You are on page 1of 84

Filename – KFAS_LOGOTYPE_D_RGB Filename – KF

background. KFAS_LOGOTYPE_D_CMYK
8/7 ‫ ـــ العددان‬31 ‫املجلد‬
scale 2015 ‫ أغسطس‬/‫يوليو‬
reyscale version of the logotype is
mmended for use in newspapers and
cations where only a single color is available
high fidelityJuly
half-tone
/ Augustcan be reproduced
2015 ‫ عن‬1986 ‫تصدر في دولة الكويت منذ عام‬

e color
ingle color black and white versions should be
where the full color version cannot be used for Black KFAS logotype White KFA
Filename – KFAS_LOGOTYPE_D_BLACK Filename – KF
ical reasons, or where the legibility of the full
version against a background is problematic.

‫الساعات‬
‫في‬
‫منشأ الديناصورات الشرسة‬
Foundation for the Advancement of Sciences ‫داخلنا‬

‫ دينار كويتي‬1.500 :‫ ـ ـ السعر‬328/ 327 ‫العددان‬


ِ ‫الـم‬
‫زمن‬ ُ ‫األلم‬

‫كيف تنجو من حرب إلكترونية‬ ‫انقشاع لعنة داء ألزهامير‬ ِ


‫الغراء الذي يربط مكوناتنا معا‬
‫جـائزة الكـويت لـعـام ‪2016‬‬
‫دعــوة للترشيح‬
‫متش� � ��يا مع أهداف مؤسس� � ��ة الكويت للتقدم العلمي‪ ،‬وحتقيقا ألغراضها في تدعيم اإلنتاج العلمي وتشجيع العلماء والباحثني‬
‫العرب‪ ،‬تقوم املؤسس� � ��ة بتخصيص جوائز في مجاالت العلوم واآلداب والفنون‪ ،‬وذلك وفق برامجها الس� � ��نوية‪ .‬وتسجل املؤسسة‬
‫م� � ��ن خ� �ل��ال هذه اجلوائز اعترافها باإلجنازات الفكرية املتميزة التي تخدم التقدم العلمي وتفتح الطريق أمام اجلهود املبذولة لرفع‬
‫املستوى احلضاري في مختلف امليادين‪.‬‬
‫وموضوعات جائزة الكويت لعام ‪ 2016‬هي في املجاالت األربعة اآلتية‪:‬‬
‫‪Physics.‬‬ ‫‪ - 1‬الـعـلـوم األســـاسـية‪ :‬الفيزياء‪.‬‬
‫‪Food and Agriculture.‬‬ ‫‪ - 2‬الـعـلـوم التطبيقية‪ :‬الغذاء والزراعة‪.‬‬
‫‪Banking and Finance.‬‬ ‫‪ - 3‬العـلـوم االقتصادية واالجتماعية‪ :‬العلوم املالية واملصرفية‪.‬‬
‫‪Studies in the Fine and Performing‬‬ ‫‪ - 4‬الـفـنـون واآلداب‪ :‬دراسات في الفنون التشكيلية‬
‫‪Arts and Music.‬‬ ‫واملسرحية واملوسيقية‪.‬‬
‫تقدم املؤسس� � ��ة س� � ��نويا في كل مجال من هذه املجاالت جائزة مقدارها ‪ 40 000‬د‪.‬ك (أربعون ألف دينار كويتي) إلى واحد أو‬
‫أكثر من أبناء دولة الكويت والبالد العربية األخرى‪ ،‬كما تقدم املؤسسة مع اجلائزة النقدية ميدالية ذهبية ودرع املؤسسة وشهادة‬
‫تقديرية‪ ،‬علما بأن مواضيع مجاالت اجلائزة تتغير من عام إلى آخر‪.‬‬
‫ويتم منح جائــزة الكويــت وفق الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫(‪ )1‬أن يكون املتقدم عربي اجلنسية ولديه ما يثبت منشأه العربي‪ ،‬من خالل شهادة ميالد في بلد عربي أو جواز سفر عربي صالح‪،‬‬
‫ويرفق مع طلب التقدم ما يثبت ذلك‪.‬‬
‫(‪ )2‬أن يكون اإلنتاج مبتكرا وذا أهمية بالغة بالنس� � ��بة إلى احلقل املقدم فيه ومنش� � ��ورا خالل السنوات العشرين املاضية‪ .‬ويشمل‬
‫اإلنتاج العلمي ما يلي ‪ :‬أبحاثا منش � � �ــورة أو مقبــولــة للنش � � �ــر في مجــالت علميــة محكمــة وكتبــا مؤلفــة أو مترجمــة أو محققــة‬
‫أو فصال منشورا في كتاب على أن يتمتع الكتاب بترقيم دولي معتمد )‪ ،(ISSN‬وال تدخل أبحاث رسائل املاجستير والدكتوراه‬
‫في تقييم اإلنتاج العلمي للمرشح‪.‬‬
‫(‪ )3‬تَقبل املؤسسة ترشيحات اجلامعات والهيئات العلمية‪ ،‬كما يحق لألفراد احلاصلني على هذه اجلائزة ترشيح من يرونه مؤهال لنيلها‪،‬‬
‫وال ُتقبَل ترشيحات الهيئات السياسية‪.‬‬
‫(‪ )4‬تقبل املؤسسة طلبات املتقدمني من تلقاء أنفسهم على أن يكون تقدميهم مشفوعا بقائمة تضم أربع شخصيات أكادميية‬
‫أو بحثية ومؤسسة علمية‪ ,‬وستخاطب املؤسسة ثالثا من هذه القائمة لتقدمي خطابات تزكية للمتقدم‪.‬‬
‫(‪ ) 5‬قرارات مجلس إدارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي نهائية وال يجوز االعتراض عليها‪.‬‬
‫(‪ )6‬تعبئ� � ��ة طلب التقدم للجائزة‪ ،‬و ُيرس� � ��ل مع جميع أعمال املتقدم إلكترونيا‪ ،‬وميك� � ��ن احلصول على طلب التقدم من خالل املوقع‬
‫اإللكتروني للمؤسسة ‪.www.kfas.org‬‬
‫(‪ ) 7‬يرسل الطلب مع األعمال وفق ملفات ‪ ،PDF‬إما بواسطة وسيلة التخزين ‪ ،Flash Memory‬على العنوان اآلتي‪:‬‬
‫مؤسس����ة الكويت للتقدم العلمي ‪ -‬الش� � ��رق شارع أحمد اجلابر ‪ -‬التليفون املباش� � ��ر‪ 0096522270465 :‬أو بواسطة مواقع خدمات‬
‫التخزين السحابية مثل )‪ (Google drive - Dropbox - OneDrive‬وترسل عبر البريد اإللكتروني إلى مكتب اجلوائز ‪.prize@kfas.org.kw‬‬
‫(‪ )8‬تقبل الترشيحات حتى ‪.2016/3/31‬‬
‫لالستفسار بشأن اجلائزة يرجى االتصال بالرقم اآلتي‪ 22270465 :‬فاكس‪22270462 :‬‬
‫أو البريد اإللكتروني ملكتب اجلوائز ‪prize@kfas.org.kw :‬‬
‫‪f the logotype is‬‬
‫‪n newspapers and‬‬
‫‪a single color is available‬‬
‫املجلد ‪ 31‬ـــ العددان ‪(2015) 8/7‬‬
‫‪one can be reproduced‬‬ ‫تصدر في دولة الكويت منذ عام ‪ 1986‬عن‬
‫‪328/327‬‬

‫‪nd white versions should be‬‬


‫رئيس حترير‬
‫‪Black‬‬ ‫التحرير توجه‬
‫‪ KFAS‬إلى‪:‬‬ ‫مراسالت‬
‫‪logotype‬‬ ‫التحرير‬
‫‪White‬‬ ‫رئيس‬
‫‪KFAS logotype‬‬
‫‪or version cannot be used for‬‬
‫‪here the legibility of the full‬‬
‫للتقدم العلمي‬ ‫الكويت‬
‫‪Filename‬‬ ‫مؤسسة‬
‫‪– KFAS_LOGOTYPE_D_BLACK‬‬ ‫عدنان احلموي‬
‫‪Filename – KFAS_LOGOTYPE_D_WH‬‬
‫شارع أحمد اجلابر‪ ،‬الشرق ‪ -‬الكويت‬
‫‪background is problematic.‬‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 20856 :‬الصفاة‪ ،‬الكويت ‪13069‬‬

‫بريد إلكتروني‪ - oloom@kfas.org.kw :‬موقع الوِ ب‪www.oloommagazine.com :‬‬ ‫شارك في هذا العدد‬
‫هاتف‪ - )+965(22428186 :‬فاكس‪)+965(22403895 :‬‬

‫اإلعالنات في الوطن العربي يتفق عليها مع قسم اإلعالنات باملجلة‪.‬‬ ‫سعيد األسعد‬
‫‪Advertising correspondence from outside the Arab World should be addressed to‬‬ ‫عدنان احلموي‬
‫‪SCIENTIFIC AMERICAN 415, Madison Avenue, New York, NY 10017 - 1111‬‬
‫‪Or to MAJALLAT AL-OLOOM, P.O.Box 20856 Safat, Kuwait 13069 - Fax. (+965) 22403895‬‬ ‫زياد درويش‬
‫مروان الدمشقي‬
‫سعر العدد‬ ‫سليم الذكي‬
‫‪Britain‬‬ ‫‪₤‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5.4‬‬
‫‪cement of Sciences‬‬
‫دينار‬ ‫‪1.500‬‬ ‫الكويت‬ ‫جنيه‬ ‫السودان‬ ‫دينار‬ ‫‪1.800‬‬ ‫األردن‬ ‫قاسم سارة‬
‫‪Cyprus‬‬ ‫‪CI 2.5‬‬ ‫ليرة‬ ‫‪2765‬‬ ‫لبنان‬ ‫ليرة‬ ‫سوريا‬
‫‪100‬‬ ‫درهم‬ ‫‪20‬‬ ‫اإلمارات‬
‫‪France‬‬ ‫‪€‬‬ ‫‪6‬‬ ‫دينار‬ ‫ليبيا‬ ‫شلن‬ ‫الصومال ‪1497‬‬ ‫دينار‬ ‫البحرين‬
‫محمد شعيرة‬
‫‪1.7‬‬ ‫‪1.800‬‬
‫‪Greece‬‬ ‫‪€‬‬ ‫‪6‬‬ ‫جنيه‬ ‫‪7‬‬ ‫مصر‬ ‫دينار‬‫العراق ‪1964‬‬ ‫دينار‬ ‫‪2.5‬‬ ‫تونس‬ ‫نضال شمعون‬
‫‪Italy‬‬ ‫‪6‬‬ ‫درهم‬ ‫املغرب‬ ‫ريال‬ ‫ُعمان‬ ‫دينار‬ ‫اجلزائر‬
‫‪€‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪105‬‬ ‫محمد صفدي‬
‫‪U.S.A.‬‬ ‫‪$‬‬ ‫‪6‬‬ ‫أوقية‬ ‫‪889‬‬ ‫موريتانيا‬ ‫فلسطني ‪U.S $ 1.25‬‬ ‫فرنك‬ ‫‪206‬‬ ‫جيبوتي‬
‫‪Germany €‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ريال‬ ‫‪250‬‬ ‫اليمن‬ ‫ريال‬ ‫‪20‬‬ ‫قطر‬ ‫ريال‬ ‫‪20‬‬ ‫السعودية‬ ‫فؤاد العجل‬
‫نوار العوا‬
‫االشتراكات ترسل الطلبات إلى قسم االشتراكات باملجلة‪.‬‬
‫فوزي عوض‬
‫بالدوالر األمريكي‬ ‫بالدينار الكويتي‬
‫‪45‬‬ ‫‪12‬‬ ‫> للطلبة وللعاملني في سلك‬
‫ميساء قابيل‬
‫التدريس و‪/‬أو البحث العلمي‬ ‫أحمد الكفراوي‬
‫‪56‬‬ ‫‪16‬‬ ‫> لألفراد‬
‫يوسف محمود‬
‫‪112‬‬ ‫‪32‬‬ ‫> للمؤسسات‬
‫مالحظة‪ :‬حتول قيمة االشتراك بشيك مسحوب على أحد البنوك في دولة الكويت‪.‬‬
‫خالد مصطفى‬

‫بزيارة موقع املجلة ‪ www.oloommagazine.com‬ميكن االطالع على مختلف‬ ‫في األقطار العربية‬ ‫مراكز توزيع‬
‫اعتبارا من العدد ‪ ،1995/1‬كما ميكن االطالع على قاموس‬ ‫إصدارات‬
‫دولة الكويت‬ ‫المجموعة اإلعالمية العالمية ‪-‬‬ ‫بوساطة ‪:‬‬
‫منذ نشأتها باتباع التعليمات الواردة على الصفحة الرئيسية للموقع‪.‬‬ ‫مصطلحات‬
‫< اإلمارات‪ :‬شركة أبوظبي لإلعالم ‪ -‬أبوظبي < البحرين‪:‬‬
‫مؤسسة األيام للنشر ‪ -‬املنامة < تونس‪ :‬الشركة التونسـية‬
‫بنسـخة مجـانية من قرص ‪ CD‬يتضمن خالصات مقاالت‬ ‫ميكـن تزويــد املشـتركني في‬
‫للصحافة ‪ -‬تونس < السعودية‪ :‬الشركة الوطنية املوحدة‬
‫هذه املجلة منذ نشأتها عام ‪ 1986‬والكلمات الدالة عليها إلى عام ‪ .2005‬ولتشغيل هذا‬ ‫للتوزيع ‪ -‬الرياض < سوريا‪ :‬املؤسـسة العربية السورية‬
‫القرص في جهاز ُمدعم بالعربية‪ ،‬يرجى اتباع اخلطوات التالية‪:‬‬ ‫لتوزيع املطبوعات ‪ -‬دمشق < ُعمان‪ :‬مؤسسة العطاء ‪ -‬مسقط‬
‫‪ -1‬اختر ‪ Settings‬من ‪ start‬ثم اختر ‪Control Panel‬‬
‫< فلسطني‪ :‬شركة رام الله للتوزيع والنشر ‪ -‬رام الله < قطر‪:‬‬
‫‪ -2‬اختر ‪Regional and Language Options‬‬ ‫شركة دار الثقافة ‪ -‬الدوحة < الكويت‪ :‬املجموعة اإلعالمية العاملية ‪-‬‬
‫‪ -3‬اختر ‪ Arabic‬من قائمة ‪ Standards and Formats‬ثم اضغط ‪OK‬‬ ‫الشويخ‪ ،‬املنطقة احلرة < لبنان‪ :‬مؤسسة نعنوع الصحفية للتوزيع ‪-‬‬
‫بيروت < مصر‪ :‬األهرام للتوزيع ‪ -‬القاهرة < املغرب‪ :‬الشركة‬
‫حقوق الطبع والنشر محفوظة ملؤسسة الكويت للتقدم العلمي‪ ،‬ويسمح باستعمال ما يرد في‬
‫العربية اإلفريقية ‪ -‬الرباط < اليمن‪ :‬القائد للنشر والتوزيع ‪ -‬صنعاء‪.‬‬
‫شريطة اإلشارة إلى مصدره في هذه املجلة‪.‬‬
‫‪8/7‬‬ ‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫حوسبة‬ ‫‪4‬‬
‫نوار العوا ــ محمد شعيرة‬
‫البحث عن حاسوب جديد‬
‫&‬ ‫>‪ .J‬پاڤالس<‬
‫التحرير‬

‫مع نهاية فعالية قانون >مور<‪ُ ،‬ينفق ُمصنِّعو الشيپات (رقاقات احلاسوب)‬
‫الباليني الستحداث تقانات جديدة تحُ ِّس ُن األداء‪.‬‬

‫طب‬ ‫‪12‬‬
‫انقشاع لعنة داء ألزهامير‬
‫زياد درويش ــ عدنان احلموي‬ ‫>‪ .G‬ستيكس<‬

‫ينكب على الوقاية منه؛ فدستتني من العائالت‬


‫ُّ‬ ‫مبا أن البحث عن عالج لهذا الداء أخذ‬
‫الكولومبية املصابة بنوع جيني نادر من ذلك الداء برزتا لتؤدي دور ًا مفتاحا في عالجه‪.‬‬

‫طب‬ ‫‪18‬‬
‫الـم ِ‬
‫زمن‬ ‫األلم ُ‬
‫أحمد الكفراوي ــ ميساء قابيل‬
‫>‪ .S‬سوذرالند<‬

‫إن التبصرات املستجدة في أسباب األلم املزمن تقود إلى أفكار حديثة ملكافحته‪.‬‬

‫علم األحافير‬ ‫‪26‬‬


‫منشأ الديناصورات‬
‫فؤاد العجل ــ خالد مصطفى‬ ‫الشرسة (التيرانوصورات)‬
‫>‪ .S‬بروساتي<‬

‫يبدو أن الزاحف املخيف >‪ .T‬ريكس< هو سليل متأخر في فصيلة من املخلوقات املتواضعة‬
‫حجما‪ ،‬معظمها بحجم اإلنسان تقريبا ولبعض منها سمات تشريحية عجيبة حقا‪.‬‬

‫فيزياء اجلسيمات‬ ‫‪36‬‬


‫ِ‬
‫الغراء الذي يربط مكوناتنا معا‬
‫يوسف محمود ــ فوزي عوض‬ ‫>‪ .Th‬أورليخ< ‪ .R> -‬ڤينوجوپاالن<‬ ‫>‪ .R‬إنت< ‪-‬‬

‫الغليونات هي التي حتافظ على البروتونات والنترونات ‪ -‬وعلى الكون بأسره تبعا لذلك ‪-‬‬
‫سليمة مانعة إياها من التحلل‪ .‬أما كيف تقوم بذلك؛ فهو سر ينتظر التفسير‪.‬‬
‫«مجـلـة العـلوم» تصــدر شهر ًيا فــي الكـويـت مـنذ عـام ‪ 1986‬عـن «مؤسسـة الكـويـت للتقـدم العلمـي» وهـي مؤسسـة أهليـة ذات نفـع عـام‪ ،‬يـرأس مجلـس إدارتهـا صاحـب السمـو أمــير دولــة الكـويــت‪ ،‬وقـد أنشــئت عــام‬
‫‪ 1976‬بهـدف املعاونـة فـي التطــور العلمـي واحلضـاري فـي دولـة الكويـت والوطـن العـربـي‪ ،‬وذلـك مــن خـالل دعــم األنشطــة العلمــية واالجتماعـيـة والثقـافيـة‪ .‬و«مجلة العلوم» هـي فـي ثلثي محتوياتهــا ترجمـة لـ«ساينتفيك‬
‫أمريكان» التـي تعتبر مـن أهـم املجـالت العلمـيـة فــي عالـم اليــوم‪ .‬وتسعـى هـذه املجــلـة مـنذ نشأتهـا عــام ‪ 1845‬إلـى متكـني القـارىء غــير املتخصــص مــن متـابعـة تطــورات معـارف عصـره العلميــة والتقانيــة‪ ،‬وتوفير معـرفـة‬
‫شموليـة للقــارىء املتخصص حول موضوع تخصصه‪ .‬تصدر «ساينتفيك أمريكان» بثماني عشرة لغة عاملية‪ ،‬وتتميز بعرضها الشيق للمواد العلمية املتقدمة وباستخدامها الق ّيم للصور والرسوم امللونــة واجلداول‪.‬‬

‫بيولوجيا زمنية‬ ‫‪44‬‬


‫الساعات في داخلنا‬
‫سعيد األسعد ــ عدنان احلموي‬
‫>‪ .W .F‬تورِ ك<‬ ‫>‪ .C .K‬سوما< ‪-‬‬

‫ليس في جسم اإلنسان ساعة بيولوجية واحدة فقط‪ ،‬بل عدة ساعات‪.‬‬

‫األمن‬ ‫‪50‬‬
‫سليم الذكي ــ فؤاد العجل‬ ‫كيف تنجو من حرب إلكترونية‬
‫&‬
‫التحرير‬ ‫>‪ .K‬إيالزاري<‬

‫شئنا أم أبينا‪ ،‬نحن جميعا مقاتلون في معركة من أجل جعل الفضاء اإللكتروني آمنا‪.‬‬

‫طب إلكتروني‬ ‫‪54‬‬


‫زياد درويش ــ قاسم سارة‬ ‫طب بالصدمة (الكهربائية)‬
‫&‬
‫التحرير‬ ‫>‪ .J .K‬تريسي<‬

‫زمن ُيعال ُِج فيه األطباء االضطرابات االلتهابية واملناعية الذاتية بالكهرباء‪.‬‬
‫قد نكون على مشارف ٍ‬

‫تقانة‬ ‫‪64‬‬
‫عا َلم من احلركة‬
‫>‪ .M‬روبنشتاين<‬ ‫>‪ .F‬دوراند< ‪ .T .W> -‬فرميان< ‪-‬‬
‫محمد صفدي ــ نضال شمعون‬

‫أداة جديدة تُنتِج أفالما مذهلة حلركات كانت ستبقى غير محسوسة من دون هذه األفالم‪.‬‬

‫بيئة‬ ‫‪72‬‬
‫مروان الدمشقي ــ سعيد األسعد‬ ‫مشكلة مح ّيرة لكوكب األرض‬
‫&‬
‫التحرير‬ ‫>‪ .E .M‬ويبـر<‬

‫يعتمد مستقبلنا على مدى قدرتنا على إنشاء منظومة جديدة متكاملة ومستدامة‬
‫لتوفير الغذاء واملاء والطاقة‪.‬‬
‫‪8/7‬‬‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫البحث عن حاسوب جديد‬


‫()‬

‫مع نهاية قانون >مور< املنظورة‪ ،‬ينفق منتجو الشيپات (رقاقات‬


‫احلاسوب)  الباليني الستحداث تقانات حوسبة جديدة‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫>‪ .J‬پاڤالس<‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪4‬‬


‫في غرفـــة اجتمــاعــات ضيقـة وعدميــة النوافــذ مبقـر قيــادة األبحـاث والتطويـر )‪ ،(R&D‬في الش� � ��ركة ‪،Intel‬‬
‫املوصالت ‪ semiconductors‬واملعاجلات امليكروية ِّ‬
‫(الصغرية)‬ ‫ِّ‬ ‫وهي املصنع املهيمن في مجال أشباه‬
‫‪ ،microprocessors‬يش� � ��رح >‪ .M‬ب� � ��ور< [مديـر بنيـ� � ��ان وتكـامـل العمـليـات] بهـدوء كي� � ��ف أن قانون >مور<‬
‫‪ ،Moore’s Law‬الذائع الصيت‪ ،‬قد انتهى منذ مدة‪ .‬وقد يبدو األمر مفاجئا‪ ،‬والسيما أن >بور< يعمل بحرفية‬
‫والتزام في مجال قانون >مور<‪ .‬إذ ينص عمله على اكتش� � ��اف طريقة جلعل ترنزس� � ��تورات الش� � ��ركة ‪Intel‬‬
‫احلالي� � ��ة‪ ،‬وهي من مقاس ‪ 14‬نانومت� � ��راً‪ ،‬أصغر مبرتني خالل العقد القادم‪ .‬ولكن >بور<‪ ،‬ومن خلف نظاراته‬
‫الدائرية‪ ،‬لم يكن مازحا‪« :‬ينبغي أن ندرك أن حقبة التغيير التقليدي ملقاس الترنزس� � ��تورات‪ ،‬التي تنص على‬
‫أخذ البنية واملواد األساسية ذاتها وجعلها أصغر حجما‪ ،‬قد َو َّلت منذ نحو عشر سنوات‪».‬‬
‫الس� � ��طور‪ ،‬حتتوي كل واحدة من وح���دات املعاجلة املركزية‬ ‫ف� � ��ي عام ‪ ،1965‬نش� � ��ر >‪ .G‬مور< [مدي� � ��ر البحث والتطوير‬
‫)‪ )6((CPUs‬للمُ خ ِّدم���ات العالي���ة األداء(‪ )7‬م� � ��ن الش� � ��ركة ‪،Intel‬‬ ‫املوص� �ل��ات] وثيقة‬‫ِّ‬ ‫)‪ (R&D‬في الش� � ��ركة ‪ Fairchild‬ألش� � ��باه‬
‫وهي الش� � ��يپات األعلى كثافة املتاح� � ��ة جتاريا‪ ،‬على ‪ 4.5‬بليون‬ ‫بالعن� � ��وان الصادم «حش� � ��ر املزيد من املكونات ف� � ��ي الدوائر‬
‫ترنزستور‪ .‬وتستطيع عمليات التصنيع األحدث للشركة ‪Intel‬‬ ‫املتكاملة»‪ .‬وتنبأ >مور< آنذاك بأن عدد الترنزستورات املمكن‬
‫واملتاحة في منشآت اإلنتاج )‪ )8((fabs‬املقامة في ‪ Hillsboro‬في‬ ‫جتميعها في ش� � ��يپة بتكلفة مثالية‪ ،‬سيتضاعف كل عام‪ .‬وبعد‬
‫‪ ،Ore‬حفر سمات(‪ )9‬صغيرة من رتبة ‪ 14‬نانومتر ًا ضمن شريحة‬ ‫عق� � ��د من الزمن‪ ،‬ق� � ��ام مبراجعة ذلك التنب� � ��ؤ ليصبح ما عرف‬
‫السيلكون‪ .‬وميثل ذلك حجما أدق من سوط البكتيريا(‪ .)10‬فقد‬ ‫الحقا باس� � ��م قان� � ��ون >م� � ��ور<‪ :‬كل عامني س� � ��يتضاعف عدد‬
‫حول النمو األس� � ��ي في كثافة الترنزس� � ��تورات آالت احلوسبة‬ ‫الترنزستورات املجمعة في شيپة حاسوب(‪.)2‬‬
‫ّ‬
‫التي كانت بحج� � ��م الغرفة واملعتمدة على األنابيب املفرغة‪ ،‬في‬ ‫احلواسيب من العمل‪ .‬ولكن قانون‬ ‫َ‬ ‫الدوائر املتكاملة‬
‫ُ‬ ‫ومتكن‬
‫أواس� � ��ط القرن العشرين‪ ،‬إلى أعجوبة س� � ��يلكون مصغرة في‬ ‫>مور< يسمح لها بالتطور‪ .‬وملا كانت الترنزستورات هي مبثابة‬
‫بداية القرن احلادي والعشرين‪.‬‬ ‫«الذرات» ‪ atoms‬في احلوس���بة اإللكترونية(‪ - )3‬أي القواطع‬
‫وم� � ��ع ذلك‪ ,‬ميكن لقان� � ��ون >مور< الوصول إلى اإلش� � ��باع‬ ‫الوحدان‬‫ال من ِ‬ ‫الدقيق���ة ‪ tiny switches‬التي تك���وّ د ‪ encode‬ك ًّ‬
‫بحس� � ��ب قوانني الفيزياء ‪ -‬وخالل عقد ل� � ��ن يكون من املمكن‬
‫(‪)4‬‬
‫واألصفار )‪ (1&0’s‬في أي ذاكرة حاسوبية وأي دائرة منطقية‬
‫احلفاظ على هذا اإليقاع غير املس� � ��بوق من التصغير‪ .‬ولهذا‬ ‫ضاعفت عدد الترنزس� � ��تورات‬ ‫َ‬ ‫إل� � ��ى فرق في الڤلطي� � ��ة ‪ -‬فإذا‬
‫املمكن وضعها في الفضاء املادي نفس� � ��ه‪ ،‬ميكنك مضاعفة‬
‫(‪)5‬‬
‫)( ‪ THE SEARCH FOR A NEW MACHINE‬أو‪« :‬البحث عن آلة جديدة»‪.‬‬
‫(‪chipmakers )1‬؛ منتجو الشيپات‪.‬‬ ‫كمية احلوس� � ��بة املمك� � ��ن حتقيقها وبالتكلفة ذاته� � ��ا‪ .‬لقد أتاح‬
‫(‪computer chip )2‬‬
‫(‪electronic computation )3‬‬ ‫(الصغري) ‪ ،microprocessor‬األول من قبل‬ ‫ِّ‬ ‫املعال���ج امليكروي‬
‫(‪logic )4‬‬
‫(‪physical space )5‬‬ ‫الشركة ‪ 8080 ،Intel‬املستخدم في كافة األغراض‪ ،‬إطالق ثورة‬
‫(‪central processing units )6‬‬
‫(‪high-performance servers )7‬‬ ‫احلواسيب الشخصية )‪ (PC‬عند إصداره في عام ‪ .1974‬وقد‬
‫(‪fabrication facilities )8‬‬
‫(‪etch features )9‬‬
‫احتوت ش���ريحة ‪ wafer‬تشبه قضيب احللوى والتي ال يتجاوز‬
‫(‪bacterium flagellum )10‬‬
‫طولها بوصتان‪ ،‬على ‪ 4500‬ترنزستور‪ .‬وحتى تاريخ كتابة هذه‬

‫باختصار‬
‫مواد جدي� � ��دة‪ .‬وأصبحت األفكار البحثية التي طاملا درس� � ��ت في‬ ‫يعتمد التقدم في احلوسبة على قانون >مور<‪ ،‬والذي ينص‬
‫املخابر تتابع اآلن متابعة حثيثة مدفوعة بحمى جتارية‪.‬‬ ‫على أن عدد الترنزستورات في شيپة (رقاقة حاسوب) يتضاعف‬
‫ومن املبكر جدا حتديد اإلعالن عن التقانات التي س� � ��تبرز‬ ‫كل عام� �ي��ن‪ .‬ولكن ميكن للترنزس� � ��تورات أن تصبح صغيرة جدا‬
‫كرابح‪ .‬وينص الناجت األكثر احتماال على أن التقانات املتخصصة‬ ‫قبل أن يصطدم املهندس� �ي��ن مبحددات قوان� �ي��ن الفيزياء‪ ،‬ولم تعد‬
‫س� � ��تقوم بتنفيذ مهمات محددة عند إس� � ��نادها إلى معالج مركزي‬ ‫هذه اللحظة بعيدة‪.‬‬
‫واحد‪ .‬وستجري عندئذ االستعاضة عن قانون >مور< املفرد‪ ،‬بعدة‬ ‫وبنتيج���ة ذلك‪ ،‬ينفق مصنعو الشيپات الباليني لتطوير بنى‬
‫قوانني >مور< معا‪.‬‬ ‫حوس� � ��بة وتصميمات معاجلات جديدة كلي� � ��ا‪ ،‬يعتمد بعضها على‬

‫‪5‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫سيحدثه دون شك تقهقر هندسة‬ ‫ش� � ��أنه أن ميأل الفراغ الذي ُ‬
‫الدوائر الس� � ��يلكونية التقليدية‪ .‬ويبقى الس� � ��ؤال‪ :‬ما هي هذه‬
‫التقانة ومتى تصبح جاهزة؟‬ ‫املؤلف‬
‫‪John Pavlus‬‬
‫إلى ما بعد السيلكون‬
‫()‬
‫>پاڤ�ل�اس< هو كاتب ومخرج أفالم يركز على مواضي� � ��ع العلوم والتقانة والتصميم‪.‬‬
‫وتنش� � ��ر أعماله ف� � ��ي املج� �ل��ات ‪ ،MIT Technology Review ,Nature ,Wired‬وغيرها من‬
‫إن الفك� � ��رة الكامنة وراء قانون >مور< بس� � ��يطة‪ :‬إن تنصيص‬ ‫املنابر اإلعالمية‪.‬‬
‫حجم ترنزس� � ��تور ُيعني أن� � ��ه بإمكانك مضاعفة أداء احلوس� � ��بة‬
‫وبالتك ّلفة نفس� � ��ها‪ .‬ولكن هذا القان� � ��ون تضمن دوما قضايا أكثر‬
‫من ذلك‪ .‬وقد تكون مقالة >‪ .G‬مور< املنشورة في عام ‪ 1965‬تنبأت‬ ‫‪ Intel‬و ‪ IBM‬و ‪HP‬‬ ‫الس� � ��بب‪ ،‬يتسابق مصنعو الش� � ��يپات مثل‬
‫مبا س� � ��يحدث لكثافة الترنزس� � ��تورات س� � ��نويا‪ ،‬ولكنها لم تصف‬ ‫إلنف� � ��اق الباليني من الدوالرات على البح� � ��ث والتطوير بهدف‬
‫قط كيف ميكن رف� � ��ع األداء كنتيجة الزدي� � ��اد الكثافة‪ .‬وقد تطلب‬ ‫ّ‬ ‫اكتش� � ��اف عالَ� � ��م ما بعد قان� � ��ون >مور<‪ .‬ويتطل� � ��ب ذلك إعادة‬
‫األمر تس� � ��ع س� � ��نوات إضافية لكي يقوم عا ِلم في الشركة ‪،IBM‬‬ ‫النظر في الفرضيات األساس� � ��ية الت� � ��ي تطلبها التقانة لتؤدي‬
‫وهو >‪ .R‬دنارد<‪ ،‬بنش� � ��ر تفس� � ��ير يعرف اليوم مبقياس >دنارد<‬ ‫(‪)1‬‬
‫وظائفها‪ .‬وهل حتتاج شيپة احلاسوب إلى أن تكون صفيفة‬
‫‪ Denard scaling‬يص� � ��ف هذا املقياس ثبات كثافة الطاقة لتقانة‬ ‫ذات بعدين من األس� �ل��اك احملفورة ضمن الس� � ��يلكون؟ وترى‬
‫)‪( )6((MOSFET‬وتشير إلى تقانة ترنزستورات األثر احلقلي ذات‬ ‫الش� � ��ركة ‪ IBM‬أن ذلك غير ضروري‪ ،‬فهي تتحرى بجدية عن‬
‫أش� � ��باه املوصالت املعدنية املؤكس� � ��دة‪ ،‬وهي التقانة املهيمنة في‬ ‫اس� � ��تخدام أنابيب الكربون النانوية(‪ )2‬والگرافني ‪graphene‬‬
‫عام ‪ )1974‬مع تقلص أبعادها الفيزيائية(‪ .)7‬وبكلمات أخرى‪ ،‬عند‬ ‫كركيزة للحوس� � ��بة‪ .‬وماذا عن اإللكترونات؟ هل هي ضرورية؟‬
‫تقلص أبعاد الترنزستورات‪ ،‬فإن كمية الڤلطية الكهربائية والتيار‬ ‫تراهن الش� � ��ركتان ‪ IBM‬و ‪ HP‬على الفوتوني���ات ‪photonics‬‬
‫الالزمني لتبديل احلالة بني الوصل والفصل‪ ،‬تتقلص أيضا‪.‬‬ ‫التي تستخدم نبضات ضوئية بدال من الڤلطية‪.‬‬
‫وقد ظ� � ��ل مقياس >دن� � ��ارد< ملدة ‪ 30‬عاما احملرك الس� � ��ري‬ ‫وتذهب الشركة ‪ HP‬إلى أبعد من ذلك‪ ،‬إذ تود تطوير النظرية‬
‫لقان� � ��ون >مور<‪ ،‬ضامنا املكس� � ��ب الثابت في أداء احلواس� � ��يب‬ ‫األساس� � ��ية لإللكترونيات بذاتها‪ .‬وقد شيدت الشركة منوذجا‬
‫الش� � ��خصية‪ ،‬وهذا ما ساعد األش� � ��خاص على البدء باألعمال‬ ‫رمزي «اآللة» ‪ ،the Machine‬وهذا النموذج‬ ‫ّ‬ ‫أوليا حلاسوب‪ ،‬باسم‬
‫التجاري� � ��ة وتصمي� � ��م املنتج� � ��ات ومعاجلة األم� � ��راض وتوجيه‬ ‫يس� � ��تمد الطاقة من االرتباط املفقود في اإللكترونيات واجلاري‬
‫املركبات الفضائية وجعل اإلنترنت أكثر دميقراطية‪ .‬وبعد ذلك‪،‬‬ ‫البحث في� � ��ه منذ فترة طويلة‪ ،‬وهو مقاوم ذاك���رة(‪.memristor )3‬‬
‫توق� � ��ف هذا املقياس عن العمل‪ .‬وما إن بدأت منش� � ��آت اإلنتاج‬ ‫ويس� � ��مح هذا املكون الذي ج� � ��رى التنبؤ به رياضياتيا منذ عدة‬
‫بحفر سمات في السيلكون برتبة أقل من ‪ 65‬نانومتر ًا (وهذا ما‬ ‫عق� � ��ود‪ ،‬ولكن لم ُيطور إال حديث� � ��ا باجلمع بني وظائف التخزين‬
‫ميثل نصف طول الڤيروس ‪ ،)HIV‬حتى وجد مصممو الشيپات‬ ‫ووظائف الذاكرة العش���وائية النفاذ )‪ )4((RAM‬في احلواسيب‬
‫أن الترنزستورات أصبحت تس� � ��رب اإللكترونات بسبب اآلثار‬ ‫ب� � ��آن معا‪ .‬ويصبح التش� � ��بيه الش� � ��ائع للوح� � ��دة ‪« CPU‬بدماغ»‬
‫امليكانيكي� � ��ة الكمومي���ة ‪ .quantum‬وقد أصبحت هذه العناصر‬ ‫احلاس� � ��وب هو األدق مع هذه املكونات بدال من الترنزستورات؛‬
‫دقيق� � ��ة إلى درجة يصعب فيها االبت� � ��دال بني حالتي «الوصل»‬ ‫ألن بإمكانها العمل بطريقة مشابهة للخاليا العصبية ‪:neurons‬‬
‫و «الفصل» مبوثوقية‪ ،‬كما أصبح أي حاسوب رقمي ال يستطيع‬ ‫فهي جتمع بني تخزين ونقل وتكويد املعلومات‪ .‬ويسمح اجلمع‬
‫التميي� � ��ز بني ‪ 1‬و ‪ 0‬يعاني مش� � ��كلة حقيقي� � ��ة‪ .‬وال يقتصر األمر‬ ‫ب� �ي��ن التخزي� � ��ن املتالش���ي ‪ volatile‬والدائ���م ‪ nonvolatile‬برفع‬
‫عل� � ��ى ذلك فقط‪ ،‬إذ كان الباحثون في الش� � ��ركتني ‪ IBM‬و ‪Intel‬‬ ‫الكفاءة بطريقة ملموس� � ��ة والتخفيف مما ُيعرف بعنق زجاجة‬
‫يستكشفون ما يسمى جدار التردد ‪ frequency wall‬الذي يضع‬ ‫>ڤون نيومان<(‪ )5‬التي طاملا فرضت قيودا على احلوسبة ألكثر‬
‫حاجزا أمام سرعة تنفيذ الوحدات ‪ CPUs‬السيلكونية للعمليات‬ ‫من نصف قرن‪.‬‬
‫)( ‪BEYOND SILICON‬‬
‫ولكن ال تعد أي من هذه التقانات جاهزة حاليا لتحل محل‬
‫(‪array )1‬‬
‫(‪carbon nanotubes )2‬‬
‫الش � � �ـيپات املسـتخدمة في احلواس� � ��يب احملمولة أو الهواتف‪،‬‬
‫(‪ )3‬أو‪ :‬امليمرستور‪.‬‬
‫(‪random-access memory )4‬‬
‫أو حتى لتوس� � ��يع قدراتها‪ ،‬في السنوات القليلة القادمة‪ .‬ومع‬
‫(‪von Neumann bottleneck )5‬‬ ‫نهاي� � ��ة العقد احلالي‪ ،‬ينبغي أن ُتصب� � ��ح إحدى هذه التقانات‬
‫(‪metal-oxide-semiconductor field-effect transistors )6‬‬
‫املادية‪.‬‬ ‫(‪ )7‬أو‪:‬‬ ‫على األقل قادرة على تقدمي األداء احلسابي احملسن الذي من‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪6‬‬


