Professional Documents
Culture Documents
موجز الدراسة
تمهيد وتقسيم
...المبحث الول الرقابة علي دستورية
...المبحث الثاني الرقابة علي دستورية
...المبحث الثالث الرقابة القضائية
القسم الثاني القضاء الدستوري في جمهورية مصر العربية
تمهيد
اختصاصات المحكمة العليا
القضاء الدستوري المتخصص
ثانيًا:المحكمة الدستورية العليا
تمهيد وتقسيم
كيفية تكوين المحكمة
اختصاصات المحكمة الدستورية العليا
تمهيد وتقسيم
الختصاص الدستوري للمحكمة الدستورية العليا الرقابة القضائية علي
دستورية القوانين
أو الدعوى الدستورية
تمهيد وتقسيم
...كيفية اتصال المحكمة الدستورية
شروط قبول الدعوى الدستورية
موضوع الدعوى الدستورية
العيوب الدستورية
ملحق قانون المحكمة الدستورية العليا ومذكرته اليضاحية
هوامش
موجز الدراسة
الشرعية الدستورية
:مقدمة
الشرعية الدستورية تعني أن يكون الدستور بحسبانه القانون السمي في
بلد من البلد هو المرجع لتحديد مؤسسات الدولة واختصاصات هذه
.المؤسسات والقائمين بتمثيلها المعبرين عن إرادتها
والدستور إذ يحدد سلطات الدولة ومؤسساتها يقتضي أن تكون تلك
السلطات والمؤسسات خاضعة للدستور عاملة في إطاره ل تعدوه ول
.تخرج عليه
ومن هنا قيل أن الدستور تضعه " السلطة المؤسسة " في الدولة وان هذه
السلطات والمؤسسات داخل الدولة إنما هي سلطات مؤسسة والدولة
.نفسها في ظل الشرعية الدستورية تعتبر مؤسسة المؤسسات
ومن المنطقي أن السلطة المؤسسة وما تضعه من دستور تأتى في وضع
اعلي واسمي من السلطات المؤسسة وما يصدر عنها من قوانين أو
.قرارات أو حتى أحكام قضائية
كل سلطات الدولة الحديثة من تشريعية وتنفيذية وقضائية تخضع للدستور
بحسبان أن الدستور هو سند وجود هذه السلطات جميعًا وهو مصدر
شرعيتها فإذا كان ذلك كذلك فانه ل يتصور أن يصدر عن السلطات
التشريعية قانون يخالف الدستور وكذلك أيضا ل يجوز للسلطة التنفيذية أن
تصدر قرارات مخالفة للدستور الذي هو سند وجود هذه السلطة وهو الذي
.أعطاها ما تمارسه من اختصاصات
كذلك السلطة القضائية مع الختلف بين طبيعتها وطبيعة السلطتين
الخريين بحسبانها سلطة غير منشئة فهي ل تشرع ول تسن قوانين ول
تصدر قرارات وأنها هي تفصل في منازعات تثور بين الناس وبعضهم أو
.بين الناس وأجهزة الدولة أو حتى بين أجهزة الدولة نفسها
السلطة القضائية سلطة غير منشئة بهذا المعني وانما هي سلطة فصل في
.المنازعات وهي تفصل في هذه المنازعات علي ضوء أحكام القانون
وأحكام القانون بالمعني الواسع أو عبارة سيادة القانون بمعني اعم تغني
the rule ofحكم أو سيادة القانون .وعبارة حكم القانون أو سيادته
عني سيادة القاعدة القانونية بمعناها الشامل والذي يبدا من اعلي law
بالقاعدة الدستورية ثم تأتى القاعدة التشريعية ثم القرارات الدارية لئحية
أو فردية ول يتصور أن يوجد مبدأ سيادة القانون كامل إذا كان القضاء ل
يستطيع أن يتصدى لقاعدة قانونية سواء صدرت عن سلطة التشريع أو
.عن سلطة التنفيذ لكي يعلن انها مخالفة للدستور أو موافقة له
هذا هو المفهوم العام البسيط للشرعية الدستورية .وهو مفهوم حديث
نسبياً .ذلك أن فكرة الدستور نفسها باعتباره القانون الساسي أو القانون
الذي يسمو علي غيره من القوانين هي فكرة ل يتجاوز عمرها قرنين من
.الزمان إل قلي ً
ل
وقبل هذه المرحلة كانت الدولة تقوم أساسًا علي حكم الفرد وعلي إرادة
.هذا الفرد الحاكم أو مجموعة الفراد الحاكمين
كان معني الشرعية يرجع إلى إدارة الملك أو إرادة المير أو إرادة
.السلطان أو ما شئت من مسميات
كان كل ما يصدر عن هؤلء يعد مشروعًا ما داموا يتمتعون بسدة الحكم .
.وكانت إرادة الدولة آنذاك ترتبط بإرادتهم وتختلط بها
لم يكن الملك أو المير أو السلطات صاحب " اختصاص " يزاوله استنادًا
إلى قاعدة قانونية وانما كان يعتبر نفسه وكان يعتبر الناس هو " صاحب
السلطة " وليس معبرًا عنها أو ممثل لها كما يقال الن في ظل الشرعية
.الدستورية أو في ظل مبدأ سيادة القانون
ومن هنا كان صحيحًا من ناحية الواقع ومن ناحية القانون ما قاله لويس
ذلك “ " “ I'ETATC'ENT MOIالرابع عشر ملك فرنسا " أن الدولة
أن الدولة كانت تختلط بشخص الحاكم من كل ناحية .ذمتها المالية هي
ذمته المالية .إرادتها هي إرادته .كلمته هي القانون والقانون هو كلمته .
ومن هنا جاز للويس الرابع عشر أن يقول " أنا الدولة " وكان هذا القول
.ليس من باب الفخر " والعنجهية " وانما كان تعبيرًا عن حقائق العصر
وبعد ذلك سارت الدولة في طريق طويل انتهت بان انفصلت إرادة الحاكم
عن إرادة الدولة .اصبح للدولة إرادتها واصبح الحاكم مجرد معبر عن
هذه الرادة .وهو ل يعبر عن هذه الرادة تعبيرا مزاجيا يعبر عنها وفقا
لقواعد معينة موضوعة ومعروفة سلفا .فان هو خرج عن هذه القواعد
.فان تعبيره يكون غير مشروع
وصاحب ذلك وجود فكرة المؤسسة التي تعني وجود تنظيم مستمر له إطار
قانوني يستند إليه وله عاملون يمارسون اختصاصات المؤسسة وفقا
.للطار الذي تحدده القواعد المنشئة لها
وتأكد ذلك كله – وجود مؤسسات وانفصال شخصية الحاكم عن شخصية
.الدولة – عندما عرفت النسانية القواعد الدستورية
وكانت إنجلترا هي اسبق البلد لمعرفة القواعد الدستورية سواء عرفية أو
مكتوبة ولكن التجربة الدستورية البريطانية التي بدأت منذ القرن الثاني
عشر وتطورت تطورا بطيئا لم يكتمل إل في نهايات القرن التاسع عشر
وبدايات القرن العشرين ظلت بعيدة عن التأثير المباشر علي دول العالم
عدا المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية والتي أصبحت بعد ذلك "
الوليات المتحدة المريكية " وكان التطور الدستوري البريطاني منذ القرن
الثاني عشر وحتى القرن العشرين يسير في خط واضح .تقليص سلطات
الملوك وزيادة سلطات المجالس المنتخبة إلى أن وصل التطور إلى ذروته
واصبح الملك في إنجلترا مجرد رمز عار من كل السلطات صغيرها
وكبيرها .واصبح البرلمان وحكومته هو الذي يجمع السلطات جميعا في
.قبضته
theولكن التجربة البريطانية رغم انها هي التي انبتت مبدأ سيادة القانون
إل أن تأثيرها في مضمون فكرة الشرعية الدستورية كان rule of law
محدودا .ومرجع ذلك إلى أن القواعد الدستورية في بريطانيا كانت تصدر
عن البرلمان بالغلبية العادية .وكانت القوانين كذلك تصدر عن البرلمان
بالغلبية العادية مما يمكن معه القول انه من الناحية الشكلية فان القاعدة
الدستورية تتساوى مع القاعدة القانونية من حيث المصدر .حقا يبقي
للقاعدة الدستورية نوع من السمو الموضوعي .ولكن هذا السمو
الموضوعي – كما سنري – ليس هو المعول عليه عندما نتحدث عن
.الشرعية الدستورية ورقابة دستورية القوانين
وكان لبد للتطور الحاسم في قضية الشرعية الدستورية أن ينتظر أمرين
هامين أما أولهما فقد كان إعلن الدستور المريكي في 17سبتمبر عام
1787 .الذي يعتبر اقدم دستور وضعي مكتوب
وأما ثانيهما وأبعدهما أثرا وتأثيرا فتلك هي الثورة الفرنسية التي بدأت
.أحداثها عام 1789وأتى نقلت النظام السياسي كله من حال إلى حال
وليس من همنا هنا أن ندرس التطور الدستوري في أوربا بعد الثورة
الفرنسية أو في أمريكا بعد استقلل الوليات المتحدة وإعلن دستورها .
هذا أمر يطول شرحه ويخرج عن النطاق المحدود لهذه الدراسة الذي
.يعني أساسًا بموضوع الشرعية الدستورية
بل إن موضوع الشرعية الدستورية نفسه أوسع مدي من الهدف المحدد
الذي نقصد إليه في هذا المؤلف .وهو هدف اكثر تواضعًا من دراسة
الشرعية الدستورية بمعناها الشامل ولكنه هدف مرتبط بهذه الشرعية
أوثق ارتباط حتى أن تلزمهما يبدو واضحًا .ذلك الهدف هو دراسة مسالة
.رقابة دستورية القوانين
:تطور مسالة رقابة دستورية القوانين
ظل موضوع الرقابة علي دستورية القوانين " خصوصية " أمريكية طوال
القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين رغم عدم وجود قضاء
دستوري متخصص ولكن المحكمة العليا المريكية – التي هو بمثابة قمة
التنظيم القضائي في تلك البلد – أقرت لنفسها حق رقابة دستورية
القوانين منذ عام 1803في الحكم الشهير الذي أصدره القاضي مارشال
ل فيما بعد
.والذي سنشير إليه علي نحو اكثر تفصي ً
لكن المر لم يستمر هكذا في القرن العشرين وبالذات في أعقاب الحرب
العالمية الولى حيث بدا مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين يجد إلى
بعض الدساتير التي صدرت في فترة ما بين الحربين ثم انتشر المبدأ بعد
الحرب العالمية الثانية واصبح من المور المستقرة أن الدساتير الحديثة
.في اغلبها تتبني مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين
وفي فترة ما بين الحربين رأت النمسا – – 1920أول محكمة دستورية
في أوربا .وكان فقه العلمة كلسن الفقيه الكبير وراء إنشاء هذه المحكمة
.
.كذلك شاهدت تشيكوسلوفاكيا في نفس العام – – 1920الشيء ذاته
.وفي عام 1931أنشئت محكمة دستورية في أسبانيا
وإذا كانت المحكمة النمساوية قد استقرت واستمرت فان المحكمتين
.الخريين جارت عليهما تغيرات النظم السياسية واقتلعتهما من جذورهما
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية بدا التطور الحقيقي والكبير في تبني
الدساتير الحديثة لمدا الرقابة علي دستورية القوانين :حدث ذلك في
جمهورية ألمانيا التحادية – آنذاك – عام 1949وفي إيطاليا عام 1948
.حيث توجد في كل من البلدين واحدة من اقوي المحاكم الدستورية
وفي الدستور الفرنسي الصادر عام 1958تنظيم خاص للرقابة السابقة
.علي دستورية القوانين
وفي عام 1975تبنت اليونان نظاما للرقابة علي دستوره القوانين وكذلك
فعلت أسبانيا بعد عودة النظام الديموقراطي إليها وأنشأت محكمة دستورية
عام 1978وفي عام 1980تبنت بلجيكا نظام الرقابة علي دستورية
.القوانين أيضا
وهكذا انتشرت الرقابة علي دستورية القوانين في الغالبية العظمي من
.البلد الوربية
وعندما اجتاح الستقلل القارة الفريقية في أعقاب حرب السويس عام
1956وبدء تصفية المبراطورية البريطانية والفرنسية اخذ كثير من
).الدساتير الحديثة بمبدا الرقابة علي دستورية القوانين )1
وعندما صدر دستور 1971في مصر نص في مادته 174علي إنشاء
.المحكمة الدستورية العليا
وهكذا نري من بعيد كيف سار التطور الدستوري في هذا الشأن حتى انه
وصل إلى قلب القارة الفريقية والي شمالها وذلك بصرف النظر عن مدي
فعالية هذه الرقابة ومدي اليمان بها لدي النظمة الحاكمة في البلد
.الحديثة الستقلل ومن ثم الحديثة العهد بالنظام الديموقراطي
والملحوظة التي نريد أن نبدأ بها قبل أن نختتم هذه المقدمة هي أن الرقابة
علي دستورية القوانين ليست مرتبطة ارتباط السبب بالنتيجة بوجود قضاء
دستوري متخصص فقد توجد الرقابة الدستورية حتى في غير وجود قضاء
دستوري متخصص كما كان ومازال الحال في الوليات المتحدة المريكية
وكما كان الحال في مصر قبل إنشاء القضاء المتخصص علي نحو ما
.سنري
ولعله يحسن بنا في ختام هذه المقدمة أن نورد عبارة للستاذ الدكتور
احمد فتحي سرور " :الشرعية الدستورية هي الضمان العلى لسيادة
القانون علي سلطات الدولة ،فيها تتأكد سيادة القانون عليها .فبالشرعية
الدستورية يتم تنظيم السلطة وممارسة أعمالها في إطار المشروعية .
ويدعم القضاء مبدأ الشرعية الدستورية خلل استقلله وحصانته لتصبح
.القاعدة القانونية محورا لكل سلطة ،ورادعا ضد العدوان
وتعكس الشرعية الدستورية النظام السياسي للدولة .وهو في الدولة
القانونية ترتبط كل الرتباط بالنظام الديمقراطي وبسيادة القانون .ويدعم
ذلك كله قضاء دستوري يحمي الشرعية الدستورية فيدعم بذلك سيادة
).القانون )2
:وسنمضي في دراستنا هذه علي النحو التالي
.المقدمات الضرورية لوجود رقابة علي دستورية القوانين – 1
.المفهوم العام لمعني الرقابة علي دستورية القوانين – 2
اختيار بعض أنظمة الرقابة من اجل نوع من الدراسة المقارنة – 3
) ) .الوليات المتحدة – فرنسا – ألمانيا – إيطاليا – النمسا
الرقابة علي دستورية القوانين في مصر قبل إنشاء القضاء – 4
.الدستوري المتخصص وبعده
وبال التوفيق
:تمهيد
الرقابة علي دستورية القوانين ل توجد بالضرورة في كل الدول ،كذلك
فان الرقابة علي دستورية القوانين قد تقوم وتتولها المحاكم العادية حتى
في غير وجود قضاء دستوري متخصص ،واقدم تجربة في العالم
المعاصر في هذا الخصوص وهي تجربة الوليات المتحدة في رقابة
دستورية القوانين نشأت وتولتها المحاكم العادية وعلي رأسها المحكمة
العليا الفيدرالية ،ول يوجد في الدستور المريكي نص واضح يفرض هذا
الرقابة وانما هو اجتهاد قضائي محض ذلك الذي بني هذه الثروة القضائية
الضخمة في موضوع الرقابة علي دستورية القوانين وهي الثروة التي
استفاد منها القضاء الدستوري في أنحاء العالم المتحضر كله – ومحكمتنا
الدستورية العليا لم تتردد بدورها في الفادة من هذه الثروة كلما كان ذلك
ممكنا علي نحو ما سنري عندما ندرس التجربة المصرية في القضاء
.الدستوري
ولكن الرقابة الدستورية عندما توجد – حتى عن طريق القضاء العادي
عندما ل يوجد قضاء دستوري متخصص – نفترض مقدمات ضرورية
.ولزمة لمكان قيام هذه الرقابة
:وهذه المقدمات الضرورية فيما نري هي
.أ ( وجود دستور (
.ب ( اليمان بمبدا المشروعية وسيادة القانون (
.ج ( وجود قضاء مستقل (
.ونبحث كل مقدمة من هذه المقدمات في مبحث خاص
المبحث الول وجود دستور
إذا وجدت دولة بغير دستور – وهو أمر نادر في العصر الحديث – فل
يمكن أن يكون في هذه الدولة قضاء أو رقابة علي دستورية القوانين –
.ذلك أن غياب الصل يقتضي بالضرورة غياب الفرع
وجود " الدستور " هو المقدمة الضرورية لمكان وجود مثل هذه الرقابة
سواء قان بها قضاء دستوري متخصص أو قامت بها المحاكم العادية ،
ولكن ليس معني وجود الدستور في بلد من البلد أن يوجد فيها بالضرورة
رقابة علي دستورية القوانين ،ذلك أن هناك بلدا كثيرة يوجد فيها
.الدستور ول يوجد فيها مثل هذه الرقابة
وإذا كان وجود دستور أمرا لزما وسابقا بالضرورة لمكان قيام رقابة
دستورية – فما هو معني الدستور ؟ وهل يمكن وجود هذه الرقابة في ظل
كل أنواع الدساتير المرنة منها والجامدة ؟
:أول :معني الدستور
يثير فقهاء القانون الدستوري جدل طويل حول المذهب الموضوعي –
والمذهب الشكلي في معني القانون الدستوري .وليس يعنينا هنا أن نعالج
هذه القضية بتفصيل ،وانما يعنينا منها القدر الذي يتعلق بموضوعنا :
.موضوع القضاء الدستوري والرقابة علي دستورية القوانين
والدستور – علي أي حال – هو القانون الساسي في دولة ما – هو قمة
التنظيم القانوني في أي دولة .ول يتصور وجود قاعدة قانونية تسمو
علي الدستور وانما يتصور العكس بمعني سمو الدستور علي كل القواعد
.القوانين الخرى
والدستور يتعلق بتنظيم الدولة باعتبارها مؤسسة المؤسسات السياسية أو
المؤسسة ألم لكل المؤسسات داخل الدولة من حيث كيفية تكوينها
واختصاصهتا وكيفية مباشرتها لهذه الختصاصات وحدود وضوابط هذه
الختصاصات ،كذلك علقة سلطات الدولة ببعضها ،وعلقتها بالمواطنين
،كذلك فان الدستور لبد وان يعني بحقوق المواطنين في مواجهة
.السلطات العامة وكيفية حماية هذه الحقوق
.هذا هو المعني العام الموجز للدستور
ولكن كما قدمنا فان الفقه الدستوري يفرق بين المعني الشكلي للدستور
والمعني الموضوعي له .فماذا يراد بذلك علي نحو موجز وما علقته بما
نحن فيه – ما علقته بموضوع الرقابة علي دستورية القوانين ؟
المعني الشكلي للدستور ينصرف إلى الوثيقة الدستورية ذاتها ل يعدوها
ومفهوم الدستور وفقا لهذا المعني هو انه عبارة عن القواعد القانونية
الواردة في الوثيقة التي تحوي النصوص الدستورية .وكل قاعدة ل
تضمها هذه الوثيقة ل تعد – بالمعني الشكلي – قاعدة دستورية .كذلك
فان كل قاعدة يتضمنها نص من نصوص هذه الوثيقة يعتبر في كل الحوال
.قاعدة دستورية
.هذا هو المعني الشكلي للدستور
وهذا المعني يثير لدي كثير من فقهاء القانون الدستوري تساؤلت تحمل
.معني العتراض علي هذا التجاه الشكلي لمفهوم الدستور
أول هذه التساؤلت .هو ما يتعلق بقواعد قانونية ل شبهة في انها قواعد
أساسية تتصل بالتنظيم السياسي للسلطات العامة وترد هذه القواعد في
قوانين عادية مثل ذلك القوانين المتعلقة بالنتخاب والقوانين المتعلقة
بتنظيم السلطة القضائية ،وبالخص قانون المحكمة الدستورية عندما
يوجد مثل هذا القانون .هذه القواعد جميعا – في نظر هؤلء الفقهاء –
هي من صميم الموضوعات الدستورية حتى وان لم ترد في الوثيقة
الدستورية أي حتى إذا لم ترد ضمن المعني الشكلي للدستور ولبد من
دراستها عندما ندرس القانون الدستوري ونكتب عنه . .كذلك فان بعض
النصوص الجنائية سواء الموضوعية أو الجرائية تتعلق بحقوق دستورية
.فما حكم هذه القواعد كلها ؟
كذلك تيساءل هؤلء المعترضون علي المعني الشكلي للدستور عن
النصوص الدستورية التي ترد في الوثيقة الدستورية – ومن ثم تعتبر
قاعدة دستورية بالمعني الشكلي – والتي تتحدث عن موضوعات غير
دستورية كإلغاء عقوبة العدام مثل في بعض البلد أو عن كون السرة
هي أساس التنظيم الجتماعي أو ما إلى ذلك ،هذه نصوص ل صلة لها
بالمعني الموضوعي للقانون الدستوري حتى وان وردت في الوثيقة
الدستورية ،ومن ثم فل تثريب علي الفقه الدستوري الذي يتصدى للكتابة
عن الدستور في بلد من البلد أن هو اغفل شرح مثل هذه النصوص أو
.التعقيب عليها بحسبانها من الموضوعات غير الدستورية
وجملة ما يذهب إليه أصحاب هذه العتراضات من أنصار المذهب
الموضوعي هو أن القواعد الدستورية ل تتطابق دائما مع الوثيقة
الدستورية .فقد توجد قواعد دستورية ل تضمها الوثيقة الدستورية -
قوانين النتخابات وتنظيم القضاء والقضاء الدستوري – وقد توجد علي
العكس في الوثيقة الدستورية من النصوص ما ل يعالج موضعا دستوريا
.كالنص الذي ينص علي إلغاء عقوبة العدام مثل
ويري أصحاب هذا المذهب أن الخذ بالمعيار الموضوعي الذي ينظر إلى
موضوع القاعدة ل إلى شكلها هو الذي يجنينا هذه المشاكل الدستورية ول
.يجعلنا اسري الوثيقة الدستورية
والحقيقة أننا نري مبالغة كبيرة في وضع المعيار الشكلي والمعيار
.الموضوعي وضعا متقابل وكأنهما نقيضان ل يلتقيان
ونذهب إلى أن الوظيفة الدستورية في بلد الدساتير المكتوبة – وهي
توشك أن تشمل دساتير العالم كله عدا جزء من الدستور النجليزي وليس
كله – تعتبر المحور الساسي الذي تدور حوله القواعد الدستورية ،ومن
ثم الدراسات الدستورية .والمشرع الدستوري عندما يضع قاعدة معينة
في نصوص الدستور يريد أن يضفي علي هذه القاعدة ما للقواعد
الدستورية من أهمية ودرجة في مراتب التشريع ،كذلك فانه حين يخرج
قاعدة معينة من إطار النصوص الدستورية – مع ما قد يكون لها من
أهمية – يهدف من غير شك إلى نوع من المرونة بالنسبة لتلك القاعدة
.بحيث تصبح إمكانية تعديلها ايسر مما لو تضمنتها الوثيقة الدستورية
وبالنسبة لموضوع القضاء الدستوري وما يتصل به من رقابة دستورية
القوانين فان التساؤل الذي يوجه لنصار المعيار الموضوعي بالنسبة
لمعني الدستوري يتعلق بما يرتبونه من اثر علي قولهم بان قاعدة ما
تعتبر قاعدة دستورية حتى أن وردت في قانون عادي :مثل القواعد
المتعلقة بالنتخابات أو القواعد المتعلقة بالمحكمة الدستورية نفسها عندما
.ترد في قانون عادي
هل هذه القواعد تعتبر ضمن القواعد الدستورية ؟ وهل يعني ذلك – وفقا
للمعيار الموضوعي – انه ل يجوز تعديلها إل بذات الجراءات التي يعدل
بها الدستوري أو هل يثير الخروج عليها الحق في مراقبة دستورية
القوانين ؟
.ل أحد يقول ذلك
كذلك ومن الناحية المقابلة الذين يقولون أن النص الدستوري الذي يلغي
عقوبة العدام في الجرائم السياسية في بعض الدساتير أو النص الذي
ينظم كيفية إصدار الموازنة العامة للدولة هذه النصوص غير الدستورية
بطبيعتها هل يجوز أن تلغي أو تعدل بقانون عادي إذا كان الدستوري
يتطلب لتعديله إجراءات خاصة ؟ ما أظن أن أحدا يقول بشيء من ذلك
.أيضا
وهكذا نري انه مع أهمية تلك المناقشة الفقهية حول معني الدستور
واختلف الفقهاء بين مذهب موضوعي ومذهب شكلي فأننا ونحن بصدد
دراسة موضوع القضاء الدستوري والرقابة علي دستورية القوانين ل
نستطيع إل أن نتوقف عند الوثيقة الدستورية .كل نص ورد فيها فهو
نص دستور بصرف النظر عن موضوع الحكم الذي يتضمنه ذلك النص .
وكل نص لم يرد في الوثيقة الدستورية فانه ل تنسحب عليه الحماية التي
.قررها الدستور عندما يقرر رقابة دستورية القوانين
المعيار أذن هو الوثيقة الدستورية :أو كل نص يأخذ حكمها ومرتبتها
ودرجتها ،من ذلك مثل أن قانون توارث المارة في الكويت أضفى عليه
الدستور نفسه قيمة دستورية رغم انه لم يرد في الوثيقة الدستورية نفسها
.
لكن النصوص القانونية الخرى التي لم ترد في الوثيقة أو لم يمنحها
الدستور مرتبة الوثيقة الدستورية أيا كان الموضوع الذي تنظمه فأنها ل
تعبر فيما نحن بصدده مما يثير قضية الرقابة علي دستورية القوانين التي
.هي موضوع القضاء الدستوري وجوهره
.هذا عن معني الدستور
ولكن هل كل الدساتير تثور في ظلها قضية الرقابة علي دستورية القوانين
– .هنا ننتقل التساؤل الثاني
هل كل الدساتير تثير موضوع رقابة دستورية القوانين أم أن ثمة دساتير
ل تثور في ظلها هذه القضية ؟
هنا تثور التفرقة بين الدساتير المرنة والدساتير الجامدة من ناحية .
وتثور التفرقة بين السمو الموضوعي والسمو الشكلي للقواعد الدستورية
.من ناحية أخرى
ومرونة الدستور أو جموده هي مسالة ل تتعلق بطريقة وضع الدستور ول
بأحكام الدستور الموضوعية وانما تتعلق أساسا بطريقة تعديل الدستور .
الدساتير التي تقتضي لتعديلها إجراءات وأشكال اشد واقسي مما يتطلبه
تعديل القوانين العادية تعتبر دساتير جامدة .فهي جامدة أذن لن وسيلة
تعديلها ليست في سهولة ويسر تعديل القوانين العادية ولكنها ليست جامدة
بمعني أن قواعدها الموضوعية جامدة أو رجعية أو قديمة أو ما إلى ذلك
من أوصاف .ل شان لوصف الدستور بالمرونة أو الجمود بقواعد
الدستور الموضوعية وفلسفتها إنما يعد الدستور مرنا إذا كان القواعد
المطلوبة لتعديله هي ذات القواعد والجراءات المطلوبة لتعديل القوانين
العادية ،ويمكن للقانون العادي من ثم أن يعدل بعض قواعد الدستور كما
هو الحال في المملكة المتحدة .أمام الدساتير الجامدة فان تعديلها أو تعديل
بعض نصوصها يتطلب إجراءات مغايرة واكثر شدة وتعقيدا من تعديل
القواعد القانونية العادية ،ويمكن للقانون العادي من ثم أن يعدل بعض
قواعد الدستور كما هو الحال في المملكة المتحدة .أمام الدساتير الجامدة
فان تعديلها أو تعديل بعض نصوصها يتطلب إجراءات مغايرة واكثر شدة
وتعقيدا من تعديل القواعد القانونية العادية .ومن ثم فان القانون العادي ل
.يستطيع أن يعدل قاعدة دستورية
:هذا هو معني المرونة والجمود بالنسبة للدساتير
واشهر المثلة للدساتير المرنة الدستور البريطاني ذلك أن البرلمان
البريطاني وهو سلطة التشريع يملك أن يغير ويعدل في القواعد الدستورية
سواء كانت مكتوبة أو عرفية بنفس القواعد والجراءات والغلبية التي
يغير ويعدل بها القواعد القانونية العادية .يستطيع البرلمان البريطاني أن
يلغي النظام الملكي وان يحل محله النظام الجمهوري – نظريا – بنفس
القواعد والجراءات والغلبية التي يعدل بها قوانين المرور .والحقيقة أن
الدساتير المرنة تمثل الوضع النادر ذلك أن الغالبية العظمي من دساتير
دول العالم هي الن دساتير جامدة بمعني أن تعديل نصوص هذه الدساتير
يقتضي إجراءات خاصة ينص عليها الدستور نفسه وهي إجراءات تختلف
.عن إجراءات تعديل القوانين العادية وتمتاز منها بالصعوبة والشدة
وهذا أمر مفهوم ذلك أن الدساتير يفترض فيها أن تكون اكثر ثباتا
واستقرارا من القوانين العادية .ذلك أن الدستور هو الذي يحدد أسس
النظام السياسي بل والقتصادي أيضا في بلد من البلد ويضع الفلسفة
الساسية التي يقوم عليها النظام وان يتغير النام نفسه في فترات
متسارعة متقاربة .حقا لم يقل أحد أن أحكام الدستور يجب أن تظل خالدة
أو دائمة فل شئ في الدنيا وفي عالم السياسة والنظم السياسية يمكن أن
.يظل خالدا أو دائما ،ولكن ذلك شئ وسرعة التغيير وتلحقه شئ أخر
ومن هنا يمكن أن نقول أن استقرار النظام السياسي – ولو لفترة معينة –
يقتضي قدرا من الستقرار والستمرار في النظام الدستوري وهذا بدوره
يقتضي نوعا من الثبات في القواعد الدستورية وعدم إمكان تعديلها
وتغييرها بيسر علي نحو ما يحدث مع القوانين العادية .وهذا هو معني
.جمود الدستور
وجمود الدستور بهذا المعني يؤدي إلى نتيجة لزمة هي أن قواعد
الدستور اسمي وأعل مرتبة من قواعد القوانين العادية .وان القوانين
.العادية ل تستطيع أن تخرج علي حكم وضعه الدستور
:وهذا هو الموضوع الذي ننتقل إلى معالجته
:سمو القواعد الدستورية
القواعد الدستورية مرنة كانت أو جامدة ،عرفية أو مكتوبة تتربع علي
قمة النظام القانوني في الدولة ،ول يعلوها في النظام القانوني ما يعد
.اسمي واقوي منها ذلك انها هي قمة القواعد القانونية واسماها واقواها
وسمو القواعد الدستورية علي كل ما عداها من قواعد قانونية قد يكون
.سموا موضوعيا وشكليا في أن معا
.وقد يكون سموا موضوعيا فقط
والسمو الموضوعي يتحقق بالنسبة لكل أنواع الدساتير في مواجهة كل
القواعد القانونية ذلك علي حين أن السمو الشكلي يقتصر علي الدساتير
.الجامدة دون غيرها
:ونلقي نظرة سريعة علي كل من صورتي السمو الدستوري
السمو الموضوعي للقواعد الدستورية
دستور الدولة هو قانونها الساسي أو هو قانون القوانين سواء كان ذلك
.عرفيا أو مكتوبا ،مرنا أو جامدا
ول شك أن دستور الدولة يعكس فلسفتها السياسية والجتماعية أيا كانت
تلك الفلسفة ومن ثم فانه علي ذلك يعتبر الساسي الشرعي لكل النظمة
.القانونية في الدولة
وإذا استرجعنا المفهوم الواسع الدستور . .فأننا سنري انه هو الذي يضم
القواعد الساسية التي تحدد سلطات الدولة واختصائها ،وعلقاتها
بالفراد .ومن هذا يتبين أن مضمون القواعد الدستورية يسمو بطبيعته
علي مضمون القواعد القانونية الخرى التي تصدر عن السلطات المذكورة
.والدستور تعبير عن إرادة السلطة المؤسسة وهو الذي ينشئ السلطات
المؤسسة أو المنشاة في الدولة ويعطي كل منها اختصاصا معينا ل
تعدوهالسلطات المؤسسة أو المنشاة في الدولة ويعطي كل منها اختصاصا
معينا ل تعدوه) . (3وعلي ذلك فالدستور في الدولة القانونية – التي
تنفصل فيها السلطة عن أشخاص الممارسين لها – هو مناط اختصاص
الهيئات العامة بتلك الدولة ،بحيث أن تلك السلطات إذا تعدت جدود
الختصاص المرسوم لها في الدستور انقبت من سلطة قانونية تستند إلى
.الدستور إلى سلطة فعلية ل سند لها إل القوة المادية
ويترتب علي ذلك أن الختصاص الذي يمنحه الدستور لسلطة معينة ل
تستطيع تلك السلطة – بغير سند في الدستور – تنقله كليا أو جزئيا إلى
.سلطة أخرى في الدولة
فالحكم ل يستطيع أن ينقل سلطة القضاء إلى أفراد الناي أو إلى لجان
.إدارية
وإذا كان المثل السابق ل يثير خلفا فان ثمة صورة أخرى أثارت جدل
كثيرا ،تلك هي صورة التفويض في التشريع الذي يصدر عن السلطة
.التشريعية إلى السلطة التنفيذية
وهناك شبه إجماع علي أن البرلمان ل يستطيع أن ينقل سلطة التشريع
.كاملة إلى السلطة التنفيذية وإل كان معني ذلك هدم دستور الدولة
ولكن يستطيع البرلمان أن يفوض السلطة التنفيذية في إصدار قوانين
معينة في موضوعات معينة ؟ حدث في إنجلترا أن أعطى البرلمان سنة
1914تفويضا للحكومة تواجه به الطوارئ الناجمة عن الحرب عن
طريق اللوائح التشريعية العامة التي تصدرها وفي عام – 1920اصدر
البرلمان قانون سلطة الطوارئ الذي يوسع سلطات الحكومة التي منحها
.لها عام 1914برغم أن الحرب كانت قد انتهت
ويذهب الفقيه الفرنسي جورج بيردو ) (4الذي يقف ضد التفويض في
السلطة ويراه خروجا علي مبدأ السمو الموضوعي للدستور إلى أن ذلك
التفويض الذي حدث في إنجلترا فيه جور علي القواعد الدستورية
الموضوعية ،وذلك رغم ما يمتاز به الدستور البريطاني من مرونة ،
اللهم إل أن يقال أن هذه القوانين التفويضية تحمل معني التعديل
.الدستوري
وأيا كان الخلف حول هذه المسزلة – التفويض الجزئي في التشريع بغير
نص – فان السمو الموضوعي للقواعد الدستورية يبدو حقيقة وراء إثارة
هذه القضية ،إذ لو لم يكن هناك مثل هذا السمو الموضوعي لما أمكن أن
تثار هذه القضية خاصة في ظل الدساتير المرنة التي يمكن أن تعدل
.بالتشريع العادي
وان كان الدستور البريطاني دستورا مرنا كما هو معروف ،وكان البرلمان
في إنجلترا هو صاحب السلطة غير المحدودة في تلك البلد ،حتى أن
فقيها انجليزيا معاصرا يري أن ما يقال من أن البرلمان في إنجلترا يملك
كل شئ إل أن يجعل المرآة رجل والرجل امرأة غير صحيح ،إذ أن
البرلمان البريطاني يملك حتى ذلك بان يعطي حقوق هذه لهذا وحقوق هذا
) .لهذه )5
إذا كان ذلك كله صحيحا من الناحية النظرية فعلي أي أساس يقول هذا
الفقيه نفسه انه مع كل هذه السلطة ومع مرونة الدستور البريطاني ،وان
كثيرا من قواعده هي جزء من القانون العام في المملكة ،فان البرلمان
البريطاني ل يملك – علي سبيل المثال ل الحصر – أن يحرم المسيحيين
الكاثوليك من حق النتخاب أو أن يحرم إنشاء النقابات العامة أو أن يلغي
) .النظام الحزبي )6
إن البرلمان البريطاني ل يستطيع ذلك فعل لن مبدأ السمو الموضوعي
للدستور يحول بينه وبين إمكانية إصدار تشريعات تؤدي إلى تلك النتائج
المشار إليها حتى مع مرونة الدستور البريطاني . .بل واكثر ممن ذلك فقد
عثرنا علي حكم صادر عام – 1960 /في بداية القرن السابع عشر –
يقرر صراحة أن قانونا صدر عن البرلمان ولكن المحكمة رأت أن هذا
“ “ against common right or reasonالقانون باطل لنه
هذا الحكم الصادر في القضية الشهيرة في الدراسات الدستورية البريطانية
يعتبره كثير من الدراسيين ) “ Bonham's case “(7المعروفة باسم
بمثابة الساس الذي بنت عليه المحاكم في الدويلت المريكية التي كانت
خاضعة للستعمار البريطاني بدايات مبدأ الرقابة علي دستورية القوانين
.بغير سند صريح في دساتير تلك الوليات
وكانت تلك البدايات في الدويلت المريكية أبان فترة الحتلل البريطاني
هي الساس الذي بني عليه الصرح الضخم الذي إقامته المحكمة العليا
.والخاص بالرقابة علي دستورية القوانين
هذا هو ما يقصد إليه من أن مبدأ السمو الموضوعي للدستور هو مبدأ عام
ينطبق في الدولة القانونية أيا كان دستورها :عرفيا أو مكتوبا ،مرنا أو
.جامدا
ويتبين من كل هذا الذي تقدم أن السمو الموضوعي للدستور يؤدي إلى
اتساع نطاق مبدأ المشروعية .وإذا كان ذلك المبدأ يعني ضرورة احترام
النصوص القانونية العادية سواء من جانب الفراد أو من جانب السلطات
العامة فان السمو الموضوعي للقواعد الدستورية يعني أن تكون كل
القواعد القانونية التي تتضمنها التشريعات العادية وكل تصرفات سلطات
.الدولة في إطار الحدود والقواعد التي وضعها الدستور
إن الدستور هو الذي يحدد فلسفة نظام الحكم وأسسه وقواعده وكل ما
يبني علي هذه الفلسفة والسس والقواعد يجب أن يكون متفقا معها غير
.خارج عليها .وهذا هو ما نعنيه بالسمو الموضوعي للقواعد الدستورية
ومبدأ السمو الموضوعي للقواعد الدستورية ل ترتب مخالفته بذاتها نتائج
قانونية محددة وان أدت في البلد ذات الوعي والتي يكون فيها للرأي العام
تأثير كبير إلى نتائج سياسية بالغة الهمية بل وبالغة الخطر مما قد يصل
إلى حد الثورة ذاتها باعتبار أن انتهاك مبدأ السمو الموضوعي للدستور
هو انتهاك لكل أسس الحياة السياسية ولك قواعد النظام السياسي الذي
.يقيمه ذلك الدستور
ولكن الدساتير عادة ل تترك أمر سمو قواعدها لمجرد حماية الرأي العام
وانما تضع قواعد لضمان سمو هذه القواعد .وهنا نصل إلى الصورة
الخرى من صور السمو الدستوري .وهي صورة من السمو الشكلي
.والذي يتضمن بالضرورة السمو الموضوعي أيضا
وإذا كان ما سبق هو أمر السمو الموضوعي للدستور فما هو المر
بالنسبة للسمو الشكلي ؟
:السمو الشكلي للقواعد الدستورية
يتحقق السمو الشكلي للقواعد الدستورية علي القواعد القانونية العادية
في ظل الدساتير الجامدة تلك الدساتير التي ل يمكن تعديلها أو تغيير بعض
نصوصها بنفس الطريقة التي توضع وتعدل بها القوانين العادية وانما يلزم
لتعديلها إجراءات وأشكال وقواعد اقسي واشد من القواعد والجراءات
التي تعدل بها القوانين العادية .وبمقتضى قواعد التدرج في التشريع فان
القواعد الدستورية تأتى علي قمة القواعد القانونية بصفة عامة ومن ثم
فان ما يرد تحتها في سلم التدرج لبد وان يكون غير متعارض معها وإل
فقد " السمو الدستوري " معناه ومضمونه ذلك أن تعارض نص في
تشريع عادي مع نص دستوري يحمل في طياته معني أن القانون العادي
استطاع أن يعدل الدستور وهو المر الذي ل تجيزه طبيعة الدستور الجامد
.ول مكانة النص الدستوري في القمة من النظام القانوني
السمو الشكلي أذن يعطي " معني السمو " بعدا قانونيا ل يكتفي بالبعد
الفلسفي والسياسي الذي يتضمنه السمو الموضوعي علي ما بينا من قبل
.
