You are on page 1of 37

‫صفحة ‪ 1‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....

‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬


‫السراء‬
‫والمعراج‬
‫مقدمات ‪ ..‬أحداث ‪ ..‬نتائج‬

‫الدكتور صلح سلطان‬


‫المستشار الشرعي للمجلس العلى للشئون السلمية‬
‫‪www.salahsoltan.com‬‬

‫صفحة ‪ 2‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫إهداء‬

‫إلى والششد زوجششتى و شششيخى وأسششتاذي شششكرى النجششار ‪ ،‬وولششده الكششبر شششبل‬
‫اللذين لقيا ال ربهما فى الجمعة الولى والثانية من شهر السراء والمعراج ‪،‬‬
‫فنتوسل إلى ال أن يجمعنا بهما في ظله يوم لظششل إل ظلششه ‪ ،‬وفششى الفششردوس‬
‫العلششى مششن الجنششة‪ .‬ونسششأل القششراء الكششرام أن يجششأروا إلششى الش لهمششا بصششالح‬
‫الدعاء‪.‬‬

‫صفحة ‪ 3‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫مقدمة‬

‫الحمد لله أرسل الرسل وأيدهم بالمعجزات‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الللله ‪ ‬رفعلله الللله فللي السللراء‬
‫والمعراج إلى أرفع الللدرجات‪ ،‬وعلللى آللله وصللحبه ومللن تبعهللم بإحسللان إلللى يللوم تبللدل الرض غيللر الرض‬
‫والسموات‪.‬‬
‫وبعد‬
‫فهذا هو العدد الثاني من سلسلة قضايا اجتماعية وإسلمية التي يصدرها المجلس العلى للشئون السلمية ل‬
‫مملكة البحرين ‪ ،‬وهو يتوافق مع ذكرى السراء والمعراج مما يحتاج إلى وقفللة إيمانيللة تربويللة نسللتلهم فيهللا‬
‫الدروس والعبر‪ ،‬من هذه الذكرى العزيزة في تاريخ أمتنا السلمية‪ ،‬فمثلت وحدة الديان في أصللول العقيللدة‬
‫والخلق والتشريعات والمقدسات ‪ ،‬ومن هنا نجد في هذه الدراسة التي يقدمها الباحث الدكتور صلح الللدين‬
‫سلطان ما يروى الغليل أو يشفي العليل حول هذا الحدث الجليل‪ ،‬آملين أن تنال هذه الدراسللة اهتمللام أهللل‬
‫البحرين وأمتنا العربية والسلمية‪ ،‬لتكون خطللوة علللى الطريللق نحللو رضللا الللله‪ ،‬والجنللة ‪ ،‬وتحريللر المسللجد‬
‫القصى وإرادة هذه المة ‪.‬‬

‫الشيخ عبدال بن خالد آل خليفة‬


‫رئيس المجلس العلى للشئون السلمية‬

‫صفحة ‪ 4‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫غرة رجب ‪1428‬هش‬

‫تمهيد‬
‫ن آَيات ِن َللا" ]السراء ‪ ،[1 :‬والصلة‬ ‫َ‬ ‫"سبحان ال ّ ِ َ‬
‫مل ْ‬
‫ه ِ‬ ‫ح لوْل َ ُ‬
‫ه ل ِن ُرِي َل ُ‬ ‫صللى ال ّل ِ‬
‫ذي َباَرك ْن َللا َ‬ ‫جدِ القْ َ‬
‫سل ِ‬ ‫ح لَرام ِ إ ِل َللى ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫جد ِ ا ل ْ َ‬
‫سل ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫سَرى ب ِعَب ْدِهِ ل َي ْل ً ّ‬
‫مل َ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫ُ ْ َ َ‬
‫والسلم على من رفعه الله تعالى حتى كان قاب قوسين أو أدنى ‪ ،‬فأوحى إلللى عبللده مللا أوحللى وعلللى آللله البللرار‬
‫الطهار وصحبه المهاجرين والنصار ‪ ،‬ومن تبعهم بإحسللان مللن الخيللار حللتى نلقللى الللله يللوم العللرض علللى العزيللز‬
‫الغفار ‪.‬‬
‫وبعد‬
‫فإنني أحب في هذه الوجبة اليمانية التربوية السريعة أن أقللدم لخللواني وأخللواتي مللن مملكللة البحريللن وإلللى كللل‬
‫مسلم ومسلمة على وجه الرض‪ ،‬ما يلفت النظار إلى ربط السراء والمعراج بأحداث اليوم‪ ،‬لنزرع معا بذرة المللل‪،‬‬
‫ونرويها بالعمل ونغذيها بالصبر الجميل‪ ،‬والدعاء الذليل‪ ،‬لتثمر إن شاء الله صفاء ونقاء ‪ ،‬وثباتا وارتقللاء‪ ،‬وعللزا ً وإبللاء ‪،‬‬
‫وما ذلك على الله بعزيز ‪.‬‬

‫ت بمقدمات السراء والمعراج وركزت على الفتن القديمة الجديدة ‪ ،‬فتن الغللواء واليللذاء ‪ ،‬إغللواء بالتنللازلت‬ ‫لذا بدأ ُ‬
‫علن الثللوابت العقائديللة والخلقيلة والتشللريعية ‪ ،‬أو المواجهللة والحللرب والتضللييق والمطلاردة والحصلار القتصلادي‬
‫والجتماعي‪ ،‬ولكن الصبر الجميل ‪ ،‬والثبات على الحق ‪ ،‬يصللل بالنسللان إلللى فللوق مللا يتمنللى ‪ ،‬ولللذا كللانت أحللداث‬
‫السراء والمعراج مكافأة على هذا الصبر والثبات ‪ ،‬وقد حرصت على عرضها من جانبين‪ :‬النصللوص الصللحيحة حللول‬
‫أحداث السراء ‪ ،‬ثم نقد النصوص الموضوعة التي تتردد لدى خطباء الفتنة ل ودغدغة المشاعر دون عقل أو برهللان ‪،‬‬
‫وانتهت الدراسة بنتائج ضرورية لتكون لنا محطات نتزود منها عمليا في حياتنا مثل المل أن الفرج يأتي مللن الصللبر‬
‫والثبات‪ ،‬وأن الرفق بالملدعوين نهلج المرسللين واللدعاة الربلانيين‪ ،‬وأننلا يجلب أن نتحملل مسلؤليتنا نحلو المسلجد‬
‫القصى وأهل فلسطين ‪،‬وأننا نجعل الصلة فعل منهاجا للزلفى إلى الله وإصلح كل جوانب الحياة ‪.‬‬
‫هذه قطرة في بحر الدروس والعبر‪ ،‬ويبقى أن نحول القللول إلللى عمللل ‪ ،‬والفكللر إلللى واقللع حللتى يصلللح الللله ديننللا‬
‫ودنيانا ‪ ،‬والله أسأل أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى ‪.‬‬

‫د‪.‬صلح الدين سلطان‬


‫المستشار الشرعي‬
‫للمجلس العلى للشئون السلمية‬
‫غرة رجب ‪1428‬هـ‬

‫صفحة ‪ 5‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫الفصل الول ‪:‬مقدمات السراء والمعراج‬

‫ضى" ]الضحى ‪ ، [5 :‬وقد أعطاه فأرضللاه‬ ‫ك َرب ّ َ‬


‫ك فَت َْر َ‬ ‫طي َ‬
‫ف ي ُعْ ِ‬ ‫لقد وعد الله تعالى نبيه محمدا ً ‪ ‬بقوله تعالى‪":‬وَل َ َ‬
‫سو ْ َ‬
‫في الدنيا‪ ،‬وسيعطيه الشفاعة في الخرة حتى يرضيه في أمته‪ ،‬وإذا كان هناك تكريم ورفعللة خاصللة لرسللول‬
‫الله ‪ ‬من ربه تعالى حتى يثبت قلبه‪ ،‬ويكافئ جهده ‪ ،‬ويعده للقيادة في المدينة‪ ،‬وينقله من علم اليقين إلللى‬
‫عين اليقين‪ ،‬وهذا كان بعد مقدمات كثيرة لكني سوف أركز على نقاط جوهرية في الثبات والصبر على حمل‬
‫المانة وتبليغ الرسالة دون تنازلت أو تحريفات مهما اشتدت الضغوط والمحللاولت سللواء كللانت فللي فتنللتي‬
‫الغواء أو اليذاء‪ ،‬وهما المران القديمان الجديدان اللذان يحدثان لكل من صدق الللله تعللالى وحملل المانللة‪،‬‬
‫ي الغواء أو اليذاء فإن صبر صبرا جميل تكون الرفعة والتمكيللن فللي الللدنيا‪،‬‬ ‫فلبد أن يكون له نصيب من فتن ّ‬
‫والرضا والجنة والنعيم في الخرة ‪.‬‬
‫وفيما يلي نستعرض ما تعرض له الرسول ‪ ‬من فتنتي الغواء واليذاء حتى يّبدل أو يغّير في منهللج دعللوته‪،‬‬
‫لكنه صبر وأصحابه صبرا جميل‪ ،‬فكان السراء والمعراج مكافأة له ولمته ‪.‬‬

‫أول ‪ :‬الصبر الجميل في مواجهة فتنة الغواء‬

‫يذكر ابن القيم في زاد المعاد‪ ،‬وابن هشام في سيرته‪ ،‬والطبري في تللاريخه أن النبي ‪ ‬بللدأ الللدعوة إلللى‬
‫الله سرا ثلث سنوات وكان من أول من أسلموا السلليدة خديجللة وسلليدنا علللي وبنللات النللبي ‪ ، ‬وزيللد بلن‬
‫حارثة ‪ ،‬وأبوبكر وبلل بن رباح ‪ ،‬وأبو عبيدة بن الجراح ‪ ،‬وأبو سلمة ‪ ،‬والرقم بللن أبللي الرقللم ‪ ،‬وعثمللان بللن‬
‫مظعون‪ ،‬وعبدالرحمن بن عوف ‪ ،‬والزبير بن العوام ‪ ،‬وطلحة بن عبيد الله ‪ ،‬ونللزل المللر فللي قللوله تعللالى ‪:‬‬
‫ن" ]الشللعراء ‪ [214 :‬فصعد النبي ‪ ‬جبل الصللفا ونللادى أهللله وعشلليرته وأخللبرهم بللالنبوة‬ ‫شلليرت َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ك اْلقَْرِبي ل َ‬ ‫"وَأنذ ِْر ع َ ِ َ‬
‫والرسالة‪ ،‬ودعاهم إلى السلم كما روى مسلم بسنده عن ابن عباس فعارضه عمه أبو لهب مع قومه بشدة‪،‬‬

‫صفحة ‪ 6‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫وكانت هناك مساندة نبيلة‪ ،‬ومروءة نادرة من عمه أبي طالب‪،‬حيث طمأنه أنلله ل يللزال يحللوطه ويمنعلله مللن‬
‫أذى قومه كما ذكر ابن الثير في الكامل )‪. (1/584‬‬
‫بعدها بدأت المواجهة خاصة بعد إسلم عمه حمزة وعمر بللن الخطللاب‪ ،‬وصللارت هنللاك اجتماعللات لمجللالس‬
‫شورى قريش وعشائرها وقبائلها‪ ،‬وكانت هناك ألوان من الغراء أهمها ما يلي ‪-:‬‬
‫الغواء بالدخول إلى السلم بشرط تغيير بعض الحكام‬ ‫‪.1‬‬
‫ن َرب ُّهم ِبال َْغلل َ‬
‫داةِ‬ ‫عو َ‬‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫مع َ ا ل ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ك َ‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬ ‫أورد المام الطبري‪ ،‬وابن كثير والقرطبي وغيرهم أن سبب نزول الية ‪َ":‬وا ْ‬
‫صب ِْر ن َ ْ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ن أ َغ ْ َ‬
‫م لُره ُ فُُرط لا )‪(28‬‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ‬
‫واه ُ وَكللا َ‬ ‫ْ‬
‫عن ذ ِكرَِنا َوات ّب َعَ هَ َ‬ ‫فل َْنا قَل ْب َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وََل ت ُط ِعْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫ريد ُ ِزين َ َ‬
‫م تُ ِ‬
‫ك ع َن ْهُ ْ‬‫ه وََل ت َعْد ُ ع َي َْنا َ‬‫جهَ ُ‬‫ن وَ ْ‬ ‫دو َ‬
‫ري ُ‬‫ي يُ ِ‬
‫ش ّ‬ ‫َوال ْعَ ِ‬
‫شاء فَل ْي َك ُْفْر " ]الكهف ‪ ، [29- 28 :‬أن قوما من كفار قريش عرضوا على النبي‬ ‫من َ‬ ‫من وَ َ‬ ‫شاء فَل ْي ُؤ ْ ِ‬‫من َ‬ ‫م فَ َ‬‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫حقّ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫وَقُ ِ‬
‫‪ ‬أن ُيسلموا بشرط أن يجلس معهم وحده ول يجالسهم بالفقراء والضللعفاء والعبيللد كبلل وعمللار وصللهيب‬
‫ل مجلسا‪ ،‬واحدا ً للشللراف والغنيللاء والسللادة وآخللر للضللعاف والفقللراء‬ ‫وخباب وابن مسعود ‪ ،‬وأن يجعل لك ٍ‬
‫والعبيد؛ فأنزل الله هذه اليات الداعية إلى أن يصبر النبي ‪ ‬مع أي أحد فيلله هللذه الصللفات‪ ،‬بللل أمللره الللله‬
‫صلل عللى‬ ‫بملزمتهم دائما في قوله تعالى ‪":‬ولتعدعيناك عنهم" ونهاه أن يطيع أهل الهواء الذين يريدون دينللا مف ّ‬
‫أهوائهم ورغباتهم ومطامعهم حيث قال سبحانه ‪":‬ول تطع من أغفلنا قلبه عن كرنا " وأمره بيان الحق ‪":‬وقل الحق من‬
‫ربكم" ول يلوي على أحد أعرض عنه ‪":‬فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " ‪.‬‬
‫هذا الغراء قد يبدو في أول المر قابل للنظر أن يكون هناك استقطاب لهؤلء الشرفاء والغنياء في مجلللس‬
‫خاص‪ ،‬بعيدا عن الضعفاء والفقراء ثم نعّلم هؤلء السلم الصحيح ثم نجمعهم جميعللا فللي مجلللس أو مصلللى‬
‫دمون تنازلت عن أحكام ثابتة في دينهم فيتساهلون في‬ ‫واحد‪ ،‬هذا الغراء قد ينخدع به بعض الدعاة عندما يق ّ‬
‫در النللاس إل‬ ‫الحكام لقوم لعلو منزلتهم الجتماعية‪ ،‬وهذا المر يحتاج إلى صللبر الداعيللة الربللاني الللذي ل يقل ّ‬
‫ن الّلللَه عَِليللٌم َخِبيللٌر" ]الحجللرات ‪ ، [13 :‬ومعيار السنة‬ ‫م إِ ّ‬ ‫عنللد َ الّلللهِ أ َت ْ َ‬
‫قللاك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫م ُ‬
‫كلل ْ‬
‫بمعيار القرآن الكريم قال تعالى ‪" :‬إ َ‬
‫ن أك َْر َ‬ ‫ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل الل ّهِ َقا َ‬‫سو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ع َل َ ٰى‬‫س َ‬‫ب‪ ،‬ل َوْ أقْ َ‬ ‫مد ُْفوٍع ِبالب ْ َ‬
‫وا ِ‬ ‫ث َ‬ ‫بأ ْ‬
‫شع َ َ‬ ‫ل‪ُ :‬ر» ّ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرة َ ‪ ،‬أ ّ‬ ‫النبوية كما ذكر مسلم في صحيحه ع َ ْ‬
‫الل ّهِ ل َب َّرهُ«‪}.‬صحيح مسلم ‪ ،‬باب فضل الضعفاء والخاملين‪،( 149/ 16) ،‬الحديث رقم ‪{6634‬‬
‫إذن ل بد للدعاة أل يصغوا إلى صوت الهوى ل وإن بدا أنه هوى دعوي ل أن نستميل علية القوم بالتنازلت‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫في أول المر حتى نجذبهم إلى السلم ‪ ،‬حيث حسم الله الغراء المبني على الهوى بقوله تعالى‪" :‬وَقُ ِ‬
‫ل ال ْ َ‬
‫شاء فَل ْي َك ْفُْر " ]الكهف ‪ . [29 :‬بعد أن حدث نفسه أن يفعل لكن الله تعالى أدركه‬ ‫من َ‬ ‫شاء فَل ْي ُؤ ْ ِ‬
‫من وَ َ‬ ‫من َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬
‫م فَ َ‬ ‫ِ‬
‫ي سّتة‬ ‫فامتثل لمره سبحانه كما يروي المام مسلم بسنده عن سعد بن أبي وقاص ‪ ‬قال‪ :‬كّنا معَ النب ّ‬
‫ل من هُذ َْيل‪،‬‬ ‫ن مسعود ورج ٌ‬ ‫نفرٍ ‪ ،‬فقال المشركون للنبي‪ :‬اطرد هؤلِء ل يجترئون علينا‪ .‬قال‪ :‬وكنت أنا واب ُ‬
‫ل الله‬ ‫ث نفسه‪ ،‬فأنز َ‬ ‫ل الل ّهِ ما شاء الله أن يقع‪ ،‬فحد ّ َ‬ ‫س رسو ِ‬ ‫ن لست أسميهما‪ ،‬فوقعَ في نف ِ‬ ‫ل ورجل ِ‬ ‫وبل ٌ‬

‫صفحة ‪ 7‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫يٍء‬
‫ش ْ‬ ‫ك ع َل َي ِْهم ّ‬
‫من َ‬ ‫ساب ِ َ‬
‫ح َ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ما ِ‬
‫يٍء وَ َ‬ ‫من َ‬
‫ش ْ‬ ‫ساب ِِهم ّ‬
‫ح َ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما ع َل َي ْ َ‬
‫ك ِ‬ ‫ه َ‬
‫جهَ ُ‬
‫ن وَ ْ‬
‫دو َ‬
‫ري ُ‬
‫ي يُ ِ‬ ‫داةِ َوال ْعَ ِ‬
‫ش ّ‬ ‫ن َرب ُّهم ِبال ْغَ َ‬
‫عو َ‬‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫تعالى "وَل َ ت َط ُْرد ِ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن" ]النعام ‪}" [52 :‬مشكاة المصابيح ‪ ،‬للتبريزي‪ ،( 572/ 10) ،‬برقم ‪ ، {6202‬وصار صبر النبي‬ ‫مي َ‬
‫ظال ِ ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬‫م فَت َ ُ‬‫فَت َط ُْرد َهُ ْ‬
‫‪ ‬مع هؤلء المؤمنين الضعفاء مثال يحتذي ‪ ،‬فيروي المام جلل الدين السيوطي في جامع المسانيد‬
‫ت ع َل َي ْهِ ال ّ‬ ‫َ‬ ‫والمراسيل عن النبي ‪» ‬ل َ ُ‬
‫س‬
‫م ُ‬‫ش ْ‬ ‫ما ط َل َعَ ْ‬
‫م ّ‬ ‫ب إ ِل َ ّ‬
‫ي ِ‬ ‫ح ّ‬
‫سأ َ‬‫م ِ‬ ‫داةِ إ َِلى ط ُُلوِع ال ّ‬
‫ش ْ‬ ‫صل َةِ ال ْغَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫وما ً ي َذ ْك ُُرو َ‬ ‫س قَ ْ‬‫جال ِ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫ْ‬
‫« }جامع المسانيد والمراسيل ‪ ،‬الجلل السيوطي ‪ ( 14 /6) ،‬برقم ‪{16898‬‬
‫والحق أننا بحاجة إلى هذا الصبر أمام فتن الغواء أن نتنازل عن بعض أحكام السلم لجذب قوم ممن‬
‫يترفعون عن اللين والتواضع مع البسطاء‪ ،‬لكن هذا ل يعني أن يخص الداعية جهده للبسطاء الفقراء ‪ ،‬بل‬
‫يجب أن يبسط دعوته لكل من حوله غنيا أو فقيرا‪ ،‬شريفا أو وضيعا ً ‪ ،‬صغيرا أو كبيرا ‪ ،‬متعلما أو جاهل ‪ ،‬رجل‬
‫أو امرأة‪ ،‬فمن استجاب منهم إلى داعي الله صبر معهم حتى يلقي الله بهذا الرباط اليماني القوي ‪ ،‬قال‬
‫َ‬
‫ن" ]الحجرات ‪[10 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت ُْر َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫خوَي ْك ُ ْ‬
‫م َوات ّ ُ‬ ‫ن أَ َ‬‫حوا ب َي ْ َ‬ ‫صل ِ ُ‬‫خوَة ٌ فَأ ْ‬
‫ن إِ ْ‬
‫مُنو َ‬ ‫تعالى ‪ ":‬إن ّ َ‬
‫ما ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬

‫الغواء بالعيش في سلم مع التنازل عن بعض الركان ‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫روى ابن كثير في تفسيره ‪ ،‬وابن هشام في سليرته أن مشلركي قريللش أرسلللوا السللود بللن عبللدالمطلب ‪،‬‬
‫والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف ‪ ،‬والعاص بن وائل ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا محمد ‪ ،‬هلم فلنعبد ما تعبد ‪ ،‬وتعبد ما نعبللد‬
‫‪ ،‬فنشترك نحن وأنت في المر ‪ ،‬فإن كان الذي تعبد خيرا ً مما نعبد ‪ ،‬كنا قد أخذنا منلله بحظنللا ‪ ،‬وإن كللان مللا‬
‫َ‬ ‫نعبد خيرا مما تعبد ‪ ،‬كنت قد أخذت بحظك منه ‪ ،‬فأنزل الله فيهم "قل َيا أ َي َّها ال ْ َ‬
‫ن )‪... (2‬‬ ‫دو َ‬ ‫ن )‪َ (1‬ل أع ْب ُد ُ َ‬
‫مللا ت َعْب ُل ُ‬ ‫كافُِرو َ‬
‫ن )‪] "(6‬الكافرون ‪" [6 -1 :‬‬ ‫ي ِدي ِ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫م ِدين ُك ُ ْ‬
‫م وَل ِ َ‬
‫هذه الدعوة إلى خلط الديان ‪ ،‬وتذويب الفوارق وتضييع الركللان ‪ ،‬واجهللت النللبي ‪ ‬فللي وقللت اشللتد إيللذاء‬
‫قريش له وأصحابه‪ ،‬وكان يمكن أن تكون مخرجا لتوقي غضبة قريش بالتنازل عن ركن أساسي وهو التوحيد‬
‫الصافي‪ ،‬والتجرد الكافي‪ ،‬والخلص الشافي في عبادة الله وحده ل شريك له في الخلق أو المر لكن النللبي‬
‫‪ ‬امتثل أمر ربه‪ ،‬وأعلن قومه بهذا الوضوح ‪ ،‬ومن تكرار آيات القللرآن يبللدو أن هللذا العللرض تكللرر بأشللكال‬
‫أخري ‪ ،‬وتم اللحاح عليه مرات حتى ينعم بالسلم القائم على التنازل عن الثللوابت ‪ ،‬ولكللن الللله تعللالى كللان‬
‫َ‬ ‫ن الّللهِ ُقلل ل ّ أ َت ِّبلعُ أ َ ْ‬ ‫ل إني نهيت أ َ َ‬
‫ن‬ ‫ملا أَنلا ْ ِ‬
‫مل َ‬ ‫ت ِإذا ً وَ َ‬ ‫ضلل َل ْ ُ‬
‫م َقلد ْ َ‬‫واءك ُ ْ‬
‫هل َ‬ ‫دو ِ‬
‫من ُ‬
‫ن ِ‬
‫عو َ‬
‫ن ت َد ْ ُ‬
‫ذي َ‬ ‫دائما يثبته في قوله تعالى ‪ ":‬قُ ْ ِ ّ ُ ِ ُ ْ‬
‫ن أع ْب ُد َ ال ّ ِ‬
‫ن‬
‫صلِلي َ‬ ‫خْيلُر ال ْ َ‬
‫فا ِ‬ ‫هلوَ َ‬ ‫ص ال ْ َ‬
‫حلقّ وَ ُ‬ ‫م إ ِل ّ ل ِّللهِ ي َ ُ‬
‫قل ّ‬ ‫كل ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫جُلو َ‬
‫ن ِبلهِ إ ِ ِ‬ ‫سلت َعْ ِ‬
‫ملا ت َ ْ‬
‫دي َ‬
‫عنل ِ‬
‫ملا ِ‬ ‫ل إ ِّني ع ََلى ب َي ّن َةٍ ّ‬
‫من ّرّبي وَك َذ ّب ُْتم ِبلهِ َ‬ ‫ن )‪ (56‬قُ ْ‬
‫دي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مهْت َ ِ‬
‫"]النعام ‪. [57- 56 :‬‬
‫بهذا المنطق يجب أن نواجه كل الدعاة إلى التنازلت عللن ثوابتنللا العقديللة أو الخلقيللة أو التشلريعية ‪ ،‬وهللي‬
‫دعوات تقدم بين يديها إغراءات شتى من الموال‪ ،‬والمراكز المرموقة ‪ ،‬والسفريات العديدة ‪ ،‬ويستجيب لهللا‬

‫صفحة ‪ 8‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫ضعاف القوم وهناك أمثلة عايشتها بعد أحداث سبتمبر حيث كنت في الوليات المتحدة المريكية ‪ ،‬ومن هذه‬
‫المثلة ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬في مدينة سكرمنتو ل ولية كاليفورنيا قام أحد المسلمين بالدعوة إلى بناء مجمع للديان )مسجد وكنيسة‬
‫ل من مصله إلى صالت اجتماعيلة ورياضلية وفنيلة ليتعاملل ملع‬ ‫ومعبد يهودي( في حزام واحد ‪ ،‬ويخرج ك ٍ‬
‫الخر تعامل مفتوحا ل تراعي فيه غير ضابط واحد أننا جميعا أمريكان ‪ ،‬ونعيش على أرض واحدة ‪.‬‬
‫‪ -2‬في مدينة هيوستن ل ولية تكساس ل بني مسجد كان في مدخله إعلن نحن نفهم القرآن بالطريقة‬
‫المريكية ‪ ،‬وأول صلة جمعة خطب حاخام يهودي الخطبة الولى ‪ ،‬وقام قسيس بالخطبة الثانية ‪ ،‬وصلى‬
‫إمام مسلم بالمصلين ‪.‬‬
‫‪ -3‬أول خطبة جمعة ل بعد أحداث سبتمبرل في أكبر مسجد في مدينة كليفلند ل ولية أوهايو قام الخطيب‬
‫بإعلن أن جميع الديان صحيحة ‪ ،‬وأن أي إنسان يتبع تعاليم دينه سواء كان يهوديا أو نصرانيا ‪ ،‬أو‬
‫مجوسيا أو ‪ ....‬فهو من أهل الجنة ‪ ،‬ونحن نتعامل هنا فقط كأمريكان ‪.‬‬
‫‪ -4‬أول عدد صدر من مجلة )‪ (Horizon‬هورايزون الصادرة عن الل )‪ (ISNA‬أحد أكبر المؤسسات السلمية‬
‫في أمريكا بعد أحداث سبتمبر كتب أحد الباحثين أن اليات ]البقرة ‪ [62‬و ]المائدة‪ [69:‬و ]الحج ‪[17:‬‬
‫تصحح أديان اليهود والنصارى والمجوس والصابئين و‪ ، ..‬وعليه يجب أن تفتح العلقات معهم كأخوة في‬
‫النسانية فقط‪.‬‬
‫هذه التنازلت تجري على أرضنا السلمية عندما نتنازل عللن بعللض ثوابتنللا وأركاننللا وأخلقنللا ‪ ،‬ركضللا وراء‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫أعداء الله وأعدائنا ‪ ،‬آملين رغدا من العيش وإنعاش التجارة ‪،‬والصناعة و ‪ ،...‬والله تعالى يقول ‪ ":‬إ ِ ّ‬
‫ن اّللل ِ‬
‫ن" ]العنكبوت ‪. [17 :‬‬ ‫ه إ ِل َي ْهِ ت ُْر َ‬
‫جُعو َ‬ ‫شك ُُروا ل َ ُ‬ ‫عند َ الل ّهِ الّرْزقَ َواع ْب ُ ُ‬
‫دوه ُ َوا ْ‬ ‫م رِْزقا ً َفاب ْت َُغوا ِ‬
‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كو َ‬ ‫ن الل ّهِ َل ي َ ْ‬
‫مل ِ ُ‬ ‫دو ِ‬
‫من ُ‬
‫ن ِ‬
‫دو َ‬
‫ت َعْب ُ ُ‬

‫ولذلك أحب أن أنبه في هذه القضية العقدية المحورية أن هناك الن في العالم ثلث فلسفات كبرى ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬الشيوعية وهم ينفون وجود الله خالقا أو آمرا ‪ ،‬وأول مادة من دستور التحللاد السللوفيتي فللي‬
‫الفترة مللن ‪23/10/1917‬م حللتى ‪26/12/1992‬م ‪ ،‬هللي "ل إله والحيمماة مممادة" ‪ ،‬ولقللد وجللد لهللذه‬
‫الدعوة أنصار وحواريون‪ ،‬ول يزالون يحملون اسم السلم شكل بل مضمون ‪ ،‬ومبنى بل معنى ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬هي العلمانية ‪ ،‬وفي جوهرها ل تمانع أن تؤمن بأن الللله خللالق الكللون لكللن المللر للنللاس فللي‬
‫الحكام والتشريعات والقوانين‪ ،‬واللوائح في كل أمور الحياة ‪ ،‬فإذا أحّلوا الزنللا والربللا والخمللور والسللفور‬
‫و ‪ ..‬فهللذا مللن حكللم الشللعب للشللعب لن المنطللق يقللوم علللى ‪":‬دع ممما للممه للممه ‪ ،‬وممما لقيصممر‬
‫لقيصر"فالعلقة مع الله أنه الخالق علقة فردية ونحن نأمر ونصرف حياتنا كمللا نريللد ‪ .‬وهللذه لهللا أنصللار‬

‫صفحة ‪ 9‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫أكثر الن في ديار السلم‪ ،‬وكثير منهم ل يدري أن هذا ربما يخرجه من الملة أن يعتقد أن الللله للله الخلللق‬
‫دون المر وأن الدين يحتاج إلى تحديث وتطوير وفقا للمفاهيم الغربية الوافدة ‪.‬‬
‫َ‬
‫الثالثة ‪ :‬العقيدة السلمية التي توجب الجمع بين المرين "الخلق والمر" كما قللال تعللالى ‪ ":‬أل َ للل ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ن" ]العراف ‪ ، [54 :‬وهي تتوافق مع الفطرة السللليمة والعقللول الصللحيحة ‪،‬‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬
‫ه َر ّ‬ ‫خل ْقُ َوال ْ‬
‫مُر ت ََباَر َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫أن من ابتكر أو اخترع شيئا يكون له حق وضع النظام الذي نتعامللل بلله مللع هللذا الخللتراع ‪ ،‬كللذلك الكللون‬
‫والنسان له خالق واحد‪ ،‬وهو صاحب الحق في المر والنهي ‪ ،‬وهذا وحده الحق الذي غيره الباطل ‪.‬‬
‫ل بد لنا إذن أن نتأسى بالنبي ‪ ‬في الوقوف بحزم أمام الغواء بالتعايش في وئام وسلم ‪ ،‬إذا تنازل كل‬
‫َ‬ ‫منا عن جزء من دينه ‪ ،‬ول مانع أن يجرب ك ُ‬
‫ن‬‫ل ما عند الخر في الوقت الذي ينادي فيه القللرآن علينللا " وَأ ِ‬
‫ه َأن‬
‫ريلد ُ الل ّل ُ‬
‫مللا ي ُ ِ‬
‫ك فَلإن تول ّلوا ْ فَللاع ْل َ َ‬
‫م أن ّ َ‬
‫ْ‬ ‫ِ َ َ ْ‬ ‫ه إ ِل َي ْل َ‬ ‫مللا َأنلَز َ‬
‫ل الل ّل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫عن ب َعْ‬ ‫ك َ‬ ‫م َأن ي َ ْ‬
‫فت ُِنو َ‬ ‫حذ َْرهُ ْ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫واءهُ ْ‬
‫َ‬
‫ه وَل َ ت َت ّب ِعْ أهْ َ‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫كم ب َي ْن َُهم ب ِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ا ْ‬
‫ن"‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ح ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قلوْم ٍ ُيوقُِنلو َ‬ ‫كملا ل َ‬ ‫ن الللهِ ُ‬ ‫َ‬ ‫مل‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫َ َ ْ‬‫مل‬ ‫و‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫لو‬‫ل‬‫ُ‬ ‫غ‬‫ْ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ة‬‫ل‬‫ّ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ه‬‫جا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ح‬
‫ُ‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫(‬‫‪49‬‬ ‫)‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫قو‬‫ُ‬ ‫سل‬
‫ِ‬ ‫فا‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫نلا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫ّ َ‬ ‫م‬ ‫ا‬‫ثير‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫م‬
‫ِِ ْ َِ‬ ‫ه‬‫ب‬‫نو‬‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ب‬
‫ُ ِ‬‫هم‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫صي‬
‫ِ‬ ‫يُ‬
‫]المائدة‪[50 -49 :‬‬

‫الغواء بالمال والنساء والجاه‬ ‫‪.3‬‬


‫أورد ابن هشام في السيرة النبوية }‪ {1/294‬أن عتبة بن ربيعة كان سيدا ً حليما ً قال ذات يوم وهللو جللالس فللي‬
‫نادي قريش ورسول الله ‪ ‬جالس وحده في المسجد‪ :‬يا معشر قريش أل أقوم إلى هذا فأكلمه أمورا ً لعله أن يقبل‬
‫ف عنا‪ ،‬وذلللك حيللن أسلللم حمللزة بللن عبللد المطلللب ‪ ،‬ورأوا أصللحاب رسللول الللله ‪‬‬ ‫بعضها فنعطه أيها شاء ويك ُ ّ‬
‫يزيدون ويكثرون؟ فقالوا‪ :‬بلى يا أبا الوليد فقم فكلمه‪ ،‬فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله ‪ ‬فقال‪ :‬يا ابن أخي‬
‫إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب‪ ،‬وإنك قد أتيت قومك بللأمر عظيللم فرقللت بلله‬
‫جماعتهم‪ ،‬وسفهت به أحلمهم‪ ،‬وعبت به آلهتهم ودينهم‪ ،‬وكفرت من مضى من آبائهم ‪ ،‬فاسللمع منللي أعللرض عليللك‬
‫أمورا ً تنظر فيها لعلك أن تقبل منها بعضها‪ ،‬فقال رسول الله ‪" : ‬قل يا أبا الوليللد أسللمع"‪ ،‬فقللال يللا ابللن أخللي‪ :‬إن‬
‫ل‪ ،‬وإن كنللت إنمللا تريللد شللرفا ً‬ ‫كنت إنما تريد بما جئت من هذا القول مال ً جمعنا مللن أموالنللا حللتى تكللون أكثرنللا مللا ً‬
‫شرفناك علينا حتى ل نقطع أمرا ً دونك‪ ،‬وإن كنت تريد ملكا ً ملكناك‪ ،‬وإن كان هذا الذي يأتيك رئي لا ً تللراه ول تسللتطيع‬
‫ده عن نفسك طلبنا لك الطب‪ ،‬وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه‪ ،‬فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى‬ ‫أن تر ّ‬
‫منه‪ ،‬ولعل هذا الذي تأتي به شعر جاش به صدرك‪ ،‬فإنكم لعمري يا بني عبد المطلب تقدرون منلله علللى مللا ل يقللدر‬
‫عليه أحد‪ ،‬حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله ‪ ‬يستمع منه قال رسول الله ‪ :‬أفرغت يا أبا الوليللد؟ قللال‪ :‬نعللم‪ ،‬قلال‪:‬‬
‫ه‬ ‫صل َ ْ‬
‫ت آَيات ُ ُ‬ ‫ب فُ ّ‬
‫حيم ِ ‪ ،‬ك َِتا ٌ‬
‫ن الّر ِ‬
‫م ِ‬
‫ح َ‬
‫ن الّر ْ‬
‫م َ‬ ‫زي ٌ‬
‫ل ّ‬ ‫حيم ِ حم‪َ .‬تن ِ‬
‫ن الّر ِ‬
‫حم ِ‬ ‫فاستمع مني‪ ،‬قال‪ :‬أفعل‪ ،‬فقال رسول الله ‪ ": ‬ب ِ ْ‬
‫سم ِ اللهِ الّر ْ‬
‫قُْرآنا ً عََرب ِي ّا ً " ]فصلت ‪ [3- 1 :‬فمضى رسول الله ‪ ‬يقرأها عليه‪ ،‬فلما سمعها عتبة أنصت له‪ ،‬وألقى بيده خلللف ظهللره‬
‫معتمدا ً عليها يستمع منه حتى انتهى رسول الله ‪ ‬إلى السجدة فسجد فيها‪ ،‬ثم قال‪ :‬قللد سللمعت يللا أبللا الوليللد مللا‬

‫صفحة ‪ 10‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫سمعت فأنت وذاك‪ ،‬فقام عتبة إلى أصحابه‪ ،‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الللوجه الللذي‬
‫ذهب به‪ ،‬فلما جلس إليهم قالوا‪ :‬ما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال‪ :‬ورائي‪ ،‬إني والله قد سللمعت قللول ً مللا سللمعت بمثللله‬
‫قط‪ ،‬والله ما هو بالشعر و ل بالسحر ول بالكهانة‪ ،‬يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي‪ ،‬خّلوا بين هذا الرجل وبين‬
‫ن لقوله الذي سمعت نبأ‪ ،‬فإن تصيبه العرب فقد كفيتموه بغيركم‪ ،‬وإن يظهللر علللى‬ ‫ما هو فيه واعتزلوه‪ ،‬فوالله ليكون ّ‬
‫العرب فملكه ملككم وعّزه عزكم‪ ،‬وكنتم أسعد الناس به‪ ،‬قالوا‪ :‬سحرك والله يا أبا الوليللد بلسللانه‪ ،‬فقللال‪ :‬هللذا رأي‬
‫لكم فاصنعوا ما بدا لكم‪.‬‬
‫في هذه الرواية وغيرها عرض سخي للنبي ‪ ‬من مشركي قريش أن يدع دعوته مقابل ما يلي ‪-:‬‬
‫أن يجمعوا له مال حتى يكون أغنى أهل قريش مال ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫أن يجعلوه ملكا مطاعا فيهم ‪ ،‬فل يصدرون في أمر دونه ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أن يزوجوه أجمل النساء ‪ ،‬ولو بلغن عشرا ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫أن يوفروا له رعاية صحية نادرة ومتميزة ‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫هذه العروض كلها مقابل شيء واحد‪ ،‬أن يكف عن الدعوة إلى توحيد الله وإنكار حللق أي شللخص أو جهللة أو‬
‫م‬
‫جَر ب َي ْن َُهل ْ‬ ‫ما َ‬
‫شل َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫حك ّ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ى يُ َ‬
‫حت ّ َ‬
‫ن َ‬
‫مُنو َ‬ ‫هيئة في التشريع والحكم والقضاء دون الله تعالى ‪ ،‬لقوله تعالى ‪ ":‬فَل َ وََرب ّ َ‬
‫ك ل َ ي ُؤ ْ ِ‬
‫سِليماً" ]النساء ‪. [65 :‬‬
‫موا ْ ت َ ْ‬
‫سل ّ ُ‬
‫ت وَي ُ َ‬ ‫ما قَ َ‬
‫ضي ْ َ‬ ‫حَرجا ً ّ‬
‫م ّ‬ ‫م َ‬
‫سهِ ْ‬ ‫دوا ْ ِفي َأن ُ‬
‫ف ِ‬ ‫م ل َ يَ ِ‬
‫ج ُ‬ ‫ثُ ّ‬
‫وقد استمع النبي ‪ ‬جيدا إلى عرض ممثل قريش "عتبة بن ربيعة" وقال له ‪ :‬أوَ قلد فرغلت يلا أبلا الوليلد؟ ‪،‬‬
‫فقال‪ :‬نعم ‪ ،‬فلم يرد عليه بكلم من عنده ‪ ،‬بل بآيات من سورة فصلت في حسمها المر ‪ ،‬وقطعهللا الطريللق‬
‫على كل التنازلت التي ُيساوم عليها الضعفاء ‪ ،‬خاصة عندما تكون الغراءات بهذه الكثرة والتنوع مال ونساء‬
‫‪ ،‬وملك وجاه‪ ،‬ورعاية وعناية وحفاوة‪ ،‬آنئذ قد ينسى بعض الدعاة أن موقفهم بين يدي الللله فللي السللحر فللي‬
‫صلة ركعتين أغنى من أهل الرض جميعا‪ ،‬وأن صوما ً في يوم قائظ خير من الدنيا وما عليها‪ ،‬وأن عفللوا ً عللن‬
‫مقدرة هو العز والشرف ‪ ،‬وإحسانا ً لمن أساء هو الرفعة والكرامللة ‪ ،‬والللترفع عللن السفاسللف والمكروهللات‬
‫والتزام المكارم والمروءات هو الجاه والعزة‪ ،‬هكذا فعل نبينا ‪ ‬فكان مكانه عند الللله تعللالى أول العابللدين ‪،‬‬
‫وسيد الولين والخرين ‪ ،‬ورفعة فوق مستوى الملئكللة أجمعيللن والنبيللاء والمرسلللين لتكللون رحلللة السللراء‬
‫والمعراج معلما على العز والسؤدد والنور والكرامة عند رب العالمين ‪.‬‬