‫املنطقية‪ ،‬والبالغة أكثر من أربعة باليني مرة في الثانية‪ ،‬من دون السيلكون عندها كموم ّيا ‪.quantum‬‬
‫وم� � ��ع ذلك‪ ،‬وخالف� � ��ا للس� � ��يلكون‪ ،‬يعان� � ��ي الگرافني فجوة‬ ‫االنصهار بسبب احلرارة الزائدة‪.‬‬
‫وم� � ��ن الناحية التقاني� � ��ة‪ ،‬ميكن لقانون >مور< االس� � ��تمرار نط���اق ‪ ،bandgap‬وه� � ��ي فرق الطاقة بني املدارات التي تقيد بها‬
‫(وقد اس� � ��تمر بالفعل)‪ ،‬فقد اس� � ��تمرت الش� � ��ركة ‪ Intel‬بحشر اإللكترونات حول ال� � ��ذرة واملدارات التي ميكن لإللكترونات أن‬
‫ترنزستورات أدق في الشرائح كل عامني‪ .‬ولكن ذلك لم يترجم تتحرك عليها بحرية وتشارك في توصيل الكهرباء‪ .‬وعلى سبيل‬
‫املثال‪ ،‬ال توجد هذه الفجوة في املعادن في موصالت نقية‪ .‬وفي‬ ‫حتى اآلن بحواسيب أسرع وأرخص فعال‪.‬‬
‫ومنذ عام ‪ ،2000‬دأب مهندسو الشيپات‪ ،‬بعد مواجهة هذه غياب هذه الفجوة‪ ،‬يتعذر كثيرا صد تدفق التيار الذي س� � ��ينقل‬
‫العقبات‪ ،‬على تطوير حلول ذكية‪ .‬فقد جتنبوا بلوغ جدار التردد الترنزس� � ��تور من حالة الوصل إلى الفص� � ��ل – وهذا يعني أن‬
‫األجه� � ��زة املكونة من عنصر الگرافني‬ ‫بإدخ� � ��ال وحدات املعاجل� � ��ة املركزية‬
‫(‪)1‬‬
‫ال ميكنه� � ��ا تكويد املنط���ق الرقمي‬ ‫متع���ددة الن���وى ‪( multicore‬إذ إن‬
‫مبوثوقي� � ��ة‪ .‬ويعترف >‪ .S‬گوها< [مدير‬ ‫معاجل � � � ًا بتردد ‪ 10-GHz‬س� � ��يحترق‬
‫العل� � ��وم الفيزيائية ف� � ��ي مركز أبحاث‬ ‫حتما‪ ،‬ولكن اس� � ��تخدام ‪ 4‬أو ‪ 8‬أو ‪16‬‬
‫>‪ .J .Th‬واتس� � ��ون< في الشركة ‪:]IBM‬‬ ‫معاجل� � ��ا بت� � ��ردد ‪ ،3-GHz‬تعمل على‬
‫«لق� � ��د كنا ال� � ��رواد في ه� � ��ذا املجال‪،‬‬ ‫التوازي‪ ،‬ال يؤدي إل� � ��ى االحتراق)‪.‬‬
‫ولكن النتائج التي حصلنا عليها من‬ ‫كم� � ��ا مت تدعي� � ��م الترنزس� � ��تورات‬
‫الگرافني لم تكن مش� � ��جعة‪ .‬إذ ينبغي‬ ‫املس� � ��ربة ببوابات ثالثية ‪،tri-gates‬‬
‫أن يكون الگرافني زهيد الثمن للغاية‪،‬‬ ‫يريد مؤسس مجموعة‬ ‫بحي� � ��ث تتحك� � ��م ف� � ��ي تدف� � ��ق التيار‬
‫وأن يق� � ��دم بع� � ��ض املي� � ��زات الفريدة‬ ‫احلوسبة اإلدراكية في‬ ‫من ثالث� � ��ة جوانب‪ ،‬ب� � ��دال من جانب‬
‫ليحل محل املواد الراهنة‪ .‬فهو ميتلك‬ ‫واحد‪ .‬وقد جرى بناء أنظمة تس� � ��مح‬
‫الشركة ‪ .D> ،IBM‬مودها<‪،‬‬ ‫للوحدات ‪ CPUs‬بإسناد بعض املهام‬
‫خواص مثيرة لالهتمام‪ ،‬ولكن لم يجر‬
‫حتديد التطبيق األنسب له‪».‬‬ ‫تكون‬ ‫حاسوب‬ ‫شيپات‬ ‫بناء‬ ‫خصوصا العوي� � ��ص منها لوحدات‬
‫قد تك� � ��ون أنابيب الكربون النانوية‬ ‫خاصة خارجية (مثال يقود شاش� � ��ة على درجة من «الذكاء» ال تقل‬
‫لف وريقات الگرافني‬ ‫وإن ّ‬‫واعدة أكثر‪ّ .‬‬ ‫عن الفراشة املنزلية‪.‬‬ ‫الهاتف الذكي ‪ iPhone 6‬معالج بياني‬
‫على شكل أسطوانات جوفاء‪ ،‬يمُ ِّكنها‬ ‫رباعي النوى خاص بها)‪ .‬ولكن‪ ،‬لن‬
‫يغير ملء هذه الثغرات من حقيقة أنه لم يبق أمام عمر مقياس من اكتساب فجوة نطاق صغيرة‪ ،‬متنحها بعض صفات أشباه‬
‫املوصالت املماثلة للس� � ��يلكون‪ ،‬وهذا ما يفت� � ��ح أمامها إمكانية‬ ‫السيلكون مدة أكثر من عقد من الزمن فقط‪.‬‬
‫ويدفع ذلك مصنعي الشيپات إلى البحث عن طرق لتحصني اس� � ��تخدامها كترنزس� � ��تورات رقمي� � ��ة‪ .‬ويقول >گوه� � ��ا<‪« :‬نحن‬
‫الس� � ��يلكون‪ .‬ففي العام املاضي )‪ ،(2014‬أعلنت الشركة ‪ IBM‬متفائلون بحذر‪ ،‬فعن� � ��د تصغير مقاس أنابيب الكربون النانوية‪،‬‬
‫أنها قد خصصت ثالثة باليني دوالر للبحث بنهم عن األشكال وه� � ��ي عناصر انفرادية‪ ،‬إلى رتب� � ��ة ‪ 10‬نانومترات تقريبا‪ ،‬يتفوق‬
‫املتنوعة للحوس� � ��بة ملا بعد الس� � ��يلكون‪ .‬ولعل املادة األساسية أداؤه� � ��ا على أي مادة أخ� � ��رى متوفرة حالي � � �اً‪ .‬وإذا نظرنا إلى‬
‫قيد التقصي هي الگرافني‪ :‬وهي وريقات كربونية بثخانة ذرة محاكاة منظومات احلوسبة التي تستخدم أنابيب كربون نانوية‪،‬‬
‫واحدة فقط‪ .‬وكما هي احلال في الس� � ��يلكون‪ ،‬ميتلك الگرافني نتوقع احلصول على حتس� � ��ن لألداء أو لكفاءة الطاقة يصل إلى‬
‫خصائص إلكترونية مفيدة‪ ،‬تبقى مستقرة في ظل طيف واسع خمسة أضعاف أعلى من السيلكون‪».‬‬
‫ولكن أنابيب الكربون النانوية هي بنى دقيقة وحساسة‪ .‬فإذا‬ ‫من درجات احلرارة‪ .‬ومن خصائصه الفضلى أن اإللكترونات‬
‫تعبر تلك الوريقات بالس� � ��رعات النس� � ��بية‪ .‬وق� � ��د يكون األكثر تغير قطر األنبوب النانوي أو الزاوية التي تدور بها ذرات الكربون‬
‫إحراج� � ��ا‪ ،‬أن من املمكن تغيير أبع� � ��اد تلك املادة مخبريا على تغيرا بسيطا‪ ،‬فإن فجوة النطاق ميكن أن تختفي‪ ،‬وهذا ما يجعل‬
‫األق� � ��ل‪ .‬وقد جرى بناء ترنزس� � ��تورات الگرافني بحيث ميكنها األنبوب غير صالح لالستخدام كعنصر دائرة رقمية‪ .‬وينبغي أن‬
‫العم� � ��ل مئات أو آالف املرات بطريقة أس� � ��رع م� � ��ن العناصر يكون املهندسون قادرين أيضا على صف باليني األنابيب النانوية‬
‫السيلكونية األعلى أداء‪ ،‬وبكثافة طاقة معقولة‪ ،‬على الرغم من وفق أسطر واضحة بحيث ال يبعد بعضها عن بعض مسافة أكبر‬
‫(‪encode digital logic )1‬‬ ‫أنها تقل عن مستوى عتبة عند خمسة نانومترات التي يصبح‬

‫‪7‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫الطاقة إلى مسح كافة محتويات الذاكرة ‪ ،DRAM‬وهذا يفسر‬ ‫من بضعة نانومترات باس� � ��تخدام التقانة ذاتها التي ُيعتمد عليها‬
‫احلاجة إلى وس���ائط تخزي���ن دائم���ة(‪ ،)4‬مثل ذاكرة ومضية‬ ‫في تصنيع السليكون حاليا‪ .‬ويقول >گوها<‪« :‬ينبغي‪ ،‬لكي تصبح‬
‫‪ flash memory‬واألقراص الصلبة‪ ،‬حلفظ البيانات ملدد طويلة‪.‬‬ ‫أنابيب الكربون النانوية خلفا قيما للس� � ��يلكون‪ ،‬اكتش� � ��اف كل ما‬
‫وتقدم هذه الوس� � ��ائط الس� � ��عة العالية واالستهالك املنخفض‬ ‫يتعلق بها في العامني أو الثالثة أعوام القادمة‪».‬‬
‫للطاق� � ��ة‪ ،‬ولكنها ش� � ��ديدة الب� � ��طء (كما أن الذاك� � ��رة الومضية‬
‫ُتس� � ��تهلك س� � ��ريعا إلى حد ما)‪ .‬وملا كان لكل وس� � ��يطة ذاكرة‬
‫()‬
‫حتطيم جدار الذاكرة‬
‫حلول وسطى متراكبة‪ ،‬فإن احلواسيب املعاصرة تربطها معا‬ ‫العقار األغلى على هذا الكوكب؟‬ ‫ويسأل >‪ .A‬ويلر<‪« :‬ما هو ِ‬
‫بحيث تس� � ��تطيع الوحدات ‪ CPUs‬نقل البيانات صعودا ونزوال‬ ‫إنه موجود هنا‪ »،‬وهو يشير إلى صندوق مرسوم باللون األسود‬
‫ب� �ي��ن الطبقات بطريقة فعالة قدر اإلمكان‪ .‬ويقول >ويلر<‪« :‬إنها‬ ‫على لوح أبيض‪ ،‬ميثل راسوم ‪ die‬شيپة ميكروية ‪.microchip‬‬
‫أعجوبة هندسية مطلقة‪ ،‬لكنها أيضا تبذير ضخم‪».‬‬ ‫ويظه� � ��ر >ويلر< بهيئة رجل طويل نحي� � ��ل مربع الوجنات يرتدي‬
‫ويعد تصميم ذاكرة عامة ‪ universal memory‬ميكنها اجلمع‬ ‫بنطال جينز ضيقا وقميصا قطنيا مزركش� � ��ا‪ ،‬وهو يش� � ��به بزيه‬
‫بني س� � ��رعة الذاك� � ��رة ‪ SRAM‬ودميومة وق� � ��درة حتمل الذاكرة‬ ‫راعي بقر قدمي أكثر من كونه نائب مدير ملختبرات ‪ ،HP‬الذراع‬
‫‪ ،DRAM‬وكفاءة الس� � ��عة والطاقة للتخزين الومضي‪ ،‬هاجسا‬ ‫البحثية للش� � ��ركة ‪ .HP‬ويشرح >ويلر< فائدة االستخدام الفعلي‬
‫مس� � ��تمرا منذ عدة عقود للمهندسني واملصممني واملبرمجني‪،‬‬ ‫ملعظم الترنزس� � ��تورات التي تشغل هذا العقار األساسي‪ ،‬فهي‬
‫بحس� � ��ب >ويلر<‪ .‬وتستثمر «اآللة» مكونا إلكترونيا‪ ،‬هو مقاوم‬ ‫ال تفيد في احلوسبة بحسب قوله‪ .‬إنها تسمى «ذاكرة خبيئة»‬
‫ذاك���رة ‪ ،memristor‬لتغطية البندين األخيرين في قائمة أمنيات‬ ‫‪ cache memory‬أو ذاكرة ساكنة )‪ ،)1((SRAM‬وكل ما تقوم به هو‬
‫الذاكرة العامة‪ .‬لقد جرى التنبؤ رياضياتيا مبقاوم ذاكرة في‬ ‫تخزين التعليمات التي يجري تكرار النفاذ إليها‪ .‬فهي املكافئ‬
‫عام ‪ - 1971‬وهو خليط من كلمتي «مقاوم» ‪ resistor‬و «ذاكرة»‪،‬‬ ‫الس� � ��يلكوني للرف ‪ the dock‬املتوفر في حواس� � ��يب ماكينتوش‪،‬‬
‫‪ memory‬بسبب قدرة العنصر على نقل الكهرباء معتمدا على‬ ‫وال� � ��ذي ميثل املكان الذي يحفظ األش� � ��ياء املراد اس� � ��تخدامها‬
‫ش� � ��دة التيار الذي يتدفق عبره‪ ،‬وكان يعتقد أن من املستحيل‬ ‫لتجنب البحث عنها‪ .‬ويرغ� � ��ب >ويلر< في التخلص منها‪ ،‬ولكنه‬
‫تصميم مث� � ��ل هذا العنصر‪ .‬وفي عام ‪ ،2008‬أعلنت الش� � ��ركة‬ ‫يس� � ��تبق األحداث‪ ،‬إذ يود في املس� � ��تقبل القريب التخلص من‬
‫‪ HP‬أنه� � ��ا أنتج� � ��ت عنصر مقاوم ذاكرة فع� � ��ال‪ ،‬نتيجة برنامج‬ ‫القرص الصلب والذاكرة الرئيسية في احلاسوب‪.‬‬
‫بحثي جرى االس� � ��تعجال به داخليا ليكون العنصر الرائد في‬ ‫وبحسب الشركة ‪ ،HP‬فإن العناصر الثالثة ‪ -‬التي تعرف‬
‫حاسوب «اآللة»‪.‬‬ ‫مجمع� � ��ة بترات���ب الذاك���رة الهرم���ي(‪ ،)2‬بحيث تق� � ��ع الذاكرة‬
‫ويؤدي إرس� � ��ال نبضات ڤلطي� � ��ة إلى خلية مق� � ��اوم ذاكرة‬ ‫‪ SRAM‬في القمة‪ ،‬واألقراص الصلبة في األس� � ��فل ‪ -‬مسؤولة‬
‫إل� � ��ى تغيير حالتها الناقلة‪ ،‬وهذا ما من ش� � ��أنه حتقيق التمييز‬ ‫عن معظم املش� � ��كالت التي يواجهها املهندسون الذين يعملون‬
‫الواضح بني حالت� � ��ي «الوصل‪/‬الفص� � ��ل» الالزمتني لتخزين‬ ‫على التمسك بقانون >مور<‪ .‬ومن دون الذاكرة العالية السرعة‬
‫البيان� � ��ات الرقمية‪ .‬وكم� � ��ا هي احلال في الذاك� � ��رة الومضية‪،‬‬ ‫واملرتفعة الس� � ��عة القادرة عل� � ��ى تخزين البت���ات ‪ bits‬ونقلها‬
‫تستمر هذه احلالة بعد انقطاع التيار‪ .‬وميكن على نحو مماثل‬ ‫بالسرعة املمكنة‪ ،‬فإن عمل الوحدات ‪ CPUs‬يكون محدودا‪.‬‬
‫للذاك� � ��رة ‪ DRAM‬قراءة اخلاليا وكتابتها بس� � ��رعة عالية‪ ،‬مع‬ ‫ولتحطي� � ��م جدار الذاكرة‪ ،‬قام فري� � ��ق >ويلر< في ‪Palo Alto‬‬
‫إمكانية حتقيق كثافة تخزين عالية‪.‬‬ ‫بكاليفورني� � ��ا‪ ،‬بتصمي� � ��م نوع جديد من احلاس� � ��وب – اآللة –‬
‫ولتحقي� � ��ق أداء مماثل للذاكرة ‪ SRAM‬حتتاج خاليا مقاوم‬ ‫ال� � ��ذي يتجنب تراتب الذاك� � ��رة الهرمي كليا بدمجها في طبقة‬
‫ذاك� � ��رة إل� � ��ى أن توضع بج� � ��وار الوحدة ‪ CPU‬على راس� � ��وم‬ ‫‪ tier‬موح� � ��دة‪ .‬وتتميز كل طبقة في تراتب الذاكرة بنواح معينة‬
‫الس� � ��يلكون ذاته‪ ،‬وهذا ترتيب غير عملي فيزيائيا باس� � ��تخدام‬ ‫وتعاني مش� � ��كالت في نواح أخرى‪ .‬فالذاكرة ‪ SRAM‬سريعة‬
‫التقان� � ��ة احلالية‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬تخطط الش� � ��ركة ‪ HP‬لتوظيف‬ ‫للغاية (بحيث ميكنها مواكبة وحدة املعاجلة املركزية)‪ .‬ولكنها‬
‫الفوتونيات ‪ - photonics‬بحيث تنقل البتات كنبضات ليزرية‬ ‫تعاني استهالك الطاقة وسعة التخزين احملدودة‪ .‬أما الذاكرة‬
‫عوضا عن التي� � ��ارات الكهربائية ‪ -‬لوصل مقاوم ذاكرة عالي‬ ‫الرئيس� � ��ية‪ ،‬أو الذاكرة الديناميكي���ة )‪ ،)3((DRAM‬فهي ذاكرة‬
‫‪BREAKING DOWN THE MEMORY WALL‬‬ ‫)(‬ ‫سريعة نسبيا وكثيفة وقادرة على التحمل ‪ ،durable‬وهذه سمات‬
‫‪static RAM‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪the memory hierarchy‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫مناسبة ألنها متثل لوحة العمل ‪ workbench‬التي يستخدمها‬
‫‪dynamic RAM‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪nonvolatile storage media‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫احلاسوب لتشغيل التطبيقات الفعالة‪ .‬وبالطبع‪ ،‬يؤدي انقطاع‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪8‬‬


‫األداء بخبيئات ذاكرة س� � ��اكنة متوفرة في املعاجلات املنطقية‪ .‬وجرت منذجة التصميم األســـاس� � ��ي لتلـــك احلــواس � � �ــيب مــن‬
‫وق� � ��د ال يكون ذلك حتقيقا كامال للذاكرة العامة املنش� � ��ودة ‪ -‬قبــ� � ��ل العــالــم الريــاضيــات� � ��ي >‪ .J‬ڤون نيومان< في عام ‪.1945‬‬
‫إذ تق� � � ّ�وض «اآللة» تراتبي���ة الذاك���رة(‪ )1‬من ثالثة صفوف إلى ويضم ذلك التصميم وحدة معاجلة لتنفيذ التعليمات‪ ،‬ومصرف‬
‫ذاك���رة ‪ memory bank‬لتخزين تل� � ��ك التعليمات والبيانات التي‬ ‫صفني ‪ -‬لكنه يقترب من ذلك‪.‬‬
‫ال ‪ bus‬للربط بينها‪ .‬ويعد‬ ‫وباجلم� � ��ع ب� �ي��ن ذاك� � ��رة ‪ RAM‬وتخزين دائم‪ ،‬ميك� � ��ن لبنيان س� � ��يجري العمل عليها‪ ،‬ويضم ُموص ً‬
‫معتم� � ��دة في بنائها على مقاوم ذاكرة حتقيق ارتفاع ملحوظ في بنيان >ڤون نيومان< مثاليا لتنفيذ التعليمات الرمزية بتسلسل‬
‫أداء احلواسيب دون االعتماد على أسلوب التصغير وفق قانون خطي ‪ -‬وقد عرفت أيض ًا بقيامها بالعمليات احلس� � ��ابية‪ .‬وقد‬
‫>مور<‪ .‬وعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬احتاج احلاس� � ��وب الفائق ‪ Watson‬كانت احلواس� � ��يب األولى مؤلفة من أشخاص يجري توظيفهم‬
‫من الش� � ��ركة ‪ ،IBM‬والذي تتفوق قدراته على املشاركني البشر للجل� � ��وس في غرفة وإجراء احلس� � ��ابات يدوي� � ��ا‪ ،‬ولذا‪ ،‬فليس‬
‫في مس� � ��ابقة ‪ Jeopardy‬ف� � ��ي عام ‪ ،2011‬إل� � ��ى ‪ 16‬تيرا بايت من صدفة أنه جرى تصميم احلواسيب اإللكترونية األولى ألمتتة‬
‫الذاك� � ��رة ‪ ،DRAM‬واملعلب� � ��ة في ‪ 10‬رف���وف ‪ racks‬ملخ ِّدمات ذات ذلك العمل الشاق واملعرض لألخطاء‪.‬‬
‫وت� � ��زداد احلاج� � ��ة الي� � ��وم إل� � ��ى‬ ‫نظام تش� � ��غيل لينكس ‪ Linux‬الشرهة‬
‫احلواس� � ��يب ازديادا كبي� � ��را إلجراء‬ ‫للطاقة‪ ،‬وذلك بهدف العمل في الزمن تبني أننا ال نريد «حواسيب‬
‫األعم� � ��ال التي ال ترتب� � ��ط بالتعليمات‬ ‫ُمفكِّ رة» قائمة بذاتها‪ ،‬توحي‬ ‫احلقيق� � ��ي‪ .‬وميك� � ��ن تضمني الس� � ��عة‬
‫الرياضياتية اخلطّ يّة ‪ linear‬ارتباطا‬ ‫التخزينية نفسها من الذاكرة الومضية‬
‫مباش� � ��را‪ :‬وكمثال عل� � ��ى ذلك‪ ،‬املهام‬
‫ر‬ ‫فكَّ‬ ‫الذي‬ ‫النحو‬ ‫على‬ ‫لألفراد‪،‬‬ ‫الدائمة في علبة حذاء مع اس� � ��تهالك‬
‫املتعلق� � ��ة بالتع� � ��رف عل� � ��ى األغراض‬ ‫في‬ ‫العلمي‬ ‫اخليال‬ ‫كاتبو‬ ‫به‬ ‫كمية مماثلة للطاقة التي يحتاج إليها‬
‫املهمة الواقعة ضمن عرض ڤيديوي‬ ‫نهاية القرن العشرين‪.‬‬ ‫حاس� � ��وب محمول متوس� � ��ط‪ .‬وميكن‬
‫ميتد س� � ��اعات‪ ،‬أو توجيه الروبوتات‬ ‫لبنيان ذاكرة يجمع بني الوظيفتني معا‬
‫أن يسمح بتخزين مجموعات من البيانات الضخمة في الذاكرة املس� � ��تقلة على أرض غير مس� � ��تقرة أو خط� � ��رة‪ .‬وتتوافق هذه‬
‫الفعالة للمعاجلة في الزم� � ��ن احلقيقي‪ ،‬بدال من جتزئة البيانات املهام إلى حد كبير مع قدرات االستش� � ��عار واألمناط املتاحة‬
‫في الدماغ البيولوجي مقارنة باحلسابات امليكانيكية‪ .‬وينبغي‬ ‫إلى قطع تتابعية صغيرة‪ ،‬وبتكلفة طاقة أقل‪.‬‬
‫وم� � ��ع ازدياد ع� � ��دد األجه� � ��زة املرتبطة املتصل� � ��ة بإنترنت أن تس� � ��تخلص األعض� � ��اء املعلومات القابل� � ��ة للتنفيذ من بيئة‬
‫(‪)2‬‬
‫األشياء ‪ ،Internet of Things‬تؤدي مسألة تدفق كمية ال حتصى ديناميكية في الزمن احلقيقي‪ .‬فإذا ُأجبرت فراش���ة منزلية‬
‫م� � ��ن املعلومات (من رتب� � ��ة الپتاباي���ت ‪ ،)1015 petabyte‬من وإلى على نقل تعليمات متقطعة ذهابا وإيابا‪ ،‬الواحدة تلو األخرى‪،‬‬
‫مراكز البيانات بهدف التخزين واملعاجلة إلى جعل قانون >مور< بني وح� � ��دات املعاجلة والذاكرة املنفصل� �ي��ن عن بعضهما في‬
‫أمرا قابال للجدل‪ ،‬بحس� � ��ب >ويل� � ��ر<‪ .‬وإذا كان بإمكان الذاكرة دماغ هذه الفراش� � ��ة‪ ،‬فهي ل� � ��ن تنجز احلس� � ��ابات في وقتها‬
‫العامة أن تتيح إمكانات احلواسب الفائقة في حزم أصغر ذات لتفادي الضربات املوجهة إليها‪.‬‬
‫ويرغب >‪ .D‬مودها< [مؤسس مجموعة احلوسبة اإلدراكية‬ ‫اس� � ��تهالك أقل للطاقة‪ ،‬فإن باإلمكان تخزين ومعاجلة البيانات‬
‫املتدفقة معاجلة أولية محليا من قبل األجهزة املرتبطة ذاتها‪ .‬وقد فــي الشركــة ‪ ]IBM‬فــي بنــاء شــيپات‪ ،‬لها قدر مــن «الــذكــاء»‬
‫ال يك� � ��ون ممكنا أن تصبح الوحدات ‪ CPUs‬الس� � ��يلكونية أصغر ال يقل عن الفراشات املنزلية‪ ،‬ولها كفاءة طاقة مماثلة‪ .‬وسبيل‬
‫ذل� � ��ك‪ ،‬كما يبني >مودها<‪ ،‬هو التخلي عن بنيان >ڤون نيومان<‬ ‫حجما من س� � ��بعة نانومترات‪ ،‬أو أسرع من ‪ 4‬گيگا هرتز‪ ،‬ولكن‬
‫املشابه لآلالت احلاسبة‪ .‬وبدال من ذلك يرغب فريقه في تقليد‬ ‫مع انهيار جدار الذاكرة‪ ،‬لم يعد هذا األمر مهما‪.‬‬
‫عمل العم���ود القش���ري ‪ cortical column‬في دماغ الثدييات‪،‬‬
‫إلى ما بعد >ڤون نيومان<‬
‫()‬
‫والذي يعمل على معاجلة البيانات ونقلها وتخزينها في البنية‬
‫حتى وإن جنحت الشركة ‪ HP‬في رهانها على بناء حواسيب نفس� � ��ها من دون مواجهة حاالت اختناق بسبب املوصل الذي‬
‫ذات ذاكرة عامة‪ ،‬فإنها ستظل تتبع أسلوب احلواسيب التقليدية يربط بينها‪ .‬وقد كش� � ��فت الش� � ��ركة ‪ IBM‬مؤخرا عن الشيپات‬
‫املستخدم منذ احلاسوب ‪ - ENIAC‬وهو من اجليل األول من ‪ TrueNorth‬التي تتضمن أكثر من خمس� � ��ة باليني ترنزستور‪،‬‬
‫)( ‪BEYOND VON NEUMANN‬‬ ‫احلواس� � ��يب العامة االس� � ��تخدام ‪ -‬الذي ُبني في عام ‪،1946‬‬
‫(‪the memory hierarchy )1‬‬
‫(‪housefly )2‬‬ ‫وهو من احلواسيب الس� � ��ريعة للغاية في احلسابات الرقمية‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫وبعبارة أخرى‪ ،‬ال يزال الس� � ��يلكون وأعداد الترنزس� � ��تور‬ ‫مصطفة في نوى خاليا عصبية متشابكة عددها ‪ 4096‬لنمذجة‬
‫همني ‪ -‬ولكن األهم هو طريقة ترتيبهما معا‪ .‬ويقول >مودها<‪:‬‬ ‫ُم ّ‬ ‫مليون خلية عصبية و ‪ 256‬مليون شبكة عصبية‪.‬‬
‫«لق� � ��د كان ذلك هو رأين� � ��ا‪ :‬فبإعادة ترتي� � ��ب احلجارة ميكنك‬ ‫ويس� � ��مح ه� � ��ذا الترتي� � ��ب بأداء حلظ� � ��ي لتواف� � ��ق األمناط‪،‬‬
‫احلصول عل� � ��ى وظائف مختلفة كليا للمبن� � ��ى‪ .‬ويعتقد الكثير‬ ‫بكمية طاقة مماثلة للمؤش���ر الليزري ‪ .laser pointer‬ويش� � ��ير‬
‫من األش� � ��خاص‪ ،‬ونحن منهم في بداية األمر‪ ،‬أننا نحتاج حقا‬ ‫>مودها< إلى مظه���ار ڤيديوي ‪ video monitor‬في زاوية غرفة‬
‫إلى تغيير التقانة للحصول على مكاس� � ��ب‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فمع‬ ‫االستعراض الواقعة ضمن َحرم ‪ campus‬بحوث ‪ Almaden‬في‬
‫أنه من احملتمل أن جتلب التقانة اجلديدة بعض املكاس� � ��ب‪ ،‬إال‬ ‫الشركة ‪ IBM‬في ‪ San Jose‬بكاليفورنيا‪ .‬ويبدو املنظر املشاهد‬
‫أنه أصبح واضحا أن استخدام بنية جديدة يحقق ‪ -‬بسهولة‬ ‫في املظهار مماثال للقطات املراقبة املأخوذة من كاميرا حتتاج‬
‫نسبيا ‪ -‬زيادة في األداء بنسب مرتفعة‪».‬‬ ‫إلى إعادة تش� � ��غيل‪ :‬إذ تظهر صور املارة والسيارات ودراجة‬
‫هوائي� � ��ة (أو اثنتني) مجمدة في مكانه� � ��ا داخل دوار مروري‪.‬‬
‫()‬
‫<‬ ‫قوانني >مور‬ ‫وجرى متييز أحد املارة بصندوق أحمر‪ ،‬يظهر فوق الصورة‪.‬‬
‫وبـــالعـــــودة إلــى الــبــنـــــاء ‪ ،RA3‬فــي ‪ ،Hillsboro‬يــكش � � �ـــف‬ ‫وبعد دقيقة واحدة‪ ،‬يبدو األش� � ��خاص والسيارات والدراجات‬
‫>‪ .C .M‬مايبري< [مدير بحوث املكونات في الشركة ‪ ]Intel‬لغزا‬ ‫الهوائية في وضعية مجمدة أخرى‪ ،‬كما لو أن اللقطة قد جرى‬
‫آخر حول قانون >مور<؛ وهو أن هذا القانون‪ ،‬لم يكن يتعلق ّ‬
‫قط‬ ‫جتاوزها فجأة‪.‬‬
‫بالترنزستورات‪ .‬وإن التكلفة بالنسبة إلى الوظيفة هي الهدف‪.‬‬ ‫ويوض� � ��ح >مودها< «كما نرى‪ ،‬فهذه ليس� � ��ت صورة ثابتة‪،‬‬
‫وبصرف النظر عن الوحدة املس� � ��تخدمة في القياس‪ ،‬س� � ��واء‬ ‫فهي دفق ڤيديوي(‪ )1‬من حرم ستانفورد بعد حتليله بحاسوب‬
‫أكانت عدد الترنزستورات في الس� � ��نتيمتر املربع للسيلكون‪،‬‬ ‫محمول يقوم مبحاكاة الش� � ��يپة ‪ .TrueNorth‬وهي تنفذ بسرعة‬
‫أم عدد تعليمات البرنام� � ��ج املُ َنفذة في الثانية‪ ،‬أم معدل األداء‬ ‫أقل بنحو ‪ 1000‬مرة من الزمن احلقيقي»‪ .‬وقد جرى استخدام‬
‫لكل واط من الطاقة‪ ،‬فإن املهم هو إجراء املزيد من العمل بعدد‬ ‫الش� � ��يپة الفعلية ‪ TrueNorth‬واملشغلة للدفق الڤيديوي‪ ،‬لدورات‬
‫أقل من املوارد‪ .‬وليس مفاجئا أن تصف الش� � ��ركة ‪ Intel‬قانون‬ ‫التدريب الداخلي في مس� � ��رح قريب‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإننا ال نش� � ��اهد‬
‫>مور< على موقعها عل� � ��ى اإلنترنت بأنه منوذج جتاري وليس‬ ‫األداء احلقيق� � ��ي للش� � ��يپة‪ .‬ويضيف >مودها< أن� � ��ه لو كان هو‬
‫توجها تقانيا أو قوة من الطبيعة‪.‬‬ ‫املصمم‪ ،‬ل� � ��كان الڤيدي� � ��و يتدف� � ��ق بالزمن احلقيق� � ��ي ولكانت‬
‫ويقول >مايبري<‪« :‬عندما ُأسأل عما يبقيني يقظا في الليل‬ ‫الصنادي� � ��ق احلمراء الصغيرة تتح� � ��رك بنعومة ملالحقة املارة‬
‫ح� � ��ول قانون >مور<‪ ،‬فإنني أجيب� � ��ه بأنني أنام جيدا‪ .‬وال يعني‬ ‫عند دخولهم إلى املنظر واخلروج منه‪.‬‬
‫وصول مقياس >دنارد< إلى النهاية أننا س� � ��نتوقف عن العمل‪،‬‬ ‫وكم� � ��ا هي احلال في نظائر بنيان >ڤون نيومان<‪ ،‬فألجهزة‬
‫ولكننا فقط س� � ��نغير نوع عملنا‪ .‬وإذا نظرنا إلى األمام ملدة ‪15‬‬ ‫الش� � ��بكات العصبية املتش� � ��ابكة كالش� � ��يپات ‪ TrueNorth‬نقاط‬
‫عام ًا‪ ،‬ميكننا رؤية بعض التغيرات القادمة؛ ولكن ذلك ال يعني‬ ‫ضعف متأصلة بها‪ .‬ويقول >مودها<‪« :‬إننا ال نرغب في تنفيذ‬
‫أننا سنتوقف»‪ .‬وتتفق الش� � ��ركات ‪ Intel‬و ‪ IBM‬و ‪ HP‬على أن‬ ‫اس� � ��تخدام نظام التشغيل ‪ iOS‬على هذه الشيپة‪ .‬وفي الواقع‪،‬‬
‫مس� � ��تقبل أداء احلوسبة ‪ -‬الذي يدل على الطريقة التي متكن‬ ‫ميكن ذلك‪ ،‬ولكن األداء س� � ��يكون متردي� � ��ا وغير فعال؛ وكمثال‬
‫الصناعة مجتمعة من تق� � ��دمي وظائف أفضل بتكلفة أقل ‪ -‬لن‬ ‫على ذلك‪ ،‬رداءة معاجلة احلاسوب احملمول للدفق الڤيديوي»‪.‬‬
‫يظ� � ��ل خطا مس� � ��تقيما أو منحنيا‪ ،‬ولكنه س� � ��يصبح أقرب إلى‬ ‫وتس� � ��عى الش� � ��ركة ‪ IBM‬إلى تس� � ��خير كفاءة البنيتني معا ‪-‬‬
‫شجرة متعددة الفروع من التطور البيولوجي ذاته‪.‬‬ ‫إحداهما للحس� � ��اب الدقيق واملنطقي‪ ،‬واألخرى لالس� � ��تجابة‬
‫وير ّد ذلك إلى تطور نظرتنا إلى احلواسيب‪ .‬ويبدو جليا أننا‬ ‫والتجمي� � ��ع ال� �ل��ازم لتواف� � ��ق األمناط ‪ -‬ما يوص� � ��ف كمنظومة‬
‫ال نريد «حواس� � ��يب ُمف ِّكرة» قائمة بذاتها‪ ،‬توحي إلى األفراد‪،‬‬ ‫حوسبة إجمالية‪.‬‬
‫على النحو الذي فكر به كاتبو اخليال العلمي في نهاية القرن‬ ‫وضمن هذه الرؤية‪ ،‬ال تزال للصيغة التقليدية لقانون >مور<‬

‫العش� � ��رين‪ .‬فاألمر الذي يفنى فعال ليس قانون >مور<‪ ،‬ولكنها‬ ‫األهمية ذاتها‪ .‬وقد قام فريق >مودها< س� � ��لفا بوضع ‪ 16‬شيپة‬
‫حقبة احلوسبة الفعالة املستخدمة لكافة األغراض العامة التي‬ ‫من النوع ‪ TrueNorth‬في لوحة واحدة‪ ،‬وفي نهاية العام يخطط‬
‫كان قانون >م� � ��ور< يصفها وميكنها‪ ،‬والتي يصفها >مايبري<‬ ‫الفري� � ��ق لرب� � ��ط ثماني لوحات معا في جه� � ��از قدرته ‪ 100‬واط‪،‬‬
‫‪MOORE’S LAWS‬‬ ‫)(‬
‫بحجم مقمرة اخلبز‪ ،‬وله قدرة حس� � ��ابية «قد تتطلب استخدام‬
‫(‪video stream )1‬‬ ‫مركز بيانات كامل حملاكاتها‪».‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪10‬‬