السمو الموضوعي للدستور يحققه ويحميه الرأي العام ووعي الحاكمين
والمحكومين بسمو القاعدة الدستورية وضرورة احترامها واتباع
أحكامها ،ولكن السمو الشكلي للقاعدة الدستورية ل يكتفي بما تقدم وانما
يوجد آليات قانونية تحمي القاعدة الدستورية من أن تخالف وتضمن
.سموها علي سائر قواعد النظام القانوني
هذه الليات القانونية هي التي عن طريقها تتحقق وتمارس الرقابة علي
دستورية القوانين ،تلك الرقابة التي تؤدي إلى أن ل تخرج النصوص
القانونية العادية التي يضعها المشرع العادي عن القواعد الدستورية
الواردة في الوثيقة الدستورية والتي يعني خروجها علي القواعد
الدستورية إهدار معني سمو الدستور وهو المر الذي تريد الرقابة علي
.دستورية القوانين أن تتفاداه
ولكن تلك الليات القانونية التي يقصد بها الدفاع عن مبدأ سمو الدستور
وما تؤدي إليه من رقابة لدستورية القوانين ليست صورة واحدة في كل
البلد ذات الدساتير الجامدة والتي تنشئ آليات قانونية معينة لرقابة
.دستورية القوانين
وعلي ذلك وبعد أن ننتهي من دراسة المقومات الضرورية لوجود رقابة
علي دستورية القوانين نعرض للصور المختلفة لهذه الرقابة في النظمة
.والبلد المختلفة
المبحث الثاني اليمان بمبدا المشروعية وسيادة القانون
ل يكفي وجود دستور وان يكون الدستور جامدا لقيام قضاء دستوري فعال
.ومؤثر في بلد من البلد
وكثير من البلد فيها دساتير واغلب الدساتير جامدة ولكن مع ذلك ل يوجد
بها رقابة قضائية علي دستورية القوانين .ول يوجد بها من باب أولى
قضاء دستوري .والنظمة الدستورية ليست مجرد نصوص في وثائق .
كثير من البلد الفريقية الحديثة الستقلل يوجد بها دساتير علي مستوي
رفيع من حيث الصياغة الدستورية بل انها تتكلم عن حقوق السنان
وحرياته علي نحو مبهر .ومع ذلك فل صلة لهذه الدساتير بالواقع الذي
يعيشه الناس من قهر ومصادرة للحريات .كذلك ل صلة لهذه الدساتير
بالنقلبات التي تحدث في تلك البلد من اجل الستيلء علي السلطة
.وتحقيق الكثير من المغانم والكثير من إفقار الشعوب واضطهادها
النظمة الدستورية هي في جوهرها إيمان بدولة المؤسسات وإنهاء مفهوم
دولة الفرد وإيمان بان السلطة يمارسها أشخاص معينون وفقا لقواعد
معينة وان هؤلء الشخاص أن خرجوا علي القواعد القانونية المنظمة
لختصاصهم فقد خرجوا علي مبدأ المشروعية .وهذا بدوره هو معني
.بمبدا المشروعية وسيادة القانون
وقد تكررت الشارة إلى دولة المؤسسات ويتعين أن نقدم لتلك الدولة
.مفهوما بسيطا وواضحا
دولة المؤسسات هي تلك الدولة التي تنشا السلطات فيها وفقا لقواعد
قانونية سابقة تحدد كيفية إسناد السلطة إلى فرد أو أفراد معينين .ثم تحدد
القواعد القانونية بعد ذلك اختصاصات كل فرد أو مجموعة من الفراد أو
وجهة من الجهات أو هيئة من الهيئات تحديدا واضحا بحيث يكون
التصرف داخل هذه الختصاصات قانونيا ومشروعا ويكون التصرف خارج
هذه الختصاصات غير قانونية وغير مشروع .وهكذا يتضح ويتحددا مبدأ
المشروعية ويرتبط ارتباطا وثيقا بفكرة دولة المؤسسات وفكرة
).الختصاصات الذي يحدده القانون )8
هذا وقد أشار الستاذ الدكتور احمد فتحي سرور في مؤلفه القيم " الحماية
الدستورية للحقوق والحريات " ) (9إلى هذا المعني وأورد حكم المحكمة
الدستورية العليا الصادر بتاريخ 4يناير 1992في القضية رقم 22سنة
8قضائية دستورية الذي جاء فيه " :الدولة القانونية هي التي تتقيد في
جميع مظاهر نشاطها – وأيا كانت سلطاتها – بقواعد قانونية تعلو عليها
وتكون بذاتها ضابطا لعمالها وتصرفاتها في أشكالها المختلفة ذلك أن
ممارسة السلطة لم تعد امتيازا شخصيا لحد ولكنها تباشر نيابة عن
" .الجماعة ولصالحها
وقد ألححنا كثيرا في كثير من مؤلفاتنا ومحاضراتنا وأحاديثنا عي هذا
.الربط بين دولة المؤسسات ومبدأ المشروعية وسيادة القانون
وجمهور فقهاء القانون العام في فرنسا وفي مصر – وان لم يربطوا هذا
الربط الذي ذبهنا إليه منذ سنوات – فانهم مع ذلك قد أكدوا المضمون
الذي يربط بين الدولة القانونية من ناحية ومبدأ المشروعية من ناحية
.أخرى
يري أن جوهر الشرعية هو خضوع duguitوالفقيه الكبير العميد دوجي
كل تصرف لقاعدة القانون .وإذا كانت تصرفات الفراد وخضوعها
للقانون ل تثير جدل فان تصرفات السلطات العامة ووجود ما يلزمها علي
اتباع قاعدة القانون هو القضية الساسية بالنسبة لمبدأ المشرعية .ذلك
من أسباب رفضه لنظرية أعمال السيادة واعتبارها سبة في جبين القانون
.العام
ويذهب الستاذان بارتلمي ودويز في مؤلفهما عن القانون الدستوري إلى
أن مبدأ المشروعية يعني سيطرة القانون وإعلن علوه وسموه وانتهاء
فكرة عدم خضوع السلطة للقانون ذلك أن خضوع السلطة للقانون وفرض
احترام القاعدة القانونية علي من إصدار تلك القاعدة طالما لم يلحقها
) .تعديل هو جوهر فكر المشروعية )10
.ومبدأ المشروعية هو ومبدأ سيادة القانون وجهان لعملة واحدة
:مبدأ سيادة القانون
سيادة القانون تعني أن القاعدة القانونية تأتى فوق إرادات الفراد جميعا
حاكمين أو محكومين وتلزمهم جميعا باتباع أحكامها . .فان لم يلتزموا –
خاصة الحكام – بالقاعدة القانونية انقلب تصرفهم المخالف للقانون إلى
تصرف غير قانوني وغير مشروع .وإذا كان خروج الحكام علي القانون
يمثل النمط العام كما هو الحال في كثير من بلد العالم الثالث انقلبت الدولة
.من أن تكون دولة قانونية إلى دولة فعلية غير قانونية
كانت سلطة في الماضي تختلط بأشخاص الحكام بحيث إن إرادة الحاكم
كانت هي الفيصل أو هي القانون ،وبعد تطور طويل في سبيل تأكيد حرية
الشعوب ،وبعد أن استقر مبدأ أن الشعب هو صاحب السلطة وانه
مصدرها الصيل وان الحكام إنما يمارسون السلطة باسمه ويستمدونها
منه ،بعد أن استقر ذلك استقر معه مبدأ أخر ملزم له وناتج عنه وهو
الفصل بين شخصية الدولة وشخصية الحاكمين ،اصبح الحاكم يمثل
الدولة في النطاق الذي يحدده الدستور والقوانين ولم يعد الحاكم هو الدولة
.كما كان يقول لويس الرابع عشر
لم يعد الحاكم فوق القانون وانما اصبح القانون فوق الرادات جميعا ،
اصبح القانون هو الذي يحكم جميع الرادات ويحدد لها أدوارها والنطاق
الذي تعمل فيه بحيث إذا تجاوزت الرادة ذلك النطاق لم تستطيع أن تحدث
.أثرا قانونيا يعتد به واعتبر عملها نوعا من اغتصاب السلطة أو تجاوزها
وهذا الذي انتهي إليه التطور – بعد كفاح طويل لشعوب كثيرة – هو الذي
يعبر عنه بمبدا " سيادة القانون " وهكذا نستطيع أن نقول أن سيادة
القانون تعني أن ارادات الفراد – مهما علوا في مدارج السلطة هي
.ارادات محكومة ،هي ارادات يحكمها القانون
هذا المبدأ بقدر اعتزاز الشعوب به فانه كثيرا ما يكون مصدر ضيق
لضيقي العقول من الحاكمين الذين تغيب عنهم دائما حقيقة انهم حاكمون
اليوم ومحكومون غدا ،وان الفترة التي يقضونها من حياتهم محكومين
هي أطول بكثير – في العادة – من الفترة التي يقضونها حاكمين ،وانهم
محكومين في حاجة ماسة – خاصة بالنسبة لولئك الذين يعيشون في
.بوتقة الحياة العامة وأتونها – إلى حماية القانون
وما اكثر ما يتردد المبدأ علي السنة الحكام وما اكثر ما تضيق به قلوب
.بعضهم في أن واحد
وفي فترة من فترات تاريخ نظام الحكم في مصر كانت الهوة بعيدة بين ما
.يقال وما يمارس
وجري التطاول علي القانون حتى أن واحدا من المشاركين في السلطة
اباح لنفسه أن يقول علنا " انه أعطى القانون اجازه " – وفي ظل هذه
الظروف ل سيادة للقانون وانما السيادة لما تتمتع به السلطة من أدوات
.القهر
ومن هنا كان حرص دستور 1971علي أن يؤكد هذه المعاني جميعا التي
يفترض انها اصل أصيل في قيام الدولة الحديثة – حتى يغير نص – وان
يقررها واضحة ل لبس فيها بل وان يرتب بعض النتائج الهامة التي تمس
.مساسا مباشرا بحياة المواطنين وحرياتهم وأمنهم
يقول الدستور " سيادة القانون أساس الحكم في الدولة " ) م ( 64ثم
) .يردف علي ذلك قوله " تخضع الدولة للقانون " ) م 65
ولكن واضعي الدستور ولهم من تجاربهم ما يدلهم علي أن تأكيد المبدأ ل
يكفي وحده لحترام المبدأ والعمل به لذلك حرصوا علي أن يحيطوا المبدأ
.نفسه بضمانات تؤدي إلى حمايته وصيانته وتأكيد العمل به
ولكننا نحب قبل أن نعرض لهذه الضمانات التي رتبها الدستور لحماية
ودعم مبدأ " سيادة القانون " نحب أن نقول أن الحماية الحقيقية لهذا
المبدأ تكمن في وعي الرأي العام وقوته من ناحية ،وفي حرص كل سلطة
علي أن توازن السلطة الخرى ،وعلي أن ل تقصر فيما منح لها من
سلطات ول أن تتجاوز هذه السلطات من ناحية ثانية ،كذلك ومن ناحية
ثالثة اكثر أهمية – خاصة في دول العالم الثالث – أن يستقر في أذهان
الحكام انهم يؤدون دورا في حياة بلدهم ،وان هذا الدور موقوت لن
العمر كله موقوت ،وقلما استغرق ذلك الدور العمر كله ،وانهم هم
أنفسهم اكثر الناس حاجة – عندما تختلف الدوار وتختلف المقاعد وكثيرا
ما تختلف – أحوج الناس لحماية القانون وأكثرهم إفادة من مبدأ سيادة
.القانون
علي أي حال فان الدستور لم يكن في طاقته أن يفعل اكثر مما فعل . .إذ
قرر اصل المبدأ في المادة الرابعة والستين وصدر المادة الخامسة
والستين .ثم رتب فيما تلي ذلك من مواد نتائج وضمانات لحماية المبدأ
.وتأكيده
وأول النتائج التي ساقها الدستور – بعد تقرير المبدأ – هي تأكيد استقلل
القضاء وحصانته ) .م (65كذلك فان الدستور قد حرص علي أن يهدم كل
الحواجز التي تحول بين المواطن وحق اللتجاء إلى قاضيه الطبيعي –
وذلك في عبارة واضحة غير محتاجة لتفسير أو تأويل وذلك بقوله في
:المادة 68
التقاضي حق مصون ومفكول للناس كافة ،ولكل مواطن حق اللتجاء "
إلى قاضيه الطبيعي ،وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء بين المتقاضين
.وسرعة الفصل في القضايا
ويحظر النص في القوانين علي تحصين أي عمل أو قرار أدارى من رقابة
.القضاء
ولكي ندرك القيمة الحقيقية في الواقع العملي لهذا النص الخطير فانه
يكفينا أن نراجع العديد من أحكام القضاء الداري وأحكام المحكمة العليا
الصادرة بعد العمل بالدستوري في قضايا تتعلق بفصل موظفين من
وظائفهم والحيلولة بينهم وبين اللتجاء إلى القضاء بدعوى أن فصل
موظف – في الدرجة السادسة أو السابعة – يعتبر عمل من أعمال السيادة
.
هدمت الحواجز أذن بين الناس وبين قضاتهم ،ولقد كان القضاء في مصر
– عندما أتيح له أن يمارس وظيفته – أمينا بحق علي قضية الحرية
وعلي إعلء كلمة القانون .ول شبهة أن الستثناء يؤكد القاعدة ول
.ينفيها
وكثيرا ما كانت تصدر الحكام ول تنفذ .بل أن جهات الدارة كانت تسخر
أحيانا من المواطنين الذين يريدون إجبارها علي تنفيذ الحكام إلى المدى
الذي فقد الناس فيه الثقة في القانون وفي القضاء وفي كل شئ ،ولم تغب
هذه الظاهرة الخطيرة عن دستور 1971فعالجها بنص صريح فيه يقول
" تصدر الحكام وتنفذ باسم الشعب ويكون المتناع عن تنفيذها أو تعطيل
تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها
القانون .وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة
) .إلى المحكمة المختصة " )م 72
وهكذا يعطي الدستور للمواطن حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة ول
يوقف هذا الحق علي أذن من النائب العام أو من غيره – كما كان الحال –
ول يستطيع القانون أن يأتي لكي يحدد هذا الحق أو لكي يقيده أو لكي
يحرم المواطن منه علي أي نحو ،ولو هو فعل لكان قانونا غير
.دستوري ،وسنري جزاء مثل هذه القوانين
وقد حرص الباب الرابع من الدستور الذي عالج موضوع سيادة القانون
ورتب عليه بعض نتائجه ونص علي بعض ضماناته – حرص علي أن
يؤكد بعض المبادئ القانونية المتعلقة بقانون العقوبات وقانون الجراءات
وذلك لشدة مساسها بالحرية الشخصية ولما يمكن أن يكون لمخالفتها أو
.الخروج عليها من اثر خطير علي حياة الناس وحرياتهم وأمنهم
من ذلك قول الدستور في المادة " 66العقوبة شخصية .ول جريمة ول
عقوبة إل بناء علي قانون ول توقع عقوبة إل بحكم قضائي .ول عقاب إل
" .علي الفعال اللحقة لتاريخ نفاذ القانون
وقوله أيضا في المادة " : 68المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة
قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه .وكل متهم في جناية يجب
" .أن يكون له محام يدافع عنه
ومما استحدثه دستور 1971في هذا الشأن – وكان ذلك الستحداث
متأثرا أيضا ببعض التجارب المريرة التي ابيح فيها انتهاك حريات الناس
وحرماتهم – ما نص عليه الدستور في المادة 71منه عندما قرر " يبلغ
كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض
عليه أو اعتقاله فورا ،ويكون له حق التصال بمن يري إبلغه بما وقع
أو الستعانة به علي الوجه الذي ينظمه القانون ،ويجب إعلنه علي وجه
السرعة بالتهم الموجهة إليه ،وله ولغيره التظلم أمام القضاء من الجراء
الذي قيد حريته الشخصية ،وينظم القانون حق التظلم بما يكفل الفصل فيه
" خلل مدة محددة وإل وجب الفراج حتما
والمهم في هذا النص الجديد انه وضع أساسا وقواعد ل يستطيع المشرع
العادي أن يتجاوزها .من ذلك مثل أن الدستور يوجب أن يبلغ المقبوض
عليه أو المعتقل – وهذه أول مرة يكون فيها للمعتقلين في بلدنا حقوق
دستورية – بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فورا .وعلي ذلك ل يستطيع
نص قانون عادي أن يبيح للسلطة العامة أن تتراخى في ذلك البلغ وإل
.كان تراخيها خروجا مؤثما
كذلك فانه للمقبوض عليه ولغيره – علي إطلق ذلك الغير – بحسبان أن
المصلحة هنا متحققة لكل مواطن وان الدعوى من قبيل دعوي الحسبة –
التظلم أمام القضاء ،ول يستطيع القانون أن يقيد هذا الغير بان يكون
.قريبا أو زوجا أو ما إلى ذلك
هذا النص من نص المادة 57من الدستور نعتبرهما من المكاسب
الحقيقية التي يجب أن يعيهما الشعب وان يصونهما وان يعض عليهما
بالنواجز مع سائر نصوص الدستور الخرى .ذلك أن السياج الحقيقي
والنهائي لحماية الدستور ولتأكيد سيادته إنما يرجع في النهاية إلى الشعب
نفسه صاحب كل حق وسيد كل سلطة ومرجع كل إرادة
الفصل الثاني مفهوم الرقابة علي دستورية القوانين واهم صور هذه
الرقابة
تمهيد وتقسيم
يمكن أن يقال إن أساس فكرة الرقابة علي دستورية القوانين يرتد إلى نظرية
أولئك الفلسفة الذين كانوا يؤمنون بقانون طبيعي يسمو فوق سائر القوانين
الوضعية بحيث ل تملك تلك القوانين أن تخرج عليه فان هي خرجت عليه
عدت خارجة علي الناموس الطبيعي ول تستطيع أن تلزم الناس إل بالقهر
.والكراه
وكما يقول لورد دينيس لويد في كتابه " فكرة القانون ) (13الفكرة القائلة
بان هناك ،من وراء النظم القانونية المعمول بها في مختلف المجتمعات ،
قانونًا اسمي يمكن أن أساسه أن نحكم علي القانون البشري الوضعي ،هذه
الفكرة قد أدت إلى نتائج مهمة في الكثير من مراحل التاريخ البشري
الحرجة ،ذلك لنها قد أدت إلى استخلص نتيجة مؤداها أن هذا القانون
السمي يجب ويلغي القوانين الفعلية لي مجتمع معين حين يتضح انها
مخالفة للقانون السمي ،وليس هذا فحسب ،بل إن هذه النتيجة يترتب عليها
جواز إعفاء الفرد من واجبه تجاه الخضوع للقانون الفعلي ،بل انه يملك
.الحق الشرعي في التمرد علي سلطة الدولة الشرعية
وإذا كانت الديان السماوية تري أن المبادئ والقواعد السماوية اسمي من
القواعد الوضعية فأنها عندهم تلزم المشرع الوضعي وتسمو عليه ول يجوز
له الخروج عليها فان هو خرج عليها اصبح في اعتبارهم خارجًا علي
" .مفهومهم لمبدأ المشروعية " ول طاعة لمخلوق في معصية الخالق
وإذا كانت الغالبية من دول العالم المعاصر ل تربط مثل هذا الربط بين
قواعد القانون الطبيعي أو قواعد الدين ول ترتب النتائج السابقة للخروج
عليها فان الدولة الحديثة تعرف مبدأ تدرج القواعد القانونية بحيث أن القاعدة
.العلى تحكم القاعدة الدنى شكل وموضوعًا
فإذا جاءت قاعدة اعلي وقررت حقا معينًا وفرضت شكل معينًا لممارسة هذا
الحق فان أي قاعدة ادني تخالف القاعدة العلى سواء من حيث موضوع
الحق أو من حيث كيفية ممارسته . .تعد قاعدة مشروعة لخروجها علي
.مبدأ تدرج القواعد القانونية وسمو العلى علي القاعدة الدنى
والدولة الحديثة – في الغلب العم – دولة لها دستور ،ولما كانت الجهة
( pouvoir constituent ) ،التي تضع الدستور هي السلطة التأسيسية
ولما كان الدستور هو الذي يحدد سائر سلطات الدولة الخرى ويحدد
اختصاصاتها وكيفية ممارسة هذه السلطات ،وكان الدستور هو الذي يحدد
السلطة التشريعية ويبين كيفية تكوينها وكيفية ممارستها لختصاصها فان
تلك السلطة التشريعية التي حددها الدستور ل تملك الخروج علي ذلك
.الدستور الذي يمنحها سند وجودها وسند اختصاصها
ولما كانت البرلمانات المنتخبة في الدولة القانونية الحديثة هي التي تتولى
أساسًا سلطة التشريع وسن القوانين . .فان هذه البرلمان – باعتبارها سلطة
التشريع – تلتزم بحكم الدستور ول تستطيع ول تستطيع الخروج عليه ،فان
.هي خرجت تعين ردها إلى الطريق السليم
ولكن كيف ترد السلطة التشريعية إلى الطريق القويم ؟
.ذلك هو جوهر فكرة رقابة دستورية القوانين
والتشريع بالمعني الشكلي تستأثر به سلطة التشريع علي النحو السابق .أمام
التشريع بالمعني الموضوعي فانه يتسع ليشمل كل قاعدة لها صفة العموم
والتجريد وعلي ذلك فان التشريع بالمعني الموضوعي يشمل القوانين
واللوائح الصادرة عن الجهة التي يحدد الدستور أو القانون حقها في إصدار
.مثل هذه اللوائح
والحقيقة أن الناس في حياتهم العادية واليومية يتعاملون مع القواعد اللئحية
اكثر من تعاملهم مع القواعد الواردة في القوانين ،ومن ثم يصبح من
المتعين أن تلتزم هذه اللوائح بحكم القواعد التي تسمو عليها والتي هي بمثابة
سند وجودها سواء في ذلك قواعد القانون أو قواعد الدستور الذي هو اسمي
.القواعد القانونية في الدولة الحديثة
ومن هنا نستطيع أن نقول أن فكرة تدرج القواعد القانونية والتزام أدناها
بأعلها وسمو أعلها علي أدناهما هي بدورها من الفكار التي أدت إلى
قبول وسيلة الرقابة علي دستورية القوانين باعتبار أن هذه الرقابة هي
.الوسيلة الفعالة لضمان اللتزام بكل القواعد السابقة
وقد كان فقه الفقيه النمساوي الكبير كلسن في بدايات القرن العشرين واحدًا
من أهم المصادر التي قادت إلى قبول فكرة الرقابة ولعلها كانت وراء إنشاء
أول محكمة دستورية متخصصة في الرقابة علي دستورية القوانين في
العالم الحديث وهي المحكمة الدستورية العليا في النمسا والتي أنشئت عام
1920 .م
لعل هذه بإيجاز شديد هي الجذور الفلسفية والفكرية التي قادت إلى موضوع
الرقابة علي دستورية القوانين التي يتعين علينا الن أن نبحث أهم صورها
.في العالم المعاصر
وقد تعارف الفقهاء علي أن يتحدثوا عن الرقابة السياسية – ومثلها الواضح
فرنسا – والرقابة القضائية التي تتعدد أمثلتها بدءا من الوليات المتحدة
المريكية التي تقررت فيها هذه الرقابة بغير نص واضح في الدستور وانما
تقررت باجتهاد قضائي للمحكمة العليا في تلك البلد ومرورًا بالعديد من
البلد الوربية وخاصة ألمانيا وإيطاليا ثم وصول إلى التجربة المصرية في
.هذا الخصوص
:وعلي ذلك فسنقسم هذا الفصل إلى المباحث التية
.مبحث أول :الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا – الرقابة السياسية
مبحث ثاني :الرقابة علي دستورية القوانين في الوليات المتحدة المريكية
.
.مبحث ثالث :الرقابة علي دستورية القوانين في ألمانيا
.مبحث رابع :الرقابة علي دستورية القوانين في إيطاليا
نبدأ بدراسة التجربة الفرنسية ليس لنها أهم التجارب في رقابة دستورية
القوانين وليس لنها أقدمها ،وكذلك ليس لنها اكثر التجارب تاثيراص علي
تجربتنا في مصر . .إذ أن ذلك كله غير صحيح ،وانما نبدأ بدراسة
التجربة الفرنسية لتفردها بين تجارب البلد الكبيرة بأنها رقابة ل يقوم بها
قضاة بمعني انها رقابة غير قضائية ،كذلك لكونها رقابة سابقة علي صدور
التشريع بمعني انها رقابة واقية أو انها رقابة تحول دون التشريع والوقوع
.في مخالفة الدستور
وقد دفع فرنسا إلى الخذ بهذه الصورة من صور الرقابة التفسير الذي ساد
الفقه الفرنسي في فهم نظرية الفصل بين السلطات . .كذلك اعتبار البرلمان
[la loiهو المعبر عن سيادة المة وان القانون هو التعبير عن هذه الرادة
هذان المران حال ] expres – sion de la volonte generale
.بين فرنسا وبين الخذ بالرقابة القضائية علي دستورية القوانين
وقد ظهرت فكرة الرقابة السياسية علي دستورية القوانين أول المر خلل
إعداد دستور السنة الثالثة لثورة – – 1795وكان بين أعضاء الجمعية
وقد " sieyesالتأسيسية المناط بها وضع ذلك الدستور الفقيه " سييز
اقترح ذلك الفقيه إنشاء هيئة محلفين دستورية تكون مهمتها رقابة أعمال
السلطة التشريعية حتى تحول بينها وبين مخالفة الدستور وتشكل هذه الهيئة
من بين أعضاء السلطة التشريعية أنفسهم ،ولقي هذا القتراح معارضة
شديدة ولم يكتب له أن يري النور ،والحقيقة انه لم يكن منطقيًا أن يعطي
.عدد محدود من أعضاء البرلمان نفسه حق الرقابة عليه بكامل أعضائه
وعند إعداد مشروع دستور السنة الثامنة للثورة في عهد المبراطور نابليون
عادت الفكرة إلى الظهور في صورة أخرى :صورة إنشاء مجلس يسمي "
مهمته المحافظة علي " senate consewoteurالمجلس المحافظ
الدستور وذلك بالتحقق من دستورية القوانين والقرارات والمراسيم التي
.تقدرها السلطة التنفيذية
ولم يقدر لهذا المجلس أن ينجح في مهمته حتى فقد سبب وجوده والغي عام
، 1807والحقيقة أن هذه المسالة أثيرت أمام القضاء الفرنسي في اكثر من
مناسبة ،ولكن ذلك القضاء سواء الداري أو العادي انتهي دائمًا إلى رفض
.رقابته علي دستورية القوانين
وقد حكمت محكمة النقض الفرنسية في 11أبريل 1833بان " القانون
الذي تمت مناقشته وصدر بالطرق المرسومة ل يمكن أن يكون محل
.مهاجمة أمام المحاكم بدعوى عدم الدستورية
.وقد استمرت محكمة النقض الفرنسية دائمًا في هذا التجاه
ومن ناحية أخرى فان القضاء الداري في فرنسا وإن اخضع لرقابة
مشروعية القرارات الدارية ومدي اتفاقها مع القانون . .فانه حكم بعدم
.قبول الدعاوى التي تستند إلى عدم دستورية القانون
والواقع أن القضاء الفرنسي عندما حجب نفسه عن مراقبة دستورية القوانين
لم يكن مقصرًا في أداء مهمته ولكنه وجد نفسه في مواجهة بعض النصوص
ل عن بعض الحجج التشريعية التي تحول بينه وبين هذه الرقابة فض ً
.التاريخية والفلسفية
أما من حيث النصوص فقد وجد القضاء الفرنسي أمامه نص المادة الحادية
عشرة من قانون تنظيم القضاء الصادر عام 1790والتي تمنع المحاكم من
أن " تشترك علي نحو مباشر أو غير مباشر في ممارسة السلطة التشريعية
" .أو أن تعرقل قرارات الهيئة التشريعية أو أن توقف نفاذها
وكذلك المادة 127من قانون العقوبات التي تؤثم " القضاة الذين يتدخلون
في ممارسة السلطة التشريعية سواء بإيجاد لوائح تتضمن إحكامًا تشريعية أو
بمنع أو إيقاف قانون أو اكثر أو بالتداول فيما إذا كان يجب نشر القوانين أو
" .نفاذها
وبالضافة إلى هذين النصين الواضحي الدللة في الحيلولة بين القضاء
الفرنسي والنظر في رقابة دستورية القوانين فهناك الحجة التاريخية التي
أوجدتها تصرفات المحاكم الفرنسية القديمة والتي كانت تسمي البرلمانات –
قبل الثورة – والتي كانت تعرقل تنفيذ القوانين بل وتلغي بعض نصوصها
مما ولد ميراثًا من الحذر والريبة لدي رجال الثورة تجاه القضاة باعتبارهم
معوقين وراغبين في التغول علي اختصاصات السلطات الخرى وادي هذا
.كله إلى تيار قوي رافض لعطاء القضاء حق رقابة دستورية القوانين
وساند ذلك كله ثمة اعتبارات فلسفية قامت علي مفهوم معين لمبدأ الفصل
بين السلطات من مقضتاه أن يحال بين كل سلطة والتدخل في أعمال
السلطات الخرى وان رقابة القضاء لدستورية القوانين التي يصدرها
.البرلمان هو اعتداء علي هذا المبدأ وإهدار له
واخيرا ذهب جانب من الفقه الفرنسي – مشايعًا في ذلك تعاليم جان جاك
روسو – إلى أن القانون هو مظهر إرادة المة ،هذه الرادة التي يعبر عنها
البرلمان والتي ل يتصور أن يراقبها أحد أو أن يردها أحد إلى الصواب ذلك
أن الصواب مفترض فيمن يعبرون عن إرادة المة ،وقد أخذت المادة
الثالثة من إعلن حقوق النسان والمواطن عام 1789بهذا المعني عندما
" .نصت علي أن " القانون هو التعبير الحر والرسمي للرادة العامة
وإذا كان البرلمان هو المعبر عن الرادة العامة فانه ل يسوغ للقضاء أن
.يعطل هذه الرادة بحجة النظر في دستورية هذه القوانين
يذهب إلى أن النتيجة المنطقية لفكرة النيابة Duguitوالفقيه الفرنسي الكبير
تؤدي إلى أن نقو أن إرادة هؤلء النواب – باعتبارها إرادة المة نفسها –
.ل يمكن أن تراقبها إرادة أخرى تعتبر اسمي منها بحكم مراقبتها لها
[ ويمكن أن يعبر عن هذا الموقف الرافض لرقابة دستورية القوانين بما قاله
Maurras ] .
هل يمكن أن توجد حكومة منتخبة ،حكومة تعبر عن رأي المة في " . .
صدام مع قضاتها ؟ بعبارة أخرى :سلطة منتخبة تحوز ثقة الرأي العام –
.مثل هذه السلطة يمكن أن تخضع للقضاء . .إن هذا يعني قتل هذه السلطة
".
