You are on page 1of 6

‫اللفظ المشترك في القرآن‬

‫‪‬‬ ‫المتشابه اللفظي ‪ -‬لغة القرآن ‪:‬التصنيف‬


‫الشبكة اإلسالمية ‪:‬المصدر ‪‬‬
‫‪‬‬ ‫)‪ (242014/6/‬شعبان ‪: 26 1435‬تاريخ النشر‬
‫رجب ‪: 2 1436‬آخر تحديث ‪‬‬
‫‪: 693‬عدد الزيارات‬
‫‪‬‬ ‫ألفاظ القرآن‬

‫‪‬‬ ‫البالغة‬

‫‪00‬‬
‫مباحث اللغة العربية على صلة وثيقة بالمباحث القرآنية‪ ،‬وال غرو في ذلك‪ ،‬فالقرآن‬
‫الكريم نزل بلسان عربي مبين‪ ،‬والعالقة بينه وبين اللغة العربية عالقة وشيجة‪ ،‬ال‬
‫تنفصم بحال‪ .‬ومن المباحث اللغوية ذات الصلة بتفسير كتاب هللا الكريم مبحث‬
‫األلفاظ المشتركة‪ ،‬فما المراد باأللفاظ المشتركة‪ ،‬وما الموقف منها بخصوص تفسير‬
‫كتاب هللا العزيز‪ ،‬وما أمثلتها من القرآن الكريم؟‬

‫‪:‬تعريف اللفظ المشترك‬


‫عرف اللفظ المشترك بأنه‪ :‬اللفظ الواحد الموضوع لمعنيين فأكثر وضعا ً أوليًّا‪،‬‬ ‫يُ َّ‬
‫والمثال األبرز على األلفاظ المشتركة لفظ (العين)‪ ،‬فهذا اللفظ يُطلق ويراد به العين‬
‫اريَة{ ‪:‬الباصرة‪ .‬ويُطلق ويراد به العين الجارية‪ ،‬قال تعالى‬‫عيْن َج ِ‬
‫سورة [ }فِي َها َ‬
‫الغاشية‪ ،‬اآلية‪ .]12 :‬ويُطلق ويراد به الجاسوس‪ ،‬يقال‪ :‬بعث الملك في المدينة‬
‫‪.‬عيونه‪ ،‬أي‪ :‬جواسيسه‪ .‬ويُطلق ويراد به الذهب والفضة‬

‫‪:‬الدليل على اعتبار اللفظ المشترك‬


‫ّللاَ { ‪:‬المثال القرآني األشهر الذي يدل على استعمال اللفظ المشترك‪ ،‬قوله تعالى‬ ‫ِإ َّن َّ‬
‫صلُّوا َ‬
‫علَ ْي ِه‬ ‫علَى النَّبِي ِ ۚ يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َ‬
‫صلُّونَ َ‬
‫}و َم َالئِ َكتَهُ يُ َ‬
‫سورة األحزاب‪َ [ ،‬‬
‫اآلية‪ ،]56 :‬فـ(الصالة) من هللا تعالى‪ :‬الرحمة والمغفرة‪ ،‬ومن المالئكة االستغفار‪،‬‬
‫وهما معنيان متغايران‪ ،‬واستعمل لفظة (الصالة) فيهما دفعة واحدة؛ حيث وقع‬
‫اإلخبار به‪ ،‬فدل ذلك على صحة استعمال المشترك في كل معانيه في وقت واحد‪،‬‬
‫‪.‬والوقوع دليل الجواز‬
‫‪:‬أقسام اللفظ المشترك‬
‫‪:‬اللفظ المشترك على أقسام‪ ،‬نذكر منها ثالثة‬
‫اللفظ المشترك بين مسميات متضادة‪ ،‬ال يمكن الجمع بينها‪ ،‬وال الحمل عليها‪: ،‬األول‬
‫كلفظ (القرء)‪ ،‬فهو لفظ مشترك بين (الطهر)‪ ،‬و(الحيض)‪ ،‬وهما متضادان‪ ،‬ال سبيل‬
‫الجتماعهما معاً‪ .‬ومثل هذا لفظ (الشفق) فهو لفظ مشترك بين البياض والحمرة‪،‬‬
‫‪.‬وهما متضادان‬