‫ف� � ��ي عام ‪ ]1971‬إن جهود الش� � ��ركة ‪ HP‬لهدم البنيان التراتبي‬ ‫بقوله حقبة «حشر كل شيء ممكن في العلبة ذاتها‪».‬‬
‫وبحث الشركة ‪ IBM‬على إعادة تخيل وحدة‬ ‫ِّ‬ ‫الهرمي للذاكرة‪،‬‬ ‫وبدال من ذلك‪ ،‬تصبح املتابعة احلثيثة للحصول على تكلفة‬
‫املعاجلة املركزية‪ ،‬هي إجابات متكاملة ملا يسميه «عنق زجاجة‬ ‫أقل للوظيفة الواحدة مقودة بحوس���بة المتجانس���ة(‪ ،)1‬ويؤدي‬
‫البيانات الكبرى»(‪ .)5‬وبحس� � ��ب >شوا<‪ ،‬فإن «من املدهش أن‬ ‫ذلك إلى انقس� � ��ام قانون >مور< إلى عدة قوانني >مور<‪ .‬وتعمل‬
‫تكون احلواس� � ��يب التي دأبنا على اس� � ��تخدامها في السنوات‬ ‫الشركات مثل ‪ Intel‬و ‪ IBM‬و ‪ HP‬وغيرها على تكامل منظومات‬
‫األربع� �ي��ن املاضية لكافة األعمال‪ ،‬ال ت� � ��زال تعتمد على الفكرة‬ ‫بأكملها‪ ،‬وليس فقط لتكامل الدوائر‪ ،‬بهدف التعامل مع الطلبات‬
‫ذاتها لبنيان >ڤون نيومان< املطبق على اآلالت احلاسبة»‪ .‬ويؤكد‬ ‫املتعددة لألعباء احلس� � ��ابية اإلضافية‪ .‬ويقول >‪ .S .B‬ميرسون<‬
‫>شوا< أنه ال ميكن «تفادي» االنتقال على جبهتني إلى احلوسبة‬ ‫[من الش� � ��ركة ‪ ]IBM‬إن األش� � ��خاص يش� � ��ترون الوظائف‪ ،‬وال‬
‫الالمتجانسة‪ ،‬وهي «ستؤدي إلى إيجاد اقتصاد جديد كليا»‪،‬‬ ‫يشترون شيپات احلواسيب‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يقل االهتمام بشراء‬
‫ال يس� � ��تهان به‪ ،‬ألن م� � ��ا بعد قانون >مور<‪ ،‬وما بعد حوس� � ��بة‬ ‫احلواس� � ��يب تدريجيا‪ .‬ونود أن تتمكن أدواتنا من احلساب أو‬
‫>ڤون نيومان<‪ ،‬يتطلب طرائ� � ��ق جديدة في البرمجة‪ ،‬وتصميم‬ ‫التفكير على نحو يجعلها مفيدة في س� � ��ياق اس� � ��تخدامنا لها‪.‬‬
‫النظم‪ .‬ولذلك‪ ،‬تهتم الكثير من علوم احلاسوب املعاصرة‪ ،‬ومن‬ ‫ولذلك‪ ،‬بدال من احلاس���وب الفائق ال���ذكاء )‪ ،)2((HAL‬املذكور‬
‫الهندس� � ��ة‪ ،‬وتصميم الش� � ��يپات‪ ،‬بحجب احملدوديات املتأصلة‬ ‫في فيل� � ��م ”‪ ،“ 2001: A Space Odyssey‬أصبح لدينا اآلن محرك‬
‫التي يفرضه� � ��ا البنيان التراتبي الهرمي للذاكرة وبنيان >ڤون‬ ‫گ���وگل ‪ Google‬على الهواتف الذكية ملعرفة متى ينبغي املغادرة‬
‫نيومان< على احلوسبة‪ ،‬بحس� � ��ب >شوا<‪ .‬وعند التخلص من‬ ‫إلى املطار للحاق بالطائرة‪.‬‬
‫ه� � ��ذه احملدوديات‪« ،‬ينبغي لكل مبرمج حواس� � ��يب العودة إلى‬ ‫ويعتقد بعض املنظرين املس� � ��تقبليني‪ ،‬مثل >‪ .N‬بوس� � ��تروم<‬
‫املدرسة من جديد»‪ ،‬كما يقول >شوا<‪.‬‬ ‫[مؤل� � ��ف الذكاء الفائق‪ :‬املمرات واملخاطر واالس� � ��تراتيجيات]‬
‫وال يش� � ��ير إطالقا أي من >شوا< و >مودها< و >ويلر< في‬ ‫أن قانون >مور< سيتس� � ��بب في نهوض ال���ذكاء االصطناعي‬
‫رؤيتهم للمس� � ��تقبل القريب إلى الترنزس� � ��تورات ‪ -‬أو املكسب‬ ‫املعم���م(‪ )3‬واندماجه في كافة مناحي املعرفة كالوجود الرقمي‬ ‫َّ‬
‫املتوق� � ��ع في األداء ال� � ��ذي ينتظر العالم معرف� � ��ة توقعاتهم له‪.‬‬ ‫الفعال‪ .‬وتقترح احلوسبة الالمتجانسة أن احلوسبة ستنتشر‬
‫وبحس� � ��ب >مايرس� � ��ون< [من الش� � ��ركة ‪ ،]IBM‬فإن ما قام به‬ ‫على األرجح في كافة أغراض التفريغ الس���ابقة ‪ ،dumb‬وفي‬
‫قان� � ��ون >مور< من وصف دقيق خالل نصف قرن من الزمن ‪-‬‬ ‫املنظومات ومراكز التميز ‪ niches‬وهذا ما يزود األش� � ��ياء مثل‬
‫وهي عالقة أنيقة بني زيادة كثافة الترنزس� � ��تورات وانخفاض‬ ‫الس� � ��يارات و ُمو ِّزعات ‪ routers‬الشبكات ومعدات التشخيص‬
‫تكلفة الوظيفة الواحدة ‪ -‬قد يكون مصادفة مؤقتة‪ .‬وبحس� � ��ب‬ ‫الطبية وسالسل البيع بالتجزئة ‪ retail‬باملرونة شبه املستقلة‬
‫>مايرسون<‪ ،‬إذا نظرنا إلى السنوات األربعني املاضية ألشباه‬ ‫وباملهارات املتعلقة مبحيط احليوانات األليفة‪ .‬وبعبارة أخرى‪،‬‬
‫املوص� �ل��ات‪ ،‬ميكن مالحظ� � ��ة إيقاع ضربات قل� � ��ب ثابت‪ .‬وال‬ ‫في عالم م� � ��ا بعد قانون >مور<‪ ،‬لن تصبح احلواس� � ��يب أمرا‬
‫يعني ذلك‪ ،‬أن التقدم س� � ��يتوقف؛ ولكن هذه التقانة تسبب اآلن‬ ‫مقدسا‪ ،‬ولكنها ستتصرف مثل كالب شديدة الذكاء‪.‬‬
‫>‬ ‫اختالجات في ضربات القلب‪.‬‬ ‫وكما أن ساللة كالب احلراسة ال تقوم بعمل كالب الصيد‪،‬‬
‫‪heterogeneous computing‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫فإن املعا ِل���ج البياني(‪ )4‬لن يحل مح� � ��ل الوحدة ‪ .CPU‬ويقدم‬
‫‪the superintelligent computer‬‬
‫‪generalized artificial intelligence‬‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫>ويلر< [من الش� � ��ركة ‪ ]HP‬مثاال عن ن� � ��وى معاجلة لألغراض‬
‫‪graphics processor‬‬
‫‪the Great Data Bottleneck‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫اخلاص� � ��ة املتعددة‪ ،‬مربوطة بذاكرة عام� � ��ة من رتبة پتابايت ‪-‬‬
‫جتمع هجني لطاقة املعاجلة م� � ��ع ذاكرة ضخمة ويعمل‬ ‫وه� � ��ي ّ‬
‫الهجني باألسلوب نفس� � ��ه الذي تصطف به املسرعات البيانية‬
‫مراجع لالستزادة‬
‫‪Cramming More Components onto Integrated Circuits. Gordon E. Moore in Electronics, Vol.‬‬ ‫املتخصصة والذاك� � ��رة اخلبيئة‪ ،‬حول املوارد املركزية للوحدة‬
‫‪38, No. 8, pages 114–117; April 19, 1965.‬‬
‫‪Memristor: The Missing Circuit Element. L. O. Chua in IEEE Transactions on Circuit Theory,‬‬
‫‪ .CPU‬ويطرح >مودها< [من الشركة ‪ ]IBM‬أجهزة بحجم كرة‬
‫‪Vol. 18, No. 5, pages 507–519; September 1971.‬‬ ‫املضرب‪ ،‬تتألف من ش� � ��يپات إدراكي� � ��ة مثبتة بكاميرات زهيدة‬
‫‪Design of lon-Implanted MOSFET’s with Very Small Physical Dimensions. R. H. Dennard et‬‬
‫‪al. in IEEE Journal of Solid-State Circuits, Vol. 9, No. 5, pages 256–268; October 1974.‬‬ ‫الثم� � ��ن‪ ،‬ميكن اس� � ��تخدامها ف� � ��ي مواقع الك� � ��وارث الطبيعية‪،‬‬
‫‪Carbon Nanotubes: The Route toward Applications. Ray H. Baughman et al. in Science, Vol.‬‬
‫‪297, pages 787–792; August 2, 2002.‬‬ ‫الكتش� � ��اف حاالت معينة بدقة‪ ،‬مث� � ��ل وجــود حــاالت لــألطفــال‬
‫اجلــرحــى‪ .‬ويقــول عــالــم احلـواس� � ��يب >‪ .L‬شوا< [من جامعة‬
‫‪Scientific American, May 2015‬‬
‫كاليفورنيا في بيركلي‪ ،‬وهو أول من وضع نظرية مقاوم ذاكرة‬

‫‪11‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬ ‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫انقشاع لعنة داء ألزهامير‬


‫()‬

‫مجموعة من العائالت في كولومبيا‪ ،‬ممن يحمل أفرادها طفرة جينية نادرة تسبب اإلصابة‬
‫بداء ألزهامير‪ ،‬أصبحت هذه املجموعة مركز اهتمام الباحثني عن عالج املرضى بهذا الداء‪.‬‬
‫>‪ .G‬ستيكس<‬

‫وقتها محنية في كرس� � ��يها‪ .‬أما أحد أخوالها البالغ من العمر‬ ‫ف� � ��ي ع� � ��ام ‪ 2007‬عندما كان� � ��ت >أليخان� � ��درا< مراهقة في‬
‫‪ ،51‬عاما‪ ،‬فهو مصاب أيضا باخلرف ‪.dementia‬‬ ‫السادسة عش� � ��رة من العمر‪ ،‬كانت لها طموحات أية فتاة في‬
‫وكل يوم‪ُ ،‬تع ّد الفتاتان الطعام لكال املصابني بداء ألزهامير‪،‬‬ ‫مثل هذا العم� � ��ر‪ .‬وكانت طالبة في مدرس� � ��ة ثانوية في مدينة‬
‫كم� � ��ا أنهم� � ��ا تغس� �ل��انهما وحتمالنهما إلى الف� � ��راش‪ ،‬وتكرر‬ ‫مدلني(‪ )1‬وهي من أكبر مدن كولومبيا‪ .‬لقد كانت ساعات الدوام‬
‫الفتاتان هذا العمل يوما بعد يوم من دون توقف باملناس� � ��بات‬ ‫في املدرس� � ��ة موزعة بش� � ��كل يتيح لهذه الطالبة عدة س� � ��اعات‬
‫لدي‬ ‫من الفراغ تقضيها في التس� � ��كع م� � ��ع أصدقائها في األماكن‬
‫كأعياد امليالد أو أيام العطل‪ .‬وتقول >أليخاندرا<‪« :‬كانت ّ‬
‫آمال ومش� � ��اريع‪ ،‬كنت أرغب في متابعة الدراسة وأن أصبح‬ ‫املفضلة لديهم من املدينة‪.‬‬
‫ممرضة‪ ،‬فهناك مش� � ��اريع كثيرة لم أستطع حتقيقها‪ ...‬أشعر‬ ‫بعد ذلك ب� � ��دأت أمها >يوالندا< تفق� � ��د ذاكرتها‪ .‬فقد تقوم‬
‫أمها الهادئة واحلريصة على الدقة في تصرفاتها بتحية أحد‬
‫اآلن بأنني هرمة‪».‬‬
‫الزوار وال تلبث أن تكرر التحية نفس� � ��ها عدة مرات بعد ذلك‪.‬‬
‫كانت لدى >أليخاندرا< هواجس تنذر مبا يخبئ لها املستقبل‬
‫فق� � ��د أصيبت األم >يوالندا< وهي في منتصف األربعينات من‬
‫حتى قبل أن تتأكد إصابة أمها باملرض‪ .‬وهي تتذكر في طفولتها‬
‫عمرها بالش� � ��كل املبكر من داء ألزهامير وهو ما عنى بالنسبة‬
‫كيف كانت أمها تعتني بجدته� � ��ا التي كانت مصابة أيضا بداء‬
‫إلى >أليخاندرا< أن مرحلة مراهقتها قد أشرفت على نهايتها‪،‬‬
‫ألزهامي� � ��ر‪ .‬وفي هذه املنطقة م� � ��ن العالم‪ ،‬يعاني كثير من الناس‬ ‫وأصبح من واجبها‪ ،‬س� � ��واء رغبت ف� � ��ي ذلك أم ال‪ ،‬أن تتحمل‬
‫م� � ��ا تعانيه >أليخاندرا< من صعوبات‪ .‬فهي وعائلتها تع ّد واحدة‬ ‫كامل املسؤولية عن العناية بأمها العاجزة‪.‬‬
‫م� � ��ن أكثر م� � ��ن ‪ 5000‬فرد ينتمون إلى ‪ 26‬م� � ��ن العائالت الكبيرة‬ ‫منذ ذلك الوقت‪ ،‬انتقلت >أليخاندرا<‪ ،‬التي تبلغ اآلن الرابعة‬
‫القاطنني في والية أنتيوكيا(‪ )3‬املعرضني لإلصابة بش���كل جيني‬ ‫والعشرين من عمرها‪ ،‬إلى بلدية كوپاكابانا(‪ )2‬حيث تسكن في‬
‫‪ genetic form‬نادر من داء ألزهامير‪ .‬يطلق اس� � ��م پيس���ا ‪Paisa‬‬ ‫شقة بالطابق العلوي من كتلة من األبنية اخلرسانية‪ ،‬يشاركها‬
‫على الطفرة التي تس� � ��بب مرض ألزهامي� � ��ر‪ ،‬وقد أصبحت هذه‬ ‫فيها خالتها واثنان من أخوالها وابنتها >لونا< وعمرها تس� � ��ع‬
‫)( ‪LIFTING THE CURSE OF ALZHEIMER’S‬‬
‫سنوات وأختها >كارولينا< التي يبلغ عمرها سبعة عشر عاما‬
‫(‪Medellin )1‬‬
‫(‪Copacabana )2‬‬
‫والتي انقطعت بدورها عن دراستها الثانوية ملساعدة أختها‪.‬‬
‫(‪Antioquia )3‬‬ ‫ولم تع� � ��د أمها قادرة على الكالم أو املش� � ��ي‪ ،‬ومتضي معظم‬
‫باختصار‬
‫مثالية إلجراء اختبار سريري مبتكر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الفئة يجعلها‬ ‫وجد طبيب كولومبي مختص باألمراض العصبية‬
‫يتلقى املش���اركون في االختبار الذي ُيجرى في مدلني عقّارا‬ ‫موس������عة يصاب أفرادها بشكل جيني نادر من داء‬ ‫‪ 26‬عائلة ّ‬
‫جتريبيا‪ ،‬وقد يبدأ ذلك قبل خمس� � ��ة عشر عاما من املوعد املتوقع‬ ‫ألزهامير‪ ،‬ويقيم كثي������ر منهم في املناطق الريفية القريبة من‬
‫لبدء أعراض املرض‪.‬‬ ‫مدينة مدلني‪.‬‬
‫إن جناح جتربة في الوقاية من املرض‪ ،‬بدال من معاجلته بعد‬ ‫يحم���ل أكث���ر من ألف ش� � ��خص من هذه الفئة طف� � ��ر ّة جينية‬
‫تشخيصه‪ ،‬قد يغ ّير جذريا طريقة تطوير أدوية داء ألزهامير‪.‬‬ ‫جتعلهم معرضني عمليا لإلصاب� � ��ة باملرض‪ .‬واحلجم الكبير لهذه‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪12‬‬


‫األم والبنت‪ :‬تركت >كارولينا<‪ 17 ،‬عاما‪ ،‬املدرسة لتساعد على رعاية أمها‬
‫>يوالندا<‪ 53 ،‬عاما‪ ،‬التي أصيبت منذ سنوات بالشكل املبكر من داء ألزهامير‪.‬‬

‫يبلغ اخلمسني من العمر‪.‬‬ ‫الكلمة لقب ًا يشير إلى سكان مقاطعة أنتيوكيا‪ .‬وتتوضع الطفرة‬
‫إن إمكاني� � ��ة التنبؤ املرتفعة بحدوث اإلصابة بداء ألزهامير‬ ‫على الكروموسوم (الصبغي) ‪ )1(14‬التي أمكن تتبع آثارها إلى‬
‫بني س� � ��كان أنتيوكيا بدأت اآلن تلف� � ��ت انتباه االختصاصيني‬ ‫زمن الفاحتني ‪ the conquistadors‬اإلس� � ��بان في القرن السادس‬
‫في جمي� � ��ع أنحاء العالم‪ .‬وخالل الس� � ��نوات املاضية‪ ،‬أخفقت‬ ‫عشر‪ .‬فعندما يرث طفل نسخة من اجلني املتبدل عن طريق أحد‬
‫احملاوالت املتكررة في تطوير معاجلة فعالة لداء ألزهامير‪ .‬وقد‬ ‫أبويه‪ ،‬فمن املؤكد أنه سيصاب باملرض في عمر مبكر‪.‬‬
‫أصيب العلماء باإلحباط بعد أن رأوا هذه اإلخفاقات املتتالية؛‬ ‫ويدعى هذا الش� � ��كل من املرض داء ألزهامير العائلي ‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ُ‬
‫مما دفعهم إلى االعتقاد أن كبح تقدم املرض قد يكون متأخرا‬ ‫وهو يش� � ��كل نحو واحد في املئة من عدد املصابني بالداء في‬
‫أكث� � ��ر مما ينبغي إذا بدأ تن� � ��اول العالج بعد ظهور األعراض‪،‬‬ ‫العال� � ��م الذين يتجاوز عددهم ‪ 35‬مليونا‪( .‬وقد حظي هذا الداء‬
‫لذلك بدؤوا تركيز اهتمامهم على الوقاية من املرض‪ .‬فبدال من‬ ‫حديثا بشهرة واسعة بعد أن قامت املمثلة >جوليان مور< التي‬
‫معاجلة األش� � ��خاص الذين ظهرت لديهم أعراض اخلرف‪ ،‬قد‬ ‫ح� � ��ازت على جائزة األوس� � ��كار عن دورها ف� � ��ي فيلم «مازالت‬
‫يكون من الضروري إعطاء األدوية املقترحة إلى األش� � ��خاص‬ ‫ألي� � ��س»(‪ )3‬وأدت في� � ��ه دور املرأة التي أصيب� � ��ت بداء ألزهامير‬
‫الس� � ��ليمني ومن ثم مراقبتهم بش� � ��كل متواصل ملعرفة ما إذا‬ ‫في عمر مبكر‪ ).‬إال أن هذا الش� � ��كل املبكر من املرض ش� � ��ائع‬
‫املوسعة(‪ )4‬بالقرب من ميدلني‪.‬‬
‫َّ‬ ‫بشكل مثير للقلق في العائالت‬
‫(‪chromosome 14 )1‬‬
‫(‪familial Alzheimer’s )2‬‬ ‫والطفرة پيس� � ��ا توجد عند أكثر من عشرين في املئة من أفراد‬
‫موس� � ��عة (تش� � ��مل األقارب األدن� �ي��ن وأطراف األقارب)‪ ،‬عن‬
‫َّ‬
‫(‪Still Alice )3‬‬
‫(‪extended family )4‬؛ عائلة‬ ‫س� � ��ت وعشرين عائلة موس� � ��عة يزيد عددهم على خمسة آالف‬
‫املعجم «املغني الكبير»‪.‬‬ ‫إنسان‪ .‬ومن املرجح أن يصاب حامل الطفرة باملرض قبل أن‬

‫‪13‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫وهو طبيب اختصاصي باألم� � ��راض العصبية يبلغ من العمر‬
‫‪ 63‬عام� � ��ا‪ ،‬بدأ بدراس� � ��ة عائالت أنتيوكيا قب� � ��ل أن يفكر أحد‬
‫في أن هذه العائالت س� � ��تصبح مهم� � ��ة للبحث العلمي في داء‬
‫ألزهامير‪ .‬لقد قضى >لوپيرا< س� � ��نوات مراهقته في يارومال‬ ‫املؤلف‬
‫‪ ،Yarumal‬وه� � ��ي مدينة تعود إليها أصول العديد من العائالت‬ ‫‪Gary Stix‬‬
‫>ستيكس< هو محرر رئيسي في مجلة ساينتفيك أمريكان‪.‬‬
‫التي حتمل طفرة پيس� � ��ا‪ .‬ويذكر >لوپيرا< أن بعض جيرانه في‬
‫طفولته كانوا مصابني باخلرف وهم في أواس� � ��ط العمر‪ .‬وبعد‬
‫أن أنهى >لوپيرا< دراس� � ��ته بعد الدكتوراه في بلجيكا أواخر‬ ‫حافظوا على سالمتهم أم ظهرت لديهم أعراض هذا الداء‪.‬‬
‫الثمانينات‪ ،‬أصبح مقتنعا ب� � ��أن بإمكانه القيام بأبحاث علمية‬ ‫وإن إجراء مثل هذه التجارب السريرية على عامة السكان‬
‫في كولومبيا بشكل أفضل مما لو بقي في أوروبا وتابع عمله‬ ‫قد يكون مضيعة للوقت ومرتفع التكاليف بسبب صعوبة التنبؤ‬
‫في إحدى املؤسسات البحثية فيها‪ .‬وفي ذلك الوقت عثر على‬ ‫بحدوث ال� � ��داء ومبوعد حدوثه‪ ،‬وهي عوائ� � ��ق التصادف عند‬
‫أول عائلة يش� � ��ك بإصابتها بالشكل اجليني من داء ألزهامير‪.‬‬ ‫العائالت الكولومبية‪ .‬فالعائالت التي حتمل الطفرة املشؤومة‬
‫وفي ع� � ��ام ‪ 1987‬عاد >لوپيرا< إلى كولومبيا حيث حصل على‬ ‫مت اختيارها للمشاركة في التجارب السريرية الختبار الدواء‬
‫عمل كطبي� � ��ب اختصاصي باألمراض العصبي� � ��ة في جامعة‬ ‫ومعرفة ما إذا كان قادرا على الوقاية من داء ألزهامير‪ .‬وهذه‬
‫أنتيوكيا‪ ،‬واستأنف دراسة العائالت املصابة بشكل مبكر من‬ ‫العائالت التي عاشت عدة قرون مع احلقيقة املؤملة لهذا الداء‬
‫داء ألزهامير‪.‬‬ ‫أصبحت عنصرا أساسيا في البحث عن عالجات وقائية‪.‬‬
‫وحاليا ي� � ��رأس >لوپي� � ��را< مجموعة العل� � ��وم العصبية في‬
‫اجلامعة‪ .‬وقد أنش� � ��أ سالسل أنس���اب ‪ genealogies‬متتد عدة‬ ‫الرؤية‬
‫()‬

‫عقود عند س� � ��ت وعش� � ��رين عائلة مصابة باملرض‪ .‬وقد واجه‬ ‫إن التح� � ��ول إل� � ��ى التركيز على الوقاية ف� � ��ي الكفاح ضد‬
‫بحث� � ��ه عوائق م� � ��ا كان ليواجهها لو أنه بق� � ��ي في أوروبا‪ ،‬ذلك‬ ‫داء ألزهامي� � ��ر يق� � ��وم على أه� � ��م تقدم ُأحرز ف� � ��ي بحوث هذا‬
‫أن احملافظ� � ��ة على االتصال بتلك العائالت كان يتطلب أحيانا‬ ‫ال� � ��داء بالس� � ��نوات األخي� � ��رة‪ .‬فالتجارب الس� � ��ريرية اجلارية‬
‫االس� � ��تعانة بقافلة عس� � ��كرية للمرور عبر املناطق التي يستعر‬ ‫(‪)1‬‬
‫حاليا تس� � ��تخدم التصوير بالرن��ي�ن املغنطيس����ي )‪(MRI‬‬
‫فيه� � ��ا القتال بني اجليش الكولومب� � ��ي وجماعات الثوار‪ .‬وقبل‬ ‫والتصوير املقطعي باإلصدار البوزيتروني )‪ ،)2((PET‬وهي‬
‫نحو خمس� � ��ة عش� � ��ر عاما كان القيام مبثل هذه الرحالت في‬ ‫تفاري����س ‪ scans‬للدم� � ��اغ إضافة إلى البزل القطن����ي ‪spinal‬‬
‫بعض األوقات أمرا بالغ اخلطورة‪.‬‬ ‫‪ ،tap‬تهدف إلى الكش� � ��ف عن العالم� � ��ات الدالة على اإلصابة‬
‫إن حب االستطالع األولي الذي أثارته العائالت التي بدا‬ ‫بداء ألزهامير‪ .‬ويس� � ��تطيع الباحثون باستخدام هذه التقنيات‬
‫أنها مصابة بالش� � ��كل اجليني من داء ألزهامير‪ ،‬تطور ليصبح‬ ‫مراقب َة التبدالت التي حتدث في دماغ أحد األش� � ��خاص الذي‬
‫بحثا علميا كامل الش� � ��روط‪ .‬فقد توصل >لوپيرا< بالتعاون مع‬ ‫ُق� � ��د ّر له اإلصابة بالداء قبل عدة عقود أحيانا من تش� � ��خيص‬
‫>‪ .S‬كوس � � �يـك<‪ ،‬الــذي كــان حينــذاك فــ� � ��ي جــامعـــة هــارڤــرد‪،‬‬ ‫الداء بشكل مؤكد‪.‬‬
‫و >‪ .A‬گوت< [من جامعة واش� � ��نطن في سانت لويس] وغيرهما‬ ‫وتساعد هذه الوسائل احلديثة على معرفة ما سيحدث إذا‬
‫من الباحثني األمريكيني‪ ،‬إلى حتديد موقع اجلني الطافر بدقة‬ ‫ُج ِّرب اس� � ��تعمال أحد األدوية‪ ،‬حتى ولو كان من األدوية التي‬
‫على الكروموسوم (الصبغي) ‪.14‬‬ ‫ثبت فش� � ��لها في اختبارات س� � ��ابقة عند املرضى قبل سنوات‬
‫إن التركيز على الوقاية من املرض جنم عن النسبة الساحقة‬ ‫من إصابتهم بكثرة النسيان‪ .‬وإذا لم تظهر التبدالت الدماغية‬
‫من الفشل الذي أسفرت عنه التجارب السريرية التي أجريت‬ ‫املرافقة لداء ألزهامير على التفاريس ‪ -‬ولم يبد املريض تبدالت‬
‫على مرضى داء ألزهامير باس� � ��تخدام عالجات مختلفة‪ .‬فمن‬ ‫معرفي� � ��ة ‪ -‬فقد يس� � ��اعد هذا الدواء عل� � ��ى درء خطر اإلصابة‬
‫أصل ‪ 403‬جتربة سريرية أجريت بني عامي ‪ ،2012-2002‬كانت‬ ‫بامل� � ��رض‪ .‬وإن إمكانية التنبؤ بحدوث املرض عند متوس� � ��طي‬
‫النتائج فاش� � ��لة في أكثر من ‪ %99‬منها‪ .‬أما العالجات القليلة‬ ‫العمر من س� � ��كان أنتيوكيا الذين يحملون الطفرة پيس� � ��ا عزز‬
‫التي حصلت على الترخيص باس� � ��تعمالها حتت املراقبة‪ ،‬فقد‬ ‫االهتمام املتزايد باختيارهم للمشاركة في التجارب السريرية‬
‫)( ‪THE VISION‬‬
‫(‪magnetic resonance imaging )1‬‬
‫الهادفة إلى اختبار االستراتيجيات الوقائية‪.‬‬
‫(‪positron-emission tomography )2‬‬ ‫إن الش� � ��خص احملوري في هذه األبحاث هو >‪ .F‬لوپيرا<‪،‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪14‬‬


‫كدح يومي‪ :‬تقضي >أليخاندرا<‪ 24 ،‬عاما‪ ،‬أيامها في العناية بأمها >يوالندا<‪،‬‬
‫بينما تخصص جزء ًا زهيدا من وقتها لالهتمام بابنتها >لونا< التي تبلغ‬
‫تسع سنوات‪ .‬وتقف >لونا< في هذه الصورة إلى جانب جدتها اللتقاط صورة‬
‫مبناسبة تناولها العشاء السري ألول مرة (في اليسار)‪.‬‬

‫على إجراء جتارب س� � ��ريرية تهدف إل� � ��ى الوقاية من املرض‪.‬‬ ‫أدت في بعض األحيان إلى حتس� � ��ن مؤقت في األعراض‪ ،‬إال‬
‫وقد باش� � ��ر معهد بانر باالش� � ��تراك مع الش� � ��ركة ‪Genentech‬‬ ‫أنها لم تؤد ف� � ��ي نهاية األمر إلى وقف فقد الذاكرة وغيره من‬
‫وجامع� � ��ة أنتيوكيا بالعمل على جتربة س� � ��ريرية مس� � ��تخدمني‬ ‫القدرات املعرفية‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫دواء كرينيزوماب ‪ ،crenezumab‬وهو ضد وحيد النس���يلة‬ ‫وقد أجبر هذا الفشل شركات الصناعة الدوائية والباحثني‬
‫يقصد منه االرتباط بش���دفة(‪ )3‬سامة من البروتني النشواني‬ ‫األكادميي� �ي��ن على التفكي� � ��ر في إجراء جتارب س� � ��ريرية على‬
‫البيتائ���ي(‪ - )4‬وإزالتها من الدماغ‪ .‬وقد تلقى هذا املش� � ��روع‬ ‫املرضى الذين كانوا بحالة سليمة‪ .‬ومن املعتقد أن العصبونات‬
‫أكثر من مئة مليون دوالر من قبل الش� � ��ركة ‪ Genentech‬ومعهد‬ ‫(النورون���ات) ‪ neurons‬تبدأ باالنقراض‪ ،‬وتتوقف االتصاالت‬
‫بانر واملعاهد الوطنية للصحة في الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫بني اخلاليا الدماغية عن العمل‪ ،‬قبل أن تبدأ بالظهور أعراض‬
‫داء ألزهامير‪ .‬ومتى بدأت اضطرابات الذاكرة بالظهور لم يعد‬
‫االختبار‬
‫()‬
‫بإمكان أي عالج إنقاذ املريض من هذا الداء‪.‬‬
‫ُدعي ه� � ��ذا االختيار املبادرة الوقائية ل���داء ألزهامير(‪،)5‬‬ ‫إن العائالت املوسعة الس� � ��ت والعشرين هي األفضل من‬
‫نواح‪ .‬فه� � ��و ُيجرى خارج‬
‫وه� � ��و اختبار غير معتاد م� � ��ن عدة ٍ‬ ‫أجل دراسة العالجات الوقائية ألن ما يزيد على ألف فرد من‬
‫احل� � ��دود اآلمن� � ��ة ملركز طبي مهم في بوس� � ��طن أو في س� � ��ان‬ ‫أعضائها يحملون الطفرة پيسا‪ ،‬وهذا عدد كبير يوفر مجموعة‬
‫فرانسيس� � ��كو‪ .‬كما أن >لوپيرا< وجامعة أنتيوكيا ليس لديهما‬ ‫كافية من املرضى للمش� � ��اركة في جتربة سريرية واحلصول‬
‫اختبارات سابقة في إجراء جتارب سريرية من أي نوع ‪ -‬هذا‬ ‫على نتائج ذات داللة‪ .‬والتنبؤ باإلصابة بداء ألزهامير العائلي‬
‫إذا جتاوزن� � ��ا موضوع تطبيق البروتوك� � ��والت االختبارية التي‬ ‫أمر ممكن في هذه الفئة من املرضى؛ لذلك يستطيع الباحثون‬
‫التزال قيد التطوير لتحديد ما إذا كان الدواء املستخدم فعاال‬ ‫العم� � ��ل على فترة زمنية متتد من ‪ 10‬إلى ‪ 15‬س� � ��نة إلى الوراء‬
‫في وقف تط� � ��ور الداء الذي يوصف ف� � ��ي بعض احلاالت قبل‬ ‫وحس� � ��اب الوقت الذي يجب عنده الب� � ��دء بإعطاء العالج حتى‬
‫)( ‪THE TRIAL‬‬
‫ميكن إيقاف تطور املرض‪.‬‬
‫(‪the Banner Alzheimer’s Institute )1‬‬
‫(‪monoclonal )2‬‬
‫لقد انتشر صيت تلك العائالت املوسعة ما لفت إليها نظر‬
‫(‪fragment )3‬‬ ‫حث شركات‬ ‫معهد بانر لداء ألزهامير(‪ )1‬مبدينة فونيكس الذي ّ‬
‫(‪beta-amyloid protein )4‬‬
‫(‪the Alzheimer’s Prevention Initiative )5‬‬ ‫األدوية الكبرى عام ‪ 2010‬على االهتمام باملوضوع وش� � ��جعهم‬

‫‪15‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫دواء حقيقي أم دواء غفل؟ تستعد >أورفا< البالغة ‪ 36‬عاما‪ ،‬لتلقي‬
‫أحد هذين الدواءين‪ .‬وحتصل >أورفا< دوريا على إجازة من عملها في‬
‫حقول القهوة كي تذهب إلى جامعة أنتيوكيا حيث تشارك في املبادرة‬
‫الوقائية لداء ألزهامير‪.‬‬

‫منتصف� � ��ه صبغة عائلية على تعامل� � ��ه مع أفراد هذه‬


‫األسر‪ .‬ففي الشهر ‪ 2015/11‬املاضي عندما علم بأن‬
‫بع� � ��ض الصحفيني الذي� � ��ن زاروا >مدلني< يخططون‬
‫لنشر أسماء أس� � ��ر املرضى الذين قابلوهم‪ ،‬عارض‬
‫بإصرار مخط� � ��ط الصحفيني على الرغ� � ��م من أنهم‬
‫حصلوا على ترخيص بذلك‪ .‬وق� � ��د أوضح >لوپيرا<‬

‫يلطخ اسم األسرة ويسيء إلى‬ ‫أن مثل هذا العمل قد ّ‬


‫أفرادها مبن فيهم أولئك الذين اليحملون طفرة املرض‪ ،‬وقد‬ ‫خمسة عشر عاما من ظهور أعراض املرض‪ .‬ويقول >لوپيرا<‪:‬‬
‫يصب� � ��ح من الصعب على أفراد هذه األس� � ��ر احلصول على‬ ‫«عادة‪ ،‬اليعتقد أحد أن باإلمكان إجراء مثل هذا االختبار في‬
‫تأمني صحي أو إيجاد رفيق للزواج‪.‬‬ ‫أمري� � ��كا الالتينية»‪ .‬إن معهد بانر كان واثقا بنا‪ ،‬ومن حس� � ��ن‬
‫لق� � ��د تقبلت العائالت الكولومبية الت� � ��ي متتد ذكرياتها عن‬ ‫احلظ أننا أثبتنا أن بإمكاننا العمل معهم بشكل ج ّد ّي‪ ،‬وكانت‬
‫أقاربها املصابني باملرض على مدى عدة أجيال‪ ،‬فكر َة االختبار‬ ‫بداية هذا املشروع ناحجة بسبب هذه الثقة‪.‬‬
‫الس� � ��ريري بكل ارتياح‪ .‬وتتوقع >شاهناز س� � ��ليمان< [رئيسة‬ ‫وفي نهاية عام ‪ 2013‬بدأ فريق الباحثني بإعطاء الدواء إلى‬
‫املشروع في الش� � ��ركة ‪ ]Genentech‬أن يحضر املشاركون في‬ ‫األشخاص املشاركني في االختبار وكان معظهم في الثالثينات‬
‫املشروع إلى املستش� � ��فى لتلقي احلقن العالجية بنسبة أعلى‬ ‫أو األربعني� � ��ات من العمر‪ .‬واليزال العمل جاريا الختيار مزيد‬
‫م� � ��ن املعتاد في االختبارات الت� � ��ي جترى في الواليات املتحدة‬ ‫من املش� � ��اركني‪ ،‬والهدف النهائي هو إعطاء الدواء حقنا حتت‬
‫وأوروب� � ��ا‪ ،‬م� � ��ع العلم أن كثي� � ��را منهم يضطرون إلى الس� � ��فر‬ ‫اجللد ملئة ش� � ��خص من حاملي الطفرة پيس� � ��ا‪( .‬وهنالك أيضا‬
‫مسافات طويلة للوصول إلى مكان االختبار‪.‬‬ ‫فريقان آخران من املشاركني يعطون دواء غفال ‪ placebo‬يتألف‬
‫وقد أكد املقيمون في أنتيوكيا اعتقاد الس� � ��يدة >سليمان<‬
‫أحدهم� � ��ا من مئة ش� � ��خص من حاملي الطفرة پيس� � ��ا‪ ،‬ويضم‬
‫ومنهم الس� � ��يد >هوگو< الذي يبلغ من العمر أربعني عاما وكان‬
‫الفري� � ��ق الثاني مئة ش� � ��خص ممن ال يحملون ه� � ��ذه الطفرة)‪.‬‬
‫يتولى في الش� � ��هر ‪ 2014/11‬العناية باألحصنة العائدة لبعض‬
‫ويخضع كل فرد من املش� � ��اركني لفت� � ��رة اختبار مدتها خمس‬
‫األغنياء في بلدة الريترو(‪ .)3‬وكان >هوگو< يذهب كل أسبوعني‬
‫إلى مدلني التي تبعد عشرين ميال عن مكان إقامته كي يتلقى‬ ‫سنوات‪ .‬وستحدد تفاريس الدماغ والبزل القطني ما إذا كان‬
‫العالج الذي يتألف إما من كرينيزوماب أو من دواء غفل‪ .‬ولم‬ ‫الدواء قد أوقف تزايد النش���وان البيتائي(‪ )1‬أم ال‪ .‬وستبحث‬
‫يكن >هوگو< وال األش� � ��خاص الذين يعط� � ��ون احلقن على علم‬ ‫تدن معرفي‪.‬‬ ‫االختبارات النفسانية عن ٍ‬
‫بنوع الدواء احملقون‪.‬‬ ‫وإذا تب� �ي��ن أن الكرينيزوماب قد ع َّدل مس� � ��يرة الداء‪ ،‬فإن‬
‫ويقول >هوگو< إنه يدرك أهمية هذه االختبارات السريرية‬ ‫ذلك س� � ��يعد اختراق� � ��ا في معاجل� � ��ة داء ألزهامير‪ .‬وس� � ��تبدأ‬
‫حتى ولو اتضح ل� � ��ه أن الدواء الذي يتلقاه هو دواء غفل‪ .‬فقد‬ ‫حنيئذ التج� � ��ارب لتحديد ما إذا كان الدواء ينجح في معاجلة‬
‫توفي أبوه وج ّده م� � ��ن داء ألزهامير وكذلك أربعة من أعمامه‪.‬‬ ‫األشخاص املس� � ��نني السليمني الذين اليحملون الطفرة پيسا‪,‬‬
‫ويتذك� � ��ر >هوگو< أنه عندما أصيب والده بالداء كان هاجس� � ��ه‬ ‫(‪)2‬‬
‫لكن تفاريس أدمغتهم تكش� � ��ف وجود تب� � ��دالت باثولوجية‬
‫تلميع أحذية جميع أفراد عائلته طيلة اليوم‪ ،‬وكيف كان يهتاج‬ ‫بدأت بالظهور حديثا جدا‪.‬‬
‫بش� � ��دة إذا غابت زوجته عن نظره ثانية واحدة‪ .‬إن هذا املرض‬ ‫والعالقات الطويل� � ��ة األمد التي أقامها >لوپيرا< وزمالؤه‬
‫صع� � ��ب االحتمال‪ ،‬وهو إرث يعود إل� � ��ى زمن بعيد جدا وعلينا‬ ‫عل� � ��ى مدى عدة عقود مع الس� � ��ت وعش� � ��رين عائلة املصابة‬
‫مواجهته ببسالة‪.‬‬ ‫باملرض‪ ،‬كان لها دور رئيس� � ��ي في اختيار املش� � ��اركني في‬
‫(‪beta-amyloid )1‬‬ ‫االختي� � ��ار واس� � ��تمرارهم بالتعاون مع املش� � ��رفني عليه‪ .‬وقد‬
‫(‪ ،pathological )2‬أو‪ :‬مرضي‪.‬‬
‫(‪El Retiro )3‬‬ ‫أعطى وجود >لوپيرا< بش� � ��عره الطويل األشيب املفروق من‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪16‬‬


‫فحص الدماغ‬
‫عمر‬ ‫عمر‬ ‫عمر‬ ‫عمر‬
‫‪ 48‬عاما‬ ‫‪ 44‬عاما‬ ‫‪ 34‬عاما‬ ‫‪ 24‬عاما‬

‫داء ألزهامير‬

‫انتظار يقظ‬
‫()‬

‫لقد أصبح من املمكن إجراء اختبارات س���ريرية للوقاية من داء‬


‫ألزهامي���ر بس���بب توافر تقنيات حديثة ‪ -‬تفاري���س الدماغ‪ ،‬بزل‬
‫السائل الدماغي الشوكي‪ ،‬اختبارات نفسية فائقة احلساسية –‬
‫لتحدي���د م���ا إذا كان الداء يتطور قبل أن يصبح الش���خص كثير‬
‫النس���يان‪ .‬ويكشف ش���كل متخصص من التصوير املقطعي ‪PET‬‬
‫مؤذ من البروتني النش���واني البيتائي في‬ ‫وج���ود تراك���م منوذج ٍ‬
‫أدمغ���ة احلامل�ي�ن للطفرة پيس���ا (النواحي امللوثة ف���ي الصورة‬
‫العلوي���ة) ف���ي أعم���ار مختلفة على م��� ِّر الزمن عند مص���اب بداء‬
‫ألزهامير‪ .‬وال تشاهد ترسبات من النشواني البيتائي في أدمغة‬
‫أف���راد تل���ك العائ�ل�ات من العم���ر نفس���ه إذا لم يكون���وا حاملني‬
‫للطفرة پيس���ا‪ .‬ويكش���ف التصوير ‪ MRI‬املس���تخدم في االختبار‬
‫الكولومبي ما إذا كان تكمش الدماغ قد حدث قبل عشر سنوات‬
‫من وضع التشخيص (في اليسار)‪.‬‬

