You are on page 1of 217

‫ﻟﻣﺯﻳﺩ ﻣﻥ ﺍﻟﻛﺗﺏ ﻭﺍﻷﺑﺣﺎﺙ ﺯﻭﺭﻭﺍ ﻣﻭﻗﻌﻧﺎ ﻣﻛﺗﺑﺔ ﻓﻠﺳﻁﻳﻥ ﻟﻠﻛﺗﺏ ﺍﻟﻣﺻﻭﺭﺓ‬

‫‪https://palstinebooks.blogspot.com‬‬
‫مدخل إىل علم املكتبات‬
‫‪1‬‬
‫الطبعة الثانية‬
‫‪1122‬م‪2341-‬هـ‬

‫اململكة األردنية اهلامشية‬


‫رقم اإليداع لدى دائرة املكتبة الوطنية‬
‫(‪)1116/1/111‬‬

‫‪020‬‬
‫عبد اجلابر‪ ،‬سعود عبد اجلابر وآخرون‬
‫مدخل إىل علم املكتبات‪ /‬سعود عبد اجلابر وآخرون‪_.‬‬

‫عمان‪ :‬دار املأمون‪.1121 ،‬‬


‫(‪ )126‬ص‬
‫ر‪.‬أ‪.)1116/1/111( :‬‬
‫الواصفات‪/ :‬علم املكتبات ‪//‬املكتبات‪/‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬

‫مجيع احلقوق حمفوظة‪ .‬ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه "أو‬
‫ختزينه يف نطاق استعادة املعلومات أو نقله بأي شكل من األشكال‪ ،‬دون إذن‬
‫خطي مسبق‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫مدخل إىل علم املكتبات‬

‫تأليف‬

‫د‪ .‬إبراهيم صببي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬سعود عبد اجلابر‬


‫د‪ .‬مأمون فريز جرار‬ ‫د‪ .‬أمحببد محبباد‬

‫‪3‬‬
4
‫مقدمة‬

‫احلمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل وآله وصحبه ومن تبعهم خبري‪ .‬إن‬
‫الوعي املكتيب والوعي الثقايف من الظواهر البارزة يف عصرنا؛ فلم يعد من صفات‬
‫املتعلم التخلص من أمية احلرف وحدها بال ال بد له ملن التخلص من أمية الفكر أو‬
‫أمية املعرفة‪.‬‬

‫وإن من متطلبات الوعي الثقايف أن حييط املتعلم باملعامل األساسية يف تاريخ‬


‫املكتبة العربية‪ ،‬وأن يقف على أهم املصادر يف خمتلف جماالت الثقافة العربية‬
‫اإلسالمية ليكون عوناً له يف اكتساب املزيد من املعلومات ومعرفة الطريق إليها عند‬
‫احلاجة‪ .‬وهذا ما سعينا إىل حتقيقه يف القسم األول من كتابنا‪ ،‬من خالل متهيد عن‬
‫نشأة التأليف ومناهجه يف املكتبة العربية وأربعة فصول تناولت مصادر اللغة ثم‬
‫مصادر الدراسات األدبية‪ ،‬ثم املصادر الدينية ثم املصادر التارخيية واجلغرافية‪.‬‬

‫وسعينا إىل تكوين وعي مكتيب‪ ،‬وتقديم ثقافة مكتبية للقارئ يف القسم الثاني‬
‫من الكتاب‪ ،‬وذلك بتقديم حملة عن تاريخ املكتبات يف العصور القدمية‪ ،‬واحلضارة‬
‫اإلسالمية‪ .‬وجاء هذا يف الباب األول من القسم الثاني‪ ،‬ثم حتدثنا يف الباب الثاني‬
‫عن املكتبات يف العصر احلديث وعدد من اخلدمات املكتبية‪ ،‬وهي‪ :‬مصادر‬
‫املعلومات اليت توفرها املكتبة‪ ،‬ثم الفهرسة والتصنيف واإلعارة‪ .‬وقد متت معاجلة‬
‫كل حمور من هذه احملاور يف فصل خاص‪.‬‬

‫إن علينا أن نشري إىل أنه مل يكن من هدف هذا الكتاب اإلحاطة والشمول بل‬
‫احلديث عن األصول مع التمثيل‪ ،‬ووراء ذلك ملن يريد كتب فصلت وأحاطت‪،‬‬
‫وأرخت لألدب العربي وللرتاث اإلسالمي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وإذا كان هذا الكتاب خيدم مادتي‪ :‬مدخل إىل علم املكتبات‪ ،‬واملكتبة العربية‬
‫فإنه يصلح كتاباً تثقيفياً لعامة القراء يطالعون فيه ما ميتعهم ويفيدهم‪ .‬وذلك ما‬
‫نرجو أن حيققه كتابنا‪.‬‬

‫املؤلفون‬

‫‪6‬‬
‫حمتويات الكتاب‬
‫املكتبة العربية والثقافة املكتبية‬
‫مقدمة ‪5 .....................................................................‬‬

‫القسم األول‪ :‬املكتبة العربية‬


‫متهيد‪ :‬نشأة التأليف ومناهجه يف املكتبة العربية‪/‬د‪ .‬أمحد محاد ‪21 .............‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مصادر اللغة‪ /‬د‪ .‬أمحد محاد ‪14 .................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مصادر الدراسات األدبية‪/‬د‪ .‬سعود عبد اجلابر ‪44 ..........‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬مصادر املختارات الشعرية ‪35 ................................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬مصادر تراجم األدباء والشعراء ‪54 ............................‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬املصادر الدينية‪/‬د‪ .‬أمحد محاد‪/‬د‪ .‬مأمون فريز جرار ‪64 .....‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬املصادر التارخيية واجلغرافية‪/‬د‪ .‬مأمون فريز جرار‪97 ......‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬الثقافة املكتبية‬


‫الباب األول‪ :‬تاريخ املكتبات ‪211 .............................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬املكتبات يف العصور القدمية‪-‬د‪ .‬سعود عبد اجلابر ‪212 ...........‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬املكتبات يف احلضارة اإلسالمية‪ -‬د‪ .‬سعود عبد اجلابر‪217 ....‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬املكتبات يف العصر احلديث واخلدمات املكتبية ‪219 ...............‬‬
‫الفصل األول‪ :‬املكتبات يف العصر احلديث – د‪ .‬مأمون فريز جرار ‪211 .........‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مصادر املعلومات يف املكتبة‪ -‬د‪ .‬مأمون فريز جرار‪255 .......‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الفهرسة‪ -‬د‪ .‬إبراهيم صبيح ‪294 ..............................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التصنيف‪ -‬د‪ .‬إبراهيم صبيح ‪217 ...............................‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬اإلعارة‪ -‬د‪ .‬مأمون فريز جرار‪122 ..........................‬‬

‫‪7‬‬
8
‫القسم األول‬

‫املكتبة العربية‬
‫نشأة التأليف ومناهجه يف املكتبة العربية‬ ‫متهيد‪:‬‬
‫د‪ .‬أمحد محاد‬
‫مصادر اللغة‬ ‫الفصل األول‪:‬‬
‫د‪ .‬أمحد محاد‬
‫مصادر الدراسات األدبية‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫د‪ .‬سعود عبد اجلابر‬
‫املصادر الدينية‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬
‫د‪ .‬أمحد محاد ‪ -‬د‪ .‬مأمون فريز جرار‬
‫املصادر التارخيية واغجغرافية‬ ‫الفصل الرابع‪:‬‬
‫د‪ .‬مأمون فريز جرار‬

‫‪9‬‬
‫متهيد‬
‫نشأة التأليف ومناهجه يف املكتبة العربية‬
‫د‪ .‬أمحد محاد‬

‫‪10‬‬
‫نشأة التأليف عند العرب‬
‫إن أول آيات نزلت يف القرآن الكـريم كانـت (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ))‪ .(2‬كانــت‬
‫هذه أول آيات من سورة العلق نزلت على الرسول الكـريم‪ ،‬وهـي حتـث اإلنسـان‬
‫على القراءة‪ ،‬والقراءة مفتاح التعلم‪ ،‬وفيها تبيان أهميـة القلـم ألنـه وسـيلة حلفـ‬
‫العلم ونقله من جيل إىل جيل‪ ،‬والكتابـة كمـا تعلـم أهـم وسـائل املعرفـة‪ ،‬ولـوال‬
‫الكتابة ملا وصلنا األدب اجلاهلي‪ ،‬وملا وصلنا القرآن الكريم والسنة النبويـة‪ ،‬ولـوال‬
‫الكتابة ملا تعرفنا على حضارات األمم السابقة‪ ،‬فالقلم هو الوسيلة الوحيـدة حلفـ‬
‫املعرفة ونقلها مع تعدد الوسائل واملخرتعات احلديثة‪.‬‬
‫وقد حرص اإلسالم على العلم والدعوة له‪ ،‬فهناك الكثري من اآليات الكرمية‬
‫واألحاديث النبوية حتث على طلب العلم واملعرفة‪ ،‬وكلنا يعرف أن الرسول ‪‬‬
‫افتدى أسرى بدر بأن يعلم كل أسري يتقن العلم واملعرفة عشرة من املسلمني‪.‬‬
‫ولست بصدد إحصاء وعرض آيات العلم والتعلم ولست بصدد حصر وإحصاء‬
‫األحاديث النبوية اليت تدعو إىل طلب العلم واملعرفة واحلث على طلبها‪ .‬وإمنا كان‬
‫هديف توضيح مقام العلم والعلماء يف اإلسالم‪ .‬وكما دعا اإلسالم إىل طلب العلم‬
‫دعا كذلك إىل تبليغه ونشره‪.‬‬
‫وكلنا يعلم متاماً جمالس العلم والعلماء منذ عهد الرسول ‪ ‬ومن بعده عصر‬
‫اخللفاء ومن بعده يف دولة اإلسالم من دولة بين أمية إىل دولة بين العباس إىل يومنا‬
‫هذا‪.‬‬
‫كان ال بد من هذه املقدمة السريعة للدخول يف مراحل تدوين العلم‪.‬‬

‫(‪ )2‬سورة العلق (‪.)5 -2‬‬


‫‪11‬‬
‫تدوين العلم‪:‬‬
‫إن اإلنسان يعرب عن أفكاره وأحاسيسه وخواطره باأللفاظ سواء أكانت مفردة‬
‫أم مجلة‪ ،‬واللغة هي الوسيلة الوحيدة لنقل املعرفة بل هي وسيلة اخلطاب ونشر‬
‫العلم واملعرفة‪ .‬والبد للحفاظ على هذا الفكر واستمراره من تدوينه وكتابته ليحف‬
‫وينقل إىل اآلخرين‪ ،‬وكلنا يعلم أن العرب كانت تعتمد على النقل باملشافهة‪ ،‬إال أن‬
‫هذه الطريقة انتهت بظهور نفر من املسلمني يعرفون القراءة والكتابة‪ ،‬وأذكر هنا‬
‫بكتبة الوحي الذين لوالهم ملا حف القرآن الكريم‪ ،‬فهم الذين كتبوا القرآن بأمر‬
‫من الرسول األعظم ‪ ‬إلداركه بأن الكتابة هي مصدر املعرفة وهي أقدر الوسائل‬
‫على حف ونقل هذا الكتاب املقدس إىل أن يرث اهلل األرض ومن عليها‪.‬‬
‫من هنا نتلمس اخلطوة األوىل للكتابة منذ عهد الرسول الكريم‪ ،‬وإن كانت‬
‫الكتابة موجودة كما تقول املصادر يف اجلاهلية حيث كتَب العرب يف اجلاهلية‬
‫املعلقات ويريها اما وصلنا من الرتاث العربي يف اجلاهلية‪ .‬وملا كان هلا الفضل‬
‫تراث األمم وحضارتها فال بد من ذكر املراحل اليت مرت بها‬ ‫األكرب يف حف‬
‫الكتابة ملعرفة تدرجها من حالتها البدائية إىل الصورة اليت وصلت إليها يف هذه‬
‫األيام‪.‬‬
‫الكتابة عند العرب قبل اإلسالم‪:‬‬
‫قال ابن خلدون‪« :‬اخلط والكتابة من عداد الصنائع اإلنسانية‪ ،‬وهو رسوم‬
‫وأشكال حرفية تدل على الكلمات املسموعة الدالة على ما يف النفس فهو ثاني‬
‫رتبة من الداللة اللغوية»)‪.(2‬‬
‫تدل الدراسات على أن العرب كانوا يعرفون الكتابة قبل اإلسالم فكانوا‬
‫يكتبون أهم أحداثهم على احلجارة‪ ،‬وقد أثبتت األاحاث األثرية وجود الكتابة‬
‫العربية قبل اإلسالم‪ ،‬وتعود هذه الكتابة إىل القرن الثالث امليالدي) ‪ .( 1‬وتذكُر‬

‫(‪ )2‬مقدمة ابن خلدون ص ‪.329‬‬


‫(‪ )1‬انظر حملات يف املكتبة والبحث واملصادر – د‪ .‬حممد عجاج اخلطيب ص ‪.17‬‬
‫‪12‬‬
‫الدراسات أن أكثر اآلثار اليت حتمل كتابات العرب كانت يف األطراف الشمالية‬
‫للجزيرة العربية)‪ ،(2‬حيث كان االتصال وثيقاً باحلضارة الفارسة والرومية‪ .‬اما يذكر‬
‫أن عدي بن زيد العبادي املتوفى (سنة ‪45‬ق ‪.‬هـ) حني كرب أرسله أبوه إىل الكتّاب‬
‫ليتعلم العربية‪ ،‬ثم دخل ديوان كسرى‪ ،‬وهو أول من كتب بالعربية يف ديوان‬
‫كسرى)‪ ،(1‬وهذا يدل على وجود بعض الكتاتيب يف اجلاهلية يتعلم فيها الصبية‬
‫الكتابة والشعر وأيام العرب‪ ،‬وكان يشرف عليهم معلمون أمثال أبي سفيان‪ ،‬صخر‬
‫ابن حرب بن أمية بن عبد مشس‪ ،‬وبشر عبد امللك السكوني‪ ،‬وأبي قيس بن مناف‬
‫ويريهم)‪.(4‬‬
‫وكان عدد من اليهود قد تعلّم كتابة العربية‪ ،‬وكانوا يعلمون الصبيان باملدينة‪،‬‬
‫فجاء اإلسالم ويف األوس واخلزرج عدد من الصبية يكتبون‪.‬‬
‫وكلنا يعلم أن الدراسات ذكرت لنا بعض النقوش القدمية مثل نقش النمارة‬
‫ونقش قرب امرئ القيس‪.‬‬
‫الكتابة يف العصر النبوي وصدر اإلسالم‪:‬‬
‫كما ذكرت آنفاً أن الكتابة قد انتشرت يف عهد النيب ‪ ‬على نطاق واسع اما‬
‫كانت عليه يف اجلاهلية‪ ،‬فقد حث القرآن الكريم على العلم‪ ،‬وحث الرسول األمني‬
‫عليه أيضاً‪ .‬وكان كتّاب الوحي هم أول كتبة يف اإلسالم‪ ،‬وتالهم بعد ذلك كتّاب‬
‫أمور الدولة من مراسالت وعهود ومواثيق‪ ،‬ولقد كثر الكتّاب بعد اإلسالم من‬
‫أجل سد حاجة الدولة اإلسالمية‪ ،‬وقد بلغ كتّاب الوحي أربعني كاتباً‪ ،‬من أشهرهم‬
‫اخللفاء األربعة‪ ،‬ومعاوية‪ ،‬وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص بن أمية‪ ،‬وأُبي ابن‬
‫كعب‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وثابت بن قيس‪ ،‬وأرقم بن أبي األرقم‪ ،‬وشرحبيل بن‬

‫(‪ )2‬انظر مصادر الشعر اجلاهلي – د‪ .‬ناصر الدين األسد‪ .‬ص ‪.44- 13‬‬
‫(‪ )1‬انظر األياني جـ ‪ 1‬ص ‪.211 -212‬‬
‫(‪ )4‬انظر حملات يف املكتبة ص ‪.41‬‬
‫‪13‬‬
‫حسنة‪ ،‬وعبداهلل بن رواحة‪ ،‬وعمرو بن العاص‪ ،‬وحنظلة بن الربيع‪ ،‬وعبداهلل بن‬
‫األرقم الزهري‪ ،‬ويريهم )‪.(2‬‬
‫وكان هناك كتّاب للصدقة‪ ،‬وكتّاب للمداينات واملعامالت‪ ،‬وكتّاب للرسائل‬
‫يكتبون باللغات املختلفة يف ذلك العصر‪ .‬وقد ازداد عدد الكتّاب بعد اهلجرة وبعد‬
‫أن استقرت الدولة اإلسالمية‪ ،‬وأرست قواعدها القوية يف املدينة‪.‬‬
‫فكانت املساجد املدرسة اليت يتعلّم فيها املسلمون القرآن الكريم وتعاليم‬
‫الدين والقراءة والكتابة‪ .‬ثم اتسعت رقعة الدولة اإلسالمية يف عهد اخللفاء وانتشر‬
‫العلم وانتشرت الكتابة وبدأ عهد الدواوين يف عهد عمر ويف عهد الدولة األموية‬
‫والعباسية‪ ،‬وما كاد القرن اهلجري الثالث ينتهي حتى كثرت املؤلفات يف خمتلف‬
‫العلوم‪ .‬قال ابن خلدون‪« :‬وطما احر العمران واحلضارة يف الدولة اإلسالمية يف كل‬
‫قطر وعظم امللك ونفقت أسواق العلوم انتسخت الكتب وأجيد كتابتها وجتليدها‪،‬‬
‫وملئت بها القصور واخلزائن‪.(1)»...‬‬
‫ومل يقتصر مؤلفو هذه الكتب على التقسيم العام للكتاب إىل أبواب – أو ما‬
‫يقابلها يف التقسيم‪ -‬بل نرى أن األبواب نفسها تقسم إىل فصول حسب تشعب مادة‬
‫كل باب اما يشري إىل اتضاح فكرة التقسيم الداخلي عند هؤالء املؤلفني‪ .‬هذا زيادة‬
‫على أن هذه الكتب تستقل مبوضوع أدبي معني يقل فيه االستطراد إىل موضوعات‬
‫أخرى من إخبارية ويريها اما ميثل اتضاح الفوارق املوضوعية لدى مؤلفيها‪.‬‬
‫وتتضح فكرة التقسيم الداخلي للموضوعات أيضاً يف كتب األدب يف هذا‬
‫القرن)‪ .(4‬ومنها كتاب (العقد الفريد) البن (عبد ربه)‪ ،‬إذ رتب ابن عبد ربه املواد‬
‫داخل كل باب من أبواب الكتاب حيث جند التوزيع الداخلي للمواد يتسلسل‬
‫تسلسالً منطقياً‪ .‬وميثل هذا النهج تطوراً مهماً يف التأليف‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر حملات يف املكتبة والبحث ص ‪ 42‬د‪ .‬حممد عجاج اخلطيب‬


‫(‪ )1‬ابن خلدون املقدمة ص ‪.31‬‬
‫(‪ )4‬منهح البحث األدبي عند العرب ص ‪.11‬‬
‫‪14‬‬
‫وقد تطور منهج التأليف عند العرب وخاصة يف أواخر القرن الرابع حيث‬
‫ظهرت معاجم تتبع التسلسل اهلجائي يف ترتيب املعجم مثل الصحاح للجوهري‬
‫والقاموس احمليط للفريوزبادي ومن تبعهم من أصحاب املعاجم‪ .‬وقد ظهرت يف‬
‫القرن الرابع مؤلفات تعاجل القضايا العلمية مثل (مفاتيح العلوم) (للخوارزمي)‬
‫(‪419‬هـ) وكتاب (الفهرست) (البن النديم) (‪415‬هـ)‪ ،‬وظهور هذا الكتاب يدل‬
‫على مرحلة مهمة يف التأليف املنهجي‪ ،‬إذ أنه كتاب إلرشاد املؤلفني إىل الكتب‬
‫املؤلفة يف كل علم‪ ،‬فهو يشبه كتب الفهرسة العلمية احلديثة يف فهرسة الكتب‬
‫املختلفة إلعانة الباحثني على العثور على مصادر دراستهم)‪.(2‬‬
‫ولعل ما تقدم يبني بوضوح استقرار قواعد التأليف املنهجي عند العرب‪ ،‬ولذا‬
‫جند العصور التالية قد سارت على نفس املنهج‪.‬‬
‫ونالح تطوراً جديداً يف منهج التأليف عند العرب يف احلقب املتأخرة بدءاً‬
‫من القرن الثامن وما تاله من قرون‪ ،‬ويتمثل هذا التطور يف ختصيص فصول وكتب‬
‫تتناول طريقة التأليف وتبيانها‪ .‬وجند ذلك يف كتاب (أحكام صنعة الكالم) (حملمد‬
‫ابن عبد الغفور الكالّعي)‪ ،‬وهذا الكتاب يف صنعة الكتابة عموماً‪ .‬وقد احتوى‬
‫الباب الثاني منه على فصل مساه املؤلف (فصل التأليف))‪.(1‬‬
‫ونذكر كتاب (تذكرة السامع واملتكلم يف أدب العامل واملتعلم) (لبدر الدين ابن‬
‫مجاعة) (‪944‬هـ) حتدث املؤلف يف الباب األول عن فضل العلم والعلماء وفضل‬
‫تعليم العلم وتعلمه‪ ،‬ويف الباب الثاني ذكر فيه مجلة من الصفات الواجب وجودها‬
‫يف العامل‪.‬‬
‫منها وجوب اشتغاله بالتصنيف والتأليف‪ ،‬إضافة إىل حرصه على اجلد‬
‫واالجتهاد والتواضع‪.‬‬

‫(‪ )2‬املرجع السابق ص ‪.12‬‬


‫(‪ )1‬املرجع السابق ص ‪.16‬‬
‫‪15‬‬
‫ويف الباب الرابع حتدث عن مجع املصادر والتعرف عليه‪ ،‬وذكر أموراً هامة‬
‫منها النقل عن املصادر‪ ،‬وتنظيم األسطر واهلوامش واستعمال عالمات الرتقيم‬
‫والرموز‪ ،‬ويريها من األمور اليت تتعلق بالكتابة‪.‬‬
‫وبعد فإننا نرى اما تقدم أن حركة التأليف عند العرب كانت حركة منظمة‬
‫بدأت بسيطة ثم تطورت إىل درجة النضج‪ ،‬ثم حتولت يف القرن الثامن وما تاله إىل‬
‫حركة علمية متكاملة هلا أسسها ومنهجها العلمي‪ ،‬وقد ظهرت كتب يتحدث‬
‫أصحابها عن املنهج العلمي يف التأليف‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫منهج التأليف عند العرب‬
‫مل يتخذ العرب منهجاً يف التأليف واضح املعامل إال يف أواخر القرن الثاني‬
‫اهلجري‪ ،‬ولقد اعتمد العرب الرواية الشفوية لنقل معارفهم املختلفة من شعر ونثر‬
‫ويريه‪ ،‬ومن ثم بدأ علماء العرب مثل األصمعي واخلليل بن أمحد‪ ،‬وأبو زيد‬
‫األنصاري وأبو عبيدة اللغوي ويريهم من علماء اللغة والنحو‪ .‬بدأ هؤالء العلماء‬
‫منهجاً جديداً يف التأليف فرأينا رسائل يف بعض العلوم اللغوية وخاصة ما يتعلق‬
‫جبمع اللغة‪ ،‬فرأينا رسائل يف املطر وأخرى يف السيف وثالثة يف الزرع ورابعة يف‬
‫الشتاء وخامسة يف النخيل وهكذا‪ .‬وكان العامل يدون ما يسمع من يري ترتيب إال‬
‫ترتيب السماع)‪.(2‬‬
‫ثم تطور التأليف يف اللغة واألدب فاختذ منهجاً واضح املعامل‪ ،‬حيث بدأ‬
‫اخلليل ابن أمحد الفراهيدي وضع العني‪ ،‬حوالي (‪295‬هـ)‪ ،‬كان هذا العامل ذا ذهن‬
‫رياضي مبتكر أعمله يف مجيع فروع العلم اليت اشتغل بها‪ ،‬فهداه إىل الكشوف‬
‫حصَر أشعار العرب عن طريق أوزانها يف العروض)‪ .(1‬ولقد اهتدى‬
‫العظيمة‪َ .‬‬
‫اخلليل يف معجم العني إىل منهج استطاع من خالله مجع اللغة‪ ،‬فقد رأى أن اللغة‬
‫تتألف من ‪ 17‬حرفاً ال خيرج عنها أية كلمة وال أي حرف منها‪ ،‬ولذلك اعتمد‬
‫حصر اللغة برتتيب هذه احلروف يف نظام ثابت ثم استخدم االشتقاق األكرب يف‬
‫اللغة أو ما يسمى بالتقاليب الستة‪ .‬واتبع يف معجمه ترتيب األبنية‪.‬‬
‫أستطيع القول إن اخلليل بن أمحد قد خطا يف منهج التأليف خطوات متقدمة‪،‬‬
‫وكان أول عامل يتخذ لنفسه منهجاً يف التأليف املعجمي‪ ،‬وقد سار معظم من ألف يف‬
‫املعاجم على منهجه وإن اختلف املنهج نوعاً ما لدى املدرسة الثانية والثالثة من‬
‫مدارس املعجم العربي‪ ،‬إذ كان ترتيب هذه املعاجم على ألفباء بدالً من املخرج‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬يف األدب والنقد واللغة – د‪ .‬أمحد محاد وآخرون ص ‪.419‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املعجم العربي نشأته وتطوره جـ ‪ 2‬ص ‪ 121‬د‪ .‬حسني نصار‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫وإذا انتقلنا إىل القرن الثاني والثالث اهلجري فإننا جند تطوراً آخر يطرأ على‬
‫منهج التأليف عند العرب‪ ،‬ففي أواسط القرن الثاني اهلجري ظهرت املفضليات‬
‫اليت تنسب إىل علمني من أعالم الرواية يف هذا القرن وهما محاد الراوية (‪256‬هـ)‬
‫واملفضل الضيب (‪261‬هـ) ثم تالهما األصمعي يف القرن نفسه فاختار جمموعته‬
‫املعروفة باألصمعيات ويشهد أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث اهلجري‬
‫حركة واسعة يف التأليف ظهر يف هذه الفرتة علماء يف اللغة واألدب والنحو أمثال‬
‫أبي عبيدة وأبي زيد وابن دريد ويريهم‪.‬‬
‫وإذا تقدمنا يف الزمن قليالً حتى أواسط القرن الثالث رأينا تطوراً يتمثل يف‬
‫استقالل املادة األدبية وحماولة تبويبها وحتديدها وسريها على خطة واضحة اما ميكن‬
‫أن ميثل مرحلة مهمة يف تاريخ تطور التأليف عند العرب‪ ،‬ويتمثل هذا يف مؤلفات‬
‫فقد وصل إلينا من مؤلفات ابن سالم اجلمحي‬ ‫)‪(2‬‬
‫ابن سالم اجلمحي واجلاح‬
‫فيه أن هذا الكتاب قسم إىل‬ ‫(‪142‬هـ) كتاب طبقات الشعراء والذي يالح‬
‫قسمني أساسيني األول منهما للشعراء اجلاهلني والثاني للشعراء اإلسالميني‪ .‬وكل‬
‫قسم من هذين القسمني حيتوي على عشر طبقات كل طبقة تضم جمموعة من‬
‫الشعراء‪.‬‬
‫حماولة أخرى للتأليف املنهجي تظهر يف توزيع مواد‬ ‫ويف مؤلفات اجلاح‬
‫الكتاب بعناوين عديدة حيمل بعضها اسم (باب)‪ ،‬اما يشري إىل ابتداء التفكري بتقسيم‬
‫الكتاب داخلي ًا إىل أبواب‪ ،‬ودليلنا على هذا ما ورد يف كتابه (البيان والتبيني)‪.‬‬
‫إذ يقول‪« :‬كانت العادة يف كتب احليوان أن أجعل يف كل مصحف من‬
‫مصاحفها عشر ورقات من مقطعات األعراب ونوادر األشعار ملا ذكرت عجبك‬
‫بذلك أحببت أن يكون ح هذا الكتاب يف ذلك أوفر إن شاء اهلل»)‪ ،(1‬لقد كان‬
‫كتاب اجلاح البيان والتبيني من احملاوالت املنهجية املهمة يف التأليف‪ .‬وإذا نظرنا‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬منهج البحث األدبي عند العرب ص ‪ – 25‬د‪ .‬أمحد النجدي‪.‬‬
‫(‪ )1‬البيان والتبيني جـ ‪ – 4‬ص ‪.411‬‬
‫‪18‬‬
‫إىل كتبه األخرى مثل «البخالء» و«الربصان» و«العرجان» ورسائله العديدة رأينا‬
‫تطوراً جديداً يف منهج التأليف خاصة يف املوضوعات االجتماعية‪ .‬اما يشري إىل‬
‫اتضاح الفوارق املوضوعية بني املوضوعات املختلفة‪ .‬وما ينطبق على اجلاح‬
‫ينطبق على علماء عصره‪.‬‬
‫«ويستمر التطور يف التأليف كلما تقدمنا يف الزمن حتى إذا ما انتهينا إىل أواخر‬
‫القرن الثالث وجدنا تطوراً جديداً يف التأليف يتمثل يف كتاب ابن قتيبة (‪196‬هـ)‬
‫وابن املعتز (‪176‬هـ) ومن عاصرهما من املؤلفني»)‪.(2‬‬
‫تتضح يف كتاب ابن قتيبة (عيون األخبار) فكرة تقسيم الكتاب اتضاحاً تاماً‪،‬‬
‫إذ قسم املؤلف كتابه هذا إىل عشرة كتب‪ ،‬كل كتاب منها حيمل عنواناً خاصاً به‪ ،‬أما‬
‫كتابه (الشعر والشعراء) فتدل مقدمته وحمتواه على تفكري مهم يف منهج تقديم‬
‫املادة‪ ،‬إذ تضمنت املقدمة كثرياً من املعلومات اخلاصة بقضايا التأليف ونقد الشعر‪.‬‬
‫وقد وزع الشعراء يف الكتاب حسب العصور‪ ،‬وهذا ميثل تطوراً مهما يف التأليف‪.‬‬
‫فقد قدم تراجم اجلاهلية ثم اإلسالميني ثم العباسيني‪ .‬ويبني هذا الرتتيب اهتمام‬
‫الكاتب بالرتتيب الزمين‪.‬‬
‫وأما (املربّد) فقد أحدث مسألة جديدة يف تقسيم الكتاب إذ قسم الكتاب إىل‬
‫أبواب كان الباب األخري منها مقسماً إىل عدة فصول‪ ،‬اما يدل على بدء التفكري يف‬
‫التقسيم الداخلي للكتاب على شكل وحدات تقسيمية كبرية تقسم إىل فصول‬
‫حسب املوضوعات اليت حتتويها مادة الباب)‪.(1‬‬
‫لقد كان القرن الثالث كما اتضح لنا العصر الذي نضج فيه التـأليف األدبـي‪،‬‬
‫وقد شهد التبويب‪ ،‬واستقالل العلوم األدبية بكتـب خاصـة‪ ،‬وحتديـد املوضـوعات‬
‫احيث تستند إىل العصر أو البيئة‪ ،‬وقد زادت هذه املراحل نضـجاً يف القـرن الرابـع‪،‬‬
‫فالكتب الباليية والنقدية بلغـت مرحلـة دقيقـة يف التقسـيم والتبويـب كمـا يبـدو‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬منهج البحث األدبي ص ‪.21‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املرجع السابق ص ‪.27‬‬
‫‪19‬‬
‫واضــحاً يف كتــاب (نقــد الشــعر) (لقدامــة بــن جعفــر) و(املوازنــة) (ل مــدي)‬
‫و(الصناعتني) (ألبي هالل العسكري))‪.(2‬‬
‫انتشار الكتابة‪:‬‬
‫لقد أشرت سابقاً إىل ظهور الكتابة عند العرب يف اجلاهلية‪ ،‬وأشرت إىل بعض‬
‫النقوش اليت اكتشفها العلماء‪ .‬وهنا ال بـد أن أشـري إىل أن الكتابـة كانـت تتناسـب‬
‫وطبيعة اللغة العربية‪ .‬وإن أقدم اخلطوط يرجع يف أصوله إىل اخلط النبطي نسـبة إىل‬
‫األنباط‪ .‬وهم الشعب العربي الذي أنشأ دولة متتد مـن مشـال احلجـاز إىل نـواحي‬
‫دمشق قبل ميالد املسيح‪ .‬ويضم هذا اخلط النبطي معظم العناصر الـيت تـألف منهـا‬
‫اخلط العربي يف رمسه وإمالئه واتصال حروفه وانفصاهلا‪ .‬ويتميز احذف األلف اليت‬
‫جندها حمذوفة يف كتابة القرآن مثل ألف الكتاب والعاملني‪ .‬كما يتميـز أيضـاً بإثبـات‬
‫واو عمرو وذلك لكي يفرق بينها وبني عمر‪ .‬ويتميز مبا يف كتابتنا احلديثـة يف طـرق‬
‫اتصال احلروف وانفصاهلا)‪.(1‬‬
‫وقد استمد اخلط احلريي أو األنباري أصوله من ذلك اخلط النبطـي‪ ،‬ووصـل‬
‫إىل احلجاز بالتجارة وخباصة إىل مكة‪.‬‬
‫ولقد كتب املسلمون أول أمرهم بـاخلط احلـريي أو األنبـاري علـى شـكلني‪:‬‬
‫التقدير والبسط‪ ،‬وكان اخلط القـور هـو اخلـط املتـداول يف املراسـالت والكتابـات‬
‫العادية)‪.(4‬‬
‫أما اخلط املبسوط – أو مـا يسـمى باليـابس‪ -‬فقـد اسـتعمل يف الـنقش علـى‬
‫احملاريب وأبواب املساجد وجدران املباني‪ .‬وقد استعمل أيضاً يف كتابة املصاحف‪.‬‬
‫وعندما بنيت الكوفة يف عهد عمر بن اخلطاب وبأمره نزح إليها عدد من أهـل‬
‫احلرية واألنبار وانتشرت الكتابة بني أهلها انتشاراً كـبرياً فنسـب إليهـا فقيـل اخلـط‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املرجع السابق ص ‪.11‬‬


‫(‪ )1‬حيوات العرب د‪ .‬عبداحملسن سالم ص ‪.515‬‬
‫(‪ )4‬املرجع السابق ص ‪.515‬‬
‫‪20‬‬
‫الكويف بدالً من احلريي أو األنباري)‪.(2‬‬
‫وأقدم نص كتب بهذا اخلط الكويف اجلديد شاهد من احلجر الرملـي وجـد يف‬
‫مصر مؤرخ لسنة (‪92‬هــ)‪ ،‬والكتابـة األثريـة املؤرخـة بسـنة (‪91‬هــ)‪ ،‬واملكتوبـة‬
‫بفصوص الفسيفساء الزجاجية بقبة الصخرة‪ ،‬وكتابات أحجار األميال وبعض قطع‬
‫العملة‪ .‬وترجع مجيعها إىل عهد عبدامللك بن مروان‪ ،‬وكذلك مصـحف كتـب خبـط‬
‫احلسن البصري يف سنة (‪99‬هـ)‪.‬‬
‫أما اخلط الكويف املزخرف فلعل أول نص لدينا هو نقـش بئـر الرملـة املـؤرخ‬
‫بسنة (‪291‬هـ) وهو ميثل نوعاً جديداً ابتدعه العرب مـن الزخرفـة ويعـرف باسـم‬
‫اخلط املورق‪.‬‬
‫وهو ما يعرف خبط النسخ حيث تطور هذا اخلط واسـتعمله كـثري مـن كتّـاب‬
‫اخلط حيث جعل له (ابن مقلة) يف نهاية القـرن الثالـث بعـد اهلجـرة نظامـاً معينـاً‪.‬‬
‫ولعل أشهر من جاء بعد ابن مقلة وحاول إكمال عمله وضبطه (ابن عبدالسالم)‪.‬‬
‫وبلغ اخلط مستوى أعلـى علـى يـد (ابـن هـالل) الـذي يعـرف باسـم (ابـن‬
‫البواب) املتوفى يف سنة (‪324‬هـ)‪ .‬وقد ازدهر هذا الفن يف القرن السابع اهلجـري‪،‬‬
‫وتتلمذ عليه عدد من اخلطاطني‪ .‬واستمرت احملاوالت اجلادة يف حتسني اخلط العربي‬
‫يف أحناء العامل اإلسالمي إبان عصر املماليك وتركيا حتت حكم العثمانني‪.‬‬
‫ويعترب اخلط العربي فناً عربياً خالصاً ذا أصالة عربيـة خالصـة‪ .‬نبـع مـن روح‬
‫عربية وتطور حتت تأثري التطور احلضاري الثقايف العربي جبهود عربية خالصة‪ ،‬ومنـا‬
‫حمتفظ ًا خبصائصه العربية‪.‬‬
‫ولقد أصـبح اخلـط العربـي فنـ ًا قائمـ ًا بذاتـه جبانـب اسـتغالله أداة للتـدوين‬
‫واملراسالت واملعامالت والوثائق والعقود والكتب‪ ،‬وأصبح عنصـراً مـن العناصـر‬
‫اليت تكون الفن اإلسالمي‪.‬‬
‫ولقد شاع تدوين األعمال الفنية واألدبية ما كان منها منثوراً أم منظوماً وتفنن‬

‫(‪ )2‬املرجع السابق ص ‪.516‬‬


‫‪21‬‬
‫اخلطاطون يف كتابة هذه األعمال‪ .‬واحتل اخلطاط العربي مكانة اجتماعيـة مرموقـة‬
‫يف اجملتمع العربي اإلسالمي‪.‬‬
‫وللخط أهمية كربى يف دراسة اآلثـار اإلسـالمية‪ ،‬فلـه دور تسـجيلي هـام يف‬
‫األعمال األثرية والتارخيية والعلمية‪.‬‬
‫وقد يفيد اخلط نفسه يف التعريف باألثر وحتديد عصره ومكان صناعته‪.‬‬
‫ولقد كان أكرب األثر للخط يف الفنون اإلسالمية هـو أثـره الكـبري يف الزخرفـة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ولقد كان اخلط هو امليزة الفنية العربية الوحيدة اليت تدل على أثر عربي يف كل‬
‫إنتاج فين صدر يف بداية نشأة الدولة العربية‪.‬‬
‫ولقد كان للخط العربي أثره الكبري يف الفنون التطبيقية وخباصة النحت‪ .‬وقـد‬
‫دخل اخلط العربي فيها مجيعاً وأثر يف أنواعهـا املختلفـة‪ .‬مـا كـان منهـا حجريـاً أم‬
‫جبصي ًا أم مصنوعاً من املعدن‪.‬‬
‫ولقد وضع أبو األسود الدؤلي الشكل لضبط اخلط‪.‬‬
‫ونتيجــة للتصــحيف الــذي ظهــر يف قــراءة القــرآن‪ .‬دعــا احلجــاج يف خالفــة‬
‫عبدامللك بن مروان عاملني جليلني وهمـا (نصـر بـن عاصـم) مـن علمـاء املشـرق‬
‫و(حييى بن يعمر) من علماء املغرب‪ .‬وكان االثنان من تالميذ أبي األسـود الـدؤلي‬
‫وطلب منهما اختاذ ما ينبغي حلسم هذه األخطاء يف قراءة القرآن‪.‬‬
‫وهنا كان تنقيط احلروف بشكلها احلالي على يـد هـذين العـاملني‪ ،‬وبـذلك‬
‫شكل احلروف وتنقيطها اما سـهل علـى يـري العـرب قـراءة القـرآن بغـري حلـن أو‬
‫تصحيف‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول‬

‫مصادر اللغة‬
‫د‪ .‬أمحد محاد‬

‫‪23‬‬
‫املعاجم‬
‫‪ -1‬كتب العني – اخلليل بن أمحد الفراهيدي (‪071 -011‬هـ)‬
‫هدفه‪ :‬لقد توجت الدراسات اللغوية قريباً من عام (‪295‬هـ) باكتشاف اخلليل‬
‫ابن أمحد فكرة املعجم وحماولة حتقيقها‪ .‬كان هذا العامل ذا ذهن رياضي مبتكر أعمله‬
‫يف مجيع فروع العلم الذي اشتغل بها فهداه إىل الكشـوف العظيمـة‪ :‬حصـر أشـعار‬
‫العرب عن طريق أوزانها يف العروض‪ ،‬هذا الذهن مل يبعـد عـن ميدانـه يف حماولتـه‬
‫تأليف املعجم‪ .‬ألنه كان يرمي إىل ضبط اللغة وحصرها‪.‬‬
‫ويعترب معجم العني أول معجم يف العربية حيث رتبـه اخلليـل حسـب خمـارج‬
‫حروف العربية واعترب العني آخر احلروف خمرجاً وهلذا مسي بكتاب العني‪.‬‬
‫واستخدم اخلليل نظام التقاليب الستة وما مسي فيما بعـد باالشـتقاق األكـرب‬
‫حلصر لغة العرب )‪.(2‬‬

‫‪ - 2‬كتاب البارع للقالي (‪613 -222‬هـ)‬


‫ظهر يف القرن الرابع يف األندلس معجم البارع (إلمساعيل ابن القاسم القالي‬
‫البغدادي)‪.‬‬
‫وهذا املعجم مل ينتشـر لعـدم طبعـه‪ ،‬وتوجـد أجـزاء منـه حمفوظـة يف بـاريس‬
‫ومكتبة لندن‪.‬‬
‫‪ - 6‬كتاب التهذيب لألزهري (‪671 -222‬هـ)‬
‫ظهرت املوسوعة اللغوية األوىل لألزهري يف القرن الرابع اهلجري‪.‬‬
‫هدف الكاتب إىل تنقية اللغة من الشوائب ولذا مسي بتهذيب اللغة‪ .‬وهـدف‬
‫كذلك إىل ربط اللغة بالدين‪ .‬والتـزم الصـحيح يف اللغـة‪ .‬واتبـع مـنهج اخلليـل يف‬
‫تقسيم الكتاب‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املعجم العربي نشأته وتطوره د‪ :‬حسني نصار جـ ‪.2‬‬


‫‪24‬‬
‫‪ - 4‬كتاب احمليط للصاحب بن عباد (‪621 - 624‬هـ)‬
‫شهد القرن الرابع ظهور معجم آخر يسري على آثـار كتـابي العـني والتهـذيب‬
‫ذلك هو احمليط للصاحب بن عباد الوزير األديب املشـهور‪ .‬وقـد اشـتهر الصـاحب‬
‫ابن عباد مبوهبته األدبية اليت كانت عماد شهرته‪.‬‬
‫‪ - 1‬كتاب اغجمهرة البن دريد (‪620 -226‬هـ)‬
‫ظهر هذا املعجم يف القرن الثالث‪ ،‬وكان هدفه جتنب النظام الذي سارت عليه‬
‫مدرسة العني‪ ،‬فأهمل ترتيب احلروف على املخارج ومتسك بالرتتيب األلف بـائي‪،‬‬
‫ويعترب ترتيب املعجم على هذه الطريقة أسهل للباحث وأيسر للوصـول إىل معـاني‬
‫املفردات)‪.(2‬‬

‫‪ - 3‬كتاب املقاييس ألمحد بن فارس (‪691 – 11‬هـ)‬


‫ظهر هذا املعجم يف أواخر القرن الرابـع‪ ،‬وأراد ابـن فـارس يف معجمـه هـذا‬
‫وضع مقاييس للغة‪ ،‬وكانت فكرة املقاييس هذه مسيطرة عليـه‪ ،‬وسـار ابـن فـارس‬
‫على أساس ابن دريد يف الرتتيب حيث رتب املعجم على أساس ألف باء‪.‬‬
‫واهتم ابن فارس بفكرة بعينها وهي فكرة املقاييس يف اللغة‪.‬‬
‫‪ - 7‬كتاب اجململ البن فارس (‪691 – ..‬هـ)‬
‫لقد دل كتاب املقاييس على نضج الدراسات اللغوية وبلويها مرتبة التصنيف‬
‫على أسس فلسفية لغوية‪ ،‬ولكنه مل ينل من الشهرة ما ناله كتاب (اجململ) للمؤلـف‬
‫نفسه‪.‬‬
‫ويشرتك الكتابان يف املادة الـيت حيتويـان عليهـا‪ .‬ولكنهمـا خيتلفـان يف طريقـة‬
‫عرض هذه املادة‪ .‬وكان هم اجململ اجلمع والرتتيـب واإلمجـال يف اللغـة‪ ،‬والتيسـري‬
‫والتقريب‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املعجم العربي نشأته وتطوره – د‪ .‬حسني نصار جـ ‪.1‬‬


‫‪25‬‬
‫‪ - 2‬كتاب الصحاح للجوهري (‪411 – ..‬هـ)‬
‫كان الغرض األول من تأليف املعاجم يف القرن الرابعه حتقيق أمرين أساسـيني‬
‫هما‪ :‬التزام الصحيح من األلفاظ‪ ،‬وتيسري البحث عن املواد‪ .‬ويف أواخر هذا القـرن‬
‫ظهر أشهر معجم عربي حققهما إىل درجة بعيدة هو (تاج اللغة وصـحاح العربيـة)‬
‫ألبي نصر‪ ،‬إمساعيل بن محاد اجلوهري الذي اشتهر بالصحاح‪ .‬وقد رتـب املعجـم‬
‫على أساس األلف باء‪.‬‬
‫‪ - 9‬كتاب العباب للصغاني (‪311-177‬هـ)‬
‫توج الصغاني يف القرن السابع‪ ،‬حياته العلمية مبعجم كبري دعـاه (العبـاب)‪ ،‬كـان‬
‫ذلك يف عهد الوزير حممد بن أمحد العلقمي‪ .‬ومل يتم الكتاب إذ تويف مؤلفه بعد أن‬
‫قطع الشوط األكرب من رحلته اللغوية حتى وصل إىل مادة (بكم))‪.(2‬‬
‫‪ - 01‬لسان العرب – البن منظور (‪700 -361‬هـ)‬
‫يعترب لسان العرب البن منظور من أضخم املعاجم اللغويـة‪ .‬إذ اسـتقبل آخـر‬
‫القرن السابع والعقد األول من القرن الثامن معجماً لغوياً ينتظم أكرب املعاجم‬
‫السابقة وحيوي موادها الزاخرة‪ ،‬ذلك هو (لسان العرب) للعالمة أبي الفضـل‬
‫مجال الدين حممد بن مكرم بن منظور اإلفريقي املصري األنصاري اخلزرجي‪.‬‬
‫وكان يهدف إىل االستقصاء والرتتيب وربط اللغة بالدين‪ .‬حتى أنه أدخل أكرب‬
‫معجم يف يريب احلديث‪( :‬النهاية البن األثري)‪.‬‬
‫وقد مجع مادته من مخسة كتب‪ :‬تهذيب األزهري‪ ،‬وحمكم ابن سيده‪ ،‬وصحاح‬
‫اجلوهري‪ ،‬وحواشي ابن بري‪ ،‬ونهابة ابن األثري‪.‬‬
‫‪ - 00‬القاموس احمليط – للفريوز آبادي (‪203 -729‬هـ)‬
‫لقد هدف الفريوز آبادي يف معجمـه إىل اجلمـع واالستقصـاء‪ ،‬وينسـجم هـذا‬
‫اهلدف مع اسم الكتاب الذي قال عنه يف املقدمـة وأمسيتـه (القـاموس احملـيط‬

‫(‪ )2‬انظر املرجع السابق جـ ‪.1‬‬


‫‪26‬‬
‫ألنه البحر األعظم)‪ .‬وقد سار املعجم يف ترتيبه علـى ترتيـب الصـحاح وهـو‬
‫األلف باء‪.‬‬
‫وقد انتشر القاموس بني الطالب‪ ،‬وذاع صـيته نظـراً لسـهولة اسـتخدامه وترتيبـه‬
‫األلف بائي‪ .‬ويعترب القاموس احمليط من أكثر املعاجم انتظاماً يف الداخل من حيث‬
‫الرتتيب‪ .‬واإلجياز‪ .‬واالستقصاء‪ ،‬والعناية األلفاظ الطبية‪ .‬واألعالم واملصطلحات‪.‬‬
‫‪ - 02‬تاج العروس للزبيدي (‪0211 -0041‬هـ)‬
‫لقد توجت الدراسات اللغوية باملعجم األكـرب يف أواخـر القـرن الثـاني عشـر‬
‫وبالدقة يف أوائل القرن الثالث عشر‪ .‬إذ أبرز اإلمام اللغوي (حمب الـدين أبـو‬
‫الفيض السيد حممد مرتضى الزبيدي) كتابه املسمى (تاج العروس من جـواهر‬
‫القاموس)‪ .‬شرحاً للقاموس احمليط للفريوز آبادي‪ .‬وكان سـبب تـأليف التـاج‬
‫إجياز القاموس ويموضه مـع مشولـه وكثـرة اسـتعماله حتـى كثـرت حولـه‬
‫الدراسات اليت تنظر إىل اجتاهات معينة منه‪ ،‬فأراد السيد مرتضـى أن يوضـحه‬
‫وجيمع هذه الدراسات يف كتاب واحد‪ .‬ومن ظواهر التاج االهتمـام بـاألعالم‬
‫واألماكن‪ ،‬واجملاز‪.‬‬
‫‪ - 06‬كتاب املعيار‪ -‬ملريزا علي الشريازي‬
‫يف سنة ثالث وسبعني ومئتني بعد األلف من اهلجرة‪ ،‬أجنز مـريزا حممـد علـي‬
‫حممد صادق الشريازي معجمه املس ّمى (معيـار اللغـة) الـذي طبـع فيمـا بـني‬
‫عامي (‪2423 -2422‬هــ) يف جملـدين كـبريين‪ .‬وقـد دفعـه إىل تـأليف هـذا‬
‫املعجم استدراك بعض األخطاء اليت وقع فيها من قبله من أصحاب املعـاجم‪.‬‬
‫وكان ترتيب املعجم هو األلف باء‪.‬‬
‫‪-11‬أساس البالغة للزخمشري‪ -‬أبو القاسم جبارا مدبد ببن عدبر‬
‫الزخمشري (‪835 -164‬هب)‪ :‬صاحب تفسري الكشاف املشهور‪.‬‬
‫ذكر الزخمشري يف معجمه معاني األلفاظ على حقيقتهـا واهـتم بـذكر املعـاني‬
‫اجملازية‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫مصادر اللغة‬
‫الكتب النحوية‬
‫‪ .2‬طبقات النحويني البصريني وأخبارهم‪.‬‬
‫ألبي العباس حممد بن يزيد املربد املتوفى سنة ‪116‬هـ‪.‬‬
‫‪ .1‬أخبار النحويني (البن درستويه) (أبو حممد عبداهلل بن جعفـر)‪ ،‬تـويف سـنة‬
‫‪439‬هـ‪.‬‬
‫‪ .4‬طبقات النحاة البصريني (للسريايف) أبو سعيد احلسن بن عبد اهلل تويف سـنة‬
‫‪461‬هـ‪.‬‬
‫‪ .3‬مراتب النحويني (أبو الطيب اللغوي)‪ -‬عبد الواحد بن علـي احللـيب تـويف‬
‫سنة ‪452‬هـ‪.‬‬
‫‪ .5‬طبقات النحويني واللغويني ألبي بكـر الزبيـدي‪( .‬هوأبـو بكـر حممـد ابـن‬
‫احلسن الزبيدي توفى سـنة ‪497‬هــ‪ ،‬ظهـر يف األنـدلس يف أواسـط القـرن‬
‫اهلجري الرابع‪ .‬واستعرض فيه مؤلفه تراجم رجال اللغة والنحو‪.‬‬
‫‪ .6‬إنباه الرواة على أنباه النحاة (للقفطي)‪ ،‬وهو القاضي الـوزير مجـال الـدين‬
‫أبو احلسن علي بـن يوسـف القفطـي نسـبة إىل قفـط يف مصـر‪ .‬ظهـر هـذا‬
‫الكتاب يف القرن السابع اهلجري‪.‬‬
‫وقد نهج مؤلفه يف تصنيفه نهجاً معجمياً‪ ،‬فرتب ترامجه على حروف أمسـاء‬
‫أصحابها‪ .‬وقد بدأ الكتاب مبقدمة يف مبدأ علم النحو‪.‬‬
‫‪ .9‬بغيــة الوعــاة يف طبقــات اللغــويني والنحــاة للســيوطي هــو جــالل الــدين‬
‫عبــدالرمحن أبــي بكــر الســيوطي‪ ،‬كــان مــن أوســع علمــاء عصــره ثقافــة‬
‫وأخصبهم آثاراً صنف ما يزيد على ‪ 511‬كتاب)‪.(2‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬نظرة تارخيية يف حركة التأليف عند العرب يف اللغة واألدب د‪ .‬أجمد الطرابلسي ص ‪ 111‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫عكف السيوطي‪ ،‬وهو يف العشرين مـن عمـره‪ ،‬علـى تـأليف كتـاب جيمـع‬
‫أخبار النحـويني‪ ،‬بعـد أن رأى أن الكتـب الـيت صـنفت مـن قبـل يف هـذا‬
‫املوضوع على كثرتهـا‪ ،‬يـري وافيـة بـالغرض‪ .‬وأن القـارئ لكتـاب البغيـة‬
‫ليدهش حقاً لذلك الثبت الطويل الذي صدر به السيوطي كتابه وذكـر فيـه‬
‫أمساء مصادره بالتفصيل‪.‬‬
‫‪ .1‬شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك لالمام (أبو عبداهلل حممد مجـال الـدين‬
‫ابن مالك الطائي األندلسي (‪691 -611‬هـ)‪.‬‬
‫‪ .7‬اإلنصاف يف مسـائل اخلـالف بـني النحـويني البصـريني والكـوفيني‪ .‬ألبـي‬
‫الربكات كمال الدين عبدالرمحن بن حممد األنباري (‪599 -524‬هـ)‪.‬‬
‫‪ .21‬مغين اللبيب عن كتب األعاريب‪ ،‬للشيخ مجال الدين عبداهلل بن يوسف ابن‬
‫أمحد (ابن هشام األنصاري)‪962 -911( .‬هـ)‪.‬‬
‫‪ .22‬شرح شذور الذهب يف معرفة كالم العرب‪ :‬جلمال الدين أبي حممد عبـداهلل‬
‫ابن يوسف بن أمحد (ابن هشام)‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫مصادر اللغة‬
‫الكتب اللغوية‬
‫‪ -2‬األضداد ألبي سعيد عبد امللك بن قريب األصمعي سنة ‪126‬هـ‪.‬‬
‫‪ -1‬األضداد ألبي يوسف يعقوب بن السكيت سنة ‪133‬هـ‪.‬‬
‫‪ -4‬األضداد ألبي حا سهل بن حممد السجستاني سنة ‪155‬هـ‪.‬‬
‫‪ -3‬األضداد ألبي بكر حممد بن القاسم بن بشار األنباري سنة ‪411‬هـ‪.‬‬
‫‪ -5‬األضداد لسعيد بن املبارك املعروف بابن الدهان سنة ‪567‬هـ‪.‬‬
‫‪ -6‬األضداد للحسن بن حممد الصغاني سنة ‪651‬هـ‪.‬‬
‫‪ -9‬فقه اللغة وسر العربية ألبي منصور عبدامللك بن حممد بن إمساعيل الثعاليب‬
‫سنة ‪317‬هـ )‪.(2‬‬
‫‪ -1‬اخلصائص البن جين (أبو الفتح عثمان) تويف سنة ‪471‬هـ‪.‬‬
‫‪ -7‬االشتقاق ألبي بكر حممد بن احلسن بن دريد تويف سنة ‪114‬هـ‪.‬‬
‫‪ -21‬املعرّب من الكالم األعجمي ألبي منصور موهوب بن أمحد بن حممد‬
‫اجلواليقي‪.‬‬
‫‪ -22‬الصاحيب يف فقه اللغة وسنن العرب يف كالمها‪ .‬ألبي احلسن أمحد بن زكريا‬
‫(ابن فارس) سنة ‪475‬هـ‪.‬‬
‫‪ -21‬املزهر يف علوم اللغة – وأنواعها‪ :‬جالل الدين عبدالرمحن بن أبي بكر‬
‫السيوطي (‪722 -137‬هـ)‪ .‬وهو من أمجع ما صنف يف فقه اللغة‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املزهر يف علوم اللغة للسيوطي جـ ‪ 2‬ص ‪ 419‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪30‬‬
‫مصادر اللغة‬
‫كتب البالغة‬
‫كتاب الصناعتني ألبي هالل العسكري سنة ‪475‬هـ‪ .‬من أقدم ما وصلنا‬ ‫‪)2‬‬
‫من كتب البالية كتاب الصناعتني ألبي هالل العسكري‪ ،‬أراد بالصناعتني‬
‫الكتابة والشعر‪ ،‬عرض للموضوعات الباليية وللمحسنات البديعية‬
‫ووجوهها وفنونها‪ ،‬وبسط القول فيه بسطاً وافياً‪.‬‬
‫دالئل اإلعجاز‪ ،‬و(أسرار البالية)‪ :‬ألبي بكر عبدالقاهر بن عبدالرمحن‬ ‫‪)1‬‬
‫اجلرجاني إمام عصره يف علوم العربية (سنة ‪392‬هـ)‪ .‬ففي دالئل اإلعجاز‬
‫أرسى أركان علم املعاني‪ ،‬ويف كتابه (أسرار البالية) أوضح كثرياً من‬
‫أسرار اجلمال يف الصورة األدبية‪ ،‬وبني معامل التشبيه واالستعارة‪ ،‬وكان له‬
‫فضل كبري يف حتديد معامل الفن الذي عرف فيما بعد بعلم البيان)‪.(2‬‬
‫مفتاح العلوم‪ :‬ألبي يعقوب يوسف السكاكي (سنة ‪616‬هـ) أحد أئمة‬ ‫‪)4‬‬
‫العربية يف عصره‪ ،‬جعل كتابه يف ثالثة أقسام األول منها للصرف‪ ،‬والثاني‬
‫للنحو‪ ،‬والثالث للبالية بعلومها الثالثة وما يلحق بها من قافية وعروض‪.‬‬
‫التلخيص‪ :‬جلالل الدين حممد بن عبدالرمحن القزويين (سنة ‪947‬هـ)‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫خلص فيه القسم الثالث من مفتاح العلوم للسكاكي‪.‬‬
‫قال القزويين (ملا كان علم البالية وتوابعها من أجل العلوم قدراً وأدقها‬
‫سراً‪ ...‬ألفت خمتصراً يتضمن ما يف مفتاح العلوم من القواعد ويشمل ما‬
‫حيتاج إليه من األمثلة والشواهد ومسيته تلخيص املفتاح)‪.‬‬
‫اإليضاح‪ :‬لإلمام القزويين صاحب (تلخيص املفتاح)‪ ،‬فقد وضعه شرحاً‬ ‫‪)5‬‬
‫للتلخيص‪ ،‬وزاد عليه اما جاء يف كتابيّ (دالئل اإلعجاز وأسرار البالية)‬
‫للجرجاني وما تيسر له من كالم يريه‪ ،‬وما أدى إليه اجتهاده وفكره)‪.(1‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر‪ .‬د‪ .‬عجاج عجاج اخلطيب ص ‪.413‬‬
‫(‪ )1‬نفس املرجع السابق‪ .‬ص ‪.415‬‬
‫‪31‬‬
‫املراجع‬

‫القرآن الكريم‬
‫‪ -2‬املقدمة – ابن خلدون – دار املعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬سنة ‪2791‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬األياني – أبو الفرج األصفهاني‪ -‬دار املعارف‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -4‬املعجم العربي نشأته وتطوره‪ -‬د‪ .‬حسني نصار‪ ،‬مكتبة مصر‪.‬‬
‫‪ -3‬املزهر يف علوم اللغة‪ -‬جالل الدين السيوطي‪ -‬دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬
‫‪ -5‬البيان والتبيني – اجلاح ‪ ،‬حتقيق عبدالسالم هارون‪ ،‬مكتبة اخلاجني‪.‬‬
‫‪ -6‬حيوات العرب‪ -‬د‪ .‬عبداحملسن سالم‪ ،‬الشركة القومية للطباعة سنة ‪2761‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر – د‪.‬حممد عجاج اخلطيب‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة سنة ‪2711‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬مصادر الشعر اجلاهلي‪ -‬د‪ .‬ناصر الدين األسد‪ ،‬دار اجليل بريوت‪.‬‬
‫‪ -7‬منهج البحث األدبي عند العرب د‪.‬أمحد النجدي‪ ،‬وزارة الثقافة العراقية‬
‫للطباعة سنة ‪2761‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬يف األدب والنقد واللغة‪ -‬د‪ .‬أمحد محاد وآخرون‪ ،‬مكتبة الفالح سنة ‪2716‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬نظرة تارخيية يف حركة التأليف عند العرب يف اللغة واألدب – د‪ .‬أجمد‬
‫الطرابلسي مكتبة دار الفتح سنة ‪2796‬م‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫مصادر الدراسات األدبية‬


‫‪ -‬أمهات املصادر األدبية‬
‫‪ -‬مصادر املختارات الشعرية‬
‫‪ -‬مصادر تراجم األدباء والشعراء‬

‫د‪ .‬سعود عبداجلابر‬

‫‪33‬‬
‫(‪ )0‬أمهات املصادر األدبية‬
‫ألف األدباء السابقون كتباً أدبية كثرية‪ ،‬اتسمت بقوة البيان وإشراق العبارة‪،‬‬
‫ورشاقة األسلوب‪ ،‬وعمق الفكر‪ .‬فهي تفيد القارئ والدارس بغزارة معلوماتها‪،‬‬
‫ومجال أدائها‪ .‬وهي كتب كثرية عديدة يصعب حصرها‪ ،‬لذا نكتفي بذكر بعضها‪،‬‬
‫كي يطلع القارئ على هذه اجلهود العظيمة اليت أسهمت يف تطور األدب وازدهاره‬
‫يف شتى العصور‪ .‬ونرى أن هذه الكتب األدبية القيمة من املمكن تصنيفها إىل‪:‬‬
‫أمهات املصادر األدبية‪ ،‬واملختارات الشعرية‪ ،‬مصادر تراجم األدباء والشعراء‪.‬‬
‫وكتب أمهات املصادر األدبية كثرية ومن أشهرها الكتب التالية‪:‬‬
‫احليوان‪:‬‬
‫تأليف أبي عثمان عمرو بن احر بن حمبوب امللقب باجلاح ‪ .‬ولد عام ‪257‬هـ‪،‬‬
‫وتويف عام ‪155‬هـ‪.‬‬
‫هو كتاب أدب‪ .‬واملقومات اليت يرتكز عليها أصناف احليوانات وما حيك‬
‫حوهلا من قصص وعلوم وما قيل فيها من حكم وأشعار‪ .‬وهو موسوعة ثقافية متثل‬
‫خمتلف أنواع املعرفة اليت كانت سائدة يف زمن اجلاح ‪ .‬فلقد حتدث فيه عن املعارف‬
‫الطبيعية واملسائل الفلسفية‪ ،‬كما حتدث عن أهل الكالم وسائر الطوائف الدينية‬
‫واملسائل اجلغرافية وتأثري البيئة يف احليوان واإلنسان والشجر‪ ،‬كما أن الكتاب حيوي‬
‫موضوعات متنوعة مثل‪ :‬وسائل البيان وكتابة املعاهدات وضروب اخلطوط‪.‬‬
‫«واجلاح يف كالمه على احليوان يبدو يف صورة العامل املوضوعي الذي يعرض‬
‫اآلراء‪ ،‬ويناقشها‪ ،‬وميحصها‪ ،‬ويرد ما ال يقبله العقل أو التجربة‪ .‬ويشري يف كثري من‬
‫األحيان إىل النتائج اليت حيصل عليها من خالل التجارب اليت كان جيربها على‬
‫احليوان»)‪.(2‬‬
‫ولقد ألف اجلاح كتاب احليوان يف املرحلة األخرية من حياته‪ .‬وهو يعاني‬