. . " .ثم يقول . . " :ل :هذا غير ممكن .وهذا لن يكون
(1) non, cela nest pas possible . cela nest pas et ne
هذا الميراث القضائي والفقهي والفلسفي كان وراء رفض فكرة sera pas
الرقابة القضائية علي دستورية القوانين والتجاه نحو نوع من الرقابة
الوقائية السابقة التي قد تتصور بعد مناقشة مشروعات القوانين في البرلمان
.وقبل إصدارها
وقد تبلورت هذه الفكرة عند وضع دستور الجمهورية الرابعة عام 1946ثم
.اكتملت عند وضع دستور الجمهورية الخامسة عام 1958
:اللجنة الدستورية في دستور 1946
le comiteانشأ دستور 1946في فرنسا ما اسماه باللجنة الدستورية
كما ول أن يسد بها فراغ الرقابة علي دستورية constitutionnel a
القوانين الذي كان قائمًا قبل ذلك ،وقد جاء تكوين هذه اللجنة كنوع من
التوفيق بين أنصار السيادة البرلمانية والتي ترفض رقابة الدستورية وأنصار
سمو الدستور والذين يرون ضرورة وجود رقابة علي دستورية القوانين
ولكنه كان توفيقًا متواضعًا علي حد تعبير الفقيه الفريسر بوردون وقد جاء
المشروع الول لدستور 1946خاليًا من أي نص يتعلق برقابة الدستور
.ودكن المشروع الذي قبل في النهاية تضمن إنشاء هذه اللجنة الدستورية
وعلي أي حال فقد كان من المستقر استبعاد فكرة الرقابة القضائية لدستورية
القوانين وفي ذلك استجابة للتقاليد الفرنسية التي ترفض إخضاع التشريعات
البرلمانية للرقابة القضائية ،بل لقد ذهب المر إلى حد تجنب الدستور ذكر
عبارة " رقابة الدستورية " واكتفت المادة 61من ذلك الدستور بقولها
القوانين التي صوتت عليها ” “ le comite examineتختبر اللجنة
ل في الدستور مناقضة للبواب من الجمعية الوطنية والتي قد تفترض تعدي ً
الول إلى العاشر من الدستور وهي تلك التي تنظم السلطات العامة ،كذلك
فان الجراءات المتبعة أدت بدورها إلى تضييق مدي هذه الرقابة المحدودة
) .من الصل )14
:المجلس الدستوري ودستور 1958
حاول واضعوا دستور 1958أن يطوروا من فكرة الرقابة علي دستورية
.القوانين مع البقاء في إطار استبعاد كل رقابة قضائية لدستورية القوانين
ل بخوصص المجلس الدستوري خلل عام 1947والثاني وقد وقع تعدي ً
خلل عام 1990وقد أدى هذان التعديلن إلى اتساع نطاق الرقابة وان
ظلت في كل الحوال رقابة سياسية ل يقوم بها القضاء ) .التعديل الثاني لم
) .يقدر له أن يكتمل
وقد نظم دستور 1958هذا الموضوع في المواد من 56إلى ، 63وقد
كان هذا التنظيم متجهًا في الساس إلى حماية المؤسسات السياسية كما
وضعها الدستور من أن تنالها يد المشرع العادي بالتعديل ولم يكن يعني هذا
التنظيم الرقابة حماية حقوق وحريات الفراد في مواجهة البرلمان إل في
.نطاق محدود
لقد كان المقصود الساسي من وجود المجلس الدستوري هو ضمان التطبيق
السليم للنصوص الدستورية التي تضمن حسن سير السلطات العامة خاصة
ما تعلق بتوزيع الختصاصات بين السلطة التشريعية والتنفيذية ،لقد أراد
السياسي يحمي arbiterالدستور بهذا المجلس أن ينشئ نوعًا من الحكم
.ذلك التوازن بين السلطتين
وكان اختصاص ذلك المجلس قاصرًا علي القوانين التي تصدر عن البرلمان
أي القوانين بالمعني الشكلي ،وهكذا استبعد الدستور كل رقابة علي
دستورية اللوائح التي تصدر عن السلطة التنفيذية ،وقد أعطى الدستور
) :للمجلس الدستوري في هذا الصدد نوعين من الختصاص )15
ولوائح organiquesاختصاص وجوبي يتعلق بالقوانين العضوية – 1
المجالس البرلمانية إذ نصت المادة 61من الدستور في فقرتها علي أن "
loisيجب أن تعرض علي المجلس الدستوري القوانين العضوية
قبل إصدارها ولوائح المجالس البرلمانية قبل تطبيقها ليقرر organiques
مدي مطابقتها للدستور " وهكذا فان هذه المجموعة من القوانين تعرض
" .حتمًا علي المجلس الدستوري ليقول رأيه فيها مقدمًا
اختصاص جوازي متروك لرادة رئيس الجمهورية أو الوزير الول – 2
أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس الشيوخ ليعرض كل منهم أي
قانون اقره البرلمان قبل إصداره علي المجلس الدستوري ليقرر مدي
.مطابقته للدستور
وفي الحالتين – حالة الختصاص الوجوبي وحالة الختصاص الختياري
– يجب أن يبدي المجلس الدستوري رأيه خلل شهر ،ومع ذلك فللحكومة
أن تطلب في حالة الستعجال تقصير هذه المدة إلى ثمانية أيام ،وقد نصت
المادة 62من الدستور الفرنسي الصادر عام 1958علي أن " النص الذي
.يعلن عدم دستوريته ل يجوز إصداره أو تطبيقه
كما نصت تلك المادة أيضًا علي أن قرارات المجلس الدستوري ل تقبل
الطعن فيها بأي وجه من اوجه الطعن وهي ملزمة للسلطات العامة ولجميع
.السلطات الدارية والقضائية
وهناك استثناء هام من القوانين التي يجب أو التي يجوز عرضها علي
المجلس الدستوري لمعرفة مدي دستوريتها تلك هي القوانين التي يتم
إقرارها عن طريق الستفتاء العام إذ انها عندئذ ستمثل التعبير المباشر عن
السيادة ول يصبح هناك مجال للبحث في دستوريتها بعد ذلك ،وقد استطاع
الرئيس شارك ديجول أن ينفذ عن هذا الطريق ويعدل الدستور لتقرير
طريقة النتخاب المباشر لرئيس الجمهورية بغير الطريقة المنصوص عليها
في الدستور نفسه لتعديله ولم يستطع أحد أن يثير عدم دستورية ذلك التعديل
.نظرًا لنه اقر في استفتاء شعبي عام
هذا عن اختصاص ذلك المجلس في رقابة دستورية القوانين ،وهي كما
تري وقائية سابقة علي إصدار القانون نفسه وهي رقابة سياسية لنه ل يقوم
.بها قضائه
والي جوار رقابة الدستورية فان للمجلس الدستوري اختصاصات أخرى
عهد إليه بها دستور 1958بعضها يتعلق بالنتخابات العامة وانتخابات
.رئيس الجمهورية والفصل في صحة انتخاب عضو البرلمان
كذلك فان المجلس هو الذي يقرر وجود عائق يعوق رئيس الجمهورية عن
مباشرة مهام منصبه وما إذا كان ذلك العائق مؤقتًا أو دائمًا ،وإذا قرر
المجلس أن العائق الذي يعوق رئيس الجمهورية هو عائق دائم فان انتخابات
جديدة تجري خلل عشرين يومًا علي القل وخمسة وثلثين يومًا علي
.الكثر لنتخاب رئيس جديد
كذلك فان للمجلس الدستوري اختصاصًا هامًا عند الرجوع إلى المادة 16
من الدستور – وهي التي تقابل المادة 74من دستورنا – وهي التي تعطي
رئيس الجمهورية في حالت الخطر الداهم التي تهدد المؤسسات الدستورية
سلطات واسعة ويجب أن يبدي المجلس الدستوري رأيه قبل إمكانية اللجوء
إلى المادة 16وان يبدي رأيه في كل قرار يصدره الرئيس ولكنه مع ذلك
.يظل ذو قيمة أدبية وسياسية كبيرة
.هذا عن اختصاص المجلس الدستوري
كيفية تكوين المجلس الدستوري
.يتكون المجلس من نوعين من العضاء
أ( أعضاء بحكم القانون ولمدي الحياة وهؤلء هم كل رؤساء الجمهورية(
.السابقون الموجودون علي قيد الحياة
ب( أعضاء معينون ،وهؤلء تسعة أعضاء ،ومدة العضوية تسع(
سنوات ،وهؤلء التسعة يختار رئيس الجمهورية منهم ثلثة ،ولمكان
تجديد في عضوية المجلس فان كان واحد ممن لهم حق الختيار يختار
واحدًا لمدة ثلثة سنوات وواحدًا لمدة ست سنوات وواحدًا لمدة تسع سنوات
وهذه الطريقة تضمن تجديد ثلث أعضاء المجلس المعينين كل ثلث سنوات
.
ج( رئيس المجلس :يعين رئيس الجمهورية أحد أعضاء المجلس – سواء(
من العضاء المختارين أو من العضاء بحكم القانون – رئيسًا للمجلس ،
) .ويكون للرئيس صوت مرجح عند تساوي الصوات )م56
وقد جري العمل حتى الن علي أن يعين رئيس المجلس من بين العضاء
.الثلثة الذين يختارهم رئيس الجمهورية
وأعضاء المجلس يستمرون في عضويتهم طوال المدة المبينة ول يفقدون
العضوية إل بالوفاة أو الستقالة ،ويجوز فقدان العضوية بقرار من المجلس
الدستوري نفسه في حالة عدم الهلية لمزاولة العمل ،ول يجمع أعضاء
المجلس بين عضويته والوزارة أو عضوية البرلمان أو عضوية المجلس
القتصادي والجتماعي كذلك ل يجوز تعيين أعضاء المجلس في الوظائف
الحكومية وانما يجوز لمن كان منهم موظفًا قبل تعيينه أن يستمر في وظيفته
،علي سيبل المثال فان أعضاء المجلس الذين كانوا أساتذة في كلية الحقوق
.استمروا يشغلون منصب الستاذية إلى جوار عضوية المجلس
:التعديل الدستوري عام 1974
في عام 1974حدث تعديل دستوري يتعلق بمن لهم حق طلب العرض
علي المجلس الدستوري إذ أضيف إلى من لهم هذا الحق وهو رئيس
الجمهورية والوزير الول ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ
أضيف إلى هؤلء انه يجوز لستين نائبًا أو لستين شيخًا أن يطلبوا عرض
قانون معين قبل إصداره علي المجلس الدستوري ليقول رأيه في مطابقة
ذلك القانون أو عدم مطابقته للدستور ،وهكذا اتسع نطاق من لهم حق
.العرض علي المجلس الدستوري
.وفي عام 1990م حدث تطور جوهري في هذه الناحية
مشروع التعديل الذي لم يتم في عام 1990
بدا الحديث عن هذا التعديل الجوهري في أوائل 1990وفي 19أبريل من
نفس العام وبناء علي اقتراح من الحكومة أقرت اللجنة التشريعية في
الجمعية الوطنية مشروع التعديل المتعلق بالمجلس الدستوري رغم شدة
النقسامات داخل اللجنة بين التجاهات الحزبية المختلفة والشيء الجوهري
في ذلك التعديل هو انه خطا خطوة نحو ما يمكن أن يقال له رقابة قضائية
علي دستورية القوانين ،ذلك انه حتى ذلك التاريخ كان المر مقصورًا علي
نوع من الرقابة الوقائية بناء علي طلب جهات رسمية معينة ،وقد انتهي
التعديل السابق إلى أن أعطى حق هذا الطلب لستين عضوًا من أي من
المجلسين وبذلك يتمكن نواب المعارضة من استعمال هذا الحق إذا رأوا
ضرورة لستعمال ولكن مشروع التعديل الجديد ذهب إلى ابعد من ذلك ،
ذلك انه كان يجيز للفراد الدفع أمام المحاكم بعدم دستورية قانون معين أو
.نص في قانون معين
وكان هذا المشروع لتعديل اختصاص المجلس الدستوري كما قال السيد
جورج فيديل – وإن لم يكن في ذاته ثورة – إل انه كان تطورا وإصلحا
) .حقيقيا في الحياة الدستورية )16
وكان المشرع ل يعطي الفراد حق الدفع بعدم الدستورية في مواجهة كل
القوانين وانما في مواجهة تلك القوانين التي تمس الحقوق الساسية التي
يتضمنها الدستور وإعلن حقوق النسان والمواطن ) إعلن ( 1789
وكذلك المبادئ الساسية التي قررتها قوانين الجمهورية ،وهي تلك التي
تتعلق أساسًا بالحريات العامة وبالموضوعات الدستورية ،وقد حاول
البعض أن يوسع النطاق الخاضع للرقابة بإدخال القرارات الجمهورية
ل للطعن ،ولكن ذلك القتراح لم يقبل ، واللوائح فيما يمكن أن يكون مح ً
وكان المشرع يستهدف أيضًا مزيدًا من الصفة القضائية للمجلس الدستوري
leوإن كان هناك من رأي انه يجب أن ينتخب حراس الدستور
!! .عن طريق النتخاب العام المباشر gardiens la constitution
ولكن في النهاية لم يكتب لهذا المشروع أن يري النور وتغلبت الحجج
التقليدية الفرنسية علي هذا التجاه الجديد ،وقيل أن هذا التعديل سيخل
بالتوزان بين السلطات وسيقيم في فرنسا " حكومة قضاة " ولن يكون
القانون بعد ذلك تعبيرًا عن إرادة المة ل تجوز مناقشة دستوريته بعد
.صدوره
وإن كنا نعتقد أن المر لن يتوقف عند هذا الذي حدث وان عجلة التطور
ومبدأ سيادة القانون سيدفعان المور دفعًا نحو صورة اكثر فعالية من صور
.الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا
:كيفية انعقاد اختصاص المجلس
تنص الفقرة الثانية من المادة ) (61من الدستور علي انه " . .يمكن أن
تعرض القوانين قبل إصدارها علي المجلس الدستوري من قبل رئيس
الجمهورية أو الوزير الول أو رئيس الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس
الشيوخ أو من قبل ستين عضوًا من أعضاء الجمعية الوطنية أو من أعضاء
. . " .مجلس الشيوخ
:رئيس الجمهورية
يلحظ أن رؤساء الجمهورية لم يستعملوا هذه الرخصة بأنفسهم واثروا أن
.يتركوا لغيرهم استعمالها
ولكن ذلك لم يمنع بحكم الوجوب الدستوري أن يرجع رئيس الجمهورية
) .للمجلس قبل إعلن العمل بالمادة ) (16من الدستور ) حالة الضرورة
كذلك لم يمنع ذلك أيضًا من ضرورة الرجوع إلى المجلس بخصوص
.الستفتاء علي بعض القوانين
:الوزير الول
وعلي عكس الحال بالنسبة لرئيس الجمهورية فان الوزير الول لجأ إلى هذه
المكاشفة في العديد من الحوال وذلك بواسطة طلب يتقدم به إلى رئيس
المجلس لكي يقرر المجلس ما إذا كان قانونًا أو نصًا في قانون – قبل
.الصدار بطبيعة الحال – يتفق مع الدستور أو ل يتفق
:رئيس الجمعية الوطنية
لجأ رئيس الجمعية الوطنية إلى المجلس الدستوري لمعرفة رأيه عن حق
طرح الثقة بالحكومة أما الجمعية الوطنية أثناء العمل بالمادة ) ( 16من
) .الدستور ) حالة الضرورة
كما لجأ إلى المجلس الدستوري في عدد من الحالت الخرى حول دستورية
.بعض النصوص المطروحة للمناقشة أمام الجمعية
:رئيس مجلس الشيوخ
رغم اتجاه مجلس الشيوخ لمعارضة أي صورة من صور الرقابة علي
دستورية القوانين . .فان الرؤساء المتعاقبين لجأوا إلى المجلس . .فان
رؤساء مجلس الشيوخ لجأوا إلى المجلس الدستوري في العديد من الحالت
المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات ) حكم المجلس في 27ديسمبر ( 1973
وفي بعض التشريعات الضريبية أيضا ،وفي بعض التشريعات المتعلقة
) .بالمحليات ) حكم المجلس في 2ديسمبر 1982
:ستون عضوًا من أي من المجلسين
تقرر هذا الحق للعضاء – ولم يكن موجودًا من قبل – في 29أكتوبر
1974إذ اصبح لستين عضوًا مجتمعين من أي من المجلسين حق التقدم
للمجلس الدستوري بطلب للنظر في دستوري أو عدم دستورية نص في
.قانون لم يصدر بعد
والملحظ أن الطلبات التي قدمت من أعضاء البرلمان لمجلسيه هي النسبة
التالية من الطلبات التي عرضت علي المجلس الدستوري ،حتى سنة
1994كان النواب قد تقدموا بـ ) " ( 284مائتين وأربعة وثمانين طلب "
.بعدم دستورية قانون أو نص في قانون
وقد صدر 199حكم في هذه الطلبات وقضي في 92منها بعدم الدستورية
17)) .
:الخلف حول طبيعة المجلس الدستوري
جري خلف بين الفقه حول طبيعة المجلس الدستوري ،وهل هو هيئة
.سياسية أم هيئة قضائية
أما الذين قالوا انه هيئة سياسية . .فقد نظروا إلى طريقة تكوينه التي أشرنا
.إليها والتي تختلف اختلفا جذريًا مع كيفية تكوين المحاكم القضائية
أما الذين قالوا أن المجلس يعتبر هيئة قضائية . .فقد نظروا إلى طيبعة
اختصاصه وانه يفصل في مسائل قانونية بحتة وعلي اعلي مستوي كذلك
فان المجلس منذ إنشائه وحتى الن يصيغ قراراته علي هيئة الحكام
.القضائية من حيث مناقشة الوقائع ومن حيث التسبيب وكتابة الحيثيات
كذلك فان قرارات المجلس لها حجية في مواجهة سلطات الدولة وفي
مواجهة الجهات الدارية والقضائية ،وقرارات المجلس غير قابلة للطعن
.بأي طريق من طرق الطعن
:ويجري نص المادة ) (62فقرة ثانية علي النحو التالي
[ les decisions de conseil constitutionnel ne sont
susceptibles daucun recours. Elles simposent aix
pouvoirs publics et a toutes led antorites
] administraties et juridictionnelles.
والمجلس نفسه يشير في قراراته إلى بعض قراراته السابقة مؤكدًا ما لها من
حجية وإلزام ) ، (18وهكذا يمكن أن يقال إن المجلس الدستوري في فرنسا
هو هيئة سياسية من حيث تكوينه وهو هيئة قضائية من حيث كونه يفصل
.في منازعات قانونية
:تقدير الرقابة علي الدستورية في فرنسا
رغم كل محاولت المجلس الدستوري لتوسعة اختصاصاته عن طريق
errensالتفسير وعن طريق ما اخذ به من فكرة الخطأ الواضح في التقدير
وهي فكر ابتدعها في الصل مجلس – manifeats lapreciation
الدولة – ونقلها المجلس الدستوري إلى مجال التشريع برغم كل ذلك فان
الرقابة علي دستورية القوانين في فرنسا تظل قاصرة ومتخلفة عما هو سائد
في الوليات المتحدة وفي كثير من البلد الوروبية . .فالمجلس ل يجوز له
أن يتصدى من تلقاء نفسه لموضوع الدستورية كذلك فان المحاكم ل يجوز
لها أن تحيل إليه ما قد تري انه مخالف للدستور من نصوص تشريعية لن
النص التشريعي متي صدر ووقع عليه رئيس الجمهورية ونشر في الجريدة
الرسمية فقد استغلق أمامه باب الطعن بعدم دستوريته ومن ناحية أخرى
هامة أيضًا فان الفراد الذين قد تمس التشريعات الصادرة حرياتهم وحقوقهم
.الساسية ليس لهم الحق بالدفع بعدم دستورية هذه القوانين
كل هذه العتبارات تنتقص من مدي فاعلية هذه الرقابة التي يباشرها
المجلس الدستوري في مواجهة " مشروعات " القوانين والتي ل ينعقد
اختصاصه بها إل بطلب من رئيس الجمهورية أو الوزير الول أو رئيس
الجمعية الوطنية أو رئيس مجلس الشيوخ أو ستين عضوا من أي من
المجلسين ،ولكن الفراد الذين ينطبق عليهم القانونين هم في نهاية المر
) .مجردين من كل سلح في مواجهة هذه القوانين )19
تمهيد
جاء إنشاء المحكمة العليا عام 1969ف جو مشحون بالنفعال – ذلك أن
إنشاء هذه المحكمة صاحب ما عرف في التاريخ القضائي المصري باسم
" مذبحة القضاء " تلك المذبحة التي أقصى فيها عن منصب القضاء عدد
ضخم من رجال القضاء الفضلء بينهم رئيس محكمة النقض مستشارون
في محاكم الستئناف وقضاة من كل الدرجات وترك ذلك أثرا بالغ السوء
لذي كل رجال الهيئة القضائية ولدي الرأي العام لذلك كان استقبال "
المحكمة العليا " استقبال سيئا محاطا بالشك والريبة من جمهور القضاة
والمقاضين جميعا واحتاج القضاء الدستوري لمتخصص فترة غير قصيرة
.لكي سترد ثقة الوساط القضائية والقانونية في مصر
والحقيقة أن الحديث عن إنشاء محكمة عليا لرقابة دستورية القوانين في
مصر بدا مع مناقشات " الميثاق " الذي صدر في أعقاب انفصال سوريا
عن الجمهورية المتحدة 1962وجاء في تقرير ذلك الميثاق انه قد أن
الوان لنشاء محكمة دستورية عليا تسهر علي حماية الدستور ونصوصه
.من كل عبس واعتداء
ولكن الدستور المؤقت الصادر علم – 1964بعد قرار الميثاق – لم يشير
.إلى مثل هذه المحكمة ول إلى رقابة دستورية القوانين
واستمر الحال علي ما كان عليه من رقابة قضائية ل مركزية علي
.دستورية القوانين تمارسها المحاكم العادية علي نحو ما أسلفنا
وفي مارس – 1968في أعقاب هزيمة يونيه 1967وما أحدثته من
صدع عميق في المجتمع العربي كله والمجتمع المصري علي الخصوص
– القي الرئيس عبد الناصر ما عرف باسم " بيان 30مارس " محاول
.استيعاب بعض غضب الجماهير وسخطها والستجابة لبعض مطالبها
وجاء في البيان " أن من الخطوط الساسية العامة التي يجب أن يتضمنها
الدستور القادم للجمهورية العربية المتحدة – فضل عن النص علي
حصانة القضاء وعلي كفالة حق التقاض وتحريم النصوص التي تمنع من
الطعن في أي أجراء للسلطة أمام القضاء وتمكين القضاة من أداء رسالته
السامية في تحقيق العدل وفي إعطاء كل ذي حق حقه وفي رد العتداء
علي الحقوق والحريات فغانه قد تقرر ضرورة النص في الدستور علي
إنشاء محكمة علي إنشاء محكمة دستورية عليا يكون لها الحق في رقابة
.دستورية القوانين وتطابقها مع الميثاق ومع الدستور
ولما حدث الصدام بين الهيئة القضائية وقمة السلطة التنفيذية وقاد هذا
الصدام " نادي القضاة " واتجهت السلطة التنفيذية إلى إعادة تشكيل
الهيئة القضائية بقصد استبعاد عدد من رجال القضاء الذين كانوا
يتصدرون هذا الصدام والذي كان يعبر عن تيار عميق في الرأي العام
المصري بعد ما حدث عام 1967وانكشاف عورات النظام وصدر القانون
الخاص بإعادة تشكيل لهيئة القضائية صدر معه في نفس الوقت – في
محاولة السترضاء الهيئة القضائية والرأي العام أيضا – القانون رقم 81
1968 /في 31أغسطس 1969بإنشاء المحكمة العليا والتي أنيط بها
.وحدها دون غيرها الفصل في دستورية القوانين
وقد صدر هذا القانون استنادا إلى قانون استنادا إلى قانون التفويض الذي
أصدره مجلس المة من القانون رقم 15لسنة – 1967والذي صدر
.علي أساسه أيضا قانون إعادة تشكيل الهيئات القضائية
وبعد صدور القانون رقم 81لسنة 1969في 31أغسطس بحوالي عام
كامل صدر القانون رقم 66لسنة 1970في 25أغسطس 1970وهو
.قانون الجراءات أمام المحكمة العليا
واستنادا إلى هذين القانونين – قانون 1969 / 81وقانون 1970 / 66
– وفي يوم الحد الثامن من شهر مارس 1970بدأت لمحكمة العليا أداء
مهمتها الدستورية وبدا فصل جديد في تطور رقابة دستورية القوانين في
.مصر
ولن نتوقف طويل عند المحكمة العليا باعتبار انه قد حل محلها – وفقا
لدستور – 1971المحكمة الدستورية العليا – ومع ذلك فأننا سنشير
:بإيجاز إلى المور التية
.تكوين المحكمة العليا – 1
.اختصاصاتها – 2
.أهم اتجاهاتها القضائية – 3
أول – تكوين المحكمة العليا
عهد قانون المحكمة إلى رئيس الجمهورية مهمة اختيار وتعيين رئيس
المحكمة ومستشاريها وبذلك تنفرد السلطة التنفيذية – بل قمة تلك السلطة
– باختيار وتعيين أعضاء هذه المحكمة العليا التي يفترض فيها انها تراقب
.سلطات الدولة الخرى لكي تردها إلى جادة الدستور
وهذه الطريقة معيبة ول توفر أي قدر من الستقلل لعضاء المحكمة
أضيف إلى ذلك أن مدة ولية أعضاء المحكمة هي ثلث سنوات قابلة
للتجديد فان هذه المدة القصيرة جدا ووضع أمر التعيين وأمر التجديد في
يد رئيس الجمهورية يفقد الستقلل الحقيقي حتى برغم ما جاء في
القانون من نصوص حول استقلل المحكمة وعدم قابلية قضاتها للعزل ذلك
.انهم في الحقيقة معرضون لنوع من " العزل الدوري " كل ثلث سنوات
وقد نص قانون المحكمة العليا – القانون رقم 81لسنة – 1969علي
انه يشترط فيمن يتعين مستشارا بها أن تتوافر الشروط العام اللزمة
لتولي القضاء طبقا لحكام قانون السلطة القضائية وإل يقل سنة عن ثلثة
وأربعين سنة ميلدية ،ويكون اختيار مستشاري المحكمة من بين الفئات
:التية
المستشارين الحاليين أو من في درجتهم من أعضاء الهيئات – 1
القضائية المختلف ممن امضوا في وظيفة مستشارا أو ما يعادلها ثلث
.سنوات علي القل
ممن سبق لهم شغل وظيفة مستشار أو ما يعادلها في الهيئات – 2
.القضائية لمدة ثلث سنوات علي القل
المشتغلين بتدريس القانون بالجامعات المصرية في وظيفة أستاذ – 3
.لمدة ثماني سنوات علي القل
المحامين المقبولين أمام محكمة النقض لمدة ثمان سنوات علي القل – 4
.
هذا عن تكوين المحكمة .وهو كما قدمنا تكوين ل يكفل لها القدر
.الضروري من الستقلل
اختصاصات المحكمة العليا
تمهيد وتقسيم
تمهيد وتقسيم
تمهيد وتقسيم
في دراستنا للدعوى الدستورية التي تحرك الرقابة علي دستورية القوانين
:ندرس
.أول :كيفية اتصال المحكمة الدستورية العليا بالدعوى
.ثانيًا :شروط قبول الدعوى الدستورية
.ثالثًا :موضوع الرقابة الدستورية
.رابعًا :العيوب التشريعية التي تؤدي إلى الحكم بعدم الدستورية
.خامسًا :الحكم في الدعوى الدستورية
:تمهيد
سبق أن قلنا أن التنظيم الدستوري المصري لموضوع الرقابة علي
دستورية القوانين لم يعرف الدعوى الصلية وانما عرف وسائل ثلث
لتحريك الرقابة الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا وهذه الوسائل
:هي
) الحالة ) م 29أ
) الدفع ) م 29ب
) التصدي ) م 27
هذا وقد أشارت المذكرة اليضاحية لقانون المحكمة لهذه الوسائل الثلث
وقد نص القانون علي ثلثة طرق لتحقيق هذه الغاية – باتصال المحكمة
الدستورية بالدعوى الدستورية – أول :التجاء جهة القضاء من تلقاء
نفسها إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في دستورية نص لزم للفصل
في دعوي منظورة أمام هذه الجهة وذلك تثبيتًا للتزام الحكام القضائية
بالقواعد الدستورية الصحيحة .والثاني الدفع الجدي من أحد الخصوم أمام
إحدى جهات القضاء بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة وعندئذ تؤجل
ل لرفع الدعوى بنفسه المحكمة نظر الدعوى وتحدد لمن آثار الدفع أج ً
والطريق الثالث تخويل المحكمة الدستورية العليا أن تقضي من تلقاء
نفسها – بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة يعرض لها بمناسبة
.ممارسة أي من اختصاصاتها
هذه هي الوسائل الثلث التي تتصل المحكمة الدستورية العليا بواسطتها
بالدعوى الدستورية وبغير هذه الوسائل الثلث ل يجوز بأي حال من
الحوال تحريك اختصاص المحكمة بالدعوى الدستورية ،وبعد ذلك ندرس
.كل وسيلة من هذه الوسائل الثلث في مبحث خاص
المبحث الول
الحالة
:تقول المادة التاسعة والعشرون من قانون المحكمة الدستورية العليا
تتولى المحكمة الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح علي الوجه التي
) :الجهة التالية
أ( إذا تراء لحدى المحاكم أو الهيئات ذات الختصاص القضائي أثناء(
نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لئحة لزم للفصل
في النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الوراق بغير رسوم إلى المحكمة
.الدستورية العليا للفصل في المسالة الدستورية
هذه هي الوسيلة الولى من وسائل تحريك اختصاص المحكمة الدستورية
.العليا برقابة دستورية القوانين
والواقع أن هذه الوسيلة ليست اكثر الوسائل انتشارًا في تحريك اختصاص
المحكمة في هذه الشأن ذلك أن وسيلة الدفع توشك أن تكون الوسيلة
الكثر استعمال في هذا الخصوص ولكننا ندرس " الحالة " أول لن
.النص جعلها اسبق من وسيلة الدفع
وهذه الصورة من صور تحريك الدعوى الدستورية أمام المحكمة أيا كانت
تلك المحكمة وأيا كانت درجتها – ابتدائية أو استئنافية – وأيا كانت جهتها
سواء جهة القضاء العادي أو القضاء الداري أن هيئة ذات اختصاص
قضائي ووجدت تلك المحكمة أو الهيئة القضائية أو القانون الذي ستطبقه
علي النزاع المنظور أمامها أو أن نص القانون المراد تطبيقه علي تلك
المنازعة مشكوك في دستوريته وأنها ل تطمئن لتطبيقه لمخالفته للدستور
في اعتقادها عندئذ فان المشرع قد انه في ظل الرقابة القضائية لدستورية
القوانين وكون المحكمة الدستورية العليا هي وحدها دون غيرها التي
تملك الفصل فيما إذا كان القانون – أو نص فيه – دستوري أو غير
دستوري – قدر المشرع في هذه الحالة انه ل يجب أن تجبر المحكمة علي
الفصل في القضية وفقا لقانون ل تطمئن إلى دستوريته واباح لها أن تحيل
المر إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في دستورية أو عدم دستورية
النص أو النصوص المطلوب تطبيقها علي المنازعة المطروحة علي
.المحكمة المحيلة
ويتعين حتى تكون الحالة مقبولة أمام المحكمة الدستورية العليا أن
يتضمن القرار الصادر بالحالة إليها النص التشريعي أو النصوص
التشريعية التي تعتقد المحكمة المحيلة انه غير دستوري كذلك يتعين أن
تبين المحكمة المحيلة النص الدستوري المدعي بمخالفته واجه المخالفة .
) م 30من قانون المحكمة ( وبعد تحضير الدعوى تحكم المحكمة
الدستورية العليا بدستورية أو عدم دستورية النص أو النصوص المدعي
بعدم دستوريتها ،وحكمها في هذا المر ملزم للمحكمة التي أحالت
الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وعلي المحكمة المحيلة أن تحكم
بمقتضى ذلك ؛ إذا حكمت الدستورية بعدم دستورية النص وجب أعمال
ذلك وان حكمت بدستورية النص تعين علي المحكمة المحيلة أن تطبق ذلك
.النص بصرف النظر عن اقتناعها أو اعتقادها
والمحكمة المحيلة يجب عليها كما تقدم أن تذكر في قرار أحالتها وفي
أسباب حكم الحالة النصوص المدعي بعدم دستوريتها فان هي لم تفعل
كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة .وقد حكمت المحكمة الدستورية
العليا بان المادة 30من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون
رقم 48لسنة 1979تنص علي انه " يجب أن يتضمن القرار الصادر
بالحالة المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا
لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته
والنص الدستوري المدعي بمخالفته واوجه المخالفة " ومؤدي ذلك أن
المشرع أوجب لقبول الدعوى الدستورية أن يتضمن قرار الحالة أو
صحيفة الدعوى ما نصت عليه المادة 30سالفة الذكر من بيانات جوهرية
تنبئ عن جدية هذه الدعوى ويتحدد بها موضوعها وذلك مراعاة لقرينة
الدستورية لمصلحة القوانين وحيث يتاح لذوي الشأن فيها ومن بينهم
الحكومة – الذين أوجبت المادة 35من قانون المحكمة إعلنهم بالقرار أو
الصحيفة – أن يتبينوا كافة جوانبها ويتمكنوا في ضوء ذلك من إبداء
ملحظاتهم وردودهم وتعقيبهم عليها في المواعيد التي حددها المادة 37
من القانون ذلك بحيث تتولى هيئة المفوضين بعد انتهاء تلك المواعيد
تحضير الموضوع وتحديد المسالة الدستورية والقانونية وتبدي فيها رأيا
مسببا وفقًا لما تنص عليه المادة 40من قانون المحكمة الدستورية العليا
.المشار إليها
الجزء الثاني من أحكام المحكمة الدستورية العليا – جلسة 18ديسمبر [
1983 ] .ص 198
قرار الحالة الذي تتصل به الدعوى بالمحكمة الدستورية العليا وتحرك
اختصاصها هو غير قرار الحالة المنصوص عليه في المادة 110من
قانون المرافعات والتي تقضي بان المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها
بنظر الدعوى فأنها تحيل النزاع إلى المحكمة التي تعتقد انها مختصة .
مثال ذلك أن ترفع الدعوى أمام المحكمة البتدائية وتقدر تلك المحكمة أن
الدعوى تتعلق بعقد أدارى مما ل يدخل في اختصاصها فتحكم المحكمة
البتدائية بعدم اختصاصها وبالحالة إلى محكمة القضاء الداري
المختصة .هذا النوع من الحالة غير الحالة التي نحن بصددها والتي
مصدرها وسببها أن المحكمة المحيلة قد استبان لها أو رجح لديها أن
.النص المطلوب تطبيقه علي واقعة النزاع هو نص غير دستوري
وفي ذلك تقول المحكمة الدستورية العليا إن " الدعوى ل تكون قد اتصلت
بالمحكمة إذا كانت قد أحيلت إلى هذه المحكمة بعد قضاء محكمة جنوب
القاهرة بعدم اختصاصها ول تقوم بنظرها استنادا إلى المادة ) 110من
قانون المرافعات المدنية والتجارية التي توجب علي المحكمة عند القضاء
بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة وتلتزم
المحكمة المحال إليها بنظرها .ذلك أن قانون المحكمة الدستورية العليا
قانون خاص يحكم الدعاوى والطلبات التي تدخل في ولية هذه المحكمة
ويحدد الجراءات التي ترفع بها فل يجوز اللجوء إلى قانون المرافعات . .
.إل فيما لم ينص عليه فيه وبشرط أل يتعارض وطبيعة اختصاص
.المحكمة والوضاع المقررة أمامها
حكم المحكمة الدستورية العليا في 3/1/1987الطعن رقم 40لسنة ( 7
قضائية دستورية أورده المستشار محمد نصر الدين كامل في كتابه :
) .اختصاص المحكمة الدستورية العليا في 28هامش رقم 1
هذه هي الصورة الولى من الصور التي يعقد بها اختصاص المحكمة
الدستورية العليا وهي صورة الحالة وشروط قبولها والختلف بينها
وبين الحالة التي ينص عليها قانون المرافعات بين محكمة ومحكمة
.أخرى علي نحو ما تقدم
المبحث الثاني
صورة الدفع
الحقيقة أن صورة الدفع أو وسيلة الدفع هي الوسيلة الساسية والغالبة
لتحريك الدعوى الدستورية وقد سبق أن قلنا إن هناك طريقتين أساسيتين
لثارة موضوع الدستورية أمام القضاء الدستوري طريق الدعوى
الصلية .وطريق الدفع .وقلنا أن المشرع الدستوري المصري شانه في
ذلك شان غالبية التشريعات التي تقر الرقابة القضائية علي دستورية
القوانين – اختار وسيلة الدفع لتحريك الرقابة القضائية علي دستورية
.القوانين أمام المحكمة الدستورية العليا
وقد كانت هذه الوسيلة هي الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام المحكمة العليا
وفقًا لقانونها وذلك قبل نشأة المحكمة الدستورية العليا وفقا للقانون رقم
48لسنة 1979ذلك القانون الذي أضاف إلى وسيلة الدفع وسيلتين
.أخريين هما الحالة والتصدي
وقد أشارت إلى هذه الوسيلة – وسيلة الدفع – الفقرة الثانية من المادة
:التاسعة والعشرين من قانون المحكمة حيث قالت
تتولى المحكمة الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح علي
:الوجه التالي
أ( إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات(
ذات الختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة ورأت
المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي وأجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار
الدفع ميعادا ل يجاوز ثلثة اشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة
.الدستورية العليا فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كان لم يكن
وكما هو الحال في صورة الحالة فان عريضة الدعوى التي ترفع بعد
الحكم بجدية الدفع يجب أن تتضمن النص التشريعي المطعون بعدم
دستوريته والنص الدستوري المدعي بمخالفته واوجه المخالفة ) م
30 ) .