‫الغواء بفنون الرقص والغناء ‪:‬‬ ‫‪.4‬‬


‫ت صغيرا أحسب أن فتنة الغواء بالراقصات والمغنيات ‪ ،‬والمعازف والسهرات هللي مللن الفنللون الجديللدة‬
‫كن ُ‬
‫والساليب المحدثة في إغواء الشباب والفتيات عن الحق البلج‪ ،‬لكني وجدت أن هللذا أسلللوب قللديم فتجللدد‬

‫صفحة ‪ 11‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫على أيدي العابثين‪ .‬وفي هذا يروى ابن الجوزي والشوكاني وابن كثير وغيرهللم أن سللبب نللزول قللوله تعللالى‬
‫ن "]لقمان ‪ [6 :‬في النضر‬ ‫مِهي ٌ‬
‫ب ّ‬ ‫م عَ َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫ها هُُزوا ً ُأول َئ ِ َ‬
‫ك ل َهُ ْ‬ ‫عل ْم ٍ وَي َت ّ ِ‬
‫خذ َ َ‬ ‫ل الل ّهِ ب ِغَي ْرِ ِ‬
‫سِبي ِ‬
‫عن َ‬ ‫ض ّ‬
‫ل َ‬ ‫ث ل ِي ُ ِ‬
‫دي ِ‬ ‫ري ل َهْوَ ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫من ي َ ْ‬
‫شت َ ِ‬ ‫س َ‬
‫ن الّنا ِ‬
‫م َ‬
‫"و َ ِ‬
‫بن الحارث بن علقمة وكان تاجرا إلى فارس والحيرة ‪ ،‬فكان يشتري أخبار العاجم والملوك وأحاديث رسللتم‬
‫مغّنية‪ ،‬فما سمع بأحللدٍ‬ ‫وأسفنديار والكاسرة‪ ،‬وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان قد اشترى ُ‬
‫مغّنيته وذهب إليه فيقول ‪ :‬أطعميه واسقيه وغّنيه ‪ ،‬هذا خير مما يدعوك إليه محمد ‪ .‬لقد‬ ‫يريد السلم إل أخذ ُ‬
‫صبر الرسول ‪ ‬وصحبه على هذا الغللواء ‪ ،‬وذلللك الغللراء ‪ ،‬وتجّنبللوا هللذه المجللالس مللن السللكر والعربللدة‬
‫والرقص والغناء ‪ ،‬وتفّرغوا للقيللام بللالقرآن والللدعوة والللدعاء فكللان مللن نصلليبهم هللذه المنزلللة لرسللوله ‪‬‬
‫ولصحابه وأتباعه "واسجد واقترب" فسما النبي ‪ ‬وأصحابه بأرواحهم فوق العرش ‪ ،‬وظل هؤلء في غيهم فللي‬
‫اللهو والفجور ‪.‬‬
‫هذه الساليب تتكرراليوم بذاتها‪ ،‬لكنها لم تعد فردا مثل النضر ‪ ،‬بل صارت دول وهيئات ومنظمات أدركت أن‬
‫الصحوة السلمية في شباب المة وفتياتها‪ ،‬ورجالها ونسائها ل بد لها من صارف كبير ‪ ،‬وصاد ٍ عن سبيل الللله‬
‫في هوى الغناء ‪ ،‬والرقص ‪ ،‬والخمر والنساء ‪ ،‬والزنا والبغاء ‪ ،‬ففتحت البللارات والخمللارات وأقيمللت الحفلت‬
‫واستخدمت المعازف و المغنيللات ‪ ،‬وتفّننللوا فللي أنللواع الرقصللات للهللاء هللذا الجيللل عللن عبللادة رب الرض‬
‫والسموات ‪ ،‬وهي فتنة أصابت السرة في مقتل ‪ ،‬فكم صرفت أزواجا ً علن زوجلاتهم إللى الحلرام‪ ،‬وصلرفت‬
‫ت عن أزواجهن ‪ ،‬وكم سلبت عقول البناء و البنات عللن العلللم و التقللى و العفللاف إلللى دركللات الهللوى‬ ‫زوجا ٍ‬
‫والسفاف! وكم ألقت من الصالحين في براثن الشياطين‪ ،‬وصار ضغط هذا العلم الفاسد المفسد في كللل‬
‫بيت مثل تلوث البيئة سواء بسواء ‪ .‬ونحتاج إلى قوة إيمانيللة عاليللة تجعللل المسلللم و المسلللمة فللي أشللواق‬
‫روحية ‪ ،‬وشفافية أخلقية يستنكف معها أن يكون أحبوللة للشليطان ‪ ،‬ومسلتنقعا للرذيللة ‪ ،‬ومرتعلا ً للفسلوق‬
‫وامون بالنهار ‪ ،‬قوامون بالليل ‪ ،‬ذاكرون الله كثيرا بالليل والنهللار ‪ ،‬أجسللادهم‬ ‫والعصيان بل عباد للرحمن ‪ ،‬ص ّ‬
‫في الرض وأرواحهم في السماء ‪ ،‬أخلقهم عبير من هدي النبوة الصافي ‪ ،‬ترتقي بهم دائما إلى المعالي ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الصبر الجميل في مواجهة فتنة اليذاء‬


‫ل شللك أن الصللبر فللي هللذا الميللدان يحتللاج إلللى قللوة إيمانيللة عاليللة ‪ ،‬وإلللى تمللرس علللى الصللبر لقللوله‬
‫َ‬ ‫خاشلِعين )‪ (45‬ال ّلذين يظ ُنللو َ‬
‫ن"‬ ‫م إ ِل َي ْلهِ َرا ِ‬
‫جعُللو َ‬ ‫مل َقُللوا َرب ّهِل ْ‬
‫م وَأن ّهُل ْ‬ ‫ن أن ّهُللم ّ‬
‫ِ َ َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫صلل َةِ وَإ ِن ّهَللا ل َك َِبيلَرة ٌ إ ِل ّ ع َل َللى ال ْ َ ِ‬
‫صلب ْرِ َوال ّ‬ ‫تعالى ‪َ":‬وا ْ‬
‫سلت َِعيُنوا ْ ِبال ّ‬

‫صفحة ‪ 12‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫]البقرة ‪ ، [46- 45 :‬وقد كانت رحلة السراء والمعراج مكافأة ربانية رفيعة القدر لرسول الله ‪ ‬في أرقى‬
‫جولة بين المقدسات ‪ ،‬وبين الرض والسموات والمل العلى حول عرش رب العزة سبحانه وتعالى ‪.‬‬

‫‪ .1‬الصبر على كبت الحريات في عبادة الرحمن ‪ ،‬والنفلت فــي الكفــر‬


‫والفسوق والعصيان‪.‬‬

‫ى شديد عندما يكللون حللول الكعبللة ‪ 360‬صللنما ُيعبللد مللن دون الللله عللز وجللل‪ ،‬و يسللمح‬
‫يصاب النسان بأس ً‬
‫بالطواف للعرايا رجال ‪ ،‬بل حتى النساء ‪ ،‬وتنشد شعرا كما أورده البخاري في صحيحه والطبري في تفسليره‬
‫تقول فيه‪-:‬‬
‫فما يبدو منه فل أحله‬ ‫اليوم يبدو كله أو بعضه‬

‫وأمام الكعبة بيوت للدعارة عليها رايات حمراء ل تللرد المللرأة رجل يللدخل عليهللا ‪ ،‬وحانللات للخمللور مللن بلد‬
‫شتى‪ ،‬وأشعار تتغنى بهذه اللوان من الفجور ‪ ،‬ومن بين هللذا كللله ل يللؤذن للمسلللمين الجللدد أن ُيصلّلوا لللله‬
‫تعالى وفق دينهم الجديد ‪ ،‬ول أن يقرأوا القرآن حول الكعبة وفي ذلك يروي ابن هشام في سلليرته أن سللبب‬
‫اتخاذ دار الرقم بن أبي الرقم مقرا لقيادة الرسول ‪ ‬كان بعد المواجهة الولى التي برز فيها سعد بن أبللي‬
‫وقاص ‪ ‬قال ابن إسحاق ‪ :‬وكان أصحاب رسول الله ‪ ‬إذا صلوا ذهبوا فللي الشللعاب‪ ،‬فاسللتخفوا بصلللتهم‬
‫من قومهم ‪ .‬فبينما سعد بن أبي وقاص ‪ ‬في نفر من أصحاب رسول الله ‪ ‬في شعب من شعاب مكة إذ‬
‫ظهر عليه نفر من المشركين وهم يصلون‪ ،‬فناكروهم‪ ،‬وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم‪ ،‬فضرب سللعد‬
‫جه‪ ،‬فكان أول دم أريق في السلم ‪.‬‬ ‫بن أبي وقاص يومئذ رجل ً من المشركين بلحي بعير فش ّ‬
‫أصبحت دار الرقم السرية مركزا ً جديدا ً للدعوة يتجمع فيه المسلللمون‪ ،‬ويتلقللون عللن رسللول الللله ‪ ‬كللل‬
‫جديد الوحي ‪ ،‬ويستمعون له وهو يذكرهم بالله‪ ،‬ويتلو عليهم القرآن ‪ ،‬ويضعون بين يديه كل ما فللي نفوسللهم‬
‫وواقعهم فيربيهم ‪ ‬على عينه كما ترّبى هو على عين الله عز وجل وأصبح هذا الجمع هو قللرة عيللن النللبي‬
‫‪} .‬السيرة النبوية‪ ،‬ص ‪{126 ، 125‬‬
‫هذه عين الحكمة أل يصادموا التيار العام‪ ،‬وإنما يتخللذون مللن الوسللائل الللتي تنللزع فتيللل الشللقاق والخلف‪،‬‬
‫والنزاع والصدام‪ ،‬فتخفى رسول الله ‪ ‬حتى ل يبدأ دعوته الراشللدة بالصللدام مللع ذوي الهللوى‪ ،‬والنللزاع مللع‬
‫ذوي السلطة ‪ ،‬وكانت هذه الدار لتربية الفذاذ من الرجال والنساء‪ ،‬الشباب والفتيات‪ ،‬على نسلمات الللوحي‪،‬‬

‫صفحة ‪ 13‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫وصلوات السحر ‪ ،‬وأنوار الذكر ‪ ،‬وأنهار الفكر في هذا الكون الذي يعللبر عللن قللوة خللالقه ‪ ،‬وإحكللام مسلّيره‪،‬‬
‫وإبداع مالكه سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫لكن أصحاب الحق يحتاجون في ذلك إلى صبر شديد‪ ،‬حيث يؤرق القلب والعقل والوجدان أن يتاح فللي مكللة‬
‫وبيت الله الحرام كل ألوان الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬ول يتاح لعبلاد الرحملن أن تكلون لهلم صللوات حلول‬
‫الكعبة أو قراءة للقرآن ‪ ،‬وإذا أردنا أن نعرف الفرق بين حرية الكفللر وحريللة أهللل اليمللان فلنتوقللف بإمعللان‬
‫وتدبر أمام هاتين القضيتين ‪-:‬‬
‫ما رواه المام النسائي من سيرة عبدالله بن مسعود ‪ ‬أنه لما قرأ عند الكعبللة سللورة الرحمللن‬ ‫‪-1‬‬
‫أوسعوه ضربا حتى كادوا يقتلونه لمجرد تلوته ليات من القرآن ‪ ،‬وهللو ل يحمللل معهللا سلليفا ول رمحللا‬
‫}فضائل الصحابة ‪ ،‬للنسائي ‪{( 2/837) ،‬‬
‫رضي الله عنهما‪ ،‬عن إسلم أبي ذر ‪ ‬أنه وصل رسول الللله ‪‬‬ ‫س‬
‫ما رواه البخاري عن ابن عّبا ٍ‬ ‫‪-2‬‬
‫بصعوبة ‪ ،‬وبفراسة من المام اللمعي علي بن أبي طالب ‪ ، ‬وسار معه في وضع خفللي‪ ،‬ولمللا أعلللن‬
‫إسلمه أمام أهل قريش هجموا عليه وضربوه ضربا مبرحا حتى نجا من الموت بمسللاعدة العبللاس بللن‬
‫عبد المطلب ‪ ،‬حيث خوفهم على تجارتهم من بني غفار‪ }.‬صحيح البخللاري‪ ،‬بللاب قصللة زمللزم‪ ، (239/ 7) ،‬برقللم‬
‫‪{3446‬‬
‫فهذه الجواء التي تسمح بكل هذه اللوان من الفجور‪ ،‬ل تسمح لوافد إلى مكة أن يعرف حقيقة هللذا الللدين‪،‬‬
‫ولول هذا الذكاء الحاد‪ ،‬والحس المرهف من المام على ‪ ‬لعاد أبو ذر ‪ ‬مثل أخيه ل يجد مللا يشللفي غليللله‬
‫عن هذا الدين الجديد‪ ،‬وما إن أسلم حتى أعلن إسلمه علللى المل فقللاموا يضللربونه ضللربا مبرحللا لمجللرد أن‬
‫يوجد بين هذه اللف الساجدين للصنام رجل يقول ل إله إل الله محمد رسول الله ‪ ،‬ولم يحمل سلليفا ‪ ،‬ولللم‬
‫يؤذ أحدًا‪ ،‬ولكن كان هذا سببا كافيا في ضربه وإيذائه حتى كادوا يقتلونه لول حماية العبللاس ‪ ‬للله وانكفللاؤه‬
‫عليه‪ ،‬وتخويفهم من بني غفار على طريق تجارتهم أن يثأروا لبن عشيرتهم أبي ذر الغفاري ‪. ‬‬

‫الصبر على أذى التشويه العلمي‬ ‫‪.2‬‬

‫من يقرأ السيرة بعناية يستطيع أن يفهم كثيرا مما يجري الن من حرب إعلمية منظمة مدروسة في تشللويه‬
‫صورة السلم والمسلمين‪ ،‬وهذا ما يجعلني أؤكد أنه القديم المتجللدد‪ ،‬فالسللاليب هللي هللي‪ ,‬والطللرائق هللي‬
‫هي ‪ ،‬والحقد الدفين هو هو ‪ ،‬والتشويه المتعمد رغم علمهم بالحق هو هو ‪ ،‬ولعل مللن البصلليرة أن نفهللم مللا‬

‫صفحة ‪ 14‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫يجري الن في ضوء ما رواه ابن إسحاق في السير والمغازي أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش ‪،‬‬
‫وكان ذا سن فيهم ‪ ،‬وقد حضر الموسم فقال لهم ‪ :‬يا معشر قريش ‪ ،‬إنه قد حضر هذا الموسللم ‪ ،‬وإن وفللود العللرب‬
‫ستقدم عليكم فيه ‪ ،‬وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ‪ ،‬فأجمعوا فيه رأيللا واحللدا ‪ ،‬ول تختلفللوا فيكللذب بعضللكم بعضللا ‪،‬‬
‫م لنا رأيا نقول به ؛ قال ‪ :‬بل أنتم فقولوا أسمعْ ؛‬ ‫ل وأق ْ‬ ‫ويرد ّقولكم بعضه بعضا ؛ قالوا ‪ :‬فأنت يا أبا عبد شمس ‪ ،‬فق ْ‬
‫قالوا ‪ :‬نقول كاهن ؛ قال ‪ :‬ل والله ما هو بكللاهن ‪ ،‬لقللد رأينللا الكهللان فمللا هللو بزمزمللة الكللاهن ول سللجعه ؛ قللالوا ‪:‬‬
‫فنقول ‪ :‬مجنون ؛ قال ‪ :‬ما هو بمجنون‪ ،‬لقلد رأينلا الجنلون وعرفنلاه ‪ ،‬فملا هلو بخنقله ‪ ،‬ول تخلالجه ‪ ،‬ول وسوسلته ؛‬
‫قالوا ‪ :‬فنقول ‪ :‬شاعر ؛ قال ‪ :‬ما هو بشاعر ‪ ،‬لقد عرفنا الشعر كله رجللزه وهزجلله وقريضلله ومقبوضلله ومبسللوطه ‪،‬‬
‫فما هو بالشعر ؛ قالوا ‪ :‬فنقول ‪ :‬ساحر ؛ قال ‪ :‬ما هللو بسللاحر ‪ ،‬لقللد رأينللا السللحار وسللحرهم ‪ ،‬فمللا هللو بنفثهللم ول‬
‫عقدهم ؛ قالوا ‪ :‬فما نقول يا أبا عبد شمس قال ‪ :‬والله إن لقوله لحلوة ‪ ،‬وإن أصله لعذق ‪ ،‬وإن فرعلله لجنللاة ‪ ،‬ومللا‬
‫عرف أنه باطل ‪ ،‬وإن أقرب القول فيه لن تقولوا ساحر ‪ ،‬جاء بقول هو سحر يفرق بلله‬ ‫أنتم بقائلين من هذا شيئا إل ُ‬
‫بين المرء وأبيه ‪ ،‬وبين المرء وأخيله ‪ ،‬وبيلن الملرء وزوجتله ‪ ،‬وبيلن الملرء وعشليرته ‪.‬فتفرقلوا عنله بلذلك ‪ ،‬فجعللوا‬
‫يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم ‪ ،‬ل يمر بهم أحد إل حذروه إياه ‪ ،‬وذكروا لهم أمره‪ } .‬سيرة ابن هشللام ‪ ،‬ص‬
‫‪.{240 ،239‬‬
‫م ن َظ ََر‬ ‫ل ك َي ْ َ‬
‫ف قَد َّر )‪ (20‬ث ُ ّ‬ ‫م قُت ِ َ‬ ‫ل ك َي ْ َ‬
‫ف قَد َّر )‪ (19‬ث ُ ّ‬ ‫ه فَك َّر وَقَد َّر )‪ (18‬فَ ُ‬
‫قت ِ َ‬ ‫فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة قوله تعالى ‪ ":‬إ ِن ّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ل ال ْب َ َ‬
‫ذا إ ِّل قَوْ ُ‬ ‫)‪ (21‬ث ُم ع َبس وبسر )‪ (22‬ث ُ َ‬
‫ما‬
‫قَر )‪ (26‬وَ َ‬
‫س َ‬
‫صِليهِ َ‬
‫سأ ْ‬‫شرِ )‪َ (25‬‬ ‫حٌر ي ُؤ ْث َُر )‪ (24‬إ ِ ْ‬
‫ن هَ َ‬ ‫ذا إ ِّل ِ‬
‫س ْ‬ ‫ن هَ َ‬
‫ل إِ ْ‬ ‫ست َك ْب ََر )‪ (23‬فَ َ‬
‫قا َ‬ ‫م أد ْب ََر َوا ْ‬
‫ّ‬ ‫ّ َ َ ََ َ َ‬
‫]المدثر ‪[27 - 18 :‬‬ ‫ّ‬ ‫قُر"‬
‫س َ‬
‫ما َ‬ ‫أ َد َْرا َ‬
‫ك َ‬

‫في هذه القصة يبدو ما يلي ‪-:‬‬


‫هناك اجتماعات ومشاورات في أساليب التشويه العلمي ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫هناك إقرار واعتراف بصحة القرآن وعلو منزلته ‪ ،‬واستحالة بشريته ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫هناك إصرار على الكذب وتعاهد على نشره والتأكيد عليه حتى يصير كأنه حقيقة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫هناك استعدادات قبل المواسم التي يجتمللع فيهللا النللاس للحللج ‪ ،‬مثللل السللتعداد العلمللي قبللل‬ ‫‪-4‬‬
‫رمضان بألوان من الفنون الهابطة لصرف الناس عن شعائر دينهللم‪ ،‬وتلطيللخ قلللوبهم بللأدران الفسللوق‬
‫حتى ل يسلم أحد من هذا التشويه العلمي‪.‬‬
‫مع أن هذا التشويه لم يصمد ‪ ،‬أمام نور الحق ‪ ،‬وقوة القرآن في نفوس العقلء من بني النسان وإليك بعللض‬
‫هذه القصص التي تجعل الدعاة الصادقين ل يخشون هذه الحملت العلمية ‪ ،‬بل يتقدمون بالحق في حكمللة‬
‫وقوة وأمل فسيجدون استجابة عالية مثل هاتين القصتين ‪:‬‬