‫(‪ )2‬مع املكتبة العربية‪ .‬د‪ .،‬عبدالرمحن عطبة‪ :‬ص‪ .133‬مطبعة أوفست‪ ،‬حلب ‪.2791‬‬
‫‪34‬‬
‫من وطأة األمراض اليت دهمته كالشلل والنقرس‪ .‬وميثل هذا الكتاب حصيلة‬
‫ثقافته وجتاربه وأفكاره‪.‬‬
‫ولقد طبع الكتاب يف مصر بتحقيق عبدالسالم هارون يف سبعة أجزاء سنة‬
‫‪2741‬م‪.‬‬
‫البيان والتبيني‪:‬‬
‫البيان والتبيني بعد كتاب احليوان فهو يشري من خالله إىل‬ ‫ألف اجلاح‬
‫احليوان‪ .‬ولقد مجع اجلاح فيه فنوناً شتى من األدب فأورد فيه أخبار اخلطباء يف‬
‫اجلاهلية واإلسالم‪ ،‬كما أورد اخلطب والوصايا واحلكم واألمثال والطرائف‬
‫واألخبار‪ ،‬كما أنه حتدث فيه عن األلفاظ وفصاحتها وكل ما يتصل بها‪ .‬وأفاض يف‬
‫كالمه عن خمارج احلروف وعيوب النطق من لثغة أو لكنة أو حصر وعي‪ .‬ونقل فيه‬
‫كثرياً من الرسائل الديوانية واإلخوانية‪ .‬ومجع فيه أخبار القصاص والنساك‪ .‬وقد‬
‫خص احلمقى والنوكى بدراسة وافية‪ .‬ولعل من أهم مرامي اجلاح يف هذا الكتاب‬
‫الرد على الشعوبية‪ ،‬وما كان يردده يالتها من الطعن على العرب واالزدراء بهم‪.‬‬
‫يشيد بالعرب وفصاحتهم وبعاداتهم وتقاليدهم‪ .‬ويتصدى‬ ‫ولذلك «كان اجلاح‬
‫للرد على مزاعم أولئك الشعوبية ومسومهم»)‪ .(2‬والواقع أن اجلاح بهذا الكتاب‬
‫الذي صنفه يف أواخر حياته «رمى إىل تعليم الناشئني من الكتَّاب‪ ،‬أصول الكتابة‬
‫الصحيحة‪ ،‬وإىل اإلفصاح عن مكنونات اللغة‪ ،‬والكشف عن أسرارها‪ ،‬ومن ثم إىل‬
‫ُب أريب‪ ،‬لئال يقع يف اللحن حيناً‪ ،‬أو يف اخلطأ حيناً آخر»)‪.(1‬‬
‫تفهيم كل ذي ل ٍّ‬
‫ويف الكتاب مادة موفورة لدراسة عادات وتقاليد اجملتمع اإلسـالمي يف بغـداد‬
‫والبصرة على أيام اجلاح ‪ .‬ألنه يغرتف امـا حولـه‪ ،‬ويلتـزم الدقـة يف إيـراده حتـى‬

‫(‪ )2‬مصادر الرتاث العربي يف اللغة واملعاجم واألدب‪ .‬د‪ .‬عمر الدقاق‪ .‬ص‪ – 71 :‬دار الشرق‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫(‪ )1‬البيان والتبيني – اجلاح ‪ .‬ص‪ – 6:‬دار صعب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫األلفاظ العامية يوردها كما هي)‪.(2‬‬
‫ولكتاب البيان كذلك أثره يف النقد األدبي فهو سجل ل راء املختلفة يف النقـد‬
‫اما ال يزال إىل اآلن موضع البحـث واإلعجـاب‪ ...‬واجلـاح الـذي نقـد مـذاهب‬
‫أصحاب الصنعة من الشعراء وآثر عليها مذهب املطبوعني كان يضع بذلك أساسـاً‬
‫كبرياً لعلم النقد وتطوره األدبي)‪.(1‬‬
‫ويغلب االستطراد على مـنهج اجلـاح يف هـذا الكتـاب‪ ،‬هـذا باإلضـافة إىل‬
‫إشاعة جو من الفكاهة احملببة‪ ،‬واالعتماد على األسلوب املرسل‪ .‬وكتابـه موسـوعة‬
‫أدبية قيمة‪.‬‬
‫وطُبع هذا الكتاب عدة مرات يف مصر‪ .‬ومـن أفضـلها الطبعـة الـيت أصـدرها‬
‫عبدالسالم هارون يف أربعة جملدات يف أعوام ‪2751 -2731‬م‪.‬‬
‫عيون األخبار‪:‬‬
‫تأليف أبي حممد عبداهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري‪ .‬ولد عام ‪124‬هـ‪ ،‬وتويف‬
‫عام ‪196‬هـ‪.‬‬
‫وهو كتاب يزير املادة وطابعه أدبي ال يتعـرض فيـه ابـن قتيبـة ملسـائل اللغـة‬
‫والنحو والصرف‪ .‬وهوكتاب شيق ملا حواه من روائع النصـوص وعيـون األخبـار‪.‬‬
‫وهو يزير املادة الشعرية والنثرية واإلخبارية‪.‬‬
‫ويغلب عليه طابع اجلمع والرواية‪ .‬وهو يضم أخباراً طريفة‪ :‬أدبية‪ ،‬وأخالقية‪،‬‬
‫وتارخيية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬احيث يسهل اعتباره خزانة أدب‪« .‬وهـو مـن أجـل مصـادرنا‬
‫األدبية‪ ،‬وأيزرها باملعارف‪ ،‬وأحفلها باألخبار‪ ،‬وميتاز احسن التبويـب الـذي جيعلـه‬
‫قريب املتناول‪ ،‬ويعني القارئ على الوصول إىل مبتغاه فيه بكثري من اليسر»)‪.(4‬‬

‫(‪ )2‬دراسة يف مصادر األدب‪ .‬د‪ .‬الطاهر أمحد مكي‪ .‬ص‪ .212:‬دار املعارف مبصر‪2796 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬البحوث األدبية مناهجها ومصادرها‪ .‬د‪ .‬حممد عبداملنعم خفاجي‪ .‬ص‪ .251 :‬دار الكتاب اللبناني‪،‬‬
‫بريوت‪2711 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬نظرة تارخيية يف حركة التأليف عند العرب يف اللغة واألدب‪ .‬د‪ .‬أجمد طرابلسي‪ ،‬ص‪ .251 :‬مكتبة‬
‫دار الفتح‪ ،‬دمشق‪2711 ،‬م‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫ولقد قسم هذا الكتاب إىل عشرة كتب أي موضوعات وهي‪ :‬كتاب السلطان‪،‬‬
‫وكتاب احلرب‪ ،‬وكتاب السؤدد‪ ،‬وكتاب الطبائع‪ ،‬وكتـاب العلـم‪ ،‬وكتـاب الزهـد‪،‬‬
‫وكتاب اإلخوان‪ ،‬وكتاب احلوائج‪ ،‬وكتاب الطعام‪ ،‬وكتاب النساء‪.‬‬
‫ونالح من خالل تقسيم الكتاب إىل هذه األبـواب العشـرة أن الكاتـب قـد‬
‫اعتمد على أسلوب التنظيم والتبويب ملوضـوعات كتابـه‪ .‬وهـو يوضـح يف مقدمـة‬
‫الكتاب الطريقة اليت سيسلكها يف كتابه‪ ،‬والدافع الذي دفعه إىل تأليفـه فهـو يقـول‪:‬‬
‫«وهذه عيون األخبار نظمتها ملغْفِل التأدب تبصرة‪ ،‬وألهل العلم تـذكرة‪ ،‬ولسـائس‬
‫جلدّ والتعب‪ .‬وصـنعتها أبوابـاً‬
‫الناس ومَسُوسهم مؤدباً‪ ،‬وللملوك مسرتاحاً من كد ا ِ‬
‫وقرنت الباب بشكله واخلرب مبثله‪ .‬والكلمـة بأختهـا‪ ،‬ليسـهل علـى املـتعلم علمهـا‬
‫وعلى الدارس حفظها وعلى الناشد طلبها‪ .‬وهي لَقَاح عقول العلماء‪ ،‬ونتاج أفكار‬
‫خضْ وحِلْية األدب‪ ،‬وأمثـار طـول النظـر‪ ،‬واملتخيّـر مـن كـالم‬
‫احلكماء‪ ،‬وزبدة امل َ‬
‫البلغاء‪ ،‬وفِطن الشعراء‪ ،‬وسري امللوك‪ ،‬وآثار السلف‪ .‬مجعت لك منها مـا مجعـت يف‬
‫هذا الباب لتأخذ نفسك بأحسنها وتقومها بثقافها»)‪.(2‬‬
‫ونستخلص من قول ابن قتيبة هذا أنه مل يصنف كتابه لفئة معينة من الناس بل‬
‫هلم مجيعاً كي يستمتعوا به على اختالف مشاربهم ومذاهبهم‪ .‬وكـي يفيـدوا منـه يف‬
‫تهذيب منطقهم وتثقيف لسانهم‪.‬‬
‫ولقد نشر الكتاب عن دار الكتب املصـرية يف أربعـة جملـدات مـا بـني ‪2713‬‬
‫و‪2741‬م‪ ،‬ثم نشرته املؤسسة املصرية العامـة للتـأليف والرتمجـة والطباعـة والنشـر‬
‫مصوراً‪ .‬عن طبعة دار الكتب املصرية يف أربعة جملدات عام ‪2763‬م‪.‬‬
‫الكامل يف األدب‪:‬‬
‫تأليف العباس حممد بن يزيد بن عبد األكرب الثمالي األزدي املشـهور بـاملربد‪.‬‬
‫ولد عام ‪121‬هـ وتوفى عام ‪415‬هـ‪.‬‬

‫(‪ )2‬عيون األخبار‪ .‬أبو حممد عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري‪ .‬املقدمة‪ :2:‬ى‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫دار الكتب املصرية ‪2715‬م‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫من أشهر كتب األدب واللغة‪ .‬وهو كتاب ثقافة عامة وأدب‪ .‬وهو يضم ألواناً‬
‫من الثقافة اإلسالمية واألدبية واللغوية والنحوية واألخبارية والتارخيية‪ .‬ولقـد قـدم‬
‫املربد لكتابه مبقدمة وضح فيها على وجه التحديد مادة الكتاب والغرض من تأليفه‪.‬‬
‫فقال «هذا كتاب ألفناه جيمع ضروباً من اآلداب مـا بـني كـالم منثـور وشـعر‬
‫مرصوف‪ ،‬ومثل سائر‪ ،‬وموعظة بالغة‪ ،‬واختيار من خطبـة شـريفة‪ ،‬ورسـالة بليغـة‪،‬‬
‫والنية فيه أن نفسر كل ما وقع يف هذا الكتاب من كالم يريـب أو معنـى مسـتغلق‪.‬‬
‫وأن نشرح ما يعرض فيه من اإلعراب شرحاً وافياً‪ ،‬حتى يكون هذا الكتاب بنفسـه‬
‫مكتفياً‪ ،‬وعن أن يرجع إىل أحد يف تفسريه مستغنياً»)‪ .(2‬ولقد اتبـع املـربد يف تـأليف‬
‫كتابه أسـلوب االسـتطراد مـع العنايـة بالناحيـة اإلعرابيـة واللغويـة يف النصـوص‬
‫الشعرية والنثرية‪.‬‬
‫طُبع الكامل مرات عدة أوالها يف أملانيـا يف سـنة ‪2163‬م‪ ،‬ثـم طُبـع يف مصـر‬
‫حيث تكررت طباعته‪ .‬وقد عنى بشرحه والتعليق عليه سيد املرصفي فأمساه «ريبة‬
‫اآلمل من كتاب الكامل»‪ .‬وبلـغ الكتـاب مثانيـة جملـدات‪ ،‬صـدرت بـني ‪2711‬و‬
‫‪ 2741‬م‪ .‬ثم طبـع مـا الكتـاب يف ثالثـة أجـزاء‪ .‬وأحلـق بهـا جـزء رابـع خـاص‬
‫مبجموعة قيمة من الفهارس‪.‬‬
‫العقد الفريد‪:‬‬
‫تأليف أمحد بن حممد بن عبد ربه‪ ،‬ولد عام ‪136‬هـ وتويف عام ‪411‬هـ‪.‬‬
‫يعد كتاب العقد الفريد يف الطليعة من كتب األدب‪ .‬وهو مـن مصـادر األدب‬
‫الرئيسية‪ .‬وهو موسوعة ثقافية كبرية‪ ،‬تشمل خمتلف الفنـون األدبيـة والفكريـة مـن‬
‫شعر ونثر‪ .‬وتتسم مادته بالغزارة والتنوع‪ .‬وحوى جانباً وافياً مـن نصـوص الشـعر‬
‫والنثر واخلطب والوصايا والرسائل‪ .‬كما اشتمل على معـارف يف الفقـه واحلـديث‬
‫واللغة واألخبار والعروض والتاريخ‪ .‬وقد تكلم على ذلك يف مقدمـة كتابـه فقـال‪:‬‬

‫(‪ )2‬الكامل يف اللغة واألدب‪ .‬أبو العباس حممد بن يزيد املعروف باملربد‪ .‬ص‪ .1 :‬مكتبة املعارف‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫«وقد ألفت هذا الكتاب وختريت جـواهره مـن مـتخري جـواهر اآلداب‪ ،‬وحمصـول‬
‫جوامع البيان‪ ،‬فكان جوهر اجلواهر‪ ،‬ولباب اللبـاب‪ .‬وإن مـا لـي فيـه هـو تـأليف‬
‫االختيار‪ ،‬وحسن االختصار‪ ،‬وفرش لدرر كل كتاب‪ ،‬وما سواه فمأخوذ مـن أفـواه‬
‫العلماء‪ ،‬ومأثور عن احلكماء واألدباء»)‪.(2‬‬
‫ويورد الكاتب وهو األديب األندلسي أخبار املشارقة أكثـر بكـثري مـن أخبـار‬
‫األندلس‪ ،‬ومن هنا قال الصاحب بـن عبـاد قولتـه الشـهرية‪« :‬هـذه بضـاعتنا ردت‬
‫إلينا»‪.‬‬
‫طُبع الكتاب عدة طبعات منها طبعة ‪2731‬م بتحقيق حممد سـعيد العريـان يف‬
‫مثانية أجزاء‪ ،‬كما طبع بتحقيق أمحد أمني وأمحد الزين وإبراهيم األبيـاري يف سـبعة‬
‫جملدات‪.‬‬
‫األمالي والنوادر‪:‬‬
‫تأليف أبي علي إمساعيل بن القاسـم القـالي البغـدادي‪ .‬ولـد عـام ‪111‬هــ‬
‫وتويف عام ‪456‬هـ‪.‬‬
‫هو أشهر كتب األمالي‪ .‬ولقد ألفه مؤلفه يف قرطبة بعد أن رحل إىل األنـدلس‬
‫ملبياً دعوة خليفتها عبدالرمحن الناصر‪ .‬ثم أهداه إىل ابنه احلكم األموي‪ .‬وهو كتاب‬
‫حافل بروائع الشعر والنثر‪ ،‬وطرائف النـوادر واألخبـار‪ ،‬ويتخللـها تعليـق القـالي‬
‫وشرحه وتفسريه وتعليقاته اللغوية اليت تدل على اطالع واسع علـى اللغـة العربيـة‬
‫وخصائصها‪ .‬وإذا كان كتاب الكامل للمربد كتاب أدب وحنو فـإن كتـاب األمـالي‬
‫للقالي كتاب أدب ولغة‪ .‬والقالي نفسه يتكلم على حمتوى كتابه فيقـول يف املقدمـة‪:‬‬
‫«فأمللت هذا الكتاب من حفظي يف األمخسة بقرطبة‪ ،‬ويف املسجد اجلـامع بـالزهراء‬
‫املباركة‪ ،‬وأودعته فنوناً من األخبار‪ ،‬وضروباً مـن األشـعار‪ ،‬وأنواعـاً مـن األمثـال‬
‫ويرائب اللغات‪ .‬على أني مل أذكر فيه بابا من اللغة إال أشبعته‪ ،‬وال ضرباً من اخلري‬
‫إال انتحلته‪ ،‬وال نوعاً من املعاني واملثل إال استجدته‪ .‬ثم مل أُخْلِه من يريب القرآن‪،‬‬

‫(‪ )2‬العقد الفريد‪ :‬ابن عبد ربه‪ .‬حتقيق حممد سعيد العريان‪ -1 :2 ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫وحديث الرسول ‪ .‬على أنين أوردت فيه من اإلبْدال ما مل يورده أحـد‪ ،‬وفسـرت‬
‫فيه من اإلتْباع ما مل يفسره بشـر‪ ،‬ليكـون الكتـاب الـذي اسـتنبطه إحسـان اخلليفـة‬
‫جامعاً‪ ،‬والديوان الذي ذكر فيه اسم اإلمام كامالً»)‪.(2‬‬
‫ولقد وضع القالي لكتابه ذيالً‪ ،‬وأحلـق بـه جـزءًا مسـاه النـوادر‪ ،‬ولقـد نشـر‬
‫األمالي أول مرة يف مصر مبطبعة بوالق سنة‪2716‬م‪ .‬ثم طبع يف دار الكتب املصرية‬
‫بتحقيق حممد عبد اجلواد األصمعي سنة‪2716‬م‪ .‬وتكررت بعد ذلك طبعاته‪.‬‬
‫األغاني‪:‬‬
‫تأليف أبي الفرج األصبهاني علي بن احلسني ولد سنة ‪113‬هــ‪ ،‬وتـويف سـنة‬
‫‪456‬هـ‪.‬‬
‫يعد األياني من أفضل كتب الرتاث العربي‪ .‬وهو يف احلقيقـة أكـرب مرجـع يف‬
‫العربية يف الغناء وتارخيه وقواعده املوسيقية اليت وجدت يف عصر املؤلف أو قبله‪.‬‬
‫وهو من أينى املوسوعات األدبية يف تراثنا‪ .‬ولقد حوى الكتاب تراجم األدباء‬
‫والشعراء واملغنني حتى نهاية القـرن الثالـث اهلجـري‪ .‬هـذا باإلضـافة إىل جمموعـة‬
‫ضخمة من األخبار األدبية والتارخيية والثقافية واالجتماعية‪.‬‬
‫ولقد مسى أبو الفرج كتابه األياني ألنه بنى مادته يف البدء على مائـة صـوت‬
‫كان هارون الرشيد قد أمر إبراهيم املوصلي وإمساعيل بن جامع وفُليحْ بن العوراء‬
‫باختيارها له من الغناء كله‪ ،‬ثم رفعت إىل الواثق باهلل‪ ،‬فأمر إسحاق بن إبراهيم بأن‬
‫خيتار له منها ما رأى أنه أفضل اما كان اختري متقدماً‪ ،‬ففعل وأتبع ذلـك مبـا اختـاره‬
‫يري هؤالء من متقدمي املغنّني‪ ،‬وأهل العلم بهذه الصناعة من األياني»)‪.(1‬‬
‫وحدد أبو الفرج اهلدف من الكتاب بأنه «مجع فيه ما حضره وأمكنه مجعه مـن‬
‫األياني العربية قدميها وحديثها‪ ،‬ونسب كل ما ذكره منها إىل قائـل شـعره وصـانع‬
‫حلنه وطريقته من إيقاعه‪ ،‬وإصبَعه اليت ينسب إليها من طريقته‪ .‬واشرتاك إن كان بني‬

‫(‪ )2‬كتاب األمالي‪ .‬أبو علي القالي‪ ،4 :2 ،‬املكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫(‪ )1‬األياني‪ :‬أبو الفرج األصبهاني‪ ،1 :2 ،‬دار إحياء الرتاث العربي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫املغنني فيه»)‪ .(2‬ثم امتد به القول إىل السبب الذي من أجلـه قيـل الشـعر‪ ،‬أو صـنع‬
‫اللحن وما يتعلق به من أخبار وأشعار وخطب‪ ،‬وقصص وملح ونكت ونوادر‪.‬‬
‫ويذكر أبو الفرج يف مقدمة كتابه أن الباعث الذي دفعه على تأليف الكتاب أن‬
‫أحد الوراقني قد وضع كتاباً ونسبه إىل إسحق بن إبراهيم املوصلي‪.‬‬
‫وكان هذا الكتاب مع ذلك قليل الفائـدة‪ .‬وهلـذا فقـد عُهـد ألبـي الفـرج أن‬
‫يؤلف كتابً يف الغناء العربي‪ ،‬احيث حيوي أصوله وأشهر أحلانه‪ ،‬فهذا هـو الباعـث‬
‫الذي دفعه إىل تأليف الكتـاب فيقـول‪« :‬والـذي بعـثين علـى تأليفـه أن رئيسـاً مـن‬
‫رؤسائنا كلفين مجعه‪ .‬وعرفين أنه بلغه أن الكتاب املنسـوب إىل إسـحاق مـدفوع أن‬
‫يكون من تأليفه‪ ،‬وهو مع ذلك قليل الفائدة‪ ،‬وأنه شاكّ يف نسبته ألن أكثر أصحاب‬
‫إسحاق ينكرونه‪ ،‬وألن ابنه محاداً أعظم الناس إنكاراً لذلك‪ .‬ولقـد لعمـري صـدق‬
‫فيما ذكره‪ ،‬وأصاب فيما أنكره‪ ...‬وأخربني أمحد بن جعفر جحظة أنه يعرف الوراق‬
‫الذي وضعه وكان يسمى بسند الوراق‪ ،‬وحانوته يف الشرقية يف خان الزِّبل‪ ،‬وكـان‬
‫يورق إلسحاق بن إبراهيم‪ .‬فاتفق هو وشريك له علـى وضـعه‪ ،‬وليسـت األيـاني‬
‫اليت فيه أيضاً مذكورة الطرائق‪ ،‬وال هي مبقنعة مـن مجلـة مـا يف أيـدي النـاس مـن‬
‫األياني وال فيها من الفوائد ما يبلغ اإلرادة»)‪.(1‬‬
‫واحق فإن كتاب األياني من كتب األدب القيمة اليت لـيس بوسـع باحـث أن‬
‫يستغين عنه‪.‬‬
‫ولقد طبع الكتاب عدداً من املرات‪ .‬وأشهرها طبعة الساسي يف مصر وهي يف‬
‫‪ 12‬جزءاً عدا الفهارس‪ .‬ثم طبعته دار الكتب املصرية‪ ،‬وهي طبعـة منقحـة مـزودة‬
‫بالفهارس التفصيلية‪.‬‬

‫(‪ )2‬األياني‪.2 :2 ،‬‬


‫(‪ )1‬املصدر نفسه‪.2:5 ،‬‬
‫‪41‬‬
‫نهاية األرب يف فنون األدب‪:‬‬
‫تأليف شهاب الدين أمحد بن عبدالوهاب النويري ولد عام ‪699‬هـ وتويف عام‬
‫‪944‬هـ‪.‬‬
‫يعد كتاب نهاية األرب أحد املوسوعات الضخمة يف تراثنـا‪ .‬بكـل مـا حتملـه‬
‫هذه التسمية من معنى‪ .‬فهو حيوي موضوعات متعددة من موسـيقى وينـاء وزهـد‬
‫وأدب وأسلوب حكم وفنون حـرب ويـري ذلـك‪ .‬فهـو موسـوعة ضـخمة‪ ،‬تضـم‬
‫خمتلف ألوان املعرفة‪ .‬والكتاب تتصل أاحاثه مبعظـم الفنـون والعلـوم‪ ،‬فهـو يتصـل‬
‫بــاألدب والتــاريخ واجلغرافيــا والسياســة واالجتمــاع والطــب والفلــك‪ ،‬والنبــات‬
‫واحليوان ويري ذلك‪ .‬وحوت هذه املوسوعة الكثري الفريد من العلوم والنادر اخلطري‬
‫من أخبار التاريخ‪ ،‬وخباصة ما أشار إليه املستشرق فـازيليف حيـث قـال‪«:‬إن نهايـة‬
‫األرب على الريم من تأخر عصره حيوي أخبـاراً خطـرية عـن صـقلية نقلـها عـن‬
‫مؤرخني قدماء مل تصـل إلينـا كتـبهم مثـل ابـن الرقيـق وابـن رشـيق وابـن شـداد‬
‫ويريهم»)‪.(2‬‬
‫ولقد حتدث النويري عـن سـبب تأليفـه فقـال‪« :‬وريبـت يف صـناعة اآلداب‪،‬‬
‫فرأيت يرضي ال يتم بتلقيها من أفواه الفضالء شفاها‪ ،‬فامتطيبـت جـواد املطالعـة‪،‬‬
‫وركضت يف ميدن املراجعة‪ ،‬حيث ذل لي مركبهـا‪ ،‬وصـفا لـي مشـربها‪ ،‬آثـرت أن‬
‫أجرد منها كتاباً‪ ،‬أستأنس به‪ ،‬وأرجع إليه‪ ،‬وأعول فيمـا يعـرض لـي مـن املهمـات‬
‫عليه»)‪.(1‬‬
‫وقد قسم املؤلف كتابه إىل مخسة فنون كـربى اخـتص األول منهـا يف السـماء‬
‫واآلثار العلوية واألرض واملعامل السفلية‪ ،‬والثاني يف اإلنسان‪ ،‬والثالث يف احليـوان‪،‬‬
‫والرابع يف النبات‪ ،‬واخلامس يف التاريخ‪ ،‬وقسم كل فن من هـذه الفنـون إىل مخسـة‬

‫(‪ )2‬األعالم‪ .‬خري الدين الزركلي‪ .265 :2 ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2797 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬نهاية األرب يف فنون األدب‪ .‬شهاب الدين أمحد بن عبدالوهاب النويري‪ ،2:4 ،‬دار الكتب‬
‫املصرية‪ ،‬القاهرة‪2755 ،‬م‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫أقسام‪ .‬وفرع كل قسم إىل أبواب‪.‬‬
‫والكتاب يقع يف ثالثني جزءاً‪ ،‬ولكـن مل يطبـع منـه يـري مثانيـة عشـر جـزءاً‪،‬‬
‫أصدرتها دار الكتب املصرية‪.‬‬
‫صب األعشى يف صناعة اإلنشا‪:‬‬
‫تأليف أبي العباس أمحد بن علي القلقشندي‪ .‬ولد عـام ‪956‬هــ‪ .‬وتـويف عـام‬
‫‪112‬هـ‪.‬‬
‫يعد هذا الكتاب موسوعة أدبية قيمة‪ .‬وهو من أهم املوسوعات األدبيـة‪ ،‬فهـو‬
‫كتاب جامع فيه تاريخ وسري‪ ،‬ولغة وأدب‪ ،‬وفقه وحديث وتفسري‪ ،‬ويري ذلـك مـن‬
‫خمتلف ألوان املعرفة‪ .‬ولقد كان له الفضل يف حف الكثري من الـرتاث‪ .‬ولقـد ذكـر‬
‫املؤلف يف كتابه مئات الكتب اليت اعتمد عليها يف تأليف مؤلفه‪.‬‬
‫ويرجع سبب تأليف هذا الكتاب إىل أن القلقشندي «قد ألف مقامـة متقنـة يف‬
‫الثناء على رئيس ديوان اإلنشاء القاضي عالء الدين بن حميي الدين بـن فضـل اهلل‪،‬‬
‫مساها الكواكب الدرية يف املناقب البدرية‪ ..‬وقد اشـتملت علـى التعريـف بكتابـة‬
‫اإلنشاء وبيان أهميتها‪ ،‬ولكن املؤلف وجد أن هذه املقامة جمملة‪ ،‬وقـد اقـرتح عليـه‬
‫أن تفصل يف كتاب مستقل‪ ،‬وذلك نظراً ألهميتهـا وعالقتهـا بـديوان اإلنشـاء ومـا‬
‫جيب أن يتصف به الكتَّـ اب ليتقنـوا صـناعة اإلنشـا‪ .‬ولـذلك وضـع كتـاب صـبح‬
‫األعشى يف صناعة اإلنشاء‪ ،‬وذلك ليكون شرحاً ملقامته اجململة السابق ذكرها»)‪.(2‬‬
‫ويتضح اما سبق أن الكتاب يف األصل موجه إىل الناشئة من الكتاب لتوضـيح‬
‫ما جيب أن يستوعبوه من فنون املعرفة‪ ،‬لكي يشتد ساعدهم يف الكتابة‪ ،‬ويوضح هلم‬
‫الفنون اليت جيـب أن يتقنوهـا مـن حفـ للقـرآن واتقـان للغـة والنحـو والصـرف‬
‫واألمثــال واألنســاب ومعرفــة بــاخلطوط واألقــالم‪ ،‬واطــالع علــى الــدواوين‬
‫ومصطلحاتها وأنواعها وأساليبها‪ .‬وهـو يعـرض كـل ذلـك بصـورة أدبيـة مشـرقة‬

‫(‪ )2‬حماضرات يف األدب اململوكي والعثماني‪ .‬د‪ .‬عمر موسى باشا‪ .‬ص‪ .257 :‬مطبعة اإلحسان دمشق‪،‬‬
‫‪2797‬م‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫ويتخلل عرضه هذا كثري من النصوص الشعرية والنثرية اليت ترتبط مبوضوعه‪.‬‬
‫ويتألف هذا الكتاب من مقدمة وعشر مقاالت وخامتة‪ ،‬امتدت لتشـمل أربعـة‬
‫عشر جملداً‪ .‬ويف املقدمة حتدث عن فضل القلم والكتابـة ومعنـى اإلنشـاء وتطـوره‬
‫وترجيح النثر على النظم‪ ،‬وصفات الكتاب وآدابهم وتاريخ ديوان اإلنشاء ونشـأته‬
‫يف اإلسالم‪ ،‬ووظائف الديوان واختصا صـاته‪ .‬ثـم حتـدث بعـد ذلـك املؤلـف عـن‬
‫صناعة اإلنشاء يف عشر مقاالت كبرية‪ :‬املقالة األوىل يف ثقافة كاتب اإلنشـاء وفيمـا‬
‫جيب عليه أن يعرفه من مواد اإلنشاء وآالتـه مـن معرفـة باللغـة واألدب‪ ،‬وأحـوال‬
‫األمم‪ ،‬واما تتطلبه مهنته من أنواع األقالم‪ ،‬واحلرب والورق ويري ذلـك‪ .‬والثانيـة يف‬
‫الثقافة اجلغرافية ببالد العامل‪ ،‬والثالثة يف معرفته بقضايا الديوان واملكتبات وأنواعهـا‬
‫وفنونهــا‪ ،‬والرابعــة يف أصــول حتريــر املكاتبــات‪ ،‬واخلامســة يف الواليــات والبيعــة‪.‬‬
‫والسادسة يف الوصايا الدينية واملساحمات واالطالقات والتذاكر ويريهـا‪ .‬والسـابعة‬
‫يف اإلقطاعات واملقاطعات‪ .‬والثامنة يف األميان‪ .‬والتاسعة يف عقـود الصـلح وكتـب‬
‫األمان ويريها‪ .‬والعاشرة يف كتب أخرى يري ديوانية‪ .‬واخلامتة يف ذكر أمـور تتعلـق‬
‫بديوان اإلنشاء يري أمور الكتابة)‪.(2‬‬
‫ولقد طبعته ونشرته دار الكتب املصرية ما بـني ‪2721‬م و ‪2711‬م يف أربعـة‬
‫عشر جملداً‪ .‬ثم نشرته املؤسسة املصرية العامة للتأليف والرتمجة والطباعة والنشـر يف‬
‫طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب سنة ‪2764‬م‪.‬‬

‫(‪ )2‬صبح األعشى يف صناعة اإلنشا‪ .‬أمحد بن علي القلقشندي‪ .33 – 12/2 .‬شرح وتعليق حممد‬
‫حسني مشس الدين‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫مصادر املختارات الشعرية‬

‫(‪ )2‬مصادر املختارات الشعرية‬


‫‪45‬‬
‫شهد العصر العباسي حضارة عربية إسالمية زاهرة‪ ،‬وكانت هذه احلضارة‬
‫متعددة املناحي‪ ،‬متشعبة اجلوانب‪ ،‬وحظي األدب باهتمام كبري‪ ،‬وتنوعت الدراسات‬
‫األدبية وكثرت املؤلفات واملصنفات‪ .‬ونشطت حركة مجع الشعر وتبويبه ودراسته‪.‬‬
‫ووضعت كتب قيمة كثرية يف هذا اجملال‪ .‬ومن الصعب حصرها‪ ،‬وسنقف عند‬
‫أبرزها كي يفيد منها القارئ يف صقل لسانه واحلفاظ على بيانه من العي واللحن‪،‬‬
‫وإثراء خرباته وتزويده بشتى صنوف املعرفة‪.‬‬
‫املفضليات‪:‬‬
‫تأليف املفضل بن حممد بن يعلى الضيب‪ .‬ولد يف أواخر العقد األول من القرن‬
‫الثاني‪ .‬وتويف عام ‪261‬هـ‪.‬‬
‫واملفضليات جمموعة شعرية اختارها املفضل الضيب من قصائد شعراء اجلاهلية‬
‫واإلسالم‪ ،‬بناء على طلب من اخلليفة العباسي أبي جعفر املنصور لكي يدرسها‬
‫البنه حممد بن عبداهلل املهدي‪ .‬إذ أن املفضل كان يف مجاعة إبراهيم بن عبداهلل بن‬
‫احلسن من أبناء علي بن أبي طالب وخرج معه ثائراً فيمن خرج على اخلليفة‬
‫العباسي أبي جعفر املنصور‪ ،‬وظفر أبو جعفر بإبراهيم كما ظفر كذلك باملفضل‬
‫ولكنه عفا عنه وألزمه ابنه املهدي كي يؤدبه‪ .‬وللمهدي اختار هذه القصائد)‪.(2‬‬
‫ولعل هذه اجملموعة الشعرية أقدم جمموعة شعرية وصلتنا اما صنف يف القرن‬
‫الثاني للهجرة‪ .‬وهي تضم‪241‬قصيدة أيلبها جاهلي‪ ،‬وبعضها خمضرم أو إسالمي‪.‬‬
‫ولقد أثبتت فيها القصائد بتمامها فهي قصائد كاملة وليست منتخبات من قصائد‪،‬‬
‫وهلا مكانة خاصة بني دارسي األدب‪ .‬وذلك بسبب املكانة املتميزة والسمعة احلسنة‬
‫اليت متتع بها مؤلفها‪ .‬فهو ثقة ومل يطعن أحد من معاصريه أو امن جاء بعد يف أمانته‬
‫وصدقه‪ ،‬ريم كثرة رواة الشعر الذين طعن بهم يف ذلك العصر‪.‬‬
‫ولعل هذه اجملموعة عرفت باملفضليات بعد املفضل‪ ،‬ومل تطلق عليها هذه‬
‫التسمية من قبله‪ .‬وإمنا أطلقت عليها بعده‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املفضليات‪ :‬أبو العباس املفصل بن حممد الضيب‪ .‬حتقيق وشرح أمحد حممد شاكر وعبد السالم‬
‫حممد هارون‪ .‬ص‪ ،24 :‬القاهرة ‪2763‬م‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫وللمفضليات مكانة مرموقة بني جمموعات الشعر القديم‪ .‬وهلا قيمة تارخيية‬
‫وأدبية هامة‪ .‬وطبعت طبعات كثرة‪ .‬ومنها طبعة دار املعارف يف القاهر بتحقيق أمحد‬
‫حممد شاكر وعبد السالم هارون يف جزأين‪ .‬وذلك عام ‪2734‬م‪ ،‬ثم تكررت‬
‫طباعتها‪.‬‬
‫األصدعيات‪:‬‬
‫تأليف عبدامللك بن قريب األصمعي‪ .‬ولد عام ‪211‬هـ وتويف عام ‪126‬هـ‪.‬‬
‫األصمعيات هي اجملموعة الشعرية الثانية بعد املفضليات‪ .‬وتعد متممة هلا‪،‬‬
‫ألن األصمعي حنا بها حنو املفضل‪ ،‬وسار على نسق املفضليات يف مجعه‪.‬‬
‫واقتصرت هذه اجملموعة على الشعر القديم وخباصة الشعر اجلاهلي وجانب‬
‫من الشعر املخضرم واإلسالمي‪ .‬وبلغ عدد هؤالء الشعراء واحداً وسبعني شاعراً؟‬
‫وهي تضم اثنتني وتسعني قصيدة‪.‬‬
‫وملا كان األصمعي شيخ رواة الشعر العربي القديم‪ ،‬فإن ما مجعه يعد من أوثق‬
‫وأصح قصائد العربية‪ ،‬وأطلق عليها األصمعيات متييزاً هلا عن املفضليات‪ ،‬إال أنه‬
‫على الريم من هذا التمييز فقد حدث كثري من التمازج والتداخل بني قصائد‬
‫اجملموعتني‪.‬‬
‫وطبعت األصمعيات مع شرح خمتصر بتحقيق أمحد حممد شاكر وعبدالسالم‬
‫هارون سنة ‪2755‬م يف دار املعارف بالقاهرة‪.‬‬
‫مجهرة أشعار العرب يف اجلاهلية واإلسالم‪:‬‬
‫تأليف أبي زيد حممد بن أبي اخلطاب القرشي‪.‬‬
‫هو شخصية يري معروفة‪ ،‬واملعلومات عنه ضئيلة للغاية‪ ،‬وال توجد له ترمجة‬
‫يف كتب األدب‪ .‬وهو من رجال القرن الثالث اهلجري‪ .‬ومل يعرف عنه إال أنه تلميذ‬
‫للمفضل بن عبداهلل اجملربي‪.‬‬
‫وكتاب مجهرة أشعار العرب كاجملموعتني السابقتني املفضليات واألصمعيات‬
‫فهو يقوم على اختيار عيون القصائد من الشعر اجلاهلي واملخضرم واإلسالمي‪.‬‬
‫وحتوي هذه اجملموعة الشعرية تسعاً وأربعني قصيدة وزعها املؤلف يف سبع فئات‬
‫متكافئة‪ ،‬كل فئة تضم سبع قصائد‪ ،‬وحتمل امساً خاصاً‪ .‬وهذه هي أمساء الفئات‬
‫‪47‬‬
‫جمْ َهرَات) ‪ ،( 2‬واملنتقيات‪ ،‬وا ُملذْهبات‪ ،‬وأصحاب املراثي‪،‬‬
‫السبع‪ :‬املعلقات‪ ،‬واملُ َ‬
‫حمَات)‪.(4‬‬
‫وأصحاب املَشُوبات)‪ ،(1‬وأصحاب املُلْ َ‬
‫ويذكر القرشي يف مقدمته سبب اقتصاره يف االختيار على الشعر القديم أنه‬
‫هو األصل‪ ،‬وأن من جاءوا بعد من الشعراء كانوا مضطرين إىل االختالس من‬
‫حماسنه فيقول‪« :‬هذا كتاب مجهرة أشعار العرب يف اجلاهلية واإلسالم‪ ،‬الذي نزل‬
‫القرآن بألسنتهم‪ .‬واشتقت العربية من ألفاظهم‪ ،‬واختذت الشواهد يف معاني القرآن‬
‫ويريب احلديث من أشعارهم‪ ،‬وأسندت احلكمة واآلداب إليهم‪ ،‬تأليف أبي زيد‬
‫حممد بن أبي اخلطاب القرشي‪ .‬وذلك أنه ملا مل يوجد أحد من الشعراء بعدهم إال‬
‫مضطراً إىل االختالس من حماسن ألفاظهم‪ ،‬وهم إذ ذاك مكتفون عن سواهم‬
‫مبعرفتهم‪ ،‬وبعد فهم فحول الشعراء الذين خاضوا احره‪ ،‬وبعد فيه شأوهم‪ ،‬واختذوا‬
‫له ديواناً كثرت فيه الفوائد عنهم‪ ،‬ولوال أن الكالم مشرتك لكانوا قد حازوه دون‬
‫يريهم‪ ،‬فأخذنا من أشعارهم‪ ،‬إذ كانوا هم األصل‪ ،‬يرراً هي العيون من أشعارهم‪،‬‬
‫وزمام ديوانهم»)‪ .(3‬وقد طبعت مجهرة أشعار العرب عدة طبعات أوهلا يف مطبعة‬
‫بوالق مبصر سنة ‪2171‬م‪ .‬ثم تلتها عدة طبعات منها طبعة املكتبة التجارية الكربى‬
‫يف مصر عام ‪2716‬م‪ .‬ثم طبعة دار صادر ببريوت عام ‪2764‬م‪ .‬ولقد صدرت عام‬
‫‪ 2769‬بتحقيق علي حممد البجاوي عن دار نهضة مصر‪.‬‬
‫محاسة أبي متام‪:‬‬
‫تأليف أبي متام حبيب بن أوس الطائي‪ .‬ولد عام ‪271‬هـ وتويف عام ‪142‬هـ‪.‬‬
‫من أشهر مصادر الشعر العربي اجملموعات اليت عرفت باسم احلماسة‪ ،‬ومن أشهرها‬
‫محاسة أبي متام‪ .‬وقد ابتدأ هذا النوع من التأليف أبو متام‪ .‬وحذا حذوه كثريون‪،‬‬

‫(‪ )2‬اجملمهرات‪ :‬هي احملكمة السبك‪ .‬يقال للناقة «اجملمهرة» أي املتداخلة اخللق كأنها كتلة من الرمال‪.‬‬
‫(‪ )1‬املشوبات‪ :‬هي اليت شابها الكفر واإلسالم ‪ .‬أي اليت عاش أصحابها يف اجلاهلية واإلسالم‪ .‬وهم‬
‫املخضرمون‪.‬‬
‫(‪ )4‬امللحمات‪ :‬أي امللحمة يف نظمها‪.‬‬
‫(‪ )3‬مجهرة أشعار العرب يف اجلاهلية واإلسالم‪ .‬أبو زيد حممد بن أبي اخلطاب القرشي‪ .‬ص‪ 7:‬دار‬
‫صادر‪ ،‬بريوت‪2764 ،‬م‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫ومن أشهرهم البحرتي وابن الشجري‪.‬‬
‫وذكر اخلطيب التربيزي سبب مجع أبي متام احلماسة «أنه قصد عبداهلل ابن‬
‫طاهر وهو خبراسان فمدحه‪ ...‬وعاد من خراسان يريد العراق فلما دخل همذان‬
‫ايتنمه أبو الوفاء بن سلمة فأنزله وأكرمه فأصبح ذات يوم وقد وقع ثلج عظيم‬
‫قطع الطريق ومنع السابلة فغم أبا متام ذلك وسر أبا الوفاء فقال له وطن نفسك‬
‫على املقام فإن هذا الثلج ال ينحسر إال بعد زمان وأحضر له خزانة كتبه فطالعها‬
‫واشتغل بها وصنف مخسة كتب يف الشعر منها كتاب احلماسة والوحشيات وهي‬
‫قصائد طوال»)‪.(2‬‬
‫وجعل املؤلف جمموعة خمتاراته الشعرية يف عشرة أبواب هي‪ :‬باب احلماسة‪،‬‬
‫وباب املراثي‪ ،‬وباب األدب‪ ،‬وباب النسيب‪ ،‬وباب اهلجاء‪ ،‬وباب األضياف‬
‫واملديح‪ ،‬وباب الصفات‪ ،‬وباب السري والنعاس‪ ،‬وباب املديح‪ ،‬وباب مذمة النساء‪.‬‬
‫والباب األول أي باب احلماسة هو أكرب أبواب الكتاب وبه مسى الكتاب بكامله‪.‬‬
‫وأبو متام أسبق املصنفني إىل تقسيم الشعر حسب هذه الطريقة‪ .‬فقد كان مجع‬
‫الشعر واختياره جيري اتفاقاً ودومنا قاعدة‪ ،‬كما هو احلال يف املفضليات‬
‫واألصمعيات‪ .‬فسلك أبو متام طريقة تنسيق املختارات احسب الفنون الشعرية‬
‫واتبعه املصنفون بعد ذلك‪.‬‬
‫وشعراء احلماسة أيلبهم من الشعراء القدامى وخباصة اجلاهليني واإلسالميني‬
‫وليس بينهم من الشعراء احملدثني إال عدد قليل كمسلم بن الوليد وأبي العتاهية‬
‫ودعبل اخلزاعي‪ .‬ولقد ورد فيها كثري من املختارات لشعراء مغمورين‪.‬‬
‫وحظيت محاسة أبي متام باهتمام كبري من العلماء واألدباء والنقاد‪ .‬وشرحت‬
‫شروحاً كثرية‪ .‬وامن تصدى لشرحها أبو بكر الصولي واحلسن بن بشر اآلمدي‬
‫وأبو الفتح ابن جين‪ ،‬وأبو هالل العسكري‪ ،‬وأبو علي أمحد بن حممد املرزوقي‪،‬‬
‫وأبو العالء املعري‪ ،‬واخلطيب التربيزي‪ ،‬وامليكالي‪ ،‬والبيهقي‪ ،‬والعكربي‪ .‬وأكثر‬
‫هذه الشروح رواجاً شرحاً التربيزي واملرزوقي‪.‬‬

‫(‪ )2‬شرح ديوان احلماسة «أبو متام»‪ .‬شرح أبي زكريا حييي بن علي التربيزي‪ -3 ،2:4 ،‬عامل الكتب‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫وقد طُبع كتاب احلماسة بشرح التربيزي عدة طبعات فلقد طبع يف مدينة بون‬
‫بأملانيا يف سنة ‪2191‬م بعناية املستشرق األملاني «فرايتاج»‪ ،‬ثم طبع مبطبعة بوالق يف‬
‫مصر سنة ‪2176‬هـ بعناية الشيخ حممد قاسم يف أربعة أجزاء‪ .‬ثم طبع يف مطبعة‬
‫السعادة بالقاهرة يف سنة ‪2724‬م يف جزأين‪ .‬وبعد ذلك طبع يف مصر بتحقيق حميي‬
‫الدين عبداحلميد يف سنة ‪2741‬م يف أربعة أجزاء‪.‬‬
‫وطبعت احلماسة بشرح املرزوقي بتحقيق أمحد أمني وعبدالسالم هارون يف‬
‫القاهرة يف أربعة أجزاء ما بني عامي ‪2752‬و‪2754‬م‪ .‬ثم صدرت الطبعة الثانية يف‬
‫سنة ‪2769‬م‪.‬‬
‫محاسة البحرتي‪:‬‬
‫تأليف الشاعر أبو عبادة الوليد بن عبيد البحرتي ولد عام ‪115‬هـ وتوفى عام‬
‫‪113‬هـ‪.‬‬
‫احتذى البحرتي حذو أبي متام يف تصنيف محاسته ويقال‪ :‬إنه صنفها للوزير‬
‫الفتح بن خاقان يف عهد اخلليفة العباسي املتوكل معارضة لكتاب احلماسة الذي‬
‫ألفه أبو متام)‪.(2‬‬
‫واختار نصوصها من عيون الشعر القديم اجلاهلي واإلسالمي‪ ،‬مع إيراد‬
‫بعض املقطوعات لبعض الشعراء احملدثني‪ .‬وسلك مسلك أبي متام يف إكثاره من‬
‫االختيار من شعر الشعراء املقلني اجمليدين‪.‬‬
‫وجعل البحرتي محاسته يف مائة وأربعة وسبعني باباً إذ أكثر من وضع العناوين‬
‫ألبواب محاسته‪.‬‬
‫وقام البحرتي بتوبيب محاسته على مبدأ املوضوعات التفصيلية ال على مبدأ‬
‫األيراض الشعرية‪ ،‬كما هو احلال يف محاسة أبي متام‪ .‬فلقد فصل البحرتي يف أبوابه‬
‫تفصيالً زائداً‪ ،‬وجعل لكل موضوع عنواناً جزئياً‪ ،‬وهذا ما جعل األبواب تتسع‬
‫فتبلغ هذا العدد الكبري‪.‬‬

‫(‪ )2‬كتاب احلماسة‪ :‬أبو عبادة الوليد بن عبيد البحرتي‪ .‬حتقيق األب لويس شيخو اليسوعي‪ ،‬ص‪2:‬‬
‫بريوت ‪2721‬م‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫ويبدو أن البحرتي قد مسى كتابه محاسة حباً مبعارضة أبي متام‪ ،‬وإن مل يكن‬
‫بني أبواب الكتاب باب بهذا االسم‪ ،‬ومع ذلك فاألبواب السبعة والعشرون األوىل‬
‫من كتابه إمنا تفصل املعاني احلماسية اليت أمجلها أبو متام يف باب واحد‪ .‬وهي كلها‬
‫تدور حول احلماسة وإن مل تأخذ امسها)‪ .(2‬ومل تنل محاسة البحرتي عناية الشارحني‬
‫القدامى كما نالتها محاسة أبي متام وال نعرف أحداً من القدماء تصدى لشرحها كما‬
‫فعلوا يف محاسة أبي متام‪ .‬ومل تلق مع كل ما هلا من قيمة أدبية الرواج قدمياً‪.‬‬
‫وقد طبعت محاسة البحرتي يف مطبعة األدباء اليسوعيني ببريوت عام ‪2721‬م‬
‫بتحقيق األب لويس شيخو اليسوعي‪ .‬ثم طبعت طبعة أخرى يف مصر يف سنة‬
‫‪2717‬م بتحقيق كمال مصطفى‪ .‬ثم صدرت الطبعة الثانية لطبعة لويس شيخو من‬
‫دار الكتاب العربي يف بريوت يف سنة ‪2769‬م‪.‬‬
‫محاسة ابن الشجري‪:‬‬
‫تصنيف أبي السعادة هبة اهلل بن علي بن حممد بن الشجري‪ .‬ولد عام‬
‫‪351‬هـ‪ .‬وتويف سنة ‪531‬هـ‪.‬‬
‫حنا ابن الشجري يف محاسته منحى أبي متام والبحرتي‪ .‬واختار مقطوعات من‬
‫عيون الشعر القديم وأضاف إليها كثرياً من احملدَث الذي أصبح كثري منه يعد قدمياً‬
‫بالنسبة لزمن املصنف‪ .‬وبلغ عدد الشعراء الذين اختار هلم حنو ثالمثائة ومخسة‬
‫وستني شاعراً عدا األشعار اليت أوردها ومل ينسبها لقائل معني‪ .‬وبلغت محاسيات‬
‫اجملموعة تسعمائة وأربعاً وأربعني محاسية وأيلبها مقطعات وقلما بلغت حدود‬
‫القصيد‪.‬‬
‫وسار ابن الشجري يف تصنيف محاسته على طريقة أبي متام من حيث تقسيمها‬
‫إىل أبواب‪ ،‬يضم كل باب منها ما قيل يف فن من فنون الشعر‪ .‬وعدد األبواب تسعة‬
‫أبواب وهي‪ :‬األول للشدة والشجاعة‪ ،‬والثاني للوم والعتاب‪ ،‬والثالث للمراثي‪،‬‬
‫والرابع للمديح‪ ،‬واخلامس للهجاء‪ ،‬والسادس لألدب‪ ،‬والسابع للنسيب‪ ،‬والثامن‬
‫للصفات والتشبيهات‪ ،‬والتاسع للملح‪.‬‬
‫وطبعت احلماسة الشجرية يف دائرة املعارف العثمانية يف حيدر آباد يف اهلند‬

‫(‪ )2‬نظرة تارخيية يف حركة التأليف عند العرب‪ .‬ص‪ ،212:‬وانظر كتاب مع املكتبة العربية‪ ،‬ص‪.115:‬‬
‫‪51‬‬
‫سنة ‪2719‬م بعناية املستشرق «كرنكو» وصدرت يف دمشق ضمن منشورات وزارة‬
‫الثقافة بتحقيق عبداملعني امللوحي وأمساء احلمصي يف سنة ‪2791‬م‪.‬‬
‫احلداسة البصرية‪:‬‬
‫تصنيف صدر الدين علي بن أبي الفرج احلسن البصري وتاريخ مولده يري‬
‫معروف وتويف عام ‪657‬هـ‪.‬‬
‫حذا البصري يف محاسته حذو أبي متام‪ ،‬إال أنه زاد على محاسة أبي متام أربعة‬
‫أبواب‪ ،‬إذ رتب خمتاراته الشعرية يف أربعة عشر باب ًا معظمها يشابه أبواب أبي متام‪.‬‬
‫وهي مصنفة على األيراض‪ .‬وهذه األيراض هي‪ :‬باب احلماسة‪ ،‬باب املديح‬
‫والتقري ‪ ،‬باب التأبني والرثاء‪ ،‬باب األدب‪ ،‬باب النسيب والغزل‪ ،‬باب األضياف‪،‬‬
‫باب ما قيل يف اهلجاء‪ ،‬باب مذمة النساء‪ ،‬باب الصفات والنعوت‪ ،‬باب السري‬
‫والنعاس‪ ،‬باب امللح واجملون‪ ،‬باب ما جاء يف أكاذيبهم وخرافاتهم‪ ،‬ما جاء من ملح‬
‫الرتقيص‪ ،‬باب اإلنابة والزهد‪.‬‬
‫واستمد البصري نصوص محاسته من مصادر عديدة تقدمته‪ ،‬ومن مجلتها‬
‫محاسة أبي متام والبحرتي واخلالديني وابن الشجري‪ .‬ولقد ختري مقطوعات من‬
‫عيون الشعر اجلاهلي واإلسالمي‪ .‬وتضم محاسته حنو ستة آالف بيت لنحو مخسمائة‬
‫شاعر‪ .‬ويذكر البصري يف مقدمة كتابه أنه قد صنفه للملك الناصر أبي املظفر‬
‫يوسف بن امللك العزيز بن امللك الظاهر‪ .‬فهو يقول‪« :‬ملا كانت اجملاميع الشعرية‬
‫صقال األذهان وألنواع املعاني كالرتمجان‪ .‬وكان موالنا امللك الناصر صالح الدنيا‬
‫والدين ناصر اإلسالم واملسلمني أبو املظفر يوسف بن امللك العزيز بن امللك‬
‫الظاهر‪ ،‬ال زال ناجز األوامر يف كل جند ويائر‪ ،‬هلجاً بأشعار العرب اليت هي ديوان‬
‫اآلداب‪ ،‬توخيت يف حترير جمموع حمتو على قالئد أشعارهم‪ ،‬ويرر أخبارهم)‪.»(2‬‬
‫وطبعت احلماسة البصرية بتحقيق الدكتور خمتار الدين أمحد اهلندي سنة‬
‫‪2763‬م‪ ،‬يف دائرة املعارف العثمانية يف حيدر آباد الدكن باهلند يف جزأين‪.‬‬

‫(‪ )2‬احلماسة البصرية‪ .‬البصري‪ ،2:1 ،‬عامل الكتب بريوت‪.‬‬


‫‪52‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫مصادر تراجم األدباء والشعراء‬

‫‪53‬‬
‫(‪ )6‬مصادر تراجم األدباء والشعراء‬
‫كتب الرتاجم عامة وكثرية‪ .‬وهناك كتب مشهورة بها تراجم لألدباء‬
‫والشعراء‪ ،‬ولذا آثرت أن أقف عند بعضها‪ ،‬وأن أكتفي بذكر أشهرها‪ ،‬كي تفيد‬
‫الدارس والباحث‪ ،‬وتكون عون ًا له يف دراساته وأاحاثه‪.‬‬
‫طبقات الشعراء‪:‬‬
‫تأليف حممد بن سالم بن عبيداهلل بن سامل اجلمحي‪ .‬ولد يف البصرة عام‬
‫‪247‬هـ‪ ،‬وتويف عام ‪141‬هـ‬
‫وكتاب طبقات الشعراء أقدم كتاب وصلنا يف تراجم الشعراء‪ .‬وهذا يضفي‬
‫عليه أهمية تارخيية كبرية باإلضافة إىل أهميته األدبية‪.‬‬
‫وعرف الكتاب بتسميات عديدة متقاربة منها طبقات الشعراء‪ ،‬ومنها طبقات‬
‫فحول الشعراء‪ ،‬ومنها طبقات الشعراء اجلاهليني واإلسالميني‪.‬‬
‫والكتاب ينقسم إىل قسمني‪ .‬القسم األول منهما هو املقدمة‪ ،‬وهي مقدمة‬
‫نقدية قصرية‪ .‬وحتتوي على قضايا نقدية مهمة منها قضية االنتحال يف الشعر‪.‬‬
‫ولقد حدد ابن سالم البواعث اليت أدت إىل انتحال الشعر‪ ،‬وضمنها كثرياً من‬
‫آرائه الفنية يف هذا اجملال)‪.(2‬‬
‫والقســم الثــاني مــن الكتــاب حيتــوي علــى تصــنيف الشــعراء اجلــاهليني‬
‫واملخضرمني واإلسالميني إىل طبقات متتابعة‪ ،‬وذلـك حسـب مكـانتهم الفنيـة مـن‬
‫وجهة نظره‪ ،‬وتبعاً ملعايريه اخلاصة فقد قسم الشعراء اجلـاهليني إىل عشـر طبقـات‪.‬‬
‫وجعل يف كل طبقة أربعة شعراء متماثلني من حيث املستوى الفـين‪ .‬وقسـم كـذلك‬
‫الشعراء اإلسالميني ومن شابههم من املخضرمني إىل عشر طبقات أيضاً‪ .‬وكل طبقة‬
‫تضم أربعة شعراء‪ .‬وأحلق باجلاهليني ثالث فئات‪ .‬وهـي‪ :‬شـعراء املـدن مـن مكـة‬
‫واملدينة والطائف والبحرين‪ ،‬وشعراء املراثي وهم أربعة‪ ،‬وشعراء اليهـود يف املدينـة‬

‫(‪ )2‬طبقات الشعراء اجلاهليني واإلسالميني‪ .‬أبو عبداهلل بن سالم اجلمحي‪ ،‬ص‪.15 – 6 :‬‬
‫‪54‬‬
‫وذكر منهم مثانية‪ .‬وبلغ عدد الشعراء الذين ترجم هلم مائة وأربعة عشر شاعراً‪.‬‬
‫ولقد طبع الكتاب عدة طبعات‪ .‬وطبع أول مرة يف ليدن سنة ‪2726‬م‪ .‬ونشره‬
‫املستشرق يوسف هلَّ‪ .‬ثم طبع يف مصر باالعتماد على طبعة ليدن مبطبعة السعادة‬
‫يف القاهرة ونشره حامد احلديد احلليب سنة ‪2711‬م‪ .‬ثم طبع بتحقيق حممود شاكر‬
‫بدار املعارف بالقاهرة سنة ‪2754‬م‪.‬‬
‫الشعر والشعراء‪:‬‬
‫تأليف أبي حممد بن عبداهلل بن مسلم بن قتيبة‪ .‬ولد عام ‪124‬هـ‪ .‬وتويف عام‬
‫‪196‬هـ‪.‬‬
‫هذا الكتاب من أقدم الكتب العربية يف تراجم الشعراء‪ .‬وحوى ترمجة ملائتني‬
‫وستة من الشعراء‪ .‬وقد اختار ابن قتيبة أشهر الشعراء‪ .‬ومل يقتصر على شعراء‬
‫اجلاهلية وأوائل اإلسالم‪ ،‬وإمنا ترجم أيضاً لبعض احملدثني‪ .‬وراعى ابن قتيبة يف‬
‫كتابه ترتيب الشعراء حسب التسلسل الزمين إىل حد كبري‪ .‬ولقد احتوى الكتاب‬
‫على مقدمة نقدية قيمة‪ ،‬تعد من بواكري النقد األدبي املعلل‪ .‬ولقد طرق فيها كثرياً‬
‫من القضايا النقدية السائدة يف عصره وخباصة قضية القديم واحلديث من الشعر‬
‫والطبع والصنعة‪.‬‬
‫وأورد آراء واضحة ودقيقة يف كل ما قال‪.‬‬
‫وحدد املؤلف يف املقدمة ومنذ البداية خطته يف هذا الكتاب حيث قال‪« :‬هذا‬
‫كتاب ألفته يف الشعراء‪ .‬أخربت فيه عن الشعراء وأزمانهم وأقدارهم وأحواهلم يف‬
‫أشعارهم وقبائلهم‪ ،‬وأمساء آبائهم‪ ،‬ومن كان يعرف باللقب أو الكنية منهم‪ ،‬وعما‬
‫يستحسن من أخبار الرجل ويستجاد من شعره‪ .‬وما أخذته العلماء عليهم من‬
‫الغلط واخلطأ يف ألفاظهم أو معانيهم‪ .‬وما سبق إليه املتقدمون فأخذه عنهم‬
‫املتأخرون ‪ ..‬وكان أكثر قصدي للمشهورين من الشعراء الذين يعرفهم جلُّ أهل‬
‫األدب والذين يقع االحتجاج بأشعارهم يف الغريب‪ ،‬ويف النحو‪ ،‬ويف كتاب اهلل عز‬
‫وجل وحديث رسول اهلل ‪ .‬فأما من خفي امسه وقل ذكره وكسد شعره‪ ،‬وكان‬

‫‪55‬‬
‫ال يعرفه إال بعض اخلواص فما أقل من ذكرت من هذه الطبقة»)‪.(2‬‬
‫ولقد طبع الشعر والشعراء أول مرة يف ليدن سنة ‪2195‬م‪ ،‬ثم طبع فيها ثانية‬
‫سنة ‪2711‬م‪ ،‬ثم طبع يف مصر سنة ‪2713‬م بتعليقات من حممد بدر الدين‬
‫النعساني‪ ،‬وبعد ذلك تعددت طبعاته ومن ضمنها حتقيق أمحد حممد شاكر يف عام‬
‫‪2751‬م‪ ،‬ثم أصدره ثانية يف جزأين كبريين خالل سنيت ‪ 2769 -2766‬عن دار‬
‫املعارف‪.‬‬
‫معجم الشعراء للدرزباني‪:‬‬
‫تأليف أبي عبداهلل حممد بن عمران املرزباني‪ .‬ولد عام ‪179‬هـ‪ ،‬وتويف عام‬
‫‪413‬هـ‪.‬‬
‫رتب املؤلف األمساء يف املعجم ترتيباً هجائياً حسب االسم األول بغض‬
‫النظر عن األلقاب والكنى‪ .‬وحاول أن يستقصي أمساء الشعراء فجعل كتابه شامالً‬
‫املشهورين واملغمورين دون متييز‪ ،‬فضم معجمه حنو مخسة آالف شاعر‪ .‬ويبدو أنه‬
‫لضخامة عدد الشعراء املرتجم هلم عمد إىل االقتضاب يف الرتمجة احثاً عن االستيفاء‬
‫واحلصر‪.‬‬
‫ولقد أشار إىل ذلك ابن النديم خالل وصفه للكتاب فقال‪« :‬وكتاب املعجم‬
‫له‪ .‬ذكر فيه الشعراء على حروف املعجم بدأ مبن أول امسه ألف إىل حرف الياء‪،‬‬
‫وفيه حنو مخسة آالف اسم وفيه من شعر كل واحد منهم أبيات يسرية من مشهور‬
‫شعره‪ .‬فيه ألف ورقة»)‪.(1‬‬
‫واما يؤسف له أن هذا املعجم القيم مل يصلنا كامالً‪ .‬وضاعت أيلب أجزائه‪.‬‬
‫ومل يصلنا منه سوى القسم األخري‪ .‬وهو يبدأ احرف العني مادة عمرو حتى آخر‬
‫احلروف اهلجائية‪ .‬وقد ضم أكثر من ألف ترمجة‪.‬‬
‫وقد نشر ما وصلنا بتحقيق عبد الستار أمحد فراج سنة ‪2761‬م بالقاهرة‪.‬‬

‫(‪ )2‬الشعر والشعراء‪ :‬ابن قتيبة‪ ،‬ص‪ .3 ،4 :‬طبع يف لندن مبطبعة بريل سنة ‪2711‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬الفهرست‪ :‬ابن النديم‪ ،‬ص‪ ،271:‬املكتبة التجارية الكربى مبصر‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫يتيدة الدهر يف ماسن شعراء العصر‪:‬‬
‫تأليف أبي منصور عبد امللك بن حممد الثعاليب‪ .‬ولد عام ‪451‬هـ‪ ،‬وتويف عام‬
‫‪317‬هـ‪.‬‬
‫قصر الثعاليب كتابه على شعراء عصره‪ ،‬أي شعراء القرن الرابع اهلجري‪ .‬وهذا‬
‫يدل على مدى االهتمام الكبري لدى األوساط األدبية آنذاك بالشعر احملدث‬
‫واملعاصر‪ ،‬بعد أن كان جلّ اهتمام الباحثني من قبل ينصب على العناية بالقدماء‬
‫وتفضيلهم‪.‬‬
‫ولقد قسم الثعاليب كتابه أربعة أقسام‪:‬‬
‫يف حماسن أشعار آل محدان وشعرائهم‪ ،‬ويريهم من أهل الشام‪،‬‬ ‫القســـم األول‪:‬‬
‫وما جياورها‪ ،‬ومصر‪ ،‬واملوصل‪ ،‬واملغرب وملع من أخبارهم‪.‬‬
‫القســم الثاني‪ :‬يف حماسن أشعار أهل العراق‪.‬‬
‫يف حماسن أشعار أهل اجلبل وفارس وجرجان وطربستان‬ ‫القسم الثالث‪:‬‬
‫وأصفهان‪.‬‬
‫يف حماسن أشعار أهل خراسان‪ ،‬وما وراء النهر كبخارى‬ ‫القسم الرابع‪:‬‬
‫ونيسابور)‪.(2‬‬
‫ويذكر الثعاليب يف مقدمة كتابه أنه ألفه على مرحتلني‪ :‬أوالهما كانت سنة أربع‬
‫ومثانني وثالمثائة‪ .‬ووجدت النسخة اليت ألفها رواجاً اما دفعه إلعادة صيايتها‬
‫وإضافة أشياء جديدة إليها‪ .‬واستكمال بعض جوانبها واإلسهاب يف مادتها‪.‬‬
‫وختتلف الرتاجم طوالً وقصراً حسب أهمية الشاعر املرتجم له‪ .‬ولقد طغت‬
‫املنتخبات الشعرية طغياناً كبرياً على أخبار الشعراء ونوادرهم‪ .‬حتى أن الثعاليب‬
‫كثرياً ما يقتضب الرتمجة من أجل ذلك‪.‬‬
‫ولقد نال الكتاب شهرة كبرية دفعت كثريين على تقليده‪ ،‬وإكمال عمله‪،‬‬