:وعلي ذلك فأننا سندرس
.أول :الدفع وأحكامه
.ثانيًا :معني جدية الدفع
.ثالثًا :الجراءات التي تتبع بعد الحكم بجدية الدفع
:معني الدفع
الفرص أن يكون هناك نزاع قضائي مطروح علي إحدى المحاكم أو
الهيئات ذات الختصاص القضائي وبطبيعة الحال فان المحكمة التي يطرح
أمامها النزاع ستفصل فيه وفقا لنصوص قانونية ويري أحد أطراف
الدعوى أن هذه النصوص المراد تطبيقها علي المنازعة هي مخالفة لحد
النصوص الدستورية القائمة فيدفع بعدم دستورية هذا النص أو هذه
.النصوص
والدفع بعدم دستورية نص أو نصوص في قانون أو قانون بأكمله يدخل
ضمن عموم معني الدفوع الفرعية في قانون المرافعات وهي تلك الدفوع
التي تستهدف تأجيل الخصومة أو وقفها لحين الفصل في مسالة أولية
يتوقف عليها الفصل في موضوع النزاع أو بمعني أخر أن يكون الفصل
في هذه المسالة التي يتضمنها الدفع لزمة لكي تتمكن المحكمة التي تنظر
.الموضوع من الحكم في الدعوى
ول شبهة في أن الدفع بعدم دستورية نص أو قانون يثير مسالة أولية
أساسية ل تستطيع المحكمة التي تنظر موضوع الدعوى أو تفصل فيها ما
لم تحسم المسالة الولية :مسالة دستورية أو عدم دستورية النص
.المدفوع بعدم دستوريته
ولكن هل كل دفع من أحد أطراف المنازعة بعدم دستورية نص قانوني
يؤدي مباشرة إلى تحريك المر أمام المحكمة الدستورية العليا ؟ لو صح
ذلك لغرقت المحكمة الدستورية بسير من الدعاوى الدستورية بغير حدود
.
لهذا وضع المشرع قيدا يؤدي إلى نوع من التصفية أو " الغربلة " هو
ضرورة أن تقدر المحكمة التي تدفع أمامها بعدم دستورية نص في قانون
أن تقدر تلك المحكمة أن الدفع جدي فما معني ذلك ؟
:معني جدية الدفع
المحكمة التي يبدي أمامها الدفع والتي تنظر موضوع الدعوى الصلية هي
التي تقدر جدية الدفع أو عدم جديته فعلي أي أساس تقدر المحكمة هذه
الجدية ؟
لم يضع المشرع معيارا حاسما لكون الدفع جديا من عدمه وترك المر
بذلك لمحكمة الموضوع تفصل فيه بحكم يجوز أن يكون محل للطعن
.استقلل أمام المحكمة العلى
ولكن الذي يستفاد من معني الجدية انها أول تنتهي إلى استبعاد الدفوع
.الكيدية الواضحة والتي ل يقصد مها غير تعطيل الدعوى
كذلك الدفوع غير المؤثرة في الفصل في الدعوى كان يتعلق الدفع بنص ل
.ينطبق علي الواقعة محل النزاع حتى وان ورد في ذلك القانون
وجماع المر في جدية الدفع أول ضرورة أن يكون الفصل في المسالة
الدستورية التي أثارها الدفع لزمة للفصل في الدعوى المطروحة علي
محكمة الموضوع التي أثير أمامها الدفع وثانيا :أن يكون هناك شك لدي
قاضي الموضوع حول دستورية النصوص المدفوع بعدم دستوريتها)
49) .
وقاضي الموضوع هو الذي يقدر كما قلنا جدية الدفع فهو إن قدر جدية
الدفع اخذ الموضوع طريقه إلى المحكمة الدستورية العليا علي نحو ما
.سنري وإذا قدر عدم جدية الدفع حكم برفضه
وهذا الحكم برفض الدفع قابل للطعن فيه بالطرق المقرر للطعن في الحكام
.ولكن يطعن فيه أمام المحكمة الستئنافية بالنسبة للمحكمة التي رفضت
الدفع ول يطعن فيه أمام المحكمة الدستورية ذلك أن هذه المحكمة كما
قالت " ليست جهة طعن بالنسبة إلى محكمة الموضوع وانما جهة ذات
".اختصاص أصيل حدده قانون إنشائها
:الجراءات المترتبة علي الحكم بجدية الدفع
إذا حكمت محكمة الموضوع بجدية الدفع المبدي أمامها بعدم دستورية
نص أو نصوص في قانون بأكمله فانه تحكم بتأجيل نظر الدعوى إلي أجل
تحدده .وفي نفس الوقت تحدد من أثار الدفع الذي رأت جديته أجل ل
.يجاوز ثلثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا
فإذا لم يرفع صاحب الشأن الدعوى في الميعاد الثلثة أشهر الذي فرضه
المشرع علي نحو أمر أقصي لرفع الدعوى الدستورية يعتبر ميعادا حتميا
يقيد محكمة الموضوع و الخصوم علي حد سواء فان هي تجاوزته أو
سكتت عنه كان علي الخصوم أن يلتزموا برفع دعواهم الدستورية قبل
.انقضاء هذا الحد القصى وإل كانت دعواهم غير مقبولة
الحكم الصادر في القضية رقم 29لسنة 2قضائية دستورية الجزء [
الثاني من أحكام المحكمة ص [ 31والذي يستفاد مما تقدم أنه حتى إذا لم
تحدد محكمة الموضوع التي أثير أمامها الدفع وقدرت جديته موعدا لرفع
الدعوى الدستورية ـ فرضا ـ فان ميعاد رفع الدعوى الدستورية يعتبر
ظرفا زمنيا يتعين رفعها خلله وإل كانت غير مقبولة وليس من شأن
سكوت محكمة الموضوع عن تحديد أجل لرفع الدستورية إطلق إرادة
صاحب الحق في إقامتها وجعل رفعها رهنا بمشيئته وإنما يتعين عليه ـ في
هذه الحالة ـ إقامة الدعوى الدستورية خلل مدة ل تجاوز ثلثة شهور
وهو الجل الذي يتعين أقامتها فيه حتى ولو حددت محكمة الموضوع أجل
يزيد عليه ،ذلك أن المشرع صدر نص البند )ب( من المادة 29من قانون
المحكمة الدستورية العليا بعبارة ناهية يستحيل معها أن ينظر إلى ميعاد
رفع الدعوى باعتباره ميعاد قد تقرر بنص أمر فمؤدي هذا أن المشرع ل
يطلق الدعوى الدستورية من قيد الميعاد المحدد وانما يربطها بالحد
القصى المقرر لرفعها وبذلك يتساوي الخصم الذي حددت له محكمة
الموضوع ميعادا لرفع الدعوى الدستورية مع ذلك الذي أغلقت المحكمة
تحديد ميعاد له ويمتنع بالتالي إتخاذ الدعوى الدستورية وسيلة للمماطلة
) .والكيد)50
المبحث الثالث
صورة التصدي
نصت علي هذه الصورة صورة التصدي ـ المادة السابعة و العشرين من
القانون رقم 48لسنة 1979بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا
:حيث قالت
يجوز للمحكمة في جميع الحالت أن تقضي بعدم دستورية أي نص في (
قانون أو لئحة يعرض لها بمناسبة ممارسة اختصاصاتها ويتصل بالنزاع
المطروح عليها وذلك بعد اتباع الجراءات المقررة لتحضير الدعاوى
) الدستورية
وهذه وسيلة جديدة من الوسائل التي جاء بها قانون المحكمة الدستورية
العليا من اجل توسعه نطاق الرقابة القضائية علي دستورية القوانين
وتفترض هذه الصورة أن قضية معروضة علي المحكمة الدستورية
القوانين وتفترض هذه الصورة أن قضية معروضة علي المحكمة
الدستورية سواء كانت قضية دستورية أو قضية من قضايا تنازع
الختصاص أو تعارض الحكام ـ ذلك بأن النص يقول بمناسبة ممارسة
اختصاصاتها بالجمع واختصاصات المحكمة هي الختصاصات الثلث
.المشار إليها
ورأت المحكمة و هي تفصل في تلك القضية أن ثمة نصا قانونيا يتصل
بالنزاع المطروح عليها وهذا النص مشكوك في دستوريته هنا أجاز
المشرع للمحكمة الدستورية العليا أن تتصدى لهذا لنص لتقرر فيه ما تراه
،ولكن المحكمة عندما تقرر التصدي ل تحكم مباشرة وانما تحيل
الموضوع الذي رأت أن تتصدى له تحيله أول إلى هيئة مفوضي المحكمة
لتخضير هو إعداد تقرير عنه ثم تتصدى له بعد ذلك بالفصل ,وليس معني
أن المحكمة قررت التصدي إنما تملك في دستورية نص معين أنه يتعين
أنه يتعين عليها أن تقضي بعدم دستورية إنما تملك المحكمة بعد إمعان
النظر أن تحكم فيه بأي من المرين دستورية النص أو عدم
دستوريته ويبين مما تقدم أن حق المحكمة في التصدي لنص دستوري
غير مطعون فيها أمامها هو أمر جوازي تباشره بمناسبة ممارسة أي من
.اختصاصاتها من تلقاء نفسها بغير حاجة إلى أن يدفع أمامها به
هذا وقد توسعت المحكمة في تفسير عبارة بالنزاع المطروح عليها ( في
الحالة التي أعلمت فيها رخصة التصدي وكان ذلك بمناسبة دعوي رفعها
أحد مستشاري مجلس الدولة طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة
الولى من المادة 104من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون
رقم 47سنة 1972فيما تضمنه من منع نظر طعن أعضاء مجلس الدولة
في قرارات نقلهم وندبهم وتأيبهم تماثل نص المادة 83من قانون السلطة
القضائية مجلس الدولة المطعون بعدم دستوريتها تماثل نص المادة 104
من قانون مجلس الدولة المطعون بعدم دستوريتها تماثل نص المادة 83
من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46لسنة 1972
فقد تصدت لهذا النص الثاني وقالت المحكمة في حكمها فيما يتعلق بهذا
الخصوص ) وحيث أنه بالنسبة للطعن بعدم دستورية الفقرة الولى من
المادة 104من قانون مجلس الدولة المشار إليه و التي تنص علي أن
) تختص إحدى دوائر المحكمة الدارية العليا دون غيرها بالفصل في
الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الدارية النهائية
المتعلقة بأي شأن من شئونهم وذلك عدا النقل و الندب متي كان مبني
الطلب عيبا في الشكل أو مخالفة القانون و اللوائح و الخطأ في تطبيقها أو
تأويلها أو إساءة استعمال السلطة فأنها تماثل في حكمها الفقرة الولى من
المادة 83من قانون رقم 49لسنة 1973فيما نصت عليها من أن
تختص إحدى دوائر المواد المدنية و التجارية لمحكمة النقض دون غيرها
بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء و النيابة العامة بإلغاء
القرارات الدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم وذلك ما عدا
النقل و الندب متي كان مبني الطلب عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين و
اللوائح أو الخطا تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة المر الذي
دعي المحكمة أعمال حقها في التصدي المتاح لها طبقا للمادة 27من
..قانونها فيما يتعلق بهذه المادة الخيرة لتصالها بالنزاع المطروح عليها
)
وبعد أن طلبت المحكمة من هيئة المفوضين إعداد تقرير عن هذا المر
:انتهت إلي
لما كان ما تقدم وكان نص المادة 83/1من قانون السلطة القضائية ..
ونص المادة 104/1من قانون مجلس الدولة قد خالفا نص المادة 68
من الدستور علي ما سلف بيانه فانه يتعين الحكم بعدم دستورية ما تضمنه
كل من النصين من عدم إجازة الطعن في قرارات نقل أو ندب رجال
القضاء و النيابة ومجلس الدولة في طلبات إلغاء القرارات الدارية
) .النهائية المتعلقة بأي شان شئونهم 51)" ..
واضح من مراجعة هذا الحكم الهام أن نص المادة الواردة في قانون
السلطة القضائية لم يكن لزما للفصل في النزاع المعروض علي المحكمة
المتصل بأحد مستشاري مجلس الدولة ولكن المحكمة رأت المماثلة الكاملة
بين النصين ورأت في هذه المماثلة ما يحقق شرط النص حيث يقول
) وتتصل بالنزاع المطروح عليها ( وتصدت له وحكمت بعدم دستورية
.النصين المتماثلين
ولكن التصدي ل يكون إل المناسبة دعوي مقبولة أمام المحكمة وصالحة
للفصل فيها وعلي ذلك فإذا كانت الدعوى غير مقبولة أو كانت الخصومة
قد انتهت فان الحق في التصدي ل يقوم بطبيعة الحال لنتفاء وجود قضية
أصل أمام المحكمة يجوز التصدي بمناسبتها .وقد حكمت المحكمة
الدستورية في هذا الخصوص ) إذا انتهي قيام النزاع أمام المحكمة كما هو
الحال في الدعوى الراهنة التي انتهت المحكمة من قبل إلى عدم قبولها فل
) .يكون لرخصة التصدي سند يسوغ إعمالها)52
وحكمت المحكمة أيضا بأن المحكمة إذا انتهت إلى انتهاء الخصومة في
دعوي أمامها في هذه الحالة أيضا ) ل ...يكون لرخصة التصدي سند
) .يسوغ إعمالها)53
علما بان الحق في التصدي هو رخصة جوازيه للمحكمة ل يستطيع اد ى
إجبارها عليه حتى مع توافر كل شروطها ذلك أن النص الذي يقرر هذه
.الوسيلة يقول ) يجوز للمحكمة ( و الجواز غير الوجوب
:تمهيد
الدعوى الدستورية هي دعوي قضائية ومن ثم فان شروط قبولها هي
شروط قبول كل دعوي قضائية ومع ذلك فان الدعوى الدستورية لها
طبيعة خاصة ذلك أن نظامنا ل يعرف الدعوى الدستورية الصلية التي
ترفع مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا وانما يعرف صورة الدفع
عندما تكون هناك قضية منظورة أمام المحكمة ويراد أن يطبق عليها نص
قانون يري أحد أطراف المنازعة انه غير دستورية فيدفع بعدم دستوريته
وتقدر محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وتحدد أجل لمن تقدم بالدفع لرفع
الدعوى الدستورية ويقوم هذا الشخص فعل برفع هذه الدعوى – هذه
الدعوى المبنية علي الدفع المحكوم بجديته يشترط قبولها ما يشترط لقبول
الدعاوى كافة وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية ذلك انه يشترط
.لقبولها
.شرط المصلحة
.شرط الصفة
.وشرط الهلية
كما يشترط في كل الدعاوى إل أن شرط المصلحة في الدعوى الدستورية
رغم اتفاقه في الساس مع شرط المصلحة في أي دعوي إل أن له
.خصائص أخرى علي نحو ما سنري
شرط المصلحة :القاعدة العامة هي انه حيث ل مصلحة ل دعوي وهذه
القاعدة قائمة بالنسبة للدعوى الدستورية شانها في ذلك شان الدعاوى
العادية فإذا انتفت المصلحة انتفي الحق في تحريك الدعوى وتعين الحكم
.بعدم قبولها
والمصلحة يجب أن تكون مصلحة شخصية ومباشرة وحاله وقد تكون
.المصلحة مادية وقد تكون أدبية
وهذا كله ل يختلف في شئ عن المصلحة في الدعاوى العادية وكما
.تتناولها كتب شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية
أما بالنسبة لما قد تختص به الدعوى الدستورية فان ذلك مرجعه طبيعة
الدعوى وطريقة تحريكها ،ولما كان تحريك الدعوى الدستورية يتعين أن
يسبقه دفع أمام المحكمة التي تنظر الموضوع فان هذا الدفع بدوره يجب
.أن تتحقق لصاحبه مصلحة فيه فل يقبل دفع من غير صاحب مصلحة فيه
كذلك فان المصلحة في الدعوى الدستورية ترتبط بالمصلحة في الدعوى
الموضوعية وقد حكمت المحكمة الدستورية العليا بأنه من المقرر انه
يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن يتوافر للطاعن مصلحة شخصية
مباشرة في طعنه ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في دعوي
الموضوع التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه
.علي الحكم فيها
تكون مصلحته غير قائمة وتقتصر مصلحته علي الحكم علي ، 233
المادة 226وبذلك فان دعواه بالنسبة للمواد الخرى تكون غير مقبولة
.لنتفاء المصلحة
وذهبت المحكمة الدستورية العليا أيضا إلى أن رافع الدعوى إذا كان قد
طعن علي مواد عديدة من القانون رقم 38لسنة 1972في شان مجلس
الشعب وتعديلته والجدول المرافق له إل انه متي كان من المقرر انه
يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن يتوافر للطاعن مصلحة شخصية
ومباشرة في طعنه ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته في دعوي
الموضوع التي أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتي يؤثر الحكم فيه
علي الحكم فيها وكان ما يستهدفه المدعي من دعواه الموضوعية هو
إلغاء قرار مدير أمن القاهرة برفض قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس
الشعب لعدم إرفاقه بصورة معتمدة من قائمة الحزب الذي ينتمي إليه مثبتا
إدراجه فيها ،لما كان ذلك وكانت المواد الخامسة مكرر والسادسة فقرة )
( 1والسابعة عشرة فقرة ) ( 1هي التي تضمنت أحكامها وجوب استيفاء
هذا الشرط فان مصلحة المدعي إنما تقوم علي الطعن بعدم دستورية هذه
المواد فحسب بتقدير أن الحكم له في الطلبات الموضوعية يتوقف علي ما
يسفر عنه القضاء في الطعن بعدم دستوريتها أما باقي مواد القانون رقم
38لسنة 1972المعدل بالقانون رقم 114لسنة 1983فل توجد
مصلحة شخصية ومباشرة للمدعي في الطعن بعدم دستوريتها إذ ليس ثمة
اثر لها علي طلباته أمام محكمة الموضوع ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول
.الدعوى بالنسبة لهذه المواد لنتفاء مصلحة المدعي في الطعن عليها
حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 4/6/1988في الطعن رقم ( 10
) :لسنة 7قضائية دستورية – الجزء الثالث من أحكام المحكمة
.هذا عن بعض خصوصية شرط المصلحة في الدعوى الدستورية
أما عن شرط الصفة والهلية فل يوجد ما يفرق بينهما وبين هذين
الشرطين في الدعاوى العادية التي يدرسها قانون المرافعات ومن ثم فل
.محل للحديث عنهما استقلل ونحن نتحدث عن القضاء الدستوري
هذا وقد أضافت المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية إلى شرط
المصلحة في الدفع بعدم الدستورية شرطا أخر مفاده أن يرد ذلك الدفع في
منازعة جدية وان ل تكون المنازعة مفتعلة افتعال من اجل الوصول إلى
.تقرير عدم دستورية نص معين
وقد ذهبت المحكمة العليا المريكية إلى انه لقيام النزاع أو الخصومة
بصفة جدية فانه يتعين وجود طرفين متنازعين تعرض ادعائاتهما أمام
.القضاء للفصل فيها
وقد طبقت المحكمة العليا هناك هذا المبدأ في قضية شركة شيكاغو للسكة
الحديد ضد ويلمان إذ تبين لها انه ل توجد خصومة حقيقية بين أطراف
هذه القضية وان الطرفين قد تواطأ علي رفع هذه الدعوى أمام القضاء
للطعن في دستورية قانون يحدد أجور النقل فقررت المحكمة العليا في
حكمها انه ليس ثمة خصومة أو نزاع حقيقي في الدعوى وقالت في
أسبابها " . .أن المحكمة ليس لها اختصاص عام بالشراف علي
دستورية القوانين وأنها إنما تختص بذلك إذا أثيرت هذه المشكلة في
معرض خصومة حقيقية جادة بين أطراف تتعارض مصالحهم
) .وادعاءاتهم 54)" . .
العيوب الدستورية
يمكن إن نوجز الدستوري التي تلحق بقانون معين في عبارة واحدة مبناها
تلك العيوب تجمل في مخالفة الدستور سواء كانت تلك المخالفة لموضوع
الدستور نفسه أو لما يفرضه الدستور من أشكال وإجراءات يتعين إن تمر
.خللها العملية التشريعية
وقد تكون عبارة " العيوب الدستورية " غير دقيقة بعض الشيء ولعل
الدق هو إن نقول العيوب التي تلحق بقانون من القوانين أو نص في
.قانون معين فتدمغه بعدم الدستورية
والعيوب التي تلحق قانونا معينا قد تتعلق بشكل إصدار ذلك القانون
وإجراءاته وقد تتعلق بموضوع القانون نفسه أي بما ورد في ذلك القانون
من أحكام موضوعية تخالف الحكام الموضوعية في الدستور .ونبحث كل
.عيب من هذين العيبين في مبحث خاص
.ونبدأ بالعيوب المتعلقة بالشكل
المبحث الول
العيوب الشكلية
العيوب الشكلية هي تلك التي تتعلق بمخالفة أجراء أو شكل نص الدستور
علي ضرورة مراعاته ؛ من ذلك مثل إن يتطلب الدستور أغلبية معينة أكثر
من مجرد الغلبية المطلقة ويصدر القانون بالغلبية العادية ،أو إن ينص
الدستور علي ضرورة التصويت بالسماء اسما اسما ويتم التصويت علي
التشريع برفع اليدي .أو إن ينص الدستور علي ضرورة إن يمر التشريع
علي لجنة من لجان المجلس ثم ل يمر التشريع علي تلك اللجنة ،ويعرض
علي المجلس بكامله مرة واحدة ،أو إن يتطلب الدستور عرض التشريع
علي مجلس الشورى واخذ رأيه فيه ثم ل يعرض التشريع علي ذلك
المجلس ويصدر بعد الموافقة عليه من مجلس الشعب فقط ،أو إن يصدر
التشريع من رئيس الجمهورية في الحالت التي يعطيه فيها الدستور ذلك
ولكن مع تخلف شرط من الشروط التي وضعها الدستور مثل شرط
الضرورة في الحالت المنصوص عليها في المادة 147التي تعطي رئيس
الجمهورية حق إصدار قرارات لها قوة القانون في غيبة البرلمان ول
تكون حالة الضرورة قائمة .أو إن ينص علي إن للقانون أثرا رجعيا دون
.إن يحصل القانون علي الغلبية المطلوبة في مثل هذه الحالة
هذه بعض أمثلة من العيوب الشكلية التي تلحق التشريع وتجعله مخالفا
.للدستور
ومن هذه المثلة يبين إن مراعاة " الشكل " في النطاق الدستوري تقوم
علي ضرورة حماية الوضاع والجراءات الشكلية المنصوص عليها في
الدستور سواء اتصل ذلك باقتراح التشريع أو التصويت عليه أو مراحل
نظره أو إقراره أو إصداره .ويكون التشريع معيبا بعيب شكلي إذا خرج
علي أي شكل من الشكال التي ألزم بها الدستور في أي مرحلة من هذه
.المراحل
ويجب إن ندرك إن اللوائح البرلمانية تنص علي إجراءات معينة يتعين إن
تسير فيها العملية التشريعية والغالب إن تكون هذه الجراءات متفقة
ومتطابقة مع ما جاء به الدستور نفسه من قواعد وإجراءات شكلية ولكن
يجوز إن تتطلب اللئحة البرلمانية إجراءا لم يأت به الدستور فإذا خولف
ذلك الجراء فان المخالفة هنا ل تعد مخالفة دستورية ول تقبل إثارتها أمام
.القضاء الدستوري ول يحكم بعدم دستورية التشريع علي أساسها
والمحكمة الدستورية عندما تتصدى لبحث دستورية تشريع معين فإنها ل
تنظر موضوع التشريع إل إذا ثبت لديها سلمته من حيث الشكل .ذلك إن
بحث الشكل يأتي أول .وهذا يعني الضرورة إن تعرض القضاء الدستوري
للمخالفات الدستورية الموضوعية يحمل في طياته براءة التشريع من
.العيوب الشكلية
ويثور هنا تساؤل عن الدستور الذي يرجع إليه في أمر الشكل والجراءات
هل هو الدستور القائم وقت الفصل في النزاع المعروض أم هو الدستور
الذي صدر القانون المطعون فيه بالمخالفة الشكلية في ظله ؟
ل يمكن عقل إن يطلب من تشريع صدر في ظل دستور انتهت حياته إن
يكون متفقا مع الجراءات الشكلية في دستور جديد .ذلك انه يتصور مثل
إن يقيم الدستور الذي صدر في ظله التشريع مجلسا نيابيا واحدا هو وحده
صاحب الختصاص في التشريع ويوافق المجلس علي ذلك التشريع
بإجراءات سليمة .ثم يأتي الدستور الجديد فيقيم مجلسين نيابين ويطعن
علي التشريع الصادر في ظل الدستور القديم بأنه لم يمر علي المجلسين .
.هذا طعن غير منطقي ول مقبول ول معقول
ولذلك فقد جرت أحكام القضاء الدستوري مقررة كل ما تقدم .ولعل من
احدث ما صدر عن المحكمة الدستورية العليا في هذا المجال حكم المحكمة
:في القضية رقم 31لسنة 10بتاريخ 7ديسمبر 1991والذي جاء فيه
وحيث أن الصل في الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة علي دستورية "
القوانين أنها رقابة شاملة تتناول كافة المطاعن الموجهة إليها أيا كانت
طبيعتها ،وإنها بالتالي ل تقتصر علي العيوب الموضوعية التي تقوم علي
مخالفة نص تشريعي للمضمون الموضوعي لقاعدة واردة في الدستور
وإنما تمتد هذه الرقابة – وبوصفها رقابة مركزية قصرها الدستور
والمشرع كلهما علي هذه المحكمة – إلي المطاعن الشكلية التي تقوم في
مبناها علي مخالفة نص تشريعي للوضاع الجرائية التي تطلبها الدستور
سواء في ذلك ما كان منها متصل باقتراح النصوص التشريعية أو إقرارها
أو إصدارها حال انعقاد السلطة التشريعية أو ما كان منها متعلق بالشروط
التي يفرضها الدستور لمباشرة الختصاص بإصدارها في غيبة السلطة
التشريعية أو بتفويض منها وذلك لورود النصوص المنظمة لهذه الرقابة
في صيغه عامة مطلقة ولن قصرها علي المطاعن الموضوعية الموجهة
إلي النصوص التشريعية إنما يخرج عيوبها الشكلية عن ولية هذه
.المحكمة
وحيث أن الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة غايتها أن ترد إلي قواعد
الدستور كافة النصوص التشريعية المطعون عليها وسبيلها أل ذلك إن
تفصل بإحكامها النهائية في الطعون الموجهة إليها شكلية كانت أو
موضوعية وان يكون استيثاقها من استيفاء هذه النصوص لوضاعها
الشكلية أمرا سابقا بالضرورة علي خوضها في العيوب الموضوعية ذلك
إن الوضاع الشكلية للنصوص التشريعية هي من مقوماتها كقواعد
قانونية ل يكتمل كيانها أصل في غيبة متطلباتها الشكلية وذلك خلفا
للعيوب الموضوعية التي تقوم في مبناها علي مخالفة النصوص المطعون
عليها لقاعدة في الدستور من حيث مضمونها الموضوعي وهو ما يفترض
لزوما اكتمال أوضاعها الشكلية وإن شابها عوار موضوعي لخروجها
...علي الحكام الموضوعية في الدستور
ويتعين علي هذه المحكمة بالتالي إن تتحراها بلوغا لغاية المر فيها ،ولو
كان نطاق الطعن المعروض عليها محددا في إطار المطاعن الموضوعية
دون سواها ،ومن ثم تفرض العيوب الشكلية نفسها علي المحكمة دومًا إذ
يكون قرار المحكمة بشأنها متعلقا بها وحدها ول يعتبر حكمها برفض هذه
المطاعن مطهرا للنصوص المطعون عليها من مثالبها الموضوعية أو
.مانعا كل ذي مصلحة من طرحها علي المحكمة وفقا لقانونها
إن قضاء المحكمة في هذه المخالفة والقائمة في مضمونها علي طعن "
موضوعي يكون متضمنا علي وجه القطع واللزوم تحققا من استيفاء
القرار بقانون الذي اشتمل عليها لوضاعه الشكلية إذ لو قام لديها الدليل
عل تخلفها لسقط هذا القرار بقانون برمته ولمتنع الخوض في اتفاق
بعض مواده أو مخالفتها لحكام الدستور الموضوعية المر الذي يعتبر
" .معه هذا الوجه من النعي علي غير أساس حريا باللتفات عنه
المبحث الثاني
العيوب الموضوعية
نستطع إن نقول إن العيوب الدستورية الموضوعية التي تلحق نصا
تشريعيا معينا يمكن إن تجمل في عبارة واحدة هي مخالفة مضمون
.القاعدة التشريعية لمضمون قاعدة واردة في نص من نصوص الدستور
ومع ذلك فأننا نستطيع من استقراء أحكام القضاء الدستوري إن نتحدث
عن بعض صور العيوب الدستورية الموضوعية مثل :عيب عدم
الختصاص ،وعيب المحل ،وعيب النحراف في استعمال السلطة
التشريعية .ولكن حديثنا عن هذه الصور ل يغني عن إن نقرر إن المبدأ
العام هو إن النص التشريعي يكون معيبا بعيب موضوعي كلما خالف
مضمون قاعدة واردة في نص من نصوص الدستور أيا كانت تلك المخالفة
،ولكننا مع ذلك نشير بإيجاز إلي كل عيب من العيوب التي أشرنا إليه
.ونضرب له بعض المثلة
الفرع الول
عيب عدم الختصاص
سلطة التشريع يقوم بها أصل مجلس الشعب
ويقوم بها استثناءا رئيس الجمهورية
وكل من الجهتين رسم الدستور حدود اختصاصها وكيفية ممارستها لهذا
الختصاص ،فإذا تصورنا إن جهة أخري غير هاتين المؤسستين تصدت
للتشريع فان تصديها هذا يوسم بميسم عيب عدم الختصاص ،أو لو إن
أيا من هاتين المؤسستين مارست العملية التشريعية في غير الحدود التي
.رسمها الدستور فان تصرفها يوسم أيضا بميسم عدم الختصاص
والحقيقة إن فكرة " الختصاص " في القانون الدستوري ترتبط بمداين
:أساسيين من مبادئ القانون العام الحديث
أ( مبدأ الفصل بين السلطات(
ب( مبدأ دولة المؤسسات(
والدولة الحديثة تقوم علي وجود قاعدة قانونية عليا تقر المبدأين
.المتقدمين وتستند إليهما
أما مبدأ الفصل بين السلطات فيعني أن الدستور إذ يحدد سلطات الدولة
فانه يحدد اختصاص كل سلطة من هذه السلطات بحيث ل ينبغي لسلطة أن
ل تقوم باختصاصها من ناحية ول ينبغي لها إن تقوم باختصاص غيرها
.من ناحية أخري
ويترتب علي ما تقدم انه ل يجوز لسلطة عهد إليها الدستور باختصاص
معين إن تترك هذا الختصاص لغيرها :إذ إن ذلك فيه تفويت لقصد
المشرع الدستوري أي السلطة التأسيسية ،ومن هنا كان التفويض غير
ممكن في الختصاصات التي عهد بها الدستور إلي جهة معينة ما دام لم
يسمح لها الدستور نفسه يمثل هذا التفويض وفي الحدود التي يسمح بها
.فيه
وعلي ذلك فانه ل يجوز لرئيس الجمهورية إن يفوض غيره حتى ولو كان
نائب رئيس الجمهورية – في إن يتولي الختصاصات التي " خصه " بها
الدستور في المادة 74التي تطبق في حالت الزمات الدستورية وتهديد
مؤسسات الدولة بالتوقف عن العمل نتيجة وجود خطر جسيم ،أو
بالختصاصات الواردة في المادة 145المتعلقة بحق رئيس الجمهورية
في إصدار لوائح الضبط أو الواردة في المادة 146المتعلقة بحقه في
إصدار اللوائح التنظيمية أو الختصاصات الواردة في المادة 147من
الدستور والمتعلقة بحق رئيس الجمهورية في إصدار قرارات بقوانين في
.حالة غيبة البرلمان أو فيما بين أدوار انعقاده
وتستند الفلسفة الدستورية في هذا الشأن إلي إن الدولة الحديثة لم تعد
دولة فرد أو مجموعة من الفراد " يملكون " سلطة الدولة .هذا غير
صحيح إن سلطة الدولة ملك للدولة باعتبارها التشخيص القانوني
للشعب ،والقانون السمي في الدولة – الدستور – يوزع سلطات الدولة
علي مؤسسات معينة هذه المؤسسات تنشئها القاعدة الدستورية وتحدد
اختصاصها القاعدة الدستورية وتعين الممارسين أو الممثلين لها القاعدة
.الدستورية وتبين المدة الزمنية لختصاصها القاعدة الدستورية أيضا
ومما تقدم يبين لنا أن عيب عدم الختصاص في المجال الدستوري يقترب
في عناصره من فكرة الختصاص في المجال الداري وان كانت الولى
تستند إلي قاعدة دستورية علي حين إن الثانية تستند إلي قاعدة إدارية أو
قانونية عادية وعناصر فكرة الختصاص في الحالتين تقوم علي العنصر
.الشخصي والعنصر الموضوعي والعنصر المكاني والعنصر الزمني
والعنصر الشخصي في الختصاص يعني أن يقوم بالختصاص الدستوري
.الجهة أو الشخص الذي حدده الدستور للقيام بهذا الختصاص
فإذا حدد الدستور اختصاصا معينا وعهد به إلي القضاء فان افتئات جهة
أخري أيا كانت وأيا كان موقعها في سلم مؤسسات الدولة علي هذا
.الختصاص يسمه بميسم عدم الدستورية
فإذا كان الفصل في المنازعات المدنية وتوقيع العقوبات في المسائل
الجنائية هو اختصاص عهد به الدستور إلي السلطة القضائية فان هذه
السلطة ل تستطيع إن تتخلى عن هذا الختصاص ول تستطيع إن تعهد به
إلي غيرها ،هذا من ناحية ومن ناحية أخري فان أي سلطة أخري في
الدولة ل تملك إن تفصل في جنحة ضرب صغيرة وان توقع علي فاعلها
حكما بغرامة يسيره فان هي فعلت كان تصرفها باطل لخروجه علي قواعد
.الختصاص التي وضعها الدستور
وإذا حدد الدستور اختصاصا معينا وعهد به إلي " رئيس الجمهورية "
فان رئيس الجمهورية وحده دون غيره هو الذي يملك ذلك الختصاص .
