنوات كاملة‪،‬‬
‫وأخيا انتقل إل جزيرة "جربة" (ف تونس حاليا) وبقي فيها إل أن وافاه الجل الحتوم فلحق بربـه سنة ‪750‬هـ وصفه‬
‫العل مة علي ي ي مع مر بقوله‪" :‬كان يشت غل بالتدر يس وكان ل يتو قف عن دروس الو عظ والرشاد ول ي قف عن ال مر‬
‫بالعروف والنـهي عن النكر‪ ،‬فقد كان يعيش ف متمعه عيشة حقيقية‪ ،‬يعرف ما يقع فيه من هدى وضلل‪ ،‬ولذلك فقد‬
‫كان يارب أسباب الضلل حربا متصلة ل تتوقف ول تـهادن‪ ،‬سواء كان هذا الضلل زيفا ف العقيدة‪ ،‬أوانرافا ف العمل‪،‬‬
‫أو ا ستـهانة بالوا جب أو جهل بأحكام د ين ال‪ ،‬و قد كان يغ شى ال سواق‪ ،‬ويد خل الجتمعات يب ـي للناس ال ق من‬
‫الباطل واللل من الرام "‪ .‬ووصفه الشماخي بأنـه‪" :‬كان مستجاب الدعاء"‪ .‬من تصانيفه‪" :‬قناطر اليات ـ ط ‪3‬ج"‬
‫(على نسق "إحياء علوم الدين" للغزال) و"قواعد السلم ـ ط" ف الفقه و"شرح نونية أبـي نصر" ف التوحيد و"أجوبة‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪153‬‬


‫حجر الغناطيس ف جذبـه للحديد وأنـه إذا ظهر اللك للروح طارت اليه‪ ،‬وقال قوم‪ :‬إن ال تعال‬
‫يرج الروح فيتلقّاها اللك‪ .‬قال‪ :‬والصحيح أن ال سبحانـه هو الذي ييي وييت وهو أعلم بكيفية‬
‫ذلك "(انتـهى)‪ .‬وف تصحيحه ـ رحه ال ـ اشارة إل التوقف عن القول بأحد القولي فهو مذهب‬
‫ثالث له‪ ،‬ووجه تصحيحه للتوقف أن هذا شيء ل يطلع عليه إل بتوقيف من الشارع وكأنـه ل يثبت‬
‫عنده توقيف فرأى التوقفَ أول‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬والب عث رد ها إليه) أي رد الروح إل ال سد خلقا ثان يا وإعادة ابتدائية بعد إعدام م ض‪ ،‬ف هو‬
‫النبــياء ‪104 :‬‬ ‫م كن عقل و صرّح بثبوت ـه الن قل قال تعال‪ :‬كمـا بدأنـا أول خلق نعيده‬
‫وقال‪ :‬قـل يحييهـا الذي أنشأهـا أول مرة يـس ‪ 79 :‬فلي ست العادة أ شد من النشاء‬
‫الول وال كل ف قدرت ـه م كن ووا قع بل شك فاليان بالب عث وا جب‪ .‬وقوله‪( :‬لل بد) الراد بال بد‬
‫عدم الغاية فيما يستقبل ـ أي رد الروح للجسد بعد الوت ـ هي حياة ل غاية لا إما ف نعيم وإما ف‬
‫جح يم‪ ،‬وهذا التأب ـيد خاص للمكلف ي دون غي هم من اليوانات والشرات فإن ـها إن ا تب عث ث‬
‫تصي ترابا‪ ،‬وأما أولد الكلفي فحكمهم ف البعث حكم آباءهم لكن يلد من ل يبلغ منـهم ف النة‬
‫لعدم نقضهم اليثاق الذي أخذ ال عليهم‪ ،‬وكذلك حكم الجاني ف البعث حكم الكلفي فإنـهم إما‬
‫أن يكونوا قد أتت عليهم حالةً حكمهم فيها حكم البالغي فهم على ذلك الكم من خي أو شر‪ ،‬وإما‬
‫أن يكونوا ل تأت علي هم حالة من ذلك فحكم هم حينئذ ح كم من ل يبلغ اللم لعدم نقض هم اليثاق‬
‫أيضا وال أعلم‪.‬‬
‫ومــــــا سوى‬ ‫(‪()165‬والقول بالمساك في الروح أحـــــق‬
‫التخمين للذي نطق)‬
‫اختلف العلماء ف ب ـيان الروح‪ ،‬فو قف ب عض عن تعيين ـها وخاض آخرون ف ب ـيانـها‪ ،‬والقول‬
‫بالوقوف أول وأثبت لعدم الدليل الصرح بتعيينـها وبـيان كيفية حالا‪ ،‬فالائضون ف بـيانـها مع‬
‫عدم ال نص ال صرح بذلك ل يس ل م م ستند غ ي التخم ي و هو القول بال ظن‪ ،‬ولن ال ل ي ب نب ـيه‬
‫بالروح و قد سئل عن ـها فقال له رب ـه‪ :‬قـل الروح مـن أمـر ربــي السـراء ‪ 85 :‬فالعلم‬
‫بـها ما استأثر ال بـه ول يطلع عليه أحدا‪.‬‬
‫أما الائضون ف بـيان الروح فقالوا إنـه تعال ل يُمِت نبـيه إل وقد أطلعه على حقيقة الروح وأما‬
‫قوله‪ :‬قل الروح من أمر ربـي فذلك لوافقة ما ف التوراة ليكون موافقتـها عَلَمَا على‬

‫الئمة" ف الفقه و"كتاب الج والناسك" وكتاب ف "الساب والفرائض" (أي الواريث) وهذه الربعة مطوطة‪"( .‬السي"‬
‫ـ للشما خي ‪ 2/195‬ـ "الباض ية ف مو كب التأر يخ" علي مع مر ›الل قة الثان ية ـ الق سم الثا ن‹ ‪ 107‬ـ "قوا عد‬
‫السلم" للجيطال ج ‪ /1‬مقدمة الشيخ بكلي عبد الرحن)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪154‬‬


‫نبوتــه؛ وذلك أن اليهود أمروا قريشـا أن يسـألوا رسـول ال عـن ثلث وقالوا‪ :‬إن أجاب عنــها‬
‫كلها فليس بنبـي وإن سكت عنـها كلها فليس بنبـي وإن أجاب عن بعضها وسكت عن بعض‬
‫فهو نبـي وتلك الثلث هي‪ :‬الروح وأصحاب الكهف وذو القرني‪ .‬فأفتاه ربـه ف أصحاب الكهف‬
‫وذي القرنيـ وأمره فـ الروح بقوله‪ :‬قـل الروح مـن أمـر ربــي وكان فـ التوراة أن‬
‫الروح من أمر ال فطابق جوابـه ما ف كتابـهم(‪.)209‬‬
‫قالوا‪ :‬فال مر بالوقوف عن الوض ف الروح إن ا هو لذا العارض ل لن العلم بالروح م ا ل يُطلع‬
‫عليه أحدا‪.‬‬
‫قلنـا‪ :‬ب عد ت سليم ما قلتموه ل ُيطّلَ عُ على حقي قة الروح إل بتوق يف من الشارع‪ ،‬ول يرد التوق يف‬
‫فالطلع متعذر فالكف عن الوض فيها أول وأحق‪.‬‬
‫وقبـــل رزقـــــه‬ ‫(‪()166‬ولم يمت قبل انقضا العمـــــر أحد‬
‫الذي له يُحد)‬
‫أو شبـهــــة والله‬ ‫جـَرا‬
‫ح ِ‬
‫(‪()167‬كان حلل أو حـرامـــــا ُ‬
‫كـــــل قـدرا)‬
‫إل وربنــــــا‬ ‫(‪()168‬إذ ليس في العالم شيء يصـــــدر‬
‫لــــــــه مقـــدر)‬
‫اعلم أن ال تبارك وتعال قـد وقّتـ الجال وحدد العمار فل يوت أحـد قبـل انقضاء عمره‪ ،‬وقبـل‬
‫استيفاء أجله قال تعال‪ :‬لكل أجل كتاب الر عد ‪ 38 :‬وقال تعال‪ :‬فإذا جاء أجلهم ل‬
‫يسـتأخرون سـاعة ول يسـتقدمون الن حل ‪ 61 :‬سواء كان هذا ال يت مَّيتَا ح تف أنْفِه أو‬
‫مقتول‪ ،‬وذهبت العتزلة إل أن القتول ميت ف غي أجله وقبل انقضاء عمره وأنـه لو ل يقتل لعاش إل‬
‫الوقت الذي ُح ّددَ له‪ ،‬وهو مذهب فاسد بـينّا بطلنـه ف غي هذا الكتاب‪.‬‬
‫وكذلك قدر ال الرزاق ف من قُدّر له رزق فل يوت ق بل ا ستيفاء رز قه الذي قدر له كان ذلك الرزق‬
‫(حلل) وهو ما ل يرد ف تناوله عقاب‪( ،‬أو حراما) وهو ما ورد ف تناوله عقاب‪( ،‬أو شبـهة) وهو‬
‫ما تاذب ـه أ صلن أصل يقت ضي تليله وأصل يقت ضي تري ه ول يتر جح واحد من ـهما على ال خر‪،‬‬
‫وال تعال قدر جيع ذلك فهو تعال مؤجل للجال ورازق العباد بأي جهة كان رزقهم إذ ليس يوجد‬
‫شيء من الخلوقات أو فيها إل وربنا تعال هو القدر لذلك؛ هذا مذهبنا ومذهب الشعرية‪ ،‬وذهبت‬
‫العتزلة إل أن ال تعال ل يرزق الرام لن رزق الرام قبـيح ومنعوا اطلق اسم الرزق على الرام‪.‬‬
‫‪ )(209‬هذه الرواية أخرجها ابن جرير الطبي ف "تفسيه" (‪ 8/174‬ـ ‪ 175‬دار الكتب العلمية) من طريق ابن عباس‬
‫[ف أول تفسي سورة الكهف] وف اسنادها نظر ففي اسنادها مهول‪ ،‬ويونس بن بكي فيه كلم‪ ،‬وممد بن اسحاق مدلس‬
‫وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪155‬‬


‫قلنا‪ :‬إن ُقبْ حَ ذلك متوقف على نـهي الشارع عنـه والرب تعال غي مكوم عليه بشيء؛ بل هو‬
‫الاكـم فـ الشياء وهـو الفعال لاـ يريـد والشياء جيعهـا ملك له ل معارض له فـ شيـء منــها‬
‫والتصرّف ف ملكه أو ف شيء منـه ل يكون فاعل لقبـيح وال تعال أعلم‪.‬‬
‫أقول‪ :‬وبعد أن نظمت هذه البـيات بدة وقفت على الشطر الول من البـيت منـها ف " َزبَد"‬
‫ابن رسلن(‪ )210‬ونصه‪:‬‬
‫والروح تفن ليس تبقى للبد‬ ‫ول يت قبل انقضا العمر أحد‬
‫فهو من توارد الواطر وال أعلم‪.‬‬
‫تواتـر الخبــــــار‬ ‫(‪()169‬ثم عذاب القـــــبر مما جـــاء بـه‬
‫معنى فانتبـه)‬
‫ت‬
‫مي ْ ٍ‬
‫تعذيب َ‬ ‫حــــل‬‫(‪()170‬واعتقدن صدقـــــه ول ت ُ ِ‬
‫لوجــــــوه تحتمل)‬
‫الراد ب ـ(عذاب ال قب) هو عذاب ال يت مطل قا كان مدفو نا أو ف بطون السباع والطيور أو ف بطون‬
‫اليتان أو على وجه الرض‪ ،‬وعّبرَ عن هذا كله بعذاب القب لنـه الغالب ف الوتى‪ ،‬وإذا ثبت عذاب‬
‫القب با سيأت ثبت أيضا نعيمه لن أراد ال تنعيمه فيه من أهل السعادة إذ ل قائل بالفرق بـينـهما‪،‬‬
‫وعذاب القب قد وردت ف ثبوتـه الحاديث النبوية وأشارت اليه اليات القرآنية؛ فمن تلك اليات‬
‫قوله تعال‪ :‬النار يعرضون عليهـــا غدوَّا ً وعشيـــا ويوم تقوم الســـاعة‬
‫أدخلوا آل فرعون أشد العذاب غافر ‪ 46 :‬فقوله تعال‪ :‬يعرضون عليها غدوَّاً‬
‫وعشيا دال على أن ذلك العرض قبل يوم القيامة ـ وهو الطلوب ـ‪ .‬وأما الحاديث النبوية فقد‬

‫‪ )(210‬الش يخ أ بو العباس شهاب الد ين أح د بن ح سي بن ح سن بن علي بن أر سلن الرملي‪ ،‬فق يه شاف عي‪ .‬ولد بالرملة‬
‫(بفلسطي) عام ‪773‬ه ـ وانتقل ف كبه إل القدس‪ ،‬فتوف ب ـها‪ .‬وكان زاهدا مت ـهجدا‪ ،‬له "الز بد ـ ط" منظو مة ف‬
‫الف قه ويقال ل ا " صفوة الز بد" و "شرح سنن أب ـي داود" و "منظو مة ف علم القراآت" و "شرح البخاري" ثلث ملدات‬
‫وصل فيه إل باب الج‪ ،‬و "طبقات الشافعية" تراجم‪ ،‬و"تصحيح الاوي" ف الفقه‪ ،‬و "إعراب اللفية" نو‪ ،‬وغي ذلك‪ ،‬توف‬
‫سنة ‪884‬هـ‪( .‬نقل عن "العلم" ـ للزركلي ‪.)1/117‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪156‬‬


‫قال صاحب "العال"(‪ )211‬ـ رح ه ال تعال ـ‪ :‬ان ـها ما تواتر معنً‪ )212(.‬أي مع ن عذاب ال قب قد‬
‫بلغ حد التواتر ف الحاديث الت جاءت بـه وإن اختلفت عباراتـها‪ ،‬فمن تلك الحاديث قوله ‪:‬‬
‫»عذاب القب حق«(‪ )213‬وقوله‪» : :‬إن الوتى ليعذبون ف قبورهم‪ ..‬الديث«(‪.)214‬‬
‫وقوله‪( :‬واعتقدن صدقه) أي صدق عذاب ال قب‪ ،‬أي إن من شأن ما تواترت ب ـه الخبار أن يق طع‬
‫ب صدقه‪ ،‬وقوله‪( :‬تُحِل تعذ يب مَيْت) أي ول ت قل إن عذاب ال يت مال ك ما ذه بت ال يه طائ فة؛ ل نا‬
‫نقول‪ :‬إنـه ليس بحال فإنـه يتمل أن يرد ال عليه روحه فيحس أل العذاب‪ ،‬ويت مل أن يلق ال‬
‫فيه حاسة يس بـها أل العذاب ويتمل غي ذلك وهو معن قوله‪( :‬لوجوه تتمل) على أنـه ل يرد‬
‫النص أن اليت يعذب وهو ميت ف حال مفارقة روحه للجسد‪.‬‬
‫خــــــــيرا وشــرا‬ ‫(‪()171‬أما الحســــــاب فهو تمييز العمل‬
‫ليراه من فعل)‬
‫أي ح ساب ال لل قه يوم القيا مه إن ا هو تي يز العمال ال سنة من العمال القب ـيحة فيى الفا عل‬
‫أعماله اليية وأعماله الشرية‪ ،‬وليس الساب يومئذ كحساب بعضنا لبعض لستلزامه التشبـيه الذي‬
‫ييله الع قل ويبطله الن قل‪ ،‬هذا ما عل يه ال صحاب ـ رح هم ال تعال ـ والذي أقوله‪ :‬أن ـه ل‬
‫بأس أن يكون الساب يوم القيامة هو الساب التعارف فيما بـيننا‪ ،‬ويكون ا ُلحَاسِب يومئذ هو خلق‬

‫‪ )(211‬العلمة عبد العزيز بن الاج بن ابراهيم الثمين اللقب بضياء الدين أحد علماء الباضية بالزائر ولد عام ‪1130‬هـ‬
‫بوادي ميزاب تتلمذ على يد الشيخ أبو زكريا يي بن صال وكان أكثر ملزمة له حت انتـهت له المامة العلمية وأسند إليه‬
‫رسيا مشيخة السجد ببلدتـه سنة ‪1201‬هـ ومشيخة ميزاب بأسرها وعي رئيسا لجلس (عمي سعيد) وهو ملس يشكله‬
‫الباض ية لتنظ يم أمور هم الدين ية والدنيو ية قائم على أ ساس ال مر بالعروف والن ـهي عن الن كر يعرف با سم ملس العزّا بة‬
‫وي ضم خيار أ هل البلد ـ والعزا بة من العزوب عن الدنا يا ل من العَزَب و هو غ ي التزوج بل من شروط أعضائه أن يكون‬
‫متزوجا ـ من تصانيفه "النور ـ ط" شرح لنظومة أبـي نصر‪" ،‬ومعال الدين ـ ط ف جزئي" وها ف العقيدة‪ ،‬و"النيل‬
‫وشفاء العل يل ـ ط" و"التكم يل ل ا أ خل ب ـه كتاب الن يل ـ ط" و"الورد الب سام ـ ط" و"التاج" اخت صر ف يه من ـهج‬
‫الطالبـي للشقصي (مطوط) وهي ف الفقه‪ ،‬وغيها وكتابـه النيل هو الذي قام بشرحه العلمة الزائري قطب الئمة‪.‬‬
‫توف يوم السبت ‪ 11‬رجب من عام ‪1220‬هـ‪( .‬مقدمة "شرح النيل وشفاء العليل" ‪ 1/6‬ـ و"معال الدين" ‪.)1/9‬‬
‫‪ )(212‬ف "معال الدين" للثمين (‪ 2/171‬ـ ‪/ 172‬التراث العمانية)‪.‬‬
‫‪ )(213‬جاء من طريق السيدة عائشة رضي ال عنـها رواه البخاري ف "صحيحه" [‪ ]1372‬وأحد ف "مسنده" [‪24574‬‬
‫و ‪ ]25473‬والطيالسي ف "مسنده" [‪ ]1411‬وأبوبكر الشافعي ف "الغيلنيات" [‪ .]352‬ورواه البـيهقي ف "العتقاد"‬
‫ص(‪/ 128‬الك تب العلم ية) عن أب ـي هريرة ‪ .‬ورواه ال طبان ف "الكب ـي" (‪ 25/95‬بر قم ‪ )243‬عن أم خالد ب نت‬
‫خالد‪ .‬وغيهم‪.‬‬
‫‪ )(214‬جاء من طريق ابن مسعود رواه الطبان ف "العجم الكبـي" (‪ 10/200‬برقم ‪ )10459‬وعنـه يقول اليثمي ف‬
‫"ممع الزوائد" (‪ 3/182‬دار الفكر)‪" :‬رواه الطبان ف الكبـي واسناده حسن"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪157‬‬


‫من خل قه تعال جعله لذلك ـ فل يلزم على هذا العن ما ُذ كر من التشب ـيه ـ والقول ب ـه عندي‬
‫أول؛ لن ظواهر اليات والروايات دالة عليه فلو قيل بغيه لزم صرف كثي من اليات والروايات على‬
‫خلف ظاهرهـا مـع امكان الخـذ بالظاهـر‪ ،‬فمـن تلك اليات قوله تعال‪ :‬يوم تأتــي كــل‬
‫نفس تجادل عن نفسها الن حل ‪ 111 :‬ففي هذه المجادلة النص الصريح على ما قدم تُ‬
‫ذكره من ب ـيان ال ساب ومن ـها قوله تعال‪ :‬حتـى إذا مـا جاءوهـا شهـد عليهـم‬
‫سـمعهم وأبصـارهم وجلودهـم بمـا كانوا يعملون ‪ o‬وقالوا لجلودهـم‬
‫لم شهدتـم علينـا‪ ..‬ال ية ف صلت ‪ 20 :‬و ‪ 21‬ف في هذه ال ية ما يدل على أن هنالك ماط بة وتكل ما‬
‫وشهودا‪ ،‬وكذا قوله تعال‪ :‬اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد‬
‫أرجلهم‪ ..‬يس ‪ 65 :‬وكذلك قوله تعال‪ :‬وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد‬
‫ق ‪. 21 :‬‬
‫ومن الروايات الدالة ظاهرها على ما قلتـه ما أخرجه الترمذي(‪ )215‬وصححه‪» :‬ل تزول قدما عبد يوم‬
‫القيامة حت يسأل عن أربع؛ عن عمره فيما فيما أفناه‪ ،‬وعن علمه ما عمل بـه‪ ،‬وعن ماله من أين‬
‫اكت سبـه وفي ما أنف قه‪ ،‬و عن ج سمه في ما أبله«(‪ )216‬و ما أخر جه البزار(‪» :)217‬يرج ل بن آدم يوم‬

‫‪ )(215‬الافظ أبو عيسى ممد بن عيسى بن سورة السلمي الترمذي صاحب "السنن" أحد أئمة الديث وتفقه فيه على يد‬
‫البخاري وسع من قتيبة بن سعيد وابراهيم بن عبدال الروي واساعيل بن موسى السدي وآخرون وعنـه أبو حامد الروزي‬
‫واليثم بن كليب الشاشي وأحد بن يوسف النسفي وآخرون قال ابن حبان‪ :‬كان أبو عيسى من جع وصنف وحفظ وذاكر‪.‬‬
‫وقال الليلي‪ :‬ثقة متفق عليه وقال الدريسي‪ :‬كان أبو عيسى يضرب بـه الثل ف الفظ‪ .‬وقال الاكم‪ :‬سعت عمر بن‬
‫علك يقول‪ :‬مات البخاري فلم يلف برا سان م ثل أب ـي عي سى ف العلم وال فظ والورع والز هد ب كى ح ت ع مي‪ .‬من‬
‫تصانيفه "السنن" مطبوع و "الزهد" (مفقود) و"الساء والكن" و"الشمائل الحمدية" مطبوع مات سنة ‪279‬هـ ("تذكرة‬
‫الفاظ" للذهبـي برقم ‪ 658‬ـ "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر برقم ‪.)6497‬‬
‫‪ )(216‬جاء من طريق أبـي برزة السلمي رواه الترمذي ف "سننـه" [‪ ]2417‬والدارمي [‪ ]537‬وأبو نعيم ف "اللية"‬
‫[‪ ]15109‬والطيب البغدادي ف "اقتضاء العلم العمل" رقم [‪ ]1‬والجري ف "أخلق العلماء" ص(‪/ 56‬الكتب العلمية)‪.‬‬
‫وجاء من طريق معاذ رواه الطبان ف "الكبـي" (‪ 20/61‬رقم ‪ )111‬والطيب ف "الامع لخلق الراوي" [‪]28‬‬
‫وف "اقتضاء العلم العمل" برقم [‪ 2‬و ‪ ]3‬والجري ف "أخلق العلماء" ص(‪ )55‬وابن عساكر ف "البلدانية" ـ البلد الثامن‬
‫ـ ص(‪ )72‬والشجري ف "أماليه" (‪ .)1/69‬وجاء عند الدارمي برقم [‪ 538‬و ‪ ]539‬موقوف على معاذ ‪.‬‬
‫‪ )(217‬الا فظ أ بو ب كر أح د بن عمرو بن عبدالالق الب صري أ حد علماء الد يث له "الب حر الزخار أو ال سند العلل" جاءت‬
‫تسميتـه هذه لنـه يورد الديث بسنده فيتكلم على السند والت بطريقة العال الناقد وقام اليثمي بتلخ يص هذا الكتاب‬
‫على هيئة اخراج زوائد الكتاب ـ و هي الحاد يث ال ت انفرد ب ـها صاحب الكتاب عن الك تب ال ستة ـ و ساه "ك شف‬
‫الستار عن زوائد البزار" وطبع ف ‪4‬ج بتحقيق الحدث العظمي أما "السند العلل" فقد طبع منـه بعض أجزاءه ـ طبعت‬
‫من ـه ‪8‬ج نشرت ـها مكت بة العلوم وال كم بالدي نة النورة ـ قال عن ـه الط يب البغدادي‪ :‬كان ث قة حاف ظا صنف ال سند‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪158‬‬


‫القيا مة ثل ثة دواو ين‪ :‬ديوان ف يه الع مل ال صال‪ ،‬وديوان ف يه ذنوب ـه‪ ،‬وديوان ف يه الن عم من ال عل يه‪.‬‬
‫فيقول ال تبارك وتعال لصغر نعمه ـ أحسبـه قال ف ديوان النعم ـ خذي ثنك من عمله الصال‪.‬‬
‫فت ستوعب عمله ال صال‪ ،‬ث تنت حي وتقول‪ :‬وعز تك ما ا ستوفيت‪ ،‬وتب قى الذنوب والن عم و قد ذ هب‬
‫الع مل ال صال‪ ،‬فإذا أراد ال أن ير حم عبدا قال‪ :‬يا عبدي قد ضاع فت لك ح سناتك وتاوزت عن‬
‫سيئاتك ـ أحسبـه قال‪ :‬ووهبت لك نعمي ـ«(‪ )218‬وغي هذا من الحاديث كثي فل نطيل بإيراده‬
‫هاهنا لن القام إنا هو مقام اختصار‪..‬وال أعلم‪.‬‬
‫أو فاســق‬ ‫صٌر ليعلـــــمـــا‬ ‫ص بـه مقـــ ِّ‬ ‫خ َّ‬‫(‪ُ ()172‬‬
‫ليـــــكثـــر التندُّمــا)‬
‫بل حســـاب أو إلى‬ ‫(‪()173‬وما عداهمـــا إلى الجنــــــان‬
‫النــــــيران)‬

‫وتكلم على الحاد يث وب ـي علل ها‪ .‬وقال أ بو الش يخ‪ :‬كان أ حد حفاظ الدن يا رأ سا‪ .‬قدح ف يه الدارقط ن فقال‪ :‬ي طئ ف‬
‫السناد والت‪ .‬حدث بالسند بصر حفظا ينظر ف كتب الناس ويدث من حفظه ول يكن معه كتب فأخطأ ف أحاديث‬
‫كثية‪ .‬وقال أبو أحد الاكم‪ :‬يطئ ف السناد والت‪ .‬وقال حزة السهمي عن الدارقطن‪ :‬كان ثقة يطئ كثيا ويتكل على‬
‫حف ظه‪ .‬تو ف بالرملة سنة ‪ 292‬هجر ية ("ميزان العتدال" ‪ 1/124‬و "تذكرة الفاظ" ـ للذهب ـي ‪ 2/653‬ـ "ل سان‬
‫اليزان" لبن حجر ‪)1/237‬‬
‫‪ .‬وعنـه يقول اليثمي ف "ممع الزوائد" (‪10/648‬‬ ‫‪ )(218‬أخرجه البزار برقم [‪/ 3444‬كشف الستار] من طريق أنس‬
‫دار الفكر)‪" :‬رواه البزار وفيه صال الري وهو ضعيف"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫وله شواهد ضعيفة ففي "حل ية الولياء" لبـي نعيم (‪ 4/281‬رقم ‪" :)5579‬حدثنا عبدال حدثنا أحد حدثنا أحد‬
‫حدثنا يزيد بن هارون قال‪ :‬أنبأنا السعودي عن عون قال‪ :‬يرج لبن آدم يوم القيامة دواوين؛ ديوان فيه السنات‪ ،‬وديوان‬
‫فيه السيئات‪ ،‬وديوان فيه النعم‪ ،‬فل ترج حسنة إل خرجت نعمة تستوعبـها‪ ،‬وتبقى السيئات ل فيها الشيئة‪ ".‬ا‪.‬هـ عون‬
‫بن عبدال تاب عي وال سعودي ف يه كلم‪ ،‬فل ي صلح هذا ال ب أن يكون شاهدا‪ .‬وأخرج أبويو سف القا ضي صاحب أب ـي‬
‫حنيفة ف "الثار" ويسمى أيضا "مسند أبـي يوسف" برقم [‪ ]915‬قال‪" :‬حدثنا يوسف عن أبـيه عن أبـي حنيفة عن‬
‫عون بن عبدال عن ا بن م سعود أن ـه قال‪ :‬يقدم الناس يوم القيا مة على ثل ثة دواو ين؛ ديوان ف يه ال ساب‪ ،‬وديوان ف يه‬
‫النعم‪ ،‬وديوان فيه الذنوب‪ ،‬فيقابل بالساب النعم فيستغرقها وتبقى الذنوب فهي الت فيها الغفرة"‪ .‬وهو تآلف أيضا عون بن‬
‫عبدال ل يدرك ابن مسعود ويقال ان روايتـه عن الصحابة مرسلة بل ذكر الدارقطن أن روايتـه عن ابن مسعود مرسلة ـ‬
‫كما هنا ـ‪ .‬كذا ف "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر (‪ .)8/147‬هذا بالضافة إل أنـه موقوف على ابن مسعود‬
‫مع أن حقه أن يكون مرفوعا إذ ل يصح الخبار بـهذا ال بطريق الوحي‪.‬‬
‫كما رواه أيضا أسد بن موسى ف (الزهد) برقم [‪" :]91‬حدثنا أسد حدثنا يزيد بن عطاء‪ ،‬عن أبان‪ ،‬عن بكر بن عبدال‬
‫الز ن‪ ،‬عن أب ـي را فع قال‪ :‬بلغ نا أن ـه ياء يوم القيا مة ل بن آدم بثلث دواو ين‪ :‬ديوان ف يه الن عم …" فذكره ل كن أ سدا‬
‫نفسه تكلموا ف حفظه وشيخه يزيد بن عطاء اليشكري لي الديث كما ف التقريب (ص ‪ 533‬مؤسسة الرسالة) ومنـه‬
‫ترى ان الديث ل يرقى لرتبة الصحة‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪159‬‬


‫أي خُ صّ بال ساب صنفان من الناس أحدهمـا‪ :‬الؤ من الق صّر التائب من ذنب ـه‪ ،‬وثانيهمـا‪:‬‬
‫الفاسق العاصي‪ ،‬والكمة ف حساب الؤمن القصر هي أن يعلم نعمة ال عليه بغفرانـه ذنوبـه وستر‬
‫عيوب ـه‪ ،‬والك مة من ح ساب الفا سق هي ازدياد ح سراتـه وتضع يف تنكيله بالتأ سف على اضا عة‬
‫عمله‪ ،‬فإنـه مت ما رأى العمل الوجب للغفران مبوطا بعمل صدر منـه ازداد بذلك حسرة وندامة‪،‬‬
‫ومـن الكمـة فـ هذا أيضـا اظهار انصـاف ال تعال للقـه فإنــه ل يظلم الناس شيئا ولكـن الناس‬
‫أنفسهم يظلمون‪ ،‬وما عدا هذين الصنفي فهم إما ف النة بل حساب وهم الؤمنون الوَفّون‪ ،‬وإما ف‬
‫النار بل حساب وهم الشركون‪.‬‬
‫هذا حاصل ما ذكره ف "القواعد"(‪ )219‬وعليه جريت ف النظم‪ ،‬وظاهره أن الشركي غي ماسبـي ث‬
‫ظهر ل بعد ذلك أنـهم ماسبون لقوله تعال‪ :‬وقفوهم إنـهم مسئولون ‪ o‬ما لكم‬
‫ل تناصرون الصافات ‪ 24 :‬و ‪ 25‬ولقوله تعال‪ :‬زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل‬
‫بلى وربـي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم التغابن ‪ 7 :‬ولغي ذلك من اليات‪[ ،‬ويتمل‬
‫أن يقال أن ال سؤال والنباء الذي ف اليت ي غ ي ال ساب الذكور ث ظ هر ل أن هذا الحتمال هو‬
‫الول فل دليل ف اليتي على الطلوب](‪ ..)220‬وال أعلم‪.‬‬
‫أم يخلقــــــان‬ ‫(‪()174‬والخلف هل قد خلقــــــا وهو الصح‬
‫بعدما الفنا اتضح)‬
‫أولى بنــا إذ‬ ‫(‪()175‬والوقــــف عن تعيننـــــــا ذاك المحــل‬
‫م دل)‬ ‫ل دليــــــل ث َ َّ‬
‫في‬ ‫(‪()176‬وعـدم التعيـــــــين ليــــــس يقــدح‬
‫قــــــولنــا إن الوجود أرجح)‬
‫اختلف الناس ف النة والنار هل ها ملوقتان الن أم ل؟‪ ،‬فذهب المهور منا ومن غينا إل أنـهما‬
‫ملوقتان الن وا ستدلوا بأحاد يث عن ـه تدل على وجود ال نة؛ قالوا‪ :‬ومثل ها ف الوجود النار إذ ل‬
‫قائل بالفرق بـينـهما ف ذلك(‪ ،)221‬وذهب البعض منا وكثي من غينا إل انـهما ليستا بخلوقتي‬
‫الن وإناـ هاـ سـتخلقان(‪ )222‬بعـد وقوع الفناء العام قالوا‪ :‬لو كانتـا ملوقتيـ الن للزم فناؤهاـ لقوله‬
‫تعال‪ :‬كل شيء هالك إل وجهه القصص ‪ 88 :‬وها ملدتان فل يصح أن تكونا موجودتي‬
‫الن‪ ،‬والصح ما عليه المهور من وجودها الن لا ثبت بالدلة القاطعة أن آدم وحواء كانا ف النة‬

‫‪ )(219‬ف "قواعد السلم" (‪ 1/17‬ـ ‪ )18‬للجيطال‪.‬‬


‫‪ )(220‬ساقطة من (أ) والتكملة من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(221‬كحديث الجر الذي كان يهوي ف جهنم وسع صوتـه الصحابة فأخبهم النبـي ببه‪ .‬فليحرر‪.‬‬
‫‪ )(222‬ف الصلي‪ :‬سيخلقان‪ .‬والقام يقتضي التأنيث فأصلحتـه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪160‬‬


‫و قد أُ ْهبِطَا من ـها‪ ،‬والقول بأن ال نة ال ت كا نا في ها غ ي ال نة الوعود ب ـها تكَلّف ل دل يل عل يه‪،‬‬
‫والواب عمـا اسـتدل بــه النافون لوجودهاـ الن هـو أن نقول أن قوله تعال‪ :‬كــل شيــء‬
‫صصَا بعدم الفناء بالدلة القاطعة على بقائهما أبدا‪،‬‬‫هالك عام يتمل التخصيص فالنة والنار قد خُ ّ‬
‫أو نقول‪ :‬إن ال نة والنار قابلتان للفناء ب سب ذات ـهما‪ ،‬والقا بل للفناء فا نٍ ف الع ن لواز ذلك عل يه‬
‫والواب الول أظهر‪ ،‬ث اختلف القائلون بوجودها الن ف ملهما الذي ها فيه فعي بعضهم الحل‬
‫ووقف قوم عن التعيي‪ ،‬والوقف عن تعيي ملهما هو الول بنا إذ ل علم لنا إل با ُعلّ ْمنَا ول يرد عن‬
‫الشارع تعي ي مله ما وإن قُدّر أن هناك دل يل ف هو آحادي ل يف يد العلم‪ ،‬ووقوف نا عن تعي ي ال حل ل‬
‫يقدح ف ترجيحنا القول بوجودها الن لنـه ل يلزم مِن علمنا بوجودها علمنا بتعيي ملهما وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫والحوض حــــــق‬ ‫(‪()177‬والكتب صحف حوت العمـــــال‬
‫فاترك الجدال)‬
‫من قـد وفَى‬ ‫(‪()178‬يَرِدُه ِمـــن أمـــــــة الرســـــــــول‬
‫بعهــــــده المسئول)‬
‫من أوتـي كتابــه‬ ‫أي (الك تب) ال ت ذ كر ال ف كتاب ـه العز يز ف ن و قوله تعال‪ :‬فأمـا َـ‬
‫بـيمينـه النشقاق ‪ 7 :‬وأمثالا من اليات هي صحف حاوية لعمال العباد من خي وشر لقوله تعال‪:‬‬
‫وإذا الصـحف نشرت التكويـر ‪ 10 :‬فذ كر تعال ف هذه ال ية أن هنالك صحفا تن شر و هي‬
‫الكتب الذكورة هنالك فل التفات إل من جعلها عبارات عن ضبط أعمال العباد‪ ،‬لن ف جعل الكتب‬
‫عبارات عدول عن القيقة إل الجاز بل دليل‪ ،‬نعم الدليل الذي ذكرناه ُيعَضّد جانب القيقة فل وجه‬
‫للعدول وإنا عَ َدلَ ذلك القائل بمل الكتب على العبارات عن العن الذكور إنا هو لجل فِراره عن‬
‫احتياج ال تعال إل ض بط أعمال العباد ف صحف لن ذلك شأن مَن َي ْطرُقُه الن سيان‪ ،‬ول يلزم مِن‬
‫ذلك ما توهّ مه فإن ف رَ سْمِ العمال ف ال صحف الذكورة حِكَمَا كثية ول يلزم من ـه أن ـه تعال‬
‫متاج ال ذلك‪.‬‬
‫وقوله‪( :‬والوض ح قٌ‪ ..‬ال) أي الوض الذي هو لر سول ال ف الو قف حق ثا بت جاءت ب ـه‬
‫الحاديث الستفيضة مِن رواية جابر وغيه‪ ،‬فل عبة بن أنكر وجوده أخرج الشيخان(‪» :)223‬حوضي‬
‫م سية ش هر وزواياه سواء وماؤه أب ـيض من ال َورِق ـ و ف روا ية‪ :‬الل ب ـ« و ف أخرى صحيحة‬

‫‪ )(223‬الشيخان إذا أطل قا ف معرض إخراج حد يث ما فالراد ب ـهما المام ي البخاري وم سلم صاحبا ال صحيحي وه ا‬
‫الق صودان ه نا‪ ،‬أ ما إذا أطل قا ف معرض الد يث عن الل فة وال كم فالراد أ بو ب كر ال صديق وع مر الفاروق ر ضي ال‬
‫عنـهما‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪161‬‬


‫أيضا‪ :‬وأحلى من العسل‪ .‬وف أخرى صحيحة‪» :‬وريه أطيب من السك وكيزانـه كنجوم السماء‬
‫من شرب من ـه ل يظ مأ أبدا ـ وف رواية صحيحة ـ ول يَ سْ َودّ وج هه أبدا«(‪ ،)224‬وقوله‪َ( :‬ي ِردُه‪..‬‬
‫ال) أي يَرِد الوض مِن أمة رسول ال هو مَن وَفّى بعهد ال الذي أخذه عليه وهو طاعة ال وطاعة‬
‫رسوله ف فعل الواجبات وترك الحرمات‪ ،‬بدليل ما ف تلك الروايات أن‪ » :‬من شرب منـه ل يظمأ‬
‫أبدا‪ ،‬ول يَسْ َودّ وجهه« ول تكون هاتان الصلتان ف الخرة إل لن وفّى بعهد ال وال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(224‬هذا الد يث بروايات ـه الذكورة و ما يقارب ـها جاء من طر يق عبدال بن عمرو رواه البخاري ف " صحيحه" [‬
‫‪ ]6579‬وم سلم ف " صحيحه" [‪ ]2292‬وا بن حبان [‪/ 6418‬الح سان] وابن مندة ف "اليان" [‪ ]1076‬وا بن أب ـي‬
‫عاصم ف "سنتـه" [‪ ]728‬والبغوي ف "تفسيه" (‪ .)4/534‬وجاء من طريق جابر بن عبدال رواه أحد ف "مسنده" [‬
‫‪ .]15129‬و من طر يق ا بن عباس رواه ال طبان ف "الكب ـي" [‪ ]11249‬وقال عن ـها اليث مي ف "م مع الزوائد" (‬
‫‪ 10/666‬دار الفكر)‪" :‬رواه الطبان ورجاله رجال الصحيح غي ممد بن عبدالوهاب الارثي وهو ثقة"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪162‬‬


‫الفصــل الثــانـي‬
‫في المـــيزان والصـــــراط‬
‫عــــــدل‬ ‫(‪()179‬وإنمــــــا الميــــزان فـــــي الحسبـــان‬
‫وانصــــــاف من الرحمن)‬
‫يُأوِّلُنـه‬ ‫(‪()180‬ل مثل قول ذي الخـــــلف إذ غـدا‬
‫ة وأعمـــدا)‬ ‫كَفَّـــــــــــ ً‬
‫صرَ ب ـها تف سي اليزان يوم القيا مة على العدل والن صاف وهوقصر قلب‪ ،‬وذلك أن‬‫صرٍ قُ ِ‬
‫(إن ا) أداة قَ ْ‬
‫ب عض الخالف ي ذ هب إل أن اليزان هو عمود وكفتان ين صبـه تعال يوم القيا مة لوزن أعمال العباد‪،‬‬
‫وزعموا أن مَن رج حت كفة ح سناتـه على ك فة سيئاتـه د خل النة و من رجحت ك فة سيئاتـه‬
‫على كفة حسناتـه دخل النار ووصفوا اليزان بأوصاف ل حاجة لذكرها هنا ورووا ف ذلك أحاديث‬
‫ل تثبـت عندنـا‪ ،‬وتعلقوا مـن الكتاب بنحـو قوله تعال‪ :‬فمـن ثقلت موازينــه فأولئك‬
‫هم المفلحون ‪ o‬ومن خفت موازينـه فأولئك الذين خسروا أنفسهم‬
‫فـي جهنـم خالدون الؤمنون ‪ 102 :‬و ‪ 103‬وننـ نقول إن هذه الوازيـن الذكورة عبارة عـن معنـ‬
‫السّعادة والشقاوة‪ ،‬فثقل اليزان كناية عن السعادة وخفتـه كناية عن الشقاوة والعرب كانت تعب بثقل‬
‫اليزان عن علو الشأن وبفتـه عن عكس ذلك قال الشاعر‪:‬‬
‫رجـحوا وشــال أبوك باليزان‬ ‫ولو يضعـوا أباي ف ميزانـهـم‬
‫وقد تعب بالوزن للشيء عن العلم بـه كما ف قوله تعال‪ :‬وانبتنا فيها من كل شيء‬
‫موزون الجر ‪ 19 :‬أي معلوم القدار عنده تعال‪ ،‬أما الوزن الفسر عندنا بالعدل والنصاف ـ الشار‬
‫اليه ف النظم ـ فهو ما ف قوله تعال‪ :‬ونضـع الموازيـن القسط ليوم القيامة‬
‫النبــياء ‪ 47 :‬فالقسـط بدل مـن الوازيـن ل نعـت له كمـا يدل عليـه قوله تعال‪ :‬والوزن يومئذ‬
‫الحـق العراف ‪ 8 :‬وإناـ عدلنـا فـ تفسـي اليزان عـن حقيقتــه الشهورة ال مـا ذكرناه مـن العدل‬
‫والنصـاف لن حله على حقيقتــه الشهورة مال(‪)225‬؛ ووجـه ذلك أن أعمال العباد أعراض ووزن‬
‫[النبـياء‪:‬‬ ‫‪ )(225‬وقد حكى ابن جرير الطبي ف "تفسيه" (‪ )9/33‬عند قوله تعال‪ :‬ونضع الوازين القسط ليوم القيامة‬
‫‪ ]47‬أن ابن عباس فسر اليزان بأنـه الكم بالقسط بـي الناس وذلك ف الرواية رقم [‪ ]24609‬ونصه‪:‬‬
‫يع ن‬ ‫إل آ خر ال ية؛ و هو كقوله‪ :‬والوزن يومئذ ال ق‬ ‫" عن ا بن عباس قوله‪ :‬ون ضع الواز ين الق سط ليوم القيا مة‬
‫بالوزن‪ :‬الق سط ب ـينـهم بال ق ف العمال وال سنات ‪..‬ال" وف يه بر قم [‪ " :]24610‬عن ما هد ف قول ال‪ :‬ون ضع‬
‫الوازين القسط ليوم القيامة قال‪ :‬إنا هو مَثَل؛ كما يوز الوزن كذلك يوز الق‪ ،‬قال الثوري‪ :‬قال ليث عن ماهد‪:‬‬
‫ونضع الوازين القسط قال‪ :‬العدل"‪.‬‬
‫وجاء ف "تف سيه" (‪ )5/432‬عن ما هد أي ضا تف سي اليزان بالقضاء العادل ح يث يقول بر قم [‪" :]14333‬حدث ن الث ن‬
‫قال‪ :‬حدثنا أبوحذيفة قال‪ :‬حدثنا شبل‪ ،‬عن ابن أبـي نيح عن ماهد‪ :‬والوزن يومئذ القضاء"‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪163‬‬


‫العراض مال‪ ،‬ولذا تردد الصـم فـ حقيقـة الوزون حتـ زعـم بعضهـم أن الوزون هـم الشخاص‪،‬‬
‫وبعضهم أن ال يلق ف احدى الكفتي ظلمة وف الخرى نورا‪ ،‬وبعضهم أن العمال تتجسد فتوزن‬
‫الجساد والكل باطل فوجب الصي ال التأويل‪ .‬والراد بقوله‪( :‬ف السبان) يوم القيامة لنـها مل‬
‫السـاب‪ ،‬والراد بقوله‪( :‬ل مثـل قول ذي اللف) أي ل أقول مثـل قول صـاحب اللف‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(‪)227‬‬
‫(كفة وأعمدا) عب بالكفة ـ وهي مفرد ـ عن مثن(‪ )226‬وعب بأعمد ـ وهو جع ـ عن مفرد‬
‫على سبـيل الجاز وله مل ف البلغة‪ ،‬فمثال الول قوله‪:‬‬
‫اذا مـا القـــارض الغنــوي آبـا‬
‫عـب بالقارض عـن القا ِرضَيـ فإن الثـل حتـ يؤوب القارضان‪ ،‬ومثال الثانـ قوله تعال‪ :‬ر ّ ِـ‬
‫ب‬
‫ارجعون الؤمنون ‪ 99 :‬أي رب ارجعن‪ ،‬وقول العرب‪" :‬شابت مفارقه" وليس له إل مفرق واحد‪.‬‬
‫وبرقم [‪" :]14334‬حدثنا ابن وكيع قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن ماهد‪ :‬والوزن يومئذ الق قال‪ :‬العدل"‪.‬‬
‫كما فسر الوازين بالسنات ف قوله برقم [‪ ]14339‬و[‪" :]14342‬حدثنا ابن وكيع قال‪ :‬حدثنا جرير عن العمش عن‬
‫ماهد‪ :‬فمن ثقلت موازينـه قال‪ :‬حسناتـه"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫ولذا عد بعضهم اليزان معيارا لبـيان الحق من البطل يوم القيامة وف هذا يقول أبو حامد الغزال‪" :‬ميزان العمال معيار‬
‫ُيعَبّر عن ـه باليزان‪ ،‬وإن كان ل ي ساوي ميزان العمال ميزان ال سم الثق يل‪ ،‬كميزان الش مس‪ ،‬وكال سطرة ال ت هي ميزان‬
‫ال سطور‪ ،‬وكالعروض ميزان الش عر"‪ .‬ا‪.‬ه ـ نقل عن " سي أعلم النبلء" للذهب ـي (‪ .)14/334‬و قد أجاد أي ا إجادة لن‬
‫الناس يسمون هذه الشياء موازين ومن ذا يقول أن ميزان العروض ميزان حسي‪ ،‬ومن الدلة على أن اليزان ينصرف إل غي‬
‫العهود قوله تعال‪ :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبـينات وأنـزلنا معهم الكتاب واليزان [الديد ‪]25 :‬وليس الراد هنا السي‬
‫كما هو معلوم‪ ،‬واعتبار القائلي بأنـه ميزان حسي له كفتان وعمود يقابله أن العصر الذي نعيشه يوجد بـه من الوازين‬
‫اللكترون ية ما هو أك ثر د قة من اليزان ذي العمود والكفت ي ول كن ح ل الناس ال ية على ما هو مألوف لدي هم هو الذي‬
‫أوقعهم ف هذا‪.‬‬
‫على أن القائل ي بأن الوزن ح سي اختلفوا ف حقي قة الوزون فمن ـهم من قال إن العمال تتج سد ومن ـهم من قال توزن‬
‫الصحف ومنـهم من قال يوزن النسان‪ ،‬وكل ذلك ل يثبت بدليل قاطع والكل يعلم أن الصحابـي ابن مسعود عندما‬
‫كان بعضهم يسخر من دقة ساقيه قال النبـي ‪» :‬والذي نفسي بـيده لما أثقل ف اليزان من أحد« كما ف "حلية‬
‫الولياء" لبـي نعيم (‪ )1/175‬ورواه كذلك الاكم ف "الستدرك" برقم [‪ ]5385‬وصححه هو والذهبـي ف تلخيصه‪.‬‬
‫وغيهم ول يتسن للقائلي بأن الوزون هي الصحف وهم الكثرية التوفيق بـي تلك الروايات فل مناص من حل الروايات‬
‫الواردة ف هذا الباب على أن الوزن بـيان صحة العمل وكشف صلحيتـه من فساده وكم من مرائي ف الدنيا تعل أعماله‬
‫هباءا منثورا وإناـ يتقبـل ال مـن التقيـ‪ ،‬فل دخـل للصـحف ول للجسـام‪ ،‬قال الافـظ ابـن حجـر فـ "فتـح الباري" (‬
‫‪:)13/659‬‬
‫"وقد ذهب بعض السلف إل أن اليزان بعن العدل والقضاء"‪ .‬ا‪.‬هـ وبال التوفيق‪.‬‬
‫‪ )(226‬وها الكفتان‪.‬‬
‫‪ )(227‬وهو العمود‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪164‬‬


‫جســـر كمـــــــا‬ ‫(‪()181‬وقوله الصراط فهو الحـــــق ل‬
‫بعضهم تأول)‬
‫(‪)228‬‬
‫الضمي ف (قوله) عائد إل الرحمن ف آخر قوله‪( :‬وإنا اليزان ف السبان‪ )..‬أي الصراط ف‬
‫قوله تعال‪ :‬أفمـن يمشـي مكبـا على وجهـه أهدى أمـن يمشـي سـويَّاً‬
‫على صراط مستقيم اللك ‪ 22 :‬هو عبارة عن الق ـ وف الية تثيل لالت العاصي والطائع‬
‫ـ وعلى هذا يمل ما ورد من الحاديث ف بـيان الصراط‪ ،‬لنـه إنا هو تثيل لالة الق وبـيان‬
‫ما في ها من ال طر العظ يم وتث يل لحوال سالكيه ما ب ـي مو فق ومذول‪ ،‬وز عم ب عض م نا وجهور‬
‫الشاعرة أن ال صراط إن ا هو ج سر مدود على م ت جه نم(‪ ..)229‬ال آ خر ما و صفوه ب ـه وحلوا ما‬

‫‪ )(228‬ف البـيت رقم (‪.)179‬‬


‫‪ )(229‬الذي يراه الباض ية أن ال صراط هو الد ين القو ي و هو مع ن قوله تعال‪ :‬اهد نا ال صراط ال ستقيم وتف سي ال صراط‬
‫بأنـه جسر على مت جهنم أحد من السيف وأدق من الشعر ير عليه اللئق يوم القيامة من الؤمني والنافقي والشركي‪،‬‬
‫كل بقدر عمله‪ ،‬ل يت فق مع كون الؤمن ي آمن ي من الفزع ف ذلك اليوم الهول ك ما ف قوله تعال‪ :‬ل يزن ـهم الفزع‬
‫ال كب وتتلقا هم اللئ كة هذا يوم كم الذي توعدون [النب ـياء ‪ ]103 :‬و مع قوله تعال‪ :‬إن الذ ين سبقت ل م م نا‬
‫السن أولئك عنـها مبعدون‪ ،‬ل يسمعون حسيسها [النبـياء ‪ ]101 :‬ففي هذه اليات يتضح أن الؤمني مبعدون عن‬
‫النار فهم ل يسمعون حسيسها فضل عن أن يروا فوقها‪ ،‬ول يفزعهم شيء يوم القيامة ومرورهم على الصراط ل شك أن‬
‫فيه فزع لم بأي شكل من الشكال‪ ،‬والحاديث الواردة ف هذا الشأن قابلة للتأويل حت ل تتعارض مع الحكم الثابت من‬
‫آيات الكتاب العز يز‪ ،‬قال ا بن جر ير ال طبي ف "تف سيه" (‪" :)1/103‬أج عت ال مة من أ هل التأو يل جي عا على أن‬
‫الصراط الستقيم هو الطريق الواضح الذي ل اعوجاج فيه‪ ،‬وكذلك ف لغة جيع العرب‪ ،‬فمن ذلك قول جرير بن عطية‬
‫الطفي‪:‬‬
‫إذا أعـــوج الــوارد مستــقيم‬ ‫أميـر الـؤمنيــن عــلى صراط‬
‫يريد‪ :‬على طريق الق‪ .‬ومنـه قول الذل أبـي ذؤيب‪:‬‬
‫تــركنــاهــا أدقّ من الصــراط‬ ‫صبحْنــا أرضـــهم باليل حت‬
‫ومنـه قول الراجز‪:‬‬
‫َفصُـــدّ عـن نـهــج الصـــراط القاصــد‬
‫…‪ .‬ث قال‪ :‬والذي أول بتأويل هذه الية عندي أعن‪ :‬اهدنا الصراط الستقيم أن يكون معنيّا بـه‪َ :‬وّفقْنَا للثبات على‬
‫ما ارتضيتـه ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك‪ ،‬من قول وعمل‪ ،‬وذلك هو الصراط الستقيم‪ ،‬لن من وُفق لا وُفق له‬
‫من أنعم ال عليه من النبـيي والصديقي والشهداء‪ ،‬فقد وفق للسلم‪ ،‬وتصديق الرسل‪ ،‬والتمسك بالكتاب‪ ،‬والعمل با أمر‬
‫ال بـه‪ ،‬والنـزجار عما زجره عنـه‪ ،‬واتباع منـهج النبـي "‪.‬ا‪.‬هـ ث ساق بعض الروايات عن النبـي وعن‬
‫صحابتـه الكرام كا بن عباس وا بن م سعود وجابر بن عبدال تف سر ال صراط بد ين ال سلم وطر يق الدا ية‪ .‬وعلى هذا‬
‫الن مط سار الباض ية ففسروا ال صراط بالطر يق الوا ضح و هو د ين ال سلم الذي ل يق بل ال غيه ومثله ف تف سي ال طبي (‬
‫‪ " :)1/105‬عن ا بن النف ية ف قوله اهد نا ال صراط ال ستقيم قال‪ :‬هو د ين ال الذي ل يق بل من العباد غيه"‪ .‬ا‪.‬ه ـ‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪165‬‬


‫ورد من الحاد يث ف ب ـيانـه على حقيقت ـها‪ ،‬وتأولوا ب ـها قوله تعال‪ :‬فاهدوهـم الى‬
‫صـراط الجحيـم ‪ o‬وقفوهـم انــهم مسـئولون الصـافات ‪ 23 :‬و ‪ 24‬غا ية ال مر أن هذه‬
‫السألة ومسألة اليزان ليستا من السائل القطعية لعدم ورود القاطع فيهما وإنا ها من السائل الظنية‪،‬‬
‫فل يب اعتقاد شيء منـها ول يطئ القائل فيهما برأيه وال أعلم‪.‬‬

‫وعلى هذا فيكون تفسي قوله تعال‪ :‬فاهدوهم إل صراط الحيم عندهم أي‪ :‬قودوهم إل طريق جهنم‪ ،‬ومن شاء الزيد‬
‫حول تفسـي الباضيـة وتليلهـم للحاديـث الواردة فـ هذا الشأن فعليـه بكتاب "معال الديـن" للعلمـة الثمينـ (‪2/189‬و‬
‫‪.)190‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪166‬‬


‫الفصــل الثالــــث‬
‫فـــي الشفاعـــــــة‬
‫مــن الـــورى‬ ‫(‪()182‬شفاعـــــــة الرســــول للتقــي‬
‫وليـس للشـــــــقي)‬
‫الشفا عة حق واليان ب ـها ب عد قيام ال جة وا جب‪ ،‬ووقوع ها ف الح شر ق بل دخول أ حد الفريق ي‬
‫مسكنـه‪ ،‬وهي مزونة حت يأتيها رسول ال فيكون أول من تعل له ث للنبـياء من بعده‪ ،‬وهي‬
‫القام الحمود الذي وعده ال تعال بـه على معن ما ورد وثبوتـها للمؤمن ل لغيه من أهل الكبائر‬
‫لقوله تعال‪ :‬ول يشفعون إل لمـن ارتضـى النبــياء ‪ 28 :‬وقوله‪ :‬مـا للظالميـن‬
‫مــن حميــم ول شفيــع يطاع غافــر ‪ 18 :‬ولقوله ‪» :‬ل تنال شفاعتـ أهـل الكبائر مـن‬
‫أمت«(‪ )230‬وقوله‪» :‬ليست الشفاعة لهل الكبائر من أمت«(‪.)231‬‬

‫‪ )(230‬ل أجده ب ـهذا الل فظ ول كن جاء ف "م سند" المام الرب ـيع الفراهيدي بر قم [‪ ]1002‬بل فظ‪» :‬ل تنال شفاع ت‬
‫سلطانا غشوما للناس ورجل ل يراقب ال ف اليتيم« وبرقم [‪ ]1003‬بلفظ‪» :‬ل تنال شفاعت الغال ف الدين ول الاف‬
‫عنـه« وكل الوضعي من مراسيل المام جابر رحه ال تعال‪.‬‬
‫غي أن له شاهد صحيح يتقوى بـه بلفظ‪» :‬رجلن من أمت لتنالما شفاعت؛ سلطان ظلوم غشوم‪ ،‬وآخر غال ف الدين‬
‫مارق منـه« والديث جاء من طريق معقل بن يسار رواه ابن أبـي عاصم ف "سنتـه" [‪ 1/20‬و ‪ 23‬برقم ‪ 35‬و‬
‫‪ ]41‬والرويان ف "مسند الصحابة" [‪ 2/223‬برقم ‪ 1303‬دار الكتب العلمية] والطبان ف "الكبـي" [‪ 20/214‬برقم‬
‫‪ 495‬و ‪ .]496‬وقال اليث مي ـ عن روا ية مع قل ع ند ال طبان ـ ف "م مع الزوائد" (‪ 5/424‬دار الف كر)‪" :‬رواه‬
‫الطبان باسنادين ف أحدها؛ منيع قال ابن عدي‪ :‬له أفراد وأرجوا أنـه ل بأس بـه‪ .‬وبقية رجال الول ثقات‪ ".‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وجاء من طريق أبـي أمامة أخرجه الرويان ف "مسند الصحابة" [‪ 2/183‬برقم ‪ ]1186‬والطبان ف "الكبـي" [‬
‫‪ 8/281‬بر قم ‪ ]8079‬وعن ـها يقول اليث مي ف "مم عه" (‪" :)5/424‬رواه ال طبان ف "الكب ـي" و"الو سط" ورجال‬
‫"الكبـي" ثقات‪ ".‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫فهذه الرواية تعكر على استدلل من يثبت الشفاعة لهل الكبائر مطلقا!! دون تقييدها بالتوبة!!!!!‪.‬‬
‫‪ )(231‬رواه المام الرب ـيع الفراهيدي ف "م سنده" بر قم [‪ ]1004‬من مرا سيل المام جابر رح ه ال تعال وقال عقب ـه‪:‬‬
‫"يلف جابر عند ذلك ما لهل الكبائر شفاعة لن ال قد أوعد أهل الكبائر النار ف كتابـه‪ ،‬وإن جاء الديث عن أنس بن‬
‫مالك‪( :‬أن الشفاعة لهل الكبائر) فوال ما عن القتل والزن والسحر وما أوعد ال عليه النار وذكر أن أنس بن مالك يقول‪:‬‬
‫إنكم لتعملون أعمال هي أدق ف أعينكم من الشّعر ما كنا نعدها على عهد رسول ال إل من الكبائر‪ ".‬ا‪.‬هـ‬
‫ـ البخاري فـ " صحيحه" برقـم [‪ ]6492‬قال‪[ :‬حدث نا‬ ‫(تنب ـيه)‪ :‬عبارة الصـحابـي الليـل أ نس بـن مالك أخرجه ا‬
‫أبوالوليد حدثنا مهدي عن غيلن عن أنس قال‪" :‬إنكم لتعملون أعمال هي أدق ف أعينكم من الشّعر إن كنا لنعدها على‬
‫عهـد النبــي الوبقات" قال أبوعبدال ــ البخاري ــ‪ :‬يعنـ بذلك الهلكات‪ ].‬قال ابـن حجـر فـ "فتـح الباري" (‬
‫‪ 11/400‬دار الكتب العلمية)‪" :‬ووقع للساعيلي من طريق ابراهيم بن الجاج عن مهدي‪" :‬كنا نعدها ونن مع رسول ال‬
‫من الكبائر"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪167‬‬


‫و ف ال ثر »أن ر سول ال ق عد على ال نب ث قال‪ :‬ال صلة جام عة رح كم ال‪ ،‬ث قال‪ :‬ياعباس عم‬
‫رسول ال ويافاطمة بنت ممد وياآل ممد جيعا‪ ،‬إن والذي نفسي بـيده عند ربـي لطاع مكي‪،‬‬
‫فل تغرن امرئ نف سه يقول‪ :‬أ نا عم ر سول ال ـ ـ‪ .‬أو تقول‪ :‬ب نت م مد‪ .‬أو‪ :‬من آل م مد‪.‬‬
‫اشتروا أنفسكم من ال فإنكم إن ل تفعلوا هلكتم مع من عرفتم هلكه‪ ،‬إن على الوض يوم القيامة‬
‫فارط ـ أي متقدم ـ فَيرِدُ علي أناس من أ صحابـي‪ ،‬ث يأتي ن ر جل قد عرفت ـه من أ صحابـي‬
‫ليحتلقن نقرة رأسه‪ ،‬ث لخذن بجزتـه فأقول‪ :‬أرسلوه إنـه من أصحابـي‪ .‬فيؤخذ بـيدي فكاكا‪:‬‬
‫أر سِل أر سِل فإنـه وال ما مشى من بعدك قدما ولكنـه مشى القهقري ليدخل جهنم‪ .‬فل أستطيع‬
‫شيئا الذر الذر يا آل ممد«(‪ .)232‬وذكر جابر بن زيد ـ رضي ال عنـه ـ أنـه لا نـزلت‬
‫وأنذر عشيرتـك القربـين الشعراء ‪ 214 :‬جعل ر سول ال يف خذ أفخاذ قريش فخذا فخذا‬
‫ح ت أ تى على ب ن ع بد الطلب‪ ،‬فقال‪ » :‬يا ب ن عبدالطلب إن ال أمر ن أن أنذر كم‪ ،‬أل وإ ن ل أغ ن‬
‫عن كم من ال شيئا أل وان أوليائي من كم التقون‪ ،‬أل لعر فن ما جاء الناس غدا بالد ين وجئ تم بالدن يا‬
‫تملونـها على رقابكم‪ ،‬يافاطمة بنت ممد وياصفية عمة ممد اشتريا أنفسكما من ال فإن ل أغن‬
‫عنكما من ال شيئا«(‪ )233‬فإن قيل الؤمنون مستوجبون للجنة بأعمالم فل معن للشفاعة لم‪ ،‬فالواب‬