‫(‪ )2‬يتيمة الدهر يف حماسن أهل العصر‪ .‬أبو منصور عبد امللك بن حممد الثعاليب‪ .‬حتقيق حميي الدين عبد‬
‫احلميد‪ – 2:7:1 .‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪2794 ،‬م‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫وتصنيف املؤلفات على منطه‪ .‬ومن هذه الكتب اليت نسجت على يراره كتاب‬
‫«دمية القصر وعصرة أهل العصر» للباخرزي املتوفى عام ‪369‬هـ‪ ،‬وكتاب «زينة‬
‫الدهر يف لطائف شعراء العصر» للحظريي املتوفى عام ‪561‬هـ ومل يصلنا كتابه‪،‬‬
‫وكتاب «خريدة القصر وجريدة العصر» للعماد األصفهاني املتوفى عام ‪579‬هـ‪،‬‬
‫وكتاب «سالفة العصر» للمحيب املتوفى عام ‪2213‬هـ‪ .‬كما امتد تأثري اليتيمة إىل‬
‫األندلس فكان كتاب «الذخرية يف حماسن أهل اجلزيرة» البن بسام املتوفى عام‬
‫‪531‬هـ‪.‬‬
‫ولقد طبع الكتاب يف أربعة أجزاء بتحقيق حممد حميي الدين عبداحلميد سنة‬
‫‪2739‬م بالقاهرة‪.‬‬
‫الذخرية يف ماسن أهل اجلزيرة‪:‬‬
‫تأليف أبي احلسن علي بن بسام الشنرتيين‪ .‬تويف عام ‪531‬هـ‪.‬‬
‫حذا ابن بسام يف كتاب الذخرية حذو الثعاليب يف يتيمة الدهر‪ .‬وقد جهر يف‬
‫مقدمة كتابه أنه سيحذو حذو الثعاليب فقال‪« :‬وإمنا ذكرت هؤالء ائتساء بأبي‬
‫منصور يف تأليفه املشهور املرتجم يتيمة الدهر يف حماسن أهل العصر»‪.‬‬
‫وقسم الكتاب إىل أربعة أقسام كما فعل الثعاليب يف اليتيمة‪ ،‬متبعاً يف ذلك مبدأ‬
‫األقاليم‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬يف قرطبة وما حوهلا يف وسط األندلس‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬يف أشبيلية وما اتصل بها من يرب األندلس‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬يف بلنسية وما يليها من مشرق األندلس‪.‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬يف امللمني باألندلس والطارئني عليها من أفريقيا واملشرق)‪.(2‬‬
‫ويأخذ ابن بسام العهد على نفسه وقف كتابه على أدباء األندلس والوافدين‬

‫(‪ )2‬الذخرية يف حماسن أهل اجلزيرة‪ .‬أبو احلسن علي بن بسام‪ – 21 – 2:2 ،‬جامعة فؤاد األول‪،‬‬
‫القاهرة‪2747 ،‬م‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫عليها‪ .‬ويؤكد التزامه بالرتمجة ألدباء القرن الذي يعيش فيه دون سواه من العصور‬
‫السابقة‪ .‬فيقول‪« :‬ومل أعرض لشيء من أشعار الدولة املروانية‪ ،‬وال املدائح‬
‫العامرية‪ ،‬إذ كان ابن فرج اجليًَّاني قد رأى رأيي يف النصفة‪ ،‬وذهب مذهيب يف‬
‫األنفة‪ ،‬فأملى يف حماسن أهل زمانه «كتاب احلدائق» معارضاً «كتاب الزهرة»‬
‫لألصبهاني‪ ،‬فأضربت أنا عمَّا ألف‪ ،‬ومل أعرض لشيء اما صنف‪ ،‬وال تعديت أهل‬
‫عصري امن شاهدته بعمري‪ ،‬أو حلقه بعض أهل دهري‪ ،‬إذ كل مردّد ثقيل‪ ،‬وكل‬
‫متكرر املول»)‪.(2‬‬
‫وريم قول ابن بسام هذا‪ ،‬فإنه خيرج على منهجه‪ ،‬ويرتجم ألدباء مشارقة مل‬
‫تطأ أقدامهم أرض املغرب واألندلس‪ ،‬بل إنهم ليسوا من رجال القرن اخلامس‪.‬‬
‫«إنه ترجم للعديد من املشارقة من رجال القرن الرابع مثل الشريف الرضي ومهيار‬
‫الديلمي وأبي منصور الثعاليب ويريهم»)‪.(1‬‬
‫ويتسم الكتاب بغزارة النصوص‪ .‬ولقد نشر من الكتاب ثالثة جملدات وذلك‬
‫يف سنة ‪2747‬م‪ ،‬بتحقيق ليفي بروفنسال وطه حسني‪ .‬ولقد طبع الكتاب كامالً يف‬
‫مثانية جملدات بتحقيق الدكتور إحسان عباس عام ‪2791‬م‪.‬‬
‫معجم األدباء‪:‬‬
‫تأليف ياقوت بن عبداهلل احلموي‪ .‬ولد عام ‪593‬هـ‪ ،‬وتويف عام ‪616‬هـ‪.‬‬
‫مجع ياقوت يف هذا املعجم الضخم أخبار النحويني‪ ،‬واللغويني‪ ،‬واملؤرخني‪،‬‬
‫واإلخباريني‪ ،‬والوراقني‪ ،‬والكتاب وأصحاب اخلطوط‪ ،‬وكل من اتصل باألدب‪.‬‬
‫واستثنى الشعراء‪ -‬إذ أفرد هلم كتاباً خاصاً مل يصل إلينا‪ -‬إال من عرف إىل جانب‬
‫الشعر بالتصنيف والتأليف كأبي العالء املعري والبحرتي‪ .‬وقد بني خطته يف مقدمة‬
‫الكتاب فقال‪« :‬ومجعت يف هذا الكتاب ما وقع إليّ من أخبار النحويني‪ ،‬واللغويني‪،‬‬

‫(‪ )2‬الذخرية‪.2:1 :‬‬


‫(‪ )1‬مناهج التأليف عند العلماء العرب‪ .‬د‪ .‬مصطفى الشكعة‪ ،‬ص‪ -632 :‬دار العلم للماليي‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪2797‬م‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫والنسابني‪ ،‬والقراء املشهورين‪ ،‬واإلخباريني‪ ،‬واملؤرخني‪ ،‬والوراقني املعروفني‪،‬‬
‫والكتاب املشهورين‪ ،‬وأصحاب الرسائل املدونة‪ ،‬وأرباب اخلطوط املنسوبة واملعيَّنة‪،‬‬
‫وكل من صنف يف األدب تصنيفاً‪ ،‬أو مجع يف فنه تأليفاً مع إيثار االختصار‬
‫واإلعجاز يف نهاية اإلجياز‪ ،‬ومل آل جهداً يف إثبات الوفيات‪ ،‬وتبني املواليد‬
‫واألوقات‪ ،‬وذكر تصانيفهم‪ ،‬ومستحسن أخبارهم‪ ،‬واإلخبار بأنسابهم‪ ،‬وشيء من‬
‫أشعارهم»)‪.(2‬‬
‫وقد التزم يف ترتيب الذين ترجم هلم حروف املعجم التزاماً دقيقاً‪ ،‬ورتب‬
‫املواد هجائياً‪ ،‬وراعى هذا الرتتيب يف اسم املرتجم له واسم أبيه)‪.(1‬‬
‫ويعد هذا الكتاب أضخم معجم لألدباء على اختالف اختصاصهم‪ .‬وهو من‬
‫أمجع ما صنف يف بابه‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أن للكتاب امساً آخر هو «إرشاد األريب إىل معرفة األديب»‬
‫ولكن يلب على هذا الكتاب اسم معجم األدباء‪.‬‬
‫ولقد طبع الكتاب عدة طبعات‪ .‬وقام باإلشراف على الطبعة األوىل من هذا‬
‫الكتاب املستشرق مارجيلوث عام ‪2719‬م‪ .‬كما قام باإلشراف على إصدار الطبعة‬
‫الثانية أمحد فريد الرفاعي‪ ،‬وطبعت بدار املأمون املصرية عام ‪2746‬م‪.‬‬

‫(‪ )2‬معجم األدباء‪ .‬ياقوت احلموي‪ – 37 ،31 :2 ،‬دار إحياء الرتاث العربي‪.‬‬
‫(‪ )1‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.52 :‬‬
‫‪60‬‬
‫املصادر واملراجع‬
‫‪ -2‬األعالم‪ .‬خري الدين الزركلي‪ .‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.2797 ،‬‬
‫‪ -1‬األياني‪ .‬أبو الفرج األصفهاني‪ .‬دار إحياء الرتاث العربي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -4‬البحوث األدبية مناهجها ومصادرها‪ .‬حممد عبداملنعم خفاجي‪ .‬دار الكتاب‬
‫اللبناني‪ ،‬بريوت‪2711 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬البيان والتبيني‪ .‬اجلاح ‪ .‬دار صعب بريوت‪.‬‬
‫‪ -5‬مجهرة أشعار العرب‪ .‬دار صادر‪ ،‬ودار صعب‪ ،‬بريوت‪2764 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬احلماسة البصرية‪ .‬البصري‪ .‬عامل الكتب‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ -9‬الذخري يف حماسن أهل اجلزيرة‪ .‬أبو احلسن علي بن بسام‪ ،‬القسم األول‪،‬‬
‫اجمللد األول‪ ،‬جامعة فؤاد األول‪ ،‬القاهرة‪2747 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬شرح ديوان احلماسة «أبو متام»‪ .‬شرح أبي زكريا حييى بن علي التربيزي‪.‬‬
‫عامل الكتب‪ .‬بريوت‪.‬‬
‫‪ -7‬الشعر والشعراء‪ .‬ابن قتيبة‪ .‬طبع ليدن‪ .‬مبطبعة بريل‪ ،‬سنة ‪2711‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬صبح األعشى يف صناعة اإلنشا‪ .‬أمحد بن علي القلقشندي‪ .‬شرح وتعليق‬
‫حممد حسني مشس الدين‪ .‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬طبقات الشعراء اجلاهليني واإلسالميني‪ .‬أبو عبداهلل بن سالم اجلمحي‪.‬‬
‫‪ -21‬العقد الفريد‪ .‬ابن عبدربه‪ .‬حتقيق حممد سعيد العريان‪ .‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -24‬عيون األخبار‪ .‬أبو حممد عبداهلل بن مسلم بن قتيبة الدينوري‪ .‬اجمللد األول‪.‬‬
‫دار الكتب املصرية‪2715 .‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬الفهرست‪ .‬ابن النديم‪ .‬املكتبة التجارية الكربى‪ ،‬مبصر‪.‬‬
‫‪ -25‬كتاب احلماسة‪ .‬أبو عبداهلل الوليد بن عبيد البحرتي‪ .‬حتقيق األب لويس‬
‫شيخو اليسوعي‪ ،‬بريوت‪2721 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬كتاب األمالي‪ .‬أبو علي القالي‪ .‬املكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ -29‬الكامل يف اللغة واألدب‪ .‬أبو العباس حممد بن يزيد املعروف باملربد‪ .‬مكتبة‬
‫املعارف‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ -21‬حماضرات يف األدب اململوكي والعثماني‪ .‬د‪ .‬عمر موسى باشا‪ .‬مطبعة‬
‫اإلحسان‪ ،‬دمشق‪2797 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -27‬مصادر الرتاث العربي يف اللغة واملعاجم واألدب‪ .‬د‪ .‬عمر الدقاق‪ .‬مكتبة‬
‫دار الشرق‪ :‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -11‬معجم األدباء‪ .‬ياقوت احلموي‪ .‬دار إحياء الرتاث العربي‪.‬‬
‫‪ -12‬مع املكتبة العربية‪ .‬د‪ .‬عبدالرمحن عطية‪ .‬مطبعة أوفست‪ .‬حلب‪.2791 ،‬‬
‫‪ -11‬املفضليات‪ .‬أبو العباس املفضل بن حممد الضيب‪ .‬حتقيق وشرح أمحد حممد‬
‫شاكر وعبدالسالم حممد هارون‪ .‬القاهرة‪.2763 ،‬‬
‫‪ -14‬مناهج التأليف عند العلماء العرب‪ .‬د‪ .‬مصطفى الشكعة‪ .‬دار العلم‬
‫للماليني بريوت ‪2797‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬نهاية األرب يف فنون األدب‪ .‬شهاب الدين أمحد بن عبدالوهاب النويري‪.‬‬
‫دار الكتب املصرية‪ ،‬القاهرة‪2755 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -15‬نظرة تارخيية يف حركة التأليف عند العرب يف اللغة واألدب‪ .‬د‪ .‬أجمد‬
‫الطرابلسي مكتبة دار الفتح‪ ،‬دمشق‪2711 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -16‬يتيمة الدهر يف حماسن أهل العصر‪ .‬أبو منصور عبدامللك بن حممد الثعاليب‪.‬‬
‫حتقيق حميي الدين عبداحلميد‪ .‬دار الفكر‪ ،‬بريوت‪2794 ،‬م‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل اخلامس‬

‫املصادر الدينية‬
‫د‪ .‬أمحبببد محباد‬
‫د‪ .‬مأمون فبريز جبرار‬

‫‪63‬‬
‫املصادر الدينية‬
‫ال نبالغ حني نقول‪ :‬إن نشأة التأليف يف العربية وقيام املكتبة العربية إمنا كانا‬
‫أثراً من آثار القرآن ونشأ حوله وخلدمته‪ .‬ذلك أنه الكتاب األول يف املكتبة العربية‬
‫الذي أذن النيب ‪ ‬أول األمر أن يكتب عنه حني قال‪« :‬ال تكتبوا عين يري القرآن‪،‬‬
‫ومن كتب عين يري القرآن فليمحه»)‪.(2‬‬
‫وكتب عدد حمدود من الصحابة احلديث النبوي يف عهده عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬ثم قامت من بعد ذلك حركة علمية حول القرآن الكريم‪ ،‬كتابة ورواية‬
‫وتفسرياً‪ ،‬وبياناً للناسخ واملنسوخ‪ ،‬وحتديداً ألسباب النزول‪ ،‬وبياناً ملُشْكله‬
‫ومتشابهه‪ ،‬وجمازه ويريبه‪ ،‬وبيان فضائله‪ .‬ولفهم القرآن الكريم كان ال بد من‬
‫الوقوف على احلديث النبوي‪ ،‬الذي هو يف حقيقته تفسري للقرآن الكريم‪ ،‬فبدأ‬
‫االهتمام باحلديث النبوي‪ ،‬ومجعت نصوصه‪ ،‬وقامت حوله علوم‪ .‬ولفهم القرآن‬
‫الكريم الذي أنزل بلسان عربي مبني كان ال بد من مجع كالم العرب ملعرفة ما تدل‬
‫عليه ألفاظهم‪ ،‬وليفهم القرآن الكريم يف ضوء ذلك‪ ،‬وقد كان هذا اجلمع مقدمة‬
‫لظهور علوم العربية اليت وجدت خلدمة النص القرآني‪ ،‬فاستنبطت قواعد النحو‬
‫لتضبط األلسنة بالقرآن الكريم‪ ،‬وبدأت دراسات البالية واإلعجاز إلدراك حقيقة‬
‫اإلعجاز وتبني ما بني كالم اهلل عز وجل وكالم البشر من الفروق‪.‬‬
‫وهكذا قامت علوم القرآن وعلوم احلديث وعلوم العربية وامتدت مع الزمن‬
‫وازدادت حتى صارت املؤلفات فيها تفوق احلصر‪.‬‬
‫وإىل جانبهما قام علم التاريخ بدءاً من الريبة يف معرفة السرية النبوية‪ ،‬وأخبار‬
‫الصحابة‪ ،‬ومسرية الفتوح‪ .‬وليس القصد من هذا التقديم اإلحاطة بفروع التأليف‬
‫ذات الصلة بالقرآن الكريم‪ ،‬ولكنها إشارة ال بدّ منها‪.‬‬
‫إن الوقوف على أبرز املصادر يف خمتلف جماالت العلم الشرعي ضرورة دينية‬

‫(‪ )2‬صحيح اجلامع الصغري‪ ،‬احلديث رقم ‪ ،9343‬جـ ‪ ،1‬ص‪.2147 :‬‬


‫‪64‬‬
‫فضالً عن كونها ضرورة ثقافية ألنها تتيح لإلنسان الوقوف على ما يلزمه من‬
‫املصادر‪ ،‬ويغنيه عن السؤال إال فيما هو مشكل حيتاج إىل اجتهاد أولي العلم‪.‬‬
‫وسيكون احلديث عن هذه املصادر يف اجتاهني متداخلني‪ ،‬أوهلما‪ :‬فيه شيء من‬
‫النزعة التارخيية‪ ،‬واآلخر يقف على املصادر ذات الفائدة للقارئ املعاصر‪ .‬وليس‬
‫القصد اإلحاطة باملصادر يف كل جمال‪ ،‬بل التمثيل املغين‪ ،‬ومن أراد االستزادة‬
‫فاملكتبة الدينية من أخصب فروع املكتبة العربية‪.‬‬
‫القرآن الكريم وعلومه‪:‬‬
‫لقي القرآن الكريم منذ نزوله عناية مل يلقها كتـاب يـريه علـى هـذه األرض‪،‬‬
‫وهذه العناية أثر من آثار احلفـ الربـاني املتجلـي يف قولـه تعـاىل‪( :‬ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ) ‪.‬‬
‫ولو رجعت إىل كتاب الفهرست البن النديم وقرأت ما سطره من حديث عن‬
‫عناية املسلمني بالقرآن الكريم لوجدت مصداق ما قلته لك‪.‬‬
‫لقد كان املتقنون من الكتاب أو (اخلطاطني) يسخّرون موهبتهم يف إخراج‬
‫نسخ متقنة من القرآن الكريم‪ .‬ويف هذا الزمان الذي تقدمت فيه فنون الطباعة لقي‬
‫القرآن الكريم العناية يف كل ديار اإلسالم وتسابق املتقنون لفن اخلط لكتابة نسخ‬
‫منه ليكون هلم األجر‪.‬‬
‫ومن أشهر الطبعات اليت شاعت بني املسلمني يف السنوات األخرية الطبعة‬
‫الصادرة يف املدينة املنورة عن جممع امللك فهد لطباعة القرآن الكريم‪ ،‬وهي بقلم‬
‫اخلطاط السوري عثمان طه‪ ،‬وقد راجعتها جلان من العلماء املتقنني لعلوم القرآن‬
‫الكريم‪.‬‬
‫ومع العناية بالقرآن الكريم وجدت عناية بعلومه‪ .‬فمع إتقان الكتابة كان ال‬
‫بد من إتقان القراءة‪ ،‬ومعرفة وجوهها‪ :‬ما صح منها عن النيب ‪ ‬وما مل يصح‪ .‬ومن‬
‫هنا نشأ علم القراءات‪ .‬وألفت فيه كتب من قديم‪ ،‬حتدثت عن أخبار القراء السبعة‬

‫‪65‬‬
‫ومن روى عنهم)‪.(2‬‬
‫ومن املعروف أن القراءات تؤخذ مساعاً‪ ،‬ولكن العلماء حرصوا على تدوينها‬
‫يف الكتب‪ .‬ومن الكتب املشهورة يف القراءات‪:‬‬
‫‪ .2‬التيسري يف القراءات السبع ألبي عمرو الداني‪.‬‬
‫‪ .1‬النشر يف القراءات العشر البن اجلزري‪.‬‬
‫‪ .4‬إمالء ما منّ به الرمحن من وجوه اإلعراب والقراءات يف مجيع القرآن‬
‫للعكربي‪.‬‬
‫وإذا كانت القراءات منها املعتمد ومنها املردود الذي يسمى بالقراءات الشاذة‬
‫فإن العلماء ألفوا يف كال النوعني‪ .‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬خمتصر يف شواذ القراءات البن خالويه)‪.(1‬‬
‫تفسري القرآن‬
‫اهتم املسلمون بتفسري القرآن يف عهد مبكر‪ ،‬فقد جلس بعض الصحابة لتفسري‬
‫القرآن‪ ،‬ومن أشهرهم ابن عباس‪ ،‬رضي اهلل عنهما‪ ،‬ولذلك جند اما يذكر من كتب‬
‫التفسري املبكرة‪:‬‬
‫كتاب ابن عباس – رواه جماهد‪.‬‬
‫كتاب تفسري عكرمة عن ابن عباس‪.‬‬
‫كتاب تفسري سعيد بن جبري‪.‬‬
‫وقد امتدت حركة التأليف يف التفسري عـرب الزمـان‪ .‬ومـن أهـم الكتـب الـيت‬
‫أرخت حلركة التفسري كتاب‪ :‬التفسري واملفسـرون للـدكتور حممـد حسـني الـذهيب‪،‬‬
‫الذي احث يف «نشأة التفسري وتطوره‪ ،‬وألوانه ومذاهبه‪ ،‬مـع عـرض شـامل ألشـهر‬
‫املفســرين‪ ،‬وحتليــل كامــل ألهــم كتــب التفســري‪ ،‬مــن عصــر الــنيب ‪ ‬إىل عصــرنا‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬الفهرست البن النديم ص‪.54 ،31‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مباحث يف علوم القرآن‪ ،‬د‪ .‬صبحي الصاحل‪ ،‬ص‪ 139‬فصل‪ :‬علم القراءات وحملة عن القراء‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫احلاضر)‪.(2‬‬
‫فأما التفسري باملأثور فيشمل «ما جـاء يف القـرآن نفسـه مـن البيـان والتفصـيل‬
‫لبعض آياته‪ ،‬وما نقل عن الرسول ‪ ،‬وما نقل عن الصحابة رضـوان اهلل علـيهم‪،‬‬
‫وما نقل عن التابعني من كل ما هو بيان وتوضيح ملراد اهلل تعاىل من نصوص كتابـه‬
‫الكريم»)‪.(1‬‬
‫وأما التفسري بالرأي فمنه املقبول ومنه املردود‪ .‬وقد جاء يف تفسري مدلولـه بأنـه‬
‫«تفسري القرآن باالجتهاد بعـد معرفـة املفسـر لكـالم العـرب ومنـاحيهم يف القـول‪،‬‬
‫ومعرفته لأللفـاظ العربيـة‪ ،‬ووجـوه داللتهـا‪ ،‬واسـتعانته يف ذلـك بالشـعر اجلـاهلي‪،‬‬
‫ووقوفه على أسباب النزول‪ ،‬ومعرفته بالناسخ واملنسوخ من آيات القرآن‪ ،‬ويري ذلك‬
‫من األدوات اليت حيتاج إليهـا املفسـر»)‪ .(4‬وهـذا هـو التفسـري املقبـول‪ .‬وأمـا الـرأي‬
‫املذموم‪ ،‬فهو الذي يقوم على البحث عن أدلة ألقوال ومذاهب فيها احنراف‪ ،‬وذلـك‬
‫بتأويل آيات القرآن الكريم تأويالً خيرج بها عن أصل معناها‪ ،‬وحقيقة داللتها)‪.(3‬‬
‫وقد ألف يف كل من هذه اجملاالت كتب يف التفسري‪.‬‬
‫ومن أشهر كتب التفسري باملأثور‪:‬‬
‫‪ .2‬جامع البيان يف تفسري القرآن للطربي الذي يعده أهل العلـم شـيخ املفسـرين‬
‫ولتفسريه منزلة عظيمة لدى العلماء‪.‬‬
‫‪ .1‬تفسري القرآن العظيم البن كثري‪ ،‬وهو كتاب خمتصر يف التفسري عظيم الفائـدة‪،‬‬
‫ومؤلفه يرجح األقوال‪ ،‬وقد شاع هذا الكتاب بني طلبة العلم يف زماننا‪.‬‬
‫‪ .4‬الدر املنثور يف التفسري املأثور للسيوطي‪.‬‬
‫ومــن الكتــب املهمــة يف التفســري بــالرأي اجلــائز أو املقبــول‪ ،‬الــيت جنــد فيهــا‬

‫(‪ )2‬ورد هذا البيان على يالف الكتاب حتت العنوان الرئيسي (التفسري واملفسرون)‪.‬‬
‫(‪ )1‬التفسري واملفسرون‪.251/2 ،‬‬
‫(‪ )4‬املصدر السابق ‪.155/2‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬املصدر السابق ‪.469 -464/2‬‬
‫‪67‬‬
‫اجتهادات للدفسرين مرضية لدى أهل العلم‪:‬‬
‫‪ )2‬مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي‪.‬‬
‫وقد اهتم الرازي ببيان املناسبات بني آيـات القـرآن وسـوره‪ ،‬واهـتم بـالعلوم‬
‫الرياضية والفلسفة‪.‬‬
‫‪ )1‬أنوار التنزيل وأسرار التأويل – املشهور بتفسري البيضاوي نسبة إىل مؤلفه‪.‬‬
‫‪ )4‬البحر احمليط‪ -‬ألبي حيان األندلسي‪.‬‬
‫‪ )3‬تفسري اجلاللني‪ ،‬نسبة إىل مؤلفي هذا التفسري‪:‬‬
‫جالل الدين احمللي‪ ،‬وجالل الدين السيوطي‪ .‬وهو تفسري مطبوع على هـامش‬
‫املصحف‪ ،‬وشائع بني املسلمني‪.‬‬
‫‪ )5‬روح املعاني يف تفسري القرآن العظيم والسبع املثاني‪ .‬لشهاب الدين اآللوسي‪.‬‬
‫ومن الكتب اليت أدرجها العلماء يف باب التفسري بالرأي املذموم الحتوائه على‬
‫خمالفات ملذهب أهل السـنة‪ ،‬كتـب التفسـري املعتمـدة لـدى املعتزلـة‪ ،‬ومنهـا‬
‫الكشاف للزخمشري‪ ،‬وهو مع احتوائه على آراء خمالفة ألهل السنة فإنـه لقـي‬
‫اهتماماً من علماء السنة أنفسهم فعلقوا عليه وكتبوا اهلـوامش الـيت تنقـد مـا‬
‫خالفهم فيه‪.‬‬
‫ومنها كتب التفسري الصويف ومنها التفسري املنسوب البـن عربـي)‪ ،(2‬وتفاسـري‬
‫الفالسفة ومنها تفسريات إخوان الصفا‪ ،‬وابن سينا)‪.(1‬‬
‫وقد ألف يف العصر احلديث عدد كبري من التفاسري اليت راعـى مؤلفوهـا لغـة‬
‫العصر‪ ،‬وما وصل إليه العلم من آفاق مل تكن معلومة فيما مضى‪.‬‬
‫ومن هذه التفاسري‪:‬‬
‫‪ -‬تفسري املنار حملمد رشيد رضا الذي سار فيه على منهج أستاذه الشيخ حممـد‬
‫عبده‪ .‬وأدرجه الشيخ الذهيب حتت ما مساه‪( :‬اللون األدبي االجتماعي)‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التفسري واملفسرون جـ‪ ،1‬ص‪.21‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪68‬‬
‫‪ -‬يف ظالل القرآن لسيد قطب‪ ،‬وهو تفسري استوعب ما يف التفسري املأثور مـن‬
‫أقوال‪ ،‬وأضاف إليها خواطر ودروساً مستوحاة من القرآن الكريم مع نظـر‬
‫إىل واقع اإلسالم واملسلمني يف العصر احلديث‪ ،‬بأسلوب أدبي راق‪.‬‬
‫‪ -‬التفسري احلديث حملمد عزة دروزة‪ ،‬وقد رتبه وفق تاريخ نزول السور‪.‬‬
‫‪ -‬صفوة التفاسري للشيخ حممد علي الصابوني‪.‬‬
‫‪ -‬حماسن التأويل – تفسري الشيخ مجال الدين القامسي‪.‬‬
‫ومن ألوان التفسري اخلاصة‪ ،‬ما مسي بتفسري الفقهاء)‪ .(2‬واشتهر بكتب أحكام‬
‫القرآن‪ ،‬وهو تفسري يهتم بآيات األحكام وال يستوعب القـرآن الكـريم كلـه‪ .‬ومـن‬
‫أشهر هذه الكتب اليت سعى مؤلفوها إىل استنباط أحكام وفق املذاهب الفقهية‪:‬‬
‫أحكام القرآن ألبي بكر اجلصاص يف الفقه احلنفي‪.‬‬
‫أحكام القرآن للكيا اهلراسي يف الفقه الشافعي‪.‬‬
‫أحكام القرآن ألبي بكر بن العربي يف الفقه املالكي‪.‬‬
‫روائع البيان تفسري آيات األحكام من القرآن حملمد علي الصابوني‪.‬‬
‫كتب غريب القرآن الكريم‬
‫وهي الكتب اليت تفسر الكلمات اليت يصعب على بعض الناس فهمها‪ .‬وقد‬
‫تداول العلماء التأليف يف هذا الباب ومن أشهر الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬يريب القرآن ألبي عبيدة‪.‬‬
‫‪ -‬يريب القرآن البن قتيبة‪.‬‬
‫‪ -‬يريب القرآن للسجستاني‪ ،‬وقد طبع على هامش املصحف‪.‬‬
‫كتب يف إعجاز القرآن الكريم‬
‫وقد اهتم العلماء يف البحث عن وجوه إعجاز القرآن الكريم من قديم ليكون‬
‫ذلك سبيالً إىل رد مطاعن املخالفني‪ ،‬وتثبيت قلوب املؤمنني‪ .‬ومن هذه الكتب‪:‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬التفسري واملفسرون ‪.71/1‬‬


‫‪69‬‬
‫‪ -‬دالئل اإلعجاز لعبد القاهر اجلرجاني‪.‬‬
‫‪ -‬إعجاز القرآن – للقاضي الباقالني‪.‬‬
‫‪ -‬إعجاز القرآن‪ -‬ملصطفى صادق الرافعي‪.‬‬
‫‪ -‬التصوير الفين يف القرآن الكريم لسيد قطب‪.‬‬
‫‪ -‬الظاهرة القرآنية ملالك بن نيب‪.‬‬
‫كتب جامعة يف علوم القرآن‬
‫ألف العلماء قدمياً وحديثاً كتباً جامعة فيها حديث عن خمتلف العلوم اليت‬
‫نشأت حول القرآن الكريم مع أقوال العلماء يف كل مسألة‪ ،‬وبيان ما ألف فيها من‬
‫كتب‪ .‬ومن هذه املؤلفات‪:‬‬
‫‪ -2‬الربهان يف علوم القرآن للزركشي‪.‬‬
‫‪ -1‬اإلتقان يف علوم القرآن للسيوطي‪.‬‬
‫‪ -4‬مناهل العرفان يف علوم القرآن للشيخ عبد العظيم الزرقاني‪.‬‬
‫وهناك مؤلفات مل تستوعب علوم القرآن كلها‪ ،‬وإمنا ضمت مباحث يف هذه‬
‫العلوم ألفها عدد من أساتذة اجلامعات يف زماننا لطلبتهم ومنها‪:‬‬
‫مباحث يف علوم القرآن للدكتور صبحي الصاحل‪.‬‬
‫مباحث يف علوم القرآن للشيخ مناع القطان‪.‬‬
‫حملات يف علوم القرآن للدكتور حممد لطفي الصباغ‪.‬‬
‫ويريها كثري‪.‬‬
‫معاجم يف خدمة القرآن الكريم‬
‫سعى بعض املؤلفني إىل تيسري وصول طلبة العلم إىل مرادهم من القرآن‬
‫الكريم آيات وألفاظاً وموضوعات‪ .‬ولتحقيق هذه الغاية صنعوا معاجم لأللفاظ‬
‫واملوضوعات‪ ،‬ومن أشهرها‪:‬‬
‫‪ -‬املعجم املفهرس أللفاظ القرآن الكريم حملمد فؤاد عبد الباقي وهلذا املعجم‬
‫فوائد عديدة‪ ،‬منها‪ :‬أن الباحث يستطيع معرفة رقم اآلية والسورة اليت‬
‫‪70‬‬
‫وردت فيها باختاذ أي اسم أو فعل من اآلية مدخالً إىل املعجم‪ ،‬وقد رتب‬
‫املعجم ترتيباً هجائياً وفق أصول املفردات وجند حتت كل أصل اآليات اليت‬
‫ورد فيها‪ ،‬وما ورد من مشتقاته‪ .‬وجند باإلضافة إىل معرفة رقم اآلية‬
‫والسورة اليت وردت فيها عدد مرات ورود تلك الكلمة يف القرآن الكريم‪،‬‬
‫وهل اآلية مكية أو مدنية‪.‬‬
‫‪ -‬معجم األدوات والضمائر يف القرآن الكريم للدكتور إمساعيل العمايرة‪،‬‬
‫والدكتور عبد احلميد السيد‪.‬‬
‫وقد جعله املؤلفان تتمة ملعجم حممد فؤاد عبد الباقي ألنه فهرس األمساء‬
‫الظاهرة واألفعال الواردة يف القرآن ومل يفهرس الضمائر واحلروف‪.‬‬
‫وإىل جانب هذين املعجمني املفهرسني أللفاظ القرآن الكريم جند مؤلفات‬
‫جتمع اآليات الواردة يف موضوع معني‪ ،‬وهناك كتب كثرية يف هذا اجملال‪،‬‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬تفصيل آيات القرآن احلكيم‪ ،‬الذي وضعه بالفرنسية جون البوم‪ ،‬وصنع‬
‫مستدركاً له إدوار مونتيه‪ .‬ونقل األصل واملستدرك إىل العربية األستاذ حممد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ .‬وقد جاء على يالف الكتاب‪:‬‬
‫«مقسم إىل ‪ 21‬باباً‪ ،‬وهي‪ :‬التاريخ‪ ،‬حممد ‪ ،‬التبليغ‪ ،‬بنو إسرائيل‪ ،‬التوراة‪،‬‬
‫النصارى‪ ،‬ما بعد الطبيعة‪ ،‬التوحيد‪ ،‬القرآن‪ ،‬الدين‪ ،‬العقائد‪ ،‬العبادات‪،‬‬
‫الشريعة‪ ،‬النظام االجتماعي‪ ،‬العلوم والفنون‪ ،‬التجارة‪ ،‬علم تهذيب األخالق‪،‬‬
‫النجاح‪ .‬وحتت كل باب منها فروع تبلغ مجيعها ‪ 451‬فرعاً‪ .‬وحتت كل فرع‬
‫مجيع ما ورد فيه من آيات التنزيل‪ ،‬اما مل يسبق مجعه وتنسيقه يف كتاب»‪.‬‬
‫احلديث النبوي‪:‬‬
‫اختذ التأليف يف احلديث النبوي اجتاهني‪:‬‬
‫األول‪ :‬مجع نصوص احلديث النبوي‪.‬‬
‫واآلخر‪ :‬كتب يف علوم احلديث النبوي‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫كتب احلديث النبوي‬
‫تعددت مناهج املؤلفني يف مجع نصوص احلديث النبوي ومن أبرزها‪:‬‬
‫أي رواية األحاديث حسب رواتها‪ ،‬وهذا يعين أن ما رواه‬ ‫‪ -‬املسانيد‪:‬‬
‫صحابي ما يوضع يف قسم خاص من الكتاب بغضّ النظر عن موضوعه‪.‬‬
‫ومن أشهر املسانيد مسند أمحد بن حنبل)‪.(2‬‬
‫‪ -‬تأليف الكتب وفق املوضوعات‪ ،‬وتعددت مسميات الكتب وفق اصطالحات‬
‫العلماء‪ .‬ومنها‪:‬‬
‫اجلامع‪ :‬وهو الكتاب الذي يضم أحاديث يف أبواب مثانية هي‪ :‬العقائد‪،‬‬
‫واألحكام‪ ،‬والرقاق‪ ،‬وآداب الطعام والشراب‪ ،‬والتفسري والتاريخ والسري‪،‬‬
‫والشمائل‪ ،‬والفا‪ ،‬واملناقب واملثالب‪.‬‬
‫ومن اجلوامع‪ :‬كتابا البخاري والرتمذي)‪.(1‬‬
‫وهي كتب تكتفي بذكر األحاديث وتقتصر عليها وال‬ ‫كتب السنن‪:‬‬
‫تذكر شيئاً من اآلثار (أي أقوال الصحابة) وتلتزم يالباً الرتتيب على أبواب‬
‫األحكام الفقهية‪ .‬ومن كتب السنن كتاب أبي داود‪.‬‬
‫ومن أشهر كتب‪ ،‬احلديث النبوي‪ ،‬الكتب الستة‪:‬‬
‫‪ .2‬صحيح البخاري‪.‬‬
‫‪ .1‬صحيح مسلم‪.‬‬
‫‪ .4‬سنن أبي داود‪.‬‬
‫‪ .3‬جامع الرتمذي‪.‬‬
‫‪ .5‬سنن النسائي‪.‬‬
‫‪ .6‬سنن ابن ماجه‪.‬‬

‫(‪ )2‬احلديث النبوي‪ :‬د‪ .‬حممد لطفي الصباغ‪ ،‬ص ‪.113‬‬


‫(‪ )1‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫وكذلك‪:‬‬
‫‪ -‬موطأ اإلمام مالك‪.‬‬
‫‪ -‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪.‬‬
‫وإىل جانب هذه الكتب‪ .‬وجدت مصنفات يف احلديث النبوي يف موضوعات‬
‫جزئية‪ ..‬ومنها‪:‬‬
‫كتب أحاديث األحكام‪ ،‬ومن أشهرها‪:‬‬
‫‪ -‬بلوغ املرام من أحاديث األحكام – البن حجر العسقالني‪ ،‬وقد شرحه‬
‫الصنعاني يف الكتاب املشهور‪ :‬سبل السالم‪.‬‬
‫‪ -‬املنتقى يف األحكام – لعبد السالم بن تيمية وقد شرحه الشوكاني يف نيل‬
‫األوطار‪.‬‬
‫ومن الكتب كذلك كتب املختارات‪ ،‬ومن أشهرها‪:‬‬
‫‪ -‬رياض الصاحلني لإلمام النووي‪ ،‬وهو كتاب يف الفضائل واملنهيّات‪ ،‬وهو‬
‫كتاب جامع لألحاديث الرتبوية‪ .‬ولقي شهرة كبرية يف ديار اإلسالم كلها‪.‬‬
‫‪ -‬الرتييب والرتهيب للمنذري‪ .‬وهو كما يبدو من عنوانه يضم األحاديث‬
‫املريبة يف اخلريات‪ ،‬واملرهبة عن املنكرات‪.‬‬
‫‪ -‬املتجر الرابح يف ثواب العمل الصاحل لشرف الدين الدمياطي‪ .‬وهو كتاب‬
‫يف الرتييب وحده دون الرتهيب‪.‬‬
‫ومن الكتب املؤلفة حديثاً يف أحاديث الرسول عليه وآله الصالة والسالم‪:‬‬
‫‪ -‬اللؤلؤ واملرجان فيما اتفق عليه الشيخان حملمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬وكما هو‬
‫واضح يف عنوانه يضم األحاديث اليت وردت يف صحيحي البخاري ومسلم‬
‫معاً‪ ،‬وهي األحاديث اليت يشار إليها يف كتب األحاديث وعلى ألسنة‬
‫املتحدثني بأحكام هي‪ :‬متفق عليه‪ ،‬رواه الشيخان‪.‬‬
‫‪ -‬التاج اجلامع لألصول يف أحاديث الرسول للشيخ منصور علي ناصيف‬
‫وهو يضم األحاديث اليت وردت يف الكتب اخلمسة مرتبة يف أبواب‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫والكتب هي‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬وصحيح مسلم‪ ،‬وجامع الرتمذي‪ ،‬وسنن‬
‫أبي داود‪ ،‬وسنن النسائي‪.‬‬
‫وقد سعى العلماء إىل تيسري وصول الباحثني إىل ما يريدون من األحاديث‬
‫النبوية‪ ،‬وهلم يف ذلك مناهج وأساليب خمتلفة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -2‬ترتيب األحاديث ترتيباً هجائياً وفق أوائل األحاديث‪ ،‬ومن الكتب اليت‬
‫سارت على هذا املنهج‪:‬‬
‫اجلامع الصغري للسيوطي‪ .‬وقد حققه الشيخ ناصر الدين األلباني وجعله يف‬ ‫‪‬‬

‫قسمني‪ :‬صحيح اجلامع الصغري‪ -‬ويضـم األحاديـث الصـحيحة واحلسـنة‪.‬‬


‫وضعيف اجلامع الصغري‪ ،‬ويضم األحاديث الضعيفة واملوضوعة‪ ،‬وتيشري يف‬
‫نهاية كل حديث إىل املصادر اليت ورد فيها احلديث‪.‬‬
‫كشف اخلفا ومزيل اإللباس فيما اشتهر من األحاديث على ألسنة الناس‬ ‫‪‬‬

‫للشيخ العجلوني‪ .‬واهلدف من هذا الكتاب هو مجع األحاديث املشتهرة‬


‫وبيان حكمها وما فيها من فوائد‪..‬‬
‫‪ -1‬فهرسة األحاديث لفظياً أو موضوعياً ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬املعجم املفهرس أللفاظ احلديث النبوي الذي وضعه جمموعة من‬
‫املستشرقني ويرجع إىل هذا الكتاب ملعرفة أمكنة ورود احلديث يف عدد‬
‫من الكتب هي‪ :‬البخاري ومسلم وأبو داود والرتمذي والنسائي وابن‬
‫ماجه وموطأ اإلمام مالك‪ ،‬ومسند اإلمام أمحد بن حنبل وسنن الدارمي‪.‬‬
‫ويتم استخدامه كاستخدام العجم املفهرس أللفاظ القرآن الكريم‪،‬‬
‫بتجريد أي كلمة من احلديث النبوي (امساً أو فعالً) من حروف الزيادة‪،‬‬
‫والرجوع إليها يف بابها‪ ،‬فنجد كل األحاديث اليت وردت فيها الكلمة‬
‫ومشتقاتها‪ ،‬وجند إىل جانب احلديث رموزاً تشري إىل الكتب اليت ورد فيها‪.‬‬
‫وهو معجم خيتصر الوقت واجلهود يف الوصول إىل املعلومات‪ ،‬وال يعرف‬
‫قدره إال من عانى من ضياع الوقت يف مراجعة املعلومات يف مظانها‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -‬مفتاح كنوز السنة للمستشرق فنسنك وقد ترمجه إىل العربية األستاذ حممد‬
‫فؤاد عبد الباقي الذي خدم السنة النبوية والقرآن الكريم بأعمال كثرية‬
‫من حتقيق لكتب احلديث‪ ،‬وترمجة ألعمال املستشرقني يف جماهلما‪ ،‬وإعداد‬
‫للمعاجم الكاشفة عن املعلومات يف مصادرها‪.‬‬
‫وهذا املعجم موضوعي هجائي‪ ،‬حيث رتبت األحاديث وفق موضوعاتها‪،‬‬
‫ورتبت املوضوعات ترتيباً هجائياً‪ .‬ويبني مواضع احلديث يف الكتب التالية‪ :‬صحيح‬
‫البخاري‪ ،‬وصحيح مسلم‪ ،‬وسنن أبي داود وجامع الرتمذي وسنن ابن ماجه وسنن‬
‫النسائي‪ ،‬وسنن الدارمي‪ ،‬ومسند زيد بن علي‪ ،‬ومسند أبي داود الطيالسي‪ ،‬ومسند‬
‫أمحد‪ ،‬وطبقات ابن سعد‪ ،‬وسرية ابن هشام‪ ،‬ومغازي الواقدي‪.‬‬
‫علوم احلديث‬
‫لقد ألفت كتب كثرية يف علوم احلديث‪ ،‬منها كتب يف علوم خاصة‪ ،‬ومنها‬
‫كتب جامعة لعلوم احلديث كلها‪.‬‬
‫ومن الكتب يف علوم خاصة‪:‬‬
‫‪ -‬تأويل خمتلف احلديث البن قتيبة‪ :‬وهو كتاب يف األحاديث اليت يبدو يف‬
‫ظاهرها التعارض‪ ،‬ويسعى املؤلف إىل رفع وهم التعارض يف األحاديث‬
‫برتتيبها زمنياً وفق مبدأ الناسخ واملنسوخ‪ ،‬أو العام واخلاص وهكذا‪..‬‬
‫‪ -‬االعتبار يف الناسخ واملنسوخ من اآلثار ألبي بكر احلازمي‪ :‬وهو كتاب يف‬
‫األحاديث اليت نص العلماء على أن منها ناسخاً حلكم ورد يف أحاديث‬
‫سابقة منسوخة‪.‬‬
‫‪ -‬الفائق يف يريب احلديث للزخمشري‪ ،‬وهو كتاب يشرح األلفاظ اليت حتتاج‬
‫إىل شرح من أحاديث الرسول ‪.‬‬
‫‪ -‬النهاية يف يريب احلديث البن األثري‪ :‬وهو أوسع كتاب يف هذا اجملال‬
‫استوعب مؤلفه ما سبقه من املؤلفات‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫ومن الكتب اليت ألفت يف علوم احلديث بعامة قدمياً وتعرف بعلوم مصطلح‬
‫احلديث‪:‬‬
‫‪ -‬مقدمة ابن الصالح يف علوم احلديث‪.‬‬
‫‪ -‬تدريب الراوي يف شرح تقريب النواوي للسيوطي‪.‬‬
‫ومن الكتب احلديثة يف هذا اجملال‪:‬‬
‫‪ -‬علوم احلديث ومصطلحه للدكتور صبحي الصاحل‪.‬‬
‫‪ -‬أصول احلديث للدكتور حممد عجاج اخلطيب‪.‬‬
‫‪ -‬احلديث النبوي‪ :‬مصطلحه‪ /‬باليته‪ /‬كتبه‪ ،‬للدكتور حممد لطفي الصباغ‪.‬‬
‫وكثري من هذه الكتب وما أشبهها ألفها أساتذة يف اجلامعات درسوا مادة علوم‬
‫احلديث لطلبة الكليات الشرعية أو طلبة كلية اآلداب‪.‬‬
‫ووراء هذه الكتب كتب يف علوم رجال احلديث واجلرح والتعديل اما يطول‬
‫احلديث عنه‪ ..‬وجتد تفصيله يف كتب مصطلح احلديث‪.‬‬
‫الفقه‪ :‬أصوله وفروعه‪:‬‬
‫واملقصود بأصول الفقه تلك القواعد الضابطة الستنباط األحكام الشرعية من‬
‫مصادرها‪ .‬وقد ألف العلماء يف هذا اجملال كتباً كثرية‪ ،‬واختالف العلماء يف األصول‬
‫هو سبب نشوء مذاهب الفقه)‪.(2‬‬
‫ومن أشهر هذه الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬الرسالة لإلمام الشافعي‪.‬‬
‫‪ -‬اإلحكام يف أصول األحكام البن حزم الظاهري‪.‬‬
‫‪ -‬املستصفى من علم األصول‪ -‬لإلمام الغزالي‪.‬‬
‫‪ -‬املسوّدة يف أصول الفقه – تعاقب على تأليفها ثالثة من آل تيمية‪ ،‬ابن تيمية‬
‫احلفيد واألب واجلد‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر مزيداً من التفصيل يف‪ :‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر د‪ .‬حممد عجاج اخلطيب ص ‪.161‬‬
‫‪76‬‬
‫وقد ألف عدد من العلماء املعاصرين كتب ًا يف أصول الفقه منها‪:‬‬
‫‪ -‬أصول الفقه للشيخ حممد أبو زهرة‪.‬‬
‫‪ -‬أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خالف‪.‬‬
‫وأما كتب فروع الفقه اليت تتضمن األحكام الشرعية مرتبة وفق األبواب‬
‫الفقهية‪ ،‬فهي كثرية قدمياً وحديثاً‪ ،‬ولكل مذهب من املذاهب كتبه‬
‫املعتمدة)‪.(1‬‬
‫ومن هذه الكتب القدمية‪:‬‬
‫‪ -‬املبسوط للسرخسي (يف الفقه احلنفي)‪.‬‬
‫‪ -‬املدونة الكربى لإلمام مالك (يف الفقه املالكي)‪.‬‬
‫‪ -‬األم للشافعي (يف الفقه الشافعي)‪.‬‬
‫‪ -‬املغين البن قدامة املقدسي (يف الفقه احلنبلي)‪.‬‬
‫ومن كتب الفقه املعاصرة‪:‬‬
‫‪ -‬فقه السنة للشيخ سيد سابق‪.‬‬
‫‪ -‬الفقه على املذاهب األربعة للشيخ عبد الرمحن اجلزيري‪.‬‬
‫‪ -‬احلالل واحلرام يف اإلسالم للدكتور يوسف القرضاوي‪.‬‬
‫‪ -‬فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي‪.‬‬
‫واما يدخل يف املكتبة الدينية كتب الفكر اإلسالمي املعاصر اليت عاجل فيها‬
‫املؤلفون قضايا اإلسالم يف العصر احلديث‪ ،‬هذا العصر الذي طرأت فيه يف احلياة‬
‫اإلسالمية طوارئ ال سوابق هلا يف التاريخ اإلسالمي‪ .‬حيث زالت دولة اخلالفة‪،‬‬
‫ودخلت إىل العامل اإلسالمي دعوات مل تكن هلا جذور يف احلياة اإلسالمية‪ .‬وامتدت‬
‫إىل ديار اإلسالم أفكار يريبة املنشأ واالنتماء‪ .‬ومن املفكرين البارزين‪ :‬حممد رشيد‬
‫رضا‪ ،‬حسن البنا‪ ،‬سيد قطب‪ ،‬أبو األعلى املودودي‪ ،‬أبو احلسن الندوي‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املرجع السابق ص ‪.133‬‬


‫‪77‬‬
‫املراجع‬

‫(‪ )2‬التفسري واملفسرون‪ -‬د‪ .‬حممد حسني الذهيب‪ ،‬دار الكتب احلديثة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪2412‬هـ‪2762 /‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬احلديث النبوي‪ -‬د‪ .‬حممد لطفي الصباغ‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪2319‬هـ‪2716/‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر‪ .‬د‪ .‬حممد عجاج اخلطيب‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة بريوت ‪2319‬هـ ‪2716 /‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬الفهرست – ابن النديم‪ ،‬دار املعرفة للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الفصل السادس‬

‫املصادر التارخيية واغجغرافية‬


‫د‪ .‬مأمون فريز جرار‬

‫‪79‬‬
‫املصادر التارخيية‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يقول جربائيل جبور يف مقدمة حتقيقه لكتاب الكواكب السائرة يف أعيان املئة‬
‫العاشرة‪:‬‬
‫«ال أظن أن هناك أمة أينى من األمة العربية يف كتب السري‪ .‬وال أظن أن‬
‫مؤرخي أمة من األمم التفتوا إىل تدوين سري مشاهري أمتهم كما التفت مؤرخو‬
‫العرب‪ .‬فمنذ أن بدأ ابن إسحاق بوضع سرية النيب ‪ ‬والواقدي وابن سعد يف‬
‫تأليف الطبقات إىل يومنا هذا‪ ،‬والصبغة الغالبة يف الكتب العربية هي سري األعالم‬
‫من الرجال»)‪.(2‬‬
‫لقد ارتبطت نشأة املكتبة التارخيية يف تراثنا بالدين‪ ،‬ثم امتد التأليف فيها‬
‫وتنوع‪ ،‬وليس من ياية هذا الفصل التأريخ املفصل هلذا اللون من جماالت التأليف‬
‫بل تقديم حملات عنه‪.‬‬
‫من اجملاالت اليت مشلها التأليف التارخيي‪:‬‬
‫السري والرتاجم‪ ،‬وكتب الطبقات‪ ،‬والتاريخ احلولي‪ ،‬وتواريخ املدن‪ ،‬وتواريخ‬
‫القرون‪ ،‬وظهرت يف التأليف سالسل من الكتب كان التالي منها ذيالً على سابقه‪.‬‬
‫ولنبدأ احلديث بشيء من التفصيل‪:‬‬
‫السري والرتاجم‪:‬‬
‫وجد يف املكتبة التارخيية سري مفردة ملشاهري وأعالم‪ ،‬ووجدت مؤلفات ضمّت‬
‫جمموعات من سري أو تراجم عدد من األعالم‪ .‬وقد كانت بداية االهتمام بالسري‬
‫بسرية النيب ‪.‬‬
‫ووجدنا من علماء التابعني من يؤلف يف السرية ومنهم‪ :‬عروة بن الزبري ابن‬

‫(‪ )2‬الكواكب السائرة جـ أ‪ ،‬ص أ من املقدمة‪.‬‬


‫‪80‬‬
‫العوام‪ ،‬وأبان بن عثمان بن عفان‪ ،‬ووهب بن منبه‪ ،‬وابن شهاب الزهري‪ ،‬وعبد اهلل‬
‫ابن أبي بكر بن حزم‪ ،‬ومن أشهر مؤلفي السرية النبوية حممد بن إسحاق املتوفى‬
‫حنو سنة (‪251‬هـ)‪ ،‬الذي جاء حممد بن هشام فاختصر كتابه‪ ،‬ونال املختصر شهرة‬
‫واسعة‪.‬‬
‫لقد سار التأليف يف السرية يف مسارين كما يقول حمققو السرية النبوية البن‬
‫هشام‪ ،‬األول‪ :‬سار على منهج املؤلفني السابقني وكان عمله االختصار أو الشرح‪،‬‬
‫أو النظم‪ .‬ومن هذا الفريق السهيلي وأبو ذر اخلشين وآخرون‪ ،‬واملسار الثاني‪:‬‬
‫حاول أصحابه أن يعطوا ألنفسهم صفة اإلبداع يف التأليف‪ ،‬وذلك جبمع ما سبقه‬
‫من املؤلفات وحماولة اخلروج مبؤلف جديد هو خالصة جهد من سبقه‪ .‬ومن هذا‬
‫الفريق‪ :‬ابن سيد الناس يف كتابه‪ :‬عيون األثر يف فنون املغازي والشمائل والسري‪.‬‬
‫وشهاب الدين الرٌّعيين الغرناطي له رسالة يف السرية واملولد النبوي‪ ،‬وعلي ابن‬
‫برهان الدين احلليب صاحب كتاب‪ :‬إنسان العيون يف سرية األمني املأمون الشهرية‬
‫بالسرية احللبية‪.‬‬
‫ال حلفظها‪ .‬ومنهم‪ :‬عبد العزيز ابن‬
‫وقد نظم بعض الشعراء السرية النبوية تسهي ً‬
‫أمحد املعروف بسعد الديري‪ ،‬وأبو احلسن فتح بن موسى القصري ويريهما)‪.(2‬‬
‫وإذا كان بعض املؤلفني قد أفرد السرية النبوية يف كتاب خاص فإن السرية‬
‫وردت يف كتب التاريخ يف سياقها الزمين‪ .‬جند هذا يف تاريخ الطربي‪ ،‬ويف تاريخ ابن‬
‫األثري (الكامل يف التاريخ) ويف كتاب البداية والنهاية البن كثري‪.‬‬
‫ومل تقتصر كتابة السرية على النيب ‪ ،‬فقد مشلت اخللفاء الراشدين ومن جاء‬
‫بعدهم من امللوك والعلماء والصاحلني وبعض هذه السري ضمّ عدداً من الصاحلني‬
‫أو املميزين‪ ،‬ومن ذلك كتاب احملب الطربي‪( :‬الرياض النضرة يف مناقب العشرة)‬
‫أي املبشرين باجلنة‪ .‬ولو وقفنا على إنتاج مؤلف واحد هو ابن اجلوزي لوجدنا له‬
‫الكتب اآلتيه‪:‬‬

‫(‪ )2‬انظر مقدمة السرية النبوية جـ أ‪ ،‬ص ‪.1 -5‬‬


‫‪81‬‬
‫فضائل عمر بن اخلطاب‪ ،‬فضائل عمر بن عبد العزيز‪ ،‬فضائل سعيد ابن‬
‫املسيب‪ ،‬فضائل احلسن البصري‪ ،‬مناقب الفضيل بن عياض‪ ،‬مناقب بشر احلايف‪،‬‬
‫مناقب إبراهيم بن أدهم‪ .‬مناقب سفيان الثوري‪ ،‬مناقب أمحد بن حنبل‪ ،‬مناقب‬
‫معروف الكرخي‪ ،‬مناقب رابعة العدوية)‪.(2‬‬
‫ومن كتب املناقب‪ :‬مناقب أبي حنيفة للموفق املكي‪ ،‬ومناقب أبي حنيفة‬
‫للكردري‪ ،‬ومناقب الشافعي للبيهقي‪.‬‬
‫ومن املؤلفني املشهورين يف تأليف سري السالطني القاضي حمي الدين بن عبد‬
‫الظاهر‪ ،‬ومن مؤلفاته‪ :‬الروض الزاهر يف سرية امللك الظاهر (أي بيربس)‪،‬‬
‫وتشريف األيام والعصور بسرية امللك املنصور (أي قالوون)‪.‬‬
‫ومن سري السالطني كتاب النوادر السلطانية واحملاسن اليوسفية للقاضي بهاء‬
‫الدين بن شداد‪ .‬وسرية السلطان جالل الدين منكربي للنسوي‪ .‬وسرية أمحد ابن‬
‫طولون لعبداهلل بن حممد املديين البلوي‪.‬‬
‫وهذا الذي ذكرته ييض من فيض من السري اليت يزخر بها تارخينا‪ .‬ومل يقتصر‬
‫التأليف على سري الصاحلني بل تعداه إىل بعض الطغاة‪ ،‬ومن أمثلة ذلك كتاب‪:‬‬
‫عجائب املقدور يف نوائب تيمور البن عربشاه‪ ،‬وهو يف سرية تيمور لنك الذي هو‬
‫علم من أعالم اإلجرام يف تاريخ البشرية‪.‬‬
‫ومن ألوان التأليف يف السري كتب ال تقتصر على شخص أو أفراد معدودين‪،‬‬
‫بل يشمل عدداً كبرياً امن يشرتكون يف صفة من الصفات‪ .‬ومن ذلك الكتب اليت‬
‫ألفت يف صحابة الرسول ‪ ،‬من أمثلتها‪:‬‬
‫االستيعاب يف معرفة األصحاب البن عبد الرب‪.‬‬
‫وأسد الغابة يف معرفة الصحابة البن األثري‪.‬‬
‫واإلصابة يف متييز الصحابة البن حجر العسقالني‪.‬‬

‫(‪ )2‬صفوة الصفوة – ابن اجلوزي املقدمة ص ‪.7 -1‬‬


‫‪82‬‬
‫ومن الكتب اليت حتدثت عن رجل احلديث النبوي‪:‬‬
‫‪ -‬تذكرة احلفاظ للذهيب‪.‬‬
‫‪ -‬تهذيب التهذيب البن حجر العسقالني‪.‬‬
‫ومل خيتص رجال احلديث ورواته بهذا الباب من التأليف دون يريهم‪ ،‬فقد‬
‫ألفت كتب يف شخصيات من جماالت خمتلفة‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫الشعر والشعراء البن قتيبة‪.‬‬
‫الوزراء والكتاب للجهشياري‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬تاريخ قضاة األندلس للنباهي‪.‬‬
‫والقضاة بقرطبة حملمد بن حارث اخلشين القروي‪.‬‬
‫وقضاة دمشق (ثغر البسام يف ذكر من ولي قضاء الشام) البن طولون‪.‬‬
‫ومن الكتب اجلامعة يف أخبار الصاحلني‪:‬‬
‫حلية األولياء ألبي نعيم األصبهاني‪.‬‬
‫وخمتصر صفة الصفوة البن اجلوزي‪.‬‬
‫وقد سلك بعض املؤلفني يف إعداد كتب الرتاجم منهجاً معجمياً‪ ..‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬معجم الشعراء للمرزباني‪.‬‬
‫‪ -‬ومعجم األدباء لياقوت احلموي‪.‬‬
‫ومن الكتب احلديثة وفق هذا املنهج‪:‬‬
‫‪ -‬معجم املؤلفني لعمر رضا كحالة‪.‬‬
‫‪ -‬واألعالم خلري الدين الزركلي‪.‬‬
‫‪ -‬وأعالم النساء لعمر رضا كحالة‪.‬‬
‫سالسل من الرتاجم‬
‫ومن ألوان التأليف يف الرتاجم سالسل كانت تبدأ بكتاب ثم يتلوه مؤلفون‬
‫ال على كتاب سابقه‪.‬‬
‫يكتب التالي منهم ذي ً‬

‫‪83‬‬
‫ومن هذه السالسل ما أخذ طابع اخلصوص‪ ،‬فكان حموره أصحاب موهبة‬
‫معينة‪ ..‬ومن ذلك السلسلة اليت بدأها الثعاليب يف يتيمة الدهر يف جمالس أهل العصر‪.‬‬
‫ذلك الكتاب الذي أرخ فيه لشعراء القرن الرابع وبعض القرن اخلامس‪.‬‬
‫ثم تلته كتب منها‪:‬‬
‫دمية القصر وعصرة أهل العصر للباخرزي‪.‬‬
‫زينة الدهر للحظريي‪.‬‬
‫وشاح الدمية ألبي احلسن علي بن زيد البيهقي‪.‬‬
‫والذخرية يف حماسن أهل اجلزيرة البن بسام الشنرتيين‪.‬‬
‫وخريدة القصر للعماد األصفهاني‪.‬‬
‫وقالئد العقيان‪ -‬وهو يف أخبار شعراء املغرب للفتح بن خاقان القيسي‪.‬‬
‫وعقود اجلمان ألبي الربكات مبارك بن أبي بكر الشعار املوصلي‪.‬‬
‫ورحيانة األلبا وزينة احلياة الدنيا للشهاب اخلفاجي‪.‬‬
‫ونفخة الرحيانة ورشحة طال احلانة حملمد األمني بن فضل اهلل احمليب‪.‬‬
‫وذيل النفحة ونيل املنحة للمؤلف نفسه‪.‬‬
‫سالفة العصر يف حماسن الشعراء بكل مصر البن معصوم احليدري املدني‪.‬‬
‫وهناك سلسلة أخرى ولكنها مل تكن خمتصة بأهل علم من العلوم أو من الفنون‪،‬‬
‫بل هي شاملة يف ترامجها‪ .‬وقد بدأها القاضي مشس الدين بن خلكان يف كتابه‪:‬‬
‫‪ -‬وفيات األعيان وأنباء أبناء الزمان‪.‬‬
‫وتلته سلسلة من الكتب منها‪:‬‬
‫‪ -‬فوات الوفيات البن شاكر الكتيب‪.‬‬
‫‪ -‬الوايف بالوفيات لصالح الدين الصفدي وهو أوسع من سابقيه مشل ما‬
‫فيهما وزاد عليها كثرياً‪.‬‬
‫‪ -‬املنهل الصايف واملستوفى بعد الوايف البن تغري بردي‪.‬‬
‫ومن السالسل ما اختصت كل حلقة منها بقرن من القرون ترمجت ألعالمه‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬الدرر الكامنة يف أعيان املئة الثامنة البن حجر العسقالني‪.‬‬
‫ومن الكتب اليت تلته وسارت على منهاجه‪:‬‬
‫‪ -‬الضوء الالمع ألهل القرن التاسع للسخاوي‪.‬‬
‫‪ -‬الكواكب السائرة بأعيان املئة العاشرة للغزّي‪.‬‬
‫‪ -‬خالصة األثر يف أعيان القرن احلادي عشر للمحبّي‪.‬‬
‫‪ -‬سلك الدرر يف أعيان القرن الثاني عشر للمرادي‪.‬‬
‫‪ -‬حلية البشر يف تاريخ القرن الثالث عشر لعبد الرزاق البيطار‪.‬‬
‫كتب الطبقات‪:‬‬
‫ومن مناهج التأليف يف الرتاجم ما عرف بكتب الطبقات‪ .‬واملقصود بالطبقة‬
‫جيل من الناس أو أهل العلم‪ ،‬وهو لون من التأريخ حسب الرتتيب الزمين ألجيال‬
‫علم من العلوم أو وظيفة من الوظائف أو من ميادين احلياة‪ .‬وهذا نوع من أنواع‬
‫التأليف يف الطبقات ونوع آخر هو عام ال خيتص مبجال معني‪.‬‬
‫ومن العام‪ :‬الطبقات الكربى البن سعد‪ ،‬الذي أرخ لسرية الرسول ‪،‬‬
‫وللصحابة والتابعني حتى عصره‪.‬‬
‫ومنه كذلك سري أعالم النبالء للذهيب‪.‬‬
‫وأما الطبقات اخلاصة مبجال معيّن فأدع القول فيه لإلمام السيوطي الذي‬
‫حتدث يف مقدمة كتابه «تاريخ اخللفاء» عن الداعي إىل تأليف كتابه فقال‪:‬‬
‫«والداعي إىل تأليف هذا الكتاب أمور‪ ،‬منها‪ :‬أن اإلحاطة برتاجم أعيان األمة‬
‫مطلوبة‪ ،‬ولذوي املعارف حمبوبة‪ .‬وقد مجع مجاعة تواريخ ذكروا فيها األعيان‬
‫خمتلطني‪ ،‬ومل يستوفوا‪ ،‬واستيفاء ذلك يوجب الطول واملالل‪ ،‬فأردت أن أفرد كل‬
‫طائفة يف كتاب أقرب إىل الفائدة ملن يريد تلك الطائفة خاصة‪ ،‬وأسهل يف‬
‫التحصيل‪:‬‬
‫فأفردت كتاباً يف األنبياء صلوات اهلل عليهم وسالمه‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫وكتاباً يف الصحابة ملخصاً من اإلصابة لشيخ اإلسالم أبي الفضل بن حجر‬
‫وكتاباً حافالً يف طبقات املفسرين‪.‬‬
‫وكتاباً وجيزاً يف طبقات احلفاظ خلصته من طبقات الذهيب‪ ،‬وكتاباً جليالً يف‬
‫طبقات النحاة واللغويني مل يؤلف قبله مثله‪.‬‬
‫وكتاباً يف طبقات األصوليني‪.‬‬
‫وكتاباً جليالً يف طبقات األولياء‪.‬‬
‫وكتاباً يف طبقات الفرضيني‪.‬‬
‫وكتاباً يف طبقات البيانيني‪.‬‬
‫وكتاب ًا يف طبقات الكتّاب‪ -‬أعين أرباب اإلنشاء‪.‬‬
‫وكتاباً يف طبقات أهل اخلط املنسوب‪.‬‬
‫وكتاباً يف شعراء العرب الذين حيتج بكالمهم يف العربية‪.‬‬
‫وهذه جتمع يالب أعيان األمة‪ .‬واكتفيت يف طبقات الفقهاء مبا ألفه الناس يف‬
‫ذلك لكثرته‪ ،‬واالستغناء به‪ .‬وكذلك اكتفيت يف القراء بطبقات الذهيب‪ .‬وأما‬
‫القضاة فداخلون فيمن تقدم‪ .‬ومل يبق من األعيان يري اخللفاء‪ ،‬مع تشوق النفوس‬
‫إىل أخبارهم‪ ،‬فأفردت هلم هذا الكتاب)‪.(2‬‬
‫وقد سبق العلماء السيوطي يف تأليف كتب الطبقات يف خمتلف اجملاالت‪ ،‬ومن‬
‫ذلك الطبقات اخلاصة بعلماء املذاهب الفقهية اليت أشار إليها السيوطي بأنها كثرية‬
‫بني أيدي الناس‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫طبقات احلنفية البن كمال باشا‪.‬‬
‫وطبقات الشافعية للسبكي‪.‬‬
‫وطبقات احلنابلة البن أبي يعلى‪.‬‬
‫وطبقات الفقهاء للشريازي‪.‬‬