‫اللفظ المشترك بين مسميات مختلفة‪ ،‬ال تضاد بينها‪ ،‬وال صلة ألحدها ‪:‬الثاني‬
‫‪.‬باآلخر‪ ،‬كلفظ (العين)‪ ،‬وقد أشرنا إلى إطالقاته المتعددة‬

‫اح{ ‪:‬االشتراك في التركيب‪ ،‬كقوله تعالى ‪:‬الثالث‬ ‫}أ َ ْو يَ ْعفُ َو الَّذِي بِيَ ِد ِه ُ‬
‫ع ْق َدة ُ النِ َك ِ‬
‫سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪} [ :‬الَّذِي بِيَ ِد ِه ُ‬
‫ع ْق َدة ُ النِ َك ِ‬
‫اح{ سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ،]237 :‬فإن[‬
‫ط ِف ِفينَ { ‪ ]237:‬مشترك بين الزوج‪ ،‬والولي‪ .‬ونحو هذا قوله عز وجل‬ ‫}و ْيل ِل ْل ُم َ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫سورة المطففين‪ ،‬اآلية‪ ،]1 :‬فمركب (ويل له) يُستعمل خبرا ‪-‬بمعنى اإلخبار‪[ -‬‬
‫‪.‬ويستعمل دعاء ‪-‬بمعنى الدعاء عليهم‪ ،-‬وقد حمله المفسرون هنا على كال المعنيين‬

‫‪:‬الموقف من اللفظ المشترك‬


‫‪:‬الموقف من اللفظ المشترك عند أهل اللغة وأهل التفسير يأخذ منحيين‬
‫يرى أن اللفظ المشترك موجود في اللغة‪ ،‬وأنه يصح إطالقه على معنييه‪ ،‬أو ‪:‬األول‬
‫معانيه جميعاً‪ ،‬إطالقا ً لغوياً‪ ،‬وأن كل ما يتناوله اللفظ من المعاني المتفقة‪ ،‬يجوز أن‬
‫يكون مرادا ً منه‪ ،‬ال فرق في ذلك بين المفردات‪ ،‬والجمل؛ فيجوز لك أن تقول‪ :‬عدا‬
‫اللصوص البارحة على عين زيد‪ ،‬وتعني بذلك أنهم عوروا عينه الباصرة‪ ،‬وغوروا‬
‫عينه الجارية‪ ،‬وسرقوا عينه التي هي ذهبه‪ ،‬أو فضته‪ ،‬وجاءت عيون الملك لتقبض‬
‫على اللصوص‪ .‬والذاهبون إلى القول بإعمال اللفظ المشترك هم جمهور أهل العلم‬
‫من اللغويين والمفسرين‪ ،‬في مقدمتهم الشافعي والطبري؛ يقول الشافعي في هذا‬
‫الصدد‪" :‬االسم المشترك إذا ورد مطلقاً‪ ،‬كـ (العين)‪ ،‬و(القرء) ُ‬
‫ع ِمم في جميع‬
‫مسمياته‪ ،‬إذا لم يمنع منه قرينة‪ ،‬وكذا اللفظ الذي يُستعمل مجازا ً في محل‪ ،‬وحقيقة‬
‫في محل‪ ،‬يُع َّمم كلفظ (اللمس)‪ ،‬يُحمل في نقض الطهارة على اللمس باليد‪،‬‬
‫‪".‬والجماع‬
‫ومن المفسرين الذي أشادوا بهذا المنحى‪ ،‬وانتصروا له ابن عاشور‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫"والذي يجب اعتماده‪ :‬أن يُحمل المشترك في القرآن على ما يحتمله من المعاني‪،‬‬
‫سواء في ذلك اللفظ المفرد المشترك‪ ،‬والتركيب المشترك بين مختلف االستعماالت‪،‬‬
‫‪".‬سواء أكانت المعاني حقيقية‪ ،‬أم مجازية‪ ،‬محضة‪ ،‬أم مختلفة‬
‫وقد أخذ ابن عاشور على المفسرين الذين لم يحملوا اللفظ المشترك على معانيه مع‬
‫عدم وجود القرينة الصارفة له إلى معنى بعينه‪ ،‬وقرر أن من منهجه في "تفسيره"‬
‫حمل اللفظ المشترك على معانيه كافة‪ ،‬ما لم يكن عن بعض تلك المحامل صارف‬
‫لفظي‪ ،‬أو معنوي‪ ،‬قال‪" :‬وقد كان المفسرون غافلين عن تأصيل هذا األصل‪ ،‬فلذلك‬
‫كان الذي يرجح معنى من المعاني التي يحتملها لفظ آية من القرآن‪ ،‬يجعل غير ذلك‬
‫المعنى ملغى‪ .‬ونحن ال نتابعهم على ذلك‪ ،‬بل نرى المعاني المتعددة التي يحتملها‬
‫اللفظ بدون خروج عن مهيع الكالم العربي البليغ‪ ،‬معاني في تفسير اآلية‪ .‬فنحن في‬
‫‪".‬تفسيرنا هذا إذا ذكرنا معنيين فصاعدا ً فذلك على هذا القانون‬