‫بي‪ ».‬وقد أثارت هذه اإلجابة ضحك اآلخرين‪.‬‬ ‫لقد منح� � ��ت االختبارات >هوگو< وأقرب� � ��اءه بصيص أمل‪.‬‬
‫إن أول الدالئل عما إذا كانت االختبار الكولومبي س� � ��يفيد‬ ‫«نحن مرتاحون جدا ألننا نأمل مع الدكتور >لوپيرا< باحلصول‬
‫األش� � ��خاص الذين يحملون الطفرة پيس� � ��ا‪ ،‬لن تظهر قبل عام‬ ‫على نتائج إيجابية باستعمال هذه العالجات‪ ،‬وقد تتوصل في‬
‫‪ - 2018‬وسينتهي االختبار في عام ‪ .2021‬وال توجد أية ضمانة‬ ‫�اف ألطفالنا‪ ».‬وكان >هوگو< عندما‬ ‫نهاية األمر إلى عالج ش� � � ٍ‬
‫على فعالية كرينيزوماب‪ .‬فقد سبق أن فشل‪ ،‬في منتصف عام‬ ‫نطق بهذه األقوال جالسا على معقد في ناحية نزهة قربيا من‬
‫‪ ،2014‬في جتربة س� � ��ريرية في الوالي� � ��ات املتحدة عند مرضى‬ ‫اإلس� � ��طبل‪ .‬وكانت الكالب تنبح بش� � ��دة‪ ،‬وكان >هوگو< يشبك‬
‫مصابني بأش� � ��كال خفيفة إلى معتدلة م� � ��ن داء ألزهامير‪ .‬وقد‬ ‫ذراع� � ��ه بذراع إحدى بنات أخيه التي أمس� � ��كت بذراع أختها‬
‫ب ِّينت حتالي� � ��ل إضافية للنتائج أن االختب� � ��ار رمبا كان مفيدا‬ ‫من الطرف اآلخر‪.‬‬
‫بعض الش� � ��يء للمرضى في املراحل الباك� � ��رة من إصابتهم‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من العبء الثقيل الذي يكشفه التاريخ الطبي‬
‫ولهذا السبب يتابع الباحثون العمل على االختبار الكولومبي‬ ‫للعائلة‪ ،‬فإن >هوگو< والعديد من أفراد عائلته‪ ،‬الذين اجتمعوا‬
‫ليروا ماذا س� � ��يحدث فيما إذا أعطي الدواء قبل مدة طويلة من‬ ‫ف� � ��ي يوم كئيب من ش� � ��هر ‪ ،11‬ب� � ��دوا وكأنهم من� � ��وذج للمرونة‬
‫ظهور أول أعراض املرض‪.‬‬ ‫املنسية‬
‫ّ‬ ‫النفس� � ��ية‪ .‬وكان أحدهم يذ ِّكر اآلخر بأحد التفاصيل‬
‫وإذا فشل كرينيزوماب في االختبار الكولومبي‪ ،‬فال يعني‬ ‫الت� � ��ي ميكن أن تكون عالمة باكرة على اإلصابة باملرض‪ .‬وقد‬
‫ذلك أننا فقدنا كل ش� � ��يء‪ .‬فهذا االختب� � ��ار هو أفضل اختبار‬ ‫سألت >گوديال< شقيقة >هوگو< التي تبلغ من العمر ‪ 47‬عاما‪،‬‬ ‫ُ‬
‫عما إذا كانت قلقة من احتم� � ��ال إصابتها باخلرف‪ ،‬فأجابت‪:‬‬
‫الصفحة ‪35‬‬ ‫التتمة في‬
‫«في احلقيقة‪ ،‬لست قلقة‪ ».‬وقد قالت ذلك دون تردد وأضافت‪:‬‬
‫‪Watchful Waiting‬‬ ‫)(‬ ‫«إن الش� � ��خص الذي يجب أن يقلق هو ال� � ��ذي عليه أن يعتني‬

‫‪17‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫(٭)‬
‫األلم ُ‬
‫املزمِ ن‬
‫ألم حارق‪ ،‬وجع‪ ،‬ألم وامض‪ ،‬أ ّي ًا كانت الصورة التي يأخذها؛‬
‫فإن األلم املزمن يستطيع أن يتحدى العالج‪ .‬لكن تبصرات مستجدة‬ ‫(‪)1‬‬

‫في أسبابه ميكن أن تقودنا إلى أفكار حديثة ملكافحته‪.‬‬


‫>‪ .S‬سوذرالند<‬

‫وم� � ��ع أن املرض ‪ EM‬نادر‪ ،‬حيث يصيب فقط نحو ‪ 13‬فردا من‬ ‫«تأك� � ��د أن� � ��ك تذهب إل� � ��ى محل بقال� � ��ة وليس إل� � ��ى بيرگر‬
‫املليون نس� � ��مة‪ ،‬فإن األلم املزمن بأش� � ��كاله التي ال تعد شائع‬ ‫كينگ‪ »,‬هك� � ��ذا أعطت >‪ .J‬بوند< توجيهاته� � ��ا إلى زوجها على‬
‫بصورة مدهشة وغالبا ما يكون منشؤه غامضا‪.‬‬ ‫هاتفه اجل� � ��وال بينما كان يجري ليحضر لها مكعبات ثلج في‬
‫ويق � � � َّدر أن ‪ 100‬مليون ش� � ��خص في الوالي� � ��ات املتحدة‬
‫ُ‬ ‫إح� � ��دى ليالي عام ‪« .2012‬إن مكعب� � ��ات الثلج خاصتهم تذوب‬
‫يناضلون ضده‪ ،‬ويأتي في أكثر األحيان على هيئة آالم في‬ ‫بس� � ��رعة كبيرة‪ »،‬وقد كانت >بوند< وقته� � ��ا تبلغ من العمر ‪38‬‬
‫الظه� � ��ر أو آالم املفاصل‪ .‬وبنظرة ش� � ��املة‪ ،‬فإن األلم املزمن‬ ‫ال في الش� � ��هر التاسع تقريبا وحتتاج إلى أكياس‬ ‫عاما وحام ً‬
‫يصيب األمريكيني أكثر من داء السكري والسرطان وأمراض‬ ‫الثل� � ��ج ل ُتبقي املاء باردا ف� � ��ي احلوض الذي تضع قدميها فيه‪،‬‬
‫القلب مجتمعة ويكلفهم أكثر أيضا؛ حيث تصل التكلفة تقريبا‬ ‫وكانت قدماها حمراوتني ومنتفختني ومؤملتني‪ .‬وقد تعلمت أن‬
‫إلى ‪ 635‬مليون دوالر أمريكي سنويا على شكل رعاية طبية‬ ‫تغطي قدميها بأكياس القمامة حتى ال يتسبب املاء البارد في‬
‫وفقد عمالة‪ ،‬وذلك طبقا لتحليل عام ‪ .2012‬والقيمة من حيث‬ ‫إيذاء جلدها‪ .‬وقبل بضعة ش� � ��هور كانت >بوند< امرأة ش� � ��ابة‬
‫املعاناة ال تقدر بثمن‪ .‬فالناس الذين يعيش� � ��ون هذه املأساة‬ ‫صحيحة اجلس� � ��م لديها عمل مكتبي في شركة تقوم بتركيب‬
‫يواجهون خط� � ��را متزايدا إلمكان حدوث اإلعاقة‪ ،‬االكتئاب‪،‬‬ ‫السخانات الشمسية‪ ،‬وتعيش حياة طبيعية تقريبا‪ .‬وهي اآلن‪،‬‬
‫اضطرابات في املزاج والنوم‪ ،‬إدم� � ��ان املخدرات والكحول‬ ‫بالكاد تتخلى عن الراحة في احلوض املائي إال لالس� � ��تحمام‬
‫واالنتحار‪ .‬و>‪ .L‬پورتر< [استشارية في خطط معاجلة األلم‬ ‫«وهو األمر الذي بات عذابا‪».‬‬
‫باملعه� � ��د الوطني لألم� � ��راض العصبية والس� � ��كتة الدماغية‪،‬‬ ‫و>بون� � ��د< التي تعيش في س� � ��انتا روزا بكاليفورنيا تعاني‬
‫ومديرة مكت� � ��ب املعهد الوطني لصحة سياس� � ��ات األلم في‬ ‫حالة تسمى احمرار األطراف املؤلم )‪ (2)(EM‬وهي مشتقة من‬
‫بيثيسدا بوالية ميريالند] ُتسمي األلم املزمن «مشكلة صحة‬ ‫اللغة اإلغريقية «ألم الطرف األحمر» ‪ -‬وفيها يتفاقم ألم حارق‬
‫عامة كبرى ال نتعرفها أو نتعامل معها بالقدر الكافي‪».‬‬ ‫ش� � ��ديد في األيدي أو األقدام‪ ،‬وتصبح األطراف املتأملة فائقة‬
‫إن لوجود األلم غاية‪ :‬فه� � ��و يقدم إلينا نظاما ذاتيا مدمجا‬ ‫احلساسية حتى لدرجات احلرارة املعتدلة الدفء أو للضغط‬
‫)٭( ‪ PAIN THAT WON’T QUIT‬أو‪« :‬األلم الذي ال يزول»‪.‬‬ ‫اخلفيف‪ .‬وفي أغلب املرضى‪ ،‬كما هي احلال مع >بوند<‪ ،‬تنشأ‬
‫‪chronic pain‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪erythromelalgia‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫احلالة من دون تعليل (لي� � ��س لها أي عالقة معلومة باحلمل)‪.‬‬

‫باختصار‬
‫وقد تكون لها مخاطر شديدة‪.‬‬ ‫يصي���ب األل���م املزم���ن(‪ )1‬أع� � ��دادا متزايدة م� � ��ن املرضى في‬
‫إن اكتش���اف الس���بل اجلزيئي���ة اخلاص� � ��ة باأللم قد أظهر‬ ‫ويحملها أعباء مالية أكثر من السرطان وأمراض‬ ‫ّ‬ ‫الواليات املتحدة‬
‫أهدافا جديدة لتطوير األدوية‪.‬‬ ‫القلب وداء السكري مجتمعة‪ً.‬‬
‫واملواد املوجودة في سموم احليوانات هي ضمن تلك التي‬ ‫فاملخ���درات األفيونية وغيرها من األدوية املوجودة حاليا‬
‫تختبر باعتبارها اجليل اجلديد من مسكنات األلم‪.‬‬ ‫تؤدي عمال ضعيف املس� � ��توى في تخفيف الكثير من األلم املزمن‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪18‬‬


‫املؤلفة‬
‫‪Stephani Sutherland‬‬
‫>سوذرالند< عاملة في األعصاب وكاتبة علمية تقيم في جنوب والية كاليفورنيا‪.‬‬

‫فين� � ��ا للتحذير من أي أذى في اجلس� � ��م؛ فيجبرنا على انتزاع‬


‫يدنا من على فرن ساخن قبل أن حتترق إلى درجة خطيرة‪ ،‬أو‬
‫أن نتوقف عن املشي على رجل مكسورة‪ .‬لكنه يستمر أحيانا‬
‫م� � ��دة طويلة بعد غياب اخلطر‪ .‬ومع أن األلم املزمن قد ينش� � ��أ‬
‫عن سبب غير مفهوم‪ ،‬فبصورة عامة ميكن تقسيم أسبابه إلى‬
‫فئتني‪ :‬التهابي(‪ - )1‬كمثل ذلك الذي يس� � ��ببه التهاب املفاصل‬
‫العظمي ‪ -‬واعتالل عصبي املنش���أ(‪ )2‬الذي ينش� � ��أ عادة عن‬
‫أذية أحد األعصاب نتيجة لضرر أو مرض أو إصابة أخرى‪.‬‬
‫إن األل� � ��م املزمن يش� � ��تهر بأنه غالبا عص� � � ّ�ي على العالج‪،‬‬
‫وميثل منط االعتالل العصبي حتديا بشكل خاص‪ ،‬وهذا يعود‬
‫جزئي� � ��ا إلى كون األدوية املضادة لاللتهاب مثل اإليبوپروفني‬
‫‪ ibuprofen‬وناپروكس�ي�ن ‪ naproxen‬بال� � ��كاد تؤث� � ��ر في� � ��ه‪ .‬لذا‪،‬‬
‫فاملورفني ‪ morphine‬وغيره من املخدرات األفيونية هو القاعدة‬
‫فاالكتشافات احلديثة قد أتاحت الفرصة لسبل جديدة واعدة‬ ‫الذهبية حلاالت األلم الشديدة قصيرة املدة‪ ،‬ولكن لها أعراضا‬
‫لتطوي� � ��ر األدوية‪« .‬والباحث� � ��ون اآلن يحققون الكثير من التقدم‬ ‫جانبية تتراوح ما بني البس� � ��يطة مثل اإلمس� � ��اك والنعاس إلى‬
‫بالتركيز على املس� � ��ارات اجلزيئية إلرس� � ��ال إش� � ��ارة األلم‪»،‬‬ ‫كب� � ��ت التنفس ال� � ��ذي ميثل تهدي� � ��دا للحياة‪ .‬إضاف� � ��ة إلى أن‬
‫بحسب قول >پورتر<‪« .‬وهناك أمل‪».‬‬ ‫األش� � ��خاص الذين يس� � ��تخدمونها لفترات طويلة يتطور لديهم‬
‫تدريجيا حتمل ‪ tolerance‬لهذه األدوية ويحتاجون إلى جرعات‬
‫سباق التناوب‬
‫(٭)‬
‫أكب� � ��ر منها مما يزيد م� � ��ن مخاطرها‪ ،‬فاإلدم� � ��ان على األدوية‬
‫ولفهم هذه اجلهود اجلديدة في السيطرة على األلم املزمن؛ فمن‬ ‫وسوء اس� � ��تخدامها من القضايا املهمة التي ترافق استخدام‬
‫املفيد أن نعرف كيف ينش� � ��أ األلم‪ .‬ويبدأ األلم كمنبه ‪stimulus‬‬ ‫األفيونيات(‪ :)3‬فهناك عدد متزايد من األمريكيني الذين ميوتون‬
‫تكتش� � ��فه خاليا عصبية متخصصة تسمى مستقبالت األذى‬ ‫بس� � ��بب جرعة زائدة من مس� � ��كنات األلم تلك املوصوفة طبيا‪،‬‬
‫‪ nociceptors‬التي تنش� � ��ر مجساتها َعبر سطوح اجلسم داخله‬ ‫يفوق أعداد الذين ميوتون بس� � ��بب جرعة زائدة من الكوكايني‬
‫وخارج� � ��ه‪ .‬واملثي� � ��رات التي قد تتلف اجلس� � ��م ‪ -‬مثل احلرارة‬ ‫والهيروين مجتم َعني‪ .‬أما األدوية األخرى التي تستخدم لعالج‬
‫الشـــــديـــــدة االرتفــاع أو االنـخـفــاض‪ ،‬والقـــوة املـيـكــانيـكـيــة أو‬ ‫األلم املزمن‪ ،‬فتشتمل على بعض يوصف أصال لعالج نوبات‬
‫مجموعة كاملة من التهديدات الكيماوية ‪ُ -‬تنشط هذه النهايات‬ ‫الصرع واالكتئاب‪ ،‬وهذه األدوي� � ��ة أيضا لها حدودها وعليها‬
‫العصبية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن اإلش� � ��ارات التي تبعثها تلك النهايات‬ ‫قيود‪ .‬ومع أن املخاطر احملتملة على طفلها الذي لم يولد بعد‪،‬‬
‫تندفع س� � ��ريعا بطريقة الزمام املنزلق ‪ zipping‬نحو أجس� � ��ام‬ ‫فقد تلقت >بوند< خليطا م� � ��ن األفيونيات‪ ،‬مضادات االختالج‬
‫اخلاليا مس� � ��تقبالت األذى التي تستقر في بنى ُتعرف بالعقد‬ ‫ومضادات االكتئاب؛ ملس� � ��اعدتها عل� � ��ى النوم وخلفض التوتر‬
‫)٭( ‪Relay Race‬‬
‫النفسي املرتفع لديها بصورة خطيرة‪.‬‬
‫(‪inflammatory )1‬‬ ‫ولطاملا اس� � ��تعصى احلصول على األدوي� � ��ة الطبية األكثر‬
‫(‪neuropathic )2‬‬
‫(‪opiates )3‬‬ ‫أمانا حتى على أعتى جهود العلم‪ ،‬غير أن ذلك قد بدأ بالتغير‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫آفاق العالج‬

‫مفاتيح لتلطيف األلم‬


‫(٭)‬

‫إن إشارات األلم التي تتولد نتيجة للحرارة أو غيرها من احملفزات تنتقل‬

‫–‬
‫‪+‬‬
‫‪TRPV1‬‬ ‫القناة‬

‫–––‬
‫من النهايات العصبية في اجللد أو غيره من املواقع إلى بنى تسمى‬

‫‪+++‬‬
‫‪+‬‬
‫➊ تفتح القناة ‪TRPV1‬‬
‫‪+‬‬ ‫العقد اجلذرية الظهرية(‪ )1‬بالقرب من احلبل الشوكي‪ ،‬ومن ثم إلى‬
‫‪‬‬
‫استجابة للحرارة فتدخل‬ ‫‪+‬‬ ‫احلبل الش���وكي والدم���اغ‪ .‬ولكنه ميكن للطف���رات اجلينية أو‬
‫اجلزيئات املوجبة الشحنة‬ ‫أذي���ة األعصاب أن تبدل س���لوك جزيئات أساس���ية بامتداد‬
‫➋ التغيير الناشئ في الڤلطية‬
‫‪‬‬ ‫‪+‬‬ ‫املس���ار‪ ،‬مب���ا ف���ي ذل���ك القن���وات األيونية‪ ،‬بط���رق تؤدي‬

‫‪+‬‬
‫––‬
‫‪++‬‬
‫(اجلهد الكهربي) للغشاء يفتح‬
‫قنوات الصوديوم ذات البوابة‬
‫إل���ى إزمان األلم‪ .‬وعلى أمل تخفيف املعاناة يس���تهدف‬
‫‪+‬‬
‫احلساسة لفرق الڤلطية‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الباحثون اآلن تلك اجلزيئات احلاسمة بطرق شتى‪.‬‬
‫‪+‬‬
‫‪+‬‬
‫‪+‬‬
‫‪+‬‬

‫‪+‬‬
‫–‬
‫‪+‬‬

‫➌ يثير تدفق األيونات‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬


‫––‬

‫‪‬‬
‫‪+‬‬

‫إشارات ألم تندفع صوب‬


‫‪+‬‬

‫–‬
‫‪+‬‬

‫احلبل الشوكي بنمط‬


‫–‬
‫–‬

‫املنزلق ‪zip‬‬ ‫الزمام‬


‫‪+‬‬
‫–‬
‫‪+‬‬

‫القناة ‪Nav‬‬ ‫‪+‬‬


‫–‬

‫–‬
‫–‬

‫–‬ ‫‪+‬‬
‫‪+‬‬

‫–‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬


‫‪++‬‬
‫–‬
‫–‬ ‫‪+‬‬
‫‪++‬‬
‫‪+‬‬

‫قنوات مفرطة النشاط‬


‫وهناك جزيئات تسمى قنوات األيونات توجد كجزء ال‬
‫يتجزأ من غشاءات النهايات العصبية التي تكتشف‬
‫احملفزات املؤملة‪ ،‬وهي تفتح وتقفل ثقبا مركزيا استجابة‬
‫للمحفزات‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬فهناك قناة تسمى )‪(TRPV1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫تكتشف احلرارة‪ ،‬وعندما تفتح فإن األيونات املوجبة‬
‫الشحنة (الصوديوم بشكل أساسي) تندفع إلى الداخل‬
‫فتعزز فرق ڤلطية الغشاء‪ .‬واستجابة لذلك‪ ،‬فإن قنوات‬
‫(‪)3‬‬
‫الصوديوم احلساسة لفرق الڤلطية )‪ (Navs‬تنفتح وتثير‬
‫إشارة ألم إلى احلبل الشوكي‪ .‬والشذوذات في القنوات‬
‫‪ Navs‬و ‪ TRPV1‬بإمكانها أن تسبب مزيدا من اإلشارات‬
‫ومن ثم مزيدا من األلم‪ .‬والعناصر التي هي قيد الدراسة‬
‫ُنقص من نشاط القنوات وبذلك توقف اإلشارات‬ ‫رمبا ت ِ‬
‫ما بني‬
‫اإلضافية‪.‬‬
‫العصبونات‬
‫خلية دبقية صغيرة‬
‫أسالك متشابكة‬
‫وبعض األعصاب التي تكتشف املدخالت احلسية تتخصص ببث‬
‫األلم‪ ،‬وغيرها ينقل اللمس‪ .‬وتبادل احلوار ‪ cross talk‬ما بني‬ ‫إلى مراكز‬ ‫إلى مراكز‬
‫املسارين تنظمه خاليا في احلبل الشوكي تسمى ما بني العصبونات‬ ‫اللمس في‬ ‫األلم في‬
‫‪( interneurons‬باللون األزرق)‪ .‬وهذا النظام غالبا ما يختل لدى‬ ‫الدماغ‬ ‫الدماغ‬
‫البشر املصابني باأللم املزمن وعندئذ يعانون فرط اإلحساس باأللم ‪-‬‬
‫ألم ناشئ عن مثيرات غير ضارة مثل اللمس الرقيق‪ .‬وقد َبينّ البحث‬
‫أن هذه احلالة ميكن أن تنشأ بعد أن يجرح العصب‪ ،‬عندما حترر خاليا‬
‫اجلملة املناعية املعروفة باخلاليا الدبقية ‪ microglia cells‬الصغيرة‬ ‫التأشير ما‬
‫بني عصبونات‬
‫إشارات كيماوية و هذه بدورها تؤدي إلى فقدان عصبونات احلبل‬ ‫اللمس واأللم‬
‫الشوكي جلزيء مهم للتأشير الطبيعي‪ .‬ويعمل مطورو األدوية على طرق‬ ‫مدخالت حسية‬
‫إلصالح هذا اخللل وتلطيف فرط اإلحساس باأللم‪.‬‬
‫)٭( ‪Clues to Dampening Pain‬‬
‫(‪dorsal root ganglia )1‬‬
‫(‪the transient receptor potential channel V1 )2‬‬
‫(‪voltage-sensitive sodium channels )3‬‬ ‫عقدة جذر‬
‫ظهرية‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪20‬‬


‫الظهرية ‪ dorsal ganglia‬تتوضع خارج احلبل «يحرز الباحثون سبيل املثال‪ ،‬تس� � ��د قنوات الصوديوم لتخدر‪،‬‬
‫ليس األلم فقط‪ ،‬وإمنا أيضا اإلحس� � ��اس كله‬ ‫الش� � ��وكي مباشرة‪ .‬ومن هناك تبث مستقبالت‬
‫حيثم� � ��ا مت تطبيقها‪ .‬وقد ُوجدت في اإلنس� � ��ان‬ ‫التقدم‬ ‫من‬ ‫الكثير‬ ‫األذى ‪ -‬بشكل متناوب ‪ -‬التهديد لعصبونات‬
‫واحليوانات اللبونة األخرى تس� � ��عة أمناط من‬ ‫اآلن بالتركيز‬ ‫في احلب� � ��ل الش� � ��وكي‪ ،‬وه� � ��ذه بدورها حتفز‬
‫قن� � ��وات الصوديوم ذات البوابات احلساس� � ��ة‬ ‫ش� � ��بكة األل� � ��م الدماغية املمت� � ��دة التي تتضمن على املسارات‬
‫لفرق الڤلطية‪ ،‬كل منها يفتح اس� � ��تجابة لڤلطية‬ ‫املناطق املسؤولة عن التفكير واملشاعر (األمر‬
‫تختل� � ��ف عنها قلي� �ل��ا‪ .‬وحصاره����ا ‪blockade‬‬
‫إلشارة‬ ‫اجلزيئية‬
‫الذي يفس� � ��ر ملاذا قد تنجح األدوية الوهمية‬
‫جميع� � ��ا قد يكون له تأثير مخ� � ��رب ألن قنوات‬ ‫بحسب‬ ‫األلم‪»،‬‬ ‫‪ placebos‬واإللهاءات في تلطيف األلم)‪.‬‬
‫الصودي� � ��وم موج� � ��ودة ف� � ��ي جمي� � ��ع اخلاليا‬ ‫ومثل اإلش� � ��ارات العصبية كلها‪ ،‬تتسارع قول >‪ .L‬پورتر<‪،‬‬
‫العصبية في اجلس� � ��م وفي النس� � ��ج األخرى‬ ‫«هناك أمل»‪.‬‬ ‫رس� � ��ائل األلم م� � ��ن إحدى نهايت� � ��ي العصبون‬
‫متضمنة الدم� � ��اغ والقل� � ��ب‪ ،‬فحصارها بغير‬ ‫إل� � ��ى األخرى عن طريق حدث كهربي يس� � ��مى‬
‫ق���وة التأثير ‪ action potential‬يحدث بس� � ��بب تدفق األيونات متييز قد يتعارض مع اإلش� � ��ارات التي تنش� � ��أ عنها ضربات‬
‫‪ - ions‬الذرات املشحونة للصوديوم والبوتاسيوم ‪ -‬عبر غشاء القلب والتنفس واحلركة‪ .‬لذلك‪ ،‬ولسنوات طويلة‪ ،‬بحث العلماء‬
‫اخللي� � ��ة‪ .‬وتتحرك تلك األيونات خالل ثق� � ��وب متناهية الصغر عن الكأس املقدسة‪ :‬قنوات الصوديوم املنحصرة في اخلاليا‬
‫في الغشاء تس� � ��مى قنوات األيون���ات ‪ ،ion channels‬وتتركب التي تستشعر األلم في اجلسم‪.‬‬
‫وفي أواخر تسعينات القرن العشرين اقترب الباحثون من‬ ‫ه� � ��ذه القنوات من بروتينات متتلك الق� � ��درة على تغيير هيئتها‬
‫بني الترتيب املقفل أو املفتوح‪ .‬وفي نهايات مس� � ��تقبالت األذى هدفهم باكتش� � ��اف ثالث من قنوات الصوديوم ذات البوابات‬
‫التهديدات احملتملة مثل احلساسة لفرق الڤلطية التي تظهر فقط في الشبكة العصبية‬ ‫ِ‬ ‫تكتشف قنوات األيونات املتخصصة‬
‫احلرارة أو الكيماويات التي تتأتى من اخلاليا املتأذية القريبة‪ .‬احمليطية (مقابل تلك املوجودة في احلبل الش� � ��وكي والدماغ)‪،‬‬
‫األيونات املوجبة اخللي َة وتغير حيث املكان الذي تبدأ منه إش� � ��ارات األل� � ��م‪ ،‬وقد صنفت إلى‬ ‫ُ‬ ‫وعندما تنفتح تلك القنوات تغمر‬
‫بإتقان توازن الڤلطية (اجلهد الكهربي) عبر الغشاء‪ .‬وهذا ‪ Nav1.7‬و ‪ Nav1.8‬و ‪ ،Nav1.9‬والثالثة جميعها حتيلها غالبا إلى‬
‫(‪)1‬‬

‫التحول بدوره‪ ،‬يثير قنوات األيونات األخرى احلساسة لفروق مستقبالت األذى وبعض العصبونات املسؤولة عن اإلحساس‬
‫ڤلطي� � ��ة نوعية‪ .‬وعندم� � ��ا يفتح عدد كاف من قن� � ��وات األيونات (“‪ ”Na‬تعن� � ��ي صوديوم و“‪ ”v‬تعني ف� � ��رق الڤلطية‪ ،‬والرقم يدل‬
‫ذات البوابات احلساس� � ��ة لفرق الڤلطي� � ��ة‪ ،‬فإن تدفق األيونات على موضعها ضمن عائلة القنوات التسع املعروفة)‪ .‬ومبجرد‬
‫الناش� � ��ئ يحرض قوة التأثير التي تنطلق بسرعة بامتداد طول تعرف اجلينات التي تكود ‪ encode‬القنوات‪ ،‬أمكن للباحثني أن‬
‫العصبون ‪ -‬وهذا يش� � ��به كثيرا ما يفعله اجلمهور في استاد يتالعبوا ببراعة بنشاط القنوات في احليوانات املخبرية‪ .‬وعلى‬
‫رياضي لعمل املوجة‪ .‬وتبل� � ��غ قوة التأثير أوجها بتحرير ناقل مدى السنوات العشر التالية أكدت االختبارات‪ ،‬على األقل في‬
‫عصبي في احلبل الشوكي‪ ،‬وهي رسالة كيماوية تنقل املعلومة الفئران‪ ،‬أن تهدئة مجموعة القنوات ‪ Nav‬احلس� � ��ية ميكنها أن‬
‫تلطف األلم العصبي املنشأ‪.‬‬ ‫إلى عصبون مجاور‪.‬‬
‫وبحلول ع� � ��ام ‪ 2000‬رأى الباحث� � ��ون أن القنوات ‪ Nav‬هي‬ ‫والكثي� � ��ر مما تعلمناه عن األلم في الس� � ��نوات العش� � ��رين‬
‫األخيرة يركز على القنوات األيونية‪ :‬كيف تكتش� � ��ف اإلشارات أهداف واعدة لتطوير الدواء‪ ،‬غير أن شركات األدوية احتاجت‬
‫مثل احلرارة وتلف النس� � ��يج؟ وأي تل� � ��ك القنوات نحتاج إليها إلى أدلة أبعد من حيوانات التجارب لتسويغ القيام باستثمار‬
‫لنقل إش� � ��ارة األلم‪ ،‬في مقابل تلك التي تؤدي أدوارا مساندة؟ كبي� � ��ر‪ .‬وقد أتت تلك البيانات م� � ��ن أربع مقاالت جوهرية تربط‬
‫وأيضا ‪ -‬ورمبا كان السؤال األكثر إحلاحا ‪ -‬أي تلك القنوات القن� � ��اة ‪ Nav1.7‬باأللم لدى البش� � ��ر‪ .‬ففي ع� � ��ام ‪ 2004‬وجدت‬
‫يجب أن نستهدفه إلس� � ��كات إشارات األلم غير املرغوب فيها مجموع� � ��ة عمل في بك� �ي��ن‪ ،‬طف���رات ‪ mutations‬في جني القناة‬
‫‪ Nav1.7‬في أس� � ��رتني صينيتني لديها منط وراثي(‪ )2‬من مرض‬ ‫بطريقة آمنة؟‬
‫لقد أدرك الباحثون وش� � ��ركات األدوية منذ زمن طويل أن احم� � ��رار األطراف املؤلم ‪ -‬حالة >بون� � ��د< تطورت تلقائيا أثناء‬
‫حص����ار ‪ blocking‬قنوات الصوديوم ف� � ��ي النهايات العصبية احلمل‪ .‬وفي عام ‪ 2005‬أكد >‪ .S‬واكس� � ��مان< و>‪ .S‬ديب‪-‬حاج<‪،‬‬
‫(‪voltage )1‬‬
‫يخف� � ��ف األل� � ��م ‪ -‬فاملخدرات املوضعية قصي� � ��رة املفعول مثل‬
‫(‪inherited form )2‬‬ ‫الليدوكائ��ي�ن ‪ lidocaine‬والنوڤوكائ��ي�ن ‪ ،novocaine‬عل� � ��ى‬

‫‪21‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫نتائج‬
‫[من كلية طب جامعة ييل وإدارة شؤون‬
‫(٭)‬
‫ملاذا أنا؟‬ ‫احملارب� �ي��ن القدامى في نظ� � ��ام الرعاية‬
‫عوامل متنوعة تفسر ملاذا يكون بعض الناس‬ ‫الصحي� � ��ة لوالية كونيكتيك� � ��ت]‪ ،‬أن تلك‬
‫أكثر عرضة لأللم املزمن بالنسبة إلى غيرهم‪.‬‬ ‫الطف� � ��رات أدت إلى زيادة نش� � ��اط القناة‬
‫‪ Nav1.7‬التي قد تسبب األلم‪ .‬وبعيد ذلك‪،‬‬
‫خذ عشرة من البشر الذين يعانون أذية واإليذاء البدني ‪ -‬س� � ��واء كان جس� � ��ديا أم‬
‫الظهر نفسها في حادث سيارة‪ :‬ثالثة منهم عاطفيا ‪ -‬قد يزيد اخلطر‪ .‬فالدراسات تقترح‬ ‫ذكر >‪ .J‬وود< [من كلية طب جامعة لندن]‬
‫سينتهي بهم س� � ��وء احلظ بألم مزمن نتيجة أن هذه التجارب قد تس� � ��بب تغيرات طــويلــة‬ ‫حالة أخرى ه� � ��ي اضطراب نوبات األلم‬
‫لذلك‪ ،‬أو خذ عشرة أشخاص مصابني بداء األمــد في النشاط اجليني‪ ،‬فتشغل أو تعطل‬ ‫الشديد تسبب أملا في املستقيم والعينني‬
‫السكري‪ :‬قرابة النصف ستتطور لديهم أذية اجلين� � ��ات التي تؤث� � ��ر في مس� � ��ارات األلم‪.‬‬ ‫والفك السفلي وتنش� � ��أ أيضا عن زيادة‬
‫باألعص� � ��اب أو اعتالل عصبي‪ ،‬ولكن األذى وفضال عن ذلك‪ ،‬فإن خط� � ��ورة األلم املزمن‬ ‫نش� � ��اط القن� � ��اة ‪ Nav1.7‬الطافرة‪ .‬واألمر‬
‫تزداد مع العمر ليس فقط بس� � ��بب االهتراء‬ ‫منهم‪.‬‬ ‫ثالثة‬ ‫في‬ ‫فقط‬ ‫�تمرا‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫أملا‬ ‫سيسبب‬ ‫احلاس� � ��م أن >‪ .G‬وودز< و>‪ .J‬كوك� � ��س <‪،‬‬
‫فما هي العوامل الت� � ��ي جتعل بعض الناس والتم���زق ‪ wear and tear‬ولكن من احملتمل‬ ‫وكالهما م� � ��ن جامعة كامبريدج‪ ،‬قد ّبينا‬
‫س� � ��ريعي التأثر واآلخرين يصمدون؟ فهذا أيضا بس� � ��بب أن قدرة اجلسم على إصالح‬
‫السؤال لم تتم اإلجابة عنه متاما حتى اآلن‪ ،‬األذى ‪ -‬مب� � ��ا في ذلك تلف األعصاب ‪ -‬تقل‬
‫في ع� � ��ام ‪ 2006‬أن الطف� � ��رات في القناة‬
‫غير أن األبحاث تش� � ��ير إل� � ��ى ثالثة مؤثرات عندما نتقدم في العمر‪.‬‬ ‫‪ Nav1.7‬التي مح� � ��ت وظيفتها قد أزالت‬
‫رئيسة يبدو أنها تعمل في تناغم‪:‬‬ ‫كل إحساس باأللم‪ ،‬فأوجدت حالة نادرة‬
‫الش����خصية ‪ :Personality‬بعض الصفات‬ ‫وخطرة غالبا ما تؤدي إلى الوفاة نتيجة‬
‫البني���ة الوراثي���ة ‪ :Hardwiring‬اجلينات الشخصية حترف ‪ skew‬اخلطر‪ .‬فاملتشائمون‬
‫األذي� � ��ات التي ال يش� � ��عر به� � ��ا املريض‪.‬‬
‫تساعد على تعيني مدى حساسية واحتمال وكثي� � ��رو القل� � ��ق وأولئ� � ��ك الذي� � ��ن يتوقعون‬
‫الفرد لأللم‪ ،‬وبعضها يرجح كفة امليزان نحو الك����وارث ‪( catastrophizers‬مثل ش� � ��خصية‬ ‫ومعا‪ ،‬فإن هذه االكتشافات في احلاالت‬
‫قابلي� � ��ة غير معتادة لأللم املزمن‪ .‬وأحد أكبر «دبي داونر»(‪ )1‬في عرض ليلة الس� � ��بت على‬ ‫اجليني� � ��ة غير العادية أكدت أهمية القناة‬
‫العوامل اجلينية هو النوع‪ ،‬فمن األرجح أن اله� � ��واء) هم أكثر عرضة للمعاناة‪ .‬والدارات‬ ‫‪ Nav1.7‬في إحساس األلم لدى البشر‪.‬‬
‫الكهربائية الدماغية ‪ brain circuitry‬املتورطة‬ ‫لدى‬ ‫منه‬ ‫أكثر‬ ‫النساء‬ ‫لدى‬ ‫املزمن‬ ‫األلم‬ ‫يتطور‬ ‫لقد حترى >واكسمان< أمراضا جينية‬
‫في التحفي� � ��ز واملكافأة يبدو أيضا أنها تؤثر‬ ‫الرجال بامتداد مسار العمر‪.‬‬
‫نادرة ألنها‪ ،‬بحسب قوله‪ ،‬قد تكون مفيدة كـ‬
‫التجارب ‪ :Experience‬التوتر واإلصابات في القابلية لأللم‪.‬‬ ‫«مؤشرات ملسارات مرضية قد تكون أكثر‬
‫ش� � ��يوعا‪ ».‬وفي عام ‪ ،2012‬قام مع معاونيه‬
‫في هولندا بهذه الوثبة نحو حالة أكثر شيوعا‪ .‬فاعتالل األعصاب ‪ ،Nav1.8‬ومع أنه من املبكر جدا أن نقول متى ميكن أن يتاح عالج‬
‫قصيرة األلياف املتعدد هو وسم عام يستخدم لوصف تلف يصيب جديد لتخفيف األل� � ��م‪ ،‬فإن العديد منها يتم اختباره على املرضى‬
‫األعصاب التي حتس األلم في األطراف‪ ،‬األيدي أو األقدام غالبا‪ .‬حالي� � ��ا‪ ،‬كما أبلغنا >‪ .N‬كاس� � ��يل< [من الش� � ��ركة ‪ ،Neusentis‬وهي‬
‫ونح� � ��و نصف عدد املرضى الذين ش� � ��خصت لديه� � ��م هذه احلالة وحدة أبحاث الشركة ‪ Pfizer‬لأللم واالعتالالت احلسية في ديرهام‬
‫كان لديهم س� � ��بب محدد لتلف األعصاب ميك� � ��ن تعرفه‪ ،‬مثل داء بكارولينا الش� � ��مالية]‪ .‬وخالفا لألدوي� � ��ة القدمية مثل الليدوكائني‪،‬‬
‫الس� � ��كري‪ ،‬أما في النصف اآلخر‪ ،‬فإن سبب األلم يبقى غامضا‪ .‬فإن هذه اجلزيئات اجلديدة ال تس� � ��تهدف املس���ام ‪ pores‬الرئيسة‬
‫وقد فحص >واكس� � ��مان< ومعاونوه الهولندي� � ��ون الدنا ‪ DNA‬من لقن� � ��وات الصوديوم التي هي متطابق� � ��ة تقريبا من نوع فرعي إلى‬
‫املرضى الذين ليست لديهم أس� � ��باب محددة ووجدوا طفرات في آخر‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬فإنها تعمل على منطقة من القناة تستش� � ��عر‬
‫اجلينات التي تخص القناة ‪ Nav1.7‬في قرابة ‪ %3‬منهم‪ ،‬وحتورات فرق الڤلطية وتختلف من قن� � ��اة إلى أخرى مما يعطيها مزيدا من‬
‫طفرات في القناة ‪ Nav1.8‬في ‪ %9‬و طفرات في القناة ‪ Nav1.9‬في اخلصوصي� � ��ة ويفت� � ��رض أن يجعلها أكثر أمان� � ��ا‪ .‬وفي عام ‪2003‬‬
‫‪ %3‬آخرين‪ .‬وقد وجدت مجموعة >واكس� � ��مان< أيضا أن البش� � ��ر سجلت مجموعة >كاسيل< اكتشاف مادة كيماوية تصيب انتقائيا‬
‫املصابني باأللم املزمن نتيجة لتلف األعصاب العصبية لديهم عدد مستش���عرات فرق الڤلطية (اجلهد الكهرب���ي) للقناة ‪.)2(Nav1.7‬‬
‫ومثل تلك اجلزيئات‪ ،‬كما يقول >كاسيل<‪« ،‬لها انتقائية عالية جدا‪،‬‬ ‫مرتفع من القنوات ‪ Nav1.7‬في األعصاب التي تضررت‪.‬‬
‫)٭( ?‪WHY ME‬‬ ‫وكانت تل� � ��ك املعطيات كافية لش� � ��ركات ال� � ��دواء لتتبع قنوات‬
‫(‪ )1‬ش� � ��خصية كوميدية؛ وفي عرض على الهواء تثير الضحك لش� � ��دة توقعها للكوارث‬
‫وتسبب اإلحباط لآلخرين‪.‬‬
‫الصوديوم احلس� � ��ية النوعية بجدية‪ .‬ولس� � ��نوات عديدة استمرت‬
‫(‪the Nav 1.7 voltage sensors )2‬‬ ‫الش� � ��ركة ‪ Pfizer‬بتطوير أدوية تس� � ��تهدف القن� � ��اة ‪ Nav1.7‬والقناة‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪22‬‬