‫(‪ )2‬تاريخ اخللفاء – ص ‪.6 – 5‬‬


‫‪86‬‬
‫ومن كتب الطبقات يف الفرق واالجتاهات اإلسالمية‪.‬‬
‫طبقات الصوفية للشعراني‪.‬‬
‫وطبقات أعيان الشيعة آليا بزرك الطهراني‪.‬‬
‫وطبقات الشاذلية الكربى‪ -‬للحسن الفاسي‪.‬‬
‫ومن كتب الطبقات يف جماالت خمتلفة‪:‬‬
‫طبقات فحول الشعراء حملمد بن سالم اجلمحي‪.‬‬
‫وطبقات الشعراء البن املعتز‪.‬‬
‫وطبقات النحويني واللغويني للزبيدي‪.‬‬
‫وطبقات النحاة واللغويني البن قاضي شهبة‪.‬‬
‫وطبقات األطباء واحلكماء البن جلجل‪.‬‬
‫وعيون األنباء يف طبقات األطباء البن أبي أصيبعة‪.‬‬
‫تواريخ املدن‬
‫واما عين به املؤلفون التأريخ ألعالم املدن بإفراد بعض هذه املدن بتواريخ‬
‫خاصة‪ ،‬تتحدث عمن نسب إليها‪ ،‬أو أقام فيها‪ ،‬أو مات فيها‪ .‬ومن هذه الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬تاريخ جرجان للسهمي‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب تاريخ أصبهان ألبي نعيم‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب تاريخ دمشق البن عساكر‪.‬‬
‫‪ -‬اإلحاطة يف أخبار يرناطة‪.‬‬
‫‪ -‬أخبار مكة لألزرقي‪.‬‬
‫‪ -‬شفاء الغرام بأخبار البلد احلرام للفاسي‪.‬‬
‫‪ -‬العقد الثمني يف تاريخ البلد األمني للفاسي للمؤلف نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬األرج املسكي والتاريخ املكي لعبد القادر الطربي‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -‬عهدة األخبار يف مدينة املختار ألمحد بن عبد احلميد العباسي‪.‬‬
‫‪ -‬األنس اجلليل بتاريخ القدس واخلليل جملري الدين احلنبلي‪.‬‬
‫التاريخ احلولي‬
‫واملنهج املتبع يف هذا اللون من التأليف التارخيي هو ذكر األحداث مرتبة‬
‫ترتيباً زمنياً‪ ،‬سنة إثر سنة‪ ،‬وذلك بدءاً من التاريخ اهلجري‪ .‬واحلديث قبل التاريخ‬
‫اهلجري يغلب أن يكون بإيراد نشأة اخللق‪ ،‬وتتابع الرسل‪ ،‬وذكر قصصهم وما كان‬
‫من شأنهم مع أامهم‪ .‬ومن أشهر كتب التاريخ احلولي‪:‬‬
‫‪ -‬تاريخ األمم وامللوك لشيخ املؤرخني اإلمام حممد بن جرير الطربي‪.‬‬
‫‪ -‬الكامل يف التاريخ البن األثري‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ اإلسالم وطبقات املشاهري واألعالم للذهيب‪.‬‬
‫‪ -‬البداية والنهاية البن كثري‪.‬‬
‫ما سبق ذكره من كتب التاريخ احلولي شامل لبالد اإلسالم كلها يري خمتص‬
‫بقطر دون آخر‪ .‬وهناك منط من التاريخ احلولي اخلاص بقطر أو دولة يف زمن معني‪.‬‬
‫ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬املقتبس يف تلخيص أخبار املغرب لعبد الواحد املراكشي أرخ فيه لألندلس‬
‫من الفتح حتى نهاية عهد املوحدين‪.‬‬
‫‪ -‬الروضتني يف أخبار الدولتني ألبي شامة املقدسي أرخ فيه للدولة الزنكية‬
‫(عماد الدين وابنه نور الدين) وللدولة الصالحية (صالح الدين األيوبي‬
‫ومن جاء بعده من األسرة األيوبية)‪.‬‬
‫‪ -‬مفرج الكروب يف أخبار بين أيوب‪ ،‬البن واصل احلموي‪.‬‬
‫‪ -‬تاريخ الدولتني املوحدية واحلفصية حملمد بن إبراهيم اللؤلؤي املعروف‬
‫بالزركشي‪.‬‬
‫‪ -‬عنوان اجملد يف تاريخ جند لعثمان بن عبداهلل بن بشر النجدي أرخ فيه حلركة‬
‫الشيخ حممد بن عبدالوهاب وما نتج عنها من قيام الدولة السعودية‪.‬‬
‫هذه بعض اجتاهات التأليف يف املكتبة التارخيية وبعض ما ميثلها من املصادر‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫املصادر اغجغرافية‬
‫وهي فرع عامر من فروع املكتبة العربية‪ ،‬وقد بدأ التأليف فيها على يد عدد‬
‫من اللغويني الذي مجعوا رسائل ضمت األلفاظ ذات الصبغة اجلغرافية‪ .‬وجند‬
‫لعدد من املؤلفني‪ ،‬منهم‪ :‬أبو حملم‬ ‫)‪(2‬‬
‫سلسلة من الرسائل اليت حتمل اسم‪ :‬األنواء‬
‫الشيباني‪ ،‬والنضر بن مشيل‪ ،‬وأبو زيد األنصاري واملربّد‪ ،‬وابن دريد)‪.(1‬‬
‫وجند يف أخبار النضر بن مشيل أنّه ألف كتاب الصفات وهو أجزاء‪:‬‬
‫«اغجزء األول‪ :‬حيتوي على خلق اإلنسان‪ ،‬واجلود والكرم وصفات النساء‪.‬‬
‫اغجزء الثاني‪ :‬حيتوي على األخبية والبيوت وصفات اجلبال والشعاب واألمتعة‪.‬‬
‫اغجزء الثالث‪ :‬لإلبل فقط‪ .‬اغجزء الرابع‪ :‬حيتوي على الغنم‪ ،‬الطري‪ ،‬الشمس‪،‬‬
‫القمر‪ ،‬الليل‪ ،‬النهار‪ ،‬األلبان‪ ،‬الكمأة‪ ،‬اآلبار‪ ،‬األرشية‪ ،‬الدالء‪ ،‬صفة اخلمر‪ ،‬اغجزء‬
‫اخلامس‪ :‬حيتوي على الزرع‪ ،‬الكرم‪ ،‬العنب‪ ،‬أمساء البقول‪ ،‬األشجار‪ ،‬الرياح‪،‬‬
‫السحاب‪ ،‬األمطار»)‪.(4‬‬
‫ويف هذا الوصف للكتاب ما ينبئ عن معلومات جغرافية يف بعض أجزائه‪.‬‬
‫ومن الكتب ذات الصبغة اجلغرافية كتاب املياه ألبي زيد األنصاري‪ ،‬وكتاب‬
‫جزيرة العرب لألصمعي‪ ،‬وكتاب أمساء السحاب والرياح واألمطار ألبي إسحاق‬
‫إبراهيم بن سفيان بن زياد‪ ،‬وكتاب احلر والربد والشمس والقمر والليل والنهار‬
‫ألبي حا السجستاني)‪.(3‬‬

‫(‪ )2‬األنواء‪ :‬مجع نوء‪ ،‬وهو سقوط النجم أو ميله يف األفق وكانت العرب تربط األمطار احركة النجوم‪.‬‬
‫وقد جاء يف ذلك أحاديث‪ .‬انظر خمتصر صحيح مسلم حديث ‪ 56‬ص ‪.11‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الفهرست البن النديم‪ :‬ص ‪.71 ،11 ،11 ،99 ،67‬‬
‫(‪ )4‬املصدر السابق ص ‪.99‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬املصدر السابق‪ :‬ص‪.19 ،16 ،11 ،12‬‬
‫‪89‬‬
‫«ومل يكتف العلماء املسلمون بهذا اللون مـن التـأليف ذي الصـبغة اجلغرافيـة‪ ،‬بـل‬
‫التفتوا إىل اجلغرافيا يف احلضارة اهلندية والفارسية‪ ،‬ثم اليونانية‪ ،‬ما كان يتعلق منهـا‬
‫باألرض وأحوال أقاليمها‪ ،‬وخطوط الطول والعرض‪ ،‬واملـدن‪ ،‬واجلبـال والـرباري‬
‫والبحار واألنهار‪ ،‬والسكان‪ .‬وترمجوا جغرافيا بطليموس اليت كان هلـا أثـر كـبري يف‬
‫اجلغرافيــا العربيــة‪ ،‬واهتمــوا بالفلــك‪ ،‬ووضــعوا اجلــداول الفلكيــة‪ ،‬ووضــعوا‬
‫اخلرائط»(‪.)2‬‬
‫ومل يكن جهد علماء العرب واملسلمني مقصوراً على األخذ امن سبقهم‪ ،‬بل‬
‫إنهم جاؤوا باجلديد املفيد‪ ،‬وها هي شهادة العامل الروسي الذي أحاط علماً مبا كان‬
‫يف احلضارة اإلسالمية يف هذا اجملال‪ ،‬وهو يقول عن األدب اجلغرايف يف اللغة‬
‫العربية‪:‬‬
‫«جيب االعرتاف على أية حال بأهميته العلمية القصوى‪ ،‬والتنوع الكبري يف‬
‫فنونه وأمناطه؛ ففيه تقابلنا الرسالة العلمية يف الفلك والرياضيات‪ ،‬كما تقابلنا‬
‫املداخل العلمية اليت وضعت من أجل ُعمّال الدواوين‪ ،‬ومجهرة املسافرين‪ ،‬وهو‬
‫يقدم متعة ذهنية كربى إذ نلتقي بنماذج أدبية فنية رائعة‪ ،‬صيغت بالسجع أحياناً‪.‬‬
‫واملصنفات املوضوعة من أجل مجهرة القراء‪ ،‬يرتاوح فيها العرض بني اجلفاف‬
‫والصرامة من جهة‪ ،‬واإلمتاع واحليوية من جهة أخرى‪ .‬وهنا تبدو مقدرة العرب‬
‫الفائقة‪ ،‬وبراعتهم يف فن القصص‪ ،‬ولقد أثار هذا األدب اهتماماً بالغاً بسبب‬
‫تنوعه‪ ،‬وينى مادته‪ ،‬فهو تارة علمي‪ ،‬وتارة شعيب‪ ،‬وهو طوراً واقعي وأسطوري‬
‫على السواء‪ ،‬تكمن فيه املتعة كما تكمن فيه الفائدة‪ .‬وهلذا فهو يقدم لنا مادة دمسة‬
‫متعددة اجلوانب ليس هلا مثيل يف أدب أي شعب معاصر للعرب»)‪.(1‬‬
‫إن احلديث عن األدب اجلغرايف يف املكتبة العربية يسري يف اجتاهني‪ :‬األول هو‬
‫التأليف اجلغرايف الذي أخذ ألواناً خمتلفة تعتمد على إيراد املعلومات يف صور‬
‫متعددة والثاني‪ :‬كتب الرحالت‪.‬‬

‫(‪ )2‬تاريخ األدب اجلغرايف العربي‪ ،‬كرتسكوفسكي‪ ،‬ص‪.215‬‬


‫(‪ )1‬املصدر السابق ص ‪.19‬‬
‫‪90‬‬
‫وجند يف االجتاه األول جهوداً كبرية متتالية لعلماء من خمتلف بقاع العامل‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وجند بعض العناوين اليت تعاقب على التأليف فيها عدد من العلماء‪.‬‬
‫ومنها‪:‬‬
‫املسالك واملمالك البن خرداذبه‪.‬‬
‫املسالك واملمالك البن حوقل‪.‬‬
‫املسالك واملمالك للبكري‪.‬‬
‫املسالك واملمالك لألصطخري‪.‬‬
‫وقريب من هذا العنوان‪:‬‬
‫مسالك األبصار يف امالك األمصار البن فضل اهلل العمري‪.‬‬
‫ومن الكتب اجلرغرافية املشهورة‪:‬‬
‫أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم للمقدسي‪.‬‬
‫ونزهة املشتاق إىل اخرتاق اآلفاق البن فضل اهلل العمري‪.‬‬
‫وتقويم البلدان ألبي الفداء‪.‬‬
‫ومن الكتب اليت مجعت خالصة العلوم اجلغرافية حتى القرن السابع اهلجري‬
‫معجم البلدان لياقوت احلموي‪.‬‬
‫ومن اميّزات هذا الكتاب أنه ال يضم املعلومات اجلغرافية فحسب‪ ،‬بل يضم‬
‫معلومات تارخيية وثقافية عن املواقع اجلغرافية اليت يتحدث عنها‪ ،‬اما جيعل أوجه‬
‫االنتفاع به متعددة‪.‬‬
‫واالجتاه الثاني من اجتاهات التأليف يف اجلغرافيا هو أدب الرحالت‪ ،‬الذي‬
‫كانت له يف تراثنا مثرات وفرية ما تزال يانعة حتى عصرنا‪ ،‬وقد تعددت بواعث‬
‫الرحلة‪ ،‬فمنها‪:‬‬
‫الرحلة يف طلب العلم‪.‬‬
‫والرحلة للتجارة‪.‬‬
‫والرحلة للسفارة إىل البالد األخرى يري اإلسالمية‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫والرحلة إىل احلج‪.‬‬
‫وهناك بواعث أخرى دون هذه منزلة‪.‬‬
‫ومن الرحالت اليت كان مبعثها طلب العلم‪ ،‬للتحقق من مواقع ذكرت يف‬
‫القرآن الكريم تلك الرحالت اليت كانت يف عهد اخلليفة الواثق ومنها رحلة البحث‬
‫عن موقع أهل الكهف قام بها عامل هو حممد بن موسى «توجهت بعد احلصول على‬
‫موافقة إمرباطور بيزنطة إىل أسيا الصغرى لفحص كهف الرقيم بني عمورية (‪)...‬‬
‫ونيقية (‪ »)...‬والرحلة الثانية يف عهد الواثق اشتهرت باسم رحلة سالّم الرتمجان‪،‬‬
‫للبحث عن سد يأجوج ومأجوج)‪.(2‬‬
‫ومن رحالت السفارة رحلة حييى بن احلكم البكري (ت ‪151‬هـ) امللقب‬
‫بالغزال‪ ،‬الذي وجهه أمري قرطبة عبدالرمحن الثاني إىل دول مشال أوروبا‪ .‬ورحلة‬
‫ابن فضالن إىل بالد البلغار بدعوة من ملكها‪ ،‬فقد طلب من اخلليفة العباسي‬
‫املقتدر باهلل أن يبعث إليه من يعلمه وشعبه اإلسالم)‪.(1‬‬
‫ومن رحلة التجارة رحلة سليمان التاجر أو سليمان السريايف إىل بالد‬
‫الصني)‪.(4‬‬
‫وقد كان احلج من أهم روافد أدب الرحالت‪ ،‬ومن أشهر الرحالت اليت‬
‫ارتبطت به رحلة ابن جبري‪ ،‬ثم رحلة ابن بطوطة اليت كان باعثها األول احلج‪ ،‬ثم‬
‫صار السفر ورؤية البالد وما فيها هي الباعث له على مواصلة رحلته إىل آخر‬
‫مداها‪ .‬ولنقف مع هاتني الرحلتني وقفة قصرية‪.‬‬
‫رحلة ابن جبري‪:‬‬
‫صاحب الرحلة هو أبو احلسني حممد بن أمحد بن جبري الكتاني األندلسي‬
‫الشاطيب‪ ،‬كان من علماء األندلس يف الفقه واحلديث‪ ،‬وكانت له مشاركة يف األدب‪.‬‬

‫(‪ )2‬تاريخ األدب اجلغرايف العربي ص‪ 25‬وانظر‪ :‬الرحلة والرحالة املسلمون‪ ،‬د‪ .‬أمحد رمضان أمحد‪،‬‬
‫ص ‪.41‬‬
‫(‪ )1‬تاريخ األدب اجلغرايف العربي ص ‪ ،111‬الرحلة والرحالة املسلمون‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )4‬تاريخ األدب اجلغرايف العربي ص ‪ 257‬الرحلة والرحالة املسلمون‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪92‬‬
‫وصفه لسان الدين بن اخلطيب يف كتابه‪ :‬اإلحاطة يف أخبار يرناطة‪ ،‬بأنه «كان أديب ًا‬
‫بارعاً‪ ،‬شاعراً جميداً‪ ،‬سريّ النفس‪ ،‬كريم األخالق»‪ ..‬ولكن شهرته مل تقم إال على‬
‫كتابه املعروف برحلة ابن جبري)‪.(2‬‬
‫وقد لقيت هذه الرحلة تقديراً لدى املؤلفني فهي «حتوي بعض املعلومات اليت‬
‫ال يستغين عنها مؤرخ‪ ،‬أو جغرايف‪ ،‬أو أديب يريد أن يدرس هذه الفرتة املهمة من‬
‫حياة الشرق اإلسالمي‪ ،‬وقد رفع بها صاحبها هذا الضرب من الصياية األدبية إىل‬
‫درجة عالية اما حد بالكثريين إىل عدّها ذروة من ذرى ما بلغه منط الرحلة يف األدب‬
‫العربي)‪.(1‬‬
‫ومن الذين حكموا باجلودة على رحلة ابن جبري كرتشكوفسكي الذي قال‪:‬‬
‫«ويكوّن وصف الرحلة أحياناً قصة امتازة يسجل فيها صاحبها كل ما رآه وما هو‬
‫جدير باالهتمام‪ ،‬وكثرياً ما تبلغ مستوى عالياً من الفن والصياية األدبية‪ ،‬ولعل‬
‫أكثر اآلثار قيمة دون منازع يف هذا اجملال رحلة ابن جبري»)‪.(4‬‬
‫ابتدأ ابن جبري رحلته يف شهر شوال سنة مثان وسبعني ومخس مئة للهجرة‪،‬‬
‫وانتهت يف شهر حمرم سنة إحدى ومثانني ومخس مئة‪ .‬ابتدأ من األندلس وحتدث‬
‫عن أهوال البحر‪ ،‬ومن املعامل البارزة اليت حتدث عنها‪:‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬والقاهرة‪ ،‬وقد حتدث عن صالح الدين وعدله‪ ،‬وكان شديد‬
‫اإلعجاب به‪ ،‬إذ كان سلطان مصر عند مروره بها‪ ،‬وحتدث عن احلجاز‪ :‬مكة‬
‫واملدينة وأطال احلديث عن احلرمني وأحواهلما‪ ،‬ورحل إىل العراق وحدثنا عن‬
‫الكوفة واحللة وبغداد‪ ،‬وقد ذكر جمالس وع اإلمام ابن اجلوزي وقال فيه «فلو مل‬
‫نركب ثبج البحر‪ ،‬ونعتسف مفازات القفر إال ملشاهدة جملس من جمالس هذا الرجل‬
‫لكانت الصفقة الرااحة‪ ،‬والوجهة املفلحة الناجحة‪.(3)»..‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬رحلة ابن جبري‪ ،‬مقدمة الناشر ص ‪.5‬‬


‫(‪ )1‬أدب الرحلة عند العرب‪ ،‬د‪ .‬حسين حممود حسني‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫(‪ )4‬تاريخ األدب اجلغرايف العربي ص ‪.142‬‬
‫(‪ )3‬رحلة ابن جبري‪ ،‬ص ‪.271‬‬
‫‪93‬‬
‫ووصف ما شاهده من مدن العراق األخرى‪ :‬املوصل وتكريت‪ ،‬وانتقل إىل‬
‫جنوب تركيا ومشال بالد الشام‪ ،‬ووصف فيما وصف حلب ومحاة ومحص‬
‫ودمشق‪ ،‬وأطال الوقوف عندها‪ .‬وحتدث عن جبل لبنان‪ ،‬وعن احلرب بني املسلمني‬
‫والصليبيني‪ ،‬ودخل عكا وصور‪ ..‬ثم عاد إىل بالده يف البحر‪ ،‬ووصف أحوال‬
‫جزيرة صقلية اليت كانت قد انتقلت من حكم املسلمني من قريب‪ ..‬ومضى يتحدث‬
‫عن أحوال رحلته إىل أن انتهت يف بلده‪.‬‬
‫لقد مجع ابن جبري إىل مجال األسلوب دقة التفصيالت اليت جتعل الرحلة قيمة‬
‫متعددة األوجه‪ ،‬للمؤرخ واجلغرايف والباحث يف أحوال اجملتمع اإلسالمي يف خمتلف‬
‫جوانبه‪.‬‬
‫لقد كان باعث ابن جبري إىل رحلته التوجه إىل احلج‪ ،‬وقد وجدها فرصة طيبة‬
‫أال يقتصر على زيارة احلجاز وحدها بل جال يف مصر والعراق وبالد الشام‪ ،‬وقيّد‬
‫ما شاهده‪ ،‬وكان لذلك فضل عظيم يف أدب الرحلة‪.‬‬
‫رحلة ابن بطوطة‪:‬‬
‫صاحب هذه الرحلة هو حممد بن عبد اهلل بن حممد بن إبراهيم اللواتي‬
‫الطنجي‪ ،‬أبو عبد اهلل بن بطوطة‪ ،‬رحلته أشهر الرحالت يف العربية‪ ،‬وأدع خري‬
‫الدين الزركلي صاحب كتاب األعالم يوجز لنا سريته‪:‬‬
‫«رحالة مؤرخ‪ ،‬ولد ونشأ يف طنجة‪ ...‬باملغرب األقصى‪ ،‬وخرج منها سنة‬
‫‪915‬هـ فطاف بالد املغرب ومصر والشام واحلجاز والعراق وفارس واليمن‬
‫والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض اهلند والصني واجلاوة وبالد الترت‬
‫وأواسط إفريقية‪.‬‬
‫واتصل بكثري من امللوك واألمراء‪ .‬فمدحهم‪ -‬وكان ينظم الشعر‪ -‬واستعان‬
‫بهباتهم على أسفاره‪ ،‬وعاد إىل املغرب األقصى فانقطع إىل السلطان أبي عنان (من‬
‫ملوك بين مرين) فأقام يف بالده وأملى أخبار رحلته على حممد بن جُزي الكليب‬
‫مبدينة فاس سنة ‪956‬هـ ومساها «حتفة النظار يف يرائب األمصار وعجائب‬
‫األسفار»‪ .‬ترمجت إىل اللغات الربتغالية والفرنسية واإلجنليزية ونشرت بها‪ ،‬وترمجت‬
‫‪94‬‬
‫فصول منها إىل األملانية نشرت أيضاً‪ .‬وكان حيسن الرتكية والفارسية‪ .‬واستغرقت‬
‫رحلته ‪ 19‬سنة (‪2451 -2415‬م) ومات يف مراكش‪ .‬وتلقبه مجعية كمربدج يف‬
‫كتبها وأطالسها بأمري الرحالة املسلمني ‪ Prince of Moslem Travellers‬ويف‬
‫نابلس بفلسطني أسرة‪ ،‬اآلن‪ ،‬تدعى بيت بطبوط وتعرف ببيت املغربي وبيت كمال‪،‬‬
‫تقول إنها من نسل ابن بطوطة»)‪.(2‬‬
‫إن من أوجه أهمية رحلة ابن بطوطة أنها استغرقت زمناً طويالً وأنها مشلت‬
‫بالداً كثرية بدءاً من املغرب األقصى‪ ،‬ومروراً بشمالي إفريقية واجلزيرة العربية‬
‫والصومال‪ ،‬وتركيا حتى وصل إىل نهر الفوجلا‪ ،‬والعراق وبالد فارس وخراسان‬
‫والسند واهلند‪ ،‬وسيالن وجزر املالديف (ذيبة املهل) وإندونيسيا واملاليو حتى‬
‫وصل الصني‪ .‬وملا رجع إىل بالده قام برحلتني قصريتني‪ ،‬إحداهما إىل األندلس‬
‫واألخرى إىل يرب إفريقية‪.‬‬
‫يضاف إىل هذا أن ابن بطوطة كان ذا عني القطة لدقائق األمور‪ ،‬وذهن حاف‬
‫يضرب به املثل! وهذا ما جعله يقف على مشاهد وعادات ومواقف ويسجلها‬
‫لتكون هلا قيمة علمية واجتماعية وتارخيية إىل جانب املتعة اليت جيدها القارئ حني‬
‫خيرتق الزمان واملكان لريى العامل بعيين رحالة حيسن الرحلة وجييد الوصف‪.‬‬
‫يقول فيه كراتشكوفسكي‪ :‬إنه الرحالة «الذي ال يستغين عن الرجوع إليه أي‬
‫باحث يود اخلوض يف تاريخ األوردو الذهيب وآسيا الوسطى‪ ،‬والذي ريماً من هذا‬
‫تقف رواياته عن الصني واهلند يف مستوى واحد مع «أسفار السندباد» و«عجائب‬
‫اهلند»‪ .‬ومهما اختلفت اآلراء فيه فإن من املستحيل إنكار أنه كان آخر جغرايف‬
‫عاملي من الناحية العملية‪ ،‬أي أنه مل يكن ناقالً اعتمد على كتب يريه بل كان رحالة‬
‫انتظم حميط أسفاره عدداً كبرياً من األقطار‪ ،‬وقد جاوز جتواله مقدار مئة ومخسة‬
‫وسبعني ألف ميل»)‪.(1‬‬

‫(‪ )2‬األعالم‪ ،‬جـ‪ ،6‬ص ‪.146‬‬


‫(‪ )1‬رحلة ابن بطوطة‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪95‬‬
‫مل يكتب ابن بطوطة رحلته بنفسه‪ ،‬بل أمالها من ذاكرته‪ ،‬مع أنه كان عرب‬
‫مراحل رحلته يدون ما ميرّ به‪ ،‬ولكن ذلك فقد يف أواخر الرحلة مع ما فقده من‬
‫نفائس مجعها حني خرج على سفينته القراصنة يف احمليط اهلندي‪.‬‬
‫ولذلك اعتمد على ذاكرته‪ ،‬وإن اما يلفت النظر أن سلطان املغرب قد أصدر‬
‫األمر إىل رجل من رجال حاشيته هو ابن جزيّ أن حيرّر الرحلة‪ ،‬فكان ابن بطوطة‬
‫ميلي عليه من الذاكرة وابن جزي يصوغ الكالم‪ .‬وهذا ما ذكره ابن جزي يف مقدمة‬
‫الرحلة مبيناً عمله فيها‪ ،‬فقد عرّف ابن بطوطة فقال عنه‪« :‬الشيخ الفقيه السائح‬
‫الثقة الصدوق‪ ،‬جوّال األرض‪ ،‬خمرتق األقاليم بالطول والعرض‪ ،‬أبو عبداهلل حممد‬
‫ابن عبداهلل بن إبراهيم اللواتي‪ ،‬املعروف بابن بطوطة‪ ،‬املعروف بالبالد الشرقية‬
‫بشمس الدين‪ ،‬وهو الذي طاف األرض معترباً‪ ،‬وطوى األمصار خمترباً‪ ،‬وباحث‬
‫فرق األمم‪ ،‬وسرب سري العرب والعجم»)‪.(2‬‬
‫وصدر األمر كما ذكرت إىل ابن بطوطة «بأن ميلي ما شاهده يف رحلة من‬
‫األمصار‪ ،‬وما علق احفظه من نوادر األخبار‪ ،‬ويذكر من لقيه من ملوك األقطار‪،‬‬
‫وعلمائها األخيار‪ ،‬وأوليائها األبرار‪ ،‬فأملى من ذلك ما فيه نزهة اخلواطر‪ ،‬وبهجة‬
‫املسامع والنواظر‪ ،‬من كل يريبة أفاد باجتالئها‪ ،‬وعجيبة أطراف بانتحائها» وصدر‬
‫أمر السلطان إىل ابن جزي أن يضم أطراف ما أماله الشيخ أبو عبداهلل من ذلك‪،‬‬
‫مشتمالً يف تصنيف يكون على فوائده مشتمالً‪ ،‬أو لنيل مقاصده مكمالً‪ ،‬متوخياً‬
‫تنقيح الكالم وتهذيبه‪ ،‬معتمداً إيضاحه وتقريبه‪ ،‬ليقع االستمتاع بتلك الطُرف‬
‫ويعظم االنتفاع بدرها عند جتريده من الصدف‪ ...‬ونقلت معاني كالم الشيخ أبي‬
‫عبداهلل بألفاظ موفية للمقاصد اليت قصدها‪ ،‬موضحة للمناحي اليت اعتمدها‪ ،‬ورمبا‬
‫أوردت لفظه على وضعه‪ ،‬فلم أخلّ بأصله وال فرعه‪ ،‬وأوردت مجيع ما أورد من‬
‫احلكايات واألخبار‪ ،‬ومل أتعرض لبحث عن حقيقة ذلك وال اختبار‪ .‬على أنه سلك‬
‫يف إسناد صحاحها أقوم املسالك‪ ،‬وخرج عن عهدة سائرها مبا يشعر من األلفاظ‬

‫(‪ )2‬رحلة ابن بطوطة‪ ،‬ص ‪.16‬‬


‫‪96‬‬
‫بذلك‪ ،‬وقيّد املشكل من أمساء املواضع والرجال بالشكل والنقط ليكون أنفع يف‬
‫التصحيح والضبط‪ ،‬وشرحت ما أمكنين شرحه من األمساء األعجمية ألنها تلتبس‬
‫بعجميتها على الناس‪ ،‬وخيطئ يف فك معماها معهود القياس»)‪.(2‬‬
‫ولعل من حقنا أن نسأل عن السبب الذي دعا إىل قيام ابن جزي بصياية‬
‫الرحلة؟ وأقرب تفسري لديّ لذلك هو أن ابن بطوطة قد أقام سنني طويلة يف ديار‬
‫يري ديار العربية‪ ،‬ورمبا أفقده ذلك امللكة اللغوية‪ ،‬أو رمبا شابت لغته شائبة العُجمة‪،‬‬
‫فكان من الضروري أن يقوم مبراجعة ما يُملي عامل أو أديب ذو ملكة لغوية‪ .‬ولو‬
‫أتيح البن بطوطة أن يكتب رحلته بنفسه‪ ،‬وبأسلوبه هو لكان هلا شأن أرفع وقيمة‬
‫أعلى‪ ،‬ومع هذا تبقى أينى الرحالت يف العربية‪ ،‬وتظل مورداً للباحثني يف ميادين‬
‫شتى‪ ،‬ومصدراً من مصادر املتعة اليت ال تُحدّ‪.‬‬

‫(‪ )2‬رحلة ابن بطوطة جـ ‪ ،2‬ص ‪ .16 – 15‬وقد صنع الدكتور مأمون جرار معجماً هلذه األلفاظ‪،‬‬
‫مساه‪ :‬معجم ابن بطوطة يف رحلته‪ .‬صدر عن دار املأمون‪ /‬عمان‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫املراجع‬
‫‪ .2‬أدب الرحلة عند العرب‪ ،‬د‪ .‬حسين حممود حسني‪ ،‬دار األندلس‪ ،‬بريوت‬
‫‪2314‬هـ ‪2714/‬م‪.‬‬
‫‪ .1‬األعالم‪ ،‬خري الدين الزركلي‪ ،‬دار العلم للماليني‪ ،‬بريوت‪2771 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .4‬تاريخ األدب اجلغرايف العربي‪ ،‬كراتشكوفسكي‪ ،‬نقله عن الروسية صالح‬
‫الدين عثمان هاشم‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بريوت‪2311 ،‬هـ‪2719/‬م‪.‬‬
‫‪ .3‬تاريخ اخللفاء‪ ،‬السيوطي‪ ،‬حتقيق حممد حميي الدين عبداحلميد‪ ،‬املكتبة العصرية‬
‫صيدا – بريوت‪2317 ،‬هـ ‪2717 /‬م‪.‬‬
‫‪ .5‬رحلة ابن بطوطة‪ ،‬حتقيق د‪ .‬علي املنتصر الكتاني‪ ،‬مؤسسة الرسالة‬
‫‪2715/2315‬م‪.‬‬
‫‪ .6‬الرحلة والرحالة املسلمون‪ ،‬د‪ .‬أمحد رمضان أمحد‪ ،‬دار البيان العربي‪ ،‬جدة‪،‬‬
‫السعودية‪.‬‬
‫‪ .9‬رحلة ابن جبري‪ ،‬دار بريوت للطباعة والنشر‪2313 ،‬هـ ‪2713/‬م‪.‬‬
‫‪ .1‬السرية النبوية‪ ،‬ابن هشام‪ ،‬حتقيق مصطفى السقا وزمالئه‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .7‬صفة الصفوة‪ ،‬ابن اجلوزي‪ ،‬مؤسسة الكتب‪ ،‬بريوت‪2321 ،‬هـ ‪2772/‬م‪.‬‬
‫‪ .21‬الفهرست‪ ،‬ابن النديم‪ ،‬دار املعرفة للطباعة والنشر‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ .22‬الكواكب السائرة‪ ،‬الغزي‪ ،‬حتقيق د‪ .‬جربائيل جبور‪ ،‬دار اآلفاق اجلديدة‪،‬‬
‫بريوت‪.2797 ،‬‬

‫‪98‬‬
‫القسم الثاني‬

‫الثقافة املكتبية‬
‫الباب األول‪ :‬تاريخ املكتبات‬
‫الفصل األول‪ :‬املكتبات يف العصور القدمية‬
‫الفصل الثاني‪ :‬املكتبات يف احلضارة اإلسالمية‬
‫الباب الثاني‪ :‬املكتبات يف العصر احلديث واخلدمات املكتبية‬
‫الفصل األول‪ :‬املكتبات يف العصر احلديث‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مصادر املعلومات يف املكتبة‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الفهرسة‬
‫الفصل الرابع‪ :‬التصنيف‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬اإلعارة‬

‫‪99‬‬
‫الباب األول‬
‫تاريخ املكتبات‬
‫الفصل األول‪ :‬املكتبات يف العصور القدمية‬
‫الفصل الثاني‪ :‬املكتبات يف احلضارة اإلسالمية‬
‫د‪ .‬سعود عبداجلابر‬

‫‪100‬‬
‫الفصل األول‬

‫املكتبات يف العصور القدمية‬


‫د‪ .‬سعود عبد اجلابر‬

‫‪101‬‬
‫املكتبات يف العصور القدمية‬
‫إن تاريخ الكتب واملكتبات يعد جانباً أساسياً يف تاريخ املعرفة والثقافة‪ .‬ويبدأ‬
‫هذا التاريخ مع بداية احلضارة اإلنسانية‪ .‬وليس من السهل حتديد املكان والزمان‬
‫الذي ظهرت فيه الكتب واملكتبات‪ .‬ولكن من املؤكد أن نشوء املكتبات قديم قدم‬
‫الكتابة‪ ،‬فقد كان اخرتاع الكتابة حدثاً هاماً يف تاريخ اإلنسانية وعامالً من عوامل‬
‫نشوء احلضارات القدمية‪ .‬وبعد أن عرف اإلنسان الكتابة أخذ يستخدمها يف التعبري‬
‫عن حياته وأفكاره‪ ،‬ثم حاول أن جيمع ذلك يف أماكن معينة من املعابد والقصور‬
‫امللكية‪ ،‬وبعض دور اخلاصة‪.‬‬
‫وتؤكد الدراسات العلمية «أن أوىل املكتبات قد ظهرت يف العامل العربي‬
‫وبالتحديد يف بالد ما بني النهرين ووادي النيل»)‪ .(2‬وذلك يف زمن مويل بالقدم‬
‫خالل األلف الثالث قبل امليالد حيث «بدأ سكان وادي الرافدين يسجلون أعماهلم‬
‫ويدونونها على لوحات فخارية‪ ،‬وبدأوا جيمعونها وينظمونها يف مكتبات»)‪.(1‬‬
‫ويعد السومريون من أقدم الشعوب اليت استوطنت جنوبي بالد الرافدين يف‬
‫خالل األلف الرابعة وبداية األلف الثالثة قبل امليالد‪ .‬وقد شيدوا حضارة متقدمة‬
‫زاهرة يف بالد الرافدين «واستعملوا الكتابة املسمارية واللوحات الفخارية يف‬
‫تسجيل معارفهم وآدابهم‪ .‬وحفظوها يف مكتبات كانوا يسمونها بيت اللوحات‬
‫الكبري‪ .‬ويدل هذا االسم يف ذاته على طبيعة املادة اليت استعملها القوم من أجل‬
‫تسجيل املعلومات عليها وهي اللوحات الفخارية»)‪.(4‬‬
‫ويشري هذا االسم كذلك إىل وجود بناء خاص خصص ليكون مكتبة «وهذا‬

‫(‪ )2‬أساسيات علم املكتبات والتوثيق واملعلومات‪ .‬د‪ .‬راحي مصطفى علني‪ ،‬ود‪ .‬عمر أمحد همشري‪.‬‬
‫ص‪ .9 :‬مجعية عمال املطابع التعاونية‪ ،‬عمان‪2711 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬مقدمة يف تاريخ الكتب واملكتبات‪ .‬د‪ .‬حممد ماهر محادة‪ .‬ص‪ .44 :‬دار البشري‪2776 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬علم املكتبات واملعلومات‪ .‬د‪ .‬حممد ماهر محادة‪ .‬ص‪ .21:‬مؤسسة الرسالة‪2773 ،‬م‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫‪ .‬ولعل السبب يف ذلك‬ ‫)‪(2‬‬
‫أقدم خرب عن بناء مستقل استعمل مكتبة يف التاريخ»‬
‫يرجع إىل صعوبة حف األلواح املخطوطة يف أدراج «فقد أدى ذلك بالسومريني إىل‬
‫العمل على إجياد دور الكتب وإنشائها‪ .‬وهكذا اعترب السومريون خمرتعي‬
‫املكتبات»)‪.(1‬‬
‫ومن املرجح أن أوىل املكتبات يف بالد ما بني النهرين «هي تلك اليت وجدت‬
‫يف املعبد الرئيسي مبدينة كلش واليت تسمى مكتبة تللو (‪ )Telloh‬حيث ضمت‬
‫أكثر من ثالثني ألفاً من األلواح الطينية‪ .‬كذلك وجدت يف معابد مدن أور ونيبور‬
‫األلواح الطينية املسجل عليها أخبار اآلهلة واألحداث‬ ‫ويريها حجرات حلف‬
‫التارخيية‪ ،‬واملالحم الشعرية والسحر واألساطري ويريها»)‪.(4‬‬
‫أما املكتبات يف احلضارة البابلية واآلشورية فلقد كانت كاملكتبات السومرية ال‬
‫احملفوظات والسجالت‪ .‬ولقد ذكر املؤرخ اجلغرايف‬ ‫تتعدى كونها دوراً حلف‬
‫اسرتابون‪« :‬أن أشهر املكتبات اآلشورية كانت يف معابد آشور ونينوى ومعظم‬
‫النصوص كتبت باللغة السومرية»)‪ .(3‬وأهم املكتبات البابلية واآلشورية يف احلجم‬
‫واملضمون مكتبة آشور بانيبال «‪616 -661‬ق‪ .‬م» اليت كشف عن ألواحها الطينية‬
‫أثناء عمليات التنقيب بالقصر امللكي يف مدينة نينوى حوالي منتصف القرن‬
‫املاضي‪.‬‬
‫ولقد كان آشور بانيبال من ملوك أسرة سارجون آخر أسرة عظيمة من ملوك‬
‫آشور‪ .‬وكان مهتماً بالثقافة واملعرفة‪ ،‬ومنذ اعتالئه العرش أخذ يف مجع آداب بابل‬
‫وآشور مجعاً منظماً «وكان يعمل له عدد من النساخ وكان ملكتبته هيئة من املوظفني‬
‫املختصني بها‪ .‬ورتبت بها الكتب بعناية تبعاً ملوضوعاتها وختمت خبا يبني‬

‫(‪ )2‬املصدر السابق‪ .‬ص‪.21:‬‬


‫(‪ )1‬مكتبات العراق‪ .‬مريي فتوحي‪ .‬ص‪ .24:‬وزارة الثقافة واإلعالم يف اجلمهورية العراقية‪2716 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬أساسيات علم املكتبات والتوثيق واملعلومات‪ .‬ص‪.1 :‬‬
‫(‪ )3‬مكتبات العراق‪ .‬ص‪.22:‬‬
‫‪103‬‬
‫موضعها من اجملموعة‪ ،‬كما كانت هلا فهارس تيسر استخدامها‪ .‬وكانت مقنيات‬
‫املكتبة من األعمال الفكرية والوثائق‪ ،‬والرسائل والنصوص الدينية والتواريخ‬
‫ويريها اما كتب يف فروع املعرفة املختلفة»)‪.(2‬‬
‫وكان الغرض من املكتبة هو خدمة الدولة والكهنة‪ ،‬وختليد شهرة مؤسسها‬
‫وتنمية املعرفة العلمية‪.‬‬
‫ولقد أمر آشور بانيبال «بأن يوضع باملكتبة نسخة مبوبة من النصوص املستقاة‬
‫من كافة حمفوظات املدن واملعابد‪ .‬وبذلك جعل من عاصمته هذه مركزاً رئيسياً‬
‫للعلوم اآلشورية‪ .‬وأصبحت هذه املكتبة حتتوي على مجيع اآلثار األدبية والعلمية‬
‫اآلشورية اليت أمدتنا بالكثري عن تلك احلضارة وخاصة احلياة الدينية»)‪.(1‬‬
‫ولقد حوت هذه املكتبة أكثر من ثالثني ألف لوحة فخارية‪ ،‬ولقد شغلت‬
‫املكتبة عدداً كبرياً من الغرف يف القصر امللكي‪ .‬ويبدو أنه خصصت بعض الغرف‬
‫لبعض املوضوعات‪ ،‬فقد خصصت يرفة للتاريخ‪ ،‬وأخرى للعالقات الدبلوماسية‬
‫وهكذا)‪.(4‬‬
‫ولقد كانت اللوحات الفخارية يف مكتبة آشور بانيبال حتف يف جرار‪ ،‬وترتب‬
‫اجلرار إما يف صفوف أو توضع على رفوف‪ .‬ووجد قرب كل مدخل يرفة سجل‬
‫بيبلويرايف لألعمال املوجودة يف تلك الغرف يشمل عنوان العمل‪ ،‬وعدد اللوحات‬
‫املخصصة له‪ .‬ومكان وجوده مع ذكر الصف واجلرة )‪.(3‬‬
‫وبشكل عام ميكن القول‪ :‬إن بالد الرافدين قد شهدت حضارة زاهرة ولقد‬
‫كان فيها أنواع عديدة من خزائن الكتب وهي على النحو التالي‪:‬‬

‫(‪ )2‬تاريخ املكتبات‪ .‬الفرد هيسيل‪ ،‬ترمجة د‪ .‬شعبان بن عبدالعزيز خليفة‪ .‬ص‪.22 ،21 :‬دار املريخ‪،‬‬
‫‪2711‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬تاريخ الكتاب اإلسالمي‪ .‬د‪ .‬حممود عباس محودة‪ .‬ص‪ .57:‬دار الثقافة للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪2797‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬مقدمة يف تاريخ الكتب واملكتبات‪ .‬ص‪.43:‬‬
‫(‪ )3‬املصدر السابق‪ .‬ص‪.34:‬‬
‫‪104‬‬
‫‪ -2‬جمموعة املعبد‬
‫‪ -1‬دور احملفوظات والسجالت احلكومية‪ ،‬وجمموعة ألواح املعامالت التجارية‪.‬‬
‫‪ -4‬جمموعة األلواح اليت ختتص بسجالت وأنساب العائالت الكبرية‪.‬‬
‫‪ -3‬جمموعة الكتابات والسجالت اخلاصة بتدريس النساخ‪ ...‬ومن يتابع‬
‫دراسته من الكهنة)‪.(2‬‬
‫وكما اهتم البابليون واآلشوريون باملكتبات فكذلك فلقد اهتم بها الفراعنة يف‬
‫سجالت الدولة ووثائقها واألدب‬ ‫مصر‪ .‬وأوجدوا مكتبات كثرية ومهمة حلف‬
‫الديين‪ .‬ولقد أطلقوا على املكتبات تسميات خمتلفة فسموها «حمفوظات األسالف‪،‬‬
‫أو قاعة كتابات مصر‪ ،‬أو بيت الكتابات املقدسة»)‪ .(1‬وهذه التسميات توحي بطبيعة‬
‫املكتبة‪ ،‬وطبيعة املواد احملفوظة فيها وطبيعة اخلدمة اليت تؤديها‪.‬‬
‫ومن أشهر املكتبات املعروفة لدي الفراعنة مكتبة فرعون مصر رمسيس الثاني‬
‫حوالي ‪2111‬ق‪.‬م‪ ،‬الذي كانت مكتبته يف قصره يف مدينة طيبة‪ .‬تضم حوالي ‪11‬‬
‫ألف ملف من ملفات الربدي‪ .‬ومسيت هذه املكتبة «مكان إنعاش الروح» وهذه‬
‫التسمية بها داللة واضحة‪ ،‬فيبدو أن املكتبة كانت تضم جمموعة دينية أو فلسفية‬
‫باإلضافة ملختلف فنون املعرفة األخرى‪.‬‬
‫وال شك أن اما أدى إىل ازدهار املكتبات لدى املصريني القدماء باإلضافة‬
‫لتشجيع الفراعنة ل داب والفنون توفر أدوات الكتابة لديهم إذ كانوا يكتبون على‬
‫ورق الربدي الذي كان موجوداً بغزارة‪ .‬ولقد استخدموا سوقه يف عمل مادة بديلة‬
‫للورق كانوا يكتبون عليها‪.‬‬
‫أما اليونانيون فلقد ورثوا حضارة الشرق‪ .‬وعملوا على تطويرها‪ .‬ولقد عرفوا‬
‫الكتابة منذ أيام هومريوس‪ .‬وكانت املكتبات اخلاصة موجودة لديهم‪« .‬ويعتقد أن‬
‫أفالطون (‪431 – 319‬ق‪.‬م) ال بد وأنه امتلك مكتبة خاصة ذات حجم ووزن‪...‬‬

‫(‪ )2‬املكتبات والصناعة املكتبية يف العراق‪ .‬فؤاد قراجني‪ .‬ص‪ 21 :‬وزارة اإلعالم‪ ،‬بغداد‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬علم املكتبات واملعلومات‪ .‬ص‪.22 :‬‬
‫‪105‬‬
‫أما أرسطو تلميذ أفالطون والذي عاش بني سنيت ‪ 412 -413‬ق‪.‬م فعندنا‬
‫معلومات مؤثقة ومؤكدة عنه وعن مكتبته اخلاصة»)‪ .(2‬ولقد ظهرت املكتبات العامة‬
‫يف عهد أفالطون أي يف القرن الرابع قبل امليالد‪ ...‬إال أن عصر أرسطو يعترب‬
‫العصر احلقيقي للمكتبات اليونانية القدمية )‪.(1‬‬
‫وميكن القول‪ :‬إن إنشاء مكتبة اإلسكندرية يف سنة ‪115‬ق‪.‬م كان أهم حدث‬
‫على اإلطالق يف تاريخ املكتبات يف األزمنة القدمية)‪ .(4‬وكان اهلدف من إنشائها مجع‬
‫أدب اليونان كله‪.‬‬
‫أما الرومان فإن تاريخ املكتبات لديهم يعد امتداداً لتارخيها لدى اليونان‪ ،‬ولقد‬
‫لعبوا دوراً مهماً يف نشر احلضارة واملدنية اليونانية يف أوروبا كلها‪ .‬وذلك المتداد‬
‫رقعة دولتهم‪ ،‬حيث أسسوا أكرب أمرباطورية عرفت حتى ذلك التاريخ‪.‬‬
‫ولقد كان للمكتبات الرومانية دور مهم يف حف الرتاث الالتيين واليوناني‪.‬‬
‫«ولعل أعظم املكتبات الرومانية شأناً وأهمية هي تلك املكتبة اليت أسسها‬
‫اإلمرباطورية تراجان سنة ‪ ،223‬وامسها املكتبة األوملبية»)‪.(3‬‬
‫وبقيت املكتبات الرومانية يف تقدم وازدهار حتى القرن الرابع فأخذت‬
‫اإلمرباطورية الرومانية يف الرتاجع تدرجيياً‪ .‬ومع إطاللة القرن السابع امليالدي‬
‫أخذت اإلمرباطورية الرومانية باإلنهيار‪ .‬وبدأ املد العربي اإلسالمي بالظهور‬
‫واكتساح مناطق شاسعة من الدولة الرومانية‪.‬‬
‫وأخذت معامل ثقافة عربية إسالمية‪ ،‬وحضارة إنسانية عظيمة بالربوز حيث‬
‫قادت اإلنسانية يف طريق العلم واملعرفة‪ .‬وقدمت هلا خدمات عظيمة‪ .‬وأخذت‬
‫بيدها يف سبل التقدم واالزدهار‪.‬‬

‫(‪ )2‬مقدمة يف تاريخ الكتب واملكتبات‪ .‬ص‪.31 :‬‬


‫(‪ )1‬أساسيات علم املكتبات والتوثيق واملعلومات‪ .‬ص‪.21:‬‬
‫(‪ )4‬تاريخ املكتبات‪ .‬ص‪.7:‬‬
‫(‪ )3‬مقدمة يف تاريخ الكتب واملكتبات‪ .‬ص‪.55:‬‬
‫‪106‬‬
‫املراجع واملصادر‬

‫‪ -2‬أساسيات علم املكتبات والتوثيق واملعلومات‪ .‬د‪ .‬راحي مصطفى عليان‪ .‬ود‪.‬‬
‫عمر أمحد همشري‪ .‬مجعية عمال املطابع التعاونية‪ ،‬عمان‪2711 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬تاريخ الكتاب اإلسالمي‪ .‬د‪ .‬حممود عباس محودة‪ .‬دار الثقافة للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬القاهرة‪2797 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬تاريخ املكتبات‪ .‬ألفرد هيسيل‪ ،‬ترمجة د‪ .‬شعبان عبدالعزيز خليفة‪ .‬دار املريخ‬
‫‪2711‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬علم املكتبات واملعلومات‪ .‬د‪ .‬حممد ماهر محادة‪ .‬مؤسسة الرسالة‪2773 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬مقدمة يف تاريخ الكتب واملكتبات‪ .‬د‪ .‬حممد ماهر محادة‪ .‬دار البشري‪2776 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬مكتبات العراق‪ .‬مريي فتوحي‪ .‬وزارة الثقافة واإلعالم يف اجلمهورية‬
‫العراقية‪2716 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬املكتبات والصناعة املكتبية يف العراق‪ .‬فؤاد قراجني‪ .‬وزارة اإلعالم‪ ،‬بغداد‪،‬‬
‫‪2791‬م‪.‬‬

‫‪107‬‬
108
‫الفصل الثاني‬

‫املكتبات يف احلضارة اإلسالمية‬


‫د‪ .‬سعود عبداجلابر‬

‫‪109‬‬
‫املكتبات يف احلضارة اإلسالمية‬
‫عاش العرب يف اجلزيرة العربية قبل اإلسالم وهم يف شبه عزلة عن العامل‬
‫اخلارجي‪ ،‬وكانت هلم جتارتهم واتصاهلم احملدود مبن حييط بهم‪ .‬فكانوا على اتصال‬
‫حمدود بالروم والفرس واألحباش عن طريق التجارة‪ .‬ومل تكن تلك االتصاالت من‬
‫النوع الذي يؤثر يف الثقافة والفكر‪ .‬وكانت األمية منتشرة ومتفشية بينهم‪ .‬وكان جل‬
‫اهتمامهم بأنسابهم وأيامهم ووقائعهم‪ .‬وكانت البالية والشعر أساس ثقافتهم‪.‬‬
‫واهتموا بالسماع واحلف يف تناقل األشعار واألخبار أكثر من اهتمامهم بالتدوين‬
‫والكتابة‪ .‬ومن املؤكد أنهم عرفوا التدوين منذ عهود بعيدة وأنهم قد دونوا أخبارهم‬
‫إال أن قلة املدونات اليت وصلت إلينا تعلل لنا ندرة اهتمامهم بالتدوين واقتصار‬
‫الكتابة على فئة حمدود منهم‪.‬‬
‫ومن املعلوم أن العرب يف اجلاهلية مل تكن عندهم سـجالت مكتوبـة أو كتـب‬
‫أو مكتبات‪ .‬وكان بزوغ فجـر اإلسـالم فاحتـة عهـد جديـد للتـدوين عنـد العـرب‬
‫فانتشرت الكتابة مع دعوة اإلسالم انتشـاراً واسـعاً‪ .‬وكانـت أول آيـة نزلـت علـى‬
‫الرسول ‪ ‬حتث على القراءة والعلم والتبصـر بـالكون (ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ) ‪.‬‬
‫وكان القرآن الكريم أول كتاب سجل بالعربية‪ .‬وكان النيب ‪ ‬شديد االهتمام‬
‫بكتابة الوحي وإثباته مسجالً وحمفوظاً كلما نزل‪ ،‬وقد كانت عملية إثبات النص‬
‫تتم بالوسيلتني معاً أو بإحداهما‪« .‬وقد كان يلقن حفاظ القرآن بنفسه‪ .‬ويدع الكتابة‬
‫ملن يقومون مبهمتها امن يتقنون فنها‪ .‬وكان زيد بن ثابت يكتب له‪ ،‬والذين يعرفون‬
‫القراءة والكتابة من أصحاب الرسول الكريم األول‪ :‬أبو بكر وعمر وعثمان وعلي‪.‬‬
‫وقد أحصى كتَّاب اإلسالم واحلضارة العربية اثنني وأربعني كاتباً كانوا يقومون‬
‫مبهمة تدوين القرآن وكتابة الرسائل ويري ذلك»)‪.(2‬‬

‫(‪ )2‬تاريخ الكتاب اإلسالمي‪ .‬د‪ .‬حممود عباس محودة‪ .‬ص‪ .213 :‬دار الثقافة للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‬
‫‪2797‬م‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫وبدأ التدوين يف زمن اخلليفة عمر بن اخلطاب عندما أنشأ ديوان اخلراج‪.‬‬
‫ووجدت السجالت لالستعمال الرمسي‪ .‬ويف عصر بين أمية وضعت البذور األوىل‬
‫للمكتبات اإلسالمية‪ ،‬ففي زمن اخلليفة عمر بن عبد العزيز بدأ تدوين احلديث‪ ،‬ثم‬
‫أخذ املسلمون يف تسجيل تاريخ الرسول الكريم وأخبار اإلسالم والغزوات‪ ،‬ثم‬
‫تتابع التأليف يف خمتلف اجملاالت‪ .‬وتأسست يف عصر بين أمية أول مكتبة أكادميية‬
‫على يد خالد بن يزيد بن معاوية املتوفى عام ‪15‬هـ «إذ أوجد مركزاً للنقل‬
‫والتعريب فبدأت احلركة العلمية و النقل من اللغات األجنبية إىل اللغة العربية‬
‫حتت إشرافه‪ .‬ولقد كان من اهتماماته الكثرية الفلك‪ ،‬إذ زود املكتبة مبواد فلكية إىل‬
‫جانب الكتب»)‪.(2‬‬
‫ويذكر ابن النديم أن «خالد بن يزيد بن معاوية كان خطيباً شاعراً فصيحاً‪ ،‬ذا‬
‫رأي‪ ،‬وهو أول من ترجم له كتب الطب والنجوم‪ ،‬وكتب الكيمياء»)‪ .(1‬فلقد أمر‬
‫بإحضار فالسفة يونانيني من مصر‪ ،‬امن أتقنوا اللغة العربية‪ ،‬وأمرهم بنقل الكتب‬
‫اليونانية والقبطية إىل العربية‪ .‬ولقد كان هذا أول نقل يف اإلسالم من لغة إىل لغة‪.‬‬
‫ويف العصر العباسي ازدهر فن التدوين‪ .‬ووضعت مسانيد احلديث‪ .‬وألفت‬
‫الكتب يف كل علم وفن‪ .‬وظهرت صنعة الوراقة اليت تشمل نسخ الكتب وجتليدها‬
‫وبيعها‪ ،‬وبيع الورق وخمتلف أدوات الكتابة‪ .‬وازدهرت صناعة الورق اليت تعلمها‬
‫العرب من الصينيني‪ ،‬ومنهم عرفها األوربيون‪ .‬فكانت من العوامل األساسية‬
‫لنهضتهم احلديثة‪.‬‬
‫وكان يف بغداد ودمشق والقاهرة وقرطبة وأشبيلية ويرناطة ويريها من‬
‫حواضر البالد اإلسالمية املئات من دكاكني الوراقني فانتشرت املكتبات‪ ،‬وعمت‬
‫خمتلف أرجاء العامل اإلسالمي نتيجة لظهور صناعة الورق وانتشار مصانعه يف مجيع‬
‫أقطاار الدولة اإلسالمية‪ ،‬هذا باإلضافة إىل حركة الوراقني النشطة وحركة الرتمجة‬

‫(‪ )2‬مكتبات العراق‪ .‬مريي فتوحي‪ .‬ص‪ .57:‬وزارة الثقافة واإلعالم يف اجلمهورية العراقية‪2716 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬الفهرست‪ .‬ابن النديم‪ :‬ص‪ .379 :‬املكتبة التجارية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫القوية اليت بدأ االهتمام بها منذ عهد الرشيد وأنت أكلها يف عهد املأمون‪ ،‬باإلضافة‬
‫إىل اهتمام اخللفاء العباسيني باحلركة العلمية واألدبية‪ ،‬وشهد ذلك العصر حضارة‬
‫زاهرة فتنوعت املكتبات وتعددت صنوفها فكان منها مكتبات املساجد واجلوامع‪،‬‬
‫واملكتبات اخلالفية‪ ،‬واملكتبات اخلاصة‪ ،‬واملكتبات العامة‪ ،‬واملكتبات األكادميية‪،‬‬
‫ومكتبات املدارس‪ ،‬ومكتبات املشايف‪.‬‬
‫مكتبات املساجد واجلوامع‪:‬‬
‫لقد كانت املساجد باإلضافة لكونها أماكن للعبادة مراكز ثقافية يلتفي بها‬
‫املسلمون‪ .‬وأماكن للدراسة ينهلون منها العلم واملعرفة‪ .‬ولذلك ظهرت املكتبات يف‬
‫املساجد منذ أقدم عصور اإلسالم‪ .‬وجرت العادة أن يودع الناس عدداً من نسخ‬
‫القرآن الكريم ويريه من الكتب الدينية كوقف من أجل املطالعني واملصلني‪ .‬واعتاد‬
‫الناس على إهداء املساجد مكتباتهم اخلاصة كوقف منفرد يف خزانة بامسائهم‪.‬‬
‫وكان هلذه اخلزائن مشرفون على شؤونها أيلبهم من العلماء‪ .‬ويبدو أن هذا كان‬
‫أمراً شائعاً يف تلك العصور حتى أن بعض اخللفاء واألمراء والعلماء واألثرياء‬
‫كانوا يوقفون أشياء كثرية على املساجد ومن ذلك الكتب‪ .‬وذكر املقريزي أن‬
‫احلاكم بأمر اهلل اخلليفة الفاطمي قد أنزل إىل اجلامع العتيق «ألفاً ومائتني ومثانية‬
‫وتسعني مصحفاً ما بني ختمات وربعات فيها ما هو مكتوب كله بالذهب‪ ،‬ومكن‬
‫الناس من القراءة فيها»)‪.(2‬‬
‫وكانت هذه املكتبات «ال حتتوي كتباً دينية فقط‪ ،‬وإمنا باإلضافة إليها كتباً‬
‫فلسفية وعلمية‪ .‬وقد كانت تدرس يف املساجد مجيع أنواع العلوم باستثناء‬
‫الطب»)‪ .(1‬ولذلك ازدهرت احلياة العقلية والعلمية يف بعض املساجد‪.‬‬

‫(‪ )2‬كتاب املواع واالعتبار بذكر اخلطط واآلثار املعروف باخلطط املقريزية‪ .‬تقي الدين أبو العباس‬
‫أمحد بن علي املقريزي‪ .151 :2 .‬مكتبة الثقافة الدينية ‪ .‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )1‬املكتبات يف اإلسالم نشأتها وتطورها ومصائرها‪ .‬د‪ .‬حممد ماهر محادة‪ .‬ص‪ .14‬مؤسس الرسالة‪،‬‬
‫بريوت ‪2776‬م‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫وكانت تعقد بها حلقات للدراسة واملناظرة كما كان جيري يف مساجد الكوفة‪،‬‬
‫وجامع بين أمية يف دمشق‪ ،‬ويف جوامع مكة واملدينة‪ ،‬ويف جامع املنصور يف بغداد‪،‬‬
‫ويف اجلامع األزهر يف القاهرة‪ ،‬وجامع الزيتونة يف تونس‪ ،‬ويف جوامع طليطلة‬
‫ويرناطة وأشبيلية وقرطبة يف األندلس‪ .‬ولقد كان للحلقات اليت تعقد يف جامع‬
‫طليطلة شهرتها وأهميتها‪ ،‬جذبت إليها الطالب املسلمني والنصارى على السواء‪،‬‬
‫حيث كان يقصدها الطالب من مجيع أحناء أوروبا من أجل التعلم واحلصول على‬
‫املعرفة‪.‬‬
‫وميكن القول بشكل عام‪ :‬إن مكتبات املساجد قد انتشرت بشكل واسع يف‬
‫املساجد اإلسالمية املشهورة كافة‪.‬‬
‫املكتبات اخلالفية‪:‬‬
‫اهتم اخللفاء باجلانب الثقايف اهتماماً كبرياً‪ .‬وكانت مكتباتهم عبارة عن‬
‫منتديات لألدباء والشعراء والعلماء‪ .‬وجعلوها حلقات للمناظرة واحملاضرات‬
‫والعلوم املختلفة‪ .‬وازدهرت هذه املكتبات بوجود اخلليفة أو األمري احملب للعلم‬
‫واألدب والرايب يف الكتاب وأهله‪ .‬وبعض هذه املكتبات كان مباحاً للناس مجيعاً‬
‫وبعضها اآلخر كان مقصوراً على استعمال اخلليفة أو األمري وحاشيته‪ .‬ومن أشهر‬
‫هذه املكتبات يف العصر العباسي مكتبة اخلليفة أبي جعفر املنصور ومكتبة الرشيد‬
‫واملأمون واملستنصر باهلل والناصر لدين اهلل واملستعصم باهلل آخر اخللفاء العباسيني‬
‫الذي أنشأ خزانتني للكتب نقل إليهما من نفائس الكتب‪ ،‬وجعل املتولي على‬
‫األوىل شخصاً امسه صدر الدين بن التيار‪ ،‬وجعل املتولي على الثانية شخصاً امسه‬
‫عبد املؤمن بن فاخر األرموري‪ .‬وكان اخلليفة جيلس بعض األحيان يف اخلزانتني‬
‫بالتناوب)‪.(2‬‬
‫ومن أشهر املكتبات يف ذلك العصر مكتبة األمري سيف الدولة احلمداني يف‬
‫حلب الذي أنشأ مكتبة كربى جعل عليها قيمِّني الشاعرين أبي بكر حممد بن هاشم‬