‫صفحة ‪ 15‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫ما رواه ابن حجر في الصابة }‪{2/72‬عن قصة إسلم الحصين والد عمران رضي الله عنهمللا أن‬ ‫‪.1‬‬
‫قريشا حذرت الحصين وشوهت صورة النبي ‪ ‬ورسالته ‪ ،‬بل أوفدته كي يكلملله أن يللدع مللا جللاء بلله ‪،‬‬
‫فاستمع إليه النبي ‪ ‬وخاطبه بلغة الوحي والعقل فأسلم الحصين ‪.‬‬

‫ما رواه البخاري من قصة إسلم الطفيل بن عمرو بالغ مشركو قريش في التشللويه العلمللي والتحللذير مللن‬
‫عرضا ً ‪ ،‬لكنلله رأى النللبي ‪ ‬فللي‬
‫أن يسمع الطفيل من النبي ‪ ، ‬ووضع القطن في أذنه حتى ل يسمع ولو َ‬
‫حجر يتلو القرآن‪ ،‬فجلس واستمع فأسلم على الفور وأتى بعد ذلك بقبيلته كلها مسلمين‪.‬‬
‫ال ِ‬

‫هاتان القصتان تبينان الثر العكسي الذي ينتجه التشويه العلمي ‪ ،‬من حب استطلع لدى كل ذكي ألمعي‬
‫عندما يجد بين طيات الكلم فجوات عقلية ‪ ،‬ومسافات غير منطقية ‪ ،‬فيسترعي انتباهه‪ ،‬ثم يأتي إلى الحقيقة‬
‫بنفسه يتعلمها يفهمها‪ ،‬ولذا كانت أكبر حملة ضد السلم في الشرق والغرب بعد أحداث سبتمبر سببا في‬
‫القبال الشديد على السلم من عقلء المريكان والوربيين بعد أحداث سبتمبر ‪ ، 2001‬واعترفت الصحافة‬
‫المريكية ومراكز البحاث ‪ ،‬والتحليلت السياسية أن أكبر فترة دخل فيها المريكان السلم هي ما بعد‬
‫ك يضرب الل ّه ال ْحق وال ْباط َ َ‬
‫ما الّزب َد ُ فَي َذ ْهَ ُ‬
‫ب‬ ‫ل فَأ ّ‬‫َ ّ َ َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫أحداث سبتمبر ‪ ، 2001‬وهذا مما يضاعف المل في قوله تعالى ‪ ":‬ك َذ َل ِ َ َ ْ ِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَثا َ‬
‫ل "]الرعد ‪. [17 :‬‬ ‫ب الل ّ ُ‬
‫ه ال ْ‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫ض ك َذ َل ِ َ‬
‫ك يَ ْ‬ ‫مك ُ ُ‬
‫ث ِفي الْر ِ‬ ‫س فَي َ ْ‬
‫فعُ الّنا َ‬
‫ما َين َ‬
‫ما َ‬
‫فاء وَأ ّ‬
‫ج َ‬
‫ُ‬
‫الدرس التربوي هنا هو المل الدائم أن الله ناصٌر دينه ‪ ،‬وخاذل أعداءه ‪ ،‬والدرس الدعوي أن نبادر فللي نشللر‬
‫الدعوة ‪ ،‬والحوار مع الغير‪ ،‬والحضور السلمي في تجمعللات النللاس ‪ ،‬والتقللدم إليهللم برسللالة السلللم فللي‬
‫هدوء وحكمة مثلما كان هدي النبي ‪ ‬في حواره مع الحصين وطفيل بن عمرو‪ ،‬وحوار المام علللي مللع أبللي‬
‫ل أتي بقومه ‪ ،‬بل دعا جيرانهم من قبائل مجاورة ‪،‬‬ ‫ذر ‪ ، ‬كان هذا سببا ليس في إسلم هؤلء فقط ‪ ،‬بل ك ٌ‬
‫فكان سببا في فتح كبير للسلم ‪.‬‬

‫الصبر على الذى البدني والمعنوي‬ ‫‪.3‬‬

‫صفحة ‪ 16‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫لقد تحمل النبي ‪ ‬وأصحابه الكثير من أذى قومه بصبر جميل وعزم طويل ‪ ،‬استمر سنوات والرسول‬
‫يحتشد وأصحابه لعظائم المور ‪ ،‬ويستحثهم على مواجهة نزق الكافرين‪ ،‬وظلم المتكبرين بمزيد من الصبر‬
‫الجميل ويناديهم القرآن في ‪:‬‬
‫َ‬
‫قومُ" ]الطور ‪[48 :‬‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫حي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫مد ِ َرب ّ َ‬ ‫ح ْ‬‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫ك ب ِأع ْي ُن َِنا وَ َ‬ ‫ك فَإ ِن ّ َ‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ" :‬وا ْ‬ ‫‪.1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن" ]السجدة ‪. [24 :‬‬ ‫كاُنوا ِبآَيات َِنا ُيوقُِنو َ‬ ‫صب َُروا وَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫مرَِنا ل َ ّ‬ ‫ن ب ِأ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ة ي َهْ ُ‬ ‫م ً‬ ‫م أئ ِ ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫جعَل َْنا ِ‬ ‫وقال تعالى ‪" :‬وَ َ‬ ‫‪.2‬‬
‫والروايات كثيرة في أنواع الذى للرسول ‪ ، ‬ومن ذلك مايلي ‪-:‬‬
‫عن ْد َ ال ْك َعْب َ ِ‬
‫ة‬ ‫صّلي ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ل الل ّهِ ‪َ ‬قائ ِ ٌ‬ ‫سو ُ‬ ‫ما َر ُ‬ ‫ما رواه البخاري بسنده عن ابن مسعود ‪ ‬قال ‪ ":‬ب َي ْن َ َ‬ ‫‪.1‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل َقائ ِ ٌ‬ ‫م إ ِذ ْ َقا َ‬
‫ل‬
‫جُزورِ آ ِ‬ ‫م إ ِلى َ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫مَراِئي أي ّك ْ‬ ‫ذا ال ُ‬ ‫ن إ ِلى هَ َ‬ ‫م أل ت َن ْظُرو َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫جال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫ش ِفي َ‬ ‫معُ قَُري ْ ٍ‬ ‫ج ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ث‬‫في ْهِ َفان ْب َعَ َ‬ ‫ن ك َت ِ َ‬ ‫ه ب َي ْ َ‬ ‫ضعَ ُ‬ ‫جد َ و َ َ‬ ‫س َ‬ ‫حّتى إ َِذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫مهِل ُ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫جيُء ب ِهِ ث ُ ّ‬ ‫ها فَي َ ِ‬ ‫سل َ‬ ‫مَها وَ َ‬ ‫مد ُ إ ِلى فَْرث َِها وَد َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن فَي َعْ ِ‬ ‫ُفل ٍ‬
‫م‬‫ضهُ ْ‬ ‫ل ب َعْ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫كوا َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫دا فَ َ‬ ‫ج ً‬ ‫سا ِ‬ ‫ي‪َ ‬‬ ‫ّ‬ ‫ت الن ّب ِ‬ ‫في ْهِ وَث َب َ َ‬ ‫ن ك َت ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ه ب َي ْ‬ ‫ضعَ ُ‬ ‫ل الل ّهِ ‪ ‬وَ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫جد َ َر ُ‬ ‫س َ‬ ‫ما َ‬ ‫م فَل َ ّ‬ ‫قاهُ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫أَ ْ‬
‫َ‬
‫ت‬‫سَعى وَث َب َ َ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫ة فَأقْب َل َ ْ‬ ‫جوَي ْرِي َ ٌ‬ ‫ي ُ‬ ‫سلم وَه ِ َ‬ ‫ة ع َل َي َْها ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫من ْط َل ِقٌ إ َِلى َفاط ِ َ‬ ‫ك َفان ْط َل َقَ ُ‬ ‫ح ِ‬‫ض ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ٍ‬ ‫إ َِلى ب َعْ‬
‫َ‬ ‫حّتى أ َل ْ َ‬
‫ل الل ّهُ ّ‬
‫م‬ ‫صلة َ ‪َ ":‬قا َ‬ ‫ل الل ّهِ ‪ ‬ال ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫ضى َر ُ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫م فَل َ ّ‬ ‫سب ّهُ ْ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ت ع َل َي ْهِ ْ‬ ‫ه وَأقْب َل َ ْ‬ ‫ه ع َن ْ ُ‬ ‫قت ْ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ج ً‬ ‫سا ِ‬ ‫ي‪َ ‬‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫ة‬
‫شام ٍ وَع ُت ْب َ َ‬ ‫ن هِ َ‬ ‫رو ب ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ب ِعَ ْ‬ ‫م ع َل َي ْ َ‬ ‫مى "الل ّهُ ّ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ش" ث ُ ّ‬ ‫قَري ْ ٍ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫م ع َل َي ْ َ‬ ‫ش الل ّهُ ّ‬ ‫قَري ْ ٍ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫م ع َل َي ْ َ‬ ‫ش الل ّهُ ّ‬ ‫قَري ْ ٍ‬ ‫ك بِ ُ‬ ‫ع َل َي ْ َ‬
‫ن ال ْوَِليدِ" َقا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ماَرة َ ب ْ ِ‬ ‫ط وَع ُ َ‬ ‫معَي ْ ٍ‬ ‫ن أِبي ُ‬ ‫ة بْ ِ‬ ‫قب َ َ‬ ‫ف وَع ُ ْ‬ ‫خل َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ة بْ ِ‬ ‫مي ّ َ‬ ‫ة وَأ َ‬ ‫ن ع ُت ْب َ َ‬ ‫ة َوالوَِليد ِ ب ْ ِ‬
‫ْ‬ ‫ن َرِبيعَ َ‬ ‫ة بْ ِ‬ ‫شي ْب َ َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ن َرِبيعَ َ‬ ‫بْ ِ‬
‫ل الل ّهِ ‪‬‬ ‫حُبوا إ َِلى ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫والل ّهِ ل َ َ‬
‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ب ب َد ْرٍ ث ُ ّ‬ ‫ب قَِلي ِ‬ ‫قِلي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫م ُ‬ ‫م ب َد ْرٍ ث ُ ّ‬ ‫عى ي َوْ َ‬ ‫صْر َ‬ ‫م َ‬ ‫قد ْ َرأي ْت ُهُ ْ‬ ‫ع َب ْد ُ الل ّهِ فَ َ‬
‫ة"} فتح الباري ‪ ،‬لبن حجر العسقلني‪ ،‬كتاب الصلة )‪{(179 / 2‬‬ ‫ب ل َعْن َ ً‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قِلي ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬‫"وَأت ْب ِعَ أ ْ‬
‫د‪ ،‬وَل َ َ‬ ‫خا ُ َ‬ ‫قد ْ أ ُ ِ‬ ‫ما رواه الترمذي بسنده عن رسول الله ‪ ‬قال ‪ ":‬ل َ َ‬
‫قد ْ‬ ‫ح ٌ‬ ‫فأ َ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫ت في الله وَ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫‪.2‬‬
‫م ي َأك ُُله ُذو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل ط ََعا ٌ‬ ‫ماِلي وَل ِب ِل َ ٍ‬ ‫ن ي َوْم ٍ وَل َي ْل َةٍ وَ َ‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ي ث َل َُثو َ‬ ‫ت ع َل َ ّ‬ ‫قد ْ أت َ ْ‬ ‫د‪ ،‬وَل َ َ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ما ي ُؤ َْذى أ َ‬ ‫ت في الله وَ َ‬ ‫أوِذي ُ‬
‫ب‪ } .‬سنن الترمذي ‪، (185 /7)،‬‬ ‫ن غري ٌ‬ ‫ث حس ٌ‬ ‫سى ‪ :‬هذا حدي ٌ‬ ‫عي َ‬ ‫ل« ‪ .‬قال أبو ِ‬ ‫ط ب ِل َ ٍ‬ ‫واِريه إ ِب ْ ُ‬ ‫يٌء ي ُ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ك َب ِد ٍ إ ِل ّ َ‬
‫برقم ‪.{2521‬‬
‫ابن هشام أن أمية بن خلف عدو الله كان يعنف في وجه النبي ‪. ‬‬ ‫ما أورده‬ ‫‪.3‬‬
‫ابن الثير في أسد الغابة أن أم مصعب بن عمير حبسته وأجاعته ثم طردته لما أصر‬ ‫ما أورده‬ ‫‪.4‬‬
‫على إسلمه‪.‬‬
‫‪ .5‬ما أورده ابن حجر في الصابة أن صهيب الرومي كان ُيضرب حتى يفقد وعيه ‪.‬‬
‫‪ .6‬وما أورده ابن سعد في الطبقات أن أمية بن خلف كان يربط بلل في حبل ويأمر الصبيان أن‬
‫يطوفوا به في الجبال ‪ ،‬ويطرحه في الصحراء ويضع عليه صخرة كبيرة مع الحر الشديد‪ ،‬ويجيعه فما‬
‫صرفه ذلك عن دين الله تعالى ‪.‬‬

‫صفحة ‪ 17‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫أورد ابن الثير في أسد الغابة أن مشركي قريش كانوا يجّرون خباب بن الرت من شعره على‬ ‫‪.7‬‬
‫الرض ‪ ،‬ويلوون عنقه‪ ،‬ويلقونه في النار ‪.‬‬
‫ما أورده ابن هشام أن عمر بن الخطاب ‪ ‬ل قبل إسلمه ل كان يضرب جارية لبني موئل ول‬ ‫‪.8‬‬
‫يتركها إل مللة من كثرة ضربها ‪ ،‬وكان مشركو قريش يعذبون زنيرة والنهدية وابنتها وأم عبيس ‪ ،‬حتى‬
‫إن إحداهن ل ولعلها زنيرة ل قد عميت من كثرة تعذيبها ‪.‬‬
‫ما رواه ابن هشام والعامري أن بني مخزوم كانوا يشتدون في تعذيب عمار وأبيه ياسر وأمه‬ ‫‪.9‬‬
‫سمية ‪ ،‬فيخرجونهم إذا حميت الظهيرة فيعذبونهم في رمضاء مكة ‪ ،‬والرسول ‪ ‬يواسيهم ‪ ،‬بقوله ‪:‬‬
‫"صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة "‪ ،‬وظل التعذيب حتى طعن أبو جهل سمية بحربته في قبلها ‪،‬‬
‫فكانت أول شهيدة في السلم ‪.‬‬
‫ومع هذا البلء الشديد‪ ،‬والجرح الغائر‪ ،‬والملحقة المستمرة ‪ ،‬والتضييق الدائم إل أن رسول الله ‪ ‬كان‬
‫يبعث المل في أصحابه أن يغير الله تعالى من هذه المحن لتكون منحا ربانية وفي ذلك ما رواه المام‬
‫أحمد في مسنده عن خباب بن الرت قال‪ :‬أتينا رسول الله ‪ ‬وهو في ظل الكعبة متوسدا ً بردة له‪،‬‬
‫فقلنا يا رسول الله‪ ،‬ادع الله تبارك وتعالى لنا واستنصره‪ ،‬قال‪ :‬فاحمر لونه أو تغير فقال‪» :‬لقد كان من‬
‫كان قبلكم‪ ،‬يحفر له حفرة ويجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق ما يصرفه عن دينه‪ ،‬ويمشط‬
‫بأمشاط الحديد ما دون عظم من لحم أو عصب ما يصرفه عن دينه‪ ،‬وليتمن الله تبارك وتعالى هذا المر‬
‫حتى يسير الراكب ما بين صنعاء إلى حضرموت ل يخشى إل الله تعالى والذئب على غنمه‪ ،‬ولكنكم‬
‫تعجلون« }مسند المام أحمد ‪ ،‬حديث خباب بن الرت عن النبي ‪ ،{(125/ 6) ،‬فهذا درس في المل يجب أن يبثه‬
‫دائما الخطباء والئمة والمدرسون والباء والمهات فضل عن قادة المة السلمية في جميع مواقفهم ‪،‬‬
‫لكن هناك بشارة أخرى يجب أن يعلمها المسلمون أن كل من آذى مسلما‪ ،‬أو منع داعية إلى خير ‪ ،‬أو‬
‫ظلم بريئا فإن انتقام الله تعالى يلحقه في الدنيا قبل الخرة ‪ ،‬ومن ذلك ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أورد الذهبي بسنده أن الرسول ‪ ‬بسند صحيح في السيرة النبوية }ص ‪ {143‬و البيهقي في الللدلئل‬
‫ن" ]الحجللر ‪:‬‬ ‫ست َهْزِِئي َ‬
‫م ْ‬‫ك ال ْ ُ‬ ‫}‪ {2/316‬من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال ‪ :‬في قوله تعالى ‪" :‬إ ِّنا ك َ َ‬
‫في َْنا َ‬
‫‪ ،[95‬قال المستهزئون هم‪ :‬الوليد ابن المغيرة وقد أصيب بالنبال فمات‪ ،‬والسود بن عبد يغوث الزهللري‬
‫وأصابه العمى‪ ،‬وأبو زمعة السود بن عبد العزى مرض بقروح في رأسه فمات بها‪ ،‬والحارث بللن عطيللل‬
‫السهمي أصيب بمرض الصفراء حتى خرجت فضلته من فمله وملات بهلا‪ ،‬والعلاص بلن وائل وقلع عللى‬
‫شوكة فمات بها‪}.‬صحيح السيرة النبوية ‪ ،‬إبراهيم العلي ‪) ،‬ص ‪{(114‬‬
‫جهل‪ ،‬وعلي َ‬
‫ك‬ ‫ك بأبي َ‬ ‫م علي َ‬ ‫ما رواه البخاري أن رسول الله ‪ ‬دعا على قريش ثم سمى »الله ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ه‪.‬‬ ‫ْ‬
‫فظ ُ‬ ‫سابعَ فلم نح َ‬ ‫ط« وعد ّ ال َ‬ ‫مَعي ٍ‬ ‫ن أبي ُ‬
‫ةب ِ‬
‫عقب َ‬ ‫خل َ ٍ‬
‫ف‪ ،‬و ُ‬ ‫ن َ‬
‫ةب ِ‬
‫مي ّ َ‬ ‫ُ‬
‫ة‪ ،‬وأ َ‬
‫عتب َ‬
‫وليد ِ بن ُ‬
‫ة‪ ،‬وال َ‬
‫ن ربيع َ‬
‫ةب ِ‬ ‫ة‪ ،‬و َ‬
‫شيب َ‬ ‫ة بن َربيع َ‬
‫بُعتب َ‬