‫ألم‪ ،‬يساء تفسيره‬
‫(٭٭)‬ ‫ولذا ال تؤثر في وظيفة القلب أو العضالت» ‪ -‬على األقل ليس في‬
‫االختبارات املبكرة‪.‬‬
‫معظم البش� � ��ر الذي� � ��ن لديهم ألم عصبي يعانون س� � ��ماته الثالث‬
‫وفي أثناء ذلك‪ ،‬فإن فريقا في جامعة ديوك كان يس� � ��تهدف‬
‫املميزة‪ :‬فرط اإلحس� � ��اس باملؤثرات املؤملة؛ ألم عفوي يضرب من‬
‫أيض� � ��ا القن� � ��اة ‪ Nav1.7‬ولكنه� � ��م كان� � ��وا يفعل� � ��ون ذلك بضد‬
‫حي� � ��ث ال نعلم؛ فرط اإلحس���اس باألل���م ‪ ،allodynia‬وهي جتعل‬
‫‪ - antibody‬ج� � ��زيء مس� � ��تمد من اجلملة املناعية‪ .‬وبحس� � ��ب‬
‫املريض يحس باأللم نتيجة للمس� � ��ة غير مؤذية‪( .‬فرط اإلحساس‬
‫دراس� � ��ة نشرت في الشهر ‪ ،2014/6‬فإن الضد يخفف كال من‬
‫باأللم يجعل انطالق املاء من الدش يحس وكأنه تعذيب للس� � ��يدة‬
‫األلم االلتهابي والعصبي في الفئران‪ ،‬كما يخفف من احلكة‪،‬‬
‫>بون� � ��د<)‪ .‬وبينما س� � ��اعدت األبحاث في قن� � ��وات األيونات على‬
‫األمر الذي يجعل تلك املقاربة ثالثية املفعول في مجال الراحة‪.‬‬
‫تفس� � ��ير فرط اإلحساس‪ ،‬أوضح مسار آخر للتحري كيف ينشأ‬
‫والباحثون أثناء استكشافهم قدرة مكونات معينة في السموم‬
‫فرط اإلحساس باأللم‪ .‬ففي احلالة الطبيعية تنتقل إشارات األلم‬
‫للعمل على القناة ‪ Nav1.7‬قد حالفهم بعض احلظ أيضا [انظر‬
‫واإلش� � ��ارات غير املؤملة بامتداد مسارات منفصلة من األعصاب‬
‫اإلطار في الصفحة ‪.]24‬‬
‫في اجللد إلى احلبل الشوكي ومن ثم إلى األعلى للدماغ‪ ،‬ولكن‬
‫في حالة فرط اإلحساس باأللم فإن اإلشارات تتقاطع في احلبل‬
‫إحماء‬
‫(٭)‬

‫الشوكي‪ :‬العصبونات التي تستشعر اللمس تفعل مسار األلم‪.‬‬


‫وبشكل أساسي‪ ،‬أمكن تعرف كيفية حدوث اخلطأ من قبل‬ ‫وليس� � ��ت قنـــ� � ��وات الصـودي� � ��وم وحــدها هي نقط� � ��ة الهــدف‪.‬‬
‫باحث� �ي��ن في اليابان ومن قبل مجموعتني من كندا واحدة بقيادة‬ ‫فهناك قناة أيونية أخرى تس� � ��مى القناة املس���تقبلة العابرة‬
‫فعل بدرجات احلرارة‬ ‫للجه���د ‪ (TRPV1) V1‬تشتهر بأنها ُت َّ‬
‫(‪)1‬‬
‫>‪ .E‬دي كونينك< [من معهد الصحة النفسية في جامعة كيبيك]‬
‫وأخرى بقيادة >‪ .M‬سالتر< [من مستشفى األطفال املرضى في‬ ‫الس� � ��اخنة وبالكاپساس�ي�ن ‪ ،capsaicin‬وهي املادة الكيماوية‬
‫تورونتو]‪ .‬ففي دراس� � ��ات أجريت على احليوان وجد الباحثون‬ ‫التي تعطي الش� � ��عور احلارق عند تناول الفلفل احلار‪ ،‬ويكاد‬
‫أنه اس� � ��تجابة لتلف العصب‪ ،‬فإن اخلالي� � ��ا الدبقية الصغيرة‪،‬‬ ‫يقتص� � ��ر وجودها على اخلاليا التي حت� � ��س باأللم‪ .‬ومنذ أن‬
‫خاليا اجلملة العصبية املناعية التي تش� � ��به الباكمان(‪ ،)2‬حترر‬ ‫اكتشف >‪ .D‬جوليوس< وزمالؤه في جامعة كاليفورنيا بسان‬
‫إش� � ��ارة تؤدي إل� � ��ى أن تخت� � ��زل عصبونات احلبل الش� � ��وكي‬ ‫فرانسيس� � ��كو‪ ،‬جني القن� � ��اة ‪ TRPV1‬اخلاص عام ‪ ،1997‬فقد‬
‫مجموعته� � ��ا التامة من جزيئات ناقلة للحديد تس� � ��مى ‪KCC2‬‬ ‫أخذت الباحثني احلم ّية في تعقب أثر اجلزيئات التي ميكنها‬
‫(‪ KC‬تعني كلوريد البوتاس���يوم ‪ .)potassium chloride‬ويعمل‬ ‫إسكات إشارات األلم عن طريق إغالق هذه القناة‪.‬‬
‫هذا الناقل على احلفاظ على التوازن الدقيق أليونات الكلورين‬ ‫«صارت القن� � ��اة ‪ TRPV1‬في حد ذاتها هدفا واعدا (ولكنه‬
‫داخل اخلاليا وخارجها‪ .‬وحتت الظروف الطبيعية‪ ،‬فإن اخلاليا‬ ‫مخ� � ��ادع إلى حد بعيد) طوال تلك امل� � ��دة‪ »،‬كما تقول >پورتر<‬

‫العصبية الصغيرة في احلبل الش� � ��وكي التي تس� � ��مى ما بني‬ ‫[من املعاهد الوطنية الصحية األمريكية )‪ .](NIH‬فاحلاصرات‬
‫العصبون���ات ‪ interneurons‬تنظم االتصاالت ما بني مس� � ��ارات‬ ‫الباك� � ��رة التي أقفلت تلك القناة كانت لها آثار ال ميكن التحكم‬
‫اإلحس� � ��اس املؤلم واإلحس� � ��اس غير املؤلم‪ .‬إنها متنع إحساس‬ ‫فيها‪ ،‬مثل ارتفاع حرارة اجلس� � ��م وعدم اإلحساس باحلرارة‬
‫اللمس العادي من أن يسبب أملا‪ ،‬لكنها تسمح للحركة النظامية‬ ‫التي قد تسبب حروقا‪ .‬وهذه القناة التي تستشعر األحماض‬
‫املتكررة امللطفة كالتمس���يد(‪ )3‬ب� � ��أن تخفف األلم مؤقتا‪ .‬وعندما‬ ‫وس� � ��موم العناكب واملواد التي تسبب االلتهاب قد ظهر حديثا‬
‫تفقد عصبونات احلبل الش� � ��وكي اجلزيئ� � ��ات ‪ ،KCC2‬فإن هذه‬ ‫أنها مكان دمج معقد لإلش� � ��ارات احلسية‪« .‬والدواء األمثل ال‬
‫االتصاالت تصير منحرفة ‪ goes awry‬وقد يثير اللمس الرقيق‬ ‫يشوش على قدرة قلب ‪ core‬القناة على اإلحساس باحلرارة‪»،‬‬
‫أملا‪ .‬وتوصل الباحثون إلى نظرية أنه إذا أمكن استعادة منسوب‬ ‫كما يقول >جوليوس<‪ ،‬بل يتعني عليه فقط أن يهدئ قناة مفرطة‬
‫اجلزيئات ‪ ،KCC2‬فإن اإلشارات غير املناسبة قد تتوقف‪.‬‬ ‫في النشاط‪.‬‬
‫وفي الش� � ��هر ‪ 2013/11‬قدم >دي كونينك< وزمالؤه تقريرا‬ ‫وق� � ��د أخذ فريق >جوليوس< خطوة إلى األمام في الش� � ��هر‬
‫باكتش� � ��اف مركب يدعم نقل الكلوريد خالل اجلزيئات ‪.KCC2‬‬ ‫‪ 2013/12‬عندم� � ��ا نش� � ��روا أول صور عالية الدق� � ��ة لبنية القناة‬
‫)٭( ‪HEATING UP‬‬ ‫‪ TRPV1‬في حاالتها املختلفة‪ .‬وهذه املعلومة البد أن تس� � ��اعد‬
‫)٭٭( ‪PAIN, MISINTERPRETED‬‬
‫(‪the transient receptor potential channel V1 )1‬‬ ‫الباحثني على تصور طريقة ما لس� � ��د القناة فقط عندما تتخذ‬
‫(‪ )2‬لعبة ڤيديو فيها كريات أكولة تبتلع كل ما يصادفها‪.‬‬
‫سمد ويعني ألهى عن (املعجم الوسيط)‪.‬‬
‫)‪ = soothing (3‬التسميد‪ :‬من الفعل ّ‬ ‫هيئتها التي ينشأ عنها األلم‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫املزيد من األفكار للعالج‬
‫ُم ِّ‬
‫سكنات األلم‪ :‬إن سم املئينية الصينية ذات‬
‫الرأس األحمر يحتوي على مركب يستطيع أن يخدر‬ ‫استخدام اللدغة في إزالة األلم‬
‫(٭)‬

‫األعصاب دون أن يسبب أذية لبقية اجلسم‪.‬‬


‫السم بدائل لألدوية‬
‫قد تقدم جزيئات ُّ‬
‫األفيونية التي تسبب اإلدمان‪.‬‬
‫استنزاف املئينية للبحث عن العنصر الغامض‪.‬‬
‫وس� � ��م األفعى هو أيضا مص� � ��در للحاصرات االنتقائية‬
‫للقن� � ��وات‪ .‬فقد قام� � ��ت >‪ .A‬بارون< [صيدالنية في معه� � ��د علم األدوية‬ ‫عندما يستنزف >‪ .G‬كينگ< املئين ّية(‪ ،centipedes )1‬فإنه ال يسعى‬
‫اجلزيئية واخللوية في فرنس� � ��ا] بعزل جزيئني اثنني ُيس ِّكنان األلم من‬ ‫إلى غذاء‪ ،‬إنه يستنزف سمها‪ ،‬وهي ليست باملهمة البسيطة‪« .‬إننا نُثبتها‬
‫س� � ��م أفعى املامبا الس����وداء ‪« ،black mamba‬ونحن تقريبا جاهزون‬ ‫بأربطة مرنة ونحضر زوجا من املالقط الكهربية إلى كالبيها ‪pincers‬‬
‫إلجراء جتربة س� � ��ريرية‪ ،‬وقد أجرينا الكثير من اختبارات احليوانات‬ ‫ويطلق ڤلطية (جهدا كهربائيا) معينة فتقوم بإطالق سمها‪ »،‬كما يقول‬
‫على القوارض لتقييم سميتهما‪ »،‬كما تقول >بارون<‪ .‬واملامباجلينات‬ ‫>كينگ< [كيميائي حيوي من جامعة كوينزالند في أستراليا]‪.‬‬
‫‪ ،mambalgins‬كما تسمى اجلزيئات‪ ،‬تسد مجموعة معينة من القنوات‬ ‫وامليكرولترات من الس� � ��ائل قد حتمل مفاتيح ملجموعة جديدة من‬
‫األيونية التي تستشعر األحماض في خاليا األعصاب الطرفية والتي‪،‬‬ ‫األدوية امللطفة لأللم‪ .‬فالس� � ��موم هي مخزن طبيعي جلزيئات مخدرة‬
‫كما في قنوات الصوديوم‪ ،‬تساعد اخلاليا على إرسال إشارات األلم‪.‬‬ ‫لألعصاب‪ ،‬ومع ‪ 400‬نوع مختلف من السم في مختبره‪ ،‬فإن >كينگ<‬

‫وحلسن احلظ‪ ،‬فإن املامباجلينات ليس لها أي تأثير في معظم القنوات‬ ‫تعرف مس� � ��كنات األلم في لسعة‬ ‫يقف في الصفوف األمامية جلهود ّ‬
‫األيونية األخرى‪ ،‬األمر الذي قد يفس� � ��ر ملاذا ل� � ��م َي ْحدث لدى الفئران‬ ‫املئينيات والعناكب والقواقع وغيرها من الوحوش ‪ beasts‬السامة‪.‬‬
‫أي عرض جانبي واضح‪.‬‬ ‫التي حقنت بتلك املركبات ُّ‬ ‫ومازالت شركات األدوية الكبيرة تناضل لتصنيع بدائل ملسكنات‬
‫إن االس� � ��تهداف املتقن الدقيق للخاليا العصبية ليس هو الغاية‬ ‫األلم التي تس� � ��بب اإلدمان مثل املورفني ولكنها عانت مشكالت لعمل‬
‫الوحيدة ألبحاث الس� � ��موم‪ ،‬بحسب قول >‪ .D‬كريك< [كيميائي حيوي‬ ‫جزيئات تستقر على األعصاب املعينة التي حتتاج إلى أن تستهدفها‪.‬‬
‫ف� � ��ي كوينزالند]‪ .‬فإذا ما ابتلعنا جزيئات الس� � ��م كحبوب لأللم‪ ،‬فإنها‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فالسموم قد تطورت بشكل طبيعي‪ ،‬بحيث حتتوي جزيئات‬
‫حتتاج إلى أن تقاوم االنحالل بسبب اجلملة الهضمية‪ .‬وفي عام ‪2004‬‬ ‫لها على ه� � ��ذا القدر من اخلصوصية‪ .‬وفي احليوانات املخبرية‪ ،‬فإن‬
‫أقرت إدارة الغذاء والدواء األمريكية ُمس ِّكنا لأللم يسمى زيكونوتيد‬ ‫هذه اجلزيئات تخدر األعصاب دون أن تؤذي باقي اجلسم‪ .‬واألهداف‬
‫‪ ziconotide‬يعتم� � ��د على جزيء معزول من قوقع مخروطي س� � ��ام هو‬ ‫التي يس� � ��تهدفها الباحثون تس� � ��مى قنوات أيونات الصوديوم ذات‬
‫‪ .Conus victoriae‬ولكن ه� � ��ذا الدواء لم يتحمل تقلصات املعدة‪ ،‬لهذا‬ ‫البوابة احلساس���ة لف���رق الڤلطية (اجلهد الكهرب���ي)(‪ )2‬التي تكون‬
‫كان م� � ��ن الضروري أن يحقن بالضخ ببطء في املرضى‪ ،‬وهي عملية‬ ‫شائعة لدى اخلاليا العصبية املستشعرة لأللم‪ .‬إن سد نوع معني من‬
‫مرهقة‪« ،‬لم تكن مبيعات زيكونوتيد كبيرة‪ »،‬بحسب قول >كينگ<‪.‬‬ ‫القنوات‪ ,‬يعرف بالقناة ‪ ,Nav1.7‬مينع اخللية من مترير رسالة ألم إلى‬
‫لقد بدأ >كريك< بإعادة هندسة ُمس ِّكنات األلم املستمدة من سموم‬ ‫أجزاء أخرى من اجلسم‪ ،‬كما سبقت مناقشته في املقالة املرافقة‪.‬‬
‫القوقع املخروطي‪ .‬وتعتمد اس� � ��تراتيجيته على حتويل اجلزيئات التي‬ ‫وهناك مكونات س� � ��م معينة لها متاما الشكل والنشاط الكيميائي‬
‫هي طبيعيا سالس� � ��ل من األحماض األميني� � ��ة إلى حلقات‪ .‬فاحللقات‬ ‫لتغل� � ��ق بإحكام جزءا من القناة يس� � ��مى مستش���عر الڤلطية (اجلهد‬
‫ه� � ��ي هياكل أكث� � ��ر ثباتا بكثير ‪ -‬إنزميات ‪ enzymes‬في اجلس� � ��م ال‬ ‫الكهرب���ي) ‪ ,voltage sensor‬وهذا الفعل بدوره يقفل القناة‪ .‬وفي عام‬
‫تقص النهاي� � ��ات‪ .‬لقد قام بج� � ��دل النهايات مع بعضها‬ ‫تس� � ��تطيع أن َّ‬ ‫‪ 2013‬تعرف >كينگ< جزيئا س� � � ّ�م ّيا يدعى ‪ m-SLPTX-Ssm6a‬بدا أنه‬
‫وأعط� � ��ى جرعات من احللق� � ��ات للجرذان عبر الف� � ��م‪ .‬واملركبات التي‬ ‫واحد من أكث� � ��ر مثبطات القناة ‪ Nav1.7‬انتقائي� � ��ة على اإلطالق‪ .‬لقد‬
‫أطلق عليها ‪ cVc1.1‬اتضح أنها أكثر فعالية ‪ 100‬مرة عن الگباپنتني‬ ‫وجدها في سم املئينية الصينية ذات الرأس األحمر (‪Scolopendra‬‬
‫‪ ،gabapentin‬وهو عالج شائع أللم األعصاب‪ .‬وفي وقت مبكر من عام‬ ‫‪ ،)subspinipes mutilans‬والتي ميكنها أن تنمو حتى ‪ 20‬سنتيمتر ًا في‬
‫‪ ،2014‬وفي اجتم� � ��اع اجلمعية األمريكية الكيميائية في داالس بوالية‬ ‫الطول ولها زوج من املخالب الش� � ��ديدة التي تشبه الكماشة‪« .‬إذا ما‬
‫تكساس‪ ،‬كشف النقاب عن خمسة سموم حلقية الشكل إضافية من‬ ‫ظفرت بك‪ ،‬فإنها ستؤذيك‪ »،‬بحسب قول >كينگ<‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن لهذه‬
‫سم القوقع املخروطي أظهرت ثباتا في الدراسات املبكرة‪.‬‬ ‫اجلزيئات تأثيرا معاكس� � ��ا متاما في الفئران املتأذية؛ حيث إنها في‬
‫ومع عش� � ��رات اآلالف من األصناف الس� � ��امة ف� � ��ي العالم‪ ،‬يعتقد‬ ‫التجارب قد اعترضت س� � ��بيل األلم أفضل من املورفني‪ .‬غير أنها لم‬
‫الباحثون أنها فقط مس� � ��ألة وقت حت� � ��ى يعثروا على مركب قادر على‬ ‫تكن لها آثار غير مرغوب بها على ضغط الدم أو معدل ضربات القلب‬
‫إصابة هدف� � ��ه الصحيح‪ ،‬وكذلك قوي البنية وميك� � ��ن إنتاجه بكميات‬ ‫أو الوظيفة احلركية؛ مما يدل على أنها لم تكن تثبط اجلملة العصبية‬
‫وافرة‪« .‬رمبا نحن نعرف واحدا في املئة فقط من املنتجات التي توجد‬ ‫املركزية‪ ،‬كما قد تفعل املخدرات األفيونية مثل املورفني‪.‬‬
‫في تلك السموم‪ »،‬بحسب قول >بارون<‪.‬‬ ‫أنتج فريق >كينگ< نسخة اصطناعية ملعرفة ما إذا كان اجلزيء‬
‫>‪ .M‬پيپلو< كاتب علمي يقيم في لندن‪.‬‬ ‫من املمكن إنتاجه كدواء‪ .‬ولكن من أجل إفزاع الباحثني‪ ،‬فإن النسخة‬
‫لم تعمل كذلك‪ .‬فقد تش� � ��كك >كينگ< في أن التحضيرة األصلية التي‬
‫‪Taking the Sting Out of Pain‬‬ ‫)٭(‬
‫(‪ )1‬احلريش؛ أم أربع وأربعني‪.‬‬ ‫صنعوه� � ��ا من اجل� � ��زيء ‪ m-SLPTX-Ssm6a‬احت� � ��وت فعال على آثار‬
‫‪voltage-gated sodium ion channels‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫‪ traces‬م� � ��ن عنصر فعال آخر‪ ،‬وهو يعمل اآلن على جولة إضافية من‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪24‬‬


‫الصرع يستخدم أحيانا لعالج األلم‪ .‬ومع‬ ‫وهذا الدواء يستعيد توازن أيونات الكلوريد يعتقد معظم الباحثني‬
‫ذلك‪ ،‬فإن إحدى األس� � ��ر الت� � ��ي لديها هذه‬ ‫والوظيفة الكهربية ف� � ��ي عصبونات احلبل‬
‫أن مستقبل الدواء‬ ‫الش� � ��وكي‪ .‬وفضال عن ذل� � ��ك‪ ،‬فإنه يخفف‬
‫احلالة كانت لديها طفرة معينة (هناك أمناط‬
‫عديدة) تسببت في إحداث استجابة جيدة‬ ‫طابع‬ ‫له‬ ‫سيكون‬ ‫عالمات األل� � ��م العصبي في اجلرذان‪ .‬وقد‬
‫لهذا الدواء‪ .‬وبدراس� � ��ة التركيب اجلزيئي‬ ‫شخصي‪ .‬وفي مجال‬ ‫كان معزز اجلزيئ� � ��ات ‪ KCC2‬آمنا وخاليا‬
‫من اآلثار اجلانبية في احليوانات حتى مع التعامل مع األلم املزمن‪ ،‬ووظيفة القناة الطافرة لدى األس� � ��رة‪ ،‬متكن‬
‫>واكس� � ��مان< و>ديب‪-‬حاج< من فهم كيف‬ ‫اجلرعات املرتفعة‪.‬‬
‫فإن هذا املستقبل‬ ‫وم� � ��ع أن العم� � ��ل مت إج� � ��راؤه حتى اآلن‬
‫ه ّدأ الكارباميزابني من فرط نشاط القناة‪،‬‬
‫وبع� � ��د ذلك متكنا من التنب� � ��ؤ بدقة من أنه‬ ‫األفق‪.‬‬ ‫في‬ ‫يلوح‬ ‫بدأ‬ ‫على احليوانات‪ ،‬فإن جوانب معينة من ناقل‬
‫اجلزيئ� � ��ات ‪ KCC2‬جتع� � ��ل من� � ��ه هدفا جيدا فالعالج‪ ،‬حتى في أفضل س� � ��يكون فع� � ��اال أيضا مع طف� � ��رة مختلفة‬
‫بصورة اس� � ��تثنائية للمعاجلات في البشر‪ .‬املراكز الطبية‪ ،‬مييل إلى قلي� �ل��ا‪ .‬وهذه االكتش� � ��افات مثي� � ��رة‪ ،‬كما‬
‫يقول >واكس� � ��مان<‪ ،‬ألنه� � ��ا ترجح أن بناء‬ ‫وخالفا لألدوية األخ� � ��رى التي تثبط قنوات‬
‫األيون� � ��ات باجلملة‪ ،‬فإن عام� � ��ل تعزيز النقل االعتماد إلى حد بعيد‪،‬‬
‫العالج على أس� � ��اس البنية اجلينية للفرد‬
‫«ليس أمرا غي� � ��ر واقعي» ملرضى احمرار‬ ‫ه� � ��ذا ميكنه ‪ -‬على س� � ��بيل املثال ‪ -‬أن يؤثر على التجربة واخلطأ‪.‬‬
‫األط� � ��راف املؤلم الوراث� � ��ي وألولئك الذين‬ ‫فقط في اخلاليا الت� � ��ي بها هذا اخللل‪ ،‬كما‬
‫يق� � ��ول >دي كونين� � ��ك<‪ .‬أما اخلاليا التي به� � ��ا اجلزيئات ‪ KCC2‬يعانون حاالت من األلم أكثر شيوعا‪.‬‬
‫وبالنسبة إلى >‪ .J‬بوند<‪ ،‬فإن األعراض لديها توقفت فجأة‬ ‫فعالة‪ ،‬فس� � ��وف تس� � ��تمر بالعمل كاملعتاد‪ ،‬ولن يفرط الدواء في‬
‫حتفيز نشاطها‪ .‬وتشير التجارب إلى أنه عوضا عن تغيير كيفية قبل والدة طفل ذكر صحيح قبل املوعد ببضعة أسابيع‪ .‬وعلى‬
‫تص� � ��رف اجلزيئات ‪ ،KCC2‬فإن الدواء يوجه املزيد من الناقالت نح� � ��و غير متوقع‪ ،‬فإن ُحق� � ��ن الس���تيروئيدات ‪ steriods‬التي‬
‫إلى س� � ��طح اخللية‪ .‬وإن فه� � ��م املزيد عن كيفية عمل موجه حركة أعطيت بهدف مساعدة رئتي اجلنني على النضوج عملت مثل‬
‫املرور ذاك؛ سيكون حاسما لتطوير مسكنات ألم آمنة وفعالة‪ .‬التي كان لها مفعول السحر بالنسبة إلى أمه‪« .‬لقد استيقظت‬
‫في منتصف الليل‪ ،‬ولم تؤملني قدماي ‪ -‬وهو ما لم يحدث ملدة‬
‫تزيد على س� � ��تة ش� � ��هور‪ »،‬كما تذكر >بوند<‪ .‬ولم يستطع أحد‬
‫(٭)‬
‫إضفاء الطابع الشخصي على عالج األلم‬
‫قط مبثل‬ ‫يعتقد معظم الباحثني أن مس� � ��تقبل الدواء س� � ��يكون له طابع أن يفسر ملاذا‪ .‬لقد عاودتها األعراض ولكنها لم تكن ّ‬
‫وقفت‬
‫ُ‬ ‫ش� � ��خصي‪ ،‬مبعنى أن جينات الفرد وحساس� � ��يته الشخصية الشدة السابقة نفس� � ��ها التي عانتها أثناء احلمل‪« .‬إذا‬
‫للدواء س� � ��تعني أفضل مس� � ��ار للعالج وأكثر الس� � ��بل ضمانا على قدمي ملدة طويلة‪ ،‬فسيكون لهذا مردود مباشر‪ :‬سأعاني‬
‫ملن� � ��ع املرض‪ .‬وفي مجال التعامل مع األل� � ��م املزمن‪ ،‬فإن هذا األلم‪ ،‬ولكنني س� � ��أتدبر األمر‪ ،‬م� � ��ن دون أن أتعاطى أي دواء‪،‬‬
‫املس� � ��تقبل بدأ يل� � ��وح في األفق‪« .‬نحن ن� � ��ود أن نكون قادرين وهذا أمر مدهش‪ .‬كم أحب لو أنني شفيت‪ »،‬كما تذكر >بوند<‪.‬‬
‫عل� � ��ى أن نروي ما اخلط� � ��أ الذي حدث م� � ��ع كل مريض على وكذلك‪ ،‬فإن الباحثني في مج� � ��ال األلم يحبون أيضا أن يأتوا‬
‫‪‬‬ ‫حدة‪ ،‬ثم نقول ‘حس� � ��نا‪ ،‬أنت حتصل على ه� � ��ذا الدواء بينما بالشفاء لـ>بوند< وملاليني كثيرة مثلها‪.‬‬
‫أنت حتصل على ذلك ال� � ��دواء اآلخر’‪ »،‬كما يقول >‪ .D‬بينيت<‬
‫)٭( ‪PERSONALIZED PAIN TREATMENT‬‬
‫[عالم األعصاب في جامعة أكس� � ��فورد]‪ .‬إال أن العالج حتى‬
‫مراجع لالستزادة‬
‫في أفضل مراكز عالج األلم إملاما به مييل إلى االعتماد‪ ،‬إلى‬
‫‪Black Mamba Venom Peptides Target Acid-Sensing Ion Channels to Abolish Pain. Sylvie‬‬ ‫حد بعيد‪ ،‬على التجربة واخلطأ‪.‬‬
‫‪Diochot et al. in Nature, Vol. 490, pages 552–555; October 25, 2012.‬‬
‫‪Discovery of a Selective Nav1.7 Inhibitor from Centipede Venom with Analgesic Efficacy‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فاملرضى الذين لديهم طفرات نادرة في القنوات‬
‫‪Exceeding Morphine in Rodent Pain Models. Shilong Yang in Proceedings of the National‬‬
‫‪Academy of Sciences USA, Vol. 110, No. 43, pages 17,534–17,539; October 22, 2013.‬‬ ‫‪ Nav‬يس� � ��اعدون اآلن عل� � ��ى إظهار كيفية جع� � ��ل عالج األلم ذا‬
‫‪Pain Vulnerability: A Neurobiological Perspective. Franziska Denk, Stephen B. ­McMahon and‬‬
‫‪Irene Tracey in Nature Neuroscience, V‬‬‫‪ ol. 17, pages 192–200; February 2014. ‬‬
‫طابع ش� � ��خصي‪ .‬وعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬فإن معظم البشر الذين‬
‫‪Regulating Excitability of Peripheral Afferents: Emerging Ion Channel Targets. Stephen G.‬‬
‫‪Waxman and Gerald W. Zamponi in Nature Neuroscience, Vol. 17, pages 153–163; February 2014.‬‬
‫يعان� � ��ون أملا به حارق� � ��ا في األطراف نتيجة احم���رار األطراف‬
‫املؤلم بس� � ��بب طف� � ��رة وراثية في القناة ‪ Nav1.7‬ال يس� � ��اعدهم‬
‫‪Scientific American, December 2014‬‬
‫دواء الكارباميزاب�ي�ن ‪ ،carbamazepine‬وهو دواء لعالج نوبات‬

‫‪25‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬ ‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫منشأ الديناصورات الشرسة‬


‫(التيرانوصورات)‬
‫()‬

‫تضع مستحاثات جديدة الديناصور الشرس >‪ .T‬ريكس< في مكانه التصنيفي املناسب‪.‬‬
‫>‪ .S‬بروساتي<‬

‫شجرة نسب فصيلة الديناصور الشرس‪ :‬كيانزهاوصوروس‬ ‫ف� � ��ي يوم صيف قائظ من ع� � ��ام ‪ ،2010‬كان عامل بناء يقوم‬
‫سينينس���يس(‪ .)3‬ونظرا لصعوبة نطق هذا االس� � ��م الرس� � ��مي‬ ‫بحفر أساس لبناء في مدينة جانزهو ‪ Ganzhou‬الواقعة جنوب‬
‫أحيان� � ��ا‪ ،‬فقد س� � ��ميناه اس� � ��ما س� � ��اخرا «پينوكي���و ريكس»‬ ‫ش� � ��رق الصني فاصطدمت حفارته بشيء صلب‪ ،‬فترجل ليرى‬
‫‪ Pinocchio rex‬إشارة إلى خطمه(‪ )4‬الطويل املميز‪.‬‬ ‫ما هو‪ ،‬متوقعا األس� � ��وأ رمبا طبقة صخرية يصعب اختراقها‪،‬‬
‫ويعتب� � ��ر الزاح� � ��ف كيانزهاوصوروس جزءا من سلس� � ��لة‬ ‫أو أنبوب ماء رئيس� � ��ي قدمي أو أية معضل� � ��ة أخرى قد تؤخر‬
‫مكتشفات جديدة من الديناصورات الشرسة (التيرانوصورات)‬ ‫بناء منطق� � ��ة صناعية مترامية األطراف كان يتس� � ��ابق طاقمه‬
‫على مدى السنوات العش� � ��ر املاضية‪ ،‬التي غ ّيرت فهمنا لهذه‬ ‫إلى إجنازها‪ .‬بيد أنه بعد انقش� � ��اع التراب والدخان تبني أن‬
‫املجموعة‪ .‬فمنذ اكتشاف الديناصور الشرس >‪ .T‬ريكس< منذ‬ ‫املسبب كان مختلفا متاما عما توقعه‪ :‬إنها عظام‪ ،‬الكثير منها‪،‬‬
‫أكثر من قرن‪ ،‬اس� � ��تأثر هذا احليوان الضخ���م (البهيمة)(‪،)5‬‬ ‫وبعضها ضخم‪.‬‬
‫الذي يبل� � ��غ طوله ‪ 13‬مترا ووزنه ‪ 5‬أطنان‪ ،‬بتس� � ��ليط األضواء‬ ‫وف� � ��ي ذلك اليوم‪ ،‬توقف العمل في البناء ألنه اتضح أن تلك‬
‫عليه‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬اس� � ��تعصى تاريخ� � ��ه التطوري على الباحثني‪.‬‬ ‫العظام كانت متثل اكتشافا مهما‪ .‬فقد عثر العامل على هيكل‬
‫وخالل القرن العشرين‪ ،‬اكتشف العلماء عددا قليال من أقرباء‬ ‫عظم� � ��ي كامل تقريبا لنوع ديناص� � ��ور جديد وغريب من أقرباء‬
‫الديناصور الش� � ��رس >‪ .T‬ريكس< والتي كانت أحجامها أيضا‬ ‫الزاحف الش� � ��رس >‪ .T‬ريكس<(‪ .)1‬وبعد س� � ��نوات قليلة تلقيت‬
‫كبيرة بش� � ��كل ملحوظ‪ ،‬وأدركوا أن >‪ .T‬ريكس< لم يكن مجرد‬ ‫دعوة من زمالئي الصينيني للمس� � ��اعدة على دراس� � ��ة العينة‪،‬‬
‫حالة شاذة‪ :‬فقد كونت هذه املفترسات الضخمة فرعا خاصا‬ ‫وفي الشهر ‪ 2014/5‬اكتشفنا أنها متثل أحدث نوع يضاف إلى‬
‫بها ضمن شجرة نسب الديناصورات‪ .‬وقد سعى العلماء إلى‬
‫وعم تطورت وكيف‬ ‫فهم متى نش� � ��أت الديناصورات الشرسة‪ّ ،‬‬ ‫باختصار‬
‫كانت تنمو إلى أحجام كبيرة جدا وتصل إلى قمة السلس� � ��لة‬
‫كان علم���اء األحافير (املس���تحاثات) على دراية بأمور‬
‫الغذائية‪ ،‬ولكن هذه األسئلة بقيت بال إجابة حتى اآلن‪.‬‬ ‫كثيرة تتعلق بالزاحف الش� � ��رس >‪ .T‬ريكس< وزواحف ضارية‬
‫وعلى مدار اخلمس عش� � ��رة سنة املاضية اكتشف الباحثون‬ ‫أخرى عمالقة لعدة عق� � ��ود‪ ،‬غير أنهم بقوا عاجزين عن معرفة‬
‫نح� � ��و ‪ 20‬نوعا جديدا م� � ��ن أنواع الديناصورات الشرس� � ��ة في‬ ‫متى نش� � ��أت ه� � ��ذه الديناصورات ومن أين تط� � ��ورت نظرا لقلة‬
‫مواق� � ��ع مختلفة م� � ��ن العالم‪ ،‬مبا ف� � ��ي ذلك صح� � ��اري منغوليا‬ ‫األحافير املناسبة لإلجابة عن هذه األسئلة‪.‬‬
‫واملس� � ��تنقعات املتجم� � ��دة في الدائ� � ��رة القطبية الش� � ��مالية‪ .‬وقد‬ ‫ولكن اكتشاف أحافير حديثة أسهم إلى حد بعيد في سد‬
‫أسهمت تلك املكتشفات في إمكانية جمع شجرة أنساب فصيلة‬ ‫تلك الثغرات في طريقة فهم العلماء لهذه املجموعة املتميزة‪.‬‬
‫الديناصورات الشرسة‪ ،‬وكانت النتيجة مدهشة للغاية؛ إذ تبني‬ ‫وق� � ��د بين���ت تل���ك املكتش���فات أن اجل� � ��ذور(‪ )2‬التطورية‬
‫للديناص� � ��ورات الشرس� � ��ة كانت باألح� � ��رى متواضعة احلجم‬
‫‪RISE OF THE TYRANNOSAURS‬‬ ‫)(‬
‫(‪ = Tyrannosaurus rex )1‬تيرانوصوروس ريكس‪.‬‬ ‫وموغلة في القدم‪.‬‬
‫(‪ )2‬أو‪ :‬األسالف‪.‬‬ ‫زد على ذلك‪ ،‬أن هذه املجموعة تضم تشكيلة كبيرة من‬
‫(‪Qianzhousaurus sinensis )3‬‬
‫(‪ )4‬اخلطم‪ :‬أنف احليوان‪.‬‬ ‫األن� � ��واع أكثر مما كان يتوقعه اخلبراء‪ ،‬مبا في ذلك أنواع ذات‬
‫باألصل مشتقة من كلمة بهيمة أو بهيموث املوجودة في‬ ‫(‪ :behemoth )5‬حيوان ضخم‪،‬‬ ‫خصائص تشريحية مدهشة حقا‪.‬‬
‫(التحرير)‬ ‫الديانات السماوية الثالث وتعني احليوان أو بهيمة األنعام‪.‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪26‬‬


‫تدافع الزواحف الشرسة ديلونگ ‪ Dilong‬صغيرة‬
‫احلجم عن فريستها ضد اللص املفترض يوتيرانوس‬
‫‪ ،Yutyrannus‬وهو ديناصور شرس آخر في غابة‬
‫قدمية في الصني منذ ‪ 125‬مليون سنة خلت‪.‬‬