‫والمام جابربن زيد أعلم بالسنة وأعلم براد أنس بن مالك من روايتـه للحديث الألوف عند البعض حيث نقل عنـه‬
‫مباشرة وكان أحد تلميذه الذين حلوا عنـه العلم فهو أفقه للسنة من غيه لينازع ف هذا إل متعصب‪ .‬وسيأت عند تريج‬
‫رواية "شفاعت لهل الكبائر" ف البـيت رقم (‪ )186‬توجيه حسن لذه القضية‪.‬‬
‫‪ )(232‬ل أجده ب ـهذا التمام وللحد يث شوا هد تعضده من طر يق أب ـي هريرة روا ها المام البخاري ف " صحيحه" [‬
‫‪ 2753‬و ‪ ]4771‬ومسلم [‪ ]206‬وأحد ف "مسنده" [‪ 8622‬و ‪ 8747‬و ‪ 9807‬و ‪ ]10736‬وغيهم‪.‬‬
‫(تنبـيه)‪ :‬أحاديث اختلج بعض الصحابة ـ الذين بدلوا وغيوا ـ عن حوض النبـي وابعادهم عنـه ثابتة عنـه‬
‫انظر مثل "مسند" المام الربـيع رقم [‪ ]43‬والبخاري ف "صحيحه" [‪ 6576‬و ‪ 6582‬و ‪ 6583‬و ‪ 6584‬و ‪6585‬‬
‫و ‪ 6586‬و ‪ 6587‬و ‪ ]6593‬ومسـلم فـ "صـحيحه" [‪ 2297‬و ‪ ]2304‬وعبـد بـن حيـد فـ "مسـنده" [‪1213‬‬
‫‪/‬النت خب] وغي هم‪ .‬و قد أفاض ف تري ها شيخ نا الحدث القنوب ـي ف كتاب ـه ال فذ "المام الرب ـيع بن حب ـيب ‪..‬‬
‫مكانتـه ومسنده" ص(‪ 162‬ـ ‪ 164‬مكتبة الضامري) فلياجعه من أراد‪.‬‬
‫‪ )(233‬الديث بـهذا اللفظ رواه المام الربـيع ف "مسنده" [‪ ]1005‬وهو هناك من مراسيل المام جابر‪ .‬ورواه بنحوه ابن‬
‫جرير الطبي ف "تفسيه" [‪ 9/485‬برقم ‪ /26811‬الكتب العلمية] عن قتادة‪.‬‬
‫وله شواهد من طريق أبـي هريرة عند البخاري [‪ 2753‬و ‪ ]4771‬والنسائي ف "الصغرى" [‪ ]3647‬وف "الكبى"‬
‫[‪ 6473‬و ‪ ]6474‬وابـن حبان [‪ ]6515‬وابـن مندة فـ "اليان" [‪ 933‬و ‪ 934‬و ‪ 935‬و ‪ 936‬و ‪ 937‬و ‪ 938‬و‬
‫‪ 939‬و ‪ 940‬و ‪ 941‬و ‪ 942‬و ‪ 943‬و ‪ ]944‬وأ بو عوا نة ف "م سنده" (‪ 1/94‬ـ ‪ .)95‬و من طر يق ال سيدة عائ شة‬
‫رضي ال عنـها رواه النسائي ف "الصغرى" [‪ ]3648‬وف "الكبى" [‪ ]6475‬وابن مندة ف "اليان" [‪ 945‬و ‪ 946‬و‬
‫‪ 947‬و ‪ .]948‬وغيهم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪168‬‬


‫أن الشفاعة لم هي طلب تنقلهم من الحشر ودخولم النة بسرعة‪ ،‬ويكن أن تكون هي طلب زيادة‬
‫فضل لم وثواب يُعطَوْنـه ونعيم ف النة ورفع درجة فوق ما يستوجبون بأعمالم(‪ ،)234‬اللهم اجعلنا‬
‫من أهل شفاعة نبـيك ‪.‬‬
‫كفــــــر نعيـــم إن‬ ‫(‪()183‬ومن يقــــــل بغير ذا فقد كفر‬
‫تأول ظهـر)‬
‫فذاك شــــــرك أي‬ ‫(‪()184‬وإن يكـن بغـــير ما تــــــأول‬
‫أشر منـزل)‬
‫وسنـــة الرســــــول‬ ‫(‪()185‬لنـه مخالــــــف الكتـــاب‬
‫واللبـاب)‬
‫ول شفيع من‬ ‫(‪()186‬كليس للظـــالم مــــــن حميـم‬
‫لظــــــى الجحيم)‬
‫ومن يقل بغي ما قلنا من أن الشفاعة للمؤمني فخالف وقال بل هي لهل الكبائر متجا با رووه من‬
‫طر يق أ نس‪» :‬أعددت شفاع ت ل هل الكبائر من أم ت«(‪ )235‬وز عم أن أ هل الكبائر يرجون من النار‬

‫‪ )(234‬وجعل النووي شفاعاتـه خسة أقسام وما ذكره الصنف هنا هو النوع الول والامس من أنواع الشفاعة‪ .‬انظر‬
‫"شرح صحيح مسلم" للنووي عند شرح الديث رقم [‪ .]184‬ومثلها ف "نشر البنود على مراقي السعود" للشنقيطي (‪1/5‬‬
‫ـ ‪/ 6‬الكتب العلمية) ومنـه يتضح أنـه ل خلف ف هذين النوعي وفيه الرد على من قال‪ :‬ما فائدة الشفاعة للمؤمني‬
‫الوفي‪ .‬وما شابـهه‪.‬‬
‫ويكن أن يضاف قسم آخر وهو شفاعة النبـي لقبول توبة التائبـي وسيأت الكلم عنـه بعد قليل‪.‬‬
‫‪ )(235‬جاء بلفظ‪» :‬شفاعت لهل الكبائر من أمت« وهو ليس ف "الصحيحي" لكن جاء من طريق أنس بن مالك رواه‬
‫المام أحدـ فـ "مسـنده" [‪ ]13227‬وأبوداود [‪ ]4739‬والاكـم [‪ ]230‬وابـن خزيةـ فـ "توحيده" ص(‪ )271‬وفـ‬
‫اسـنادهم بسـطام بـن حريـث وهـو مهول نـص على ذلك الذهـب فـ "اليزان" (‪ )1/309‬و"الغنـ" (‪ )1/158‬و"ديوان‬
‫الضعفاء" ص(‪ ،)47‬وعنه أيضا الترمذي [‪ ]2435‬والاكم [‪ ]228‬وابن خزية ف "توحيده" ص(‪ )270‬وف سندهم رواية‬
‫معمر عن ثابت البنان وهي ضعيفه ومضطربة نص عليه ابن معي كما ف ترجته من "التهذيب" (‪ 4/126‬الرسالة)‪ ،‬وعنه‬
‫أيضا ابن حبان [‪ ]6434‬وابن خزية ف "توحيده" ص(‪ )271‬وف سندها عمرو بن أب سلمة قال أبو حات‪ :‬ل يتج به‪.‬‬
‫وقال ال ساجي‪ :‬ضع يف‪ .‬وقال العقلي‪ :‬ف حدي ثه و هم‪ .‬وصعفه ابن معي كما ف "اليزان" للذ هب (‪ ،)3/262‬وعنه أيضا‬
‫الاكم ف "الستدرك" [‪ ]229‬وف سنده سعيد بن أب عروبة وقد اختلط ورمي بالتدليس كما ف "اليزان" (‪ )2/152‬وعمر‬
‫بن سعيد البح وهو ليس بالقوي كما ف "الرح والتعديل" لبن أب حات (‪.)6/111‬‬
‫ومن طريق جابر بن عبدال رواه الترمذي [‪ ]2436‬والاكم [‪ ]232‬وف اسنادها ممد بن ثابت البنان وهو ضعيف‬
‫وقال ا بن معيـ‪ :‬ليـس بشيـء ك ما ف "اليزان" (‪ ،)3/495‬وع نه أي ضا الا كم [‪ ]231‬والطيال سي [‪ ]1669‬وغي هم‬
‫وبالملة فأسانيده غي مستقيمة كذا أخبن أحد مشائخنا حفظهم ال‪.‬‬
‫و قد تقدم ن قل قول أ نس بن مالك ‪" :‬إن كم لتعملون أعمال هي أدق ف أعين كم من الشّ عر؛ إن ك نا لنعد ها على ع هد‬
‫النبـي الوبقات ـ وف رواية‪ :‬من الكبائر ـ‪ ".‬كما ف "مسند" الربـيع [‪ ]1004‬و"صحيح" البخاري [‪.]6492‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪169‬‬


‫بشفاعة الرسول لم‪ ،‬فهو كافر كفر نعمة إذا ظهر منـه هذا التأويل الفاسد(‪ ،)236‬فإن ل يظهر منـه‬
‫تأو يل ف هو كا فر ك فر شرك ل ُينَاكَح ول يُوَارَث و هو الراد بقوله‪( :‬أي أ شر من ـزل)‪ ،‬وكان تولد‬
‫هذين الكمي إنا ها لخالفة كتاب ال وسنة رسول ال وقد تقدم ذكرها ومالفة اللباب ـ وهي‬
‫العقول ـ إذ لو كانت الشفاعة لهل الكبائر ما جاز لحد أن يسأل أن يكون من أهل الشفاعة لنـه‬
‫أن ا ي سأل بذلك أن يكون من أ هل الكبائر على زعم هم وكتاب ال نا طق بتكذيب ـهم كقوله‪ :‬مـا‬

‫ومن كلم المام جابر الذي تقدم ف التعليق على البـيت رقم (‪ )182‬يتضح أن أصحاب الكبائر الت هي مثل القتل والزن‬
‫والسرقة وشرب المر وعمل قوم لوط وما شابـهها ليس لم شفاعة‪ ،‬على أن التبصر ف هذا الديث والديث الذي ذكر‬
‫سابقا بلفظ‪» :‬ل تنال شفاعت سلطانا غشوما ‪..‬ال« يتبـي صحة موقف الباضية من قولم بأن الشفاعة ليست لهل‬
‫الكبائر و هم إن ا يعنون ب ـهذا من مات على كب ـيتـه دون تو بة؛ وإل فالتائب من الذ نب ك من ل ذ نب له‪ ،‬ل كن تب قى‬
‫مسألة مهمة وهي هل ستقبل توبتـه أم ل؟‪ .‬والذي يظهر أن الشفاعة تكون أيضا لقبول توبة التائب إذ ل خلف أن ال ل‬
‫يب عليه شيء‪ .‬فمن ذا يقول انـه يب على ال قبول توبة فرد بعينـه!!‪ .‬فيبقى التائب ف مشيئة ال إن شاء قبل توبتـه‬
‫وإن شاء ل يقبلها وهاهنا يكون للشفاعة دور مهما ف ذلك الوقف العظيم وعلى هذا التوجيه يقال‪ :‬شفاعت لهل الكبائر‬
‫من أمت الذين تابوا من كبائرهم‪.‬‬
‫وا بن الق يم يقول ف "الواب الكا ف" ص (‪" :)50‬وكث ي من الهال اعتمدوا على رح ة ال وعفوه وكرمه‪ ،‬فضيعوا أمره‬
‫ونـهيه ونسوا أنـه شديد العقاب‪ ،‬وأنـه ل يرد بأسه عن القوم الجرمي‪ ،‬ومن اعتمد على العفو مع الصرار على الذنب‪،‬‬
‫فهو كالعاند‪ ،‬وقال معروف‪ :‬رجاؤك لرحة من ل تطيعه من الذلن والمق‪ ،‬وقال بعض العلماء‪ :‬من قطع عضوا منك ف‬
‫الدنيا بسرقة ثلثة دراهم ل تأمن أن تكون عقوبتـه ف الخرة على نو هذا‪ .‬وقيل للحسن‪ :‬نراك طويل البكاء فقال‪ :‬أخاف‬
‫أن يطرح ن ف النار ول يبال‪.. .‬ال"‪ .‬ا‪.‬ه ـ وقال ص (‪ )68‬ب عد أن ن قل طائ فة من الروايات تث بت دخول النار للع صاة‬
‫بختلف أشكال م‪" :‬والحاد يث ف هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكر نا‪ ،‬فل ينب غي ل ن ن صح نف سه أن يتعا مى!! عن ـها‪،‬‬
‫ويرسل نفسه ف العاصي ويتعلق بسن الظن ‪..‬ال" وقال ص (‪" :)69‬وربا اتكل بعض الغترين على ما يرى من نعم ال‬
‫عليه ف الدنيا وأنـه يعتن بـه ويظن أن ذلك من مبة ال له وأنـه سيعطيه ف الخرة أفضل من ذلك فهذا من الغرور …‪.‬‬
‫وقال بعض السلف‪ :‬رب مستدرج بنعم ال عليه وهو ل يعلم‪ ،‬ورب مفتون بثناء الناس وهو ل يعلم ورب مغرور بستر ال‬
‫عليه وهو ل يعلم"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫على أن الحاد يث مشت ـهرة ف دخول مرتكب ـي الكبائر ف النار‪ ،‬ول حا جة ه نا ليراد بعض ها إذ ل ينكر ها إل مكابر‬
‫وتبقى مسألة خلود الوحدين أم عدمه وهو نـزاع آخر بـي موز للخروج مستدل ببعض الروايات وبـي منكر له وهو‬
‫الصحيح مستدل بصريح اليات القرآنية وطائفة من الروايات‪.‬‬
‫(تنبـيه)‪ :‬هذا الوقف من الباضية إنا كان للتوفيق بـي دلئل الكتاب والسنة لورود اليات الناصة على لزوم التوبة وأن‬
‫غي التائب ل يتقبل ال منـه إنا يتقبل ال من التقي (الائدة ‪ )27 :‬ومرتكب الكبـية ـ غي التائب ـ ليس متق‬
‫ـ ورد فـ التوبـة نوـ قوله تعال‪ :‬فخلف مـن بعدهـم خلف أضاعوا الصـلة واتبعوا الشهوات‬
‫بل شـك‪ ،‬أضـف إل هذا م ا‬
‫فسوف يلقون غيا ‪ o‬إل من تاب وآمن وعمل صالا فأولئك يدخلون النة ول يظلمون شيئا (مري ‪ )60 :‬وقوله تعال‪:‬‬
‫(طه ‪ )82 :‬وقوله عز شأنـه ف وصف الؤمني‪ :‬والذين ل يدعون‬ ‫وإن لغفار لن تاب وآمن وعمل صالا ث اهتدى‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪170‬‬


‫للظالمين من حميم ول شفيع يطاع غافر ‪. 18 :‬‬
‫الفصـــل الرابــــع‬
‫في خلـود أهـل الجنـــة والنـار‬
‫في النـار دائمــــــا‬ ‫(‪()187‬ومن عصى ولم يتــــــب يخلـــد‬
‫بـهـــذا نشهـد)‬

‫مع ال إل ا آ خر ول يقتلون الن فس ال ت حرم ال إل بال ق ول يزنون و من يف عل ذلك يلق أثا ما ‪ o‬يضا عف له العذاب يوم‬
‫القيامة ويلد فيه مهانا ‪ o‬إل من تاب وآمن وعمل عمل صالا فأولئك يبدل ال سيئاتـهم حسنات وكان ال غفورا رحيما‬
‫(الفرقان ‪ )70 :‬وقوله سبحانـه‪ :‬فأما من تاب وآمن وعمل صالا فعسى أن يكون من الفلحي (القصص ‪)67 :‬‬
‫والشاهد ف هذه اليات أن مرتكب الكبـية ل يغفر له بل توبة وشفاعة النبـي له لجل الغفرة له فيكون هذا معارضا‬
‫ليات الكتاب العزيز التقدمة فتكون هذه الدللة مانبة للصواب وتعي أن الشفاعة ل تكون إل لن سلفت منـه التوبة من‬
‫ذنوبـه الت قارفها وفائدتـها التماس القبول من ال تعال‪ .‬أما من يتفلسف بل حجة زاعما أن هذه اليات واردة ف حق‬
‫الشركي مستشهدا بقوله‪ :‬إل من آمن فهذا ينبغي أن يؤخذ ب ـيده أو عين ـه لينظر ويتبصر ف قوله‪ :‬وع مل عمل‬
‫صالا أم هل سيقال إن مرتكب الكبـية صاحب عمل صال!! وما عسى أن يقول ف قوله‪ :‬ول يزنون وقوله‪:‬‬
‫ول يقتلون النفس أم ستلغى دللة الكتاب لجئ أحاديث الجال فيها رحب لتأويلها والمع بـينـها وبـي مثل قوله‬
‫تعال‪ :‬ول يشفعون إل ل ن ارت ضى (النب ـياء ‪ )28 :‬فهذا كأن ـه يقول والعياذ بال‪ :‬ل يارب من يق تل ويز ن سوف‬
‫يشفع فيه النبـي وستغفر له وتدخله النة!!!‪ .‬ث ما يثي الدهشة ف هؤلء رمي مالفيهم بأنـهم أهل أهواء و هذا من‬
‫العجب فكيف يكون الوى ف هذا البدأ الذي انتـهجه الباضية لقطع علئق الفساد وردع من يتـهاون برمات ال أليس‬
‫العاقل يقول إن الوى ف التماس اليل والخارج لكل زنديق ل يعرف من السلم إل الشهادتي ث عاش عمره ل يأت من‬
‫أوامر ال شيئا مقارفا لكبائر الذنوب على اختلفها يصبح يعاقر المر ويبـيت ف أحضان العاهرات على أمل موهوم يتخيل‬
‫أن يشفع له النبـي يوم القيامة‪ .‬ويستشهد بأحاديث مهلهلة كحديث البطاقة!!!‪.‬‬
‫لكن "الاهل من أتبع نفسه هواها وتن على ال المان" ولو كان الال كما يقول مالفو الباضية فارتكاب الكبائر ليس‬
‫بذموم! وكيف يكون ذلك والنبـي سينصب نفسه للدفاع عنـه يوم القيامة؟!! ويكون واسطة له مع ربـه اللهم هذا‬
‫بـهتان عظيم‪ ،‬بل هذا مدخل لترويج العاصي دون أن يشعر القائل بـهذا البدأ‪ ،‬وليتأمل النصف قوله تعال‪ :‬وإذا جاءك‬
‫الذ ين يؤمنون بآيات نا ف قل سلم علي كم ك تب رب كم على نف سه الرح ة أن ـه من ع مل من كم سؤا بهالة ث تاب من بعده‬
‫وأصلح فأنـه غفور رحيم ‪ o‬وكذلك نف صل اليات ولت ستبـي سبـيل الجرمي (النعام ‪ )55 :‬وخلصة الكلم أن‬
‫قوله ‪» :‬شفاع ت ل هل الكبائر من أم ت« إن ث بت ي مل على الذ ين تابوا من كبائر هم ل على من مات م صرّا!! على‬
‫مقارفة حرمات ال‪.‬‬
‫‪ )(236‬وقد قال بقريب من رأي الباضية ف هذه السألة الداعية الراحل ممد الغزال ف كتابـه "عقيدة السلم" وإليك بعض‬
‫نصوصه المتعة‪:‬‬
‫يقول ص (‪" :)228‬يل غط عوام ال سلمي بأحاد يث واردة ف شفا عة النب ـي لب عض الع صاة‪ .‬وَتعَلّق أولئك بأحاد يث‬
‫الشفاعة يُخيّل إليك أن قواني الزاء بطلت‪ ،‬وأن نيان الحيم توشك أن تتحول بردا وسلما على عصاة الؤمني‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪171‬‬


‫افترقت المة ف أهل النة والنار على أربع فرق‪ ،‬فذهبت فرقة إل أن من مات على طاعة الرحن فهو‬
‫ملد ف دار الرضوان‪ ،‬ومن مات على عصيان رب ـه مصرا على ذنب ـه ف هو ملد ف النار‪ ،‬ل فرق ف‬
‫ذلك ب ـي أ حد من الفجار كان من أ هل الشرك أو الف ساق(‪ )237‬وهذه الفر قة هي الح قة و من قال‬
‫بلف ها ف هو هالك‪ ،‬فالراد بالع صيان ف قول النا ظم‪( :‬و من ع صى) إن ا هو اتيان الكب ـية وال صرار‬
‫على الصغية لا سيأت أن الصغائر مغفورة عند اجتناب الكبائر‪.‬‬
‫وذهبت فرقة ال ان أهل النة وأهل النار زائلون والداران فانيتان بعد دخول أهلهما فيهما‪ ،‬وسيأت الرد‬
‫على هذه الفرقة عند ذكر الناظم لا إن شاء ال‪ .‬وذهبت فرقة ال تليد أهل النة ف النة وعدم تليد‬
‫أ هل النار ف النار مشر كا كان أو مناف قا ـ و سيأت الرد على هذه الفر قة أي ضا ـ‪ .‬وذه بت فر قة ال‬

‫وكثيا ما يفرط هؤلء الهال ف الفروض‪ ،‬ويقعون ف أوخم الذنوب ث يقولون‪ :‬أمة ممد بي!‪ .‬وهذا مسلك ساقط‪ .‬وممد‬
‫أول من يستنكره ويارب أصحابـه‪ ،‬وينذرهم بأنـهم أصحاب الحيم‪ .‬فأما أن الزاء حق‪ ،‬وأنـه يتناول الذرة من‬
‫الي والشر‪ ،‬وأنـه يع مّ الناس فذلك صريح القرآن‪ :‬فمن يعمل مثقال ذرة خيا يره ‪ ،‬ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ‪.‬‬
‫والقول بأن قوان ي الزاء تو قف بالن سبة لتباع نب ـي ما سخف فارغ‪ ،‬و قد كذّب القرآن الكر ي ف موا ضع ش ت مزا عم‬
‫الولي والخرين لّا جحت بـهم أمانيهم إل هذا الوهم الباطل‪ .".‬ويقول ص (‪" :)231‬والظاهر أن الشفاعة الت يرجوها‬
‫النبـي الكري إنا تدرك صنفا من الناس تأرجحت موازين الق والباطل ف أعماله‪ ،‬فهو بـي السقوط والنجاح‪.‬‬
‫ونن ف حياتنا ننظر إل التلمذة الذين يقتربون من النـهاية الصغرى للنجاح نظرة رأفة‪ ،‬ونيل إل منحهم درجة أو درجتي‬
‫جبا لنقصهم‪ .‬أما الذين يبتعدون عن الستوى الدن للنجاح مسافة بعيدة فإننا نكم بسقوطهم فورا‪.‬‬
‫فلعل الشفاعة النسوبة للرسول الكري تنقذ أمثال هؤلء القاربـي للنجاة‪ ،‬وبـهذا يتم المع بـي النصوص‪".‬‬
‫ويقول ص (‪" :)233‬إن أتباع الدين يب أن يعرفوا أن الساب اللي ل يغفل الذرة من الي أو الشر‪ ،‬وأن هذه الدقة تنفي‬
‫كل ت صرف ينطوي على الفو ضى‪ ،‬وك يل الزاء جزا فا‪ .‬و قد ندد القرآن الكر ي باليهود؛ ل ا سرت ب ـينـهم هذه الراء‬
‫الغريبة‪ ،‬حت ظن عامتـهم أن النة حكر لم ولذرياتـهم ـ لمر ما ـ فأقبلوا على ملذات العيش الدن ينتـهبونـها‬
‫ويقولون ـ ف يقي ـ سيغفر لنا!!‪.".‬‬
‫ويقول ص (‪" : )234‬والؤسف أن هذا القطع بـي العمل والزاء رسب ف أوهام العامة‪ ،‬فأساؤوا بـه إل أنفسهم وإل‬
‫دين ـهم‪ ،‬ث إن عوج سلوك الن سوبـي إل الد ين وقلة فقه هم‪ ،‬و سوء ذوق هم‪ ،‬مكّن لللاد ف الرض‪ ،‬ور فع الث قة من‬
‫الديان ومثليها جلة‪.‬‬
‫والعجب للمسلمي يصابون بـهذه اللوثة وهم يقرأون قول ال‪ :‬ليس بأمانيكم ول أمان أهل الكتاب من يعمل سوءا يز‬
‫بـه ‪ ،‬ول يد له من دون ال وليّا ول نصيا [النساء ‪ .".]123 :‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪ )(237‬والباضية قائلون بإنفاذ الوعيد وعدم تلفه وقد تقدم بعض هذا وابن حزم يقول ف كتابـه "الحكام" (م ‪/2‬ج ‪/5‬ص‬
‫‪:)70‬‬
‫"فمن يفسق القائلي بإنفاذ الوعيد فليبدأ بتفسيق ابن عباس‪ ،‬ومن فسّق ابن عباس فهو وال الفاسق حقا‪ ،‬وابن عباس الب ابن‬
‫الب‪ ،‬الفاضل ابن الفاضل رضي ال عنـهما"‪ .‬ا‪.‬هـ فتأمل‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪172‬‬


‫تليد أهل النة والشركي من أهل النار فيهما وزعموا أن أهل الكبائر غي الشركي يرجون من النار‬
‫فيدخلون النة‪ ،‬وال الرد على هذه الفرقة أشار بقوله‪:‬‬
‫ما بـين ذي شرك‬ ‫(‪()188‬وكافــــــــر بنعمـــــة من فَّرقــا‬
‫ومن قد فسقـــــا)‬
‫لدى منــــازل‬ ‫(‪()189‬أعني لدى الخلـــــود والفرق نشا‬
‫العــــــذاب وفشــا)‬
‫أي كافر كفر نعمة ل كفر شرك من قال بأن الشركي ملدون ف النار وما عداهم من الفسقة وأهل‬
‫الكبائر غي ملدين ف النار‪ ،‬كما يُروى عن مالك بن أنس الصبحي(‪ )238‬أن ـه قال‪" :‬من مات على‬
‫كبـية فل يلو من أحد ثلثة أمور‪ :‬إما أن يغفر ال له بعفوه‪ ،‬أو يشفع فيه الرسول‪ ،‬أو يعذب مقدار‬
‫عمله ث يرج فيدخل النة" وف قول الشافعي‪" :‬أنـه يكتب على جباههم (هؤلء جهنميون) فيعيهم‬
‫أ هل ال نة على ذلك‪ ،‬في سألون ال زواله‪ ،‬فيمحوه ال عن ـهم ويبدل م مكان ـه نورا يتلل فيود أ هل‬
‫النـة أن لو عملوا كعملهـم"(‪ .)239‬وهذا رأس الضلل وعيـ الحال بأن جعلوا العاصـي أشرف مـن‬
‫الطائع وجعوا بــي الضداد وكتاب ال ناطـق بلف مـا زعموا قال تعال‪ :‬أفمــن كان‬
‫مؤمنــا كمــن كان فاســقا ل يســتوون الســجدة ‪ 18 :‬وقال تعال‪ :‬أفنجعــل‬
‫المسـلمين كالمجرميـن ‪ o‬مـا لكـم كيـف تحكمون القلم ‪ 35 :‬و ‪ 36‬وقال تعال‪:‬‬
‫أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا‬

‫‪ )(238‬المام أبو عبدال مالك بن أنس بن أبـي عامر بن عمرو بن الارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الارث وهو ذو‬
‫أصبح الصبحي الميي الدن حليف بن تيم من قريش‪ .‬وإليه تنتسب الالكية‪ .‬ولد ونشأ ف الدينة سنة ‪93‬هـ ـ وهي‬
‫السنة الت توف فيها الصحابـي الليل أنس بن مالك والمام جابر بن زيد الزدي ـ من تصانيفه‪" :‬الوطأ ـ ط" وهو‬
‫أشهرها على الطلق وله رسالة ف "الوعظ ـ ط" ورسالة ف "القدر ـ ؟" كتبـها إل ابن وهب‪ .‬ورسالة "الدآب" إل‬
‫الرش يد قال عن ـها الذهب ـي‪" :‬قلت‪ :‬هذه الر سالة موضو عة‪ .‬وقال القا ضي الب ـهري‪ :‬في ها أحاد يث لو سع مالك من‬
‫يدث بـها لدبـه‪ ".‬وله كتاب "السر ـ ؟" من رواية ابن القاسم عنـه‪ ،‬ورسالة إل الليث ف اجاع أهل الدينة‪ .‬وكانت‬
‫وفاتـه ف الدينة سنة ‪179‬هـ‪"( .‬سي أعلم النبلء" للذهبـي ‪ 7/382‬ـ ‪ 437‬ـ "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر‬
‫‪ 10/5‬ـ ‪ 8‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)5/257‬‬
‫‪ )(239‬يبدو أن هذا الكلم منتزع من ب عض الروايات الباطلة ال صنوعة والحاد يث الختر عة الوضو عة و قد مر ب ـي ش يء‬
‫منـها أثناء تريي لحاديث الكتاب وما يشهد ببطلنـها قوله‪" :‬ث يعيهم!! أهل النة"‪ .‬وهذه علة ف الت فضل عن ما‬
‫ف أسانيد تلك الروايات من الضعفاء‪ .‬فأهل النة مبؤن من هذا الوسخ (التعيي) فأن يثبت‪ .‬أضف ال هذا قوله‪" :‬فيود أهل‬
‫ال نة أن لو عملوا! كعمل هم!!" وهذا ع ي الضلل ك ما قال ال صنف وح سبك أن هذا القول م صادم لقوله تعال‪ :‬أفنجعل‬
‫السلمي كالجرمي ما لكم كيف تكمون ‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪173‬‬


‫الصالحات سواء محياهم ومماتـهم ساء ما يحكمون الاث ية ‪ 21 :‬ول درّ ابن‬
‫النضر حيث قال‪:‬‬
‫خروجـك من نـار مؤجّجة ُحطَم‬ ‫كذبت لقد َمّنتْكَ نفسُك ضلــة‬
‫فيصبح من صلى وصام كمن غشم‬ ‫وسكناك مع أهل السعادة ف العلى‬
‫كمن عبد الوثان والبت والصنم‬ ‫ومن أخلص التقوى ال ال راغبا‬
‫فليس الذي أشقى اللهُ كمن عصم‬ ‫لك الويل فارجع عن ضللك تائبا‬
‫وقول النا ظم‪( :‬أع ن لدى اللود‪ ..‬ال) أي لفرق ب ـي الشرك والفا سق النا فق ف اللود بل كل‬
‫منـهم ملد لقوله تبارك وتعال‪ :‬بلى من كسب سيئة وأحاطت بـه خطيئتـه‬
‫فأولئك أصـحاب النار هـم فيهـا خالدون البقرة ‪ 81 :‬ولقوله تعال‪ :‬ومـن يعـص‬
‫الله ورسـوله فإن له نار جهنـم خالديـن فيهـا أبدا النـ ‪ 23 :‬وإن ا الفرق ب ـي‬
‫أهـل النار فـ منازل العذاب‪ ،‬إذ ُكلٌ معذب بقدر عمله فللنار دركات بعضهـا أشـد عذابـا مـن بعـض‬
‫وأكثر نكال من غيها حت رُوي‪» :‬أن من أقل الناس عذابا من يُنعل بنعلي من النار فيفور منـهما‬
‫م ه من أعلى هامت ـه«(‪ )240‬والدل يل على الفرق ب ـينـهم ف أنواع العذاب قوله عزّو جل‪ :‬إن‬
‫المنافقين في الدرك السفل من النار النساء ‪ 145 :‬وقوله‪» : :‬إن من أشد الناس‬
‫عذابـا يوم القيامـة الصـورون«(‪ )241‬فدلت اليـة والديـث معـا على أن أحدا دون هذيـن الفريقيـ فـ‬
‫العذاب‪.‬‬
‫وقـت على النــــــار‬ ‫(‪()190‬كذاك من قـــــال بأنـه يجـي‬
‫بل تأجـج)‬
‫هذا الب ـيت اشارة ال الرد على الفر قة القائلة بعدم تل يد أ هل النار في ها‪ ،‬وذلك أن ـهم زعموا أن ـه‬
‫يأ ت على النار و قت ت صفق أبواب ـها ول يس ب ـها أ حد فين بت في ها ش جر الرج ي‪ ،‬وتشبثوا ف ذلك‬

‫‪ )(240‬جاء بلفظ‪» :‬إن أهون أ هل النار عذابا لر جل توضع ف أخص قدم يه جرة يغلي من ـها دما غه ـ وف روا ية‪ :‬ينتعل‬
‫بنعلي من نار يغلي دماغه من حرارة نعله ـ« وما يقاربـها من طريق النعمان بن بشي رواه البخاري ف "صحيحه" [‬
‫‪ 6561‬و ‪ ]6562‬ومسلم [‪ ]312‬وأح د [‪ 18420‬و ‪ ]18443‬والطيالسي [‪ ]798‬وا بن أب ـي شي بة ف "مصنفه" [‬
‫‪ ]34121‬وأبو نعيم ف "اللية" [‪ ]5935‬والاكم ف "الستدرك" [‪ 8730‬و ‪ 8731‬و ‪ 8732‬و ‪ .]8733‬ومن طريق‬
‫ا بن عباس رواه م سلم [‪ ]212‬وأح د ف "م سنده" [‪ .]2694‬و من طر يق أب ـي سعيد الدري ع ند الا كم [‬
‫‪ ]8734‬وابن أبـي شيبة [‪]34123‬وغيهم‪.‬‬
‫‪ )(241‬جاء من طريق ابن مسعود رواه المام مسلم ف "صحيحه" [‪ ]2109‬وأحد ف "مسنده" [‪ ]4049‬والميدي ف‬
‫"مسنده" [‪ ]117‬والبـيهقي ف "السنن الكبى" [‪ .]14567‬كما جاء من طريق ابن عمر رضي ال عنـهما رواه المام‬
‫أحد ف "مسنده" [‪ ]4791‬والنسائي ف "الصغرى" [‪ ]5364‬وف "الكبى" [‪.]9795‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪174‬‬


‫بديث يروى من طريق ابن عمرو بن العاص‪» :‬ليأتي على جهنم يوم تصفق فيه أبوابـها‪ ،‬ليس فيها‬
‫أحـد وذلك بعدمـا لبثوا فيهـا أحقابـا«(‪ )242‬وبقوله تعال ــ فـ شأن ابليـس ــ‪ :‬وان عليـك‬
‫لعنتي الى يوم الدين ص ‪ 78 :‬قالوا فاللعنة مغياة بذلك اليوم فيفهم منـه أنـه ل لعن بعد‬
‫ذلك اليوم‪ ،‬وإذا ثبتت هذه الرحة لبليس فغي إبليس من سائر العصاة أول بـها وأحق‪..‬‬

‫‪ )(242‬حديث موضوع ‪ ..‬رواه ابن عدي ف "الكامل" (‪ 5/221‬دار الف كر) من طر يق أنس باسناد تالف فيه العلء بن‬
‫ز يد ويقال ا بن زيدل الثق في قال عن ـه البخاري‪" :‬العلء بن زيدل الثق في أ بو م مد ي عد ف الب صريي‪ ،‬عن أ نس‪ ،‬من كر‬
‫الديث" ـ كما ف ترجتـه عند ابن عدي ف "كامله" (‪ )5/220‬ـ‪ .‬وقال عنـه ابن الدين‪ :‬كان يضع الديث‪ .‬وقال‬
‫أ بو حا ت والدارقط ن‪ :‬متروك الد يث‪ .‬وقال ا بن حبان‪ :‬روى عن أ نس ن سخة موضو عة‪ .‬ك ما ف "اليزان" للذهب ـي (‬
‫‪.)3/99‬‬
‫وروى ال طبان ف "الكب ـي" (‪ 8/247‬بر قم ‪ )7969‬عن أب ـي أما مة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪" :‬ليأت ي على‬
‫جه نم يوم كأن ـها زر عٌ هاج واحرّ ت فق أبواب ـها" و هو حد يث موضوع لوروده من طر يق الكذاب جع فر بن الزب ـي‬
‫النفي وإليك ما قيل فيه منقول من "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر (‪ 2/82‬دار الكتب العلمية)‪" :‬قال ابن معي‪ :‬شامي‬
‫ل يكتب حديثه‪ .‬وقال ـ ف رواية الدوري ـ عنـه‪ :‬ليس بثقة‪ .‬وف رواية ابن النيد‪ :‬ليس بشئ‪ .‬وقال أحد بن سعيد‬
‫الدارمي عن يزيد بن هارون‪ :‬كان جعفر بن الزبـي‪ ،‬وعمران بن حدير ف مسجد واحد ـ مصلها ـ وكان الزحام على‬
‫جع فر بن الزب ـي‪ ،‬ول يس ع ند عمران أ حد‪ ،‬وكان شع بة ي ر ب ـهما فيقول‪ :‬يا عج با للناس؛ اجتمعوا على أكذب الناس‪،‬‬
‫وتركوا أصدق الناس ‪ ...‬وقال غندر‪ :‬رأيت شعبة راكبا على حار فقيل له‪ :‬أين تريد يا أبا بسطام؟‪ .‬قال‪ :‬اذهب فأستعدي‬
‫على هذا ـ يعن جعفر بن الزبـي ـ وضع على رسول ال أربعمائة حديث كذبا ‪ ...‬وقال ابن عمار‪ :‬ضعيف‪ .‬وقال‬
‫أحد‪ :‬اضرب على حديث جعفر‪ .‬وقال الوزجان‪ :‬نبذوا حديثه‪ .‬وقال أبوزرعة‪ :‬ليس بشيء‪ ،‬لست أحدث عنـه‪ .‬وأمر أن‬
‫يضرب على حدي ثه‪ .‬وقال أ بو حا ت‪ :‬كان ذا هب الد يث ل أرى أن أحدث عن ـه و هو متروك الد يث‪ .‬وقال البخاري‪:‬‬
‫ليـس بذاك‪ .‬وقال فـ موضـع‪ :‬متروك الديـث تركوه‪ .‬وقال يعقوب بـن سـفيان‪ :‬ضعيـف متروك مهجور‪ .‬وقال النسـائي‬
‫والدارقطن‪ :‬متروك الديث‪ .‬وقال النسائي ف موضع آخر‪ :‬ليس بثقة"‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪175‬‬


‫والجواب عن الديث أنـه آحادي ل يعارض القطعيات فلو صح ل يفد علما(‪ )243‬فل ينبن عليه‬
‫اعتقاد كيف وتأويله متمل؛ بأن يقال انـهم يرجون من النار ال واد هو أشد عذابا منـها يقال له‬
‫الزمهرير يعذبون فيه بالبد‪ ،‬يُروى‪ :‬أنـهم اذا دخلو فيه استغاثوا منـه ال النار‪ .‬وأما الية فل تفيد ما‬
‫ذكروه وعلى تقديـر افادتــها لذلك فإناـ هـو مفهوم مالفـة(‪ )244‬واختلف فـ حجيتــه فـ الظنيات‬
‫فك يف يب ن عل يه اعتقاد بل وك يف يُعارض ب ـه القط عي الوارد ف قوله تعال‪ :‬قال فالحـق‬

‫‪ )(243‬مذهب جهور المة أن الديث الحادي ليس حجة ف العقائد وإنا يستدل بـه ف الفروع الفقهية الت تنبن على الظن‬
‫ك ما يقولون‪ ،‬أ ما ف الوا نب العقائد ية فل ي تج ب ـه لن العقائد ثرة اليق ي ويلزم في ها الق طع بال كم ل التذبذب ف يه‪،‬‬
‫ويكمن السر ف عدم الحتجاج بـه ف العقائد أن خب الواحد ظن وإن كان راويه ثقة عدل ضابطا إذ يتمل أن يطئ أو‬
‫يسهو أو ينسى أو يتوهم وهذا ناشئ من تعذر العصمة لحد خل النبـياء والرسل صلوات ال وسلمه عليهم‪ ،‬ول يلو من‬
‫تلك الفات أ حد غي هم‪ .‬وح سب الن صف أن كثيا من الثقات المناء أخطأوا وتوهوا خلف القي قة من ال صحابة فضل‬
‫عن غي هم من ذلك حد يث‪» :‬إن ال يت ليعذب ببكاء أهله عل يه« الذي رواه ا بن ع مر ر ضي ال عن ـهما فقالت ال سيدة‬
‫عائشة رضي ال عنـها ـ كما ف "صحيح مسلم" [‪ ]932/27‬ـ‪" :‬يغفر ال لبـي عبدالرحن‪ ،‬أما إنـه ل يكذب‪،‬‬
‫ولكنـه نسي أو أخطأ‪ ،‬إنا م ّر رسول ال على يهودية يُبكى عليها فقال‪» :‬إنـهم ليبكون عليها‪ ،‬وإنـها لتعذب ف‬
‫قبها«‪ ".‬بل إن ف بعض الروايات ما يفيد عدم الطمئنان إل خب الواحد فقد جاء عن أبـي هريرة قال‪ » :‬صلى بنا‬
‫صتْ؟‪ .‬فقال النبـي لصحابـه‪:‬‬ ‫النبـي الظهر ـ أو العصر ـ فسلّم‪ ،‬فقال‪ :‬ذو اليدين‪ :‬الصلة يا رسول ال أْنقِ َ‬
‫أ حق ما يقول؟‪ .‬قالوا‪ :‬ن عم‪ ... .‬الد يث«‪ .‬ومن ـه يف هم أن النب ـي ل يك تف ب ب ذي اليد ين و هو أ حد ال صحابة ل‬
‫يطعن فيه أحد‪ ،‬هذا ف مسألة فقهية فرعية كما هو الظاهر فكيف بالسائل الصلية‪ ،‬والديث رواه البخاري ف "صحيحه"‬
‫برقـم [‪ ]1227‬ومسـلم [‪ ]573‬وغيهـم‪ .‬قال أبوالعال الوينـ فـ "البهان" (‪ 1/231‬دار الكتـب العلميـة)‪[ :‬ذهبـت‬
‫الشو ية من النابلة‪ ،‬وكت بة الد يث إل أن خب الوا حد العدل يو جب العلم‪ ،‬وهذا خزي ل ي فى مدر كه على ذي لب‪.‬‬
‫فنقول لؤلء‪ :‬أتوزون أن يز ّل العدل الذي وصـفتموه ويطـئ؟؟‪ .‬فإن قالوا‪ :‬ل‪ .‬كان ذلك بــهتا وهتكـا‪ ،‬وخرقـا لجاب‬
‫اليبة‪ ،‬ول حاجة إل مزيد البـيان فيه‪ .‬والقول القريب فيه أن قد زلّ من الرواة والثبات جع ل يعدون كثرة‪ .‬ولو ل يكن‬
‫الغلط متصورا لا رجع راوٍ عن روايتـه‪ .‬والمر بلف ما تيلوه‪.‬‬
‫فإذا تبـي إمكان الطأ فالقطع بالصدق مع ذلك مال‪ .‬ث هذا ف العدل ف علم ال تعال‪ ،‬ونن ل نقطع بعدالة واحد بل‬
‫ـ عليـه باـ فيـه‬
‫يوز أن يضمـر خلف مـا يظهـر‪ ،‬ول متعلق لمـ إل ظنــهم أن خـب الواحـد يوجـب العمـل‪ ،‬وقـد تكلمن ا‬
‫مقنع‪].‬ا‪.‬هـ وهذا كلم ف غاية الوضوح ومن شاء الزيد حول هذه السألة فدونه كتاب (السيف الاد) للمحدث القنوبـي‬
‫‪ -‬حفظه ال ‪.-‬‬
‫‪ )(244‬مفهوم الخالفـة‪ :‬هـو دللة الكلم على نفـي الكـم الثابـت للمذكور عـن السـكوت‪ ،‬لنتفاء قيـد مـن قيود النطوق‪،‬‬
‫ويسـمى دليـل الطاب؛ لن دليله مـن جنـس الطاب أو لن الطاب دل عليـه‪ .‬وله أنواع كثية منــها‪ :‬مفهوم الصـفة‪،‬‬
‫ومفهوم الشرط‪ ،‬ومفهوم الغاية‪ ،‬ومفهوم العدد‪ ،‬ومفهوم اللقب (السم)‪ ،‬ومفهوم الصر‪.‬‬
‫واختلف ف حجيت ـه ـ ف الفروع طب عا ـ على رأي ي الول للجمهور وقالوا بجيت ـه عدا مفهوم الل قب‪ ،‬و هل هذه‬
‫الجية أتت من اللغة أو من الشرع الصحيح أنـه حجة عندهم من حيث اللغة كما قال ابن السمعان‪ ،‬وقال الفخر الرازي‪:‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪176‬‬


‫ص ‪ 84 :‬و‬ ‫والحق أقول ‪ o‬لملن جهنم منك وممن تبعك منـهم أجمعين‬
‫‪ 85‬والقطعي الوارد ف قوله تعال‪ :‬بلى من كسب سيئة وأحاطت بـه خطيئتـه‬
‫فأولئك أصـحاب النار هـم فيهـا خالدون البقرة ‪ 81 :‬ف أمثال ا من اليات العديدة ال ت‬
‫نبذو ها وراء ظهور هم وا ستبدلوا عن ـها هوى أنف سهم فضلوا وأضلوا فحكم هم أن ـهم كفار نع مة‬
‫لِـما تقدم من تأويلهم‪ ،‬كذا قيل فيهم وعليه مشيت ف النظم ث ظهر ل بعد ذلك أنـهم مشركون‬
‫(‪)245‬وأن ذلك التأويل ليس بستر لم عن الكفر‪ ،‬فهم ف حكم الكذبـي لذه اليات كلها وال أعلم‪.‬‬
‫فيهــا سعيــــــد‬ ‫(‪()191‬وهكذا من قـــــال كـل يدخـل‬
‫وشقي مبطـل)‬
‫زع مت الرجئة أن كل أ حد يد خل النار سعيدا كان أو شق يا وقالوا ُيَنجّ ى من ـها ال سعيد ويترك في ها‬
‫الشقي‪ ،‬وتعلقوا ف ذلك بقوله تعال‪ :‬وإن منكم إل واردها كان على ربك حتما‬
‫مقضيا ‪ o‬ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا مر ي ‪ 71 :‬و ‪ 72‬ول‬
‫تعلق ل م ف هذه اليـة لن الطاب في ها للمتقدم ذكر هم َورَدَ على سبـيل اللتفات من الغيبـة ال‬
‫الضور‪ ،‬وذلك أن ـه قدّم ذ كر النكر ين للب عث فقال‪ :‬ويقول النسـان أإذا مـا مـت‬
‫لسوف أخرج حي َّا ‪ o‬أوَ ل يذكر النسان أنا خلقناه من قبل ولم يك‬
‫شيئا ‪ o‬فوربـك لنحشرنــهم والشياطيـن ثـم لنحضرنــهم حول جهنـم‬
‫جثيا ‪ o‬ثم لننـزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ‪ o‬ثم‬
‫لنحـن أعلم بالذيـن هـم أولى بــها صـليا مريـ ‪ 66 :‬إل ‪ 70‬فهذه اليات كل ها خطاب‬
‫لنكري البعث وكذلك آية الورود‪ ،‬فهي كما بـيناه من أنـها خطاب لم َورَد على سبـيل اللتفات‬
‫ومثل هذا كثي ف القرآن منـها قوله تعال ـ ف خطابـه لبن اسرائيل ـ‪ :‬وظللنا عليهم‬
‫الغمام وأنـزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم‬
‫العراف ‪ 160 :‬و من و جه آ خر أن الورود يت صرف فيد بع ن الدخول تارة كقوله تعال‪ :‬فإنكـم‬
‫وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون النبـياء ‪ 98 :‬وبعن‬
‫ن القصـص ‪ 23 :‬وقول‬ ‫المشارفـة للشيـء أخرى كقوله تعال‪ :‬ولمـا وََرد َ َ‬
‫ماءَ مدْي َـ َ‬
‫زهي‪:‬‬

‫ل يدل على النفي بسب اللغة‪ ،‬لكنـه يدل عليه بسب العرف العام‪.‬‬
‫وذهب النفية إل القول بعدم حجية العمل بفهوم الخالفة ف النصوص الشرعية ول يوز العمل بـه‪ .‬بلف كلم الناس‬
‫ومصطلحهم‪ .‬راجع "أصول الفقه السلمي" د‪.‬وهبة الزحيلي (‪ 1/362‬و ‪ 367‬دار الفكر)‪.‬‬
‫‪ )(245‬لعله يقصد هنا الباطنية‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪177‬‬


‫وضعن عصي الاضر التخيم‬ ‫ولا وردنا الاء زرقا جامه‬
‫وقول امـرئ القيس‪:‬‬
‫ياذرن عمرا صاحب الفترات‬ ‫فأوردها ماء قليل أنيسـه‬
‫فبطل حل الية على الوجه الول أن لو وافقناهم أن الطاب ف الية للمؤمني والكافرين جيعا من‬
‫حيـث أنــه يلزمهـم القول بدخول النبـــياء النار مـع الؤمنيـ فيكون كتاب ال ناطقـا‬
‫بتكذيب ـهم ف [قوله تعال‪ :‬أولئك عنــها مبعدون ‪ o‬ل يسمعون حسيسها ]‬
‫(‪ )246‬النبــياء ‪ 101 :‬و ‪ 102‬وقوله تعال‪ :‬يوم نحشــر المتقيــن الى الرحمــن وفدا ‪o‬‬
‫ونسوق المجرمين الى جهنم ِوْردَا مر ي ‪ 85 :‬و ‪ ، 86‬وقوله تعال‪ :‬يوم ل يخزي‬
‫الله النبـي والذين آمنوا معه التحر ي ‪ 8 :‬وذكر ف آية أخرى قوله‪ :‬ربنا إنك من‬
‫تدخـل النار فقـد أخزيتــه آل عمران ‪ 192 :‬فيلزم هم على مقالت ـهم هذه تنا قض هات ي اليت ي‬
‫وكلها خب ل يأت النسخ على أحدها‪ ،‬ولكنا ل نُسَلّم أن الطاب ف الية للمؤمني والكافرين بل ل‬
‫نقول إل أن ـه متو جه للكافر ين فالورود عند نا هو الدخول نف سه على هذا التأو يل‪ ،‬فإن ق يل‪ :‬أ ما ف‬
‫قوله تعال‪ :‬ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا مري ‪ 72 :‬دليل على‬
‫جي ل يس ف يه دل يل على دخول م النار لن التنج ية‬ ‫ما تعل قت ب ـه الرجئة‪ .‬فالواب أن قوله نُن َـ ِّ‬
‫تكون من الش يء الخوف التر قب وقو عه كقولك‪ :‬ن يت زيدا من الق تل‪ ،‬فإن زيدا ل يق تل ب عد وإن ا‬
‫قارب ذلك المر الذي يترقب وقوعه‪ ،‬وللمثبتي للورود لميع المة أقاويل نضرب صفحا عن ذكرها‬
‫مافة التطويل‪ ،‬وبالملة فحكمهم حكم من قبلهم من أنـهم كفار نعمة ل شرك مال يظهر منـهم‬
‫رَ ّد لتن ـزيل فيح كم علي هم بالشرك‪ ،‬هذا كله إذا قالوا إن الداخل ي ف النار هم الؤمنون والفا سقون‬
‫جيعا(‪.)247‬‬
‫أو أهلهـا‬ ‫(‪()192‬ومن يقل دار الخلــود فانيـــــة‬
‫فـفاســــــق علنيـة)‬
‫هذا بـيان الرد على الفرقة القائلة بفناء النة والنار بعد دخول كل فيها وهم الهمية على ما وجدت‬
‫ف الثر‪ ،‬والرد عليهم ظاهر من الكتاب وشاهد العقل قال تبارك وتعال‪ :‬وقالوا لن تمسنا‬
‫النار إل أيامــا معدودة قــل أتخذتــم عنــد الله عهدا فلن يُخلف الله‬
‫عهده أم تقولون على الله مــا ل تعلمون ‪ o‬بلى مــن كســب ســيئة‬
‫وأحاطت بـه خطيئتـه فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون البقرة ‪ 80 :‬و‬

‫‪ )(246‬ساقطة من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(247‬فلو قالوا بدخول النبـياء خيف عليهم الوقوع ف كفر الشرك والعياذ بال‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪178‬‬


‫‪ 81‬وقال تعال‪ :‬ومـن يعـص الله ورسـوله فإن له نار جهنـم خالديـن فيهـا‬
‫أبدا الن ‪ 23 :‬وقال تعال ـ ف وصف أهل النة ـ‪ :‬عطاء غير مجذوذ هود ‪ 108 :‬أي غي‬
‫مقطوع‪ ،‬ف أمثالا من اليات‪.‬‬
‫وشاهد العقل يقضي أن الكري إذا أنعم بنعمة قد وعد بعدم انقطاعها انـه لو قطعها لكان غي كري‪،‬‬
‫بل كان سفيها كذّابا من حيث أنـه يعد بالشيء فل ينجز وعده وهو قادر عليه‪ ،‬ولو قيل إنـه غي‬
‫قادر للزم عليه عجز الباري جل وعل وهو باطل‪ ،‬وبالملة فهم متأولون فحكمهم حكم من قبلهم من‬
‫الفرق من ح يث أن ـهم كفار نع مة ل شرك ما ل يظ هر من ـهم َردّ لتن ـزيل أو تكذ يب لر سول‬
‫فيُحكم عليهم بالشرك كذا قيل وعليه جريت ف النظم والظاهر أن هؤلء مشركون لا ف مقالتـهم‬
‫هذه من رد الدلة القطع ية من اليات القرآن ية‪ ،‬و ما ت يل ل م من التأو يل هي خيالت ل تد فع‬
‫عن ـهم هذا ال كم إذ ل ت كن هنالك شب ـهة يتم سكون ب ـها فيعطون ح كم التأول ي‪ ،‬وليـس‬
‫كل من آثر هواه على دليل هداه يعطى حكم المتأولين والله أعلم‪.‬‬
‫والشـــــرك في الرد‬ ‫(‪()193‬هذا إذا ما كـان بالتأويــــــل‬
‫على التنـزيل)‬
‫الشارة كنايـة عـن الحكام التقدم ذكرهـا فـ أرباب القالت الزائغـة وأهـل الطرق الضالة‪ ،‬أي فهذا‬
‫حكم هم إذا كا نت مقالت ـهم ناشئة عن تأو يل للدلة الشرع ية فإن التأول إذا أخ طأ ف تأويله ب ا ل‬
‫ي سعه ال طأ ف يه من الد ين يكون كافرا ك فر نع مة وفا سقا هال كا ول ي كم عل يه بالشرك ح ت يظ هر‬
‫من ـه ردّ لتن ـزيل أو تكذ يب لر سول‪ ،‬فإن ظ هر من ـه ش يء من ذلك ح كم عل يه بالشرك إجا عا‪،‬‬
‫شرّكَهُ قوم ول يشرّكه آخرون‬
‫واختلفوا ف التأول إذا استلزم مذهبـه رد الكتاب أو تكذيب الرسول فَ َ‬
‫وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪179‬‬


‫البـــاب الخامـــس‬
‫ـ مـن الركـن الثـاني ـ‬
‫فــي القضـاء والقــــدر‬
‫ولـــــم يجــــز‬ ‫(‪()194‬وبالقضـــــا نؤمن أيضا والقـــدر‬
‫اغراقنــا فيه النظر)‬
‫وما يب اليان بـه قضاء ال وقدره لن ـهما أصلن من أصول الدين وركنان من اليان‪ ،‬قال‬
‫لعبادة بن الصامت‪» :‬إنك لن تد ولن تبلغ حقيقة اليان حت تؤمن بالقدر خيه وشره أنـه من ال‬
‫تعال‪ .‬قال‪ :‬يـا رسـول ال وكيـف ل أن أعلم خيـ القدر وشره؟‪ .‬قال‪ :‬تعلم أن مـا أصـابك ل يكـن‬
‫ليخطئك و ما أخطأك ل ي كن لي صيبك‪ ،‬فإن مت على غ ي ذلك دخلت النار«(‪ ،)248‬و سئل ر سول ال‬
‫عن اليان فقال‪» :‬أن تؤ من بال وملئكت ـه وكتب ـه ولقائه واليوم ال خر وأن تؤ من بالقدر خيه‬
‫وشره أنـه من ال تعال«(‪.)249‬‬
‫والفرق ب ـينـهما أن القضاء عبارة عن وجود الكونات ف اللوح إجال‪ ،‬والقدر عبارة عن وجود ها‬
‫ف الواد تف صيل قال تعال‪ :‬وإن مـن شيـء إل عندنـا خزائنــه ومـا ننــزله إل‬
‫بقدر معلوم ال جر ‪ 21 :‬وعليه قوله ـ وقد مر تت جدار مائل فأسرع الشي فقيل‪ :‬يارسول‬
‫ال أت فر من قضاء ال؟ فقال ـ‪» :‬أ فر من قضاء ال إل قدره«(‪ )250‬هذا ف العرف الشر عي‪ ،‬وأ ما ف‬
‫الل غة فيت صرف كل من ـهما ال أو جه؛ فَي ِردُ القضاء بع ن الخلق و هو الراد ه نا ق بل الن قل كقوله‬
‫حكم كقوله‬‫تعال‪ :‬فقضاهن سبع سماوات في يومين فصلت ‪ ، 12 :‬وَيرِد بعن ال ُ‬
‫تعال‪ :‬إن ربـك يقضـي بــينـهم يوم القيامـة يو نس ‪ ، 93 :‬وَيرِد بع ن المـر كقوله‬

‫‪ )(248‬الديث رواه المام الربـيع الفراهيدي ف "مسنده" [‪ ]72‬من طريق عبادة بن الصامت ‪.‬‬
‫وجاء موقو فا من كلم عبادة رواه أبوداود ف " سننـه" بر قم [‪ ]4700‬والب ـيهقي ف "العتقاد" ص(‪/ 70‬الك تب‬
‫العلمية)‪ .‬وفيه ص(‪ )78‬موقوف على أبـي بن كعب وذكر هناك أن زيد بن ثابت رفعه‪ .‬والصحيح رفعه حيث ل يتأتى‬
‫أن يكون من كلم الصحابة‪.‬‬
‫‪ )(249‬جاء من طريق أبـي هريرة رواه البخاري ف "صحيحه" [‪ ]50‬وابن خزية ف "صحيحه" [‪ ]2244‬وابن مندة ف‬
‫"اليان" [‪ 15‬و ‪ .]158‬وجاء من طريق عمر بن الطاب رواه المام أحد [‪ ]185‬والنسائي ف "الكبى" [‪]11721‬‬
‫وا بن حبان [‪ ]168‬والب ـيهقي ف "ش عب اليان" [‪ 124‬و ‪ 180‬و ‪ .]254‬وجاء من طر يق ابن ـه ر ضي ال عن ـهما‬
‫رواه ابن مندة [‪ ]5‬والبـيهقي ف "العتقاد" ص(‪.)68‬‬
‫‪ )(250‬ل أع ثر على هذه الروا ية ‪ ..‬والشهور أن القائل لذا ع مر بن الطاب ح ي أراد الرجوع من م سيه ال بلد الشام‬
‫عندما علم بظهور الوباء فيها‪ ،‬فقال له أبوعبـيدة ‪ :‬أفرارا من قدر ال يا عمر؟!‪ .‬فقال عمر‪ :‬لو غيك قالا يا أبا عبـيدة!‬
‫نعم نفر من قدر ال إل قدر ال ‪..‬ال‪ .‬ورواية ما حصل لعمر صحيحة ثابتة أخرجها المام الربـيع ف "مسنده" برقم [‬
‫‪.]641‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪180‬‬


‫تعال‪ :‬وقضــى ربــك أن ل تعبدوا إل إياه السـراء ‪ ، 23 :‬وَيرِد بعنـ الخــبر كقوله‬
‫تعال‪ :‬وقضينـا الى بنـي اسـرائيل فـي الكتاب السـراء ‪ ، 4 :‬وبع ن الفراغ من‬
‫الشيء كقوله تعال‪ :‬فإذا قضيت الصلة المعة ‪ 10 :‬وقول الشاعر‪:‬‬
‫وخيب ث أغمدت السيوف‬ ‫قضينا من تـهامة كل ريب‬
‫وبع ن الصـنع للش يء كقوله تعال‪ :‬فاقـض مـا أنـت قاض طـه ‪ 72 :‬أي ا صنع ما أ نت‬
‫صانع‪ ،‬وقول الشاعر‪:‬‬
‫داود أو صنع السوابغ ُتبّع‬ ‫وعليهما مسرودتان قضاها‬
‫فتلك ستة معان وقد جعتـها بقول‪:‬‬
‫صنْـعُ‬ ‫وإ ْخبَارٌ وإ ْفرَاغٌ و ُ‬ ‫َقضَا؛ َخ ْلقٌ َوحُكْمٌ ثُمّ َأمْـرٌ‬
‫ق ويُمثّ ل له بقوله تعال‪ :‬والذي قدر‬ ‫خل َـ َ‬
‫وأ ما القدر فيد على معان أي ضا من ـها أن ـه بع ن َ‬
‫فهدى العلى ‪ 3 :‬أي خلق الن سان فهدى الذ كر ال إتيان الن ثى وهذا الو جه هو الق صود ه نا ق بل‬
‫النّ قل‪ ،‬فالقضاء والقدر ف هذا الو ضع مترادفان ل غة ل عر فا ك ما تقدم‪ ،‬ومن ـها التقديـر كقوله‬
‫تعال‪ :‬وأنـــــزلنا مــــن الســــماء ماء بقدر الؤمنون ‪ 18 :‬أي بتقديــر‪ ،‬ومنـــها‬
‫التصـويركقوله تعال‪ :‬فقدرنـا فنعـم القادرون الرسـلت ‪ 23 :‬أي ال صورون‪ ،‬ومنــها‬
‫جود كقوله تعال‪ :‬إل أمرأتـــه قدرنــا انـــها لمــن الغابريــن الجـر ‪ 60 :‬أي‬ ‫الو ُ‬
‫وجدناها من الالكي وهذا التفسي إنا يصح ف سورة الجر خاصة لنـه من خطاب اللئكة ـ‬
‫علي هم ال سلم ـ لل يل الرح ن ـ عل يه ال سلم ـ وأ ما ف سورة الن مل ف هو بع ن [القضاء لن ـه‬
‫(‪)251‬‬
‫القضاء كال ية الشار الي ها وكقوله تعال‪ :‬فالتقـى‬ ‫خطاب من ال عزو جل‪ ،‬ومن ـها]‬
‫الماء على أمـر قـد قُدِر الق مر ‪ 12 :‬أي ق ضي‪ ،‬ومن ـها التضييـق كقوله تعال‪ :‬وأمـا‬
‫مث ْـل كقوله تعال‪:‬‬‫إذا مـا ابتله فَقَدََر عليـه رزقـه الفجـر ‪ 16 :‬أي ضيّ قه‪ ،‬ومن ـها ال ِ‬
‫فسالت أودية بِقَدَرِهَا الرعد ‪ 17 :‬أي بِـ ِمثْلِهَا فتلك سبعة أوجه وقد جعتـها أيضا فقلت‪:‬‬
‫حواها وهي‪َ :‬خ ْلقٌ ثَمّ يلو‬ ‫معان القَ ْدرِ سَبْعٌ هاك نظما‬
‫ضيِيقٌ‪ ،‬ومِـْثلُ‬‫َقضَاءٌ‪ ،‬ث تَ ْ‬ ‫وَتقْدِيرٌ‪َ ،‬وتَصْوِيرٌ‪ ،‬وُجُـودٌ‪،‬‬
‫وف القدر لغتان‪ :‬فتح الدال وعليه بـيت الت‪ ،‬وسكونـها وعليه البـيت الول من هذين البـيتي‪،‬‬
‫وثَ ـمّ ـ بف تح الثاء وتشد يد ال يم ـ إشارة ال الكان البع يد وإن ا أ تى ب ـها مع كون ـه مشيا ال‬
‫القريب لتعظيم القام وتليله على حد قوله تعال‪ :‬ذلك الكتاب البقرة ‪ ، 2 :‬أي معن القدر الذي‬

‫‪ )(251‬ساقطة من (ب)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪181‬‬


‫هو اللق يلو ف هذا القام ك ما قدم نا‪ ،‬فمع ن قول نا‪ :‬إن ال قدّر الع صية‪ .‬أي خلق ها‪ ،‬وكذلك مع ن‬
‫قولنا‪ :‬إن ال قضى العصية والطاعة‪ .‬أي خلقهما‪.‬‬
‫وقول الناظم‪( :‬ل يز اغراقنا ‪..‬ال) الغراق ـ بكسر المزة ـ الستقصاء ف الشيء والحاطة بميع‬
‫صفاتـه‪ ،‬و(النظر) هنا الفكر وفيه اشارة ال قوله ‪» :‬يقول ال تبارك وتعال‪ :‬القدر سري ول ينبغي‬
‫لحـد أن يطلع على سـري«(‪ ،)252‬وقـد كان يقول‪» :‬إذا ذكـر القدر فأمسـكوا وإذا ذكرت النجوم‬
‫فأمسكوا«(‪ )253‬وإنا كان ذلك مافة الوض ف القدر فيلحق الائض التّسَمّي بالقدري فيكون من القوم‬
‫الذين قال فيهم رسول ال ‪» :‬ل كل أ مة موس‪ ،‬وموس هذه المة القدرية«(‪ ،)254‬وقال ‪» :‬الرجئة‬