‫يرى أن اللفظ المشترك ال وجود له في اللغة‪ ،‬أو على األقل نادر الوجود‪: ،‬الثاني‬
‫وقد عبر عن هذا الموقف الغزالي بقوله‪" :‬يصح أن يراد بالمشترك عدة معان‪ ،‬لكن‬
‫بإرادة المتكلم‪ ،‬وليس بداللة اللغة"‪ ،‬وقال معقبا ً على قول الشافعي المتقدم‪" :‬والمختار‬
‫خالف ما قاله الشافعي رضي هللا عنه؛ ألن لفظ (العين) ما وضعته العرب لعموم‬
‫جملة مسمياته؛ فإنه ال يُطلق لفظ (العين) إلرادة جملتها‪ ،‬كما يُطلق لفظ (الرجال)‬
‫ضعت آلحادها على البدل‪ ،‬فهو عند اإلطالق عندنا مجمل‪ .‬وال‬ ‫إلرادة الجمع‪ ،‬بل ُو ِ‬
‫يُجمع أيضا ً بين الحقيقة والمجاز‪ ،‬ولكنه يُحْ َمل على الحقيقة على انفرادها‪ ،‬أو على‬
‫المجاز على حياله؛ لعلمنا بأن العرب ال تطلق لفظ (األسد) وتعني به الجمع بين‬
‫‪".‬األسد والشجاع‬

‫ومن المفسرين الذين نحو هذا المنحى اإلمام الرازي حيث قال‪َ " :‬ح ْمل اللفظ‬
‫المشترك على جميع معانيه ال يجوز‪ ،‬وأيضا ً َح ْمل اللفظ على حقيقته ومجازه معا ً ال‬
‫ض ِمن { ‪:‬يجوز"‪ ،‬وعند تفسيره لقوله تعالى‬ ‫ت َو َما فِي ْاأل َ ْر ِ‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫َو ِ َّ ِ‬
‫لِل يَ ْس ُج ُد َما فِي ال َّ‬
‫سورة النحل‪ ،‬اآلية‪ ،]49 :‬ذكر أن (السجود) [ } َدابَّة َو ْال َم َالئِ َكةُ َو ُه ْم َال يَ ْست َ ْك ِب ُرونَ‬
‫يطلق على نوعين‪ :‬سجود عبادة‪ ،‬وسجود انقياد هلل تعالى وخضوع‪ ،‬ثم ذكر ثالثة‬
‫أقوال في المراد بـ (السجود) في اآلية‪ ،‬ثالثها‪ :‬أن (السجود) لفظ مشترك بين‬
‫المعنيين‪ ،‬وحمل اللفظ المشترك إلفادة مجموع معنييه جائز‪ ،‬فحمل لفظ السجود في‬
‫هذه اآلية على األمرين معاً‪ ،‬أما في حق الدابة فبمعنى التواضع‪ ،‬وأما في حق‬
‫المالئكة فبمعنى سجود المسلمين هلل تعالى‪ ،‬وقد عقَّب على هذا القول بقوله‪" :‬وهذا‬
‫القول ضعيف؛ ألنه ثبت أن استعمال اللفظ المشترك إلفادة جميع مفهوماته معا ً غير‬
‫‪".‬جائز‬