‫األكادميية األمريكي� � ��ة للفنون والعلوم‪ ،‬وجنما من جنوم غالف‬ ‫أن الديناصورات الشرسة كانت أصال حيوانات محدودة العدد‬
‫املجل���ة ‪ .Time Magazine‬وقد اس� � ��تغل منب� � ��ره املعتبر للترويج‬ ‫من آكالت اللحوم وحجمها بحجم اإلنس� � ��ان في معظم تاريخها‬
‫ألفكار تعصبية حول حتس� �ي��ن النس� � ��ل والتف� � ��وق العنصري‪،‬‬ ‫التطوري‪ ،‬ولكنه� � ��ا بلغت أحجاما ضخم� � ��ة وهيمنة بيئية خالل‬
‫ومن ثم فهو غالبا مرفوض في الوقت احلاضر ش� � ��أنه في ذلك‬ ‫العشرين مليون سنة األخيرة من عصر الديناصورات‪ ،‬الذي بدأ‬
‫شأن أي متعصب آخر من متعصبي السنوات املاضية‪ .‬ولكن‬ ‫ما قبل نحو ‪ 250‬مليون س� � ��نة من اآلن‪ ،‬واستمر خالل العصور‬
‫>أوسبورن< كان عالم أحافير ذكي ًا‪ ،‬حتى إنه كان أفضل مدير‬ ‫اجليولوجية الثالثة‪ :‬الترياس���ي ‪ Triassic‬واجلوراسي ‪Jurassic‬‬
‫علم� � ��ي إلدارة األعمال العلمي� � ��ة‪ ،‬وكان أحد أفضل اإلجنازات‬ ‫والطباش���يري ‪ .Cretaceous‬إن أص� � ��ول(‪ )1‬مل� � ��ك الديناصورات‬
‫التي قام بها على اإلطالق هو إرس� � ��ال جامع أحافير(‪ )3‬اسمه‬ ‫الشرس >‪ .T‬ريكس<‪ ،‬وبعيدا عن انتمائه إلى مجموعة احليوانات‬
‫>‪ .B‬براون< إلى الغرب األمريكي بحثا عن ديناصورات‪.‬‬ ‫املفترس� � ��ة العمالق� � ��ة‪ ،‬هي ف� � ��ي واقع األمر أس� �ل��اف متواضعة‬
‫وكان >براون< ش� � ��خصا غريب األط� � ��وار‪ ،‬فقد كان يبحث‬ ‫احلج� � ��م‪ ،‬وكان >‪ .T‬ريك� � ��س< مجرد آخر الناج� �ي��ن من مجموعة‬
‫عن املس� � ��تحاثات في عز الصيف مرتدي� � ��ا معطف فرو طويل‬ ‫مدهشة من الديناصورات الشرسة التي كانت تعيش في جميع‬
‫ويجن� � ��ي أم� � ��واال إضافية من جتسس� � ��ه لصال� � ��ح احلكومات‬ ‫(‪)2‬‬
‫أنح� � ��اء العالم حتى إبان تأثير اصط���دام كويكب ما باألرض‬
‫وشركات النفط‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد كان هذا الرجل يتمتع مبواهب‬ ‫‪ asteroid impact‬قبل ‪ 66‬مليون سنة‪ ،‬األمر الذي أدى إلى انتهاء‬
‫جيدة‪ ،‬ففي عام ‪ 1902‬قدم أحد أش� � ��هر االكتشافات في تاريخ‬ ‫حقبة الديناصورات وبدء عهد الثدييات‪.‬‬
‫علم األحافير‪ :‬وهو ديناصور عمالق الحم(‪ )4‬مت اكتش� � ��افه في‬
‫األراضي الوعرة لوالية مونتانا(‪ )5‬شمال أمريكا‪.‬‬ ‫والدة جنم‬
‫()‬

‫والحق ًا‪ ،‬مت توصيف هذا الديناصور بعد بضع س� � ��نوات‪،‬‬


‫‪A STAR IS BORN‬‬ ‫)(‬
‫أصبحت قصة الكش� � ��ف عن تاريخ فصيلة الديناصورات‬
‫(‪ )1‬أو‪ :‬أسالف‪.‬‬ ‫الشرسة والتي بدأت باكتشاف الديناصور >‪ .T‬ريكس< ممكنة‬
‫(‪ )2‬اصط� � ��دام كويكب ما باألرض؛ فنتج منه غبار كثيف َح َجب الش� � ��مس عن النباتات؛‬
‫فنفقت حيوانات عاشبة والحمة كثيرة وتغيرت نظم بيئية كاملة‪.‬‬ ‫بفض� � ��ل رجل يدعى >‪ .F .H‬أوس� � ��بورن<‪ ،‬وهو أحد أكثر العلماء‬
‫(‪ )3‬أو‪ :‬مستحاثات‪.‬‬ ‫شهرة في الواليات املتحدة أوائل القرن العشرين‪ ،‬وكان رئيس‬
‫(‪ )4‬أو‪ :‬آكل للحوم‪.‬‬
‫(‪ :Montana )5‬والية تقع في شمال الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫املتحف األمريكي للتاريخ الطبيعي في مدينة نيويورك‪ ،‬ورئيس‬

‫‪27‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫()‬
‫بدايات متواضعة‬
‫إن عددا من االكتش� � ��افات احلديثة التي تساعد على سد‬
‫بع� � ��ض الثغرات الكبيرة ف� � ��ي طريق معرفتن� � ��ا للديناصورات‬ ‫املؤلف‬
‫‪Stephen Brusatte‬‬
‫الشرس� � ��ة جاءت من أماك� � ��ن غير متوقعة‪ .‬كما أن اكتش� � ��اف‬ ‫>بروس���اتي< هو عالم أحافير بجامعة إدينبرگ في سكوتالندا‪ .‬وتتمركز أبحاثه حول‬
‫ديناص� � ��ور منوذج� � ��ي يتطلب وجود علم� � ��اء أحافير ال يهابون‬ ‫تش� � ��ريح وتطور الديناص� � ��ورات‪ ،‬وقد ألّف أكثر من ‪ 70‬مقالة تقانية وخمس� � ��ة كتب عن‬
‫الصع� � ��اب وقادرين على احل� � ��ل والترحال إل� � ��ى أماكن نائية‬ ‫الديناص� � ��ورات‪ ،‬ويعم� � ��ل اآلن يعمل «كباحث أحافير مقيم» لتقدمي برنامج الس� � ��ير مع‬
‫الديناصورات في القناة ‪.BBC‬‬
‫م� � ��ن صحاري غرب أمريكا الش� � ��مالية واألرجنتني وجوبي أو‬
‫الصحراء الكبرى متحمل� �ي��ن احلرارة والغبار وخطر الثعابني‬
‫الس� � ��تخراج األحافير من قبورها الصخرية‪ .‬ولكن اكتش� � ��اف‬ ‫س � � � َّماه >أوس� � ��بورن< اس� � ��ما بقي متداوال عب� � ��ر الزمن وهو‪:‬‬
‫الديناصورات اآلن‪ ،‬مبا في ذلك الشرسة منها‪ ،‬بدأ يتحقق في‬ ‫مل� � ��ك الديناص� � ��ورات الش� � ��رس (تيرانوص����وروس ريكس‬
‫جميع أنحاء العالم تقريبا‪ ،‬حتى في املناطق الش� � ��مالية النائية‬ ‫‪ )Tyrannosaurus rex‬أو مل����ك الس����حالي الش����رس(‪tyrant )1‬‬
‫من روسيا‪ ،‬حيث يحتاج علماء األحافير‪ ،‬على عكس ما سبق‪،‬‬ ‫‪ ،lizard king‬واملع� � ��روف اختصارا بـ (>‪ .T‬ريك����س< ‪.)T. rex‬‬
‫إلى التأقلم مع البرد القارس في الشتاء والرطوبة العالية في‬ ‫وكان ذلك نبأ مثيرا وعاجال وأصبح عنوانا رئيسيا في وسائل‬
‫الصيف الذي ينتشر فيه البعوض‪.‬‬ ‫اإلعالم في جميع أنحاء البالد‪ .‬فقد كش� � ��ف >أوس� � ��بورن< و‬
‫وأحد هؤالء العلماء هو >‪ .A‬أڤريانوڤ< [وهو زميل لي من معهد‬ ‫>براون< النقاب عن املفترس األرضي األكبر واألشرس على‬
‫عل� � ��م احليوان في األكادميية الروس� � ��ية للعلوم في مدينة القديس‬ ‫مر العصور‪.‬‬ ‫ّ‬
‫بط� � ��رس(‪ .])2‬فقد أعل� � ��ن فريقه عام ‪ 2010‬عن اكتش� � ��اف مثير في‬ ‫وأصب� � ��ح الديناصور الش� � ��رس >‪ .T‬ريكس< رمز ش� � ��هرة‬
‫منطقة ‪ Krasnoyarsk‬الشاسعة في وسط سيبيريا‪ :‬وهو خليط من‬ ‫الديناصورات وجنما من جنوم معارض األفالم واملتاحف في‬
‫عظ� � ��ام ديناصور صغير من آكالت اللحوم عاش قبل الديناصور‬ ‫العالم‪ .‬ولكن تلك الشهرة كانت تخفي لغزا‪ :‬خالل كامل القرن‬
‫الشرس >‪ .T‬ريكس< ‪ -‬أي قبل نحو ‪ 170‬مليون سنة في منتصف‬ ‫العش� � ��رين تقريبا‪ ،‬كان لدى العلماء فكرة بس� � ��يطة عن كيفية‬
‫العصر اجلوراس� � ��ي ‪ -‬وم� � ��ن احملتمل أن يك� � ��ون حجمه بحجم‬ ‫انس� � ��جام هذا الديناص� � ��ور>‪ .T‬ريكس< مع الصورة األش� � ��مل‬
‫اإلنس� � ��ان تقريبا‪ .‬وقد أطلقوا عليه اس� � ��م كيلس���كوس ‪،Kileskus‬‬ ‫لتطور الديناصورات األخرى‪ .‬فقد كان مخلوقا غريبا‪ ،‬وأكبر‬
‫اس� � ��تنادا إلى كلمة «عظاءة» (أو سحلية) باللغة احمللية‪ .‬وقد تبني‬ ‫بكثير من غيره من الديناصورات املفترسة املعروفة‪ ،‬ومختلفا‬
‫أنه ميثل دليال حاسما على منشأ الديناصورات الشرسة‪.‬‬ ‫عنه� � ��ا اختالفا كبيرا لدرجة أن� � ��ه كان من الصعب وضعه في‬
‫وال يبدو كيلسكوس مثيرا للدهشة عند الوهلة األولى‪ ،‬ألنه‬ ‫سجل فصيلة الديناصورات‪.‬‬
‫بالتأكيد ال يش� � ��به بأي حال من األحوال الديناصور الشرس‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬وعل� � ��ى مدى العقود القليلة الالحقة‪ ،‬اكتش� � ��ف‬
‫>‪ .T‬ريكس<‪ ،‬ولو أن هذا األخير كان معاصرا له في روسيا في‬ ‫علم� � ��اء أحافير آخرون‪ ،‬ع� � ��ددا قليال من أق� � ��ارب الديناصور‬
‫منتصف العصر اجلوراسي‪ ،‬ألمكنه ضرب كيلسكوس ضربة‬ ‫الش� � ��رس >‪ .T‬ريكس< مما كانت قد عاش� � ��ت مع� � ��ه في الوقت‬
‫قاضية وكأنه ذبابة‪ ،‬حتى ولو بذراعيه الصغيرتني الضعيفتني‪.‬‬ ‫نفس� � ��ه تقريبا في بعض املواقع البيئية في أمريكا الش� � ��مالية‬
‫إال أن كيلسكوس يبدي تشابها ال لبس فيه مع آكل حلوم آخر‬ ‫وآسيا في أواخر العصر الطباشيري‪ ،‬أي منذ نحو ‪ 66‬إلى ‪84‬‬
‫صغير احلج� � ��م‪ ،‬وهو گوانلون���گ ‪ ،Guanlong‬الذي عاش في‬ ‫مليون سنة من قبل‪ .‬ومن هذه الديناصورات‪ ،‬نذكر على سبيل‬
‫الصني بعد كيلسكوس بنحو ‪ 10‬ماليني سنة ومت توصيفه عام‬ ‫املثال‪ ،‬جورجوصوروس ‪( Gorgosaurus‬الديناصور املرعب)‬
‫‪ .2006‬وعلى س� � ��بيل املقارنة‪ ،‬كان لكال احليوانني (كيلسكوس‬ ‫وألبرتوص���وروس ‪( Albertosaurus‬ديناصور ألبرتا‪ ،‬نس� � ��بة‬
‫وكوانلونك) عرف عظمي بارز ميتد طول اجلمجمة مبا يش� � ��به‬ ‫إلى مقاطع� � ��ة ألبرتا الكندية) وتاربوص���وروس ‪Tarbosaurus‬‬
‫قصة شعر قبائل املوهاوك(‪ mohawk )3‬في أمريكا الشمالية‪.‬‬ ‫(الديناصور املفزع) ‪ -‬وهي مشابهة متاما للديناصور الشرس‬
‫‪MODEST BEGINNINGS‬‬ ‫)(‬
‫>‪ .T‬ريكس< الذي ميثل ذروة احليوانات املفترسة العمالقة التي‬
‫(‪ )1‬أو‪ :‬ملك السحالي «املستبد أو الطاغية»‪.‬‬ ‫عاشت خالل اجلزء األخير من تاريخ الديناصورات‪ .‬ومع أن‬
‫(‪ )2‬أو‪ :‬سانت بطرسبورغ‪.‬‬
‫(‪ )3‬يق� � ��ص أفراد قبائ� � ��ل املوهاوك في أمريكا ش� � ��عرهم على جانبي ال� � ��رأس ويتركون‬ ‫تلك األحافير مهمة‪ ،‬إال أنها لم تقدم إال النزر اليسير لتسليط‬
‫منتصف الرأس ليشكل ما يشبه العرف أعلى الرأس‪.‬‬
‫الضوء على أصول هذه املجموعة‪.‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪28‬‬


‫ويتمتع الديناصور گوانلونگ‪ ،‬الذي متت دراس� � ��ته من خالل لتنوع كبير قبل ظهور الديناصورين >‪ .T‬ريكس< و تاربوصوروس‬
‫عين� � ��ات أكثر اكتماال بكثير من كيلس� � ��كوس‪ ،‬مبيزات موجودة وأمثالهما بفترة طويلة‪ .‬وبعض األمثلة املدهش� � ��ة على ذلك التنوع‬
‫فقط عند الديناصورات الشرسة‪ ،‬كالتحام العظام األنفية في تأتي من مقاطعة لياونينگ(‪ )2‬شمال شرقي الصني‪.‬‬
‫ومقاطعة لياونينگ تلك‪ ،‬ليس� � ��ت املكان األجمل في العالم‪،‬‬ ‫اخلطم‪ .‬ومتثل هذه املالمح املش� � ��تركة سمات تدل على سلف‬
‫مش� � ��ترك بني هذه األنواع‪ :‬حيث متثل أع� � ��داد الديناصورات ومع أنني نشأت في السهول املضجرة في وسط غرب الواليات‬
‫كيلسكوس و كوانلونك القليلة واملنسية تقريبا املخزون السلفي املتح� � ��دة األمريكي� � ��ة‪ ،‬إال أنني كنت أج� � ��د صعوبة في احلفاظ‬
‫على عيني مفتوحتني أثناء ركوب القطار خالل ثالث س� � ��اعات‬ ‫الذي نشأ عنه الزاحف الضخم >‪ .T‬ريكس<‪.‬‬
‫لقد س� � ��اعد هذان االكتشافان على رسم صورة مذهلة عن ونص� � ��ف‪ ،‬كيلو مترا بعد آخر‪ ،‬في رحلة من بكني باجتاه ريف‬
‫بزوغ فجر الديناصورات الشرس� � ��ة؛ حيث أكدا أن أفراد هذه تاللي يكس� � ��وه س� � ��دمي ضبابي وتتخلله مزارع ومداخن تنفث‬
‫دخانها إلى اجل� � ��و‪ ،‬ولكنها كانت أرضا‬ ‫املجموع� � ��ة لم تبدأ كحيوانات مفترس� � ��ة‬
‫مقدسة للباحثني عن املستحاثات‪.‬‬ ‫إذا لم يكن وصف‬ ‫فائقة الضخامة وواسعة االنتشار‪ ،‬كما‬
‫فق� � ��د جم� � ��ع مزارع� � ��ون م� � ��ن جميع‬ ‫كان يعتقد كثير من الباحثني عندما عثر الديناصور امللكي الشرس‬
‫على أول ديناصور ش� � ��رس‪ ،‬وإمنا بدأت قد أرعبك حتى اآلن‪ ،‬فما أنح� � ��اء تل� � ��ك املنطق� � ��ة آالف الهي� � ��اكل‬
‫العظمي� � ��ة لديناصورات خ� �ل��ال العقدين‬ ‫باألحرى كلواح� � ��م من الدرجة الثانية أو‬
‫املاضيني‪ ،‬حيث طمرت ث� � ��ورات بركانية‬ ‫كطائر‬ ‫تتخيله‬ ‫أن‬ ‫إال‬ ‫عليك‬ ‫الثالثة وكانت تعيش في ظل مفترس� � ��ات‬
‫متعاقب� � ��ة حدث� � ��ت قب� � ��ل نح� � ��و ‪ 130‬إلى‬ ‫أخرى عمالقة تربطها بها عالقات قرابة ضخم ذي براعة وطاقة‬
‫‪ 120‬مليون س� � ��نة تلك املخلوقات س� � ��يئة‬ ‫من اجلحيم‪.‬‬ ‫بعي� � ��دة‪ ،‬مث� � ��ل األلوص���ورات ‪allosaurs‬‬
‫احل� � ��ظ في الرماد والط� �ي��ن محافظة على‬ ‫والسيراتوصورات ‪ .ceratosaurs‬إضافة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬فإن جذور(‪ )1‬الديناصور الش� � ��رس موغلة في القدم بقاياها بتفاصيل دقيقة‪ .‬وم� � ��ن بني الوحوش العديدة التي مت‬
‫أبعد مما كان متوقعا بكثير‪ .‬فقد عاشت الديناصورات الشرسة العث� � ��ور عليها هنا وتعود إلى العصر الطباش���يري بومبيي‬
‫في الوقت الذي كانت فيه الكرة األرضية قارة عظمى واحدة‪ ،Cretaceous Pompeii ،‬جند نوعان من الديناصورات الشرسة‬
‫املثيرة لالهتمام‪ .‬ففي عام ‪ ،2004‬كش� � ��ف زميلي >‪ .X‬كسينك<‬ ‫تسمى پانگيا ‪ Pangea‬غير مقسمة إلى أجزاء متباعدة‪ ،‬ولذلك‬
‫متكنت احليوانات حينئذ من التوزع عبر كتل األرض اليابسة [م� � ��ن معهد عل� � ��م أحافير الفقاري� � ��ات وعلم اإلنس���ان القدمي‬
‫بسهولة نس� � ��بيا‪ .‬وتفس� � ��ر تلك اجلغرافيا غير املقسمة سبب (باليوأنثروبولوجي���ا)(‪ )3‬في بكني] ع� � ��ن أول هذين النوعني‬
‫وصول الديناصورات الشرسة باكرا إلى روسيا والصني منذ وهو الزاحف ديلونگ ‪ Dilong‬الذي كان حجمه تقريبا بحجم‬
‫ذلك احلني‪ ،‬ثم ظهرت بعد ذلك بقليل أنواع أخرى في الواليات كلب صيد الطيور اللقاط الذهبي(‪ ،golden retriever )4‬وكانت‬
‫املتح� � ��دة واململك� � ��ة املتحدة ورمبا أس� � ��تراليا أيضا (علما بأن ل� � ��ه ذراعان طويلتان اللتقاط الفرائس وهيكل عظمي رش� � ��يق‪،‬‬
‫االنتماء التصنيفي لبعض الديناصورات األسترالية املفترسة وساقان طويلتان متكيفتان لسرعة احلركة‪ .‬أما النوع الثاني‪،‬‬
‫ال ي� � ��زال موضع نقاش)‪ .‬وإذا ما أخذن� � ��ا جميع العينات بعني الذي وصفه >كس� � ��ينك< عام ‪ ،2012‬فهو طراز حيواني مختلف‬
‫االعتبار‪ ،‬فإنها تدل على أن األمر اس� � ��تغرق وقتا طويال للغاية جدا‪ُ ،‬س� � � ِّ�مي يوتيران���وس ‪ Yutyrannus‬ويبلغ طوله من ‪ 8‬إلى‬
‫لبلوغ الديناصورات الشرسة ذروة ضراوتها‪ :‬فقد كانت هناك ‪ 9‬أمت� � ��ار ووزنه نحو طن تقريبا‪ ،‬وم� � ��ن احملتمل أنه كان يتربع‬
‫فترة زمنية طويلة تفصل بني أسالف الديناصورات الشرسة على قمة السلسلة الغذائية أو ليس بعيدا منها‪ .‬وقد مت العثور‬
‫والديناصور >‪ .T‬ريكس< (على األقل ‪ 100‬مليون س� � ��نة) وهي على كال النوعني الس� � ��ابقني في التكوينات الصخرية نفسها‪،‬‬
‫فتــرة أطــــول بكثـيــر مــ� � ��ن الفتــرة الفــاصــلة بـني الـدينــاصـور ورمبا يكونان قد عاشا أيضا في احلقبة نفسها منذ نحو ‪125‬‬

‫)( ‪WARM AND FUZZY‬‬


‫>‪ .T‬ريكس< والبشر (‪ 66‬مليون سنة)‪.‬‬
‫(‪ )1‬أو‪ :‬أسالف‪.‬‬
‫(‪Liaoning )2‬‬
‫(‪ :Paleoanthropology )3‬فرع من العلوم املتخصصة بدراسة املستحاثات القدمية بحثا‬ ‫دفء وزغب‬
‫()‬

‫عن أصل اجلنس البشري‪.‬‬


‫(‪ )4‬اللقاط الذهبي (أو املسترد الذهبي)‪ :‬نوع من أنواع الكالب متوسط احلجم اللتقاط‬ ‫ومع أن الديناصورات الشرسة كانت بطيئة في الوصول إلى‬
‫ما يتم صيده في املاء كالطيور املائية أو األلعاب التي يلقيها صاحبه ليقوم الكلب‬ ‫أحجام عمالقة فعليا‪ ،‬إال أن ذلك ال يعني جمود تطورها خالل تلك‬
‫وس � � � ّمي الذهبي نس� � ��بة إلى الل� � ��ون األصفر للوبر الذي‬
‫بالتقاطها وإعادتها إليه‪ُ .‬‬
‫(التحرير)‬ ‫يغطي جسمه‪.‬‬ ‫الفترة‪ .‬إذ تش� � ��ير أدلة متزايدة إلى أن هذه املجموعة قد خضعت‬

‫‪29‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫كيانزهاوصوروس‬ ‫‪6‬‬ ‫نانوكصوروس‬ ‫‪7‬‬ ‫ملك الديناصورات الشرسة (تيرانوصوروس ريكس‪،‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪: Qianzhousaurus‬‬ ‫‪ : Nanuqsaurus‬وهو‬ ‫واملعروف اختصارا بـ >‪ .T‬ريكس< ‪: Tyrannosaurus rex‬‬
‫اسم هذا الديناصور‬ ‫الديناصور الشرس الوحيد‬ ‫امللك الشرس‪ ،‬وهو أحد أكبر احليوانات املفترسة التي مشت‬
‫الشرس «پينوكيو‬ ‫املسجل في أقصى الشمال‪،‬‬ ‫مر العصور‪ ،‬ولم يكن له مثيل‬‫على األرض على ِّ‬
‫ريكس» ‪Pinocchio rex‬‬ ‫ورمبا يكون هذا النوع‬ ‫إال بعض أنواع الديناصورات األخرى التي‬
‫مستوحى من شكل أنفه‬ ‫من أنواع الديناصورات‬ ‫تربطه بها صلة قرابة بعيدة‪.‬‬
‫الطويل (الشبيه مبخروط‬ ‫القطبية الشمالية قد طور‬
‫صنوبري طويل‪ ،‬ومنه‬ ‫حجمه الصغير تأقلما مع‬
‫كلمة پينوكيو املشتقة من‬ ‫ندرة املوارد الغذائية‪.‬‬
‫كلمة صنوبر ‪.)Pin‬‬

‫‪ ...‬إلى قمة احليوانات املفترسة‬

‫اجلغرافية احليوية للديناصورات الشرسة‬


‫يشير التسجيل املتزايد ألعداد مستحاثات الديناصورات الشرسة إلى أن هذه املجموعة كانت منتشرة أكثر مما‬
‫كان يعتقد سابقا‪ ،‬تزامنا مع اكتشافات جديدة في الواليات املتحدة واململكة املتحدة والصني وروسيا ورمبا‬
‫أستراليا‪ .‬فقد كانت الديناصورات الشرسة قادرة على أن تتوزع على نطاق واسع؛ ألنها تطورت في وقت لم تكن‬
‫فيه القارات قد انفصلت متاما عن بعضها بعضا‪ ،‬األمر الذي جعل تنقلها من كتلة قارية إلى أخرى أسهل‪.‬‬

‫‪Dryptosaurus‬‬ ‫درايوپتوصوروس‬
‫‪Appalachiosaurus‬‬ ‫آپاالكيوصوروس‬
‫بيستاهيڤرصور ‪Bistahieversor‬‬

‫جورجوصوروس ‪Gorgosaurus‬‬
‫آلبرتوصوروس‬
‫‪Albertosaurus‬‬

‫كيانزهاوصوروس‬
‫‪Qianzhousaurus‬‬ ‫‪6‬‬
‫آليوراموس آلتاي‬ ‫ما قبل‬
‫‪Alioramus altai‬‬
‫آليوراموس رميوتيس‬ ‫‪70‬‬
‫‪Alioramus remotus‬‬
‫مليون سنة‬
‫‪Teratophoneus‬‬ ‫تيراتوفونيوس‬
‫‪Daspletosaurus‬‬ ‫داسپلوتوصوروس‬
‫نانوكصوروس‬
‫‪Nanuqsaurus 7‬‬
‫تاربوصوروس‬
‫‪Tarbosaurus‬‬
‫‪Tyrannosaurus rex‬‬ ‫تيرانوصوروس ريكس ‪8‬‬
‫أواخر العصر الطباشيري املتأخر‬ ‫انقراض الديناصورات‬
‫‪90‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪30‬‬


‫اكتشافات‬
‫اجلميع في الفصيلة‬
‫()‬

‫خولت سلسلة من االكتشافات األحفورية في السنوات األخيرة ملء شجرة نسب عائلة الديناصور الشرس‪ .‬وقد بينت تلك االكتشافات أن الديناصورات‬
‫الشرسة كانت مجموعة متنوعة بشكل مذهل‪ ،‬ولكنها بطيئة في وصولها إلى األحجام العمالقة التي متيز الزاحف القوي >‪ .T‬ريكس<‪.‬‬

‫كيلسكوس ‪: Kileskus‬‬ ‫‪1‬‬ ‫گوانلونگ‬ ‫‪2‬‬ ‫يوتيرانوس‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ 4‬ديلونگ ‪: Dilong‬‬ ‫إيوتيرانوس‬ ‫‪5‬‬
‫اكتشف في وسط سيبيريا‪،‬‬ ‫‪ : Guanglong‬كان‬ ‫‪ : Yutyrannus‬مت‬ ‫وهو الديناصور الشرس‬ ‫‪ : Eotyrannus‬عثر‬
‫ويعتبر هذا النوع القزم مع‬ ‫يتميز هذا الديناصور‬ ‫العثور على مستحاثات‬ ‫األصغر‪ ،‬وقد بني جسم‬
‫(‪)1‬‬ ‫على مستحاثات من هذا‬
‫الزاحف بروسيراتوصوروس‬ ‫الصيني الشرس بوجود‬ ‫من هذا النوع العمالق‬ ‫هذا النوع الصيني‬
‫النوع طويل األصابع‬
‫من إنكلترا من أقدم أنواع‬ ‫عرف مميز مشابه‬ ‫في الصني‪ ،‬وكانت‬ ‫طويل الساقني للتكيف‬
‫في جزيرة ‪ Wight‬قبالة‬
‫الديناصورات الشرسة‬ ‫لقصة شعر أفراد قبائل‬ ‫مغطاة بالزغب األمر‬ ‫مع اجلري السريع‪.‬‬
‫الساحل اجلنوبي إلنكلترا‪.‬‬
‫جميعا‪.‬‬ ‫املوهاوك‪ ،‬وقد تكون‬ ‫الذي يشير إلى أن‬
‫وظيفته هي جذب اإلناث‬ ‫الديناصورات الشرسة‬
‫وإرعاب املنافسني‪.‬‬ ‫الصغيرة لم تكن‬
‫الهيكل العام‬
‫(‪)2‬‬
‫الوحيدة املغطاة‬
‫بالرياش‪.‬‬

‫من بدايات متواضعة ‪...‬‬


‫‪Kileskus‬‬ ‫كيلسكوس ‪1‬‬
‫پروسيراتوصوروس‬ ‫‪Sinotyrannus‬‬ ‫سينوتيرا ّنوس‬
‫‪Proceratosaurus‬‬
‫گوانلونگ ‪Guanlong 2‬‬
‫‪Yutyrannus‬‬ ‫يوتيرانوس ‪3‬‬
‫ديناصورات شرسة ‪Tyrannosauroidea‬‬
‫‪Dilong‬‬ ‫ديلونگ ‪4‬‬
‫‪Juratyrant‬‬ ‫جوراتيرانت‬
‫‪Eotyrannus‬‬ ‫إيوتيرانوس ‪5‬‬ ‫إكسيونگوانلونگ‬
‫‪Xiongguanlong‬‬

‫آسيا‬
‫أوروبا‬
‫أمريكا الشمالية‬

‫شعبة الديناصورات‬
‫ما قبل‬ ‫ما قبل‬ ‫الشرسة (ديناصورات‬
‫ضخمة شرسة ومفترسة‬
‫‪165‬‬ ‫‪125‬‬ ‫في قمة السلسة الغذائية)‬
‫مليون سنة‬ ‫مليون سنة‬
‫أتاح انقراض اآللوصورات‬
‫والسيراتوصورات الكبيرة‬
‫الفرص َة للديناصورات‬
‫الشرسة كي تصبح أقوى‬
‫احليوانات املفترسة‪.‬‬

‫منتصف العصر اجلوراسي‬ ‫أواخر العصر اجلوراسي‬ ‫بداية العصر الطباشيري‬


‫ما قبل ‪ 170‬مليون سنة‬ ‫‪160‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪100‬‬
‫(‪Proceratosaurus )1‬‬ ‫)( ‪All in the Family‬‬
‫(التحرير)‬ ‫العام للحيوان بعد نفوقه وامتالئه مبواد حاشية كالطني أو املعدن؛ فيعطي املظهر اخلارجي العام للحيوان النافق‪.‬‬ ‫(‪ :Cast )2‬مستحاثة الهيكل‬
‫‪31‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬
‫‪Qianzhousaurus‬‬ ‫تقاسم الزاحف كيانزهاوصوروس‬
‫ذو األنف الطويل‪ ،‬الذي وجد في أحد مواقع البناء في الصني‬
‫عام ‪ ،2010‬النظ َم البيئية مع ديناصورات شرسة أكبر منه حجما‬
‫بكثير‪ ،‬رمبا من خالل قدرته على التسلل ومطاردة فرائس أصغر‪.‬‬

‫‪ 10‬سنتيمترات‬

‫()‬
‫نشوء امللوك‬ ‫مليون س� � ��نة خلت‪ .‬ويتميز كال النوع� �ي��ن بالتحام عظام األنف‬
‫وس� � ��مات أخرى خاصة بالديناصورات الشرسة‪ ،‬األمر الذي‬
‫ُتبني اكتش� � ��افات جديدة من روسيا والصني وأماكن أخرى‬
‫يشير إلى أن هذه الديناصورات قد بدأت بالتشعب باكرا في‬
‫من العالم أن الديناصورات املفترس� � ��ة كانت مزدهرة بش� � ��كل‬
‫العصر الطباش� � ��يري إلى مجموعة من األنواع اجلديدة مؤدية‬
‫جي� � ��د بدءا من منتصف العصر اجلوراس� � ��ي إلى بداية العصر‬ ‫بذلك أدوارا بيئية مختلفة‪ ،‬وأن بعض هذه الديناصورات كان‬
‫الطباش� � ��يري‪ .‬ورمبا لم تعش كحيوان���ات مهيمن���ة(‪ ،)2‬ولكنها‬ ‫يكتسب أحجاما ضخمة‪.‬‬
‫وج� � ��دت الظرف البيئي املناس���ب(‪ )3‬كمجموعة مس� � ��تقرة‪ ،‬غير‬ ‫كما أن اكتش� � ��اف النوعني ديلونگ ويوتيرانوس يعد أمرا مهما‬
‫ملفتة للنظر‪ ،‬من احليوانات املفترس� � ��ة احلذرة والسريعة‪ ،‬ولكن‬ ‫لس� � ��بب آخر‪ ،‬وهو أن علماء األحافي� � ��ر كانوا فيما مضى يعتبرون‬
‫طرأ تغير بع� � ��د ذلك‪ ،‬وهو إعادة هيكلة جذرية خضعت لها نظم‬ ‫الديناصورات زواحف حرشفية ضخمة تتثاقل(‪ )1‬على األرض‪ ،‬إال‬
‫الديناصورات البيئية خالل منتصف العصر الطباش� � ��يري‪ ،‬أي‬ ‫أنهم وجدوا في السنوات األخيرة بعض القرائن التي تدل على أن‬
‫ما بني نحو ‪ 85‬إلى ‪ 110‬ماليني سنة خلت‪ .‬فقد تناقصت أعداد‬ ‫أجسام بعض أنواعها كانت مكسية بجلد ناعم بدال من احلراشف‪،‬‬
‫األلوصورات والسيراتوصورات إلى حد كبير بعد أن شغلت قمة‬ ‫وكانت بشكل عام أكثر حركية وذكاء مما كان يعتقد سابقا‪ .‬وهذا‬
‫الهرم الغذائي لفترة طويلة ثم تولت الديناصورات الشرسة دور‬ ‫يعني‪ ،‬أنها كانت تش� � ��به الطيور أكثر مما تش� � ��به الزواحف‪ .‬ومن‬
‫املفترس في القارات الشمالية‪ .‬ولم يعرف بالضبط سبب حدوث‬ ‫ث� � ��م‪ ،‬فإن الزاحفني ديلون� � ��گ ويوتيرانوس يؤكدان بدون ش� � ��ك أن‬
‫ذل� � ��ك التغير نظرا لندرة األحافير اخلاصة بالديناصورات التي‬ ‫الديناصورات الشرسة تدخل ضمن إطار هذا الوصف‪ .‬فأجسام‬
‫تعود إلى منتصف العصر الطباش� � ��يري‪ .‬ولكن ميكن أن يعزى‬ ‫هذه األنواع مغطاة بزغب ريشي سميك وليس برياش قلمية كتلك‬
‫األمر إلى انق� � ��راض جماعي ناجم عن ارتفاع درجات احلرارة‬ ‫التي تش� � ��كل أجنحة الطيور احلية وإمنا برياش أبس� � ��ط ش� � ��بيهة‬
‫وتذبذب مستوى سطح البحر قبل نحو ‪ 94‬مليون سنة‪.‬‬ ‫بخيوط تش� � ��به الش� � ��عر‪ .‬وعلى عكس الطيور‪ ،‬ف� � ��إن الديناصورات‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فقد وصلت الديناصورات الشرس� � ��ة إلى هناك‪،‬‬ ‫الشرسة لم تكن بالتأكيد حيوانات طائرة‪ ،‬ورمبا كانت وظيفة تلك‬
‫وازده� � ��رت حاملا وصلت إلى قمة السلس� � ��لة الغذائية‪ .‬وخالل‬ ‫الرياش هي التدفئة أو للمظهر فقط‪ .‬إن وجود الريش على جس� � ��م‬
‫العش� � ��رين مليون س� � ��نة األخيرة من العصر الطباشيري في‬ ‫الديناصورات املفترس� � ��ة وأنواع أخرى عديدة من الديناصورات‬
‫أمريكا الش� � ��مالية وآسيا‪ ،‬سادت س� � ��يادة قصوى كحيوانات‬ ‫يزيد من احتم� � ��ال كون جلد الديناصور الضخم >‪ .T‬ريكس< كان‬
‫‪RISE OF THE KINGS‬‬ ‫)(‬ ‫أيضا مكس� � ��يا بالري� � ��ش‪ .‬وإذا لم يكن وص� � ��ف الديناصور امللكي‬
‫(‪ :plodding )1‬تثاقل أو مشي مجهد بسبب حجم كبير أو وزن ثقيل‪.‬‬
‫(‪ :top dogs )2‬تعبير اصطالحي يعني مهيمن ًا أو مسيطر ًا‪.‬‬ ‫الش� � ��رس قد أرعبك حتى اآلن بطريقة ما‪ ،‬فما عليك إال أن تتخيله‬
‫(التحرير)‬ ‫(‪ :niche )3‬الظرف البيئي الذي يالئم مجموعة أفراد فتنمو وتتكاثر‪.‬‬ ‫كطائر ضخم ذي براعة وطاقة من اجلحيم‪.‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪32‬‬


‫الصيني� � ��ة لعل� � ��وم األرض] صورا للعينة ف� � ��ي مؤمتر عقد عام‬ ‫عمالقة مفترسة بجماجم ضخمة وأذرع صغيرة وأوزان ثقيلة‬
‫‪ ،2013‬أدهش� � ��تني جدا تل� � ��ك الصور‪ ،‬فهي كان� � ��ت لديناصور‬ ‫(باألطنان)‪ ،‬وكانت تتميز بقدرة كبيرة على العض بقوة بحيث‬
‫شرس من العصر الطباش� � ��يري يختلف اختالفا صارخا عن‬ ‫تس� � ��حق عظام فرائسها س� � ��حقا‪ .‬كما أنها كانت تنمو بسرعة‬
‫ملك السحالي الشرس >‪ .T‬ريكس<‪ .‬وكان باديا للعيان أنه كان‬ ‫كبيرة حتى إن وزنها كان يزداد بضعة كيلوغرامات في اليوم‬
‫أصغر من� � ��ه حجما‪ ،‬بطول ‪ 8‬إلى ‪ 9‬أمت� � ��ار تقريبا‪ ،‬ووزنه نحو‬ ‫الواحد خالل سنوات املراهقة‪ .‬وكانت تكابد حياة قاسية جدا‬
‫الطن‪ .‬بيد أنه ال ميكن للمرء مصادفة حيوان في زقاق مظلم من‬ ‫لدرجة أن علماء األحافير لم يعثروا بعد على فرد واحد بعمر‬
‫العهد الطباشيري إال أن يكون حيوانا ضاال أو شاردا بالنسبة‬ ‫يزيد على ‪ 30‬سنة عند نفوقه‪.‬‬
‫إلى الديناصور الش� � ��رس >‪ .T‬ريك� � ��س<‪ .‬واألغرب من ذلك‪ ،‬أن‬ ‫وفي الوقت الذي كانت فيه الديناصورات الشرسة الضخمة‬
‫جمجمته كانت مكونة بإتقان‪ ،‬متطاولة ونحيلة‪ ،‬بش� � ��كل يختلف‬ ‫مزدهرة في أمريكا الش� � ��مالية وآس� � ��يا‪ ،‬إال أنها على ما يبدو لم‬
‫عن اجلمجمة العريضة والعضلية القاسية(‪ )3‬ألبناء عمومته‪.‬‬ ‫حتص� � ��ل على موطئ قدم قط في أوروب� � ��ا أو القارات اجلنوبية‪،‬‬
‫وق� � ��د دعاني >لو< إلى مس� � ��اعدته على وص� � ��ف األحفورة‬ ‫حي� � ��ث كان� � ��ت تزدهر هن� � ��اك مجموعات أخرى م� � ��ن احليوانات‬
‫الصينية اجلدي� � ��دة؛ ألنني كنت قد درس� � ��ت منوذجني آخرين‬ ‫الكبيرة املفترس� � ��ة‪ .‬وقد تكون إعادة هيكلة مناخ الكرة األرضية‬
‫مميزين من الديناصورات الشرسة من ذوات اخلطوم الطويلة‬ ‫وتش� � ��كيل القارات أواخر العصر الطباشيري هي السبب وراء‬
‫التي مت اكتش� � ��افها منذ عقود وحيرت العلم� � ��اء لفترة طويلة‪.‬‬ ‫ذل� � ��ك؛ حيث كانت بيئة العالم ف� � ��ي ذلك الوقت مختلفة للغاية عن‬
‫ومت التع� � ��رف عل� � ��ى أول هذين املخلوقني م� � ��ن خالل جزء من‬ ‫البيئ� � ��ة التي تطورت فيها ديناصورات شرس� � ��ة صغيرة احلجم‬
‫هيكل عظمي عثر عليه في سبعينات القرن املاضي في منغوليا‬ ‫في بادئ األمر‪ .‬وبعد ذل� � ��ك تباعدت القارات بعضها عن بعض‬
‫من قبل فريق روس� � ��ي‪ .‬وقد ُس� � � ِّ�مي هذا الن� � ��وع آليوراموس‬ ‫تدريجيا إلى أن وصلت إلى مواقع مش� � ��ابهة لتلك التي تشغلها‬
‫روموت���وس(‪ )4‬مقترحني أنه كان ديناصورا شرس� � ��ا غريبا ذا‬ ‫اليوم؛ زد على ذلك‪ ،‬فإن ارتفاع مستويات مياه البحار قد شطر‬
‫جمجمة متطاولة‪ .‬ولكن‪ ،‬خالل احلرب الباردة استطاع بعض‬ ‫قارة أمريكا الشمالية إلى شطرين وقلصت قارة أوروبا إلى عدد‬
‫علماء األحافير دراس� � ��ة تلك العينة األمر الذي جعلها موضع‬ ‫قليل من اجلزر الصغيرة‪ .‬مبعن� � ��ى آخر‪ ،‬إن الكوكب الذي كان‬
‫ج� � ��دل حتى اآلن فيما ما إذا كان� � ��ت متثل نوعا جديدا أو أنها‬ ‫يعيش عليه الديناصور الشرس >‪ .T‬ريكس< كان كوكبا مقسما‬
‫مجرد ممث� � ��ل فتي ألحد أنواع الديناصورات الشرس� � ��ة التي‬ ‫بشكل كبير‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن األنواع املهيمنة في إحدى املناطق لم‬
‫كان� � ��ت موجودة آنذاك وتنتمي إل� � ��ى النوع تاربوصوروس(‪.)5‬‬ ‫تكن قادرة على غزو مناطق أخرى لس� � ��بب واحد بسيط وهو أنه‬
‫وبع� � ��د بضعة عقود‪ ،‬أي في أوائل القرن الواحد والعش� � ��رين‪،‬‬ ‫ال ميكنها الوصول إليها بسبب التقسيم اجلغرافي الطبيعي‪.‬‬
‫اكتشف فريق مش� � ��ترك أمريكي منغولي بقيادة املشرف على‬
‫أطروحتي للدكتوراه >‪ .M‬نوريل< في املتحف األمريكي للتاريخ‬ ‫تنوع ُم ِص ّر‬
‫()‬