‫(‪ )2‬الفخري يف اآلداب السلطانية‪ .‬ابن القفطي‪ .‬ص‪.167 :‬‬


‫‪113‬‬
‫وأبي عثمان سعيد بن هاشم‪ .‬وهما أخوان)‪ .(2‬ومكتبة عضد الدولة البويهي الذي‬
‫أسس يف شرياز مقر حكمه دار كتب فخمة ومجع فيها من الكتب ما ليس له نظري‪.‬‬
‫ويذكر املقدسي أن دار الكتب هذه عليها وكيل وخازن ومشرف من عدول البلد‪.‬‬
‫ومل يبق كتاب صنف إىل وقته من أنواع العلوم كلها إال حصله منها‪ .‬وهي أزج‬
‫طويل يف صفَّة كبرية فيه خزائن من كل وجه‪ .‬وقد ألصق إىل مجيع حيطان األزج‬
‫واخلزائن بيوتاً طوهلا قامة إىل عرض ثالثة أذرع من اخلشب املزوق عليها أبواب‬
‫تنحدر من فوق‪ ،‬والدفاتر منضدة على الرفوف‪ ،‬لكل نوع بيوت وفهرستات فيها‬
‫أسامي الكتب»)‪. (1‬‬
‫أما اخللفاء الفاطميون فلقد اهتموا باملكتبات اهتماماً كبرياً فكان من أشهر‬
‫خزائن القصور الفاطمية خزانة الكتب)‪ .(4‬واختذوا منها أداة لنشر مبادئهم عن‬
‫طريق التعليم واإلقناع والتوجيه وبث األفكار‪« .‬ولعل أول من اهتم بالعلم على‬
‫مقياس واسع هو املعز الذي بنى القاهرة واجلامع األزهر‪ ،‬ثم خلفه ابنه العزيز الذي‬
‫توسع كل التوسع يف ميدان العلم والتعلم‪ .‬فأنشأ داراً للعلم جبوار اجلامع األزهر‬
‫سنة ‪491‬هـ‪ ،‬وجعلها خلمسة وثالثني من العلماء‪ .‬وكذلك اهتم اهتماماً بالغاً‬
‫بالكتب وتفنن يف مجعها واحلصول عليها»)‪.(3‬‬
‫وقد ذكر املقريزي عن املسبِّحي مؤرخ الدولة الفاطمية والذي عاش يف كنفها‬
‫أنه كان خبزانة العزيز نيف وثالثون نسخة من كتاب العني للخليل بن أمحد‪ ،‬وما‬
‫ينيف على عشرين نسخة من تاريخ الطربي‪ ،‬ومائة نسخة من اجلمهرة البن دريد‬
‫ثم قال‪ :‬إنه كان يف سائر العلوم بالقصر أربعون خزانة من مجلتها خزانة فيها مثانية‬

‫(‪ )2‬ظهر اإلسالم‪ .‬أمحد أمني‪ ،213 :2 .‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬القاهرة ‪.2791‬‬
‫(‪ )1‬أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم‪ .‬مشس الدين أبو عبداهلل حممد املقدسي‪ .‬حتقيق مارجوليوث‪.‬‬
‫ص‪ .337 :‬لندن‪ ،‬بريل‪27165 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬ظهر اإلسالم ‪.277 :2‬‬
‫(‪ )3‬املكتبات يف اإلسالم‪ ،‬ص‪.216 :‬‬
‫‪114‬‬
‫عشر ألف كتاب من العلوم القدمية (يعين الفلسفة والطب واإلهليات وما إليها))‪.(2‬‬
‫أما يف األندلس فلقد اهتم اخللفاء واألمراء اهتماماً عظيماً باملكتبات والكتب‬
‫واعتنوا باألدب والعلم حتى أضحت األندلس مركزاً من مراكز الثقافة يفد إليه‬
‫العلماء واألدباء من كل مكان‪ .‬وأيلب حكام األندلس كانوا شغوفني بالعلم‬
‫واألدب مهتمني باملعرفة والثقافة فأسسوا املكتبات الكثرية ولعل من أشهر اخللفاء‬
‫األندلسيني الذين اهتموا بالعلوم والكتب اخلليفة احلكم الثاني والذي أنشأ مكتبة‬
‫عظيمة يف قرطبة ذكرها املقري فقال‪« :‬وقال بعض املؤرخني يف حق احلكم أنه كان‬
‫حسن السرية مكرماً للقادمني عليه‪ ،‬مجع من الكتب ما ال حيد وال يوصف كثرة‬
‫ونفاسة حتى قيل إنها كانت أربعمائة ألف جملد‪ ،‬وأنهم ملا نقلوها أقاموا ستة أشهر‬
‫يف نقلها‪ ...‬وكان يستجلب املصنفات من األقاليم والنواحي باذالً فيها ما أمكنه من‬
‫األموال حتى ضاقت عنها خزائنه»)‪.(1‬‬
‫املكتبات اخلاصة‪:‬‬
‫انتشرت املكتبات اخلاصة يف مجيع أرجاء العامل اإلسالمي‪ .‬وحرص العظماء‬
‫والوزراء واألينياء على اقتناء جمموعات كبرية من الكتب من أمواهلم اخلاصة‪.‬‬
‫وكان بعض أصحاب هذه املكتبات يبيحها للناس مجيعاً كما فعل ابن املنجم‪،‬‬
‫وبعضهم يسمح باالطالع فيها للباحثني والعلماء واألصدقاء‪ .‬ولقد قال آدم متز إن‬
‫علي بن حييى املنجم وكان امن جالس اخللفاء قد عمل «حوالي منتصف القرن‬
‫الثالث اهلجري خزانة كتب عظيمة يف ضيعته‪ ،‬ومساها خزانة احلكمة‪ ،‬وكان‬
‫يقصدها الناس من كل بلد‪ ،‬فيقيمون فيها ويتعلمون منها صنوف العلم والكتب‬
‫مبذولة هلم والصيانة مشتملة عليهم‪ ،‬والنفقة يف ذلك من مال علي بن حييى»)‪.(4‬‬

‫(‪ )2‬كتاب املواع واالعتبار بذكر اخلطط واآلثار املعروف وباخلطط املقريزية‪.311 :2 :‬‬
‫(‪ )1‬نفح الطيب يف يصن األندلس الرطيب‪ .‬أمحد بن حممد التلمساني املقري‪ .‬حتقيق د‪ .‬إحسان عباس‬
‫‪ ،475 -473 :2‬دار صادر‪2761 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬احلضارة اإلسالمية يف القرن الرابع اهلجري‪ .‬آدم متز – ترمجة حممد عبد اهلادي أبو ريدة‪419 :2 ،‬‬
‫مطبعة جلنة التأليف والرتمجة والنشر‪ ،‬القاهرة ‪2759 ،‬م‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫ومن أبرز املكتبات اخلاصة مكتبة خالد بن يزيد بن معاوية اليت مر ذكرها‪.‬‬
‫ومكتبة اجلاح الذي كان من أكرب عشاق الكتب املولعني بها ولعاً شديداً يف‬
‫القرن الثالث اهلجري‪ ...‬حتى أنه كان يكرتي دكاكني الوراقني ويبيت فيها للنظر‬
‫بها‪ .‬ومكتبة الفتح بن خاقان الذي كان من كبار رجال دار اخلالفة يف زمن املتوكل‪.‬‬
‫ومكتبة إمساعيل بن إسحاق القاضي)‪.(2‬‬
‫وكذلك امن مجع خزانة كتب قيمة واهتم بها كل االهتمام الكندي الفيلسوف‪،‬‬
‫ذلك أن فيلسوف العرب اهتم جبمع كتب احلكمة والفلسفة اليونانية وعلوم األوائل)‪.(1‬‬
‫وابن العميد وزير البويهيني الذي كان يف مكتبته كل علم وكل نوع من أنواع‬
‫احلكم واآلداب‪ .‬وكان ابن مسكويه يف بعض األوقات خازناً ملكتبته) ‪ .( 4‬وكان‬
‫كذلك للصاحب بن عباد مكتبة ضخمة حتى قيل إنه ملا استدعاه السلطان نوح ابن‬
‫منصور الساماني ليوليه وزارته‪ ،‬كان اما اعتذر به أن عنده من كتب العلم ما حيمل‬
‫على أربعمائة مجل أو أكثر‪ .‬وكان فهرس كتبه يقع يف عشرة جملدات)‪.(3‬‬
‫وقد أسس جعفر بن حممد بن محدان املوصلي ‪414 -131‬هـ «دار علم قد جعل فيها‬
‫خزانة كتب من مجيع العلوم‪ ،‬وقفاً على كل طالبٍ للعلم‪ ،‬ال مينع أحداً من دخوهلا )‪.(5‬‬
‫ولقد كان االهتمام باملكتبات اخلاصة يف خمتلف أرجاء العامل اإلسالمي‪ .‬وقد‬
‫كان يف سوريا ومصر اهتمامٌ زائد باملكتبات اخلاصة‪ .‬ولقد كان الوزير مجال الدين‬
‫القفطي املتويف سنة ‪636‬هـ والذي كان وزيراً يف حلب حمباً للعلم والكتب‪ ،‬ومجع‬
‫من الكتب ما ال يوصف‪ .‬وقصد بها من اآلفاق‪ .‬وكان ال حيب من الدنيا سواها‪.‬‬
‫ومل يكن له دار وال زوجة‪ ،‬وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب)‪.(6‬‬

‫(‪ )2‬املصدر نفسه‪.416 :2 :‬‬


‫(‪ )1‬املكتبات يف اإلسالم‪ .‬ص‪.19 :‬‬
‫(‪ )4‬ظهر اإلسالم‪.112 :1 :‬‬
‫(‪ )3‬املصدر السابق‪.112 :1:‬‬
‫(‪ )5‬معجم األدباء‪.274 :9 .‬‬
‫(‪ )6‬املكتبات يف اإلسالم‪ .‬ص‪.74:‬‬
‫‪116‬‬
‫ويف مصر وجدت مكتبات خاصة مجعها بعض الوزراء واألطباء واألفراد‪ ،‬فقد‬
‫أوجد يعقوب بن كلس وزير العزيز باهلل الفاطمي خزانة لنفسه‪ .‬وكان حمباً للعلم‬
‫جيمع حوله العلماء واألدباء)‪.(2‬‬
‫أما يف األندلس فلقد اهتم األندلسيون باقتناء الكتب وزخرفتها‪ .‬وبلغت‬
‫املكتبات لديهم درجة كبرية من التقدم‪ ،‬نتيجة للحضارة الزاهرة اليت أوجدها‬
‫اإلسالم‪ .‬فكان أيلب الناس قادرين على القراءة والكتابة وولعوا باقتناء الكتب‬
‫واملكتبات والعناية بها «ولقد مجع ابن حزم املؤلف املشهور مكتبة كربى ولكنها‬
‫احرتقت»)‪.(1‬‬
‫وكان القاضي أبو املطرف (املتويف عام ‪311‬هـ) قاضي اجلماعة بقرطبة ميلك‬
‫مكتبة قيمة‪ ،‬وقد مجع من الكتب يف أنواع العلم ما مل جيمعه أحد من أهل عصره‬
‫باألندلس وكان له ستة وراقني ينسخون له دائماً)‪.(4‬‬
‫وال بد من اإلشارة إىل أن هذا النشاط العلمي مل يقتصر على الرجال‪ ،‬بل‬
‫مشل النساء‪ ،‬وكثرت املتعلمات واملتخصصات حتى أنه أجري أحصاء يف أحياء‬
‫قرطبة اليت تبلغ واحداً وعشرين حياً أيام ازدهار اخلالفة‪ ،‬فوجد أن مائة وسبعني‬
‫امرأة جيدن اخلط الكويف ويكتنب به املصاحف‪ .‬وقد كان لعائشة القرطبية «‪311‬هـ»‬
‫أحدى كاتبات املصاحف املشهورات خزانة كتب كبرية)‪.(3‬‬
‫ويستفاد اما سبق أنه كان هناك مكتبات خاصة كثرية منتشرة يف مجيع األقطار‬
‫اإلسالمية‪ .‬وأن العلماء واألدباء والوزراء واألفراد قد تنافسوا على اقتنائها‪.‬‬
‫املكتبات العامة‪:‬‬
‫انتشرت املكتبات العامة يف مجيع أحناء العامل اإلسالمي من حدود الصني‬

‫(‪ )2‬املصدر نفسه‪ .‬ص‪.74 :‬‬


‫(‪ )1‬املصدر نفسه‪ .‬ص‪.79 :‬‬
‫(‪ )4‬احلضارة اإلسالمية‪.411 :2 .‬‬
‫(‪ )3‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر‪ .‬حممد عجاج اخلطيب‪ .‬ص‪ .35:‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪2775‬م‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫واهلند شرقاً إىل حدود فرنسا يرباً ومشاالً‪ .‬وكانت املكتبات العامة مباحة للجميع‬
‫بل كثرياً ما كان بعضها يقدم الورق وأدوات الكتابة واحلرب للقراء‪ .‬كما كان يف‬
‫قسم كبري منها مرشدون يساعدون القراء يف إجياد املصادر والكتب اليت يبحثون‬
‫عنها)‪.(2‬‬
‫ومن املكتبات العامة الشهرية مكتبة أبو نصر سابور بن أردشري وزير بهاء‬
‫الدولة البوبهي فلقد أسسها سنة ‪414‬هـ يف الكرخ يربي بغداد ومساها دار العلم‬
‫وزودها بكتب كثرية زادت على عشرة آالف كتاب يف خمتلف العلوم‪ .‬وكانت هذه‬
‫املكتبة مركزاً ثقافياً هاماً يلتقي فيه العلماء والباحثون للقراءة واملطالعة واملناظرة)‪.(1‬‬
‫وكان أبو العالء املعري يكثر الرتدد عليها عندما كان يف بغداد)‪.(4‬‬
‫وكذلك اختذ الشريف الرضي (املتوفى عام ‪316‬هـ) نقيب العلويني والشاعر‬
‫املشهور داراً مساها دار العلم‪ ،‬وفتحها لطلبة العلم وعني هلم مجيع ما جيتاجون‪،‬‬
‫وقد عمل القاضي ابن حبان (املتوفى عام ‪453‬هـ) يف مدينة نيسابور داراً للعلم‬
‫وخزانة كتب ومساكن للغرباء الذين يطلبون العلم وأجرى هلم األرزاق‪ ،‬ومل تكن‬
‫الكتب تعار خارج اخلزانة)‪.(3‬‬
‫وقد أنشأ أبو علي بن سوّار الكاتب أحد رجال عضد الدولة (املتوفى عام‬
‫‪491‬هـ) دار كتب يف مدينة رام هرمز على شاطئ احر فارس‪ ،‬كما بنى داراً أخرى‬
‫بالبصرة‪ ،‬وجعل فيهما إجراء على من قصدهما ولزم القراءة والنسخ فيهما‪ ،‬وكان‬
‫يف األوىل منهما أبدًا شيخ يُدرس عليه علم الكالم على مذهب املعتزلة)‪.(5‬‬
‫ولقد كان من أشهر املكتبات العامة يف بالد الشام مكتبة بين عمار يف طرابلس‬

‫(‪ )2‬املكتبات يف اإلسالم‪ .‬ص‪.211 :‬‬


‫(‪ )1‬احلضارة اإلسالمية‪ .421 :2 :‬وانظر حملات يف املكتبة والبحث واملصادر‪ .‬ص‪.31 :‬‬
‫(‪ )4‬ظهر اإلسالم‪.111 :2 :‬‬
‫(‪ )3‬احلضارة اإلسالمية‪.421 – 422 :2 :‬‬
‫(‪ )5‬املصدر السابق‪.422 :2 :‬‬
‫‪118‬‬
‫الشام اليت أنشأها بنو عمار الذين حكموا قسماً من الساحل السوري يف القرن‬
‫اخلامس اهلجري‪ .‬واستمروا يف حكمه حتى احلروب الصليبية‪ .‬ولقد اهتموا بها‬
‫اهتماماً كبرياً «وكان هلم وكالء جيوبون أقطار اإلسالم املعمورة احثاً عن الكتب‬
‫واملخطوطات النادرة‪ ،‬وكان فيها النساخ يعملون بشكل مستمر ليالً نهاراً‪ .‬فقد ذكر‬
‫أن عدد النساخ كان أكثر من مائة ومثانني ناسخ ًا يتناوبون يف الليل والنهار»)‪.(2‬‬
‫وكانت مقتنيات هذه املكتبة من أمجل الكتب اجمللدة واملزخرفة واحملالة‬
‫بالذهب والفضة باخلطوط املنسوبة ألشهر اخلطاطني‪ .‬وقد حوت مجيع أنواع وفروع‬
‫املعرفة اإلنسانية من طب وفلك وتنجيم وفلسفة وأدب وتاريخ وتفاسري‪.‬‬
‫ولقد أحرق الصليبيون هذه املكتبة الثمينة بكل ما فيها من مقتنيات قيمة‬
‫عندما احتلوا طرابلس سنة ‪371‬هـ ‪2117/‬م‪.‬‬
‫ولقد انتشرت املكتبات العامة أيضاً يف مصر واألندلس وخمتلف أرجاء الدولة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫املكتبات األكادميية‪:‬‬
‫إن املكتبات األكادميية من أشهر املكتبات يف البالد اإلسالمية‪ .‬وهي مكتبات‬
‫متخصصة للبحث والدرس‪ .‬وقد ظهر يف القرن الثاني اهلجري‪ .‬وكان يف هذه‬
‫املكتبات «علماء أجالء حيسنون اللغات األعجمية واللغة العربية‪ ،‬يرجعون إليهم‬
‫يف النقل‪ ،‬ويعقدون املناظرات العلمية اليت يستفيد منها رواد هذه الدور‪ .‬دور‬
‫احلكمة»)‪.(1‬‬
‫وأشهر املكتبات األكادميية يف ذلك العصر بيت احلكمة‪ .‬وهو أول بيت حكمة‬
‫عرف عند املسلمني‪ ،‬كما كان أعظمها شأناً ملا حيويه من الكتب النفيسة يف خمتلف‬
‫ألوان املعرفة ومبختلف اللغات‪ .‬ووضع نواة هذه الدار يف بغداد أبو جعفر املنصور‬
‫وعندما كثرت الكتب املرتمجة واملؤلفة يف عهد الرشيد شيد بيت احلكمة‪ .‬وعظم‬

‫(‪ )2‬املكتبات يف اإلسالم‪ .‬ص‪.244:‬‬


‫(‪ )1‬الرتبية والتعليم يف اإلسالم‪ .‬سعيد الديوه جي‪ .‬ص‪ ،64 :‬العراق ‪2711‬م‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫شأنها يف خالفة املأمون‪ ،‬حيث أمدها باملؤلفات الكثرية والدواوين الضخمة‪ ،‬حتى‬
‫صارت من أكرب خزائن الكتب «فكان بيت احلكمة من أعظم املعاهد العلمية‬
‫العالية‪ .‬وفيه أجلَّة العلماء واملفكرين‪ ،‬ويشتغل على أيديهم الكثريون من طاليب‬
‫العلم واملعرفة‪ ،‬فهو معهد عال للدراسات العلمية والنقل والبحث»)‪.(2‬‬
‫ولقد أصبح بيت احلكمة زمن املأمون أكادميية باملعنى الدقيق للكلمة فهي‬
‫حتوي أماكن للدرس‪ ،‬وأخرى خلزن الكتب‪ ،‬وأماكن للرتمجة والتأليف إىل جانب‬
‫الرصد الفلكي والنشاط الفلكي)‪.(1‬‬
‫وأسس الفاطميون يف القاهرة دار احلكمة‪ ،‬ومجعوا فيها خمتلف أنواع الكتب يف‬
‫العلوم والفنون واآلداب‪ .‬وكانت مركزًا أكادميي ًا للبحث والدرس‪.‬‬
‫وقد أسس احلاكم بأمر اهلل دار احلكمة سنة ‪475‬هـ‪ .‬وقد كانت هذه الدار من‬
‫أعظم اخلزائن اليت عرفها العامل اإلسالمي فيما مضى ومن أكثرها مجعاً للكتب‬
‫النفيسة يف مجيع اجملاالت‪« .‬وذكروا أن فيها مليون وستمائة ألف جملد‪ ،‬فيها اخلطوط‬
‫املنسوبة‪ ،‬والكتب املزوقة‪ ،‬فكانت مرجع القوم يف االستفادة»)‪ .(4‬وكانت تسمى هذه‬
‫الدار أيضاً دار العلم‪ ،‬وصفها املسبّحي فقال‪« :‬فتحت الدار امللقبة بدار احلكمة‬
‫بالقاهرة وجلس فيها الفقهاء‪ ،‬ومحلت إليها الكتب من خزائن القصور املعمورة‪،‬‬
‫ودخل الناس إليها‪.‬‬
‫ونسخ كل من التمس نسخ شيء اما فيها ما التمسه‪ ،‬وكذلك من رأى قراءة‬
‫شيء اما فيها‪ ،‬وجلس فيها القراء واملنجمون وأصحاب النحو واللغة واألطباء‪،‬‬
‫بعد أن فرشت هذه الدار وزخرفت وعلقت على مجيع أبوابها الستور‪ ،‬وأقيم قوّام‬
‫وخدام وفراشون ويريهم ومسوا خبدمتها‪.‬‬
‫وحصل يف هذه الدار من خزائن أمري املؤمنني احلاكم بأمر اهلل من الكتب اليت‬

‫(‪ )2‬الرتبية والتعليم يف اإلسالم‪ :‬ص‪.64 :‬‬


‫(‪ )1‬مكتبات العراق‪ :‬ص‪.99:‬‬
‫(‪ )4‬الرتبية والتعليم يف اإلسالم‪ :‬ص‪.64:‬‬
‫‪120‬‬
‫أمر احملها إليها من سائر العلوم واآلداب واخلطوط املنسوبة ما مل ير مثله جمتمعاً‬
‫ألحد قط من امللوك‪ ،‬وأباح ذلك كله لسائر الناس على طبقاتهم امن يؤثر قراءة‬
‫الكتب والنظر فيها‪ ..‬وحضرها الناس على طبقاتهم؛ فمنهم من حيضر لقراءة‬
‫الكتب‪ ،‬ومنهم من حيضر للنسخ؛ ومنهم من حيضر للتعلم‪ .‬وجعل فيها ما حيتاج‬
‫الناس إليه من احلرب واألقالم والورق واحملابر»)‪.(2‬‬
‫فاملكتبة بهذا الوصف مكتبة قيمة‪ ،‬ومدرسة تدرس فيها العلوم املختلفة‪ .‬وقاعة‬
‫مناظرات‪ .‬ولقد كانت هذه املكتبة مصنفة ومرتبة احيث تقدم اخلدمة للقراء بسهولة ويسر‪.‬‬
‫مكتبات املدارس‪:‬‬
‫بلغت احلضارة اإلسالمية يف العصر العباسي قمة االزدهار يوم اهتمت بإنشاء‬
‫املدارس من أجل التعلم فيها‪ .‬وأحلقت بهذه املدارس املكتبات‪ .‬وقلما خلت مدرسة من‬
‫املدارس من مكتبة كبرية تتبعها‪ .‬وقبل نشوء املدارس كانت املساجد املكان الطبيعي‬
‫للتعليم‪ ،‬كما كانت اجلوامع والكتاتيب تقوم بهذه املهمة‪.‬‬
‫وعرفت املدارس اإلسالمية منذ القرن الرابع للهجرة «وأول من حف عنه أنه بنى‬
‫مدرسة يف اإلسالم أهل نيسابور فبنيت بها املدرسة البيهقية وبنى بها أيضاً األمري نصر‬
‫ابن سبكتكني مدرسة وبنى بها أخو السلطان حممود بن سبكتكني مدرسة وبنى أيضاً‬
‫املدرسة السعيدية‪ ،‬وبنى بها أيضاً مدرسة رابعة‪ .‬وأشهر ما بين يف القديم املدرسة النظامية‬
‫ببغداد ألنها أول مدرسة قرر بها للفقهاء معاليم‪ .‬وهي منسوبة إىل الوزير نظام امللك‪...‬‬
‫وشرع يف بنائها يف سنة سبع ومخسني وأربعمائة وفريت يف ذي القعدة سنة تسع ومخسني‬
‫وأربعمائة») ‪ .( 1‬وأنشأ نظام امللك وزير السالجقة يف النصف الثاني من القرن‬
‫اخلامس للهجرة املدارس الكثرية‪ ،‬وعرفت باسم املدارس النظامية نسبة إليه‪.‬‬
‫ونظامية بغداد أول املدارس اليت أنشأها وأهمها‪ .‬ولقد أحلقت بها مكتبة ينية زودها‬
‫بالكتب النادرة والثمينة‪.‬‬
‫ولقد شغل منصب أمني املكتبة من هم يف القمة علماً وأدباً‪ ،‬فاألسفراييين أول‬

‫(‪ )2‬كتاب املواع واإلعتبار بذكر اخلطط واآلثار املعروف باخلطط املقريزية‪.357 ،351 :2 :‬‬
‫(‪ )1‬املصدر نفسه‪.163 ،461 :1 .‬‬
‫‪121‬‬
‫خازن ملكتبة النظامية‪ ،‬ويوصف بأنه شاعر أديب‪ ،‬وبعده جاء حممد بن أمحد‬
‫)‪(2‬‬
‫‪ .‬وقد أوقف الكثري من العلماء مكتباتهم اخلاصة على النظامية ومن‬ ‫األبيوردي‬
‫هؤالء حمب الدين بن النجار صاحب كتاب ذيل تاريخ بغداد الذي أوقف خزانتني‬
‫من الكتب للنظامية‪.‬‬
‫ومن مكتبات املدارس املشهورة مكتبة املدرسة املستنصرية اليت شيدها‬
‫املستنصر باهلل اخلليفة السابع والعشرون من خلفاء بين العباس ‪ .‬وشيدت هذه‬
‫املدرسة سنة ‪641‬هـ يف بغداد‪ .‬وكانت يف هذه املدرسة خزانة كتب حافلة مبختلف‬
‫املصنفات القيمة‪.‬‬
‫«وكان يف املدرسة موظفون يعنون بأمرها ويشرفون على مجيع ما يتصل‬
‫بالكتب وهم ثالثة أصناف‪ :‬اخلازن‪ ،‬واملشرف‪ ،‬واملناول‪ ،‬إىل جانب البوابني‬
‫والفراشيني املسؤولني على احلراسة والتنظيف»)‪.(1‬‬
‫وكان يف دمشق حنو ثالثني مدرسة يف القرن اخلامس من اهلجرة‪ .‬ويدرس يف‬
‫تلك املدارس األئمة واألعالم‪ .‬ومن أشهر مداسها دار احلديث النورية‪ ،‬والنورية‬
‫الكربى‪ ،‬والصالحية‪ ،‬والعادلية‪ ،‬والظاهرية‪ ،‬ويريها)‪.(4‬‬
‫أما يف مصر فلقد كانت فيها مدارس كثرية‪ .‬كاملدرسة الكاملية والصاحلية‬
‫والصاحبية والفاضلية نسبة إىل القاضي الفاضل ويريها)‪.(3‬‬
‫هذا وقد اشتهرت عدة مدارس يف القدس وحلب ومحاة ويريها‪ .‬وقد أحلقت‬
‫يف كل مدرسة من هذه املدارس مكتبة ضخمة قيمة‪.‬‬
‫مكتبات املشايف‪:‬‬
‫ظهرت مكتبات املشايف واملارستانات نتيجة لالهتمام باملرض والعناية بهم‪.‬‬

‫(‪ )2‬املكتبات يف اإلسالم‪ :‬ص‪.249:‬‬


‫(‪ )1‬مكتبات العراق‪ :‬ص‪.11:‬‬
‫(‪ )4‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر‪ :‬ص‪.34:‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬كتاب املواع واالعتبار بذكر اخلطط واآلثار املعروف باخلطط املقريزية‪.313 – 461 :2 :‬‬
‫‪122‬‬
‫وذكر أن أوائل املهتمني بهذا األمر الوليد بن عبد امللك فهو «أول من بنى املارستان‬
‫يف اإلسالم ودار املرضى‪ ...‬وهو أيضاً أول من عمل دار الضيافة يف سنة مثان‬
‫ومثانني‪ .‬وجعل يف املارستان األطباء وأجرى هلم األرزاق‪ .‬وأمر احبس اجملذومني‬
‫لئال خيرجوا وأجرى عليهم وعلى العميان األرزاق»)‪.(2‬‬
‫ومع تقدم احلضارة كثرت املشايف‪ .‬وقد استعمل العرب لفظة (مارستان) أو‬
‫(بيمارستان) ومعناها بيت املرضى‪.‬‬
‫وأحلقت بهذه املشايف مكتبات حافلة بالكتب القيمة ألن املشفى مل يكن مكاناً‬
‫للتطبيب والتمريض فقط‪ ،‬وإمنا مكاناً أيضاً لتعليم طالب الطب واألمراض وطرق‬
‫معاجلتها‪.‬‬
‫ومن أشهر املشايف اليت ضمت مكتبات عامرة بالكتب املتنوعة وخصوصاً‬
‫الطبية مشفى عضد الدولة البويهي يف بغداد‪ ،‬واملشفى النوري يف دمشق‪ ،‬ومشفى‬
‫قالوون يف القاهرة واليت قيل إن عدد كتبها بلغ مائة ألف جملد أخذت أكثرها من‬
‫دار احلكمة)‪.(1‬‬
‫وهكذا نرى اما سبق أن املكتبات كانت شائعة يف مجيع أرجاء العامل اإلسالمي‬
‫وأنها وجدت لدى العرب واملسلمني مبختلف أنواعها‪ .‬وكانت ينية يف حمتوياتها‬
‫وتقدم شتى ألوان املعرفة للقراء‪ .‬ولكن مع مضي الزمان دب الضعف يف بعض‬
‫أجزاء الدولة اإلسالمية‪ .‬وأخذت املكتبات بالتقهقر نتيجة لعوامل التفكك والتمزق‬
‫اليت أخذت تنهش يف جسد الدولة‪ ،‬بسبب الفا واملشكالت الداخلية‪ ،‬باإلضافة إىل‬
‫احملن الكثرية اليت حلقت باألمة نتيجة للغزو الصلييب الذي أحلق الدمار واخلراب يف‬
‫املدن والقرى‪ .‬وأباد معامل احلضارة فيها‪ ،‬كما أن التتار مل يقلوا عنهم وحشية فلقد‬
‫كان سقوط بغداد سنة ‪656‬هـ نذير شؤم للرتاث فقد «روي أن مياه دجلة جرت‬

‫(‪ )2‬كتاب املواع واالعتبار بذكر اخلطط واألثار املعروف باخلطط املقريزية‪.315 :1 :‬‬
‫(‪ )1‬املكتبات يف اإلسالم‪ :‬ص‪.236:‬‬
‫‪123‬‬
‫سوداء من كثرة ما ألقي فيها من الكتب والصحائف»)‪ .(2‬وكذلك واجه هذا الرتاث‬
‫حمنة فظيعة يف األندلس فلقد أحرقت كثري من املكتبات فيها ومن ضمنها مكتبات‬
‫يرناطة اليت سقطت سنة ‪2371‬م‪ ،‬واليت يفوق عدد املخطوطات اليت أحرقت فيها‬
‫وحدها كل تصور‪ .‬وأكثر الباحثني حذراً‪ ...‬يقدرونها بثمانني ألفاً)‪.(1‬‬
‫ومع كل هذه املصائب واحملن فلقد بقيت لنا ثروة علمية ضخمة من‬
‫احملفوظات اإلسالمية تتحدث عما كان عليه العرب واملسلمون من تقدم علمي‬
‫ونضج فكري‪ .‬وإن كثرياً من املكتبات العاملية حتى هذا اليوم تزخر باملخطوطات‬
‫اإلسالمية اليت تنتظر من يعمل على نشرها ورؤيتها للنور‪.‬‬
‫ومع إطاللة فجر القرن التاسع عشر أخذت عوامل النهضة واليقظة يف‬
‫السريان واالنتشار يف الوطن العربي‪ .‬ويف القرن العشرين نالت الدول العربية‬
‫استقالهلا وازدهرت معامل احلضارة فيها‪ ،‬فانتشرت املدارس وتعددت اجلامعات‬
‫وكثرت املكتبات وتنوعت أنواعها يف خمتلف األقطار العربية‪.‬‬

‫املصادر واملراجع‬
‫‪ -2‬أحسن التقاسيم يف معرفة األقاليم مشس الدين أبو عبداهلل حممد املقدسي‪.‬‬

‫(‪ )2‬مصادر الرتاث العربي‪ .‬د‪ .‬عمر الدقاق‪ .‬ص‪ .13 :‬مكتبة دار الشروق‪ ،‬بريوت‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )1‬دراسة يف مصادر األدب‪ .‬الطاهر أمحد مكي‪ .‬ص‪ .75:‬دار املعارف مبصر‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫حتقيق مارجوليوث‪ .‬ليدن‪ ،‬بريل‪2716 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬تاريخ الكتاب اإلسالمي‪ .‬د‪ .‬حممود عباس محوده‪ .‬دار الثقافة للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬القاهرة ‪2797‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬الرتبية والتعليم يف اإلسالم‪ .‬سعيد الديوه جي‪ .‬العراق ‪2711‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬احلضارة اإلسالمية يف القرن الرابع اهلجري‪ .‬آدم متز‪ .‬ترمجة حممد‬
‫عبداهلادي أبو ريدة‪ .‬مطبعة جلنة التأليف والرتمجة والنشر‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪2759‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬دراسة يف مصادر األدب‪ .‬د‪ .‬الطاهر مكي‪ .‬دار املعارف‪ ،‬مصر‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬ظهر اإلسالم‪ .‬أمحد أمني‪ .‬اجلزء األول‪ .‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪2791‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬ظهر اإلسالم‪ .‬أمحد أمني‪ .‬اجلزء الثاني‪ .‬مكتبة النهضة املصرية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪2799‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬الفخري يف اآلداب السلطانية‪ .‬ابن القفطي‪.‬‬
‫‪ -7‬الفهرست‪ .‬ابن النديم‪ .‬املكتبة التجارية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫واالعتبار بذكر اخلطط واآلثار املعروف باخلطط املقريزية‪.‬‬ ‫‪ -21‬كتاب املواع‬
‫تقي الدين أبو العباس أمحد بن علي املقريزي‪ .‬مكتبة الثقافة الدينية‪.‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ -22‬حملات يف املكتبة والبحث واملصادر‪ .‬د‪ .‬حممد عجاج اخلطيب‪ .‬مؤسسة‬
‫الرسالة بريوت‪2775 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬مصادر الرتاث العربي‪ .‬د‪ .‬عمر الدقاق‪ .‬مكتبة دار الشروق‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪2791‬م‪.‬‬
‫‪ -24‬مكتبات العراق‪ .‬مريي فتوحي‪ ،‬وزارة الثقافة واإلعالم يف اجلمهورية‬
‫العراقية‪2716 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -23‬املكتبات يف اإلسالم نشأتها وتطورها ومصائرها‪ .‬د‪ .‬حممد ماهر محادة‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫مؤسسة الرسالة بريوت‪2776 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -25‬معجم األدباء‪ .‬ياقوت احلموي‪ .‬دار إحياء الرتاث العربي‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -26‬نفح الطيب يف يصن األندلس الرطيب‪ .‬أمحد بن حممد التلمساني املقري‬
‫حتقيق د‪ .‬إحسان عباس بريوت‪ ،‬دار صادر‪2761 ،‬م‪.‬‬

‫الباب الثاني‬
‫‪126‬‬
‫املكتبات يف العصر احلديث واخلدمات املكتبية‬
‫الفصل األول‬
‫املكتبات يف العصر احلديث – د‪ .‬مأمون فريز جرار‬
‫الفصل الثاني‬
‫مصادر املعلومات يف املكتبة – د‪ .‬مأمون فريز جرار‬
‫الفصل الثالث‬
‫الفهرسة‪ -‬د‪ .‬إبراهيم صبيح‬
‫الفصل الرابع‬
‫التصنيف – د‪ .‬إبراهيم صبيح‬
‫الفصل اخلامس‬
‫اإلعارة – د‪ .‬مأمون فريز جرار‬

‫‪127‬‬
‫الفصل األول‬

‫املكتبات يف العصر احلديث‬


‫د‪ .‬مأمون فريز جرار‬

‫املكتبات يف العصر احلديث‬


‫ازدهرت املكتبات يف العصر احلديث‪ ،‬وجتدد هلا ما كان من نهضة يف مرحلة‬
‫االزدهار يف العصر العباسي‪ ،‬ومن مظاهر االزدهار تنوع املكتبات‪ ،‬وزيادة عددها‪،‬‬
‫‪128‬‬
‫وزيادة عدد مصادر املعلومات املتوافرة فيها‪.‬‬
‫ومل يكن هذا االزدهار إال مثرة جملموعة من العوامل منها‪:‬‬
‫‪ .2‬ازدهار حركة التعليم يف خمتلف مراحله اما ساعد على إجياد القراء الذين‬
‫صارت املطالعة جزءًا من حياتهم‪ ،‬وبعض هواياتهم‪.‬‬
‫‪ .1‬ازدهار حركة التأليف والرتمجة‪ ،‬وهذا االزدهار هو من مثرات التعليم يف‬
‫خمتلف مستوياته‪ ،‬فقد تفتحت املواهب يف املدارس واجلامعات‪ ،‬وصار‬
‫التأليف جزءاً من عمل املدرس اجلامعي‪ ،‬والباحث الذي يريد أن يثري‬
‫املعرفة اإلنسانية‪ ،‬وكذلك ازدهرت حركة الرتمجة لالطالع على ما يف‬
‫احلضارات املختلفة من الفنون واآلداب والعلوم‪.‬‬
‫‪ .4‬النهضة اليت شهدتها املطابع وكثرة دور النشر وتوافر الورق‪ ،‬اما أدى إىل‬
‫توفري الكتب بأعداد كبرية تكافىء الطلب عليها يف حاجات التعليم‬
‫والثقافة‪ ،‬وأدى ذلك إىل ازدهار الدوريات من صحف وجمالت‪.‬‬
‫‪ .3‬الرخاء املادي الذي شاع يف كثري من البالد العربية‪ ،‬اما أوجد القدرة‬
‫الشرائية وشجع حركة التأليف والنشر‪.‬‬
‫‪ .5‬الوعي الثقايف الذي انتشر يف العصر احلديث‪ ،‬اما جعل كثرياً من املتعلمني‬
‫حيرصون على دوام االتصال مبصادر املعلومات سواء أكان ذلك من خالل‬
‫املكتبة اخلاصة أو األنواع األخرى للمكتبات‪.‬‬
‫وسنقف فيما يلي على أبرز أنواع املكتبات الشائعة يف عصرنا بشيء من البيان‬
‫املختصر‪.‬‬
‫املكتبة الوطنية‪:‬‬
‫انتشر يف معظم دول العامل إنشاء مكتبة تسـعى إىل رصـد النشـاط الفكـري أو‬
‫التأليفي وكل ما هو من مصادر املعلومـات اخلاصـة بتلـك الدولـة‪ .‬وتعـرف هـذه‬
‫املكتبة باملكتبة الوطنية‪« ،‬وهي املسؤولة عن طلب وجتميع وحفـ وصـيانة اإلنتـاج‬

‫‪129‬‬
‫الفكري الوطين»)‪ .(2‬وهلذه املكتبة وسائل للحصول على ذلك اإلنتاج حيث حتصـل‬
‫عليه «عن طريق اإليداع اإللزامي حسـب القـوانني‪ ،‬أو بفضـل مسـاهمة الطـابعني‬
‫االختيارية‪ .‬إنها باإلضـافة إىل ذلـك متلـك يف يالـب األحيـان جمموعـة مثينـة مـن‬
‫املخطوطات‪ ،‬ومؤلفات نادرة وقدمية‪ ،‬وأخرياً الوسائل الرمسية القوية الـيت هـي يف‬
‫يدها تعطيها من جهة القدرة لتحصل كل ما هو جوهري يف اإلنتاج األجنيب‪ ،‬ومـن‬
‫جهة أخرى متكنها أن تقوم ببعض خدمات فيها مصلحة عامـة‪ ،‬فتسـتخدمها ملنفعـة‬
‫كافة املكتبات»)‪.(1‬‬
‫ويف العامل عدد من املكتبات الوطنية ذات الشهرة العاملية‪ ،‬وقـد اكتسـبت هـذه‬
‫الشهرة بضخامة ما حتتويه من مصادر املعلومات‪ ،‬واخلدمات اليت تقدمها‪.‬‬
‫ومنهـا‪ :‬مكتبـة الكـوجنرس الـيت أنشـئت خلدمـة الكـوجنرس األمريكـي سـنة‬
‫‪2111‬م وتطورت عرب السنني لتصبح أشهر مكتبة يف العامل‪ .‬وهناك املكتبـة األهليـة‬
‫أو الوطنية يف باريس اليت تطورت عن مكتبـات ملـوك فرنسـا‪ ،‬واسـتحدث هلـا يف‬
‫السنوات األخرية مبنـى ضـخم ميكنهـا مـن اسـتيعاب مـا يـرد إليهـا مـن مصـادر‬
‫املعلومات‪ ،‬ومن هذه املكتبات مكتبة لينني يف موسكو الـيت كانـت املكتبـة الوطنيـة‬
‫لالحتاد السوفياتي قبل تفككه إىل دول متعددة‪ ،‬ومكتبة املتحف الربيطاني يف لندن‪.‬‬
‫ومن املكتبات املهمة يف البالد العربية‪ :‬دار الكتب املصرية يف القاهرة‪ ،‬ومكتبـة‬
‫األسد يف دمشق‪ ،‬ومكتبة امللـك فهـد يف الريـاض‪ .‬ويف األردن مكتبـة وطنيـة تتبـع‬
‫وزارة الثقافة‪ ،‬وهي احاجة إىل املزيـد مـن العنايـة والـدعم بتخصـيص موقـع دائـم‬
‫مناسب هلا‪ ،‬وتوفري ما يساعدها على القيام بواجباتها‪.‬‬
‫وظائف املكتبة الوطنية‪:‬‬
‫يقسم بعض املؤلفني الوظائف اليت تقوم بهما املكتبة الوطنية إىل أولويات أوىل‬
‫وثانية وثالثة‪ ،‬وقد آثرت دجمها معاً واختيار املهم منها‪ ،‬اما ينبغي أن يكون الطالب‬

‫(‪ )2‬املكتبات الوطنية‪ ،‬الدكتور عبدالعزيز النهاري‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫(‪ )1‬املكتبات العامة‪ ،‬أندريه ماسون‪ ،‬وبوال سلفان‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪130‬‬
‫أو القارىء بعامة على علم بها)‪ .(2‬وهي‪:‬‬
‫‪ -2‬مجع مصادر املعلومات اخلاصة بالدولة والوطن اما يصدر يف داخل البالد وخارجها‪.‬‬
‫‪ -1‬حف حقوق املؤلفني من أصحاب اإلنتاج الفكري والفين واألدبي باإليداع‬
‫القانوني امللزم ملصادر املعلومات املختلفة‪ ،‬وإعطاء صاحب اإلنتاج شهادة‬
‫تثبت حقه فيه تكون مستنده القانوني إن وقع أي اعتداء على حقه فيه‪.‬‬
‫ويثبت رقم شهادة اإليداع يف الغالب على ظهر صفحة الغالف الداخلي‪.‬‬
‫‪ -4‬فهرسة الكتب وتصنيفها قبل نشرها‪ ،‬وتفرض كثري من الدول على دور النشر‬
‫واملؤلفني أن ميروا باملكتبة الوطنية قبل التوجه إىل املطبعة وذلك ليتم تصنيف‬
‫تلك الكتب بإعطائها الرقم اخلاص بها وفق نظام التصنيف املتبع يف تلك‬
‫الدولة‪ ،‬وكذلك فهرسة الكتب بإعداد بطاقة فهرس تتضمن املعامل األساسية‬
‫اخلاصة بالكتاب‪.‬‬
‫‪ -3‬إصدار البيبليويرافيا الوطنية اليت تتضمن قوائم بأمساء مصادر املعلومات اليت‬
‫صدرت خالل سنة أو أكثر‪ .‬واملكتبة الوطنية هي أقدر اجلهات على إصدار هذه‬
‫القوائم ألنها مستودع املعلومات اخلاصة مبصادر املعلومات الوطنية‪.‬‬
‫‪ -5‬وتكثيف الدوريات الوطنية‪ :‬وهذه وظيفة مهمة إن قامت بها املكتبة الوطنية‬
‫وفرت على الباحثني جهوداً كثرية‪ ،‬واختصرت الوقت املطلوب للوصول إىل‬
‫املعلومات املبثوثة يف الصحف واجملالت‪.‬‬
‫‪ -6‬القيام بأنشطة ثقافية علـى املسـتوى الـوطين‪ ،‬ومـن ذلـك تنظـيم معـارض‬
‫الكتب‪ ،‬ومكتبة األسد يف سورية تقوم بهذا األمر‪ ،‬ومن األنشطة ما طالعتنا‬
‫به الصحف احمللية عن أنشطة تنوي املكتبـة الوطنيـة يف األردن القيـام بهـا‪،‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املكتبات الوطنية‪ ،‬د‪ .‬النهاري‪ ،‬ص‪.23‬‬


‫أساسيات علم املكتبات‪ ،‬د‪ .‬عمر همشري‪ ،‬د‪ .‬راحي عليان‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫املرجع يف علم املكتبات والعلومات‪ ،‬هلما‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫‪131‬‬
‫وقد جاء يف اخلرب‪« :‬وضعت املكتبة الوطنيـة برناجمـاً ثقافيـام ضـمن خطتهـا‬
‫العام احلالي لتعزيز جسور التعاون مع املفكرين واملثقفني واملبدعني‪ .‬وقـال‬
‫السيد أسامة مقدادي مدير عام املكتبة‪ :‬إن اخلطـة تشـتمل علـى برنـاجمني‪،‬‬
‫أوهلما‪ :‬برنامج شهادات يف نهاية القرن العشرين‪ ،‬يتم خالله استضافة عـدد‬
‫مــن املفكــرين األردنــيني الــذين عاصــروا كــثرياً مــن األحــداث الثقافيــة‬
‫والسياســية يف النص ـف الثــاني مــن القــرن العشــرين (‪ ،)...‬وقــال الســيد‬
‫مقدادي‪ :‬إن الربنامج الثاني هو تنظيم ندوة (كتاب الشـهر) حيـث سـتقيم‬
‫املكتبـة نـدوة شـهرية ملناقشـة أبـرز الكتـب الصـادرة يف اجملـاالت الثقافيـة‬
‫املختلفة‪ ،‬يتم اختيارها من قبل جلنة ضمن عدة معايري‪ ،‬من ضمنها‪ :‬أصـالة‬
‫العمل وجدّته وتاريخ صدوره‪ ،‬حيث سيقدم املؤلف عرضاً ألبرز القضـايا‬
‫يف كتابه أمام جمموعة من املختصني يف جماله‪ ،‬حتى تتم مناقشة الكتـاب مـن‬
‫قبل املثقفني»)‪.(2‬‬
‫إن علينا أن نتذكر أن املكتبـة الوطنيـة مكتبـة توثيقيـة وليسـت مكتبـة عامـة‪،‬‬
‫ولذلك ال تكون خدماتها واإلفادة من حمتوياتها متاحة ألفراد اجملتمع كافـة‪ ،‬وذلـك‬
‫حمافظة على مقتنياتها سليمة‪ ،‬وكثري من املكتبات الوطنية تسـري علـى هـذا املـنهج‪،‬‬
‫ومنها املكتبة األهلية يف باريس‪ .‬ومن املكتبات الوطنية مـا يقـدم اخلدمـة للجمهـور‬
‫كما تقدمها املكتبة العامة مع متيّز مبا توفره من مصادر أولية‪ ،‬ومراجع أساسية تتعلق‬
‫بالوطن بصورة خاصة ال ميكن ألي مكتبة عامة جماراتها يف هذا اجملال)‪.(1‬‬
‫والفيصل يف األمر هو توافر اخلدمة املكتبيـة العامـة أو انعدامـه‪ .‬فـإذا كانـت‬
‫متوافرة فإ ن املكتبة الوطنيـة تقتصـر علـى خدمـة فئـات حمـدودة وتقـوم بوظيفتهـا‬
‫التوثيقية‪ ،‬وإال فإنها مضطرة إىل تقديم اخلدمة املكتبية العامة‪.‬‬

‫(‪ )2‬جريدة الرأي‪.2779\4\1 ،‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الكتاب واملكتبات‪ ،‬منصور حممد سرحان‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪132‬‬
‫املكتبة العامة‪:‬‬
‫إن من الظواهر املألوفة يف عصرنا وجود مكتبة يف كل مدينة‪ ،‬ورمبـا جنـد أكثـر‬
‫من مكتبة يف بعض املدن الكربى‪ .‬ومن ذلك ما جنده يف عمّان‪ ،‬فهناك املكتبة العامـة‬
‫التابعة ألمانة العاصـمة‪ ،‬ومكتبـة عبداحلميـد شـومان التابعـة ملؤسسـة عبداحلميـد‬
‫شومان‪.‬‬
‫واما يلح كذلك أن اخلدمة املكتبية تقدمها البلـديات‪ ..‬وهلـذا داللـة هـي أن‬
‫هذه اخلدمـة صـارت حاجـة أساسـية مـن حاجـات اإلنسـان‪ ،‬كحاجتـه التعليميـة‬
‫والصحية‪ .‬ولذلك يندر ان جتد بلدية ال تنشىء مكتبة عامـة خلدمـة سـكان املدينـة‪.‬‬
‫واملكتبة العامة ليست جديـدة يف حضـارتنا‪ ،‬وقـد سـبق احلـديث عنهـا يف الفصـل‬
‫اخلاص باملكتبات يف حضارتنا العربية اإلسالمية‪.‬‬
‫وال بد من اإلشارة إىل أن املكتبة العامة تقدم خدماتها املكتبية ألفـراد اجملتمـع‬
‫كافة‪ ،‬وقد اقتضت بعض الضرورات املعاصرة أن تنفصل بعض أقسام املكتبة العامة‬
‫لتصبح مكتبة مستقلة‪ ،‬ولتقدم اخلدمة املكتبية لشرحية من شرائح اجملتمع‪ ،‬أو احلي أو‬
‫منطقة‪ .‬ومن هنا ميكن أن نعد مكتبة األطفـال مكتبـة متفرعـة عـن املكتبـة العامـة‪،‬‬
‫وكذلك املكتبة الفرعية‪ ،‬وميكن أن تعد املكتبـة املتنقلـة مـن هـذا البـاب إذا كانـت‬
‫مرتبطة مبكتبة عامة‪.‬‬
‫أهداف املكتبات العامة‪:‬‬
‫ال بدّ أن تكون للمكتبة العامة أهداف حمـددة تسـعى إىل حتقيقهـا‪ ،‬وإال تكـون‬
‫اخلدمة شكلية‪ ،‬وهذا يقتضي توفري مصادر املعلومات املناسبة‪ ،‬واألجهزة واألدوات‬
‫املساعدة على تقديم اخلدمة اجليّدة‪ ،‬واختيار الوقت املناسب الذي تقدم فيه اخلدمـة‬
‫املكتبية‪ .‬إن من يري املناسب أن تغلق املكتبة أبوابهـا السـاعة الرابعـة عصـراً ! ألن‬
‫املستفيدين منها يكونون يف هذا الوقت متوجهني إليها لالنتفاع بها‪ .‬فطلبة املـدارس‬
‫وطلبة اجلامعات يناسبهم الوقت املتأخر‪ ،‬وأمـا املتقاعـدون واجملـازون فـإن الوقـت‬
‫‪133‬‬
‫الصباحي مناسب هلم‪.‬‬
‫إن األهداف اليت توضع للمكتبة العامة ينبغي أن تكون قابلة للتحقيـق‪ ،‬حتـى‬
‫جيد العاملون فيها مثرة جلهودهم املبذولة‪ .‬ومن أبرز هذه األهداف)‪:(2‬‬
‫‪ -2‬نشر الثقافة يف اجملتمع‪ ،‬وتلبية حاجات املثقفني وطـالب املعرفـة مـن مصـادر‬
‫املعلومات الـيت ال يسـتطيعون توفريهـا‪ .‬وهـذا اهلـدف هـو اهلـدف املركـزي‬
‫للمكتبة العامة‪ ،‬وأكثر األهداف التالية متفرعة عنه‪ .‬ولعـل سـائالً يسـأل مل ال‬
‫يستطيع الفرد توفري ما توفره املكتبة العامة؟ واجلـواب هـو أن أسـباب ذلـك‬
‫متعددة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ‪ .‬السبب املادي‪ :‬فالكتب حتتاج إىل مـال لشـرائها‪ ،‬ومـن الكتـب مـا يكـون‬
‫مثنها يالياً ال يستطيع كل فرد احلصول عليها‪.‬‬
‫ب‪ .‬افتقاد املكان الذي توضع فيهه الكتهب‪ .‬وأكثر البيوت تضـيق بالكتـب‪،‬‬
‫بل إن الكتب ضيف يري مرحّب به فيها!!‬
‫جـ‪ .‬افتقاد املصادر لبعد العهد بزمن طباعتهها‪ ،‬وإذا كانت املكتبـة قدميـة‬
‫توافرت فيها مصادر طبعت ونفدت طبعاتها‪ ،‬وليسـت ميسـرة ملـن يريـد‬
‫شراءها‪.‬‬
‫ومعنــى ذلــك كلــه أن املكتبــة العامــة تنــوب عــن األفــراد يف تــوفري مصــادر‬
‫املعلومات كما تنوب املدرسة عن األسرة يف تعليم أبنائها ‪ ..‬ويري ذلك من اهليئات‬
‫واملؤسسات العامة اليت تقدم اخلدمات العامة لألفراد‪.‬‬
‫‪ -1‬توفري مكان مناسب لقضاء وقت الفراغ لدى قطاع كبري من النـاس يف مكـان‬
‫مفيد‪ .‬ومشكلة الفـراغ مشـكلة اجتماعيـة تسـعى جهـات عديـدة إىل حلّهـا‪،‬‬
‫فامللعب والنادي واملكتبة جماالت مفيدة لقضاء أوقات الفراغ‪ .‬وهـذا يقتضـي‬
‫أن تعد املكتبة برناجماً بل برامج تراعي أحوال اجلمهـور‪ .‬فـال بـد مـن بـرامج‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املرجع يف علم املكتبات واملعلومات‪ ،‬ص‪.14‬‬


‫‪134‬‬
‫خاصة للعطلة الصيفية تسهم فيها املكتبة يف استثمار أوقات فراغ الطلبة‪.‬‬
‫‪ -4‬رعاية املواهب وتنميتها يف املدينة اليت ختدمها املكتبة العامـة‪ ،‬وذلـك بالسـعي‬
‫إىل اكتشاف هذه املواهب ثم وضع احلوافز هلا باملسابقات وتقـديم اجلـوائز يف‬
‫جماالت اآلداب والفنون والبحوث والدراسات‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلسهام يف حل بعض املشكالت االجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬وذلـك بعقـد‬
‫ندوات وحماضرات تناقش فيها املشكالت‪ ،‬يدعى إليها متخصصون من داخل‬
‫املدينة وخارجهـا‪ .‬ويبـدو هـذا اهلـدف امكنـ ًا يف املـدن الصـغرية الـيت تفتقـد‬
‫املؤسسات اليت تقدم خدمة احملاضرات والندوات‪.‬‬
‫‪ -5‬تشجيع اإلنتاج الفكري واألدبي احمللي بشراء نسخ من املطبوعـات اجلديـدة‪.‬‬
‫ولو أحصينا عدد املكتبات العامة يف دولة ما وافرتضنا أن كل مكتبـة تشـرتي‬
‫نسختني من كتاب ألدركنا ما ميكن أن تقدمـه املكتبـات العامـة مـن تشـجيع‬
‫لإلنتاج احمللي‪.‬‬
‫‪ -6‬مجع مصادر املعلومات اخلاصة باملدينة أو البلدة وخباصة إذا كانت ذات تاريخ‬
‫عريق‪ ،‬وهذا يقضي أن يكون يف املكتبة ما يصدر عن هذه املدينة أو البلدة من‬
‫كتب أو احوث أو مقـاالت يف داخـل البلـد وخارجـه‪ ،‬وباللغـات املختلفـة‪،‬‬
‫لتكون هذه املكتبة مورداً للباحثني يف تاريخ املدينة‪.‬‬
‫وأخرياً نذكر بأن من املهم أن تقدم املكتبة خدمة ثقافية حقيقية‪ ،‬ومـن عوامـل‬
‫ذلك املوقع املناسب‪ ،‬وتوفري املوظفني املؤمنني برسالة املكتبة الذين يسعون إىل‬
‫ترويج بضاعتهم وهي مصادر املعلومـات‪ ،‬والـذين تـزداد سـعادتهم بازديـاد‬
‫رواد املكتبة‪.‬‬
‫مكتبة األطفال‪:‬‬
‫وهي يف األصل جزء من املكتبة العامة كما سبق القـول‪ .‬إذ إن املكتبـة العامـة‬
‫ختدم أفراد اجملتمع كافة‪ ،‬واألطفال جزء من اجملتمع‪ .‬وهناك آراء خمتلفة يف ختصـيص‬

‫‪135‬‬
‫مكتبة لألطفال أو بقاء خدمتهم املكتبية ضمن املكتبة العامة)‪.(2‬‬
‫ومن األسباب اليت ساعدت على ختصيص مكتبة لألطفال)‪:(1‬‬
‫‪ .2‬الطبيعة اخلاصة لألطفال اليت تقتضي سلوكاً خاصاً قد يؤدي إىل إزعـاج الكبـار‬
‫إن كانت مكتبة األطفال جزءاً من املكتبة العامة‪ ،‬ومصادرة حلريـة احلركـة الـيت‬
‫تقتضيها تلك الطبيعة‪.‬‬
‫‪ .1‬االهتمام العاملي بالطفولة‪ ،‬اما دفـع إىل ختصـيص مؤسسـات ختـدم األطفـال يف‬
‫خمتلف جماالت احلياة‪ ،‬ومنها املكتبة اليت تقدم هلم اخلدمة الثقافية‪.‬‬
‫‪ .4‬توافر مصادر معلومات منوعة تكفي إلنشاء مكتبات خاصة لألطفال‪.‬‬
‫وقد اقتضت الطبيعة اخلاصة لألطفال خصوصيات‪ ،‬ومن هذه اخلصوصيات‪:‬‬
‫(‪ )2‬خصوصية املوقع واهلندسة والتصميم واألثاث‪.‬‬
‫فينبغي أن يراعى يف موقع مكتبة األطفـال أن تكـون يف الطـابق األرضـي أو‬
‫األول حتى ال يضطر األطفال إىل استخدام املصاعد‪ ،‬أو صعود درج طويـل‪،‬‬
‫دفع ًا لألذى عنهم‪.‬‬
‫ومن املهم أن يصمم املبنى تصـميماً يـؤدي إىل تـوفري اخلـدمات املطلوبـة يف‬
‫مكتبة األطفال‪ ،‬بتوفري القاعـات الـيت تسـتخدم للمطالعـة ولعـرض األفـالم‬
‫ولعرض املسرحيات ويريها من األنشطة‪.‬‬
‫وينبغي أن يراعى يف تصميم املبنى استخدام األلوان اجلذابة الـيت تـدهن بهـا‬
‫اجلدران‪ ،‬وكذلك تزويده بالصور واجلداريات اليت حتبب املكتبة إىل األطفال‪.‬‬
‫وكــذلك ال بــد أن تصــمم املقاعــد واملناضــد مبــا يناســب أعمــار األطفــال‬

‫(‪ )2‬انظر مزايا إفراد مكتبة خاصة لألطفال وأوجه قصور ذلك؛ مكتبة الطفل‪ ،‬د‪ .‬حسن حممد عبدالشايف‬
‫ص‪.21-26‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املرجع يف علم املكتبات واملعلومات‪ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪136‬‬
‫وأحجامهم وكذلك ارتفاع اخلزائن والرفوف)‪.(2‬‬
‫(‪ )1‬خصوصية اخلـدمات)‪ ،(1‬وامـا ينبغـي أن يراعـى يف مكتبـة األطفـال تقـديم‬
‫اخلدمات اخلاصة اليت تناسب أعمارهم‪ ،‬وتليب حاجاتهم‪ .‬فمن األطفال الذين‬
‫يرتددون على املكتبة من ال حيسن القراءة امن مل يدخلوا املدرسة‪ ،‬ومن هـو يف‬
‫بداية مرحلة التعليم‪ ،‬واألطفـال مييلـون إىل مـا يـثري االهتمـام ويتعامـل مـع‬
‫احلواس‪ ،‬وهذا يقتضي وجود بعض اخلدمات‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ‪ .‬خدمة القص أو احلكاية‪ :‬وتقتضي هذه اخلدمة وجـود قاعـة خاصـة تقـدّم‬
‫فيها‪ ،‬ووجود أمني مكتبة أو أمينة امن لديهم القدرة على تقدميها‪ .‬وميكن أن‬
‫يُدعى هلا كاتب أو شاعر‪ ،‬ويف ذلك إثراء خلربات األطفال‪ ،‬وتنمية لقدرتهم‬
‫على االستماع واالستمتاع واحلوار والتعبري)‪.(4‬‬
‫ب‪ .‬إجراء املسابقات‪ :‬وذلك بهـدف استكشـاف مواهـب األطفـال ورعايتهـا‪،‬‬
‫واملسابقات وما يقدم فيها من اجلوائز املادية واملعنوية هـي حـوافز لإلبـداع‬
‫تستثار بها طاقاتهم‪ ،‬وتنمّى هواياتهم‪ ،‬وتستثمر مـواهبهم‪ ،‬وبـذلك تتحـول‬
‫املكتبة من اخلدمـة التقليديـة املتمثلـة بتـوفري مصـادر املعلومـات إىل مركـز‬
‫إشعاع وتربية‪ ،‬تتمم ما تقوم به املدرسة ومؤسسات اجملتمع األخرى‪.‬‬
‫جـ‪ .‬االحتفاالت اليت يشارك فيها األطفال مبواهبهم املختلفة‪ ،‬ومن إلقاء الشـعر‬
‫أو اخلطب‪ ،‬أو إلقاء القصة أو التمثيل‪ ،‬ويري ذلك من وسـائل التعـبري‪ .‬ويف‬
‫هذه األمور تنمية لشخصيات األطفـال‪ ،‬وإثـارة للـروح اجلماعيـة لـديهم‪،‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬اخلدمة املكتبية العامة لألطفال‪ ،‬سهري حمفوظ‪ ،‬ص‪ ،44-13‬ومكتبة الطفـل‪ ،‬د‪ .‬حسـن حممـد‬
‫عبدالشايف‪ ،‬ص‪ 54‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مكتبة الطفل‪ ،‬د‪.‬حسن حممد عبدالشايف ص‪ 215‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )4‬انر‪ :‬اخلدمة املكتبية العامة لألطفال‪ ،‬سهري حمفوظ‪ ،‬ص‪ ،232‬ومكتبـة الطفـل‪ ،‬د‪.‬حسـن عبدالشـايف‬
‫ص‪.116‬‬
‫‪137‬‬
‫وتعويدهم على التعبري عن أنفسهم من يري قيود‪.‬‬
‫د‪ .‬إقامة املعارض للموهوبني فنياً‪ ،‬كموهبة اخلط والرسـم ويريهـا مـن الفنـون‬
‫التشكيلية‪.‬‬
‫هـ‪ .‬جلسات عـرض املـواد السـمعية والبصـرية لألطفـال‪ ،‬كـاألفالم وأشـرطة‬
‫الفيديو‪ ،‬ويريها‪.‬‬
‫(‪ )4‬خصوصية املصادر)‪ :(2‬إن مكتبة األطفال ختدم األطفال من مرحلـة مـا قبـل‬
‫املدرسة إىل نهاية مرحلة الطفولة‪ .‬وهذا يقتضي توفري مصادر معلومات ختـدم‬
‫الطفولة يف خمتلف مراحلها‪ ،‬ومن أبرز أنواع املصادر اليت ينبغي توفريها‪:‬‬
‫أ‪ .‬كتب األطفال اليت تطبع وفق صفات خاصـة‪ ،‬مـن حيـث الصـور وحجـم‬
‫احلرف‪ ،‬وحجم الكتاب‪ ،‬واستخدام فنّيات الطباعة املختلفة‪.‬‬
‫ب‪ .‬جمالت األطفال‪.‬‬
‫جـ‪ .‬املصادر السمعية والبصرية مـن أفـالم وبـرامج فيـديو وشـرائح فيلميـة‪،‬‬
‫وصور ولوحات إيضاحية‪.‬‬
‫أهداف مكتبة األطفال)‪:(2‬‬
‫إن أهداف مكتبة األطفال تسري يف خط مواز ألهداف املكتبة العامـة‪ ،‬فهـي يف‬
‫األصل جزء منها‪ ،‬أو فرع استقل عن أصله‪ .‬ولـذلك تتشـابه أهـدافهما‪ ،‬وإن يكـن‬
‫ملكتبة األطفال بعض اخلصوصية‪ .‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -2‬تعويد الطفل على استثمار أوقات الفراغ استثمارًا إجيابياً‪.‬‬
‫‪ -1‬تنمية ما لدى الطفل من مواهب‪ ،‬وإشباع ما لديه من هوايات ثقافية‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬اخلدمة املكتبية العامة لألطفال‪ ،‬سهري حمفوظ‪ ،‬ص‪ ،67‬ومكتبة الطفـل‪ ،‬د‪.‬حسـن عبدالشـايف‪،‬‬
‫ص‪.15‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املرجع يف علم املكتبات واملعلومات‪ ،‬ص‪ ،42‬اخلدمة املكتبية لألطفال‪ ،‬سهري حمفـوظ‪ ،‬ص‪21‬‬
‫ومكتبة الطفل‪ ،‬د‪ .‬حسن عبدالشايف ص‪.21‬‬
‫‪138‬‬
‫‪ -4‬تنمية املهارات الفكرية واللغوية لـدى األطفـال‪ ،‬كمهـارة القـراءة ومهـارة‬
‫االستماع‪ ،‬ومهارة التفكري‪ ،‬ومهارة التعبري الشفوي والكتابي‪.‬‬
‫‪ -3‬يرس حب الكتاب ومصادر املعلومات املختلفة يف نفوس األطفال‪ ،‬طمعـاً‬
‫يف أن يستمر هذا احلب يف نفوسهم مدى احلياة‪.‬‬
‫‪ -5‬إجياد الوعي املكتيب لدى األطفال وذلـك بتزويـدهم مبعلومـات عـن قيمـة‬
‫املكتبة يف حياة اإلنسان‪ ،‬ومعرفة أقسامها‪ ،‬وأوجه االستفادة منهـا‪ ،‬ومعرفـة‬
‫كيفية استخدامها‪ ،‬ومعرفة نظم الفهرسة والتصنيف‪ ،‬وآداب املكتبة‪.‬‬
‫لقــد ازداد الــوعي لــدى املســؤولني يف الســنوات األخــرية بأهميــة مكتبــات‬
‫األطفال‪ ،‬ولذلك وجدناها تنتشر وتزداد‪ ،‬ووجدنا اخلطط توضـع إلقامـة مكتبـة يف‬
‫كل حديقة من احلدائق العامة املنتشرة يف املدن الكربى‪ ،‬بل وجدنا من املواطنني من‬
‫تربع مببالغ كبرية ختصص إلنشاء مكتبات لألطفال تقدم أرقى اخلدمات املكتبية‪.‬‬
‫إن إنشاء مكتبات األطفال وتقدميها للخدمات املتميّزة هو حق من حقوق األطفال‪،‬‬
‫وما يبذل يف هذا اجملال من املال واجلهد يؤتي مثرات من بعد يف مستقبل الوطن‪.‬‬
‫املكتبات الفرعية‪:‬‬
‫ال يتم احلديث عن املكتبات العامة إال باحلديث عن املكتبات الفرعيـة‪ ،‬وهـي‬
‫فرع من املكتبة العامة يُنشأ لتقديم اخلدمـة املكتبيـة إىل سـكان الضـواحي يف املـدن‬
‫الكربى‪ ،‬حيث يكونون بعيدين من موقع املكتبة العامة‪ ،‬وهذا دليل على أن الثقافـة‬
‫حاجة من حاجات اإلنسان األساسية تقـدمها الدولـة إىل أفـراد اجملتمـع‪ .‬وأهـداف‬
‫املكتبة الفرعية هي أهداف املكتبة العامة)‪.(2‬‬
‫وينبغي التفكري بعناية قبل اإلقدام على فتح فروع للمكتبة‪ .‬صـحيح أن فكـرة‬
‫افتتاح فروع للمكتبة مغرية وجذابة‪ ،‬ولكن ال بد من ضمان تقديم اخلدمـة الثقافيـة‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املكتبات العامة بني التخطيط والتنفيذ‪ ،‬د‪ .‬أمحد أنور عمر‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪139‬‬
‫اجليدة من خالل الفروع‪ ،‬وإال كان وجودها شكلياً ال قيمة له‪.‬‬
‫إن استطالع آراء الطلبة املقيمني يف مناطق متعددة يف عمّان أشار إىل أن كـثرياً‬
‫منهم ال يعلمون بوجود فروع يف مناطقهم‪ .‬ومن كان يعرف فإن شكوى كثري مـنهم‬
‫تدور حول القضايا التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬قلة املصادر اما جيعل القـارىء يـري معـين بـالعودة إىل املكتبـة ألنهـا ال تلـيب‬
‫حاجاته‪.‬‬
‫ب‪ .‬ضعف التأهيل العلمي للعاملني يف كثري من الفروع‪ ،‬اما جيعلهم يـري قـادرين‬
‫على استقطاب أفراد اجملتمع احمللي‪ ،‬وكثري منهم يري مـؤمنني برسـالة املكتبـة‪،‬‬
‫وهذا ينعكس على أدائهم الضعيف يف عملهم‪.‬‬
‫جـ‪ .‬ضعف اإلعالم املكتيب‪ ،‬حيث ال يعلم كثري من أفراد األحياء اليت توجد فيهـا‬
‫الفروع بوجودها‪.‬‬
‫ومن املقرتحات املفيدة يف هذا اجملال‪:‬‬
‫‪ -2‬أن تكون املكتبة الفرعية يف موقع مناسـب تسـتقطب سـكان احلـي واملنطقـة‪.‬‬
‫«فاحلي التجاري للمدينة أو الشارع التجاري للحي هـو املكـان الـذي يـرتدد‬
‫عليه معظم سكان املدينة أو سكان احلي‪ ،‬فلماذا ال نستغل ذهاب األفـراد إىل‬
‫املركز التجاري ملدينتهم أو حليّهم‪ ،‬احيث جيد الفرد أن يف وسعه شراء لوازمه‪،‬‬
‫واستعارة أو إعادة أو تبديل كتبه يف رحلة واحدة بـدالً مـن رحلـتني ملكـانني‬
‫خمتلفني‪ ،‬وإن سهولة الوصول إىل املكتبة ملن أقوى املؤثرات يف تشجيع الكبـار‬
‫على القراءة»)‪.(2‬‬
‫‪ -1‬أن تقيم املكتبة الفرعية عالقات طيبـة مـع املـدارس‪ ،‬وميكـن أن تنشـأ جلـان‬
‫أصدقاء املكتبة‪ ،‬وتـنظم أنشـطة مشـرتكة بـني املكتبـات املدرسـية واملكتبـات‬