‫‪ )(252‬ل أع ثر عل يه ب ـهذا الل فظ ‪ ..‬ويشب ـهه ما ف "الكا مل" ل بن عدي (‪ 7/191‬دار الف كر)‪ " :‬عن عائ شة ر ضي ال‬
‫عن ـها قالت‪ :‬قال ر سول ال ‪» :‬القدر سر ال من تكلم ب ـه ي سأله عن ـه يوم القيا مة‪ ،‬و من ل يتكلم ب ـه ل ي سأله‬
‫عن ـه«‪ .‬و هو حد يث ضعيف لوروده من طر يق يي بن أب ـي أنيسة وقد ضعفه طائ فة‪ .‬قال الذهب ـي ف "الكا شف" (‬
‫‪" :)3/220‬تالف"‪ .‬وقال ابن حجر ف "التقريب" (‪" :)2/343‬ضعيف"‪ .‬وانظر تفاصيل أحواله ف "الكامل" لبن عدي (‬
‫‪ 7/186‬ـ ‪ .)187‬و"تـهذيب التـهذيب" لبن حجر (‪ 11/162‬ـ ‪.)163‬‬
‫رواه الرائطي ف "مساوئ الخلق" [‪ ]782‬وابن عدي ف "كامله" (‬ ‫‪ )(253‬جاء بـهذا اللفظ من طريق ابن مسعود‬
‫‪.)7/25‬‬
‫‪ o‬وجاء بتقدي لفظة "النجوم" على لفظة "القدر" عند الطبان ف "الكبـي" [‪ 2/96‬برقم ‪ ]1427‬عن ثوبان وعنـها‬
‫يقول اليثمي ف "ممع الزوائد" (‪ 7/411‬دار الفكر)‪" :‬رواه الطبان وفيه يزيد بن ربـيعة وهو ضعيف"‪ .‬وف "الكبـي"‬
‫أي ضا [‪ 10/198‬بر قم ‪ ]10448‬عن ا بن م سعود وعن ـه يقول اليث مي ف "مم عه" (‪" :)7/412‬رواه ال طبان وف يه‬
‫م سهر بن عبداللك وثّ قه ا بن حبان وغيه وف يه خلف وبق ية رجاله رجال ال صحيح"‪ .‬ا‪.‬ه ـ‪ .‬ورواه أ بو نع يم ف "حل ية‬
‫الولياء" [‪ 4953‬دار الكتب العلمية] عن ابن مسعود ‪.‬‬
‫‪ o‬وجاء بدون قوله‪» :‬وإذا ذكرت النجوم ‪ «..‬رواه الارث بن أبـي أسامة ف "مسنده" [‪/ 741‬بغية الباحث] عن ابن‬
‫مسعود وابن عدي ف "كامله" (‪ )6/162‬عن ابن عمر رضي ال عنـهما‪.‬‬
‫رواه الجري ف "الشريعة" [‪ 359‬و ‪ ]360‬وابن عدي ف "الكامل" (‬ ‫‪ )(254‬جاء بـهذه الصيغة من طريق أبـي هريرة‬
‫‪ 2/137‬و ‪.)2/316‬‬
‫وجاء بلفظ‪» :‬لكل أمة موس والقدرية موس هذه المة« من طريق ابن عمر عند الجري ف "شريعتـه" [‪.]356‬‬
‫‪ o‬وجاء بلفظ‪» :‬لكل أمة موس وموس أمت الذين يقولون ل قدر إن ماتوا ل تشهدوهم« من طريق ابن عمر رواه‬
‫أحد [‪ ]5586‬وأبوداود [‪ ]4692‬وابن أبـي عاصم ف "سنتـه" [‪ ]339‬وعنده برقم [‪ ]329‬عن حذيفة وبرقم [‬
‫‪ ]342‬عن أبـي هريرة ‪.‬‬
‫‪ o‬وجاء بلفظ‪» :‬إن موس هذه المة الكذبون بأقدار ال« من طريق جابر بن عبدال رواه ابن ماجة ف "سننـه" [‬
‫‪ ]92‬وابـن أبــي عاصـم [‪ ]328‬والجري فـ "شريعتــه" [‪ .]358‬وانظـر "أجوبـة الافـظ ابـن حجـر على أحاديـث‬
‫الصابـيح" ف آخر الزء الثالث من "مشكاة الصابـيح" للتبيزي ص(‪.)1779‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪182‬‬


‫يهود هذه المة‪ ،‬والقدرية موسها«(‪ ،)255‬وقال ‪» :‬لعنت القدرية على لسان سبعي نبـيا قبلي«(‪،)256‬‬
‫قال ف "شفاء الائم"(‪[ :)257‬وأول من تكلم ف القدر ف أيام ال صحابة غيلن الدمش قي(‪ ،)258‬ومع بد‬
‫الهن(‪ ،)259‬ويونس السواري(‪ ،)260‬وبعدهم أبو حذيفة واصل بن عطاء(‪ )261‬انتصب لذهب القدرية‪،‬‬
‫وهو قد تتلمذ للحسن البصري ومكث ف مالستـه عشرين سنة وهو القرر لقواعد القول بقدرة العبد‬
‫وخل قه الف عل وقال‪" :‬إن الباري عادل حك يم ل يوز أن يضاف إل يه ش ي ول ظلم‪ ،‬ول يوز عل يه أن‬

‫‪ )(255‬جاء الشطر الول من هذه الرواية ف "مسند" المام الربـيع [‪ ]944‬من قول المام جابر‪ .‬والشطر الثان فيه برقم [‬
‫‪ ]798‬بل سند‪.‬‬
‫وأخرجه أبوداود ف "سننـه" [‪ ]4691‬عن ابن عمر رضي ال عنـهما بلفظ‪» :‬القدرية موس هذه المة«‪ .‬وجاء عند‬
‫الطبان ف "الوسط" عن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ال ‪» :‬القدرية والرجئة موس هذه المة ‪ «..‬وعن هذه الرواية‬
‫يقول اليث مي ف "م مع الزوائد" (‪" :)7/421‬رواه ال طبان ف "الو سط" ورجاله رجال ال صحيح غ ي هارون بن مو سى‬
‫الفروي وهو ثقة"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪ )(256‬ل أجده بـهذا اللفظ وله شواهد ل تلو من مقال فقد روى الطبان ف "الكبـي" [‪ 20/117‬برقم ‪ ]232‬عن معاذ‬
‫بن جبل قال‪ :‬قال رسول ال ‪ » :‬ما بعث ال نبـيا قط إل وف أمتـه قدرية ومرجئة يشوشون عليه أمر أمتـه‪ ،‬أل وان‬
‫ال لعن القدرية والرجئة على لسان سبعي نبـيا« قال اليثمي ف "ممعه" (‪" :)7/416‬رواه الطبان وفيه بقية بن الوليد‬
‫وهو ليّن ويزيد بن حصي ل أعرفه"‪ .‬ا‪.‬هـ كما رواه ابن أبـي عاصم ف "سنتـه" برقم [‪ ]325‬وفيه نفس العلل‪ .‬ورواه‬
‫أيضا الجري ف "شريعتـه" برقم [‪ ]286‬وف سنده ضعف‪.‬‬
‫وروى المام أبو حنيفة ف "مسنده" ص(‪ /365‬الكتب العلمية)‪" :‬عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبـيه قال‪ :‬قال‬
‫ر سول ال ‪» :‬ل عن ال القدر ية و ما نب ـي ول ر سول إل لعن ـهم ‪ «..‬وهذا ال سند الذي ساقه أ بو حني فة ج يد رجاله‬
‫ثقات وهو متصل‪ .‬على أنـه يكن القول بأن الراد هنا بالقدرية من يكذب بأقدار ال وهذا ل يكن حصره ف أمتـه‬
‫دون من سبقه من النبـياء‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(257‬هو للعلمة أبو الفضل أبو القاسم بن ابراهيم البادي ـ وقد تقدمت ترجتـه ف التعليق على البـيت رقم (‪ )76‬ـ‬
‫وكتاب ـه هذا شرح لكتاب "الدعائم" ل بن الن ضر العما ن‪ ،‬وعنوان ـه "شفاء الائم على ب عض الدعائم" والظا هر أن ـه ل‬
‫يشرح كل "الدعائم" وكتابـه هذا ل يزال مطوطا ل ينشر بعد‪.‬‬
‫‪ )(258‬أبو مروان غيلن بن مروان بن مسلم القبطي الدمشقي مول لل عثمان بن عفان‪ ،‬أحد القائلي بالقدر‪ ،‬معتزل الذهب‬
‫قال الياط ف كتاب "النت صار والرد على ا بن الراوندي" ص(‪" :)190‬وأ ما غيلن فكان يعت قد ال صول الم سة ال ت من‬
‫اجتمعت فيه فهو معتزل وهذه رسائلة قد طبقت الرض ‪ ." ..‬وهو من القائلي بأن المامة تصلح ف غي القرشي وكل من‬
‫كان قائما بالكتاب والسنة فهو مستحق لا‪ .‬ومناظرتـه مع عمر بن عبد العزيز الت أعلن فيها توبتـه تراها ف "الشريعة"‬
‫للجري بر قم [‪ ]473‬و"التنب ـيه والرد" لب ـي ال سي الل طي ص(‪ /168‬الزهر ية للتراث) و هي ال ت ترا جع في ها عن‬
‫معتقده ف القدر‪ .‬صلبـه هشام بن عبد اللك بالشام وإنا فعل ذلك ل لعقيدتـه كما يتوهم من ل علم عنده بل سبب قتله‬
‫هو أن غيلن لا كتب إل عمر بن عبد العزيز كتابا قال فيه‪" :‬أبصرت يا عمر"‪ .‬فدعا عمرٌ غيلن وقال‪" :‬اعِنّي على ما أنا‬
‫فيه"‪ .‬فقال غيلن‪ :‬ولن بـيع الزائن ورد الظال‪ .‬فوله فكان يبـيعها وينادي عليها ويقول‪ :‬تعالوا إل متاع الونة!‪ ،‬تعالوا‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪183‬‬


‫يريد من العباد خلف ما يأمرهم بـه‪ ،‬ول يوز عليه أن يلق للعباد شيئا ث يازيهم عليه‪ ،‬والعبد هو‬
‫الفاعل للخي والشر والطاعة والعصية‪ ،‬وال سبحانـه ماز له بفعله" وقال‪" :‬ليس من الكمة أن يكون‬
‫ال سبحانـه يلق الكفر للكافرين بـه وهو مبغض للكفر معاد للكافرين فيكون ف ذلك كمن أعان‬
‫على ش تم نف سه" ‪ .‬وقال ج يع ال مة قويّ ها وضعيف ها و صغيها وكب ـيها‪ :‬القدر خيه وشره من ال‬
‫تعال وهو الالق للخي والشر والقاضي والريد وا ُلقَدّر والُكَوّن له ف أوقاتـه الت يكون فيها‪ ،‬وهو‬

‫إل متاع الظلمة!‪ ،‬تعالوا إل َخلَف الرسول ف أمتـه بغي سنتـه! وسيتـه!‪ ... .‬فمر بـه هشام بن عبد اللك فقال‪ :‬أرى‬
‫هذا يعني ن وي صيب أبائي وال إن ظفرت ب ـه لقط عن يد يه ورجل يه‪ .‬فل ما ول هشام خرج غيلن و صاحبـه صال إل‬
‫أرمينية فأرسل هشام ف طلبـهما فجئ بـهما وقطع أيديهما! وأرجلهما!‪ .‬طالع "طبقات العتزلة" لبن الرتضى ص(‪-25‬‬
‫‪ .)27‬والغريب أن ابن حبان روى ف كتابـه "الجروحي" (‪ ..." :)2/200‬ابراهيم بن أبـي جبلة قال‪ :‬كنت عند عبادة‬
‫بن ن سي فأتاه آت أن هشا ما ق طع يدي غيلن ورجل يه‪ .‬فقال‪ :‬أ صاب وال ف يه القضاء وال سنة‪ ،‬ولكت ب إل أم ي الؤمن ي‬
‫ولحسنن له رأيه"‪ .‬ا‪.‬هـ والق أنـه أخطأ القضاء والسنة ولكنـه التملق للملوك الذي ابتلي بـه كثي من الناس وإل فإن‬
‫التمث يل! بالو تى مرم شر عا‪ ،‬وإن كان الق طع ق بل ال صلب فلم يعرف ف الشرع له و جه إل حد الرا بة!! ول يس هذا مله‪،‬‬
‫فيكون فعله مالف لل سنة ل موا فق ل ا‪ .‬و قد و ضع ب عض الفاك ي ف حق هذا الر جل حدي ثا ذ كر ف "الفوائد الجمو عة"‬
‫للشوكان ص(‪" :)419‬سيكون ف أمت رجل يقال له وهب يهب ال له الكمة‪ ،‬ورجل يقال له غيلن هو أضر على أمت‬
‫من ابليس‪ .‬قال الشوكان‪ :‬رواه أبو يعلى عن عبادة بن الصامت مرفوعا‪ ،‬وهو موضوع‪ .‬وقال ابن حبان‪ :‬ل أصل له"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫وذكر الندي أن له رسائل مموعة ف نو مائة ورقة‪ .‬وكان قتله بعد سنة ‪105‬هـ‪"( .‬الجروحي" لبن حبان ‪ 2/200‬ـ‬
‫"الفرق بــي الفرق" للبغدادي ‪ 206‬و ‪ 207‬ــ "لسـان اليزان" لبـن حجـر ‪ 4/424‬ــ "النتصـار والرد على ابـن‬
‫الراوندي" للخياط ص ‪ 189‬و ‪ 190‬مع كلم مققه ـ "التبصي" للسفراين ص ‪ 13‬مع تعليق الكوثري عليه ـ "العلم"‬
‫للزركلي ‪.)5/124‬‬
‫ث عن‬ ‫‪ )(259‬هو معبد بن عبدال بن عكيم الهن نـزيل البصرة‪ .‬اتـهم بأنـه أول من تكلم بالقدر ف زمان الصحابة‪ ،‬حدّ َ‬
‫عمران بن حصي ومعاوية وابن عباس وابن عمر وحران بن أبان وطائفة‪ .‬وروى عنـه معاوية بن قرة وزيد بن رفيع وقتادة‬
‫ومالك بن دينار وعوف العرابـي وسعد بن ابراهيم وآخرون‪ ،‬وقد وثقه يي بن معي‪ ،‬وقال أبو حات‪ :‬صدوق ف الديث‪.‬‬
‫وقال الوزجان‪ :‬كان قوم يتكلمون ف القدر احتمل الناس حديثهم لا عرفوا من اجتـهادهم ف الدين والصدق والمانة ول‬
‫يتو هم علي هم الكذب وإن بلو ب سوء رأي هم من ـهم مع بد اله ن وقتادة ومع بد رأ سهم‪ .‬وقال العجلي‪ :‬تاب عي ث قة كان ل‬
‫يتـهم بالكذب‪ .‬وقال مالك بن دينار‪ :‬لقيت معبدا بكة بعد فتنة ابن الشعث وهو جريح قد قاتل الجاج ف الواطن كلها‪.‬‬
‫وروى ضمرة عـن صـدقة بـن يزيـد قال‪ :‬كان الجاج يعذب معبدا الهنـ بأصـناف العذاب ول يزع ثـ قتله‪ .‬وقيـل إن‬
‫عبداللك بن مروان صلبـه بدمشق على القول بالقدر ث قتله وكان ذلك ف سنة ‪80‬هـ‪.‬‬
‫والظا هر أن هذا ل يس ب صحيح فملوك ب ن أم ية يهم هم اللك بالدر جة الول يقول الكوثري ف مقدمت ـه لكتاب "تب ـيي‬
‫كذب الفتري" ل بن ع ساكر ص (‪" :)10‬ول ي كن ب نو أم ية كالراشد ين ف ال سهر على معت قد ال سلمي إل في ما ي س‬
‫بسياستـهم"‪ .‬ومعبد هذا قد قاتل الجاج كما تقدم فيكون قتله لسبب سياسي‪ ،‬وقد يقال إنـه قتل بسبب القول بالقدر‬
‫لكي يشفع قتله ببر ينطلي على العوام مع أن القتل بسبب معتقد ل بد له من شروط قاسية ول بد من استتابة الرجل وما إل‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪184‬‬


‫مع هذا كله ف عل الع بد والعبد فاعله وهو له مريد متار‪ ،‬قاصد اليه متحرك أو ساكن ب ـه غ ي مبور‬
‫عليه ول مضطر اليه إل ما كان من الهم بن صفوان(‪ )262‬وأصحابـه فقد نقض الجاع وقال‪" :‬القدر‬
‫خيه وشره مـن ال‪ ،‬ل مـا على مـا قاله الولون بـل على جهـة البـ والكراه والضطرار للعباد ال‬
‫أعمال م‪ ،‬ول قدرة للع بد ف ش يء من ذلك ول ق صد ول اختيار ول إرادة" قالوا‪" :‬وماذا للع بد من‬
‫صرّف بقتضى العلم والرادة والشيئة؟" قالوا‪" :‬قد وجدنا ال‬
‫الفعال وهو متصرف ف قبضة القهر ومُ َ‬

‫ذلك ل أن يؤتى بشخص فيحز رأسه ث يقال قتل لكذا ‪ ..‬وال أعلم بال الرجل‪.‬‬
‫(" سي النبلء" ‪ 5/192‬ـ "ميزان العتدال" للذهب ـي ‪ 4/141‬ـ "ت ـهذيب الت ـهذيب" ل بن ح جر ‪ 10/204‬ـ‬
‫"العلم" للزركلي ‪.)7/264‬‬
‫‪ )(260‬ذكره الافظ ابن حجر العسقلن ف "لسان اليزان" (‪ 6/335‬الندية) فقال‪:‬‬
‫"يونس السواري أول من تكلم بالقدر‪ ،‬وكان بالبصرة فأخذ عنـه معبد الهن‪ .‬ذكره الكعبـي ف "طبقات العتزلة"‬
‫وذكر أنـه كان يلقب سيبويه‪ ".‬ا‪.‬هـ والشهور ف كتب الفرق أن اسه‪ :‬علي السواري كما هو واضح من تردد ذكره ف‬
‫كتاب "النتصار والرد على ابن الراوندي" للخياط العتزل و"مقالت السلميي" لبـي السن الشعري و"الفصل ف اللل‬
‫والهواء والنحل" لبن حزم الندلسي ـ ويبعد أن يكونا شخصي ـ وعلي السواري هذا معدود ف الطبقة السابعة من‬
‫طبقات العتزلة الت ذكرها ابن الرتضى ف "النية والمل" وذكر معه ف هذه الطبقة الاحظ وثامة بن أشرس وأحد بن أبـي‬
‫داود ويوسف بن عبدال بن اسحاق الشحام [طالع "مذاهب السلميي" د‪ .‬عبدالرحن بدوي (‪ 1/41‬ـ ‪.])42‬‬
‫‪ )(261‬أبو حذيفة واصل بن عطاء البصري الغزال من موال بن ضبة أو بن مزوم‪ ،‬رأس العتزلة ومن أئمة البلغاء والتكلمي‬
‫ولد بالدينة سنة ‪80‬هـ وكان يلثغ بالراء غينا إذا تكلم ولكنـه لقتداره على اللغة وتوسعه فيها يتجنب الوقوع ف لفظة‬
‫فيها راء حت قيل فيه‪:‬‬
‫شعَـرِ‬
‫وخـالف الراء حت احتـال لل ّ‬ ‫ويعـل الـبُـر قمـحا ف تصـرفه‬
‫فعـاذ بالغيـث اشفـاقا من الطـر‬ ‫ولـم يطـق مطرا والقول يعـجلـه‬
‫وكان مع تلك الثغة فصيحا لَ سِنَـا مقتدرا على الكلم حت أنـه يطب الطبة فل يورد فيها الراء أبدا‪ .‬واشتـهر بلقب‬
‫الغزّال ول يكن غزال بل سي بذلك للزمتـه سوق الغزل‪ ،‬وكان طويل العنق حت قال عنـه عمرو بن عبـيد‪ :‬إن من‬
‫هذه عنقه ل خي عنده‪ ،‬فلما برع واصل وظهر فضله قال عمرو‪ :‬ربا أخطأت الفراسة‪ .‬جالس أبا هاشم عبدال بن ممد بن‬
‫النفية ث لزم ملس السن البصري‪ ،‬وكان لكثرة صمتـه يظن بـه الرس‪ ،‬وقد تقدم عند التعريف بالعتزلة بـيان خطأ‬
‫من قال‪ :‬إن ال سن طرده وقال‪ :‬اعتزل نا وا صل‪ .‬وأن ال صواب أن ت سميتـهم بالعتزلة ح صلت ب عد ذلك أو أن ـهم لقبوا‬
‫أنفسم فلياجع الكلم على البـيت رقم (‪.)79‬‬
‫هذا وقد اعتن واصل بنشر مذهبـه ف الفاق فبعث من أصحابـه عبدال بن الارث إل الغرب وحفص بن سال إل‬
‫خرا سان والقا سم إل الي من وأيوب إل الزيرة وال سن بن ذكوان إل الكو فة وعثمان الطو يل إل أرمين ية‪ .‬وكان م ن با يع‬
‫لحمد بن عبدال بن السن ف قيامه على أهل الور‪ .‬من مؤلفاتـه‪ :‬كتاب "النـزلة بـي النـزلتي ـ ؟" وكتاب "الفتيا‬
‫ـ ؟" وكتاب "التوحيد ـ ؟" و "معان القرآن ـ ؟" و"التوبة ـ ؟" و"أصناف الرجئة ـ ؟" و"طبقات أهل العلم والهل‬
‫ـ ؟"‪ .‬ومات سنة ‪131‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪185‬‬


‫سـبحانـه يقول‪ :‬يضــل مــن يشاء ويهدي مــن يشاء النحــل ‪ 93 :‬وقال‪ :‬مــن‬
‫يضلل الله فل هادي له العراف ‪ 186 :‬فمـن شاء ال خلق له اليـ ومـن شاء خلق له الشـر"‪.‬‬
‫فهذه مقالت ـهم‪( ].‬انت ـهى) فتل خص من كل مه أن ال مة ف القدر على ثلث فرق؛ فر قة تعل قت‬
‫بالمــر َف َزلّوا وهـم الذيـن قالوا إن ال ل يلق أفعال العباد وإناـ كان ذلك مـن خلق أنفسـهم‬
‫فقدرت ـهم صالة لياد فعل هم‪ ،‬وفر قة تعل قت بالمشيئة فضلوا ول يعلوا للمكلف اختيارا ف‬
‫فعله بل قالوا ذلك على طريق الب‪ ،‬فضلل أولئك من حيث نفي القدر وضلل هؤلء من حيث الغلو‬
‫ف اثباتـه فهما ضالتان وقد تعلق كل منـهما بآيات من القرآن ـ نذكر كل شيء ف مله إن شاء‬
‫ال تعال ــ‪ .‬وفرقـة جمعــت بـــين المــر والمشيئة وقالوا أفعال العباد خلق مـن ال‬
‫واكتساب من العبد فهدوا ال صراط مستقيم‪ ،‬وعن عكرمة(‪ )263‬عن ابن عباس ـ رضي ال عنـه ـ‬
‫("الفهر ست" لب ـي الفرج الند ي ص ‪ 283‬ـ ‪ 284‬ـ "ميزان العتدال" للذهب ـي ‪ 4/329‬ـ " سي النبلء"‬
‫للذهبـي ‪ 6/242‬ـ "لسان اليزان" لبن حجر ‪ 6/214‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)8/108‬‬
‫(تنبـيه)‪ :‬أطلت ف ترجة هؤلء النفر لكثرة شتمهم من قبل مالفيهم بق وبباطل والق أن ما زور عنـهم كثي‪ ،‬ونن وإن‬
‫كنا ل نتولهم إل أن نقل الكذوب على اللق ليس من شيمنا‪ ،‬وال تعال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(262‬ترجتـه تأت عند البـيت رقم (‪.)204‬‬
‫أ صله من الببر ـ و هي القبائل ال ت‬ ‫‪ )(263‬التاب عي الشه ي أ بو ع بد ال عكر مة بن عبدال الببري الد ن مول ا بن عباس‬
‫تسكن الشمال الفريقي قبل السلم ـ فهو من طبقة التابعي‪.‬‬
‫كان لصي بن أبـي الر العنبي فوهبـه لبن عباس‪ .‬روى عن موله ابن عباس وعائشة وأبـي هريرة وعبدال بن عمر‬
‫وابن عمرو وعقبة بن عامر رضي ال عنـهم وغيهم وروى عنـه ابراهيم النخعي والشعبـي وأبو الشعثاء جابر بن زيد‬
‫وقتادة وأيوب السختيان وخلق كثي‪ .‬وهو من أخرج البخاري ومسلم حديثه‪ ،‬وكان يفت ف عهد ابن عباس ‪ ..‬لكن تكلم‬
‫فيه بعضهم فاتـهم برأي الوارج الصفرية ففي "سي النبلء" للذهبـي (‪" :)5/517‬وقال أبو طالب عن أحد بن حنبل قال‬
‫خالد الذاء‪ :‬كل ما قال ممد بن سيين‪ :‬نبئت عن ا بن عباس‪ .‬فإن ا رواه عن عكرمة‪ .‬ق يل‪ :‬ما شأن ـه؟‪ .‬قال‪ :‬كان يرى‬
‫رأي الوارج رأي الصفرية ول يدع موضعا إل خرج إليه خراسان والشام واليمن ومصر وافريقية‪ .‬قال أحد‪ :‬وإنا أخذ أهل‬
‫أفريقية رأي الصفرية من عكرمة لا قدم عليهم"‪ .‬ا‪.‬هـ وقد وثقه طائفة لبأس بـهم؛ قال عثمان بن سعيد الدارمي‪ :‬قلت‬
‫لبن معي‪ :‬فعكرمة أحب إليك ف ابن عباس أو عبـيدال؟‪ .‬قال‪ :‬كلها‪ .‬ول يتر‪ ،‬قلت‪ :‬فعكرمة أو سعيد بن جبـي؟‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ثقة وثقة‪ .‬وف "سي النبلء" للذهبـي‪ .." :‬عن عثمان قال‪ :‬كنت جالسا مع أبـي أمامة بن سهل إذ جاء عكرمة‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا أبا أمامة أذكرك ال؛ هل سعت ابن عباس يقول‪ :‬ما حدثكم عن عكرمة فصدقوه فإنـه ل يكذب علي؟‪ .‬فقال أبو‬
‫أما مة‪ :‬ن عم"‪ .‬وروى سعيد عن قتادة قال‪ :‬كان أعلم التابع ي أرب عة‪ :‬كان عطاء أعلم هم بالنا سك‪ ،‬وكان سعيد بن جب ـي‬
‫أعلمهم بالتفسي‪ ،‬وكان عكرمة أعلمهم بسية النبـي ‪ ،‬وكان السن أعلمهم باللل والرام‪ .‬وعن أيوب ـ وقد سئل‬
‫عن عكر مة فقال‪ :‬ـ لو ل ي كن عندي ثقة ل أك تب عن ـه‪ .‬وقال حاد بن ز يد‪ :‬ق يل ليوب‪ :‬أكن تم تت ـهمون عكر مة؟‪.‬‬
‫قال‪ :‬أ ما أ نا فلم أ كن أت ـهمه‪ .‬وكان أ بو الشعثاء يقول‪ :‬هذا عكر مة مول ا بن عباس هذا أعلم الناس‪ .‬و قد أو ضح حاله ف‬
‫الديث ابن عدي ف "الكامل" (‪ 271 /5‬ـ ‪ )272‬فقال‪" :‬وعكرمة مول ابن عباس ل أخَرّج ها هنا من حديثه شيئا لن‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪186‬‬


‫سئل عن القدر فقال‪" :‬الناس فيه على ثلث منازل؛ من قال إن ف المر الشيئة ال العباد وان العمال‬
‫مفو ضة إلي هم ول قَدَر‪ ..‬ف قد ضاد ال ف أمره‪ ،‬و من أضاف ال ال شيئا م ا ين ـزه عن ـه ف قد افترى‬
‫عظيما على ال عزوجل‪ ،‬ورجل قال إن رُ ِح ْمتُ فبفضل ال‪ ..‬فذلك الذي سلم له دينـه ودنياه"‪.‬‬
‫أفعــــالنا بُعْـداً‬ ‫(‪()195‬ومن يقـــــــل إلهنــا لــم يخلـــق‬
‫لـــــه من أحمــق)‬
‫سبحانـه الرب‬ ‫(‪()196‬لقـــــــوله لكـل شـــيء خالــق‬
‫المليك الرازق)‬
‫تعـدد اللـــــه‬ ‫(‪()197‬لـو كــــان خالقا ســـواه لزمــا‬
‫حت ِّ َ‬
‫مـــا)‬ ‫قطعـــــــا ُ‬
‫فســـاد هـذا العـالَم‬ ‫(‪()198‬ولــــو تعـــدد اللــــه لظهـــر‬
‫الذي بـهـر)‬
‫بـه الثـــــواب‬ ‫(‪()199‬لكـــــن لنا في فعلنـــــا اكتسـاب‬
‫وبـه العقــاب)‬
‫إل النبـــوات‬ ‫م قد نيل بـه أعلى الرتب‬ ‫ن ث َ َّ‬
‫م ْ‬
‫(‪َ ()200‬‬
‫فليـــــس تكتسـب)‬
‫هذا بـيان الرد على الفرقة الول من القدرية وهم القائلون أن ال ل يلق أفعال العباد وإنا ذلك خلق‬
‫أنفسهم قالوا‪ :‬إن ال أكرم من أن يلق خلقا فيعذبنا عليه‪ .‬وتعلقوا ف جواز أن يكونوا خالقي لفعالم‬
‫و ف وقوع ذلك بآيات من القرآن من ـها قوله عزو جل‪ :‬وإذ تخلق مـن الطيـن كهيئة‬
‫الطير الائدة ‪ . 110 :‬قلنا اسناد اللق ال عيسى ـ عليه السلم ـ ف الية ماز ل حقيقة لنـه من‬

‫الثقات إذا رووا عنـه فهو مستقيم الديث إل أن يروي عنـه ضعيف فيكون قد أُت من قِبل الضعيف ل من قِبَله ول يتنع‬
‫الئمة من الرواية عنـه‪ ،‬وأصحاب الصحاح أدخلوا أحاديثه إذا روى عنـه ثقة ف صحاحهم وهو أشهر من أن يتاج أن‬
‫أجرح حديثا من حديثه وهو لبأس بـه"‪ .‬ا‪.‬هـ وال أعلم باله‪ ،‬مات سنة ‪105‬هـ‪"( .‬الكامل" لبن عدي ‪ 5/271‬ـ‬
‫‪ 272‬ـ " سي النبلء" ‪ 5/504‬ـ ‪/521‬دار الف كر ـ "ميزان العتدال" ‪ 3/93‬ـ ‪ 97‬ـ "تذكرة الفاظ" للذهب ـي‬
‫‪ 1/95‬ـ "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر ‪ 7/228‬ـ ‪ 234‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)4/244‬‬
‫(تنب ـيه)‪ :‬أورد ال صنف ال سالي هذا ال ب عن عكر مة عن ا بن عباس ف كتاب ـه "مشارق أنوار العقول" (‪ 2/172‬دار‬
‫اليل) وقام مققه د‪ .‬عبد الرحن عمية بالترجة لعكرمة هذا على أنـه عكرمة بن أبـي جهل!!‪ .‬وهذا خطأ فاحش! لن‬
‫عكر مة بن أب ـي ج هل ال صحابـي ا ستشهد عام ‪13‬ه ـ يوم مرج ال صفر‪ ،‬وق يل عام ‪15‬ه ـ يوم اليموك‪ .‬ك ما ف‬
‫"تـهذيب التـهذيب" لبن حجر (‪ )7/223‬وابن عباس من صغار الصحابة سنا فتكون رواية عكرمة عنـه من قبـيل‬
‫رواية الكابر عن الصاغر أن لو صحت فكيف وهي هنا متعذرة‪ .‬وكم للدكتور الذكور من أخطاء ف تعليقه على الشارق‬
‫على هذا الطراز‪ .‬وقد طبع كتاب الشارق طبعة أخرى بتحقيق عبد النعم العان ط‪ /‬دار الكمة‪ .‬ورأيتـه يشف من أخطاء‬
‫د‪ .‬عبد الرحن عمية فيأخذ الغث ويترك الثمي‪ ،‬ومن تلك الخطاء هذه الترجة!! وال الستعان‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪187‬‬


‫اسناد الفعل ال سببـه ل ال موجده‪ ،‬فعيسى ـ عليه السلم ـ سبب لياد تلك اليئة ل موجد لا‬
‫على القيقة وإنا الوجد لا هو ال تعال‪.‬‬
‫ومنــها قوله تعال‪ :‬وتخلقون افكــا العنكبوت ‪ ، 17 :‬قلنـا‪ :‬معنـ تلقون تفترون؛ أي وتفترون‬
‫كذبا‪ .‬ومن ـها قوله تعال‪ :‬ويجعلون لله مـا يكرهون الن حل ‪ ، 62 :‬قلنا‪ :‬مع ن العل ه نا‬
‫الوصف ل اللق؛ أي ويصفون ال ب ا يكرهون من وجود البنات لم ـ والية رد على الشرك ي ف‬
‫زعمهـم أن اللئكـة بنات ال ــ‪ .‬ومنــها قوله تعال‪ :‬مـا جعـل الله مـن بحيرة ول‬
‫سـائبة الائدة ‪ 103 :‬أي ومـن العلوم أن العرب قـد جعلوا البحية والسـائبة فنفـى ربنـا أن يكون هذا‬
‫العل من فعله فصح أنـه من فعلهم‪ .‬قلنا‪ :‬نفى ربنا عزوجل جعل التبحي وما بعده دينا ـ أي ل‬
‫شرّع للعرب ذلك ـ وإن ا ابتدعوه من تلقاء أنف سهم ل لن ـهم الالقون ل صفة التبح ي(‪ )264‬فالن في‬
‫يُ َ‬
‫هو شرعية معتقدهم ف البحية وما بعدها ليس إل‪ .‬ومنـها قوله تعال ـ ف قصة يعقوب عليه السلم‬
‫ــ‪ :‬بـل سـولت لكـم أنفسـكم أمرا يوسـف ‪ ، 18 :‬وقوله تعال‪ :‬فطوعـت له‬
‫نفسه قتل أخيه الائدة ‪ ، 30 :‬قلنا‪ :‬أما تسويل النفس وتطويعها فالراد بـه ترغيبـها ف ذلك‬
‫الفعل وتزيينـه لفاعله ل أنـها هي الت أوجدت فعل ذلك‪ ،‬فسقط تعلقهم بـهذه اليات والمد ل‪.‬‬
‫وما استدلوا بـه من العقليات أنـهم قالوا‪" :‬ل تلو أفعال العباد من أحد ثلثة أمور‪ :‬إما أن تنسب‬
‫إليه تعال وحده‪ ،‬أو تنسب إليه وإل العبد معا‪ ،‬أو تنسب ال العبد فقط‪ ،‬فبطل الول لستلزامه البـ‬
‫الت ب ـيان بطلن ـه في ما سيأت قري با إن شاء ال ـ‪ ،‬وبطل الثا ن ل ستلزامه مشار كة ال ف أفعاله‬
‫وهو تعال منـزه عن ذلك‪ ،‬فببطلن هذين الوجهي ثبت الثالث"‪ .‬قلنا‪ :‬ل نسلّم إستلزام مشاركة ال‬
‫ف أفعاله على ثبوت الوجه الثان لن لفعل العبد جهتي‪ :‬جهة ايجاد وهي الهة الت يرج بـها‬
‫فعل العبد من العدم ال الوجود وبـهذه الهة تتعلق قدرة الباري تعال‪ ،‬وجهة اكتساب وهي‬
‫اضافة ذلك الفعل ال الع بد مع اختيار العبد لذلك وبـهذه الهة تتعلق قدرة العبد فالله تعالى‬
‫إنمـا يخلق الفعـل للعبـد حال اختيار العبـد له وتوج يه القدرة ال يه لكت سابـه‪،‬‬
‫فالعبد مكتسب وال تعال مُوجد وإذا اختلفت الهتان انتفت الشاركة فقد سقط بمد ال ما تعلقوا‬
‫بـه ولنرجع الن إل بـيان استدللنا عليهم‪.‬‬
‫واستدللنا ف ذلك من طريق ي‪ :‬أحدهما‪ :‬طريق النقل وهو الشار اليه بقول الناظم‪( :‬ل كل شيء‬
‫خالق ‪..‬ال البـيت)‪ ،‬وثانيهما‪ :‬طريق العقل وهو الشار إليه بقوله‪( :‬لو كان خالق سواه‪ ..‬ال آخر‬
‫البـيات)‪ ،‬أما قوله‪( :‬لكن لنا ف فعلنا اكتساب‪ ..‬ال) فاستدراك لا قد يتوهم من الستدلل على‬

‫‪ )(264‬ف الصلي‪" :‬الالقون لا صفة التبحي"‪ .‬فأصلحتـه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪188‬‬


‫ن في خلق الع بد لفعله أن الفعال من سوبة ال يه تعال جبا فر فع ذلك التو هم ح يث أث بت للع بد ف فعله‬
‫اكتسابا يثاب عليه ويعا قب عليه لهـا مـا كسـبت وعليهـا مـا اكتسـبت‬
‫البقرة ‪286 :‬‬

‫تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم البقرة ‪ ، 134 :‬ث أخذ ف ثبوت‬
‫تقر ير هذا الكت ساب بقوله‪( :‬من ث قد ن يل ب ـه‪ ..‬ال) أي من أ جل أن الكت ساب ثابت للخلق ف‬
‫أفعالم قد نالوا بـه أعلى الرتب وتفاوتوا ف ذلك كل بسب اجتـهاده‪ ،‬ث استثن من جلة ما ينال‬
‫بالكتساب النبوات وصرح بأنـها ليست ما يكتسب لنـها من الشياء الت يتص بـها ربنا من‬
‫يشاء فيضعها حيث يشاء من غي أن يتقدم للعبد اكتساب لسبابـها وتـهيئ لرتبتـها إذ ل أسباب‬
‫لا حت يصح تعاطيها بلف غيها‪.‬‬
‫فأ ما ا ستدللنا النقلي فقوله تعال‪ :‬وأسـروا قولكـم أو اجهروا بــه إنــه عليـم‬
‫بذات الصـدور ‪ o‬أل يعلم مـن خلق اللك ‪ 13 :‬و ‪ 14‬فدلت ال ية أن ج يع ما أ سره العباد‬
‫وما أظهروه خلقه ـ والسرار والجهار أفعال العباد ـ وال تعال يقول‪ :‬أل يعلم من خلق‬
‫أي ك يف ل يعلم ذلك و هو قد خل قه و هل يلق من ل يعلم!؟‪ ،‬وقوله تعال‪ :‬ومـن آياتــه‬
‫منامكـم بالليـل والنــهار وابتغاؤكـم مـن فضله الروم ‪ 23 :‬وكيـف يكون البتغاء‬
‫للفضل الذي هو فعل من أفعال العباد من آياتـه وهو ل يلقه ول يدبره‪ ،‬وقوله تعال‪ :‬هو الذي‬
‫يسيركم في البر والبحر يونس ‪ 22 :‬وهو من فعلهم كما ترى فأضافه إليه‪ ،‬وقوله تعال‪:‬‬
‫ما أصاب من مصيبة في الرض ول في أنفسكم إل في كتاب من‬
‫قبـل أن نبرأهـا الديـد ‪ 22 :‬أي مـن قبـل أن نلقهـا‪[ ،‬وقوله عزوجـل‪ :‬إنـا كـل شيـء‬
‫خلقناه بقدر ‪،‬القمر ‪ )265(] 49 :‬وقوله(‪ )266‬عزوجل‪ :‬خالق كل شيء النعام ‪.102 :‬‬
‫وأما استدللنا العقلي فهو أنـه لو كان العبد خالقا لفعاله للزم عليه تعدد الالقي ولكان كل من‬
‫خلق شيئا فهو إله ذلك الشيء فيلزم عليه تعدد اللة وتعددها باطل قطعا لا ثبت من الباهي العقلية‬
‫والنقل ية على وجوب الوحدان ية‪ ،‬و من تلك الباه ي أن ـه لو تعددت الل ة للزم عل يه ف ساد هذا العال‬
‫الذي بـهر اللق صنعه لقوله تعال‪ :‬لو كان فيهما آلهة إل الله لفسدتا‬
‫النعام ‪21 :‬‬

‫ونن نشاهد أن هذا العال غي فاسد فصح أن الله واحد وال تعال أعلم‪.‬‬
‫قد جبر النسان‬ ‫(‪()201‬وفاسق من قـــال إن الله جـــــل‬
‫فيما قـــــد فعل)‬
‫‪ )(265‬سقطت من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(266‬وأصرح ما ورد ف هذه القضية قوله تعال ـ على لسان ابراهيم ماطبا قومه ـ‪ :‬قال أتعبدون ما تنحتون ‪ o‬وال‬
‫خلقكم وما تعملون (الصافات ‪ )96 :‬فإن فيها نسبة خلق الفعل ل صرية ل تتاج إل بـيان‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪189‬‬


‫لــــــه‬ ‫(‪()202‬وأنـه لـــــم يجعــــــــل استطاعــه‬
‫لكفـــــر شاءه أو طـاعــه)‬
‫أمـــر ونـهي مع‬ ‫(‪()203‬لنـه لــــو كـــان هـــــذا بطــل‬
‫وعـــــد جعــل)‬
‫وجـــــاز تكليـف‬ ‫(‪()204‬وبطل الوعيد مـــــع بعث الرسل‬
‫الجماد كالنبـل)‬
‫(‪)268‬‬ ‫(‪)267‬‬
‫هذا بـيان الرد على الفرقة الثانية من القدرية وهم الهمية نسبة لم ال الهم بن صفوان ـ‬
‫و هم القائلون بالب التعلقون بالشيئة فقط ـ قالوا‪" :‬إن ال قد جب الع بد على فعل الطا عة والعصية‬
‫وأن ـه ل ي عل له ا ستطاعة ل ا شاء أن يفعله من ف عل العا صي والطاعات" ف هو عند هم كالماد ل‬
‫ي ستطيع تر كا إل أن يُحرك وكال يط العلق ف الواء تُقَلّب ـه الرياح ك يف شاءت‪ ،‬وإن ا كان ذلك‬
‫منـهم مافة أن يكون خالقا غي ال كما كان من العتزلة مقالم مافة أن ينسب إل ال العاصي وفعل‬
‫الكروه فكل الفريق ي ضال منا فق‪ .‬و قد تعلق هؤلء بآيات من القرآن ك ما تعلق أولئك؛ من ـها قوله‬
‫‪ )(267‬نسبة للجهم بن صفوان (قتل ‪128‬هـ) الذي قال بالب والضطرار إل العمال وأنكر الستطاعات كلها وزعم أن‬
‫الـجنة والنار تبـيدان وتفنيـان وزعم أيضا أن اليان هو العرفـة بال تعال فقط وأن الكفر هو الهل بـه فقط ‪..‬‬
‫ومنـهم طائفة قالوا‪ :‬ل نقول إن ال قوي ول شديد ول حي ول ميت ول يغضب ول يرضى ول يسخط ول يب ول‬
‫يعجب ول يرحم ول يفرح ول يسمع ول يبصر ول يقبض ول يبسط ول يضع ول يرفع ـ تعال ال عن هذا ـ ومنـهم‬
‫صنف زعموا‪ :‬أن النة والنار ل يلقهما ال بعد وأنـهما تفنيان بعد خلقهما فيخرج أهل الطاعة من النة بعد دخولا إل‬
‫الزن بعد الفرح وأن النة ترب بعد عمارتـها حت تصي رميما ل أحد فيها‪ ،‬ويرج أهل النار بعد دخولا فيصيوا إل‬
‫الفرح بعد الزن وأن النار ترب بعد ذلك حت تفق أبوابـها وليس فيها أحد‪ ،‬وأنكروا عذاب القب ومنكر ونكي ‪...‬‬
‫وجاع أمرهم انكار صفات ال تعال وقالوا إن ال ل يوصف بشيء ما يوصف بـه العباد ولكن يوصف فيقال‪ :‬موجد‪،‬‬
‫فاعل‪ ،‬خالق‪ ،‬مي‪ ،‬ميت ‪ ..‬لن هذه الصفات ل تطلق على العبـيد‪.‬‬
‫ث استعمل لفظ الهمية للنبز والتراشق بـه بـي الفرق الت تبحث ف مسائل العقيدة وال الستعان‪.‬‬
‫("التنبـيه والرد" لبـي السي اللطي ‪ 96‬ـ ‪ 99‬ـ "التبصي ف الدين" للسفرايين ‪ 64‬ـ "الفرق بـي الفرق"‬
‫للبغدادي ص ‪.)211‬‬
‫‪ )(268‬هو أبو مرز جهم بن صفوان السمرقندي من موال بن راسب وصفه الذهبـي بقوله‪" :‬الضال البتدع رأس الهمية‬
‫هلك ف زمان صغار التابعي وما علمتـه روى شيئا لكنـه زرع شرا عظيما" ينسب إليه القول بالب وهو تلميذ العد بن‬
‫در هم‪ ،‬قال ع بد القا هر البغدادي‪" :‬قال بالجبار والضطرار إل العمال وأن كر ال ستطاعات كل ها‪ ،‬وز عم أن ال نة والنار‬
‫تبـيدان وتفنيان‪ ،‬وزعم أن اليان هو العرفة بال تعال فقط وأن الكفر هو الهل بـه فقط‪ ،‬وقال‪ :‬ل فعل ول عمل لحد‬
‫غي ال تعال ‪ ...‬وزعم أن علم ال تعال حادث‪ ،‬وامتنع من وصف ال تعال بأنـه شيء أو ح يّ أو عال أو مريد وقال‪ :‬ل‬
‫أ صفه بو صف يوز اطل قه على غيه ‪ ".‬ق تل برو سنة ‪128‬ه ـ على يد سلم بن أحور بأ مر من ن صر بن سيار‪"( .‬ميزان‬
‫العتدال" للذهب ـي ‪ 1/426‬ـ "ل سان اليزان" ل بن ح جر ‪ 2/142‬ـ "الفرق ب ـي الفرق" لع بد القا هر البغدادي ص‬
‫‪.)211‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪190‬‬


‫تعال‪ :‬وأنــه هـو أضحـك وأبكـى ‪ o‬وأنــه هـو أمات وأحيـا الن جم ‪ 43 :‬و ‪ 44‬قالوا‪:‬‬
‫"فالضحك والبكاء من أفعالنا قد أضافهما تعال ال نفسه ـ كما أضاف الماتة والحياء ـ فليس لنا‬
‫فيهمـا تصـرف"‪ .‬قلنـا‪ :‬أضافهمـا ال تعال ال نفسـه لكونــهما خلقـا له ل لنـا‪ ،‬وإناـ لنـا مـن ذلك‬
‫الكت ساب الناط بالختيار فالفعال خلق من ـه واكت ساب م نا وخل قه للفعال ل ي ستلزم الب ية ك ما‬
‫سـيأت بــيانـه‪ .‬ومنــها قوله تعال‪ :‬فأنــى تؤفكون النعام ‪ ، 95 :‬وقوله تعال‪ :‬فأنــى‬
‫تصرفون يو نس ‪ 32 :‬قالوا‪" :‬فمن يؤفكهم ومن يصرفهم إل ال‪ .‬وقوله عزوجل‪ :‬من يضلل‬
‫الله فل هادي له العراف‪ 186:‬وقوله‪ :‬من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل‬
‫فلن تجـد له وليـا مرشدا الك هف ‪ 17 :‬والواب عن هذه اليات كل ها هو ع ي الواب عن‬
‫الية الول‪ .‬ومنـها قوله تعال‪ :‬ولو شئنا لتينا كل نفس هداها السجدة ‪ 13 :‬قلنا‪ :‬ل‬
‫تعلق لكم ف هذه الية ول ف شيء من نظائرها لنـها إخبار عن نفوذ قدرتـه تعال وتأثي إرادتـه‪،‬‬
‫أي فلو شاء أن يفعل لم الداية لفعل لم ذلك لنـهم ل يعجزونـه لكن اقتضت حكمتـه تييهم‬
‫ب ـي الداية والضللة و قد جعل ل م قدرة صالة لكت ساب أي وا حد شاءوا فل جب‪ ..‬وإذا عر فت‬
‫تعلق هم ب ـهذه اليات فار جع ال الوقوف على الحتجاج علي هم وب ـيان ما يؤدي ال يه مذهب ـهم‬
‫فاعلم أن الحتجاج عليهم من الكتاب العزيز كثي منـها ما أوردتـه العتزلة استدلل لم على خلق‬
‫أفعال م فإن ج يع ما مر ف ذلك مناف لل جب الذي زع مه هؤلء‪ ،‬ومن ـها آيات الكت ساب فإن ـها‬
‫مصرحة بإضافة الكسب ال العبد قطعا وإذا ثبت لم الكسب انتفى الب لنـهما متضادان‪.‬‬
‫وأ ما ما يؤدي ال يه مذهب ـهم من البطلن ف هو ما أشار ال يه النا ظم بقوله‪( :‬لو كان هذا‪ ..‬ال) أي لو‬
‫صح مذهب البية وثبت القول بالب للزم عليه بطلن المر والنـهي والوعد والوعيد‪ ،‬لن العبد إذا‬
‫ل ي كن له قدرة على ف عل ش يء من الأمورات ول على ترك ش يء من الن ـهيات كان توج يه الوا مر‬
‫والنواهي اليه عبثا ينـزه الباري تعال عنـه‪ ،‬وإذا بطل توجيه الطاب اليه بالمر والنـهي بطل توجيه‬
‫الوعد والوعيد اليه لن الوعد مترتب على فعل الوامر والوعيد مترتب على فعل الناهي‪ ،‬وإذا بطل هذا‬
‫كله بطل إرسال الرسل لنـهم إنا يرسلون لذلك ومع بطلن ذلك فل فائدة ول حكمة ف الرسال‬
‫فيؤدي مذهبــهم ال إبطال النبوات كمـا ترى‪ ،‬نعـم ويؤدي ال إبطال التكليـف رأسـا لن مـن ل‬
‫اكتساب له ول اختيار ل يصح ف الكمة تكليفُهُ كما ل يصح تكليف النباتات والمادات وهذا معن‬
‫قوله‪( :‬وجاز تكليف الماد كالنبل) جع نبـيل وهو العاقل‪.‬‬
‫ث إنـه لا كان للجبية شبـه ف خلق ال تعال لفعالنا وف علمه بـهن وف ارادتـه لن‪ ،‬أخذ يدفع‬
‫وجه الشبـهة ف ذلك ويبـي ان هذه الشياء كلها ل تستلزم الب ول تناف الكتساب فقال‪:‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪191‬‬


‫بـهن ل يوجـــــب‬ ‫(‪()205‬وخلقـــــه أفعالنـــا وعلمــــــه‬
‫جبرا حكمه)‬
‫لنـه قد خيَّر‬ ‫(‪()206‬كذاك كونـهـــــا لــه مـــــرادا‬
‫العبـــــــــــادا)‬
‫لو لم يكـن خالقـــــه‬ ‫(‪()207‬لو لم يكن يعلــم ذا لجهلـــــــه‬
‫من فعلــه)‬
‫لكـــــان مكرها‬ ‫(‪()208‬لو لم يـــــرد وقوعــه ووقعــــا‬
‫على ما صنعا)‬
‫قد انتفـــــى الجبار‬ ‫(‪()209‬لكن لذا التخيير واكتسابنـــــا‬
‫عن رقابنا)‬
‫أي نعتقد أنـه تعال خالق لفعالنا وأنـه تعال عال بـها ومريد لا‪ ،‬ومع ذلك كله فهو قد خينا ف‬
‫فعل ها وترك ها‪ ،‬أي ل يب نا على وا حد من المر ين ف من شاء فليؤ من و من شاء فليك فر‪ ،‬و قد و عد‬
‫بالثواب على امتثال أوامره وترك مناهيه‪ ،‬وتوعد بالعقاب على فعل مناهيه أو ترك أوامره‪ ،‬ول يلزم مِن‬
‫خلقه تعال لفعالنا ومِن عِلمه بـهن ومِن إرادتـه لن َجْبرُنا على فعلهن ونفي اكتسابنا لن‪ ،‬لنـه‬
‫تعال ل يثبنا ول يعذبنا على خلقه لن ول على علمه بـهن ول على ارادتـه لن‪ ،‬وإنا أثابنا وعذبنا‬
‫على اختيارنا وكسبنا لن وهو تعال قد جعل لنا اختيارا ف ذلك وقدرة صالة لكتساب ذلك فلجل‬
‫هذا الختيار ولجل هذه القدرة الكتسبة قد انتفى عنا الب على أفعالنا‪ ،‬وإنا قلنا إن ال عال بأفعالنا‬
‫لنـه لو ل يكن عالا بـها للزم أن يكون جاهل بـها وهو تعال متصف بالكمال الذات والهل من‬
‫صفات النقص يستحيل اتصافه بـه تعال وهذا معن قول الناظم‪( :‬لول يكن يعلم ذا لهله)‪ ،‬وأما معن‬
‫قوله‪( :‬لو ل يكن خالقه مَن فعله) أي لو ل يكن تعال خالقا لفعالنا فمن الالق لا إذا؟! هل من خالق‬
‫غي ال؟ وقد تقرر فيما تقدم بطلن القول بأن العبد خالق لفعله واذا بطل أن يكون العبد خالقا لفعله‬
‫فُبطْلن أن يكون غيه من الخلوقات خالقا لفعله أظهر‪ ،‬وإذا بطل هذان النوعان ثبت أن الالق لذلك‬
‫هو الله‪.‬‬
‫وأ ما قوله‪( :‬لو ل يرد وقو عه‪ ..‬ال) أي لو ل يرد تعال وقوع فعل نا وو قع على خلف مراده للزم عل يه‬
‫أن يكون مُ ْكرَهَا على وقوع ذلك الفعل مغلوبا ف حدوثه والكراه يناف الختيار والرادة ومن كانت‬
‫هذه حالت ـه فل يس بإله‪ ،‬على أن ـه تقرر أن الله مت صف بالكمال الذا ت والكراه يضاد ذلك ويناف يه‬
‫وال تعال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪192‬‬


‫البــاب الســادس‬
‫في اليمــان والســـلم‬
‫ـ وبـه يتم الكلم على الركن الثاني إن شاء الله تعالى ـ‬
‫إذعاننــــــا لما دعا‬ ‫(‪()210‬إيماننا التصـــــديق‪ ،‬والســـلم‬
‫الحكــــام)‬
‫تصديــــــق قول‬ ‫(‪()211‬ولهمـــــا في الشرع معنى ملتزم‬
‫عمل إذا لزم)‬
‫منـها استحــــــق‬ ‫(‪()212‬ومن يكن مضيعـــــا لواحـــــد‬
‫هلكة المعانـد)‬
‫اختلف الناس ف اليان والسلم هل ها شيء واحد؟ أو ل؟ وعلى القول الثان هل ها متخالفان أو‬
‫مترادفان أو متلزمان؟ وقد أطالوا الكلم فيهما فلنقتصر من ذلك على ما تصل بـه الفائدة فنقول‪:‬‬
‫الحـق فيه ما أن ل ما ا ستعمالي؛ أحده ا لغوي و هو الشار ال يه بقول النا ظم‪( :‬إيان نا الت صديق‪..‬‬
‫ال) إياننـا معشـر العرب هـو التصـديق والسـلم فـ لغتنـا هـو الذعان وترك التمرد‪ ،‬فهمـا فـ هذا‬
‫الستعمال متخالفان ل مترادفان ول متلزمان‪ ،‬والستعمال الثان هو ما عليه العرف الشرعي‬
‫وذلك أن الشرع قد ن قل كل وا حد من اليان والسلم عن معناه اللغوي فا ستعملهما م عا ف الوفاء‬
‫بالواجبات ـ كانت الواجبات اعتقادية أو قولية أو عملية ـ فهما ف هذا الستعمال مترادفان واليه‬
‫أشار الناظم بقوله‪( :‬ولما ف الشرع معن ‪..‬ال) أي لليان والسلم ف العرف الشرعي معن واحد؛‬
‫ملتزم التصديق بالنان إذا لزم والقول باللسان إذا لزم والعمل بالركان إذا لزم‪ ،‬فمن كان صبـيا مثل‬
‫أو ناقص العقل ل يسمى كافرا بتركه التصديق ف حَالِهِ ذلك لعدم لزومه عليه‪ ،‬ومن كان عاقل فصدق‬
‫النبـي عليه الصلة والسلم فيما جاء بـه ول ُيطَالَب بالنطق بذلك باللسان ول ينـزل عليه التكليف‬
‫بالع مل ف هو مؤ من لعدم لزوم القول والع مل عل يه ف هو موفّ ب ا لز مه‪ ،‬ومَن تل فظ بالشهادت ي ع ند‬
‫وجوب ذلك عليه وبعد تصديقه بالنان ول يلزمه شيء من العمليات بعد فهو مؤمن لوفائه با وجب‬
‫عليه‪ ،‬ومن لزمه شيء من العمال فأداه كما شرع عليه بعد التصديق والتلفظ الواجبـي عليه فهو‬
‫مؤمن لوفائه بميع ما وجب عليه‪ ،‬ومَن ضيع واحدة من هذه الثلث بعد وجوبـها عليه فهو خارج‬
‫عن اليان هالك ف النيان وهذا معن قوله‪( :‬ومن يكن مضيعا‪..‬ال) فل منـزلة عندنا بـي اليان‬
‫والكفر‪ ،‬أي فمن ل يكن بؤمن فهو كافر والراد بالكفر ما يشمل كفر النعمة وكفر الشرك‪ ،‬ومن كان‬
‫كافرا بال أو بنعمتـه فقد استحق ما يستحقه العاند من اللك هذا مذهبنا وهو الق خلفا لن قال‪:‬‬
‫إن اليان قول وتصديق دون عمل‪ .‬ولن قال‪ :‬إن اليان التلفظ بالشهادتي وإن ل يطابقه اعتقاد‪ .‬ولن‬
‫قال‪ :‬إن اليان التصديق فقط‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪193‬‬


‫والدل يل على أن اليان وال سلم ف العرف الشر عي مترادفان قوله تعال‪ :‬يـا قوم إن كنتـم‬
‫آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين يونس ‪ 84 :‬وقوله تعال‪ :‬فأخرجنا‬
‫مــن كان فيهــا مــن المؤمنيــن ‪ o‬فمــا وجدنــا فيهــا غيــر بـــيت مــن‬
‫المسـلمين الذاريات ‪ 35 :‬و ‪ 36‬ول ي كن بالتفاق هنالك إل ب ـيت وا حد‪ ،‬وقوله ‪» :‬ب ن ال سلم‬
‫على خس«(‪ )269‬وقد سئل عن اليان مرة أخرى فأجاب بـهذه المس(‪ ،)270‬وما ورد من اليات‬
‫والحاد يث ما ظاهره مالف لذه الدلة ف هو ممول على الع ن اللغوي ج عا ب ـي الدلة فإن الشارع‬
‫تارة يعب باللفظ عن معناه اللغوي وتارة عن معناه الشرعي‪ ،‬كل ذلك بسب مقتضى الال فل تناف ف‬
‫الكتاب العزيز ول ف السنة وال تعال أعلم‪.‬‬
‫لكـــــن يزيد‬ ‫(‪()213‬في وجهه الشرعـــــي ليس ينقص‬
‫هكذا قد خصصوا)‬
‫جميعه وذا هـــــو‬ ‫(‪()214‬لنـه إن هُـــــدِم البعض انـهــــدم‬
‫القول التـــــم)‬

‫‪ )(269‬حديث‪» :‬بن السلم على خس« جاء من طريق ابن عمر رضي ال عنـهما رواه البخاري ف "صحيحه" برقم [‪]8‬‬
‫ومسلم [‪ ]16‬وأحد ف "مسنده" [‪ 4797‬و ‪ 5674‬و ‪ ]6020‬والترمذي [‪ ]2609‬وابن خزية ف "صحيحه" [‪ 308‬و‬
‫‪ ]309‬وا بن حبان [‪ ]158‬وا بن مندة ف "اليان" [‪ 40‬و ‪ 41‬و ‪ 148‬و ‪ 149‬و ‪ ]150‬وع بد بن ح يد ف "م سنده" [‬
‫‪/ 823‬النت خب] وأبوب كر الشاف عي ف "الغيلنيات" [‪ ]460‬والب ـيهقي ف "ال سنن ال كبى" [‪ 1675‬و ‪ ]7221‬و ف‬
‫"شعب اليان" [‪ 20‬و ‪ 3567‬و ‪ ]3972‬والروزي ف "الصلة" [‪ 411‬و ‪ 414‬و ‪ 415‬و ‪ 416‬و ‪ ]417‬والطبان ف‬
‫"الكبـي" [‪ 13203‬و ‪.]13518‬‬
‫وجاء من طر يق جريـر بن عبدال البجلي رواه المام أح د [‪ 19242‬و ‪ ]19248‬وأبـو يعلى فـ "مسـنده" [‪12‬‬
‫‪/‬الق صد العلي] وال طبان ف "ال صغي" [‪ ]769‬و ف "الكب ـي" [‪ 2363‬و ‪ 2364‬و ‪ ]2368‬والروزي ف "ال صلة" [‬
‫‪ 419‬و ‪ 420‬و ‪ 421‬و ‪.]422‬‬
‫وجاء من طريق ابن عباس رواه الطبان ف "العجم الكبـي" [‪ ]12800‬وغيهم‪.‬‬
‫‪ )(270‬وذلك حي قدم عليه وفد عبد القيس "فقالوا‪ :‬يا رسول ال؛ إنا نأتيك من ُشقّة بعيدة‪ ،‬وإن بـيننا وبـينك هذا الي‬
‫من كفار مضر‪ ،‬وإنا ل نستطيع أن نأتيك إل ف شهر الرام‪ ،‬فمرنا بأمر فصْ ٍل نُخب بـه من وراءنا‪ ،‬ندخل بـه النة‪ .‬قال‪:‬‬
‫فأمرهم بأربع ونـها هم عن أربع‪ .‬قال أمرهم باليان بال وحده‪ .‬وقال‪ » :‬هل تدرون ما اليان بال؟‪ .‬قالوا‪ :‬ال ورسوله‬
‫أعلم‪ .‬قال‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ ،‬وإقام الصلة‪ ،‬وايتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وأن تؤدوا المس من‬
‫الغ نم ‪ ...‬الد يث«‪ .‬و قد جاء من طر يق ا بن عباس ر ضي ال عن ـهما رواه البخاري ف " صحيحه" بر قم [‪ 53‬و ‪]87‬‬
‫ومسلم ف "صحيحه" [‪ ]17‬باسنادين‪ ،‬وأحد ف "مسنده" [‪ ]2025‬والترمذي ف "سننـه" [‪ ]2611‬وأبوداود [‪]4677‬‬
‫وا بن حبان ف " صحيحه" [‪ /172‬الح سان] والب ـيهقي ف "ش عب اليان" بر قم [‪ ]18‬والروزي ف "ال صلة" [‪.]390‬‬
‫وف هذا الديث دليل صريح لن قال بأن اليان والسلم شيء واحد ل فرق بـينـهما‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪194‬‬


‫اختلف الناس ف اليان الشرعي فذهب بعض قومنا ال أن اليان الشرعي يزيد وينقص وعليه جهور‬
‫الشاعرة‪ ،‬وذهب بعضهم ال أن اليان ل يزيد ولينقص وعليه أبو حنيفة وإمام الرمي(‪ )271‬وبعض‬
‫الشاعرة‪ ،‬وذهـب أصـحابنا إل أن اليان يزيـد ول ينقـص وبــيان ذلك أن اليان عندنـا هـو الوفاء‬
‫بميع الواجبات فمن وجب عليه فرض ل يكون مؤمنا حت يؤديه على وجهه‪ ،‬ث يزيد اليان بزيادة‬
‫التكال يف ول ي صح نق صه لن نق صه اخلل بب عض الواجبات‪ ،‬و قد تقدم ان التارك لب عض الواجبات‬
‫عل يه خارج عن اليان فالترك لبع ضه ترك لمي عه أي ل ينت فع بب عض إيان ـه ف الخرة‪ ،‬والراد بعدم‬
‫انتفاعه بذلك ف الخرة هو أن بعض اليان ل ينجيه من عذاب ال ل أنـه ل يفف عنـه العذاب‬
‫ل جل ذلك فإن العذاب متفاوت ف أ هل العا صي كل على قدر جنايت ـه جزاء وفا قا وهذا مع ن قول‬
‫الناظم‪( :‬إن هدم البعض ‪..‬ال) ليقال إن الراد بنقصان اليان هو ارتفاع بعض الواجبات عن الكلف‬
‫لعذر كارتفاع وجوب الصلة عن الائض لننا نقول‪ :‬إن اليان ف حق من رُفع عنـه بعض الفرائض‬
‫هو وفاؤه ب ا بقي عليه من الواجبات فإيان ـه إن وفّ ـى ب ا عليه كا مل ل نا قص‪ ،‬ل كن لو أن القائل‬
‫بنقصان اليان أراد نقصانـه بـهذا العتبار لكان اللف بـيننا وبـينـهم لفظيا صورتـه أنـهم‬
‫يسمون من ارتفع عنـه وجوب بعض ما كان عليه ناقص اليان ونن ننع من تسميتـه بذلك والراد‬
‫وا حد لكن ـهم ل يريدوا ذلك وإن ا أرادوا بنق صانـه الخلل بب عض الواجبات‪ ،‬وعلى هذا فاللف‬
‫معنوي مبن على اللف ف حقيقة اليان فتفطن له وال تعال اعلم‪.‬‬