‫الطبيعي‪ ،‬عينة أكثر اكتماال وس� �ل��امة م� � ��ن آليوراموس‪ .‬وفي‬ ‫وف� � ��ي املناطق التي بلغ� � ��ت فيها الديناصورات الشرس� � ��ة‬
‫اليوم األول من بدء دراستي‪ ،‬اصطحبني >نوريل< إلى مختبر‬ ‫العمالق� � ��ة مثل >‪ .T‬ريك� � ��س< ذروة جبروتها‪ ،‬ميك� � ��ن للمرء أن‬
‫اإلع� � ��داد في املتحف‪ ،‬وأراني الهي� � ��كل العظمي وأخبرني ببدء‬ ‫يتوق� � ��ع أن تتفوق تلك الكائنات القوي� � ��ة على أي منط آخر من‬
‫العمل على دراس� � ��ته‪ .‬وفي عام ‪ ،2009‬أعلنا عنه كنوع جديد‪،‬‬ ‫الديناص� � ��ورات األقل شراس� � ��ة‪ ،‬بيد أن أحدث االكتش� � ��افات‬
‫أس� � ��مياه آليوراموس آلتاي(‪ .)6‬وقد ظهر ذلك الهيكل مختلفا‬ ‫األحفورية تش� � ��ير إلى خالف ذلك؛ حيث أظهرت مكتش� � ��فات‬
‫عن الهي� � ��كل العظمي للنوع تاربوص� � ��وروس‪ ،‬ولكن نظرا ألنه‬ ‫جديدة مدهش� � ��ة تنوع� � ��ا غير مفهوم األس� � ��باب للديناصورات‬
‫يعود إلى فرد فت� � ��ي (كما اتضح من البنية الداخلية لعظامه)‪،‬‬ ‫الشرس� � ��ة في أدنى وأعلى مستويات السلسلة الغذائية‪ ،‬حتى‬
‫فإننا لم نستبعد فرضية أن تكون مالمحه التي بدت فريدة هي‬ ‫خ� �ل��ال تلك املاليني القليلة من الس� � ��نوات األخيرة من العصر‬
‫باألحرى نتاج منو غير مكتمل وليس� � ��ت خصائص نوع جديد‪.‬‬ ‫الطباش� � ��يري‪ ،‬عندما كان الديناصور >‪ .T‬ريك� � ��س< وأقرباؤه‬
‫يسيطرون على املنطقة دون منازع‪.‬‬
‫‪PERSISTENT VARIETY‬‬
‫(‪ :Pinocchio )1‬مشتقة من ‪ Pin‬أي الصنوبر‪.‬‬
‫)(‬
‫وأوضح مث� � ��ال على ذلك هو الزاح� � ��ف كيانزهاوصوروس‬
‫(‪ )2‬أو‪ :‬اجليولوجيا‪.‬‬ ‫ذو األن���ف الصنوبري الطوي���ل(‪ ،Pinocchio-nosed )1‬الذي مت‬
‫(‪ :bone-crunching )3‬قاس أو قوي‪.‬‬
‫(‪Alioramus remotus )4‬‬
‫(‪Tarbosaurus )5‬‬
‫العثور عليه في موقع ورش� � ��ة البن� � ��اء الصينية‪ .‬وعندما عرض‬
‫(التحرير)‬ ‫(‪Alioramus altai )6‬‬ ‫علي زميلي >‪ .J‬لو< [من معهد علوم األرض(‪ )2‬التابع لألكادميية‬ ‫َّ‬

‫‪33‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫العصر اجلوراسي أو رمبا بدايته‪ ،‬وهو الوقت الذي ليس لدينا‬ ‫إن مث� � ��ل هذه التناقض� � ��ات أحيانا تغي� � ��ظ الباحثني لعقود‪،‬‬
‫عنه إال بعض املستحاثات في جميع أنحاء العالم؟‬ ‫بانتظار أن يكتشف علماء األحافير مستحاثات جديدة تساعد‬
‫وهل عاشت الديناصورات الشرسة في القارات اجلنوبية‬ ‫على اخلروج من ذلك املأزق‪ .‬أما في حالتنا‪ ،‬وحلسن حظ عامل‬
‫أيضا ما بني منتصف العصر اجلوراسي إلى منتصف العصر‬ ‫احلفارة‪ ،‬فلم يس� � ��تغرق األمر س� � ��وى بضع سنوات‪ .‬حيث كان‬
‫الطباش� � ��يري؟ علما بأنه مت العثور على معظم مستحاثاتها في‬ ‫لهيكل كيانزهاوصوروس املكتش� � ��ف في كانزهو اخلطم الطويل‬
‫القارات الش� � ��مالية‪ ،‬باس� � ��تثناء عظم واحد ملغز عثر عليه في‬ ‫نفسه‪ ،‬وبنية اجلس� � ��م الصغير للزاحف آليوراموس‪ ،‬ولكن كان‬
‫أستراليا‪ .‬ولكننا نعلم أن مجموعات كثيرة من الديناصورات‬ ‫من الواضح أنه يعود إل� � ��ى فرد أكثر نضجا وعمرا‪ .‬وهنا بيت‬
‫كانت منتش� � ��رة على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم في‬ ‫القصيد‪ :‬كانت الديناصورات الشرسة ذات األنف الطويل تشكل‬
‫الفترة ما بني منتصف العصر اجلوراسي إلى منتصف العصر‬ ‫أنواعا متمايزة عاشت في آسيا في نهاية العصر الطباشيري‪،‬‬
‫الطباشيري‪ ،‬وكذلك رمبا كانت الديناصورات الشرسة‪ .‬وثمة‬ ‫ورمبا أدت دور احليوان املفترس من الدرجة الثانية في السلسلة‬
‫أمور أخرى مجهولة أيضا تتعلق بتكوينها احليوي‪ .‬مثال‪ ،‬ما هو‬ ‫الغذائية حتت الزاحف املرعب تاربوصوروس‪.‬‬
‫نوع الرياش الذي كان يغطي أجسام الديناصورات الشرسة‬ ‫ولم يكن كيانزهاوصوروس الديناصور الصغير الشرس الوحيد‬
‫الكبرى مثل >‪ .T‬ريكس<‪ ،‬وألي أغراض كانت تستخدم؟ وكيف‬ ‫الذي كان يتقاس� � ��م كوكب األرض مع حيوانات من الوزن الثقيل‪.‬‬
‫كان يس� � ��تخدم كل من كيانزهاوصوروس وآليوراموس اخلط َم‬ ‫فقبل نحو شهرين من نشرنا وصفا للزاحف كيانزهاوصوروس‪،‬‬
‫الطويل املميز؟‬ ‫قام زميالي األمريكيان >‪ .A‬فيوريلو< و>‪ .R‬تيكوس� � ��كي<‪ ،‬وكالهما‬
‫وعلى الرغم من أن قصة الديناصورات الشرسة غير مكتملة‬ ‫من متحف پ� � ��روت ‪ Perot‬للطبيعة والعلوم في داالس بتكس� � ��اس‪،‬‬
‫حتى اآلن‪ ،‬بيد أنه� � ��ا تؤكد على حقيقة أعمق حول التطور‪ ،‬وهي‬ ‫بالكشف عن أحد أحدث وأغرب ديناصور شرس من ديناصورات‬
‫أنه ال ميكن التنبؤ به‪ .‬فعندما نشأت الديناصورات الشرسة قبل‬ ‫العصر الطباشيري‪ ،‬وذلك في الدائرة القطبية املتجمدة الشمالية‬
‫أكثر من ‪ 170‬مليون س� � ��نة خلت‪ ،‬ل� � ��م يكن مبقدور أحد الظن بأن‬ ‫من أالس� � ��كا‪ ،‬الذي س� � ��مي نانوكصوروس(‪ .)1‬وقد مت تعرف هذا‬
‫هكذا حيوانات مفترسة (أو صيادة)(‪ )5‬صغيرة احلجم ستهيمن‬ ‫الديناصور من خالل عدد قليل من العظام التي بدت مشابهة إلى‬
‫عل� � ��ى قارات بأكملها‪ .‬ولكن لم يكن قدرها النجاح‪ ،‬فقد اضطرت‬ ‫ح� � ��د كبير لنظيراتها من عظام الديناصور الش� � ��رس >‪ .T‬ريكس<‪،‬‬
‫إل� � ��ى التنقل أكثر من ‪ 80‬مليون س� � ��نة والعيش في الظل بانتظار‬ ‫ولك� � ��ن مع فارق واحد بس� � ��يط وهو أن حجمه� � ��ا كان نحو نصف‬
‫حلظة مناس� � ��بة حلدوث تغيرات بيئية أعطتها الفرصة الس� � ��انحة‬ ‫حجم عظامه‪ .‬والتفس� � ��ير الواضح لذلك‪ ،‬هو أن تلك العظام كانت‬
‫لتصبح حيوانات مفترسة مهيمنة‪ .‬وفي أحد األيام‪ ،‬عندما كانت‬ ‫تعود إلى ديناصور شرس صغير السن‪ ،‬ولكن املثير في األمر هو‬
‫الديناصورات الشرس� � ��ة في ذروة تطورها‪ ،‬سقط كويكب ما من‬ ‫أن مفاصل العظام كانت س� � ��ميكة ‪ -‬وهذه اخلاصية ال ُترى عادة‬
‫الس� � ��ماء على األرض وأدى إلى انقراضها‪ .‬ولم ينقذها جبروتها‬ ‫إال عند األفراد البالغ� �ي��ن‪ .‬وقد خطرت على بال كل من >فيوريلو<‬
‫وال حجمه� � ��ا ألن حرائ� � ��ق الغابات أحرقت األخض� � ��ر واليابس‪،‬‬ ‫و >تيكوس� � ��كي< فكرة قد تبدو مستبعدة‪ ،‬ولكنني شخصيا أعتقد‬
‫فانهارت النظم البيئية وبدأت الثدييات مبسيرتها نحو القمة‪> .‬‬ ‫أنها معقولة جدا وهي أن ديناصورات القطب الشمالي كانت ذات‬
‫)( ‪BEYOND THEIR CONTROL‬‬
‫أجس� � ��ام صغيرة ألن موائلها(‪ )2‬هي بيئات فقيرة املوارد الغذائية‬
‫(‪Nanuqsaurus )1‬‬
‫(‪habitats )2‬؛ أو‪ :‬مواطنها؛ بيئاتها‪.‬‬
‫وال ميكن أن تلبي حاجة أنواع كبيرة احلجم من الغذاء‪ .‬وللس� � ��بب‬
‫(‪ :island-dwelling animals )3‬احليوان� � ��ات التي تعيش معزولة في اجلزر وليس� � ��ت لديها‬ ‫نفس� � ��ه‪ ،‬خضعت العديد م� � ��ن احليوانات احلديث���ة املعزولة في‬
‫إال موارد تلك اجلزر‪.‬‬
‫(‪ )4‬أو‪َ :‬ي ْسرح‪.‬‬ ‫جزر(‪ )3‬إلى القزامة‪ .‬وهكذا‪ ،‬في الوقت الذي س� � ��اد فيه الديناصور‬
‫(التحرير)‬ ‫(‪stalkers )5‬‬
‫الش� � ��رس العم� �ل��اق >‪ .T‬ريكس< ف� � ��ي اجلن� � ��وب‪ ،‬كان الديناصور‬
‫الشرس القزم يجوب(‪ )4‬براري الشمال‪.‬‬
‫مراجع لالستزادة‬
‫‪Tyrannosaur Paleobiology: New Research on Ancient Exemplar Organisms. Stephen L.‬‬
‫‪Brusatte et al. in Science, Vol. 329, pages 1481–1485; September 17, 2010.‬‬
‫خارج نطاق سيطرة الديناصورات‬
‫()‬

‫‪A Diminutive New Tyrannosaur from the Top of the World. Anthony R. Fiorillo and Ronald S.‬‬
‫‪Tykoski in PLOS ONE, Vol. 9, No. 3, Article No. e91287; March 12, 2014.‬‬ ‫إن اإلضافات احلديثة إلى شجرة نسب فصيلة الديناصورات‬
‫‪A New Clade of Asian Late Cretaceous Long-Snouted Tyrannosaurids. Junchang Lü et al. in‬‬
‫‪Nature Communications, Vol. 5, Article No. 37898; May 7, 2014.‬‬
‫الشرسة قد أسهمت في توضيح التاريخ التطوري لهذه املجموعة‬
‫املثيرة لالهتمام‪ ،‬ولكن ثمة أس� � ��ئلة أساسية ال تزال بال أجوبة‪:‬‬
‫‪Scientific American, May 2015‬‬ ‫أين نش� � ��أت الديناصورات الشرسة؟ وهل ظهرت قبل منتصف‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪34‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 17‬انقشاع لعنة داء ألزهامير)‬

‫راغبون في املشاركة في االختبار‪> :‬هوگو< البالغ ‪ 40‬عاما (في اليمني)‬


‫و>كوديال< البالغة ‪ 47‬عاما (في األعلى) يتقبالن بسرور االختبار الوقائي‪.‬‬
‫وحتى إذا لم يكن االختبار مفيد ًا لهما‪ ،‬فإنه قد يساعد اجليل القادم من‬
‫عائالتهما الذين يحيط بعضهم بـ>كوديال<‪.‬‬

‫باجتذاب مشاركني لالختبارات السريرية‪ .‬وإضافة إلى ذلك‪،‬‬ ‫أج� � ��ري حتى اآلن خالل الس� � ��نوات الثالثني التي انقضت من‬
‫يبدي أفراد العائلة مي� �ل��ا فطريا إلى العناية باملرضى‪ ،‬خالفا‬ ‫عمر نظرية البروتني النشواني البيتائي(‪ )1‬القائلة إن أجزاء‬
‫ملا هو س� � ��ائد ف� � ��ي الواليات املتحدة وأوروبا حيث تس� � ��ود في‬ ‫س� � ��امة من هذا البروتني هي السبب في التبدالت الباثولوجية‬
‫أغلب احلاالت ممارس� � ��ة الط���ب غير الش���خصاني(‪ .)2‬ويذكر‬ ‫الت� � ��ي حتصل ف� � ��ي داء ألزهامير‪ .‬فإذا لم يب� �ي��ن هذا االختبار‬
‫>هوگ� � ��و< كيف كان يصحب والده في مس� � ��يرات قصيرة على‬ ‫أي فائ� � ��دة لـ>هوگو< و>كوديال< وغيرهم� � ��ا من أفراد العائالت‬
‫امتداد املج ّمع السكني وهو ممسك بيده للتأكد من أنه لن يتوه‬ ‫الست والعشرين ‪ -‬وإذا أخفقت االختبارات الوقائية األخرى‬
‫ويصبح غير قادر على معرفة طريق العودة إلى منزله‪.‬‬ ‫اجلارية اآلن في الواليات املتحدة‪ ،‬فعلى املؤسس� � ��ات البحثية‬
‫إن بنية الشبكة العائلية احلميمة تضمن قيام كل عامل زراعي‪،‬‬ ‫العلمية أن توجه اهتمامها إلى بدائل محتملة لنظرية البروتني‬
‫وغالب� � ��ا برفقة بعض أقربائه‪ ،‬مبراجعة موثوقة للمستش� � ��فى كل‬ ‫النش� � ��واني البيتائي‪ .‬وقد نحتاج إل� � ��ى اختبار عالجات تقاوم‬
‫أس� � ��بوعني ليتناول العقّار املختبر أو ليتعرض لتفاريس دماغية‪.‬‬ ‫إنش� � ��اء بروتينات سامة أخرى غير النش� � ��واني البيتائي‪ ،‬وقد‬
‫واللعن� � ��ة التي جلبها الفاحتون اإلس� � ��بان قد تنقلب وتصبح نعمة‬ ‫نبحث أيضا عن عوام� � ��ل كيميائية تقي العصبونات أو ندرس‬
‫مقن ّع� � ��ة بتحقيقه� � ��ا تقدما طبيا محوريا يس� � ��تفيد منه املاليني في‬ ‫موضوع العمليات الكيميائية الكائنة خلف التهاب الدماغ‪.‬‬
‫>‬ ‫روع‪.‬‬ ‫العالم ممن ُكتب عليهم اإلصابة بداء ُم ِّ‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن البنية التحتية التي مت إنش� � ��اؤها في مدلني‬
‫(‪beta-amyloid hypothesis )1‬‬ ‫م� � ��ن أجل تنفيذ اختبار الكرينيزوم� � ��اب التزال صاحلة خلدمة‬
‫(‪the depersonalized medicine )2‬‬
‫هدفه� � ��ا األصلي عن طريق اختبار مقاربات جديدة للوقاية من‬
‫مراجع لالستزادة‬
‫ال� � ��داء‪ .‬وإن القدرة على التنب� � ��ؤ مبوعد حصول الداء عند أحد‬
‫‪Phoenix: Vision of Shared Prevention Trials Lures Pharma to Table, Part 1. Gabrielle Stro­bel‬‬ ‫احلاملني للطفرة پيس� � ��ا يعد مكسبا ثمينا للباحثني عند إجراء‬
‫‪in Alzforum. Published online February 25, 2010. www.alzforum.org/news/conference-‬‬
‫‪coverage/phoenix-vision-shared-prevention-trials-lures-pharma-table‬‬ ‫االختبارات الس� � ��ريرية املقبلة‪ .‬وتع� � ��د مدلني اآلن مركزا عامليا‬
‫‪Alzheimer’s Prevention Initiative: A Plan to Accelerate the Evaluation of Pre­symptomatic‬‬
‫‪Treatments. Eric M. Reiman et al. in Journal of Alzheimer’s Disease, V‬‬
‫‪ ol. 26, Supplement No.‬‬ ‫رئيس� � ��يا للبحث في داء ألزهامي� � ��ر ‪ -‬ومقرا محتمال الختراق‬
‫‪3, pages 321–329; October 2011.‬‬
‫‪Origin of the PSEN1 E280A Mutation Causing Early-Onset Alzheimer’s Disease. Matthew A.‬‬
‫مهم ‪ -‬وقد يستمر وضعها كذلك لسنوات عديدة‪.‬‬
‫‪Lalli et al. in Alzheimer’s & Dementia, V‬‬
‫‪pages S277–S283; October 2014.‬‬
‫‪ ol. 10, No. 5, Supplement,‬‬ ‫وق� � ��د تكون املدينة قادرة على حتمل عبء العائالت الوافدة‬
‫إليها ألن البني� � ��ة االجتماعية لهذه العائالت – وحقيقة إصابة‬
‫‪Scientific American, May 2015‬‬ ‫اآلباء واألج� � ��داد واألعم� � ��ام والعمات باخلرف – ستس� � ��تمر‬

‫‪35‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬ ‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫‪2015‬‬ ‫يوليو‪ /‬أغسطس‬

‫()‬
‫الغراء الذي يربط مكوناتنا معا‬
‫منذ عقود‪ ،‬عرف الفيزيائيون أن اجلسيمات املس ّماة گليونات  هي التي حتافظ‬
‫(‪)1‬‬

‫على البروتونات والنترونات صحيحة ‪ -‬ومن ث ََّم ُتبقي الكون متماسكا بعضه‬
‫ببعض‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تبقى تفاصيل أداء الگليونات لعملها غامضة غموضا مذهال‪.‬‬
‫>‪ .Th‬أورليخ< ‪ .R> -‬ڤينوجوپاالن<‬ ‫>‪ .R‬إنت< ‪-‬‬

‫يستطيع الفيزيائيون‪ ،‬لسوء حظهم‪ ،‬تفسير كيف تولد الكواركات‬ ‫اعتقد اإلغريق القدامى أن الذرات هي أصغر مكونات املادة‬
‫والگليونات الطيف الواسع من خصائص وسلوكيات البروتونات‬ ‫في الكون‪ .‬ولكن في القرن العشرين متكن العلماء من فلق الذرة‪،‬‬
‫والنترونات وس� � ��ائر الهادرونات األخرى تفسيرا كامال‪ .‬فعلى‬ ‫منتجني مكونات أصغر‪ :‬بروتونات ‪ protons‬ونترونات ‪neutrons‬‬
‫س� � ��بيل املثال‪ ،‬إن مجموع كتل الك� � ��واركات والگليونات داخل‬ ‫وإلكترونات ‪ .electrons‬وبعد ذلك تبني أن البروتونات والنترونات‬
‫البروتونات ال يكفي إلعطاء كتلة البروتونات الكلية؛ مما يشكل‬ ‫بدورها تتألف من جسيمات أصغر عرفت بالكواركات ‪،quarks‬‬
‫لغزا حول منش� � ��أ هذه الكتلة املفقودة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ,‬فنحن‬ ‫املرتبطة بعضها ببعض بواس� � ��طة جس� � ��يمات «الصقة»‪ ،‬س ّميت‬
‫نعجب لكيفية عمل الگليون� � ��ات بالضبط في ربطها للكواركات‬ ‫على نحو مالئم‪ ،‬گليونات(‪ .)1‬وهذه اجلسيمات‪ ،‬كما نعرفها في‬
‫في املقام األول‪ ،‬ثم ملاذا يعتمد هذا الربط‪ ،‬كما يبدو‪ ،‬على نوع‬ ‫الوقت الراهن‪ ،‬هي جس� � ��يمات أساسية حقيقةً؛ ولكن حتى هذا‬
‫خاص من الشحنات اللونية للكواركات‪ .‬أيضا‪ ،‬فنحن ال ندرك‬ ‫التصور‪ ،‬فقد تبني أنه غير مكتمل‪.‬‬
‫كيف ينش� � ��أ دوران البروتون ‪ -‬وهو كمية قابلة للقياس تسمى‬ ‫وكشفت الطرائق التجريبية التي تنظر في أعماق البروتونات‬
‫سپين ًا ‪ - spin‬من سپينات الكواركات والگليونات داخله‪ ،‬حيث‬ ‫والنترونات عن أوركس� � ��ترا س� � ��مفونية مخب� � ��أة فيها متاما؛ إذ‬
‫يكمن اللغز في أن إضافة سپينات املكونات الصغيرة بعضها‬ ‫يتكون كل جس� � ��يم منها من ثالثة كواركات وأعداد متغيرة من‬
‫إلى بعض ببساطة ال تعطي قيمة سپني الكل‪.‬‬ ‫الگليونات‪ ،‬إضافة إلى ما يس� � ��مى بحر ًا من الك���واركات(‪- )2‬‬
‫وعندم� � ��ا يتمكن الفيزيائيون من اإلجابة عن هذه األس� � ��ئلة‪،‬‬ ‫التي هي أزواج من الكواركات يصاحبها ش� � ��ركاؤها من املادة‬
‫نكون قد بدأنا باستيعاب كيف تعمل املادة في أدنى مستوياتها‬ ‫املض���ادة(‪ ،)3‬ه� � ��ي الك� � ��واركات املضادة‪ ،‬الت� � ��ي تظهر وتختفي‬
‫األساسية‪ .‬فالتعرف على األلغاز الرئيسة احمليطة بالكواركات‬ ‫باستمرار‪ .‬وليست البروتونات والنترونات اجلسيمات الوحيدة‬
‫والگليونات‪ ،‬التي س� � ��نتناولها بالتفصيل أدناه‪ ،‬ميثل بحد ذاته‬ ‫املكون� � ��ة م� � ��ن الكواركات ف� � ��ي الكون‪ ,‬فقد اس� � ��تحدثت جتارب‬
‫اخلطوة األولى لتفسير فيزياء املادة في أدق مستوياتها‪ .‬وينبغي‬ ‫املس� � ��رعات خالل نصف القرن املنصرم حشدا من جسيمات‬
‫‪THE GLUE THAT BINDS US‬‬ ‫)(‬
‫أخرى حتتوي على كواركات وكواركات مضادة تس� � ��مى معا‪،‬‬
‫‪Glue‬‬ ‫(‪ )1‬الگليونات مفردها گليون وهي كلمة ُمع َّربة منحوتة عن أصلها اإلنكليزي گلو‬ ‫إضافة إلى البروتونات والنترونات‪ ،‬هادرونات ‪.hadrons‬‬
‫ومعناها الغراء أو الصمغ‪.‬‬ ‫وعل� � ��ى الرغم م� � ��ن هذا التعمق كله ‪ -‬م� � ��ع فهم جيد لكيفية‬
‫(‪sea quarks )2‬‬
‫(‪antimatter )3‬‬ ‫تفاعل الكواركات والگليون� � ��ات فرادى بعضها مع بعض ‪ -‬ال‬
‫باختصار‬
‫في كتلة البروتون� � ��ات والنترونات في الذرات‪ ،‬أو كيف تعطي هذه‬ ‫إن امل���ادة الت� � ��ي تك� � � ّ�ون عاملنا مصنوعة بش� � ��كل أساس� � ��ي‬
‫اجلس� � ��يمات س� � ��پيناتها‪ .‬ويبدو أن للكواركات والگليونات شحنة‬ ‫من جس� � ��يمات تدع� � ��ى ك���واركات ‪ quarks‬يرتب� � ��ط بعضها ببعض‬
‫«لونية» غريبة‪ ،‬مع أن البروتونات والنترونات ال متتلك أي لون‪.‬‬ ‫بجسيمات غروية‪ ،‬املسماة تسمية مناسبة گليونات ‪ .gluons‬وقام‬
‫ويحت� � ��اج الفيزيائي� � ��ون إلى مس� � ��اعدة جت���ارب مس���تقبلية‬ ‫الفيزيائيون بخطوات واس� � ��عة لفهم عم� � ��ل الكواركات والگليونات‪،‬‬
‫تكشف النقاب عن تفاصيل دقيقة لقوالب بناء املادة بغية فهم تآثر‬ ‫لكنه بقيت بضعة ألغاز محيرة حتتاج إلى حل‪.‬‬
‫الكواركات والگليونات فهما أفضل‪.‬‬ ‫فمن غير الواضح مثال كيف تس� � ��هم الكواركات والگليونات‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪36‬‬


‫أيضا تضع لنا الگليونات‬ ‫للبح� � ��وث اجلارية واملس� � ��تقبلية‪ ،‬مبا فيها الدراس� � ��ات املتعلقة‬
‫عقبات أمام حلنا للغز‪.‬‬ ‫بالتراتيب(‪ configurations )1‬املثيرة للكواركات والگليونات‪ ،‬أن‬
‫تساعد على حل هذه األلغاز‪ .‬ومع بعض احلظ سنتمكن قريبا‬
‫كيف تقوم الگليونات‬ ‫من اختراق الضباب‪.‬‬
‫()‬
‫بالربط؟‬
‫وفق أحد مس� � ��تويات‬ ‫من أين نشأت كتلة البروتون؟‬
‫()‬

‫التعقيد‪ ،‬تبدو اإلجابة عن‬ ‫ميثل لغز الكتلة أحد أكثر األسئلة صعوبة التي تغيظ الفيزيائيني‬
‫الس� � ��ؤال املتعل� � ��ق بكيفية‬ ‫ويعلل س� � ��بب العمل على الك� � ��واركات والگليونات احملير‪ .‬ونحن‬
‫ربط الگليونات سهلة‪ :‬إنها‬ ‫منتلك تصورا جيدا حول منش� � ��أ كتلة الك� � ��واركات واللپتونات ‪-‬‬
‫حتسن اس� � ��تعمال القوة‬ ‫وهي صنف من اجلسيمات تشمل اإللكترونات‪ .‬فكتلتها تنشأ عن‬
‫النووية الش� � ��ديدة‪ .‬إال أن‬ ‫آلية بوزون هيگز ‪ - Higgs boson‬اجلس� � ��يم الذي حظي اكتشافه‬
‫هذه القوة ذاتها محيرة‪.‬‬ ‫في مصادم الهادرونات الكبي���ر )‪ )2((LHC‬في املختبر األوروبي‬
‫فالق� � ��وة النووية الش� � ��ديدة هي إحدى أربع قوى رئيس� � ��ية‬ ‫للبح� � ��وث النووية ‪ CERN‬بإثارة إعالمي� � ��ة عام ‪ - 2012‬وعن حقل‬
‫موجودة في الطبيعة‪ ،‬إضافة إلى اجلاذبية والكهرومغنطيسية‬ ‫هيگز ‪ Higgs field‬املصاحب له الذي يعم الفضاء كله‪ .‬فعند مرور‬
‫والق� � ��وة النووية الضعيفة (والقوة األخيرة هي املس� � ��ؤولة عن‬ ‫اجلس� � ��يمات عبر هذا احلقل متنحها تآثراته� � ��ا الكتلة‪ .‬وغالبا ما‬
‫التحلل(‪ )4‬اإلش� � ��عاعي)‪ .‬ومن بني هذه القوى األربع هي القوة‬ ‫يقال إن آلية هيگز هي املسؤولة عن تفسير منشأ الكتلة في الكون‬
‫األقوى (ومن هنا كانت تس� � ��ميتها)‪ .‬وإضافة إلى كونها القوة‬ ‫املرئ� � ��ي‪ .‬إال أن ه� � ��ذا القول غير صحي� � ��ح؛ إذ إن كتل الكواركات‬
‫املس� � ��ؤولة عن ربط الكواركات مع� � ��ا لتكوين الهادرونات‪ ،‬فهي‬ ‫تسهم فقط بـ ‪ %2‬من كتلة البروتون والنترون على التوالي‪ .‬ونرى‬
‫القوة املسؤولة عن ربط البروتونات والنترونات معا في النوى‬ ‫أن منشأ النس� � ��بة املتبقية من الكتلة‪ ،%98 ،‬يعود بالدرجة األولى‬
‫الذرية متغلبة على قوة التنافر الكهرومغنطيس� � ��ية الهائلة بني‬ ‫إلى فعل الگليونات‪ .‬لكن الكيفية التي تساعد بها الگليونات على‬
‫البروتونات املتماثلة الشحنة داخل النوى‪ .‬ويصاحب كل قوة‬ ‫توليد كتلة البروتون والنترون غير واضحة نظرا لكون الگليونات‬
‫من القوى األربع املوجودة في الطبيعة جس� � ��يم يعرف بناقل‬ ‫نفسها عدمية الكتلة‪.‬‬
‫الق���وة ‪ .force carrier‬متام� � ��ا كما أن الفوت���ون ‪- the photon‬‬ ‫ويكمن مفتاح احلل لهذه املعضلة في معادلة >آينش� � ��تاين<‬

‫الوحدة األساسية للضوء ‪ -‬هو ناقل القوة الكهرومغنطيسية‪،‬‬ ‫املشهورة التي تربط بني كتلة اجلسيم السكونية وطاقته‪ .‬ويتبني‬
‫فإن الگليون هو ناقل القوة الشديدة‪.‬‬ ‫لنا من عكس هذه املعادلة‪ ،‬أي من كتابة‪ ،m = E/c2 :‬أن منش� � ��أ‬
‫حتى اآلن يبدو األمر حس� � ��نا‪ .‬غير أن للقوة الشديدة مسلك ًا‬ ‫كتلة البروتون )‪ (m‬الس� � ��كونية هو الطاقة مقاسة بوحدة سرعة‬
‫غريب ًا غير متوقع في بعض األحوال‪ .‬ومبوجب امليكانيك الكمومي‬ ‫الضوء )‪ .(c‬ونظرا لك� � ��ون طاقة البروتون تتأتى من الگليونات‬
‫(ميكانيك الكم) ‪ ،quantum mechanics‬فإن مدى مفعول قوة ما‬ ‫في معظمها‪ ،‬فإن املرء نظريا يحتاج إلى تقدير الطاقة الصافية‬
‫يتناسب عكسيا مع كتلة ناقل القوة‪ .‬فالقوة الكهرومغنطيسية‪،‬‬ ‫للگليونات حلساب كتلة البروتون‪.‬‬
‫المتناه؛ فإلكترون حر على األرض‬ ‫ٍ‬ ‫على سبيل املثال‪ ،‬لها مدى‬ ‫بيد أن حس� � ��اب طاقة الگليونات أمر صع� � ��ب‪ ،‬جزئيا لكون‬
‫سيعاني‪ ،‬من حيث املبدأ‪ ،‬قو َة تنافر ضئيلة بتأثير إلكترون في‬ ‫طاقتها الكلية ناش� � ��ئة عن بضعة عوامل مساهمة‪ .‬فطاقة جسيم‬
‫اجلان� � ��ب اآلخر للقمر‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن الفوتون‪ ،‬وهو ناقل القوة بني‬ ‫حر (غير مرتبط بجس� � ��يمات أخرى) ه� � ��ي طاقة حركته‪ .‬غير أن‬
‫اإللكترونني‪ ،‬سيكون عدمي الكتلة‪ .‬وعلى النقيض من ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫الكواركات والگليونات غالبا ال توجد إطالقا بشكل منعزل‪ .‬فهي‬
‫مدى تأثير القوة الشديدة ال يتعدى نوى الذرات؛ مما يعني أن‬ ‫تبقى حرة ألزمنة غير قابلة للتخيل في صغرها (أقل من ‪3×10-24‬‬
‫كتلة الگليونات س� � ��تكون كبيرة جدا‪ .‬ولكن الگليونات تبدو كما‬ ‫(‪)3‬‬
‫من الثانية)‪ ،‬قبل أن تتحد معا لتش� � ��كل جسيمات حتت ذرية‬
‫أخرى محجوبة عمليا عن املالحظة‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن طاقة‬
‫)( ?‪WHERE DOES PROTON MASS COME FROM‬‬
‫)( ?‪HOW DO GLUONS BIND‬‬ ‫الگليون� � ��ات ال تتأت� � ��ى فقط من احلركة وإمنا ه� � ��ي وثيقة الصلة‬
‫(‪ )1‬أو‪ :‬تشكيالت‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫(‪[ ،the Large Hadron Collider )2‬انظ� � ��ر‪« :‬تناظ� � ��ر فائق واألزمة في الفيزياء»‪،‬‬ ‫بالطاقة التي تسهم في الربط فيما بينها وبالكواركات لتشكل معا‬
‫العددان ‪ ،(2015)2/1‬صفحة ‪]68‬‬
‫(‪subatomic )3‬‬
‫جس� � ��يمات ذات عمر أطول‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن حل لغز الكتلة يستلزم‬
‫(‪ )4‬أو‪ :‬التفكك‪.‬‬ ‫فهم� � ��ا أفضل لكيفية فع� � ��ل الگليونات ف� � ��ي ارتباطها‪ .‬ولكن هنا‬

‫‪37‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫املؤلفون‬
‫ال نس� � ��تطيع تفسيره بالكامل‪ ،‬وهو مركزي لقصة الكيفية التي‬ ‫‪Rolf Ent‬‬
‫يلصق الغراء الگليونات داخل النوى الذرية وليس خارجها‪.‬‬ ‫>إن���ت< يعمل في منش� � ��أة مس� � ��رع ثوم� � ��اس نوسريفيج القومي في مدينة‬
‫نيوبورت نيوز بفرجينيا منذ عام ‪ .1993‬وهو املدير املشارك للفيزياء النووية‬
‫التجريبي� � ��ة هناك والناطق اإلعالمي للعديد من التجارب املتعلقة بدراس� � ��ة‬
‫ملاذا لبعض اجلسيمات ألوان؟‬
‫()‬
‫بنية الكوارك‪-‬الگليون للهادرونات والنوى الذرية‪.‬‬
‫في س� � ��بعينات القرن العش� � ��رين ط� � ��ور الفيزيائيون نظرية‬ ‫‪Thomas Ullrick‬‬