‫صفحة ‪ 18‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫در‪.‬‬
‫بَ ْ‬ ‫ب‪َ ،‬قلي ِ‬
‫ب‬ ‫قلي ِ‬ ‫ل الل ّهِ ‪َ ‬‬
‫صرعى في ال َ‬ ‫ن ع َد ّ رسو ُ‬
‫ت الذي َ‬
‫ه‪ ،‬لقد رأي ُ‬
‫والذي نفسي ِبيد ِ‬
‫قال‪ :‬ف َ‬
‫}صحيح البخاري ‪ ،‬باب إذا القي على ظهر مصلي قذر ‪{(241 ، 1/464) ،‬‬
‫في كتاب صفات المنافقين باب‬ ‫ما أخرجه البخاري في تفسير سورة الدخان ‪ ،‬ومسلم‬ ‫‪.2‬‬
‫ق قال‪» :‬قال عبد ُ الله‪ :‬إنما كان هذا‬ ‫مسرو ٍ‬ ‫الدخان بسندهما عن عبدالله بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬عن َ‬
‫ٌ‬
‫ف‪ ،‬فأصابهم َقحط وجهد ٌ‬ ‫سِني يوس َ‬ ‫سنين ك ِ‬ ‫ي ‪َ ‬دعا عليهم ب ِ ِ‬ ‫صوا على النب ّ‬ ‫ن ُقريشا ً لما استع َ‬ ‫ل ّ‬
‫ن‬
‫نم َ‬ ‫دخا ِ‬ ‫ه وبينها كهيئةِ ال ّ‬ ‫ل َينظ ُُر إلى السماِء فَيرى ما َبين َ ُ‬ ‫ل الرج ُ‬ ‫م‪ ،‬فجع َ‬
‫حتى أكلوا العظا َ‬
‫ل اّلل ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه عّز وج ّ‬ ‫الجهد‪.‬فأنَز َ‬
‫م "]الدخان ‪- 10 :‬‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ذا ع َ َ‬
‫س هَ َ‬ ‫شى الّنا َ‬ ‫ن ‪ ،‬غْ َ‬ ‫مِبي ٍ‬
‫ن ّ‬‫خا ٍ‬ ‫ماء ب ِد ُ َ‬
‫س َ‬
‫م ت َأِتي ال ّ‬
‫ب ي َوْ َ‬ ‫ل " َفاْرت َ ِ‬
‫ق ْ‬
‫‪." [11‬‬
‫هذه أمثلة ل تفيد الحصر تشفي صدور قوم مؤمنين أن الله تعالى ل يدع ظالما ‪ ،‬ولكن يمهله حتى إذا أخذه‬
‫ذب المسلمين إل كانت عاقبته سوء في الدنيا مرضا وضنكا وقتل ‪ ،‬ولعذاب‬ ‫لم يفلته‪ ،‬فما بقى واحد ممن ع ّ‬
‫ذبوا فقد صاروا علماء المة‪ ،‬وقادة الجيوش‪ ،‬وسادة الناس ‪،‬‬ ‫الخرة أكبر لو كانوا يعلمون ‪ ،‬أما الذين ع ُ ّ‬
‫وتحركوا في المصار يدعون إلى الله وينشرون الخير‪ ،‬وأفاض الله عليهم بالمال والجاه والذكر الحسن عبر‬
‫عبٌر لفريقين ‪-:‬‬ ‫تاريخ المة كلها ‪ ،‬وهذه ِ‬
‫‪ .1‬فريق الكارهين للسلم المحاربين للدعاة ‪ ،‬المطاردين للصالحين والصالحات‪ ،‬أن لله تعالى فيهم‬
‫ذابا ً ك َِبيرا ً" ]الفرقان ‪. [19 :‬‬ ‫ه عَ َ‬ ‫م ن ُذ ِقْ ُ‬‫منك ُ ْ‬ ‫من ي َظ ِْلم ّ‬ ‫قانونا نافذا ‪ ،‬وحكما قاطعا يبدو جليا في قوله تعالى ‪" :‬وَ َ‬
‫عوا المر لله تعالى‬ ‫‪ .2‬فريق الدعاة الصادقين أن يصبروا صبرا جميل ‪ ،‬ول ينتقموا لنفسهم ‪ ،‬وأن ي َد َ ُ‬
‫ض‬ ‫َْ‬
‫فوا ِفي الْر ِ‬ ‫ضع ِ ُ‬‫ست ُ ْ‬‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬‫ن ع ََلى ال ّ ِ‬ ‫م ّ‬
‫َ‬
‫كن لهم وفق وعده تعالى كما قال سبحانه ‪ ":‬وَن ُ ِ‬
‫ريد ُ أن ن ّ ُ‬ ‫وسوف يم ّ‬
‫َْ‬ ‫ونجعل َه َ‬
‫حذ َُرو َ‬
‫ن"‬ ‫ما َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫من ُْهم ّ‬
‫ما ِ‬
‫جُنود َهُ َ‬
‫ن وَ ُ‬
‫ما َ‬
‫ها َ‬
‫ن وَ َ‬
‫ري فِْرع َوْ َ‬
‫ض وَن ُ ِ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬
‫م ِفي الْر ِ‬ ‫مك ّ َ‬
‫ن )‪ (5‬وَن ُ َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫وارِِثي َ‬ ‫جعَل َهُ ُ‬‫ة وَن َ ْ‬
‫م ً‬
‫م أئ ِ ّ‬
‫ََ ْ َ ُ ْ‬
‫]القصص ‪[6 - 5 :‬‬

‫الصبر على الحصار الجتماعي والقتصادي وسياسية التجويع‬ ‫‪.4‬‬

‫هذه الوسيلة التي صارت من السيوف المسلطة علللى رقللاب الشللعوب والللدول الن إذا لللم تخضللع للمللارد‬
‫الغربي‪ ،‬ولم تنزل على شروط الذلل العالمي ‪ ،‬فإن سيف المقاطعة القتصللادية يسلللط عليهللم ‪ ،‬هللذه هللي‬
‫الوسيلة نفسها التي استعملها المشللركون قللديما ‪ ،‬ول يزالللون مصللرين عليهللا حللديثا ‪ ،‬وإذا رجعنللا إلللى هللذه‬
‫الحلف الجاهلية ‪ ،‬والمعاهدات الشركية فسنجدها هي هي الن في عللالم ل يعللرف الرحمللة بالضللعفاء مللن‬

‫صفحة ‪ 19‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫الشيب والطفال والنساء‪ ،‬وتعاقب مجتمعات بأسرها كما حدث فللي هللذه الفللترة الللتي دامللت ثلث سللنوات‬
‫وفيها يروي البخاري أنه لما زادت حيرة المشركين إذ نفدت بهم الحيل‪ ،‬ووجللدوا بنللي هاشللم وبنللي المطلللب‬
‫مصممين على حفظ نبي الله ‪ ‬والقيللام دونلله‪ ،‬كائن ًللا مللا كللان‪ ،‬فلاجتمعوا وتحللالفوا عللى بنللي هاشللم وبنللي‬
‫المطلب أل يناكحوهم‪ ،‬ول يبايعوهم‪ ،‬ول يجالسللوهم‪ ،‬ول يخللالطوهم‪ ،‬ول يللدخلوا بيللوتهم‪ ،‬ول يكلمللوهم‪ ،‬حللتى‬
‫يسلموا إليهم رسول الله ‪ ‬للقلتل‪ ،‬وكتلبوا بذلك صحيلفلة فيهلا عهللود ومواثيلق )أل يقبللوا مللن بنلي هاشللم‬
‫دا‪ ،‬ول تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل(‪ .‬قال ابن القيللم‪ :‬يقللال‪ :‬كتبهللا منصللور بللن عكرمللة بللن‬ ‫حا أب ً‬‫صل ً‬
‫عامر بن هاشم‪ ،‬ويقال‪ :‬نضر بن الحارث‪ ،‬والصحيح أنه ب َِغيض بن عامر بن هاشم‪ ،‬فدعا عليه رسللول الللله ‪‬‬
‫ت يده‪}.‬الرحيق المختوم ‪ ،‬ص ‪{ 131‬‬‫شل ّ ْ‬
‫فَ ُ‬
‫لقد أظهرت هذه المقاطعة مروءة عالية من بني هاشم وبني عبدالمطلب حيث انضموا إلى المسلللمين رغللم‬
‫شركهم حمية ورجولة وظل هذا الحصار الذي أنهك الصغار والكبار لمدة ثلث سللنوات حللتى كللانوا يصللرخون‬
‫من شدة الجوع ‪ ،‬وأكلوا أوراق الشجر وجلود المواشي ‪ ،‬حتى قيض الله لها رجال مللن غيللر المسلللمين أيضللا‬
‫هم هشام بن عمرو ‪ ،‬والمطعم بن عدي ‪ ،‬وأبو البحتري ابن هشام ‪ ،‬وزمعة بن السود بن عبدالمطلب وزهير‬
‫بن أبي أمية المخزومي وتعاهدوا على نقض هذا الحصار ‪ ،‬فكان الفرج من الللله عللى أيلدي المشلركين‪ ،‬بملا‬
‫يضاعف المل أن ما يبرمه المشركين الوغاد ينقضه المشركون الحللرار ‪ ،‬ولكللل أزمللة نهايللة ‪ ،‬ولكللل عسللر‬
‫يسر‪.‬‬
‫ولعل هذه الرسالة في ذكرى السراء والمعراج إلى شللعب فلسلطين الّبلي اللذين رفلض الحلرار أن يكللون‬
‫تنازلهم عن مقاومة العدو الصهيوني الغاصب مقابل رفع الحصار ‪ ،‬ليسمح بطعام مغمللوس بالللذل والصللغار ‪،‬‬
‫والعار والشنار أن يتنازل المسلمون عن أرض القدس ‪ ،‬والمسجد القصى لشذاذ الفاق مللن بنللي صللهيون ‪،‬‬
‫ولعلي أستحضر لهؤلء المحاصرين قول الشاعر ‪:‬‬
‫بل فاسقني بالعز كأس الحنظل‬ ‫ل تسقني ماء الحياة بذلة‬
‫وسوف يأتي الله بالفرج ل إن شاء الله ل مهما طال كما حدث في قصة المقاطعة في عهد النبوة‬

‫صفحة ‪ 20‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫الفصل الثاني ‪:‬أحداث السراء والمعراج‬

‫لقد وردت أحداث السراء والمعراج بطريق يقيني لن آيات سللورة السللراء أثبتللت السللراء ‪ ،‬وآيللات سللورة‬
‫النجم أثبتت المعراج فصار معلوما مللن الللدين بالضللرورة ‪ ،‬وجللاءت أحللاديث صللحيحة فللي البخللاري ومسلللم‬
‫وغيرهما‪ ،‬وفيها تفصيلت تزيد عما في القرآن ‪ ،‬بل تفسر بعض معاني الكلمات في القرآن ‪ ،‬وهنللاك روايللات‬
‫ضاعين ‪ ،‬ولذا لزم أن أبين ما هللو الصللحيح مللن السللقيم ‪ ،‬المسللند مللن‬
‫وقصص نسجها خيال القصاصين والو ّ‬
‫المرسل ‪ ،‬المقبول والمرفوض في السراء والمعراج حيث إن الجدل كثر حولها ‪.‬‬

‫َ‬
‫أول ‪ :‬آيات القرآن الكريم عن السراء والمعراج ‪:‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫سَرى ب ِعَب ْد ِهِ ل َي ْل ً ّ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫‪ُ ":‬‬
‫سب ْ َ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫جد ِ ا ل ْ َ‬
‫صيُر ]السراء ‪[1 :‬‬ ‫ميعُ الب َ ِ‬‫س ِ‬ ‫ه هُوَ ال ّ‬ ‫ن آَيات َِنا إ ِن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه ل ِن ُرِي َ ُ‬ ‫حوْل ُ‬ ‫ْ‬
‫ذي َباَركَنا َ‬ ‫صى ال ِ‬ ‫جد ِ القْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حَرام ِ إ ِلى ال َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ة ِفي‬ ‫مل ُْعون َ َ‬‫جَرة َ ال ْ َ‬ ‫ش َ‬ ‫س َوال ّ‬ ‫ة ّللّنا ِ‬ ‫ك إ ِل ّ فِت ْن َ ً‬‫جعَل َْنا الّرؤَيا ال ِّتي أ ََري َْنا َ‬ ‫ما َ‬ ‫س وَ َ‬ ‫ط ِبالّنا ِ‬ ‫حا َ‬ ‫ك إن رب َ َ‬
‫كأ َ‬ ‫‪ -2‬وقوله تعالى ‪ ":‬وَإ ِذ ْ قُل َْنا ل َ َ ِ ّ َ ّ‬
‫م إ ِل ّ ط ُغَْيانا ً كِبيرا ]السراء ‪[60 :‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫زيد ُهُ ْ‬ ‫م فَ َ‬
‫ما ي َ ِ‬ ‫خوّفُهُ ْ‬ ‫ن وَن ُ َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ال ُ‬
‫حى )‬ ‫ي ُيو َ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ّ‬
‫ن هُوَ إ ِل وَ ْ‬ ‫وى )‪ (3‬إ ِ ْ‬ ‫ْ‬
‫ن الهَ َ‬ ‫ما َينط ِقُ ع َ ِ‬ ‫وى )‪ (2‬وَ َ‬ ‫ما غ َ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫حب ُك ُ ْ‬ ‫صا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ما َ‬ ‫وى )‪َ (1‬‬ ‫ذا هَ َ‬ ‫جم ِ إ ِ َ‬ ‫‪ -3‬وقوله تعالى ‪":‬و الن ّ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ديد ُ ال ْ ُ‬
‫ن أوْ أد َْنى )‪(9‬‬ ‫سي ْ ُ ِ‬‫ب قَوْ َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫َ‬
‫م د ََنا فَت َد َلى )‪ (8‬فَكا َ‬ ‫ق الع ْلى )‪ (7‬ث ُ ّ‬ ‫وى )‪ (6‬وَهُوَ َِبالفُ ِ‬ ‫ست َ َ‬ ‫مّرةٍ َفا ْ‬ ‫ذو ِ‬ ‫وى )‪ُ (5‬‬ ‫ق َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫‪ (4‬ع َل ّ َ‬
‫م ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عند َ‬ ‫خَرى )‪ِ (13‬‬ ‫ةأ ْ‬ ‫قد ْ َرآه ُ ن َْزل َ ً‬ ‫ما ي ََرى )‪ (12‬وَل َ َ‬ ‫ه ع ََلى َ‬ ‫ماُرون َ ُ‬ ‫ما َرأى )‪ (11‬أفَت ُ َ‬ ‫ؤاد ُ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ما ك َذ َ َ‬ ‫حى )‪َ (10‬‬ ‫ما أوْ َ‬ ‫حى إ َِلى ع َب ْد ِهِ َ‬ ‫فَأوْ َ‬
‫َ‬ ‫ما ط ََغى )‪ (17‬ل َ َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫قد ْ َرأى ِ‬ ‫صُر وَ َ‬ ‫ما َزاغ َ ال ْب َ َ‬ ‫شى )‪َ (16‬‬ ‫ما ي َغْ َ‬ ‫سد َْرة َ َ‬ ‫شى ال ّ‬ ‫مأَوى )‪ (15‬إ ِذ ْ ي َغْ َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫جن ّ ُ‬
‫ها َ‬ ‫عند َ َ‬ ‫من ْت ََهى )‪ِ (14‬‬ ‫سد َْرةِ ال ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ت َرب ّهِ ال ْك ُب َْرى )‪] "(18‬النجم ‪[18 - 1 :‬‬ ‫آَيا ِ‬
‫وفي الحاديث الصحاح التالية أفضل تفسير ‪ ،‬لهذه اليات ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الحاديث الصحاح عن السراء والمعراج ‪:‬‬

‫صفحة ‪ 21‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫هناك أحاديث صحيحة كثيرة وهي في مجملها ل تخرج عن المعاني الواردة في الحاديث التالية ‪-:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ت ب ِللال ْب َُرا ِ‬ ‫ل‪» :‬أِتيل ُ‬ ‫ل الل ّلهِ ‪ ‬قَللا َ‬ ‫سللو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫‪ (1‬روى البخاري ومسلم بسندهما عن أنس بللن مالللك ‪ ‬أ ّ‬
‫)وهُو داب ٌ َ‬
‫حت ّللى‬ ‫ه َ‬ ‫ل‪ ،‬فََرك ِب ْت ُل ُ‬ ‫ه( قَللا َ‬ ‫من ْت َهَ ٰى ط َْرفِ ِ‬ ‫عن ْد َ ُ‬‫حافَِره ُ ِ‬
‫ضع ُ َ‬ ‫ن ال ْب َغْ ِ‬
‫ل‪ .‬ي َ َ‬ ‫مارِ وَُدو َ‬ ‫ح َ‬‫ل فَوْقَ ال ْ ِ‬ ‫وي ٌ‬ ‫ض طَ ِ‬ ‫ة أب ْي َ ُ‬ ‫َ َ َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ت ِفيل ِ‬ ‫صلل ّي ْ ُ‬ ‫جد َ ف َ َ‬‫سل ِ‬ ‫م ْ‬‫ت ال ْ َ‬‫خل ْل ُ‬ ‫ط ِبلهِ الن ْب َِيلاُء‪ .‬ث ُل ّ‬
‫م دَ َ‬ ‫قةِ ال ِّتي ي َْرب ِ ُ‬ ‫حل ْ َ‬‫ه ِبال ْ َ‬
‫ل‪ ،‬فََرب َط ْت ُ ُ‬ ‫س‪َ .‬قا َ‬ ‫قد ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ت ب َي ْ َ‬ ‫أت َي ْ ُ‬
‫ل‬‫قللا َ‬‫ن ‪ .‬فَ َ‬ ‫ت الل ّب َ َ‬ ‫خت َْر ُ‬‫ن‪َ .‬فا ْ‬ ‫م ْ َ‬
‫ن لب َ ٍ‬ ‫ر‪ ،‬وَإ َِناٍء ِ‬ ‫م ٍ‬‫خ ْ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫سل َ ُ‬
‫م ب ِإ َِناٍء ِ‬ ‫ل ع َل َي ْهِ ال ّ‬ ‫ري ُ‬ ‫جب ْ ِ‬‫جاَءِني ِ‬ ‫ت‪ .‬فَ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫خَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن‪ .‬ث ُ ّ‬ ‫َرك ْعَت َي ْ ِ‬
‫ة" }صحيح مسلم ‪ ،‬باب السراء برسول الله السللموات وفللرض الصلللوات ‪ ،(170 /2) ،‬برقللم‬ ‫فط َْر َ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫خت َْر َ‬ ‫ل‪:‬ا ْ‬ ‫ري ُ‬ ‫جب ْ ِ‬‫ِ‬
‫‪. {356‬‬
‫ي الل ّهِ‬ ‫ن نب ّ‬ ‫‪ (2‬روى البخاري ومسلم والترمذي وأحمد وابن حبان بسندهم عن مالك بن صعصعة "»أ ّ‬
‫حجر لل مضللطجعًا‪ِ ،‬إذ أتللاني‬ ‫ُ‬
‫حطيم ل وربما قال في ال ِ‬ ‫دثه عن ليلةِ أسري به قال‪ :‬بينما أن في ال َ‬ ‫‪‬ح ّ‬
‫جنبي‪ :‬ما َيعني‬ ‫ت للجارود ِ وهوَ إلى َ‬ ‫قد ّ ل قال‪ :‬وسمعته يقول‪ :‬فشقّ ل ما بين هذه إلى هذه‪ ،‬فقل ُ‬ ‫تف َ‬ ‫آ ٍ‬
‫م‬ ‫شللعرته ل ل فاسللتخرج قلللبي‪ ،‬ث ل ّ‬ ‫صهِ إلى ِ‬ ‫ه يقول من قَ ّ‬ ‫شعَرته ل وسمعت ُ‬ ‫به؟ قال‪ :‬من ُثغرةِ نحرهٍ إلى ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ن الَبغل ِ‬ ‫ت بداب ّللة ُدو َ‬ ‫م أتيل ُ‬ ‫د‪ ،‬ثل ّ‬‫عي َ‬ ‫مأ ِ‬ ‫حشي‪ ،‬ث ّ‬ ‫سل قلبي‪ ،‬ثم ُ‬ ‫ب مملوءةٍ إيمانًا‪ ،‬فغُ ِ‬ ‫ت من َذه ٍ‬ ‫س ٍ‬ ‫ت بط َ ْ‬ ‫أتي ُ‬
‫خط لوَة ُ عن لد َ‬ ‫ض لع ُ َ‬‫س‪ :‬نعم ل ل ي َ َ‬ ‫ة؟ قال أن ٌ‬ ‫ض‪ .‬ل فقال له الجاروُد‪ :‬هوَ الُبراقُ يا أبا حمز َ‬ ‫وفوقَ الحمار أبي َ‬
‫مللن هللذا؟‬ ‫دنيا فاستفَتح‪ ،‬فقيللل‪َ :‬‬ ‫ل حتى أتى السماَء ال ّ‬ ‫جبري ُ‬ ‫َ‬
‫ت عليه‪ ،‬فانطلقَ بي ِ‬ ‫حمل ُ‬ ‫ه‪ ،‬ف ُ‬ ‫أقصى طْرف ِ‬
‫م‬ ‫مرحبا ً بلله‪ ،‬فِنعلل َ‬ ‫ل ِإليه؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قيل‪َ :‬‬ ‫س َ‬‫ل‪ :‬وقد أر ِ‬ ‫من معك؟ قال‪ :‬محمد‪ .‬قي َ‬ ‫ل‪ :‬و َ‬ ‫جبريل‪ .‬قي َ‬ ‫قال‪ِ :‬‬
‫ت عليلله‪،‬‬ ‫م عليلله‪ .‬فسلللم ُ‬ ‫م‪ ،‬فسللل ْ‬ ‫م‪ ،‬فقال‪ :‬هذا أبللوك آد ُ‬ ‫ت فإذا فيها آد ُ‬ ‫َ‬
‫خلص ُ‬ ‫فَتح‪ .‬فلما َ‬ ‫المجيُء جاء‪ .‬ف َ‬
‫ة‬‫صلعِد َ بلي حلتى أتلى السلماء الثانيل َ‬ ‫ي الصلالح‪ .‬ثلم َ‬ ‫ن الصلالح والنلب ّ‬ ‫ً‬
‫ُ‬ ‫حبا بالب ِ‬ ‫مر َ‬ ‫م ثم قال‪َ :‬‬ ‫فَرد ّ السل َ‬
‫ل إليلله؟ قللال‪:‬‬ ‫سل َ‬ ‫ل‪ ،‬قيل‪ :‬ومن معك؟ قال‪ :‬محمد‪ .‬قيل‪ :‬وقللد أر ِ‬ ‫من هذا؟ قال‪ :‬جبري ُ‬ ‫ح‪ .‬قيل‪َ :‬‬ ‫فاستفت َ‬
‫ت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالللة‪ .‬قللال‪:‬‬ ‫ص ُ‬ ‫َ‬
‫خل ْ‬‫فَتح‪ .‬فلما َ‬ ‫م المجيء جاء‪ .‬ف َ‬ ‫ه‪ ،‬فنع َ‬ ‫ً‬
‫نعم‪ .‬قيل‪ :‬مرحبا ب ِ‬
‫م‬ ‫ي الصللالح‪ .‬ثل ّ‬ ‫ت‪ ،‬فرّدا‪ ،‬ثم قال‪ :‬مرحبلا ً بللالخ الصللالح والنللب ّ‬ ‫م عليهما‪ ،‬فسلم ُ‬ ‫هذا يحيى وعيسى فسل ْ‬
‫صعد بي إلى السماِء الثالثة فاسَتفتح‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟ قال‪ :‬جبريل‪ ،‬قيل‪ :‬ومللن معللك؟ قللال‪ :‬محمللد‪.‬‬
‫سللف‪،‬‬ ‫ت إذا يو ُ‬ ‫خلص ل ُ‬ ‫فتح‪ ،‬فلما َ‬ ‫م المجيء جاء‪ .‬ف ُ‬ ‫ه؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قيل‪ :‬مَرحبا ً به فنع َ‬ ‫ل إلي ِ‬ ‫قيل‪ :‬وقد ُأرس َ‬
‫ي الصللالح‪ ،‬ثللم‬ ‫مرحبا ً بللالخ الصللالح والنللب ّ‬ ‫م قال‪َ :‬‬ ‫ت عليه‪ ،‬فرد ّ ث ّ‬ ‫م عليه‪ ،‬فسلم ُ‬ ‫سف فسل ْ‬ ‫قال‪ :‬هذا يو ُ‬
‫مللن معللك؟ قللال‪:‬‬ ‫صعِد َ بي حتى أتى السماء الرابعة فاسَتفتح‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟ قللال‪ :‬جبريللل‪ .‬قيللل‪ :‬و َ‬
‫ت فللإذا‬ ‫م المجيء جاء‪ .‬ففتح‪ .‬فلما خلص ُ‬ ‫ل إليه؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قيل‪ :‬مرحبا ً به فنع َ‬ ‫س َ‬ ‫محمد‪ .‬قيل‪ :‬أَوقد أر ِ‬
‫ي‬ ‫مرحبلا ً بللالخ الصللالح والنللب ّ‬ ‫ت عليلله‪ ،‬فللرد ّ ثللم قللال‪َ :‬‬ ‫س فسلم عليه‪ ،‬فسلللم ُ‬ ‫إدريس‪ ،‬قال‪ :‬هذا إدري ُ‬
‫الصالح‪ .‬ثم صعِد َ بي حتى أتى السماء الخامسة فاسَتفتح‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟ قللال‪ :‬جبريللل‪ .‬قيللل‪ :‬ومللن‬
‫م‬ ‫ل إليه؟ قللال‪ :‬نعللم‪ .‬قيللل‪ :‬مرحب لا ً بلله فنعل َ‬ ‫معك؟ قال‪ :‬محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬قيل‪ :‬وقد ُأرس َ‬