‫‪ )(271‬إمام الرمي أبو العال عبد اللك بن عبدال بن يوسف بن ممد الوين‪ ،‬من كبار علماء الشافعية ولد سنة ‪419‬هـ‬
‫من ت صانيفه "البهان ـ ط" ف أ صول الف قه و"الرشاد ف أ صول الد ين ـ ط" و "الشامل" ف مذ هب الشاعرة ـ طبع‬
‫بع ضه ـ و" العقيدة النظام ية ـ ط" و "الورقات ـ ط" ف أ صول الف قه و"غياث ال مم والتياث الظلم ـ ط" وتو ف عام‬
‫‪478‬هــ‪"( .‬تبــيي كذب الفتري" لبـن عسـاكر ‪ 278‬ــ "طبقات الشافعيـة" للتاج السـبكي ‪5/165‬ــ‪ 222‬ــ‬
‫"العلم" للزركلي ‪.)4/160‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪195‬‬


‫الركـن الثالـث‬
‫في الوَلية والبـراءة‬
‫وما يشتمل عليهما وما يتولدان منـه‬
‫وفيـه ستـة أبواب أيضا‬
‫أ ّخرَ هذا الركن عن الذي قبله لا تقدم هنالك‪ ،‬وقدمه على ركن التوبة من حيث أن وجوب التوبة بعد‬
‫وجود ما تنت قض ب ـه الوَل ية وت ب ب ـه الباءة(‪ ،)272‬فإن ق يل‪ :‬ألي ست التو بة شر طا للوَل ية تو جد‬
‫بوجود ها وتنعدم بانعدام ها؟‪ .‬فالواب‪ :‬إن ا ذلك خاص ع ند وجود الذ نب الو جب للباءة ول يوز‬
‫اطلقه على العموم أل ترى أن مَن رأينا منـه حق الوافقة وصدق الرافقة وجبت علينا وليتـه ول‬
‫يلزمنا أن نستتيبـه إل بعد أن يُحدِث حدثا يرج بـه عن تلك الوافقة‪ ،‬وكذلك ف ولد الول تب‬
‫علينا وليتـه بوَلية ابـيه حت يبلغ ويصح منـه ما تنتقض بـه الوَلية‪ ،‬فإن قيل‪ :‬أما قيل بالوقوف‬
‫عنـه بعد بلوغه حت تصح منـه الوافقة؟‪ .‬فالواب‪ :‬أن القائل بـهذا ل يلزمنا استتابة هذا البالغ وإنا‬
‫كان م عه وجود وليت ـه ب سبب وَل ية أب ـيه فلمابلغ و صار متعبدا بنف سه انقط عت تلك الوَل ية م عه‬
‫بانقطاع سببـها وصار عنده ف حد الوقوف بالدين بنـزلة مهول الال‪.‬‬
‫البــــــاب الول‬
‫في وجوب الوَلية والبراءة وأقسام كل‬
‫منـهما‬
‫وهكــــــذا‬ ‫(‪()215‬وَلية المؤمن فـــــرض حقـــــقــا‬
‫بـــــراءة اللذ)‪ (273‬فسقـــا)‬

‫‪ )(272‬للباضية عناية خاصة ببدأ الوَلية والباءة‪ ،‬ف الكم على الشخاص؛ من حيث تول الؤمني الوفي وإعلن الباءة من‬
‫النحرفي عن الصراط السوي با ل يوجد عند غيهم‪ ،‬وهذا الهتمام البالغ إنا أتى للقضاء على علئق الفساد ف أوساط‬
‫الجتمع‪ ،‬إذ يكفي كل من تسول له نفسه اقتراف شيء من الوبقات أن يصبح الجتمع بأسره مناهضا له‪ ،‬وهذا البدأ مأخوذ‬
‫من أدلة الشرع وخب الثلثة الذين تلفوا ف غزوة تبوك فنـزل فيهم قوله تعال‪ :‬وعلى الثلثة الذين خلفوا حت إذا ضاقت‬
‫عليهم الرض با رح بت وضاقت عليهم أنفسهم ‪ ..‬ال ية [التو بة ‪ ]118 :‬معلوم لدى الميع‪ ،‬بل نظام الول ية والباءة‬
‫مأخوذ منـه‪ ،‬ومن مثل قوله تعال‪ :‬ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله ولو كانوا آباءهم‬
‫أو أبنائهم أو إخوانـهم أو عشيتـهم … الية [الجادلة ‪.]22 :‬‬
‫والتقسيمات الت تراها هي لضبط السألة خصوصا أن هذا البدأ يس عقيدة النسان ف موالة الطائعي وهجران العصاة‪،‬‬
‫حت ل تكون السألة مهلهلة دون ضابط‪.‬‬

‫‪ ) (273‬وردت ف (ب)‪ :‬اللذي‪ .‬وف "الشارق" (‪ :)2/209‬الذي‪.‬‬


‫واللذ والذي سيان؛ قال الرازي ف "متار ال صحاح" ص(‪…" :)596‬وف يه أر بع لغات‪ :‬الذي ‪،‬و(اللذِ) بك سر الذال‪ ،‬و(اللذْ)‬
‫ب سكونـها‪ ،‬و(الذ يّ) بتشد يد الياء"ا‪.‬ه ـ وقال الوهري‪" :‬واللذِ واللذْ‪ ،‬بك سر الذال وت سكينها‪ ،‬ل غة ف الذي" ك ما ف‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪196‬‬


‫الوَليـة‪ :‬هـي الحبـة بالقلب والثناء باللسـان والنصـر والعانـة بالوارح عنـد القدرة على ذلك وعنـد‬
‫ارتفاع الوانع‪.‬‬
‫والباءة‪ :‬هي البغض بالقلب والشتم باللسان والردع بالوارح‪ .‬وها فرضان بالجاع‪ ،‬لكن الوجوب‬
‫الثابت ف الوَلية إنا هو نفس الحبة على الدين والوجوب الثابت ف الباءة إنا هو البغض بالقلب على‬
‫فعل الكبائر من الذنوب‪ ،‬وما عدا هذين من الثناء باللسان والشتم بـه ومن العانة بالوارح والردع‬
‫بــها فيلزم تارة ويرتفـع أخرى كـل ذلك بسـب القامات والتكليـف بالفرائض‪ ،‬وباعتبار الحوال‬
‫الداع ية لذلك فيلزم الثناء على الول ف مو ضع يكون ف يه ترك الثناء عل يه ضررا ب ـه أو بوَليّ ه‪ ،‬ويلزم‬
‫العانة والنصر ف موضع القدرة منـه واحتياج الول ال ذلك‪ ،‬ويلزم شتم العدو ف موضع يكون فيه‬
‫ترك الشتم له مقويا لبدعة أو مفسدا لشيء من الدين أو مضرا بالنفس أو الول‪ ،‬ويلزم الردع بالوارح‬
‫ف موضع يكون فيه الـ ُمنْكِر قادرا على النكار والعدو مقيما على فعل النكر لينفك عنـه إل بزجر‬
‫رادع أو بسيف قاطع‪.‬‬
‫ولا كان كل واحد من الوَلية والباءة على أقسام شرع ف بـيان أقسام كل منـهما فقال‪:‬‬
‫ثلثة تأتـــــي علــى‬ ‫(‪()216‬والكل من ذين على أقســــــام‬
‫تمـــــــام)‬
‫بـها كتاب أو رسول‬ ‫(‪()217‬حقيقة وهي التي قـــــد نطقـــا‬
‫حققا)‬
‫ثالثها عقيـــــدة‬ ‫(‪()218‬والحكم بالظاهر فهـــــو الثاني‬
‫النســــــان)‬
‫ينقسم كل واحد من الوَلية والباءة ال ثلثة أقسام‪:‬‬
‫القسـم الول‬
‫وَلية الحقيقة‪ ،‬وبراءة الحقيقة‬
‫ول يتأتى كل واحد منـهما إل من أحد طريقي‪:‬‬
‫الطريق الول‪ :‬هو أن يرد كتاب من كتب ال بسعادة امرئ أو شقاوتـه وهو أنواع‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬أن ي صرح الكتاب با سم ال سعيد وا سم الش قي‪ ،‬مثال ذلك ف جا نب الوَل ية الت صريح‬
‫بأ ساء النب ـياء كآدم ونوح وإبراه يم ومو سى وعي سى وم مد ‪ ،‬ومثاله ف جا نب الباءة كإبل يس‬
‫وفرعون وهامان وقارون‪.‬‬
‫النوع الثان‪ :‬من كن عنـهم دون تصريح بأسائهم فمثال ذلك ف جانب الوَلية أم موسى‪ ،‬ومثاله ف‬
‫جانب الباءة أبو لب‪.‬‬

‫"لسان العرب" (‪.)13/193‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪197‬‬


‫النوع الثالث‪ :‬ما جيء بـه منكّرا ل يصرح فيه باسه ول بكنيتـه مثال ذلك من جانب الوَلية مؤمن‬
‫آل فرعون وكالذي ف قوله تعال‪ :‬وجاء مـن أقصـى المدينـة رجـل يسـعى قال‬
‫ياقوم اتبعوا المرســلين‪ ..‬اليـة يـس ‪ 20 :‬ومثاله فـ جانـب الباءة قوله تعال‪ :‬وكان‬
‫فـي المدينـة تسـعة رهـط يفسـدون فـي الرض ول يصـلحون النمـل ‪48 :‬‬

‫وقوله تعال‪ :‬فنادوا صاحبـهم فتعاطى فعقر القمر ‪.29 :‬‬


‫الطريـق الثانـي‪ :‬من طري قي القي قة ف الوَل ية والباءة‪ :‬هو أن يقول ر سول من ر سل ال إن‬
‫فلنا من أهل النة أو من أهل النار‪ ،‬ل إذا قال إن فلنا رجل صال ول إنـه فاسق ول اذا دعا له أو‬
‫عليه فانـه ليكون بـهذا القول مُتَ َولّى أو متبى منـه بالقيقة‪ ،‬لنـه يتول ويتبى بكم الظاهر‬
‫وبالقيقة وما كان متمل للظاهر والقيقة فل يقطع بأنـه(‪ )274‬من القيقة‪ ،‬أما قوله‪ :‬إن فلنا من أهل‬
‫ال نة أو من أ هل النار فل يت مل إل القيقة فإن ـه وإن جاز ل نا أن نقول ب سب الظا هر إن فل نا من‬
‫أهل النة لن علمنا منـه خيا وإن فلن من أهل النار لن علمنا منـه ضد ذلك فإن هذا القول منا‬
‫ماز عبّرنا بـه عن فعل ما يؤدي الى ذلك والقرينة أحوالنا أو هي العلم بأنا ل نطلع على‬
‫الغيوب والعلم بأنا ل نرد حقيقة هذا القول‪ ،‬وهو من اطلع على كثي من الغيبات فإذا صدر منـه‬
‫مثل هذا الكلم قطع بأن الراد منـه حقيقتـه إل بدليل يصرفه عنـها‪ ،‬ولنـه لو ل يرد بـهذا‬
‫الكلم حقيقتـه مع إمكانـها وعدم قرينة الجاز لكان هذا الكلم كذبا بسب الظاهر والكذب ف‬
‫ح قه م ستحيل؛ سلّ ْمنَا أن ـه ل يس بكذب لكن ـه تلب ـيس على ال سامع ب يث يف هم ال كل من ـه‬
‫خلف مراده والتلبـيس ف حق النبـياء ـ عليهم السلم ـ مستحيل أيضا‪.‬‬
‫صرّح باسه ف هذين الطريقي أن يعتقد فيه‬ ‫وأنواع هذا الطريق؛ هي أنواع الطريق الول‪ :‬حكم ما ُ‬
‫صرّح بكنيتـه فإنا نعتقد ف صاحب تلك الكنية ما اقتضاه‬ ‫باسه ما اقتضاه النص فيه‪ ،‬وكذا حكم من ُ‬
‫النص فيه‪ ،‬وحكم ما جاء من ذلك مُبـهمَا ُمنَ ّكرَا أن نعتقد فيه مقتضى النص بسب تلك الصفة الت‬
‫صرّح باسه ول بكنيتـه ف العتقاد حت ينقل لنا التواتر أن هذا الذكور ف هذا النص‬ ‫نعت بـها ول ُن َ‬
‫هو فلن باسه أو بكنيتـه أو تتمع المة على ذلك فحينئذ(‪ )275‬يلزمنا القطع بـه وقصده بذلك الكم‬
‫بعينـه‪ .‬واعلم أن هذا الطريق ل يتأتى مقتضاه ول يصح الكم بـه إل من أحد أمرين‪:‬‬

‫‪ )(274‬ف (أ)‪ :‬بـه‪ .‬وف (ب)‪ :‬بـه أنـه‪ .‬وأصلحتـه للسياق‪.‬‬


‫‪ )(275‬ف الصلي‪ :‬فإذن‪ .‬وأصلحتـه للسياق‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪198‬‬


‫أحدها‪ :‬الشاهدة للرسول الناطق بـهذا الكلم وشرطوا فيه أن ينظر شفتيه عند النطق بـه‪ ،‬كل ذلك‬
‫دفعا للحتمال فإنـه مت ما ل ينظره كذلك احتمل أن يكون الناطق بذلك غي الرسول عليه السلم‬
‫والقيقة حكم قطعي ل ينبن على الحتمال عندهم‪.‬‬
‫وثانيه ما‪ :‬الشهرة القاض ية ب صدور ذلك الد يث من ذلك الر سول وكأن ـهم أرادوا ب ـهذه الشهرة‬
‫التواتر فإنـه هو الذي يقطع بصدقه‪ ،‬ويتمل إنـهم أرادوا ما يعم التواتر والستفيض التلقى بالقبول‬
‫فإن التلقى بالقبول بـي المة مقطوع بصدقه فل معن لا قاله الشيخ ناصر بن أبـي نبـهان(‪ )276‬من‬
‫أن الشهرة ل تو جب وَل ية القي قة و قد انفرد ب ـهذا القول من ب ـي سائر ال صحاب‪ .‬هذا وأ ما‬
‫شهادة العدلي فإنـها ل توجب القيقة ف الوَلية والباءة لنـه ل يصح القطع بصدق مقالما‪ ،‬نعم‬

‫‪ )(276‬العلمة أبو ممد ناصر بن الشيخ جاعد بن خيس بن مبارك بن يي من نسل المام العدل الليل بن شاذان بن المام‬
‫الصلت بن مالك الروصي‪ .‬أحد علماء الباضية العمانيي ولد سنة ‪1192‬هـ ونشأ ف بلدة "العليا" من وادي بن خروص‬
‫الت تقع على سفح البل الخضر من جهة الشمال‪ ،‬ترج على أبـيه الذي كان علمة زمانـه فل غرو أن يكون الشيخ‬
‫ناصر هو الخر عال وقتـه‪ .‬وهو عال مفنن برع ف أكثر العلوم مع تصص ف علم الشرع‪ .‬وبعد وفاة والده عان من عدم‬
‫الستقرار وشظف العيشة وسوء الحوال إثر تسلط بعض البابرة الذين أتلفوا أموال والده فتردد كثيا يطوف ف بلد أهله‬
‫بن خروص وبـي نـزوى حت ذكر الؤرخون أنـه لشدة حالتـه كان يأكل البز بالاء والليمون سنة ف نـزوى حي‬
‫خرج من بلده خشية على نفسه وخوفا من هدم بـيتـه من الطاغية طالب بن أحد وف تلك اليام يقول‪:‬‬
‫ومـاء وليـمون وملح وقـاشـع‬ ‫"معيشتنـا؛ خبز لغـالـب قوتـنا‬
‫فيـا حبذا هـذا لن هو قـانــع"‪.‬‬ ‫فإن حصلت مع صحة السم والتقى‬
‫وسافر إل زنبار حي استدعاه السلطان سعيد بن سلطان بعد علمه با حصل للشيخ قال السالي ف "تفة العيان" (‬
‫‪" :)2/175‬وأما السلطان سعيد بن سلطان فإنـه بعد ما مضى قرّب الشيخ ناصر وأدن منـزلتـه وضمه إليه وأكرمه‬
‫وأنعم عليه فكان إذا سار إل السواحل ـ الفريقية ـ حله معه فصلحت أموره بعد صحبتـه‪ .‬وكان الشيخ ناصر لم فظا‬
‫غلي ظا ين كر علي هم ف حضرت ـهم‪ ،‬وكانوا يلينون له ول يظهرون له ما يكره‪ .".‬ا‪.‬ه ـ واشت ـهر من تلميذه الذ ين عرفوا‬
‫بعده العلمة الحقق سعيد بن خلفان الليلي‪ ،‬وترك مموعة طيبة من الصنفات ل يكتب لا النور بعد يذكرها الؤرخ ابن‬
‫رزيق ف "الفتح البـي" ص(‪" :)150‬الكتاب السمى "حق اليقي" وكتاب "الواب" وكتاب "الخلص" وكتاب "مك‬
‫الشعار" وكتاب "مبتدأ ال سفار" وكتاب "الت ـهذيب" وكتاب "الك شف" وكتاب "تف سي ن ظم ال سلوك" وكتاب "ال صفي‬
‫الصفى" وكتاب "غاية الن" وكتاب "العارج" وكتاب "سراج الفاق" وكتاب "رسالة الصون" وكتاب "الستغرق للحجج"‬
‫وكتاب "منت ـهى الكرامات" وكتاب "العارف" وكتاب "ر سالة الوضاع" وكتاب "طرف اللطاف" وكتاب "ال سر العلي"‬
‫وكتاب "السر العظم" وكتاب "التنبـيه" وكتاب "رسالة الفوز" وكتاب "الرسالة الديدية" وكتاب "سلمة الال"‪ ".‬ا‪.‬هـ‬
‫وله بعض الرسائل مدرجة ف "قاموس الشريعة ‪ /‬ط‪.‬التراث" للعلمة السعدي‪ .‬وتوف ف يوم الحد ‪ 22‬جادي الول سنة‬
‫‪1263‬هـ ف زنبار وقبه ف "ميتون" منـها‪.‬‬
‫("الفتح البـي" لبن رزيق ص ‪ 150‬ـ "تفة العيان" للسالي ‪ 2/175‬ـ "البوسعيديون" للفارسي ص ‪ 90‬ـ "الشيخ‬
‫سعيد بن خلفان الليلي ‪ ..‬وفكره" د‪ .‬مبارك الراشدي ـ ضمن "قراءات ف فكر الليلي" ـ ص ‪ 116‬ـ ‪.)118‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪199‬‬


‫ي صي مَن شهدوا ف يه بأن النب ـي قال ف يه كذا م ا يو جب القي قة ي صي ُمتَ َولّى بالظا هر أو م تبى‬
‫منـه بالظاهر حت يُعلَم منـه حدثٌ يالف ما شهدوا بـه فيُحكم عليه وله بقتضى حدثه‪.‬‬
‫القســـم الثـانـــي‬
‫الوَلية بحكم الظاهر والبراءة بحكم الظاهر‬
‫ولما طرق وصفات نذكرها ف الباب الت ـ إن شاء ال ـ‪.‬‬
‫القســم الثالــــث‬
‫وَليـة الجملـة وبراءة الجملــة‬
‫وصفتـهما(‪ )277‬أن يعتقد الكلف أنـه يتول الؤمني من الولي والخرين إل يوم الدين وأنـه يبأ‬
‫من الفاسقي من الولي والخرين إل يوم الدين‪ ،‬وهذا القسم هو الذي عب عنـه الناظم بـ(عقيدة‬
‫النسان) وسبب تعبـيه عنـه بذلك هو أن هذا القسم يب على كل مكلف أن يعتقده مع توحيده‪،‬‬
‫لكْم‬‫فل يعذر أحد بعد قيام الجة بـه إل إذا اعتقده كذلك‪ ،‬أما وَلية القيقة وبراءتـها ووَلية ا ُ‬
‫بالظا هر وبراءت ـه فل يلزمان كل أ حد وإن ا يلزمان مَن بل غه علم القي قة بأ حد الطرق التقدم ذكر ها‬
‫والتكليف ب كم الظاهر من الطرق الت ب ـيانـها‪ ،‬فالقسام ستة حاصلة من ضرب إثن ي ف ثلثة‬
‫وهي؛ وَلية القيقة وبراءة القيقة ووَلية الظاهر وبراءة الظاهر ووَلية الملة وبراءة الملة‪.‬‬
‫البــاب الثــانـــي‬
‫في وجوب الوَلية والبراءة بحكم الظاهر‬
‫بواحـــــد مـن أربع‬ ‫(‪()219‬براءة الظاهـر حكمـــــا تجـــب‬
‫تعتقـــب)‬
‫عدلــــين أو حـــق أتى‬ ‫(‪()220‬عيــــان أو إقــرار أو شهـــادة‬
‫بشهرة)‬
‫وإنمـــــا الوجــوب‬ ‫(‪()221‬واستثن القرار لـــــدى الوَلية‬
‫بالثلثـــــة)‬
‫لكلٍ من الوَلية والباءة موجبات‪ ،‬فأما موجبات الوَلية فهي الوافقة ف القول والعمل‪ ،‬وأما موجبات‬
‫الباءة فهي الخالفة ف القول والعمل أو ف أحدها‪ ،‬ولكل واحد من هذه الوجبات طرق تتأدى منـها‬
‫فأما موجبات البراءة فتتأدى من أحد أربعة طرق‪:‬‬
‫الطريق الول‪ :‬العيان؛ أي العاينة للمعصية من العاصي بعن الشاهدة لا وعبّر بعضهم عن هذا‬
‫الطريق بالِبة وكلتا العبارتي سائغة‪ ،‬غي أن العبارة الخية متملة للعموم فيدخل تتـها كل طريق‬
‫من هذه الطرق لصدق الِبة عليه والعبارة الول أخص فالتعبـي بـها ف هذا القام أول‪.‬‬

‫‪ )(277‬ف (ب)‪ :‬وصفاتـها‪ .‬وهو تصحيف‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪200‬‬


‫الطريق الثاني‪ :‬القرار؛ وهو أن يُقر العاصي بعصيتـه إقرارا موجبا للباءة منـه؛ ل لكونـه‬
‫مستعظما ذنبـه نادما على تفريطه سائل عما يلزمه ف فعله فإن هذا ليس من ذلك القبـيل‪.‬‬
‫الطريق الثالث‪ :‬شهادة العدلي كانا عالي أو ضعيفي‪ ،‬وسيأت ما على كِل الفريقي عند قول‬
‫الناظم‪( :‬لكن على العدول ‪ ..‬ال)‪.‬‬
‫الطريق الرابع‪ :‬الشهرة القاضية الحقة ل كشهرة الشّيَع بالباءة من أبـي بكر وعمر ـ رضي‬
‫ال عنـهما ـ فإنـها وإن كانت قاضية عندهم فليست مقة‪ ،‬بل بطلنـها بمد ال ظاهر والدافع‬
‫لا من فضل ال شاهر‪ ،‬والشهرة الحقة هي الارج أصلها عن حق وكان جواب المام أبـي سعيد‬
‫ـ ر ضي ال تعال عن ـه و قد سئل عن ـها ـ فق يل له‪ :‬و ما مع ن الشهرة ال ت ت ب ب ـها الوَل ية‬
‫والباءة؟‪ .‬بأن قال‪" :‬م عي أن ـها تكون على معان كثية ف وجوه كثية ومبلغ ثبوت ـها ووجوب ـها‬
‫وورود علمها على الُ ْمَتحِن فيها من ا ُلبْتَلَى بـها مِن َتظَاهُر صحة الخبار على غي َتنَا ُكرٍ من أهلها‬
‫الذين تقوم بـهم الجة فيها ولو كثُر التّنَاكُر والختلف من غي أهلها على سبـيل الدعاوى وإنكار‬
‫اليقي فيها فإذا ثبت العلم بغي ارتياب من علمها فيها وف وجوبـها وعلمها عندي‪("..‬انتـهى)‪.‬‬
‫وأما موجبات الوَلية فتتأدى من أحد ثلث طرق متمع عليها وطريق رابع متلف فيه ـ وسيأت بعد‬
‫إن شاء ال ـ فأ ما الطرق الجت مع علي ها ف هي‪ :‬ال َعيَان بالتف سي التقدم‪ ،‬وشهادة العدل ي ف ما فوق‪،‬‬
‫حقّةـ وهذا هو مع ن قوله‪( :‬وا ستثن القرار‪..‬ال) أي ا ستثن من الطرق ال ت تتأدى ب ـها‬ ‫والشهرة ا ُل ِ‬
‫موجبات الباءة ف موجبات الوَلية القرار فإنـه ل يوجبـها ما ل يكن ثة موجب آخر‪ ،‬وقوله‪:‬‬
‫(بوا حد) متعلق بقوله‪ :‬ت ب‪ ،‬وقوله‪ ( :‬من أر بع) متعلق بوا حد‪ ،‬وجلة (تعت قب) ن عت لر بع‪ ،‬وتعت قب‬
‫بالبناء للمفعول(‪ )278‬أي يؤ تى ب ـها ف ع قب هذا الكلم‪ ،‬و(عيان) بدل تف صيل من أر بع و ما بعده‬
‫عطف عليه‪.‬‬
‫من واحـــد عـــــدل‬ ‫(‪()222‬والخلف في رفيعة الوَليـــــة‬
‫بل عناية)‬
‫وقيـــــل ل لــــزوم ثـم‬ ‫(‪()223‬وإن تكن عنيتـه فألــــــزم‬
‫يعلــم)‬
‫هذا هو الطر يق الرا بع من الطرق ال ت تتأدى ب ـها موجبات الوَل ية و هو الطر يق الختلف ف يه؛ و هو‬
‫رفيعة العالم الواحد با يوجب الوَلية لعي‪ ،‬فذهب بعض ال أنـه حجة له وعليه وحلوه على‬
‫مع ن الشهادة ف حقوق ال ك صوم رمضان وكطهارة الثياب من النجا سات فإن العدل ف كل ذلك‬

‫‪ )(278‬البناء للمفعول والبناء للمجهول بع ن وا حد و هو أن ي سند الف عل ال الفعول ب ـه ب عد ضم أوله وك سر ما ق بل آخره‬


‫وحذف فاعله‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪201‬‬


‫ح جة‪ ،‬وذ هب قوم إل أن رفي عة العال العدل غ ي موج بة للوَل ية ح ت يكو نا عدل ي فالوجوب حينئذ‬
‫متح تم كالشهادة ف القوق‪ ،‬وذ هب قوم ال التفصيل على أنـه إن ُسئِل هذا العدل عن وَلية مع ي‬
‫وجبـت وليتــه على السـائل وإن ل يُسـأل عنــها كأن ينطـق بــها ابتداء فل وجوب قياسـا على‬
‫ا ُلعَدّل(‪ )279‬إذا سُئل عن عدالة ُم َعيّن وجب قبول قوله ف التعديل وإن ل يُسأل فل وجوب وهذا معن‬
‫قول الناظم‪( :‬وإن تكن عنيتـه فألزم) فالعناية هنا القصد َعبّرَ بـها عن السؤال للزمتـها له‪ ،‬وذهب‬
‫آخرون ال التخيي ف رفيعة العال العدل للوَلية أي إن شاء الرفوع له قبلها َفتَ َولّى وإن شاء تركها من‬
‫غي تكذيب للرافع وهو معن‪( :‬وقيل ل لزوم‪ ..‬ال) فيدخل تت هذا التأصيل رفيعة العمى للوَلية‬
‫صرّح‬
‫فقد قيل فيها أيضا باختلف ورفيعة الرأة والعبد ففي رفيعة كل واحد من هؤلء للوَلية اختلف َ‬
‫بـه الثر‪ ،‬الصحيح بشرط أن يكون كل واحد من الرافعي عالا بالوَلية والباءة‪.‬‬
‫تفصيــــل ما‬ ‫(‪()224‬لكن على العدول ليس العلـــمــــا‬
‫جـــاءوا بـه ليُعلَما)‬
‫الستدراك من قوله‪( :‬أو شهادة عدلي)(‪ )280‬ف البـيات التقدمة‪ ،‬أي ينقسم الرافعون للوَلية والباءة‬
‫إل قسمي؛ ضعفاء وعلماء‪ ،‬فأما الضعفاء(‪ )281‬فعليهم تفصيل ما رفعوا من الوَلية والباءة فإذا قالوا‪ :‬إن‬
‫فلنا َولِ يّ أو عدو مستوجب للباءة فإنـه ليوز لك أن تتول أو تتبى بقولم هذا حت يفصلوا ـ‬
‫أي يب ـينوا ـ العمال ال ت ا ستوجب ب ـها هذا ا ُل َعيّ ن الوَل ية أو الباءة فتن ظر أ نت في ها إن كا نت‬
‫موجبة ل ما‪ ،‬وعلة ذلك النع أن الضعيف ل يعرف المور الت تو جب الوَلية ول المور ال ت تو جب‬
‫الباءة‪ ،‬وقيل يقبل قولم من غي تفصيل والعلة فيه ثقتـهم وعدالتـهم على أنـهم ل يقولون بشيء‬
‫غ ي معلوم عند هم حكاه الش يخ نا صر بن أب ـي نب ـهان‪ ،‬وأ ما العلماء و هم العالون بأ صول الوَل ية‬
‫والباءة وأحكامها فليس عليهم تفصيل ـ أي تبـيي ـ فيما رفعوا من وَلية أو براءة بل يب قبول‬
‫قولمـ ولو ممل‪ ،‬اللهـم إل أن يكون هؤلء العلماء رفعوا الباءة مـن ر جل ع ند َوِليّهـ على غ ي و جه‬
‫الشهادة عل يه ب ـها فإن ـهم يكونون بذلك مبطل ي عنده ملوع ي بتلك الرفيعـة ح ت يتوبوا أو يأتوا‬
‫بشاهدي عدل على تصديق ما قالوه أو أربعة شهود ف الزنا‪..‬ويستثن من هذا القام ما إذا كان التول‬
‫مشاهدا لدث ول يه فلم يعرف ال كم ف يه فقال العال إن هذا الدث مُ َكفّ ر وان صاحب هذا الدث‬
‫كافر وأن فلنا كافر بدثه كذا وكذا فكل هذا من العال فتوى تقوم بـه الجة على ا ُلتَولّي ـ بكسر‬
‫اللم ـ على ترك وَلية ا ُلتَولّى ـ بفتحها ـ أو يتوب من حدثه ذلك‪ ،‬فإن برئ العال من ولِيّ هذا‬

‫‪ )(279‬ف علم الرح والتعديل ف الديث أو غيه من القضايا وأشباهها‪.‬‬


‫‪ )(280‬ف البـيت رقم‪.)220( :‬‬
‫‪ )(281‬وهم عوام اللق‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪202‬‬


‫ا ُلتَولّي بالدث الذي شاهده من ـه من غي تب ـيي ول فتوى فل يوز ل حد ول يلزمه أن يبأ بباءة‬
‫العال منـه ول يوز للمُتولّي أن يبأ من العال بسبب براءتـه من َولِيّه بدثه الذي علمه منـه‪ ،‬فإن‬
‫قيل ما الفرق بـي الالتي فقد ألزمتموه بوجوب الباءة من َولِيّه ف الالة الول ول توّزوها له ف‬
‫مفْت ِـي وال جة قائ مة من فتواه و ف الالة الثان ية‬‫الالة الثان ية؟ فالواب‪ :‬أن العال ف الالة الول ُ‬
‫حاكم ول يوز لحد أن يكم بكم الاكم حت يعلم الكم ف ذلك الشيء كعلم الاكم فيه وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫فصـــــل‬
‫في أحوال الوَلِـي بالظاهـر‬
‫على الورى سريـــــرة‬ ‫(‪()225‬وفي ولـــــي وجبــــت وَليتـه‬
‫براءتـه)‬
‫بـها جهــــــارا للبراءة‬ ‫(‪()226‬إن وجبـــــت عليك والذي نطق‬
‫استحق)‬
‫ي‬
‫حـــــرِ ْ‬ ‫فهالك وهو َ‬ ‫(‪()227‬ومــــــن يبــح براءة من نفســـه‬
‫ســـه)‬ ‫خ ِّ‬
‫ب ِ‬
‫الولياء بكم الظاهر على صنفي؛ فصنف تب لم وَلية على العموم من أهل الدار‪ ،‬وصنف ل تب‬
‫لم وَلية على العموم وإنا تب على الصوص من عرف منـهم الوافقة وسيأت بـيان الكم فيهم‪.‬‬
‫فا ما أ هل ال صنف الول فل يوز ل حد الباءة من ـهم جهرا وإن أتوا ما ي ستوجبون ب ـه الباءة ف‬
‫ح كم الظا هر إذا ل يشت ـهر من ـهم ذلك‪ ،‬وإن ا على من علم من ـهم ذلك الدث أن يبأ من ـهم‬
‫سِرّا ول يوز أن يُظهر الباءة منـهم مع أحد من الناس إل مع مَن َعلِ مَ َكعِلمِه فيهم وهذا معن قول‬
‫النا ظم‪ ( :‬سريرة براءت ـه‪ ،‬إن وج بت عل يك)‪ ،‬وأشار بقوله‪( :‬والذي ن طق ب ـها‪ ..‬ال) ال ح كم من‬
‫أظ هر الباءة من أ هل هذا ال صنف ع ند من ل يعلم كعل مه في هم‪ ،‬فح كم ذلك أن ـه م ستحق للباءة‬
‫من ـه م ن سع من ـه ذلك القول لن ـه ف ح كم الظا هر قاذف لولِ يه والقاذف للول مستحق للباءة‬
‫وإن كان هو ف السريرة صادقا لنـه ليل له أن يالف الكم الظاهر‪ ،‬وليس له أن يأت بفعل يبـيح‬
‫بـه من نفسه الباءة لحد من الناس ومن أتى بفعل يبـيح بـه من نفسه الباءة فهو هالك ف الخرة‬
‫ما ل يتب من ذلك الفعل‪ ،‬وسبب هلكه أنـه قد خالف ما أمر ال بـه من وجوب تنّب الضِلت‬
‫ف الظا هر و من خالف ما أو جب ال عل يه ف هو هالك‪ ،‬ومع ن (حري) ـ بتخف يف الياء للوزن ـ‬
‫حقيق؛ أي وهو حقيق بتلك السة الت أنـزل نفسه فيها‪.‬‬
‫وَلية لهـم‬ ‫(‪()228‬وإن يكن من الُلـــــى لم تــــــلزم‬
‫علـــــى الكل اعلـــــم)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪203‬‬


‫وَلية والبعـــــض‬ ‫(‪()229‬فبعضهم رخص(‪ )282‬ما لــــم تعلم‬
‫من ذا يحتـــمي)‬
‫هذا هو الصنف الثان من صنفي الولياء بكم الظاهر وهم الذين ل تب لم وَلية على الكل لكن‬
‫على الصوص من علم منـهم الوافقة ف الدين بالقول والعمل‪ ،‬فإذا علم أحد من أهل هذا الصنف ما‬
‫ي ستوجبون ب ـه الباءة ف قد اختلف ف جواز اظهار الباءة من ـهم ع ند من ل تعلم ل م وَل ية عنده؛‬
‫فبعض هم و سّع ف اظهار الباءة من ـهم ع ند من ل يعلم من ـه أن ـه يتول هم لن ال صل عدم ثبوت‬
‫وليتـهم على أحد من الناس‪ ،‬وبعضهم منع من اظهار الباءة منـهم مافة أن يصادف من يتولهم‬
‫فيكون ال تبي من ـهم مب ـيحا من نف سه الباءة ع ند ذلك التول ل م‪ .‬وأقول‪ :‬إن هذا الحتمال مع‬
‫قربـه ل يفيد النع من اظهار الباءة منـهم ول يكون التبي منـهم عند من ل يعلم أنـه يتولهم‬
‫مبـيحا من نفسه الباءة لنـه إذا وَ ِسعَه أن يتبأ منـهم وإن على قولٍ لبعض السلمي فليس للمتول‬
‫لم أن يبأ من هذا التبي منـهم الخذ بقول من أقوال السلمي‪ ،‬نعم إن أخبه بأن ذلك الذي يتبأ‬
‫منـه ولّ له فعلى هذا أن يكفّ عن الباءة منـه عنده فإن أصر عليها بعد ذلك كان حينئذ مبـيحا‬
‫من نفسه الباءة عند من يتوله ووجه ذلك أن من يدعي وَلية أحد من الناس فهو مُصَدّق ف دعواه ما‬
‫ل ينـزل من يدعي هو وليتـه منـزلة من تب الباءة منـه بالشهرة أو تقوم عليه البـينة بدثه‬
‫الُ َكفّر وال أعلم‪.‬‬
‫ل بأس إن بكفره قد‬ ‫(‪()230‬وإن يكن كفرانـه مشتـهرا‬
‫جهـــــرا)‬
‫الراد بـ(الكفران) الفعل الوجب للباءة‪ ،‬والراد بـ(الكفر) ما يشتمل النفاق والشرك؛ والعن إذا كان‬
‫الفعل الوجب للباءة مشتـهرا بـي الاص والعام فل بأس على أحد بإظهار الباءة منـه لنـه قد‬
‫ن ـزل ف من ـزلة ل ي صح ل حد أن يتوله علي ها ـ ولو كان ف ال صل ق بل الدث م ن ت ب على‬
‫اللق وليتـه أو من تكن وليتـه لحد من الناس دون غيه ـ والدّعي لوَليتـه بعد شهرة حدثه‬
‫غي مَ سْمُوع [له](‪ )283‬فل حجةَ ل هُ على ا ُلَتَبرّي منـه ول ُح ْرمَةَ لذلك ا ُلَتبَرّى منـه لقوله ‪» :‬مالكم‬

‫‪ )(282‬ف الصلي‪ :‬وسّع‪ .‬والتصحيح من "الشارق" (‪ )2/239‬وليس بـي اللفظتي كبـي فرق ف هذا القام‪.‬‬
‫‪ )(283‬زيادة من ليضاح العن‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪204‬‬


‫وللمنافق قولوا فيه ما فيه«(‪ )284‬ولقوله ‪» :‬أذيعوا بب الفاسق ليحذر الناس شره«(‪ ،)285‬وأشار بقوله‪:‬‬
‫(لبأس ‪..‬ال) إل أن إظهار كفر من اشتـهر كفره جائز ل واجب فالمر ف الديثي إنا هو للباحة‬
‫ل للوجوب وال أعلم‪.‬‬
‫بكفــــــره إن لم يتب‬ ‫ي لـــــك قـــل‬ ‫(‪()231‬ومتبرٍ من ول ٍ ّ‬
‫عما فعل)‬
‫(‪)286‬‬
‫ستَتِيبـه فلم يتب‪ ،‬قال الشيخ‬ ‫أي إذا كان لك ول فبئ منـه ُمَتبَرّ فعليك أن تبأ منـه بعد أن تَ ْ‬
‫ناصر بن أبـي نبـهان(‪" :)287‬إذا قذف وليّك قاذ فٌ استتبـه فإن امتنع فنَبـهه بوجوب التوبة عليه‬
‫فإن امتنع فحينئذ عليك أن تبأ منـه"‪ .‬قلت‪ :‬والستتابة قبل الباءة مستحسنة وف وجوبـها اختلف‬
‫من الفقهاء ـ كما سيأت إن شاء ال تعال ف الباب الرابع من هذا الركن ـ‪.‬‬

‫‪ )(284‬ل يتيسر ل العثور عليه ‪ ..‬وجاء عن السن البصري أنـه قال‪" :‬ثلثة ليست لم حرمة ف الغيبة‪ :‬فاسق يعلن الفسق‪،‬‬
‫والمي الائر‪ ،‬وصاحب البدعة العلن البدعة"‪ .‬رواه البـيهقي ف "شعب اليان" [‪ ]9669‬وابن أبـي الدنيا ف "الصمت"‬
‫[‪ ]235‬وف جزء "ذم الغيبة والنميمة" [‪ 98‬و ‪.]101‬‬
‫‪ )(285‬ل يتيسر ل العثور عليه بـهذا اللفظ وجاء من طريق بـهز بن حكيم عن أبـيه عن جده الصحابـي معاوية بن حيدة‬
‫ـ وبعض من خرّجه جعله مقطوعا عن بـهز ـ بلفظ‪» :‬أترعون عن ذكر الفاجر اذكروه با فيه كي يعرفه الناس ـ‬
‫وف رواية‪ :‬يذره الناس ـ« وهذا رواه الطبان ف "الكبـي" [‪ 19/418‬برقم ‪ ]1010‬والبـيهقي ف "السنن الكبى" [‬
‫‪ ]20914‬وفـ "شعـب اليان" [‪ 9666‬و ‪ ]9667‬والليلي فـ "الرشاد" ص(‪ )297‬والطيـب فـ "تاريـخ بغداد" (‬
‫‪ 1/399‬ـ ‪ 7/270‬و ‪ 271‬و ‪ )278‬و ف "الكفا ية" ص(‪ )42‬وا بن أب ـي الدن يا ف "ال صمت" [‪ ]221‬و ف جزء "ذم‬
‫الغيبة" [‪ ]84‬وابن عدي ف "الكامل" (‪ 2/173‬ـ ‪ 3/289‬ـ ‪ 5/134‬و ‪.)221‬‬
‫‪ o‬وورد بلفـظ‪» :‬ليـس للفاسـق غيبـة« مـن الطريـق الذكورة رواه الطـبان فـ "الكبــي" [‪ 19/418‬برقـم ‪]1011‬‬
‫والب ـيهقي ف "الش عب" [‪ ]9665‬والط يب ف "الكفا ية" ص(‪ )42‬والقضا عي ف "الشهاب" [‪ 1185‬و ‪ ]1186‬وا بن‬
‫عدي ف "كامله" (‪ 2/174‬ـ ‪.)5/221‬‬
‫وهذه الروايات مل نظر فإن بـهز بن حكيم متلف فيه و كشف حاله ف "ميزان العتدال" للذهبـي (‪ )1/353‬فقال‪:‬‬
‫"وثقه ابن الدين‪ ،‬ويي‪ ،‬والنسائي‪ .‬وقال أبوحات‪ :‬ل يتج بـه‪ .‬وقال أبوزرعة‪ :‬صال‪ .‬وقال البخاري‪ :‬يتلفون فيه‪ .‬وقال‬
‫ابن عدي‪ :‬ل أر له حديثا منكرا‪ ،‬ول أر أحدا من الثقات يتلف ف الرواية عنـه‪ .‬وقال صال جزرة‪ :‬بـهز عن أبـيه عن‬
‫جده؛ اسناد أعرابـي‪ .‬وقال أحد بن بشي‪ :‬أتيت بـهزا فوجدتـه يلعب بالشطرنج‪ .‬وقال ابن حبان‪ :‬كان يطئ كثيا‪،‬‬
‫فأما أحد واسحاق فاحتجا بـه‪ ،‬وتركه جاعة من أئمتنا ‪ ...‬وقال الاكم‪ :‬ثقة؛ انا أسقط من الصحيح لن روايتـه عن‬
‫أبـيه عن جده شاذّة ل متابع له عليها" ا‪.‬هـ وحسم حاله مردّه ال الذاق الهرة‪ ،‬ولو كان له متابع لاتي الروايتي لمكن‬
‫تسي بعضها‪ ،‬ول أقوى على أكثر من هذا‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(286‬أي ت ستتيب ذلك ال تبي م ن توليت ـه أ نت‪ ،‬مثاله أن تكون متول يا لح مد ث عل مت أن عبدال ي تبأ من ـه فعل يك أن‬
‫تستتيب عبدال فإن ل يتب من الباءة من ممد فعليك أن تبأ من عبدال هذا‪.‬‬
‫‪ )(287‬تقدمت ترجت عند البـيت رقم (‪.)218‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪205‬‬


‫عذرا لـــــه‪ ،‬إن لم‬ ‫(‪()232‬وفي ولي ترك الفـــــرض اقتفـي‬
‫تجد عنـه قــف)‬
‫ولتَبَْر إن لـــــم‬ ‫(‪()233‬ثم استتبـه إن يكـــــن منك قبل‬
‫ما عمل)‬ ‫جعَن ع َّ‬
‫ير ِ‬
‫أي إذا أحدث الول حدثا فل يلو ذلك الدث من أحد أمرين‪ :‬إما أن يكون فيه حق ل جلّ فقط‪ ،‬أو‬
‫ل وللعباد معا‪ ،‬ـ وسيأت بـيان المر الثان إن شاء ال تعال ـ فإن أحدث حدثا فيه الق ل وحده‬
‫كترك فريضة من صلة أو صيام أو نو ذلك فـ(اقتفي) أي اتبع العذر له ف ذلك؛ فإذا احتمل له وجهُ‬
‫عُ ْذرٍ من نسيان ونوه فهو على احتماله حت يصح بطلنـه‪ ،‬ول يوز لك أن تبأ منـه على هذا فإذا‬
‫انق طع العذر وارت فع الحتمال فالختار أن ت ستتيبـه فإن تاب ر جع ال وليت ـه وإن امت نع فعل يك أن‬
‫تبأ منـه ول يوز لك التمسك بوليتـه ول الوقوف عنـه ف هذه الالة‪.‬‬
‫حــــــق وللعباد‬ ‫(‪()234‬وإن أتى الـــــولي مـــا لله بـه‬
‫كالقتل انتبـه)‬
‫عنـه‪ ،‬وفي‬ ‫(‪()235‬توله والبعـــــض منـه يقـــــــف‬
‫الــــــبراءة منـه ضعف)‬
‫فـــــي أصله وعارض‬ ‫حجـَرا‬ ‫(‪()236‬كذاك إن أتـــــى بفعـل ُ‬
‫الحل يُرى)‬
‫حقا وباطــــــل وإل‬ ‫(‪()237‬هذا إذا ما كان فعله احتمـــــل‬
‫حيث حـل)‬
‫أي إذا أحدث الول حد ثا يكون ال ق ف يه ل وللعباد كق تل الن فس ونوه؛ فلك ف يه ثلث طرق إذا ل‬
‫ي صح عندك أن فعله ذلك حق أو ي صح أن ـه با طل فإن صح ح قه فل يس إل الوَل ية وإن صح باطله‬
‫فليـس إل الباءة وهذا معنـ قول الناظـم‪( :‬هذا إذا مـا كان‪ ..‬البــيت ال آخره)‪ ،‬ومعنـ قوله‪( :‬وإل‬
‫حيث حل) أي وإن ل يتمل حقه وباطله فأنـزلْه حيث نـزل من حق أو باطل‪ ،‬وأما قوله‪( :‬كذاك‬
‫إن أتى ‪..‬ال) ففيه الشارة إل حكم الول إن أتى فعل مجورا ف الصل لكن يصح أن تكون الباحة‬
‫فيه عارضة فأشار ال أن حكم الول عند هذه الالة كحكمه فيما إذا أتى بفعل فيه ل حق ولعباده حق‬
‫أي ضا أي فلك ف يه الطرق الثل ثة؛ فمثال ماكان أ صله مجورا والبا حة ف يه مك نة لعارض هو أن ترى‬
‫وليّ ك يأ كل ل ما من يد مو سي‪ ،‬فإن الل حم من يده حرام ف ال صل ل ن ل يعلم أن ا ُلذَكّ ي لذلك‬
‫اللحم من توز ذكاتـه‪ ،‬والباحة فيه مكنة لحتمال أن يكون الذابح هو غي الجوسي فمن هنا صح‬
‫ف هذا الوضع الطرق الثلثة‪:‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪206‬‬


‫الطريق الول‪ :‬بقاؤه على حالتـه الول من الوَلية وعليه المام أبوعلي(‪ )288‬ـ رضي ال تعال عنـه‬
‫ـ وصححه المام أبو سعيد ـ رضي ال تعال عنـه ـ ف "الستقامة" وذلك أن وليتـه وقعت‬
‫بـيقي ول يزيل اليقي إل يقي مثله‪.‬‬
‫الطر يق الثا ن‪ :‬الوقوف عن ـه بالرأي ل ا د خل ف يه من الشكال ما فة أن تتول مد ثا‪ ،‬قال المام أ بو‬
‫سعيد(‪ )289‬ـ رضي ال عنـه ـ‪" :‬وهو أسلم"‪ .‬يعن أن الوقوف أسلم ـ أي أقرب إل السلمة ـ‪.‬‬
‫الطريق الثالث‪ :‬الباءة منـه على أنـه أتى مجورا ف حكم الظاهر حت يصح أنـه أتاه على وجه من‬
‫وجوه الق وعليه المام موسى بن أبـي جابر(‪ )290‬حيث قال‪" :‬أتول القتول وأبرأ من القاتل"‪ .‬وقد‬
‫ضعف هذا الطريق جدا المام أبو سعيد ف "الستقامة" يراجعه من أراد الوقوف عليه‪ ،‬فإذا ادّعى هذا‬

‫‪ )(288‬المام أ بو علي مو سى بن علي بن عزرة الزكوي من كبار علماء الباض ية ف القرن الثا ن الجري‪ ،‬ولد ف "إز كي"‬
‫احدى الدن العريقة ف عمان سنة ‪177‬هـ وتتلمذ ف بادئ المر على يد والده الشيخ علي بن عزرة وعلى العلمة هاشم‬
‫بن غيلن السيجان وفاق أهل زمانـه وهو ف سن مبكر‪ ،‬وكان مرجع الئمة والعلماء آنذاك فهو شيخ السلمي ف تلك‬
‫الق بة‪ .‬ك ما عا صر من أئ مة العدل المام غ سان بن عبدال والمام ع بد اللك بن ح يد والمام اله نا بن جي فر ومات ف‬
‫زمانـه‪ .‬وهو من أسرة عريقة تشتـهر بالعلم حت أن جده عزرة أحد العلماء الذين يشار إليهم بالبنان‪ .‬هذا وللمام أبو علي‬
‫كتاب "الامع" يقول عنـه الشيخ البطاشي ف "اتاف العيان" (‪" :)1/190‬وهذا الكتاب أظنـه من جلة الكتب الفقودة‬
‫فقد بثت عنـه ف كثي من الكتبات الت اطلعت عليها ‪ ..‬وما وجدتـه ‪ ..‬مع شدة البحث‪ ،‬فلعله فُقد أو احتكره من ل‬
‫يعرف قي مة العلم وأهله"‪ .‬وله ك ما ف "ت فة العيان" لل سالي (‪ 1/97‬ـ ‪ )101‬ر سالة مطولة للمام ع بد اللك بن ح يد‬
‫يتجلى فيها أحوال أئمة وعلماء عمان حي يقوم العال بإسداء النصيحة الفترضة عليه لولة المر بن فيهم المام العادل نفسه‬
‫ويكشف له با أتاه ال من نور البصية ما يؤدي إل صلح الدين والدنيا ف الوقت نفسه ترى فيه المام يتلقى من العال ما‬
‫يود بـه من الراء بصدر رحب ف مشهد يعود بالذاكرة إل عهد اللفة الراشدة الت ل تعرف الستبداد بالرأي والنفراد‬
‫باللك‪ .‬وترك من ولده الشيخي موسى بن موسى وأخيه ممد بن موسى وكانا من العلماء البارزين‪ .‬وكانت وفاتـه ف عام‬
‫‪230‬هـ وعمره ‪ 53‬سنة‪"( .‬السية" لبن مداد ص ‪ 30‬ـ "تفة العيان" للسالي ‪ 1/97‬ـ ‪ 101‬ـ "اتاف العيان"‬
‫للبطاشي ‪ 1/181‬ـ ‪.)190‬‬
‫‪ )(289‬تقدمت ترجتـه تت البـيت رقم (‪.)21‬‬
‫‪ )(290‬الشيخ موسى بن أبـي جابر الزكوي من بن ضبة بن سامة بن لؤي بن غالب‪ ،‬أحد علماء الباضية من أهل عمان ف‬
‫القرن الثان الجري وهو جد الشيخ موسى بن علي لمه‪ ،‬وكان أحد النفر الربعة الذين تلقوا علومهم ف البصرة على يد‬
‫الافظ الربـيع بن حبـيب الفراهيدي وعادوا إل عمان‪ .‬كان داعية للخي مصلحا لحوال الرعية مع اتصافه بأنـه سياسي‬
‫منك استطاع با أتاه ال من فضله أن يهيء الظروف الناسبة لسترجاع المامة العادلة بعد مقتل المام العادل اللندى بن‬
‫م سعود ـ و قد قتله خازم بن خزي ة قائد ال سفاح العبا سي سنة ‪134‬ه ـ تقري با وب عث برؤو سهم! إل ال سفاح!! ح ت أن‬
‫خازما هذا لا حضرتـه الوفاة قيل له‪ :‬أبشر فقد فتح ال على يديك‪ .‬فقال‪ :‬غررتونا ف الياة وتغرروننا ف المات هيهات‬
‫هيهات فك يف ل بق تل الش يخ!! العما ن؟!‪ .‬ك ما ف "ت فة العيان" (‪ )1/65‬ـ قال الش يخ خالد بن قحطان العما ن ف‬
‫"سيتـه" (ضمن "السي والوابات" ‪:)1/121‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪207‬‬


‫القاتـل على ذلك القتول بعـد قتله دعوى يصـح بــها تليـل دم القتول كأن يقول‪ :‬إنــه ارتـد عـن‬
‫السلم أو جاءه ليقتله فسبقه أو أدركه على امرأتـه فقتله ونو ذلك‪ ،‬فإن كان القتول وليا ففي كل‬
‫هذا يكون القاتل قاذفا ملوعا عن حكم السلم حت يأت بشاهدي عدل تصديقا لقالتـه ـ ف غي‬
‫الزنا ـ وبأربعة شهود ف الزنا‪ ،‬وإن كان القتول غي ول فل بأس على من قال فيه شيئا(‪ )291‬من ذلك‬
‫إل إذا رماه بالزنـا فإن القاذف بالزنـا ملوع شرعـا سـواء كان القذوف وليـا أو غيـ ول حتـ يضـر‬
‫الشهود على ذلك وال أعلم‪.‬‬
‫يوجــــب كفـــــر‬ ‫(‪()238‬وفي ولــــيــــــين تخالفـــــا بمـــا‬
‫واحد فانبـهمــا)‬
‫وقوف رأي إن‬ ‫(‪()239‬تول بالرأي وإن شئـــــت فقـف‬
‫يكـــــونا في ضعف)‬
‫وَلية المحــــــق‬ ‫(‪()240‬وإن يكونــا عالــمـــــين تلــــزم‬
‫فيمـــــــا نعلــــــم)‬
‫"‪ ..‬فلما اجتمع الناس ف العسكر بنـزوى واختلط الناس‪ ،‬وحضر العسكر من أهل عمان رجال لم أحدثة ل يُؤمنون‬
‫على الدولة‪ ،‬خاف موسى بن أبـي جابر على الدولة رئيسا ـ من أهل عمان كانوا قد حضروا ـ أن يغلبوا على المر ول‬
‫يكون للمسلمي قول وتقع الفتنة‪ .‬فقال‪ :‬قد ولينا فلنا قرية كذا وكذا‪ ،‬وقد ولينا فلنا قرية كذا وكذا ـ حت عدّد الذين‬
‫ياف هم ـ وولي نا ا بن أب ـي عفان ن ـزوى وقريات الوف ـ وأح سب أن ـه قال‪ :‬ـ ح ت ت ضع الرب أوزار ها‪ .‬فقال‬
‫بش ي‪ :‬ك نا نرجوا أن نرى ما ن ب ف قد رأي نا ما نكره وال مد ل‪ .‬فقال مو سى‪ :‬ما فعل نا إل مات ب‪ .‬ث أعل مه إن ا أراد أن‬
‫يرجهم من العسكر ويفرق بعضهم عن بعض‪..‬‬
‫فلما خرجوا من نـزوى كتب موسى بن أبـي جابر ف آثارهم فعزلوا قبل أن يصلوا القرى الت ولهم موسى رحه ال‪.‬‬
‫وإنا كانت حيلة منـه رحه ال احتالا للمسلمي حدثن بـهذا ثقة من السلمي من أهل العلم والورع‪ ،‬وبقي ابن ابـي‬
‫عفان ف العسكر فظهرت للمسلمي منـه أحداث ل تعجبـهم فلم يرضوا بسيتـه‪ ،‬وأخرجوه من نـزوى عن وجوههم‬
‫حيلة من ـهم‪ ،‬فل ما خرج من ن ـزوى اجتمعوا واختاروا لنف سهم إما ما فقدموا وارث بن ك عب إما ما ‪ ."..‬ا‪.‬ه ـ ومن ـه‬
‫يتضح الدور الذي قام بـه الشيخ موسى ف ضبط أحوال الدولة وتنصيب المام العادل الوارث بن كعب وف "تفة العيان"‬
‫للسالي (‪" :)1/77‬لا أراد السلمون أن يعزلوا ممد بن أبـي عفان حضر موسى بن أبـي جابر العسكر وهو شيخ كبـي‬
‫مشدود على حاجبـيه بعمامة وهو نائم ـ مستلق ـ على سرير ف العسكر‪ ،‬وقد خرج وارث يريد العسكر مناظرا متجا‬
‫على ا بن عفان إذ أرادوا عزله‪ .‬فقالوا لو سى‪ :‬مَن إمام نا؟‪ .‬فقال مو سى‪ :‬أ نا إمام كم‪ .‬فل ما و صل وارث إل ن ـزوى أ خذ‬
‫موسى بـيده فقدمه إماما‪ ،‬فما علمنا أن أحدا من الناس عاب ذلك على وارث‪ .".‬ومنـه تتضح الكانة الت يتلها الشيخ ف‬
‫متمعه‪ ،‬وله تآليف لعبت بـها عوادي الدهر ل يبق منـها إل مسائل متناثرة ف الوامع الفقهية‪ .‬وكانت وفاتـه ف ‪11‬‬
‫مرم سنة ‪181‬هـ عن عمر يبلغ ‪ 94‬عاما‪.‬‬
‫("ال سي والوابات" ‪ 1/121‬ـ "ال سية" ل بن مداد ص ‪ 30‬ـ "ت فة العيان" لل سالي ‪ 1/77‬ـ "طلقات الع هد‬
‫الرياضي" للسيابـي ص ‪ 47‬ـ "اتاف العيان" للبطاشي ‪.)1/168‬‬
‫‪ )(291‬ف هذا نظر‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪208‬‬


‫وقيـــــل من لم‬ ‫(‪()241‬وأوجـبن بــــــراءة من المصــــر‬
‫يتـــوله عُــــــــــذر)‬
‫اذا اختلف الختلفان ف الد ين فل يوز أن يكون كله ا مق ي‪ ،‬ويوز أن يكون كله ا مبطل ي وأن‬
‫يكون أحدها مقا والخر مبطل‪ ،‬فإذا وقع ذلك ف حضرتك أو بلغك(‪ )292‬علمه [من حيث ل تشك‬
‫فيه](‪ )293‬فل يلو هذان الُختلِفان من أحد أمرين؛ إما أن يكونا غي وليي لك ـ فيما تقدم ـ فأنت‬
‫ف سلمة من أمره ا الل هم إل أن يكون ال حق من ـهما عال ا فيق يم ال جة عل يك ببطلن من خال فه‬
‫فحينئذ يلز مك أن تبأ من الب طل على الذ هب الختار‪ ،‬أو يكون الدث ف الملة فل ي سعك ال هل‬
‫بضلل ا ُلضِل‪ ،‬أو يكون الدث ف شيء من تفسيها فأنت على ما تقدم من الختلف‪.‬‬
‫وإن كانا وليي لك فيما تقدم فل يلوان من أحد أربعة أمور‪ 1 :‬ـ إما أن يكونا ضعيف ي معا‪ 2 .‬ـ أو‬
‫عال ي م عا‪ 3 .‬ـ أو الحق عال ا والب طل ضعيفا‪ 4 .‬ـ أو الع كس‪ .‬فإن كانا ضعيف ي معا فلك ف أمره ا‬
‫طريقان‪:‬‬
‫الطريق الول‪ :‬تنـزيلهما من وَلية الدين إل وَلية الرأي‪.‬‬
‫الطر يق الثا ن‪ :‬أن ت قف عن ـهما وقوف رأي‪ ،‬ومع ن وقوف الرأي أن تعت قد أ نك وا قف عن ـهما ل ا‬
‫عرض لك من ال مر الش كل ب يث ل يوز أن يكو نا ف يه كِله ا مق ي وتعت قد مع ذلك أ نك تتول‬
‫ال حق من ـهما و تبأ من الب طل‪[ ،‬فينب ن](‪ )294‬على ما ذكر نا أ نك إذا توليت ـهما برأي يوز لك أن‬
‫تد عو ل ما ك ما كان للول بشري طة(‪ ،)295‬وإذا وق فت عن ـهما بالرأي ل يوز لك أن تد عو ل ما ب ا‬
‫يستحقه الول حت يتبـي لك الحق منـهما فتواليه والبطل فتعاديه‪.‬‬
‫وإن كان كله ا عال ي فل يوز لك إل أن تتول ال حق من ـهما على ما كان عل يه من وَل ية الد ين‬
‫وتبأ من البطل بدين وهذه إحدى طريقتي فيه‪ ،‬والطريقة الثانية‪ :‬ل تلزمك الباءة من البطل منـهما‬
‫إذا ل يتبـي لك ضلله بل يوز لك أن تتوله برأي وأن تقف عنـه برأي وهذه الطريقة موقوفة على‬
‫شرطي؛ أحدها‪ :‬أن ل تمع الختلفي ف وَلية الدين‪ .‬وثانيهما‪ :‬أن ل تبأ من الحق منـهما لجل‬
‫قوله بالق وأن ل تقف عنـه برأي ول دين‪.‬‬

‫‪ )(292‬ف (ب)‪ :‬أو معك علمه‪ .‬والتصحيح من (أ)‪.‬‬


‫‪ )(293‬ساقطة من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(294‬من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(295‬أي يد عو له مع تضم ي أن تق قه مشروط بكون ـه ول يا ع ند ال أو كون ـه أ حد م ستحقي ال نة فإن ل ي كن كذلك‬
‫كأن يكون غي مستحق لذا الدعاء ـ كالرائي أو النافق ـ فل‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪209‬‬


‫∙وإن كان ال حق عال ا والب طل ضعي فا فه ما بن ـزلة أن لو كا نا عال ي‪ .‬وإن كان الب طل عال ا وال حق‬
‫ضعيفا فهما بنـزلة أن لو كانا ضعيفي وال أعلم‪.‬‬
‫قالــوا فذاك‬ ‫(‪()242‬ومن تولـــــى محــدثا لفعلــه‬
‫هالــــــك كمثله)‬
‫ل يوز ل حد أن يتول ُمحْدِثَا حَدَ ثا من الحداث القب ـيحة على حد ثه ذلك‪ ،‬و من ف عل ذلك ف هو‬
‫هالك كمثـل الحدث ويطلق عليـه مـن التسـمية مـا يطلق على الحدث قال تعال‪ :‬قــل فلم‬
‫تقتلون أنبـياء الله من قبل البقرة ‪ 91 :‬وكان هؤلء الخاطبون ف زمن خات الرسل ول‬
‫يقتلوا نب ـيا بأيدي هم وإن ا سّاهم قتلة لوليت ـهم آباء هم القاتل ي‪ ،‬وقال تعال‪ :‬ومـن يتولهـم‬
‫منكـم فإنــه منــهم الائدة ‪ 51 :‬ف قد ح كم رب نا تعال ف هذه اليـة على ا ُلتَ َولّي ب كم ا ُلتَ َولّى‬
‫فجعلهم سواء ف الضللة وال أعلم‪.‬‬
‫البــاب الثالــث‬
‫ـ من الركــن الثالـــث ـ‬
‫في الـوقـوف وأقسامـه‬
‫وأحكامـه‬
‫اشكــــال أو‬ ‫(‪()243‬وقوف ديـــن رأي أو ســـــــؤال‬
‫شــــــك على ضلل)‬
‫(الوقوف) ا صطلحا هو الم ساك عن الدخول ف وَل ية أ حد بعين ـه و عن الدخول ف الباءة من ـه‬
‫فيسمى المسك عن ذلك واقفا وأقسامه خسة‪ 1 :‬ـ وقوف الدين‪ 2 .‬ـ ووقـوف الرأي‪ 3 .‬ـ ووقوف‬
‫السـؤال‪4 .‬ــ ووقوف الشكال‪5 .‬ــ ووقوف الشـك‪ .‬فهذه خسـة وقوفات كلهـا جائزة إل الخيـ‬
‫منـها‪.‬‬
‫بدأ الناظم بوقوف الدين لكونـه أصل الوقوفات ولنـه الجتمع عليه وعلى وجوبـه دون الثلثة الت‬
‫تل يه فإن ـه متلف ف ثبوت ـها و ف وجوب ـها‪ ،‬وثَنّ ى بوقوف الرأي لكون الرأي جزءا من الد ين ف هو‬
‫عند من رأى ثبوتـه واجب ول يوز تركه ف موضعه عنده‪ ،‬وثلّ ثَ بوقوف السؤال لكونـه أخص‬
‫َبـ وقوف الرأي أوجـب وقوف السـؤال ونفاه‬ ‫مطلقـا مـن وقوف الرأي ومل ِزمَا له فبعـض مَن أوج َ‬
‫آخرون من ـهم‪ ،‬و َعقّب ـه بوقوف الشكال لكون ـه أ خص من وقوف الرأي أي ضا ف في ب عض صور‬
‫وقوف الرأي يكون وقوف الشكال و ف بعض ها ل يو جد‪ ،‬وخَتَم بوقوف ال شك ليتم كن من ب ـيان‬
‫حُكمه كما أشار ال ذلك بقوله‪( :‬أو شك على ضلل)‪.‬‬
‫خـــــيرا وشـــــراً‬ ‫ى لم تعهــد‬ ‫(‪()244‬فالديــــن في كــــل فت ً‬
‫منـه كيمــا تقتدي)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪210‬‬