‫ومن المفسرين الذين رفضوا هذا المنحى قبل الرازي الزمخشري‪ ،‬فقد ذكر السمين‬
‫الحلبي أن "الظاهر من حال الزمخشري أنه ال يجيز الجمع بين الحقيقة والمجاز‪،‬‬
‫‪".‬وال استعمال المشترك في معنييه‬
‫‪:‬قواعد العمل باللفظ المشترك‬
‫قال العلماء‪(" :‬االشتراك) خالف األصل؛ ألن األصل في لسان العرب أن يكون لكل‬
‫لفظ معنى واحد فقط‪ ،‬أما أن يكون للفظ الواحد أكثر من معنى‪ ،‬فهو خالف األصل‪،‬‬
‫والذي د َّل على هذا األصل استقراء اللغة؛ حيث أثبت االستقراء أن أكثر ألفاظ اللغة‬
‫العربية ألفاظ منفردة ليس لها إال معنى واحد‪ ،‬والكثرة تفيد الظن والرجحان‪ ،‬فيكون‬
‫اللفظ المنفرد بمعنى واحد أكثر وجودا ً من اللفظ الدال على معنيين فأكثر ‪-‬وهو‬
‫‪".‬المشترك‪ -‬فيكون مرجوحاً؛ نظرا ً لقلته‬

‫ثم قالوا‪" :‬إذا دار اللفظ بين كونه مفرداً‪ ،‬وكونه مشتركا ً ُح ِم َل على االنفراد؛ ألنه‬
‫ضع لعدة معان في اللغة‪،‬‬ ‫األصل‪ ،‬دون االشتراك‪ .‬وقالوا أيضاً‪( :‬المشترك) الذي ُو ِ‬
‫‪".‬يُعرف المراد منها بالقرائن‬

‫وال خالف بين أهل العلم القائلين بوقوع االشتراك في‪ :‬أن إطالق المشترك على أحد‬
‫معنييه في موضع‪ ،‬ال يُفهم منه منع إطالقه على معناه اآلخر في موضع آخر؛‬
‫س { ‪:‬فإطالقه تعالى لفظ (العين) على الباصرة في قوله‬ ‫علَ ْي ِه ْم فِي َها أ َ َّن النَّ ْف َ‬
‫َو َكت َ ْبنَا َ‬
‫سورة المائدة‪ ،‬اآلية‪ ،]45 :‬ال يمنع إطالق (العين) في [ }بِالنَّ ْف ِس َو ْالعَيْنَ بِ ْالعَي ِْن‬
‫اريَة{ ‪:‬موضع آخر على الجارية‪ ،‬كقوله‬ ‫عيْن َج ِ‬
‫سورة الغاشية‪ ،‬اآلية‪} [ .]12 :‬فِي َها َ‬
‫قال ابن عاشور‪" :‬والحق الذي ال شك فيه‪ ،‬أن المشترك يُطلق على كل واحد من‬
‫معنييه‪ ،‬أو معانيه في الحال المناسبة لذلك‪ ،‬ولو كان إطالق المشترك على أحد‬
‫معنييه يفيد منع إطالقه على معناه اآلخر في موضع آخر‪ ،‬لم يكن في اللغة اشتراك‬
‫‪".‬أصالً‬