‫صفحة ‪ 22‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫ت عليلله‪ ،‬فللرد ّ ثللم قللال‪:‬‬ ‫م عليه‪ ،‬فسلم ُ‬ ‫ن فسل ْ‬ ‫ن‪ .‬قال‪ :‬هذا هارو ُ‬ ‫ت فإذا هارو ُ‬ ‫المجيء جاء‪ .‬فلما خلص ُ‬
‫ي الصالح‪ .‬ثم صعِد َ بي حتى أتى السماء السادسة فاسَتفتح‪ ،‬قيل‪ :‬من هذا؟‬ ‫مرحبا ً بالخ الصالح والنب ّ‬
‫ل إليه؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قيللل‪ :‬مرحب لا ً بلله‪ ،‬فنعللم‬ ‫س َ‬‫قال‪ :‬جبريل‪ .‬قيل‪ :‬من معك؟ قال‪ :‬محمد‪ .‬قيل‪ :‬وقد أر ِ‬
‫م قللال‪:‬‬ ‫ت عليه‪ ،‬فللرد ّ ث ل ّ‬ ‫م عليه‪ ،‬فسلم ُ‬ ‫ت فإذا موسى‪ ،‬قال‪ :‬هذا موسى فسل ْ‬ ‫المجيء جاء‪ .‬فلما خلص ُ‬
‫ث‬ ‫غلما ً ُبع َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ل له‪ :‬ما ُيبكيك؟ قال‪ :‬أبكي ل ّ‬ ‫ت بكى‪ .‬قي َ‬ ‫ي الصالح‪ .‬فلما تجاَوز ُ‬ ‫مرحبا ً بالخ الصالح والنب ّ‬
‫ح‬ ‫صعِد َ بي إلى السماء السللابعة‪ ،‬فاس لَتفت َ‬ ‫متي‪ .‬ثم َ‬ ‫خلها من أ ّ‬ ‫متهِ أكثُر ممن يد ُ‬ ‫ل الجنةِ من أ ّ‬ ‫خ ُ‬
‫بعدي يد ُ‬
‫ث إليه؟ قللال‪ :‬نعللم‪.‬‬ ‫من هذا؟ قال‪ :‬جبريل‪ .‬قيل‪ :‬ومن معك؟ قال‪ :‬محمد‪ .‬قيل‪ :‬وقد ُبع َ‬ ‫جبريل‪ ،‬قيل‪َ :‬‬
‫م عليلله‪ .‬قللال‬ ‫ت فللإذا إبراهيللم‪ ،‬قللال‪ :‬هللذا أبللوك فسللل ْ‬ ‫م المجيء جاء‪ .‬فلما خلص ُ‬ ‫قال‪ :‬مرحبا ً به‪ ،‬ونع َ‬
‫سللدرةُ‬ ‫ي الصللالح‪ .‬ثللم ُرفعَللت لللي ِ‬ ‫ن الصللالح والنللب ّ‬ ‫ً‬
‫م قال‪ :‬مرحبلا بللالب ِ‬ ‫ت عليه‪ ،‬فرد ّ السلم‪ ،‬ث ّ‬ ‫فسلم ُ‬
‫ة‬
‫سدرة المنتهى‪ ،‬وإذا أربع ُ‬ ‫فَيلة‪ .‬قال‪ :‬هذه ِ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ل آذا ِ‬ ‫جر‪ ،‬وإذا َورُقها مث ُ‬ ‫ل هَ َ‬
‫ل ِقل ِ‬ ‫قها مث ُ‬ ‫المنتهى‪ ،‬فإذا َنب ُ‬
‫ن فللي‬ ‫ن يللا جبريللل؟ قللال‪ :‬أمللا الباطنللان فنهللرا ِ‬ ‫ت‪ :‬ما هذا ِ‬ ‫ن ظاهران‪ .‬فقل ُ‬ ‫أنهاٍر‪ :‬نهران باطنان ونهرا ِ‬
‫خمر وإنللاٍء مللن‬ ‫ت بإناٍء من َ‬ ‫ُ‬ ‫ن فالني ُ‬
‫م أتي ُ‬ ‫ت المعمور‪ .‬ث ّ‬ ‫فرات‪ .‬ثم ُرفعَ لي البي ُ‬ ‫ل وال ُ‬ ‫الجنة‪ ،‬وأما الظاهرا ِ‬
‫ي‬ ‫رضلت علل ّ‬ ‫م فُ ِ‬‫مُتلك‪ .‬ثل ّ‬ ‫فطلرة ُ اللتي أنلت عليهلا وأ ّ‬ ‫ي ال ِ‬ ‫ت اللَبن‪ ،‬فقال‪ :‬ه َ‬ ‫عسل‪ ،‬فأخذ ُ‬ ‫ل ََبن وإناٍء من ِ‬
‫ت‬ ‫مللر ُ‬
‫مللرت؟ قللال‪ :‬أ ِ‬ ‫ت علللى موسللى‪ ،‬فقللال‪ :‬بمللا أ ِ‬ ‫ت فملَرْر ُ‬ ‫جعْل ُ‬ ‫ل يللوم‪ ،‬فر َ‬ ‫ن صلة ً كل ّ‬ ‫الصلة ُ خمسي َ‬
‫ت‬ ‫ن صلللة ً كللل يللوم‪ ،‬وإنللي والل ّلله قللد جربل ُ‬ ‫ك ل َتستطيعُ خمسي َ‬ ‫ن صلة ً كل يوم‪ ،‬قال‪ :‬إن أمت َ‬ ‫بخمسي َ‬
‫َ‬
‫ف لمتلك‪،‬‬ ‫ه التخفيل َ‬ ‫ت بنلي إسلرائيل أشلد المعالجلة‪ ،‬فلارجعْ إللى رّبلك فاسلأل ْ ُ‬ ‫س قبللك‪ ،‬وعلالج ُ‬ ‫النا َ‬
‫ت‬ ‫عشللرا‪ ،‬فرجع ل ُ‬ ‫ً‬ ‫وضع عنللي َ‬ ‫تف َ‬ ‫ت إلى موسى فقال مثله‪ .‬فرجع ُ‬ ‫جع ُ‬ ‫عشرا‪ ،‬فر َ‬‫ً‬ ‫جعت‪ ،‬فوضعَ عني َ‬ ‫فر َ‬
‫ت‬ ‫ضلعَ عنللي عشللرًا‪ ،‬فرجعللت إلللى موسللى فقللال مثللله‪ .‬فرجعل ُ‬ ‫إلى موسى فقال مثله‪ .‬فرجعللت فوَ َ‬
‫ت كللل يللوم‪،‬‬ ‫ت بخمللس صلللوا ٍ‬ ‫مر ُ‬ ‫ت فللأ ِ‬‫ت فقللال مثللله‪ .‬فرجعل ُ‬ ‫ل يوم‪ ،‬فرجعل ُ‬ ‫ت بَعشرِ صلوات ك ّ‬ ‫مر ُ‬ ‫فأ ِ‬
‫كل‬ ‫س صلللوات كللل يللوم‪ .‬قللال‪ :‬إن أمتل َ‬ ‫ت بخمل ِ‬ ‫مللر ُ‬ ‫ت؟ قلللت‪ :‬أ ِ‬ ‫مللر َ‬
‫ت إلى موسى فقال‪ :‬بما أ ِ‬ ‫فرجع ُ‬
‫ل أشد المعالجة‪،‬‬ ‫ت بني إسرائي َ‬ ‫س قبلك‪ ،‬وعالج ُ‬ ‫ت النا َ‬ ‫جري ُ‬ ‫ت كل يوم‪ ،‬وإني قد َ‬ ‫س صلوا ٍ‬ ‫تستطيعُ خم َ‬
‫ت‪ ،‬ولكن أرضى وأسلم‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ت َربي حتى استحَيي ُ‬ ‫ه التخفيف لمتك‪ .‬قال‪ :‬سأل ُ‬ ‫َ‬
‫فارجعْ إلى رب ّك فاسأل ُ‬
‫ففت عن عبادي«‪ }.‬صحيح البخاري ‪ ،‬باب المعللراج ‪،(7/600) ،‬‬ ‫خ ّ‬‫ت فريضتي‪ ،‬و َ‬ ‫ضي ُ‬‫مناٍد‪ :‬أم َ‬ ‫فلما جاَوزت ناَدى ُ‬
‫برقم ‪{3800‬‬
‫ب‬ ‫ت زِّرا ً عللن قللوله تعللالى ‪" :‬فَك َللا َ‬
‫ن َقلا َ‬ ‫‪ (3‬روى البخاري بسنده عن سليماني الشيباني ‪ ،‬قال‪» :‬سأل ُ‬
‫ه محمللد ‪‬‬ ‫قَوسي َ َ‬
‫ن أوْ أد َْنى ‪ ،‬فأوحى إلى عبد ِهِ ما أوحى" ]النجم ‪ [10 9 :‬قال‪ :‬أخبَرنا عبد ُ الله أن ل ُ‬
‫ْ َ ْ ِ‬
‫ح«‪}.‬صحيح البخاري ‪ ،‬في التفسير‪ ،‬تفسير سورة النجم باب قوله تعالى ‪":‬فأوحى إلى عبده‬ ‫جَنا ٍ‬ ‫جبري َ‬
‫ل له سّتمائةِ َ‬ ‫رأى ِ‬
‫ما أوحى"‪، (592/ 9) ،‬برقم ‪{4738‬‬

‫صفحة ‪ 23‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫سللير فللي‬‫ي ‪ ‬قال‪» :‬بينمللا أنللا أ ِ‬ ‫ك ‪ ‬عن النب ّ‬ ‫س بن مال ٍ‬ ‫‪ (4‬روى البخاري والترمذي بسندهما عن أن ُ‬
‫كوث َُر الذي أعطا َ‬
‫ك‬ ‫ل؟ قال‪ :‬هذا ال َ‬
‫ت‪ :‬ما هذا يا جبري ُ‬ ‫وف‪ ،‬قل ُ‬ ‫الجنة‪ ،‬إذا أنا بنهرٍ حاَفتاه ُ ِقبا ُ‬
‫ب الد ّّر المج ّ‬
‫دبة«‪}.‬صللحيح البخللاري‪ ،‬بللاب فللي الحللوض )‪ ،( 294 /13‬رقللم‬ ‫ش ّ‬
‫ك هُ ْ‬ ‫ك أذفَر‪َ .‬‬ ‫مس ٌ‬ ‫هل ِ‬ ‫طين ُ‬
‫ه ل أو ِ‬ ‫طيب ُ‬
‫رّبك‪ ،‬فإذا ِ‬
‫‪. { 6434‬‬
‫"وما َ‬
‫جعلنا الّرؤيا التي أَرينا َ‬
‫ك‬ ‫ه عنهما في قوله تعالى‪:‬‬ ‫ي الل ّ ُ‬
‫‪ (5‬ما رواه البخاري بسنده عن ابن عباس رض َ‬
‫ت‬ ‫ّ‬
‫ل الللهِ ‪ ‬ليلل َ‬ ‫ُ‬
‫إل ّ فتنة للنللاس" ]السراء ‪ [60 :‬قال‪ :‬هي رؤيللا عيللن أرَِيهللا رسللو ُ‬
‫ة أسلرِيَ بلله إلللى بيل ِ‬
‫ن هي شللجرة ُ الزقّللوم«‪ }.‬صللحيح البخللاري ‪ ،‬بللاب المعللراج ‪) ،‬‬ ‫ة في القرآ ِ‬
‫دس‪ .‬قال‪ :‬والشجرة الملعون َ‬‫المق ِ‬
‫‪ ،( 7/602‬رقم ‪. {3801‬‬
‫ل الله ‪ ‬يقول‪ :‬لما ك ّ‬
‫ذبني‬ ‫بسندهما عن جابر بن عبدالله أنه سمعَ رسو َ‬ ‫‪ (6‬ما رواه البخاري ومسلم‬
‫ت أخب ُِرهم عن آياته‪ ،‬وأنللا أنظ لُر إليلله«‪.‬‬
‫ق ُ‬
‫س‪ ،‬فطف ْ‬
‫ت المقد ِ‬ ‫حجر فجلى الل ّ ُ‬
‫ه لي بي َ‬ ‫ت في ال ِ‬
‫قَريش قم ُ‬
‫}صحيح البخاري ‪ ،‬باب حديث السراء ‪،( 594/ 7) ،‬رقم ‪{3799‬‬

‫هذه أهم الروايات الصحيحة وما عداها فيه تفصيلت ل تخرج عما جاء في الروايات خاصة الرواية الطويلة‬
‫في حديث مالك بن صعصعة ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الحديث الموضوع ‪ :‬السراء والمعراج لبن عباس‬


‫هناك شغف لدى بعض ضعاف العقول من الدعاة أو الخطباء بالحاديث الضعيفة والموضوعة كي يدغدغوا بها‬
‫مشاعر الجماهير ‪ ،‬ويحركوا أحاسيسهم في وقت الخطبة أو الدرس ثم ل يلبث هذا الشعاع المتوهج أن‬
‫درَوشة" ودعاة "دغدغة المشاعر" صارت بضاعتهم التي‬ ‫ينطفئ ويعود أدراجه إلى حياته لن خطباء "ال ّ‬
‫ل عند هؤلء من يقف عن آيات القرآن الكريم تدبرا َ بالعقل ‪،‬‬ ‫يروجونها هي هذه الموضوعات أو الضعيف ‪ ،‬وق ّ‬
‫وتأثرا بالقلب‪ ،‬وتغيرا بالنفس ‪ ،‬وهؤلء يقتربون من الدجالين في عالم الصحافة الذين يعتقدون أن الخبر هو‬
‫الثارة وليس الحقيقة ‪ ،‬فل يكتبون أن الكلب عض إنسانا ‪ ،‬بل دائما يقولون ‪ :‬إن النسان قد عض الكلب ‪،‬‬
‫وهؤلء وأولئك في الحقيقة يسيئون إلى الحقيقة الغائبة أو الحائرة ‪.‬‬
‫ولما كان أمر السراء والمعراج مما يدخل في دائرة العتقاد ويترتب عليه الكثير من الجوانب الشرعية‬
‫العملية فل يجوز أن يروي فيه إل الصحيح ليسلم لنا ديننا من هذا الدجل ‪ ،‬والحمد لله أن الله تعالى قد تكفل‬
‫ن"" ]الحجر ‪ ، [9 :‬ومن الذكر حفظ السنة‬ ‫ظو َ‬ ‫حافِ ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذ ّك َْر وَإ ِّنا ل َ ُ‬
‫ح ُ‬ ‫بحفظ الذكر الحكيم في قوله تعالى ‪ ":‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫ن "]النحل ‪ ، [44 :‬ولذلك لما سئل‬
‫فك ُّرو َ‬ ‫م وَل َعَل ّهُ ْ‬
‫م ي َت َ َ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫ما ن ُّز َ‬
‫س َ‬ ‫ن ِللّنا ِ‬ ‫مع القرآن لقوله تعالى ‪ ":‬وََأنَزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬
‫ك الذ ّك َْر ل ِت ُب َي ّ َ‬