‫هذا بـيان وقوف الدين وبـيان مله‪ ،‬فأما وقوف الدين فهو الكف عن وَلية معي وعن الباءة منـه‬
‫ـ ك ما تقدم ـ‪ ،‬وأ ما مله فإن ـه يكون ف كل مكلف ل تعلم من ـه من أعمال ال ي ما يو جب‬
‫الوَلية ول من أفعال الشر ما يوجب الباءة فإن حكم مثل هذا الشخص الوقوف وجوبا‪ ،‬ول يسعك‬
‫ف يه إل ذلك لن القدوم على وَل ية الجهول مجور دي نا وكذا القدام على الباءة من ـه‪ ،‬ومع ن قوله‪:‬‬
‫(كيما تقتدي) أي لتقتدي با علمت منـه‪ ،‬أي ل يتقدم لك فيه علم خي يوجب الوَلية ول علم شر‬
‫يوجب الباءة فتقتدي با علمت فيه‪ ،‬فـ(ما) ف قوله‪( :‬كيما) زائدة وال أعلم‪.‬‬
‫أمـرا عليـك‬ ‫(‪()245‬والرأي في الولــــي إن تسنَّمـا‬
‫حكمــــــه قـد أبـهمــا)‬
‫فهو حليــــــف الرأي‬ ‫(‪()246‬وقيل والســـــؤال مع ذا يلزم‬
‫مع من ألزموا)‬
‫وقوف الرأي هو أن تقف عن الذي تقدمت له عندك وَلية بسبب ركوبـه أمرا أشكل عليك حكمُه‬
‫واستتر عنك علمه فل تدري أهو حق فتواليه عليه أو باطل فتعاديه عليه فإن أصحابنا من أهل الشرق‬
‫ـ رح هم ال تعال ـ جوزوا لك ف هذه الالة الوقوف عن ول يك ح ت تعلم ح كم حد ثه و سوا‬
‫الوقوف بـهذا العن وقوف الرأي‪ ،‬وبعض من أجاز ذلك قد أوجب على الواقف أن يسأل عن حكم‬
‫حدث ول يه ح ت يرج عن حيّ ز الشكال ال مقام الب ـيان‪ ،‬و سوا الوقوف بالرأي مع اعتقاد ال سؤال‬
‫عن ح كم الدث وقوف ال سؤال وهذا مع ن قوله‪( :‬وق يل وال سؤال‪ ..‬الب ـيت)‪ ،‬وأ ما قوله‪( :‬ف هو‬
‫حل يف الرأي) أي فوقوف ال سؤال ملزم لوقوف الرأي ع ند الذ ين قالوا بلزو مه‪ ،‬أي ل يكون وقوف‬
‫ال سؤال ع ند القائل ي ب ـه إل و هو م صاحب لوقوف الرأي فإن كان مع وقوف الرأي اعتقاد سؤال‬
‫سُمّي وقوف سؤال ووقوف رأي‪ ،‬وإن ترد وقوف الرأي عن اعتقاد السؤال فيسمى وقوف رأي ليس‬
‫إل وال أعلم‪.‬‬
‫وقوف إشكـــــال إذا‬ ‫(‪()247‬وفي وليـين تلعنــــــا احكــم‬
‫لم يـعلم)‬
‫أن ل تولى غـــــير من‬ ‫(‪()248‬بطلن كل منـهمـــــا والشك‬
‫يشــك)‬
‫وقوف الشكال هو الوقوف عن الوليي إذا َفعَل ِف ْعلً يوجب كفر أحدها وذلك مثل أن يلعن بعضهما‬
‫بع ضا أو يبأ بعضه ما من ب عض ول ُيعْلَم أيه ما الب طل وأيه ما ال حق ف ذلك فإن الوا جب على من‬
‫يتوله ا إذا سع من ـهما ذلك أن ي قف عن ـهما لذا الشكال الذي ه ا فيه‪ ،‬فإن ـه ل بد من بطلن‬
‫أحدها فإذا تولها معا كان ول شك واقعا ف وَلية مبطل وإذا تبأ منـهما معا خيف عليه الوقوع ف‬
‫الباءة من ال حق‪ ،‬هذا على قول من أثبت وقوف الشكال من أصحابنا و هم الشار قة ـ رح هم ال‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪211‬‬


‫تعال ـ ومن أوجب اعتقاد السؤال عند وقوف الرأي أوجبـه هاهنا أيضا لكن ل على معن التجسس‬
‫على(‪ )296‬البطل من الوليي وإنا يعتقد السؤال عندهم ف هذا الوضع لقصد الروج عما وقع فيه من‬
‫الال‪ ،‬فإذا عرفت هذا كله فاعلم أن وقوف الشكال أخص مطلقا من وقوف الرأي فإن وقوف الرأي‬
‫ي صدق على الوقوف عن الولي ي إذا أحد ثا حد ثا ل يكونان ف يه مق ي فلم يُعلم مَن الب طل من ـهما‬
‫ويصـدق على الوقوف عـن الول إذا أحدث حدثـا ل تعرف حكمـه؛ ووقوف الشكال ل يصـدق إل‬
‫على الولي ي إذا أحد ثا حد ثا ل يُ ْدرَ أيه ما الب طل ف يه‪ ،‬وت سمية ال كل اصـطلح ول مشا حة ف‬
‫الصطلح‪ ..‬أما قوله‪( :‬والشك‪..‬ال) فهو اشارة ال بـيان حقيقة وقوف الشك و َعرّفَه بأنـه‪َ :‬ترْ كُ‬
‫وَلية من ل يشك مثل شكك‪ .‬أي فوقوف الشك هو أن تقف عن شيء وتترك وَلية من دخل فيه‬
‫بشرط أن يكون ذلك الشيء ل يوجب بطلن الداخل فيه‪ ،‬وحكم هذا الوقوف أنـه مرم لا فيه من‬
‫ترك وَلية الحق لجل حق دخل فيه وترك وليتـه بـهذا العن حرام فوقوف الشك أيضا حرام وال‬
‫تعال أعلم‪.‬‬
‫البـــاب الــرابـع‬
‫ـ من الركــن الثـالــث ـ‬
‫في أقسام الذنوب ومعرفة الصغائر والكبائر‬
‫منـها‬
‫ناسب ذكر هذا الباب ف هذا الركن إنا هو لجل ما يترتب على معرفة الصغائر والكبائر من أحكام‬
‫الوَل ية والباءة‪ ،‬على أ ن أقول‪ :‬إن علم الوَل ية والباءة إن ا هو منح صر ف معر فة ال صغائر والكبائر‬
‫فالعال بالصـغائر والكبائر عال بالوَليـة والباءة‪ ،‬ول يكون عالاـ بالوَليـة والباءة وإن أحاط بأقوال‬
‫العلماء فيهما حت يكون عالا بالصغائر والكبائر‪.‬‬
‫هذا وأما البابان اللذان يليان هذا الباب إنا ها معه بنـزلة الزء من(‪ )297‬الكل وبنـزلة التفصيل مع‬
‫الجال فإن كل منـهما ف بـيان بعض مصوص من الكبائر وف بـيان أحكام ذلك لكن لا كانت‬
‫تلك الكبائر الذكورة ف الباب ـي مت صة من ب ـي سائر الكبائر بأحكام تتر تب علي ها افرده ا ف‬
‫التراجم كما ل يفى ذلك على متأمل منصف وال أعلم‪.‬‬
‫ول ا كا نت جزئيات الكبائر وال صغائر يفوت ح صرها أ خذ العلماء ف ب ـيان الفرق ب ـينـهما إجال‬
‫ليستدل الواقف عليهما بـهذا الجال الذي ذكرتـه العلماء‪ ،‬وقد أخذوا ف تعريف الكبائر وعرّفوها‬
‫بدود كثية أصحها ما أشار إليه الناظم بقوله حيث قال‪:‬‬

‫‪ )(296‬ف الصلي‪ :‬عن‪ .‬وأصلحتـه للسياق‪.‬‬


‫‪ )(297‬ف (أ)‪ :‬إل‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪212‬‬


‫حد ٌّ بـه والبــــــاري‬
‫َ‬ ‫(‪()249‬والذنب قسمـــــــان كبـير وجبــا‬
‫منـه غضبـــا)‬
‫أو قبَّح الرســــــول‬ ‫(‪()250‬فأوجب اللعن عليه أو سخـــــــط‬
‫من بـه سقط)‬
‫ينقسم الذنب ال صغي وكبـي فأما الصغي فسيأت بـيانـه‪ ،‬وأما الـ(كبـي) فهو الذنب الذي‬
‫ثبت لفاعله بسببـه حَدّ ف الدنيا ـ كالزنا والسرقة وشرب المر ـ أو وعيد ف الخرة وهو ما أشار‬
‫اليه الناظم بقوله‪( :‬والباري منـه غضبا) وذاك مثل العقوق والرّبا‪ ،‬ويدخل تت هذا النوع ما ترتب‬
‫على فاعله ب سبب فعله الل عن كالشرك ف قوله تعال‪ :‬أولئك جزاؤهـم أن عليهـم لعنـة‬
‫صفَه بأن ـه كب ـي أو عظ يم‬
‫الله ‪ ..‬ال ية آل عمران ‪ 87 :‬وكذا أي ضا ما اقترن ب سخط من ال تعال فوَ َ‬
‫وذلك كما ف قوله تعال‪ :‬إنـه كان حوبا كبـيرا الن ساء ‪ 2 :‬سبحانك هذا بـهتان‬
‫عظيم النور ‪ 16 :‬وكذا يدخل تت هذا النوع أيضا الذنب الذي قال فيه رسول ال قبح ال فاعل‬
‫كذا‪)298( ..‬فإن التقبـيح ونوه ل يصدر من الشارِع إل على ما كان كب ـيا من الذنوب وال تعال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫إن خـــــف والرقــــص‬ ‫(‪()251‬وعكسه الصغير مثل الكـــــذب‬
‫ومثل اللعب)‬
‫(الصغي) من الذنوب هو عكس الكبـي فيقال ف تعريفه‪ :‬هو الذي ل يثبت على فاعله حَدّ ف الدنيا‬
‫سبَ هذا النكار ال ا بن عباس فروي عن ـه‬ ‫ول وع يد ف الخرة‪ .‬وأن كر بعض هم وجود ال صغائر ونُ ِ‬
‫أنـه قال‪" :‬كل معصية يُعصى ال بـها كبـية"‪ .‬وهذا النكار منـه ـ رضي ال عنـه ـ إنا هو‬
‫إنكار لتسمية الصغية صغية ل إنكار لكمها فإن حكمها ثابت بنص الكتاب ليس لحد رده‪ ،‬وبعض‬

‫‪ )(298‬يكن التمثيل له با ورد من لعنـه لبعض مرتكبـي الوبقات ـ ول شك أن اللعن أشد أنواع التقبـيح ـ‪:‬‬
‫‪ o‬كقوله ‪» :‬لعن ال المر وبائعها ومشتريها وعاصرها وحاملها والحمولة إليه وشاربـها« جاء من طريق ابن عباس‬
‫ر ضي ال عن ـهما رواه الرب ـيع الفراهيدي [‪ ]625‬والا كم ف "ال ستدرك" [‪ .]2234‬و من طر يق ا بن ع مر ر ضي ال‬
‫عنــهما رواه أحدـ فـ "مسـنده" [‪ ]5718‬وأبوداود [‪ ]3674‬والاكـم [‪ ]2235‬والطـبان فـ "الصـغي" [‪]740‬‬
‫والبـيهقي ف "الكبى" [‪ ]10778‬وغيهم‪.‬‬
‫‪ o‬وقوله ‪» :‬لعن ال النامصة والتنمصة والواصلة والستوصلة والواشة والستوشة والتفلجات للحسن« جاء من طريق‬
‫ابن عباس رضي ال عنـهما رواه الربـيع الفراهيدي [‪ .]637‬وجاء بألفاظ مقاربة من طريق ابن عمر رضي ال عنـهما‬
‫عنـد البخاري فـ "صـحيحه" [‪ 5931‬و ‪ 5937‬و ‪ 5940‬و ‪ 5943‬و ‪ ]5947‬ومسـلم فـ "صـحيحه" [‪]2125‬‬
‫والترمذي [‪ 1759‬و ‪ ]2783‬والنسائي ف "الصغرى" [‪ ]5109‬وابن ماجة [‪ ]1989‬وابن حبان [‪ ]5489‬والطيالسي [‬
‫‪ .]1825‬و من طر يق ا بن م سعود ع ند أح د [‪ ]4342‬وا بن حبان [‪ ]5481‬و هو موقوف عن ـه ع ند الدار مي [‬
‫‪ .]2647‬ورواه ابن حبان [‪ ]5490‬عن عائشة رضي ال عنـها‪ .‬ورواه ابن ماجة [‪ ]1988‬عن أساء رضي ال عنـها‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪213‬‬


‫أصحابنا قال بوجود الصغائر وأنكر تعيينـها ف الارج فمعه أنـها موجودة غي معلومة للبشر قال‪:‬‬
‫"ولو ُعيّنَت لكان تعيين ـها اغراء على ارتكاب ـها من ح يث أن ـها معفوّ عن ـها بإجتناب الكبائر"‪.‬‬
‫وذهب جهور أصحابنا من أهل الشرق ال أنـها موجودة ف الارج معلومة للبشر و َمثّلُوا لا بالكذب‬
‫الف يف وبالر قص وبالل عب الغ ي مباح وهذا مع ن قول النا ظم‪( :‬م ثل الكذب إن خف ‪..‬ال) والراد‬
‫بالكذب الف يف هو‪ :‬الذي ل ُيبْطَل ب ـه ح قٌ ول ُيعَطّ ل ب ـه ح كم‪ .‬فإن ترتّب عل يه أ حد هذ ين‬
‫الذكورين فليس بفيف ويكون حينئذ من كبائر الذنوب‪ ،‬والراد باللعب الغي مباح هو اللعب الذي ل‬
‫تَرِد من الشارع إباحتـه فإن ما كان منـه مباحا فليس بعصية أصل وذلك مثل ملعبة الرجل لفرسه‬
‫وقو سه و ِعرْ سِه وولده ال صغي و ما أشب ـه ذلك‪ ،‬ولرب ا خر جت هذه الشياء و ما أشب ـهها من حد‬
‫الباحة ال حد الندبـية وربا خرجت عن الباحة ال حكم(‪ )299‬التحري بسب النية وال تعال أعلم‪.‬‬
‫أتى الكبـير في‬ ‫(‪()252‬ومن أصَّر لصغير فكمـــــــن‬
‫الكتـــــاب والسنن)‬
‫للصـغائر مـن الذنوب أحكام كمـا أن لكبائرهـا أحكامـا أيضـا‪ ،‬فمـن أحكام الصـغائر ماهـو مشترَك‬
‫ب ـينـها وب ـي الكبائر و هو كون ال صرار علي ها كب ـية فإن كون ال صرار كب ـية موجود ف‬
‫ال صغائر والكبائر‪ ،‬و من أحكام ها ما هو م تص ب ـها دون الكبائر ـ و سيأت ب ـيانـه ع ند قول‬
‫الناظم‪( :‬والكم للراكب ذنبا صغرا‪ ..‬البـيت) ـ‪ ،‬فأما الصرار على الصغية فإنـه يصيها كبـية‬
‫آل عمران ‪:‬‬ ‫من كبائر الذنوب لقوله تعال‪ :‬ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون‬
‫‪ 135‬بعـد قوله تعال‪ :‬والذيــن إذا فعلوا فاحشــة أو ظلموا أنفســهم ذكروا‬
‫الله فاســتغفروا لذنوبـــهم ‪..‬اليـة آل عمران ‪ 135 :‬فإن قوله تعال‪ :‬ولم يصــروا‬
‫معطوف على قوله‪ :‬ذكروا الله فاستغفروا لذنوبـهم أي ذكروا عقاب ال فحملهم‬
‫ذلك على طلب الغفران والقلع عن الذنب وفعل ذلك واجب بعد فعل الفاحشة وبعد ظلم النفس‪،‬‬
‫ووجوب ذلك قط عي لذه ال ية وغي ها فوجوب العطوف عل يه قط عي لذلك‪ ،‬هذا تر ير ال ستدلل‬
‫بالية وفيه نظر ل يفى على متأمل ووجه ذلك النظر أنـه لو سُلّم وجوب ترك الصرار لا ذكر هاهنا‬
‫فليس فيه دليل على تريه ف الصغية لنـه إنا سيق ف مقام القلع عن الفاحشة وظلم النفس وها‬
‫سنّة وإجاع المة على أنـهم ل يتمعون على ضللة‬ ‫كبـيتان‪ ،‬فالحسن الرجوع ال الستدلل بال ُ‬
‫(‪)300‬‬
‫صرّون قدما ال النار«‬
‫بنص الشارع على ذلك ‪ ..‬فمن السنة الصرية ف ذلك قوله ‪» :‬هلك ال ِ‬

‫‪ )(299‬ف (ب)‪ :‬حد التحري‪ .‬وها سيان إذ القصود النتقال من الباحة ال التحري‪.‬‬
‫‪ )(300‬ل يتيسر ل العثور عليه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪214‬‬


‫وف حديث‪» :‬ل صغية عند اصرار ول كبـية عند توبة واستغفار«(‪ )301‬وهذه الحاديث وإن كانت‬
‫أحاد ية ال سناد فمعنا ها م ستفيض(‪ )302‬ف ال مة وعل يه أطب قت كل مة العلماء فل ت د في هم من يلل‬
‫الصرار أصل ول من يقول إن الصرار صغية وال أعلم‪.‬‬
‫أبـى إلـــــى الله ببغضــه‬ ‫(‪()253‬وراكب الكبــــير تَوِّبـه فإن‬
‫فــــدِن)‬
‫ثم استمر إن عــــــن‬ ‫(‪()254‬وبعضهــــــم ضللــه وتوَّبــــا‬
‫التوب أبى)‬
‫هذا ب ـيان ح كم الكبائر من الذنوب؛ اعلم أن للكبائر أحكا ما من ـها ما يكون ف الخرة و هو‬
‫اللود ف النار والعياذ بال وقد تقدم بـيان هذا الكم ف باب الوعد والوعيد‪ ،‬ومنـها ما يكون ف‬
‫الدنيـا وهذا النوع ينقسـم ال قسـمي‪ :‬أحدهاـ‪ :‬مـا يكون مـن العقوبات العاجلة على فاعـل ذلك‬
‫كالقطع ف السرقة واللد والرجم ف الزنا واللد ف المر ونو ذلك ومل هذا القسم ف الفقه فل‬
‫حا جة لذكره ه نا‪ .‬وأ ما الق سم الثان‪ :‬ف هو‪ :‬ما يتعلق من أحكام ها بالعتقاد و هو الراد بقول النا ظم‪:‬‬
‫(ورا كب الكب ـي ‪ ..‬الب ـيتي) [وحا صل ما فيه ما أن العلماء اختلفوا ف را كب الكب ـي](‪ )303‬من‬
‫الذنوب على مذهبـي‪:‬‬
‫الذ هب الول‪ :‬أن فا عل الكب ـية ي ستتاب من فعله فإن تاب قُبِل من ـه‪ ،‬وإن أ صر على مع صيتـه‬
‫وامتنع من التوبة بُرئ منـه وهذا معن قول الناظم‪( :‬تَوّبـه ‪..‬ال)‪ ،‬ومعن (أبـي) أي امتنع‪ ،‬ومعن‬
‫قوله‪( :‬إل ال ببغ ضه فدن) أي اعتقد بغضه دينا ل تعال وهذا الذهب هو اختيار المام أبـي سعيد‬

‫‪ )(301‬أخر جه القضا عي ف "م سند الشهاب" بر قم [‪ ]853‬من طر يق ا بن عباس ر ضي ال عن ـهما مرفو عا بل فظ‪» :‬ل‬
‫كبـية مع استغفار ول صغية مع اصرار«‪ .‬وف اسناده مقال‪ .‬وجاء ف "شعب اليان" للبـيهقي [‪ ]7268‬موقوفا على‬
‫ابن عباس رضي ال عنـهما قال‪" :‬ل كبـية بكبـية مع الستغفار‪ ،‬ول صغية بصغية مع الصرار‪ ".‬وف اسناده اللل‬
‫والنيعي ل أعرفهم‪.‬‬
‫ويبدو أن هذا الديث غي ثابت كما يفهم من كلم العجلون ف "كشف الفاء" (‪ )2/364‬وما ف "ميزان" الذهبـي (‬
‫‪ )4/537‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(302‬ال ستفيض والشهور سيان ع ند ب عض العلماء ويعنون ب ـه ما ورد من طر يق في ها أك ثر من ثل ثة ف الطب قة‪ ،‬قال‬
‫ال سخاوي ف "ف تح الغ يث" (‪ 3/33‬دار الك تب العلم ية)‪" :‬والشهور بأك ثر من الثل ثة‪ ،‬سي مشهورا لوضوح أمره يقال‪:‬‬
‫شهرت ال مر‪ .‬لشهرة‪ ،‬شهرا‪ ،‬وشهرة‪ ،‬فاشتــهر‪ .‬و هو السـتفيض على رأي جا عة من أئمـة الفقهاء والصـوليي وبعـض‬
‫الحدثي‪ ،‬سي بذلك لنتشاره وشياعه ف الناس‪ ،‬من فاض الاء يفيض فيضا‪ ،‬وفيوضة إذا كثر حت سال على صفة الراوي"‪.‬‬
‫ا‪.‬هـ وبعضهم يعل الستفيض أخص من الشهور وحدوه بأنـه ما تلقتـه المة بالقبول دون اعتبار العدد‪ ،‬ولذا قال أبو‬
‫بكر الصيف والقفال إنـه هو والتواتر بعن واحد‪ .‬انظر "فتح الغيث" (‪.)3/34‬‬
‫‪ )(303‬هذه القطعة سقطت من (ب)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪215‬‬


‫ـ ر ضي ال عن ـه ـ ومقت ضى ظاهره أن فا عل الكب ـية ي ستتاب ق بل الباءة من ـه كان ول يا ق بل‬
‫فعلها أو غي ول‪.‬‬
‫المذهـب الثانـي‪ :‬أن فا عل الكب ـية يُبأ من ـه من ح ي فعله ذلك ث ي ستتاب فإن تاب قُ بل‬
‫منـه وإن أصر مستمرا على ذنبـه استمر على الباءة منـه‪ ،‬وهذا معن قول الناظم‪( :‬وبعضهم ضلله‬
‫‪..‬ال) أي وبعـض العلماء حكـم بضلل فاعـل الكبــية واعَتقَدَ الباءة منــه قبـل أن يسـتتيبـه ثـ‬
‫استتابـه من بعد ذلك‪ ،‬ولبد من الستتابة عند الفريقي على من قدر عليها لنـها من باب المر‬
‫بالعروف والن ـهي عن الن كر وي سقط فرض ها ع من ل يقدر على فعل ها واللف ف وجوب ـها على‬
‫القادر ال يس من قبول الفا عل ل ا كل ذلك تر يج على مذاهب ـهم ف ال مر بالعروف والن ـهي عن‬
‫النكر وال أعلم‪.‬‬
‫إســـــلمه حتــــى‬ ‫(‪() 255‬والحكم للراكــــب ذنبا صغــرا‬
‫يُرى مستكبرا)‬
‫قد تقدم بعض أحكام الصغائر وهو الكم الشترك بـينـها وبـي الكبائر وهذا مل بـيان الكم‬
‫الاص ب ـها‪ ،‬اعلم أن ال كم الاص بال صغائر نوعان؛ دنيوي وأخروي فأ ما حكم ها الخروي ف هو‬
‫أنــها مغفورة باجتناب الكبائر لقوله تعال‪ :‬إن تجتنبوا [كبائر مــا تنـــهون عنـــه‬
‫نكفر عنكم سيئاتكم النساء ‪ 31 :‬ولقوله تعال‪ :‬الذين يجتنبون](‪ )304‬كبائر الثم‬
‫والفواحـش إل اللمـم إن ربـك واسـع المغفرة النجـم ‪ 32 :‬واللمـم هـي صـغائر‬
‫الذنوب‪ .‬وأما حكمها الدنيوي فهو أنـه ُيحْكَم لفاعلها ببقائه على السلم فل ُيضَلل ول ُيفَ سّق حت‬
‫يُعلم منـه إصرار عليها وهذا معن قوله‪( :‬حت يُرى مستكبا) أي حت يعلم منـه استكبارٌ عن طاعة‬
‫ال وعدم انقياد لمر ال‪ .‬ث إن الناظم أخذ ف بـيان حقيقة الصرار فقال‪:‬‬
‫إذا مضى ولم‬ ‫(‪()256‬والخلف في الصرار للصغير هــــل‬
‫يتـــــب من العمل)‬
‫والثـــــاني عنـدهم‬ ‫(‪()257‬أو إن يكــن أتـــــاه باستـخـفــاف‬
‫بــل خـلف)‬
‫أي اختلف العلماء ف ب ـيان حقيقة الصرار الذي تصي بـه الصغائر كبائر ويستحق فاعله التضليل‬
‫والتفسيق فقال قوم‪ :‬إن الصرار على الذنب هو القامة عليه وترك القلع عنـه‪ ،‬ومثل هذا الذهب‬

‫‪ )(304‬هذه القطعة ساقطة من (أ) فدمت فيها اليتان وهو أردى أنواع التصحيف ـ حي يكون ف كتاب ال ـ والتكملة‬
‫من (ب)؛ أعن بـيان أن الؤلف أراد ذكر اليتي معا‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪216‬‬


‫ما يروى عن ال سّدي(‪ )305‬ح يث قال‪" :‬إن ال صرار ال ستمرار"‪ .‬وذ هب آخرون ال أن ال صرار على‬
‫الذنب هو فعله بقصد الستخفاف له واستحقاره‪ ،‬وهذا الوجه ل خلف بـينـهم أنـه اصرار وإنا‬
‫اللف ف الو جه الول‪ ،‬أ ما إذا أ تى الذ نب م ستخفا لن ـهي ال عن ـه ف هو والعياذ بال شرك فاف هم‬
‫الفرق ب ـي ال ستخفاف للذ نب وب ـي ال ستخفاف لن ـهي ال عن ـه فإن ـه مزلة القدام‪ ،‬و عن‬
‫السن(‪" :)306‬إن اتيان الذنب عمدا إصرار"‪ .‬وعليه فهو مذهب ثالث وترير القام أن فاعل الصغية ل‬
‫ختَلَف فيه ل يعد دينا وال‬
‫يُبأ منـه حت يَنـزل منـزلة ل خلف بـي العلماء أنـها إصرار لن ا ُل ْ‬
‫تعال أعلم‪.‬‬
‫فبعضـهم فـــــي‬ ‫(‪()258‬والخلف في الولـــــي إن أتاه‬
‫حـكمـه رآه)‬
‫الى الوقوف قبــــــل أن‬ ‫(‪()259‬ولم يُتَوِّبـه وبعـض ذهبـــا‬
‫يتوبا)‬
‫وبعــــــد ذا استتابـه من‬ ‫(‪()260‬وبعضهـــــم أحسن ظنـه بـه‬
‫ذنبـه)‬
‫الاء فـ قوله‪( :‬أتاه) عائدة ال الذنـب الصـغي ل ال الصــرار ــ كمـا يُعلم ماـ تقدم أن الصـرار‬
‫كبـية ـ والعن أن العلماء اختلفوا ف الول إذا أتى الذنب الصغي فذهب بعضهم ال أنـه باق على‬
‫وليتـه غي متاج ال أن يستتاب من ذنبـه وهذا معن قوله‪( :‬فبعضهم ف حكمه رآه‪ ،‬ول يتوبـه)‬
‫والراد بكمه أي الكم الذي كان عليه قبل ذلك الفعل وهو الوَلية وهذا الذهب هو أصح الذاهب‬
‫فيه‪ ،‬وذهب قوم ال الوقوف عنـه بالرأي حت يستتاب فإن تاب ُقبِل منـه ورجع ال وليتـه وإن‬
‫أصر بُرِئ منـه‪ ،‬وذهب آخرون ال أنـه ليوقف عن وليتـه ولكن يسن بـه الظن ويستتاب من‬
‫ذنبـه فإن تاب قبل منـه وإن أصر برئ منـه وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫البـاب الخـــامـــس‬
‫ـ من الـركـن الثــالـث ـ‬
‫في شيء من الكبـائر وأحكـام القـاذف‬

‫‪ )(305‬هو أبو ممد اساعيل بن عبد الرحن بن أبـي كرية السدي القرشي مولهم وهو السدي الكبـي كان يقعد ف سدّة‬
‫باب الامع فسمي السدي‪ .‬روى عن أنس‪ ،‬وابن عياس ‪ ،‬ورأى ابن عمر‪ ،‬والسن بن علي‪ ،‬وأبا هريرة‪ ،‬وأبا سعيد‪ ،‬وروى‬
‫عن أب ـيه وعطاء وعكر مة وغي هم وروى عن ـه شع بة والثوري وأبوعوا نة وغي هم‪ .‬قال ف يه ا بن تغري بردي‪ :‬صاحب‬
‫التفسي والغازي والسي‪ ،‬وكان اماما عارفا بالوقائع وأيام الناس‪ .‬وهو متلف فيه فقد وثقه أحد ولينـه بعضهم وضعفه ابن‬
‫مع ي وكذب ـه الوزجا ن‪ ،‬مات سنة ‪127‬ه ـ أ ما ال سدي ال صغي ف هو م مد بن مروان الكو ف أ حد التروك ي‪ "( .‬سي‬
‫النبلء" للذهبـي ‪ 6/86‬ـ "تـهذيب التـهذيب" لبن حجر ‪ 1/283‬ـ "العلم" للزركلي ‪.)1/317‬‬
‫‪ )(306‬هو السن البصري تقدمت ترجتـه عند البـيت رقم (‪.)39‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪217‬‬


‫والقذف في الكل‬ ‫(‪()261‬وغيـبة المؤمـــــن والتجـــــــسس‬
‫حــــــرام أسســوا)‬
‫ذَكَر ف هذا الب ـيت من الكبائر ثل ثة أنواع أحده ا م تص بكون ـه كب ـي ف الؤ من ل ما عداه‪،‬‬
‫والنوعان الخران مشترك ف حجرها الؤمن والكافر وها التجسس والقذف بالزنا‪.‬‬
‫فأمـا الول‪ :‬فقـد اسـتُ ِدلّ على أنــه مجور فـ الؤمـن خاصـة بقوله عزوجـل‪ :‬ول يغتـب‬
‫بعضكم بعضا الجرات ‪ 12 :‬والطاب للمؤمني كما يعلم من أول الية والغيبة ف النافق والشرك‬
‫مباحة لفهوم الية ولقوله ‪» :‬أذيعوا بب الفاسق ليحذر الناس شره«(‪ )307‬ولفظة الفاسق يشترك فيها‬
‫النافق والشرك واشتُرِ طَ ف هذا أن يكون التكلم غي متلذذ بغيبة هؤلء بل يكون ناويا فيه(‪ )308‬تذير‬
‫الناس من أن يقعوا ف أحبولة غدره كما يُعلم من الديث‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬التجسس وهو سؤال عن أحوال الغي لقصد الطلع على عوراتـه‪ ،‬وحكمه أنـه‬
‫مجور ف الؤ من والكا فر وإن ا قل نا أن التج سس هو ال سؤال عن أحوال الغ ي لق صد الطلع على‬
‫عوراتـه ليخرج نو ما ذكره المام أبو سعيد ـ رضي ال عنـه ـ ف أن من خرج مستخبا عن‬
‫الؤمن ي الاض ي لي سلك من ـهاجهم و عن الف سقة وأ هل الحداث ليجت نب اعوجاج هم أن ـه ل بأس‬
‫عليه إذا كان على هذا القصد ـ وهذا عنده غ ي ت سس ـ فإذا صادف ما تب ب ـه الوَل ية ُلعَيّ ن‬
‫توله بـه أو الباءة لعيّن تبأ منـه بـه‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬القذف و هو نوعان؛ النوع الول‪ :‬قذف بزنا و هو مجور ف ال كل أي من م سلم‬
‫وكا فر قال تعال‪ :‬والذيـن يرمون المحصـنات ثـم لم يأتوا بأربعـة شهداء‬
‫‪..‬ال ية النور ‪ . 4 :‬النوع الثا ن‪ :‬قذف ُب َكفّرَةٍ غ ي الز نا و هو مجور ف الؤ من خا صة ويل حق ب ـهم‬
‫مهول الال لن التكلم ف يه كذب صريح ـ و قد تقدم ذ كر هذا النوع ف باب الوَل ية والباءة ـ‬
‫والقصود ف هذا الباب بـيان أحكام فاعل النوع الول‪.‬‬
‫عبـــــدا وإن صبـيا‬ ‫(‪()262‬وقاذف الـولـــــي إن حـرا وإن‬
‫كفره زكن)‬
‫وبالغــا كـان‬ ‫(‪()263‬وإن يكن حرا ولم يكن ولـــــي‬
‫فمثــــــــل الول)‬

‫‪ )(307‬تقدم الكلم عليه ف التعليق على البـيت رقم (‪.)230‬‬


‫‪ )(308‬أي بذكر مثالب ذلك الذي تل غيبتـه وجعها بعضهم فقال‪:‬‬
‫مُتَظّلمٍ‪ ،‬و ُمعَـ ّرفٍ‪ ،‬و ُمحَ ّذرِ‬ ‫ح ليس ِبغَيبَةٍ ف ستـــةٍ‬ ‫ال َقدْ ُ‬
‫طلب العانة ف إزالة مُْنكَـرِ‬ ‫ولظهر فسقا‪ ،‬و ُمسْتَ ْفتٍ‪ ،‬ومَـن‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪218‬‬


‫القاذف بالزنا له أربع منازل؛ النـزلة الول‪ :‬يَكفر فيها من حينـه اتفاقا‪ ،‬النـزلة الثانية‪ :‬يتلف ف‬
‫كفره إل بعد المتناع عن التوبة‪ ،‬النـزلة الثالثة‪[ :‬ل يكون فيها كافرا من حينـه حت يصر على قذفه‬
‫اتفاقا‪ ،‬النـزلة الرابعة‪ )309(]:‬ل يكون فيها كافرا أبدا ما ل يكن مفتريا ـ ف قوله ـ فإن كفره إذن‬
‫من حيث الفتراء ـ وسيأت تفصيل كل من الثانية والثالثة والرابعة على التوال ـ‪.‬‬
‫وأما المنـزلة الولى‪ :‬وهي الت يكفر فيها القاذف من حينـه فتقع ف موضعي‪ :‬الموضع‬
‫الول‪ :‬إذا قذف القاذف وليا ـ سواء كان ذلك الول حرا أو عبدا أو صبـيا ذكرا أو أنثى كانت‬
‫وليت ـه واج بة على أ هل الدار جي عا أو على أ حد م صوص فيقذ فه ـ مع وليّ ه(‪ )310‬وهذا مع ن قول‬
‫الناظم‪( :‬فكفره زكن) أي عُلِم‪ ،‬فأما الر والعبد فقد تقع لما وَلية من خاصية أنفسهم؛ وأما الصبـي‬
‫فوليت ـه بوَل ية أب ـيه بإجاع و قد اختلف ف وليت ـه بأ مه هل هي واج بة أو ل؟‪ ..‬قولن‪ .‬هذا ما‬
‫عل يه ال صحاب ف هذا القام والذي يظ هر ل من غ ي ق صد خلف ل م أن قاذف ال صبـي ل يكون‬
‫بنفس القذف فاسقا وإن كان الصبـي وليا لن الزن من الصبـي نف سه إذا تُُيقّن صدوره من ـه ل‬
‫يرجه عن حكم الوَلية لرتفاع التكليف عنـه‪ ،‬وإذا ل يكن الصبـي بذلك فاسقا فالقاذف له بذلك‬
‫ل يكون ف حكم القاذف لن هو يفسق بذلك(‪ )311‬وال أعلم‪.‬‬
‫الموضـع الثانـي‪ :‬إذا قذف القاذف حرا بالغا من أ هل القرار ول ي كن ذلك القذوف وليا فهو‬
‫كال كم الول أي يك فر ذلك القاذف من حين ـه‪ ،‬وانت صب (حرا‪..‬وعبدا‪..‬و صبـيا) على أن كل‬
‫واحد منـهن خب لكان مذوفة مع اسها تقديره إن كان الول حرا وإن كان عبدا وإن كان صبـيا‪.‬‬
‫غـــــير وليــــين‬ ‫ك المقذوف عبـــــدا أو صبـي‬ ‫(‪()264‬وإن ي ُ‬
‫ومشركا ً أبـي)‬
‫تتويبـه مما‬ ‫(‪()265‬فالخلــف فــي تكـفــيره مـن قبـــل‬
‫أتـــــــى مـن فعــل)‬
‫هذه المنــزلة الثانيـة و هي ال ت يتلف ف ك فر القاذف في ها من حين ـه أي ق بل المتناع عن‬
‫التو بة وت قع ف ثل ثة موا ضع‪ :‬الموضـع الول‪ :‬إذا كان القذوف عبدا غ ي ول‪ .‬الثانـي‪ :‬إذا‬
‫كان القذوف صـبـيا غيـ ول‪ .‬الثالث‪ :‬إذا كان القذوف مشركـا‪ .‬فإذا نــزل القاذف بــهذه‬
‫النـزلة صح فيه ما علمت من الختلف ف كفره‪ ،‬فذهب قوم ال أنـه يك فر من حي ما قذف‪،‬‬
‫وذهـب آخرون ال أنــه ل يكفـر إل بعـد المتناع عـن التوبـة والقامـة على فعله ذلك‪ ،‬ومعنـ قول‬

‫‪ )(309‬هذه القطعة سقطت من (ب)‪.‬‬


‫‪ )(310‬النسب‪ :‬مع متوليه‪.‬‬
‫‪ )(311‬أي ليس كحكم القاذف بالزن وغيه للبالغ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪219‬‬


‫النا ظم‪( :‬أَب ـي) أي مت نع ف هو ا سم فا عل ـ من أ ب يأ ب إذا امت نع ـ وكان على النا ظم أن ي قف‬
‫باللف ف صبـي وأب ـي(‪ )312‬بدل من التنو ين الوا قع بعد فت حة كما عل يه المهور؛ وإنا عدل عن‬
‫ذلك أخذا بلغة ربـيعة لن من لغتـهم عدم البدال ف الوقف على النصوب‪.‬‬
‫تحكـــــم بكـــفر‬ ‫ك المقـــــذوف مجهول فل‬ ‫ني ُ‬ ‫(‪()266‬وإ ْ‬
‫قاذف مستعجل)‬
‫هذه المنـزلة الثالثة وهي الت إذا نـزل بـها القذوف ل يكم بكفره قبل المتناع عن التوبة‬
‫وذلك متـ مـا كان القذوف مهول الال أي ل يعلم أهـو ول أم غيـ ول‪ُ ،‬حرّ أم عبـد‪ ،‬صـبـي أم‬
‫بالغ‪ ،‬مسـلم أو مشرك‪ ،‬فإذا نــزل القاذف بــهذه النــزلة فهـو على حالتــه الول أي التـ كان‬
‫عليها قبل القذف حت يعلم حال القذوف فيُحكم على القاذف با يستوجبـه أو يُصِر القاذف على ما‬
‫كان منـه‪ ،‬وانتصب (مستعجل) على الاليّة من فاعل(‪ )313‬تكم‪.‬‬
‫كفران آتيه إذا‬ ‫(‪()267‬والقذف عند مشرك لـــــم يوجب‬
‫لـــــم يكذب)‬
‫بحكمه مثل‬ ‫(‪()268‬كذاك مع من لـــــم يكـن مكلفـا‬
‫صـــــبـي فاعرفا)‬
‫هذه الن ـزلة الراب عة و هي ال ت إذا ن ـزل ب ـها القاذف ل يكون كافرا أ صل من غ ي اختلف في ما‬
‫علمناه وتقع ف موضع ي‪ :‬الوضع الول‪ :‬إذا كان القذف عند مشرك يستحل القذف‪ .‬الوضع الثان‪:‬‬
‫إذا كان القذف ع ند من ل يكلف بُكمِه ـ كال صبـي والجنون ـ ويشترط ف هذه الن ـزلة أن‬
‫يكون القاذف غي كاذب فيما قال بـه‪ ،‬فإن كان كاذبا فل اشكال أنـه كافر بكذبـه وبـهتانـه‪.‬‬
‫أو يحضـــــر الشهود‬ ‫(‪()269‬هذا إذا ما القـــــذف كان بالزنا‬
‫في ذا معلنا)‬
‫هذا الكم الذي ذكرناه ف القاذف من أول الباب ال هنا إنا هو ف القذف بالزنا وذلك كأن يقول‪:‬‬
‫فلن زان أو ا بن زان ية أو ن و ذلك‪ ،‬أ ما القذف بغ ي الز نا فل تد خل ف يه هذه الحكام الذكورة ه نا‪،‬‬
‫واعلم أن القاذف بالزنا إذا أحضر الشهود على صدق قوله فشهدوا أنـهم رأوا فرج القذوف ف الرأة‬
‫كال يل ف الكحلة فل يبأ من ـه حينئذ وإن ا يُبأ من القذوف ويقام عل يه بذلك ال د‪ ،‬فإن ل ي ضر‬
‫الشهود ُبرِئ منـه على حسب ما مر وأقيم عليه حد القاذف ول يزي من الشهود ف هذا القام دون‬
‫أربعة عدول ليس فيهم امرأة فإن شهد ثلثة ول يشهد الرابع كانوا جيعا قَذَفَة وأقيم عليهم الد‪ ،‬وكذا‬
‫إن شهد ثلثة معهم امرأة أو امرأتان أو أكثر وال تعال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(312‬كأن يقول‪ :‬صبـيا وأبـيا‪.‬‬


‫‪ )(313‬أي تكم أنت مستعجل‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪220‬‬


‫البــاب الســـادس‬
‫في انقسام الكبائر الى كفر نعيم وجحود‬
‫ـ وبـه يتم الكلم على الركن الثالث إن شاء الله تعالى ـ‬
‫وبالنفـــــاق الثاني‬ ‫(‪()270‬والكفر قسمـــــان جحـود ونِعَـم‬
‫سم)‬ ‫منـهما وُ ِ‬
‫لرد تنـزيل‬ ‫(‪()271‬وامنعه في الول حتما وهو مـــــا‬
‫ســل نمــــا)‬ ‫ومـــــر َ‬
‫أي تنق سم الكبائر من الذنوب ال ق سمي‪ :‬كفر جحود وكفر نِعَـم؛ فأما الول وي سمى شر كا‬
‫فهو ما كان سببـه رد تنـزيل أي رد كتاب من كتب ال الت أنـزلا على رسله سواء رد جيعها أو‬
‫صدق ببعضها ورد البعض أو صدق بـها كلها ورد آية منـها أو حرفا واحدا أو حكما واحدا ففي‬
‫جيع ذلك يكون الرد شركا وكذا ما كان بسببـه َردّ مُرسَل ـ أي رسول من رسل ال الذين أوحى‬
‫إلي هم بالتبل يغ ـ سواء كان الرد لم يع الر سل أو لبعض هم أو ل كم وا حد من ـهم ف في ج يع ذلك‬
‫يكون الرد شِركا‪ .‬و ف حُك مِ الرّ سلِ النب ـياءُ فإن ـه ي ب ت صديقهم بأن ـهم أنب ـياء‪ ،‬وأن ال قد‬
‫أوحى إليهم والكذب لواحد منـهم مشرك إجاعا‪ ،‬ويدخل تت هذين النوعي ـ أعن ردّ الكتب‬
‫وردّ الرسل ـ جيع أنواع الشرك فإنـه من صدّق بالرسل والكتب ول يَرُد شيئا منـها كان سالا من‬
‫الشرك سواء كان عامل بقتضاها أو تاركا له‪ ،‬ول يكون الشرك مشركا إل ِب َردّهِ حُكما من أحكام ال‬
‫أو كتا با من ك تب ال أو بتكذيب ـه ر سول من ر سل ال‪ ،‬و من ه نا اختلف ف الشب ـهة ال صدقي‬
‫للر سل والك تب لكن ـهم أظهروا التشب ـيه و صرحوا بالتج سيم فقال قوم‪ :‬هم منافقون غ ي مشرك ي‬
‫لتسترهم بالتأويل وعدم ردهم للتنـزيل‪ ،‬وذهب قوم ال أنـهم مشركون لن تأويلهم قد خالف نص‬
‫الكتاب ف هم بذلك ف ح كم الراد لل نص القط عي‪ ،‬واللف موجود ف ك تب ال صحاب و ف ك تب‬
‫قومنا‪.‬‬
‫وأما القسم الثانـي‪ :‬وهو كفر النع مة ف هو ما كان من الكبائر ول يس فيه ردّ لتنـزيل ول تكذيب‬
‫لر سول فإن هذا النوع ي سمى كفـر نعمـة وي سمى أي ضا نفا قا وهذا مع ن قوله‪( :‬وبالنفاق الثا ن‬
‫منـهما وسم) أي عُلّ مَ‪ ،‬أي سُمّيَ القسم الثان من قسمي الكفر بالنفاق ول يوز إطلق اسم النفاق‬
‫على الشرك فل يسمى الشرك منافقا كما ليسمى النافق مشركا وهذا معن قوله‪( :‬وامنعه ف الول)‬
‫أي امنع اسم النفاق ف القسم الول من قسمي الكفر فإنـه ل يوز إطلقه عليه‪ ،‬وإنا امتنع إطلق‬
‫كل وا حد من ال سي على م سمى صاحبـه ل ا يتر تب على كل وا حد من ـهما من الحكام ما ل‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪221‬‬


‫يترتـب على الخـر فللمنافـق أحكام تالف الشرك(‪ )314‬وكذا للمشرك أحكام تالف أحكام النافـق‪،‬‬
‫فالنافق يُناكح ويوارث ويعامل ف الدنيا بأحكام الؤمني إل ف مواضع مصوصة وهي رد شهادتـه‬
‫وترك وليتـه ووجوب الباءة منـه و ِحلّ قتله وإضاعة ماله إذا صدر منـه بغي [ول يُقدَر على رده‬
‫عن بغيه إل بذلك](‪ ،)315‬وأما أحكام الشرك فقد تكفل الناظم ببـيانـها فقال‪:‬‬
‫واغتنمــــــن في‬ ‫(‪()272‬واحكم برجس أهلـــــه على البد‬
‫الحرب منـهم السبد)‬
‫تناكحـــا توارثـــــا‬ ‫ب ذراريهم وحـــــرم ذبحهــم‬ ‫س ِ‬‫(‪()273‬وا ْ‬
‫منــا لهـــــــــم)‬
‫في الحرب أو‬ ‫(‪()274‬وهكـذا منـهـــــــم لنـــا ســــواء‬
‫بجــــــزية هـم جــاءوا)‬
‫اعلم أن لهل الشرك أحكاما تالف أحكام أهل النفاق بكم الظاهر‪:‬‬
‫أحدهـا‪ :‬أنــه يُحكـم برجـس أهله والرجـس ــ بكسـر الراء وسـكون اليـم ــ القَذَر‪ ،‬قال فـ‬
‫القاموس‪" :‬ويرك وتفتح الراء وتكسر اليم" (انتـهى)‪ ،‬ول يصلح ف البـيت إل الوجه الول الذي‬
‫قدمناه‪ ،‬ويطلق ـ أعن اسم الرجس ـ على كل ما استقذر من العمال الؤدية ال سوء العاقبة وليس‬
‫هذا من غرضنا فإن الشرك والنا فق مشتركان فيه قال تعال ـ ف النافقي ـ‪ :‬إنـهم رجس‬
‫ومأواهم جهنم التو بة ‪ 95 :‬وإنا غرضنا الوجه الول ل غي وهو القَذَر ونعن بـه عدم الطهارة‬
‫فإن الشرك ي منعدمون من طهارة التوح يد فيح كم علي هم بالر جس وكذلك ما م سوه من الرطوبات‬
‫قال تعال‪ :‬إنما المشركون نجس التو بة ‪ 28 :‬واختلف ف الشرك إذا دخل ف التوحيد هل‬
‫عليه اغتسال بالاء؟ أوْ ل وقد طهره التوحيد؟‪.‬‬
‫وثانيهـا‪ :‬أن اغتنام أموال م ف الرب ـ أي إذا كانوا حر با للم سلمي ـ حلل بلف النافق ي‬
‫سبَد) ف قول الناظم هو الال‪ ،‬قال ابن وصاف(‪ )316‬ف "[حِلّه](‪:")317‬‬‫فإنـه ل يل غُنم أموالم‪ ،‬و(ال َ‬

‫ل ُي ْعلِم الصحابة بأ ساء النافقي فكان تعاملهم معهم‬ ‫‪ )(314‬كقوله ‪» :‬ن ـهيت عن قتل الصلي«‪ .‬ك ما أن الرسول‬
‫بصورة عادية‪.‬‬
‫‪ )(315‬هذه القطعة من (ب) وليست ف (أ)‪.‬‬
‫‪ )(316‬تقدمت ترجتـه ف التعليق على البـيت رقم (‪.)76‬‬
‫‪ )(317‬سقط من (ب) و هو كتاب للشيخ ابن وصاف ا سه‪" :‬الِل والصابة" شرح على الدعائم [نقل عن "اللمعة الرض ية"‬
‫للشيخ السالي ص (‪ ] )26‬ول يوضح مقق شرح الدعائم هذه التسمية فالق العجب من كتاب يطبع بدون اسه!!‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪222‬‬


‫"وقولم‪( :‬مالَ هُ َسبَدٌ ول َلبَدٌ)‪ .‬فالسبد‪ :‬الال ما كان من ذهب وفضة وعقار‪ ،‬واللبد‪ :‬اليوان ما كان‬
‫من جال وبقر وغنم وضأن"(‪( .)318‬انتـهى)‪.‬‬
‫وثالثهـا‪ :‬حِل سبـي ذراري هم ف الرب أي ضا إذا كانوا من غ ي مشر كي العرب و ف ال ثر‪" :‬فإن‬
‫قال‪ :‬لي علة يل بـها سبـي الطفال وهم من ليس عليهم ذنب!‪ .‬قيل له‪ :‬ذكروا ف ذلك ثلثة‬
‫(‪)319‬‬
‫أوجه؛ أحدها‪ :‬ليجرّوهم ال السلم فيكون ذلك سببا لدخولم فيه وذلك أنفع لم‪ .‬والثان‪ :‬نظرا‬
‫بـهم حي قتل آباؤهم لئل يوتوا هزال‪ .‬والوجه الثالث‪ :‬تقوية لبـيت الال وال أعلم"‪( .‬انتـهى)‪.‬‬
‫ورابعها‪ :‬تري ذبائحهم إن كانوا غي أهل الكتاب فل يوز لحد أن يأكل منـها‪ .‬وخامسها‪:‬‬
‫تري مناكحتـهم‪.‬‬
‫وسادسها‪ :‬تري موارثتـهم فقوله‪( :‬منا لم) أي يرم علينا أن نـزوجهم مسلمة وأن نُ َورّثَهم من‬
‫مسلم‪ ،‬وقوله‪( :‬وهكذا منـهم لنا) أي يرم علينا أن نتزوج منـهم مشركة أو نرِث منـهم مشركا‪،‬‬
‫فالكم ف التناكح والتوارث واحد كانوا َح ْربَا للمسلمي أو أعطوا الزية عن يد وهم صاغرون‪.‬‬
‫فتلخص ما ذكرنا أن أحكام أهل الشرك قسمان؛ أحدهما‪ :‬متعلق وجوده بوجود غيه وهو اغتنام‬
‫أموال م و سبـي ذراري هم فإن تل يل كل من ـهما متعلق بوجود الرب ف قط‪ .‬وثانيهمـا‪ :‬ل يتعلق‬
‫وجوده بوجود غيه ـ وهو ما عدا القسم الول ـ ث هذا نوعان أحدها‪ :‬متص بـهم فقط وهو‬
‫النجا سة والذ بح أل ترى أ نا ل يوز ل نا أن نأ كل من ذبائح هم‪ ،‬مع جواز أن نطعم هم من ذبائح نا‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬غي متص بـهم دوننا فيهم وهو التناكح والتوارث‪ ،‬ث ل يفى أن غالب هذه الحكام إنا‬
‫هو متص بذوي الوثان من الشركي فإنـهم هم الذين ل يقبل منـهم إل السلم أو السيف وهذا‬
‫معنـ قوله‪( :‬سـواء ‪ ..‬فـ الرب أو بزيـة هـم جاءوا) إذ العنـ أن هذه الحكام متعلقـة بــهؤلء‬
‫الشركي كانوا حربا للمسلمي أو دانوا بأداء الزية لن الزية ل تقبل منـهم ـ كما سيأت ذكره‬
‫ـ ف سواء ف حكم هم دانوا بأدائ ها أو ل يدينوا ب ـه أ ما ما عدا أ هل الوثان ـ من الشرك ي ـ‬
‫فيختصون بأحكام أشار الناظم اليها فقال‪:‬‬
‫مع النكــــــاح دون‬ ‫جوِّزا‬
‫(‪()275‬والذبح من أهـــــل الكتاب ُ‬
‫جوِّزا)‬‫حــرب ُ‬
‫منـهم وفي‬ ‫(‪()276‬ويرفــع الحـــرب لجزيــــــة أتـت‬
‫المجــــــوس حكمهم ثبت)‬
‫محرمـان فــــــي‬ ‫(‪()277‬إل الذبـاح والنكـــاح فهمـــــــا‬
‫المجـــوس فاعلمــــا)‬
‫‪ )(318‬شرح ابن وصاف (‪.)2/309‬‬
‫‪ )(319‬أي رفقا بـهم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪223‬‬


‫ي تص أ هل الكتاب من اليهود والن صارى وال صابئي بأحكام لي ست ف أ هل الوثان من الشرك ي‬
‫ويشاركهم ف بعض تلك الحكام الجوس‪ ،‬فأما اليهود والنصارى فل خلف بـي أحد من السلمي‬
‫أنـهم أهل كتاب واللف ف الصابئي(‪ )320‬والختار عند أصحابنا أنـهم أهل كتاب فتجري عليهم‬
‫أحكام أهل الكتاب‪.‬‬
‫فأحـد تلك الحكام قبول الجزيـة من ـهم إذا آتو ها عن يد و هم صاغرون‪ ،‬وبقبول ا ير فع‬
‫الرب عنـهم ويصيون أهل ذمة‪ ،‬والزية‪ :‬هي أربعة دراهم ف كل شهر على الغن ودرهان على‬
‫التوسط ودرهم واحد على الفقي يأت بـها من وجبت عليه ال القائم بأمر السلمي‪ .‬ول يزي عنـه‬
‫أنـه يأ مر غيه أن يؤديها عنـه لقوله تعال‪ :‬عـن يد وهم صاغرون التو بة ‪ 29 :‬ول شيء‬
‫على [الفلس ول جزية على امرأة أو عبد أو طفل أو شيخ أو َحبْرٍ أو منون أو راهب](‪.)321‬‬
‫وثانيها‪ :‬أنـهم اذا صاروا أهل ذمة حلت ذبائحهم للمسلمي‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أنـهم اذا صاروا أهل ذمة أيضا حل نكاح حرائرهم للمسلمي أما إمائهم فل‪ ،‬ويشاركهم‬
‫الجوس ف قبول الزية منـهم واعطاء الذمة لم لقوله ‪ » :‬سنّوا بـهم سنة أهل الكتاب«(‪ )322‬أما‬

‫‪ )(320‬ل يبق من طوائف الصابئة إل ما يعرف بالصابئة الندائية وهي الت بقيت إل اليوم حيث يتواجدون ف مواطن من العراق‬
‫بالقرب من الضفاف السفلى من نـهري دجلة والفرات ويسكنون ف منطقة الهوار وشط العرب‪ ،‬وف الناصرية والبصرة‬
‫والقر نة و ف لواء بغداد وكركوك والو صل والشرس ون ـهر صال والبا يش وال سليمانيه وغي ها من النا طق العراق ية‪ .‬ك ما‬
‫ينتشرون ف ايران على ضفاف ن ـهر الكارون والدز وي سكنون ف مدن ايران ال ساحلية كالحمرة ونا صرية الهواز وشش تر‬
‫ودزبول‪ .‬ويقدر عددهم بعشرة آلف شخص أكثرهم ف العراق ولم معابد تسمى "الندي" يتعبدون فيها‪ .‬ويعتبون يي‬
‫نبـيا أرسل إليهم‪ ،‬ويقدسون الكواكب والنجوم ويعظمونـها ويدعون بأن ديانتـهم ترجع إل عهد آدم عليه السلم‪ ،‬ولم‬
‫كتب يقدسونـها بلغة سامية قريبة من السريانية أهها‪" :‬الكنـزاربّا ـ ط" و"دراشة اديهيا" و"الفلستا" و"النيان" وغيها‪.‬‬
‫ويعتقدون مـن حيـث البدأ بوجود الله الالق الواحـد الزل الذي ل تناله الواس ول يفضـي اليـه ملوق‪ ،‬ويعتقدون بأن‬
‫الكوا كب م سكنا للملئ كة‪ ،‬وتؤدى ال صلة ف ديانت ـهم ف اليوم ثلث مرات؛ قب ـيل الشروق‪ ،‬وع ند الزوال‪ ،‬وقب ـيل‬
‫الغروب‪ ،‬فيها وقوف وركوع وجلوس على الرض من غي سجود‪ .‬وهم يغتسلون من النابة ويتوضؤن لكل صلة على هيئة‬
‫وضوء السلمي‪ ،‬غي أنـهم ل يتتنون ويعتب التعميد من أهم الطقوس ف هذه الديانة‪ .‬وخلصة الكلم أنـهم تأثروا بكثي‬
‫من الديانات والفلسفات الت احتكوا بـها‪[ .‬أفدتـه من "الوسوعة اليسرة ف الديان والذاهب العاصرة" قامت باصدارها‬
‫الندوة العالية للشباب السلمي ـ الرياض ـ ص ‪ 317‬حت ‪]327‬‬
‫‪ )(321‬سقطت من (أ) والتكملة من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(322‬جاء من طر يق عبدالرح ن بن عوف رواه المام مالك ف "الو طأ" (‪ )1/278‬وا بن أب ـي شي بة ف "م صنفه" [‬
‫‪ 10765‬و ‪ 32640‬و ‪ ]32641‬وعبدالرزاق فـ "مصـنفه" [‪ 10025‬و ‪ ]19253‬وأبوعبــيد فـ "الموال" [‪]78‬‬
‫والبـيهقي ف "الكبى" [‪ ]18654‬والليلي ف "الرشاد" ص(‪ 64‬دار الفكر) والبغوي ف "تفسيه" (‪.)2/283‬‬
‫ورواه الطبان ف "الكبـي" [‪ 19/437‬رقم ‪ ]1059‬من طريق مسلم بن العلء الضرمي‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪224‬‬


‫حِل ذبائح هم وتو يز التزوج من ـهم فل يشاركون ـهم فيه ما‪ ،‬فالجو سي ل ت ل ذب ـيحتـه وإن‬
‫أع طى الز ية وكذا ل ي ل تزو يج الجو سية للم سلم وإن كا نت ف ذ مة‪ ،‬وح كم أ هل الكتاب كل هم‬
‫وحكم الجوسي فيما عدا المور الت ذكرتـها حكم الشركي من أهل الوثان‪ ،‬وكذا يكونون مثلهم‬
‫ف جيع أحكامهم التقدم ذكرها إذا ل يعطوا الزية عن يد وهم صاغرون فإنـهم يُقاتَلون على ترك‬
‫ال سلم ح ت ي سلموا أو يؤتوا الز ية عن يد و هم صاغرون‪ ،‬ويتر تب على حرب ـهم غُ نم أموال م‬
‫وسبـي ذراريهم وتري ذبائحهم ومناكحتـهم(‪ )323‬وال أعلم‪.‬‬
‫ث إنـه أشـار ال بـيان الكم الذي يتص بـه أهـل الوثان من الشركي فقال‪:‬‬
‫ليس لهم واق‬ ‫(‪()278‬والمشركون من ذوي الوثـــــــان‬
‫ســــــوى اليمان)‬
‫هذا ب ـيان ال كم الخ تص بعبدة الوثان من الشرك ي و هم الذ ين لي سوا أ هل كتاب وإن ا ن صبوا‬
‫تصاوير وتاثيل واعتقدوا أنـها آلة فعبدوها من دون ال أو عبدوها مع ال تعال كما كان ذلك ف‬
‫مشر كي العرب ق بل ال سلم‪ ،‬فح كم هؤلء أن ـهم يقاتلون على ترك هم ال سلم ول يق بل من ـهم‬
‫جزية ول يعطون ذمة ول يرفع عن ـهم الرب حت يظهروا السلم وهذا معن قوله‪( :‬ليس لم واق‬
‫سوى اليان) أي ل ينع هم من الرب ش يء غ ي ت صديق الر سول عل يه ال صلة وال سلم والنقياد‬
‫لكمه‪.‬‬
‫وآخــــــــذ بالشك عن‬ ‫(‪()279‬كذاك حكم راجع عن دينـه‬
‫يقينـه)‬
‫الراد بالـ(راجع عن دينـه) [هو الارج عن السلم ال شيء من ملل الكفر أو الاحد لشيء ما‬
‫جاء ب ـه م مد ول يس الراد بالرا جع عن دين ـه](‪ )324‬ما يعـم الر تد عن ال سلم ال احدى ملل‬
‫‪ )(323‬ذهب الباضية إل تري نساء أهل الكتاب الربـيات بلف من هن تت ذمة السلمي‪ ،‬وهذا الرأي قال بـه ابن‬
‫عباس وابراهيم النخعي حيث حكى ذلك أبو جعفر النحاس ف "الناسخ والنسوخ" ونصه [ص (‪ )56‬مؤسسة الكتب‬
‫الثقافية]‪" :‬وأما نكاح الريبات فروي عن ابن عباس وابراهيم النخعي أنـهما منعا من ذلك" ‪.‬ا‪.‬هـ ث حكى تويز بعض‬
‫العلماء له وقال ما نصه‪" :‬وهو قول مالك والشافعي إل أنـهما كرها ذلك مافة تنصر الولد والفتنة‪ .".‬ا‪.‬هـ‬
‫وف "الصنف" لبن أبـي شيبة (‪ )3/464‬برقم [ ‪" :]16171‬حدثنا عباد بن عوام عن سفيان بن حسي عن الكم عن‬
‫ماهد عن ابن عباس قال‪ :‬ل يل نكاح نساء أهل الكتاب إذا كانوا حربا‪ ،‬قال الكم‪ :‬فحدثت بـه ابراهيم [لعله النخعي]‬
‫فأعجبـه ذلك"‪.‬ا‪.‬هـ‬
‫قال المام عمروس بن فتح النفوسي رح ه ال تعال ف كتابـه (أصول الدينونة) ص ‪" :63‬وإذا حاربوا وأبوا الزية‪ ،‬تركنا تليل‬
‫ذلك منـهم – أي نكاح نسائهم ‪ ، -‬لنـهم يسبون ف ذلك الال‪ ،‬فل يل لسلم أن يتزوج إمرأة يل سبـيها لغيه!!‪،‬‬
‫ول نستحل نكاح إماء أهل الكتاب لن ال ل يذكر ف التحليل إل الرائر" ا‪.‬هـ وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(324‬هذه القطعة ف (ب) وفيها قلب للمعن فكأن الصنف أضافها بعد ذلك للتصحيح‪ ،‬وهي ليست ف (أ)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪225‬‬