والدستور هو الذي يحدد من هو رئيس الجمهورية وكيف يتولي منصبه
.ومدة توليه لهذا المنصب وما إلي ذلك
وهكذا بالنسبة لكل اختصاص دستوري عهد به الدستور إلي مؤسسة
معينة أو إلي شخص بذاته فان مباشرة غير هذه المؤسسة أو غير ذلك
الشخص لهذا الختصاص يعد عيبا دستوريا متعلقا بالعنصر الشخصي في
.الختصاص
وإذا كان الصل إن الختصاص الدستوري ل يجوز التفويض فيه فان مثل
.هذا التفويض يجوز استثناء بنص الدستور نفسه
وقد أجاز الدستور في المادة 108منه لمجلس الشعب إن يفوض رئيس
الجمهورية استثناءا وفي ظروف خاصة بإصدار قرارات لها قوة القانون
حيث يقول النص الدستوري " لرئيس الجمهورية " عند الضرورة وفي
الحوال الستثنائية وبناء علي تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي
العضاء إن يصدر قرارات لها قوة القانون .ويجب إن يكون التفويض
لمدة محدودة .وان تبين فيه موضوعات هذه القرارات والسس التي تقوم
عليها ويجب عرض هذه القرارات علي مجلس الشعب في أول جلسة بعد
انتهاء مدة التفويض فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها
زال ما كان لها من قوة القانون . .وواضح من مراجعة هذا النص أن
التفويض في الختصاص الدستوري هو نوع من الستثناء الذي ل يجوز
إل عند الضرورة وفي الحوال الستثنائية ،واستعمال المشرع لهاتين
العبارتين الحوال الستثنائية .وحالة الضرورة رغم قربهما في المعني "
الضرورة والظروف الستثنائية " يوضح الطابع الستثنائي لمكانية
.التفويض
والحقيقة انه في البلد التي تعمقت فيها سيادة القانون ودولة المؤسسات
واحترام الدستور يندر فيها التفويض إل في الحالت الستثنائية فعل علي
حين انه في البلد التي ما زال حكم الفرد يغلب فيها علي حكم المؤسسات
فأننا نصادف تفريطا في التفويض بمعني أننا قد نجد تفويضا ل تبرره
ضرورة ول ظروف استثنائية حاكمه .وهذا نوع من تقصير المجالس
النيابية في حق نفسها وفي حالة وجود قضاء دستوري فان القضاء
الدستوري يتعين عليه إن يراقب مدي اتفاق قانون التفويض مع الدستور
وهل تحققت حالة من حالت الضرورة ووجدت الظروف الستثنائية التي
تبرر الخروج علي الصل وهو اختصاص نواب الشعب بالتشريع ومن ثم
يكون التفويض دستوريا أم إن هذه الحالة غير قائمة ومن ثم يفقد
.التفويض سند وجوده
والحقيقة أن المحكمة العليا التي أنشئت عام 1969وبدأت تباشر عملها
عام 1970توسعت في معني التفويض التشريعي الذي صدر بالقانون رقم
15لسنة 1967وصححت ما أصدره رئيس الجمهورية علي أساس ذلك
.التفويض علي حين إن ذلك التفويض يحمل شكا كبيرا في دستوريته
ويبدو أن المحكمة العليا تأثرت آنذاك بأصل نشأتها هي ذاتها وان هذه
النشأة قامت بقرار بقانون صدر بناء علي قانون التفويض المشار إليه
الذي نذهب إلي الشك الكبير في دستوريته ذلك بالرغم من أن دستور
1971تضمن نصا يصحح وضع المحكمة العليا ويعطي استمرارها – إلي
إن تنشا المحكمة الدستورية العليا – مشروعية دستورية ،المهم والذي
يتعين علينا إن نعرفه في هذه المرحلة هو أن الدستور عندما يعطي
اختصاصا معينا لجهة معينة فان هذه الجهة عليها إن تقوم بهذا
الختصاص ول تنكره وليس لها كأصل عام إن تفوض غيرها فيه إل إذا
أجاز الدستور نفسه مثل ذلك التفويض وبالشروط التي يحددها الدستور
.نفسه
وإذا كان ما تقدم كله يتعلق بالعنصر الشخصي في الختصاص فان
الخروج علي العنصر الموضوعي أي علي موضوع الختصاص نفسه
يشكل عيبا دستوريا بعدم الختصاص .فإذا جاء الدستور وحظر المصادرة
العامة للموال وأقدم مجلس الشعب علي سن قانون يجيز المصادرة العامة
فان المجلس في هذه الحالة يكون قد شرع في " موضوع " ل يملك
.التشريع فيه لن الدستور حظره سواء عليه أو علي غيره
كذلك فان الدستور عندما يقرر مساواة المصريين جميعا أمام القانون فان
مجلس الشعب أو رئيس الجمهورية ل يملك أي منهما إن يسن تشريعا
يخل بقاعدة المساواة حتى وان كان ذلك الخلل فيه مظهر من مظاهر
العدالة كان يعطي أبناء أساتذة الجامعة أو أبناء الشهداء ميزة معينة علي
غيرهم تخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص عند دخول الجامعة فإذا صدر
مثل ذلك التشريع فانه يعتبر غير دستوري لن " موضوع التشريع "
خالف قاعدة دستورية أصلية هي التي تتمثل في مبدأ المساواة بين
.المصريين جميعا أمام القانون
أما بالنسبة للعنصر الزمني في الختصاص فان أوضح مثل له إن يصدر
مجلس الشعب تفويضا لرئيس الجمهورية في التشريع في أمور معينة
لمدة محدودة وتنتهي هذه المدة وفي اليوم التالي يستعمل رئيس
الجمهورية رخصة التفويض ليصدر قرارات بقوانين .مثل هذه القرارات
بقوانين تعد غير دستورية لمخالفتها قاعدة من قواعد الختصاص
.الدستوري المتعلقة بزمن التفويض
كذلك لو فرضنا إن مجلس الشعب قد صدر بحله قرار من رئيس
الجمهورية بعد الستفتاء المطلوب دستوريا ومع ذلك وبعد إن ابلغ
المجلس بقرار الحل اقر تشريعا معينا .مثل هذا التشريع ل يملك المجلس
.سنة لن زمن اختصاص المجلس قد انتهي
كذلك عندما تنتهي مدة رئيس الجمهورية ول يكون قد رشح نفسه وجدد
انتخابه فانه بعد نهاية مدة وليته ولو بيوم واحد ل يستطيع إن يباشر أي
اختصاص من اختصاصاته التي ينتهي حقه في مباشرتها بانتهاء المدة
.التي حددها الدستور لوليته
أما العنصر المكاني في الختصاص فانه غير متصور بالنسبة
للموضوعات الدستورية ذلك انه ليس من المتصور إن يسن مجلس الشعب
تشريعا أو إن يصدر رئيس الجمهورية قرارا بقانون وينص في أي منهما
علي تطبيقه خارج حدود الدولة – هذا أمر غير متصور وان حدث فانه
.يكون غير دستوري بطبيعة الحال
هذا هو عيب عدم الختصاص الدستوري .وإذا قام هذا العيب في أي
عنصر من عناصر نص تشريعي معين فان مثل هذا النص يكون معيبا
بعيب عدم الدستورية ويحق للقضاء الدستوري عندما يطعن أمامه في مثل
ذلك النص إن يقضي بعدم دستوريته لمخالفته للقواعد المنصوص عليها
.في الدستور
الفرع الثاني
العيب الذي يلحق محل التشريع
يتعين أن يكون محل التشريع متفقا مع مضمون الدستور ملتزما بالضوابط
والقيود التي تضعها القواعد الدستورية كما يتعين أن يكون محل التشريع
.عبارة عن قواعد عامة مجردة
والواقع إن محل التشريع هو موضوعه ،ويتعين إن يكون هذا الموضوع
.أو المحل متفقا مع الحدود والضوابط الموضوعية التي يقررها الدستور
وإذا كان من المقرر إن الصل في المشرع انه يملك سلطة تقديرية .إل
انه في أحيان محدودة تكون سلطة المشرع مقيدة وفقا لما ينص عليه
.الدستور ويفرضه
وعلي ذلك ومن منظور رقابة الدستورية سنعالج تلك الرقابة عندما تكون
.للمشرع السلطة التقديرية ونعالجها عندما تكون سلطة المشرع مقيدة
:رقابة الدستورية عندما تكون السلطة تقديرية
استقر القضاء الدستوري في العديد من أحكامه علي انه عندما يتمتع
المشرع بسلطة تقديرية في تنظيم الحقوق فانه يصبح ول معقب عليه في
تقديره ما دام إن الحكم التشريعي الذي قرر لتلك الحالت قد صدرت به
قاعدة عامة مجردة ل تنطوي علي التمييز بين من تساوت مراكزهم
.القانونية ول تهدر نصا في الدستور
والسلطة التقديرية ل تعني السلطة المطلقة وإنما تعني أنها سلطة يمارسها
المشرع في نطاق الدستور وإطار أحكامه .ولكن المشرع في هذا الطار
الدستوري يملك الحرية في المفاضلة بين عديد من البدائل والخيارات دون
إن يفرض عليه التزام طريق معين أو خيار بذاته ما دامت كل تلك البدائل
.والخيارات تدخل ضمن الطار الذي رسمه الدستور
كذلك فان السلطة التقديرية التي يتمتع بها المشرع مهما اتسعت ل تصل
إلي حد إهدار أصل الحق الذي قرره الدستور أو حتى النتقاص من ذلك
.الحق ن أنها ل تعدو إن تكون تنظيما للحق ل عداونا عليه أو إهدارا له
وفي هذا المعني تردد في القضاء الدستوري انه وان كان الصل في سلطة
التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية وان الرقابة القضائية علي
دستورية التشريعات ل تمتد إلي ملءمة إصدارها إل إن هذا ل يعني إطلق
هذه السلطة في سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التي نص
عليها الدستور . .ومن ثم فان تنظيم المشرع لحق المواطنين في النتماء
إلي الحزاب السياسية ومباشرتهم للحقوق السياسية ينبغي إن ل يعصف
بهذه الحقوق أو يؤثر علي بقائها علي نحو ما سلكه النص المطعون عليه
إذ تعرض لحقوق عامة كفلها الدستور وحرم فئة من المواطنين منها
حرمانا مطلقا ومؤبدا علي ما سلف بيانه مجاوزا بذلك دائرة تنظيم تلك
الحقوق المر الذي يحتم إخضاعه ما تتوله هذه المحكمة من رقابة
) .دستورية)66
وهكذا نري إن محل التشريع أو موضوع التشريع مهما بلغت السلطة
التقديرية للمشرع – يجب إن يظل في إطار الحكام والقيود التي فرضها
الدستور فإذا خرجت النصوص التشريعية عن القواعد الموضوعية التي
فرضها الدستور أصابها عيب عدم الدستورية في محلها وفي الموضوع
.الذي أرادت إن تنظمه
وإذا كان هذا هو المر بالنسبة للحالت التي يتمتع فيها المشرع بسلطة
تقديرية فان مجال الرقابة الدستورية يتسع أكثر من ذلك في حالت السلطة
.المقيدة للمشرع
:رقابة الدستورية عندما تكون السلطة مقيدة
إذا كان الصل إن المشرع يملك سلطة تقديرية عندما يقوم بوظيفة
التشريع فان ثمة حالت فرض فيها الدستور قواعد وقيود وضوابط علي
تلك السلطة بحيث توشك السلطة التقديرية إن تختفي لتحل محلها سلطة
.مقيدة بل وبالغة التقييد أحيانا
فإذا قرر المشرع الدستوري إلغاء عقوبة العدام مثل فهنا ل توجد سلطة
ل تقديريه ول مقيدة للمشرع يملك بها فرض العدام .وإذا قال المشرع
الدستوري إن أبعاد المواطنين محظور فان المشرع العادي ل يملك إن
يسن تشريعا ينظم فيه بعض حالت البعاد .في مثل هذه المثلة ل نتكلم
عن سلطة مقيدة ول منعدامه وإنما تتكلم عن امتناع المحل .نتكلم عن
.منطقة تخرج عن اختصاص السلطات المؤسسة خروجا كامل
ولكن ثمة حالت يكون فيها محل التشريع ممكنا ولكن سلطة المشرع في
.تنظيم ذلك المحل تكون مقيدة بل وشديدة التقييد أحيانا
فمن المثلة التي تضيق فيها جدا سلطة المشرع المسائل الجنائية التي
تعرض الدستور لتنظيمها بنصوص واضحة ،من ذلك مثل ما جاء في
المادة 66من دستور 1971حيث تقول :العقوبة شخصية ول جريمة
ول عقوبة إل بناء علي قانون ول توقع عقوبة إل بحكم قضائي ول عقاب
.إل علي الفعال اللحقة لتاريخ نفاذ القانون
هنا تضيق إلي ابعد المدى سلطة المشرع عندما يتصدى لتنظيم وتفصيل ما
أجمله هذا النص الدستوري .هنا المشرع العادي ل يستطيع إن يعاقب
الورثة أو البناء بجريمة أبيهم .ول يستطيع إن ينظم توقيع العقوبة
بقرارات إدارية ول يستطيع إن يجيز الثر الرجعي للقوانين الجنائية .
وهنا يوشك المحل إن يمتنع علي المشرع العادي .ولكن المشرع العادي
مع ذلك – وبما ل يخالف الدستور – يملك إن يتحرك في حدود مفهوم ما
يعنيه الدستور بالحكم القضائي .من ذلك مثل هل تعتبر الحكام الصادرة
من المحاكم العسكرية أحكاما قضائية ،من ذلك مثل هل تعتبر الحكام
الصادرة من المحاكم العسكرية أحكاما قضائية ،وهل المحاكم الستثنائية
مثل محكمة الثورة أو محكمة الشعب أو ما إلي ذلك تعتبر أحكامها أحكاما
قضائية ،ولكن الذي ل شك فيه إن القرار الداري مهما عل مصدره ل
يمكن إن يفرض عقوبة ،فإذا فرض الوزير عقوبة المصادرة ولو كانت
جزئية فان قراره في هذا الشأن يعتبر باطل لن المصادرة عقوبة والعقوبة
.ل تكون إل بحكم قضائي
وعندما تقول المادة 67من دستور 1971المتهم بريئ حتى تثبت أدانته
.في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه
هنا أيضا تضيق إلي حد بعيد سلطة المشرع – ولكنها ل تنعدم كما يري
البعض) (67فهو ل يستطيع مثل إن يسن تشريعا يعتبر المتهم مدانا قبل
الحكم عليه أو يعامله علي هذا الساس ولكنه يستطيع إن يتحرك في
مفهوم المحاكمة القانونية متى تكون المحاكمة قانونية ومتى ل تكون ،
هنا يوجد قدر من السلطة للمشرع لكن هذا القدر المحدود ل يمكن إن يصل
.إلي حد إهدار النص الدستوري
وإذا تجاوزنا النصوص الدستورية التي تنظم أمورا وموضوعات تتعلق
بالقوانين العقابية إلي النصوص الدستورية الخرى فأننا سنري إن الصل
في سلطة المشرع أنها تقديرية إل إن هناك حالت محدودة تكون فيها
سلطة المشرع مقيدة وذلك يتحقق كلما تعرض الدستور لحق معين ووضع
أسس وقواعد تنظمه .هنا تتقيد سلطة المشرع العادي بما وضعه المشرع
.الدستوري من أسس وضوابط
فإذا قرر المشرع الدستوري إن حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير
عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل
التعبير في حدود القانون فان المشرع العادي إذ يتعرض لتنظيم الحق في
حرية الرأي يجد نفسه مقيدا بما فرضه الدستور وإذا تجاوز تنظيمه لهذا
الحق حدود التنظيم إلي النتقاص من الحق ذاته أو إهداره فانه عندئذ
يكون تشريعا معيبا ويخضع لرقابة المحكمة الدستورية وتحكم في هذه
الحالت بعدم دستورية النص أو النصوص التي تنتقص أو تهدر الحق في
.حرية الرأي أو التعبير عنه انتقاصا يخل بالصل الذي قرره الدستور
كلك فان المشرع الدستوري إذ يقرر إن النتخابات والستفتاءات تجري
تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية يلتزم المشرع العادي بان يراعي
عندما ينظم هذا المر بقانون إن يكون ذلك الشراف حقيقيا وان يقوم به
أعضاء من هيئة قضائية ،حقا هو غير ملزم بان يكون المشرفون من
القضاة وحدهم ذلك لن مفهوم " هيئة قضائية " أوسع من القضاة إذ انه
يمتد ليشمل أعضاء هيئة قضايا الدول والنيابة الدارية فضل عن أعضاء
مجلس الدولة .ولكن المشرع ل يملك إن يجعل عملية النتخاب والستفتاء
تحت إشراف موظفين إداريين .ولكن ما معني الشراف هل يشمل كل
الخطوات أم يقتصر علي بعضها .هنا تكون للمشرع العادي سلطة يتحرك
خللها ولكن هذه الحركة محدودة ومقيدة بالسس والضوابط والقواعد
التي وضعها المشرع الدستوري فإذا هو حاد عنها أو أخل بها كان عمله
.مخالفا للدستور
وعلي أي حال وأيا كانت سلطة المشرع العادي تقديرية أو مقيدة فانه
يتعين علي تلك السلطة إن تلتزم بما فرضه الدستور وما وضعه من أسس
وضوابط فإذا خرج المشرع العادي عن تلك السس والضوابط كان تصرفه
.معيبا بعيب عدم الدستورية
الفرع الثالث
عيب النحراف بالسلطة التشريعية
إذا كان فقه القضاء الداري وأحكامه تعرف عيب النحراف بالسلطة منذ
إن ابتدع مجلس الدولة الفرنسي دعوي اللغاء وعيب النحراف كسبب
للغاء القرارات الدارية منذ أكثر من قرن ونصف فان هذا العيب حديث
علي فقه القانون الدستوري .وقد يكون استأذنا الفقيه الكبير الدكتور عبد
الرزاق السنهوري من أوائل من عالجوا هذا الموضوع في إطار القانون
الدستوري في مقال قيم وعميق له بعنوان ") (68مخالفة التشريع
للدستور والنحراف في استعمال السلطة التشريعية " وما زال هذا المقال
.يعتبر العمدة في هذا الموضوع
وعيب النحراف التشريعي يتعلق أساسا بالغاية من التشريع ذلك إن
التشريع يتعين إن يستهدف المصلحة العامة فإذا تغيا التشريع غير هذه
المصلحة لكي يحقق مصلحة فردية أو مصلحة حزب من الحزاب أو
مجموعة من الشخاص وكان ذلك كله لغير هدف المصلحة العامة أو كان
ذلك كله أو أي منه يستهدف الضرار بفرد أو مجموعة أفراد بذواتهم أو
فئة معينة من الناس علي غير ما تقتضيه المصلحة العامة فان التشريع
في كل هذه الصور والحالت ينطوي علي انحراف بالسلطة التشريعية لغير
.ما أقامها الدستور عليه
وإذا كانت " الغاية " من التشريع وكونه يستهدف المصلحة العامة
للجماعة فينجو من هذا العيب – أول يستهدف تلك المصلحة العامة فيقع
في حومة النحراف بالسلطة – إذا كانت الغاية من التشريع هي كذلك فان
هذا العيب عندما يتحقق ل يتصور إل عندما يتمتع المشرع بالسلطة
التقديرية – التي هي الصل كما سبق أن فلنا – ذلك إن متلك السلطة
التقديرية هو الذي يضع أمام المشرع عديدا من البدائل والوسائل
والخيارات ،والمشرع في استعماله لسلطته التقديرية في اختيار وترجيح
أي من هذه الوسائل والبدائل والخيارات يتعين عليه إن يتغيا المصلحة
العامة دون سواها فان هو انحرف عنها وتغيا غيرها لحقه عيب النحراف
.في استعمال السلطة التشريعية
وإذا كان هذا العيب عسير الثبات في مجال القضاء الداري ومن ثم اعتبر
عيبا احتياطيا ل يلجا إليه القاضي الداري إذا وجد عيبا غيره فان أمر
إثبات مثل هذا العيب في المجال الدستوري أكثر عسرا وصعوبة مما يجعل
هذا العيب أمام القضاء الدستوري كما هو أمام القضاء الداري عيبا
احتياطيا ل يلجا إليه القاضي الدستوري إذا وجد مندوحة عنه في أي من
.العيوب الدستورية الخرى التي سبق إن تحدثنا عنها
وإذا كان عيب النحراف في استعمال السلطة التشريعية متعلقا بالغاية من
التشريع وكونها تستهدف تحقيق المصلحة العامة أول تستهدفها فان هذا
العيب ل صلة له بالبواعث التي تدفع المشرع إلي سن تشريع معين في
وقت معين أو عدم سنه فتلك من الملءمات المتروكة للمشرع والتي ل
تخضع ول يمكن إن تخضع للرقابة القضائية دستورية أو غير دستورية ،
وقصارى المر انه يتعلق بالجانب السياسي في الحكم وبأهداف الحزاب أو
التنظيمات السياسية وفلسفتها واتجاهاتها فقد يكون هذا الحزب في الحكم
اليوم وله فلسفة معينة تدعوه إلي اتجاه تشريعي معين – مثل ذلك يدخل
في باب المواءمات والملءمات التي ل تخضع لرقابة الدستورية .وإذا
كان هذا هو شان البواعث فانه ليس شان الغايات التي يجب إن تكون دائما
تحقيق المصلحة العامة للجماعة ومن ثم فانه إذا كان من المتفق عليه إن
ملءمة التشريع وبواعثه ل تخضع لي رقابة قضائية فان غاية التشريع
علي العكس من ذلك تخضع لرقابة القضاء الدستوري فان انحرف المشرع
عن هذه الغاية – المصلحة العامة للجماعة – إلي غايات أخري تجانب
هذه المصلحة فان تصرف ذلك يسمه بمسيم النحراف بسلطة التشريع
.لغير ما وضعت له
ول شبهة في إن البواعث تؤثر علي الغايات ولكن الرقابة الدستورية
تنصرف إلي الغايات دون البواعث ذلك إن البحث في البواعث ينصرف إلي
.النوايا وهي أمر يخرج عن إمكانية التقدير الموضوعي
وقد اجتهد الفقه في محاولة إيجاد معيار موضوعي يقيس عليه الغاية من
التشريع .وهذا المعيار رغم عموميته ورغم ما قد يثور حوله من اختلف
.في الجتهاد هو معيار المصلحة العامة للجماعة في وقت معين
ولم نستطع إن نعثر علي حكم صادر من قضائنا الدستوري – سواء علي
عهد المحكمة العليا أو علي عهد المحكمة الدستورية العليا – حكم بعدم
دستورية نص تشريعي لعيب النحراف بسلطة التشريع ،ولكننا مع ذلك
نجد بعض الحكام التي ناقشت هذا العيب وفضت التسليم بوجوده أو
وجدت مندوحة عن التطرق إليه لوجود عيوب دستورية أخري تؤدي إلي
.الحكم بعدم الدستورية
ولعل أو حكم تعرض فيه قضاؤنا الدستوري لهذا العيب هو الحكم الصادر
في الدعوى رقم 2لسنة 3القضائية من المحكمة العليا والذي ناقش ما
نعي علي القانون رقم 622لسنة 1955الخاص بإلغاء معادلة شهادة
مدرسة المساحة بشهادة دبلوم الفنون والصنايع ) نظام حديث ( وانتهت
إلي أن " النعي علي هذا القانون بعيب النحراف ل يقوم علي أساس سليم
".
وفي قضية أخري حديثة كانت تتعلق بانتخابات مجلس الشعب التي جرت
عام 1984وحرم من حق الترشيح فيها الشخاص الذي حاكمتهم محكمة
الثورة فيما عرف بقضية مراكز القوي عام 1971ثم صدر عام 1978
ما عرف باسم قانون حماية الجبهة الداخلية الذي حرم هؤلء الشخاص
من ممارسة حقوقهم السياسية مدي الحياة وتقدم بعض هؤلء للترشيح
فلما رفضت جهة الدارة قبول أوراق ترشيحهم طعنوا في تلك القرارات
الدارية أمام مجلس الدولة وعند نظر القضية أمام محكمة القضاء الداري
دفع هؤلء بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون رقم 33لسنة 1678
ورأت محكمة القضاء الداري إن الدفع حتى فقبلته وقالت في أسباب
حكمها . .من المبادئ المسلمة في خصوص الحريات والحقوق العامة
التي نص الدستور علي تنظيمها بقانون انه إذا خول الدستور المشرع
سلطة تقديرية لتنظيم تلك الحقوق فيجب علي المشرع إل ينحرف عن
الغرض الذي قصد إليه الدستور وهو كفالة ممارسة هذه الحقوق
والحريات العامة في حدودها الموضوعية فإذا نقضها المشرع أو انتقص
منها وهو في صدد تنظيمها كان تشريعه مشوبا بالنحراف . .والقاعدة
إن كل حق عام وكل الدستور إلي المشرع تنظيمه بقانون فقد رسم
الدستور للقانون الذي ينظمه غايات مخصصة ل يجوز للمشرع النحراف
عنها .ومن صور النحراف في استعمال السلطة التشريعية مخالفة
.التشريع لمبادئ الدستور العليا
ومن ثم كان علي المشرع إن يلتزم تلك المبادئ في تشريعاته وان يتجنب
النحراف عنها فيما له من سلطة تقديرية وبهذه المثابة فانه إذا اصدر
تشريعا يتعارض مع هذه المبادئ العليا كان هذا التشريع باطل لما ينطوي
.عليه من انحراف في استعمال السلطة التشريعية
وواضح مما تقدم أن محكمة القضاء الداري اعتدت بعيب النحراف في
استعمال السلطة التشريعية واعتبرت النعي علي القانون المشار إليه بعيب
النحراف نعيا جديا وحددت موعدا للطاعنين لرفع الدعوى أمام المحكمة
الدستورية العليا .ولما عرض الموضوع علي المحكمة الدستورية العليا
قضت فيه بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 33لسنة
– 1978المسمي بقانون حماية الجبهة الداخلية – ولكنها إذ قضت بعدم
دستورية ذلك النص لم تستند في ذلك إلي عيب النحراف بالسلطة
التشريعية بل ولم تجد نفسها في حاجة إلي مناقشة هذا العيب أصل
باعتباره عيبا احتياطيا وباعتبار إن المحكمة تبين لها عدم دستورية النص
المذكور لتعارضه مع نصوص دستورية واضحة وقالت المحكمة
الدستورية العليا في هذا الصدد " انه وان كان الصل في سلطة التشريع
عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية وان الرقابة علي دستورية
التشريعات ل تمتد إلي ملءمة إصدارها إل إن هذا ل يعني إطلق هذه
السلطة في سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التي نص عليها
الدستور ومن ثم فان تنظيم المشرع لحق المواطنين في النتماء إلي
الحزاب السياسية ومباشرتهم لحقوقهم السياسية ينبغي إل يعصف بهذه
الحقوق أو يؤثر علي بقائها علي نحو ما سلكه النص المطعون عليه إذ
تعرض لحقوق عامة كفلها الدستور وحرم فئة من المواطنين منها حرمانا
مطلقا ومؤبدا علي ما سلف بيانه مجاوزا بذلك دائرة تنظيم تلك الحقوق
المر الذي يحتم إخضاعه لما تتوله هذه المحكمة من رقابة دستورية "
وقالت المحكمة " لما كان مقتضى نص الفقرة الولي من المادة الرابعة
من القانون رقم 23لسنة 1978بشان حماية الجبهة الداخلية والسلم
الجتماعي حسبما يبين من عبارتها المطلقة حرمان فئة من المواطنين من
حقهم في النتماء إلي الحزاب السياسية ومن مباشرة الحقوق والنشطة
السياسية كافة حرمانا مطلقا ومؤبدا بما ينطوي علي إهدار لصل الحقوق
ويشكل بالتالي اعتداء عليها بالمخالفة لحكم كل من المادتين 62.5من
".الدستور
وهكذا وجدت المحكمة الدستورية أن النص المطعون يخالف مادتين من
مواد الدستور ولم تجد مبررا للتعرض لعيب النحراف في استعمال السلطة
التشريعية ذلك العيب الذي استند إليه حكم محكمة القضاء الداري أساسا
.عند حكمه بجدية الدفع المبدي بعدم دستورية النص المذكور
وبهذا نكون قد انتهينا من دراسة العيوب الشكلية والموضوعية التي تؤدي
.إلي الحكم بعدم دستورية نص في تشريع أو تشريع بأكمله
وجماع المر في هذه العيوب هو مخالفة نص تشريعي لقاعدة دستورية
.سواء تعلقت تلك القاعدة بشكل التشريع أو بموضوعه
علي إن الدستور الذي يحكم شكل التشريع هو الدستور الذي صدر في ظله
التشريع المطعون فيه علي حين إن الدستور الذي يحكم موضوع التشريع
هو الدستور النافذ وقت التصدي للحكم بدستورية النص المطعون فيه أو
.عدم دستوريته
.وبعد ذلك تنتقل إلي دراسة الحكم الصادر في الدعوى الدستورية
أحكام القضاء الدستوري
كل دعوي قضائية لبد وان تنتهي بحكم وكذلك الدعاوى الدستورية تنتهي
بان تصدر المحكمة الدستورية التي نظرتها حكما فيها وبصدور الحكم
.تنقضي الدعوى إلي نهايتها الطبيعية
ودراستنا للحكم في الدعوى الدستورية تتناول طبيعة هذا الحكم ثم اثر هذا
.الحكم وحجيته
طبيعة الحكم الدستوري
تتحدد طبيعة هذه الحكام علي ضوء النصوص القانونية والنصوص
الدستورية التي تعرضت لموضوع " الحكم " الصادر عن القضاء
.الدستوري
وقد أشار نص المادة 178من الدستور إلي هذا الموضوع بقوله " تنشر
في الجريدة الرسمية الحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في
الدعاوى الدستورية ...وينظم القانون ما يترتب علي الحكم بعدم دستورية
" .نص تشريعي من أثار
وتعرض الباب الثالث من قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا لموضوع
الحكام والقرارات الصادرة عن تلك المحكمة وذلك في المواد من 46إلي
51 .من قانون المحكمة
هذا وقد صدر قرار جمهوري بالقانون رقم 168لسنة 1998بتعديل
.الفقرة الثالثة من المادة 49من قانون المحكمة الدستورية العليا
وسنورد نص هذه المواد قبل تعديل المادة 49ثم نورد ما ادخل علي هذه
.المادة من تعديل لنتبين هدف المشرع من هذا التعديل
:تجري نصوص المواد قبل تعديل المادة 49علي النحو التالي
.مادة : 46تصدر المحكمة أحكامها وقراراتها باسم الشعب
.مادة : 47تفصل المحكمة من تلقاء نفسها في جميع المسائل الفرعية
.مادة : 48أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للعطن
مادة : 49أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير
.ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة
وتنشر الحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة
الرسمية وبغير مصروفات خلل خمسة عشر يوما علي الكثر من تاريخ
.صدورها
ويترتب علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة عدم جواز
.تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم
فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي تعتبر الحكام التي
صدرت بالدانة استنادا إلي ذلك النص كان لم تكن ،ويقوم رئيس هيئة
.المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لجراء مقتضاه
مادة : 50تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ
.الحكام والقرارات الصادرة منها
وتسري علي هذه المنازعات الحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية
والتجارية بما ل يتعارض مع طبيعة اختصاص المحكمة والوضاع
.المقررة أمامها
ول يترتب علي المنازعة وقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك حتى
.الفصل في المنازعة
مادة : 51تسري علي الحكام والقرارات الصادرة من المحكمة فيما لم
يود به نص في هذا القانون القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية
.والتجارية بما ل يتعارض وطبيعة تلك الحكام والقرارات
هذا وقد نصت المادة الثالثة من قانون المحكمة الدستورية العليا في
فقرتها الثانية علي إن أحكام المحكمة تصدر من هيئة مكونة من سبعة
.أعضاء
ونورد هنا نص الفقرة الثالثة من المادة 49من قانون المحكمة بعد
تعديلها بالقرار بقانون رقم 168لسنة 1998حيث أصبح نصها يجري
:كالتي
ويترتب علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة عدم جواز " ..
تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم . .ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر
اسبق ..علي إن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي ل يكون له في جميع
الحوال إل اثر مباشر وذلك دون إخلل باستفادة المدعي من الحكم الصادر
.. " .بعدم دستورية هذا النص
هذه هي مجموعة النصوص التي تعرضت لموضوع " الحكم " الذي
يصدر عن المحكمة الدستورية العليا ومن الواضح من هذه النصوص إن
النظرية العامة للحكام التي يدرسها قانون المرافعات تنطبق بالنسبة
للحكام الدستورية بما ل يتعارض مع النصوص المشار إليها والواردة
تنطبق بالنسبة للحكام الدستورية بما ل يتعارض مع النصوص المشار
إليها والواردة في الدستور وفي قانون المحكمة وبما ل يتعارض مع
.طبيعة هذه الحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية
وفي بحثنا لطبيعة الحكم في الدعوى الدستورية يتعين إن نعرض لمرين :
أولهما ..اثر الحكم الصادر في الدعوى الدستورية بالنسبة للنص
.المطعون عليه والصادر بشأنه الحكم
وفي هذا الصدد نعرض لهذا الثر قبل تعديل الفقرة الثالثة من المادة 49
.ثم اثر الحكم وفقا لهذا التعديل
.أما المر الثاني . .فهو حجية الحكم في الدعاوى الدستورية
:المسالة الولي
أ ( اثر الحكم الدستوري قبل تعديل الفقرة الثالثة من المادة 49من (
:قانون المحكمة
أما عن اثر الحكم بالنسبة للنص الدستوري المطعون فيه فان ذلك يحدده
ما إذا كان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية قد قضي برفض الطعن
ومن ثم اقر دستورية النص المطعون عليه أم انه علي العكس حكم بعدم
.دستورية ذلك النص
وإذا كان الحكم صادرا برفض الدعوى مقررا دستورية النص المطعون
عليه فان الحال يبقي علي ما هو عليه ويستمر النص في النفاذ وتطبقه
المحاكم علي اختلفها فيما يعرض عليها من منازعات تتطلب تطبيق هذا
.النص
أما إذا صدر الحكم بعدم دستورية نص تشريعي فانه يترتب علي ذلك الحكم
عدم جواز تطبيق ذلك النص من اليوم التالي لنشر الحكم بعدم دستوريته
ذلك النشر الذي يتعين إن يقع خلل خمسة عشر يوما من يوم النطق
.بالحكم
وقد تناولت المذكرة اليضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا هذا
الموضوع بقولها " تناول القانون اثر الحكم بعدم دستورية نص في قانون
أو لئحة فنص علي عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم وهو
نص ورد في بعض القوانين المقارنة واستقر الفقه والقضاء علي إن
مؤداه هو عدم تطبيق النص ليس في المستقبل فحسب وإنما بالنسبة إلي
الوقائع والعلقات السابقة علي صدور الحكم بعدم دستورية النص ،علي
إن يستثني من هذا الثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت
.عند صدوره بحكم حاز قوة المر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم
أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي فان جميع الحكام
التي صدرت بالدانة استنادا إلي ذلك النص تعتبر كان لم تكن حتى ولو
.كانت أحكاما باتة
ونشير هنا إلي أن الحكام الصادرة بعدم دستورية نص من النصوص
:التشريعية يأخذ أثرها صورة من ثلث
الصورة الولي ..هي المتناع عن تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته
دون التعرض لوجود النص نفسه ،وهذا هو ما كان عليه الحال عندنا قبل
وجود القضاء الدستوري وهو ما عليه الحال في الوليات المتحدة
.المريكية
الصورة الثانية ..هي أن الحكم بعدم دستورية نص تشريعي يؤدي إلي
إلغاء النص التشريعي نفسه أو إلغاء القانون كله إذا حكم بعدم دستوريته
.كله ،وهذا هو الحال في إيطاليا
الصورة الثالثة ..وهي تقترب من ناحية أثرها العملي من الصورة الثانية
وهي التي اخذ بها المشرع المصري حاليا ذلك إن الحكم بعدم دستورية
نص تشريعي حسبما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا في
.مصر ينتهي إلي إلغاء قوة نفاذ النص المقضي بعدم دستوريته
والحقيقة أن إلغاء قوة نفاذ النص تعني من الناحية العملية إلغاء النص
نفسه ذلك إن النص المحكوم بعدم دستوريته سيفقد كل قيمة عملية
.تطبيقية مما يبرر انه يصبح وكأنه غير موجود
ويثير موضوع اثر الحكم في الدعوى الدستورية قضية أخري بالغة
الهمية والدقة هي المدى الزمني الذي يؤثر فيه الحكم علي النص
.التشريعي المحكوم بعدم دستوريته
الظاهر يقول إن الحكم بعدم دستورية نص يعني عدم جواز تطبيق ذلك
النص من اليوم التالي لنشر الحكم فهل يعني هذا أن الحكم في الدعوى
الدستورية له اثر فوري ومستقبلي ول يحم العلقات القانونية التي كانت
قائمة قبل صدور الحكم ؟
هذا ليس صحيحا وإنما كما جاء في المذكرة اليضاحية مما سبق إن
أوردناه فان النص المقضي بعدم دستوريته يطبق أيضا بالنسبة إلي
الوقائع والعلقات السابقة علي صدور الحكم إل إذا كان تلك العلقات قد
.استقرت بحكم حاز قوة المر المقضي
:ونري إن المر يحسمه هذا السؤال
العلقات السابقة علي الحكم هل هي محل مقاضاة أم ليست محل مقاضاة ؟
إذا لم تكن تلك العلقات محل للتقاضي فل شان للنص المقضي بعدم
دستوريته بها أما إذا كانت تلك العلقات محل للتقاضي ويطلب من
المحكمة تطبيق القانون عليها فان المحكمة التي تفصل في النزاع يتعين
.عليها إن تعمل اثر الحكم بعدم الدستورية
وهذا يعني إن حكم عدم الدستورية يتوجه أساسا إلي المحاكم علي اختلف
.درجاتها
إذا كان هناك حكم نهائي حاز قوة المر المقضي صدر قبل الحكم بعدم
الدستورية فان ذلك الحكم حتى لو كان قد اعتمد علي النص المقضي بعدم
دستوريته يصبح حكما واجب الحترام .أما إذا كانت المحكمة لم تفصل
.بعد في النزاع فإنها تتقيد بالحكم الدستوري الذي قضي بعدم الدستورية
المناط إذا هو ما إذا كانت العلقات والمراكز القانونية قد حسمت بمقتضى
.حكم نهائي أم أنها ما زالت مطروحة للنزاع
وفي المجال الجنائي فانه حتى إذا صدر حكم نهائي بات وكان ذلك الحكم قد
بني علي نص حكم بعدم دستوريته فانه في هذا الحالة يعتبر الحكم كان لم
.يكن
هذا عن اثر الحكم في الدعاوى الدستورية قبل تعديل الفقرة الثالثة من
.المادة 49من قانون المحكمة
:ب( اثر التعديل الخير علي مدي نفاذ الحكم الدستوري(
لكي نفهم هذا التعديل يجب إن نفرق بين فروض ثلثة واجهها هذا التعديل
.