‫صفحة ‪ 24‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫المام عبدالله بن المبارك عن كثرة الحاديث الموضوعة ‪ ،‬قال ‪ ":‬تعيش لها الجهابذة ‪ ،‬وقال ‪ :‬إن هذه‬
‫الحاديث دين ‪ ،‬فانظروا عمن تأخذون دينكم"‪ ،‬وقال المام محمد بن سيرين ‪" :‬لم يكونوا يسألون عن‬
‫السناد‪ ،‬فلما وقعت الفتنة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬سموا لنا رجالكم ‪ ،‬فيؤخذ عن أتباع سنة النبي ‪ ، ‬ويتجنب أهل البدع "‪.‬‬
‫وقد روى ابن جرير وابن عبدالبر أن النبي ‪ ‬قال ‪":‬يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ‪ ،‬ينفون عنه‬
‫تحريف الغاليين‪ ،‬وانتحال المبطلين ‪ ،‬وتأويل الجاهلين"‪.‬‬
‫َ‬
‫ومن هذا الباب يلزم بيان أن أهم ما روي في الموضوعات هو ما ينسب زورا أنه حديث ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما عن السراء والمعراج ‪ ،‬ويوزع منذ نصف قرن بمليين النسخ‪ ،‬ويتشدق كثير من الخطباء بما فيه من‬
‫غث مردود‪ ،‬وقد ذكر المام السيوطي في كتابه تدريب الراوي أن من الموضوع الحديث الطويل عن ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما في السراء أورده ابن مردويه في تفسيره وهو نحو كراسين )أي عدد كبير من‬
‫الوراق(‪.‬‬
‫وإذا كان لدى المسلم حس وحب ومراس ومراجعة ومطالعة لحديث رسول الله ‪ ‬يتكون لديه حسن‬
‫إيماني عقلي مرهف يدرك به الحديث الصحيح من الموضوع‪ ،‬ولذا قال ابن الصلح‪ :‬إن لحديث رسول الله‬
‫‪ ‬نفسا ً به يعرف‪ ،‬و سوف أورد بعضا من هذا الحديث التي تفوح رائحته بالوضع ‪-:‬‬
‫جاء في الحديث الموضوع أن البراق اضطرب عند ركوب رسول الله ‪ ‬وهو صحيح في الصل‬ ‫)‪(1‬‬
‫ل لكن خيال الوضاع زاد فقال ‪" :‬فتقدمت لركبه فاضطراب كما تضطرب السمكة في الشبكة"‪ ،‬فقال‬
‫جبريل ‪ :‬تقدم يا حبيب الله ‪ ،" ...‬كلمة " السمكة في الشبكة " ل يمكن أن تكون من لفظ النبي ‪، ‬‬
‫ول حتى رواة الحاديث‪ ،‬بل هو كلم دارج مثل عبارة المصريين‪" :‬الكرسي في الك ُُلوب" لمن يهدم‬
‫الفرح عند العرس بضرب الكرسي في الكلوب وهو "السراج" ل الذي يضيء بالزيت ل‪ .‬وكذلك تكررت‬
‫عبارة "يا حبيب الله ‪ ،‬يا حبيبي" ‪ ،‬وهذا من الكلم أيضا ‪.‬‬
‫إدعاء أن هناك ثلثة نادوا على رسول الله ‪ ‬في الطريق إلى بيت المقدس باطل ‪ ،‬وهي‬ ‫)‪(2‬‬
‫نصا ً ‪ ":‬وإذا بصائح عن يميني‪ ،‬وهو يقول‪ :‬قف يا محمد فإني أنصح لك ولمتك‪ ،‬فسرت ولم‬
‫التفت إليه‪ ،‬وكان ذلك فضل من الله تعالى ‪ ،‬ثم سرنا ما شاء الله وإذا بصائح عن شمالي وهو‬
‫يقول‪ :‬قف يا محمد فإني أنصح لك ولمتك‪ ،‬فسرت ولم ألتفت إليه‪ ،‬وكان ذلك فضل من الله‬
‫تعالى ‪ ،‬وكان ذلك فضل من الله عز وجل ‪ ،‬ثم سرنا وإذا نحن ببيت المقدس وإذا عن يميني‬
‫شاب حسن الثياب طيب الرائحة فلما رآني أقبل وسلم على وعانقني وعانقته ثم غاب عّنى‪،‬‬
‫فقلت يا أخي يا جبريل‪ :‬أخبرني عن الصائح الذي ناداني في الطريق فقال‪ :‬أما الصائح الول‬
‫فهو داعي النصارى ولو أجبته لتنصرت أمتك من بعدك‪ ،‬وأما الصائح الثاني فهو داعي اليهود ولو‬
‫أجبته لتهودت أمتك من بعدك ‪ ,‬وأما المرأة الناشرة شعرها المتزينة بالحلل فتلك الدنيا ولو‬

‫صفحة ‪ 25‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫أجبتها لختارت أمتك الدنيا على الخرة ‪ "....‬هذا كله خيال كاذب ليجوز لمن عنده بقية من عقل أن‬
‫ب الذي يستجيب لكل صائح ولم تتعرض له‬ ‫دث به ‪ ،‬فضل عن اعتقاده ‪ ،‬فالرسول ‪ ‬ليس بالخ ّ‬ ‫يح ّ‬
‫امرأة قط في الحرام ‪،‬ولو أن عارفا بالله بحق لتهيبت أفجر نساء الرض أن تتعرض له فكيف بمقام‬
‫وة ؟!‬
‫النب ّ‬
‫إدعاء أن هناك ملكا في السماء الولى نصفه ثلج ونصفه نار باطل أيضا بطلنا شديدا والرواية‬ ‫)‪(3‬‬
‫تكذب نفسها ‪ ،‬كما يلي ‪ ":‬وإذا أنا بملك نصفه من ثلج ونصفه من نار فل النار تذيب الثلج ول‬
‫الثلج يطفئ النار‪ ،‬له ألف رأس في كل رأس ألف وجه‪ ،‬في كل وجه ألف فم في كل فم ألف‬
‫لسان يسبح الله تعالى بألف لغة ل يشبه بعضها بعضا‪ ،‬ومن جملة تسبيحه أنه يقول سبحان من‬
‫ألف بين الثلج والنار وألف بين قلوب عباده المؤمنين‪ ،‬والملئكة تقول‪ :‬آمين فقلت من هذا يا‬
‫أخي يا جبريل فقال هذا الملك الموكل بأكناف السموات وهو أنصح الملئكة لبنى آدم" ما قيمة‬
‫الجمع بين الثلج والنار؟ وما قصة اللف المؤلفة من اللسنة واللغات؟‬
‫وصف ملك الموت وكيفية قبضه الروح ليس إل من الوضع الرخيص المجافي لكل عقل ومنطق‬ ‫)‪(4‬‬
‫ويبدو ذلك في نص الحديث الموضوع فيما يلي ‪:‬‬
‫في وصف عزرائيل ‪ ":‬ثم رأيت ملكا عظيم ال ِ‬
‫خلقة والمنظر قد بلغت قدماه تخوم‬ ‫‪-1‬‬
‫الرض السابعة‪ ،‬و رأسه تحت العرش ‪،‬وهو جالس على كرسي من نور والملئكة بين يديه‬
‫وعن يمينه وعن شماله ينتظرون أمر الله تعالى عز وجل ‪ ،‬وعن يمينه لوح وعن شماله‬
‫شجرة عظيمة إل أنه لم يضحك أبدا‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أخي يا جبريل من هذا ؟ قال‪ :‬جبريل هذا‬
‫هازم اللذات‪ ،‬مفرق الجماعات‪ ،‬ومخرب البيوت والدور‪ ،‬ومعمر القبور‪ ،‬وميتم الطفال‪،‬‬
‫ومرمل النساء‪ ،‬ومفجع الحباب‪ ،‬ومغلق البواب‪ ،‬ومسود العتاب‪ ،‬وخاطف الشباب ‪ ،‬هذا‬
‫ملك الموت عزرائيل فهو ومالك خازن النار ل يضحكان أبدا"‪.‬‬
‫في وصف قبض الرواح ‪ ":‬فإذا بلغ العبد أجله استوفى رزقه وانقضت مدة حياته‬ ‫‪-2‬‬
‫أرسلت إليه أربعين ملكا يعالجون روحه فينزعونمها من العروق والعصب واللحم والدم‪،‬‬
‫ويقبضونها من رؤوس أظافره حتى تصل إلى الركب‪ ،‬ثم يريحون الميت ساعة ثم‬
‫سرة ثم يريحونه ساعة ثم يجذبونها إلى الحلقوم فتقع في الغرغرة‬ ‫يجذبونها إلى ال ُ‬
‫ل الشعرة من العجين‪ ،‬فإذا انفصلت عن الجسد جمدت العينان‬ ‫فأتناولها وأسّلها كما تس ّ‬
‫وشخصتا لنهما يتبعان الروح ‪ ،‬فأقبضها بإحدى حربتي هاتين وإذا بيده حربه من نور‬
‫وحربة سخط ‪ ،‬فالروح الطيبة يقبضها بحربة النور ويرسلها إلى عليين‪ ،‬والروح الخبيثة‬
‫يقبضها بحربة السخط ويرسلها إلى سجين ‪ ،‬وهى صخره سوداء مدلهمة تحت الرض‬
‫السابعة السفلى فيها أرواح الكفار والفجار‪ ،‬قلت ‪ :‬وكيف تعرف حضر أجل العبد أم لم‬

‫صفحة ‪ 26‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫يحضر؟ قال يا محمد ما من عبد إل وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب يصعد‬
‫إليه عمله وهذه الشجرة التي عن يساري ما عليها من ورقة إل عليها اسم واحد من بني‬
‫آدم ذكور أو إناث فإذا قرب أجل الشخص اصفرت الورقة التي كتب عليها اسمه‪ ،‬وتسقط‬
‫على الباب الذي ينزل منه رزقه‪ ،‬ويسود اسمه في اللوح فأعلم أنه مقبوض فأنظر إليه‬
‫نظرة يرتعد منها جسده ‪ ،‬ويتوعك قلبه من هيبتي فيقع في الفراش فأرسل إليه أربعين‬
‫من الملئكة يعالجون روحه"‪.‬‬
‫هذا كله دجل لم ترد به آية صريحة ول سنة صحيحة‪ ،‬ول يشبه حكايات العجائز للصبيان قبل النوم‪.‬‬
‫تصوير أهل النار جميعا أنهن من النساء اللتللي يطلبلن الطلق بل سللبب أو تخلون زوجهلا أو‪، ...‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫وتصويرهن معلقات من شعورهن وأثدائهن وأرجلهن إلى ألسنتهن‪ ،‬ويخرج من دماغهن ومنللاخريهن نللار‬
‫مثل الدهن‪ ....‬وأخرى في صورة الكلب ‪ .‬هللذا يصللدر مللن نصللوص موضللوعة كللثيرة تنبللع مللن كراهيللة‬
‫المرأة‪ ،‬والحط من شأنهن‪ ،‬وتصويرهن أدوات الشياطين للغواء والفتن‪ ،‬وقد رويت روايللات موضللوعة‬
‫في هذا الطار أن رسول الله ‪، ‬قال‪ ":‬شاورهن وخالفوهم فللإن فللي خلفهللن بركللة" ‪ ،‬ونسللب زورا‬
‫إلى المام علي بن أبي طالب ‪ ‬أنه قال‪" :‬المرأة شر كلها وشر ما فيها أنه ل بد منها"‪ ،‬وهذا كله مللن‬
‫الفتراء على رسول الله ‪ ‬أو المللام الجليللل علللي بللن أبللي طللالب ‪ ‬الللذي كللان زوجلا ً لخيللر نسللاء‬
‫العالمين السيدة فاطمة الزهراء‪.‬‬
‫صاص الذي وضع الحديث أن يسترسل مع خياله الخصب في الباطل أن يصف كل‬ ‫لم يفت الق ّ‬ ‫)‪(6‬‬
‫سماء كما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬السماء الولى من دخان‪.‬‬
‫‪ -2‬السماء الثانية من ذهب ‪.‬‬
‫‪ -3‬السماء الثالثة من نحاس‪.‬‬
‫‪ -4‬السماء الرابعة من فضة‪.‬‬
‫‪ -5‬السماء الخامسة من ذهب أحمر‪.‬‬
‫‪ -6‬السماء السادسة من ياقوتة خضراء‪.‬‬
‫‪ -7‬السماء السابعة من درة بيضاء ‪.‬‬
‫هذا كله مخالف للقطعي من العلوم الكونية والفلكية‪ ،‬ومناقض تماما لصول هذا العلم‪ ،‬ول يجوز أن نشيع‬
‫ذلك على الناس لننا قد نصد عن سبيل الله ‪،‬ونستعدي العلم الذي ل يعارضه أبدا نص صحيح‪ ،‬فالقطعي من‬
‫الحقائق العلمية ل يخالف نصا صحيحا صريحا أبدا ‪ ،‬ول يوجد إل التوافق التام بينهما ‪.‬‬

‫صفحة ‪ 27‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫هذه فقط بعض النماذج من الحشو الكثير الذي يصل إلى كتاب تزيد صفحاته عن مائة صفحة من القطع‬
‫المتوسط‪ ،‬وهو مما اختلط فيه القليل الصحيح بالكثير الموضوع ‪،‬ول صحة أبدا لنسبته لبن عباس‪ ،‬ول يعرف‬
‫رواته حتى يمكن وضعهم على مختبر علماء الحديث في الجرح والتعديل ‪ ،‬وبالتالي ل تجوز روايته‪ ،‬بل يجب‬
‫التنبه دائما على وضعه عند من شاع لديهم وانتشر بينهم ‪.‬‬

‫صفحة ‪ 28‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬نتائج السراء والمعراج‬

‫هناك الكثير من النتائج التي تستخلص من مقدمات وأحداث رحلتي السراء والمعراج وأهمها ما يلي ‪-:‬‬

‫ت لكل مسلم مع الصبر الجميل والدعاء الذليل‬


‫الدرس الول ‪ :‬الفرج آ ٍ‬
‫المقلللللدمات‬ ‫لقلللللد رأينلللللا فلللللي‬
‫كيف كان الغواء كثيرا‪ ،‬واليذاء شديدا كي يتراجع النبي ‪ ‬عن شيء من ثوابت دعوته‪ ،‬فأبى النبي ‪‬‬
‫إل التمسك بالحق والصرار على مواصلة الطريق‪ ،‬وتركهم إلى أرض أخرى لعلها أن تكون أكللثر خصللبا‬
‫وقبول للدعوة السلمية فذهب إلى الطائف فكان قومها أشد بأسا في مواجهة النبي ‪ ‬فلللم يعللاملوه‬
‫ل كإنسان في الضيافة عند العرب‪ ،‬ول كرسول له الحق أن يبلغ كلمة الله ولهللم الحللق فللي قبولهللا أم‬
‫ي محض‪ ،‬وسلطوا عليه الصللغار والكبللار مللن‬ ‫ل؟ رفضوا السماع‪ ،‬ورفضوا عرض الفكرة بأسلوب سلم ّ‬
‫اللئام الذين أخرجوه طريدا‪ ،‬ول يملك شيئا إل إيمانه بربه وعزمله علللى مواصلللة دعلوته ل يتنلازل علن‬
‫جزئية منها‪ ،‬ولم يستطع أن يدخل مكللة بلللده الصلللي ومللوطن أهللله وعشلليرته ومقللام زوجتلله وأولده‬
‫فاضطر إلى الدخول في جوار المطعم بن عدي‪ ،‬ثم رفع رأسه إلى السماء ودعا ربه بخير دعللاء فقللال‬
‫مبتهل متبتل خاشعا متذلل‪ :‬اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي‪ ،‬وقلة حيلتي‪ ،‬وهواني علممى‬
‫الناس‪ ،‬أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلنممي‪ ،‬إلممى بعيممد يتجهمنممي أم إلممى‬
‫ى فل أبالي‪ ،‬ولكممن عافيتممك هممي أوسممع‬ ‫قريب ملكته أمري ؟ إن لم يمكن بك غضب عل ّ‬
‫لي‪ ،‬أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات‪ ،‬وصلح عليه أمر الدنيا والخرة مممن أن‬
‫ي سخطك‪ ،‬لك العتبى حتى ترضممى‪ ،‬ول حممول ول قمموة إل‬ ‫ي غضبك أو يحل عل ّ‬ ‫تنزل عل ّ‬
‫بك"‪.‬‬
‫فكافأه الله تعالى بما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬استجابة عبد يسمى عداس إلى السلم بعد رفض الكثير له‪ ،‬وهداية واحد خير من الدنيا‬
‫وما عليها‪.‬‬

‫صفحة ‪ 29‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫‪ .2‬ساق الله إليه نفًرا من الجن يستمعون القرآن وأحسنوا الستماع والنصللات ثللم فهمللوا‬
‫واجبهم فولوا إلى قومه منذرين‪.‬‬
‫‪ .3‬استجابة ستة من أهل يثرب هم طلئع الدعوة في المدينللة المنللورة والتمكيللن للسلللم‬
‫في الرض‪ ،‬ومنهم أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث‪ ،‬ورافع بن مالللك‪ ،‬وقطبللة بللن عللامر‬
‫وعقبة بن عامر‪ ،‬وجابر بن عبد الله‪ ،‬هذا بعد أن رفضت كل القبائل الخرى منهم بنللو كلللب‬
‫وبنو حنيفة‪ ،‬وبنو عامر بن صعصعة وفزارة وغسان دمرة وسليم وعيس وبنللو نضللر وكنللدة‬
‫وعذرة والحضارمة‪.‬وهؤلء كانوا نواة الدعوة التي نشرت السلم في يللثرب وتحللولت بهللم‬
‫الجماعة السلمية المطاردة في مكة إلى دولة ذات عز وتمكين في المدينة المنورة ‪.‬‬
‫‪ .4‬عدد من أشراف قبائلهم وقومهم منهم سويد بن الصامت الشاعر وإياس بن معاذ وأبللو‬
‫ذر الغفاري والطفيل بن عمرو الدوسي سيد قبيلة دوس‪.‬‬
‫‪ .5‬السراء إلى بيت المقدس والمعراج إلى المل العلى فدنا فتدلى فكان قاب قوسللين أو‬
‫أدنى‪.‬‬

‫لم يكن الفرج فقط في رحلة السراء والمعراج ‪ ،‬بل كللانت بعللض الفللرج الربللاني بعللد هللذا الصللبر الجميللل‪،‬‬
‫والدعاء الذليل‪ ،‬مكافأة الله تعالى على هذا الخير الجزيل‪.‬‬
‫وهذا ما يجب أن يوقن به كل مسلم ومسلمة أن مع العسر يسرا‪ ،‬والفرج مع الصبر‪ ،‬والستجابة مع الللدعاء‪،‬‬
‫ضلليعَ‬ ‫ن الل ّل ُ‬
‫ه ل ِي ُ ِ‬ ‫مللا ك َللا َ‬
‫والظفر مع الثبات على الحق‪ ،‬وأن تعالى وعللد ول مخلللف لوعللده حيللث قللال سللبحانه" َ َ‬
‫م" ]البقرة ‪[143 :‬‬
‫حي ٌ‬
‫ف ّر ِ‬ ‫س ل ََر ُ‬
‫ؤو ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ِبالّنا ِ‬ ‫مان َك ُ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ِإي َ‬

‫الدرس الثاني ‪ :‬الرفق بالمدعوين نهج المرسلين‪ ،‬وأدب الدعاة الربانيين‬

‫نحن في مسيس الحاجة إلى أن نغترف من معيللن النبللوة الصللافي فللي الرفللق بالنللاس‪ ،‬وعللدم الرغبللة فللي‬
‫النتقام منهم‪ ،‬وقد صار نهجا مستمرا في هدي النبي ‪ ‬حيث روى الطبراني في معجمه الوسط عن عائشة‬
‫أن النبي ‪ ‬قال‪ ":‬ما دخل الرفق في شيء إل زانه ول نزع من شيء إل شللانه" ‪ ،‬ولعللل مللا سللبق إل سللراء‬
‫والمعراج من غاية الرفق بالمللدعوين‪ ،‬رغللم صلللفهم وعنللادهم وبغيهللم يظهللره الحللديث الللذي رواه البخللاري‬
‫حدٍ ؟ قللال ‪:‬‬
‫م كان أشد ّ من يوم أ ُ‬ ‫بسنده عن عروة بن الزبير أن عائشة حدثته أنها قالت للنبي ‪ : ‬هل أتى علي َ‬
‫ك يو ٌ‬
‫ن عبد يللا ليللل بللن عبللد‬
‫ت نفسي على اب ِ‬
‫م العقبةِ ِإذ عَرض ُ‬
‫ت منهم يو َ‬
‫ت من قومك ما لقيت‪ ،‬وكان أشد ّ ما لقي ُ‬ ‫لقد ل َ ِ‬
‫قي ُ‬

‫صفحة ‪ 30‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫ت رأسي‪،‬‬ ‫ن الّثعالب‪ ،‬فََرَفع ُ‬
‫م‪ ،‬على َوجِهي‪ ،‬فلم أسَتفق إل وأنا بقر ِ‬ ‫مهمو ٌ‬ ‫ت وأنا َ‬
‫ت‪ ،‬فانطلق ُ‬ ‫جبني إلى ما أرد ْ‬ ‫كلل فلم ي ُ ِ‬ ‫ُ‬
‫ك لك وما َردوا عليك‪،‬‬ ‫ل قوم َ‬ ‫جبريل‪ ،‬فناداني فقال‪ِ :‬إن الله قد سمعَ قو َ‬ ‫ت فإذا فيها ِ‬ ‫ّ‬
‫فإذا أنا َبسحابةٍ قد أظلْتني‪ ،‬فنظر ُ‬
‫ك الجبال فسلم علللي ثللم قللال‪ :‬يللا محمللد‪ ،‬فقللال‪:‬‬ ‫ت فيهم‪ ،‬فناداني مل ُ‬ ‫شئ َ‬ ‫ل لتأمَرهُ بما ِ‬
‫ك الجبا ِ‬ ‫مل َ َ‬
‫ك َ‬‫ه ِإلي َ‬‫وقد بعث الل ُ‬
‫ج الله من أصلللبهم مللن َيعب ُلد ُ‬ ‫ي ‪ : ‬بل أرجو أن ُيخر َ‬ ‫ن‪ .‬فقال النب ّ‬ ‫خ َ‬
‫شَبي ِ‬ ‫ت أن أطب ِقَ عليهم ال ْ‬ ‫شئ َ‬ ‫ت‪ ،‬إن ِ‬ ‫ك فيما شئ َ‬ ‫ذل َ‬
‫ك بهِ شيئا ً«‪..‬‬ ‫ه وحد َهُ ل ُيشر ُ‬ ‫الل َ‬
‫هكذا كان الحبيب ‪، ‬بكلمة واحدة إلى ملك الجبال يستطيع أن يدمر كل شيء في مكة ول يبقى فيها واحللد‬
‫من المشركين‪ ،‬دون أن يكلفه شيئا إل كلمة واحدة‪ ،‬لكنه أبى لنه رحمة للعالمين‪ ،‬لنه ذا قلب ينبللض بللالحب‬
‫لكل الناس أن يهتدوا‪ ،‬أو أن يخرج من أصلبهم من يعبد الله من الطفال‪ ،‬وهكذا الدعاة يحبون للناس الخير‪،‬‬
‫ل يدفعون السيئة بالسيئة بل يدفعونها بالحسنة وبالتي هي أحسن‪ ،‬يقابلون الشر بالخير‪ ،‬والقطيعة بالوصللل‪،‬‬
‫والقتل والضطهاد بالحب والرشاد ولذا كافأه الله بأعظم رحلة في الوجود إلللى المسللجد القصللى الشللريف‬
‫وإلى السموات العل‪ ،‬وقربه إليه ربه وهدى الله به خلفا كثيرا وحقق أمله فكللان مللن أولد المشللركين خيللرة‬
‫الدعاة والمصلحين منهم ‪:‬‬
‫)‪ (1‬خالد بن الوليد ابن الوليد بن المغيرة الذي نزلت فيه آيات سورة المدثر‪.‬‬
‫عكرمة بن أبي جهل ابن عمرو بن هشام كبير المشركين‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫)‪ (3‬أم حبيبة بنت أبي سفيان زوجة النبي – صلى الله عليه وسلم – وكان أبوها آنئذ كافرا‪ً.‬‬
‫عبد الله بن عباس وقد أسلم مع أمه أم الفضل قبل العباس بللن عبللد المطلللب حيللن كللان‬ ‫)‪(4‬‬
‫كافرًا‪.‬‬
‫وهكذا يكون الصبر مع الرفق والرحمة مع الشللفقة بالمللدعوين سللببا فللي هللدايتهم أو هدايللة أولدهللم‪،‬‬
‫ويفوز الدعاة بالقربى إلى الله‪ ،‬ورفع الدرجات والفوز بالجنات إن شاء الله تعالى ‪.‬‬