‫الك فر والتارك لد ين كان عل يه كالن صران يترك ملة عي سى واليهودي يترك ملة مو سى لن ملل الك فر‬
‫كلهـا ملة واحدة(‪ ،)325‬والراد بالــ(آخـذ بالشـك) التردد فـ توحيده الغيـ جازم بــه‪ ،‬أي حكـم‬
‫المرتد عن دين السلم وحكم التارك لدينـه الذي كان عليه وحكم التردد ف توحيده الشاك فيه‬
‫حكم عبدة الوثان من الشركي ل تقبل منـهم جزية ول يرفع السيف عن ـهم حت ي سلموا‪ ،‬وف‬
‫حكم هؤلء الاهل الشرك بهله ل يقبل منـه إل السلم أو السيف وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(325‬الراد هنا أن حكم الرتد يطبق على صورة واحدة هي الروج من دين السلم ال غيه من اللل الكافرة‪ ،‬ول يشمل‬
‫الكم هنا من خرج من دين ـ غي السلم ـ إل دين آخر كتحول اليهودي ال نصران فهو وإن كان مرتدا عن دينـه‬
‫فالكم هنا ل يشمله فملل الكفر واحدة‪ ،‬أما من خرج عن دين السلم ودخل ف ملة من ملل الكفر سواء صار يهوديا أو‬
‫نصرانيا أو موسيا ـ أو حت ل دينيا ـ فهذا ليس له إل القتل أو الرجوع للسلم ول يرخص له بدفع الزية دليله ما جاء‬
‫من طريق ابن عباس أن النبـي قال‪ » :‬من بدل دينـه فاقتلوه« رواه البخاري ف "صحيحه" [‪ 3017‬و ‪]6922‬‬
‫وأبوداود [‪ ]4351‬والترمذي [‪ ]1458‬والنسـائي فـ "الصـغرى" [‪ 4059‬و ‪ 4060‬و ‪ 4061‬و ‪ 4062‬و ‪ 4063‬و‬
‫‪ 4064‬و ‪ ]4065‬وابن ماجة [‪ ]2535‬وأحد [‪ 1876‬و ‪ 2555‬و ‪ 2556‬و ‪ ]2970‬وآخرون‪ .‬وقوله ‪» :‬ل يل‬
‫دم امرئ م سلم إل بإحدى ثلث الن فس بالن فس‪ ،‬والث يب الزا ن‪ ،‬والارق من الد ين التارك للجما عة« فف يه ل يعل للمارق‬
‫وهو الارج عن دين السلم إل القتل ول يعصمه منـه إل رجوعه ال دين السلم‪ .‬والديث الخي جاء من طريق ابن‬
‫مسعود رواه البخاري ف "صحيحه" [‪ ]6878‬ومسلم [‪ ]1676‬وأبوداود [‪ ]4352‬والترمذي [‪ ]1402‬وابن ماجة [‬
‫‪ ]2534‬والنسائي ف "الصغرى" [‪ 4016‬و ‪ ]4721‬وأحد [‪ 4064‬و ‪ .]4428‬وجاء عن غيه من الصحابة أيضا‪ .‬وال‬
‫أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪226‬‬


‫الركـن الرابع‬
‫فـي التـوبـــة‬
‫ـ وفيه أربعة أبواب ـ‬
‫َختَ مَ الركان بـهذا الركن تفاؤل بسن الاتة‪ ،‬فإن من ظفر بالتوبة ختاما لعمله فقد ظفر‪ ..‬ختم ال‬
‫لنا بـها وتقبلها منا‪ ..‬آمي‪.‬‬
‫البــــاب الول‬
‫في التوبة وأركانـها وشروطها‬
‫أي ف بـيان أحكام التوبة وبـيان أركانـها وشروطها الت تتوقف عليها صحتـها‬
‫لمـــن عصـــــى‬ ‫(‪()280‬توبتنا قسمان فرض وجبـــــا‬
‫والثاني نفـل نُدِبا)‬
‫تنقسم التوبة بالنظر ال حكم الشارع فيها ال قسمي‪ :‬واجب ومندوب؛ فأما الواجب فهو التوبة‬
‫من العصية وهذا معن قوله‪( :‬فرض وجبا لن عصى) أي على من عصى سواء كانت معصيتـه صغية‬
‫أو كب ـية فإن التو بة من النوع ي واج بة‪ ،‬والراد بالتو بة من ال صغية هو ترك ال صرار علي ها فإن‬
‫الصرار عليها كبـية كما مر‪ ،‬والراد بالتوبة من الكبـية هو ما يأت من بـيان أركانـها‪ .‬وأما‬
‫المندوب من القسمي فهو توبة من ل تصدر منـه معصية فإن الندم على التقصي وإن ل يُفضِ ال‬
‫مع صية وق صد عدم العود ال يه(‪ )326‬وانك سار الن فس ع ند ذكره وطلب الغفران له مندوب شر عا وال‬
‫سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫والعـزم‬ ‫(‪()281‬أركانـها ندم مـــــــع استغفـــــار‬
‫والرجــــــوع بانكســـار)‬
‫(‪)327‬‬
‫أركان التوبـه الت تصل بـها حقيقتـها للتائب هي أربعة أشياء‪ ،‬ثلث منـها [متفق عليها]‬
‫فل بـد مـن حصـولا للتائب وهـي‪ :‬الندم والقلع عـن الذنـب وقصـد أن ليعود اليـه‪.‬‬
‫وواحـد متلف فيـه فأوجـب بعضهـم حصـوله للتائب ول يوجبــه آخرون وهـو الســتغفار‬
‫باللسـان ـ أي طلب الغفران بالل فظ ـ‪ ،‬فأ ما الندم ف هو الزن على ما و قع من الع صية فل بد‬
‫منـه قطعا على أنـه هو أصل الركان وأساسها وعنـه تنشأ بقيتـها ومن هنا قصر الشارع التوبة‬
‫عل يه فقال‪» :‬التو بة الندم«‪ ،‬والراد ب ـ(العزم) ف قول النا ظم الق صد على عدم العودة ال الذ نب فإن‬
‫قاصد العودة اليه مُ صِرّ‪ ،‬والقصد بعدم العودة هو الذي نعده ركنا للتوبة ل عدم العودة نفسه كما‬

‫‪ )(326‬أي يقصد عدم العودة للتقصي والتوبة من التقصي أمر مندوب‪.‬‬


‫‪ )(327‬من (ب)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪227‬‬


‫قاله ب عض قوم نا‪ ،‬والراد ب ـ(الرجوع) هو القلع عن الذ نب‪ ،‬والراد ب ـ(النك سار) تذلل الن فس‬
‫لالكها وخوفها من أليم عقابـه وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫ومنتـهاهــــا الحـــــط‬ ‫(‪()282‬وأصلها امتثال أمر البــــــــاري‬
‫لـــــلوزار)‬
‫الراد ب ـ(أ صلها) هو ال مر البا عث لفعل ها‪ ،‬والراد ب ـ(منت ـهاها) هو ثرت ـها ال ت تتر تب على‬
‫حصولا‪ ،‬أي أصل التوبة الذي يبعث لفعلها هو امتثال أمر ربنا تعال فإن العبد إذا نظر ال أوامر ال‬
‫تعال وال مناه يه وعزم على امتثال ذلك انبع ثت نف سه وترك خاطره ال تدارك ما ترك من الأمورات‬
‫والقلع ع ما ارتكب من النـهيات‪ ،‬وأورثه ذلك المتثال الندم على ما فات من الزلت فالت جأ ال‬
‫ال تعال طال با لغفران الطا يا وال سيئات فكان ذلك من ـه هو التو بة بعين ـها‪ ،‬فإذا ح صلت له هذه‬
‫ال صال انت ـهى ب ـه الال ال بلوغ مراده و هو غفران ذنوب ـه و ستر عيوب ـه و حط أوزاره‪ ،‬وهذه‬
‫الصلة هي ثرة التوبة وغايتـها والرتبة الت ينتـهي اليها الراجع عن عصيانـه بالنظر ال أول أحواله‪،‬‬
‫أ ما ما يكون له من الثواب الز يل والعطاء الل يل فذلك أ مر أ سداه ال يه م ض الف ضل و سعة الرح ة‬
‫ه المؤمنون النور ‪ .. 31 :‬عامل نا‬‫ب سبب امتثال قوله تعال‪ :‬وتوبوا الى الله جميعـا أي ُّـ َ‬
‫ال بفضله وأدخلنا ف واسع رحتـه إنـه كري رحيم وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫ســــــرا‬ ‫(‪()283‬والتوب مثل الذنب؛ عــــن نبـينـــا‬
‫وجهـــــرا هكذا قد بـينا)‬
‫كذا الريـــــا‬ ‫(‪()284‬فالعُجب والكِبر معا والحســــــــد‬
‫توبتـهـا أن تُفقـــــــد)‬
‫فالحـــــق أنـه‬ ‫(‪()285‬وهكذا العـزم علــــى الكفــــــران‬
‫مـــــن العصيــــــــان)‬
‫يب أن تكون التوبة ف السرار والعلن مثل العصية‪ ،‬فإن كانت العصية من العمال الباطنية فالتوبة‬
‫من ـها سرا مزية فإن أعلن ب ـها فذلك نفل‪ ،‬وإن كانت العصية من الفعال الظاهرة كشرب المر‬
‫وأ كل الي تة ون و ذلك فل تزي التو بة عن ـها إل جهرا لقوله ‪» :‬إذا عملت سيئة فأحدث عند ها‬
‫توبة السر بالسر والعلنية بالعلنية«(‪ ،)328‬فإذا عرفت هذا فاعلم أن العُجب والكِب والسد والرياء من‬

‫‪ )(328‬جاء من طريق معاذ رواه الطبان ف "العجم الكبـي" [‪ 20/159‬برقم ‪ ]331‬بلفظ‪ ...» :‬وما عملت من سوء‬
‫فأحدث ل فيه توبة السر بالسر والعلنية بالعلنية« ورواه أبو نعيم ف "حلية الولياء" برقم [‪ ]813‬بلفظ‪ ..» :‬وأحدث مع‬
‫كل ذنب توبة السر بالسر والعلنية بالعلنية«‪.‬‬
‫وجاء ع ند ال طبان ف "الكب ـي" [‪ 20/175‬ر قم ‪ ]374‬بل فظ‪ ...» :‬وإذا عملت سيئة فاع مل بنب ـها ح سنة ال سر‬
‫بالسر والعلنية بالعلنية«‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪228‬‬


‫العاصي الباطنية فالتوبة منـها ازالتـها بالكلية وصرفها بعلجاتـها الباطنية‪ ،‬ول يلزم العلن بالتوبة‬
‫منـها وهذا معن قوله‪( :‬توبتـها أن تُفقد) أي توبة هذه المور هو إعدامها من نفس الأمور‪ ،‬ورَفَع‬
‫(تفقدُ) على لغة قوم يهملون أنْ الصدرية ول ُيعْمِلُونـها‪.‬‬
‫ومثـل هذه المور فـ صـفة التوبـة منــها العزم على الفسـوق فإن العزم على ذلك مـن‬
‫العاصي الباطنية فيجزي ف التوبة منـها الرجوع عما عزم عليه والندم على ما كان منـه وهذا معن‬
‫قوله‪( :‬وهكذا العزم على الكفران) والراد بالكفران هـو مـا عدا الشرك مـن العاصـي‪ ،‬أمـا العزم على‬
‫الشرك فقد صرح الشهاب ابن حجر(‪ )329‬أنـه شرك‪ ،‬ووجهه أن العازم على الشرك ل يلو من أحد‬
‫أمور‪ :‬إما أن يكون عزمه ذلك لجل تصويب الشرك‪ ،‬أو لقدح ف السلم‪ ،‬أو لتردد ف التوحيد‪ ،‬أو‬
‫لهل با يلزمه علمه من التوحيد والكل من هذه المور شرك‪ ،‬ويتمل أنـه أراد أن نفس العزم على‬
‫الشرك شرك مع قطع النظر عن هذه المور وهو ظاهر عبارتـه‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫وأ ما قوله‪( :‬فال ق أن ـه من الع صيان) أي فالقول ال ق أن العزم على الكفران مع صية خل فا ل ن قال‬
‫أنـه ليس بعصية وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫حتـــــى يرى الموت‬ ‫(‪()286‬ولــــم يرد تائــــــــب من ذنبـه‬
‫دنا من قربـه)‬
‫أتى عـــــن‬ ‫(‪()287‬أو تطلع الشمس من المغــــــرب قد‬
‫المختار فيما قـد ورد)‬
‫أي وعد ربنا تعال بقبول التوبة فل يرد تائب عن ذنبـه من قبولا إذا أتى بـها ف وقتـها الذي تقبل‬
‫فيه‪ ،‬ووقتـها الذي تقبل فيه هو العمر كله إل ف موضعي‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬وقت الغرغرة بالوت ومشاهدة أسبابـه فإن التائب ف هذا الوقت ل تقبل منـه توبتـه‬
‫صرّا؛ لن توبتـه حينئذ ل عن اختيار منـه لا وإنا كانت منـه اضطرارا‬ ‫إذا كان قبل ذلك الوقت مُ ِ‬
‫لا تيقن مِن حضور الوت وانقضاء الدنيا عنـه والدليل على ذلك قوله تعال‪ :‬وليست التوبة‬
‫للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت‬

‫‪ )(329‬الافظ شهاب الدين أبو الفضل أحد بن علي بن ممد بن حجر الكنان العسقلن الصري من كبار علماء الشافعية‬
‫ولد بالقاهرة سنة ‪773‬هـ وتوف بـها سنة ‪852‬هـ وتصانيفه كثية أشهرها "فتح الباري ـ ط" شرح صحيح البخاري‬
‫و"ال صابة ف تي يز ال صحابة ـ ط" و"ت ـهذيب الت ـهذيب ـ ط" و"ل سان اليزان ـ ط" و"تقر يب الت ـهذيب ـ ط"‬
‫و"تعجيل النفعة ـ ط" والربعة ف تراجم رجال الديث و"الطالب العالية ـ ط" و"طبقات الدلسي ـ ط" و"النكت على‬
‫ابن الصلح ـ ط" و"تلخيص البـي ـ ط" و"الدراية ـ ط" و"الدرر الكامنة ف أعيان الائة الثامنة ـ ط" وغيها‪"( .‬ذيل‬
‫طبقات الفاظ" ل بن ف هد ص ‪ 326‬وتعليقات الكوثري عل يه ص ‪ 335‬ـ "ذ يل طبقات الفاظ" لل سيوطي ص ‪ 380‬ـ‬
‫"العلم" للزركلي ‪.)1/178‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪229‬‬


‫الن الن ساء ‪ 18 :‬وقوله ‪» :‬إن ال يقبل توبة عبده ما ل يغرغر«(‪ )330‬وروى عطاء(‪" :)331‬أنـها تقبل‬
‫قبل موتـه ولو بفواق ناقة"(‪.)332‬‬
‫والموضع الثاني‪ :‬وقت طلوع الشمس من مغربـها فإن طلوع الشمس من مغربـها إنا هو‬
‫عل مة لقيام ال ساعة و هو ب عض آيات ـها و قد قال تعال‪ :‬يوم يأتـي بعـض آيات ربـك ل‬
‫ينفـع نفسـا إيمانــها لم تكـن آمنـت مـن قبـل أو كسـبت فـي إيمانــها‬
‫خيرا النعام ‪ 158 :‬وقال ‪» :‬التو بة مقبولة ح ت تطلع الش مس من مغرب ـها«(‪ )333‬و ف حد يث آ خر‪:‬‬
‫»للتوبة باب بالغرب مسية سبعي عاما ل يزال كذلك حت يأت بعض آيات ربك؛ طلوع الشمس من‬
‫مغربــها«(‪ )334‬وفـ حديـث آخـر‪» :‬إن ال يبسـط يده بالليـل ليتوب مسـيء النــهار‪ ،‬ويبسـط يده‬

‫‪ )(330‬جاء من طريق ابن عمر رضي ال عنـهما رواه المام أحد ف "مسنده" [‪ ]6165‬والترمذي ف "سننـه" [‪]3537‬‬
‫وعبد بن حيد ف "مسنده" [‪/ 847‬النتخب] وابن العد ف "مسنده" [‪ ]3404‬وأبو نعيم ف "اللية" [‪ ]6882‬وابن عدي‬
‫ف "كامله" (‪.)4/282‬‬
‫وجاء عند القضاعي ف "الشهاب" [‪ ]1085‬عن عبادة ‪ .‬وجاء عند ابن أبـي شيبة [‪ ]3537‬مرسل للحسن البصري‪.‬‬
‫‪ o‬وعند أحد ف "مسنده" برقم [‪ 15505‬دار الكتب العلمية]‪:‬‬
‫"عن عبدالرحن البـيلمان قال‪ :‬اجتمع أربعة من أصحاب رسول ال فقال أحدهم‪ :‬سعت رسول ال يقول‪» :‬إن‬
‫ال ـ تبارك وتعال ـ يقبل توبة العبد قبل أن يوت بـيوم«‪ .‬فقال الثان‪ :‬أنت سعت هذا من رسول ال ‪.‬؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأ نا سعت ر سول ال يقول‪» :‬إن ال ـ تبارك وتعال ـ يق بل تو بة الع بد ق بل أن يوت بن صف يوم«‪ .‬فقال‬
‫الثالث‪ :‬أنت سعت هذا من رسول ال ‪.‬؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬وأنا سعت رسول ال يقول‪» :‬إن ال ـ تبارك وتعال ـ‬
‫يق بل تو بة الع بد ق بل أن يوت بضحوةٍ«‪ .‬فقال الرا بع‪ :‬أ نت سعت هذا من ر سول ال ‪.‬؟ قال‪ :‬ن عم‪ .‬قال‪ :‬وأ نا سعت‬
‫رسول ال يقول‪» :‬إن ال ـ تبارك وتعال ـ يقبل توبة العبد ما ل يغرغر بنفسه «‪ ".‬قال اليثمي ف "ممع الزوائد" (‬
‫‪ 10/325‬دار الفكر)‪" :‬رواه أحد ورجاله رجال الصحيح غي عبدالرحن وهو ثقة"‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪ )(331‬أشتـهر من تسمى بعطاء اثنان ها‪ :‬أبو ممد عطاء بن يسار الدن وأبو ممد عطاء بن أبـي رباح الكي وكلها من‬
‫أجلة التابعي ول أتبـي القصود منـهما‪.‬‬
‫وترجة الول ف‪" :‬تذكرة الفاظ" للذهبـي (‪ )1/90‬و"تـهذيب التـهذيب" لبن حجر (‪ 7/188‬دار الكتب العلمية)‪.‬‬
‫وترجة الثان ف‪" :‬تذكرة الفاظ" للذهبـي (‪ )1/98‬و"تـهذيب التـهذيب" لبن حجر (‪ )7/174‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(332‬جاء مثله عند الطبان ف "الوسط" مرفوعا من طريق عبدال بن عمرو ‪ ..‬هكذا ذكره اليثمي ف "ممع الزوائد" (‬
‫‪ 10/324‬دار الفكر) ول يتكلم عن سنده‪ .‬وليس "الوسط" بـي يدي الن‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(333‬جزء من حديث طرفه‪» :‬ل تزال التوبة ‪ ...‬الديث« جاء من طريق عبدالرحن بن عوف وعمرو بن العاص ومعاوية‬
‫جيعا رواه أحد ف "السند" [‪ 1/244‬برقم ‪ ]1676‬والطبان ف "الكبـي" [‪ 19/381‬برقم ‪ ]895‬وابن جرير الطبي‬
‫ف "تفسيه" [‪ 5/407‬برقم ‪ 14217‬و ‪ 14218‬دار الكتب العلمية]‪.‬‬
‫‪ )(334‬هذا الديـث جاء مـن طريـق صـفوان بـن عسـال رواه أحدـ فـ "مسـنده" [‪ 18117‬و ‪ 18119‬و ‪]18124‬‬
‫والترمذي ف "سننـه" [‪ 3535‬و ‪ ]3536‬والطبان ف "الكبـي" [‪ 8/55‬برقم ‪ ]7348‬والبـيهقي ف "شعب اليان"‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪230‬‬


‫بالن ـهار ليتوب م سيء الل يل ح ت تطلع الش مس من مغرب ـها«(‪ )335‬ومع ن يب سط يده‪ :‬أي ي سدي‬
‫نعمتـه ويسبلها على من توجّه اليه تائبا‪ ،‬كل ذلك ترغيب للعباد ف السارعة ال التوبة وال أعلم‪.‬‬
‫وإنا كانت التوبة ل تقبل بعد طلوع الشمس من مغربـها لن بطلوعها يتيقن انقضاء الدنيا وفناؤها‬
‫وقدوم الخرة وبقاؤها فتوبة التائب ضرورية ل اختيارية‪ ،‬ومن هنا ل تقبل توبة فرعون لنـه إنا تاب‬
‫بعـد تيقنــه اللك وبعـد علمـه بانقضاء دنياه وفـ ذلك اليـ قال‪ :‬آمنـت أنــه ل إله إل‬
‫الذي آمنت بـه بنو اسرائيل وأنا من المسلمين يو نس ‪ 90 :‬فقيل له على جهة‬
‫ل وكنت من المفسدين يونس ‪ 91 :‬وهلك‬ ‫النكار عليه‪ :‬ءالن وقد عصيت قب ُ‬
‫فرعون ورد توبتـه ما اطبقت عليه المة ودلت عليه اليات القرآنية والحاديث النبوية‪ ،‬فما نسب ال‬

‫[‪ ]7076‬وابـن جريـر الطـبي فـ "تفسـيه" [‪ 5/407‬ــ ‪ 408‬برقـم ‪ 14221‬و ‪ ]14223‬والبغوي فـ "تفسـيه" [‬
‫‪.]2/144‬‬
‫‪ )(335‬جاء من طر يق أب ـي مو سى الشعري رواه المام م سلم ف " صحيحه" [‪ ]2759‬وأح د [‪ 19548‬و ‪]19640‬‬
‫والطيالسي ف "مسنده" [‪ ]490‬والبـيهقي ف "السنن الكبى" [‪ 8/235‬رقم ‪ 16504‬ـ و ‪ 10/317‬رقم ‪]20766‬‬
‫وف "شعب اليان" [‪ ]7075‬وأبوالشيخ ف "العظمة" [‪ 128‬و ‪ ]129‬والبغوي ف "تفسيه" [‪.]2/144‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪231‬‬


‫ا بن العرب ـي(‪ )336‬من قوم نا أن فرعون مؤ من شه يد مالف للكتاب وال سنة وخارق لجاع ال مة فل‬
‫يلتفت إليه وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫توبتـه وهـكـــــــذا‬ ‫(‪()288‬فقاتل المؤمن عمـــــدا تقبــــــل‬
‫المضــــلـــــل)‬
‫آلـــــى ليبطـــلن‬ ‫(‪()289‬من بعد موت من أضـــــل وإذا‬
‫حقـــــا فكــــــذا)‬

‫‪ )(336‬ل يس الراد ه نا ا بن العرب ـي العل مة الال كي م مد بن عبدال صاحب "عار ضة الحوذي" و"العوا صم من القوا صم"‬
‫و"أحكام القرآن" التوف سنة ‪543‬هـ بل القصود هو‪:‬‬
‫الفيل سوف الت صوف م ي الد ين أ بو ب كر م مد بن علي بن م مد بن أح د بن عرب ـي الطائي الات ي الر سي صاحب‬
‫"الفتوحات الكية ـ ط" و"شجرة الكون ـ ط" و"فصوص الكم ـ ط" نـزيل دمشق‪ ،‬ولد سنة ‪560‬هـ ف "مرسية"‬
‫بالندلس وانتقـل إل "أشبــيلية" وقام برحلة زار مـن خللاـ الشام وبلد الروم والعراق والجاز؛ وأنكـر عليـه أهـل الديار‬
‫الصرية شطحات صدرت منـه فعمل بعضهم على إراقة دمه‪ ،‬وحُبس فسعى ف خلصه بعضهم فنجا واستقر بـه الال ف‬
‫دم شق‪ .‬قال الذهب ـي ف "ميزان العتدال" (‪" :)3/659‬ونَقَل رفيق نا أ بو الف تح اليعمري ـ وكان متثب تا ـ قال‪ :‬سعت‬
‫المام تقي الدين ابن دقيق العيد يقول‪ :‬سعت شيخنا أبا ممد العز بن عبد السلم السلمي ـ يقول وجرى ذكر أبـي عبد‬
‫ال بن العرب ـي الطائي ـ فقال‪ :‬هو ش يخ سوء شي عي كذاب‪ .‬فقلت له‪ :‬وكذاب أي ضا؟!‪ .‬قال‪ :‬ن عم؛ تذاكر نا بدم شق‬
‫التزويج بالن فقال‪ :‬هذا مال لن النس جسم كثيف والن روح لطيف‪ ،‬ولن يعلق السم الكثيف الروح اللطيف‪ .‬ث بعد‬
‫قليل رأيتـه وبـه شجة فقال‪ :‬تزوجت جنية فرزقت منـها ثلثة أولد!! فاتفق يوما أن أغضبتـها فضربتن بعظم حصلت‬
‫منـه هذه الشجة وانصرَفتْ فلم أرها بعد هذا‪ .".‬ث قال الذهبـي‪" :‬وصنف التصانيف ف تصوف الفلسفة وأهل وحدة‬
‫الوجود‪ ،‬فقال أشياء منكرة عد ها طائ فة من العلماء مرو قا وزند قة‪ ،‬وعد ها طائ فة من العلماء من إشارات العارف ي ورموز‬
‫ال سالكي‪ ،‬وعد ها طائ فة من متشاب ـه القول وأن ظاهر ها ك فر وضلل وباطن ـها حق وعرفان وأن ـه صحيح ف نف سه‬
‫كب ـي القدْر‪ .‬وآخرون يقولون‪ :‬قد قال هذا البا طل والضلل ف من الذي قال إن ـه مات عل يه‪ .".‬ا‪.‬ه ـ ويقال ل ن يدا فع‬
‫عنـه‪ :‬ما الدليل على أنـه مات على غيه؟! ومن نقل توبتـه؟!والتقول بغي دليل ليس لهل العلم بسبـيل‪ .‬وف "لسان‬
‫اليزان" ل بن ح جر الع سقلن يقول (‪" :)5/315‬و ف ت صانيفه كلمات ين بو ال سمع عن ـها وز عم أ صحابـه أن ل ا مع ن‬
‫باطن ـها غ ي الظا هر"‪ .‬ا‪.‬ه ـ على أن ال سلمي مكلفون بال خذ بالظا هر أ ما البوا طن فتو كل إل علم الغيوب‪ ،‬و من أو قع‬
‫نفسه ف مواطن التـهم فل يلومن إل نفسه‪ ،‬بل ل يكن من سية السلف الصال تقسيم الشياء إل بواطن وظواهر نعم هذا‬
‫شأن الباطن ية و هي فر قة ظاهرة ال سران‪ ،‬وا بن عرب ـي هذا هو القائل بنجاة فرعون فيكون قوله هذا مكفرا له دون تردد‬
‫لعارضت ـه القرآن الكري وال الستعان‪ .‬وف معرض الكلم عن كتاب "فصوص الكم" يقول ا بن تيمية كما ف "الفتاوى‬
‫الكبى" (‪ 2/81‬ط‪ /‬مكتبة العبـيكان)‪" :‬ولذا جعل صاحب هذا الكتاب ُعبّاد العجل مصيبـي! وذكر أن موسى أنكر‬
‫على هارون إنكاره عليهم عبادة العجل!! وقال‪ :‬كان موسى أعلم بالمر من هارون‪ ،‬لنـه علم ما عبده أصحاب العجل!‬
‫لعلمه بأن ال قضى أل يعبدوا إل إياه وما حكم ال بـه وقع!! فكان عتب موسى أخاه هارون لا وقع المر ف إنكاره وعدم‬
‫اتباعه! فإن العارف من يرى الق ف كل شئ!! بل يراه عي كل شئ!!‪ .‬ولذا يعلون فرعون من كبار العارفي! الحققي!‬
‫وأن ـه كان م صيبا ف دعواه الربوب ـية!! ك ما قال ف هذا الكتاب‪ :‬ول ا كان فرعون ف من صب التح كم صاحب الو قت‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪232‬‬


‫قول أبـي نبـهان‬ ‫(‪()290‬وقيل أن ل توبـــــة لهـــــم وفي‬
‫أن ليـــــس اصطفي)‬
‫أضــله بمـــــا‬ ‫من‬‫(‪()291‬لكن على المضـــــل أن يُبلغَ َ‬
‫من فتــــــن)‬ ‫دعـــــا و َ‬
‫حــري‬
‫ٌ‬ ‫فهو‬ ‫(‪()292‬إن كان فـــــي مقـــــــدرة وإل‬
‫بمتــــــــاب المولــــــى)‬
‫أي فإذا علمت أن التائب من ذنبـه ل ُيرَد ما ل يغرغر بنفسه أو تطلع الشمس من مغربـها؛ فاعلم‬
‫أن قاتل الؤمن عمدا‪ ،‬والداعي ال ضللة‪ ،‬والالف على إبطال حق ‪ ..‬تقبل جيعا توبتـهم إذا جاءوا‬
‫ب ـها على شروطها لن الدلة الدالة على قبول التوبة قبل الغرغرة وقبل طلوع الشمس من مغربـها‬
‫عا مة تش مل هؤلء وغي هم وت صيصهم من هذا العموم مفت قر ال دل يل‪ ،‬وذ هب ب عض العلماء ال أن‬
‫هؤلء الثلثة ليس لم توبة وكذا عندهم مَن َأْلحَقَت زوجَها ولدا مِن غيه؛ فهؤلء الربعة ل توبة لم‬
‫ع ند هؤلء وكذا قالوا في من ق تل نب ـيا أو قتله نب ـي‪ ،‬وضعّ فَ الش يخ أ بو نب ـهان جا عد بن خ يس‬
‫الرو صي ـ رضوان ال عل يه ـ ت صيص عموم اليات الواردة ف قبول التو بة من ج يع التائب ـي‬
‫فأجراها على عمومها واختار أن التوبة مقبولة ما ل يغرغر أو تطلع الشمس من مغرب ـها وهذا معن‬
‫قوله‪( :‬وف قول أبـي نبـهان أن ليس اصطفي) أي أن القول‪ :‬بأن هؤلء الثلثة غي مقبولة توبتـهم‪.‬‬
‫ليس بالختار ف قول أبـي نبـهان‪.‬‬
‫أما قوله‪( :‬لكن على الضل‪ ..‬ال) فهو بـيان لكيفية توبة الداعي ال ضللة فأُ ِجيْبَ اليها‪ ،‬اعلم أن توبة‬
‫من د عا ال ضللة فأج يب الي ها مشرو طة بأن يُبَلّغ مَن أجاب ـه ال تلك الضللة بأن ـه تاب من ـها‬
‫وأنـها بدعة وضللة؛ فإن قبل منـه ذلك وإل فل شيء عليه فوق ذلك‪ ،‬وإن ل يقدر على إبلغ من‬
‫أضله ببـيان ضللتـه بأ نْ مات الُجيب اليها أو غاب حيث ل يكنـه إبلغه فل شيء عليه سوى‬

‫وأنـه جار ف العرف الناموسي لذلك قال‪ :‬أنا ربكم العلى (النازعات‪ )24 :‬أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا‬
‫العلى منـهم با أعطيتـه ف الظاهر من الكم فيهم!‪ .‬ولا علمت السحرة صدق فرعون!! فيما قاله ل ينكروه بل أقروا له‬
‫بذلك!! وقالوا له‪ :‬اقض ما أنت قاض (طه ‪ )72 :‬فالدولة لك‪ .‬فصح قول فرعون‪ :‬أنا ربكم العلى‪ .‬وأنـه كان عي‬
‫الق!‪.‬‬
‫ويكفيك معرفة بكفرهم؛ أن من أخف أقوالم أن فرعون مات مؤمنا بريا من الذنوب!!"‪ .‬انتـهى كلم ابن تيمية وإن‬
‫كان الال ك ما قال فل يس ل ن يدا فع عن ا بن عرب ـي الت صوف ح جة ب عد هذا‪ ،‬بل هو ضال خا سر إن ث بت ع نه وال‬
‫ال ستعان‪ .‬وأ ما احتجاج ب عض الت صوفة دفاعا ع نه بأن تلك العبارات الكفر ية دُ ّستْ عل يه ك ما ذكره الشعرا ن ف "لطائف‬
‫ل على لزوم ن بذ كت به على أح سن الحا مل‪ ،‬وكا نت وفات ـه سنة ‪638‬ه ـ ف دم شق‪"( .‬ميزان‬ ‫ال نن" ف هو ل يز يد إل دلي ً‬
‫العتدال" ‪ 3/659‬ـ "سي النبلء" للذهبـي ‪ 16/347‬ـ"لسان اليزان" لبن حجر ‪ 5/311‬ـ ‪ 315‬ـ "العلم"‬
‫للزركلي ‪.)6/381‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪233‬‬


‫التوبة لقوله تعال‪ :‬إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا‪ ..‬الية‬
‫البوج ‪ 10 :‬فإنـه تعال شرط الوعيد بعدم التوبة وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪234‬‬


‫البـاب الثــــاني‬
‫ـ من الـركــن الرابــع ـ‬
‫فــي أحــــوال التــــائب‬
‫والراد بأحواله بـيان ما له وما عليه بعد التوبة‪ ،‬فأما بـيان ما عليه فأشار اليه بقوله‪:‬‬
‫كفـــــارة وتوبـــة‬ ‫(‪()293‬وتارك فرضــا لمـــوله مضـــــى‬
‫قــــد فــرضــا)‬
‫شيء ســـــوى التوبة‬ ‫(‪()294‬عليه مع إبدالــــــــه وقيـــل ل‬
‫في ذا جعــل)‬
‫في حكـــــم من‬ ‫(‪()295‬وذاك مثل الصـــــوم والصلة‬
‫حـرم للحـــرمات)‬
‫اعلم أن التائب من الذنب إما أن يكون ذنبـه مِن جهة ارتكاب ما حرم ال تعال وإما أن يكون مِن‬
‫ترك ما فرض ال عل يه‪ ،‬فإن كان من الول فل ش يء عل يه سوى التو بة اتفا قا من الشار قة وعل يه مع‬
‫ح ّرمِي لا ارتكبـه ول كفارة‬‫التوبة ـ الكفارة ـ ُمغَلّظة مع أصحابنا الغاربة بشرط أن يكون من ا ُل َ‬
‫عندهم على الستحل لذلك كذا يؤخذ من استقراء قواعدهم‪ ،‬وإن كانت معصيتـه بترك ما فرض ال‬
‫عليه ِفعْلَه كالصلة والصوم ُيفَوّتـهما عمدا فل يلو ف تفويتـه لما من أحد أمرين‪ :‬إما أن يكون‬
‫م ستحل لتركه ما وإ ما أن يكون منت ـهكا غ ي م ستحل لذلك‪ ،‬فإن كان م ستحل لتركه ما فل ش يء‬
‫عليه سوى التوبة من ذلك‪ ،‬وإن كان منتـهكا وف اعتقاده دائن بفرضيتـهما عليه ففيه ثلثة أقوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن عليه التوبة من ذلك والكفارة عنـه وتداركه بالبدل‪.‬‬
‫ثانيها‪ :‬أن عليه التوبة والبدل ول كفارة عليه‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬أن ل كفارة ول بدل وإنا عليه التوبة فقط وهذا معن قوله‪( :‬ل شيء ‪..‬ال)‪.‬‬
‫ومع ن قوله‪( :‬جُعل) أي شرع‪ ،‬ومع ن قوله‪ ( :‬ف ح كم من حرم للحرمات) أي هذه القوال إن ا هي‬
‫متصة بكم من اعتقد تري الحرمات شرعا‪ ،‬أما من ترك الصوم والصلة على جهة الستحلل لما‬
‫فل شيء عليه سوى التوبة من ذلك لن ـه يكون باستحلله لذلك مشر كا(‪ )337‬وبرجو عه عن ـه ال‬
‫الق مسلما والسلم جب لا قبله قل للذين كفروا إن ينتـهوا يُغفر لهم ما قد‬
‫سلف النفال ‪ 38 :‬وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(337‬وإن ا ح كم عل يه بالشرك لكون ا ستحلله ل مر علم من الد ين بالضرورة ف هو مضاد ل ف أحكا مه‪ ،‬قال أ بو ا سحاق‬
‫الشيازي الشافعي ف كتاب ـه "الهذّب" (‪ 1/100‬دار الك تب العلم ية)‪" :‬ومن وج بت عل يه ال صلة وامتنع من فعل ها‪ ،‬فإن‬
‫كان جاحدا لوجوب ـها ف هو كا فر وي ب قتله بالردّة لن ـه كذّب ال تعال ف خبه‪ ،‬وإن ترك ها و هو معت قد لوجوب ـها‬
‫وجب عليه القتل ‪...‬ال"ا‪.‬هـ والستحل والاحد هاهنا سواء‪ .‬وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪235‬‬


‫لـــــه ثوابـها‬ ‫(‪()296‬وفي المصر إن أتـــــى الطاعة هــــل‬
‫إذا الغفران حل)‬
‫من غير ما‬ ‫(‪()297‬أو ل أو التفصيل أولـــــى إن عصى‬
‫شـــرك أتى محصحصا)‬
‫هذا بـيان الطرف الثان من أحوال التائب وهو الانب الذي له‪ ،‬اختلف العلماء ف التائب إذا كان ف‬
‫حال اصراره فاعل للطاعات هل يعطى ثواب تلك الطاعات بعد التوبة أم ل؟ ففيه ثلثة أقوال‪:‬‬
‫الول‪ :‬لبـي عبدال ممد بن مبوب(‪ )338‬ـ رضي ال تعال عنـه ـ واختاره ابن أبـي نبـهان‬
‫أنـه يعطى ثواب طاعتـه وظاهر كلمهما الطلق‪.‬‬
‫القول الثانـي‪ :‬للفضـل بـن الواري(‪ )339‬واختاره جاعـة وهـو أنــه ل يعطـى مـن ثواب تلك‬
‫الطاعة شيئا‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬لبشيـ(‪ )340‬واختاره الزاملي(‪ )341‬أنــه إذا كان هذا الصـر حيـ ِفعْلِه للطاعـة‬
‫مشركـا فل ثواب له بعـد التوبـة على تلك الطاعـة‪ ،‬وإن كان غيـ مشرك فيعطـى بعـد التوبـة ثواب‬
‫طاعتـه‪.‬‬

‫‪ )(338‬تقدمت ترجتـه عند التعليق على البـيت رقم (‪.)28‬‬


‫‪ )(339‬العل مة أ بو م مد الف ضل بن الواري الزكوي من ب ن سامة بن لؤي بن غالب‪ .‬أش هر علماء عمان ف القرن الثالث‬
‫الجري وأ حد تلم يذ العل مة الكب ـي م مد بن مبوب ‪ ..‬كان هو والش يخ عزان بن ال صقر ف ز من وا حد ولعلمه ما‬
‫وفضله ما يضرب ب ـهما ال ثل ف عمان كالعين ي ف جب ـي وا حد‪ .‬من تصانيفه‪ :‬كتاب "الامع" وقد ت طبعه ف وزارة‬
‫التراث العمانية ف ‪ 3‬ملدات‪ .‬وقتل ف وقعة القاع الشهورة سنة ‪278‬هـ‪.‬‬
‫("اتاف العيان" للبطاشي ‪ 1/197‬ـ ‪ 200‬ـ "السية" لبن مداد ص ‪.)31‬‬
‫‪ )(340‬العل مة بش ي بن م مد بن مبوب الخزو مي من أ هل عمان ينحدر من سللة علم ح يث كان أبوه وجده من كبار‬
‫العلماء وهو أحد علماء الباضية ف القرن الرابع والغاية ف العلم والفضل ف أهل زمانـه من مؤلفاتـه "البستان" (مفقود) و‬
‫"الزانة" ف ‪ 70‬ج (مفقود) و "الرضف ف التوحيد" (مطوط) و "الحاربة" (مطوط) توف سنة ‪273‬هـ تقريبا‪"( .‬إتاف‬
‫العيان" ـ للبطاشي ـ ‪)1/194‬‬
‫ويكن أن يكون الراد بـه العلمة أبو النذر بشي بن النذر العقري النـزوي تلميذ المام الربـيع الفراهيدي رحهما ال تعال ‪،‬‬
‫لكن الول من ذكرتـه لن اللف ف هذه السألة انتشر متأخرا عن زمن ابن النذر وأحسب أن قرأت ما يدل على هذا‬
‫ف "منـهج الطالبـي" للعلمة الشقصي وال أعلم‪.‬‬
‫‪ )(341‬الشيخ صال بن سعيد الزاملي العقري النـزوي ـ نسبة إل مدينة نـزوى الشهية ـ من علماء الباضية ف عمان‪،‬‬
‫عاش ف القرن الادي عشر الجري ـ معاصر للشيخ خيس بن سعيد الشقصي مؤلف "منـهج الطالبـي ـ ط‪20/‬ج"‬
‫ـ وكانت له مشاركة بارزة ف تنصيب المام العادل ناصر بن مرشد اليعربـي الذي قام بدوره بطرد الستعمرين البتغالي‬
‫من الراضي العمانية ث استكمل بقية الئمة من اليعاربة طرد البتغاليي من الليج العربـي وبر العرب فخلصوا الناس من‬
‫شرهم‪ ،‬هذا وللشيخ الزاملي جوابات متناثرة تراها ف كتاب "لباب الثار" للصائغي‪"( .‬تفة العيان" ـ للسالي ‪.)2/7‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪236‬‬


‫ففي السألة إطلقان وتفصيل؛ الطلق الول‪ :‬إنـه يعطى ثوابـها بعد التوبة مطلقا كان حي‬
‫فعل الطاعة مشركا أو فاسقا غي مشرك‪ .‬الطلق الثاني‪ :‬أنـه ل يعطى ثواب ما عمل حال‬
‫اصراره ولو تاب وغفر له كان حال الصرار مشركا أو غي مشرك‪ .‬وأما التفصيل‪ :‬فهو انـه إن‬
‫كان بإ صراره مشر كا فل ثواب له في ما ع مل من الطاعات ف حال شر كه وإن كان غ ي مشرك فله‬
‫ثوابـه إذا تاب من اصراره‪.‬‬
‫ول ف السألة تفصيل آخر هو‪ :‬انـه إن كانت الطاعة الت عملها مشروطا صحتـها بالسلم‬
‫كال صلة وال صيام فل ثواب ل ا إن عمل ها ف الشرك لن شرط صحتـها غ ي موجود وثواب الع مل‬
‫مترتب على صحتـه ول صحة فل ثواب‪ ،‬وإن كانت تلك الطاعة غي مشروط ف صحتـها السلم‬
‫َكِبرّ الوالديـن وإقراء الضيفان وصـلة الرحـم وإغاثـة اللهوف ونصـر الظلوم ‪..‬وهكذا فله ثوابــها إذا‬
‫أسلم وإن عملها ف الشرك وكذا القول فيما عمل من الطاعات ف حال اصراره الذي ل يشرك بـه‬
‫فإن ـه إن كا نت تلك الطا عة مشرو طا ف صحتـها اليان الكا مل و هو الوفاء بم يع الواجبات فل‬
‫صحة لا بتركه فل ثواب عليها‪ ،‬وإن كانت تلك الطاعة غي مشروط ف صحتـها اليان الكامل فله‬
‫على فعل ها ثواب ـها ب عد توبت ـه وهذا التف صيل ح سن جدا‪ .‬ول يقال إنــه لم يتقدمنـي‬
‫عليه أحد فإن الحق مقبول ممن جاء بـه‪ ،‬فإن قيل‪ :‬لشيء من الطاعات مشروط‬
‫صحتـها باليان الكامل فل وجه لخر التفصيل‪ .‬قلنا‪ :‬بل له وجه ظاهر وهو أن الفقهاء اختلفوا ف‬
‫أشياء من الطاعات كال صلة خلف الفا سق فأبطل ها قوم و صححها آخرون فالقائل ببطلن ـها يشترط‬
‫ف صحتـها أن يكون المام كامل اليان(‪ )342‬وعلى مذهبـه فتلك الصلة غي صحيحة فل ثواب لا‬
‫وإنْ بعد التوبة على هذا التفصيل الذي ذكرتـه وكذا فيما أشبـه ذلك وال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(342‬جرى الع مل على جواز ال صلة خلف الفا سق للحد يث الوارد ف هذا الشأن‪ ،‬ل كن ي كن التمث يل لراد الش يخ وب ـيان‬
‫الرد على من قال‪ :‬ل شيء من الطاعات مشروط صحتـها باليان الكامل‪ .‬بأن صلة السبل إزاره ليست متقبلة للحديث‬
‫الوارد ع ند الن سائي‪ ،‬و أ بو داود بر قم (‪ .. »: )638‬فقال له ر جل‪ :‬يا ر سول ال‪ ،‬ما لك أمرت ـه أن يتو ضأ ث سكت‬
‫عن ـه؟ فقال‪ :‬إن ـه كان ي صلي و هو م سبل إزاره وإن ال جل ذكره ل يق بل صلة ر جل م سبل إزاره« ولن فا عل ذلك‬
‫مرتكب للكبـية ومتلبس بـها ف حال أدائه للصلة والطاعة ل تالطها كبـية فأبطل صلتـه بعض أجلة العلماء وكذا‬
‫الال وهذا تثيل جيد لكلم الشيخ ـ رحه ال ـ وكذا يثل أيضا بأن الصدقة إذا خالطها الن أو الرياء فهما مبطان لا‬
‫لقوله تعال‪ :‬ياأيهـا الذيـن آمنوا ل تبطلوا صـدقاتكم بالنـ والذى كالذي ينفـق ماله رئاء الناس ‪ ..‬البقرة ‪.. 264 :‬‬
‫ومنـه يتبـي أن هناك من الطاعات ما يشترط فيه اليان الكامل فإن مصاحبة الفسق ـ وهو لزم إنعدام اليان الكامل ـ‬
‫مبط لكثي من الطاعات وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪237‬‬


‫البـــاب الثالـــث‬
‫ـ من الركــن الرابـــع ـ‬
‫رِم والمستحـــل‬ ‫في توبة المحـــ ّ‬
‫والمستحــــــل‬ ‫(‪()298‬ومجمــــــل توبـــة من يحــّرِم‬
‫عكس هذا يلزم)‬
‫الراد ب ـ(الحرّم) النت ـهك و هو الذي يفعل الذنب مع اعتقاده له أن ـه ذنب‪ ،‬والراد بـ(الستحل)‬
‫من يفعل الذنب ويعتقد أنـه غي ذنب لشبـهة تسك بـها أو لتقليده من تسك بالشبـهة ف ذلك‬
‫فهو يدين بتخطئة من خالفه ف ذلك‪ ،‬فالحرم على هذا أيسر حال من الستحل لن الستحل جَ َمعَ مع‬
‫ارتكاب الذنب اعتقاد أن ـه غي ذنب وتطئة من خالفه ف ذلك‪ ،‬فمن هنا كانت توبة الحرم أيسر‬
‫حال من توبة الستحل فيجزي الحرم أن يتوب من جيع ذنوبـه إجال‪ ،‬ول يزي الستحل ذلك لكن‬
‫يلزمه التوبة عن كل ما استحله بعينـه فيذكر ذنوبـه ذنبا ذنبا ويتوب عن كل واحد منـها توبة‬
‫وهذا معن قول الناظم‪( :‬والستحل عكس هذا يلزم) أي يلزم الستحل ف كيفية التوبة عكس ما يلزم‬
‫الحرم؛ فيلزم الحرم الجال ويلزم الستحل التفصيل‪ ،‬هذا حاصل ما ف الثر والظاهر أن لزوم التفصيل‬
‫ف التوبة على الستحل إنا هو تعبد خاص له فيما بـينـه وبـي اللق(‪ )343‬أما فيما بـينـه وبـي‬
‫ال فل يلزمه ذلك وإنا يزيه الجال إذا قصد بالتوبة التوبة عن كل ذنب استحله وال أعلم‪.‬‬
‫لم يجزه التـــوب‬ ‫(‪()299‬ومن أتـــــى أمــرا علــى التحريم‬
‫بـــــل تغريـــم)‬
‫بعكسه في أعـــــدل‬ ‫(‪()300‬وإن يكــــــن أتـــاه باستحـــلل‬
‫القـــــوال)‬
‫عليـــــه أن يرده‬ ‫(‪()301‬وإن يكن فــــي يده ما قد كسب‬
‫لمــــن سلـــب)‬
‫يشترط ف توبة من فعل أمرا ويعتقد أنـه حرام فلزمه من ـه ضمان كأ كل مال الغي بغ ي إذن ـه أن‬
‫حلّ منـهم ول يزيه التوبة منـه بغي تلص‪ ،‬فإن ل‬ ‫يتخلص إل أرباب ذلك الشيء إما بغرم له أو ِب ِ‬
‫يقدر على التخلص دان بأداء ذلك عنـد القدرة فإذا حضره الوت وهـو غيـ قادر على اللص أوصـى‬
‫بـه وليس عليه فوق ذلك شيء وال رؤوف بالعباد‪ ،‬ول يشترط هذا الشتراط ف توبة من فعل ذلك‬
‫الفعل وهو مستحل له على أكثر القوال وعدّله الناظم هاهنا لكن بشرط أن ل يكون ما أخذه بطريق‬
‫الستحلل باقيا ف يده فإن كان باقيا بعينـه ف يده ففي أكثر أقوالم أن عليه أن يرده ال من أخذه‬

‫‪ )(343‬والعلة ف التفصيل من أجل أنـه ل يرى ما كان مستحل له ذنبا!!‪ ،‬حي يكون دائنا بلية ما أتاه‪ ،‬فتوبتـه الجملة ل‬
‫تشمل ما استحله على هذا بل يلزمه تعيي ما استحله بالتوبة وال أعلم‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪238‬‬


‫منـه‪ ،‬وقيل ل يلزمه أن يرده اليه لنـه إنا أخذه يوم أخذه وهو مستحل له‪ ،‬وف قول ثالث‪ :‬أن على‬
‫الستحل رد ما أخذه إن كان باقيا وغرمه إن كان متلفا‪.‬‬
‫هذا مصل ما ف الثر ف هذا القام وعندي فيه تفصيل هو‪ :‬أنـه إن كان الستحل مشركا فل يلزمه‬
‫غرم ما أتلفه ف حال شركه على السلمي ول يلزمه رد ما أخذ منـهم بعد أن أسلم ولو كان باقيا ف‬
‫يده لن له ما أسلم عليه لدلة ذكرتـها ف غي هذا الكتاب‪ ،‬وإن كان الستحل من أهل القبلة [فإنـه‬
‫يلزمه رد ما أخذ على السلمي باستحلله وغرمه إن كان قد تلف من يديه لنـه ل تل أموال أهل‬
‫القبلة بنفس العتقاد ِلحِلّهَا وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫حتى يصــــــح أنـه قد‬ ‫(‪()302‬وحكمــــه محرم حــين فعـل‬
‫استحـل)‬
‫حرّم لخذهـا فهـو مكوم عليـه بغرمهـا وإن ادعـى‬ ‫أي حكـم آخـذ أموال أهـل القبلة](‪ )344‬أنــه ُم َ‬
‫الستحلل لا؛ لن أموال أهل القبلة ف دين ال مجورة بغي إذن أهلها فيحكم على من أخذها بردها‬
‫الي هم ودعواه أن ـه م ستحل لخذ ها دعوى لو صحت تُ سقط عن ـه ال كم برد ها على قول ب عض‪،‬‬
‫وأيضا فحكم أهل القرار كلهم التحري لا حرم ال ودعواه أنـه مستحل تالف أهل هذا الكم فل‬
‫ت سمع من ـه دعواه أن ـه م ستحل إل ب صحة شرع ية و هي شهرة أو شهادة عدل ي وذلك أن تق ضي‬
‫الشهرة أو يشهد العدلن بأن هذا الرجل قد كان على دين الزارقة(‪ )345‬مثل وال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(344‬ما بـي الاصرتي ساقط من (ب)‪.‬‬


‫‪ )(345‬أتباع نافع بن الزرق وهي فرقة من الوارج يستحلون أموال ودماء مالفيهم حي عدوهم مشركون وقد انقرض هؤلء‬
‫الوارج ول المد ول يبق ف هذا الزمن إل شرذمة موهوا على الناس وتستروا بألقاب برّاقة من يمل مبدأهم ف استحلل‬
‫دماء أهل القبلة!! قاتلهم ال أن يؤفكون‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪239‬‬


‫البـاب الـرابـــع‬
‫في المور التي ل تلزم منـها توبة‬
‫أي لعفو ال تعال عنـها بنـه وهي أربعة أشياء؛ التقية والطأ والنسيان وحديث النفس‪ ،‬ف َعقَد لكل‬
‫واحد من التقية والطأ فصل‪ ،‬و َعقَدَ لديث النفس والنسيان فصل واحدا فلذا قال‪ :‬وفيه ثلثة فصول‪.‬‬
‫الفصــل الول‬
‫قيَّـــــة‬ ‫في الت َ ِ‬
‫من نيل ضـــــر‬ ‫(‪()303‬أجـــز تقيــة بقـــــول إن خلـــص‬
‫من بـه القول يخص)‬
‫والخلف في‬ ‫(‪()304‬وامنعها في اتلف نفـــــس إن جنى‬
‫اتـــــلف مـــال ضمنـا)‬
‫التقية إما أن تكون بالقول وإما أن تكون بالفعل ـ وسيأت بـيان حكم التقية بالفعل ـ وأما التقية‬
‫بالقول فتجوز ف موضع وتنع ف مو ضع آخر ول ا مو ضع ثالث يتلف ف جواز ها فيه‪ .‬فأ ما الوضع‬
‫الذي توز فيه فهي ما إذا كان القول ليس فيه ضرر على أحد من البشر وكان الجبور قد أكره على‬
‫القول ب ـه(‪ )346‬فإن ـه يوز له ف هذا الو ضع أن يد فع عن نف سه ما يشاه من الق تل ونوه بالقول‬
‫الذي طلب من ـه ولو كان ذلك القول شر كا وهذا مع ن قوله‪( :‬أ جز تق ية بقول ‪..‬ال)‪ ،‬ومع ن قوله‪:‬‬
‫(إن خلص من نيل ضر ‪..‬ال) أي إن خلص ذلك القول من وقوع الضرر ف الغي فهو تقييد للجواز‪،‬‬
‫وجواز ما ذكرناه مأخوذ من الكتاب والسنة فأما الكتاب فقوله تعال‪ :‬إل من أكره وقلبـه‬
‫آل عمران ‪28 :‬‬‫مطمئن باليمان النحــل ‪ 106 :‬وقوله تعال‪ :‬إل أن تتقوا منـــهم تقاة‬
‫وأما السنة فقوله ‪» :‬عفي عن أمت الطأ والنسيان وما حدّثوا بـه أنفسهم وما أكرهوا عليه«(‪،)347‬‬
‫‪ )(346‬فليتأمل القارئ مراد الباضية من التقية خلفا لبعض التعالي من مالفينا الذين يتخيلون القصود من التقية أن يظهر‬
‫النسـان خلف مـا يبطـن فـ غالب أحواله دون التقيـد بشرط خوف الوقوع فـ اللك!! وهذا تاهـل غريـب أو بلهـة‬
‫مستحكمة ‪ ..‬يقول أبو أسامة الساعيلي ف رسالتـه إل ملة (نداء السلم) بدينة سيدن _ دفاعا عن الباضية _ ص(‪:)8‬‬
‫"التقية‪ :‬الباضية ل يجلون ما لديهم‪ ،‬فصاحب الق غي هياب ول وجل‪ ،‬فكيف لنا باتاذ التقية ونن الذين ندعوا إل‬
‫الوار واللقاء على كلمة سواء‪ ،‬أما إن كنت تعن الكتمان الذي يتحدث عنـه الباضية‪ ،‬فذلك فوق أفهام الذين ل ينعمون‬
‫النظر ف سية خي اللق وحبـيب الق فإن الباضية هم أول من َقعّد للدعوة السلمية بعد أن‬
‫فــأوردهم والـكل ريّـان هـائـم‬ ‫أكبـوا علـى القــرآن شربا لـاءه‬
‫وبعـد أن درسوا سية الصطفى فرأوا أنـه لكمة ما كانت الدعوة ف أعوامها الول سرّا‪ ،‬وما كان ذلك جبنا ول‬
‫هلعا من بطش قريش‪ ،‬بل ضنّا بالق الناشئ أن تبطش بـه يد الباطل اللئيمة‪ ،‬وهذا ما تنبـهت إليه الركات السلمية ف‬
‫هذا القرن أي بعد ثلثة عشر قرنا من تقعيدنا له وتنبـيهنا عليه ‪ "..‬ا‪.‬هـ‬
‫‪ )(347‬هذا الديث ورد بلفظ‪» :‬رفع ال عن أمت الطأ والنسيان ومال يستطيعوا وما أكرهوا عليه« ـ وما يقاربـها ـ‬
‫جاء من طريق ابن عباس رواه المام الربـيع الفراهيدي ف "مسنده" [‪ ]794‬وابن ماجة ف "سننـه" [‪ ]2045‬وابن‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪240‬‬


‫ومن ذلك "ما جرى لعمار بن ياسر ـ رضي ال عنـه ـ حي أخذه الشركون فلم يدعوه حت سب‬
‫ر سول ال وذ كر آلت ـهم ب ي‪ ،‬فل ما جاء ال النب ـي قال‪ :‬يا ر سول ال ما أرا ن إل هل كت‪.‬‬
‫(‪)349‬‬
‫فأخبه [الب](‪ ،)348‬قال‪ :‬كيف تد قلبك؟‪ .‬قال‪ :‬مطمئن باليان‪ .‬قال‪ :‬فإن عادوا فعد‪".‬‬
‫وأما الوضع الذي تنع فيه التقية بالقول فهو ما إذا كان ف القول ضرر على أحد من البشر كإتلف‬
‫نفس الغي أو قطع عضوه فإنـه ل توز لحد التقية ف هذا الوضع إذ ل يل لحد أن ينجي نفسه‬
‫بضرر غيه إذ لي ست نف سه أول بذلك من ن فس غيه وهذا مع ن قوله‪( :‬وامنع ها ف اتلف ن فس إن‬
‫ج ن) أي وام نع التق ية بالقول ف مو ضع ي ن ف يه القول إتلف ن فس الغ ي وكذا ح كم عضوه؛ ومثال‬
‫ذلك أن يُكرِه جبارٌ ـ ذو قدرة معروف بالغشم ـ أحدا من يقدر عليه أن يدله على أحد من البشر‬
‫ليقتله ببا طل أو ليق طع عضوه بغ ي حق‪ ،‬وكان قد توعده بالق تل إن ل يدله عل يه فل يوز لذا الجبور‬
‫أن يدل البار على ذلك الطلوب وإن خاف على نفسه منـه‪.‬‬
‫حبان ف " صحيحه" [‪ ]7175‬وال طبان ف "الكب ـي" [‪ 11/109‬ر قم ‪ ]11274‬والب ـيهقي ف "ال سنن ال كبى" [‬
‫‪ 7/584‬رقم ‪ ]15094‬وابن عدي ف "كامله" (‪ 2/346‬و ‪ )347‬و(‪ )5/282‬والعقيلي ف "الضعفاء" (‪ )4/145‬وقال‪:‬‬
‫"وهذا يروى من غي هذا الوجه باسناد جيد"‪ .‬ا‪.‬هـ‬
‫وجاء من طريق أبـي ذر الغفاري رواه ابن ماجة ف "سننـه" [‪ .]2043‬ومن طريق عقبة بن عامر عند البـيهقي‬
‫فـ "السـنن الكـبى" (‪ 7/585‬رقـم ‪ .)15096‬كمـا رواه ابـن عدي فـ "كامله" (‪ )3/325‬عـن أبــي الدرداء و(‬
‫‪ )2/150‬عن أبـي بكرة ‪.‬‬
‫ورواه ابن أبـي شيبة ف "مصنفه" برقم [‪ ]19044‬عن عطاء مرسل‪.‬‬
‫‪ o‬كما ورد بلفظ‪» :‬رفع عن أمت الطأ والنسيان« رواه أبو الفضل القاسم بن جعفر التميمي العروف بأخي عاصم وساق‬
‫ا سناده التاج ال سبكي ف "طبقات الشافع ية ال كبى" (‪ 2/254‬بتحق يق اللو والطنا حي)‪ .‬وقال ال سبكي أي ضا ف الكتاب‬
‫الذكور (‪" :)2/253‬وقد وقع الكلم ف هذا الديث قديا بدمشق‪ ،‬وبـها الشيخ برهان الدين بن الفركاح شيخ الشافعية‬
‫ثّ إذ ذاك‪ ،‬وبالغ ف التنقيب عنـه‪ ،‬وسؤال الحدّثي‪ ،‬وذكر ف "تعليقتـه على التنبـيه" ف كتاب الصلة قول النووي ف‬
‫"زيادة الروضة" ف كتاب الطلق ف الباب السادس ف تعليق الطلق إنـه حديث حسن‪ ".‬ا‪.‬هـ ونقل تسي النووي لذا‬
‫الديث الافظ ابن حجر ف "تلخيص البـي" (‪ 1/281‬دار العرفة)‪.‬‬
‫‪ )(348‬من (ب)‪.‬‬
‫‪ )(349‬لفظ الرواية ‪" :‬عن ممد بن عمار بن ياسر قال‪ :‬أخذ الشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حت سبّ النبـي وذَكر‬
‫آلت ـهم ب ي‪ ،‬ث تركوه‪ ،‬فل ما أ تى ر سول ال قال‪ :‬ما وراءك؟‪ .‬قال‪ :‬شر يا ر سول ال؛ ما تُرك تُ ح ت نل تُ م نك‬
‫وذَكرتُ آلتـهم بي‪ .‬قال‪ :‬كيف تد قلبك؟‪ .‬قال‪ :‬مطمئنا باليان‪ .‬قال‪ :‬إن عادوا فعد‪".‬‬
‫أخرجها البـيهقي ف "السنن الكبى" (‪ 8/362‬برقم ‪ )16896‬وأبو نعيم ف "حلية الولياء" برقم [‪ ]454‬وابن سعد ف‬
‫"الطبقات الكبى" (‪ 3/189‬دار الكتب العلمية) وابن جرير الطبي ف "تفسيه" (‪/ 7/651‬الكتب العلمية) [سورة النحل‪:‬‬
‫الية ‪ ]106‬والاكم ف "الستدرك" برقم [‪ ]3362‬وقال‪" :‬هذا حديث صحيح على شرط الشيخي‪ ،‬ول يرجاه‪ ".‬ووافقه‬
‫الذهبـي فقال ف "تلخيصه" هناك‪" :‬على شرط البخاري ومسلم‪ ".‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪241‬‬