‫(‪ )2‬املكتبات العامة بني التخطيط والتنفيذ‪ ،‬د‪.‬أمحد أنور عمر‪ ،‬ص‪.215‬‬
‫‪140‬‬
‫الفرعية‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تنشط املكتبة يف اإلعالم املكـتيب بـاإلعالن عـن وجودهـا وعـن أنشـطتها‬
‫وميكن أن يتم ذلك بوضع لوحـات إعـالن يف املسـجد واملدرسـة والسـوق‪،‬‬
‫لإلعالن عن كل جديد يطرأ على املكتبة‪ ،‬من مصادر معلومات وأنشطة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يتم تزويدها باملصادر املقنعة للرواد‪ ،‬وميكن أن يسهم سكان احلي يف ذلك‬
‫بالتربعات واإلهداءات‪ .‬ولتحقيق ذلك ميكن أن يتم تبادل اجملموعات املكتبية‬
‫بني الفروع‪ ،‬وكذلك مترير بعض املقتنيات املهمة املوجودة يف املكتبة األم)‪.(2‬‬
‫املكتبات املتنقلة‪:‬‬
‫وهي مكتبات حممولة يف سيارة تسعى إىل تعزيـز خدمـة مكتبيـة موجـودة‪ ،‬أو‬
‫إجياد خدمة مكتبية مفقودة‪ ،‬و « سيارات الكتب من وسائل إيصال اخلدمـة املكتبيـة‬
‫املثرية الهتمام اجلماهري يف املناطق اليت متر بها السيارة أو حمطات الوقوف»)‪.(1‬‬
‫وهذه املكتبات دليل آخر على أن الثقافة واملعرفة حـق لإلنسـان‪ ،‬فـإن مـن مل‬
‫يستطيع أن يصل إليها أوصلتها إليه الدولة‪.‬‬
‫ويبدو أن هذا النوع من املكتبات ما يزال ضعيف الوجود يف بالدنا‪ ،‬ورمبا كان‬
‫من أسباب ضعفه زوال العزلة عن املناطق البعيدة باملواصالت امليسرة واالتصاالت‬
‫وخباصة التلفزيون واإلذاعة اللذان سهال وصول الثقافة واملعلومات إىل كل مكان‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن هذه الوسائل ال تلغي وجود املكتبة املتنقلة‪ ،‬وال تغتال فكرتها‪،‬‬
‫ال متقدمة تتبناها وتدعو إىل انتشارها‪ ،‬ومنها السـويد‪ .‬وقـد‬
‫واما يدل على ذل أن دو ً‬
‫عقدت يف عمّان ورشة عمل خاصة باملكتبة املتنقلة يف ‪ ،2779/4/1‬بالتعـاون مـع‬
‫منظمة األمم املتحدة للطفولة (اليونيسيف) وإحدى املؤسسات السويدية)‪.(4‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املكتبات العامة بني التخطيط والتنفيذ‪ ،‬د‪ .‬أمحد أنور عمر‪ ،‬ص‪.225-222‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املصدر السابق‪ :‬ص‪.262‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬جريدة الرأي الصادرة يف ‪.2779/4/1‬‬
‫‪141‬‬
‫وإذا كانت فكرة املكتبة املتنقلة جليلة وسـامية فـإن حتقيـق أهـدافها حيتـاج إىل‬
‫ختطيط سليم‪ ،‬وتنفيذ أمني‪ ،‬حتى ال تتحول إىل خدمة شكلية‪ .‬وهـذا يقتضـي تـوفري‬
‫املتطلبــات املاديــة مــن ســيارة جمهــزة جتهيــزاً خاصـام بــاألدوات الالزمــة ومصــادر‬
‫املعلومات اليت ختدم البيئة اليت تتوجه إليها‪ ،‬وتوفري الكوادر البشرية املدرّبة القـادرة‬
‫على حتقيق اخلدمة املطلوبة وإعداد اخلطة الالزمة بالتعاون مع العناصـر الفاعلـة يف‬
‫البيئة املـراد خـدمتها‪ ،‬سـواء يف ذلـك إدارة املدرسـة أو احلـاكم اإلداري احمللـي أو‬
‫املختار أو الشيخ أو يري ذلك من مراكـز القـوى يف البيئـة‪ .‬كـل ذلـك مـع مراعـاة‬
‫ظروف البيئة وأحوال سكانها)‪ .(2‬فإذا ضمنّا هذه األمور فإن مـن املتوقـع أن حتقـق‬
‫املكتبة أهدافها‪.‬‬
‫وميكن أن تسهم يف تنفيذ فكرة املكتبة املتنقلة عدة جهات منها‪:‬‬
‫‪ -2‬املكتبة العامة يف املدينة‪ ،‬فيمكن أن جتهز سـيارة تطـوف علـى األحيـاء لتعـزز‬
‫اخلدمة املكتبية املقدمة يف املكتبـات الفرعيـة‪ ،‬كمـا ميكـن أن تطـوف بـالقرى‬
‫اجملاورة احملرومة من املكتبات الفرعية‪.‬‬
‫‪ -1‬مديرية ال رتبية والتعليم يف كل منطقة‪ ،‬ويفرتض وجود مكتبة مركزية يف املديريـة‬
‫ميكنها أن تسهم يف رفد املكتبات املدرسية يف مدارس القرى مبصادر املعلومـات‬
‫املختلفة‪ .‬وميكن أن ختصص سيارة أو أكثر لتقديم هذه اخلدمة املفيدة‪.‬‬
‫‪ -4‬املراكز الثقافية أو املؤسسات العلمية‪ ،‬ميكن أن تنشىء مكتبات متنقلة تطـوف‬
‫باملناطق الريفية أو يف أحياء املدن الكبرية‪.‬‬
‫إن من اميزات املكتبة املتنقلة االسـتغالل الكامـل ملصـادر املعلومـات‪ ،‬وذلـك‬
‫بتقديم خدمة ثقافية لعدد كـبري مـن القـراء مـن خـالل عـدد حمـدود مـن مصـادر‬
‫املعلومات)‪ (1‬وإذا كانت مصادر املعلومات يف املكتبات الثابتة تظل مدة طويلة علـى‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املرجع يف علم املكتبات واملعلومات ص‪.11‬‬


‫(‪ )1‬املكتبات العامة بني التخطيط والتنفيذ‪ ،‬د‪ .‬أمحد أنور عمر‪ ،‬ص‪.266‬‬
‫‪142‬‬
‫الرفوف ال تتحرك وال يستفاد منها‪ ،‬فإنها يف املكتبة املتنقلة تسـعى مـن الوقـوف إىل‬
‫أيدي القراء‪.‬‬
‫ولكن ال خيفى أن املكتبة املتنقلة هي حماولة لعالج الـنقص يف تقـديم اخلدمـة‬
‫املكتبية الثابتة‪ ،‬ولذلك فإنه مع كل ما ميكن أن يذكر من اميزات تبقى بعض العيوب‬
‫أو مظاهر القصور يف أدائها‪ ،‬ومنها)‪.(2‬‬
‫‪ .2‬قلة صالتها باجملتمع احمللي ألن املدة املتاحة هلا قليلة‪.‬‬
‫‪ .1‬صعوبة التوفيق بني مواعيد حضورها وأوقات الفراغ لدى اجلمهور‪.‬‬
‫‪ .4‬ما تواجهه السيارة من مشكالت ميكانيكية‪ ،‬واألجهزة واألدوات من خلل‪.‬‬
‫‪ .3‬قلة توافر املكتبيني املـؤهلني القـادرين علـى العمـل يف املكتبـات املتنقلـة‪ ،‬أو‬
‫الرايبني فيها‪.‬‬
‫‪ .5‬ضياع بعض مصادر املعلومات ألن بعض من يستعريها ال يعيدها‪.‬‬
‫ولذلك ال بد من اختاذ األسباب اليت تضمن حتقيق احلد األعلـى مـن اخلدمـة‬
‫املمكنة‪ ،‬وذلك باتباع ما يلي)‪:(1‬‬
‫‪ -2‬اختيار حمطات اخلدمة اليت تضـمن حتقيـق أهـدافها‪ ،‬كاملدرسـة ومقـر احلكـم‬
‫اإلداري وديوان القرية إىل يري ذلك‪.‬‬
‫‪ -1‬إعداد برامج أو جداول زمنية للخدمة يتم تعميمها على حمطات اخلدمة‪.‬‬
‫‪ -4‬اختيار مصادر املعلومات املناسبة ملستوى اجلمهور‪.‬‬
‫‪ -3‬مراعاة أوقات الفراغ لدى سكان املناطق املراد خدمتها‪.‬‬
‫‪ -5‬توفري املوظفني القادرين على العمل يف املكتبة املتنقلة والرايبني فيه‪.‬‬
‫املكتبة املدرسية‪:‬‬
‫هذا النوع من املكتبات قديم‪ ،‬ارتبط وجوده بوجود املؤسسة التعليميـة‪ .‬وجنـد‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املصدر السابق‪ 291 ،‬واساسيات علم املكتبـات للـدكتور عمـر همشـري و د‪.‬راحـي عليـان‬
‫ص‪ ،43‬وللمؤلفني كتاب آخر هو املرجع يف علم املكتبات واملعلومات انظره ص‪.17‬‬
‫(‪ )1‬املكتبات العامة بني التخطيط والتنفيذ‪ ،‬د‪.‬أمحـد أنـور عمـر‪ ،‬ص‪ 271‬وأساسـيات علـم املكتبـات‪،‬‬
‫ص‪ :43-44‬املرجع يف علم املكتبات واملعلومات ص‪.11‬‬
‫‪143‬‬
‫يف تراثنــا العربــي اإلســالمي أن املــدارس الــيت أنشــأها نظــام امللــك الس ـلجوقي‬
‫(ت‪315 :‬هـ) قد رافق إنشاءها مكتبات وفرت للطلبة واملدرسني ما حيتاجون إليـه‬
‫من الكتب ولوازم الكتابة)‪.(2‬‬
‫واملكتبة املدرسية من لوازم املدرسة يف العصر احلديث‪ ،‬فأكثر املدارس تضم يف‬
‫يرفة من يرفها مكتبة ختدم طلبتها ومدرسيها‪.‬‬
‫واما جيب التنبيه يليه أن وجود املكتبة يف املدرسـة لـيس ترفـاً‪ ،‬بـل هـو جـزء‬
‫أساسي من العملية الرتبوية التعليمية‪ .‬وال بد أن ترتافق عمليتا التعليم والتعلم معاً‪،‬‬
‫وأن تنمو عملية التعلّم مع مرور الزمن‪ ،‬وتقدم الطالب يف املراحل الدراسية‪.‬‬
‫إن الوجود الضعيف للمكتبة املدرسـية هـو أثـر مـن آثـار املفـاهيم املغلوطـة‬
‫للعملية التعليمية‪ ،‬اما يؤدي إىل اعتماد الطالب اعتماداً رئيسياً على املعلم والكتـاب‬
‫املدرسي وال خيرج عنهما إال قليالً‪ ،‬اما يضيّع عليه فرصاً كـثرية الكتسـاب املعرفـة‪،‬‬
‫واكتساب مهارات ال تتحقق إال يف املكتبة‪.‬‬
‫والطالب ال يستغين عن املكتبة الستكمال متطلبات املـنهج الدراسـي الـيت ال‬
‫يفــي بهــا الكتــاب وحــده‪ ،‬فالتــدريبات وإعــداد التقــارير‪ ،‬ومراجعــة املعــاجم‬
‫واملوسوعات أمور ال بد لتحقيقها من مراجعة املكتبة‪.‬‬
‫إن املكتبة يف كثري من املدارس جزء شكلي معطل ال يؤدي الوظيفة الـيت أنشـىء‬
‫من أجلها‪ .‬وأهداف املكتبة جليلة سامية حيس املرء باألسى ألن كثرياً منهـا ال يتحقـق‪.‬‬
‫وها حنن نواجه طلبتنا يف اجلامعة فإذا كثري منهم مل يستفد من مكتبة املدرسة إال قليالً‪.‬‬
‫ولقد حتدث الباحثون عن أهداف املكتبة املدرسية فأمجلوا وفصلوا‪ ،‬والنظـر يف‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املكتبات يف اإلسالم‪ ،‬د‪.‬حممد ماهر محادة‪ ،‬ص‪.245‬‬


‫‪144‬‬
‫الواقع التفكري فيه جيعلنا نضع األهداف على النحو التالي)‪:(2‬‬
‫‪ -2‬مساعدة الطالب على اسـتكمال متطلبـات املـنهج الدراسـي‪ ،‬مـن تـدريبات‬
‫وتقارير‪ ،‬ومراجعات ملصادر املعلومات املختلفة‪.‬‬
‫‪ -1‬توفري مصادر معلومات تعني الطلبة على اكتساب الثقافة يف خمتلف جماالت املعرفة‪.‬‬
‫‪ -4‬يرس حب املطالعة يف نفوس الطلبة‪ ،‬واعتبارها قيمة من قيم احلياة املهمة‪.‬‬
‫‪ -3‬تنمية حب الكتاب يف نفوس الطلبة‪ ،‬وإحاطته بالتكريم واالحرتام‪ ،‬وكم كـان‬
‫مؤملاً ما كنا نشاهده يف ساحات املدارس يف نهاية كل فصل دراسي من متزيـق‬
‫للكتب‪ ،‬وذلك قبل أن تبادر وزارة الرتبية إىل إصداراألمر جبمـع الكتـب مـن‬
‫الطلبة يف نهاية كل فصل‪ .‬وهذه الظاهرة تدل علـى فقـدان كـثري مـن الطلبـة‬
‫حلب الكتاب وإدراك قيمته‪ ،‬بل إنها تدل على روح عدوانية جتاه الكتاب!‬
‫‪ -5‬إجياد الوعي املكتيب لدى الطلبة‪ ،‬ونعين بذلك أن يدرك الطالـب قيمـة املكتبـة يف‬
‫حياة اإلنسان‪ ،‬وأن يعرف أقسامها‪ ،‬وأوجه اإلفـادة منهـا‪ ،‬وأن ميتلـك املهـارات‬
‫املكتبية من تعامل مع الفهارس ونظام التصنيف‪ ،‬وما يتوافر يف املكتبة من أجهزة‬
‫وأدوات‪ ،‬وأن يتحلى بآداب املكتبة‪ ،‬من اهلدوء والتزام بالتعليمات املتبعة فيها‪.‬‬
‫‪ -6‬تعويد الطلبة على حسن استثمار أوقات الفراغ‪ ،‬فالوقت هو العمـر‪ ،‬وينبغـي‬
‫أن يعتاد الطالب على أال يصرف من عمره شيئاً إال يف اكتساب أمر يفيـده يف‬
‫دينه أو دنياه‪ ،‬والصلة باملكتبة وسيلة من وسائل ذلك‪.‬‬
‫‪ -9‬السعي إىل اكتشاف مواهب الطلبة وتنميتها‪ ،‬يف خمتلف اجملاالت‪ ،‬من مواهـب‬
‫أدبية يف الشـعر والقصـة وكتابـة املسـرحية واملقـال واخلـاطرة‪ ،‬ويف املواهـب‬
‫التشكيلية من خط ورسم ويري ذلك‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مكتبة الطفل‪ ،‬د‪.‬حسن عبدالشايف‪ ،‬ص‪ ،13‬أساسيات علم املكتبات‪ ،‬ص‪ ،31‬املرجـع يف علـم‬
‫املكتبات واملعلومات‪ ،‬ص‪ 41‬وقد ورد استقصاء لألهداف اليت ذكرها كثري من املـؤلفني يف كتـاب‪:‬‬
‫واقع مكتبات املدارس الثانوية يف األردن‪ ،‬حملمد سعيد الشيخ علي‪ ،‬ص‪.7-9‬‬
‫‪145‬‬
‫ولكن أين املكتبات املدرسية من هذه األهداف السابقة؟‬
‫لقد استطلعت على مدى عدة سنوات آراء الطلبة يف اجلامعة وهـم مـن بـالد‬
‫عربية خمتلفة‪ ،‬واستطعت الوصول إىل أن واقع املكتبات املدرسية يف خمتلف مراحلها‬
‫يف أكثر البالد العربية متشابه أو متقارب! وخلصت إىل حصـر السـلبيات التاليـة يف‬
‫املكتبات املدرسية‪:‬‬
‫‪ .2‬هناك مدارس ليس فيها مكتبات‪ ،‬وال أريد أن أضع نسبة مئوية هلذه املـدارس‪،‬‬
‫واملرجع يف هذا الدراسات العلمية امليدانية)‪ ،(2‬وإن تعليمات وأنظمة وزارات‬
‫الرتبية والتعليم تقضي بوجوب وجود مكتبـة يف كـل مدرسـة‪ ،‬ولكـنّ هنـاك‬
‫نقصاً يف املتابعة وتطبيق هذا األمر‪.‬‬
‫وإن من املؤسف أن نقرتب من نهاية القرن العشرين‪ ،‬وبعض مدارسنا تفتقـد‬
‫املكتبة‪ ،‬والعامل من حولنا يدخل عامل شبكات املعلومات‪.‬‬
‫‪ .1‬املكتبــة املدرســية موجــودة يف كــثري مــن املــدارس‪ ،‬ولكنهــا ال تــؤدي الــدور‬
‫املطلوب‪ ،‬ومن أسباب ذلك‪ :‬ضعف مصادر املعلومات املوجودة فيها‪ ،‬وعـدم‬
‫تنوعها‪ ،‬وضعف امليزانية املرصودة هلا‪ .‬إن من املهم حلل هـذه املشـكلة النظـر‬
‫إىل املكتبة على أنها جـزء مهـم وحيـوي يف املكتبـة يسـتحق االلتفـات إليـه‪،‬‬
‫وتنميته وتزويده‪.‬‬
‫‪ .4‬افتقاد أمني املكتبة املؤهل علمياً‪ ،‬واملؤمن برسالة املكتبة‪ ،‬وإن اشرتاط التأهيـل‬
‫املكتيب يف أمني املكتبة أمر يري الزم يف مدارسنا‪ ،‬وكثري من أمناء املكتبات مـن‬
‫املدرسني الذين طالت خدمتهم‪ ،‬وتقدمت سـنهم‪ ،‬أو كثـرت مشـكالتهم‪ ،‬أو‬
‫ليس لتخصصهم اجلدول املدرسي ما يكفي للحصول على النصـاب املقـرر‪.‬‬
‫فكيف ميكن أن يؤدي مثل هؤالء املدرسني رسـالة املكتبـة؟ إن مـن املهـم أن‬
‫يشرتط يف من يعمل يف املكتبة أم يكون مؤهالً تأهيالً حقيقياً‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬واقع مكتبات املدارس الثانوية يف األردن‪ ،‬حممد سعيد الشيخ علي حيث اسـتعرض دراسـات‬
‫من خمتلف البالد العربية لواقع املكتبات املدرسية‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫‪ .3‬افتقاد حصة خمصصة للمكتبة‪ ،‬وهـذا يعـين حرمـان الطلبـة مـن الوصـول إىل‬
‫املكتبة إال يف أضيق احلـدود‪ ،‬ولنـا أن نسـأل‪ :‬متـى ميكـن أن ينتفـع الطالـب‬
‫باملكتبة وهم يدخلون املدرسة يف الصباح‪ ،‬وينتقلون من حصة إىل أخرى‪ ،‬ثـم‬
‫إذا يادروا املدرسة كانت املكتبة قد أيلقـت أبوابهـا؟ إن مـن املهـم جـداً أن‬
‫ختصص للمكتبة حصة‪ ،‬ويوضع هلا منهج وأهداف يُسـعى إىل حتقيقهـا‪ .‬وقـد‬
‫أفاد بعض الطلبة أن بعض الـبالد العربيـة ختصـص للمكتبـة حصـة‪ ،‬وأنهـم‬
‫استفادوا منها فائدة حقيقة‪ ،‬وأفاد بعضهم أنهـا كانـت حصـة شـكلية ال يـتم‬
‫التخطيط هلا‪ ،‬ويرتك الطالب مع مصادر املعلومات من يري توجيه‪ .‬ومثل هذا‬
‫األمر راجع إىل أمانة من يوكل إليه أمر حصة املكتبة‪ ،‬كشأن أي حصة أخرى‪.‬‬
‫‪ .5‬قد تتوافر املكتبة اجليدة‪ ،‬وأمني املكتبة‪ ،‬واحلصة املكتبية‪ ،‬ولكن ال حتقق املكتبـة‬
‫املدرسية أهدافها‪ ،‬الفتقـاد الـوعي املكـتيب لـدى مـدير املدرسـة واملدرسـني‪،‬‬
‫ولذلك حتوّل حصة املكتبة إىل حصة تقويـة يف بعـض املـواد الدراسـية‪ ،‬أو ال‬
‫يلفت املدرسون نظر الطلبة إىل املكتبة ومصادرها‪ ،‬وال يكلفونهم بالواجبـات‬
‫اليت تصلهم بها‪ ،‬ويف املقابل جنـد أن الـوعي املكـتيب يـربط الطلبـة باملكتبـات‬
‫املوجودة يف البيئة وليس مبكتبة املدرسة وحدها‪.‬‬
‫املكتبة اجلامعية‪:‬‬
‫وميكن أن تسمى مكتبة التعليم العالي‪ ،‬أو املكتبة األكادمييـة‪ ،‬وهـي نـوع مـن‬
‫أنواع املكتبات التعليمية كاملكتبة املدرسية‪ ،‬وإن تكن خمتلفـة يف أهـدافها ووسـائلها‬
‫الختالف طبيعة املرحلة التعليمية اليت ختدمها‪.‬‬
‫«وحتتل املكتبة اجلامعية موقع القلب من اجلامعة‪ ،‬ذلـك ألنهـا تسـهم إسـهاماً‬
‫إجيابياً يف حتقيق أهداف اجلامعة يف التدريس والبحث‪ ،‬بل تعتـرب املكتبـات اجلامعيـة‬
‫أحــد املقومــات األساســية يف تقيــيم اجلامعــات العصــرية‪ .‬واالعــرتاف بهــا علــى‬
‫املستويات األكادميية الوطنية والدولية»)‪.(2‬‬

‫(‪ )2‬املكتبات اجلامعية‪ ،‬د‪.‬أمحد بدر‪ ،‬د‪.‬حممد فتحي عبداهلادي‪ ،‬ص‪.7‬‬


‫‪147‬‬
‫وإذا كنا رأينا للمكتبة املدرسية أقساماً‪ ،‬من مركزية ومكتبة صفّ ومكتبة مـادة‬
‫فإن للمكتبة اجلامعية أقساماً كذلك‪ ،‬وخباصة عندما يكرب حجـم املؤسسـة اجلامعيـة‬
‫وتتباعد مبانيها‪ ،‬ويزداد عد طالبها وأساتذتها‪ ،‬فإذا كان حجمهـا حمـدوداً‪ ،‬وطلبتهـا‬
‫قليلي العدد‪ ،‬مل تكن هلا حاجـة إىل اسـتحداث أقسـام للمكتبـة‪ ،‬وإليـك بيـان هـذه‬
‫األقسام)‪:(2‬‬
‫‪ -2‬املكتبة املركزيـة‪ :‬وهي املكتبة األم يف اجلامعة‪ ،‬وفيها الكم األكرب مـن مصـادر‬
‫املعلومات واخلدمات املكتبية‪.‬‬
‫‪ -1‬مكتبة الكلية‪ :‬وهي املكتبة اليت ختدم التخصصـات املوجـودة يف كليـة حمـددة‪،‬‬
‫ومن فوائدها أنها تتيح للطلبة اجملال الستثمار أوقات الفراغ بني احملاضـرات‪،‬‬
‫فإذا مل تكن يف الكلية مكتبة ثقلـت همـتهم عـن التوجـه إىل املكتبـة املركزيـة‬
‫لبعدها‪ ،‬وللوقت الذي سيقضونه يف التوجه إليها والعودة منها‪ ،‬ومن فوائدها‬
‫كذلك أنها ختفف الزحام يف املكتبة املركزية اليت قد ال تستطيع استيعاب طلبة‬
‫املؤسسة يف حال إقباهلم عليها)‪.(1‬‬
‫‪ -4‬مكتبة القسـم‪ :‬وتهدف هذه املكتبة إىل خدمة قسم معني‪ ،‬ويالباً مـا توضـع يف‬
‫قاعة اجتماعات القسـم – إن وجـدت – ويشـرف عليهـا أمـني سـر القسـم‬
‫(السكرتري)‪ ،‬واهلدف منهـا هـو وضـع املراجـع األساسـية الـيت حيتـاج إليهـا‬
‫األساتذة قريبة من أيديهم)‪.(4‬‬
‫أهداف املكتبة اجلامعية‪:‬‬
‫املكتبة ركن أساسي من أركان مؤسسـة التعلـيم العـالي‪ ،‬ووسـيلة مهمـة مـن‬
‫وسائل حتقيق أهدافها‪ ،‬وميكن أن حندد هذه األهداف فيما يلي‪:‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أساسيات علم املكتبات‪ ،‬د‪.‬عمر همشري‪ ،‬د‪.‬راحي عليان‪ ،‬ص‪.31‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املكتبات اجلامعية‪ ،‬د‪.‬أمحد بدر‪ ،‬د‪ .‬حممد فتحي عبداهلادي‪ ،‬ص‪.242‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬املكتبات اجلامعية‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪148‬‬
‫‪ .2‬هدف التعليم‪:‬‬
‫وهو هدف رئيسي من أهداف مؤسسة التعلـيم العـالي‪ ،‬ولتحقيقـه ال بـد أن‬
‫توفر املكتبة مصادر املعلومـات الـيت تتصـف بالشـمول‪ ،‬لتغطـي احتياجـات‬
‫العملية التعليمية لألساتذة والطلبة‪ .‬واجلـدّة‪ ،‬وهـذه صـفة ال بـد منهـا حتـى‬
‫تكون املعلومات اليت يتلقاها الطالب حديثة‪ ،‬وخباصة يف التخصصات الناميـة‬
‫اليت جيدُّ فيها جديد يف كل يوم كاحلاسوب واحملاسبة والتخصصات الطبية وما‬
‫يتصل بها‪ .‬وقد يكون هذا األمر مكلفاً‪ ،‬ولكـن القيمـة املاديـة تتضـاءل أمـام‬
‫الفائدة اليت حتقق للطلبة واملدرسني حتى ال يكون ما يأخذه الطالب جزءاً من‬
‫تاريخ العلم!‬
‫‪ .1‬هدف البحث‪:‬‬
‫البحث جزء أساسـي مـن وظـائف اجلامعـة‪ ،‬وذلـك ألن األسـاتذة يقومـون‬
‫بأاحاثهم اليت يثرون بها املعرفة اإلنسانية‪ ،‬وتكون وسيلة هلم للرتقي يف السـلّم‬
‫األكادميي‪ .‬وكذلك البحث جزء من العملية التعليمية مبا يقوم به طلبة املرحلة‬
‫اجلامعية األوىل من تقارير البحوث‪ ،‬وطلبة الدراسـات العليـا –إن وجـدت‪-‬‬
‫من إعداد لرسائل املاجستري والدكتوراه‪ .‬وليحقق هذا اهلدف ال بد من تـوفري‬
‫جمموعة من اخلدمات‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫اخلدمــة املرجعيــة املتميــزة‪ :‬ومــن ألوانهــا اإلجابــة عــن أســئلة البــاحثني يف‬
‫موضوعات حمددة‪ ،‬بإعداد قوائم باملصادر اليت ختدمهم يف احوثهم)‪.(2‬‬
‫ومنها خدمة البث التلقائي بعـد استكشـاف ختصصـات األسـاتذة وجمـاالت‬
‫اهتمامهم‪ ،‬وهذه اخلدمة تتم عند حوسبة املكتبة)‪.(1‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املكتبات اجلامعية‪ ،‬د‪.‬أمحد بدر‪ ،‬د‪.‬حممد فتحي عبداهلادي‪ ،‬ص‪.116‬‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املرجع السابق ص‪.117‬‬
‫‪149‬‬
‫‪ .4‬خدمة اجملتمع‪:‬‬
‫ومن األهداف اليت ينبغي أن تسعى إىل حتقيقها املكتبة اجلامعة أن تتـيح اجملـال‬
‫للمجتمع احمللـي لالسـتفادة مـن خـدماتها وحمتوياتهـا‪ .‬ومـن تطبيقـات هـذا‬
‫اهلدف‪ :‬إتاحة اجملال لالشرتاك يف املكتبة بضوابط خاصة‪ ،‬ومن املكتبـات الـيت‬
‫تتيح هذا اجملال مكتبة اجلامعة األردنية الـيت تفـرض اشـرتاكاً سـنوياً مقـداره‬
‫عشرة دنانري ورسم تأمني مسرتد مقداره مخسون ديناراً)‪ .(2‬ومن أوجـه خدمـة‬
‫اجملتمع إقامة دورات للعاملني يف املكتبات املوجـودة يف اجملتمـع احمللـي‪ :‬أمنـاء‬
‫مكتبات املدارس‪ ،‬أو الشركات‪ .‬إلطالعهم على اجلديد يف اخلدمات املكتبية‪.‬‬
‫ويفرتض يف املكتبة اجلامعية أن تكـون رائـدة يف مصـادرها‪ ،‬وخـدماتها‪ ،‬وأن‬
‫تواكب كل جديد يف جمال اخلدمات املكتبية املتطورة‪.‬‬
‫وال بد من اإلشـارة أخـرياً إىل أن مـن املهـم أن تسـعى املكتبـة اجلامعيـة إىل‬
‫استقطاب مجهورها‪ ،‬واالهتمام باإلعالم املكـتيب‪ ،‬مـن خـالل النشـرات الـيت‬
‫توجه إىل األسـاتذة واملـوظفني‪ ،‬وبوضـع لوحـات إعالنيـة يف خمتلـف مبـاني‬
‫املؤسسة التعليمية‪ ،‬إلطالع اجلمهور على كل جديد عن مصادر املعلومات أو‬
‫اخلدمات‪« .‬ومهما تكن عليه اجلامعة من أوضاع‪ ،‬فالقاعـدة السـارية هـي أن‬
‫تشغل املكتبة قلب املدينة اجلامعية‪ ،‬وحتلّ يف أحسن مركـز‪ ،‬ومـن ثـمّ تتحلـق‬
‫حوهلا فروع الدروس املختلفة‪ ،‬والكليات التمهيدية واملختـربات‪ ،‬والفصـائل‬
‫اجلامعية»)‪.(1‬‬
‫املكتبة اخلاصة‪:‬‬
‫هي املكتبة اليت ينشئها الفرد يف بيتـه أو مكتبـه خلدمـة ختصصـه أو هوايتـه أو‬
‫موهبته أو حاجاته اخلاصة‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬دليل مكتبة اجلامعة األردنية‪ ،2775/2325 ،‬ص‪.45‬‬


‫(‪ )1‬املكتبات العامة‪ ،‬أندرسون‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫‪150‬‬
‫أهداف إنشائها‪:‬‬
‫إن إنشاء مكتبة خاصـة ال بـد أن يـرتبط احاجـات معينـة‪ ،‬ويسـعى إىل حتقيـق‬
‫أهداف حمددة‪ .‬وميكن أن جنمل هذه األهداف فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .2‬خدمة التخصص العلمي‪:‬‬
‫يغلب أن يكون التخصص العلمي للفرد هو احلافز األول إلنشاء مكتبة خاصة‪.‬‬
‫أل ن مصادر التخصص اليت ختدم موادّه املختلفة تكون بدايات املكتبـة اخلاصـة‪.‬‬
‫والطالب اجلاد أو املتعلم احلقيقي هـو الـذي حيـرص علـى أن يكـون لـه دوام‬
‫اتصال مبصادر املعلومات يف ختصصه لكي تظل معلوماته حديثـه وناميـة‪ .‬ولـذا‬
‫فإنه يستمر يف التزود بكل جديد يف جمال التخصص اما يثري مكتبته اخلاصة‪.‬‬
‫‪ .1‬خدمة جمال العمل‪:‬‬
‫وخباصة إذا كان بعيداً عن جمال التخصص‪ ،‬وإنه يكثـر أن جنـد مـن يعمـل يف‬
‫جمال يري جمال دراسته‪ ،‬فقد يكون حمامياً ويعمل يف التجارة‪ ،‬أو مهندساً يعمل‬
‫يف الزراعة ‪ ..‬إىل يري ذلك‪ ،‬وهذا يقتضي منه أن يقرأ يف جمال العمـل اجلديـد‬
‫ليكون على بينة منه‪ ،‬ولكي ال يقع يف جمال اخلـربة املبنيـة علـى جتربـة اخلطـأ‬
‫والصواب‪ .‬وقد ال يكون العمل كلياً بل جزئياً‪ ،‬مبعنـى أن يكـون للطبيـب أو‬
‫احملامي أو يريهما جمال عمـل إضـايف‪ ،‬يقتضـي االطـالع العلمـي عليـه‪ ،‬امـا‬
‫يستدعي وجود مصادر معلومة خاصة به يف مكتبته‪.‬‬
‫‪ .4‬خدمة املوهبة‪:‬‬
‫واملوهبة هي قدرة علـى إبـداع لـون مـن ألـوان الفـن القـولي أو التشـكيلي‪ ،‬أو‬
‫يريهما‪ .‬وهي هبة ربانية‪ ،‬لكنهـا ال تكتمـل إال بالصـقل النـاتج عـن املمارسـة‪،‬‬
‫والتغذية املبنية على االطالع على جتارب اآلخرين‪ .‬وهذا يقتضي ختصيص جـزء‬
‫من املكتبة خلدمة املوهبة‪ :‬شعراً أو قصة أو مسرحاً أو رمساً‪ ،‬أو يري ذلك‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫‪ .3‬خدمة اهلواية‪:‬‬
‫واهلواية هي ميل إىل لون من ألوان الفكر أو الفـن أو أي جمـال مـن جمـاالت‬
‫احلياة‪ .‬واملقصود هنا هو اهلوايات الفكرية أو األدبية أو الفنية‪ .‬فمن الناس من‬
‫يهوى مطالعة الشعر أو القصة أو كتب التاريخ‪ ،‬أو كتب الفن أو يـري ذلـك‪.‬‬
‫وهذا يقتضي أن يكون يف املكتبة اخلاصة ما يليب حاجة اهلواية‪.‬‬
‫‪ .5‬خدمة الثقافة‪:‬‬
‫واملقصود بالثقافة هنا الريبة يف معرفة شيء عن كل شيء‪ .‬وعصرنا يثري هـذه‬
‫النزعة لدى اإلنسان‪ ،‬فقد يسـمع أو يقـرأ عـن شـخص أو مكـان أو فكـرة‪،‬‬
‫وحيب أن يعرف املزيد‪ ،‬فينبغي أن يكون بني يديه مصادر معلومات تليب هـذه‬
‫احلاجة‪ ،‬وأبرز هذه املصادر املوسوعات العامة‪.‬‬
‫‪ .6‬خدمة احلاجة الدينية‪:‬‬
‫الدين أساس من أسس احلياة البشرية‪ ،‬وال يستغين املرء عن االطالع على مـا‬
‫ينبغي أن يعرفه من أمور دينه‪ .‬فال يسـتغين املسـلم عـن أن يكـون يف مكتبتـه‬
‫اخلاصة مصحف‪ ،‬وكتاب يف التفسري‪ ،‬وكتـاب يف احلـديث‪ ،‬وكتـب يف الفقـه‬
‫والسرية ‪ ..‬وهكذا ‪ ..‬حتى يستطيع حتصيل املعلومات األساسية اليت ينبغي أن‬
‫يعرفها‪ ،‬وجيد اجلواب عما يطرأ له من أمور‪.‬‬
‫وال بد من اإلشارة إىل أن املكتبة اخلاصة ليسـت كتبـاً وجمـالت فحسـب بـل‬
‫هناك املكتبة السمعية‪ :‬األشرطة‪ ،‬والسمعية البصرية‪ :‬أشرطة الفيـديو‪ ،‬وهنـاك‬
‫املكتبة احلاسوبية اليت أخذت يف النمو‪ ،‬واليت سيكون هلا يف وقت قريب أثر يف‬
‫تعديل صورة املكتبة اخلاصة‪ ،‬واختصار املكان واجلهد املبذول يف الوصول إىل‬
‫املعلومة املطلوبة‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫األكفّاء)‪ (1‬واخلدمة املكتبية‪:‬‬
‫أحببت أال أختم احلديث عن املكتبات يف العصر احلديث من يري وقوف على‬
‫قضية األكفّاء واخلدمة املكتبية‪ ،‬ذلك أنه ال ينبغي أن حيرم هؤالء الذي ابتُلوا بفقدان‬
‫البصر من اخلدمة املكتبية اجليّدة اليت تضمن هلم اتصاالً مبصادر املعلومات‪ ،‬وخباصة‬
‫أننا يف عصر تقدمت فيه الوسائل اليت متكنهم من اإلفادة من مصادر املكتبة‪.‬‬
‫واما نلحظه أن اخلدمة املكتبية تقدم لألكفّـاء يف املـدارس املخصصـة هلـم –إن‬
‫وجدت‪ -‬ويف مراكز النور واألمل أو اجلمعيات اليت تعنى بهم‪ ،‬وقد خطـت مكتبـة‬
‫اجلامعة األردنية بالتعاون مع «مجعية رعايـة املكفـوفني» بتخصـيص خدمـة خاصـة‬
‫لألكفّاء متكنهم من االستفادة من مصادر املعلومات فيها‪.‬‬
‫إن احلاسوب اليت تصنع مفاتيحه وفـق رمـوز بريـل ميكـن أن يكـون مـدخالً‬
‫للكفيف إىل مصادر املعلومات‪ ،‬وخصوصاً مع وجود الـربامج احلاسـوبية الناطقـة‪،‬‬
‫كما أن باإلمكان اإلفادة من احلاسوب بربطه بآلة طابعة على طريقـة بريـل‪ ،‬احيـث‬
‫يطلب الكفيف ما يشاء من مصادر املعلومات‪ ،‬وتأتيه مكتوبة بالطريقـة الـيت حيسـن‬
‫التعامل معها‪.‬‬
‫إن من حق الكفيف أن جيد اخلدمة املكتبية املناسـبة يف أنـواع املكتبـات كلـها‪:‬‬
‫الوطنية‪ ،‬واملدرسية‪ ،‬والعامة‪ ،‬ومكتبات األطفال‪ ،‬واجلامعية ‪ ..‬وحقه يف ذلك لـيس‬
‫أقل من حق املبصرين ‪..‬‬

‫(‪ )2‬أكفّاء‪ :‬مجع كفيف‪ .‬ومكفوف جتمع مكافيف‪ .‬راجع املعجم الوسيط‪ :‬كفّ‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫املصادر واملراجع‬
‫‪ -2‬أساسيات علم املكتبـات والتوثيـق واملعلومـات‪ ،‬د‪.‬عمـر أمحـد همشـري‪،‬‬
‫د‪.‬راحي عليان‪ ،‬عمّان‪2771 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬اخلدمة املكتبية العامة لألطفال‪ ،‬سهري حمفوظ‪ ،‬وكالة املطبوعـات‪ ،‬الكويـت‬
‫‪2314‬هـ ‪.2714 /‬‬
‫‪ -4‬دليل مكتبة اجلامعة األردنية‪2325 .‬هـ ‪2775 /‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬الكتاب واملكتبات‪ ،‬منصور حممد سرحان‪ ،‬وزارة اإلعالم‪ ،‬البحرين‪2714 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬املرجع يف علـم املكتبـات واملعلومـات‪ ،‬د‪.‬عمـر أمحـد همشـري‪ ،‬د‪.‬راحـي‬
‫عليان‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬عمّان‪2779 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬املكتبات اجلامعية‪ ،‬د‪.‬أمحد بدر‪ ،‬د‪.‬حممد فتحي عبـداهلادي‪ ،‬مكتبـة يريـب‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ -9‬مكتبة الطفل‪ ،‬د‪.‬حسن حممد عبدالشايف‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬القـاهرة‪ ،‬دار‬
‫الكتاب اللبناني‪ ،‬بريوت‪2324 ،‬هـ‪2774/‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬املكتبات العامة بني التخطيط والتنفيـذ‪ ،‬د‪ .‬أمحـد أنـور عمـر‪ ،‬دار النهضـة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪2714 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬املكتبات الوطنيـة‪ ،‬د‪.‬عبـدالعزيز النهـاري‪ ،‬مطبوعـات مكتبـة امللـك فهـد‬
‫الوطنية‪ ،‬السلسلة الثانية (‪ )27‬الرياض ‪2323‬هـ‪2773/‬م‪.‬‬
‫‪ -21‬واقع مكتبـات املـدارس الثانويـة يف األردن‪ ،‬حممـد سـعيد الشـيخ علـي‪،‬‬
‫منشورات مجعية املكتبات األردنية‪2717 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -22‬جريدة الرأي‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫مصادر املعلومات يف املكتبة‬


‫د‪.‬مأمون فريز جرار‬

‫‪155‬‬
‫مصادر املعلومات يف املكتبة‬
‫حترص املكتبة على خدمة مجهورها بكل سبيل متاح‪ .‬فهي ختدم من يقبل على‬
‫املكتبة ليقضي فيها وقتاً يطول أو يقصر‪ ،‬وتفتح له رفوفها سواء منهـا مـا كـان مـن‬
‫املراجع أو من الكتـب املتاحـة لإلعـارة‪ ،‬وختـدم مـن ال جيـد الوقـت للجلـوس يف‬
‫املكتبة‪ ،‬فتتيح له جمال االشرتاك –إن توافرت فيه شروطه‪ -‬وتيسر له احلصول علـى‬
‫ما يريد اما هو متاح يف قسم اإلعارة‪.‬‬
‫وهذا يعين أن مصادر املعلومات اليت ترد إىل املكتبة تذهب يف إحدى سـبيلني‪،‬‬
‫إما إىل قسم اإلعارة‪ ،‬وما يف هـذا القسـم متـاح السـتعارة املشـرتكني‪ ،‬أو إىل قسـم‬
‫املراجع‪ ،‬وهو ما ال ميكن خروجه من املكتبة إال بشروط خاصة جداً‪.‬‬
‫إن املكتبة حتجز يف قسم املراجع تلك املصادر اليت تتصف بالصفات التاليـة أو‬
‫بعضها‪:‬‬
‫‪ -2‬املراجع اليت ال ميكن تعويضها إن فقدت‪ :‬ومنها الدوريات والكتـب السـنوية‬
‫واحلوليات واألدلة والتقاويم والبيبليويرافيات والكشافات‪.‬‬
‫‪ -1‬الكتب املتعددة األجزاء اليت تفقد قيمتها إن فقد جزء منها‪.‬‬
‫‪ -4‬الكتب الشاملة يف بابها اليت تكثر احلاجة إليها ومن الضروري أن تظل حتت أيدي‬
‫مجهور املكتبة‪ ،‬ومنها الكتب األمهات يف خمتلف العلوم‪ ،‬واملعاجم‪ ،‬واملوسوعات‪.‬‬
‫‪ -3‬الكتب النادرة اليت نفدت طبعتها ومرت عليها ستون سنة‪ ،‬اما جيعل هلـا قيمـة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫‪ -5‬الكتب الثمينة اليت ليس من امليسر للمكتبة أن تعوضها إن فقدت‪.‬‬
‫‪ -6‬املخطوطات‪ ،‬وخباصة ما كان منها قديم العهد‪.‬‬
‫‪ -9‬الرسائل اجلامعية‪.‬‬
‫‪ -1‬مطبوعات املنظمات الدولية كاألمم املتحدة والوكـاالت املتفرعـة عنهـا‪ ،‬مـن‬

‫‪156‬‬
‫اليونسكو واليونيسيف والفاو ويريها)‪.(2‬‬
‫إن مفهوم املرجع لدى املكتبيني هو ذلك املصدر الـذي ال يُقـرأ مـن أولـه إىل‬
‫آخره دفعة واحدة‪ ،‬بل يُرجع إليه من حني إىل آخر‪ .‬وقـد ال يصـدق هـذا التعريـف‬
‫على املصادر كلها‪ ،‬ولكن احلكم على الغالب)‪.(1‬‬
‫وإذا كانت بعض القاعات يف املكتبة تعرف بقاعة املراجع‪ ،‬فإن هذه القاعـة ال‬
‫حتوي املراجع كلها‪ ،‬ألن بعض املراجع ذات الطبيعة اخلاصة تفرد يف يرفة أو قسـم‬
‫خاص يف املكتبة‪ ،‬كالدوريات‪ ،‬واملخطوطات‪ ،‬والرسائل اجلامعية‪ ،‬ويريها‪.‬‬
‫وإذا كان من أهداف املكتبة بتخصيص قسـم أو أقسـام للمراجـع املكتبيـة أن‬
‫حتاف على املقتنيات الثمينة أو اليت ال يتيسر تعويضها‪ ،‬فإن من أهـدافها كـذلك أن‬
‫تقدّم خدمة مكتبية يري حمدودة بعدد حمـدود مـن مصـادر املعلومـات‪ .‬فالكتـاب يف‬
‫قاعة املراجع تتداوله أيدي رواد املكتبة أكثر من تلك الكتب اليت تستعار‪ ،‬وحيجزها‬
‫املستعريون أياماً بل أسابيع‪ ،‬ورمبا ال يستفيدون منهـا‪ ،‬وال يـدعون يريهـم يسـتفيد‬
‫منها!‬
‫أنواع مصادر املعلومات يف املكتبة‪:‬‬
‫تقسم مصادر املعلومات إىل قسمني رئيسني‪:‬‬
‫أ‪ .‬املصادر الكتبية‪ :‬وهي املصادر اليت تأخذ شكل كتاب‪.‬‬
‫ب‪ .‬املصادر غري الكتبية‪ :‬وهي املصادر السمعية والبصرية الـيت ال تأخـذ صـورة‬
‫كتاب‪.‬‬
‫وسنقف على كل قسم من هذين القسمني بشيء من البيان يوضـح للقـارىء‬
‫مفهومه وبعض ما يدل عليه‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مصادر املعلومات يف املكتبات‪ ،‬د‪ .‬أنور عمر‪ ،‬ص‪.31-39‬‬


‫(‪ )1‬املصدر نفسه‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪157‬‬
‫املصادر املكتبية‪:‬‬
‫الكتاب هو املصدر األهم يف تاريخ البشرية‪ ،‬الذي تـداول البشـر املعلومـات مـن‬
‫خالله‪ .‬وقد عانت البشرية عرب رحلة طويلة حتى وصلت إىل الكتـاب يف صـورته الـيت‬
‫تعرفها‪ .‬فقد كتب اإلنسان على الطني‪ ،‬فكان الكتـاب مكونـاً مـن جمموعـة مـن ألـواح‬
‫الطني املشوية‪ ،‬وكتب على الربدي واختذ الربدي يف الغالب صورة الكتـاب اللفافـة‪ ،‬أو‬
‫األسطواني الشكل‪ ،‬وكتـب علـى اجللـود‪ ،‬وباسـتخدام اجللـد بـدأت صـورة الكتـاب‬
‫الكراس بالظهور‪ ،‬ثم كان اخرتاع الورق‪ ،‬ثم انتشاره وحلوله حمل مواد الكتابة املختلفة‪.‬‬
‫يقسم الكتاب إىل‪:‬‬
‫‪ -2‬كتاب مطبوع‪ .‬وهو يقسم إىل‪:‬‬
‫أ‪ .‬مطبوع يري منشور‪ :‬وهو ما طبع بأي وسيلة مـن وسـائل الطباعـة‪ ،‬ولكـن مل‬
‫تتوافر منه نسخ يتداوهلا الرايبون‪ ،‬ومنهـا الرسـائل اجلامعيـة‪ ،‬والتقـارير عـن‬
‫مراكز البحوث والنسخ األصلية من املؤلفات إذا طبعت‪.‬‬
‫ب‪ .‬مطبوع منشور‪ :‬وهو املطبوع الذي توافرت منه النسخ من خالل دار النشر أو‬
‫بطبعه على حساب املؤلف‪ ،‬وكان احلصول عليه ميسراً‪.‬‬
‫‪ -1‬كتاب خمطوط‪ :‬وهو الكتاب الذي كتب خبط اليد‪ ،‬سـواء أكـان هـذا املخطـوط‬
‫قدمي ًا أم حديثاً‪ ،‬وال خيفى أن قيمة املخطوط تزداد كلما ازداد عمره‪.‬‬
‫ولنقف قليالً عند املخطوطات‪ ،‬باعتبارها من املراجـع املهمـة يف املكتبـة‪ ،‬الـيت‬
‫جتد عناية خاصة‪.‬‬
‫املخطوطات)‪:(1‬‬
‫هي الكتب أو الوثائق أو مصادر املعلومات املكتوبة خبط اليد‪ .‬وهذا املصطلح‬

‫(‪ )2‬انظر يف املخطوطات وحتقيقها‪ :‬البحث األدبي للدكتور شوقي ضـيف‪ ،‬ص‪ 296‬مـا بعـدها‪ ،‬قواعـد‬
‫حتقيق املخطوطات‪ ،‬د‪ .‬صالح الدين املنجد‪ ،‬حتقيق النصوص ونشرها‪ ،‬عبدالسـالم هـارون‪ ،‬مـنهج‬
‫البحث وحتقيق النصوص‪ ،‬د‪.‬حييى اجلبوري‪ ،‬ص‪ 219‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫فيما أرى حادث بعد اخرتاع الطباعة‪ .‬وإال فمصـادر املعلومـات كلـها كانـت قبـل‬
‫الطباعة خمطوطة‪ ،‬يكتبها املؤلفون بأيـديهم ثـم تتـداوهلا أيـدي النسـاخ يف دكـاكني‬
‫الورّاقني‪.‬‬
‫قيدة املخطوطات‪:‬‬
‫لقيت املخطوطات يف زماننا عناية فائقة من أهل العلم ومن املكتبيني‪ .‬وتـزداد‬
‫قيمة املخطوطة إذا كانت قدمية أو إذا كانت بقلم مؤلفها أو بقلم خطاط شهري‪.‬‬
‫ومن املظاهر الدالة على قيمة املخطوطات‪:‬‬
‫‪ -2‬حفظها يف أمـاكن خاصـة يف املكتبـات يف ظـروف جويّـة مناسـبة‪ :‬حـرارة‬
‫ورطوبة‪ ،‬وذلك لتبقـى سـليمة مـن التلـف‪ .‬ويف كـثري مـن األحيـان مينـع‬
‫اجلمهــور مــن االتصــال املباشــر بهــا‪ ،‬وتــتم االســتفادة منهــا بتصــويرها‬
‫بامليكروفيلم أو أي شكل آخر من أشكال التصوير‪.‬‬
‫‪ -1‬تداوهلا بيعاً وشراءً‪ ،‬وجند بعض املخطوطات تباع بأمثان عالية يف املـزادات‬
‫العاملية‪.‬‬
‫‪ -4‬حتقيقها والعناية بها‪ ،‬ووضعها مطبوعة بني أيدي القراء‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه مظاهر دالة على قيمة املخطوطات فإن هلا أوجهاً خمتلفة من‬
‫القيمة‪ ،‬فليست املخطوطات كلها سواءً‪ ،‬وليست العناية بها لسـبب واحـد‪.‬‬
‫وميكننا أن نرصد األوجه التالية لقيمة املخطوطات‪:‬‬
‫‪ .0‬القيمة العلمية‪:‬‬
‫إذا كانت املخطوطة من كتب العلم اليت يستفاد منها‪ ،‬وما يزال حمتواها ذا قيمة‬
‫علمية‪ ،‬فإن االهتمام بها حتقيقاً ونشراً يرتكز على هذا الوجه‪ .‬ومن ذلك كتب الفقه‬
‫واحلديث والتاريخ ويري ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬القيمة الوثائقية‪:‬‬
‫لبعض املخطوطات وجه آخر يري القيمة العلمية وهو اجلانـب الوثـائقي بـأن‬
‫يكون الكتاب خبط مؤلفه‪ ،‬أو خبط كاتب مشهور‪ ،‬أو عليه تعليقات لعامل من العلماء‬
‫‪159‬‬
‫املتميّزين‪ .‬وما كان من هذا اللون من املخطوطات فإنه ال يفقـد قيمتـه بعـد حتقيـق‬
‫الكتاب ونشره‪.‬‬
‫‪ .4‬القيمة التارخيية‪:‬‬
‫وهلذه القيمة وجهان‪:‬‬
‫أ‪ .‬وجه يتعلق مبحتوى الكتاب وداللته على تطور العلم الذي ينتمي إليه‪.‬‬
‫ب‪ .‬وجه آخر يتعلق باملادة الـيت كتـب عليهـا‪ :‬مـن جلـد أو قرطـاس أو ورق‪،‬‬
‫وكذلك احلرب ونوع اخلط والتجليد‪.‬‬
‫‪ .3‬القيمة اغجمالية أو الفنية‪:‬‬
‫وذلــك بــأن يكــون الكتــاب خبــط خطــاط مشــهور‪ ،‬أو حيتــوي علــى رسـوم‬
‫وزخارف‪ ،‬وهنا ال ينظر إىل احملتوى فحسب بل إىل الشكل‪ ،‬وقد يغلـب الشـكل يف‬
‫رفع قيمة املخطوطة‪.‬‬
‫‪ .5‬القيمة املادية‪:‬‬
‫وهذه القيمة مظهر من مظاهر األوجه السابقة‪ ،‬ولذلك جند من يتـداول شـراء‬
‫املخطوطات مييل إىل هذا الوجه‪ ،‬حيث يعدّ املخطوطة جزءاً من ثروته‪.‬‬
‫حتقيق املخطوطات‪:‬‬
‫قلنا‪ :‬إن من األوجه الدالة على قيمة املخطوطة عناية العلمـاء بهـا وحتقيقهـا‪.‬‬
‫وأريد أن أقدم نبذة عن التحقيق ليكون قارىء الكتاب على بينة منه‪.‬‬
‫التحقيق‪ :‬هو السعي إىل تقديم الكتاب املخطوط على الصـورة الـيت وضـعها‬
‫املؤلف أو قريباً من ذلك‪ ،‬مع خدمات إضافية‪.‬‬
‫ونقول قريباً من ذلك ألنه قد ال يتيسر للمحقق الوصول بالكتاب إىل ما كـان‬
‫عليه على عهد املؤلف‪ ،‬إما لنقص يف بعـض أجزائـه‪ ،‬أو تلـف بعـض صـفحاته أو‬
‫سطوره أو يري ذلك من األسباب‪.‬‬
‫وأما اخلدمات اإلضافية فهي زوائـد يضـيفها احملقـق يف املقدمـة ويف هـوامش‬

‫‪160‬‬
‫الكتاب ويف مالحقه‪ ،‬ولنا حديث عنها من بعد‪.‬‬
‫خطوات حتقيق املخطوط‪:‬‬
‫‪ -2‬السعي إىل احلصول على صور من النسخ املخطوطة أو أصوهلا – إن تيسر‪-‬‬
‫وذلك بالرجوع إىل الكتب اخلاصة بفهارس املخطوطـات أو تـاريخ األدب‬
‫العربي لكارل بروكلمان‪ ،‬أو تاريخ الرتاث العربي لفؤاد سيزكني‪ .‬ويف هـذه‬
‫الكتب جند بياناً مبواقع وجود املخطوطات وأرقامها‪ .‬وتتم مراسلة املكتبات‬
‫واملتاحف واجلهات اليت متلك املخطوطات‪ ،‬ويُدفع مثـن التصـوير وأجـور‬
‫الربيد‪ .‬وبعض املكتبات تشرتط املبادلة يف املخطوطات‪.‬‬
‫‪ -1‬تصنيف املخطوطات اليت جتتمع لدى احملقق وفق عدد من الشـروط‪ ،‬منهـا‪:‬‬
‫ِقدَم املخطوطة‪ ،‬ومتامها‪ ،‬ووضوح خطها ويتم اختيـار نسـخة تُعـدّ النسـخة‬
‫األم‪ ،‬وتعتمد يف التحقيق يف أصل الكتاب‪ ،‬وتقارن بها النسخ األخرى الـيت‬
‫تعتمد يف التحقيق‪.‬‬
‫‪ -4‬نسخ املخطوطة األم مع ترك فراغ يف اهلامش إلجراء املقارنة وإثبات خدمـة‬
‫اهلوامش‪.‬‬
‫‪ -3‬املوازنة بـني النسـخة املعتمـدة (األم) والنسـخ األخـرى وإثبـات ذلـك يف‬
‫هوامش الصفحات‪ ،‬وتقديم خدمات اهلوامش ومنها‪ :‬بيان مواضع اآليـات‬
‫يف القرآن الكريم‪ ،‬وختريج األحاديث النبوية‪ ،‬ونسبة أبيات الشعر إىل قائليها‬
‫وبيان مواضعها يف الدواوين واجملموعـات الشـعرية‪ ،‬وشـرح املصـطلحات‬
‫والكلمات الغريبة‪ ،‬وكتابة نبذة عن األعـالم واألمـاكن الـيت تـرد يف أصـل‬
‫الكتاب‪ ،‬وتصحيح بعض األخطاء يف املعلومات الواردة يف النص ‪ ..‬ويـري‬
‫ذلك اما يقتضيه مضمون كل خمطوط‪.‬‬
‫‪ -5‬كتابة مقدمة للتحقيق يبني فيها احملقق جهده يف حتقيق الكتاب وخطتـه فيـه‪.‬‬
‫ويسبق ذلك حديث عن املؤلف وكتابه‪ ،‬وبيان قيمة الكتاب الـيت تـدعو إىل‬
‫حتقيقه‪ ،‬مع حديث عن النسخ املعتمدة يف التحقيـق ووصـف هلـا‪ ،‬وأمـاكن‬

‫‪161‬‬
‫وجودها‪ ،‬وختتم املقدمة يف العادة بإثبات صور للصفحات األوىل واألخـرية‬
‫لكل خمطوطة ‪ ..‬ففـي الصـفحة األوىل عنـوان الكتـاب ويف األخـرية اسـم‬
‫الناسخ وسنة النسخ ومكانه‪.‬‬
‫‪ -6‬إعداد املالحق‪ :‬واملالحق ليست من أصل الكتاب املخطوط‪ ،‬بـل هـي مـن‬
‫صنع احملقق‪ ،‬والغاية منها تيسري وصول القارىء إىل ما يريده مـن مضـمون‬
‫الكتاب من يري عناء وال إضاعة لوقت‪ .‬وختتلـف املالحـق مـن كتـاب إىل‬
‫آخر‪ ،‬ألن حمتوى الكتاب هو الذي حيـددها‪ ،‬وامـا تتضـمنه املالحـق إعـداد‬
‫فهارس مبواضع اآليات واألحاديـث واملصـطلحات‪ ،‬واألعـالم واألمـاكن‬
‫واألمثال واحلكم والكتب اليت ورد ذكرها يف النص ‪ ..‬إىل يري ذلك‪ .‬وكلما‬
‫ازداد عدد الفهارس كان مضمون الكتاب واضحاً‪ ،‬وكان الوصول إىل املراد‬
‫منه أيسر‪ .‬واما يرد يف املالحق قائمة مبصادر التحقيق اليت رجع إليها احملقـق‬
‫يف خدمة الكتاب املخطوط‪.‬‬
‫املوسوعات أو دوائر املعارف‪:‬‬
‫من املصادر املهمة اليت توضع يف قائمة املراجع ومينع خروجها ألهميتها وكثرة‬
‫احلاجة إليهـا‪ :‬املوسـوعات أو دوائـر املعـارف‪ .‬وال بـد مـن اإلشـارة إىل أن كلمـة‬
‫موسوعة تستخدم أحياناً على يري معناها الدقيق‪ .‬فالكتاب الكبري أو الذي مييـل إىل‬
‫التنوع يسميه بعض املؤلفني موسوعة‪.‬‬
‫إنين أدعو إىل أن منيّز بني مصطلحني شائعني على أنهما من املرتادفات‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫املوسوعة ودائرة املعارف)‪.(2‬‬
‫فأما املوسوعة فهي الكتاب الذي يعطينا كل شيء عن شيء‪ .‬أو هي ما يعرف‬
‫باملوسوعة املتخصصة‪ .‬فكتاب شامل يف الطب نسميه موسـوعة طبيـة‪ ،‬وكـذلك أي‬