‫‪:‬األمثلة القرآنية على المشترك‬


‫‪:‬نذكر فيما يلي أمثلة لأللفاظ المشتركة‬

‫مثال اللفظ المشترك المختلف المعاني‪ :‬لفظ (األمة) من األلفاظ المشتركة‪ ،‬وإنما ‪-‬‬
‫دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد‪ ،‬د َّل عليه سياق الكالم‪ ،‬فمثالً في قوله‬
‫اب ِإلَى أ ُ َّمة َّم ْعدُو َدة{ ‪:‬تعالى‬ ‫ع ْن ُه ُم ْالعَذَ َ‬
‫}ولَئِ ْن أ َ َّخ ْرنَا َ‬
‫سورة هود‪ ،‬اآلية‪ ،]8 :‬لفظ [ َ‬
‫يم َكانَ أ ُ َّمةً{ ‪(:‬األمة) هنا جاء بمعنى‪ :‬األمد والحين‪ .‬وقوله تعالى‬ ‫سورة [ }إِ َّن ِإب َْرا ِه َ‬
‫النحل‪ ،‬اآلية‪ ،]120 :‬لفظ (األمة) هنا جاء بمعنى‪ :‬اإلمام الذي يُقتدى به‪ .‬وقوله‬
‫علَى أ ُ َّمة{ ‪:‬سبحانه‬ ‫سورة الزخرف‪ ،‬اآلية‪ ،]22 :‬لفظ [ }بَ ْل قَالُوا ِإنَّا َو َج ْدنَا آبَا َءنَا َ‬
‫َولَ َّما َو َر َد َما َء َم ْديَنَ َو َج َد { ‪(:‬األمة) هنا جاء بمعنى‪ :‬الدين والملة‪ .‬وقوله عز وجل‬
‫علَ ْي ِه أ ُ َّمةً ِمنَ النَّ ِ‬
‫اس يَ ْسقُونَ‬ ‫سورة القصص‪ ،‬اآلية‪ ،]23 :‬لفظ (األمة) هنا جاء [ } َ‬
‫سى أ ُ َّمة يَ ْهدُونَ { ‪:‬بمعنى‪ :‬الجماعة من الناس‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‬ ‫َو ِمن قَ ْو ِم ُمو َ‬
‫سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪ ،]159 :‬لفظ (األمة) هنا جاء بمعنى‪ِ } [ :‬ب ْال َح ِ‬
‫ق َوبِ ِه يَ ْع ِدلُونَ‬
‫الفرقة والطائفة‪ .‬وهكذا نجد أن لفظ (األمة) وهو لفظ مشترك‪ ،‬جاء في كل آية من‬
‫‪.‬هذه اآليات بمعنى مختلف‪ ،‬حدده السياق الذي ورد فيه‬

‫ولفظ (الفتح) في القرآن جاء بمعان متعددة‪ ،‬حددها السياق‪ ،‬فجاء بمعنى الفتح‬
‫َولَ َّما فَت َ ُحوا { ‪:‬المادي‪ ،‬وهو األصل في معنى (الفتح)‪ ،‬والمثال عليه قوله سبحانه‬
‫ع ُه ْم‬ ‫ع ُه ْم{ سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪ ،]65 :‬فـ[ } َمتَا َ‬ ‫الفتح المادي الذي يزيل }فَت َ ُحوا َمتَا َ‬
‫أَت ُ َح ِدثُونَ ُهم { ‪:‬األربطة عن المتاع‪ .‬وجاء بمعنى الفتح المعنوي‪ ،‬كما في قول هللا تعالى‬
‫علَ ْي ُك ْم‬ ‫سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪ ،]76 :‬أي‪ :‬بما أعطاكم هللا ومنحكم من [ }بِ َما فَت َ َح َّ‬
‫ّللاُ َ‬
‫‪:‬الخير ومن العلم‪ .‬وجاء (الفتح) بمعنى النصر والغلبة‪ ،‬كما في قوله سبحانه‬
‫}ويَقُولُونَ َمتَى َهذَا ْالفَتْ ُح إِن ُكنت ُ ْم َ‬
‫صا ِدقِينَ {‬ ‫‪].‬سورة السجدة‪ ،‬اآلية‪َ [28 :‬‬

‫س{ ‪:‬مثال اللفظ المشترك المتضاد‪ ،‬قوله عز وجل ‪-‬‬ ‫}واللَّ ْي ِل ِإذَا َ‬
‫ع ْسعَ َ‬ ‫سورة [ َ‬
‫س{ التكوير‪ ،‬اآلية‪ ،]17 :‬فلفظ‬ ‫ع ْسعَ َ‬ ‫من األلفاظ المشتركة المتضادة‪ ،‬يأتي بمعنى‪َ } :‬‬
‫أقبل‪ ،‬ويأتي بمعنى‪ :‬أدبر‪ ،‬والسياق هو الذي يحدد المعنى‪ ،‬وقد اختار الطبري أن‬
‫س{ الصواب من القول هنا أن يكون‬ ‫ع ْسعَ َ‬
‫‪:‬بمعنى‪ :‬أدبر؛ وذلك لقوله سبحانه } َ‬
‫س{‬‫ْح ِإذَا تَنَفَّ َ‬
‫صب ِ‬
‫}وال ُّ‬ ‫سورة التكوير‪ ،‬اآلية‪ ،]18 :‬فدل ذلك على أن القَ َ‬
‫س َم بالليل [ َ‬
‫‪.‬حال إدباره‪ ،‬وبالنهار حال إقباله‬