‫وأ ما الو ضع الذي يتلف ف جواز التق ية ف يه بالقول ف هو ما إذا كان ف ذلك القول إتلف لال الغ ي‬
‫كأن يدل البار على مال لغيه أن يضي عه أو يقتله البار‪ ،‬فإن بع ضا قد أجاز له أن يدله على ذلك مع‬
‫اعتقاد الضمان له وبعض منع من ذلك وهذا معن قوله‪( :‬واللف ‪..‬ال)‪ ،‬والواز ف هذا الوضع أظهر‬
‫من النع لن الال ل يقاوم النفس وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫كالحرق والغـــــرق‬ ‫(‪()305‬ولم تجـــــــز تقيـــة بالفعـــــــل‬
‫ومثل القتـل)‬
‫كالكل للميـــتــــة‬ ‫(‪()306‬لكن جواز ما أبـيح للضـــــــرر‬
‫والدم اشتـهر)‬
‫هذا بــيان حكـم التقيـة بالفعـل وحكمهـا أنــها ل توز عنـد الصـحاب وذلك كحرق النفـس‬
‫وكتغريق ها وكقتل ها فإن ف هذه ال صور كل ها ل يوز ل حد أن ين جي نف سه بفعل ها‪ ،‬ل كن اشت ـهر‬
‫عندهم جواز التقية بفعل الشياء الت أبـيح فعلها للمضطر كأكل اليتة والدم‪ ،‬وهذا الواز وإن كان‬
‫على قول لبعضهم فهو مشهور ف آثارهم فيدل على أن كلمهم ف منع التقية بالفعل ممل ل بد له من‬
‫تفصيل؛ وتفصيله أن نقول‪ :‬إن الفعل الذي يكره عليه الن سان إما أن يكون بـه ضرر بالغي كحرق‬
‫الن فس وغرق ها وقتل ها‪ ،‬وإ ما أن يكون ل يس ف يه ضرر بالغ ي ل كن ف يه اتلف لال الغ ي‪ ،‬وإ ما أن يكون‬
‫ل يس ف يه ضرر بالغ ي ول اتلف لاله‪ ،‬فإن كان ف يه ضرر بالغ ي ف هو منوع اتفاقا‪ ،‬وإن كان ف يه اتلف‬
‫لال الغ ي فيخرج ف يه اللف الذكور ف جواز التق ية بالقول بشرط ضمان ذلك التلف‪ ،‬والذي ل يس‬
‫فيه ضرر بالغي ول اتلف لاله نوعان‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬فعل ل يقبل الب والكراه‪ ،‬بعن أنـه ل يتأتى فعله عند ذلك كالزنا فإن فعله ل يصدر إل‬
‫عن اختيار من الرجل دون الرأة فل يل للرجل التقية بـه ول للمرأة أن تساعد عليه‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬فعل يقبل الكراه والب وذلك كأكل اليتة وأكل الدم وأكل لم النـزير ونو ذلك ما‬
‫أب ـيح ل نا فعله ف الضطرار ال يه‪ ،‬فأجاز التق ية ب ـه قوم ومنع ها ب ـه آخرون(‪ ،)350‬ح جة الجوز ين‬
‫للتقية بـه أن هذه الشياء قد أباحها ال لنا ف حال الضطرار لا ومقام الب والكراه مقام اضطرار‬
‫فجاز لنا ذلك‪ ،‬وأيضا فإن الكمة من شرعية الباحة لفعل ما ذكر عند الضرار إنا هي حفظ النفس‬
‫وهي حاصلة هاهنا‪ .‬قال الانعون‪ :‬إن إباحة ما ذكر مقيدة بالضطرار ف الخمصة فل تكون الباحة ف‬
‫غي الخمصة وإن اضطر ال فعله‪ .‬قلنا‪ :‬ذِكر الخمصة ف الية ل مفهوم له وإنا هو جار على الغلب‬
‫مـن أحوال الضطرار فإن الغالب مـن حال الضطرار ال أكـل مـا ذكـر إناـ هـو فـ حال الخمصـة‪،‬‬

‫‪ )(350‬يلحظ أن الكلم هنا عن الب والكراه وليس الضطرار العادي فإن الثان جوازه صريح بنص الية‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪242‬‬


‫والتقي يد بالغلب العتاد ل مفهوم له لن ـه ل يذ كر للق يد‪ ،‬فب ـهذا التحق يق يظ هر لك صحة القول‬
‫بواز التقية بأكل نو اليتة ‪ ..‬وال أعلم‪.‬‬
‫عليــــه فـــــي أن ل‬ ‫(‪()307‬ومكــــــره جاء بما الحــد يجب‬
‫يحد نستحب)‬
‫إذا أكره الكلف على فعل شيء يب على فاعله الد كالسرقة والزنا فهل يقام عليه ذلك الد أم ل؟‬
‫قال قوم‪ :‬يقام عل يه ال د بذلك لن ـه ف عل مُوْجِب ـه والتق ية بفعله حرام فل يد فع عن ـه ال د بذلك‪،‬‬
‫ـث‪» :‬ادرأوا الدود‬ ‫ـهة بالكراه وف ـ الديـ‬ ‫ـول الشبــ‬ ‫ـه الد ـ لصـ‬ ‫ـع عنــ‬ ‫وقال قوم‪ :‬يدفـ‬
‫بالشبـهات«(‪ )351‬وهذه شبـهة فل يقام معها الد‪ ،‬وهذا القول أظهر ودليله أوضح فقول الناظم‪( :‬ف‬
‫أن ل يد نستحب) اختيار لذا القول ومعناه أن استحبابنا ف عدم حدّه‪.‬‬
‫واعلم أن اللف الاري ف اقامة الد مع التقية بنحو الزنا والسرقة ل يري ف التقية بنحو قتل النفس‬
‫وقطع عضو منـها لن ف هذا الفعل تعلق حق للعباد فيجب عليه القود والقصاص‪ ،‬واللف التقدم‬
‫آنفا إنا هو ف موجب الدود الت ل يكن للخلق فيها حق‪ ،‬هذا ما يظهر ل ف ترير القام [ث إن‬
‫أحسب أن وقفت على حكاية اللف ف ثبوت القود على قاتل الجبور ووجهه أن القود قد اختلف‬
‫فيه هل هو حد أم حق؟ فعلى القول بأنـه حد يسقط بالشب ـهة ول ي سقط على القول بأن ـه حق‬
‫للعباد](‪ )352‬وال أعلم‪.‬‬
‫الفصـــل الثــاني‬
‫فـــي الخطــــــأ‬
‫ألزمه الظاهـــــر‬ ‫(‪()308‬ورفع الثم لدى الخطـــــأ ومن‬
‫حكما يسلمن)‬

‫‪ )(351‬ل أعثر عليه بـهذا اللفظ ‪ ..‬لكن جاء من طريق السيدة عائشة رضي ال عنـهما مرفوعا بلفظ‪» :‬ادرأوا الدود عن‬
‫ال سلمي ما ا ستطعتم فإن كان له مرج فخلّو سبـيله فإن المام أن ي طئ ف الع فو خ ي من أن ي طئ ف العقو بة « رواه‬
‫الترمذي فـ "سـننـه" [‪ ]1424‬والاكـم فـ "السـتدرك" [‪ ]8163‬والبــيهقي فـ "الكـبى" [‪ 17057‬و ‪]18294‬‬
‫والدارقطن ف "سننـه" [‪ 3075‬دار الكتب العلمية] والطيب ف "تاريخ بغداد" (‪.)2/422‬‬
‫وجاء عند الدارقطن ف"سننـه" [‪ ]3077‬باسناده‪" :‬أن عبدال بن مسعود ومعاذ بن جبل وعقبة بن عامر الهن قالوا‪ :‬اذا‬
‫اشتبـه علك ال د فادرأه ما استطعت‪ ".‬ا‪.‬ه ـ‪ .‬ث رأ يت أبوالف ضل العراقي يقول ف "تر يج الحاد يث والثار الواقعة ف‬
‫منـهاج البـيضاوي" برقم [‪:]88‬‬
‫"حديث‪» :‬ادرأوا الدود بالشبـهات« رواه ابن عدي ف (جعه لديث أهل مصر والزيرة) من حديث ابن عباس وفيه‬
‫ا بن لي عة‪ .‬و قد رواه الترمذي والا كم دون قوله‪ :‬بالشب ـهات‪ .‬من حد يث عائ شة‪ ،‬و صححه الا كم‪ ،‬وضعّف الترمذي‬
‫رفعه‪ ".‬ا‪.‬هـ‬
‫‪ )(352‬هذه القطعة من (ب)‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪243‬‬


‫زوجتـه خطـــــأ‬ ‫(‪()309‬كالقاتل النفـــــس وكالمطل ِّــــق‬
‫ومثـــــل المعتق)‬
‫وما ل يؤاخذ العبد بـه ول تلزمه فيما بـينـه وبـي ال منـه توبة الخطأ وهو أن يقصد ال‬
‫ف عل طا عة أو مباح فيخ طأ ال غ ي مق صوده‪ ،‬و هو نوعان‪ :‬أحده ا غ ي ما كم ف يه لكون ـه خاصـا‬
‫بنفسـه ك ما ف الد يث‪» :‬أن رجل أراد أن يقول الل هم أ سكن ال نة‪ ،‬فقال‪ :‬الل هم أ سكن النار‪.‬‬
‫فاشتـد ذلك عليـه‪ ،‬فقال له النبــي ‪ :‬لبأس عليـك لك مـا نويـت«(‪ )353‬وأمـا النوع الذي هـو فيـه‬
‫حاك َم فهو مثل أن يقصد ال تديد كلمة التوحيد فيخطأ منـها ال كلمة الشرك‪ ،‬أو يقصد ال‬ ‫م َ‬
‫ُ‬
‫اظهار وَلية السلمي فيخطأ منـها ال اظهار الباءة منـهم‪ ،‬أو يقصد أن يقول لزوجتـه أنت بارة‬
‫فيخطأ ال قوله أنت طالق‪ ،‬أو يقصد أن يقول لعبده أنت صال فيخطأ ال قوله أنت حُر‪ ،‬فإنـه يكون‬
‫فـ هذه الصـور كلهـا مُحا َكمَا فيُحكـم عليـه بالكفـر فـ اظهار الكفـر وبالعداوة فـ موضـع العداوة‬
‫وبالطلق لزوجتـه وبالعتق لعبده إن خاصماه ف ذلك‪ ،‬وعليه هو أن يسلم للحكم الظاهر إذا حُكم‬
‫عليه بشيء فيجب عليه تديد التوحيد وإظهار الوَلية للمسلمي وتسريح الزوجة ورفع اليد عن العبد‬
‫وهذا مع ن قوله‪( :‬و من ألز مه الظا هر حك ما ي سلمن) أي و من ألز مه ال كم الظا هر شيئا من الحكام‬
‫الشرعية فعليه أن ينقاد له وأن ل يتمرد عليه وال أعلم‪.‬‬

‫‪ )(353‬ل يتيسر ل العثور عليه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪244‬‬


‫الفصـــل الثــالــث‬
‫في النسيـان وحـديث النفــس‬
‫وهكــذا وسوســـــــة‬ ‫(‪()310‬ورفض الوزر لـــــدى النسيان‬
‫الشيطـــان)‬
‫إذ لم تكن أشد من‬ ‫(‪()311‬من بعد أن جاهــــــده بما قـدر‬
‫رؤيــــــا البصر)‬
‫الراد بـ(رفض الوزر) رفعه أي رفع الث عن الكلف ف حالت النسيان ووسوسة الشيطان للحديث‬
‫التقدم ذكره‪ ،‬فأما رفع الث ف النسيان فظاهر وأما رفعه ف وسوسة الشيطان ـ والراد بـها حديث‬
‫الن فس ـ فمق يد ب ا إذا ل يقدر الكلف أن يد فع الو سوسة الا صلة ف نف سه لن ـه ي ب عل يه بذل‬
‫مهوده ف دفع الوسوسة الحرمة شرعا‪.‬‬
‫والعفو عنـه منـها إنا هو حديث النفس الذي ل يكن الكلف دفعه‪ ،‬ومثال هذا الكم ف رفع الث‬
‫من المور السية هو رؤيا البصر الواقعة على مجور شرعا فإن الشرع ل يؤاخذنا ف الطأ ف ذلك‬
‫ول فيما ل يكنا غض النظر عنـه وليست الوسوسة بالعن الذكور أشد من رؤيا البصر على النظور‬
‫الحجور(‪ )354‬وال سبحانـه وتعال أعلم‪.‬‬
‫(خاتمـــة الكتــاب)‬
‫حاوية أهـــم شيء‬ ‫(‪()312‬تمت بحمـد الله "أنوار العقــــول"‬
‫فــــــي الصول)‬
‫َمـ عليهـا وإناـ سـيتـها بذلك لن موضوعهـا علم‬ ‫الراد بــ(أنوار العقول) هذه النظومـة فهـو َعل ٌ‬
‫العتقادات وم ل ذلك العلم هو الع قل‪ ،‬فالتم سك ب ا ف هذه النظو مة إن ا هو متم سك بنور الع قل‬
‫والعادل ع ما لي صح له العدول ف يه من ـها خارج من النور ال الظلمات‪ ،‬والراد بقوله‪( :‬حاو ية أ هم‬
‫شيء ف الصول) أي جامعة للمور الت لبد منـها ومن معرفتـها من أصول الديانات وال أعلم‪.‬‬
‫سالكـــــــــة طريقــة‬ ‫(‪()313‬عارية من وصمـــــة الخـــلل‬
‫الكمـــال)‬
‫ومعنـ قوله‪( :‬عاريـة) أي متجردة‪ ،‬و(الوصـمة) العيـب‪ ،‬و(الخلل) التقصـي عمـا ل ينبغـي التقصـي‬
‫عن ـه‪ ،‬و(الكمال) التمام أي ت ت هذه النظو مة حال كون ـها جام عة لل هم من أ صول الديانات‪،‬‬
‫و(عار ية) من ع يب التق صي ع ما ل ينب غي التق صي عن ـه وحال كون ـها سالكة الطري قة التا مة من‬
‫التحقيق وواردة النـهل الواف من التدقيق وال أعلم‪.‬‬
‫تصونـه من كل‬ ‫(‪()314‬أهديتـها صرفـا لكل طالــــــب‬
‫قـــــــول كاذب)‬

‫‪ )(354‬ف (ب) الجبور‪ .‬وهو تصحيف‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪245‬‬


‫معن قوله‪( :‬أهديتـها) أي صيتـها هدية‪ ،‬ومعن قوله‪( :‬صرفا) أي خالصة‪ ،‬ومعن قوله‪( :‬تصونـه)‬
‫تف ظه‪ ،‬ومع ن قوله‪ ( :‬من كل قول كاذب) أي اعتقاد مالف لل حق أي صيت هذه النظو مة هد ية‬
‫خال صة ل أب غي علي ها أجرا إل من ال ل كل طالب لل حق وملت مس للهدى والال أن ـها ت فظ هذا‬
‫الطالب من العتقادات الفاسدة وال أعلم‪.‬‬
‫أتم مـــــا قد‬ ‫(‪()315‬وأحمــــــد الله على التيســـــير في‬
‫رمتـه من شـرف)‬
‫أي أُثن على ال تعال با هو له أهل من الميل على تيسيه ل إتام ما قصدت إتامه ف أت حال وأوف‬
‫مقام‪.‬‬
‫محمـــــد‬ ‫(‪()316‬ثم الصــلة مع تسليـــــــم على‬
‫المبعــــوث من خـير مـــــل)‬
‫منـهــــاجهــــم على‬ ‫(‪()317‬وآلــــــه وصحبـه ومن قفـــــا‬
‫التمـــــام والوفا)‬
‫ث إن بعد حد ال أصلي الصلة وأسلّم التسليم الأمور بـهما شرعا على نبـي هذه المة والبعوث‬
‫مـن خيـ قوم يلون العيـ شرفـا‪ ،‬وعلى آله التابعيـ له وعلى صـحبـه الناصـرين له وعلى مـن تبـع‬
‫سبـيلهم غي مبدّل ول مغيّر من بعدهم عليه وعليهم أجعي‪ ،‬ففي قوله‪( :‬على التمام والوفا) براعة‬
‫حسن التام على تام هذا النظام‪.‬‬
‫وفـ هذا القام انتــهى بنـا الكلم على شرح هذا النظام جعله ال تعال عونـا للطالبــي ونورا‬
‫للمهتد ين‪ ،‬وفوزا لناظ مه يوم الد ين وال صلة وال سلم على خا ت الر سلي وعلى آله و صحبـه وعلى‬
‫جيع الؤمني‪ ،‬والمد ل رب العالي ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪.‬‬
‫قد ت هذا الشرح الخت صر على النظو مة ال سماة ب ـ(أنوار العقول) و هو الشرح الصـغي من شرح‬
‫ناظمها عليها وذلك ف سنة أربع عشر وثلثائة سنة وألف من الجرة النبوية على صاحبـها أكمل‬
‫صلة وتسليم(‪.)355‬‬
‫(تمت بحمد الله وتوفيقه)‬

‫‪ )(355‬جاء ف الن سخة (أ) عبارة‪" :‬عُر ضت بشرح ها على مؤلف ها ت صحيحا‪ ..‬بقلم الفقي ـ الق ي ـ ل تعال را جي رح ة‬
‫ربـه القدير سعيد بن خيس بن حد بن سال الدسري خادم بن علي"‪.‬‬
‫وف (ب)‪" :‬تت بقلم أحقر النام زهران بن خلفان بن سرور بن سليمان بن مهنا بن سيف بن سلطان اليعربـي الرشدي‬
‫الباضي مذهبا والنخلي مسكنا ف يوم العشرين من شهر ربـيع الول سنة ‪."1337‬‬
‫وبـهذا يكون النتـهاء من تقيق هذا الكتاب أسأل ال تعال أن يتغمد المام السالي بواسع رحتـه وأن يزل له الثوبة‬
‫كتبـه علي بن سعيد بن مسعود الغافري‪.‬‬ ‫وأن يشرنا وإياه ف زمرة نبـيه إنـه سيع ميب‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪246‬‬


‫الفهارس العامة‬

‫وهي كالتالي‪:‬‬

‫(‪ )1‬فهرس اليات القرآنية‪.‬‬


‫(‪ )2‬فهرس الحاديث النبوية‪.‬‬
‫(‪ )3‬فهرس العلم الواردة في الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )4‬فهرس الموضوعات‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪247‬‬


‫فهرس اليات القرآنية‬
‫[الية ـ موضعها ـ مع رقم البـيت الذي وردت ف شرحه بـي حاصرتي]‬
‫منـه آيات مكمات هن أم الكتاب‬ ‫[سورة البقرة]‬
‫آل عمران ‪ ]149[ 7 :‬و[‪]162‬‬ ‫ذلك الكتاب البقرة ‪]194[ 2 :‬‬
‫شهــد ال أنـــه ل اله ال هــو‬ ‫وقالوا لن تسنا النار إل أياما معدودة‬
‫واللئ كة ‪..‬ال ية آل عمران ‪[ 18 :‬‬ ‫‪..‬الية البقرة ‪]192[ 80 :‬‬
‫‪]22‬‬ ‫بلى من كسب سيئة وأحاطت بـه‬
‫إل أن تتقوا منــــهم تقاة آل‬ ‫ـة البقرة ‪[ 81 :‬‬
‫ـه ‪..‬اليـ‬
‫خطيئتــ‬
‫عمران ‪]304[ 28 :‬‬ ‫‪ ]189‬و[‪ ]190‬و[‪]192‬‬
‫أنّىــ لك هذا آل عمران ‪[ 37 :‬‬ ‫قل فلم تقتلون أنبـياء ال من قبل‬
‫‪]31‬‬ ‫البقرة ‪]242[ 91 :‬‬
‫ومكروا ومكــر ال آل عمران ‪:‬‬ ‫تلك أمـة قـد خلت لاـ مـا كسـبت‬
‫‪]130[ 54‬‬ ‫ولكـم مـا كسـبتم البقرة ‪[ 134 :‬‬
‫أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة ال ‪..‬‬ ‫‪]200‬‬
‫الية آل عمران ‪]250[ 87 :‬‬ ‫وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا‬
‫والذيـن إذا فعلوا فاحشـة أو ظلموا‬ ‫شهداء على الناس البقرة ‪[ 143 :‬‬
‫أنف سهم ذكروا ال ‪..‬ال ية آل عمران‬ ‫‪]32‬‬
‫‪ ]80[ 135 :‬و[‪]252‬‬ ‫فأتوا حرثكـم أنّىـ شئتـم البقرة ‪:‬‬
‫كل نفس ذائقة الوت آل عمران ‪:‬‬ ‫‪]31[ 223‬‬
‫‪]163[ 185‬‬ ‫والوالدات يرضعـن أولدهـن حوليـ‬
‫ربنـا إنـك مـن تدخـل النار فقـد‬ ‫كاملي‪..‬الية البقرة ‪]32[ 233 :‬‬
‫أخزيتــــه آل عمران ‪[ 192 :‬‬ ‫ـلة‬
‫ـلوات والصـ‬
‫حافظوا على الصـ‬
‫‪]191‬‬ ‫الوسطى البقرة ‪]8[ 238 :‬‬
‫[سورة النساء]‬ ‫تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض‬
‫واتقوا ال الذي تســاءلون بـــه‬ ‫البقرة ‪]139[ 253 :‬‬
‫والرحام النساء ‪]83[ 1 :‬‬ ‫رب نا ل تؤاخذ نا إن ن سينا أو أخطأ نا‬
‫إن ـه كان حو با كب ـيا الن ساء ‪:‬‬ ‫البقرة ‪]42[ 286 :‬‬
‫‪]250[ 2‬‬ ‫لا ما كسبت وعليها ما اكتسبت‬
‫ـن يعملون‬‫ـة للذيـ‬
‫وليســت التوبـ‬ ‫البقرة ‪]200[ 286 :‬‬
‫السيئات حت إذا حضر ‪..‬الية النساء‬ ‫[سورة آل عمران]‬
‫‪]287[ 18 :‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪248‬‬


‫أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا‬ ‫إن تتنبوا كبائر مـا تنــهون عنــه‬
‫لكم وللسيارة الائدة ‪]61[ 96 :‬‬ ‫نكفر عنكم سيئاتكم النساء ‪[ 31 :‬‬
‫ياأيهـا الذيـن آمنوا ل تسـألوا عـن‬ ‫‪]255‬‬
‫أشياء ‪ ..‬الية الائدة ‪]24[ 101 :‬‬ ‫ياأي ها الذ ين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا‬
‫مـا جعـل ال مـن بية ول سـائبة‬ ‫الرسول وأول ‪..‬الية النساء ‪[ 59 :‬‬
‫الائدة ‪]200[ 103 :‬‬ ‫‪]32‬‬
‫وإذ تلق مـن الطيـ كهيئة الطيـ‬ ‫ومـا أرسـلنا مـن رسـول ال ليطاع‬
‫الائدة ‪]200[ 110 :‬‬ ‫بإذن ال النساء ‪]32[ 64 :‬‬
‫[سورة النعام]‬ ‫مـن يطـع الرسـول فقـد أطاع ال‬
‫لو كان فيه ما آل ة إل ال لف سدتا‬ ‫النساء ‪]32[ 80 :‬‬
‫النعام ‪]200[ 21 :‬‬ ‫ولو ردوه إل الرســـول وإل أُول‬
‫ل أحـب الفليـ النعام ‪[ 76 :‬‬ ‫ال مر من ـهم لعل مه ‪..‬ال ية الن ساء ‪:‬‬
‫‪]100‬‬ ‫‪ ]22[ 83‬و[‪ ]32‬و[‪]41‬‬
‫فأنـــ تؤفكون النعام ‪[ 95 :‬‬ ‫ودوا لو تكفرون كمــــا كفروا‬
‫‪]204‬‬ ‫فتكونون ســواء النســاء ‪[ 89 :‬‬
‫خالق كل ش يء النعام ‪[ 102 :‬‬ ‫‪]100‬‬
‫‪ ]146‬و[‪]200‬‬ ‫ولن يعل ال للكافرين على الؤمني‬
‫ـو يدرك‬
‫ـار وهـ‬‫ـه البصـ‬
‫ل تدركـ‬ ‫سبـيل النساء ‪]50[ 141 :‬‬
‫البصـار‪ ..‬اليـه النعام ‪[ 103 :‬‬ ‫إن النافقيـ فـ الدرك السـفل مـن‬
‫‪]125‬‬ ‫النار النساء ‪]189[ 145 :‬‬
‫إل مـا اضطررتـ إليـه النعام ‪:‬‬ ‫[سورة الائدة]‬
‫‪]61[ 119‬‬ ‫حرّ مت علي كم الي تة والدم‪..‬ال ية‬
‫ول تأكلوا ما ل يذكر اسم ال عليه‬ ‫الائدة ‪]32[ 3 :‬‬
‫النعام ‪]61[ 121 :‬‬ ‫فطو عت له نف سه ق تل أخ يه الائدة‬
‫يوم يأتـ بعـض آيات ربـك ل ينفـع‬ ‫‪]200[ 30 :‬‬
‫نفسا إيانـها ل تكن ‪..‬الية النعام‬ ‫و من يتول م من كم فإن ـه من ـهم‬
‫‪]287[ 158 :‬‬ ‫الائدة ‪]242[ 51 :‬‬
‫[سورة العراف]‬ ‫وجعـل منــهم القردة والنازيـر‬
‫والوزن يومئذ القـ العراف ‪8 :‬‬ ‫الائدة ‪]61[ 60 :‬‬
‫[‪]180‬‬ ‫بل يداه مب سوطتان الائدة ‪[ 64 :‬‬
‫‪]129‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪249‬‬


‫ءالن و قد ع صيت قبلُ وك نت من‬ ‫ربـي أرن أنظر اليك العراف ‪:‬‬
‫الفسدين يونس ‪]287[ 91 :‬‬ ‫‪]125[ 143‬‬
‫إن ربـك يقضـي بــينـهم يوم‬ ‫وظللنا عليهم الغمام وأنـزلنا عليهم‬
‫القيامة يونس ‪]194[ 93 :‬‬ ‫النـ والسـلوى ‪..‬اليـة العراف ‪:‬‬
‫[سورة هود]‬ ‫‪]191[ 160‬‬
‫ـ مذوذ هود ‪[ 108 :‬‬‫عطاء غيـ‬ ‫مــــن يضلل ال فل هادي له‬
‫‪]192‬‬ ‫العراف ‪ ]194[ 186 :‬و[‪]204‬‬
‫[سورة يوسف]‬ ‫يسئلونك عن الساعة أيّان مرساها‬
‫بـل سـولت لكـم أنفسـكم أمرا‬ ‫العراف ‪]31[ 187 :‬‬
‫يوسف ‪]200[ 18 :‬‬ ‫[سورة النفال]‬
‫[سورة الرعد]‬ ‫قـل للذيـن كفروا إن ينتــهوا يُغفـر‬
‫فسالت أودية ِب َقدَ ِرهَا الرعد ‪17 :‬‬ ‫لمـ مـا قـد سـلف النفال ‪[ 38 :‬‬
‫[‪]194‬‬ ‫‪]295‬‬
‫لكـل أجـل كتاب الرعـد ‪[ 38 :‬‬ ‫[سورة التوبة]‬
‫‪]168‬‬ ‫إنا الشركون نس التوبة ‪[ 28 :‬‬
‫قــل كفــى بال شهيدا بـــين‬ ‫‪]274‬‬
‫وبــينكم ومـن عنده علم الكتاب‬ ‫عن يد وهم صاغرون التوبة ‪29 :‬‬
‫الرعد ‪]22[ 43 :‬‬ ‫[‪]277‬‬
‫[سورة الجر]‬ ‫إنــهم رجـس ومأواهـم جهنـم‬
‫وانبت نا في ها من كل ش يء موزون‬ ‫التوبة ‪]274[ 95 :‬‬
‫الجر ‪]180[ 19 :‬‬ ‫[سورة يونس]‬
‫وإن من شيء إل عندنا خزائنـه وما‬ ‫هو الذي ي سيكم ف الب والب حر‬
‫نن ـزله إل بقدر معلوم ال جر ‪21 :‬‬ ‫يونس ‪]200[ 22 :‬‬
‫[‪]194‬‬ ‫فأنـ تصـرفون يونـس ‪[ 32 :‬‬
‫إل أمرأتـه قدرنا انـها لن الغابرين‬ ‫‪]204‬‬
‫الجر ‪]194[ 60 :‬‬ ‫يـا قوم إن كنتـم آمنتـم بال فعليـه‬
‫[سورة النحل]‬ ‫توكلوا إن كنتـم مسـلمي يونـس ‪:‬‬
‫فاسـألوا أهـل الذكـر ان كنتـم ل‬ ‫‪]212[ 84‬‬
‫تعلمون النحل ‪]41[ 43 :‬‬ ‫آمنـت أنــه ل إله إل الذي آمنـت‬
‫وما بكم من نعمة فمن ال النحل‬ ‫بـه بنو اسرائيل ‪..‬الية يونس ‪90 :‬‬
‫‪]1[ 53 :‬‬ ‫[‪]287‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪250‬‬


‫ويقول الن سان أإذا ما مت ل سوف‬ ‫فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة‬
‫أخرج حيّاـ ‪..‬اليات مريـ ‪ 66 :‬إل‬ ‫ول يستقدمون النحل ‪]168[ 61 :‬‬
‫‪]191[ 70‬‬ ‫ويعلون ل مـا يكرهون النحـل ‪:‬‬
‫وإن منكـم إل واردهـا ‪..‬اليات‬ ‫‪]200[ 62‬‬
‫مري ‪ 71 :‬و ‪]191[ 72‬‬ ‫وال أخرجكم من بطون أمهاتكم ل‬
‫أي الفريقي خي مقاما مري ‪73 :‬‬ ‫تعلمون شيئا النحل ‪]14[ 78 :‬‬
‫[‪]31‬‬ ‫يضـل مـن يشاء ويهدي مـن يشاء‬
‫يوم نشـر التقيـ ال الرحنـ وفدا‬ ‫النحل ‪]194[ 93 :‬‬
‫‪..‬اليات مري ‪ 85 :‬و ‪]191[ 86‬‬ ‫إل من أكره وقلب ـه مطمئن باليان‬
‫[سورة طه]‬ ‫النحل ‪]304[ 106 :‬‬
‫الرحنـ على العرش اسـتوى طـه ‪:‬‬ ‫يوم تأت كل نفس تادل عن نفسها‬
‫‪ ]162[ 5‬و[‪]129‬‬ ‫النحل ‪]171[ 111 :‬‬
‫ولتصـنع على عينـ طـه ‪[ 39 :‬‬ ‫[سورة السراء]‬
‫‪]128‬‬ ‫وقضينا ال بن اسرائيل ف الكتاب‬
‫فمن ربكما يا مـوسى طه ‪49 :‬‬ ‫السراء ‪]194[ 4 :‬‬
‫[‪]31‬‬ ‫وما كنا معذبـي حت نبعث رسول‬
‫فلنأتي نك ب سحر مثله طه ‪[ 58 :‬‬ ‫السراء ‪]79[ 15 :‬‬
‫‪]132‬‬ ‫وقضـى ربـك أن ل تعبدوا إل إياه‬
‫فا قض ما أ نت قاض طه ‪[ 72 :‬‬ ‫السراء ‪]194[ 23 :‬‬
‫‪]194‬‬ ‫قل الروح من أمر ربـي السراء ‪:‬‬
‫[سورة النبـياء]‬ ‫‪]165[ 85‬‬
‫ي سبحون الل يل والن ـهار ل يفترون‬ ‫[سورة الكهف]‬
‫النبـياء ‪]143[ 20 :‬‬ ‫من ي هد ال ف هو اله تد و من يضلل‬
‫ل يُ سْئَل ع ما يف عل و هم ي سألون‬ ‫فلن ت د له ‪..‬ال ية الك هف ‪[ 17 :‬‬
‫النبـياء ‪]28[ 23 :‬‬ ‫‪]204‬‬
‫ول يشفعون إل لنــ ارتضــى‬ ‫كم لبث تم قالوا لبث نا يو ما أو ب عض‬
‫النبـياء ‪]182[ 28 :‬‬ ‫يوم الكهف ‪]31[ 19 :‬‬
‫ونضع الوازين القسط ليوم القيامة‬ ‫[سورة مري]‬
‫النبـياء ‪]180[ 47 :‬‬ ‫وآتيناه ال كم صبـيا مر ي ‪12 :‬‬
‫[‪]137‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪251‬‬


‫وكان ف الدينة تسعة رهط يفسدون‬ ‫وهذا ذكــر مبارك أنـــزلناه‬
‫‪..‬الية النمل ‪]218[ 48 :‬‬ ‫النبـياء ‪]4[ 50 :‬‬
‫[سورة القصص]‬ ‫فإنكـم ومـا تعبدون مـن دون ال‬
‫ولا َورَدَ مَاءَ مدْيَ نَ القصص ‪23 :‬‬ ‫حصـب جهنـم النبــياء ‪[ 98 :‬‬
‫[‪]191‬‬ ‫‪]191‬‬
‫وقال الذ ين اوتوا العلم ويل كم ثواب‬ ‫أولئك عنـــــها مبعدون ‪ o‬ل‬
‫ال خيـ ‪..‬اليـة القصـص ‪[ 80 :‬‬ ‫يسمعون حسيسها النبـياء ‪101 :‬‬
‫‪]22‬‬ ‫و ‪]191[ 102‬‬
‫كل شيء هالك إل وجهه القصص‬ ‫كمــا بدأنــا أول خلق نعيده‬
‫‪ ]128[ 88 :‬و[‪ ]163‬و[‪]176‬‬ ‫النبـياء ‪]164[ 104 :‬‬
‫[سورة العنكبوت]‬ ‫[سورة الؤمنون]‬
‫وتلقون افكـا العنكبوت ‪[ 17 :‬‬ ‫وأنــزلنا مـن السـماء ماء بقدر‬
‫‪]200‬‬ ‫الؤمنون ‪]194[ 18 :‬‬
‫وتلك المثال نضربــها للنّاس ومـا‬ ‫ربّــ ارجعون الؤمنون ‪[ 99 :‬‬
‫يعقلهـا إل العالون العنكبوت ‪43 :‬‬ ‫‪]180‬‬
‫[‪]22‬‬ ‫فمـن ثقلت موازينــه فأولئك هـم‬
‫[سورة الروم]‬ ‫الفلحون ‪..‬اليات الؤمنون ‪102 :‬‬
‫ومن آياتـه منامكم بالليل والنـهار‬ ‫و ‪]180[ 103‬‬
‫وابتغاؤكـم مـن فضله الروم ‪[ 23 :‬‬ ‫[سورة النور]‬
‫‪]200‬‬ ‫والذ ين يرمون الح صنات ث ل يأتوا‬
‫[سورة السجدة]‬ ‫بأربعة ‪..‬الية النور ‪]261[ 4 :‬‬
‫ولو شئ نا لتي نا كل ن فس هدا ها‬ ‫سبحانك هذا بـهتان عظيم النور‬
‫السجدة ‪]204[ 13 :‬‬ ‫‪]250[ 16 :‬‬
‫أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا ل‬ ‫ـ الؤمنون‬
‫وتوبوا ال ال جيعـا أيّه َ‬
‫يستوون السجدة ‪]189[ 18 :‬‬ ‫النور ‪]282[ 31 :‬‬
‫[سورة الحزاب]‬ ‫[سورة الشعراء]‬
‫وخا ت النب ـيي الحزاب ‪[ 40 :‬‬ ‫وأنذر عشيتك القربـي الشعراء‬
‫‪]141‬‬ ‫‪]182[214 :‬‬
‫[سورة فاطر]‬ ‫[سورة النمل]‬
‫اناـ يشـى الَ مـن عباده العلماءُ‬ ‫وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا‬
‫فاطر ‪]22[ 28 :‬‬ ‫آتيك بـه النمل ‪]22[ 40 :‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪252‬‬


‫[سورة غافر]‬ ‫[سورة يس]‬
‫لنــ اللك اليوم غافــر ‪[ 16 :‬‬ ‫وجاء من أق صى الدي نة ر جل يسعى‬
‫‪]129‬‬ ‫قال ياقوم ‪ ..‬اليــة يــس ‪[ 20 :‬‬
‫ما للظالي من حيم ول شفيع يطاع‬ ‫‪]218‬‬
‫غافر ‪ ]182[ 18 :‬و[‪]186‬‬ ‫اليوم نتـم على أفواههـم وتكلمنـا‬
‫النار يعرضون عليهـا غدوّا وعشيـا‬ ‫أيديهم ‪..‬الية يس ‪]171[ 65 :‬‬
‫ويوم تقوم الساعة ‪..‬الية غافر ‪46 :‬‬ ‫قـل يييهـا الذي أنشأهـا أول مرة‬
‫[‪]170‬‬ ‫يس ‪]164[ 79 :‬‬
‫[سورة فصلت]‬ ‫[سورة الصافات]‬
‫وو يل للمشرك ي ‪ o‬الذ ين ل يؤتون‬ ‫فاهدوهــم ال صــراط الحيــم‬
‫ـلت ‪6 :‬و ‪[ 7‬‬ ‫ـة فصـ‬ ‫الزكاة ‪..‬اليـ‬ ‫ـافات ‪ 23 :‬و ‪[ 24‬‬
‫‪..‬اليات الصـ‬
‫‪]57‬‬ ‫‪]181‬‬
‫فقضا هن سبع ساوات ف يوم ي‬ ‫وقفوهم إنـهم مسئولون ‪ o‬ما لكم‬
‫فصلت ‪]194[ 12 :‬‬ ‫ل تناصـرون الصـافات ‪ 24 :‬و ‪25‬‬
‫حتـ إذا مـا جاءوهـا شهـد عليهـم‬ ‫[‪]173‬‬
‫سـعهم ‪ ..‬اليات فصـلت ‪ 20 :‬و‬ ‫انـــهم ألفوا أبائهــم ضاليــ‬
‫‪]171[ 21‬‬ ‫الصافات ‪]28[ 69 :‬‬
‫[سورة الشورى]‬ ‫وما منا إل له مقام معلوم الصافات‬
‫ليس كَمثله شيء الشورى ‪[ 11 :‬‬ ‫‪]143[ 164 :‬‬
‫‪ ]128‬و[‪]162‬‬ ‫[سورة ص]‬
‫[سورة الدخان]‬ ‫وان عل يك لعن ت ال يوم الد ين ص‬
‫ذق انـك أنـت العزيـز الكــري‬ ‫‪]190[ 78 :‬‬
‫الدخان ‪]1[ 49 :‬‬ ‫قال فالقـ والقـ أقول ‪ o‬لملن‬
‫[سورة الاثية]‬ ‫جهنـم ‪..‬اليات ص ‪ 84 :‬و ‪[ 85‬‬
‫أم حسـب الذيـن اجترحوا السـيئات‬ ‫‪]190‬‬
‫أن نعلهـم ‪..‬اليـة الاثيـة ‪[ 21 :‬‬ ‫[سورة الزمر]‬
‫‪]189‬‬ ‫قل هل يستوي الذين يعلمون والذين‬
‫[سورة الحقاف]‬ ‫ليعلمون ‪..‬اليـة الزمـر ‪]18[ 9 :‬‬
‫ووصـينا النسـان بوالديـه إحسـانا‬ ‫و[‪]22‬‬
‫حلتـه أمّه كرها ‪ ..‬الية الحقاف‬ ‫والسـماوات مطويات بــيمينـه‬
‫‪]32[ 15 :‬‬ ‫الزمر ‪]129[ 67 :‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪253‬‬


‫فنادوا صـاحبـهم فتعاطـى فعقـر‬ ‫[سورة الفتح]‬
‫القمر ‪]218[ 29 :‬‬ ‫يد ال فوق أيدي هم الف تح ‪[ 10 :‬‬
‫إنا كل شيء خلقناه بقدر القمر ‪:‬‬ ‫‪]129‬‬
‫‪ ]146[ 49‬و[‪]200‬‬ ‫[سورة الجرات]‬
‫[سورة الرحن]‬ ‫ياأي ها الذ ين آمنوا إن جاء كم فا سق‬
‫ويبقــى وجهــُ ربكــَ ذو الللِ‬ ‫بنبأ فتبـينوا الجرات ‪]50[ 6 :‬‬
‫والِكرام الرحنـ ‪ ]128[ 27 :‬و[‬ ‫ول يغتب بعضكم بعضا الجرات‬
‫‪]130‬‬ ‫‪]261[ 12 :‬‬
‫[سورة الديد]‬ ‫ـم‬
‫ـد ال أتقاكـ‬
‫ـم عنـ‬
‫ان أكرمكـ‬
‫من ذا الذي يقرض ال قرضا ح سنا‬ ‫الجرات ‪]12[ 13 :‬‬
‫‪..‬الية الديد ‪]14[ 11 :‬‬ ‫[سورة‪ :‬ق]‬
‫ما أصاب من مصيبة ف الرض ول‬ ‫والنخل باسـقات ق ‪]4[ 10 :‬‬
‫ف أنف سكم ‪..‬ال ية الد يد ‪[ 22 :‬‬ ‫وجاءت كـل نفـس معهـا سـائق‬
‫‪]200‬‬ ‫وشهيد ق ‪]171[ 21 :‬‬
‫[سورة الجادلة]‬ ‫[سورة الذاريات]‬
‫يرفـع ال الذيـن آمنوا منكـم والذيـن‬ ‫فأخرج نا من كان في ها من الؤمن ي‬
‫أوتوا العلم درجات الجادلة ‪[ 11 :‬‬ ‫‪ o‬فمـا وجدنـا ‪..‬اليات الذاريات ‪:‬‬
‫‪]22‬‬ ‫‪ 35‬و ‪]212[ 36‬‬
‫ل تدــ قومــا يؤمنون بال واليوم‬ ‫[سورة النجم]‬
‫الخـر يوادّون مـن حادّ ال ‪..‬اليـة‬ ‫وما ينطق عن الوى ان هو ال وحي‬
‫الجادلة ‪]68[ 22 :‬‬ ‫يوحى النجم ‪]32[ 3 :‬‬
‫[سورة الشر]‬ ‫الذين يتنبون كبائر ال ث والفواحش‬
‫ومـا آتاكـم الرسـول فخذوه ومـا‬ ‫‪ ..‬الية النجم ‪]255[ 32 :‬‬
‫نـهاكم عنـه فانتـهوا الشر ‪7 :‬‬ ‫وأنـه هو أضحك وأبكى ‪ o‬وأنـه‬
‫[‪]32‬‬ ‫هو أمات وأح يا الن جم ‪ 43 :‬و ‪44‬‬
‫كمثل الشيطان إذ قال للنسان اكفر‬ ‫[‪]204‬‬
‫الشر ‪]153[ 16 :‬‬ ‫[سورة القمر]‬
‫[سورة المعة]‬ ‫فالتقى الاء على أمر قد ُقدِر القمر‬
‫فإذا قض يت ال صلة الم عة ‪10 :‬‬ ‫‪]194[ 12 :‬‬
‫[‪]194‬‬ ‫تري بأعيننا القمر ‪]128[ 14 :‬‬
‫[سورة التغابن]‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪254‬‬


‫ي سأل أيان يوم القيا مة القيا مة ‪6 :‬‬ ‫له اللك وله المـد التغابـن ‪[ 1 :‬‬
‫[‪]31‬‬ ‫‪]1‬‬
‫بـل النسـان على نفسـه بصـيه‬ ‫زعـم الذيـن كفروا أن لن يبعثوا قـل‬
‫القيامة ‪]54[ 14 :‬‬ ‫بلى ‪..‬الية التغابن ‪]173[ 7 :‬‬
‫[سورة الرسلت]‬ ‫[سورة التحري]‬
‫فقدر نا فن عم القادرون الر سلت ‪:‬‬ ‫ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما‬
‫‪]194[ 23‬‬ ‫يؤمرون التحري ‪]143[ 6 :‬‬
‫[سورة النازعات]‬ ‫ـن‬
‫ـي والذيـ‬
‫يوم ل يزي ال النبــ‬
‫وأ ما من خاف مقام رب ـه ون ـهى‬ ‫آمنوا معه التحري ‪]191[ 8 :‬‬
‫النفس ‪..‬الية النازعات ‪]92[ 40 :‬‬ ‫[سورة اللك]‬
‫[سورة التكوير]‬ ‫وأسـروا قولكـم أو اجهروا بــه ‪..‬‬
‫وإذا الصـحف نشرت التكويـر ‪:‬‬ ‫اليات اللك ‪ 13 :‬و ‪]200[ 14‬‬
‫‪]178[10‬‬ ‫أف من ي شي مك با على وج هه أهدى‬
‫[سورة النشقاق]‬ ‫‪..‬الية اللك ‪]181[ 22 :‬‬
‫فأ ما مَن أو ت كتاب ـه ب ـيمينـه‬ ‫[سورة القلم]‬
‫النشقاق ‪]178[ 7 :‬‬ ‫أفنج عل ال سلمي كالجرم ي ‪ o‬ما‬
‫[سورة البوج]‬ ‫لكـم كيـف تكمون القلم ‪ 35 :‬و‬
‫إن الذ ين فتنوا الؤمن ي والؤمنات ‪..‬‬ ‫‪]189[ 36‬‬
‫الية البوج ‪]292[ 10 :‬‬ ‫[سورة الاقة]‬
‫[سورة العلى]‬ ‫ويمـل عرش ربـك فوقهـم يومئذ‬
‫والذي قدر فهدى العلى ‪[ 3 :‬‬ ‫ثانية الاقة ‪]160[17 :‬‬
‫‪]194‬‬ ‫[سورة الن]‬
‫[سورة الفجر]‬ ‫وإن ـه تعال جد رب نا ال ن ‪[ 3 :‬‬
‫وأ ما إذا ما ابتله َف َقدَ َر عل يه رز قه‬ ‫‪]130‬‬
‫الفجر ‪]194[ 16 :‬‬ ‫ومـن يعـص ال ورسـوله فإن له نار‬
‫[سورة القدر]‬ ‫جهنم الن ‪ ]189[23 :‬و[‪]192‬‬
‫إنا أنـزلناه القدر ‪]146[1 :‬‬ ‫[سورة الدثر]‬
‫[سورة الخلص]‬ ‫علي ها تسـعة ع شر الد ثر ‪[ 30 :‬‬
‫قـل هـو ال أحـد ال الصـمد ‪..‬‬ ‫‪]160‬‬
‫السورة الخلص [‪]98‬‬ ‫[سورة القيامة]‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪255‬‬


‫فهرس الحاديث النبوية‬
‫أن تؤمن بال وملئكت ـه وكتبـه ـ‬ ‫آل ممد كل مؤمن ـ كل تقي(*) (‪)8‬‬
‫سئل عن اليان ـ (‪)194‬‬ ‫أتدرون ما اليان بال وحده (‪)212‬‬
‫إن العال لي ستغفر له من ف ال سماوات‬ ‫أترعون عن ذكر الفاجر اذكروه با فيه‬
‫‪ ..‬حت اليتان (‪)22‬‬ ‫(‪)230‬‬
‫إن العلماء ورثـة النبــياء (‪ )22‬و(‬ ‫أتفر من قضاء ال؟ (‪)194‬‬
‫‪)75‬‬ ‫أحل لكم ميتتان ودمان (‪)61‬‬
‫إن ال وملئكتــه وأهـل السـماوات‬ ‫اجلسوا ـ عند النازة بعد كلم الب‬
‫وأهل الرض حت النملة (‪)22‬‬ ‫ـ (‪)39‬‬
‫إن ال يبسـط يده بالليـل ليتوب مسـئ‬ ‫ادرأوا الدود بالشبـهات (‪)307‬‬
‫النـهار (‪)287‬‬ ‫إذا أراد ال بعبد خيا فقهه ف الدين (‬
‫إن ال يق بل تو بة الع بد ما ل يغر غر (‬ ‫‪)22‬‬
‫‪)287‬‬ ‫إذا ذكـر القدر فأمسـكوا وإذا ذكرت‬
‫إن اللئكـة لتضـع أجنحتــها لطالب‬ ‫النجوم (‪)194‬‬
‫العلم رضا لا (‪)22‬‬ ‫إذا عملت سيئة فأحدث عند ها تو بة (‬
‫ـن عمله‬
‫ـن مـ‬
‫ـق الؤمـ‬
‫إن ما ـ يلحـ‬ ‫‪)285‬‬
‫وحسناتـه بعد موتـه (‪)22‬‬ ‫أذيعوا بب الفا سق ليحذر الناس شره (‬
‫إن مـن أشـد الناس عذابـا يوم القيامـة‬ ‫‪ )230‬و(‪)261‬‬
‫الصورون (‪)189‬‬ ‫اطلبوا العلم ولو بالصي (‪)18‬‬
‫إن من أقل الناس عذابا ـ أهون الناس‬ ‫أعددت شفاعت لهل الكبائر من أمت‬
‫(‪)189‬‬ ‫(‪)186‬‬
‫إن الوتى ليعذبون ف قبورهم (‪)170‬‬ ‫أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع‬
‫إنـك لن تدـ ولن تبلغ حقيقـة اليان‬ ‫(‪)22‬‬
‫حت تؤمن بالقدر (لعبادة) (‪)194‬‬ ‫اق بل ال ق م ن جاءك ب ـه بغي ضا كان‬
‫بن السلم على خس (‪)212‬‬ ‫أو حبـيبا (‪)50‬‬
‫التوبـة مقبولة حتـ تطلع الشمـس مـن‬ ‫أنا سيد ولد آدم ول فخر (‪)8‬‬
‫مغربـها (‪)287‬‬
‫ـلم‬
‫ـن قلب مسـ‬
‫ـل عليهـ‬
‫ثلث ل يغـ‬ ‫*(*) (تنبــيه) ‪ :‬الرقـم الوجود مقابـل‬
‫اخلص العمل ل (‪)22‬‬ ‫طرف الديـث هـو رقـم البــيت الذي‬
‫ورد ف شرحه‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪256‬‬


‫العلماء ورثة النبـياء لن النبـياء ل‬ ‫حوضـي مسـية شهـر وزواياه سـواء‬
‫يورثوا (‪ )22‬و(‪)75‬‬ ‫وماؤه أبـيض (‪)178‬‬
‫فضل العال على العابد كفضل القمر (‬ ‫خي ما يلف الرجل من بعده ثلث (‬
‫‪)22‬‬ ‫‪)22‬‬
‫فضـل العال على العابـد كفضلي على‬ ‫الدال على الي ـ كفاعله وال يب ـ‬
‫أدناكم (‪)22‬‬ ‫اغاثة اللهفان (‪)22‬‬
‫فضل العلم خي من فضل العبادة وخي‬ ‫الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إل ذكر ال‬
‫دينكم (‪)22‬‬ ‫وما واله (‪)22‬‬
‫كان النبـي يقوم للجنازة فمر بـه‬ ‫رفع عن أمت الطأ والنسيان (‪ )42‬و‬
‫حب فقال‪ :‬هكذا نفعل (‪)39‬‬ ‫(‪)304‬‬
‫كل أ مر ذي بال ل يبدأ ف يه بب سم ال‬ ‫ـل الكتاب‬
‫ـنة أهـ‬
‫ـهم سـ‬
‫ـنوا بــ‬
‫سـ‬
‫(مقدمة)‬ ‫ـالجوس ـ (‪)277‬‬
‫كـل أمـر ذي بال ليبدأ فيـه بمـد ال‬ ‫شفاعتـ لهـل الكبائر مـن أمتـ (‬
‫(مقدمة)‬ ‫‪)186‬‬
‫كل تقي ـ من آل ممد؟ ـ (‪)8‬‬ ‫طلب العلم فريضـة على كـل مسـلم (‬
‫كل مسكر حرام (‪)61‬‬ ‫‪)18‬‬
‫ك يف ت د قل بك؟ (لعمار بن يا سر) (‬ ‫عذاب القب حق (‪)170‬‬
‫‪ )72‬و (‪)304‬‬ ‫عفي عن أمت الطأ والنسيان (‪)304‬‬
‫ل بأس عليك لك مانويت (‪)309‬‬ ‫و(‪)42‬‬
‫ل تتمع أمت على ضللة (‪)32‬‬ ‫ــ القلب فذلك‬
‫العلم علمان‪ :‬علم فـ‬
‫ل تزول قدمـا عبـد يوم القيامـة حتـ‬ ‫العلم النافع (‪)22‬‬
‫يسأل عن أربع (‪)171‬‬ ‫العلم فريضة على كل مسلم ـ طلب‬
‫ل تنال شفاعت أهل الكبائر من أمت (‬ ‫العلم ـ (‪)18‬‬
‫‪)182‬‬ ‫ــل‬
‫ــو الصـ‬
‫العلم كله القرآن وهـ‬
‫ل صغية عند اصرار (‪)252‬‬ ‫والتنـزيل (‪)4‬‬
‫ل كبـية مع استغفار (‪)252‬‬ ‫علماء أمتـ كأنبــياء بنـ اسـرائيل (‬
‫ل نبـي بعدي (‪)141‬‬ ‫‪)75‬‬
‫ل يمع ال أمت على ضللة (‪)32‬‬ ‫علماء هذه المـة رجلن ؛ رجـل آتاه‬
‫ال علما (‪)22‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪257‬‬


‫مـن غدا إل السـجد ل يريـد إل أن‬ ‫لعنت القدرية على لسان سبعي نبـيا‬
‫يتعلم خيا (‪)22‬‬ ‫قبلي (‪)194‬‬
‫من غدا يريد العلم يتعلمه ل فتح ال له‬ ‫لكـل أمـة موس وموس هذه المـة‬
‫بابا إل النة (‪)22‬‬ ‫القدرية (‪)194‬‬
‫من كا نت الدن يا نيت ـه فرق ال عل يه‬ ‫للتوبـة باب بالغرب مسـية سـبعي‬
‫أمره (‪)22‬‬ ‫عاما(‪)287‬‬
‫مــن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده‬ ‫الل هم أدخل ن ال نة (أراد أن يقول) ـ‬
‫من النار(‪)32‬‬ ‫(فقال) اللهم أدخلن النار (‪)309‬‬
‫من يرد ال بـه خيا يفقهه ف الدين (‬ ‫ليأتي على جهنم يوم (‪)190‬‬
‫‪)22‬‬ ‫ليست الشفاعة لهل الكبائر من أمت (‬
‫موت قبــيلة أيسـر مـن موت عال (‬ ‫‪)182‬‬
‫‪)22‬‬ ‫ما رآه ال سلمون ح سنا ف هو ع ند ال‬
‫نضـر ال امرئ سـع مقالتـ فوعاهـا (‬ ‫حسن (‪)32‬‬
‫‪)22‬‬ ‫ما كان ال ليج مع أم ت على ضلل (‬
‫هلك الصرون قدما إل النار (‪)252‬‬ ‫‪)32‬‬
‫هلكـت ‪( ...‬عمار بـن ياسـر حيـ‬ ‫ما لكـم وللمنافـق قولوا فيـه مـا فيـه (‬
‫اسـتجاب لتعذيـب الشركيـ) (‪)72‬‬ ‫‪)230‬‬
‫و(‪)304‬‬ ‫الرجئة يهود هذه المــة والقدريــة‬
‫هو الطهور ماؤه الل ميتتـه (‪)61‬‬ ‫موسها (‪)194‬‬
‫يا أبا ذر لئن تغدوا فتعلم آية من كتاب‬ ‫مرحبـا بطالب العلم (لصـفوان بـن‬
‫ال (‪)22‬‬ ‫عسال) (‪)22‬‬
‫يـا بنـ عبـد الطلب إن ال أمرنـ أن‬ ‫مـن خرج فـ طلب العلم فهـو فـ‬
‫أنذر كم ـ ب عد "وأنذر عشي تك" ـ‬ ‫سبـيل ال (‪)22‬‬
‫(‪)182‬‬ ‫مـن دعـا إل هدى كان له مـن الجـر‬
‫يرج لبـن آدم ثلثـة دواويـن‪ :‬ديوان‬ ‫مثل أجور من تبعه (‪)22‬‬
‫فيه العمل الصال‪ ،‬وديوان فيه ذنوبـه‪،‬‬ ‫من دل على خ ي فله م ثل أ جر فاعله(‬
‫وديوان فيـه النعـم مـن ال عليـه (‬ ‫‪)22‬‬
‫‪)171‬‬ ‫من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل‬
‫يقول ال عزوجـل للعلماء يوم القيامـة‬ ‫ال له (‪)22‬‬
‫إن ل أجعل علمي (‪)22‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪258‬‬


‫بـهجة النوار‬ ‫‪259‬‬
‫فهرس العلم‬
‫الترمذي = ممد بن عيسى‬ ‫أبو بكر الصديق‪)153( :‬‬
‫(* )‬

‫البزار = أحد بن عمرو بن عبدالالق‬ ‫أحد بن السي بن علي البـيهقي ‪[ :‬‬


‫البسيوي = علي بن ممد بن علي‬ ‫‪]22‬‬
‫ب ـهاء الد ين بن عق يل = عبدال بن‬ ‫أحدـ بـن سـليمان بـن عبدال (ابـن‬
‫عبدالرحن‬ ‫النضر)‪، 61، 61، 61(، ]61[ :‬‬
‫البـيهقي = أحد بن السي بن علي‬
‫‪)189، 70، 65‬‬
‫الثمين = عبد العزيز بن ابراهيم‬
‫أحد بن عبد الفتاح اللوي ‪]1[ :‬‬
‫جابر بن زيد‪، 68 ، 63 (، ]39[ :‬‬
‫أحد بن عبدال بن موسى الكندي ‪[ :‬‬
‫‪)182‬‬
‫‪]50‬‬
‫جاعد بن خيس الروصي‪(، ]44[ :‬‬ ‫أحدـ بـن عبدالنعـم بـن يوسـف‬
‫‪)292، 292‬‬ ‫الدمنـهوري ‪]3[ :‬‬
‫الهم بن صفوان‪]204[ :‬‬ ‫أحدـ بـن علي بـن ممـد بـن حجـر‬
‫الوي ن (إمام الرم ي) = عبداللك بن‬ ‫العسقلن ‪]285[، )22( :‬‬
‫عبدال بن يوسف‬ ‫أح د بن عمرو بن عبدالالق البزار‪[ :‬‬
‫اليطال (مؤلف القناطـر) = اسـاعيل‬
‫‪]171‬‬
‫بن موسى‬
‫اسـاعيل بـن عبدالرحنـ السـدي ‪[ :‬‬
‫ابن حجر = أحد بن علي بن ممد‬
‫‪.]257‬‬
‫السن البصري‪)194(، ]39[ :‬‬
‫ـى اليطال ‪[ :‬‬
‫ـن موسـ‬
‫ـاعيل بـ‬
‫اسـ‬
‫حسـن بـن ممـد بـن ممود العطار‪[ :‬‬
‫‪]164‬‬
‫‪]16‬‬
‫البادي = أبوالفضـل أبوالقاسـم بـن‬
‫أبـو حنيفـة = النعمان بـن ثابـت بـن‬
‫ابراهيم‬
‫النعمان‬
‫بشيـ هـو ابـن ممـد بـن مبوب بـن‬
‫الليلي (الحقـق) = سـعيد بـن خلفان‬
‫الرحيل‪]297[ :‬‬
‫بن أحد‬
‫الدمنـهوري = أحد بن عبدالنعم بن‬ ‫ـم الوجود بوار‬ ‫*(*) (تنبــ‬
‫ـيه)‪ :‬الترقيـ‬
‫يوسف‬ ‫العلم هـو رقـم البــيت الذي ورد فيـه‬
‫ابو ذر‪)22( :‬‬ ‫ذكره ومـا بــي الاصـرتي [ ] هـو‬
‫الرازي (الف خر) = م مد بن ع مر بن‬ ‫الو ضع الذي تو جد ف يه ترجت ـه‪ ،‬و قد‬
‫السي‬ ‫اقتصرنا على فهرست العلم الدرجة ف‬
‫صلب الكتاب دون التعليقات‪.‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪260‬‬


‫عبدالرحنـبـن أبــي بكـر بـن ممـد‬ ‫ابـن رسـلن = أحدـ بـن السـي بـن‬
‫السيوطي‪]31[ :‬‬ ‫حسن الرملي‬
‫عبدالرحن بن رستم‪]76[ :‬‬ ‫الزاملي = صال بن سعيد العقري‬
‫عبـد العزيـز بـن ابراهيـم الثمينـ ‪[ :‬‬ ‫الزمشري = ممود بن عمر‬
‫‪]170‬‬ ‫السّدي = اساعيل بن عبدالرحن‬
‫عبدال بـن عبدالرحنـ بـن عقيـل‪[ :‬‬ ‫أبو سعيد الكدمي = ممد بن سعيد بن‬
‫ممد‬
‫‪]31‬‬
‫ـف‬
‫ـن يوسـ‬
‫ـن عبدال بـ‬
‫عبداللك بـ‬ ‫سعيد بن جبـي‪]98[ :‬‬
‫سـعيد بـن خلفان بـن أحدـ الليلي‬
‫الوين‪]214[ :‬‬
‫(الحقق) ‪)44(، ]15[ :‬‬
‫عبد اللك بن مروان‪]63[ :‬‬
‫ابن عربـي = ممد بن علي بن ممد‬ ‫سعيد بن سال الصائغي ‪]42[ :‬‬
‫أبو سفيان = مبوب بن الرحيل‬
‫عطاء (التابعي) ‪]287[ :‬‬
‫سيبويه = عمرو بن عثمان بن قنب‬
‫العطار = حسن بن ممد بن ممود‬
‫السيوطي = عبدالرحن بن أبـي بكر‬
‫عكر مة بن عبدال (مول ا بن عباس) ‪:‬‬
‫بن ممد‬
‫[‪]194‬‬
‫الشافعي = ممد بن ادريس‬
‫علي بـن ممـد بـن علي البسـيوي ‪[ :‬‬
‫أبو الشعثاء = جابر بن زيد‬
‫‪]34‬‬
‫الشيخان (البخاري ومســـلم) ‪[ :‬‬
‫أبو علي = موسى بن علي‬
‫‪]178‬‬
‫عمار بن ياسر‪)304، 72( :‬‬
‫الصائغي = سعيد بن سال‬
‫ابن عمر‪)98( :‬‬
‫صـال بـن سـعيد العقري (الزاملي)‪[ :‬‬
‫عمر بن الطاب‪)153( :‬‬
‫‪]297‬‬
‫عمرو بن عثمان بن ق نب ( سيبويه)‪( :‬‬
‫صفوان بن عسال‪]22[ :‬‬
‫‪]10[، )1‬‬
‫صفية بنت عبد الطلب‪)182( :‬‬
‫غيلن الدمشقي‪]194[ :‬‬
‫عباده بن الصامت‪)194( :‬‬
‫فاطمة بنت ممد ‪) : (182‬‬
‫ابن عباس‪)251، 194، 22( :‬‬
‫ف تح بن نوح اللوشائي (أ بو ن صر)‪( :‬‬
‫العباس بن عبد الطلب‪)182( :‬‬
‫‪]31[، )23‬‬
‫عبدالرؤوف بن تاج العارف ي الناوي ‪:‬‬
‫فرعون‪)132( :‬‬
‫[‪]8‬‬
‫الفضل بن الواري ‪]297[ :‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪261‬‬


‫معاذ بن جبل ‪)98( :‬‬ ‫أبوالفضل أبوالقاسم بن ابراهيم البادي‬
‫معبد بن عبدال الهن ‪]194[ :‬‬ ‫‪]76[ :‬‬
‫اللوي = أحد بن عبد الفتاح‬ ‫الكندي (مؤلف الهتداء) = أحدـ بـن‬
‫الناوي = عبدالرؤوف بن تاج العارفي‬ ‫عبدال بن موسى‬
‫موسى ابن أبـي جابر ‪]237[ :‬‬ ‫أبو لب‪)8( :‬‬
‫موسى بن علي بن عزرة (أبو علي) ‪[ :‬‬ ‫مالك بن أ نس ال صبحي (المام) ‪[ :‬‬
‫‪]237‬‬ ‫‪]189‬‬
‫ناصـر بـن جاعـد الروصـي ‪[ :‬‬ ‫مبوب بـن الرحيـل (أبـو سـفيان)‪[ :‬‬
‫‪)231، 224(، ]218‬‬ ‫‪]63‬‬
‫نافع (مول ابن عمر)‪]98[ :‬‬ ‫ممـد بـن ادريـس الشافعـي‪[ ،)4( :‬‬
‫أبو نبـهان = جاعد بن خيس‬ ‫‪)189(، ]65‬‬
‫ناد بن موسى (القاضي) ‪]24[ :‬‬ ‫م مد بن سعيد بن م مد الكد مي‪[ :‬‬
‫أبو نصر = فتح بن نوح‬ ‫‪، 50 ، 44 ، 41 ، 39 (، ]21‬‬
‫ابـن النضـر = أحدـ بـن سـليمان بـن‬ ‫‪237، 237 ، 221، 75 ، 57‬‬
‫عبدال‬ ‫‪.)261، 254، 237،‬‬
‫النعمان بن ثابت بن النعمان أبو حنيفة‪:‬‬ ‫ممد بن علي بن ممد بن عربـي‪[ :‬‬
‫[‪)214(، ]61‬‬ ‫‪]287‬‬
‫واصل بن عطاء الغزّال ‪]194[ :‬‬ ‫ممـد بـن عمـر بـن السـي الرازي‬
‫ابن وصاف = ممد بن وصاف البزار‬ ‫(الفخر)‪]125[،)1( :‬‬
‫يونس السواري ‪]194[ :‬‬ ‫ممد بن عيسى الترمذي ‪]171[ :‬‬
‫الشعريـة ‪، 168 (، ]119[ :‬‬ ‫ممد بن مبوب بن الرحيل ‪، ]28[ :‬‬
‫‪)214‬‬ ‫(‪)297، 34‬‬
‫الهمية‪]204[ :‬‬ ‫ممـد بـن وصـاف البزار ‪(، ]76[ :‬‬
‫القدرية‪ :‬من العتزلة (‪ )117‬القدرية‪:‬‬ ‫‪)274‬‬
‫من البية (‪)204‬‬ ‫ممود بـن عمـر الزمشري ‪[،)1( :‬‬
‫الرجئة‪)191( :‬‬ ‫‪]143‬‬
‫العتزلة‪، 168 ، 119 (، ]79[ :‬‬ ‫امرئ القيس ‪)191( :‬‬
‫‪)204‬‬ ‫ابن مسعود ‪)100، 100، 98( :‬‬
‫الوارج ‪119 :‬‬ ‫مسيلمة الكذاب ‪)132( :‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪262‬‬