الفرض الول ..وهو الفرض العام وهنا يقول النص الجديد " ..ويترتب
علي الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة عدم جواز تطبيقه من
اليوم التالي لنشر الحكم " ...وهو ذات النص الذي كان واردا في صدر
الفقرة الثالثة قبل التعديل وبقي كما هو بعد التعديل ،وبذلك يبقي صالحا ما
.قدمناه شرحا لهذا الستهلل للفقرة الثالثة من المادة التاسعة والربعين
الفرض الثاني ..أجاز المشرع للمحكمة إن تحدد لنفاذ حكمها تاريخا أخر
اسبق من تاريخ صدور الحكم .مثل كان يصدر الحكم في جلسة يناير
2000ولكن المحكمة تعيد اثر الحكم إلي يناير سنة ، 1995وبذلك يعتبر
النص الذي قضي بعدم دستوريته غير نافذ من ذلك التاريخ أي من يناير
.. 1995فهل يعني هذا انه ما لم تنص المحكمة علي تاريخ اسبق لنفاذ
حكمها فان الصل سيصبح هو أن الحكم الدستوري ينفذ بأثر فوري ،ول
شان له بالوقائع السابقة عليه وان النص يبقي صحيحا ونافذا من يوم
.صدوره إلي يوم صدور الحكم ،يبدو إن هذا هو قصد الشارع
ولكن المحكمة مع ذلك تستطيع إن تصرح في منطوق حكمها إن النص
المقضي بعدم دستوريته تعود عدم دستوريته إلي يوم صدوره أو إلي أي
يوم أخر بعد صدوره وقبل صدور الحكم وبذلك يتحدد مدي نفاذ الحكم ومن
.أين يبدأ انعدام دستورية النص وانعدام أثره ومفعوله
الفرض الثالث ..وهو المقصد الساسي من التعديل – هو ما يتعلق
بالحكام الصادر في منازعات ضريبية يقول النص بعد تعديله " ....علي
إن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي ل يكون له جميع الحوال إل اثر
مباشر ...وذلك دون إخلل باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم
. " .دستورية هذا النص
وقد جاء في المذكرة اليضاحية للقرار بقانون ما يلي " ...تقرير اثر
مباشر للحكم بنص القانون إذا كان متعلقا بعدم دستورية نص ضريبي ،
ذلك إن أبطال المحكمة لضريبة بأثر رجعي مؤداه إن ترد حصيلتها التي
أنفقتها – في مجال تغطية أعبائها – إلي الذين دفعوها من قبل – بما
يعجزها عن مواصلة تنفيذ خططها في مجال التنمية ،ويعوقها عن تطوير
أوضاع مجتمعها ،ويحملها علي فرض ضرائب جديدة لسد العجز في
موازنتها ،وتلك جميعها أثار خطيرة تهدم من خلل حدتها الوضاع
.القائمة ،وتضطرب بها موازنة الدولة فل تستقر مواردها علي حال
وحسما لي خلف في شأن ما إذا كان الثر المباشر للحكام الصادرة
ببطلن نص ضريبي ينسحب إلي ذي المصلحة في الخصومة الدستورية أم
ينحسر عنه ،فقد نص المشروع علي انه سواء أثيرت المسالة الدستورية
عن طريق الدفع أو عن طريق الحالة أو التصدي فان الفائدة العملية
للخصومة الدستورية يتعين إن يجنيها كل ذي شان فيها من إطرافها ،
ضمانا لفعالية حق التقاضي ،ولن الترضية القضائية هي الغاية النهائية
...".لكل خصومة قضائية علي ما جري به قضاء هذه المحكمة
والحقيقة إن هذا التعديل التشريعي يثير مسائل كثيرة حول مدي دستوريته
ومدي ملءمته .فمن الناحية الدستورية علي يجوز بقرار جمهورية
بقانون تعديل نص في قانون المحكمة الدستورية ؟ قد يقال في الجابة
علي هذا التساؤل إن قانون المحكمة الدستورية العليا نفسه صدر بقرار
بقانون ،ويكمل هذا التساؤل ..هل كانت هناك ضرورة ملجئة لصدار هذا
التعديل قبل انعقاد البرلمان ،وألم يكن انتظار المجلس أولي ؟ ل أولم يكن
من الجدر دعوته إلي النعقاد في دور طارئ لعرض المر عليه ،وهو
أمر خطير ؟
من ناحية أخري ..هل إعطاء الحق للمحكمة في إن تحدد مدي نفاذ حكمها
بان تجعله فوري الثر أو إن ترده إلي عام أو أعوام سابقة أو حتى إلي
تاريخ صدور النص المطعون بعدم دستوريته ؟ هل هذا أمر ملئم لطبيعة
العمل القضائي ؟ أم إن مثل هذا النص قد يوقع المحكمة في حرج وقد
يفرض عليها تقديرات كانت في غني عنها ؟
يبقي المر الخير وهو الخاص بالمنازعات الضريبية التي جعل المشرع
الحكم الدستوري فها ذا اثر فوري في كل الحوال وهو كما قدمنا المقصود
الساسي من التعديل ..ذلك إن اتجاه المحكمة الدستورية بالنسبة لكثير
من القوانين الضريبية كان يقضي بعدم دستوريته وكان الخذ بالثر
الرجعي لهذه الحكام – وفقا لما استقر عليه قضاء المحكمة – سيكبد
الخزانة العامة ما ل تطيق وسيعوق حركة التنمية ،وفي ذلك خطر كبير ،
ومن هان يمكن إن يقال إن التدخل التشريعي كان ضروريا خاصة وان
بعض المحاكم الدستورية تأخذ بمثل هذا الحل ولكن يمكن إن يقال من جهة
أخري إن المشرع الضريبي كان عليه إن يراعي الدقة في مراعاة القواعد
الدستورية حتى ل يصل المر إلي ما وصل إليه من طريق صعب .وأخيرا
ونحب إن نشير هنا إلي الدراسة القيمة التي قام بها المستشار الدكتور
عبد ال ناصف نائب رئيس مجلس الدولة حول هذا التعديل لمن أراد إن
) .يستريد معرفة في هذا الموضوع الخطير)69
.المساءلة الثانية :حجية الحكام الصادرة في الدعاوى الدستورية
يجب أن ندرك ابتداء إن الدعاوى الدستورية هي دعاوى عينية شانها في
ذلك شان دعوي اللغاء في القضاء الداري – أي أنها دعوي توجه إلي
.نص في قانون أو في لئحة بغية إعدام ذلك النص وإنهاء وجوده
والحكم الصادر في الدعوى الدستورية يكون بأحد أمرين :أما رفض
الطعن الموجه إلي النص ومن ثم إقرار دستوريته ،وأما قبول الطعن
.والقضاء بعدم دستوريته
فما هي حجية الحكم في الحالتين وهل هناك خلف بينهما ؟
نعرف انه في مجال القضاء الداري فانه من المقرر إن الحكم برفض
دعوي إلغاء قرار إداري هو حكم له حجية نسبية أي انه حجة علي إطرافه
فقط وليس حجة علي غيرهم ،بمعني إن الذي لم يكن طرفا في تلك
الخصومة التي انتهت برفض دعوي إلغاء القرار الداري ل يوجد مانع
يمنعه من رفع دعوي يطلب فيها إلغاء القرار الداري الذي حكم برفض
إلغائه في دعوي سابقة بين إطراف آخرين ذلك علي حين إن الحكم بإلغاء
قرار أدارى هو حكم له حجية مطلقة بالنسبة للكافة لنه ل يتصور إن
يكون القرار منعدما وغير منعدم في نفس الوقت ،إن إلغاء القرار الداري
هو إلغاء له في مواجهة الناس جميعا ومن هنا كان الحكم باللغاء ذا حجية
.مطلقة
فهل يقاس المر في الدعاوى الدستورية علي دعاوى اللغاء فيقال إن
الحكم بدستورية نص يكون متمتعا بالحجية النسبية بين إطراف الدعوى
.فقط علي حين إن الحكم بعدم الدستورية تكون له حجية مطلقة
هذا هو ما اتجهت إليه في بادئ المر المحكمة العليا حيث فرقت بين حجية
الحكم الدستوري في حال الحكم بعدم الدستورية وحجيته في حال رفض
الدعوى وإقرار دستورية النص المطعون بعدم دستوريته وذلك حيث
قالت ..ولما كانت الدعوى الدستورية دعوي عينيه توجه فيها الخصومة
إلي التشريع ذاته فان مقتضى ذلك إن الحكم الذي يصدر بعدم دستورية
نص تشريعي يلغي قوة نفاذ هذا النص ويعدو معدوما من الناحية القانونية
ويسقط كتشريع من تشريعات الدولة ،ولما كان هذا الثر ل يقبل التجزئة
بطبيعته فان حجية الحكم الصادر بعدم دستورية نص تشريعي ل يقتصر
علي إطراف النزاع في الدعوى التي قضي فيها فقط وإنما ينصرف اثر هذا
الحكم إلي الكافة ويكون حجة عليهم .والمر يختلف بالنسبة إلي حجية
الحكم الذي يصدر من المحكمة العليا برفض الطعن بعدم دستورية نص
تشريعي فهذا الحكم ل يمس التشريع الذي طعن بعدم دستوريته فيظل هذا
التشريع قائما بعد صدور الحكم ول يحوز الحكم المذكور سوي حجية
نسبية بين إطراف النزاع لذلك يجوز إن يرد الطعن بعدم الدستورية علي
هذا التشريع القائم مرة أخري ..ذلك إن الحكام الصادرة برفض الطعن
بعدم دستورية نص تشريعي فإنها ل تمس التشريع المطعون فيه ول يكون
لهذه الحكام سوي حجية نسبية بين إطرافها علي ما تقدم ،لذلك تنتفي
الحكمة والعلة من إلزام جميع جهات القضاء بها ومن ثم فل يعدو نشر
الحكام الصادرة برفض الطعن في نص تشريعي في الجريدة الرسمية أن
يكون إعلن لمنهج المحكمة في رقابة دستورية القوانين والتعريف بهذا
القضاء والتبصير به كي يستهدي به عند إثارة الطعون بعدم الدستورية
أمام جهات القضاء ،يؤيد هذا النظر انه من المسلم في دعوي إلغاء
القرارات الدارية وهي دعوي عينية تهدف إلي إلغاء القرارات الدارية
وإعدام أثارها فهي مماثلة في طبيعتها للدعوى الدستورية – إن الحجية
علي الكافة مقصورة علي الحكام التي تصدر في هذه الدعوى باللغاء
وذلك نتيجة لعدام القرار الداري في دعوي هي في حقيقتها اختصام له
في ذاته أما الحكام الصادرة برفض الطعن فليس لها سوي حجية نسبية
بين إطراف النزاع ..ومن حيث انه لما تقدم فان قضاء هذه المحكمة
برفض الطعن بعدم دستورية القانونين رقم 15لسنة 1967ورقم 50
لسنة 1969ليس له حجية علي الكافة ول يحول دون الفصل في الدعوى
القائمة المرفوعة من مدعيين لم يكن أيهما طرفا في الدعوى التي قضي
فيها برفض الطعن بعدم دستورية التشريعين انفي الذكر ومن ثم يكون
الدفع باعتبار الخصومة منتهية غير قائم علي أساس سليم من القانون
) .متعينا رفضه)70
وهذا الذي ذهب إليه حكم المحكمة العليا فيما يتعلق بحجية الحكام
الدستورية الصادرة برفض الدعوى وكونها حجية نسبية هو مذهب محل
.نقد شديد
إن كون الدعوى الدستورية هي دعوي عينية شانها دعوي اللغاء ل يبرر
مطلقا إن يعامل القرار الداري معاملة النص التشريعي ،إن القرار
الداري قد يكون صحيحا بالنسبة لفرد ول يكون صحيحا في الوقت نفسه
بالنسبة لفرد أخر ولكن النص التشريعي العام المجرد يلحقه العيب في ذاته
.إن وجد ذلك العيب ويبرا ذاته من العيب عندما ينتفي ذلك العيب
هذا من ناحية ومن ناحية أخري فان قول الحكم السالف الشارة إليه إن
نشر الحكام الدستورية في الجريدة الرسمية ل يعدو إن يكون إعلنا
لمنهج المحكمة كما لو كانت المحكمة الدستورية تعلن عن مناهج ول
تصدر أحكاما ،وكما لو كانت الجريدة الرسمية كتابا في الفقه ،وكل هذا
.غير صحيح
والحقيقة أن المحكمة الدستورية العليا اتجهت التجاه السليم في موضوع
الحجية التي تلحق الحكام الدستورية واعتبرت أن هذه الحكام جميعا ما
صدر منها بعدم دستورية نص أو ما صدر برفض الدعوى وإقرار
دستورية النص المطعون فيه – هذه الحكام جميعا تعتبر حجة علي الكافة
وعلي كل سلطات الدولة وفي مواجهة كل درجات القضاء مما لزمه أن
.الحكم الصادر في الدعوى الدستورية له حجية مطلقة في كل الحوال
بل إن المحكمة الدستورية العليا قررت تلك الحجية المطلقة للحكام
الصادرة من المحكمة العليا علي عكس اتجاه هذه المحكمة نفسه – حيث
قررت إن الحكام الصادرة من المحكمة العليا قبل وجود المحكمة
الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية لها حجية مطلقة ل نسبية وتلتزم
بها جميع جهات القضاء سواء كانت هذه الحكام قد انتهت إلي عدم
دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم دستوريته ..لن الرقابة
القضائية الدستورية التي اختصت بها المحكمة العليا دون غيرها هي
رقابة شاملة تمتد إلي الحكم بعدم دستورية النص فتلغي قوة نفاذه والي
) .تقرير دستوريته وبالتالي سلمته من جميع العيوب وأوجه البطلن)71
بل إن المحكمة الدستورية العليا قررت تلك الحجية المطلقة للحكام
الصادرة من المحكمة العليا علي عكس اتجاه هذه المحكمة نفسه – حيث
قررت إن الحكام الصادرة من المحكمة العليا قبل وجود المحكمة
الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية لها حجية مطلقة ل نسبية وتلتزم
بها جميع جهات القضاء سواء كانت هذه الحكام قد انتهت إلي عدم
دستورية النص التشريعي المطعون فيه أم دستوريته ..لن الرقابة
القضائية الدستورية التي اختصت بها المحكمة العليا دون غيرها هي
رقابة شاملة تمتد إلي الحكم بعدم دستورية النص فتلغي قوة نفاذه والي
.تقرير دستوريته وبالتالي سلمته من جميع العيوب وأوجه البطلن
واستمرت المحكمة الدستورية العليا في هذا التجاه السليم وتكرر في
أحكامها عن حجية الحكام الدستورية قولها ..إن الحكام الصادرة في
الدعاوى الدستورية وهي بطبيعتها دعاوى عينية توجه الخصومة فيها
إلي النصوص التشريعية المطعون فيها بعيب دستوري ـ تكون لها حجية
طلقة بحيث ل يقتصر أثرها علي الخصوم في الدعوى التي صدرت فيها
وإنما ينصرف هذا الثر إلي الكافة وتلتزم بها جميع سلطات الدولة سواء
كانت هذه الحكام قد انتهت إلي عدم دستورية النص التشريعي المطعون
فيه أم إلي دستوريته ورفض الدعوى علي هذا الساس وذلك لعموم
نصوص المادتين 178 ، 175من الدستور و المادة 49/1من قانون
المحكمة المشار إليها ولن الرقابة القضائية علي دستورية القوانين التي
اختصت بها المحكمة الدستورية العليا دون غيرها هي رقابة شاملة تمتد
إلي الحكم بعدم دستورية النص فتلغي قوة نفاذه و إلي تقرير دستوريته
وبالتالي سلمته من جميع العيوب وأوجه البطلن
وهكذا أصبح من المستقر إن الحكام في الدعاوى الدستورية التي تعرض
لموضوع الدعوى ـ و ليس مجرد قبولها شكل ـ سواء جاءت تلك الحكام
بتقرير الدستورية أو بعدمها فإنها في كل الحوال أحكام تتمتع بالحجية
.المطلقة في مواجهة الكافة وكل سلطات الدولة وجميع جهات القضاء
أهم اتجاهات القضاء الدستورية
إذا كان الدستور هو اسمي القواعد القانونية في الدولة وكان هو الذي
ينظم سلطات الدولة ويحدد اختصاصاتها وعلقاتها مع بعضها وكان هو
الذي يبين حقوق الفراد وواجباتهم وعلقتهم بالسلطات العامة ـ إذا كان
ذلك كله صحيحا وكان القضاء الدستوري في البلد التي تأخذ بنظامه هو
الحارس علي أحكام الدستور ومبادئه وهو الذي يقع علي عبء صون هذه
المبادئ وكانت مبادئ الدستور وأحكامه هو الطار الذي يحدد الحياة
العامة ويرسم طرق السهام فيها وكيفية تشكيل أدواتها الفاعلة ـ إذا كان
ذلك كله صحيحا فان الحديث عن اثر أحكام القضاء الدستوري في الحياة
العامة يبدو أمر طبيعيا ويبدو أمرا هاما في ذات الوقت ،ونحن هنا ل نريد
إن نعالج قضية مجردة وإنما نتصدى لمعالجة حالة محددة بذاتها هي اثر
أحكام الدستورية العليا في مصر علي الحياة العامة فيها في ظل دستور
1971) .م)72
وإذا كان القضاء العادي والداري في بلدنا قد استقر منذ وقت طويل علي
إن يراقب دستورية القوانين وعلي إن يمتنع عن تطبيق التشريعات التي
ينتهي إلي أنها تخاف حكما في الدستور القائم إل أننا في مصر ومنذ إن
أخذنا بقضاء دستوري قائم بذاته تمثل أول في المحكمة العليا ثم يعد ذلك
في المحكمة الدستورية العليا تكون قد خطونا خطوة واسعة في مجال
.الرقابة علي دستورية القوانين
وإذا كانت المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية وهي ليست من
قبيل القضاء الدستوري المتخصص وإنما هي قمة النظام القضائي العادي
في تلك البلد قد اكتسبت أهمية ضخمة في الحياة العامة في أمريكا نظرا
لما انتهت إليه من تكريس حقها في رقابة دستورية القوانين واستطاعت
بهذه الرقابة إن تلقي بظللها علي الحياة القانونية في تلك البلد وان
تصبح هي الحامي للدستور و الحافظ لحكامه إلي المدى الذي قال به احد
رؤسائها عندما سئل عن معني الدستور ) الدستورية هو ما نقول ( أي إن
الدستور هو ما تقرر المحكمة العليا انه حكم دستوري ،إلي هذا المدى
وصل سلطان المحكمة العليا في تلك البلد خلل القرنين الماضيين منذ
الستقلل ووضع الدستور وإنشاء المحكمة وحتى الن
إذا كان هو شان المحكمة العليا في الوليات المتحدة المريكية التي
يحرص المريكيون علي إن يتلقى أبناؤهم في تعليمهم العام قدرا من
المعلومات عنها وقدرا كبيرا من التوفير لها بل واعتبار مبني المحكمة
ذاته أحد المزارات الساسية التي يقصد إليها القاصدون من أبناء البلد
ومن الوافدين عليها وإذا كان هذا شان المحكمة العليا في الوليات المتحدة
المريكية وهي ليست من قبيل القضاء الدستوري المتخصص فان المحكمة
الدستورية العليا عندنا جديرة بأن يعرف عنها أبناء الشعب جميعا وخاصة
طلل العلم في كل مراحله ومعاهده الدرع الواقي للحقوق و الحريات
.والمبادئ التي كفلها الدستور
وأستطيع إن إقرار دون ادني مبالغة إن المحكمة الدستورية العليا في
مصر قد استطاعت في فترة وجيزة إذا قورنت الحياة المحكمة المريكية
إن تؤكد وجودها وان تثبت بما ل يدع مجال للشك عند أحد أنها حارس
قوي أمين علي أحكام الدستور ومبادئه وإنها أثرت علي كثير من جوانب
الحياة العامة تأثيرا إيجابيا وجعلت من سيادة القانون حقيقة واقعة وليست
.مجرد شعار عام
وإذا كان التقييم الحقيقي ل مؤسسة دستورية ل يمكن إن ينفصل عن
المحيط العام الذي تعمل فيه تلك المؤسسة فأننا يجب إن تدرك إن أحد
السمات الساسية في العام الثالث ونحن انه البلد جزء منه ـ هي نفوز
السلطة من القانون حتى وان رفعت شعار احترامه علي حين انه في البلد
التي تأصلت فيها المبادئ الديمقراطية فان حكم القانون في تلك البلد
أصبح جزءا من الحياة نفسها بحيث ل يتصور أحد إن ثمة إرادة تعلو فوق
.القانون الذي لم يتأكد بعد ولم تتعمق جذوره في بلد العالم الثالث
وان كان من الحقائق الموضوعية إن يقال إن الهند ومصر – علي تفاوت
في الدرجة – همان من بلد العالم الثالث الذي يحظى فيهما القانون
والقضاء يقدر من التوفير قد ل يوجد في غيرهما علي امتداد بلد ذلك
.العالم الذي يقال له تأدبا العالم النامي
ومن الحقائق التي أصبحت مستقرة – ونرجوا إن يكتب لها الستمرار –
أن القضاء في مصر ومنذ وقت طويل يحظى من شعب مصر بتوفير
وتقدير كبير لما أثبته طوال السنين منذ بداية التنظيم القضائي الحديث في
أواخر القرن الماضي من حرص علي المساك بميزان العدل وبعد عن
الهوى والميل وتأكيد لستقلله في مواجهة كافة سلطات الدولة ،ومن
الحق أن تقول أن ذلك كله قد بدا حتى قبل أن توجد النصوص القانونية
.التي تؤكد استقلله ثم تعمق واستقر بعد وجود هذه النصوص وفي ظلها
وإذا كانت قد وجدت فترات ضاقت السلطة فيها ذرعًا باستقلل القضاء
وحمايته للحريات وحرصه بعناد علي أن يبتعد عن النضواء تحت مظلة
أحد أيا كان موقعه فان تلك الفترات الكئيبة لم تطل واستطاع الرأي العام
في مصر واستطاع القضاء الذي يجله ذلك الرأي العام أن يخرج من تلك
.الفترات القصيرة والمحدودة لحسن الحظ كريما وعظيما
وإذا كان دستور 1971هو الذي انشأ المحكمة الدستورية العليا في
الفصل الخامس من الباب الخامس منه وبالمواد من 174وحتى 178
فان القانون الذي نقل هذه النصوص إلي الواقع هو القانون رقم 48لسنة
1979وعقدت المحكمة أولي جلساتها بتاريخ 13أكتوبر ، 1979وبذلك
.تكون قد أكملت من عمرها الطويل بإذن ال نيفا وعشرين عاما
وفي هذه الفترة القصيرة في حياة المؤسسات الدستورية وحياة الشعوب
استطاعت محكمتنا الدستورية العليا وبحق أن تثبت المقولة التي نرددها
.كثيرا :أن في مصر قضاة ،وان في مصر قضاء عظيم
وإذا كان طبيعيا أن ل يخلو كتاب من كتب الفقه الدستوري في الوليات
المتحدة المريكية من أسماء مارشال ووارين وغيرهما من رؤساء
المحكمة العليا هناك فان من حق قضاتنا العظام الذين رأسوا المحكمة
الدستورية العليا – وقبلها المحكمة العليا – من أن نسجل أسماءهم هنا
.بكل العزاز والتقدير
وقد كان المرحوم المستشار بدوي حموده هو الذي ترأس المحكمة العليا
.منذ بدء إنشائها
وراس المحكمة الدستورية العليا المستشار احمد ممدوح عطية ثم
المستشار فاروق سيف النصر ثم المستشار الدكتور فتحي عبد الصبور ثم
المستشار محمد علي راغب بليغ ثم المستشار محمود حمدي عبد العزيز
ثم المستشار ممدوح مصطفي حسن ثم المستشار الدكتور عوض محمد
عوض المر ويرأسها الن – يناير 2000 /المستشار محمود ولي الدين
.جلل
وهم جميعا وزملؤهم من المستشارين علي مدي حياة المحكمة هم
.مشاعل مضيئة في حياة القضاء الدستوري في بلدنا
وإذا جاز لي هنا أن وقفة قصيرة ابدي فيها بعض العجب لننا نوشك أن
نكون البلد الوحيد في العالم الذي يحرص بإمعان علي أن يبدد ثروة ل
تعوض عندما يترك قضاته يتركون المنصة العالية وهم أوفر ما يكونون
نضجا وأكثر ما يكونون عطاءا واعمق ما يكونون خبرة لحجة سخيفة
قصيرة النظر تقول أن هؤلء الرجال العظام قد بلغوا سن الستين أو
.الرابعة والستين ،وال هو المستعان
ونعود بعد ذلك إلي موضوعنا لكي نقرر بكامل أمانة موضوعية أن أحكام
المحكمة الدستورية العليا وفي ظل هذه الفترة القصيرة أثرت في كل
جوانب الحياة العامة في بلدنا وكان تأثيرها إيجابيا لمصلحة التقدم
.والديمقراطية ولوجه ال والدستور
وقد يحسن بنا هنا إن نقسم المجالت التي كان ذلك التأثير فيها أوضح ما
يكون إلي مجالت ثلث توشك أن تغطي كل نواحي الحياة العامة .هذه
:المجال الثلث هي
.المجال القتصادي -
.المجال الجتماعي -
.المجال السياسي -
.ونعرض لكل واحد من هذه المجالت بما يحتمله الوقت والمقام
:اثر المحكمة الدستورية العليا في المجال القتصادي
أنشئت المحكمة الدستورية العليا – كما تقدم – في ظل دستور 1971
وبمقتضى نصوصه .ودستور 1971يمثل نقله نوعية بالنسبة للحياة
العامة في مصر بما اضفاه من حماية علي الحرية الشخصية حتى وصفها
بأنها حق طبيعي وبانحيازه إلي جانب حرية الفرد وحقوقه وكفالته لحق
التقاضي وإهداره لكل موانعه وحمايته للملكية الخاصة ورفضه المصادرة
.العامة ونصه علي أن المصادرة الجزئية ل تكون إل بحكم قضائي
وإذا كان حق الملكية هو أهم الحقوق القتصادية وكان ذلك الحق قد أصابه
كثير من الضيم والحيف والنتقاص في الفترة السابقة علي دستور 1971
وعلي إنشاء المحكمة العليا فان محكمتنا الدستورية قد أعادت لذلك الحق
اعتباره ،وحمايته التي كفلها له الدستور ومنعت عنه عدوان المشرع في
.كثير من صور العدوان التي شاهدتها الستينات من هذا القرن
وحاصل المر أن حراسات كثيرة كانت قد فرضت علي أموال الشخاص
الطبيعيين ثم صدرت قرارات بأيلولة الموال إلي الدولة وقدر الشارع
لصحاب تلك الموال تعويضًا جزافيًا محددًا بمبلغ معين بغير اخذ في
العتبار للقيمة الحقيقية لتلك الموال التي فرضت عليها الحراسة أول ثم
.ألت ملكيتها إلي الدولة بعد ذلك
وقد أتيح للمحكمة الدستورية العليا إن تقضي في هذا المر وان تحسمه
.لصالح العدالة واتفاقا مع أحكام الدستور
ومن بواكير الحكام وأوضحها في هذا الصدد الحكم الصادر بتاريخ 16
.مايو 1981في القضية رقم ) (5لسنة ) (1قضائية دستورية
وقد شارك في إصدار ذلك الحكم الهام أربعة ممن تولوا رئاسة المحكمة
.الدستورية العليا
وقد حاكمت المحكمة فى تلك القضية القانونية رقم 150لسنة 1964
والقانون رقم 69لسنة _1964وأولهما هو الذي قرر أيلولة أموال
وممتلكات الشخاص الطبيعيين الذي فرضت عليهم الحراسة إلى ملكية
الدولة وثانيهما هو القانون الذي حاول تسوية بعض الوضاع اناسئة عن
فرض الحراسة _وبعد إن استعرضت المحكمة وقائع القضية ونصوص
القانونين المشار إليهما والتي كانت محل طعن بعدم الدستورية أكدت
المحكمة حرص الدساتير المصرية تأكيد حماية الملكية الخاصة وعدم
المساس بها العلى سبيل الستثناء وأشارت فى ذلك إلى المادة 34من
دستور 1971والى المادة 35من ذات الدستور التي لم تجز التأميم
العتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض
وذهبت المحكمة إلى إن أيلولة أموال وممتلكات الشخاص الطبيعيين الذين
فرضت عليهم الحرسة إلى ملكية الدولة طبقا للمادة الثانية من القرار
بقانون رقم 150لسنة 1964ل تعد من قبيل نزع الملكية للمنفعة العامة
ول يعد من قبيل التأميم لفتقاره إلى الشرائط والعناصر التي يجب إن
تتوافر فى كل من هذين النظامين القانونيين ثم خلصت إلى القول ))أما
كنت أيلولة أموال وممتلكات الشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم
الحراسة إلى ملكية الدولة ل تعد من قبيل نزع الملكية أو التأميم وتشكل
اعتداء الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة 34
من الدستور التي تنص على إن الماكية الخاصة مصونة والمادة 36التي
تحظر المصادرة العامة ول تجيز المصادرة الخاصة إل يحكم قضائي
واستطردت المحكمة إلى تقرير الن القول بان القرار بقانون رقم 150
لسنة 1964والقانون رقم 69لسنة 1974قد تضمنا تعويض الخاضعين
للحراسة عن أموال لهم وممتلكاتهم وان كون تقدير هذا التعويض يعد من
الملئمات السياسية التي يستقل بها المشرع ل يحول دون إخضاع هذين
التشريع للرقابة الدستورية لن كل منهما قد تعرض للمكيلة الخاصة التي
.صانها الدستور
وانتهت المحكمة الدستورية العليا إلى إن تحديد مبلغ جزافي لتعويض من
فرضت عليهم الحراسة وتحديد حد أقصى لما يرد من الموال والممتلكات
التي فرضت عليهم الحرسية ينطوي على مخالفة لحكام دستور . 1971
:واستنادا إلى ذلك كله حكمت المحكمة في هذه القضية الهامة
أول :بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150لسنة
1964فيما نصت علية من أيلولة أموال وممتلكات الشخاص الطبيعيين
الذين فرضت عليهم الحرسة طبقا لحكام قانون الطوارئ إلى ملكية الدولة
.
ثانيا :بعد دستورية المادة الرابعة من قانون تسوية الوضاع الناشئة عن
فرض الحراسة الصادر بالقانون 69لسن 1974فيما نصت علية من
.تعيين حد أقصى لما يرد إلى الشخاص الذين شملتهم الحراسة وأسرهم
وفى مجال صيانة حق الملكية وحمايته ورد العدد أن علية تعرضت
المحكمة الدستورية العليا في هذا الصدد إلى نطاق أكثر حساسية ووعورة
مما تقدم .ذلك انه من المعروف إن أحد الهداف الساسية التي قامت من
اجلها ثورة 1952كانت تصفية القطاع ووضع حد القصى لما يجوز
تملكه من الرض الزراعية وبذلك جري حكم الدساتير المتعاقبة وأخرها
دستور 1971الذي ينص في المادي 37منه علي إن ) يعين القانون
)).الحد القصى للملكية الزراعية
وقد اتجهت السياسة التشريعية إلي إن ما زاد علي الحد القصى المقرر
للملكية الزراعية يؤول إلي الدولة دون أي تعويض مقابل هذه الزيادة .
وعبرت عن ذلك المادة الولي من القرار بقانون رقم 104لسنة 1964
التي نصت عي أيلولة ملكية الراضي الزراعية التي تم الستيلء عليها
.طبقا لقوانين الصلح الزراعي إلي الدولة دون مقابل
وقد طعن بعدم دستورية هذه المادة أمام المحكمة الدستورية العليا وبتاريخ
25من يونيه 1983وفي القضية رقم 3لسنة 1قضائية دستورية
عرضت المحكمة الدستورية العليا لهذا المر وقضت بأنه ) إذا كانت المادة
37من الدستور قد سكتت علي النص صراحة عن تقرير حق التعويض
بالنسبة للستيلء علي الراضي الزراعية المجاوزة للحد المقرر قانونا
فان ما استهدفه المشرع الدستوري من إيراد هذا النص هو تقرير مبدأ
تعيين حد أقصى للملكية الزراعية بما ل يسمح بقيام القطاع ..وان ذلك
النص الدستوري جاء ) مقصورا علي تقرير هذا المبدأ ومحصورا في
إرساء حكمه ( وانه لم يكن من شان هذه المادة إن تنظيم موضوع
التعويض عن الراضي التي تزيد عن الحد القصى وتؤول ملكيتها إلي
.الدولة وإنما يترك ذلك الحكام العامة والمبادئ الدستورية الخرى
و علي ذلك قضت المحكمة بان ) القرار بقانون رقم 104لسنة 1964
المطعون فيه إذ نص في مادته الولي علي أيلولة ملكية الراضي
الزراعية التي تم الستيلء عليها طبقا لحكام المرسوم بقانون رقم 178
لسنة 1952بالصلح الزراعي و القرارات بقانون رقم 127لسنة
1961المعدل له إلي الدولة دون مقابل يكون قد جرد ملك تلك الراضي
المستولي عليها من ملكيتهم لها بغير مقابل فشكل بذلك اعتداء علي هذه
الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة لحكم كل من المادة 34من
دستور 1971التي تنص علي إن الملكية الخاصة مصونة ،المادة 26 ،
من التي تحظر المصادرة العامة للموال ول تجيز المصادرة الخاصة إل
بحكم قضائي مما يتعين معه الحكم بعدم دستورية المادة الولي من القرار
.بقانون رقم 104لسنة 1964
وفي الحكم من أحداث أحكام الدستورية العليا ـ بتاريخ 2أكتوبر 1999
:في القضية رقم 215لسنة 19قضائية دستورية قالت المحكمة
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جري علي ..إن لحق الملكية ( ..