‫َوالَّذِينَ َجا َهدُوا فِينَا { ‪:‬مثال حمل اللفظ المشترك على معنييه‪ ،‬قوله عز وجل ‪-‬‬
‫سبُلَنَا‬
‫سورة العنكبوت‪ ،‬اآلية‪ ،]69 :‬لفظ (الجهاد) في اآلية لفظ مشترك‪} [ ،‬لَنَ ْه ِديَنَّ ُه ْم ُ‬
‫يُطلق على مجاهدة النفس في إقامة شرائع اإلسالم‪ ،‬ويطلق على مقاتلة األعداء في‬
‫الذب عن ديار اإلسالم‪ ،‬وقد فُ ِسرت اآلية بكال المعنيين‬
‫‪ِ .‬‬

‫ت ِمن قَس َْو َرة{ ‪:‬ومن هذا القبيل قوله تعالى‬‫سورة [ } َكأَنَّ ُه ْم ُح ُمر ُّم ْستَن ِف َرة * فَ َّر ْ‬
‫المدثر‪ ،‬اآليات‪ ،]51-50 :‬فلفظ (القسورة) مشترك بين (الرامي) وبين (األسد)‪،‬‬
‫وحمر الوحش إذا رأت الرامي فرت‪ ،‬والحمر األهلية إذا رأت األسد فرت‪ ،‬واللفظ‬
‫‪.‬صالح للمعنيين؛ فيُحمل على المعنيين جميعا ً‬

‫ّللاَ يَ ْس ُج ُد لَهُ { ‪:‬مثال حمل اللفظ المشترك في حقيقته ومجازه قوله تعالى ‪-‬‬ ‫أَلَ ْم ت َ َر أ َ َّن َّ‬
‫س َو ْالقَ َم ُر َوالنُّ ُجو ُم َو ْال ِجبَا ُل َوال َّ‬
‫ش َج ُر‬ ‫ش ْم ُ‬ ‫ت َو َمن فِي ْاأل َ ْر ِ‬
‫ض َوال َّ‬ ‫س َم َاوا ِ‬‫َمن فِي ال َّ‬
‫}والد ََّوابُّ َو َكثِير ِمنَ النَّ ِ‬
‫اس‬ ‫سورة الحج‪ ،‬اآلية‪ ،]18 :‬فـ (السجود) له معنى حقيقي‪َ [ ،‬‬
‫وهو وضع الجبهة على األرض‪ ،‬ومعنى مجازي‪ ،‬وهو التعظيم‪ ،‬وقد استعمل فعل‬
‫‪.‬هنا في معنييه المذكورين ال محالة‪ ،‬الحقيقي والمجازي }يَ ْس ُج ُد{‬

‫طوا { ‪:‬ومن قبيل استعمال المعنى الحقيقي والمجازي أيضاً‪ ،‬قوله عز وجل‬ ‫س ُ‬
‫َويَ ْب ُ‬
‫وء‬ ‫سورة الممتحنة‪ ،‬اآلية‪ ،]2 :‬فبسط األيدي حقيقة في [ } ِإلَ ْي ُك ْم أ َ ْي ِديَ ُه ْم َوأ َ ْل ِسنَت َ ُهم بِال ُّ‬
‫س ِ‬
‫مدها للضرب والسلب‪ ،‬وبسط األلسنة مجاز في عدم إمساكها عن القول البذيء‪ ،‬وقد‬
‫‪.‬استعمل هنا في كال معنييه‬

‫المقالة السابقة‬
‫صى‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫أل‬‫ا‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ْج‬
‫س‬
‫َ ِ‬‫م‬‫ال‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ام‬‫ر‬ ‫ح‬
‫َ َ ِ ِ‬ ‫ال‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ْج‬
‫س‬
‫َ ِ‬‫م‬‫ال‬ ‫نَ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫ل‬‫ي‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ب‬
‫َ َِ‬‫ى‬ ‫ْر‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ِي‬
‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫انَ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ب‬
‫ْ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫{‬ ‫القرآن‬ ‫}من أسرار‬

‫المقالة التالية‬
‫صيغة (استفعل) في القرآن‬

‫التعليقات‬
‫هذه التعليقات ال تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها‬

‫أضف تعليقك‬
‫‪.‬سجل اآلن ‪.‬المسجلين في الموقع فقط يمكنهم إضافة تعليقات‬

‫مواد ذات صلة‬

You might also like