‫(‪ )2‬استخدم املصطلحان مبعنى واحد يف املعجم الوسيط‪ ،‬حيث جاء يف تعريف املوسوعة‪ :‬كتـاب جيمـع‬
‫معلومات يف كل ميادين املعرفة‪ ،‬أو يف ميدان منها‪ ،‬مرتبة ترتيباً أجبدياً (مادة‪:‬وسع)‪ ،‬ومثلـها ورد يف‬
‫تعريف دائرة املعارف يف مادة (دور)‪.‬‬
‫‪162‬‬
‫كتاب يتناول موضوعاً من جوانبه كافة فهو موسوعة‪.‬‬
‫وهذا الفهم يتفق مع االشتقاق اللغوي الذي يعـود إىل الوُسـع أو السـعة‪ ،‬مبـا‬
‫فيها من قدرة على االحتواء والشمول‪.‬‬
‫فاملوسوعة الفلسطينية‪ ،‬موسوعة ألنها تتناول موضوع ًا حمدداً هو فلسطني‪.‬‬
‫وكــذلك املوســوعة الطبيــة أو الفلســفية‪ ،‬أو املوســوعة العلميــة امليســرة‪ ،‬أو‬
‫موسوعة الطيور إىل يري ذلك‪.‬‬
‫وأما دائرة املعارف‪ :‬فهي الكتاب الذي يعطينا شيئاً عن كـل شـيء‪ .‬وإذا كـان‬
‫الشمول من خصائص املوسوعة يف تناوهلا ملوضوع حمدد‪ ،‬فإن التنوع من خصـائص‬
‫دائرة املعارف‪ ،‬وإذا كانت املوسوعة تقع يف نطاق اهتمـام املتخصصـني‪ ،‬فـإن دائـرة‬
‫املعارف الزمة لكل متعلم أو مثقف‪ ،‬فهي أشبه مبستشار ثقايف يرجـع إليـه اإلنسـان‬
‫من حني إ ىل آخر ليجد اجلواب عما يعـرض لـه مـن قضـايا ويثـور بـني يديـه مـن‬
‫مشكالت‪ ،‬حول األشخاص واألماكن واملذاهب والدول ‪ ..‬ويري ذلك‪.‬‬
‫وعلى هـذا فمـا يُعـرف باملوسـوعة الربيطانيـة هـو دائـرة معـارف‪ ،‬وكـذلك‬
‫األمريكية‪ ،‬ومثلها املوسوعة العربية العامليـة الـيت صـدرت يف السـعودية مـؤخراً يف‬
‫ثالثني جملّداً‪.‬‬
‫املعاجم‪:‬‬
‫ومن املصادر املهمة يف قسم املراجع املعاجم‪ .‬واملعجم هو الكتاب الذي يزيـل‬
‫العُجمة أي الغرابة عن اللفظة‪.‬‬
‫وقد تنوعت املعاجم يف لغتنا‪ ،‬وميكن أن جنملها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .2‬معاجم األلفاظ‪:‬‬
‫وهي املعاجم اليت نرجع إليها للبحث عن معنى كلمـة أو ضـبطها أو البحـث‬
‫عن مشتقاتها ‪ ..‬وهي نوعان‪:‬‬
‫أ‪ .‬معاجم عامة ‪ ،‬وهي املعـاجم الـيت تضـم ألفاظـ ًا مـن خمتلـف جمـاالت احليـاة‬
‫واملعرفة اإلنسانية‪ ،‬ومن أمثلتها‪ :‬لسان العرب البن منظور والقـاموس احملـيط‬
‫‪163‬‬
‫للفريوز أبادي ومعجم الصحاح‪ ،‬والوسيط واملنجد ‪ ....‬ويريهـا كـثري‪ ،‬وقـد‬
‫يكون املعجم أحادي اللغة‪ ،‬وقد يكون ثنائي اللغـة أو ثالثيـاً ‪ ..‬كـأن يكـون‬
‫بالعربية وحدها‪ ،‬أو باإلجنليزية والعربية‪ ،‬فإذا انضمت لغـة ثالثـة فهـو ثالثـي‬
‫اللغة‪.‬‬
‫ب‪ .‬معاجم متخصصة‪ :‬وهي املعاجم اليت تضم املصطلحات يف علم مـن العلـوم‬
‫أو قطاع من قطاعات املعرفة اإلنسانية‪ .‬وال يكـاد علـم مـن العلـوم خيلـو يف‬
‫زماننا من معجم يضم مصطلحاته‪.‬‬
‫وبعض هذه املعاجم يكتفي بإيراد املصطلح وما يقابله يف لغة أخرى وبعضـها‬
‫يُتبع ذلك بشرح موجز يوضح داللة املصطلح‪ ،‬وهذه الطريقة خري من األوىل‪.‬‬
‫ألن من امتلك معجم مصطلحات يف علم من العلـوم فقـد امتلـك خالصـة‬
‫ذلك العلم‪ ،‬فالعلم مبصطلحاته‪ .‬ولعل من املفيد أن نذكّر بأن معنى مصـطلح‬
‫هو‪ :‬الداللة اخلاصة للفظة يف علم من العلوم أو جمال من جماالت املعرفة‪.‬‬
‫ومن املعاجم املتخصصة‪ :‬قاموس حيت الطيب‪« .‬جمموعة املصـطلحات العلميـة‬
‫والفنية» أصدره جممع اللغة العربيـة بالقـاهرة‪ ،‬معجـم املصـطلحات العلميـة‬
‫والفنية واهلندسية للدكتور أمحد شفيق اخلطيب ويريها كثري‪.‬‬
‫‪ .1‬معاجم أو كتب املعاني‪:‬‬
‫وأنا أميل إىل استخدام كتب املعاني بدالً من املعاجم‪ ،‬ألن املعجم هو الكتاب‬
‫املرتب هجائيًّا‪ ،‬وكتب املعاني مرتبة ترتيباً موضوعياً‪.‬‬
‫وإذا كنا نرجع إىل معاجم األلفاظ لنجد داللة لفظة يريبـة ال نعـرف معناهـا‪،‬‬
‫فإننا نرجع إىل كتب املعاني للبحث عن لفظـة تـدل علـى معنـى أو شـيء ال‬
‫نعرف ما يدل عليه من األلفاظ‪ .‬كأن نبحث عن األمساء الدالة علـى الريـاح‬
‫من سرعتها أو اجتاه هبوبها‪ .‬أو نبحث عن األلفاظ الدالة علـى مراحـل عمـر‬
‫اإلنسان‪ ،‬أو األلوان يف درجاتها املختلفة أو ما توصف بـه ‪ ..‬إىل يـري ذلـك‪.‬‬
‫ومن أبرز هذه الكتب كتابان هما‪ :‬فقه اللغة وسرّ العربيـة واملخصـص البـن‬
‫‪164‬‬
‫سيده االندلسي‪.‬‬
‫وقد ظهر يف العصر احلديث نـوع مـن املعـاجم هـو يف حقيقتـه مـن معـاجم‬
‫املعاني‪ ،‬وهو املعجم املصور‪ ،‬الذي ال يشرح شيئاً بل يقدم األشياء احملسوسـة‬
‫يف لوحات وصور‪ ،‬ويضع لكل جـزء منهـا اللفـ الـدال عليـه‪ .‬ومـن هـذه‬
‫املعاجم معجم أكسفورد املصوّر‪.‬‬
‫‪ .4‬املعاجم الكاشفة‪:‬‬
‫وهي نوع مـن أنـواع املعـاجم ال يعطينـا املعلومـات بـل يـدلنا علـى أمـاكن‬
‫وجودها وهو أشبه بفهرس لفظي أو موضوعي لكتاب أو أكثر‪.‬‬
‫ومن أمثلة املعاجم الكاشفة‪ :‬املعجم املفهرس أللفاظ القرآن الكريم حملمد فؤاد‬
‫عبدالباقي‪ ،‬ونرجع إىل هذا املعجم لعدة يايـات أهمهـا معرفـة أمـاكن ورود‬
‫اآليات يف السور القرآنية‪ ،‬وذلك إلكمال اآلية إن يابـت عـن ذهننـا‪ ،‬وبيـان‬
‫رقمها والسورة اليت وردت فيها‪ :‬هذا هو الوجه األبرز هلذا املعجـم‪ ،‬وإن كنـا‬
‫باإلضافة إىل ذلك جند أموراً أخرى مثل عدد مرات ورود الكلمـة يف القـرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وهل اآلية مكيـة أ و مدنيـة‪ ،‬وقـد اقتصـر هـذا املعجـم علـى جعـل‬
‫األمساء واألفعال مداخل إىل حمتواه‪ ،‬فيمكن أن نتخذ مـن أي اسـم أو فعـل‬
‫ورد فيما حنف من اآلية وسيلة إىل معرفة ما نريد عنها بالرجوع إىل بابها بعـد‬
‫جتريــد الكلمــة مــن حــروف الزيــادة‪ .‬وهــذا يعــين أن األدوات واحلــروف‬
‫والضمائر يري مفهرسة يف هذا املعجم‪ ،‬وقد صنع الباحثان الدكتور إمساعيـل‬
‫العمايرة ود‪.‬عبداحلميد السيّد معجماً لألدوات والضـمائر يف القـرآن جعـاله‬
‫تتمة ملعجم حممد فؤاد عبدالباقي‪.‬‬
‫ومن املعـاجم الكاشـفة كـذلك‪ :‬املعجـم املفهـرس أللفـاظ احلـديث النبـوي‬
‫الشريف ‪ .‬الذي أعده مجاعـة مـن املستشـرقني بإشـراف فنسـنك‪ ،‬ويـتم بهـذا‬
‫املعجم معرفة الكتب اليت ورد فيها أي حديث نبحث عنه‪ ،‬من خالل البحـث‬
‫عن جذر أي اسم أو فعل ورد يف احلديث النبوي‪ .‬والكتب اليت يردّ إليها هذا‬

‫‪165‬‬
‫املعجم هي الكتب الستة‪ :‬البخاري ومسـلم وأبـو داود والرتمـذي والنسـائي‬
‫وابن ماجه‪ ،‬وموطأ مالك‪ ،‬ومسند اإلمام أمحد بـن حنبـل‪ ،‬ومسـند الـدارمي‪.‬‬
‫وال خيفى ما ملثـل هـذا املعجـم مـن الفضـل يف اختصـار الوقـت واجلهـد يف‬
‫الوصول إىل احلديث النبوي ومعرفة أماكن وروده‪.‬‬
‫‪ .3‬معاجم العلوم‪:‬‬
‫وهي كتب يف خمتلف جمـاالت العلـم‪ ،‬إال أنهـا رتبـت ترتيبـاً هجائيّـ ًا‪ ،‬وهـذا‬
‫الرتتيب الذي أدخلها يف مسمّى املعاجم‪ .‬فالفارق بني كتاب يف النحو ومعجم‬
‫حنوي هو الرتتيـب اهلجـائي‪ .‬وميـزة هـذا الرتتيـب هـو تيسـري الوصـول إىل‬
‫املعلومة املطلوبة‪.‬‬
‫وقد تنبه املؤلفون من قديم إىل هذا األمر فألفوا املعاجم يف خمتلـف اجملـاالت‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬معجم الشعراء للمرزباني‪ ،‬ومعجم األدباء لياقوت احلموي‪ ،‬ومعجـم‬
‫البلدان للحموي كذلك‪ ،‬ومعجم ما استعجم للبكري‪ ،‬والقائمة طويلة تشمل‬
‫معظم جماالت املعرفة اإلنسـانية‪ .‬ويف عصـرنا هـذا التفـت املؤلفـون إىل هـذا‬
‫امليدان من التأليف‪ ،‬ومن ذلك معجم النحو لعبدالغين الدقر‪ ،‬ومعجم البالية‬
‫للدكتور بـدوي طبانـة‪ ،‬ومـن معـاجم الرتاجـم وسـري األعـالم خلـري الـدين‬
‫الزركلي‪ ،‬ومعجم املؤلفني لعمر رضا كحالة‪ ،‬وأعالم النساء له‪.‬‬
‫املراجههع‪ :‬األدلــة واإلحصــائيات واحلوليــات والكتــب الســنوية والتقــاويم‬ ‫ومهن‬
‫والبيبليويرافيات اجلارية‪.‬‬
‫وإليك بياناً موجزًا عن كل منها‪:‬‬
‫وقبل البيان نشري إىل أن هذا النوع من املراجع ال يصدر إال مرة واحـدة‪ ،‬وال‬
‫تعاد طباعته‪ ،‬ولذلك يُعدّ بعد حني من طباعته من املصادر النادرة‪.‬‬
‫األدلة)‪ :(2‬مجع د ليل وهو كتـاب إرشـادي يف جمـال مـن جمـاالت احليـاة‪ .‬وأنواعـه‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مصادر املعلومات‪ ،‬د‪.‬أنور عمر‪ ،‬ص‪.31‬‬


‫‪166‬‬
‫متعددة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أدلة اخلدمة العامة‪ :‬سـواء أكانـت سـياحية تعطـي معلومـات عـن املواقـع‬ ‫أ‪.‬‬
‫السياحية يف دولة مـا‪ ،‬أو عـن موقـع سـياحي معـني‪ ،‬أو أدلـة مؤسسـات‪:‬‬
‫صناعية أو جتارية أو تعليمية‪ ،‬أو أدلة اهلواتف والفاكس أو يـري ذلـك مـن‬
‫جماالت احلياة‪ .‬وال خيفى أن احلاجـة إىل األدلـة ظهـرت بعـد امتـداد املـدن‬
‫وكثرة املؤسسات كثرة جتعل من العسري على الفرد إىل االهتداء إىل ما يريـد‬
‫من يري دليل‪.‬‬
‫ب‪ .‬األدلة الثقافية‪ :‬وهي نوع من األدلة خيدم الباحثني وطلبة العلم‪ ،‬وقد ظهـر‬
‫يف زماننا ما يسمى بدليل الباحث‪ ،‬وهـو لـون مـن التـأليف يقـدم مصـادر‬
‫املعلومات للباحثني يف موضوع أو جمال من جمـاالت املعرفـة‪ .‬وتظهـر هـذه‬
‫األدلة يف كتب مستقلة‪ ،‬كما جند هلا وجوداً يف بعض اجملالت املتخصصـة أو‬
‫الثقافية‪ .‬ومن أمثلتها‪ :‬دليل مكتبة األسـرة املسـلمة أصـدره املعهـد العـاملي‬
‫للفكر اإلسـالمي يف واشـنطن‪ ،‬ودليـل مكتبـة األدب اإلسـالمي للـدكتور‬
‫عبدالباسط بدر‪ ،‬وهو من إصدار رابطـة األدب اإلسـالمي العامليـة‪ ،‬ويـري‬
‫ذلك كثري‪.‬‬
‫)‪ :(2‬وهي نوع من املصادر اعتادت املؤسسات واهليئات إصدارها يف‬ ‫اإلحصااييا‬
‫نهاية كل سنة‪ ،‬وبعضـها دون السـنة‪ ،‬وهـي مفيـدة للبـاحثني يف رصـد‬
‫بعــض الظــواهر االجتماعيــة أو االقتصــادية‪ ،‬وتفيــد يف التخطــيط‬
‫للمستقبل‪ .‬ومن ذلك مثالً‪ :‬إحصائيات املواليد أو الوفيات‪ ،‬أو حوادث‬
‫السري‪ ،‬أو جداول يالء املعيشة‪ ،‬ومن املهم االحتفاظ بهذه اإلحصائيات‬
‫ألن مقارنتها بني حني وآخر تعطي مؤشراً مهماً يف الظاهرة املدروسة‪.‬‬
‫)‪ :(1‬وهي نشرة سنوية‪ ،‬وقد اكتسـب هـذا املصـطلح يف العربيـة مفهـوم‬ ‫احلوليا‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املصدر السابقن ص‪.51‬‬


‫(‪ )1‬انظر‪ :‬مصادر املعلومات‪ ،‬د‪.‬أنور عمر‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫‪167‬‬
‫اجمللة اليت تصدر عن كلية أو جامعة او مؤسسة ثقافية بهذا االسم‪.‬‬
‫واهلدف من إصدارها هو نشر احوث ودراسـات يف موضـوع أو أكثـر‪،‬‬
‫وتتيح احلوليات ألساتذة اجلامعات جماالً لنشر احوثهم اليت ينـالون بهـا‬
‫األلقاب يف السلم األكـادميي‪ .‬ومضـمونها إذاً هـو موضـوعات فكريـة‬
‫وأدبية خمتلفة‪.‬‬
‫الكتب السنوية‪:‬‬
‫إن من املعتاد أن تصدر املؤسسـات واهليئـات والـوزارات يف نهايـة كـل عـام‬
‫كتاباً ترصد فيه مسريتها يف العام املاضي‪ ،‬وتضـع خططهـا للعـام املقبـل‪ .‬فالكتـاب‬
‫السنوي هو كتاب وثائقي‪ ،‬وهو مصدر مهم يف التاريخ للجهة الـيت تصـدره‪ .‬فمـن‬
‫النظر يف الكتـب السـنوية املتتاليـة نسـتطيع أن نرسـم خطـ ًا بيانيًّـا للمؤسسـة الـيت‬
‫أصدرته‪ ،‬ونعرف من شغل املواقع القيادية فيها‪ ،‬وهكذا‪ .‬ومن أمثلة الكتب السنوية‬
‫الكتاب السنوي للجامعة‪ ،‬أو املدرسة‪ ،‬أو يري ذلك من املؤسسات‪.‬‬
‫التقويم‪:‬‬
‫وهذا النوع من املصادر نادر يف العربية فيما أعلم على أهميتـه‪ .‬واملقصـود بـه‬
‫هو كتاب يصدر يف نهاية كل سـنة ترصـد فيـه األحـداث يف ميـدان أو أكثـر علـى‬
‫مستوى وطين أو إقليمي أو دولي‪.‬‬
‫وهذا النوع من املصادر يرصد أحداث العام يوماً إثر يوم‪ ،‬ويعـزز املعلومـات‬
‫اليت يوردها بالصور‪ .‬فإذا افرتضنا أننا نتحدث عن تقـويم أردنـي فقـد يكـون هـذا‬
‫التقوم عاماً يشمل جوانب السياسة واالقتصاد واالجتماع واألدب والرياضة‪ .‬فهذا‬
‫تقويم جزئي عام‪ ،‬فهو عام يف مضمون جزئي يف املدى املكاني الذي يشمله‪ .‬وميكن‬
‫إعداد تقويم جزئي أردني رياضي‪ ،‬أو ثقايف‪ ،‬أو سياسي‪ ،‬وهكذا‪ .‬كما ميكن أن نعـدّ‬
‫تقومياً عربياً عاماً‪ ،‬أو خاصاً‪ ،‬وكذلك تقومياً عاملياً عامـاً أو خاصـاً‪ .‬والتقـويم بهـذا‬
‫املفهوم مصدر ثقايف مهم‪ ،‬ولعل مثـل هـذا املصـدر يكـون مرجعـ ًا مهمـ ًا لربنـامج‬
‫«حدث يف مثل هذا اليوم» !‬

‫‪168‬‬
‫البيبليوغرافيات اجلارية‪:‬‬
‫وهي مصادر املعلومات اليت تعطينا معلومات عـن املصـادر‪ .‬أو هـي « قـوائم‬
‫مبفردات اإلنتاج العقلي أياً كان الشكل الذي اختذتـه عنـد إصـدارها‪ :‬بيبليويرافيـا‬
‫كتب‪ ،‬بيبليويرافيا دوريات‪ ،‬أو خرائط‪ ،‬أو مقاالت‪ ،‬أو نصوص موسيقية‪ ،‬أو أفالم‬
‫أو لوحات ورسوم‪ ،‬أو وثائق ‪ ...‬إخل»)‪.(2‬‬
‫ومن البيبليويرافيات املهمة ما تصدره املكتبات الوطنية عن اإلنتـاج الفكـري‬
‫الوطين يف كل دولة‪ ،‬وهلذا اللون مـن البيبليويرافيـا فائـدة مهمـة يف رصـد احلركـة‬
‫الفكرية يف بلد ما‪ ،‬ويف تقديم مصادر املعلومات ميسرة للباحثني‪.‬‬
‫ومن أنواع البيبليويرافيات املهمة‪ :‬كشافات الدوريات مـن جمـالت وجرائـد‪،‬‬
‫ومنها ما يقوم بتحليل حمتوى الدورية وفق رؤوس املوضوعات الواردة فيها وحيـدد‬
‫للباحث العدد والصفحة اليت ورد فيها ما يبحث عنه‪ ،‬وهلذا النوع من البيبليويرافيا‬
‫فوائــد مهمــة يف اختصــار الوقــت واجلهــد يف مراجعــة الــدوريات‪ ،‬وخباصــة ذات‬
‫اجمللدات الضخمة‪ ،‬واألعداد الكثرية‪.‬‬
‫الدوريات)‪:(1‬‬
‫وهي من املصادر اليت يأخـذ بعضـها شـكل الكتـاب‪ ،‬ويأخـذ بعضـها شـكل‬
‫اجلريدة‪ .‬وهي نوع خاص من املراجع ولذلك جند املكتبة تفردها يف قسم خاص من‬
‫أقسام املراجع‪ .‬وال خيفى ما للدوريات من طبيعة خاصة‪ ،‬فهي من املصادر الناميـة‪،‬‬
‫فللجريدة اليومية عدد يومي إضـايف‪ ،‬وأسـبوعي لألسـبوعية وشـهري للشـهرية ‪..‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫وللدوريات شكالن أساسيان‪ :‬اجلريدة وتكون يومية أو أسبوعية‪ ،‬واجمللة وأقل‬
‫دورة صدور هلا أسبوع‪.‬‬

‫(‪ )2‬مصادر املعلومات يف املكتبات‪ ،‬د‪.‬أنور عمر‪ ،‬ص‪ ،53‬وانظر تفصيل احلديث يف ذلك ص‪ 91‬حيـث‬
‫ال خاصاً عن البيبليويرافيا‪.‬‬
‫عقد املؤلف فص ً‬
‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املرجع يف علم املكتبات واملعلومات ص‪.16‬‬
‫‪169‬‬
‫وتتنوع الدوريات وفق دورة صدورها‪ ،‬ووفق مضمونها‪ ،‬فمنها مـا هـو عـام‪،‬‬
‫ومنها ما هو متخصص‪ ،‬وفق الغاية من إصدارها‪ ،‬فمنها جتاري ومنهـا يـري راحـي‪،‬‬
‫ولعل اما يدل على أهمية الدوريات حرص املكتبـات علـى اقتنائهـا‪ ،‬ودفـع مبـالغ‬
‫كبرية يف االشرتاك فيها‪ .‬وإن اما جيعل للدوريات أهمية خاصة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -2‬حداثة املعلومات الواردة فيها إذا قيست مبا جنده يف الكتب‪ .‬فدورة صـدور‬
‫الدوريات السريعة وتتابع صدورها‪ ،‬جيعل من يتابعها علـى بينـة مـن كـل‬
‫جديد يف موضوع الدورية‪ .‬وال خيفى أن بعض التخصصات كالعلوم الطبية‬
‫واحلاسوب ويريها من العلوم املتطورة ال يسـتغين املتخصصـون فيهـا عـن‬
‫متابعة دورية أو أكثر‪.‬‬
‫‪ -1‬تنوع موضـوعاتها‪ ،‬وهـذا يتعلـق بالـدوريات ذات املوضـوعات املتعـددة‪،‬‬
‫كــاجملالت األســبوعية االجتماعيــة والثقافيــة والسياســية وكــذلك اجملــالت‬
‫الثقافية العامة‪.‬‬
‫‪ -4‬عمق موضوعاتها‪ ،‬وهذا يتعلق بالدوريات املتخصصة‪ ،‬وخباصة الـدوريات‬
‫العلمية احملكمة اليت تصدرها اجلامعات واملؤسسات العلمية‪ ،‬حيث ال ينشر‬
‫فيها أي موضوع قبل أن يراجعه عدد من األساتذة املتخصصني‪.‬‬
‫‪ -3‬خدمة املعلومات اليت جندها يف بعض الدوريات‪ ،‬مثل اخلدمة البيبليويرافية‬
‫وتقديم معلومات عن اجلديد من مصادر املعلومات‪ ،‬وإيراد كشافات وأدلة‬
‫للباحثني‪ ،‬وملخصات للرسائل اجلامعية أو البحوث اجلديدة يف موضوعات‬
‫حمددة‪.‬‬
‫املصادر غري الكتبية)‪:(2‬‬
‫ال تقتصر املصادر يف املكتبة على الكتب والدوريات‪ ،‬فقد أدى تطـور وسـائل‬
‫التصوير والتقدم السريع يف جمال احلاسوب إىل دخول املصـادر السـمعية والبصـرية‬
‫إىل املكتبة‪.‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬مصادر املعلومات‪ ،‬ص‪ 121‬واملرجع يف علم املكتبات واملعلومات ص ‪.213‬‬
‫‪170‬‬
‫بعض هذه املصادر يتم استقاء املعلومـات منـه بالبصـر‪ ،‬ومـن ذلـك اخلـرائط‬
‫والصور واللوحـات اإليضـاحية وامليكـروفيلم والشـرائح الفيلميـة (السـاليدات)‬
‫وبرامج احلاسوب يري الناطقة‪.‬‬
‫ومن فوائد هذا النوع من املصادر أنه وسيلة تعليمية جيـدة‪ ،‬وميكـن أن تكـون‬
‫وسيلة إيضاح يف املكتبات املدرسية‪.‬‬
‫كما أن امليكروفيلم والشرائح الفيلمية واحلاسوب متكّن مـن اختصـار املكـان‬
‫الذي تشغله مصادر املعلومـات يف املكتبـة‪ .‬كمـا أنهـا تعـني علـى تقـديم مصـادر‬
‫املعلومات النادرة من خمطوطات ووثائق‪ ،‬إىل اجلمهور ليستفيدوا مـن صـورها مـن‬
‫يري إتالف لألصول‪ .‬وكذلك احلال مع الدوريات اليت صورتها كثري مـن املكتبـات‬
‫على ميكروفيلم‪ ،‬فاختصرت املساحة‪ ،‬وحافظت على األصل ويسرت الوصـول إىل‬
‫املطلوب منها‪.‬‬
‫ومن املصادر املكتبية ما يتم أخذ املعلومات منه احاسّة السمع‪ ،‬وهـذه املصـادر‬
‫إما أن تكـون علـى شـكل أشـرطة كاسـيت‪ ،‬أو أسـطوانات‪ .‬وهـي مـن الوسـائل‬
‫التعليمية اجليدة‪ ،‬حيث يتم بها تعلّم األصوات‪ ،‬والتجويد‪ ،‬والنطق السليم للّغـات‪،‬‬
‫وهي وسيلة مهمة يف مكتبات املكفوفني‪.‬‬
‫ومن مصادر املعلومات يري املكتبية مـا يقـدم معلوماتـه يـرب حاسـيت السـمع‬
‫والبصر‪ ،‬ومن هذه املصادر‪ ،‬األفالم الناطقة‪ ،‬وأشرطة الفيـديو‪ ،‬وبـرامج احلاسـوب‬
‫الناطقة‪ .‬وهي جتمع بني فوائـد النـوعني السـابقني‪ .‬وال خيفـى مـا للحاسـوب مـن‬
‫جماالت واسعة يف خدمة املكتبة وروادها‪ ،‬فاملكتبة احملوسبة اليت تدخل يف احلاسـوب‬
‫مصادر معلوماتها وفهارسها يصبح التعامل معها‪ ،‬والوصول إىل املراد من مصادرها‬
‫يف ياية اليسر‪ ،‬هذا فضالً عن شبكات املعلومـات الـيت فتحـت للبـاحثني وطـالب‬
‫املعرفة آفاق ًا ال حدود هلا‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫املصادر واملراجع‬

‫‪ -2‬أساسيات علم املكتبات والتوثيق واملعلومات‪ ،‬د‪.‬عمـر همشـري‪ ،‬د‪.‬راحـي‬


‫عليان‪ ،‬عمّان‪2771 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬البحث األدبي‪ ،‬د‪.‬شوقي ضيف‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -4‬حتقيق النصوص ونشرها‪ ،‬عبدالسالم هارون‪.‬‬
‫‪ -3‬قواعد حتقيق املخطوطات‪ ،‬د‪.‬صالح الدين املنجد‪.‬‬
‫‪ -5‬املرجع يف علم املكتبات واملعلومات‪ .‬د‪.‬عمر همشري‪ ،‬د‪.‬راحي عليـان‪ ،‬دار‬
‫الشروق‪ ،‬عمّان ‪2779‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬مصادر املعلومات يف املكتبة‪ .‬د‪.‬أنور عمر‪ ،‬دار املريخ‪ ،‬الرياض‪2311 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪2711‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬املعجم الوسيط‪ ،‬جممع اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -1‬منهج البحث وحتقيق النصوص‪ ،‬د‪.‬حييى اجلبوري‪ ،‬دار الغرب اإلسـالمي‪،‬‬
‫بريوت‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫الفهرسة‬
‫د‪.‬إبراهيم صبيح‬

‫‪173‬‬
‫الفهرسة‬
‫مفهوم الفهرسة‪:‬‬
‫الفهرسة هي اإلعداد الفين ألوعية املعلومات –«وأوعية املعلومات هي الكتب‬
‫والدوريات والتقارير والنشرات وبراءات االخرتاع واملواصفات القياسية والرسائل‬
‫اجلامعية واملخطوطات واملواد السمعية والبصرية»‪ -‬بهدف أن تكون هـذه األوعيـة‬
‫يف متناول املستفيد بأيسر الطرق‪ ،‬ويف أقل وقت امكن‪.‬‬
‫والفهرسة أيضاً هي عملية حتديد املسؤولية عن وجود مادة مكتبيـة معينـة‪ ،‬أو‬
‫مصدر معلومات‪ ،‬وبيان املالمح املادية والفكرية‪ ،‬وإعداد السجالت اخلاصة بذلك‪،‬‬
‫وترتيبها وفق نظـام معـني‪ ،‬حتـى يسـهل علـى القـارىء أو الباحـث الوصـول إىل‬
‫املعلومات اليت يريد‪ ،‬بسهولة ويسر‪.‬‬
‫أنواع الفهرسة‪:‬‬
‫الفهرسة نوعان‪:‬‬
‫أ‪ .‬الفهرسة الوصفية‪Discreptive Cataloging :‬‬
‫وهي اليت ختتص بوصف الكيان املادي‪ ،‬أو املالمح املاديـة لوعـاء املعلومـات‪،‬‬
‫بواسطة جمموعة من البيانات‪ ،‬مثل اسم املؤلف‪ ،‬عنوان وعـاء املعلومـات‪ ،‬طبعتهـا‪،‬‬
‫مكان نشرها‪ ،‬اسم ناشرها‪ ،‬تاريخ النشر‪ ،‬وتعداد املادة‪ .‬ويري ذلـك مـن الصـفات‪،‬‬
‫اليت جتعل من السهل التعرف على أوعية املعلومات‪ ،‬وحتديد ذاتيتها‪ ،‬ومتييزهـا عـن‬
‫يريها‪ ،‬أو متييز طبعة معينة منها عن يريها من الطبعات‪.‬‬
‫ب‪ .‬الفهرسة املوضوعية‪Subject Cataloging :‬‬
‫وهي الـيت ختـتص بوصـف احملتـوى املوضـوعي لوعـاء املعلومـات‪ ،‬بواسـطة‬
‫رؤوس املوضوعات‪ ،‬أو أرقام التصنيف‪ ،‬احيث ميكن جتميع أوعيـة املعلومـات عـن‬
‫نفس املوضوع يف مكان واحد‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫أهدية الفهرسة‪:‬‬
‫للفهرسة مكانة هامة وبارزة يف علوم املكتبات والتوثيق واملعلومات‪ ،‬ذلك ألن‬
‫هدفها النهائي السيطرة على املعرفة اإلنسانية وتقدميها موصوفة ومنظمة للدارسـني‬
‫والباحثني‪ ،‬لالستفادة منها يف خمتلف اجملاالت العلمية‪.‬‬
‫وكذلك حتتل الفهرسة ركناً هاماً مـن أركـان املكتبـة بشـكل عـام‪ ،‬واألعمـال‬
‫الفنية فيها بشكل خـاص‪ .‬وال ميكـن أليـة مكتبـة أو مركـز معلومـات مهمـا كـان‬
‫حجمها‪ ،‬االستغناء عن الفهرسة‪ ،‬وخباصة يف هذا العصر الذي يوصـف بأنـه عصـر‬
‫انفجار امل علومـات‪ ،‬أو ثـورة املعلومـات‪ ،‬ذلـك ألن االهتمـام الواضـح بـالبحوث‬
‫والدراسات يف خمتلف اجملـاالت‪ ،‬أدّى إىل حـدوث فيضـان هائـل يف الكـم والنـوع‬
‫ملصــادر املعلومــات‪ ،‬ونتيجــة لــذلك منــت وتطــورت املكتبــات ومراكــز التوثيــق‬
‫واملعلومات بشكل واضح‪ ،‬وأصبح من الصعب جداً االعتماد على اجلهود اليدويـة‬
‫يف السيطرة على هذا الكم اهلائل من اجملموعات‪.‬‬
‫ال خمتلفـة‪،‬‬
‫وكذلك فإن أ وعيـة املعلومـات‪ ،‬أخـذت يف الفـرتة األخـرية أشـكا ً‬
‫وخرجت عن أشكاهلا التقليدية املتمثلة يف الكتب والكتيبات والنشرات والصـحف‬
‫والتقارير‪ ،‬إىل أشكال أخرى يري تقليدية تتمثل يف املواد السمعية والبصرية مبختلف‬
‫أشكاهلا‪ ،‬ويف املصغرات الفلمية‪ ،‬ومستخرجات احلاسوب‪.‬‬
‫من ذلك نرى أن الفهرسة عملية فنية أساسية وهامة‪ ،‬وبدونها تصبح املكتبات‬
‫ومراكز املعلومات‪ ،‬جمرد خمازن ليس إال‪ ،‬وبالتالي تفشل يف تأدية وظائفها وخدماتها‬
‫األساسية‪.‬‬
‫وميكن القول إن جناح املكتبات ومراكز املعلومات يف حتقيـق أهـدافها يتوقـف‬
‫بدرجة كبرية على مدى جنـاح عمليـة الفهرسـة‪ ،‬وعمليـة إعـداد الفهـارس بطـرق‬
‫عملية‪.‬‬
‫الفهرس‪Catalog :‬‬ ‫مفهوم‬
‫الفهرس هو نتاج عملية الفهرسة‪ ،‬وكلمـة «فهـرس» ليسـت عربيـة‪ ،‬بـل هـي‬
‫‪175‬‬
‫معربة من كلمة «فهرست» الفارسية‪ ،‬وتعين قائمة الكتب‪ ،‬أو قائمة موضوع كتاب‪.‬‬
‫وقد استخدم «ابن النديم» هذا اللف ‪ ،‬عندما أطلقه علـى كتابـه «الفهرسـت» عـام‬
‫‪ 499‬للهجرة ‪ 719‬للميالد‪.‬‬
‫ويعرف «الفهرس» بأنه قائمة بالكتب ويريهـا مـن أوعيـة املعلومـات‪ ،‬مرتبـة‬
‫وفق نظام معـني‪ .‬أو قائمـة تسـجل وتصـف وتكشـف مقتنيـات مكتبـة معينـة‪ ،‬أو‬
‫جمموعة من املكتبات‪.‬‬
‫الفهرس هو مفتاح املكتبة أو مركز املعلومات‪ ،‬فإذا كانت وظيفـة املكتبـة هـي‬
‫إمداد القراء والباحثني باملعلومات اليت حيتاجونها‪ ،‬فإن الفهرس هو تلك األداة اليت‬
‫تربط بني احتياجات القراء والباحثني ومصادر املكتبة‪.‬‬

‫***‬
‫وظيفة الفهرس‪:‬‬
‫ميكن تقسيم وظيفة الفهرس إىل فئتني‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الفهرس كقائمة حصر أو تسجيل‪:‬‬
‫كان الكثري من الفهارس املبكرة جمرد سجالت للمجموعات اليت متثلها‪ .‬ومـن‬
‫الواضح أن هذه الوظيفة اليت تقوم بها تلك الفهارس‪ ،‬أصبحت اآلن من اختصاص‬
‫سجل القيد (الورود)‪ ،‬أو قائمة الرفوف‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الفهرس كأداة لالسرتجاع‪:‬‬
‫وألن القارىء أو الباحث أصبح أكثر أهمية من الكتب‪ ،‬فقد تغيّرت أهـداف‬
‫الفهرس من خدمة احلصر أو التسجيل إىل خدمة االسرتجاع‪ ،‬أو حتديد مكان مـواد‬
‫معينة أو جمموعات من املواد‪.‬‬
‫وبذلك حتول الفهرس من أداة للمكـتيب إىل أداة للجمهـور‪ ،‬وأصـبحت هـذه‬
‫الوظيفة أهم وظائف الفهرس ما نعرفها اآلن‪.‬‬
‫وبذلك فإ ن وظيفـة الفهـرس هـي إمـداد املسـتفيدين مـن القـراء والبـاحثني‬

‫‪176‬‬
‫بإجابات األسئلة اآلتية)‪:(2‬‬
‫هل يوجد باملكتبة كتاب بقلم كذا وكذا من املؤلفني؟‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪ -‬ما الكتب اليت توجد باملكتبة هلذا املؤلف‪.‬‬
‫ب‪ -‬هل يوجد باملكتبة كتاب هلذا احملرر أو املرتجم أو احملقق؟‬
‫‪ -‬ما الكتب اليت توجد باملكتبة هلذا احملرر أو املرتجم أو احملقق؟‬
‫جـ‪ -‬هل يوجد باملكتبة كتاب بهذا العنوان؟‬
‫د‪ -‬هل يوجد باملكتبة كتاب كذا وكذا من السالسل؟‬
‫وما الكتب اليت توجد باملكتبة من تلك السلسلة؟‬
‫هـ‪ -‬هل يوجد باملكتبة كتاب عن كذا وكذا من املوضوعات؟‬
‫وما الكتب اليت توجد باملكتبة عن هذا املوضـوع‪ ،‬وعـن املوضـوعات ذات‬
‫الصلة به؟‬

‫***‬
‫أغراض الفهرس‪:‬‬
‫تــتلخص أيــراض الفهــرس يف مــا أورده «‪ (1)»Cutter‬يف قواعــد الفهــرس‬
‫القاموسي اليت ميكن إبرازها على النحو التالي‪:‬‬
‫متكني الباحث من العثور على وعاء املعلومات الذي يعرف منه املؤلـف‪ ،‬أو‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫العنوان‪ ،‬أو املوضوع‪.‬‬
‫ف معـني مـن خـالل فهـرس املـؤلفني‬
‫إظهـار على مـا تقتنيـه املكتبـة ملؤلـ ٍ‬ ‫ثانيااً‪:‬‬
‫«‪.»Auther Catalog‬‬

‫(‪ )2‬حممد فتحي عبداهلادي‪ .‬املدخل إىل علم الفهرسة ص‪.23‬‬


‫(‪.Cutter, C.A Rules of dictionary Catalog P. 12 )1‬‬
‫‪177‬‬
‫وإظهار كل ما تقتنيه املكتبة يف موضوع معني من خـالل فهـرس املوضـوعات‬
‫«‪ »Subject Catalog‬أو الفهرس املصنف «‪.»Classified Catalog‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مساعدة الباحث يف اختيار وعاء املعلومات حسب طبيعته أو وفق خصائصه‬
‫املوضــوعية واألدبيــة‪ ،‬وذلــك مــن خــالل البيانــات الــيت تتضــمنها بطاقــة‬
‫الفهرسة‪.‬‬
‫وبشكل عام ميكن حصر وظائف الفهرس يف النقاط التالية)‪:(2‬‬
‫‪ -2‬إرشاد الباحث أو القارىء إىل أوعية املعلومات املوجودة يف املكتبة ملؤلف معني‪.‬‬
‫‪ -1‬إرشاد الباحث أو القارىء إىل وعاء معلومات ال يعرف سوى عنوانه‪.‬‬
‫‪ -4‬إرشاد الباحث أو القارىء إىل ما حتويه املكتبة يف موضوع معني‪.‬‬
‫‪ -3‬يعمل الفهرس كأداة بيبليويرافية للحصول على بيان أو معلومة معينة عـن أي‬
‫من أوعية املعلومات املتوافرة‪ ،‬مثل مكان النشر‪ ،‬أو الناشر‪ ،‬أو تاريخ النشـر‪ ،‬أو‬
‫عدد الصفحات ‪ ...‬إخل‪.‬‬
‫‪ -5‬إعطاء الباحث أو القارىء صورة مصغرة ومسبقة عن أوعية املعلومات املتوافرة‬
‫قبل استخدامها‪.‬‬
‫‪ -6‬ال تقتصر فائدة الفهرس على جمتمع املستفيدين فحسب‪ ،‬وإمنا يستفيد منه أيضـاً‬
‫العاملون يف املكتبة وخباصة يف أقسام التزويد واإلعارة واملراجع‪.‬‬
‫أنواع الفهارس‪»Types of Catalog« :‬‬
‫تتكون البطاقة أو التسجيلة الواحدة يف الفهرس من جزأين أساسيني‪:‬‬
‫ب‪ -‬الوصف‪.‬‬ ‫أ‪ -‬الرأس أو املدخل‪.‬‬
‫وينبغي أن يرتب الفهـرس وفـق خطـة معينـة‪ ،‬وهنـاك ثالثـة أنظمـة رئيسـية‬
‫للفهارس اليت تستخدم يف املكتبات ومراكز املعلومات وهذه األنظمة هي)‪:(1‬‬

‫(‪ )2‬أساسيات الفهرسة‪/‬راحي مصطفى عليان ص‪.24 :‬‬


‫(‪ )1‬املدخل إىل علم الفهرسة‪/‬د‪ .‬حممد فتحي عبداهلادي ص‪.27 :‬‬
‫‪178‬‬
‫(‪ )2‬نظام الفهرس اجملزأ‪.‬‬
‫(‪ )1‬نظام الفهرس القاموسي‪.‬‬
‫(‪ )4‬نظام الفهرس املصنف‪.‬‬
‫ويعترب كل نظام من هذه األنظمة‪ ،‬متكامالً يف حدّ ذاته‪ ،‬أي أنـه يشـتمل علـى‬
‫مداخل للمؤلفني والعناوين واملوضوعات‪ ،‬ألوعية املعلومات اليت توجد باملكتبة أو‬
‫مبركز املعلومات‪ .‬واالختالف بني نظـام وآخـر‪ ،‬هـو اخـتالف يف ترتيـب املـداخل‬
‫وتصنيفها‪.‬‬
‫الفهـرس اجملــزأ يتكـون مــن فهـارس مســتقلة لكـل مــن املـؤلفني والعنــاوين‬
‫واملوضوعات‪ ،‬أو املؤلفني والعناوين معاً يف فهرس واحد‪ ،‬واملوضوعات يف فهـرس‬
‫آخر‪.‬‬
‫أما الفهرس القاموسي‪ ،‬فإنه يشتمل على املداخل يف ترتيـب هجـائي واحـد‪.‬‬
‫سوف نتناول هذه األنظمة ومكوناتها‪:‬‬
‫الفهرس اجملزّأ‪:‬‬
‫‪ -2‬فهرس املؤلف‪Author Catalog :‬‬
‫هو الفهرس الذي ترتب فيه املداخل ترتيباً هجائيًّا وفقاً ألمساء املؤلفني إما باسم‬
‫العائلة أو باالسـم األكثـر شـهرة‪ ،‬وال يشـتمل هـذا الفهـرس علـى مـداخل املـؤلفني‬
‫فحسب‪ ،‬وإمنا يشتمل أيضاً على مداخل املرتمجني واحملررين واحملققني والرسامني‪.‬‬
‫وفهرس املؤلف من أهم الفهارس يف املكتبـات‪ ،‬ألن اسـم املؤلـف هـو أكثـر‬
‫املظاهر حتققاً‪ ،‬وأسهلها بالنسبة لوعاء املعلومات‪ ،‬كما أن فهرس املؤلف قادر علـى‬
‫جتميع كل إنتاج املؤلف الواحد يف مكان واحد حتت امسه‪.‬‬
‫وهذا الفهرس هو أكثر الفهارس استعماالً من جانـب رواد املكتبـة بـل ومـن‬
‫جانب العاملني بها‪ ،‬أليراض املراجعة والتحقيق واإلرشاد‪.‬‬
‫‪ -1‬فهرس العنوان‪Title Catalog :‬‬
‫وهو الفهرس الذي ترتب فيه البطاقات‪ ،‬أو املدخل ترتيباً هجائيٍّا وفقاً لعناوين‬
‫الكتب‪ ،‬ويتمتع هذا الفهرس بأهمية خاصة يف املكتبات العربية بأهمية كبرية‪ ،‬عندما‬
‫‪179‬‬
‫كان العنوان قصرياً وجمموعاً‪ ،‬تبذل عناية كبرية يف صـيايته ليسـهل تـذكره‪ .‬ولكـن‬
‫اآلن ال تساوي قيمة فهرس العنوان القيمة اليت يتمتع بهـا فهـرس املؤلـف‪ ،‬إال أنـه‬
‫يفيد يف الوصول إىل كتاب معني يعرف الباحث عنوانه‪.‬‬
‫‪ -4‬الفهرس املوضوعي اهلجائي‪Alphabetical Subject Catalog :‬‬
‫وهو الفهرس الـذي ترتـب فيـه البطاقـات أو املـداخل‪ ،‬ترتيبـ ًا هجائيًّـا وفقـ ًا‬
‫لرؤوس املوضوعات اليت تندرج حتتها الكتب‪.‬‬
‫ورؤوس املوضوعات يف هذا الفهرس رؤوسٌ خمصصة ‪ .Specific‬أي أنه يعد‬
‫لكل كتاب رأس موضوع يناسب سعة املوضـوع بالكتـاب‪ ،‬فمـثالً الكتـاب الـذي‬
‫يعاجل الطبيعة‪ ،‬يكون رأس موضوعه «الطبيعة»‪ ،‬والكتاب الـذي يعـاجل الصـوت‪،‬‬
‫يكون رأس موضوعه «الصوت»‪ ،‬وهكذا‪ . .‬وترتب هذه الرؤوس حسـب أماكنهـا‬
‫يف الرتتيب اهلجائي‪ ،‬مع تزويدها باإلحاالت الالزمة‪.‬‬
‫ويتميز هذا النوع من الفهارس‪ ،‬بأنه سريع يف تلبية احتياجات الباحث‪ ،‬حيـث‬
‫ميكنه أن جيد ما يريده حتت رأس املوضوع املباشر‪ ،‬كما أنه بسيط‪ ،‬ويسهل علـى أي‬
‫قارىء أو باحث استخدامه‪.‬‬
‫وهلذا الفهرس بعض العيوب)‪ (2‬منها أنه يفتقد املنطقية أو املنهجية يف الرتتيب‪،‬‬
‫اليت يتمتع بها الفهرس املصنف‪ ،‬وإعداده يتطلب عمالً إضـافياً ال يتطلبـه الفهـرس‬
‫املصنف الذي سيأتي ذكره‪.‬‬
‫الفهرس املصنف‪Classified Catalog :‬‬
‫وهو الفهرس الذي ترتب فيه البطاقات أو املداخل ترتيبـاً منطقيـاً أو منهجيـاً‬
‫وفقاً لنظام التصنيف الذي تعتمده املكتبة يف ترتيـب جمموعاتهـا‪ ،‬علـى أن تعـد لـه‬
‫كشافات هجائية‪ ،‬وهلذا فإنه يتكون يف العادة من أرقام ثالثة‪:‬‬
‫ب‪ -‬كشاف هجائي برؤوس املوضوعات‪.‬‬ ‫أ‪ -‬القسم املصنف‪.‬‬
‫جـ‪ -‬كشاف هجائي باملؤلفني أو العناوين‪.‬‬

‫(‪ )2‬املدخل إىل علم الفهرسة ‪ /‬د‪.‬حممد فتحي عبداهلادي ص‪.11‬‬


‫‪180‬‬
‫ويعترب القسم املصنف هو القسم الرئيسي‪ ،‬والقسـم الثـاني كشّـاف لـه ‪ ،‬أمـا‬
‫القسم الثالث فقد يكون قسماً إضافياً‪ ،‬اهلدف منـه هـدف فهـرس املؤلـف السـابق‬
‫ذكره‪ .‬وهذا الفهرس شائع االستعمال يف الدول األوروبية‪.‬‬
‫ويتميز هذا الفهرس بأنه‪- :‬‬
‫‪ -2‬يعكس النظام املنهجي اخلاص خبطه التصنيف املستعملة يف ترتيب املكتبة‪.‬‬
‫‪ -1‬يكشف عن مدى قوة أو ضعف التغطية املوضوعية يف مقتنيات املكتبة‪.‬‬
‫‪ -4‬يساعد على جتميع كل املواد عن رأس موضوع معني‪ ،‬ويعـرض العالقـات‬
‫بني املوضوعات بطريقة أكثر نفعاً للقارىء والباحث‪.‬‬
‫***‬
‫الفهرس القاموسي‪Dictionary Catalog :‬‬
‫هــو الفهــرس الــذي جيمــع يف ترتيــب هجــائي واحــد بــني مــداخل املــؤلفني‬
‫والعناوين واملوضوعات‪ ،‬وهو سهل االستعمال‪ ،‬فهـو جيمـع يف مكـان واحـد كـل‬
‫املداخل اليت ميكن أن حيتاجها القارىء أو الباحث‪.‬‬
‫ويعد الفهرس القاموسي أكثر األنواع شيوعاً يف املكتبات األمريكية‪.‬‬
‫***‬
‫الفهرس اهلجائي املصنف‪Alphabetico – Classed Catalog :‬‬
‫وهــو نــوع خمــتلط مــن النــوعني الســابقني – الفهــرس املصــنف والفهــرس‬
‫املوضوعي اهلجائي‪ ،‬وكان اهلدف من اتباعه هو حماولة اجلمـع بـني مزايـا كـل مـن‬
‫النظامني‪ :‬املصنف واملوضوعي اهلجائي‪ .‬وذلك باختيار عدد من األقسام الرئيسـية‪،‬‬
‫ترتب هجائياً‪ ،‬ثُم ترتب تفريعاتها ترتيباً هجائي ًا أيضاً‪.‬‬
‫ولكن استعماله متعب ومعقد‪ ،‬وهو مل يعد يستعمل اآلن يف املكتبـات احلديثـة‬
‫املنظمة تنظيماً فني ًا متقدماً‪.‬‬
‫***‬

‫‪181‬‬
‫أشكال الفهارس‬
‫ميكن تقسيم الفهارس حسب شكلها املادي إىل مخسة أقسام رئيسية وهي‪-:‬‬
‫‪ -2‬فهرس الكتاب أو الفهرس املطبوع ‪Book Catalog‬‬
‫‪ -1‬الفهرس البطاقي ‪Card Catalog‬‬
‫‪ -4‬الفهرس احملزوم ‪Sheaf Catalog‬‬
‫‪ -3‬الفهرس املرئي أو املنظور ‪Visible Catalog‬‬
‫‪ -5‬الفهرس اآللي ‪Automated Catalog‬‬

‫***‬
‫‪ -1‬الفهرس الكتاب أو الفهرس املطبوع ‪Book Catalog‬‬
‫يعترب هذا الفهـرس مـن أقـدم أشـكال الفهـارس الـيت اسـتخدمتها املكتبـات‬
‫ومراكز املعلومات‪ ،‬وكان شائعاً يف الفرتة اليت كانـت جمموعـات املكتبـات قليلـة يف‬
‫عددها‪ .‬ومن أمثلة هذا الشكل‪ :‬الفهرس الـذي مصـدره مكتبـة الكنغـرس بعنـوان‬
‫‪ ،National Union Catalog‬والفهارس الـيت أصـدرتها دار الكتـب املصـرية‪،‬‬
‫وفهارس دار الكتب القطرية‪ ،‬وفهارس مكتبة األزهر‪.‬‬
‫وقد فقد هذا الشكل من الفهارس أهميته‪ ،‬ومل يعد يستخدم يف املكتبات‪ .‬ألنـه‬
‫سريع التلف‪ ،‬وحيتاج إىل حتديث مستمر‪.‬‬
‫***‬
‫‪ -1‬الفهرس البطاقي ‪Card Catalog‬‬
‫يتكــون الفهــرس البطــاقي مــن بطاقــات ذات قيــاس عــاملي موحــد هــو‬
‫‪ 21:5 × 9:5‬ســم‪ ،‬مصــنوعة مــن ورق مسيــك نوعـاً مــا (‪ 131 – 211‬يــم)‪،‬‬
‫وتكون البطاقة مثقوبة على ارتفاع نصف سم من منتصف احلافة السـفلى‪ ،‬وحتفـ‬
‫البطاقات يف أدراج خاصة هلذا الغرض‪ ،‬وتكون مثبتة تواسطة قضيب معدني مير يف‬

‫‪182‬‬
‫ثقوب البطاقات‪.‬‬
‫ميتاز هذا الفهـرس بسـهولة اسـتعماله‪ ،‬ومرونتـه مـن حيـث سـهولة إدخـال‬
‫البطاقــات وإخراجهــا‪ ،‬وســهولة تزويــده بالوســائل اإلرشــادية‪ ،‬وإمكانيــة التغــيري‬
‫والتعــديل يف البيانــات البيبليويرافيــة‪ ،‬وإمكانيــة إضــافة مــداخل جديــدة‪ ،‬ألوعيــة‬
‫املعلومات الواردة إىل املكتبة أو مركز املعلومات‪ ،‬وهو ال يتلف بسرعة‪ ،‬خاصـة إذا‬
‫يلفت البطاقات بطبقة بالستيكية‪ ،‬حتفظها من التلف‪.‬‬
‫ولكن بالريم من هذه املميزات اإلجيابية‪ ،‬فهناك سلبيات هلذا الفهـرس إذ أنـه‬
‫يشغل حيزًا كـبريًا يف املكتبـات‪ ،‬خاصـة عنـدما يكـون الفهـرس جمـزءًا إىل فهـرس‬
‫املؤلفني والعناوين واملوضوعات‪ ،‬وكذلك يصعب نقله داخل املكتبة‪ ،‬أو إعارتـه إىل‬
‫مكتبة أخرى‪ ،‬كما يصعب استنساخه‪ ،‬ويضاف إىل ذلك أن هذا الفهرس ال يسـمح‬
‫ألكثر من قارىء أو باحث واحد باستخدام الدرج الواحد يف وقـت واحـد‪ ،‬وهـذا‬
‫يعين حجز حوالي ‪ 2111‬بطاقة لقارىء واحد فقط‪ .‬ولكنـه ال يـزال مسـتخدماً يف‬
‫املكتبات‪.‬‬
‫***‬
‫‪ -4‬الفهرس احملزوم ‪:Sheaf Catalog‬‬
‫الفهرس احملزوم ابتكار إيطـالي‪ ،‬بـدأ اسـتخدامه يف املكتبـات يف نهايـة القـرن‬
‫التاسع عشر‪ ،‬وهو عبارة عن جذاذات ورقية مسيكة نوعاً ما‪ ،‬وحتمـل كـل واحـدة‬
‫منها البيانـات البيبليويرافيـة اخلاصـة بأحـد أوعيـة املعلومـات املكتبيـة‪ ،‬وحتـزم يف‬
‫جمموعة واحدة بعد ترتيبها‪ ،‬وتضم كل جمموعة أكثر من مخسمائة جذاذة‪ .‬ويعتـرب يف‬
‫شكله وسطاً بني الفهرس الكتاب والفهرس البطاقي‪.‬‬
‫ميتاز الفهرس احملزوم بأنه صغري احلجم مقارنة بالفهرس البطاقي‪ ،‬حيث يشغل‬
‫حيّزاً صغرياً‪ ،‬كما أنه قليل التكاليف إذا قـورن بـالفهرس املطبـوع‪ .‬وميتـاز كـذلك‬
‫مبرونته وسهولة حتديثه‪ ،‬حيث يسمح بإضـافة مـداخل جديـدة‪ ،‬واسـتبعاد أخـرى‪،‬‬
‫وميتاز بسهولة محله وسهولة إنتاج نسخ إضافية منه‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫ومن عيوبه سرعة تلفه‪ ،‬وتضخم عدد أجزائه يف املكتبـات الكـبرية‪ ،‬وصـعوبة‬
‫تزويده بالوسائل اإلرشادية‪ ،‬ونتيجة هلذه العيوب‪ ،‬فقد بدأ الفهرس احملـزوم خيتفـي‬
‫من املكتبات‪ ،‬وقد كانت مكتبة جامعة القاهرة تستخدمه حتى عام ‪2793‬م‪ ،‬عنـدما‬
‫حتولت إىل الفهارس احلديثة‪.‬‬

‫***‬
‫‪ -3‬الفهرس املرئي أو املنظور ‪:Visible Catalog‬‬
‫وهو عبارة عن صحائف معدنية‪ ،‬تضم إىل جانـب بعضـها الـبعض يف ترتيـب‬
‫أفقي‪ ،‬وتثبّت يف صحيفة بطاقة مستطيلة الشكل‪ ،‬حتمل البيانات البيبليويرافية ألحد‬
‫أوعية أو مصادر املعلومات‪ ،‬وتُحف يف أدراج خاصة‪ ،‬يتسع الواحد منهـا خلمسـني‬
‫بطاقة‪.‬‬
‫ويقتصر استخدام هذا الفهرس حالياً يف أقسام الدوريات‪ ،‬حيث يسمح حجم‬
‫البطاقة (‪ 11×24‬سم) بتدوين البيانات الالزمة عن الدورية ملدة كافية من الزمن‪.‬‬
‫***‬
‫‪ -5‬الفهرس اآللي ‪:Automated Catalog‬‬
‫هناك نوعان رئيسيان هلذا الشكل من أشكال الفهارس‪:‬‬
‫األول‪ :‬تكــون فيــه البطاقــات مصــورة علــى املصــغرات الفلميــة كــامليكروفيلم أو‬
‫امليكروفيش‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تكون فيه املداخل خمزنة يف احلاسوب‪.‬‬
‫إنّ تطور تكنولوجيا احلاسوب‪ ،‬واستخداماته يف املكتبـات‪ ،‬أدت إىل نتـائج‬
‫مذهلة‪ ،‬تصل إىل إمكانيـة إعـداد امليكـروفيلم أو امليكـروفيش لفهـرس فيـه مليـون‬
‫مدخل خالل ساعة ونصف إىل مثاني سـاعات‪ ،‬وهـذه السـرعة الفائقـة هـي الـيت‬
‫جعلت من هذا الشكل من الفهارس منافساً قويـاً للفهـرس البطـاقي‪ ،‬فقـد أصـبح‬
‫بإمكان املكتبة أن تصدر فهرسها من جديد مرة كل ثالثة أشهر‪ ،‬وتستنسخ منه عـدة‬

‫‪184‬‬
‫نُسخ لتوضع يف أماكن خمتلفة داخل املكتبة‪.‬‬
‫ويتزايد عدد املكتبـات الـيت تتحـول إىل هـذا الشـكل مـن الفهـارس بصـورة‬
‫مستمرة‪ ،‬خاصة وأن تكاليف اإلنتاج أقل من تكاليف أي شكل آخر‪.‬‬
‫أما الفهرس احملوسب‪ ،‬فقد ظهر بعد استخدام احلاسوب يف أعمـال املكتبـات‬
‫بشكل عام‪ ،‬وأعمال الفهرسة بشكل خاص‪ ،‬ولقد أصبح من السهولة مبكان يف هذه‬
‫األيام‪ ،‬مكننة الفهارس التقليدية يف املكتبات ومراكـز املعلومـات‪ ،‬وبالتـالي إيـالق‬
‫فهرس بالطاقات‪ ،‬واستبداله بنهائيات ‪ ،Terminals‬تكشف للباحث عـن مقتنيـات‬
‫املكتبة الرئيسة أو عدة مكتبات فرعية‪.‬‬
‫ومن بني أشكال الفهارس اآللية‪ ،‬يربز الفهرس املقروء ‪ ،MARC‬والذي بدأته‬
‫مكتبة الكنغرس منذ منتصف السـتينات‪ ،‬حيـث تـوزع البيانـات البيبليويرافيـة إىل‬
‫املكتبات املشرتكة على شكل أشرطة امغنطة‪.‬‬
‫أما أحدث أشكال الفهارس‪ ،‬فهو الفهرس باالتصال املباشر بـنظم املعلومـات‬
‫‪ ،Online Cataloging‬ويتم يف هذا الشكل من الفهرسة‪ ،‬االتصال املباشـر مـا بـني‬
‫املكتبات ونظـم املعلومـات مـن خـالل نهائيـات «‪ »Terminals‬حيـث تتـيح هـذه‬
‫الشبكات أو النظم الفرصة لكل مكتبة االتصال املباشر بالقواعد البيبليويرافية الـيت‬
‫لديها‪ ،‬واليت تضم عادة ماليني التسجيالت‪ ،‬ويتم ذلـك بطبيعـة احلـال مـن خـالل‬
‫إسرتاتيجية معينة للبحث باالتصال املباشر «‪.»Online Searching‬‬
‫وبشكل عام فإن الفهارس اآللية هي الفهارس العصرية‪ ،‬اليت تساعد املكتبة يف‬
‫جتنب املشاكل املرتبطة باألشـكال التقليديـة السـابقة‪ ،‬وجيـب أن ال ننسـى الكفـاءة‬
‫والسرعة والدقة اليت يتميّز بها احلاسوب يف جمال اسـرتجاع املعلومـات‪ ،‬حيـث لـه‬
‫دور يف توفري الوقت واجلهد علـى الباحـث أو القـارىء‪ ،‬إذ ميكنـه احلصـول علـى‬
‫املعلومات بسرعة ومشولية‪ ،‬وبشكل مطبوع أيضاً‪.‬‬
‫***‬

‫‪185‬‬
‫مراجع خمتارة‬
‫يف علم املكتبات واملعلومات‬
‫‪ -2‬إتيم‪ ،‬حممود أمحد – الفهرسة العلميـة والعمليـة‪ :‬الطبعـة الثانيـة – عمّـان‪:‬‬
‫مؤسسة عبداحلميد شومان‪2711 ،‬م – ص‪.311‬‬
‫‪ -1‬األشقر‪ ،‬حممد سليمان – الفهرسة اهلجائية والرتتيب املعجمي – الكويـت‪:‬‬
‫دار البحوث‪ – 2791 ،‬ص‪.211‬‬
‫‪ -4‬األمني‪ ،‬عبدالكريم وآخرون‪ ،‬مبادىء الفهرسة والتصنيف – بغداد‪ :‬اجلامعة‬
‫املستنصرية‪2791 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬البنهاوي‪ ،‬حممـد أمـني – منـاذج بطاقـات الفهـارس العربيـة للمكتبـات –‬
‫القاهرة‪ :‬مطبعة حممد األمني ‪2792‬م‪ ،‬ص ‪.211 – 1‬‬
‫‪ -5‬جورمان‪ ،‬ميشيل – موجز قواعد الفهرسة األجنلو أمريكية‪ ،‬ط‪/1‬تعريب حممـد‬
‫فتحي عبداهلادي – القاهرة‪ :‬هجر للطباعة والنشر ‪ ،2719‬ص‪.211 – 1‬‬
‫‪ -6‬خليفــة‪ ،‬شــعبان عبــدالعزيز – الفهرســة املوضــوعية للمكتبــات ومراكــز‬
‫املعلومات‪/‬حممد فتحي عبـداهلادي – القـاهرة‪ :‬العربـي للنشـر والتوزيـع‪،‬‬
‫‪ 2711‬ص‪.232 – 1‬‬
‫‪ -9‬خليفة شعبان عبدالعزيز – قائمة رؤوس املوضوعات الكـربى – الريـاض‪:‬‬
‫دار املريخ ‪2715‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬السويدان‪ ،‬ناصر حممد – مـداخل املـؤلفني واألعـالم العـرب – الريـاض‪:‬‬
‫جامعة الرياض‪2711 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬السيد‪ ،‬أمحد البدوي – التطورات العصرية لفن الفهرسة – القـاهرة‪ :‬اهليئـة‬
‫املصرية العامة للكتاب‪2716 ،‬م‪ ،‬ص‪.215 – 1‬‬
‫‪ -21‬الشنيطي – حممد‪ ،‬قواعد الفهرسة الوضعية – ط‪ – 1‬القاهرة‪ :‬دار املعرفة‪.‬‬
‫‪ -22‬شريا‪ ،‬جيمس هوك – الفهرس املصنف‪ ،‬أسسه وتطبيقاته ‪/‬ترمجـة عبـدالوهاب‬
‫‪186‬‬
‫أبوالنور – بريوت‪ :‬دار الوطن العربي‪2795 ،‬م‪ ،‬ص‪.271 – 1‬‬
‫‪ -21‬صاحل‪ ،‬ينية مخاس – فهرسـة وتصـنيف املـواد الثقافيـة يف مراكـز التوثيـق‬
‫واملعلومات بغداد‪ ،‬مركز التوثيق اإلعالمي لدول اخلليج العربية ‪.2713‬‬
‫‪ -24‬عبدالشايف‪ ،‬حسن – اإلعداد الفين للكتب يف املكتبات‪ :‬الفهرسة والتصنيف‬
‫– القاهرة‪ :‬مجعية املكتبات ‪2796‬م‪ ،‬ص‪.461 – 1‬‬
‫‪ -23‬عبــداهلادي‪ ،‬حممــد فتحــي – الفهرســة املوضــوعية‪ :‬دراســة يف األســس‬
‫والتطبيقات – القاهرة ‪ :‬مجعية املكتبات ‪.2797 ،‬‬
‫‪ -25‬عبداهلادي‪ ،‬حممـد فتحـي – املـدخل إىل علـم الفهرسـة – ط‪ – 4‬القـاهرة‪:‬‬
‫مكتبة يريب‪ ،2797 ،‬ص‪.326 – 1‬‬
‫‪ -26‬فواناتان‪ ،‬س‪ ،‬الفهرسة‪ :‬أسسها النظرية ‪/‬ترمجة حشمت قاسم وحممد فتحي‬
‫عبداهلادي – القاهرة‪ :‬مجعية املكتبات املصرية‪ ،‬د‪ .‬ن‪ -‬ص‪.491 – 1‬‬
‫‪ -29‬فوده‪ ،‬حممد السعيد – أشكال املداخل بالفهارس العربية واألجنبية وقواعـد‬
‫اختيارها – الرياض‪ :‬مكتبة الشرق األوسط‪2715 ،‬م‪ ،‬ص‪.311 – 1‬‬
‫‪ -21‬فوده‪ ،‬حممد السـعيد – التطـورات احلديثـة يف الفهرسـة الوصـفية‪ :‬التقـنني‬
‫الدولي للوصف البيبليويرايف – الكويـت‪ :‬دار الكتـاب احلـديث‪2717 ،‬م‬
‫ص‪.131 – 1‬‬
‫‪ -27‬فــوده‪ ،‬حممــد الســعيد – قواعــد الفهرســة الوصــفية وتطبيقاتهــا احلديثــة –‬
‫الكويت ‪ ،‬مؤسسة الصباح‪2717 ،‬م‪ ،‬ص‪.111– 1‬‬
‫‪ -11‬قواعد الفهرسة األجنلو أمريكية‪ .‬ط‪ /1‬تعريب حممد إتـيم – عمّـان‪ :‬مجعيـة‬
‫املكتبات األردنية‪2714 ،‬م‪ ،‬ص‪.736 – 1‬‬
‫‪ -12‬املدخل إىل علم املكتبات واملعلومات ‪ /‬إعداد جمموعة من املكتبيني‪ ،‬حتريـر‬
‫أنور عكروش وصدقي دحبور – عمّان‪ :‬مجعية املكتبات األردنيـة ‪2711‬م‪.‬‬
‫ص‪.411 – 1‬‬
‫‪ -11‬املعاجلــة الفني ـة للمعلومــات‪ :‬الفهرســة‪ ،‬التصــنيف‪ ،‬التوثيــق‪ ،‬التكشــيف‪،‬‬