خاصية تميزه عن غيره من الحقوق الشخصية منها أو العينية أصلية
كانت أو تبعية ـ وتتمثل هذه الخاصية في إن الملكية وحدها هي التي تعتبر
حقا دائما ،وتقتضي طبيعتها إل يزول هذا الحق بعدم الستعمال ،ذلك انه
أيا ما كانت المدة التي يخرج فيها الشيء من حيازة مالكه ،فان ل يفقد
ملكيته بالتقاعس عن استعمالها ،بل يظل من حقه إن يقيم دعواه للمطالبة
بها مهما طال الزمن إل إذا كسبها غيره وفقا للقانون ،بما مؤداه إن حق
الملكية باق ل يزول ما بقي الشيء المملوك منقول كان أو عقارا وبالتالي
ل يسقط الحق أي إقامة الدعوى التي تحميه بانقضاء زمن معين ،ذلك انه
ل يتصور إن يكون حق الملكية ذاته غير قابل للسقوط بالتقادم ،ويسقط
مع ذلك الحق في إقامة الدعوى التي يطلب بها هذا الحق ،ومن ثم يكون
نص الفقرة الخيرة من المادة 12سالفة الذكر فيما تضمنه من تقرير
سقوط حق الملكية بفوات سنة من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية دون
تقديم طلب إلي اللجنة حسبما ورد بتلك المادة قد انتقص من الحماية التي
كفلها الدستور لحق الملكية وجاء بالتالي مخالفا لحكام المادة 34من
الدستور التي تتضمن صون حق الملكية الخاصة وكفالة حق الرث
.:فيها ( .وانتهت المحكمة إلي المنطوق التالي
فلهذه السباب
:حكمت المحكمة
أول :بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن علي المادتين ، 17 ، 9و
الفقرتين الولي و الثانية من المادة ، 12من القانون 598لسنة 1953
.بشأن أموال أسرة محمد علي المصادرة
ثانيا :بانتهاء الخصومة بالنسبة للطعن علي المادتين 15 ،14/1من ذلك
.القانون
ثالثا :بعدم دستورية نص الفقرة الخيرة من المادة 12من القانون
..المشار إليه في مجال تطبيقا بالنسبة لحق الملكية
وبهذه الحكام أعادت المحكمة الدستورية العليا إلي حق الملكية الخاصة
بحسبانه اهم الحقوق القتصادية .أساسها حرمته وصيانته وجعلت من
حكم الدستور حقيقة قانونية واقعية وليست مجرد شعار يرفع في
.المناسبات
وننتقل بعد ذلك إلي جانب أخر من الجوانب الحيوية التي أثرت فيها أحكام
.المحكمة الدستورية العليا إل وهو المجال الجتماعي
:اثر أحكام المحكمة الدستورية العليا في المجال الجتماعي
ونقصد بالمجال الجتماعي ذلك المجال الذي يمس حياة الناس العاديين في
أمور تتعلق بالتعليم أو بالتنظيم النقابي أو ما إلي ذلك ،ومن الواضح إن
هذا المجال واسع ومتشعب ومن الصعب وضع حدود واضحة له ولكنه
علي أي حال مجال يمس حياة الناس مساسا مباشرا ويؤثر فيها تأثيرا
.بعيدا
ول شك انه من غير اليسير الفصل بين المجال الجتماعي و المجال
لقتصادي من ناحية كذلك فانه أكثر صعوبة الفصل بين هذا المجال و
المجال السياسي من ناحية أخري ذلك إن جوانب الحياة مترابطة متداخلة
.وما هذا التقسيم الذي نطرحه إل لتسهيل البحث و الدراسة ليس أكثر
وحول تأثر أحكام المحكمة الدستورية العليا في المجال الجتماعي سنشير
إلي حكمين بالغي الهمية أحدهما يتعلق بالفرص المتكافئة في التعليم
الجامعي والخر يتعلق بالحياة النقابية ، ،ونحسب إن المرين يتصلن
.بصميم المجال الجتماعي ول ينفصلن مع ذلك عن جواب الحياة الخرى
و الحقيقة إن التعليم العالي يمثل بالنسبة لكافة أبناء الشعب عندنا أمل
غالبا ويعتبر عند الكثيرين معيارا من معايير المرتبة الجتماعية وكثير من
الناس يعتقدون ـ خاصة في بلد العالم المتخلف ـ إن الشهادة الجامعية
تعتبر بمثابة جواز مرور اجتماعي لنواع من الحياة يحول دونها إن ل
ينال النسان الشهادة الجامعية ،ول شك إن هذا كله يعطي أهمية كبيرة
لهذا النوع من التعليم ويجعل الشباب يتزاحمون بالمناكب أمام معاهدة
وكلياته ،وقد حرص الشار علي إن يقيم أساسا علي معيار درجات
الثانوية العامة .وانشيء مكتب للتنسيق لتلقي طلبات ورغبات الحاصلين
علي الثانوية العامة ثم يقوم هذا المكتب بناء علي معايير منضبطة
ومعروفة سلفا بتوزيع الطلب علي الكليات المختلفة ،وقد أوشك القبول
في التعليم الجامعي إن يكون هو الشيء الوحيد الذي ل تدخله اعتبارات
المجاملة والمحاباه وسعد الناس بذلك وتقبلوه وتمنوا إن يحذو غيره حذوه
.
ولكن المشرع رأي لعتبارات قدر أنها ملئمة إن يميز بعض الفئات من
هذا المعيار المنضبط الصارم الذي يأخذ به مكتب التنسيق فأوجد أماكن ل
تخضع ذلك المعيار وخص بها أبناء أساتذة الجامعات وأبناء الشهد ثم
اتسع الباب ليشمل فئات أخري عديدة غيرهم .وتضرر من حرموا من
أماكن في الجامعات كانوا أولي بها إذا طبق عليهم المعيار المنضبط ظنوا
إن هذه المحابة لبناء بعض الفئات وان كان لها وجه إل أنها تخرق
المبادئ الدستورية التي تقول بتكافؤ الفرص والمساواة بين المصريين ـ
وهرع هؤلء إلي القضاء الداري يطعنون في قرارات السلطات الجامعية
بقبول من قبل علي غير مقتضى القواعد للعتبارات الجتماعية التي
اعتدت بها تلك السلطات سواء بالنسبة لبناء أساتذة الجامعات أو غيرها
من الفئات الخرى المستثناة من قواعد القبول العامة وأمام الجامعات أو
غيرهم من الفئات الخرى المستثناة من قواعد القبول العامة وأمام القضاء
الداري طعنوا بعدم دستورية ما صدر من قرارات تبيح استثناء أبناء هذه
.الفئات
وعرض المر علي المحكمة الدستورية العليا بالقضية رقم 106لسنة 6
.قضائية دستورية التي حكمت فيها بتاريخ 29يونيه 1985
:وبعد إن استعرضت المحكمة وقائع القضية أرست المبادئ التية
أول :إن قرارات المجلس العلى للجامعات باستثناء بعض الفئات من شرط
المجموع عند اللتحاق بكليات الجامعات ـ هذه القرارات تتضمن أحكاما
عامة مجردة ذلك أنها بمثابة اللوائح التنظيمية وإنها بذلك تدخل في عموم
.التشريعات الخاضعة لرقابة المحكمة الدستورية العليا
ثانيا :إن الحق في التعليم الذي ارسي الدستوري اصله هو إن يكون لكل
مواطن الحق في إن يتلقى قدرا من التعليم يتناسب مع مواهبه وقدراته ـ
وإذا كان المشرع إن ينظم هذا الحق فان هذا التنظيم ليس له إن يخل
بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما في المادتين 40 ، 8
.من الدستور
ثالثا :انه إذا كانت المكانيات الفعلية لمعاهد التعليم العالي وكلياته تقصر
عن استيعاب جميع الراغبين في اللتحاق به من خريجي الثانوية العامة
فلبد من المفاضلة بينهم وفق شروط موضوعية فإذا استقر لي من
المتقدمين الحق اللتحاق بإحدى الكليات أو المعاهدة العليا وفق هذه
الشروط فر يجوز إن يفضل عليه من ل تتوافر تلك الشروط وأل كان ذلك
.مساسا بما قرره الدستور
وقد تكلفت اللئحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات ببيان الشروط
الموضوعية التي تحقق تكافؤ الفرص بين الحاصلين علي شهادة الثانوية
العامة أو ما يعادلها وتحقق مساواتهم أمام القانون وذلك حين ربطت
القبول في التعليم الجامعي بترتيب درجات النجاح بينهم في امتحان تلك
.الشهادة
.من الدستور ، 40
وتأسيسا علي ما تقدم كله حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية
النصوص التي أجازت قبول أفراد الفئات المبينة في تلك النصوص في
الكليات أو المعاهد العالية دون التقيد بمجموع درجات النجاح في شهادة
.الثانوية العامة أو ما يعادلها
وبهذا الحكم أعادت المحكمة الدستورية العليا الثقة إلي جموع الناس إن
ثمة شيئا في مصر يمكن إن يسير لعي ضوء قواعد منضبطة بغير استثناء
.والحقيقة إن المجتمع المصري يحتاج إلي إن يستعيد الثقة في سيادة
القانون و الذي ل شبهة في إن المحكمة الدستورية العليا بمثل هذا الحكم
.ترسي في الوجدان الجتماع للمة إمكانية إن تتحقق هذه السيادة فهل
و علي التخوم بين المور الجتماعية والمور السياسية تأتي الحرية
النقابية و الحق في ممارستها وقد نص الدستور في الفقرة الولي من
المادة 56منه علي إن ( إنشاء النقابات و التحادات علي أساس
) ديمقراطي حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية العتبارية
وهذه الفقرة واضحة الدللة علي إن إنشاء النقابات حق وليس مجرد
رخصة ولم يقل الدستور ) بناء علي قانون ( في شان تنظيم هذا الحق
وإنما قال ) يكلفه القانون ( وهكذا ضيق الدستور لعي المشرع في هذا
المجال تضييقا يوشك إن يغلي سلطته التقديرية كذلك فان الدستور إذا كان
.قد قرر هذا الحق وأكده علي نحو ما تقدم فانه علي أساس ديمقراطي
وفي ظل دستور 1971ثار خلف شديد حول بعض القضايا القومية بين
.الرئيس السادات ونقابة المحامين
لما كانت التقاليد الديمقراطية لم تستقر علي نحو ما ينبغي لها و علي نحو
ما تستقر به فعل في بلد الديمقراطيات الغربية حيث تتأكد الديمقراطية
وتتأكد معها سيادة القانون فان الخلف بين السلطة من ناحية وبين النقابة
من ناحية انتهي إلي استصدار قانون بإنها مدة عضوية مجلس نقابة
المحامين قبل موعدها الطبيعي وتعيين مجلس مؤقت للنقابة فعطن
المحامون ووصل المر إلي المحكمة الدستورية العليا بالقضية رقم 1983
:و في حكمها أرست المبادئ الدستورية التالية
أول :إن المشرع الدستوري بمقتضى دستور 1971لم يقف عند حد ما
كان مقررا في الدساتير السابقة من كفالة حق تكوين النقابات وتمتعها
بالشخصية العتبارية كما كان مقررا في الدساتير السابقة بل جاوز ذلك
إلي تقرير مبدأ الديمقراطية النقابية فأوجب إن يكون النقابات والتحادات
علي أساس ديمقراطي
ثانيا :عرض الحكم الديمقراطية وفق تحصليه لها من مجمل المبادئ التي
أرساها دستور 1971فقرر إن السيادة الشعبية هي جوهر الديمقراطية
وان كفالة الحريات و الحقوق العامة هي هدفها وان المشاركة في ممارسة
السلطة هي وسيلتها والحقيقة إن هذا التحديد و التأصيل الذي به الحكم
هو مما يقد للمحكمة الدستورية العليا من الناحية العلمية والفقهية تقديرا
.عميقا
ثالثا :أكد الحكم إن المشرع الدستوري إذ نص في المادة 56من الدستور
علي إن إنشاء النقابات والتحادات علي أساس ديمقراطي حق يكلفه
القانون ) إنما عني بهذا الساس توكيد مبدأ الحرية النقابية بمفهومها
الديمقراطي الذي يقضي بين ما يقضي به إن يكون لعضاء النقابة الحق
في إن يختاروا بأنفسهم وفي حرية قياداتهم النقابية التي تعبر عن أرادتهم
وتنوب عنهم المر الذي يستتبع عدم جواز إهدار هذا الحق بحظره أو
تعطيله ومن ثم إن هذه المادة من الدستور ) (56تكون قد وضعت قيدا
يتعين علي المشرع العادي إن يلتزم به مؤداه إل يتعارض ما يسنه من
نصوص تشريعية في شأن النقابات مع مبدأ الحرية النقابية بمفهومها
.الديمقراطي
أربعا :إن المسرع إذ نص في المادة الولي من القانون رقم 152لسنة
1981ببعض الحكام الخاصة بنقابة المحامين علي إن ) تنتهي مدة
عضوية نقيب المحامين الحالي وأعضاء مجلس النقابة الحاليين ( من
تاريخ نفاذ هذا القانون وهم الذين تم اختيارهم بطريق النتخاب من قبل
أعضاء النقابة يكون قد أقصاهم عن مناصبهم النقابية قبل نهاية مدة
العضوية وذلك عن غير طريق هيئة الناخبين المتمثلة في الجمعية للنقابة
فبطل حق اختيارها لهم ،وحال دون هذه الجمعية وانتخاب أعضاء جدد
لشغل تلك المناصب بما نص عليه في المادة 4من القانون المحاماة
السارية حينئذ والمتعلقة بإجراءات الترشيح والنتخاب لمنصب النقيب
وأعضاء مجلي النقابة وذلك إلي حين صدور قانون المحاماة الجديد
وإجراء النتخابات طبقا لحكامه .ومن ثم تكون المادة الولي من القانون
رقم 152لسنة 1981قد انطوت علي مخالفة لنص المادة 56من
الدستور لخللها بمبدأ الحرية النقابية وتعارضها مع الساس الديمقراطي
الذي أرساه هذا النص قاعدة لكل بنيان نقابي ذلك إن تنظيم المرافق
.النقابية باعتبارها من أشخاص القانون العام
وان كان يدخل في اختصاص الدولة بوصفها قوامه علي المصالح
والمرافق العامة لل إن هذا التنظيم يلزم إن يتم طبقا للحدود ووفقا
.للضوابط التي أرساها الدستور في المادة 56منه
وبناء علي ما تقدم حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون
.رقم 125لسنة 1981برمته
وهكذا أرست المحكمة الدستورية العليا مبدأ الحرية النقابية ومبدأ إن يتم
ممثلي النقابات بإرادة أعضائها وبالطريق الديمقراطي وان المشرع ل
يستطيع إن يعتدي علي هذا الحق كفله الدستور .ولم يعد هذا الحق نظريا
وإنما أصبح بحماية المحكمة الدستورية العليا حقا فعال مصانا مؤثر في
.الحياة العامة لجموع المصريين
ول شبهة إن المحكمة الدستورية العليا بهذا الحكم وأمثاله قد صانت
البنيان الجتماعي الديمقراطي من ناحية وقد دخلت في وجدان الرأي العام
القانوني بل والرأي العام كله من ناحية أخري ،وليس ذلك بالمر الهين
ذلك إن المؤسسات الدستورية ل تجد لها في نهاية المر من حماية قدر
.حصانة الرأي العام لها واحتفائه وتمسكه بها
:اثر أحكام المحكمة الدستورية في المجال السياسي
وإذا كان الحكم الخاص بنقابة المحامين يقع علي التخوم بين الجانب
الجتماعي و الجانبي السياسي فان هذا الجانبي الخير ـ المجال السياسي ـ
هو طبيعة المر أكثر دقة وحساسية وأكثرها حاجة لعمال الحكمة في غير
تفريط أو إفراط ،وهذا هو النهج إلي اتبعته المحكمة وعبر عنه بدقة
وبلغة تناسب مقتضى الحال المستشار محمد علي بليغ الرئيس السبق
للمحكمة حيث قال أنها تقيم ) رقابتها علي موازين دقيقة ..في إطار
الضوابط التي فرضتها المحكمة هلي نفسها حتى تظل الرقابة القضائية
ملتزمة مجالها الطبيعي متوازنة في اعتدال كر ل تكون مفرطة في مداها
) أو قاصرة عن الحاطة بموجباتها
ولكن الرقابة الدستورية مهما التزمت الحكمة و الحرص علي التزام
مجالها الطبيعي فإنها ل تستطيع في هذا المجال المتعلق بالحريات و
الحقوق السياسية ـ وهو المجال الطبيعي لوجود تناقض بين الحرية من
ناحية و السلطة من ناحية أخري ـ إل إن يكون مصدر ضيق للسلطة بقدر
.حصرها علي حماية الحرية
يقول الفقيه الكبير هوريو ـ البن ـ إن القانون الدستوري ) تكنيك (
الموازنة بين السلطة من ناحية و الحرية من ناحية أخري ،إذا كان ذلك
صحيحا من الناحية الفقهية وكان أيضا سهل من الناحية النظرية .فانه
أمر بالغ العسر بالغ الدقة عندما يتحول إلي ميزان تمسك به محكمة لكي
توفق بين هذه العتبارات المتعارضة بمؤداها .ومن كانت حساسية
القضاء الدستوري ،وكانت أهمية وجوده ،وأهمية أحاطته بسياج قوي
وكانت ضرورة تبصرة الرأي العام القانوني والسياسي بذلك كله لكي يكون
ذلك الرأي العام هو السياج النهائي الذي يحمي الدستور والمؤسسات التي
.تعمل علي صونه وحمايته
وإذا كان ذلك كله صحيحًا في البلد التي تاكدت بها قضية سيادة القانون
ل لتساؤل أو مناقشة ،فان ذلك يبدو أمرا بالغ الدقة
ولم تعد مح ً
والحساسية حيث تكون سيادة القانون مازالت تحبو علي ساقين
ضعيفتين ،وحيث تكون السلطة التنفيذية حريصة علي دوام هزال هذين
الساقين ،وتكون سلطة التشريع ل تملك عصمة نفسها في كثير من
.الحوال
وفي مثل هذه الظروف تصبح مسئولية القضاء الدستوري جسيمة
وخطيرة ويوشك أن يقف وحده لكي يحمي الدستور ويصون أحكامه ويذود
.عنه عدوان المعتدين
ونستطيع أن نقرر بكل أمانة المسئولية العلمية وبكل الموضوعية أن
المحكمة الدستورية العليا في بلدنا كانت علي قدر المسئولية وأنها حملت
رسالتها في صوف الدستور وحمايته بكل أمانة وان قضاتها العظام قادوا
سفينتها وسط العواصف الهوج بكل اقتدار .ل يرعون في ذلك كله غير
.وجه ال والوطن والدستور
ويكفي للتدليل علي ذلك كل أن نعرض لبعض أحكام المحكمة الدستورية
العليا في هذا المجال الخطير .وهذا المجال الخطير واسع أيضا باتساع
الحقوق الدستورية ذلك أن الغالبية العظمي من هذه الحقوق ذات جانب
سياسي ومن ثم فان علينا الجتزاء ببعض المثلة ذات الدللة علي اثر
أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا المجال الخطير من مجالت الحياة
.العامة :مجال الحقوق الدستورية السياسية
ونكتفي في هذا الصدد بالشارة إلى بعض أحكام المحكمة ذات الثر
بالنسبة للممارسة الحزبية وحق التعبير عن الرأي ثم بعض الحكام
المتعلقة بأثر الستفتاء علي موضوعة واخيرا بعض الحكام المتعلقة
.بمبادئ حقوق النسان
أما بالنسبة لحق الممارسة الحزبية والحرية في تكوين الحزاب والنضمام
إليها فقد كانت المادة الخامسة من دستور 1971عندما صدر الدستور في
سبتمبر من ذلك العام تتحدث عن تنظيم التحاد الشتراكي باعتباره التنظيم
السياسي والوحيد الذي يمثل قوي الشعب العامل ثم عدل ذلك النص بالفعل
بدا من عام 1976وفي 22مايو 1980عدلت تلك المادة من الدستور
لتقرر ما يلي :يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية علي
أساس تعدد الحزاب وذلك في إطار المقومات ...وينظم القانون الحزاب
" .السياسية
وهكذا قرر الدستور مبدأ التعددية الحزبية ثم ترك للقانون العادي أمر
تنظيم قيام الحزاب السياسية والحقيقة أن قانون تنظيم الحزاب السياسية
صدر قبل التعديل الدستوري كذلك فانه بعد أحداث يناير 1977صدر
القانون رقم 33لسنة 1978بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلم
الجتماعي الذي نصت المادة الرابعة منه علي أن " ل يجوز النتماء إلى
الحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو النشطة السياسية لكل من تسبب
في إفساد الحياة السياسية قبل ثورة يوليو 1952سواء كان ذلك
بالشتراك في تقلد المناصب الوزارية منتميًا إلى الحزاب السياسية التي
تولت الحكم قبل 23يوليو 1952أو بالشتراك في قيادة الحزاب
.وإداراتها وذلك كله فيما عدا الحزب الوطني والحزب الشتراكي
ولما كان قانون الحزاب يلزم مؤسسي الحزاب بأخطار المدعي الشتراكي
لكي يتولي العلن في الصحف اليومية عن أسماء المؤسسين كما أن له
أن يعترض علي من ينطبق عليهم نص المادة المشار إليها فقد اعترض
ل علي اثنين من المؤسسين لكونهما كانا في قيادة المدعي الشتراكي فع ً
حزب الوفد القديم ولنهما توليا الوزارة عن هذا الحزب مما يجعل المادة
المشار إليها منطبقة عليهما .وقد طعن هذان المؤسسات في قرار المدعي
الشتراكي أمام محكمة القضاء الداري .وأمام تلك المحكمة .دفعًا بعدم
دستورية المادة الرابعة المشار إليها وقدرت المحكمة جدية الدفع وأحالت
الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا التي نظرت الموضوع ) القضية
رقم 56لسنة 6قضائية دستورية ( وحكمت فيه بتاريخ 21يونيه 1986
:وقالت في هذا الحكم ما مفاده
إن الدستور إذ نص في مادته الخامسة علي تعدد الحزاب كأساس للنظام
السياسي في جمهورية مصر العربية وجعل هذا التعدد غير مقيد إل بالتزام
الحزاب جميعًا – سواء عند تكوينها أو في مجال ممارستها لعملها –
بالمقومات والمبادئ الساسية للمجتمع المنصوص عليها في
الدستور . . .وان الدستور إذ تطلب تعدد الحزاب ليقوم علي أساسه
النظام السياسي في الدولة يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها في
الطار الذي رسمه لها بما يستتبع حتمًا ضمان حق النضمام إليها ذلك انه
من خلل ممارسة هذا الحق يتشكل البنيان الطبيعي للحزب . . .وبالتالي
.فان الحرمان منه يشكل اعتداء علي حق كفله الدستور
أن المادة 62من الدستور جعلت من مساهمة المواطنين في الحياة العامة
سواء بالنتخابات أو بالترشيح واجبًا وطنيًا يتعين علي المواطنين القيام به
في اكثر مجالت الحياة أهمية لتصالها بالسيادة الشعبية ومن ثم فان
إهدار تلك الحقوق يعد بدوره مخالفة لحكام الدستور ممثلة في المادة 62
.منه
ولما كان مقتضى نص الفقرة الولى من المادة الرابعة من القانون رقم
33لسنة 1978بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلم الجتماعي حسبما
يبين من عبارها المطلقة حرمان فئة من المواطنين من حقهم في النتماء
إلى الحزاب السياسية كافة حرمان مطلقا ومؤبدا بما ينطوي علي إهدار
لصل الحقوق ويشكل بالتالي اعتداء عليها بالمخالفة لحكم كل من المادتين
62 ، 5 .من الدستور
أن تنظيم المشرع لحق المواطنين في النتماء في النتماء إلى الحزاب
السياسية ومباشرتهم لحقوقهم السياسية ينبغي إل يعصف بهذه الحقوق أو
يؤثر علي بقائها علي نحو ما سلكه النص المطعون عليه إذ تعرض
لحقوق عامة كفالها الدستور وحرم فئة من المواطنين منها حرمانًا مطلقا
.ومؤبدا إذ أن ذلك يجاوز تنظيم الحق إلى القضاء عليه
واستنادا إلى ما تقدم كله قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية
نص المادة الولى من القانون رقم 33لسنة 1978الذي يسمي بقانون
.حماية الجبهة الداخلية والسلم الجتماعي
ولم يمنع المحكمة الدستورية أن تحكم حكمها الشمار إليه والذي كان
الدعامة الساسية التي سمحت بقيام اكبر الحزاب السياسية المعارضة
واكثرها انتشارا من الناحية النسبية – لم يمنع المحكمة الدستورية أن
تحكم الحكم المشار إليه أن القانون المطعون بعدم دستوريته كان قد
عرض علي الستفتاء العام مما دعا الحكومة إلى أن تدفع أمام المحكمة
الدستورية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى تأسيسا علي أن النص
التشريعي المطعون عليه قد صدر بعد استفتاء شعبي إعمال لنص المادة
152من الدستور ،وقد رفضت المحكمة ذلك الدفع وقررت أن النص
الدستوري المشار إليه ل يخرج عن أن يكون ترخيصًا لرئيس الجمهورية
بعرض المسائل التي يقدر أهميتها واتصالها بالمصالح القومية الحيوية
علي هيئة الناخبين لستطلع رأيها فيها من الناحية السياسية ومن ثم ل
يجوز أن يتخذ هذا الستفتاء الذي رخص به الدستور ذريعة إلى إهدار
أحكام الدستور ذاته أو مخالفتها ،ومن ثم فان الموافقة علي تشريع معين
في استفتاء شعبي ل تصحح ما قد يكتنف هذا التشريع من عيوب دستورية
ذلك أن هذا التشريع يظل دائمًا ورغم الستفتاء عليه علي طبيعته كعمل
تشريعي ادني مرتبة من الدستور وعليه أن يتقيد بإحكامه فان هو خرج
.عليها لحقه عيب عدم الدستورية
وحماية لنص المادة الخامسة من الدستور ولمبدا التعددية السياسية وكذلك
لمبدأ حرية الرأي والتعبير عنه تعرضت المحكمة الدستورية لحالة ما إذا
جاء نص في معاهدة من المعاهدات فرض علي المصريين جميعًا موقفًا
معينا من قضية معينة وحال بينهم وبين حق التعبير عن رايهم في تلك
القضية ،وكان المر يتعلق بالمعاهداة التي عقدت مع اسرائيل واقامت بين
مصر وبينها صلحًا ،ونص في قانون الموافقة علي تلك المعاهدة بعدم
جواز معارضتها ،وعرض ذلك القانون أيضا علي الستفتاء العام واعلنت
نتيجة الستفتاء بموافقة كبيرة كما هي العادة – وبعد ذلك اتجه مجموعة
من المصريين إلى تشكيل حزب سياسي وكان بين مؤسسي ذلك الحزب من
عرف عنهم معارضتهم لتلك المعاهدة فحيل بينهم وبين إقامة الحزب
المشار إليه فطعنوا في القرار الذي حال بينهم وبين تأسيس حزبهم ،
وأمام المحكمة التي تنظر ذلك الطعن دفعوا بعدم دستورية ذلك النص الذي
يحرم انتقاد المعاهدة أو معارضتها .وعرض المر علي المحكمة
الدستورية العليا بمقضتي القضية رقم 44لسنة 7قضائية دستورية التي
حكمت فيها بتاريخ 7مايو 1988وأرست بمقتضى ذلك الحكم المبادئ
:الدستورية التالية
أن حرية الرأي هي من الحريات الساسية التي تحتمها طبيعة النظام -
الديمقراطي وهي تعتبر بمثابة الحرية الصل التي تتفرع عنها الكثير من
الحريات والحقوق العامة الفكرية والثقافية وغيرها وتعد المدخل الحقيقي
.لممارسة هذه الحريات ممارسة جدية
أن حرية الرأي ضرورة لزمة لمباشرة الحقوق السياسية وامكان -
المساهمة بهذه الحقوق العامة في الحياة السياسية مساهمة فعالة كحق
.تكوين الحزاب السياسية وحق النضمام إليها وحق النتخاب والترشيح
أن حرية الرأي إذ تعد من الدعامات الساسية التي تقوم عليها النظم -
الديمقراطية الحرة قد غدت من الصول الدستورية الثابتة في كل بلد
ديمقراطي متحضر وحرصت علي توكيدها الدساتير المصرية المتعاقبة
وقرره دستور 1971بالنص في المادة 47منه علي أن " حرية الرأي
مكفولة " . . . .وان كان هذا النص الدستوري قد كفل حرية التعبير عن
الرأي " بمدلوله الذي جاء عامًا مطلقًا فانه قد خص حرية الراء
السياسية برعاية أولى وذلك مستفاد من نصوص المواد 48و 206و
207 .و 208من الدستور
انه وان كان من المقرر وفقا لقواعد القانون الدولي انه وان كان -
للمعاهدات الدولية التي يتم إبرامها والتصديق عليها قوتها الملزمة فان
ذلك ل يضفي علي أحكام المعاهدة حصانة تمنع المواطنين من مناقشتها
ل وهو ما ل تقدر عليه المعاهدة ونقدها وإل عطلت بذلك حقا دستوريًا أصي ً
.
أن استعمال المواطن لحرية عامة كفلها الدستور – هي حرية التعبير -
عن الرأي ل يجوز أن تون سببا في حرمانه من حق أو حرية عامة أخرى
.قررها الدستور
أن مؤدي النص في البند – سابعا من المادة 4من القانون رقم - 40
لسنة 1977بعد تعديلها بإضافة هذا البند بعد توقيع المعاهدة المشار إليها
– الخاص بنظام الحزاب السياسية فيما تضمنه من اشتراط " أل يكون
بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جديدة علي قيامه بالدعوة أو
المشاركة في الدعوة أو التحبيز أو الترويج بأية طريقة من طرق العلنية
لمبادئ أو اتجاها تتعارض مع معاهدة السلم بين مصر وإسرائيل التي
وافق عليها الشعب في الستفتاء بتاريخ 20أبريل 1979هو حرمان فئة
من المواطنين من حقهم في تكوين الحزاب السياسية حرمانًا ابديا وهو
.حق كفلة نص المادة الخامسة من الدستور
وانتهت المحكمة الدستورية العليا في حكمها إلى انه لما كان النص
المطعون فيه قد انطوي علي اخلل بحق الطاعنين في التعبير عن رايهم
وحرمهم حرمانًا مطلقا ومؤبدا من حق دستوري هو حق تكوين الحزاب
فانه بذلك يكون مخالفا لنص المادتين 5و 47من الدستور ومن ثم يكون
.نصا غي دستوري
وجاء هذا الحكم بدوره دعما واضحا لحرية الرأي والحق في تكوين
الحزاب وردا علي افتئات السلطات علي هذه الحقوق الدستورية .وبذلك
احدث هذا الحكم اثرا واضحًا علي الحياة العامة إذ لوله لجاز نقد كل شئ
في مصر أل تلك المعاهدة التي مازالت بغيضة إلى كثير من العقول
.والقلوب
وقد أتيح لمحكتنا الدستورية العليا مناسبة ثالثة لرد العدوان علي الحق
الدستوري في التعددية السياسية وحرية تكوين الحزاب واعتبار
التشريعات والستفتاءات العقوبة للنيل مما قرره الدستور في ساعة من
.ساعات اليقظة الديمقراطية عقب الصراع علي السلطة في مايو 1971
وفي هذه المناسبة الثالثة استندت المحكمة إلى المبدأ الدستوري القديم
الذي يقضي بأنه ل جريمة ول عقوبة أل بنص وبتحريم الثر الرجعي
بالنسبة للقوانين الجنائية – استندت المحكمة الدستورية إلى هذا المبدأ
.لكي تزيح عقبة تشريعية أمام حق تكوين الحزاب
وتخلص وقائع هذا الموضوع في أن أحد أطراف الصراع الذي كان دائرا
عقب وفاة الرئيس عبد الناصر والذي قدم للمحاكمة مع بقية من اسموا
مراكز القوي في أعقاب 15مايو 1971وحكم عليه من محكمة الثورة –
تقدم هذا الشخص مؤخرا لعادة قيد اسمه بجداول النتخابات أل أن طلبه
رفض استنادًا إلى انه لم يقدم ما يدل علي رد اعتباره بعد الحكم عليه في
القضية رقم 1لسنة 1971مكتب المدعي العام وذلك إعمال للمادتين
الرابعة والخامسة من القانون رقم 33لسنة 1978بشان حماية الجبهة
الداخلية والسلم الجتماعي والتي تقضي بان من حكم بإدانته من محكمة
الثورة في الجناية رقم 1لسنة 1971ل يجوز له النتماء إلى الحزاب
السياسية أو مباشرة الحقوق أو النشطة السياسية ومن بينها حق
.النتخاب وحق الترشيح
وطعن ذلك الشخص أمام المحكمة المختصة بالطعون في مثل هذه الحالت
وأمامها طعن بعدم دستورية نص المادتين الرابعة والخامسة من ذلك
القانون 33لسنة 1978الذي كان الموافقة قد تمت عليه في استفتاء عام
.
وأحالت محكمة الموضوع الدفع إلى المحكمة الدستورية العليا بعد إذ قدرت
جديته .وهكذا أتيح للمحكمة الدستورية العليا مرة ثالثة أن تصون
الدستور وان تحمي مبادئه وان ترد ذلك العدوان التشريعي علي الحقوق
الدستورية وكان ذلك في القضية رقم 49لسنة 6قضائية دستورية في
حكمها الصادر بتاريخ 4أبريل 1987حيث قالت في ذلك الحكم " وحيث
انه مما ينعاه المدعي علي المادة الخامسة أنها إذ قضت في البند أ منها
بحظر النتماء إلى الحزاب السياسية ..علي من حكم عليه في سنة
1971في الجناية المشار إليها تكون قد فرضت عقوبة عن فعل سابق
علي نفاذ القانون رقم 33لسنة 1978في 3يونيه 1978وذلك
.بالمخالفة لنص المادتين 66و 178من الدستور
وحيث أن المادة 66من الدستور تنص في فقرتها الثانية علي انه " :ل
جريمة ول عقوبة إل بناء علي قانون .ول توقع عقوبة إل بحكم قضائي
" .ول عقاب إل علي الفعال اللحقة لتاريخ نفاذ القانون
لما كان ذلك وكان الثابت من صورة الحكم في الجناية المشار إليها " . .