‫بـهجة النوار‬ ‫‪263‬‬
‫نص منظومة‬

‫أنوار‬
‫العقول‬
‫للمام‬
‫أب ممد نور الدين عبد ال بن حيد السلمي‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪264‬‬


‫(بسم الله الرحمن الرحيم)‬
‫شسـ الصـول فـ نــهى ذوي التقـى)‬ ‫ــا‬‫ــد أشرقـ‬ ‫ــد ل الذي قـ‬ ‫(‪( )1‬المـ‬
‫وجانبوا بســــرها الهالكــــا)‬ ‫ــالكا‬ ‫ــا السـ‬ ‫ــروا بنورهـ‬ ‫(‪( )2‬فأبصـ‬
‫فــ حضرة قدســية فــ القرب)‬ ‫(‪( )3‬حتــ اســتووا على بســاط القرب‬
‫ــر)‬ ‫ــرارهم بالفكـ‬‫ــقت أسـ‬ ‫وبسـ‬ ‫ــر‬ ‫ــ بالذكـ‬ ‫ــت عقولمـ‬ ‫(‪( )4‬فانتعشـ‬
‫ـــن شرف القدار)‬ ‫ـــت عـ‬ ‫فأعربـ‬ ‫(‪( )5‬فأبرزوا نتائج الفكار‬
‫مصـــطحبان بســـنا إنعامـــه)‬ ‫(‪( )6‬ثــ صــلة ال مــع ســلمه‬
‫على النبـــي الصــطفى الليــل)‬ ‫(‪( )7‬متزجان بالثنــــا الميــــل‬
‫والل والصـحب الرضـى ومـن تبـع)‬ ‫(‪( )8‬ممــد ســيد كــل مــن شفــع‬
‫وأنـــــه أجلّ علم قصــــدا)‬ ‫(‪( )9‬وبعــد فالديــن أهــم مقصــدا‬
‫ــا كلف بالبهان)‬ ‫ــل مـ‬ ‫ــن كـ‬
‫عـ‬ ‫(‪( )10‬لنـــــه يعرب للنســــان‬
‫إن تدرهـــا جزت طريـــق عدله)‬ ‫(‪( )11‬وقــد نظمــت دررا فــ أصــله‬
‫عــــن الكرام الســــادة البرار)‬ ‫(‪َ( )12‬لقّطّتـــها مــن زاخــر الثار‬
‫حتـ أراهـا فـ غـد مـن قرضـي)‬ ‫ـــا يقضــــي‬ ‫(‪( )13‬وال بالقبول فيهـ‬
‫كــل الورى وأن يتــم صــنعها)‬ ‫(‪( )14‬ومنـــه أرجــو أن يعــم نفعهــا‬
‫تأمّلـــــــــ ونظري تؤمل)‬ ‫(‪( )15‬ومدث العلم ضروري بل‬
‫فــ الشرع معروف كمــا ســنورد)‬ ‫(‪( )16‬والكــل مــن ذَيْنــِ له َتعَبّدــ‬
‫تعليمــه والثانــ نفــل ندبــا)‬ ‫(‪( )17‬والعلم منـــه لزم قــد وجبــا‬
‫فواجــــب ومــــا عداه نفله)‬ ‫(‪( )18‬فكــل شيــء ل يســعنا جهله‬
‫لقادر بترك ذاك يأثـــــــــ)‬ ‫(‪( )19‬والبحـــث للواجـــب حتما يلزم‬
‫معــــبا وان نأى يضــــي له)‬ ‫(‪( )20‬والدــــــ للقدرة أن يَرى له‬
‫ومأمــن مــع قوت مــن يكفله)‬ ‫ـا يمله‬‫ـع وجدان مـ‬ ‫ـح مـ‬‫(‪( )21‬ف ـ الصـ‬
‫جاءت بـــه مــن ربنــا النباء)‬ ‫(‪( )22‬وفضله ليــــس له احصــــاء‬
‫والثانــ تفويــض الجيــب قررا)‬ ‫(‪( )23‬ســؤالنا قســمان قســم حجرا‬
‫للزم قَســّم ونفــل تـــهتدي)‬ ‫ـــد‬ ‫ـــ التعبـ‬ ‫(‪( )24‬وباعتبار الشرع فـ‬
‫تناقـــض أو جاء باضطرابــــه)‬ ‫(‪( )25‬أسـقط سـؤال إن أتـى خسـ بــه‬
‫أو كونـــه مــن الحال وقعــا)‬ ‫(‪( )26‬إثبات أو جعــ ســؤالي معــا‬
‫ـن‪ ،‬أَي‪ ،‬متــ عــن ربنــا تعال)‬
‫مَـ‬ ‫ـؤال‬‫ـل سـ‬ ‫ـف‪ ،‬لِم‪ ،‬وهـ‬ ‫ـع بكيـ‬ ‫(‪( )27‬امنـ‬
‫عــــن هيئة‪ ،‬وعِلة لِم تلفــــا)‬ ‫(‪( )28‬أيـن‪ ،‬ومِـن أيـن‪ ،‬وكـم؛ فكيفـا‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪265‬‬


‫ـــس)‬ ‫ـــة وأجزا النفـ‬‫وأي لشِركـ‬ ‫(وهـل لتصـديق‪ ،‬ومـن عـن جنـس‪،‬‬ ‫(‪)29‬‬
‫أيــن‪ ،‬ومِــن أيــن عــن الكان)‬ ‫(متــ ســؤال جاء عــن زمان‪،‬‬ ‫(‪)30‬‬
‫فرد قديـــ قاهـــر ســـبحانـه)‬ ‫ــه‬ ‫ــؤال عدد‪ ،‬وإنــ‬ ‫ــم سـ‬ ‫(وكـ‬ ‫(‪)31‬‬
‫إجاع بعــــد ســــنة الختار)‬ ‫(والصـــل للفقـــه كتاب الباري‬ ‫(‪)32‬‬
‫وهالك مــن كان فيهــا مبدعــا)‬ ‫(والجتـــهاد عنــد هذي مُنِعَــا‬ ‫(‪)33‬‬
‫وواجــــــب أن نتحرى ال ْج َوزَا)‬ ‫(والرأي فــ غيــ الصــول ُج ّوزَا‬ ‫(‪)34‬‬
‫ماــــ نرى وميلنــــا للهزل)‬ ‫(ول يزــــ خلفنــــا للعدل‬ ‫(‪)35‬‬
‫كان خلف كافـــر فيمـــا رأوا)‬ ‫(فـ غيـ مـا قـد حكـم الاكـم أو‬ ‫(‪)36‬‬
‫وإن حكمـــت فاقصـــدنّ العدل)‬ ‫(أو مــن طريــق الزهــد كان أفضل‬ ‫(‪)37‬‬
‫رأيــت ِحلّهَــا وإن نـــهي ورد)‬ ‫ـد‬ ‫ـباع قـ‬ ‫(وذاك مثــل الكــل للسـ‬ ‫(‪)38‬‬
‫كمثــل مــا اختار امام الذهــب)‬ ‫(حلتــــه على ســـبـيل الدب‬ ‫(‪)39‬‬
‫ــا أن نعمل)‬ ‫ــ نشـ‬ ‫ــل جائز باـ‬
‫هـ‬ ‫(واللف إن ل نعرفنّـــــ العدل‬ ‫(‪)40‬‬
‫بــل نســتشي واجبــا مــن يعلم)‬ ‫(أو ل اذا التحري فـــــ ذا يعدم‬ ‫(‪)41‬‬
‫ـــــل)‬ ‫والوزر والضمان للذي عمـ‬ ‫(وخطــأ العال فــ الفتوى هلــ‬ ‫(‪)42‬‬
‫فالتوب ممل أتــــى اليــــه)‬ ‫ــه‬ ‫ــه عليـ‬
‫ــي بطلنــ‬ ‫(وإن خفـ‬ ‫(‪)43‬‬
‫ول يدـــ معـــبا فلتنتبــــه)‬ ‫(إن كان ماـ حجـة السـماع بــه‬ ‫(‪)44‬‬
‫صـاحبـه والثانـ فهـو مـا انتمـى)‬ ‫(والهــل قســمان بســيط ســلما‬ ‫(‪)45‬‬
‫صـــاحبـه بفعله بـــل يأثـــ)‬ ‫(إل مركّبـــ وليـــس يســـلم‬ ‫(‪)46‬‬
‫لواســع الهــل وضيــق يفــي)‬ ‫(وباعتباره لدى التكلّف‬ ‫(‪)47‬‬
‫فعلمــه فــ وقتـــه مُثبّــت)‬ ‫(وأي فرض فعله ُمؤَقّتـــــــ‬ ‫(‪)48‬‬
‫وقيـــل لحجـــة منـــ كفرا)‬ ‫ـــ عبّرا‬ ‫ـــه تقوم منـ‬ ‫(حجتــ‬ ‫(‪)49‬‬
‫إن اســـتطعتـه بل نيـــل ضرر)‬ ‫(بـل مـا عدا الَبرّ أتـى فـ العتـب‬ ‫(‪)50‬‬
‫معـــــبا نور هداه تتبـــــع)‬ ‫(واعتقــد الســؤال إن ل تســتطع‬ ‫(‪)51‬‬
‫رأيـــت مـــن أدائه متممـــا)‬ ‫(لكــن عليــك أن تؤديــه كمــا‬ ‫(‪)52‬‬
‫وفقـــــــك الباري وإل فالبدل)‬ ‫(فإن تكـن موافقـا صـدق العمـل‬ ‫(‪)53‬‬
‫قولن بالفور وديـــن مثبتــــه)‬ ‫(متلف فيــه ومــع مــن أثبتـــه‬ ‫(‪)54‬‬
‫ــل)‬ ‫ــه إل الجـ‬ ‫ــع جهلكـ‬ ‫فواسـ‬ ‫ـت العمــل‬ ‫ـ مؤقـ‬
‫(وإن يكــن غيـ‬ ‫(‪)55‬‬
‫وقيـــل كالول نظـــم ســـلكه)‬ ‫ـــه‬ ‫ـــن معتقدا لتركـ‬ ‫(مال تكـ‬ ‫(‪)56‬‬
‫لن وقــــت ذيــــن للممات)‬ ‫(وذاك مثـــل الجـــ والزكاة‬ ‫(‪)57‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪266‬‬


‫جيعـــه مـــا ل عليـــه ُتقْدِم)‬ ‫(وواســـــــع جهلك بالحرّم‬ ‫(‪)58‬‬
‫إن قائم العيـــــــ وكالمور)‬ ‫ـــزير‬ ‫ـــة والنــ‬ ‫(كالدم واليتـ‬ ‫(‪)59‬‬
‫ــن الكان)‬ ‫ــا كان مـ‬ ‫ــ أي مـ‬ ‫فـ‬ ‫(وكالذي يذبـــــــح للوثان‬ ‫(‪)60‬‬
‫واللف فــ المــر أتــى صــريا)‬ ‫(وذا لدى الضطــر قــد أبـــيحا‬ ‫(‪)61‬‬
‫فواســــع لاهلي علومهــــا)‬ ‫(والهــل بالنســاب أي تريهــا‬ ‫(‪)62‬‬
‫ـتب)‬ ‫ـها اسـ‬‫ـم بــ‬ ‫ـا جهلهـ‬ ‫ارتكبوهـ‬ ‫(مــا تركوا ارتكابـــها وضاق إن‬ ‫(‪)63‬‬
‫نكاح مـــــــن شاء بل ارتياب)‬ ‫ــاب‬ ‫ــل النسـ‬ ‫ــع لاهـ‬ ‫(وواسـ‬ ‫(‪)64‬‬
‫متــ رأى حرام مــا فيــه وقــع)‬ ‫( إن كان ل يقصـد خلفـا ورجـع‬ ‫(‪)65‬‬
‫ــر)‬ ‫ــتحل إذ أصـ‬ ‫ــا أو مسـ‬ ‫مرمـ‬ ‫(ول يســع جهــل ضللة الُصــِر‬ ‫(‪)66‬‬
‫ـع)‬‫ـم يسـ‬ ‫ـا ل تع ـِ الكـ‬
‫ـم مـ‬‫بعضهـ‬ ‫(مــن بعــد أن تعلم كفره ومــع‬ ‫(‪)67‬‬
‫ــن ضلل)‬ ‫ــك عمـ‬ ‫ــبأ ول تسـ‬ ‫تـ‬ ‫(بشرط أن ل تتوله ول‬ ‫(‪)68‬‬
‫إن أنـــت عـــن تليله ل تعدل)‬ ‫(وواســـــــع جهلك بالحلل‬ ‫(‪)69‬‬
‫على شروطهــــــــا وكالباح)‬ ‫(كالبــــــيع واللك وكالنكاح‬ ‫(‪)70‬‬
‫ومــن يكــن موافقــا ل يأثــ)‬ ‫(وحرم ارتكاب مال يعلم‬ ‫(‪)71‬‬
‫قــد أوجــب الباري عليــه أثاــ)‬ ‫(وإن يرد فــ قصــده خلف مــا‬ ‫(‪)72‬‬
‫قــد وســع الهــل بقول العلمــا)‬ ‫ــ‬ ‫ــة العلم لاـ‬‫ــد تقوم حجـ‬ ‫(وقـ‬ ‫(‪)73‬‬
‫وقيـــل مال تبصـــر القـــ فل)‬ ‫(لو كان واحدا له الفضــــل عل‬ ‫(‪)74‬‬
‫كالنبـــياء مقالمــ قــد لزمــا)‬ ‫(ورجــــح الول أن العلمــــا‬ ‫(‪)75‬‬
‫ثــ رأيــت حقــه ضاق انتبـــه)‬ ‫(وكـل شيـء واسـع جهلك بــه‬ ‫(‪)76‬‬
‫برهانـــــها كغيهــــا ل تلزم)‬ ‫(والقول فــ الملة مــا ل يقــم‬ ‫(‪)77‬‬
‫برهان صــدق يوضحــن الســبل)‬ ‫(إذ ل يكـــن جَلّ مكلفـــا بل‬ ‫(‪)78‬‬
‫كمثــل مــا قــد كان هذا فضل)‬ ‫(ولو يشـــا لكان منــــه عدل‬ ‫(‪)79‬‬
‫يَُنفّســـَنّ لظـــة ليســـأل)‬ ‫(وإن أتـــى برهانــــها امرءا فل‬ ‫(‪)80‬‬
‫ـر)‬‫ـد كفـ‬ ‫ـر جحود قـ‬‫ـها كفـ‬ ‫برهانــ‬ ‫(ومنكــر الملة بعدمــا نظــر‬ ‫(‪)81‬‬
‫تشــــك فيــــه والذي له تل)‬ ‫(ول يســـع جهـــل ضلله ول‬ ‫(‪)82‬‬
‫ــــــــه)‬ ‫على قياس شائع تلفيـ‬ ‫(كذاك جهــل مــن يشــك فيــه‬ ‫(‪)83‬‬
‫يزيــه دون نطقــه إذا نـــزل)‬ ‫(واللف فـ إيانــها بالقلب هـل‬ ‫(‪)84‬‬
‫للجتزا والبعـض منــهم قـد أبـ)‬ ‫(تكليفــه بـــها فبعــض ذهبــا‬ ‫(‪)85‬‬
‫تصــديقه إن ذكرهــا قــد خطرا)‬ ‫(واللف هـــل عليـــه أن يقررا‬ ‫(‪)86‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪267‬‬


‫شيئا بـــها كعهدهــا ل ينكــث)‬ ‫(أو يتزي بالاضــــي مال يدث‬ ‫(‪)87‬‬
‫كحكـم مـا رأيـت مـن تعبــيها)‬ ‫(ومــا عدا الملة مــن تفســيها‬ ‫(‪)88‬‬
‫أحدث والشائع مــــا تقدمــــا)‬ ‫(إل لدى الســؤال والهــل باــ‬ ‫(‪)89‬‬
‫تفســـيها بالقلب فـــ التكلف)‬ ‫(ومـــا عدا اليان فاللزم فـــ‬ ‫(‪)90‬‬
‫وحجـــة العنـــ له مـــن عقله)‬ ‫(فالجــة الســماع فــ ذا كله‬ ‫(‪)91‬‬
‫مـن نوره وعـن هوى النفـس احتبـس)‬ ‫(وهاك توحيدا لنـــا فلتقتبـــس‬ ‫(‪)92‬‬
‫ســـبحانـه ونــــهيه وزجره)‬ ‫(نعبده جلّ امتثال أمره‬ ‫(‪)93‬‬
‫ــــا بعدله)‬ ‫ــــأ عذبنـ‬ ‫وإن يشـ‬ ‫(فإن يشــــأ يرحنــــا بفضله‬ ‫(‪)94‬‬
‫له كذا القدرة والبهان)‬ ‫ــــــلطان‬ ‫(فاللك والعزة والسـ‬ ‫(‪)95‬‬
‫يويــــــــه جلّ ل ول زمان)‬ ‫(ســـبحانـه ليـــس له مكان‬ ‫(‪)96‬‬
‫وأنــــه فـــ ملكـــه منفرد)‬ ‫(بلقــه لكــل شيــء نشهــد‬ ‫(‪)97‬‬
‫ول وزيــــر ل ول مشيــــ)‬ ‫ــ‬‫ــه ول نظيـ‬ ‫ــس له شِبــ‬ ‫(ليـ‬ ‫(‪)98‬‬
‫قبـــل ول بعـــد فكـــل حظل)‬ ‫(ليـــس له فوق ول تتـــ ول‬ ‫(‪)99‬‬
‫إليـــــه تعزى حادث بذا احتذي)‬ ‫ــــــ وشال والذي‬ ‫(كذا ييـ‬ ‫(‪100‬‬
‫وعال مـــن قبـــل أن يصـــنعه)‬ ‫(ول يزل وليــس شيــء معــه‬ ‫)‬
‫ومـــا اليـــه صـــائر بفعله)‬ ‫(بكونــــه ولونــــه وشكله‬ ‫(‪101‬‬
‫جاز عليــه وصــف ملوقاتـــه)‬ ‫ـه‬‫ـ ذاتــ‬ ‫ـه فـ‬‫ـه مشابــ‬ ‫(لو أنــ‬ ‫)‬
‫فـ الكـل مـا لذلك الوجـه انتمـى)‬ ‫ـا‬
‫ـه لزمـ‬ ‫ـهي بوجـ‬‫ـل شبــ‬ ‫(إذ كـ‬ ‫(‪102‬‬
‫لكان كــــل صــــالا لن يلي)‬ ‫(لو كان ثان عنده فـــــ الزل‬ ‫)‬
‫والكــم مــن غيــ مرجــح غلط)‬ ‫(ول دليــل خــص واحدا فقــط‬ ‫(‪103‬‬
‫لزمــه فــ ذاتـــه النقصــان)‬ ‫(لو أنـــــه فــــ أمره معان‬ ‫)‬
‫وفـــ الهات الســـت للمكان)‬ ‫(وهكذا يلزم فـــــــ الزمان‬ ‫(‪104‬‬
‫كان فســـــــادا ذلك التشارك)‬ ‫(لو أنـــه فــ ملكــه مشارك‬ ‫)‬
‫مالف لنـــــا بكـــــل حال)‬ ‫ــ الذات والصــفات والفعال‬ ‫(فـ‬ ‫(‪105‬‬
‫بــينـه مـن وصـف نفسـه اعلمـا)‬ ‫(ول يزــ وصــفكه بغيــ مــا‬ ‫)‬
‫عانده فوصــف فعــل أحكمــا)‬ ‫(وأي وصــف جاز وصــفه باــ‬ ‫(‪106‬‬
‫يعرف وهــــو كالعليــــم آت)‬ ‫(ومـــا عدا ذاك بوصـــف الذات‬ ‫)‬
‫ـــه)‬ ‫ـــا دلت بذا آياتــ‬ ‫ل غيهـ‬ ‫ـه‬
‫ـي ذاتــ‬ ‫ـه هـ‬
‫ـفاتـه لذاتــ‬ ‫(صـ‬ ‫(‪107‬‬
‫حلوله وليــــس منـــــه نزم)‬ ‫(إذ ل تكــــن فيــــه لئل يلزم‬ ‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪268‬‬


‫لغيه وذاك دأب الفقرا)‬ ‫ـــــــه فيكون أفقرا‬ ‫(ول عليـ‬ ‫(‪108‬‬
‫وهــو ســيع ل بســمع رُكّبــا)‬ ‫(فهـــو عليـــم ل بعلم جُلبـــا‬ ‫)‬
‫وهــــو قديــــر ل بقدرة عرت)‬ ‫(وهــو بصــي ل بعيــ نظرت‬ ‫(‪109‬‬
‫ـ الذات)‬ ‫ـل عيـ‬ ‫ـ الصـ‬ ‫ـها فـ‬ ‫لنــ‬ ‫(وهكذا فــ ســائر الصــفات‬ ‫)‬
‫دنيــا وأخرى احكــم بكــل حال)‬ ‫(ورؤيـــة الباري مـــن الحال‬ ‫(‪)110‬‬
‫والكيـــف والتبعيـــض والتحيزا)‬ ‫(لن مــــن لزمهــــا التميّزا‬ ‫(‪)111‬‬
‫فهذه ومــا أتــى بـــه الســور)‬ ‫(فــ جهــة تقابــل الذي نظــر‬ ‫(‪)112‬‬
‫ــار)‬ ‫ــى البصـ‬ ‫ــ فانتفـ‬ ‫ولن ترانـ‬ ‫(مــن قول ل تدركــه البصــار‬ ‫(‪)113‬‬
‫زوال مــــا بـــــه الله متدح)‬ ‫(لنــــها مدح له ول يصـــح‬ ‫(‪)114‬‬
‫تبديــــل ِعزّه بِذُلّ وشُتــــم)‬ ‫(لو جاز أن يزول مدحـــــه لزم‬ ‫(‪)115‬‬
‫فاحكــم له والشرك إنــْ يســّم)‬ ‫ـم‬ ‫ـها بكفــر النعـ‬‫ـن يدن بــ‬
‫(ومـ‬ ‫(‪)116‬‬
‫أو وجهــه كوجــه بعــض العبــد)‬ ‫(كأن يقول يده مثــــــل يدي‬ ‫(‪)117‬‬
‫وعينـــــه أي حفظــــه لفعله)‬ ‫(فوجهــه أي ذاتـــه فــ قوله‬ ‫(‪)118‬‬
‫وقبضــة والســتوا مُلكــا يُســم)‬ ‫ـم‬ ‫ـل نعـ‬ ‫ـه قدرة أو قـ‬
‫ـد منــ‬
‫(واليـ‬ ‫(‪)119‬‬
‫ومكره عقوبــــة لنــــ ظلم)‬ ‫(وجَدّه كوجهــه أو قــل عِظَــم‬ ‫(‪120‬‬
‫يهدوننـــا إل الصـــراط العدل)‬ ‫( ثــ مــن الائز بعــث الرســل‬ ‫)‬
‫بعجزات تبطــــــــل التقوّل)‬ ‫(مقرونــــة دعواهــــم تفضل‬ ‫(‪121‬‬
‫يوز للرســل ومــا قــد لزمــا)‬ ‫(وواجــب عليــك أن تعرف مــا‬ ‫)‬
‫ــي الكارم)‬ ‫ــم َنعْتَا هـ‬
‫ــ حقهـ‬ ‫فـ‬ ‫(ومــا اســتحال عنـــهم فاللزم‬ ‫(‪122‬‬
‫والعقــل والضبــط وكالفطانــة)‬ ‫(كالصــدق والتبليــغ والمانــة‬ ‫)‬
‫وكالنون وارتكاب الرّيــــــب)‬ ‫(والســـتحيل ضدهـــا كالكذب‬ ‫(‪123‬‬
‫فــ حقهــم إل الذي يســتـهجن)‬ ‫ــن‬ ‫ــو مكـ‬ ‫ــا عدا ذلك فهـ‬
‫(ومـ‬ ‫)‬
‫ثــ الكليــم بعده عيســى الليــل)‬ ‫(أفضلهــم نبـــينا ثــ الليــل‬ ‫(‪124‬‬
‫فالنبــــيا ذوو القام الكمـــل)‬ ‫(وبعدهــم نوح فباقــي الرســل‬ ‫)‬
‫ســوى الدى بشرعنــا البديــع)‬ ‫ـع‬ ‫ـع الميـ‬ ‫ـخت شرايـ‬ ‫ـد نسـ‬‫(قـ‬ ‫(‪125‬‬
‫فهــــو على الدوام ل ُيغَيّرــــ)‬ ‫ــ‬ ‫ــا مغيـ‬ ‫ــا له أي شرعنـ‬‫(ومـ‬ ‫)‬
‫ـــم)‬ ‫ـــم بالقرب واجتباهـ‬ ‫مولهـ‬ ‫(وبعدهــــم ملئك حباهــــم‬ ‫(‪126‬‬
‫تفضيله على البـــيب قــد غشــم)‬ ‫(أفضلهــم جبيــل والذي زعــم‬ ‫)‬
‫وبالذي أنـــــزله الرحنــــ)‬ ‫(بـــهم جيعــا يبــ اليان‬ ‫(‪127‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪269‬‬


‫على معان فيـــه ارشاد المـــم)‬ ‫(وهوكلم جاء بالنظـــم التـــ‬ ‫)‬
‫ولنفراده تعال بالقدم)‬ ‫(والكـــــل ملوق لمكان العدم‬ ‫(‪128‬‬
‫وممــل مفصــل نؤمــن بـــه)‬ ‫(وفــ القرآن مكــم ومشتبـــه‬ ‫)‬
‫ــي)‬ ‫ــل تفـ‬ ‫ــا على أقاويـ‬ ‫حديهمـ‬ ‫ـا واللف ف ـ‬ ‫ـن ربنـ‬‫ـى مـ‬ ‫(كلٌ أتـ‬ ‫(‪129‬‬
‫نوعان أي متلف حكمهمــــــا)‬ ‫(مــع اتفاق منـــهم أنـــهما‬ ‫)‬
‫للنــص والظاهــر معنً فانســم)‬ ‫(فالحكـم التضـح العنـ انقسـم‬ ‫(‪130‬‬
‫والظـــن فـــ الظاهـــر للعباد)‬ ‫ـع بالراد‬‫ـم القطـ‬‫ـص حكـ‬ ‫(ف ـ النـ‬ ‫)‬
‫ــل)‬ ‫ــو التأويـ‬
‫ــه وهـ‬ ‫ــي اليـ‬ ‫صـ‬ ‫ــل‬ ‫ــه الدليـ‬ ‫(وإن أتـــى بعكسـ‬ ‫(‪131‬‬
‫أو متعذرا فلن يُتّبَعـــــــــا)‬ ‫ــا‬‫ــا أو بعيدا وقعـ‬ ‫ــو قريبـ‬ ‫(وهـ‬ ‫)‬
‫أو مفهــم تشبـــيه مولنــا العلي)‬ ‫ـل‬‫ـى كالجمـ‬ ‫ـا اختفـ‬
‫(وذو اشتباه مـ‬ ‫(‪132‬‬
‫ـــاعدا خُـــذ)‬ ‫له احتمالن فصـ‬ ‫(فمنـــه مــا قيــل بأنـــه الذي‬ ‫)‬
‫كتسـع عشـر أمرهـم قـد أبــهما)‬ ‫(ومنــه أيضـا مـا يكون مبــهما‬ ‫(‪133‬‬
‫تأويله غيــــ الهيمــــن اعلم)‬ ‫(ومنــــه أنــــه الذي ل يَعلم‬ ‫)‬
‫وجعله أشياء ليــــس يمــــد)‬ ‫(فكـــل هذا أصـــله متّحـــد‬ ‫(‪134‬‬
‫وقيــل بالمثال مــع كــل خــب)‬ ‫(وقيـــل أحرف أوائل الســـور‬ ‫)‬
‫قــد كان ناســخا يســمى مكمــا)‬ ‫(وقيـل مـا قـد كان منسـوخا ومـا‬ ‫(‪135‬‬
‫ــر احتمال)‬ ‫ــي أظهـ‬ ‫ــ يبــ‬ ‫حتـ‬ ‫(وحكمـــه الوقوف فـــ الجال‬ ‫)‬
‫أو يلزمــــن تناقــــض القرآن)‬ ‫(والرد للمحكــم حكــم الثانــ‬ ‫(‪136‬‬
‫بـــه كذاك البعــث والســبان)‬ ‫(والوت حـــق يبـــ اليان‬ ‫)‬
‫والبعــث ردهــا إليــه للبــد)‬ ‫ـــد‬ ‫(فالوت أن تفارق الروح السـ‬ ‫(‪137‬‬
‫ـق)‬‫ـوى التخمي ـ للذي نطـ‬ ‫ـا سـ‬ ‫ومـ‬ ‫(والقول بالمسـاك فـ الروح أحـق‬ ‫)‬
‫وقبـــل رزقـــه الذي له يُحـــد)‬ ‫(ول يتـ قبـل انقضـا العمـر أحـد‬ ‫(‪138‬‬
‫أو شبــــــــهة وال كل قدرا)‬ ‫(كان حلل أو حرامـــــا حجرا‬ ‫)‬
‫إل وربنــــــــــا له مقدر)‬ ‫ـدر‬‫ـء يصـ‬ ‫ـس فـ العال شيـ‬ ‫(إذ ليـ‬ ‫(‪139‬‬
‫تواتــر الخبار معنــ فانتبـــه)‬ ‫ـه‬‫ـ جاء بــ‬ ‫ـب ماـ‬‫ـ عذاب القـ‬ ‫(ثـ‬ ‫)‬
‫تعذيــب ميــت لوجوه تتمــل)‬ ‫(واعتقدن صـــدقه ول تُحِـــل‬ ‫(‪140‬‬
‫خيا وشرا لياه مــــن فعــــل)‬ ‫(أمـا السـاب فهـو تييـز العمـل‬ ‫)‬
‫أو فاســـق ليكثـــر التندّمـــا)‬ ‫ـ ٌر ليعلمــا‬
‫(خُصــّ بـــه مقصـ ّ‬ ‫(‪141‬‬
‫بل حســـــــاب أو إل النيان)‬ ‫(ومــــا عداهاــــ إل النان‬ ‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪270‬‬


‫أم يلقان بعدمــا الفنــا اتضــح)‬ ‫(واللف هـل قـد خلقـا وهـو الصـح‬ ‫(‪142‬‬
‫أول بنــا إذ ل دليــل ثَمّــ دل)‬ ‫(والوقـف عـن تعيننـا ذاك الحـل‬ ‫)‬
‫ــح)‬ ‫ــا إن الوجود أرجـ‬ ‫ــ قولنـ‬ ‫فـ‬ ‫(وعدم التعييـــ ليـــس يقدح‬ ‫(‪143‬‬
‫والوض حــــــق فاترك الدال)‬ ‫(والكتــب صــحف حوت العمال‬ ‫)‬
‫مــن قــد وفــ بعهده الســئول)‬ ‫ــن أمـــة الرســـول‬ ‫(َي ِردُه مِـ‬ ‫(‪144‬‬
‫ــ)‬ ‫ــن الرحنـ‬ ‫ــاف مـ‬ ‫عدل وانصـ‬ ‫ــبان‬ ‫ــ السـ‬ ‫ــ اليزان فـ‬ ‫(وإناـ‬ ‫)‬
‫ــــــــه َكفّةً وأعمدا)‬ ‫يُأوّلُنــ‬ ‫(ل مثـــل قول ذي اللف إذ غدا‬ ‫(‪145‬‬
‫جســـر كمـــا بعضهـــم تأول)‬ ‫(وقوله‪ :‬الصــراط فهــو القــ ل‬ ‫)‬
‫مـــن الورى وليـــس للشقـــي)‬ ‫(شفاعـــة الرســـول للتقـــي‬ ‫(‪146‬‬
‫كفـــر نعيـــم إن تأول ظهـــر)‬ ‫(ومـن يقـل بغيـ ذا فقـد كفـر‬ ‫)‬
‫فذاك شرك أي أشـــر منــــزل)‬ ‫(وإن يكــن بغيــ مــا تأول‬ ‫(‪147‬‬
‫وســــنة الرســــول واللباب)‬ ‫(لنــــــــه مالف الكتاب‬ ‫)‬
‫ول شفيــع مــن لظــى الحيــم)‬ ‫(كليــس للظال مــن حيــم‬ ‫(‪148‬‬
‫فــ النار دائمــا بـــهذا نشهــد)‬ ‫(ومــن عصــى ول يتــب يلد‬ ‫)‬
‫مـا بــي ذي شرك ومـن قـد فسـقا)‬ ‫(وكافــر بنعمــة مــن فرّقــا‬ ‫(‪149‬‬
‫لدى منازل العذاب وفشـــــــا)‬ ‫(أعنــ لدى اللود والفرق نشــا‬ ‫)‬
‫وقــــت على النار بل تأجــــج)‬ ‫(كذاك مــن قال بأنـــه ييــ‬ ‫(‪150‬‬
‫فيهــا ســعيد وشقــي مبطــل)‬ ‫(وهكذا مــن قال كــل يدخــل‬ ‫)‬
‫أو أهلهـــا ففاســـق علنيـــة)‬ ‫(ومــن يقــل دار اللود فانيــة‬ ‫(‪151‬‬
‫ــزيل)‬ ‫ــ الرد على التنــ‬‫والشرك فـ‬ ‫(هذا إذا مـــا كان بالتأويـــل‬ ‫)‬
‫ول يزــ إغراقنــا فيــه النظــر)‬ ‫(وبالقضــا نؤمــن أيضــا والقدر‬ ‫(‪152‬‬
‫أفعالنـــا ُبعْدا له مـــن أحقـــ)‬ ‫(ومـــن يقـــل إلنـــا ل يلق‬ ‫)‬
‫ســـبحانـه الرب الليـــك الرازق)‬ ‫ـــء خالق‬ ‫(لقوله لكــــل شيـ‬ ‫(‪153‬‬
‫ــــا)‬ ‫ــــا حتمـ‬ ‫تعدد الله قطعـ‬ ‫(لو كان خالقــا ســواه لزمــا‬ ‫)‬
‫فســـاد هذا العال الذي بــــهر)‬ ‫(ولو تعدد الله لظهــــــــر‬ ‫(‪154‬‬
‫بــــه الثواب وبــــه العقاب)‬ ‫ـاب‬‫ـا اكتسـ‬‫ـا ف ـ فعلنـ‬ ‫ـن لنـ‬ ‫(لكـ‬ ‫)‬
‫ـــب)‬ ‫ـــس تكتسـ‬ ‫إل النبوات فليـ‬ ‫(مَن ْـ ثَمّ قـد نيـل بــه أعلى الرتـب‬ ‫(‪155‬‬
‫قـد جـب النسـان فيمـا قـد فعـل)‬ ‫(وفاســق مــن قال إن ال جــل‬ ‫)‬
‫له لكفــــر شاءه أو طاعــــه)‬ ‫(وأنـــه ل يعــل اســتطاعه‬ ‫(‪156‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪271‬‬


‫أمــر ونـــهي مــع وعــد جعل)‬ ‫(لنـــــــه لو كان هذا بطل‬ ‫)‬
‫وجاز تكليـــف الماد كالنبـــل)‬ ‫(وبطـل الوعيـد مـع بعـث الرسـل‬ ‫(‪157‬‬
‫ـه)‬‫ـبا حكمـ‬ ‫ـب جـ‬ ‫ـهن ل يوجـ‬ ‫بــ‬ ‫(وخلقـــه أفعالنـــا وعلمـــه‬ ‫)‬
‫لنــــه قـــد خيّرـــ العبادا)‬ ‫(كذاك كونـــــــها له مرادا‬ ‫(‪158‬‬
‫ــن فعله)‬ ‫ــه مـ‬ ‫ــن خالقـ‬‫لو ل يكـ‬ ‫(لو ل يكــــــن يعلم ذا لهله‬ ‫)‬
‫لكان مكرهــا على مــا صــنعا)‬ ‫ـــا‬ ‫ـــه ووقعـ‬ ‫(لو ل يرد وقوعـ‬ ‫(‪159‬‬
‫قــد انتفــى الجبار عــن رقابنــا)‬ ‫(لكــن لذا التخييــ واكتســابنا‬ ‫)‬
‫إذعاننـــا لاـــ دعـــا الحكام)‬ ‫(إياننــا التصــديق‪ ،‬والســلم‬ ‫(‪160‬‬
‫تصـــــــديق قول عمل إذا لزم)‬ ‫(ولمــا فــ الشرع معنــ ملتزم‬ ‫)‬
‫منـــها اســتحق هلكــة العانــد)‬ ‫(ومــن يكــن مضيعــا لواحــد‬ ‫(‪161‬‬
‫لكــن يزيــد هكذا قــد خصــصوا)‬ ‫(فـ وجهـه الشرعـي ليـس ينقـص‬ ‫)‬
‫جيعـــه وذا هـــو القول التـــ)‬ ‫(لنــه إن هُدِم البعـض انــهدم‬ ‫(‪162‬‬
‫وهكذا براءة اللذ فســــــــقا)‬ ‫(وَليــة الؤمــن فرض حققــا‬ ‫)‬
‫ثلثـــــة تأتـــــ على تام)‬ ‫ـام‬‫ـن على أقسـ‬ ‫ـن ذيـ‬ ‫ـل مـ‬ ‫(والكـ‬ ‫(‪163‬‬
‫بـــها كتاب أو رســول حققــا)‬ ‫ـا‬
‫ـد نطقـ‬ ‫ـي الت ـ قـ‬
‫ـة وهـ‬ ‫(حقيقـ‬ ‫)‬
‫ــــان)‬ ‫ــــا عقيدة النسـ‬ ‫ثالثهـ‬ ‫ـ‬‫ـو الثانـ‬ ‫ـر فهـ‬
‫ـم بالظاهـ‬ ‫(والكـ‬ ‫(‪164‬‬
‫بواحــد مــن أربــع تعتقــب)‬ ‫(براءة الظاهــر حكمــا تبــ‬ ‫)‬
‫ــى بشهرة)‬ ‫ــق أتـ‬‫ــ أو حـ‬ ‫عدليـ‬ ‫(عيان أو إقرار أو شهادة‬ ‫(‪165‬‬
‫وإناــــ الوجوب بالثلثــــة)‬ ‫(واســـتثن القرار لدى الوَليـــة‬ ‫)‬
‫مـــن واحـــد عدل بل عنايـــة)‬ ‫(واللف فــ رفيعــة الوَليــة‬ ‫(‪166‬‬
‫ــــ يعلم)‬ ‫ــــل ل لزوم ثـ‬ ‫وقيـ‬ ‫ـــه فألزم‬ ‫ـــن عنيتــ‬ ‫(وإن تكـ‬ ‫)‬
‫تفصــيل مــا جاءوا بـــه ليُعلَمــا)‬ ‫ـا‬‫(لكــن على العدول ليــس العلمـ‬ ‫(‪167‬‬
‫على الورى ســـريرة براءتــــه)‬ ‫(وفــ ول وجبــت وليتـــه‬ ‫)‬
‫بــــها جهارا للباءة اســـتحق)‬ ‫(إن وجبــت عليــك والذي نطــق‬ ‫(‪168‬‬
‫فهالك وهــــو حري بِســــه)‬ ‫(ومــن يبــح براءة مــن نفســه‬ ‫)‬
‫ــل اعلم)‬ ‫ــ على الكـ‬ ‫ــة لمـ‬ ‫وَليـ‬ ‫(وإن يكـــن مـــن الل ل تلزم‬ ‫(‪169‬‬
‫وَليــة والبعــض مــن ذا يتمــي)‬ ‫(فبعضهــم رخــص مــا ل تعلم‬ ‫)‬
‫ل بأس إن بكفره قــــــد جهرا)‬ ‫ـهرا‬‫ـه مشتــ‬ ‫ـن كفرانــ‬ ‫(وإن يكـ‬ ‫(‪170‬‬
‫بكفره إن ل يتــب عمــا فعــل)‬ ‫(ومتــ ٍب مــن ولّــ لك قــل‬ ‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪272‬‬


‫عذرا له إن ل تدــ عنـــه قــف)‬ ‫(وفـــ ول ترك الفرض اقتفـــي‬ ‫(‪171‬‬
‫ولتَْبرَ إن ل يرجِعَــن عمّاــ عمــل)‬ ‫(ثـ اسـتتبـه إن يكـن منـك قبـل‬ ‫)‬
‫حــق وللعباد كالقتــل انتبـــه)‬ ‫(وإن أتــى الول مــا ل بـــه‬ ‫(‪172‬‬
‫عنــه‪ ،‬وفـ الباءة منــه ضعـف)‬ ‫(توله والبعــض منـــه يقــف‬ ‫)‬
‫فــ أصــله وعارض اللــ يُرى)‬ ‫جرَا‬
‫(كذاك إن أتـــى بفعـــل حُ ِ‬ ‫(‪173‬‬
‫حقــا وباطل وإل حيــث حــل)‬ ‫ــل‬ ‫ــا كان فعله احتمـ‬
‫(هذا إذا مـ‬ ‫)‬
‫ـهما)‬‫ـد فانبــ‬ ‫ـر واحـ‬ ‫ـب كفـ‬ ‫يوجـ‬ ‫(وفــ ولييــ تالفــا باــ‬ ‫(‪174‬‬
‫وقوف رأي إن يكونــا فــ ضعــف)‬ ‫ــــف‬ ‫(تول بالرأي وإن شئت فقـ‬ ‫)‬
‫وَليـــة الحـــق فيمـــا نعلم)‬ ‫(وإن يكونــــا عاليــــ تلزم‬ ‫(‪175‬‬
‫وقيــــل مــــن ل يتوله عُذر)‬ ‫(وأوجبــ براءة مــن الصــر‬ ‫)‬
‫قالوا فذاك هالك كمثله)‬ ‫(ومــــن تول مدثــــا لفعله‬ ‫(‪176‬‬
‫إشكال أو شــــــك على ضلل)‬ ‫(وقوف ديـــن رأي أو ســـؤال‬ ‫)‬
‫ــه كيمـــا تقتدي)‬ ‫خيا وشرا منــ‬ ‫(فالديــن فــ كــل فتً ل تعهــد‬ ‫(‪177‬‬
‫ـهما)‬‫ـد أبــ‬ ‫ـه قـ‬‫ـك حكمـ‬ ‫أمرا عليـ‬ ‫(والرأي فـــ الول إن تســـنّما‬ ‫)‬
‫فهـو حليـف الرأي مـع مـن ألزموا)‬ ‫(وقيــل والســؤال مــع ذا يلزم‬ ‫(‪178‬‬
‫وقوف إشكال إذا ل يعلم)‬ ‫(وفــ ولييــ تلعنــا احكــم‬ ‫)‬
‫أن ل تول غيـــ مـــن يشـــك)‬ ‫(بطلن كــل منـــهما والشــك‬ ‫(‪179‬‬
‫ـا)‬
‫ـه غضبـ‬ ‫ـه والباري منــ‬‫ـد بــ‬‫حـ‬ ‫(والذنـب قسـمان كبــي وجبـا‬ ‫)‬
‫أو قبـح الرسـول مـن بــه سـقط)‬ ‫(فأوجـب اللعـن عليـه أو سـخط‬ ‫(‪180‬‬
‫ـب)‬ ‫ـل اللعـ‬ ‫ـص ومثـ‬ ‫ـف والرقـ‬ ‫إن خـ‬ ‫(وعكســه الصــغي مثــل الكذب‬ ‫)‬
‫أتـى الكبــي فـ الكتاب والسـنن)‬ ‫(ومــن أصــرّ لصــغي فكمــن‬ ‫(‪181‬‬
‫أبــــ إل ال ببغضــــه فدِن)‬ ‫(وراكــب الكبـــي َتوّبـــه فإن‬ ‫)‬
‫ثــ اســتمر إن عــن التوب أبــ)‬ ‫(وبعضهــــم ضلله وتوّبــــا‬ ‫(‪182‬‬
‫ــتكبا)‬ ‫ــ يُرى مسـ‬ ‫ــلمه حتـ‬ ‫إسـ‬ ‫ـغرا‬‫ـا صـ‬ ‫ـب ذنبـ‬ ‫ـم للراكـ‬
‫(والكـ‬ ‫)‬
‫إذا مضــى ول يتــب مــن العمــل)‬ ‫(واللف فـ الصـرار للصـغي هـل‬ ‫(‪183‬‬
‫ـــم بل خلف)‬ ‫ـــ عندهـ‬ ‫والثانـ‬ ‫(أو إن يكـــن أتاه باســـتخفاف‬ ‫)‬
‫فبعضهـــم فـــ حكمـــه رآه)‬ ‫ــــــ الول إن أتاه‬ ‫(واللف فـ‬ ‫(‪184‬‬
‫ال الوقوف قبــــل أن يتوبــــا)‬ ‫(ول يَُتوّبـــه وبعــض ذهبــا‬ ‫)‬
‫وبعــد ذا اســتتابـه مــن ذنبـــه)‬ ‫(وبعضهـم أحسـن ظنــه بــه‬ ‫(‪185‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪273‬‬


‫والقذف فــ الكــل حرام أســسوا)‬ ‫(وغيبــة الؤمــن والتجســس‬ ‫)‬
‫عبدا وإن صـــبـيا كفره زكـــن)‬ ‫(وقاذف الول إن حرا وإن‬ ‫(‪186‬‬
‫وبالغــــا كان فمثــــل الول)‬ ‫ــن ول‬ ‫ــن حرا ول يكـ‬ ‫(وإن يكـ‬ ‫)‬
‫ــي)‬ ‫ــ ومشركا أبــ‬ ‫ــ ولييـ‬‫غيـ‬ ‫ـ القذوف عبدا أو صـبـي‬ ‫(وإن يك ُ‬ ‫(‪187‬‬
‫تتويبـــه ماــ أتــى مــن فعــل)‬ ‫(فاللف فــ تكفيه مــن قبــل‬ ‫)‬
‫تكــم بكفــر قاذف مســتعجل)‬ ‫ـ يكــُ القذوف مهول فل‬ ‫(وإنـ ْ‬ ‫(‪188‬‬
‫كفران آتيـــــــه إذا ل يكذب)‬ ‫(والقذف عنــد مشرك ل يوجــب‬ ‫)‬
‫بكمــه مثــل صــبـي فاعرفــا)‬ ‫ـا‬
‫ـن مكلفـ‬ ‫ـن ل يكـ‬ ‫ـع مـ‬‫(كذاك مـ‬ ‫(‪189‬‬
‫أو يضــر الشهود فــ ذا معلنــا)‬ ‫(هذا إذا مــا القذف كان بالزنــا‬ ‫)‬
‫وبالنفاق الثانــ منـــهما وســم)‬ ‫(والكفــر قســمان جحود ونِعَـم‬ ‫(‪190‬‬
‫لرد تنــــزيل ومرســـَل ناـــ)‬ ‫(وامنعـه فـ الول حتمـا وهـو مـا‬ ‫)‬
‫واغتنمـن فـ الرب منــهم السـبد)‬ ‫(واحكـم برجـس أهله على البـد‬ ‫(‪191‬‬
‫ــ)‬ ‫ــا لمـ‬ ‫ــا منـ‬‫ــا توارثـ‬‫تناكحـ‬ ‫ـبِ ذراريهــم وحرم ذبهــم‬ ‫(واسـْ‬ ‫)‬
‫فــ الرب أو بزيــة هــم جاءوا)‬ ‫(وهكذا منـــهم لنــا ســواء‬ ‫(‪192‬‬
‫ـــــع النكاح دون حرب ُجوّزا)‬ ‫مـ‬ ‫ـل الكتاب ُجوّزا‬
‫ـن أهـ‬ ‫ـح مـ‬ ‫(والذبـ‬ ‫)‬
‫منــهم وفـ الجوس حكمهـم ثبـت)‬ ‫(ويرفــع الرب لزيــة أتــت‬ ‫(‪193‬‬
‫ـــا)‬ ‫ـــ الجوس فاعلمـ‬ ‫مرمان فـ‬ ‫(إل الذباح والنكاح فهمــــــا‬ ‫)‬
‫ليــس لمــ واق ســوى اليان)‬ ‫ــــن ذوي الوثان‬ ‫(والشركون مـ‬ ‫(‪194‬‬
‫وآخــذ بالشــك عــن يقينـــه)‬ ‫(كذاك حكـم راجـع عـن دينــه‬ ‫)‬
‫لنــ عصــى والثانــ نفــل نُدِبــا)‬ ‫(توبتنــا قســمان فرض وجبــا‬ ‫(‪195‬‬
‫والعزم والرجوع بانكســـــــار)‬ ‫(أركانـــها ندم مــع اســتغفار‬ ‫)‬
‫ومنتـــــهاها الطــــ للوزار)‬ ‫(وأصـــلها امتثال أمـــر الباري‬ ‫(‪196‬‬
‫ســرا وجهرا هكذا قــد بـــينا)‬ ‫(والتوب مثـل الذنـب؛ عـن نبــينا‬ ‫)‬
‫كذا الريــا توبتـــها أن تُفقــد)‬ ‫(فالعُجـب والكِـب معـا والسـد‬ ‫(‪197‬‬
‫فالقــ أنـــه مــن العصــيان)‬ ‫(وهكذا العزم على الكفران‬ ‫)‬
‫ـه)‬‫ـن قربــ‬ ‫ـا مـ‬‫حت ـ يرى الوت دنـ‬ ‫(ول يرد تائب مـــن ذنبــــه‬ ‫(‪198‬‬
‫أتــى عــن الختار فيمــا قــد ورد)‬ ‫(أو تطلع الشمـس مـن الغرب قـد‬ ‫)‬
‫توبتـــــــــه وهكذا الضلل)‬ ‫(فقاتــل الؤمــن عمدا تقبــل‬ ‫(‪199‬‬
‫ــــــــا فكذا)‬ ‫آل ليبطلن حقـ‬ ‫ـل وإذا‬ ‫ـن أضـ‬ ‫ـد موت مـ‬ ‫ـن بعـ‬ ‫(مـ‬ ‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪274‬‬


‫قول أبــي نبــهان أن ليـس اصـطفي)‬ ‫(وقيــل أن ل توبــة لمــ وفــ‬ ‫(‪200‬‬
‫أضله باــ دعــا ومَــن فتــ)‬ ‫ـ مَـن‬‫ـل أن يُبلغ َ‬
‫ـن على الضـ‬
‫(لكـ‬ ‫)‬
‫فهــــو حريــــٌ بتاب الول)‬ ‫(إن كان فـــــــ مقدرة وإل‬ ‫(‪201‬‬
‫كفارة وتوبـــة قـــد فرضـــا)‬ ‫(وتارك فرضـــا لوله مضـــى‬ ‫)‬
‫ـ ذا جعل)‬ ‫ـة فـ‬‫ـوى التوبـ‬‫ـء سـ‬‫شيـ‬ ‫(عليـــه مـــع إبداله وقيـــل ل‬ ‫(‪202‬‬
‫فــ حكــم مــن حرم للحرمات)‬ ‫(وذاك مثــل الصــوم والصــلة‬ ‫)‬
‫له ثوابــــها إذا الغفران حـــل)‬ ‫(وفـ الصـر إن أتـى الطاعـة هـل‬ ‫(‪203‬‬
‫مـن غيـ مـا شرك أتـى مصـحصا)‬ ‫(أو ل أو التفصــيل أول إن عصــى‬ ‫)‬
‫ـــس هذا يلزم)‬ ‫ـــتحل عكـ‬ ‫والسـ‬ ‫(وممـــل توبـــة مـــن يرّم‬ ‫(‪204‬‬
‫ل يزه التوب بل تغريــــــــ)‬ ‫(ومــن أتــى أمرا على التحريــ‬ ‫)‬
‫بعكســــه فــــ أعدل القوال)‬ ‫(وإن يكـــن أتاه باســـتحلل‬ ‫(‪205‬‬
‫عليـــه أن يرده لنـــ ســـلب)‬ ‫(وإن يكـن فـ يده مـا قـد كسـب‬ ‫)‬
‫ـتحل)‬ ‫ـد اسـ‬‫ـه قـ‬‫ـح أنــ‬ ‫حت ـ يصـ‬ ‫ــ فعــل‬ ‫ــه مرم حيـ‬ ‫(وحكمـ‬ ‫(‪206‬‬
‫مـن نيـل ضـر مـن بــه القول يصـ)‬ ‫(أجـــز تقيـــة بقول إن خلص‬ ‫)‬
‫واللف فـــ اتلف مال ضمنـــا)‬ ‫(وامنعهـا فـ اتلف نفـس إن جنـ‬ ‫(‪207‬‬
‫كالرق والغرق ومثـــل القتـــل)‬ ‫(ول تزـــ تقيـــة بالفعـــل‬ ‫)‬
‫كالكــل للميتتــة والدم اشتـــهر)‬ ‫(لكــن جواز مــا أبـــيح للضرر‬ ‫(‪208‬‬
‫عليــه فــ أن ل يدــ نســتحب)‬ ‫(ومكره جاء باــ الدــ يبــ‬ ‫)‬
‫ألزمــه الظاهــر حكمــا يســلمن)‬ ‫ـن‬ ‫ـأ ومـ‬
‫ـع الث ـ لدى الطـ‬ ‫(ورفـ‬ ‫(‪209‬‬
‫زوجتـــه خطــأ ومثــل العتــق)‬ ‫(كالقاتـــل النفـــس وكالطلّق‬ ‫)‬
‫وهكذا وســـــــوسة الشيطان)‬ ‫(ورفـــض الوزر لدى النســـيان‬ ‫(‪210‬‬
‫إذ ل تكـن أشـد مـن رؤيـا البصـر)‬ ‫(مــن بعــد أن جاهده باــ قدر‬ ‫)‬
‫ـول)‬‫ـء فـ الصـ‬ ‫ـم شيـ‬ ‫ـة أهـ‬
‫حاويـ‬ ‫(تتـــ بمـــد ال أنوار العقول‬ ‫(‪)211‬‬
‫ــــة الكمال)‬ ‫ــــالكة طريقـ‬ ‫سـ‬ ‫(عاريــة مــن وصــمة الخلل‬ ‫(‪212‬‬
‫تصــونـه مــن كــل قول كاذب)‬ ‫(أهديتـــها صــرفا لكــل طالب‬ ‫)‬
‫ـن شرف)‬ ‫ـه مـ‬
‫ـد رمتــ‬ ‫ـا قـ‬
‫أت ـ مـ‬ ‫(وأحدــ ال على التيســي فــ‬ ‫(‪213‬‬
‫ــ مل)‬ ‫ــن خيـ‬ ‫ــد البعوث مـ‬‫ممـ‬ ‫(ثــ الصــلة مــع تســليم على‬ ‫)‬
‫منــــهاجهم على التمام والوفـــا)‬ ‫(وآله وصــحبـه ومــن قفــا‬ ‫(‪214‬‬
‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪275‬‬


‫(‪215‬‬
‫)‬
‫(‪216‬‬
‫)‬
‫(‪217‬‬
‫)‬
‫(‪218‬‬
‫)‬
‫(‪219‬‬
‫)‬
‫(‪220‬‬
‫)‬
‫(‪221‬‬
‫)‬
‫(‪222‬‬
‫)‬
‫(‪223‬‬
‫)‬
‫(‪224‬‬
‫)‬
‫(‪225‬‬
‫)‬
‫(‪226‬‬
‫)‬
‫(‪227‬‬
‫)‬
‫(‪228‬‬
‫)‬
‫(‪229‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪276‬‬


‫)‬
‫(‪230‬‬
‫)‬
‫(‪231‬‬
‫)‬
‫(‪232‬‬
‫)‬
‫(‪233‬‬
‫)‬
‫(‪234‬‬
‫)‬
‫(‪235‬‬
‫)‬
‫(‪236‬‬
‫)‬
‫(‪237‬‬
‫)‬
‫(‪238‬‬
‫)‬
‫(‪239‬‬
‫)‬
‫(‪240‬‬
‫)‬
‫(‪241‬‬
‫)‬
‫(‪242‬‬
‫)‬
‫(‪243‬‬
‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪277‬‬


‫(‪244‬‬
‫)‬
‫(‪245‬‬
‫)‬
‫(‪246‬‬
‫)‬
‫(‪247‬‬
‫)‬
‫(‪248‬‬
‫)‬
‫(‪249‬‬
‫)‬
‫(‪250‬‬
‫)‬
‫(‪251‬‬
‫)‬
‫(‪252‬‬
‫)‬
‫(‪253‬‬
‫)‬
‫(‪254‬‬
‫)‬
‫(‪255‬‬
‫)‬
‫(‪256‬‬
‫)‬
‫(‪257‬‬
‫)‬
‫(‪258‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪278‬‬


‫)‬
‫(‪259‬‬
‫)‬
‫(‪260‬‬
‫)‬
‫(‪261‬‬
‫)‬
‫(‪262‬‬
‫)‬
‫(‪263‬‬
‫)‬
‫(‪264‬‬
‫)‬
‫(‪265‬‬
‫)‬
‫(‪266‬‬
‫)‬
‫(‪267‬‬
‫)‬
‫(‪268‬‬
‫)‬
‫(‪269‬‬
‫)‬
‫(‪270‬‬
‫)‬
‫(‪271‬‬
‫)‬
‫(‪272‬‬
‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪279‬‬


‫(‪273‬‬
‫)‬
‫(‪274‬‬
‫)‬
‫(‪275‬‬
‫)‬
‫(‪276‬‬
‫)‬
‫(‪277‬‬
‫)‬
‫(‪278‬‬
‫)‬
‫(‪279‬‬
‫)‬
‫(‪280‬‬
‫)‬
‫(‪281‬‬
‫)‬
‫(‪282‬‬
‫)‬
‫(‪283‬‬
‫)‬
‫(‪284‬‬
‫)‬
‫(‪285‬‬
‫)‬
‫(‪286‬‬
‫)‬
‫(‪287‬‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪280‬‬


‫)‬
‫(‪288‬‬
‫)‬
‫(‪289‬‬
‫)‬
‫(‪290‬‬
‫)‬
‫(‪291‬‬
‫)‬
‫(‪292‬‬
‫)‬
‫(‪293‬‬
‫)‬
‫(‪294‬‬
‫)‬
‫(‪295‬‬
‫)‬
‫(‪296‬‬
‫)‬
‫(‪297‬‬
‫)‬
‫(‪298‬‬
‫)‬
‫(‪299‬‬
‫)‬
‫(‪300‬‬
‫)‬
‫(‪301‬‬
‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪281‬‬


‫(‪302‬‬
‫)‬
‫(‪303‬‬
‫)‬
‫(‪304‬‬
‫)‬
‫(‪305‬‬
‫)‬
‫(‪306‬‬
‫)‬
‫(‪307‬‬
‫)‬
‫(‪308‬‬
‫)‬
‫(‪309‬‬
‫)‬
‫(‪310‬‬
‫)‬
‫(‪)311‬‬
‫(‪312‬‬
‫)‬
‫(‪313‬‬
‫)‬
‫(‪314‬‬
‫)‬
‫(‪315‬‬
‫)‬
‫(‪316‬‬
‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪282‬‬


‫(‪317‬‬
‫)‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪283‬‬


‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الـمـــوضـــــوع‬
‫مقدمة التحقيق‬
‫فصل ف التعريف بالؤلف‪:‬‬
‫اسه ونسبـه‬
‫مولده ونشأتـه‬
‫أوصافه‬
‫شيوخه‬
‫تلميذه‬
‫مصنفاتـه‬
‫وفاتـه‬
‫فصل فيما يتعلق بالكتاب‪:‬‬
‫نسبتـه وأهيتـه‬
‫مطوطاتـه‬
‫منـهج التحقيق‬
‫صور من مطوطت الكتاب‬
‫نص الكتاب‬
‫مقدمة الكتاب‬
‫الركن الول‪ :‬العلم وما يشتمل عليه‪:‬‬
‫الباب الول‪ :‬ف أقسام العلم وأحكامه‪.‬‬
‫الباب الثان‪ :‬ف السؤال‪.‬‬
‫(فصل) ف اللفاظ المتنع بـها السؤال عن الول جل وعل‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬ف الجتـهاد والفتوى‪.‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬ف أقسام الهل وفيما يسع جهله وما ل يسع‪.‬‬
‫الركن الثان‪ :‬ف الملة وتفسيها‪:‬‬
‫الباب الول‪ :‬ف لزوم الملة وكيفية قيام الجة بـها‪.‬‬
‫الباب الثان‪ :‬ف التوحيد‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪284‬‬


‫الفصل الول‪ :‬ف نفي الضداد والنداد عن ال تعال‪.‬‬
‫الفصل الثان‪ :‬ف الباهي‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬ف الصفات‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬ف الرؤية‪.‬‬
‫الاتة‪ :‬ف تفسي ألفاظ تعلقت بـها الشبـهة‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬ف النبـياء والرسل واللئكة والكتب‬
‫(فصل) ف الحكم والتشابـهه‪.‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬ف الوعد والوعيد‬
‫الفصل الول‪ :‬ف الوت والبعث والساب‪.‬‬
‫الفصل الثان‪ :‬ف اليزان والصراط‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬ف الشفاعة‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬ف خلود أهل النة والنار‪.‬‬
‫الباب الامس‪ :‬ف القضاء والقدر‪.‬‬
‫الباب السادس‪ :‬ف اليان والسلم‪.‬‬
‫الركن الثالث‪ :‬ف الولية والباءة وما يشتمل عليهما‪.‬‬
‫الباب الول‪ :‬ف وجوب الولية والباءة‪.‬‬
‫الباب الثان‪ :‬ف الولية والباءة بكم الظاهر‪.‬‬
‫(فصل) ف أحوال الول‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬ف الوقوف وأقسامه وأحكامه‪.‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬ف أقسام الذنوب‪ ،‬ومعرفة الصغائر والكبائر‪.‬‬
‫الباب الامس‪ :‬ف الغيبة والتجسس وأحكام القاذف‪.‬‬
‫الباب السادس‪ :‬ف انقسام الكبائر إل كفر نعمة وجحود‪.‬‬
‫الركن الرابع ‪ :‬ف التوبة ‪:‬‬
‫الباب الول‪ :‬ف التوبة وأركانـها وشروطها‪.‬‬
‫الباب الثان‪ :‬ف أحوال التائب‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬ف توبة الحرّم والستحل‪.‬‬
‫الباب الرابع‪ :‬ف المور الت ل تلزم منـها توبة‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪285‬‬


‫الفصل الول‪ :‬ف التقيّة‪.‬‬
‫الفصل الثان‪ :‬ف الطأ‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬ف النسيان وحديث النفس‪.‬‬
‫خاتــــة الكتاب‬
‫الفهارس‪:‬‬
‫(‪ :)1‬فهرس اليات‬
‫(‪ )2‬فهرس الحاديث‬
‫(‪ )3‬فهرس العلم‬
‫نص منظومة أنوار العقول‬
‫فهرس الوضوعات‬

‫بـهجة النوار‬ ‫‪286‬‬


‫‪‬‬
‫بـهجة النوار‬ ‫‪287‬‬

You might also like