‫‪187‬‬
‫األرشيف ‪ /‬إعداد جمموعة من املكتبيني – عمان ‪ :‬مجعية املكتبات األردنية‪،‬‬
‫‪2715‬م‪ ،‬ص‪.479 – 1‬‬
‫‪ -14‬اهلجرسي‪ ،‬سعد حممد – تعريب القواعد األجنلو أمريكية للفهرسـة‪ ،‬ط‪– 1‬‬
‫القاهرة‪ :‬جامعة القاهرة‪2712 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -13‬اهلجرسي‪ ،‬سعد حممد – التقنيات العصرية للوصف البيبليويرايف – ط‪– 1‬‬
‫القاهرة‪ :‬املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم – مج ‪.4‬‬
‫‪ -15‬همشري‪ ،‬عمر أمحد عليـان‪ ،‬راحـي مصـطفى – أساسـيات علـم املكتبـات‬
‫والتوثيق واملعلومات – عمّان ‪ :‬املؤلفان ‪2771‬م ‪ ،‬ص‪.413 – 1‬‬

‫‪188‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫التصنيف‬
‫د‪.‬إبراهيم صبيح‬

‫‪189‬‬
‫التصنيف‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫حيتل التّصنيف مركزاً مه ّماً بني العمليات الفنية اليت تقوم بها املكتبات ومراكز‬
‫املعلومات يف سبيل تنظـيم جمموعاتهـا‪ ،‬وتقـديم هـذه اجملموعـات جلمـاهري القـراء‬
‫والباحثني‪ ،‬بوسائل سهلة ميسرة‪.‬‬
‫التصنيف العملي ليس علماً له أصوله الراسخة‪ ،‬بل هو فنٌّ حيتاج يف حـاالت‬
‫عديدة‪ ،‬إىل امارسة األحكام الشخصية‪ ،‬ومع ذلك ال ميكـن أن يـرتك أمـر تصـنيف‬
‫املطبوعات‪ ،‬وأوعية املعلومات‪ ،‬لرجاحة عقل املصنفني‪ ،‬أو يكتفى باالعتمـاد علـى‬
‫حسن تصرفهم‪ ،‬بل جيب أن تكـون لـه أصـول وقواعـد عامـة يسرتشـدون بهـا يف‬
‫عملهم‪ ،‬ويرجعون إليها كلما أحسّـوا احـاجتهم إىل ذلـك‪ .‬فاملصـنف ولسـنوات يف‬
‫امارسة عمله‪ ،‬حيتاج بني الوقت واآلخر إىل ما ينشط ذاكرته‪ ،‬ويساعده علـى السـري‬
‫يف الطريق الصحيح‪.‬‬
‫وقد اهتم باجلانب العملي للتصنيف عـدد مـن كبـار املشـتغلني بهـذا العلـم‪،‬‬
‫وعلــى رأســهم «‪ ،»W.S. Merrill‬و«برويــك ســايرز» «‪ »W. C Berweik Sayers‬و‬
‫«مارجريت هريدمان» «‪.»Margaret Herdman‬‬
‫وتتفق كتابات هؤالء ويريهم على جمموعة من األسس والقواعد العامة الـيت‬
‫يتوجب على املصنف األخذ بها‪ .‬ونظراً ألهميـة هـذه األسـس والقواعـد العامـة‪،‬‬
‫فسنعرضها فيما يلي من الصفحات‪.‬‬
‫***‬
‫القواعد العامة للتصنيف العدلي‪:‬‬
‫‪ -2‬وضع كل وعاء معلومات حيث يتحقق من وضعه أعظم الفائدة‪:‬‬
‫املقصود بهذه القاعدة‪ ،‬أن يوضع الكتاب يف املكان الـذي يتوقـع املصـنف أن‬
‫يلجأ إليه أكرب عدد امكن من القراء والبـاحثني السـتعماله‪ ،‬وأن يضـع املصـنف يف‬

‫‪190‬‬
‫اعتباره أيضاً طبيعة رواد املكتبة أو مركز املعلومات‪ ،‬وميوهلم‪ ،‬كما يبين قـراره علـى‬
‫معرفــة تامــة بأهــداف املكتبــة‪ ،‬ســواء أكانــت عامــة‪ ،‬أو مدرســية‪ ،‬أو جامعيــة‪ ،‬أو‬
‫متخصصة‪.‬‬
‫فمثالً كتاب «موجز تاريخ العامل» لن تكون له فائدة أكرب من وضعه حتت موضوع‬
‫«تاريخ العامل»‪ .‬ولكن املشكلة تظهر عندما تصنف مثالً‪ ،‬كتاباً عن «حنـل العسـل»‪ .‬هـل‬
‫وجوده مع بقية الكتب عـن «احلشـرات» أنفـع؟ أم مـع الكتـب األخـرى عـن «تربيـة‬
‫النحل»؟‪ .‬أو كتاب «الدكتاتوريون» قدمياً وحديثاً‪ ،‬هل نفعه أكثر حتت موضـوع «تـاريخ‬
‫العامل»‪ ،‬أم حتت موضوع السياسة‪ ،‬أم حتت موضـوع «الرتاجـم»‪ ،‬لـذلك يتوجـب علـى‬
‫املصنف كما أسلفت أن يضع يف اعتباره طبيعة رواد املكتبة وميوهلم‪.‬‬
‫‪ -1‬التصنيف باملوضوع أوالً‪ ،‬ثم بالشكل‪:‬‬
‫يعترب املوضوع دائماً أساساً لتصنيف أي وعاء مـن أوعيـة املعلومـات‪ ،‬حيـث‬
‫يُعطى الكتاب مثالً‪ ،‬الرمز الدّال على املوضـوع أوالً‪ ،‬ثـم يتبـع الرمـز الـدّال علـى‬
‫شكل الكتاب‪ ،‬حتى الكتب ذات الشكل احملدد‪ ،‬كاملعجم ودائرة املعارف‪ ،‬والـدليل‬
‫‪ ...‬ويريها‪ ،‬فتصنف حتت الشكل‪ ،‬بصرف النظـر عـن املوضـوع‪ .‬وهنـاك يف مجيـع‬
‫خطط التصنيف‪ ،‬أماكن خمصصة ملثل هذه املوضوعات الشكلية‪.‬‬
‫‪ -4‬التصنيف حتت الرأس احملدد الذي يشتمل على ذلك النوع من أوعية املعلومات‪:‬‬
‫املقصود بهذه القاعدة‪ ،‬إعطاء الكتاب أو وعاء املعلومات رمزاً يعرب بدقـة عـن‬
‫درجة االختصاص‪ ،‬سواء من حيث اتساع التغطية أو عمقها‪ ،‬مثـال ذلـك‪ :‬إن كـان‬
‫على املصنف أن يصنف كتاباً عن «كرة القدم»‪ ،‬فيجب عليه أن يضـع الكتـاب مـع‬
‫بقية كتب «كرة القدم»‪ ،‬وليس حتت املوضوع العام‪« ،‬ألعـاب الكـرة» مـثالً‪ ،‬ولـيس‬
‫حتت املوضوع األكثر مشوالً «الرياضة واأللعاب اخللوية»‪.‬‬
‫‪ -3‬عندما يعاجل وعاء املعلومات موضوعني‪ ،‬يُصنّف حتهت املوضهوع الرئيسهي‪،‬‬
‫فإذا تعذّر األمر‪ ،‬يصنّف حتت املوضوع األول‪:‬‬
‫هذه القاعدة تعين أن يضع املصنف يف إعتباره عدد الصفحات الـيت كتبـت يف‬
‫‪191‬‬
‫كال املوضوعني‪ ،‬فإذا تبيّنَ له أنّ أحد املوضوعني يشغل اجلزء األكرب مـن الكتـاب‪،‬‬
‫وضعة حتت ذلك املوضوع‪ .‬أما إذا تساوى املوضوعان يف القدر‪ ،‬فإن تصـنيف هـذا‬
‫الكتاب‪ ،‬خيضع للموضوع الذي يعاجله الكتاب أو وعاء املعلومات أوالً‪ .‬وال ضـرر‬
‫يف ذلك البتّة‪ ،‬فالوصول إىل املوضـوع اآلخـر عـن طريـق الفهـرس أمـر مضـمون‪،‬‬
‫بواسطة رؤوس املوضوعات‪.‬‬
‫‪ -5‬عندما يعهاجل الكتهاب بالتسهاوي ثالثهة موضهوعات أو أكثهر‪ ،‬يُصهنف حتهت‬
‫املوضوع األكرب الذي يشملها مجيعاً‪:‬‬
‫مثال ذلك كتاب يعاجل «احلرارة»‪ ،‬و «الضوء»‪ ،‬و «الصـوت»‪ ،‬و «امليكانيكـا»‪.‬‬
‫فينبغــي وضــعه حتــت الرمــز اخلــاص باملوضــوع األكــرب‪ ،‬ال ـذي يضــم كــل هــذه‬
‫املوضوعات‪ ،‬وهو «الفيزياء»‪.‬‬
‫‪ -6‬يف حالة وعاء املعلومات الذي يصهف موضهوعاً آخهر مهض موضهوعه‪ ،‬يصهنف‬
‫الكتاب حتت املوضوع املوصوف‪:‬‬
‫فإذا عـرض وعـاء معلومـات يف «اجليولوجيـا اهلندسـية»‪ ،‬فـاألمر طبيعـي أن‬
‫يصنف حتت املوضوع «جيولوجيا»‪ ،‬وليس حتت املوضوع «هندسة»‪.‬‬
‫‪ -9‬عنهههدما يعهههاجل وعهههاء املعلومهههات موضهههوعاً حمهههدوداً قنطقهههة جغرافيهههة‪،‬‬
‫يُصنّف أوالً حتت املوضوع‪:‬‬
‫فمثالً‪ ،‬نأخذ كتاباً بعنوان «الفكر االقتصادي يف احلضارة األوروبيـة»‪ ،‬يُصـنّف‬
‫هذا الكتاب حتت املوضوع «اقتصاد» ثم يُتبع بعد ذلك بـالرمز الـدال علـى املنطقـة‬
‫اجلغرافية «أوروبا»‪.‬‬
‫‪ -1‬عندما ال جند مكاناً ملوضوع وعاء املعلومات املراد تصنيفه يف جهداول‬
‫التصنيف فنختار أقرب مكان له يف اجلداول ونضعه فيه‪- :‬‬
‫كثرياً ما تواجه املصنف صُعوبات نامجة عن عدم وجود مكان ملوضـوع كتـاب‬
‫أو وعاء من أوعية املعلومات يف جداول التصنيف‪ ،‬كـأن يتنـاول وعـاء املعلومـات‬
‫موضوعاً حديثاً جداً مل تفسح له خُطّة التصنيف مكاناً بعـد‪ ،‬أو أن يعـاجل فكـرةً أو‬
‫‪192‬‬
‫ظاهرة‪ ،‬أو موضوعاً بتخصيص شديد‪ ،‬فهنا حيتاج املصـنف إىل البحـث عـن أقـرب‬
‫مكان «مناسب» ملوضوع وعاء املعلومات‪.‬‬
‫خطّة التصنيف‪:‬‬
‫تعترب املكتبات ومراكز املعلومات‪ ،‬أفضل مكان يستطيع فيه الباحث أن حيصل‬
‫على املعلومات اليت يريدها‪ ،‬بطريقـة سـهلة وسـريعة‪ ،‬وذلـك نظـراً ألن املكتبـات‬
‫ومراكز املعلومات‪ ،‬تنظم أوعية املعلومات حسب نظم التصنيف‪ ،‬والتصـنيف يعـين‬
‫وضع األشياء املتشابهة بعضها مع بعض‪ ،‬والتصنيف يف املكتبات ومراكز املعلومات‬
‫يعين وضع أوعية املعلومات ذات املوضوع الواحد يف مكان واحـد‪ ،‬بغـرض تيسـري‬
‫الوصول إليها‪.‬‬
‫وهناك تصانيف عديدة ومن أشهرها تصنيفان‪:‬‬

‫أ ‪ -‬تصنيف مكتبة الكنغرس‪:‬‬


‫يف هــذا التصــنيف تُوضــح اجملــاالت الرئيســة للمعرفــة بــاألحرف الكــبرية‬
‫اإلجنليزية‪ ،‬أما األقسام الفرعيـة للمعرفـة فتوضـح باألرقـام‪ .‬وهنـاك «‪ »12‬واحـد‬
‫ال رئيسياً للمعرفة يف تصنيف الكنغرس‪.‬‬
‫وعشرون جما ً‬

‫ب ‪ -‬التصنيف العشري‪:‬‬
‫صاحب هـذا التصـنيف هـو مليفـل ديـوي «‪ »Melvil Dewey‬ويعتـرب هـذا‬
‫التصنيف أكثر النظم املستخدمة يف العامل لتصـنيف جمموعـات أوعيـة املعلومـات يف‬
‫املكتبات ومراكز البحوث‪.‬‬
‫ويقسم ديوي املعرفة إىل عشرة جماالت رئيسية‪ ،‬وكل واحد من هـذه اجملـاالت‬
‫ينقسم بدوره إىل عشرة أقسام‪ ،‬وكـل قسـم ينقسـم إىل عشـرة فـروع وهكـذا‪ .‬فهـو‬
‫تصنيف قابل لالتساع باتساع املعرفة مهما جتددت‪ ،‬ومهما ابتكر الفكر اإلنساني من‬
‫املعارف اجلديدة‪.‬‬
‫ويعرب عن كل موضوع من املواضيع املستخدمة يف التصنيف بواسطة األرقـام‪،‬‬

‫‪193‬‬
‫أي أن رقم استدعاء الكتاب‪ ،‬وهـو مـا يعـرب عنـه باللغـة االجنليزيـة «‪،»Call No.‬‬
‫يشمل موضوع الكتاب‪ ،‬معرباً عنه برقم التصنيف باإلضـافة إىل أحـرف مـن اسـم‬
‫املؤلف‪ ،‬أو اسم املؤلف وعنوان الكتاب‪.‬‬
‫ويلخص ديوي مزايا وفوائد تصنيفه العشري يف مقدمته الشهرية عندما يقول‪:‬‬
‫«إنه أقل التصانيف تكلفة» «يف االستعمال»‪ ،‬فهو سهل الفهـم‪ ،‬ميكـن تـذكره‪ ،‬كمـا‬
‫ميكن اسـتعماله‪ ،‬وهـو عملـي أكثـر امـا هـو نظـري‪ ،‬رؤوس موضـوعاته خمتصـرة‬
‫وواضحة‪ ،‬يريح ترتيب أوعيـة املعلومـات‪ ،‬كمـا يفيـد يف أعمـال التكشـيف‪ ،‬وهـو‬
‫يساعد على الرتفيف «وضع أوعية املعلومـات علـى الرفـوف» – بطريقـة منسـقة‪،‬‬
‫ويستخدم رموزاً بسيطة وقليلة‪ ،‬وميكن التوسع فيـه إىل أقصـى حـد‪ ،‬دون إحـداث‬
‫خلل‪ ،‬أو جهد ضائع‪ ،‬وهو تصنيف يُسهّل اكتشاف األخطاء‪ ،‬ويسـمح باإلحـاالت‬
‫العديدة‪.‬‬
‫والتصنيف العشري أصبح أداةً عاملية لتوفري الوقـت‪ ،‬هـو متجـدد باسـتمرار‪،‬‬
‫ويقول ديوي‪« :‬على الذين يقدمون شيئاً جديـداً لتحسـينه يف الطبعـات املقبلـة‪ ،‬أن‬
‫يعلموا أنهم يعاونون على زيادة اإلفادة من نظام يساعد بالفعل آالف ًا متزايدة‪ ،‬تنتشر‬
‫يف أرجاء العامل املتحضر»‪.‬‬
‫وسنتبع يف نهاية هذا الفصل اخلالصة األوىل وهي األقسام العشـرة للمعرفـة‪.‬‬
‫واخلالصة الثانية وهي األقسام املائة‪ .‬ومن أراد االستزادة‪ ،‬فلرياجع تصـنيف ديـوي‬
‫العشري الذي صدرت منه مؤخراً الطبعة ( ‪.) .........‬‬
‫****‬
‫وهناك أيضاً التصانيف اآلتية‪:‬‬
‫‪ -2‬نظام التصنيف العشري العاملي‪:‬‬
‫كان هذا النظام نتيجة مباشرة ملـؤمتر دولـي عقـد يف بروكسـل عـام ‪2175‬م‪،‬‬
‫حيث أعلن عن تأسيس «املعهد الـدولي للبيبليويرافيـا»‪ ،‬الـذي أصـبح فيمـا بعـد‬
‫«االحتاد الدولي للتوثيق»‪ .‬ويف هذا االجتماع دعا «بول أوتلت» و «هنري الفونتني»‬

‫‪194‬‬
‫لوضع فهرس بطاقي ألدبيات العامل‪ ،‬ودعت احلاجة إىل وجود تصنيف دولي‪ .‬وقـد‬
‫وقع االختيار على نظام للتصنيف العشري كأساس هلذا التصنيف‪ ،‬علـى أن يعـدل‬
‫ويوسع حسب احلاجة‪ .‬وقد وافق «مليفل ديوي» على هذا اإلجـراء‪ ،‬شـريطة أن ال‬
‫تكون هناك تغيريات رئيسية يف هيكله‪.‬‬
‫أما عبارة «عاملي» فهي ال تعين كونه دولياً أو عاملياً بالنسبة الستخدام النظـام‪،‬‬
‫وإمنا تشري إىل حماولة معاملة مجيع ميادين املعرفـة‪ ،‬كنمـوذج موحـد‪ ،‬مـن مواضـيع‬
‫متداخلة الرتابط‪ ،‬ال جمرد جمموعات من تصانيف خاصة وضعت معاً‪.‬‬
‫أما كونه «عشريام»‪ ،‬فنتيجة ملا ورثه من نظـام تصـنيف ديـوي العشـري الـذي‬
‫اعتمد أساس ًا لبنائه‪ .‬وهذه امليزة أعطته املرونة اخلاصة‪.‬‬
‫إنّ ما مييزه عن تصنيف ديوي‪ ،‬فهو اإلمكانات يري احملـدودة يف بنـاء األرقـام‪،‬‬
‫وربط املواضيع املختلفة بواسطة إشارات ترقيم خاصة‪ ،‬قد أكسبته مرونة فائقة‪ ،‬يري‬
‫أنها أدت بالضرورة إىل طول األرقام‪ ،‬بشكل جعلت املستفيدين ينفرون منه‪.‬‬
‫ويستخدم هـذا النظـام علـى نطـاق واسـع يف أوروبـا‪ .‬وخاصـة يف املكتبـات‬
‫املتخصصة‪ .‬وهذا النظام مطبق على كافة أنواع املواد املكتبية‪ ،‬وليس مقتصـراً علـى‬
‫الكتب‪ ،‬وهذه إحدى امليزات اليت متيزه عن نظام تصنيف ديوي العشري‪.‬‬
‫‪ -1‬نظام تصنيف كرت التوسعي‪:‬‬
‫«شارلز كرت» هو صاحب نظام كرت املشهور‪ ،‬الذي أعطى فيـه رمـوزاً ألمسـاء‬
‫املؤلفني‪ ،‬وأمسى تصنيفه هذا التصنيف املرن أو التوسعي‪ ،‬الذي سيسع كل ما ميكن‬
‫أن يضاف إليه من جديد‪.‬‬
‫اعتمد كرت يف وضع نظامه على االعتقاد الذي آمن به‪ ،‬وهو حاجـة املكتبـات‪،‬‬
‫إىل نظام للتصنيف‪ ،‬يتناسب مع عدد الكتب اليت حتويهـا املكتبـة علـى مـر الـزمن‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن نظامه يتكون من ‪ 9‬توسـعات أي «‪ »9‬أنظمـة للتصـنيف‪.‬‬
‫فاملكتبة الصغرية تستخدم النظام األول‪ ،‬وكلما زاد عدد كتبها‪ ،‬استخدمت األنظمـة‬
‫األخرى الواحد تلو اآلخر‪ ،‬حتـى تصـل يف اسـتخدامها إىل النظـام السـابع الـذي‬

‫‪195‬‬
‫يناسب تصنيف املاليني من الكتب‪.‬‬
‫لقــد اســتخدم «كــرت» احلــروف اهلجائيــة اإلجنليزيــة‪ ،‬فقســم املعرفــة إىل ســتة‬
‫وعشرين فصالً‪ ،‬وهي عدد األحرف اهلجائية كاآلتي‪:‬‬
‫‪A‬‬ ‫املراجع واملعارف‬
‫‪B- C–D‬‬ ‫الفلسفة والديانات‬
‫‪E–F–G‬‬ ‫التاريخ واجلغرافيا والرتاجم والرحالت‬
‫‪H–J–K‬‬ ‫العلوم االجتماعية – العلوم السياسة‬
‫‪L‬‬ ‫العلوم الطبيعية‬
‫‪M–P‬‬ ‫علوم التاريخ الطبيعي‬
‫‪Q–U–R–S–T–V‬‬ ‫الفنون النافعة‬
‫‪W‬‬ ‫الفنون اجلميلة‬
‫‪X‬‬ ‫اللغات‬
‫‪Y‬‬ ‫اآلداب‬
‫‪Z‬‬ ‫علم مصادر الكتب وعلم املكتبات‬

‫‪ -4‬نظام تصنيف براون املوضوعي‪:‬‬


‫وضع هذا النظام املكتيب الربيطاني «جـيمس دف بـراون» (‪)2723 – 2111‬‬
‫الذي يُعزى إليه اعتماد نظام الرفوف املفتوحة يف املكتبات‪.‬‬
‫يتكــون النظــام مــن «‪ »22‬أص ـالً‪ ،‬والرمــز خمــتلط مــن احلــروف واألرقــام‬
‫واستخدامه احلروف اهلجائية الكـبرية «‪ ،»A – Z‬واألرقـام » ‪ » 777 – 111‬ومـن‬
‫خصائص هذا النظام‪ ،‬أنه مجع نظريات املوضوع وتطبيقاته معاً‪ ،‬كمـا اعتمـد نظريـة‬
‫املكان الواحد أي مكان واحد يف النظام للموضوع الواحد‪.‬‬
‫فمثالً «الزهور» متثل موضوعاً حمسوساً‪ ،‬ذلك أن اهتمام الـدارس بـالزهور يف‬

‫‪196‬‬
‫كل وجهات النظر‪ ،‬هذا هو اهتمام ثابت‪ ،‬حيث ينظر إليه من وجهـات نظـر‪ :‬علـم‬
‫النبات‪ ،‬زراعة الزهور‪ ،‬التاريخ‪ ،‬اجلغرافيا‪ ،‬الزينـة‪ ،‬الرمزيـة‪ ،‬البيبليويرافيـا ‪ ..‬إخل‪،‬‬
‫وذلك بعمل بيبليويرافيا عن الزهور‪.‬‬
‫أما األصول األحد عشر عند براون فهي‪:‬‬
‫القسم العام‬ ‫‪A‬‬
‫العلم الطبيعي والتكنولوجيا (املادة والطاقة)‬ ‫‪B–D‬‬
‫علم احلياة‬ ‫‪E–F‬‬
‫األنثولوجيا والطب‬ ‫‪G–H‬‬
‫علم احلياة االقتصادي والفنون املنزلية‬ ‫‪I‬‬
‫الفلسفة والدين‬ ‫‪J–K‬‬
‫علم االجتماع وعلم السياسة‬ ‫‪L‬‬
‫اللغة واألدب‬ ‫‪M‬‬
‫األشكال األدبية‬ ‫‪N‬‬
‫التاريخ واجلغرافيا‬ ‫‪O–W‬‬
‫الرتاجم‬ ‫‪X‬‬
‫‪ -3‬نظام تصنيف «بليس» البيبليوغرايف‪:‬‬
‫«بليس» من علماء التصنيف‪ ،‬الذين تركوا أثرًا كبرياً‪ ،‬فهو صـاحب التصـنيف‬
‫البيبليويرايف‪ ،‬فقد أصدر اجلـزء األول مـن النظـام عـام ‪2731‬م‪ ،‬وحيـوي املقدمـة‬
‫واألصول ‪ A – G‬وتشمل (الفلسـفة والقـانون والرياضـيات والعلـوم الطبيعيـة)‬
‫وصدر اجلزء الثـاني عـام ‪2739‬م‪ ،‬ويشـتمل علـى األصـول ( ‪ ) H – K‬ويشـمل‬
‫(العلوم اإلنسانية)‪ ،‬وصدر اجلزء الثالث عام ‪2754‬م‪ ،‬وحيـوي األصـول ( ‪) I – Z‬‬
‫ويشـــمل (التـــاريخ والنـــاس واألمـــم‪ ،‬الديانـــة‪ ،‬األخـــالق‪ ،‬اللغـــات‪ ،‬اآلداب‪،‬‬
‫البيبليويرافيا واملكتبات )‪ .‬وصدر اجلزء الرابع يف نفس العام ‪2754‬م‪ ،‬وهو كشاف‬
‫عام للنظام كله‪.‬‬
‫‪197‬‬
‫ولكن هذا النظام مل يلق قبوالً من املكتبات العاملية‪ ،‬ومل يستطع أن ينافس نظام‬
‫ديوي العشري‪ ،‬ونظام التصنيف العشري العاملي‪ ،‬ونظام مكتبة الكنغرس‪.‬‬
‫***‬
‫‪ -5‬نظام تصنيف الكولون لراجناناثان‬
‫وضعه عامل املكتبات اهلندي «شـيالي راجناناثـان» (‪ ، )2791 – 2171‬الـذي‬
‫أدرك بعقليتــه الرياضــية أن نظــام ديــوي‪ ،‬منــوذج مــن منــاذج التصــانيف احلاصــرة‬
‫التقليدية‪ ،‬فهو خطة جامدة‪ ،‬ألن رقم التصنيف ينمو يف اجتاه واحد فقط‪ ،‬فإذا أردنـا‬
‫ختصيص عنصر جديد فالرقم ال يسمح بذلك‪.‬‬
‫لذلك فقد وضع راجناناثان نظام تصنيفه لكي يكون مرناً‪ ،‬ويسـمح باسـتيعاب‬
‫العناصر املختلفة للموضوع املركب‪ ،‬ولذلك ال بد من عالمة تفصل أجـزاء الـرقم‪،‬‬
‫وعناصره‪ ،‬بعضها عن بعض‪ ،‬ويف نفس الوقت تربطها معـاً يف رقـم واحـد‪ ،‬احيـث‬
‫يكون كل عنصر جزءًا مستقالً‪ ،‬ويف نفس الوقت مكوناً من مكونات رقم واحد‪.‬‬
‫فعند التصنيف العملي‪ ،‬يُحلل موضوع الوثيقة (وعاء املعلومات) إىل عناصره‪،‬‬
‫ويُسحب رقم العنصر املناسب من القائمة املستقلة املناسبة‪ ،‬ثـم يعـاد تركيـب هـذه‬
‫العناصر معاً‪ ،‬لتكوين رقم التصنيف املركب للموضوع املركب‪.‬‬
‫ولذلك ال بد من عالمة تفصل أجزاء الرقم‪ ،‬وعناصره عن بعضها‪ ،‬ويف نفـس‬
‫الوقت مكوناً من مكونات رقم واحد‪.‬‬
‫وقد وجد «راجناناثان» احللّ‪ ،‬بعالمة الوقف «الكولون»‪ ،‬لذلك مسي تصـنيفه‬
‫«الكولون» نسبة إىل أهمية هذه العالمة‪.‬‬
‫وميكن إيراد املثال اآلتي‪:‬‬
‫الرمز‪ T68 : 4 :‬وحتليله كاآلتي‪:‬‬
‫تربية‬ ‫‪T‬‬
‫املكفوفون‬ ‫‪68‬‬
‫تعليم املكفوفني‬ ‫‪61 :4‬‬
‫***‬
‫‪198‬‬
‫خطوات التصنيف العدلي‪:‬‬
‫مــن احلكمــة أن حيف ـ املصــنف عــن ظهــر قلــب اخلالصــة األوىل جلــداول‬
‫التصنيف‪ ،‬فبعد تقرير موضـوع الكتـاب املـراد تصـنيفه‪ ،‬يسـتطيع املصـنف – دون‬
‫الرجوع إىل اخلالصة األوىل – أن يضع الكتاب يف الفصل الصحيح‪ ،‬كخطـوة أوىل‪،‬‬
‫ثم يرجع إىل اخلالصة الثانية والثالثة‪ ،‬ويأتي وقت‪ ،‬يسـتطيع فيـه املصـنف أن يضـع‬
‫وعاء املعلومات يف القسم الصحيح اخلاص به‪ ،‬دون الرجوع إىل أي من اخلالصات‬
‫الثالث‪.‬‬
‫***‬
‫كيف يُقَرّر موضوع الكتاب‪:‬‬
‫من الواضح أن املصنفني ال ميلكون الوقت لقراءة كل أوعيـة املعلومـات الـيت‬
‫تُضاف إىل جمموعات املكتبة‪ ،‬ومن الواضح أيضاً أن عنوان الكتـاب‪ ،‬لـيس يف حـدّ‬
‫ذاته معلومات كافية عن الكتاب حتى ميكن تقريـر موضـوعه‪ .‬لـذلك ينبغـي علـى‬
‫املصنف أن يستعني بكافة الوسائل اليت تسـاعده يف تقريـر موضـوع الكتـاب‪ ،‬وقـد‬
‫يتطلب األمر أن يستخدم أكثر من وسيلة للوصول إىل هدفـه‪ ،‬أهـم هـذه الوسـائل‬
‫هي‪:‬‬
‫‪ -2‬العنوان‪:‬‬
‫يدل العنوان على ماهية املوضوع يالباً‪ ،‬ولكـن علـى املصـنف أن حيـذر دائمـاً‬
‫العناوين املضللة‪ ،‬أو اليت قد حتتـوي علـى تشـبيهات أو اسـتعارات‪ ،‬هلـذا فـإن‬
‫تقرير موضوع الكتاب‪ ،‬يتطلب الـذهاب إىل مـا هـو أبعـد مـن قـراءة صـفحة‬
‫العنوان‪.‬‬
‫‪ -1‬قائمة احملتويات‪:‬‬
‫وهي يالباً مرشد امتاز إىل موضوع الكتاب‪ ،‬وقد تكون يف بدايـة الكتـاب أو‬
‫نهايته‪ ،‬وقد تأخذ أمساء متعددة مثل‪ :‬احملتويات‪ ،‬أبواب الكتاب‪ ،‬الفهرس‪ ،‬وقد‬
‫ال توجد‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫‪ -4‬عناوين الفصول‪:‬‬
‫عندما خيلو الكتاب من قائمة احملتويات‪ ،‬فإن عناوين الفصول تفيد يف التعـرف‬
‫على حمتويات الكتاب‪.‬‬
‫‪ -3‬املقدمة أو التمهيد‪:‬‬
‫من احلكمة أن يقرأ املصنف مقدمة الكتاب‪ ،‬اليت يالبـاً مـا يكتبهـا املؤلـف‪ ،‬ملعرفـة‬
‫وجهة نظره‪ ،‬حتى لو كانت تطابق القرار الذي اختذه حول مكان تصنيف الكتاب‪.‬‬
‫‪ -5‬الكشاف‪:‬‬
‫ال مساعداً يف حتليل حمتوياته‪.‬‬
‫يعد كشاف الكتاب – إن وجد – عام ً‬
‫‪ -6‬اخلالصات‪:‬‬
‫تعترب اخلالصات اليت يف نهاية الكتاب‪ ،‬أو يف نهاية كل فصل من فصوله‪ ،‬بالغـة‬
‫األهمية يف حتديد املوضوع‪.‬‬
‫‪ -9‬نص الكتاب‪:‬‬
‫عندما يفتقر الكتاب إىل العناصر السابقة‪ ،‬ويتعذر معرفة موضوعه‪ ،‬فال مفرّ مـن‬
‫قراءة أجزاء من الكتاب‪ ،‬أو فحص نصه فحصاً دقيقاً‪.‬‬
‫‪ -1‬املصادر اخلارجية‪:‬‬
‫إذا مل يتضح املوضوع من فحص الكتاب بدقة‪ ،‬ميكن للمصنف احلصول على ما‬
‫يفيده يف موضوع الكتاب من املصادر اآلتية‪:‬‬
‫البيبليويرافيات‪ ،‬الفهارس املطبوعة‪ ،‬معاجم الرتاجـم‪ ،‬دوائـر املعـارف‪ ،‬تـاريخ‬
‫أدب املوضوع‪ ،‬التعريف بالكتب «‪.»Book Reviews‬‬
‫‪ -7‬آراء املختصصني‪:‬‬
‫ينبغي استشارة آراء املتخصصني يف املوضوعات املختلفة‪ ،‬عندما تفشل كلّ الوسائل‬
‫السابقة يف إمداد املصنف‪ ،‬مبا يساعده على التعرف على موضوع الكتاب‪.‬‬
‫***‬
‫‪200‬‬
‫ماذا بعد حتديد املوضوع‪:‬‬
‫بعد االنتهاء من حتديد موضوع الكتاب‪ ،‬يصبح كشاف خطة التصنيف أفضـل‬
‫بداية للعمل‪ ،‬فالكشاف‪ ،‬وخصوصاً الكشاف النسيب‪ ،‬يفيد كثرياً يف هـذه األحـوال‪،‬‬
‫فإن ترتيبه اهلجائي‪ ،‬عالوة على ربطه املوضوعات بعضها ببعض‪ ،‬يسـاعد املصـنف‬
‫على إجياد الرمز املطلوب بسهولة وأما املصـنف الـذي يعتمـد اعتمـاداً كليـاً علـى‬
‫الكشاف لتحديد موضوع الكتاب‪ ،‬والتقاط الرمز املناسب له‪ ،‬اقتصـاداً يف الوقـت‪،‬‬
‫أو لضرب عصفورين احجر واحد‪ ،‬فعليـه وحـده تقـع مغبـة عملـه‪ ،‬إذ قـد يكـون‬
‫الكشاف مضلالً‪ ،‬أو قد خيتار منه الرمز الذي ال يعرب بالضبط عـن فكـرة الكتـاب‪،‬‬
‫الذي يقوم بتصنيفه‪.‬‬
‫وليتـذكر املصـنف‪ ،‬أن وضـع مجيـع أوعيــة املعلومـات الـيت تبحـث يف نفــس‬
‫املوضوع حتت نفس الرمز من األمور اهلامة جداً يف التصنيف‪ .‬ولضمان ذلك جيـب‬
‫عليه إذا ما اختذ قراراً بشأن إحدى املشاكل الـيت تواجهـه‪ ،‬أن يسـجل هـذا القـرار‬
‫كتابة‪ ،‬حتى تصنف أوعية املعلومات اليت بها نفس املشكلة‪ ،‬بنفس الطريقة مستقبالً‪،‬‬
‫وميكن أن تأخذ هذه القرارات‪ ،‬شكل مالحظات تدون يف جداول التصـنيف‪ ،‬أمـام‬
‫األماكن املناسبة‪ ،‬كذلك عند حدوث أي اختالفات يف التفسـري تسـتدعي تغـيرياً يف‬
‫اجلداول‪ ،‬فال بد من إيضاح هذه االختالفات‪ ،‬مثل اللغة العربية‪ ،‬واألدب العربـي‪،‬‬
‫والدين اإلسالمي‪ .‬فال بدّ من إيضاح هذه االختالفـات توضـيحاً تامـاً يف اجلـداول‬
‫املرتمجة إىل اللغة العربية‪ ،‬وكـذلك يف الكشـافات‪ ،‬حتـى ال حيـدث يف املسـتقبل أي‬
‫اضطراب‪ ،‬قد ينتج عنه‪ ،‬وضع أوعية املعلومات ذات املوضـوع الواحـد يف مكـانني‬
‫خمتلفني‪.‬‬
‫***‬
‫أدوات العدل للدصنفني‪:‬‬
‫تعرتض املصنف يف بعض األحيان مصاعب ناشئة عن عدم متكنه من التثبـت‪،‬‬
‫والتحقق سريع ًا من خـالل وعـاء املعلومـات املـراد تصـنيفه‪ ،‬مـن موقـع جغـرايف‬

‫‪201‬‬
‫صحيح‪ ،‬أو تاريخ إلحدى الوقائع‪ ،‬أو األحداث اهلامة‪ ،‬أو مدلول مصـطلح علمـي‬
‫أو فين‪ ،‬لذلك حيسن باملصنف أن يضع بالقرب منه‪ ،‬ويف متناول يـده‪ ،‬بعـض كتـب‬
‫املراجع امليسرة‪ ،‬اليت تعاونه على أداء عملـه يف وقـت وجيـز‪ ،‬وتعتـرب قائمـة كتـب‬
‫املراجع التالية‪ ،‬ضرورية بالنسبة له‪:‬‬
‫‪ -2‬التصنيف العشـري لـديوي الطبعـة األخـرية الكاملـة باللغـة اإلجنليزيـة ‪4‬‬
‫أجزاء‪.‬‬
‫‪ -1‬التصنيف العشري املرتجم باللغة العربية – اخلطة‪ ،‬والكشاف النسيب‪.‬‬
‫‪ -4‬بعض التعديالت العربية املطبوعة لتصنيف ديوي العشري‪ ،‬واختيار أنسبها‬
‫للعمل‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلضـــــــافات الدوريـــــــة لتصـــــــنيف ديـــــــوي العشـــــــري‪:‬‬
‫”‪“Dewey Decimal Classification : Additions, notes and decisions‬‬
‫‪ -5‬معجــــم عــــاملي للبلــــدان‪ ،‬ال ســــيما الطبعــــة األخــــرية مــــن‬
‫”‪“ Webster’s gazetteer of the world‬‬
‫ومعجم عربي للبلدان‪ ،‬أو أطلس عربي حديث جيد‪.‬‬
‫‪ -6‬جمموعة مناسبة من املعاجم اللغويـة‪ :‬عربـي – عربـي‪ ،‬إجنليـزي – عربـي‪،‬‬
‫فرنسي – عربي‪ ،‬إجنليزي – إجنليزي‪.‬‬
‫‪ -9‬معجم تواريخ مثل ‪( Haydn’s Dictionary of dates‬أحدث طبعة)‪.‬‬
‫‪Websters’s biographical dictionary‬‬ ‫‪ -1‬معجــم تــراجم عــاملي وخصوصـاً‬
‫(أحدث طبعة)‪ ،‬ومعجم تراجم عربي لألعالم‪ ،‬مثـل األعـالم خلـري الـدين‬
‫الزركلي وآخر لألعالم احلديثة‪.‬‬
‫‪ -7‬املوسوعة العربية امليسرة‪.‬‬
‫‪ -21‬جمموعة مناسبة من املعاجم املتخصصة يف خمتلف اجملاالت‪.‬‬
‫‪ -22‬جمموعة خمتارة بعناية من القوائم البيبليويرافية العامة والوطنيـة والتجاريـة‬
‫واملوضوعية‪.‬‬
‫***‬
‫‪202‬‬
‫تصنيف ديوي العشري‬
‫‪ -2‬اخلالصة األوىل‬
‫‪ -1‬اخلالصة الثانية‬

‫‪203‬‬
‫اخلالصة األوىل‬

‫األصول العشرة‬
‫املعارف العامة‬ ‫‪177 – 111‬‬
‫الفلسفة وعلم النفس‬ ‫‪277 -211‬‬
‫الديانات‬ ‫‪177 – 111‬‬
‫العلوم االجتماعية‬ ‫‪477 – 411‬‬
‫اللغات‬ ‫‪377 – 311‬‬
‫العلوم الطبيعية والرياضيات‬ ‫‪577 – 511‬‬
‫العلوم التطبيقية ( التكنولوجيا )‬ ‫‪677 – 611‬‬
‫الفنون‪ ،‬الفنون اجلميلة‬ ‫‪977 – 911‬‬
‫األدب‬ ‫‪177 – 111‬‬
‫اجلغرافيا والتاريخ والرتاجم‬ ‫‪777 – 711‬‬

‫‪204‬‬
‫اخلالصة الثانية‬
‫الفروع املائة‬
‫املعارف العامة‬ ‫‪177 – 111‬‬
‫البيبليويرافيا‬ ‫‪121‬‬
‫علم املكتبات واملعلومات‬ ‫‪111‬‬
‫املوسوعات العامة‬ ‫‪141‬‬
‫‪.....‬‬ ‫‪131‬‬
‫الدوريات العامة‬ ‫‪151‬‬
‫املنظمات العامة واملتاحف‬ ‫‪161‬‬
‫املواد اإلخبارية والصحافة والنشر‬ ‫‪191‬‬
‫اجملموعات العامة‬ ‫‪111‬‬
‫املخطوطات واملطبوعات النادرة‬ ‫‪171‬‬
‫الفلسفة وعلم النفس‬ ‫‪277 – 211‬‬
‫امليتافزيقا‬ ‫‪221‬‬
‫نظرية املعرفة‪ ،‬السببية‪ ،‬اإلنسان‬ ‫‪211‬‬
‫الظواهر يري الطبيعية‬ ‫‪241‬‬
‫املذاهب الفلسفية‬ ‫‪231‬‬
‫علم النفس‬ ‫‪251‬‬
‫علم املنطق‬ ‫‪261‬‬
‫علم األخالق‬ ‫‪291‬‬
‫الفلسفة القدمية والوسطى والشرقية‬ ‫‪211‬‬
‫الفلسفة الغربية احلديثة‬ ‫‪271‬‬
‫‪205‬‬
‫األصل يف ديوي‬ ‫الديانات‬ ‫‪177 – 111‬‬
‫الالهوت الطبيعي‬ ‫اإلسالم‬ ‫‪121‬‬
‫الكتاب املقدس‬ ‫القرآن الكريم وعلومه‬ ‫‪111‬‬
‫الالهوت املسيحي‬ ‫احلديث الشريف وعلومه‬ ‫‪141‬‬
‫األخالق املسيحية‬ ‫العقيدة وأصول الدين‬ ‫‪131‬‬
‫الكنيسة احمللية‬ ‫الفرق اإلسالمية‬ ‫‪151‬‬
‫الالهوت االجتماعي املسيحي‬ ‫الفقه اإلسالمي‬ ‫‪161‬‬
‫تاريخ الكنيسة املسيحية‬ ‫فقه املذاهب اإلسالمية‬ ‫‪191‬‬
‫الفرق والطوائف املسيحية‬ ‫منوعات وموضوعات إسالمية‬ ‫‪111‬‬
‫الديانات املقارنة‬ ‫الديانات األخرى‬ ‫‪171‬‬
‫العلوم االجتماعية‬ ‫‪477 – 411‬‬
‫اإلحصاءات العامة‬ ‫‪421‬‬
‫العلوم السياسية‬ ‫‪411‬‬
‫االقتصاد‬ ‫‪441‬‬
‫القانون‬ ‫‪431‬‬
‫اإلدارة العامة‬ ‫‪451‬‬
‫اخلدمات االجتماعية واجلمعيات‬ ‫‪461‬‬
‫الرتبية‬ ‫‪491‬‬
‫التجارة والنقل واالتصاالت‬ ‫‪411‬‬
‫العادات واألدب الشعيب‬ ‫‪471‬‬
‫األصل يف ديوي‬ ‫اللغات‬ ‫‪377 – 311‬‬
‫اللغويات‬ ‫اللغة العربية‬ ‫‪321‬‬

‫‪206‬‬
‫اللغة اإلجنليزية واإلجنليزية القدمية‬ ‫اللغة اإلجنليزية‬ ‫‪311‬‬
‫اللغة األملانية‬ ‫‪341‬‬
‫اللغة الفرنسية‬ ‫‪331‬‬
‫اللغة اإليطالية‬ ‫‪351‬‬
‫اللغة اإلسبانية والربتغالية‬ ‫‪361‬‬
‫اللغة الالتينية‬ ‫‪391‬‬
‫اللغة اليونانية‬ ‫‪311‬‬
‫اللغات األخرى‬ ‫‪371‬‬
‫العلوم الطبيعية والرياضيات‬ ‫‪577 – 511‬‬
‫الرياضيات‬ ‫‪521‬‬
‫الفلك‬ ‫‪511‬‬
‫الفيزياء‬ ‫‪541‬‬
‫الكيمياء‬ ‫‪531‬‬
‫علوم األرض‬ ‫‪551‬‬
‫األحافري (املستحاثات)‬ ‫‪561‬‬
‫علوم احلياة‬ ‫‪591‬‬
‫علم النبات‬ ‫‪511‬‬
‫علم احليوان‬ ‫‪571‬‬
‫العلوم التطبيقية (التكنولوجيا)‬ ‫‪677 – 611‬‬
‫العلوم الطبية (الطب)‬ ‫‪621‬‬
‫اهلندسة‬ ‫‪611‬‬
‫الزراعة‬ ‫‪641‬‬

‫‪207‬‬
‫االقتصاد املنزلي واحلياة األسرية‬ ‫‪631‬‬
‫إدارة األعمال واخلدمات املساعدة‬ ‫‪651‬‬
‫اهلندسة الكيماوية‬ ‫‪661‬‬
‫الصناعات‬ ‫‪691‬‬
‫الصناعات الستخدامات حمددة‬ ‫‪611‬‬
‫املباني‬ ‫‪671‬‬
‫الفنون‬ ‫‪977 – 911‬‬
‫التخطيط املدني وختطيط املناطق‬ ‫‪921‬‬
‫اهلندسة املعمارية‬ ‫‪911‬‬
‫الفنون البالستيكية والنحت‬ ‫‪941‬‬
‫الرسم والفنون الزخرفية‬ ‫‪931‬‬
‫الرسم والرسومات‬ ‫‪951‬‬
‫الفنون التخطيطية‪ ،‬الطباعة واملطبوعات‬ ‫‪961‬‬
‫التصوير الفوتويرايف والصور‬ ‫‪991‬‬
‫املوسيقى‬ ‫‪911‬‬
‫الفنون الرتفيهية واالستعراضية‬ ‫‪971‬‬
‫األصل يف ديوي‬ ‫األدب‬ ‫‪177 – 111‬‬
‫األدب األمريكي باللغة اإلجنليزية‬ ‫األدب العربي‬ ‫‪121‬‬
‫آداب اللغة اإلجنليزية آداب اللغة اإلجنليزية واإلجنليزية القدمية‬ ‫‪111‬‬
‫آداب اللغة األملانية‬ ‫‪141‬‬
‫آداب اللغة الفرنسية‬ ‫‪131‬‬
‫آداب اللغة اإليطالية‬ ‫‪151‬‬

‫‪208‬‬
‫آداب اللغة اإلسبانية والربتغالية‬ ‫‪161‬‬
‫آداب اللغة الالتينية‬ ‫‪191‬‬
‫آداب اللغة اليونانية‬ ‫‪111‬‬
‫آداب اللغات األخرى‬ ‫‪171‬‬

‫‪ 777 – 711‬اجلغرافيا والتاريخ والرتاجم‬


‫اجلغرافيا والرحالت‬ ‫‪721‬‬
‫الرتاجم واألنساب والشارات‬ ‫‪711‬‬
‫تاريخ العامل القديم‬ ‫‪741‬‬
‫تاريخ أوروبا ودوهلا‬ ‫‪731‬‬
‫تاريخ آسيا ودوهلا‬ ‫‪751‬‬
‫تاريخ إفريقيا ودوهلا‬ ‫‪761‬‬
‫تاريخ أمريكا الشمالية ودوهلا‬ ‫‪791‬‬
‫تاريخ أمريكا اجلنوبية ودوهلا‬ ‫‪711‬‬
‫تاريخ أجزاء العامل األخرى‬ ‫‪771‬‬

‫‪209‬‬
210
‫الفصل اخلامس‬

‫اإلعارة‬
‫د‪.‬مأمون فريز جرار‬

‫‪211‬‬
‫اإلعارة‬
‫من اخلدمات اليت تقدمها املكتبة لروادها ومشرتكيها خدمة اإلعارة‪ .‬وإذا كـان‬
‫اجملال مفتوحاً ملن ميلك الوقت للجلوس يف املكتبة واالستفادة من مصـادرها كلـها‪،‬‬
‫فإنه ملن ال ميلك الوقت الكايف للجلوس يف املكتبة حق االستفادة اما ميكن أن خيـرج‬
‫من املكتبة من املصادر‪.‬‬
‫وهذا هو املقصود باإلعارة‪ ،‬أي إتاحة اجملال للمشرتكني باملكتبة لالستفادة مـن‬
‫املصادر القابلة لإلعارة خارج حدودها وخارج وقت الدوام الرمسي وفق ضـوابط‬
‫حمددة‪.‬‬
‫ملاذا اإلعارة؟‬
‫إن الثقافة واالسـتفادة مـن مصـادرها حـق مـن حقـوق اإلنسـان يف العصـر‬
‫احلديث‪ .‬ولذلك يفكر املكتبيون يف تعميم اخلدمة املكتبية على نطـاق واسـع‪ .‬ومـن‬
‫أجل ذلك وجدت خدمة اإلعارة اليت يرجع سبب التفكري فيها إىل أمرين‪:‬‬
‫أ‪ .‬مراعاة ظروف املشرتكني يف املكتبة الذين ال ميلكون الوقت الكـايف للجلـوس‬
‫يف املكتبة واالستفادة مـن مصـادرها‪ ،‬أو تكـون حـاجتهم إىل الكتـاب كـبرية‬
‫تقتضي وجوده لديهم مدة معينة‪.‬‬
‫ب‪ .‬مراعاة حجم املكتبة وقدرتها على االستيعاب‪ ،‬فاإلعارة ختفف الزحـام علـى‬
‫املكتبة‪.‬‬
‫خماطر اإلعارة وضوابطها‪:‬‬
‫إن خروج الكتاب من املكتبة يعرضه لعدد من املخاطر منها‪:‬‬
‫‪ -2‬الضياع‪:‬‬
‫وحيدث أن خيرج بعض الكتب من املكتبة‪ ،‬ثم يأتي املستعري مـدعياً – صـدقاً أو‬
‫كذباً – أن الكتاب قـد فقـد‪ .‬ويالحـ أن بعـض املسـتعريين يفكـر يف امـتالك‬
‫الكتاب إذا كان رايب ًا فيه ويري قادر على احلصول على نسخة منه من السوق‪.‬‬
‫‪ -1‬التلف‪:‬‬
‫وقد يتعرض بعض الكت ب لشـيء مـن التلـف القليـل أو الكـثري مـن خلـل يف‬
‫‪212‬‬
‫الغالف أو انفكاك لبعض الصفحات أو كتابة عليها‪ .‬أو يـري ذلـك مـن أوجـه‬
‫التلف‪.‬‬
‫ولكي تتحقق منافع اإلعارة من يري وقوع ملخاطرها اختذت املكتبـات جمموعـة‬
‫من الضوابط‪ ،‬اليت نبينها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .2‬حتديد املستفيدين من خدمة اإلعارة‪:‬‬
‫وذلك بوضع نظام االشرتاك‪ .‬فاإلعارة ليست متاحة لكل فرد إال إذا قدّم طلب‬
‫اشرتاك‪ ،‬وتوافرت فيه شروطه‪ .‬ومن أجل أن حتف املكتبة حقّهـا تـدعو طالـب‬
‫االشرتاك إىل تعبئة منوذج اشرتاك فيه معلومات عنه‪ ،‬من عنوانه الربيدي ورقـم‬
‫هاتفه‪ ،‬مع ذكر أمساء معرّفني‪ ،‬من الشخصيات املعروفة ليُرجع إليها إن حدثت‬
‫خمالفة من املشرتك‪ .‬واما يتضمنه االشرتاك دفع رسم رمزي فيه شيء من العـون‬
‫للمكتبة‪ .‬وتطلب بعض املكتبات من املشرتكني دفع تـأمني‪ ،‬وهـو مبلـغ مسـرتد‬
‫عند ريبة املشرتك يف توقف االشرتاك‪.‬‬
‫‪ .1‬حتديد املصادر القابلة لإلعارة‪:‬‬
‫فليس كل مصدر من مصادر املكتبة متاحاً لإلعارة‪ ،‬فهناك املراجع الـيت توضـع‬
‫يف قسم خاص وال يسمح خبروجها من املكتبة‪ ،‬وهناك قسم الكتب الـيت تُعـار‪.‬‬
‫وقد كانت املكتبات قبل حني من الدهر جتعل كتب اإلعارة يف خمازن بعيدة عـن‬
‫أيدي رواد املكتبة‪ ،‬اما كان حيرم الرواد فرصة االنتفـاع بهـا مـن يـري جلـوء إىل‬
‫اإلعارة‪ ،‬وإن كانت هناك «إعارة داخلية» حيث يطلـب رائـد املكتبـة الكتـاب‪،‬‬
‫ويضع هويته يف قسم اإلعارة ثم يتوجه إىل قاعة املراجع واملطالعة‪ ،‬فإذا فرغ من‬
‫الكتاب أعاده واسرتد هويته‪ .‬وكانـت تلـك الطريقـة تسـمى بطريقـة الرفـوف‬
‫املغلقة‪ ،‬وأما الطريقة السائدة اليوم فهي طريقة الرفوف املفتوحة‪ ،‬حيـث تكـون‬
‫مصادر املكتبة كلها بني يدي رواد املكتبة‪ ،‬إال يف حاالت خاصة‪ ،‬وما كان منهـا‬
‫ميسرًا لإلعارة متت إعارته‪.‬‬
‫‪ .4‬حتديد عدد الكتب اليت تُعار‪:‬‬
‫من املعتاد يف نظم اإلعارة أن يوضع سقف للكتب اليت يُسمح للفرد باستعارتها‬
‫يف املرة الواحدة‪ .‬والشائع يف هـذا اجملـال هـو ثالثـة كتـب‪ .‬واهلـدف مـن هـذا‬

‫‪213‬‬
‫التحديد هو ضبط اخلارج من مصادر املعلومات‪ ،‬وعدم حرمان رواد املكتبة من‬
‫حقهم يف االطالع على خمتلـف املصـادر‪ .‬وتسـتثين املكتبـات األكادمييـة بعـض‬
‫الفئات‪ ،‬فلألساتذة حق يف استعارة عدد أكرب‪ ،‬ففي بعض اجلامعات هلم حـق يف‬
‫استعارة عشرة كتب‪ ،‬ويف بعضها هلم مخسة وعشرون كتاباً‪.‬‬
‫وكذلك هناك استثناء خاص لطلبة الدراسات العليا‪ .‬وال ُبدّ من التنبيـه هنـا إىل‬
‫أن من الواجب على من هلم هذا االستثناء أال يتعسفوا يف استخدام احلـق‪ ،‬وأال‬
‫حيجزوا الكتب لديهم إن انتهت حاجاتهم إليهـا‪ ،‬حتـى ال حيرمـوا يريهـم مـن‬
‫االستفادة منها‪ ،‬وخباصة إذا كانت نسخ الكتـاب قليلـة‪ ،‬وكانـت احلاجـة إليهـا‬
‫شديدة‪.‬‬
‫‪ .3‬حتديد مدة اإلعارة‪:‬‬
‫واهلدف من حتديد املدة هو اهلدف مـن حتديـد عـدد الكتـب الـيت تُعـار‪ ،‬وهـو‬
‫املوازنة بني حقوق املستعريين وحقوق رواد املكتبة‪ ،‬وإتاحة اجملال أمام عدد كبري‬
‫من مجهور املكتبة لالستفادة من حمتوياتها‪ ،‬استعارة أو مطالعة داخلية يف املكتبة‪.‬‬
‫‪ .5‬حتديد نظام للعقوبا والرغراما ‪:‬‬
‫اقتضى نظام اإلعارة معاجلة مـا ميكـن أن يقـع مـن خمالفـات املشـرتكني‪ .‬وقـد‬
‫وضعت عقوبات ويرامات تتناسب مع كل خمالفة‪.‬‬
‫فمن العقوبات‪:‬‬
‫أ‪ .‬حرمان املشرتك من حق االستعارة مدة معينة‪.‬‬
‫ب‪ .‬حرمان املشرتك من اإلعارة حرماناً نهائياً وإلغاء اشـرتاكه‪ ،‬وذلـك إذا كانـت‬
‫خمالفته كبرية‪.‬‬
‫وأما الغرامات فهي عقوبات مادية تستوفى من املخـالفني‪ .‬وبعـض املكتبـات‬
‫تفرض يرامة على تأخري كل يوم يف إعادة الكتاب‪ ،‬كما تفرض يرامة على فقـدان‬
‫الكتاب تكون أحياناً ثالثة أمثال سعر الكتاب‪.‬‬
‫وذلك لردع من يفكر يف امتالك الكتاب املُستعار وعدم ردّه إىل املكتبة‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫نظم اإلعارة)‪:(2‬‬
‫نظم اإلعارة هو إجراءات تنظيمية تتخذها املكتبة لضمان عودة الكتاب املعـار‬
‫يف املوعد‪ ،‬وذلك إلثبات وجود الكتاب يف ذمـة املُسـتعري‪ .‬وختتلـف نظـم اإلعـارة‬
‫باختالف حجم املكتبة ومجهورها‪.‬‬
‫ومن نظم اإلعارة الشائعة‪:‬‬
‫‪ -2‬نظام السجل‪:‬‬
‫وهو نظام يستخدم يف املكتبات الصغرية‪ ،‬أو لشرحية من مجهورها‪.‬‬
‫ومن صور هذا النظام‪:‬‬
‫أ‪ -‬الدفرت‪ :‬وذلك بتسجيل وقائع اإلعارة يف دفـرت حسـب التسلسـل الـزمين‪،‬‬
‫وخيصص لكل يوم صفحة أو أكثـر‪ .‬وتسـجل يف الصـفحة معلومـات عـن‬
‫اسم املُستعري وعنوانـه واسـم الكتـاب وتـاريخ اإلعـارة وتوقيـع املُسـتعري‬
‫وتاريخ اإلرجاع‪.‬‬
‫وإذا افرتضنا أن هذا النظام مستخدم يف مكتبة مدرسية فإن من املمكن اختاذ‬
‫سجل عام لإلعـارة‪ ،‬كمـا أن مـن املمكـن ختصـيص دفـرت لكـل شـعبة يف‬
‫املدرسة‪ ،‬وختصص لك طالب صفحة أو أكثر‪ ،‬وترتب األمساء هجائياًَ‪.‬‬
‫ب‪ -‬البطاقة الكرتونية‪ :‬وصورة هذا الشكل مـن نظـام السـجل بتخصـيص‬
‫بطاقة كرتونية لكل مستعري حتتوي على معلومات عن املُسـتعري يف أعالهـا‪،‬‬
‫ومعلومات عن الكتاب ووقـائع اإلعـارة‪ ،‬وتوقيـع املُسـتعري‪ ،‬وحتفـ هـذه‬
‫البطاقات مرتبة ترتيباً هجائيـاً‪ .‬ويسـتخدم هـذا النظـام يف إعـارة األسـاتذة‬
‫واملوظفني يف جامعة العلوم التطبيقية يف الوقت احلاضر‪.‬‬
‫‪ -1‬نظام بطاقة اغجيب‪:‬‬
‫وهذا النظام مستخدم يف مكتبة أمانـة العاصـمة‪ ،‬وكـان مسـتخدماً يف مكتبـة‬
‫عبداحلميد شومان‪ .‬ويقتضي هذا النظام إعطاء املستعري عـدداً مـن البطاقـات‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أساسيات علم املكتبات والتوثيق واملعلومات‪ ،‬ص‪ ،112:‬علم املكتبات واملعلومات‪ ،‬د‪.‬حممـد‬
‫ماهر محادة‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪215‬‬
‫على صورة جيب‪ ،‬وكل بطاقة تتيح للمستعري استعارة كتاب واحد‪ ،‬يسلّم إىل‬
‫املكتبة وتوضع فيه بطاقة الكتاب املعـار‪ ،‬وحتتـوي بطاقـة اجليـب علـى أحـد‬
‫وجهيها معلومات عن املُستعري‪ :‬امسه وعنوانه‪ ،‬وعلى الوجه اآلخر معلومات‬
‫عن املكتبة‪.‬‬
‫وهو نظام ميسّر يف إجراءاته‪ ،‬وعيبه الوحيد أنه يقضي احمل املستعريعدداً من‬
‫البطاقات ليتمكن من استعارة أكثر من كتاب‪.‬‬
‫‪ -4‬نظام اهلوية السجل‪:‬‬
‫وهو النظام املسـتخدم يف مكتبـة جامعـة العلـوم التطبيقيـة وعـدد آخـر مـن‬
‫اجلامعات‪ .‬ويقضي االشرتاك صرف هوية للمستعري على وجـه منهـا صـورة‬
‫املُستعري ومعلومات عنـه‪ ،‬وعلـى األوجـه األخـرى للهويـة (وعـددها ثالثـة‬
‫أوجه) سـجل تثبـت عليـه وقـائع اإلعـارة‪ :‬رقـم تصـنيف الكتـاب‪ ،‬ورقمـه‬
‫املتسلسل وتاريخ اإلرجاع‪.‬‬
‫‪ -3‬نظام البطاقة احملوسبة‪:‬‬
‫ويستخدم هذا النظام إذا متت حوسـبة املكتبـة‪ ،‬فيجعـل لكـل مسـتعري ملـف‬
‫حاسوبي يفتح برمز مسجل على هويته‪ ،‬ولكل كتـاب رمـز حاسـوبي يثبـت‬
‫على يالفه الداخلي‪ .‬وإذا أريد تسجيل واقعة اإلعارة فتح امللـف احلاسـوبي‬
‫باملستعري‪ ،‬ومُـرّر رمـز الكتـاب علـى احلاسـوب‪ ،‬وتـتم إجـراءات اإلرجـاع‬
‫خبطوات شبيهة‪ .‬وهناك نظم أخرى‪ ،‬وليس اهلدف من حديثنا االستقصاء بـل‬
‫عرض بعض هذه النظم‪.‬‬

‫املراجع‬
‫‪ -2‬أساسيات علم املكتبات واملعلومات‪ ،‬د‪.‬عمر همشري‪ ،‬د‪.‬راحي عليان‪ ،‬عمّان ‪2771‬م‪.‬‬
‫‪ -1‬علم املكتبات واملعلومـات‪ ،‬د‪.‬حممـد مـاهر محـادة‪ ،‬مؤسسـة الرسـالة‪ ،‬بـريوت ‪ 2319‬هــ ‪/‬‬
‫‪2716‬م‪.‬‬

‫‪216‬‬

You might also like