انها وقعت خلل سنة 1971قبل صدور القانون رقم 33لسنة 1978
بشان حماية الجبهة ل داخلية والسلم الجتماعي الذي عمل به من تاريخ
نشره في 3يونيه ، 1978ومن ثم فان العقوبة الجنائية التي تضمنتها
المادة الخامسة من القانون المشار إليه في البند ]أ[ منها تكون قد فرضت
عن فعل سابق علي نفاذ القانون الذي قررها بالمخالفة للمادتين ، 66
187 . . " .من الدستور مما يتعين مع الحكم بعدم دستورية هذا البند
والذي يراجع الحكام الثلثة يبين له انها كانت تتعلق بقوي سياسية
مختلف وان المحكمة في موضوعيتها وحيادها كانت تقف مع الدستور
.وحده في مواجهة كل عدوان عليه
ومما يتصل بالحياة السياسية وممارسة الحقوق العامة والتعبير عن
الرادة وبلورة الرادة الشعبية – مما يتصل بذلك كله حق النتخاب وحق
الترشيح للمجالس النيابية – والصل أن هذه الحقوق سواء منها ما تعلق
بحق النتخاب وحق الترشيح مكفولة للمواطنين جميعًا إل من ارتكب
جريمة جناية بينه وبين ممارسة هذه الحقوق إلى حين هذا هو الصل
.العام
ولكن الذي يبدو من دراسة التطور السياسي في بلدنا بعد صدور دستور
1971والذي صدر في أعقاب الصراع علي السلطة عقب وفاة الرئيس
جمال عبد الناصر ذلك الصراع الذي حمل فيه الرئيس السادات شعار
الدفاع عن الديمقراطية وسيادة القانون .وكان طبيعا أن تأتى أحكام
دستور 1971متفقة مع ذلك التجاه إل انه بعد أن استقرت المور يبدو
أن رغبة في التراجع قد أخذت تتنامي وكانت وسيلة تحقيق هذا التراجع
.هي النصوص التشريعية العادية
وكانت قوانين الترشيح والنتخاب لمجلس الشعب وغيره من المجالس
.النيابية – أحد صور الفتنات علي كثير من الحقوق الدستورية
وقد كنت واحدا من الذين نادوا بالنتخاب عن طريق القائمة التمثيلية ذات
الوزن النسبي وكان هدفي في ذلك أن يأتي المجلس النيابي ممثل لكل
القوي السياسية في المجتمع وان تحد أحزاب المعارضة الصغيرة – وكلها
.كذلك – مكانا لها في البرلمان تعبر فيه عن نفسها
ولكن القانون – قانون النتخاب بالقائمة – عندما وضع عام 1983جاء
مسخا غريبا ل مثيل له في القوانين النتخابية في أي بلد ديمقراطي وقد
طعن بعدم دستورية العديد من هذه النصوص ووصل المر إلى المحكمة
الدستورية العليا التي حكمت فيه بتاريخ 16مايو 1978في القضية رقم
131لسنة 6قضائية دستورية وأكدت في حكمها المبادئ والسس التية
:
أن الحقوق السياسية المنصوص عليها في المادة 62من الدستور ومن -
بينها حق الترشيح الذي عني الدستور بالنص عليه صراحة مع حقي
النتخاب وإبداء الرأي في الستفتاء اعتبرها الدستور من الحقوق العامة
التي حرص علي كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها وان القواعد
التي يضعها المشرع العادي ل يجوز عن طريق تنظيم تلك الحقوق أن
.تنتهي إلى النتقاص منها أو مصادرتها
أن مؤدي المواد الخامسة مكرر والسادسة فقرة 1والسابعة عشرة من -
القانون رقم 38لسنة 1972المعدل بالقانون رقم 114لسنة 1983
المطعون عليها أن المشرع حين نص علي أن يكون انتخاب أعضاء
مجلس الشعب عن طريق النتخاب بالقوائم الحزبية وما استتبع ذلك من
النص علي اعتبار صورة قائمة الحزب الذي ينتمي إليه المرشح المثبت
بها إدراج اسمه فيها شرطا حتميا لقبول طلب ترشيحه يكون قد قصر حق
الترشيح لعضوية مجلس الشعب علي المنتمين إلى الحزاب السياسية
وحرم بالتالي غير هؤلء من ذلك الحق دون مقتضى . . .ولما كان حق
الترشيح من الحقوق العامة التي كفلها الدستور للمواطنين في المادة 62
منه ومن ثم فان حرمان طائفة معينة من هذا الحق ينطوي علي إهدار
لصله كما ينطوي علي إخلل بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة لدي
.القانون ويشكل بالتالي مخالفة للمواد 8و 40و 62من الدستور
أن تنظيم المشرع لحق المواطنين في الترشيح ل يعني إطلق سلطته – -
أي المشرع – لكي تتحلل من الضوابط الدستورية وصول إلى هدم الحق
نفسه أو النتقاص منه .أن تنظيم المشرع لحق المواطنين في الترشيح ل
ينبغي له أن يتصف بهذا الحق أو ينال منه علي نحو ما فعلته النصوص
المطعون فيها إذ أن يتصف بهذا الحق أو ينال منه علي نحو ما فعلته
النصوص المطعون فيها إذ تعرضت لحقوق عامة كفلها الدستور وحرمت
منها طائفة من المواطنين فجاوز المشرع دائرة تنظيم الحقوق إلى إهدارها
المر الذي ل يسمح به الدستور ومن ثم حكمت المحكمة الدستورية العليا
.بعدم دستورية النصوص المطعون فيها لمخالفتها للدستور
وبعد صدور هذا الحكم الهام والذي كان بعيد التأثير في الحياة العامة
عدلت القوانين النتخابية بما يسمح لغير المنتمين إلى الحزاب بالترشيح
لمقعد فردي في كل دائرة من الدوائر الثماني والربعين التي قسمت لها
الجمهورية علي أن يبقي الصل في الترشيح بعد هذه المقاعد الفردية
.الثمانية والربعين عن طريق القوائم الحزبية
وأجريت النتخابات علي هذا الساس المعدل في أبريل 1978وقام مجلس
الشعب ولكن ما لبثت الطعون أن انهالت ضد هذا التعديل الجزئي الذي
سمح بثغرة ضيقة بالغة الضيق أمام غير المنتمين إلى الحزاب للولوج
إلى مجلس الشعب – وانتهي المر مرة ثانية إلى المحكمة الدستورية
العليا بحسبانها القلعة الخيرة – بل وأوشك أن أقول الوحيدة – لحماية
.مبادئ الدستور وصون أحكامه
وجاء حكم المحكمة الدستورية العليا في 19مايو 1990كالصاعقة علي
.رؤوس كل العابثين بأحكام الدستور
وفي ذلك الحكم الذي قد يكون اكثر أحكام المحكمة الدستورية العليا
خطورة وأبعدها أثرا في الحياة العامة حرصت المحكمة علي تأكيد معني
سمو الدستور ومعني سيادة القانون وأرست الصول والمفاهيم الدستورية
الصحيحية والسليمة لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص ووضعت الحقوق
.السياسية العامة في موضعها الصحيح
الدستور هو القانون الساس العلى الذي يرسي القواعد والصول التي *
يقوم عليها نظام الحكم ويحدد السلطات العامة ،ويرسم لها وظائفها ،
ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها ،ويقرر الحريات والحقوق
العامة ،ويرتب الضمانات الساسية لحمايتها ،ومن ثم فقد تميز الدستور
بطبيعة خاصة تضفي عليه صفة السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات
وموئلها وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها ،وحق لقواعده أن
تستوي علي القمة من البناء القانوني للدولة وتتبوا مقام الصدارة بين
قواعد النظام العام باعتبارها اسمي القواعد المر التي يتعين علي الدولة
التزامها في تشريعها وفي قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية ،
ودون أي تفرقه أو تمييز – في مجال اللتزام بها – بين السلطات العامة
الثلث التشريعية والتنفيذية والقضائية ،ذلك أن هذه السلطات كلها
سلطات مؤسسة أنشأها الدستور ،تستمد منه وجودها وكيانها ،وهو
المرجع في تحديد وظائفها ،ومن ثم تعتبر جميعها أمام الدستور علي
درجة سواء ،وتقف كل منها مع الخرى علي قدم المساواة ،قائمة
بوظيفتها الدستورية متعاونة فيما بينها في الحدود المقررة لذلك ،خاضعة
لحكام الدستور الذي له وحده الكلمة العليا وعند أحكامه تنزل السلطات
العامة جميعًا .والدولة في ذلك إنما تلتزم أصل من أصول الحكم
الديمقراطي ،هو الخضوع لمبدأ سيادة الدستور ،وهو ما حرص الدستور
القائم علي تقريره بالنص في المادة ) (64منه علي أن " ...تخضع
الدولة للقانون " ......ول ريب في أن المقصود بالقانون في هذا الشأن
هو القانون بمعناه الموضوعي العم الذي يشمل كل قاعدة عامة مجردة
أيا كان مصدرها ،ويأتي علي رأسها ،وفي الصدارة منها الدستور
.بوصفه اعلي القوانين واسماها
إن خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور اصل مقرر وحكم *
لزم لكل نظام ديمقراطي سليم ،ومن ثم يكون لزامًا علي كل سلطة عامة
أيا كان شانها وأيا كانت وظيفتها وطبيعة الختصاصات المسندة إليها ،
النزول عند قواعد الدستور ومبادئه والتزام حدوده وقيوده ،فان هي
خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور ،وخضع – متي
انصبت المخالفة علي قانون أو لئحة – للرقابة القضائية التي عهد بها
الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بوصفها الهيئة القضائية العليا التي
اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح بغية الحفاظ
.علي أحكام الدستور وصونها وحمايتها من الخروج عليها
وبعد أن أرست المحكمة هذه المبادئ العامة انتقلت إلى مبدأ المساواة *
بين المصريين جميعا ثم إلى الحقوق السياسية وفي مقدمتها حق النتخاب
.وحق الترشيح
وقالت المحكمة عن مبدأ المساواة انه هو لب الحريات والحقوق العامة *
في الدستور وانه غير قاصر علي الحقوق والحريات المنصوص عليها في
.الدستور وانما ينطبق علي كافة الحقوق المقررة قانونا
ثم أشارت المحكمة إلى الحقوق السياسية المنصوص عليها في المادة *
62من الدستور ومن بينها حق الترشيح والنتخاب وكونهما حقين
متكاملين ل تقوم الحياة النيابية بدونهما ول تتحقق للسيادة الشعبية
)إبعادها إذا هما افرغا من المضمون الذي يكفل لهما الجدية والفاعلية)73
.
وكررت المحكمة الدستورية العليا هنا عباراتها التي ترددت من قبل من أن
القواعد التي يضعها المشرع تنظيما للحقوق السياسية يتعين أل تؤدي إلى
مصادرتها أو النتقاص منها أو التمييز في أسس مباشرتها وحرصت
المحكمة أن تؤكد أن السيادة ل تنعقد لفئة دون أخرى ول سيطرة لجماعة
بذاتها علي غيرها ز كذلك فان كفالة الدستور للمواطنين حقي النتخاب
والترشيح وجعله المواطنين سواء في ممارستهما وعدم جازته التمييز
بينهم في أسس مباشرتهما ول تقرير أفضلية لبعضهم علي البعض الخر
في أي شان يتعلق بهما وعلي ذلك فان المواطنين جميعًا الذي تتوافر فيهم
شروط مباشرة ؟؟؟؟ الترشيح لهم الفرص ذاتها يؤثرون من خللها ويقدر
.وبقدر متساو فيما بينهم هي تشكيل السياسة القومية
أن النص في المادة الخامسة من الدستور علي نظام تعدد الحزاب
السياسية لم يتضمن إلزام المواطنين جميعًا بالنضمام إليها ز والنص في
المادة " "62من الدستور علي كفالة الحقوق السياسية جاء رهينا بصفة
" المواطنة " فحسب طليقا من قيد الحزبية ومبدأ تكافؤ الفرص والمساواة
أمام القانون يوجبان معاملة المرشحين كافة معاملة قانونية واحدة وتحظر
التمييز بينهم بسبب اختلف الراء السياسية .مؤدي النصوص الدستوري
– – 62 ، 40 ، 8مترابطة متكاملة اعتبار المواطنين المستوفين لشروط
الترشيح لعضوية مجلس الشعب بالنسبة الممارسة هذا الحق في مراكز
قانونية متماثلة وعلي أساس من الفرص المتكافئة في الفوز بالعضوية
.دون اعتداد بانتماءاتهم الحزبية
:وتأسيسًا علي ما تقدم انتهت المحكمة الدستورية إلى ما يلي
إقامة القانون 38لسنة 1972في شان مجلس الشعب المعدل بالقانون -
رقم 188لسنة 1986التحديد العددي للمقاعد المخصصة لكل دائرة
بصورة متفاوتة علي أساس عدد المواطنين بها وتحديده في المادة
الخامسة مكررا منها للمرشح الفردي في كل منها مقعدًا واحدًا بصورة
تحكمية أيا كان عدد مواطنيها يتنافس عليه المستقلون مع غيرهم من
أعضاء الحزاب السياسية يتضمن مخالفة للقاعدة العامة التي اتبعها في
تحديد عدد المقاعد النيابية في كل دائرة بما يتناسب وعدد السكان فيها
.ويشكل إخلل بمبدا المساواة في المعامل بين المرشحين
لما كان ذلك وكان المادة الخامسة مكررا من القانون رقم 38لسنة
1972في شان مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188لسنة 1986
بما نصت عليه من أن " . .يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن
طريق النتخاب الفردي ،ويكون انتخاب باقي العضاء الممثلين للدائرة
عن طريق النتخاب بالقوائم الحزبية " . .تعتبر قاطعة في الدللة علي ما
قصد إليه المشرع من تحديده مقعدًا واحدًا – لنظام النتخاب الفردي في
كل دائرة انتخابية – يجري التنافس عليه بين المرشحين من أعضاء
الحزاب السياسية والمرشحين غير المنتمين لهذه الحزاب ،وتخصيصه
عدة مقاعد في الدائرة خالصة لمرشحي القوائم الحزبية ،ومن ثم فان هذه
المادة تكون بذاتها قد تضمنت في صريح نصها إخلل بحق المواطنين غير
المنتمين لحزاب سياسية في الترشيح علي قدم المساواة وعلي أساس من
تكافؤ الفرص مع باقي المرشحين من أعضاء الحزاب السياسية إخلل
أدى إلى التمييز بين الفئتين من المرشحين في المعاملة القانونية وفي
الفرص المتاحة للفوز بالعضوية تمييزا قائمًا علي أساس اختلف الراء
السياسية مما يشكل مخالفة المواد 62 ، 40 ، 8من الدستور ويستوجب
القضاء بعدم دستوريتها فيما تضمنته من النص علي أن " . .يكون لكل
دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق النتخاب الفردي ويكون انتخاب
. .باقي العضاء الممثلين للدائرة عن طريق النتخاب بالقوائم الحزبية
".
وانتهت المحكمة الدستورية العليا من ذلك كله إلى بطلن مواد قانون
.النتخاب المطعون فيها لعدم دستوريتها
وكان لبد وان تواجه المحكمة اثر هذا الحكم علي قيام مجلس الشعب الذي
.انتخب علي أساس هذه النصوص المخالفة للدستور
قالت المحكمة " . .أن الصل في الحكام القضائية انها كاشفة وليست
منشئة مما يستتبع أن للحكم بعدم الدستورية اثر رجعي كنتيجة حتمية
طبيعته الكاشفة وعلي ذلك فان القضاء بعدم دستورية النص التشريعي
الذي أجريت انتخابات مجلس الشعب بناء عليه مؤداه ولزمه بطلن
تشكيل المجلس منذ انتخابه ودون أن يستتبع ذلك إسقاط ما افره المجلس
من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات خلل الفترة السابقة وحتى
تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية بل تظل علي اصلها من الصحة
والنفاذ ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها أو يقضي بعدم دستورية نصوصها
.التشريعية إن كان لذلك وجه أخر غير ما بني عليه هذا الحكم
والحقيقة أن الدوي الذي أحدثه هذا الحكم في الحياة العامة في مصر كان
دويا بعيدا ،وكانت المحكمة موفقة التوفيق كله عندما أمسكت بالميزان
الذي ل يميل بعد أن قضت بعدم دستورية المواد التي انتخب علي أساسها
مجلس الشعب كان لبد وان تقضي بعدم دستورية تكوين المجلس منذ
قيامه كأثر للطبيعة الكاشفة للحكم الدستوري ولكن المحكمة الدستورية
العليا بكل أمانة الحساس بالمسئولية تصدت لحكم ما صدر عن ذلك
المجلس وحكمت بصحته ونفاذه إل إذا أصابه عوار لسبب أخر غير مجرد
.بطلن تكوين المجلس
وقد شاهت وجوه كثيرة بعد أن اذيع نبا الحكم ،ورضي به ودافع عنه
كثيرون ،واراد ال أن ينتصر الحق وان تبقي محكمتنا العليا حصنا شامخًا
.يرد عن الدستور كيد المعتدين
.والحمد ل رب العالمين
باسم الشعب
رئيس الجمهورية
قرر مجلس الشعب القانون التي نصه ،وقد أصدرناه
) المادة الولى (
.يعمل بأحكام القانون المرافق في شان المحكمة الدستورية العليا
) المادة الثانية (
جميع الدعاوى والطلبات القائمة أما المحكمة الدستورية العليا والتي تدخل
في اختصاص المحكمة الدستورية العليا بمقتضى القانون المرافق تحال
.إليها بحالتها فور تشكيلها وبغير رسوم
وتحال إليها كذلك طلبات وقف تنفيذ الحكام الصادرة من هيئات التحكيم
القائمة أمام المحكمة العليا بحالتها دون رسوم للفصل فيها طبقًا للحكام
الواردة في القانون رقم 81لسنة 1969بإصدار قانون المحكمة العليا
والقانون رقم 66لسنة 1970بإصدار قانون الجراءات والرسوم أمامها
.
) المادة الثالثة (
تسري أحكام المادتين 16 ، 15من القانون المرافق علي الدعاوى
والطلبات المتعلقة برد ومخاصمة أعضاء المحكمة العليا أو بمرتباتهم
ومعاشاتهم وما في حكمها ،وتفصل المحكمة الدستورية العليا دون غيرها
.في جميع هذه الدعاوى والطلبات
) المادة الرابعة (
يمثل المحكمة الدستورية العليا في المجلس العلى للهيئات القضائية
.رئيسها ويحل محله في حالة غيابه اقدم أعضائها
) المادة الخامسة (
مع مراعاة حكم الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 5من القانون المرافق
يصدر أول تشكيل للمحكمة الدستورية العليا بقرار من رئيس الجمهورية
ويتضمن تعيين رئيس المحكمة وأعضائها ممن تتوافر فيهم الشروط
المنصوص عليها في القانون المرافق بعد اخذ رأي المجلس العلى
.للهيئات القضائية بالنسبة للعضاء
ويؤدي أعضاء المحكمة اليمين المنصوص عليها في المادة 6من القانون
.المرافق أمام رئيس الجمهورية
) المادة السادسة (
أعضاء المحكمة العليا وأعضاء هيئة مفوضي الدولة الذين ل يشملهم
تشكيل المحكمة الدستورية العليا يعودون بحكم القانون إلى الجهات التي
كانوا يعملون بها قبل تعيينهم بالمحكمة العليا باقدمياتهم السابقة في تلك
.الجهات مع احتفاظهم بدرجاتهم ومرتباتهم وبدلتهم بصفة شخصية
) المادة السابعة (
ينقل إلى المحكمة الدستورية العليا فور تشكيلها جميع العاملين بالقسام
.الدارية والكتابية وغيرها الملحق بالمحكمة العليا
كما تنتقل إليها جميع العتمادات المالية الخاصة بالمحكمة العليا والمدرجة
.في موازنة السنة الحالية
) المادة الثامنة (
ينتفع رئيس وأعضاء المحكمة العليا السابقون وأسرهم الذين انتهت
خدمتهم من خدمتهم من خدمات الصندوق المنصوص عليها في المادة )
(18 .من القانون المرافق وبالشروط الواردة فيه
) المادة التاسعة (
مع عدم الخلل بأحكام المادة الثانية من قانون الصدار يلغي قانون
المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم ) (81لسنة ، 1969وقانون
الجراءات والرسوم أمامها الصادر بالقانون رقم ) (66لسنة ، 1970
والقانون رقم ) (79لسنة 1976ببعض الحكام الخاصة بالمحكمة العليا
كما يلغي كل نص يخالق أحكام القانون المرافق وذلك فور تشكيل المحكمة
.العليا
) المادة العاشرة (
ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ،ويعمل به بعد أسبوعين من
) .تاريخ نشره)74
.يبصم هذا القانون بخاتم الدولة ،وينفذ كقانون من قوانينها
صدر برياسة الجمهورية في 7شوال سنة 29 ) 1399أغسطس سنة
1979 ) .
100
يمنح كل من يعين عضوا بالمحكمة أول مربوط وظيفته من تاريخ – 1
التعيين إل إذا كان المرتب الذي يتقاضاه قبل التعيين يعادل أو المربوط أو
يزيد عليه ،فانه يمنح علوة واحدة من العلوة المقررة لوظيفته بما ل
.يجاوز نهاية مربوطها
.ول يغير منح هذه العلوة من موعد استحقاق العلوة الدورية
تسري أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 2100لسنة 2 – 1979
.الخاص ببدل النتقال السنوية الثابت علي أعضاء المحكمة
ل يجوز أن يقل مرتب ويدل العضو عن مرتب وبدل من يليه في – 3
.القدمية
يعامل عضو المحكمة الذي يبلغ مرتبه 2500جنيه معاملة نائب – 4
.الوزير من حيث المعاش
ل يخضع بدل التمثيل والنتقال لكافة أنواع الضرائب ويسري عليه – 5
.الخفض المقرر بالقانون رقم 30لسنة 1967وتعديلته
أعضاء هيئة المفوضين – 2
العلوة الدورية المخصصات السنوية الوظائف
بدل التمثيل بدل قضاء المرتب
جنيه جنيه رئيس الهيئة
2200 - 2500 جنيه
جنيه -
يرفع إلى 1500
عندما يبلغ المرتب 2500جنيه 2000 جنيه
100
2040 – 1500المستشارون 1300عندما يبلغ المرتب 450
1800 75جنيه
1980 – 1428المستشارون المساعدون 72
كل من يعين في وظيفة من الوظائف المرتبة في درجات ذات بداية – 1
ونهاية ،يمنح أول مربوطها من تاريخ التعيين إل إذا كان المرتب الذي
يتقاضاه قبل التعيين يعادل أول المربوط أو يزيد عليه ،فانه يمنح علوة
واحدة من العلوات المقررة لوظيفته بما ل يجاوز نهاية مربوط درجة
الوظيفة العلى مباشرة .ول يغير منح هذه العلوة من موعد استحقاق
.العلوة الدورية
تسري أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 311لسنة 1979الخاص – 2
.ببدل النتقال السنوي الثابت علي أعضاء هيئة المفوضين
ل يجوز أن يقل مرتب وبدل العضو عن مرتب وبدل من ليله في – 3
.أقدمية الوظيفة التي عين فيها
عضو هيئة المفوضين الذي بلغ مرتبه نهاية مربوط الوظيفة التي – 4
يشغلها يستحق العلوة الدورية المقررة للوظيفة العلى مباشرة طبقا لهذا
الجدول ولو لم يرق إليها بشرط أل يجاوز نهاية مربوطها وفي هذه الحالة
.يستحق البدلل بالفئات المقررة لهذه الوظيفة العلى
يعامل رئيس الهيئة يبلغ مرتبه 2500جنيه معاملة عضو المحكمة – 5
.من حيث المعاش
ل يخضع بدل التمثيل وبدل القضاء وبدل النتقال لكافة أنواع – 6
الضرائب ويسري عليه الخفض المقرر بالقانون رقم 30لسنة 1967
.وتعديلته
.ول يجوز الجمع بين بدل التمثيل وبدل القضاء
مذكرة إيضاحية
لقانون المحكمة الدستورية العليا
من ابرز معالم دستور جمهورية مصر العربية الذي منحته جماهير شعب
مصر لنفسها في 11من سبتمبر سنة ، 1971ما أورده في بابه الرابع
من أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة موكدا بذلك خضوعها
.للقانون كالفراد سواء بسواء
ولما كانت سيادة القانون تستوجب بداهة عدم خروج القوانين واللوائح
علي أحكام الدستور باعتباره القانون السمي ،ضمانا للتزام الدولة
بإحكامه فيما يصدر عنها من قواعد تشريعية ،فقد خصص الدستور فصل
مستقل للمحكمة الدستورية العليا في الباب الذي يعلج نظام الحكم نص
فيه علي انها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها تتولى دون غيرها الرقابة
القضائية علي دستورية القوانين واللوائح كما تتولى تفسير النصوص
التشريعية ،مؤكدا بذلك هيمنة هذه الهيئة القضائية العليا علي تثبيت
.دعائم المشروعية وصيانة حقوق الفراد وحرياتهم
وقد اعد القانون المرافق في شان المحكمة الدستورية العليا استكمال
للمؤسسات الدستورية التي قام عليها نظام الحكم في البلد ،وذلك في
ضوء دراسات مقارنة للمحاكم المشابهة في بعض الدول وبما يتلءم
والوضاع القائمة في مصر ،واستهداء بما حققه القضاء المصري ول
.يزال يحققه حماية للحريات وتأكيدا لسيادة القانون
:وفيما يلي بيان بأهم ما قام عليه القانون من أحكام
تقديرا لمكانة هذه المحكمة وحرصا علي أن يتم تشكيلها من خلصة – 1
الشخصيات المرموقة التي مارست خبرة واكتسب دراية في المجال
القضائي والقانوني رئيس أل يقل سن من يختار لعضويتها عن خمس
وأربعين سنة ،وان يكون قد امضي في وظيفة مستشار أو ما يعادلها
خمس سنوات علي القل أو ثماني سنوات في وظيفة أستاذ للقانون أو
عشر سنوا في العمل بالمحاماة أمام محكمة النقض والمحكمة الدارية
.العليا
ومراعاة للصفة القضائية لهذه المحكمة نصت المادة الخامسة علي – 2
أن يكون ثلثا عدد أعضائها علي القل من بين أعضاء الهيئات القضائية
ليزودوا المحكمة بتجاربهم وخبراتهم علي أن يترك مجال الختيار بالنسبة
.لباقي أعضائها من بين الهيئات القضائية وأساتذة القانون المحامين
ونظرا لهمية هذه الهيئة القضائية التي تشرف علي دستوري – 3
القوانين الصادرة من السلطة التشريعية واللوائح التي تصدرها السلطة
التنفيذية ،علوة علي باقي اختصاصاتها بالتفسير وفي أحوال تنازع
الختصاص ،فقد نص القانون رقم المادة ) (5منه علي اخذ رأي المجلس
.العلى الهيئات القضائية بالنسبة لتعيين أعضائها
أما بالنسبة لرئيس المحكمة فقد نص علي أن يكون تعيينه رأسا بقرار من
رئيس الجمهورية وذلك للمواءمة بين صفته القضائية وما اسنده إليه
.الدستور في المادة ) (84منه
والتزامًا بحكم الدستور وأسوة بسائر أعضاء الهيئات القضائية فق – 4
نص القانون علي عدم قابلية أعضاء المحكمة للعزل وعلي عدم نقلهم إلى
.وظائف أخرى إل بموافقتهم
ومراعاة لمكانة أعضاء هذه المحكمة نظم القانون حقوقهم وواجباتهم – 5
علي نسق ما يجري بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض مع تخويل
الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا بكامل أعضائها الختصاص
بالفصل في طلبا رد أعضائها ودعاوى مخاصمتهم والتحقيق والتصرف
.نهائيًا فيما قد ينسب إليهم
وتأكيدا لهمية الدور الذي اسبغه الدستور علي المحكمة الدستورية – 6
العليا لتحقيق الرقابة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح مع توحيد
مفهوم نصوص الدستور بما يحقق استقرار الحقوق ،حرص القانون علي
أن يكون لهذه المحكمة دون غيرها القول الفصل فيما يثور من منازعات
حول دستورية القوانين واللوائح سواء أكانت قوانين عادية صادرة من
السلطة التشريعية أم تشريعات لئحية فرعية صادرة من السلطة التنفيذية
في حدود اختصاصها الدستوري وسواء أكانت هذه اللوائح عادية أو لوائح
.لها قوة القانون
وتوسعه لنطاق هذه الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح نص 7-
القانون علي ثلثة طرق لتحقيق هذه الغاية أولها التجاء جهة القضاء من
تلقاء نفسها إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في دستورية نص لزم
للفصل في دواعي منظورة أمام هذه الجهة وذلك تثبيتا للتزام الحكام
القضائية بالقواعد الدستورية الصحيحة ،والثاني الدفع الجدي من أحد
الخصوم أمام إحدى جهات القضاء بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة
وعندئذ نؤجل المحكمة نظر الدعوى وتحد من آثار الدفع أجل لرفع
الدعوى بذلك ،والطريق الثالث تخويل المحكمة الدستورية العليا أن
تقضي من تلقاء نفسها بعد دستورية نص في قانون أو لئحة يعرض لها
.بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها
والتزاما بما ورد في الدستور عن اختصاص المحكمة الدستورية – 8
العليا بتفسير النصوص التشريعية ونشر قراراتها بالتفسير في الجريدة
الرسمية تاكيدا لصفتها الملزمة ،فقد نص القانون علي هذا الختصاص
محددا النصوص التشريعية التي تتولى المحكمة تفسيرها بالقوانين
الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس
.الجمهورية طبقا لحكام الدستور
وغني عن الذكر أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير ل يحول
دون مباشرة السلطة التشريعية حقها في إصدار التشريعات التفسيرية
.بداءة أو بالمخالفة لما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا من تفسير
كما أن هذا الختصاص ل يصدر حق جهات القضاء الخرى جميعًا في
تفسير القوانين وإنزال تفسيرها علي الواقعة المعروضة عليها ما دام لم
يصدر بشان النص المطروح أمامها تفسير ملزم سواء من السلطة
.التشريعية أو من المحكمة الدستورية العليا
وتثبيتًا لمكانة المحكمة الدستورية العليا حرص القانون علي النص – 9
أن أحكامها وقراراتها غير قابلة لطعن وملزمة لجميع سلطات الدولة
.وللكافة
وتناول القانون اثر الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لئحة – 10
فنص إلى عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ،وهو نص ورد
في بعض القوانين المقرنة واستقر الفقه والقضاء علي أن مؤداه هو عدم
تطبيق النص ليس في المستقبل فحسب وانما بالنسبة إلى الوقائع
والعلقات السابقة علي صدور الحكم بعدم دستورية النص ،علي أن يتثني
من هذا الثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره
.بحكم حاز قوة المر المقضي أو بانقضاء مدة تقادم
أما إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقا بنص جنائي فان جميع الحكام
التي صدرت الدانة استنادا إلى ذلك النص تعتبر كان لم تكن حتى ولو
.كانت إحكاما باتة
وتأكيدا لستقلل المحكمة الدستورية العليا نص القانون علي أن – 11
تكون لها موازنة سنوية مستقلة واسبغ علي الجمعية العامة بالمحكمة
السلطات المقرر لوزير المالية في القوانين واللوائح ،كما خول لرئيس
المحكمة السلطات المخولة لوزير التنمية الدارية ولرئيس الجهاز
.المركزي للتنظيم والدارة
هوامش
الدكتور احمد كمال أبو المجد :الرقابة علي دستورية القوانين في )(20
الوليات المتحدة المريكية والقاليم المصري ) رسالة دكتوراه ( القاهرة
1960في مواضيع متفرقة ،وانظر بالذات ص 221وما بعدها
بخصوص قيمة الحكم بعدم الدستورية ومن ص 185وما بعدها
بخصوص طريقة المر القضائي وص 273وما بعدها بخصوص الحكام
.التقريرية
من يريد أن يدرس فكر كلسن فعليه أن يرجع إلى كتابه " النظرية )(21
“ " “ theorie generale de letalالعامة للدولة
ل عند دراستنا )(22
سنعود إلي هذا الموضوع علي نحو اكثر تفصي ً
.للقضاء الدستوري المصري
لمزيد من الدراسة . .ارجع إلي الحولية الدولية للقضاء الدستوري )(23
السابق الشارة إليها ص 39وما بعدها وعلي الخص ص 299وما
.بعدها
لحظ أن هذه المحكمة أصبحت محكمة دستورية للمانيا كلها بعد )(24
.انضمام ألمانيا الشرقية إلي ألمانيا آلم في 3أكتوبر 1990
انظر الدكتور مصطفي عفيفي :رقابة الدستورية في مصر والدول )(25
.الجنبية – الطبعة الولى ) بغير تاريخ ( ص 143
.دومينيك ثوريان ،المرجع السابق ص (26) 22
من اجل مزيد من دراسة المحكمة الدستورية الفيدرالية اللمانية )(27
:ارجع إلي
Jean o. clande beguin contiole de la
constitutionalite des lois en republique
federale d allmagna. 1932 .
يقول الدكتور مصطفي عفيفي " :بل إن المحكمة الدستورية يمكنها )(28
مخافة حكم سابق لها في مجال الدستورية سواء إيجابا أو سلبا بموجب
حكم لحق تصدره بشان القانون نفسه ،وقد أشار إلى حكم صادر عن
المحكمة الدستورية اليطالية في 23مارس – 1960المرجع السابق ،
.ص 196
انظر الهوية الدولية للقضاء الدستوري ، 1985ص 219وما )(29
.بعدها
انظر في مجموعة أحكام المحكمة الدستورية خلل الفترة ) (30) 1973
– ( 1995إعداد ذهيبان خالد العجمي – الكويت 1996ص – 217
228 .
انظر في ذلك . .دكتور محمد عبد المحسن المقاطع :دراسة في )(31
.اتجاهات القضاء الدستوري الكويتي – دراسة تحليلية مقارنة – 199م
عبد الكريم غلب :التطور الدستوري والنيابي بالمغرب (32) – 1908
– 1992 .الرباط الطبعة الثالثة 1993م ص 279وما بعدها
مجموعة أحكام مجلس الدولة لحكام القضاء الداري ،السنة )(33
.الثانية ،ص ، 15رقم 55لسنة واحد قضائية
الحكمان منشوران في المجموعة السادسة لحكام محكمة القضاء )(34
.الداري ص 1375 ، 1266
.المجموعة الثانية لحكام القضاء الداري )(35
.المجموعة الحادية عشر لحكام القضاء الداري )(36
.انظر كمال أبو المجد المرجع السابق ص 607وما بعدها )(37
(38) .
القضية رقم 161لسنة 3المجموعة – 2العدد الثالث ص )(39
1335 .
.القضية رقم 929لسنة 3ق )(40
.الحكم الول الصادر في 8يونيو (41) 1957
الحكم الصادر في يونيه ، 1957وقد قررت المحكمة بعد ذلك أن )(42
علقة الموظف بالحكومة هي علقة تنظيميه ،وتقلد الوظيفة العامة ل
يترتب للموظف حقا فيها علي غرار حق الملكية مثل . .ومن ثم فان
بقضاء فيها ليس حقا ينهض إلي مرتبة الحقوق الدستورية تلك لحقوق
.المنصوص عليه في الباب الثالث من الدستور
.الحكم الثاني الصادر في 25يونيه (43) 1957
.الحكم الثالث الصادر في 12يوليو (44) 1957
.وقد رددت المحكمة هذا المعني في أحكامها الثالثة )(45
راجع في قضاء المحكمة الدارية العليا في موضوع رقابة )(46
الدستورية الموسوعة الدارية الحديثة " مبادئ المحكمة الدارية العليا "
الدكتور نعيم أبو طالب وحسن الفكهاني الجزء الثالث عشر الطبعة الولى
187 / 1986 .ص 595وما بعدها حتى ص 608
.هذا هو ما سمي آنذاك بمذبحة القضاء )(47
المحكمة الدستورية العليا الجزء الول الذي يضم وثائق إنشاء )(48
.المحكمة ص 143
انظر رسالة دكتوراه " قضاء الدستورية " – الدكتور عادل محمد )(49
.شريف – ، 1988ص . 395والمراجع المشار إليها فيها
من تقرير هيئة المفوضين أمام المحكمة الدستورية العليا في )(50
القضية الدستورية رقم 29لسنة 2قضائية دستورية أشار إليه عادل
.شريف ،المرجع السابق ،ص 407
راجع الجزء الثاني من أحكام المحكمة الدستورية العليا الحكم )(51
الصادر بتاريخ 16مايو 1982في القضية رقم 10لسنة 1وقائية
.دستورية ص ، 59ص 61
.الجزء الثالث ص (52) 260
.الجزء الثاني ص (53) 112
راجع رسالة الدكتور كمال أبو المجد في الرقابة علي دستورية )(54
.القوانين ص 208
.مجموعة أحكام المحكمة العليا الجزء الول ص (55) 15
" .انظر كتابنا عن " القضاء الداري )(56
(57) .
انظر مع ذلك اجتهادا للدكتور ثروت عبد العال في بحثه عن " حدود )(58
رقابة المشروعية والملءمة في قضاء الدستورية " دار النهضة العربية
1999حيث يذهب إلي أن القضاء الدستوري بدا يتجه لمراقبة الملءمة
.إلي جوار رقابة المشروعية
.المرجع السابق (59) 481 – 480
.الجزء الول من أحكام المحكمة العليا ص (60) 259
.الجزء الول من أحكام المحكمة العليا ص (61) 259
.الجزء الول من أحكام المحكمة العليا ص (62) 415
راجع رسالة عادل عمر شريف سابق الشارة إليه ص (63) – 158
159 .
.مشار إليه في المرجع السابق ص (64) 164
يراجع في ذلك الحكام العديدة التي أشار إليها عادل عمر شريف في )(65
.رسالته السابقة المشار إليها ص 250وما بعدها
حكم المحكمة الدستورية العليا في 2فبراير 1985منشور في )(66
الجزء الثالث من مجموعة الحكام ص . 122وحكمها بجلسة 21يونيه
1986 .نفس المجموعة ص 353
انظر رسالة عادل عمر شريف ص 346وما بعدها حيث يري أن )(67
.سلطة المشرع تعتبر معدومة في مثل هذه الحالت
.مجلة مجلس الدولة – السنة الثالثة يناير (68) 1952
د .عبد ال ناصف :حجية وأثار أحكام المحكمة الدستورية العليا )(69
.قبل التعديل وبعد التعديل – دار النهضة العربية 1998 /م
مجموعة أحكام المحكمة العليا – الجزء الول ص 215في الدعوى )(70
رقم 2لسنة 2ق عليا دستورية – جلسة 1/3/1975مجموعة أحكام
المحكمة الدستورية العليا – الجزء الثاني ص 18وما بعدها بتاريخ 6
.فبراير 198
ترددت هذه العبارات في اكثر من حكم من أحكام المحكمة الدستورية )(71
العليا وعلي سبيل المثال ل الحصر حكمها الصادر بتاريخ 5نوفمبر
1983المنشور بمجموعة أحكام المحكمة الجزء الثاني ص 172وحكمها
الصار بتاريخ 17مارس 84والمنشور بالجزء الثالث ص 49وما بعدها
.
نص المحاضرة التي ألقيتها في جمعية القتصاد والتشريع بتاريخ )(72
.أول مارس 1992
.مبدأ تكافؤ الفرص لمن تتماثل مراكزهم القانونية )(73
نشر القانون بالعدد 36من الجريدة الرسمية الصادر في 6سبتمبر )(74
.سنة 1979
.بعد تعديل الفقرة التالية بالقانون رقم 168لسنة (75) 1998