‫الدرس الثالث‪ :‬أمة السلم هي صاحبة الميراث لرسالة الرسل والقصى الشريف‬

‫لقد كانت محطة السراء النهائية إلى بيت المقدس‪ ،‬وأول المعراج من بيت المقدس وصلى النبي ‪ ‬بالنبياء‬
‫جميعا إماما كي يؤسس على هذا التوافق بين الديان السماوية‪ ،‬وتبعية الرسلالت السلماوية لرسلالة واحلدة‬
‫هي رسالة السلم‪ ،‬وبخاصة ما جاء به سيدنا عيسى وموسى وغيرهم عليهم الصلة والسلم‪ ،‬وصار المسللجد‬
‫القصى بهذا أولى القبلتين‪ ،‬وميللراث المسلللمين‪ ،‬وظللل سلليدنا عمللر ‪ ‬حافظللا لللدرس السللراء والمعللراج‪،‬‬
‫وللعهد بالصلة ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ً كما جاء في حديث البخاري بسنده عن البراء بن عازب‬

‫صفحة ‪ 31‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫حتى أرسل خالد بن الوليد وأبا عبيدة بن الجراح وفتحللت فلسللطين والشللام وذهللب بنفسلله لسللتلم مفاتيللح‬
‫القدس‪ ،‬ولم يذهب إلى بلد خارج الجزيرة غيرها‪ ،‬وأعطى من صللور السللماحة مللع الديللان الخللرى مللا بقللى‬
‫موضع ذكر من كل منصف‪ ،‬وعاش غير المسلمين في ظل حكم السلللم يمارسللون شللعائرهم‪ ،‬وتحللترم دور‬
‫عبادتهم‪ ،‬ويشاركون المسلمين في إدارة البلد‪ ،‬دون أية حساسية حتى جللاء الصللليبيون يحملللون حقللدا وغل‪،‬‬
‫وتحركهم أهواء سياسية وشائعات كاذبة أن المسلمين هدموا قبر المسيح وهلي أكذوبلة روجهلا البابلا أوربلان‬
‫الثاني والساسة والقساوسة لتحريك الجمللوع العميللاء عللن الحقيقللة‪ ،‬وقتلللوا وسللفكوا وهتكللوا وخاضللوا فللي‬
‫الدماء‪ ،‬وأمعنوا في الخراب بحقد ل مثيل له‪ ،‬لكن صللح اللدين لملا واجههلم لظلمهلم‪ ،‬وقلاومهم لفسلادهم‪،‬‬
‫وقاتلهم لبغيهم قابلهم بسلماحة السللم فلي التعاملل ملع السلرى‪ ،‬ونلدع السلتاذة تغريلد هلونكه المؤرخلة‬
‫اللمانية تروى في كتابها‪" :‬الله ليس كذلك" )ص‪ (25 :‬على لسان أحد اللمان الللذين شللاركوا فللي الحللروب‬
‫الصليبية وهو "أوليفروس" حيث كتب عن معاملة صلح الدين لهم فقال‪":‬منذ تقادم العهود‪ ،‬لم يسللمع المللرء‬
‫بمثل هذا الترفق والجود‪ ،‬خاصة إزاء أسرى العدو اللدود‪ ،‬ولما شاء الله أن نكون أسراك‪ ،‬لم نعرفك مسللتبدا‬
‫طاغية‪ ،‬ول سيدا داهية‪ ،‬وإنما عرفناك أبا رحيما شملنا بالحسللان والطيبللات‪ ،‬وعونللا منقللذا فللي كللل النللوائب‬
‫والملمات‪ .‬ومن ذا الذي يمكن أن يشك لحظة في أن مثل هذا الجود والتسامح والرحمة من عنللد الللله ‪ ..‬إن‬
‫الرجال الذين قتلنا آباءهم وأبناءهم وبناتهم وإخوانهم وأخللواتهم وأذقنللاهم مللن العللذاب‪ ،‬لمللا غللدونا أسللراهم‬
‫وكدنا نموت جوعا‪ ،‬راحوا يؤثروننا على أنفسهم على ما بهم مللن خصاصللة‪ ،‬وأسللدوا إلينللا مللا اسللتطاعوا مللن‬
‫إحسان‪ ،‬بينما كنا تحت رحمتهم ل حول لنا ول سلطان"‪.‬‬
‫واليوم دّنس الصهاينة القصى أرض القدس وفلسطين‪ ،‬وشردوا خمسة ملييللن فلسللطيني‪ ،‬وقتلللوا الطفللال‬
‫والنساء والشيوخ‪ ،‬واقتلعوا أشجار الزيتون‪ ،‬وهدموا البيوت وعاثوا في القدس فسادا‪ ،‬ول بللد لكللل مسلللم أن‬
‫يستشعر مسئوليته أمام الله تعالى عن رد البغاة‪ ،‬وطرد المعتدين‪ ،‬ول سبيل لهذا إل الجهاد المقدس لتحريللر‬
‫القصى الذي نتلو ذكره في آيات القرآن‪ ،‬ونعيش هموم الشعب الفلسطيني الذي يضحى كل عللام بمللا يزيللد‬
‫عن ألف شهيد وأربعين ألف جريح‪ ،‬وهم عزل ماديا القوى روحيللا‪ ،‬أمللام طغمللة مللن بنللي صللهيون بللدباباتهم‬
‫ورشاشاتهم وطائراتهم وجرافاتهم لكنهم الضعف قلبا‪ ،‬والبعد عن الله تعالى وعللن أي ديللن تلللك مسللئوليتنا‬
‫أمام رب الرض والسماء‪ ،‬وأمام التاريخ والجيال‪ ،‬أمام القيم النسانية‪ ،‬والحق أن النصوص تؤكد أنه ل يمكن‬
‫أن يتم ذلك إل على أيدي المسلمين الصادقين ‪ ،‬الللذين يبللذلون كللل غللال ورخيللص لحمايللة العللرض‪ ،‬وتحريلر‬
‫الرض من الغزاة المحتلين‪.‬‬

‫الدرس الرابع‪ :‬السراء والمعراج مثال لحدث وأرقى صور السرعة في التصالت والمواصلت‬
‫صفحة ‪ 32‬من ‪37‬‬ ‫والفضائيات‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫في عصر الجمل سفينة الصحراء كانت رحلة السراء والمعراج في سرعة فائقة في الزمان والمكللان‪ ،‬حللتى‬
‫عاد الحبيب صلى الله عليه وسلم منها دون أن يبرد فراشه كما روى البخاري بسنده عن أم هانئ رضي الللله‬
‫عنها في هذا العصر قطعللت المسللافة مللن المدينللة إلللى المسللجد القصللى فللي ثللوان ‪ ،‬ومللن القصللى إلللى‬
‫السموات العل في ثوان‪ ،‬وكانت العودة الحميدة‪ ،‬وإذاعة أنباء الرحلة في الصباح‪ ،‬ولم يكن أحد يصدق إل من‬
‫آمن بالمعجزة اللهية‪ ،‬والوحي الرباني‪ ،‬والقدرة التي ل يحدها شيء‪ ،‬لكللن أراد الللله تعللالى فللي هللذا الزمللن‬
‫البدائي أن تكون معجزة النبي ‪ ‬أبد الدهر أسبق من كللل تكنولوجيللا التصللالت والفضللائيات‪ ،‬فسللألوه عللن‬
‫صفات المسجد القصى وهم يعلمون أنه ما ذهب إليه في تاريخه قبل البعثة‪ ،‬فتجلى القصللى مكانللا وشللمال‬
‫وجنوبا وشرقا وغربا في شاشة ل يراها إل النبي ‪ ، ‬وبهت الجميع لهذا الوصف الدقيق‪.‬‬
‫أليس هذا درسا للذين ارتموا على أرجل الرجل البيض الذي أنشأ الفضائيات وطور التصالت‪ ،‬نحن يا قومي‬
‫أصحاب سبق‪ ،‬ل تبهرنا الصور والشكال‪ ،‬نحللن ذوو عمللق فللي النظللر إلللى الجللوهر إلللى الللروح‪ ،‬إلللى القيللم‬
‫والخلق سواء كان النسان يركب حمارا أو جمل أو صاروخا فضائيا‪ ،‬سواء كان فقيرا أو غنيا‪ ،‬هكذا المؤمن ل‬
‫يبهر إل بالحقائق وهي وحللدها فللي مكنللون القللرآن وصللحيح السللنن‪ ،‬وصللريح العقللول الراشللدة ‪ ،‬والحضللارة‬
‫المقترنة بالقيم النسانية ‪ ،‬والخلق السللمية ‪ .‬وملن الضللروري أن نراجلع أنفسللنا فلي تخلفنللا عللن السللبق‬
‫العلمللي فلي المواصلللت والتصللالت والفضللائيات ‪ ،‬فحيللث كللان يجللب أن نكللون السللبق فللي العللالم لهلذه‬
‫الختراعات العلمية من فيللض اليللات والحللاديث النبويللة‪ ،‬والوقللائع التاريخيللة مثللل السللراء والمعللراج ‪ ،‬بللل‬
‫ومساهمات الحضارة السلمية في عصور الزدهار ‪ ،‬لكنا تأخرنا ‪ ،‬فإذا توفرت إرادة إسلمية‪ ،‬وعزيمة إيمانية‬
‫تستطيع أن نستوعب آخر الكتشافات العلمية‪ ،‬وأن نضيف عليها إضافات جادة وفعلية‪ ،‬ونعطللي للعللالم مثللال‬
‫جديدا على توافق السلم مع الحقائق العلمية التي تفيد كل النسانية ‪.‬‬

‫الدرس الخامس‪ :‬هدية السراء والمعراج إلى المة الصلة كمنهاج حياة‬

‫صفحة ‪ 33‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫لقد دنا النبي ‪ ‬من ربه واقترب‪ ،‬ورأى من آيات ربه الكبرى‪ ،‬وقد علم الله حب نللبيه لمتلله‪ ،‬فللأراد أل يحللرم‬
‫كل مؤمن ومؤمنة من إسراء ومعراج ففرضت الصلة قبلتها الولى إلى بيللت المقللدس حيللث صلللى بالنبيللاء‬
‫ي إلى رب الرض والسماء فللي كللل سللجدة‪ ،‬كمللا قلال سللبحانه‪:‬‬ ‫مصل ٍ‬ ‫والرسل أجمعين ثم معراج الروح لكل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مل ْ‬‫ن ال ْعَب ْلد ُ ِ‬
‫ما ي َك ُللو ُ‬
‫ب َ‬ ‫ل الل ّهِ ‪َ ‬قا َ‬
‫ل‪» :‬أقَْر ُ‬ ‫سو َ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرة َ ‪ ، ‬أ ّ‬
‫ن َر ُ‬ ‫"واسجد و اقترب" ولما رواه مسلم ع َ ْ‬
‫جد ٌ«‪}.‬صحيح مسلم ‪ ،‬باب ما يقال في الركوع والسجود‪ ، (4/167)،‬برقم ‪{1035‬‬ ‫سا ِ‬
‫َرب ّهِ وَهُوَ َ‬
‫وصارت الصلة منهاج حياة تصنع المسلمين في أحسن صياغة فيبلادرون الطفلل فلي أول لحظلة مللن حيلاته‬
‫بالذان والقامة ريثما يميز فيعلم الصلة ثم يؤمر بها ثم يكلف بأدائها عند البلوغ وتبقلى عبلادة يوميللة خمللس‬
‫مرات‪ ،‬وعشرات المرات لمن تطوع‪ ،‬فهي أول ما يبدأ به يومه في صلة الفجر المشهودة‪ ،‬وآخر ما يختم بلله‬
‫يومه في صلة الوتر المحبوبة‪ ،‬وبينهما صلوات بين الفرض والنافلة‪ ،‬فإذا حزبه أمر صلى‪ ،‬وإذا احتار في أمللر‬
‫صلى صلة الستخارة‪ ،‬وإذا أذنب صلى ركعتين تغسلن ذنبه وترفعان وزره‪ ،‬وإذا خسفت الشللمس أو كسللف‬
‫القمر صلى‪ ،‬وإذا أجدبت السماء صلى‪ ،‬وإذا بشر بالخير سجد شكرا وذكرا ً لله تعالى‪ ،‬وإذا وافته المنية وقدم‬
‫على ربه كان آخر عهده بالدنيا صلة الجنازة‪ ،‬فهي منهج حياة من الميلد إلى ما بعد الممات وهي النللور فللي‬
‫القبر والحشر‪ ،‬وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة وأول مفاتيح الجنة بعد رحمة الله عز وجل‪.‬‬
‫هكذا رحلة السراء والمعراج لم تكن نزهة بل معجزة‪ ،‬ولم تكن خاصة بالنبي ‪ ‬بل ترسم منهاج حيللاة لمللن‬
‫أراد النجاة‪ ،‬ووهب حياته كلها لدعوة الله ‪.‬‬

‫صفحة ‪ 34‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫الخلصة‬
‫السراء والمعراج هدية الله تعالى لنبيه محمد ‪ ‬وأمته لصبره هو وأصحابه أمللام فتنللتي الغللواء‬ ‫‪.1‬‬
‫واليذاء‪.‬‬
‫تنوعت فتنة الغواء قديما وحديثا حيث عرض المشركون الللدخول إلللى السلللم مللع تغييللر بعللض‬ ‫‪.2‬‬
‫الحكام أو العيش في سلم مع تنازل عن بعض الركان ‪ ،‬أو ترك الدعوة إلى الله ونيللل الكللثير الللوفير‬
‫من المال والنساء والجاه والسلطان‪ ،‬أو الغواء بفنون الرقص والغناء ‪ ،‬وهي فتن متجللددة الن تحتللاج‬
‫إلى صبر الرجال والنساء والشباب والفتيات ‪.‬‬
‫كذلك تتشابه فتن اليذاء قديما وحديثا ‪ ،‬ومللن صللورها كبللت الحريللات فللي عبللادة الرحمللن ‪ ،‬مللع‬ ‫‪.3‬‬
‫انفلت أهل الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬ومنه الصبر على التشللويه العلمللي‪ ،‬واليقيللن بلأن الللله تعللالى‬
‫سلليحمل رسللالته إلللى قلللوب وعقللول النللاس‪ ،‬وكللذا الصللبر علللى الذى البللدني والمعنللوي‪ ،‬والحصللار‬
‫القتصادي والجتماعي ‪.‬‬
‫أحداث السراء والمعراج جزء من عقيدة المسلم ‪ ،‬وعليه فل يجوز أن نعتقللد إل مللا ورد صللحيحا‬ ‫‪.4‬‬
‫في القرآن والسنة النبوية‪ ،‬أما حديث ابن عباس المطول عللن السللراء فهللو ظللاهر الوضللع والنتحللال‪،‬‬
‫سواء في وصف البراق ‪ ،‬أو السموات أو الملئكة أو الجنة أو النار ‪.‬‬
‫‪ .5‬هناك نتائج ضرورية لهذا الحدث الكبير أهمها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬اليقين بأن مع العسر يسرا‪ ،‬وأن الفرج مع الصبر على فتن الغواء والبتلء معا ‪.‬‬
‫طبق ملك الجبللال علللى‬ ‫‪ -2‬ضرورة الرفق بالمدعوين لنه نهج النبياء‪ ،‬كما رفض النبي ‪ ‬أن ي ُ ّ‬
‫أهل مكة رغم ظلمهم ‪ ،‬داعيا لهم‪":‬اللهم اهد قومى فإنهم ل يعلمون"‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورة الشعور بالمسئولية عن تحرير المسجد القصى‪ ،‬ومساندة شللعب فلسللطين الللذي‬
‫يلقي أصنافا من الظلم والطغيان سواء من الحتلل أو عملئه‪.‬‬
‫‪ -4‬أهمية الخذ بأحدث البتكارات العلمية فللي المواصلللت والتصللالت والفضللائيات حيللث إن‬
‫أول فضائية ربانية كانت تعرض صورة المسجد القصى‪ ،‬فالمة مندوبة إلى السبق العلمي فللي‬
‫كل المجالت النافعة للنسانية كلها‪.‬‬
‫‪ -5‬الصلة هدية إلى المة في رحلة المعراج وعليه يجب أن نعيد صياغة الحيللاة وفللق شللعيرة‬
‫الصلة‪ ،‬حتى تصبغ حياتنا بصبغة اليمان ومكارم الخلق ومحاسن العادات من الطفولللة وحللتى‬
‫الموت ‪.‬‬

‫صفحة ‪ 35‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫الفهرس‬
‫التمهيد‬
‫المقدمة‬
‫الفصل الول ‪:‬مقدمات السراء والمعراج‬
‫أول ‪ :‬الصبر الجميل في مواجهة فتنة الغواء‬
‫‪ .1‬الغواء بالدخول إلى السلم بشرط تغيير بعض الحكام‬
‫‪ .2‬الغواء بالعيش في سلم مع التنازل عن بعض الركان‬
‫‪ .3‬الغواء بالمال والنساء والجاه‬
‫‪ .4‬الغواء بفنون الرقص والغناء‬

‫ثانيا ‪ :‬الصبر الجميل في مواجهة فتنة اليذاء‬


‫‪ .1‬الصبر على كبت الحريات في عبادة الرحمن‪ ،‬والنفلت في الكفر والفسوق والعصيان‪.‬‬
‫‪ .2‬الصبر على أذى التشويه العلمي‬
‫‪ .3‬الصبر على الذى البدني والمعنوي‬
‫‪ .4‬الصبر على الحصار الجتماعي والقتصادي وسياسية التجويع‬

‫الفصل الثاني ‪:‬أحداث السراء والمعراج‬


‫أول ‪ :‬آيات القرآن الكريم عن السراء والمعراج‬
‫ثانيا ‪ :‬الحاديث الصحاح عن السراء والمعراج‬
‫ثالثا ‪ :‬الحديث الموضوع ‪ :‬السراء والمعراج لبن عباس‪.‬‬

‫صفحة ‪ 36‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬نتائج السراء والمعراج‬
‫ت لكل مسلم مع الصبر الجميل والدعاء الذليل‪.‬‬
‫الفرج آ ٍ‬ ‫‪.1‬‬

‫الرفق بالمدعوين نهج المرسلين‪ ،‬وأدب الدعاة الربانيين‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫أمة السلم هي صاحبة الميراث لرسالة الرسل والقصى الشريف‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫السراء والمعراج مثال لحدث وأرقى صور السرعة في التصالت والمواصلت والفضائيات‪.‬‬ ‫‪.4‬‬

‫هدية السراء والمعراج إلى المة الصلة كمنهاج حياة‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫خاتمة‬

‫صفحة ‪ 37‬من ‪37‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة في الخرة‪.....‬يسمح بتوزيعه وليس بيعه‬

You might also like