‫عرف� � ��ت بالدينامي���كا اللوني���ة الكمومي���ة )‪ )3((QCD‬تصف‪،‬‬ ‫>أورلي���خ< التحق مبختب� � ��ر بروكهاڤن القومي في ع� � ��ام ‪ 2001‬ويقوم في‬
‫الوق� � ��ت ذاته بإج� � ��راء البحوث والتدريس في جامعة ييل‪ .‬وقد ش� � ��ارك في‬
‫رياضياتيا‪ ،‬القوة الشديدة‪ .‬متاما مثل القوة الكهرومغنطيسية‬ ‫جتارب عدة‪ ،‬أوال في املختبر األوروبي للبحوث النووية ‪ CERN‬قرب جنيف‬
‫التي تتمحور حول شحنة اجلسيم الكهربائية‪ ،‬فإن الديناميكا‬ ‫ومؤخ� � ��را في بروكهاڤن‪ ،‬للبحث عن بالزما الكوارك‪-‬الگليون ودراس� � ��تها‪.‬‬
‫وتتركز جهوده احلالية على حتقيق مصادم إلكترونات مع أيونات‪.‬‬
‫‪ QCD‬تتمحور حول خاصية تعرف بشحنة لونية(‪ .)4‬ويساعد‬
‫مفه� � ��وم اللون فع� �ل��ا على توضيح الس� � ��لوك املختل� � ��ف للقوة‬ ‫‪Raju Venugopalan‬‬
‫يرأس >ڤينوجوپاالن< فريق النظرية النووية في مختبر بروكهاڤن القومي‪،‬‬
‫الش� � ��ديدة مقارنة بالقوة الكهرومغنطيس� � ��ية‪ ،‬ولكنه في الوقت‬ ‫حيث يدرس تآثر (تفاعل) الكواركات والگليونات عند الطاقات العالية‪.‬‬
‫نفسه‪ ،‬يثير رهط ًا من األلغاز اجلديدة ‪ -‬مثل ملاذا متتلك بعض‬
‫ثم‬
‫اجلسيمات ألوانا بينما تفتقر إليها جسيمات أخرى‪ ،‬ومن ّ‬
‫هل هي عمياء اللون‪.‬‬ ‫لو أنها عدمية الكتلة‪.‬‬
‫ومبوج� � ��ب الدينامي� � ��كا ‪ ،QCD‬فإن الك� � ��واركات والگليونات‬ ‫وللقوة الشديدة أيضا سلوك غريب آخر‪ ،‬حيث إنها تربط‬
‫متتلك خاصية الشحنة اللونية‪ .‬وتتبادل جميع اجلسيمات امللونة‬ ‫الكواركات بق� � ��وة أكبر كلما زادت املس� � ��افة بينها‪ .‬وباملقابل‪،‬‬
‫التأثي� � ��ر بعضها ف� � ��ي بعض بتبادل الگليون� � ��ات؛ ما يعني أيضا‬ ‫فإن القوة الكهرومغنطيسية املؤثرة بني مغنطيسني تكون أقوى‬
‫أن تب� � ��ادل الگليونات ال يقتصر عل� � ��ى الكواركات وإمنا تتبادلها‬ ‫كلما ق ّلت املس� � ��افة بينهما‪ ،‬وتضعف مع زيادة املسافة بينهما‪.‬‬
‫أيضا فيم� � ��ا بينها‪ .‬وميثل هذا املضمون ف� � ��ي الديناميكا ‪QCD‬‬ ‫وقد الحظ الفيزيائيون الكواركات ألول مرة في ستينات القرن‬
‫قفزة كبيرة مقارنة بالكهرومغنطيس� � ��ية ‪ -‬فالفوتونات ال تتفاعل‬ ‫العش� � ��رين وذلك من خالل جتارب‪ ،‬أجريت في مركز مس� � ��رع‬
‫بعضها مع بعض كما هو مشاهد بالعيان عندما تتقاطع حزمتا‬ ‫س� � ��تانفورد اخلطي (يعرف اآلن باس� � ��م مختبر مسرع سالك‬
‫ض� � ��وء في غرفة مغب� � ��رة‪ .‬غير أن الفيزيائيني ي� � ��رون أن لتفاعل‬ ‫‪ SLAC‬القومي)‪ ،‬تتناول صدم إلكترونات عالية الطاقة بأهداف‬
‫الگليونات الذاتي عالقة س� � ��ببية مركزية لضعف القوة الشديدة‬ ‫من البروتونات‪ .‬وفي بعض األحوال لوحظ أن اإللكترونات متر‬
‫عند املسافات القصيرة بني اجلسيمات امللونة‪ .‬فالگليون يستطيع‬ ‫عابرة مباشرة‪ ،‬بينما لوحظ في حاالت أخرى أن اإللكترونات‬
‫مؤقت� � ��ا التحول إما إلى زوج كوارك وكوارك مضاد أو إلى زوج‬ ‫تصطدم بش� � ��يء صلب وترتد إلى اخللف‪ .‬وقد كشفت سرعة‬
‫گليون� � ��ات قبل أن يعود إلى گليون واح� � ��د‪ .‬وبينما جتعل تقلبات‬ ‫ارت� � ��داد اإللكترون� � ��ات واجتاهها عن وجود ك� � ��واركات داخل‬
‫الكواركات ومضاداتها قوة التفاعل بني اجلسيمات امللونة أشد‪،‬‬ ‫البروتونات‪ ،‬وكش� � ��فت كذلك عن ترتيب(‪ )1‬ه� � ��ذه الكواركات‪.‬‬
‫ف� � ��إن تقلبات أزواج الگليونات ت� � ��ؤدي إلى إضعاف قوة التفاعل‬ ‫وبينت جتارب التش���تت العميق���ة )‪ )2((DIS‬هذه أن قوة تأثير‬
‫هذه‪ .‬ونتيجة س� � ��يادة اهتزازات الگليون� � ��ات هذه في الديناميكا‬ ‫الكواركات في بعضها البعض تكون ضعيفة عند املس� � ��افات‬
‫اللونية الكمومية على تبادل الكواركات تكون هي الرابحة‪( .‬حاز‬ ‫القصيرة الفاصلة بينها‪ ،‬بينما التظهر كواركات حرة؛ ما يعني‬
‫الفيزيائيون >‪ .J .D‬گروس<‪ ،‬و >‪ .F‬ويلزك< و >‪ .D .H‬پوليتزر< على‬ ‫وجود قوة جر كبيرة فيما بينها عند املسافات الكبيرة‪.‬‬
‫جائزة نوبل عام ‪ 2004‬على هذا االكتشاف‪).‬‬ ‫لتقري� � ��ب كيفية عمل القوة الش� � ��ديدة إل� � ��ى الذهن‪ ،‬نتخيل‬
‫وخ� �ل��ال العقود التي تل� � ��ت ظهور الدينامي� � ��كا ‪ QCD‬أكدت‬ ‫كوارك� �ي��ن مرتبطني ببعضهم� � ��ا بأوتار مرن� � ��ة‪ .‬فعندما يكونان‬
‫التج� � ��ارب التي أجريت ف� � ��ي العالم كله ه� � ��ذه النظرية وما ينتج‬ ‫قريبني من بعضهما البعض يرتخي الوتر وال يظهر تأثير توتر‬
‫منها‪ ،‬وأنها أحد أركان منوذج الفيزياء املعياري(‪ .)5‬ومع ذلك‬ ‫فيهم� � ��ا‪ .‬بينما عندما يبتعد الك� � ��واركان عن بعضهما البعض‪،‬‬
‫تبقى تفاصيل عديدة محيرة في هذه النظرية‪ .‬ومما يلفت النظر‪،‬‬ ‫فإن قوة توتر الوتر متس� � ��كهما معا‪ .‬ويقاب� � ��ل مقدار القوة بني‬
‫?‪WHY DO SOME PARTICLES HAVE COLORS‬‬ ‫)(‬
‫الك� � ��واركات ما يعادل وزن ‪ 16‬طن ًا متري ًا عند مس� � ��افة فاصلة‬
‫‪arrangement‬؛ أو‪ :‬تشكيل‪.‬‬
‫‪deeply inelastic scattering‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫بينهما في حدود قطر البروتون‪ .‬ولكن‪ ،‬ماذا يحصل إذا أثرت‬
‫‪quantum chromodynamics‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫قوة خارجية عكس اجتاه القوة املتبادلة بني الكواركات؟ ببساطة‬
‫‪color charge‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪the standard model of physics‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫ينقط� � ��ع الوتر‪ .‬لكن‪ ،‬كيف يحص� � ��ل انقطاع الوتر فهو لغز آخر‬
‫‪Our Crowded Cosmos‬‬ ‫()‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪38‬‬


‫قوالب بناء الطبيعة‬
‫على س� � ��بيل املثال‪ ،‬أنه على الرغم من أن‬
‫جسيمات أساسية‬
‫()‬

‫سپني‬ ‫الشحنة‬ ‫البروتون يتألف من ثالثة گليونات متتلك‪،‬‬


‫إن جميع نوى الذرات في الكون تتضمن‪ ،‬بصورة رئيسية‪ ،‬فقط اثنني من‬ ‫الكهربائية‬
‫اجلسيمات األساسية املعروفة‪ :‬كواركات وگليونات‪ .‬وتنتمي الگليونات‬ ‫منفردة‪ ،‬أحد األلوان الثالثة‪ ،‬لنقل أحمر‪،‬‬
‫إلى صنف من اجلس���يمات يس���مى بوزونات ‪( bosons‬في ميني الش���كل)‪،‬‬ ‫اسم‬ ‫أو أخض� � ��ر أو أزرق؛ ف� � ��إن البروت� � ��ون ال‬
‫والتي‪ ،‬باس���تثناء اجلس���يم هيگز ‪ ،the Higgs‬تق���وم بنقل قوى الطبيعة‪.‬‬ ‫اجلسيم‬ ‫ميتلك شحنة لونية‪ .‬وكذلك األمر في حالة‬
‫فالگليونات تنقل أش���د القوى ‪ -‬القوة الش���ديدة املسؤولة عن الربط بني‬
‫الكواركات داخل البروتونات والنترونات‪ .‬إضافة إلى البوزونات هناك‬ ‫أحد الهادرونات املس� � ��مى الباي ميزون‬
‫الكتلة (مقدرة بامليگا‬
‫الن���وع اآلخ���ر من اجلس���يمات األساس���ية املعروف���ة في الك���ون املصنفة‬ ‫إلكترون ڤلط)‬ ‫‪( π meson‬يعرف غالبا باس� � ��م پيون ‪pion‬‬
‫فرميون���ات (ف���ي يس���ار الش���كل) التي تش���مل اللپتون� � ��ات ‪ ،Leptons‬مثل‬ ‫ال� � ��ذي يتألف م� � ��ن زوج ك� � ��وارك وكوارك‬
‫اإللكترون���ات‪ ،‬والكواركات‪ .‬وتوجد س���تة أنواع من الك���واركات‪ ،‬ولو أن‬
‫نوع�ي�ن منه���ا فقط ذوي النكهت�ي�ن ‪ flavors‬العلوي والس���فلي ‪ -‬املكونني‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬
‫مضاد‪ ،‬فهذا اجلس� � ��يم ال ش� � ��حنة لونية‬
‫الفوتون‬
‫الرئيسيني للبروتونات والنترونات ‪ -‬موجودان بوفرة في الطبيعة‪.‬‬ ‫(للقوة‬ ‫له عل� � ��ى الرغم من امت� �ل��اك مكوناته لها‪.‬‬
‫اجليل األول‬ ‫اجليل الثاني‬ ‫اجليل الثالث‬
‫الكهرومغنطيسية)‬ ‫وإن تعادل الش� � ��حنة اللونية للهادرونات‬
‫‪0‬‬ ‫مياثل تع� � ��ادل الش� � ��حنات الكهربائية في‬
‫‪1/2‬‬ ‫‪+2/3‬‬ ‫‪1/2‬‬ ‫‪+2/3‬‬ ‫‪1/2‬‬ ‫‪+2/3‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬
‫حالة الذرات‪ .‬ولكنه بينما تنعدم الشحنة‬
‫علوي‬ ‫فاتن‬ ‫فوقي‬
‫گليون‬ ‫الصافية في الذرات نتيجة محو ش� � ��حنة‬
‫(للقوة‬
‫الشديدة)‬ ‫البروتونات املوجبة بفعل الشحنة السالبة‬
‫‪2.3‬‬ ‫‪1,275‬‬ ‫‪~173,500‬‬ ‫لإللكترونات‪ ،‬فإن كيفي َة تعادل الش� � ��حنة‬
‫كواركات‬

‫‪0‬‬
‫‪1/2‬‬ ‫‪-1/3‬‬ ‫‪1/2‬‬ ‫‪-1/3‬‬ ‫‪1/2‬‬ ‫‪-1/3‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬
‫اللونية للهادرونات نتيجة ضم الشحنات‬
‫سفلي‬ ‫غريب‬ ‫قعري‬ ‫‪Z‬‬ ‫اللونية للك� � ��واروكات والگليونات أم ٌر غير‬
‫(للقوة‬
‫واضح في نظرية الديناميكا ‪.QCD‬‬
‫بوزونات‬

‫الضعيفة)‬
‫فرميونات‬

‫‪4.8‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪4,180‬‬ ‫وينبغي على نظري� � ��ة الديناميكا ‪QCD‬‬


‫‪91,188‬‬
‫‪1/2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1/2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪1/2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫أن تفس� � ��ر كذلك كيف تتغل� � ��ب البروتونات‬
‫‪1‬‬ ‫‪±1‬‬
‫نترينو‬ ‫نترينو‬ ‫نترينو‬ ‫‪W‬‬ ‫والنترونات على التنافر الكهرومغنطيسي‬
‫اإللكترون‬ ‫امليون‬ ‫التاو‬ ‫(للقوة‬
‫الضعيفة)‬
‫القوي بني البروتون� � ��ات لتجعلها تتالصق‬
‫‪>0.000002‬‬ ‫‪>0.19‬‬ ‫‪>18.2‬‬ ‫داخل الذرات‪ .‬فعلى الرغم من بعض التقدم‬
‫لپتونات‬

‫‪80,385‬‬

‫‪1/2‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫‪1/2‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫‪1/2‬‬ ‫‪-1‬‬


‫الذي حازت� � ��ه النظرية‪ ،‬إال أن التوصل إلى‬
‫إلكترون‬ ‫ميون‬ ‫تاو‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫الفيزياء النووية من الديناميكا ‪ QCD‬يبقى‬
‫هيگز‬ ‫في موض� � ��ع التحدي‪ .‬ويرجع اس� � ��تمرار‬
‫‪0.511‬‬ ‫‪105.7‬‬ ‫‪1,776.8‬‬
‫وج� � ��ود هذا العائق إل� � ��ى أن حل معادالت‬
‫ازدياد كتلة الفرميون‬
‫‪~125,000‬‬ ‫الدينامي� � ��كا ‪ QCD‬هو بال� � ��غ الصعوبة عند‬
‫املس� � ��افات الكبيرة‪ ،‬حيث تصبح القوة بني‬
‫الكواركات والگليونات شديدة جدا‪ .‬وكذلك‬
‫أن يتغي� � ��ر تغي� � ��رات مألوفة‪ .‬وإضافة إلى الك� � ��واركات الثالثة‬ ‫نفتق� � ��ر إلى برهان رياضيات� � ��ي لتبيان ما يؤك� � ��د حصول حصر‬
‫األساس� � ��ية‪ ،‬فإن أع� � ��دادا متغيرة من الگليون� � ��ات تتطاير مثل‬ ‫للگليون� � ��ات امللونة والكواركات امللونة داخ� � ��ل الهادرونات عدمية‬
‫فراشات النار‪ ،‬متناوبة الظهور واالختفاء من الوجود‪ ،‬وأزواج‬ ‫اللون‪ .‬إن احلصر(‪ confinement )1‬مس� � ��ألة ُتقدر مبليون دوالر ‪-‬‬
‫من الكواركات والكواركات املضادة تتشكل وتتحلل؛ والنتيجة‬ ‫فهي أحد األلغاز الستة التي عينتها مؤسسة كالي للرياضيات؛‬
‫رغوة كمومية من اجلسيمات تظهر وتختفي‪ .‬ويرى الفيزيائيون‬ ‫فخصصت جائزة مبليون دوالر ملن يقوم بحل أي منها‪.‬‬
‫أن� � ��ه عندما تص� � ��ل البروتونات والنترونات س� � ��رعا عالية جدا‬
‫تنفصم الگليونات داخل البروتونات إلى أزواج من الگليونات‬ ‫ل َم ال تتضاعف الگليونات إلى األبد؟‬
‫()‬

‫)( ‪Fundamental Particles‬‬


‫)( ?‪WHY DO GLUONS NOT MULTIPLY FOREVER‬‬
‫نتيج� � ��ة مثيرة م� � ��ن نتائج الدينامي� � ��كا ‪ ،QCD‬وهي أن عدد‬
‫(‪ )1‬أو‪ :‬التقييد‪.‬‬ ‫الگليون� � ��ات والك� � ��واركات داخ� � ��ل البروتون املع� � ��روف‪ ،‬ميكن‬

‫‪39‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫حاالت غريبة مثيرة للمادة‬
‫أوجد الفيزيائيون نظريا‪ ،‬وفي حاالت قليلة‪ ،‬تركيبات غير معتادة من الكواركات والگليونات تتجاوز تلك املألوفة في البروتونات‬
‫والنترونات‪ .‬وهذه احلاالت النادرة الغريبة تزودنا بفرص جديدة لدراسة التآثرات (التفاعالت) املمكن حدوثها بني الكواركات‬
‫والگليونات ‪ -‬والتي بإمكانها املساهمة في حل بعض األلغاز الرئيسية للمادة‪.‬‬

‫الكريات الگليونية وأضرابها‬


‫تُظهر احملاكاة النظرية أنه بإمكان الكواركات والگليونات أن تتراكب الستحداث جسيمات إلى جانب البروتونات والنترونات‪.‬‬
‫فمن املمكن‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬وجود جسيمات الكريات الگليونية التي تتألف من گليونات فقط )‪ ،(a‬أيضا من املمكن تشكل‬
‫جسيمات هجينة عبارة عن حاالت مرتبطة من الكواركات ومضاداتها والگليونات )‪ ،(b‬أو حاالت رباعية الكواركات تتألف من‬
‫كواركني مرتبطني مبضاديهما )‪ .(c‬وتتوافر اآلن شواهد متزايدة على وجود رباعية الكواركات‪ ،‬ولو أن الكريات الگليونية‬
‫واجلسيمات الهجينة ما زالت تنتظر االكتشاف‪.‬‬

‫‪a‬‬ ‫‪b‬‬ ‫‪c‬‬ ‫فاتن مضاد‬

‫كرة گليونية‬ ‫كوارك علوي‬


‫فاتن‬
‫مضاد‬
‫كوارك علوي‬
‫كوارك علوي‬
‫كوارك علوي مضاد‬

‫حالة مشبعة‬
‫عند تسريع البروتونات والنترونات إلى سرع هائلة تبدأ الگليونات داخلها بالتكاثر‪ .‬فعند السرع الكبيرة تزداد طاقة البروتونات؛‬
‫مما يؤدي إلى تشظي الگليونات إلى أزواج گليونية بنات كل منها بطاقة أقل من طاقة الگليونات األصلية‪ .‬والگليونات الوليدة‪،‬‬
‫بدورها‪ ،‬تتشظى إلى گليونات وليدة أخرى بطاقات أقل أيضا‪ .‬وفي نهاية املطاف يصل البروتون إلى احلد الذي ال ميكن بعده‬
‫أن يتسع ملزيد من الگليونات‪ ،‬أي إلى حالة إشباع أو انشغال عظمى ‪ -‬وهي حالة نظرية تسمى كثافة زجاجية لونية(‪ .)1‬وهناك‬
‫مؤشرات قوية لوجود مثل هذه احلالة في مسرعات اجلسيمات ولكنه ال يوجد برهان مؤكد حتى اآلن‪.‬‬

‫زيادة االندفاع‬ ‫كثافة زجاجية ملونة‬

‫تقليد الكون الوليد (املبكر)‬


‫عندما كان الكون فتيا كانت درجة احلرارة عالية إلى احلد الذي ال يسمح بتشكل الذرات أو حتى وجود البروتونات والنترونات‬
‫في حالة مستقرة‪ .‬عندئذ كانت الكواركات والگليونات تئز ‪ buzzed‬بحرية كأسراب متدحرجة‪ .‬وقد جنحت جتارب املسرعات‬
‫األرضية حديثا في الوصول إلى هذه احلالة‪ ،‬املسماة بالزما الكواركات والگليونات (الرسمة الفنية أدناه في اليسار)‪ ،‬وذلك‬
‫بسحق النوى الذرية معا عند سرعات تقارب سرعة الضوء‪ .‬وبدراسة هذه البالزما خالل تبردها يستطيع الفيزيائيون أن‬
‫يتعلموا ليس فقط ما يتعلق بسلوك الكواركات والگليونات وإمنا أيضا بخصوص التطور املبكر لكوننا‪.‬‬

‫؟‬

‫(‪color glass condensate )1‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪40‬‬


‫فيزياء نووية‬
‫اإلشكاالت (التساؤالت)‬
‫املتعلقة بالكواركات والگليونات‬
‫()‬

‫يتضم���ن كل بروت���ون أو نت���رون داخ���ل ال���ذرة ثالث���ة ك���واركات مرتبط���ة مع���ا‬


‫بالگليونات (في هذه الصفحة)‪ .‬وإضافة إلى الكواركات الرئيس���ة الثالثة‪ ,‬فإن‬
‫أزواجا من الكواركات ومقابالتها من املادة املضادة تظهر وتختفي باستمرار‪،‬‬
‫وكذلك الگليونات الشبحية التي تنشأ وتتالشى؛ مما يشكل رغوة كمومية تغير‬
‫املشهد داخل البروتونات والنترونات‪ .‬وهذا اخلليط يزيد من تعقيد عدد من‬
‫األسئلة األساسية‪ ،‬مثل كيف تفسر الكواركات والگليونات نشأة الكتل‬
‫والس���پينات للجس���يمات آبائها‪ ،‬وكيف تق���وم الگليونات بالضبط‬
‫بحص���ر الكواركات في أوضاع مس���تقرة‪ .‬وتكمن إحدى الطرق‬
‫الت���ي يتبعها الفيزيائيون حلل هذه اإلش���كاالت في اعتبار‬
‫اخلصائص النظرية وحتى محاولة إضفاء أوضاع غير‬
‫معتادة للگليونات والكواركات (الصفحة املقابلة)‪.‬‬

‫البنية الذرية‪:‬‬
‫وجهتا نظر‬
‫الصورة الكالسيكية للذرة ( املبينة في‬
‫أسفل الصفحة) تقرر أنها مؤلفة من‬
‫إلكترونات تدور حول نواة مكونة من‬
‫گليون‬
‫بروتونات ونترونات املكونة بدورها‬
‫من ثالثة كواركات لكل منهما‪ .‬بيد أن‬
‫الشكل في ميني الصفحة يبدي الرغوة‬
‫الكمومية‪ -‬وهي الصورة األقرب‬
‫للواقع واألكثر اضطرابا ملا في داخل‬
‫اجلسيمات دون الذرية‪.‬‬

‫كوارك‬
‫(‪)1‬‬
‫رغوة كمومية‬

‫نواة‬
‫بروتون‬
‫يظهر إمعان النظر في بروتون‬
‫كواركات‬ ‫أو نترون صورة حركية مستمرة‪.‬‬
‫فإضافة إلى وجود الثالثي‬
‫الكواركي‪ ،‬يوجد بحر من الكواركات‬
‫ومضاداتها املادية‪ ،‬والگليونات‬
‫التي تظهر وتختفي من الوجود‪.‬‬

‫قد يتأثر السپني الكلي‬


‫لبروتون أو نترون (السهم)‬
‫بالسپينات الفردية ملكوناته‬
‫إلكترون‬ ‫إضافة إلى حركته املدارية‪.‬‬

‫نترون‬

‫‪quantum foam‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪The Quandaries of Quarks and Gluons‬‬ ‫)(‬

‫‪41‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫اجلديدة‪ ،‬ولكل منها طاقة أقل بقليل من طاقة الگليونات اآلباء حقول مغانط قوية‪.‬‬
‫وتبني التجارب التي تس� � ��بر س� � ��پني بروتون أن الكواركات‬ ‫املولدة له� � ��ا‪ .‬وبدورها‪ ،‬فإن الگليونات الولي� � ��دة تنتج گليونات‬
‫ولي� � ��دة أخرى بطاق� � ��ات أقل أيضا‪ .‬وانش� � ��طار الگليونات هذا تس� � ��هم في ‪ %30‬من السپني الكلي‪ .‬إذن‪ ،‬ما منشأ باقي سپني‬
‫يش� � ��به ماكينة الفش���ار ‪ popcorn‬التي هي خارجة عن التحكم‪ .‬الهادرونات؟ إن صورة اجلس� � ��يمات املتعددة للبروتون كبحر‬
‫وتتوقع النظرية أن تستمر عملية التشظي هذه إلى األبد ‪ -‬مع مائج من الكواركات والگليونات تفضي إلى القول مباشرة إن‬
‫منش� � ��أ الكمية املتبقية من السپني هو گليونات‪ .‬بيد أن جتارب‬ ‫أننا نعرف أن هذا ال يحصل‪.‬‬
‫ل� � ��و اس� � ��تمرت الگليونات باإلجن� � ��اب‪ ،‬لتطاي� � ��ر الغطاء عن صدم البروتونات املس� � ��تقطبة (حيث يكون سپينها إما باجتاه‬
‫ماكينة الفش� � ��ار ‪ -‬وبكالم آخر سيصبح البروتون غير مستقر حركته� � ��ا أو عكس ذلك) ببروتونات مس� � ��تقطبة أخرى تبني أن‬
‫وس� � ��ينهار‪ .‬ونظرا ألن املادة مس� � ��تقرة (فنح� � ��ن موجودون)‪ ،‬مساهمة سپينات الگليونات في سپني البروتون هي قرابة ‪%20‬‬
‫فمن البينّ ضرورة وجود ش� � ��يء يكبح جماح اإلنتاج املستمر فقط ‪ -‬مما يعني أن نحو ‪ %50‬من السپني مازال مفقودا‪.‬‬
‫ويوضح شبيه سماوي حال ممكنا‪.‬‬ ‫للگليونات ويوقف تسلس� � ��ل اإلنتاج ‪-‬‬
‫إن الزخم الزاوي للمنظومة الشمسية‬ ‫(‪)4‬‬ ‫عدد‬ ‫يتغير‬ ‫أن‬ ‫ميكن‬ ‫ولك� � ��ن م� � ��ا هو ه� � ��ذا الش� � ��يء؟ إحدى‬
‫األف� � ��كار املقترح� � ��ة أن الطبيعة متكنت الگليونات والكواركات عب� � ��ارة عن مجموع س� � ��پينات الكواكب‬
‫ح� � ��ول محاورها(س� � ��پينها) إضافة إلى‬ ‫من وضع إش� � ��ارة لإلش� � ��غال األعظمي‬
‫حركاته� � ��ا املداري� � ��ة ح� � ��ول الش� � ��مس‪.‬‬ ‫املألوف‬ ‫البروتون‬ ‫داخل‬ ‫بحي� � ��ث عندما يصبح ع� � ��دد الگليونات‬
‫وباملث� � ��ل‪ ،‬فإن للك� � ��واركات والكواركات‬ ‫تغيرات واسعة‪.‬‬ ‫كبيرا بحي� � ��ث تتراكب بعدها الگليونات‬
‫املض� � ��ادة والگليونات احملصورة داخل‬ ‫داخ� � ��ل البروت� � ��ون‪ .‬وسيس� � ��بب التآثر‬
‫الذاتي املتب� � ��ادل الش� � ��ديد تنافرها والتح� � ��ام الگليونات ذات البروتونات حرك ًة مدارية أيضا‪ .‬ولفهم أهمية احلركة املدارية‬
‫الطاقة املنخفض� � ��ة منتجة گليونات بطاقة أكب� � ��ر‪ .‬وعندما يقل هذه ينبغي تصور س� � ��رعات ومواضع الكواركات والگليونات‬
‫النمو في عدد الگليونات‪ ،‬تصل الگليونات إلى حالة مس� � ��تقرة داخل البروتون‪ .‬ويشترك أحدنا (>إنت<) في إجراء التجارب‬
‫بني التشظي واالحتاد تعرف بتشبع الگليونات(‪)1‬؛ مما يجعل ‪ DIS‬باس� � ��تخدام حزم إلكترونية بطاق� � ��ات عالية جدا الختبار‬
‫هذا التص� � ��ور‪ .‬أي إننا‪ ،‬من حيث التفصي� � ��ل‪ ,‬ننتقل من أخذ‬ ‫ماكينة الفشار حتت السيطرة‪.‬‬
‫إن تخمني حالة الگليونات املش� � ��بعة‪ ،‬الت� � ��ي غالبا ما تعرف لقطات فوتوغرافية إلى فيلم سينمائي ثالثي األبعاد للمادة في‬
‫بكثافة زجاجية لونية ‪ ،color glass condensate‬هي جوهر منقى أدن� � ��ى أبعادها الذي يصل إلى أجزاء من الفيمتومتر (أقل من‬
‫لبع� � ��ض أقوى القوى في الكون‪ .‬ونحن منتلك‪ ،‬حتى اآلن‪ ،‬مجرد كوادريليون من املتر)‪.‬‬
‫إشارات لوجود هذه الكثافة‪ ،‬وخصائصها غير مفهومة بالكامل‪.‬‬
‫()‬
‫حاالت غريبة مثيرة للمادة‬ ‫ويستطيع الفيزيائيون دراسة الگليونات في أكثف حاالتها بسبر‬
‫حتى نفهم طبيعة تآثرات ( تفاعالت) الكواركات والگليونات‬ ‫أغوار هذه احلالة بتجارب التشتت العميقة األقوى من مثيالتها‬
‫املتاح� � ��ة حاليا‪ .‬فهل حقل القوة ال� � ��ذي يحدد عدد الگليونات في الفعلية‪ ،‬فال بد من دراس� � ��تها في تراتي� � ��ب ممكنة مختلفة عن‬
‫الكثافة الزجاجية اللونية هو نفس� � ��ه حقل احلصر نفس� � ��ه الذي التراتي� � ��ب املألوفة ف� � ��ي البروتونات والنترونات واجلس� � ��يمات‬
‫يرب� � ��ط البروتونات أصال؟ وإذا كان األم� � ��ر كذلك‪ ،‬فإن باإلمكان األخرى املعروفة جيدا‪ .‬فالديناميكا ‪ QCD‬تسمح بوجود حاالت‬
‫احلصول على تصور جديد لكيفية توليد الگليونات لهذا احلقل هادرونية غريب� � ��ة إضافة إلى حاالت البروتون� � ��ات والنترونات‬
‫املألوف� � ��ة‪ .‬فعملية احمل���اكاة ‪ simulation‬تفس� � ��ح املجال لوجود‬ ‫من مالحظة احلقل ذاته في سياقات مختلفة‪.‬‬
‫هادرونات عدمية اللون أخرى‪ ،‬كالكرات الگليونية (التي حتوي‬
‫گليون� � ��ات فقط)‪ ،‬و «كجزيئ� � ��ات» تتألف من زوجني من الكوارك‬
‫()‬
‫ما منشأ خاصية السپني للبروتونات؟‬
‫يبق� � ��ى فوق ذلك اللغز املتعلق بكيفية مس� � ��اهمة س� � ��پينات والكوارك املضاد أو وجود كينونات هجينة تصنف حتت مسمى‬
‫)( ?‪WHERE DOES PROTON SPIN COME FROM‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الك� � ��واركات والگليونات في س� � ��پينات اجلس���يمات اآلباء‬
‫)( ‪EXOTIC STATES OF MATTER‬‬
‫(‪gluon saturation )1‬‬
‫الكلية‪ .‬إذ إن جلميع الهادرونات سپين ًا يشبه الطاقة الدورانية‬
‫(‪parent particles )2‬‬
‫(‪ )3‬أو‪ :‬خذروف‪.‬‬
‫لبلبل(‪ )3‬يغزل حول محوره‪ .‬وتغزل الهادرونات ذات السپينات‬
‫املختلفة وتبادر وتلف باجتاهات مختلفة في حال وجودها في (‪ )4‬أو‪ :‬االندفاع‪.‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪42‬‬


‫الربط بني البروتونات والنترون� � ��ات معا‪ .‬وتركيب هذه الصور‬ ‫حاالت مرتبطة من الكواركات ومضاداتها والگليونات(‪ .)1‬بيد‬
‫يستلزم وجود فيمتوسكوب ‪ - femtoscope‬وهو عبارة عن آلة‬ ‫أن الشواهد التجريبية ملثل هذه الهادرونات الغريبة محدودة‪،‬‬
‫تش���تت(‪ )3‬غير مرن وعميق مماثل للمجهر (للميكروس���كوب)‬ ‫باستثناء شواهد مرشحة جلزيئات رباعية الكوارك قليلة حتى‬
‫‪ microscope‬الذي يستشف ما في داخل الكون عند مقاسات‬ ‫اآلن‪ .‬إال أن ه� � ��ذا الوضع قد يتغير بش� � ��كل كبير بفضل عدد‬
‫تبلغ ج� � ��زءا من األل� � ��ف من نصف قط� � ��ر البروتون‪ .‬وينش� � ��د‬ ‫من محاوالت البحث التجريبي� � ��ة التي تجُ رى في بقاع مختلفة‬
‫مختبرا جيفيرس� � ��ون وبروكهاڤن في الواليات املتحدة التمويل‬ ‫من العالم‪ .‬وعلى وجه اخلصوص‪ ،‬في تلك املنش� � ��أة املس� � ��ماة‬
‫واملوافقة على مشروع فيمتوسكوب يقوم مبصادمة إلكترونات‬ ‫‪ GlueX‬التي بدأت عملها في مسرع مختبر ثوماس جيفيرسون‬
‫ببروتونات مستقطبة وبنوى الرصاص‪ .‬وعلى نقيض التجارب‬ ‫القومي في نيوبورت‪.‬‬
‫الس� � ��ابقة‪ ،‬التي قامت بصدم اإللكترونات الس� � ��ريعة بأهداف‬ ‫حديث� � ��ا اكتش� � ��ف الفيزيائي� � ��ون حالة غريبة أخ� � ��رى للمادة‬
‫نووية س� � ��اكنة‪ ،‬فإن كال النوعني من اجلس� � ��يمات سيتسارع‬ ‫تعرف بـبالزما الكوارك‪-‬الگليون(‪ .)2‬وتتشكل هذه احلالة عندما‬
‫إلى س� � ��رعات قريبة من سرعة الضوء قبل تصادمها تصادما‬ ‫تتصادم النوى الذرية بسرعات قريبة من سرعة الضوء‪ .‬ويخمن‬
‫رأسيا في هذه اآللة‪.‬‬ ‫الفيزيائيون النظريون أنه عندما تصطدم البروتونات والنترونات‬
‫إن مش� � ��روع مص���ادم اإللكترون���ات واأليون���ات )‪(EIC‬‬ ‫ذوات السرعات الهائلة للنواتني املتصادمتني ببعضهما البعض‪،‬‬
‫(‪)4‬‬

‫س� � ��يؤدي إلى احلصول على مس� � ��تويات في الش� � ��دة ال مثيل‬ ‫فإن كثافتيهما الزجاجيتني اللونيتني تتطايران‪ ،‬كاس� � ��رة بذلك‬
‫لها‪ ،‬وهذا يعني أن اجلس� � ��يمات في احلزم املتصادمة ستكون‬ ‫حالة احلصر للكواركات والگليونات ومطلقة طاقة الكثافة لتولد‬
‫مكدسة معا واألعداد ستكون من الكبر؛ بحيث إن االرتطامات‬ ‫س� � ��ربا هائجا من الكواركات والگليون� � ��ات‪ .‬وهذه البالزما هي‬
‫حتصل مبع� � ��دالت وتكرارات أكبر مما كانت عليه احلال حتى‬ ‫أسخن مادة مت اس� � ��تحداثها على األرض‪ ،‬بدرجة حرارة تزيد‬
‫اآلن‪ .‬وزي� � ��ادة معدل حدوث االرتطامات إلى ‪ 1000‬ضعف مما‬ ‫على أربعة تريليونات درجة س� � ��لزية‪ .‬والشيء املثير للدهشة أن‬
‫كان عليه األمر في املصادم ‪ DIS‬الس� � ��ابق‪ ،‬س� � ��يتيح للباحثني‬ ‫هذه املادة تس� � ��ري دومنا مقاومة تذكر ‪ -‬فمقاومتها على األقل‬
‫احلص� � ��ول على العديد من اللقط� � ��ات الفوتوغرافية املنفردة ملا‬ ‫أقل بعشرين مرة من املقاومة التي يسري بها املاء‪.‬‬
‫في داخل البروتونات والنترونات‪.‬‬ ‫وحتمل بالزم� � ��ا الكوارك‪-‬الگليون ش� � ��بها قويا للكون في‬
‫لقد متكن الفيزيائيون من� � ��ذ صياغة الديناميكا ‪ QCD‬على‬ ‫بدايت� � ��ه‪ .‬ويالحظ العلم� � ��اء العاملون في املختب� � ��رات التي مت‬
‫مدى األربعة عق� � ��ود املاضية‪ ،‬من حتقيق قفزات في تفس� � ��ير‬ ‫اس� � ��تحداث هذه البالزم� � ��ا بها ‪ -‬مختب� � ��ر بروكهاڤن القومي‬
‫س� � ��بب سلوك القوة الش���ديدة(‪ )5‬املعروف‪ ،‬ومن فهم أين توجد‬ ‫ملصادم األيونات الثقيلة النسبوي واملصادم ‪ LHC‬في املختبر‬
‫الفجوات املتعلقة بديناميكا الكواركات والگليونات‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫األوروبي للبحوث النووي� � ��ة ‪ - CERN‬أنها اآلن أصغر املوائع‬
‫ل� � ��م نتمكن م� � ��ن ملء القط� � ��ع املفقودة الالزم� � ��ة لصياغة قصة‬ ‫وأكثرها اكتماال في العالم‪ .‬ومبراقبة مثل هذه البالزما خالل‬
‫مترابطة وبس� � ��يطة لتبيان كيف تقوم الگليونات بالربط‪ .‬وتغذي‬ ‫تبردها متكن اثنان من� � ��ا (>أولرخ< و>ڤينوجوپاالن<) وآخرون‬
‫أنواع التقانات التي نقوم بتطويرها حاليا آمالنا بفك اللغز بعد‬ ‫من التوصل إلى تصور لكيفية تطور الكون‪ .‬وبهندسة حتطيم‬
‫مرور أربعني س� � ��نة أخرى‪ ،‬وفي النهاية سنحطم اللغز الرئيس‬ ‫البروتونات والنترونات لتنتج بالزما بهذه الطريقة‪ ,‬يس� � ��تطيع‬
‫>‬ ‫املتعلق بكيفية تكوين املادة في أدق مستوياتها‪.‬‬ ‫الباحثون دراس� � ��ة عملية حصر الكواركات والگليونات بشكل‬
‫‪THE WAY FORWARD‬‬ ‫)(‬ ‫معكوس آملني بكشف اللغز املتعلق بكيفية ارتباط الكواركات‬
‫‪quark-antiquark-gloun-bound states‬‬
‫‪quark-gluon plasma‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والگليونات بعضها ببعض‪.‬‬
‫‪tool akin‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪the electron-ion collider‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪the strong force‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫طريق إلى األمام‬
‫()‬

‫بصورة مثالية‪ ،‬يو ّد الفيزيائيون عمل خرائط تبني مواضع‪،‬‬


‫مراجع لالستزادة‬ ‫وحركات وس� � ��پني الگليونات والك� � ��واركات داخل البروتونات‬
‫‪Reliable Perturbative Results for Strong Interactions? H. David Politzer in Physical Review‬‬
‫‪Letters, Vol. 30, No. 26, pages 1346–1349; June 25, 1973.‬‬ ‫والنترون� � ��ات‪ .‬وستس� � ��اعدنا مثل هذه اخلرائط على حس� � ��اب‬
‫‪Ultraviolet Behavior of Non-Abelian Gauge Theories. David J. Gross and Frank Wilczek in‬‬
‫‪Physical Review Letters, Vol. 30, No. 26, pages 1343–1346; June 25, 1973.‬‬
‫مس� � ��اهمات الكواركات والگليونات في كتل جسيمات آبائهم‬
‫الكلية وسپيناتها‪ .‬ومثل هذه اخلرائط ستزودنا بنظرة متعمقة‬
‫‪Scientific American, May 2015‬‬
‫غير مس� � ��بوقة بخصوص نش� � ��اط الكواركات والگليونات في‬

‫‪43‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬ ‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫الساعات في داخلنا‬
‫()‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪44‬‬


‫تعمل جينات في الكبد والبنكرياس والنسج األخرى (ال في الدماغ وحده)‬
‫على إبقاء مختلف أجزاء اجلسم في حالة تناغم زمني‪ .‬وقد يؤدي حدوث‬
‫أخطاء في التوقيت إلى اإلصابة بداء السـكري واالكتئاب وأمراض أخرى‪.‬‬
‫>‪ .W .F‬تورِ ك<‬ ‫>‪ .C .K‬سوما< ‪-‬‬

‫شتى أنحاء العالم حددوا عشرات اجلينات التي تساعد اجلسم‬ ‫يشعر كل من يسافر جوا شرقا أو غربا بسرعة ‪ 500‬عقدة‪،‬‬
‫عل� � ��ى ضبط الوقت‪ ،‬ومن جملتها تلك اجلينات التي باتت تعرف‬ ‫مدة تزيد على بضع س� � ��اعات‪ ،‬مبا يحدث عندما تغدو س� � ��اعة‬
‫بأسماء من مثل‪ :‬ساعة ‪ ،Clock‬واملدة ‪( Per‬اختصارا لـ ‪,)period‬‬ ‫اجلسم الداخلية غير متوافقة مع املنطقة الزمنية(‪ )1‬التي جتد‬
‫وخالدة ‪( Tim‬اختصارا لـ ‪.)timeless‬‬ ‫نفسها فيها‪ .‬ولرمبا احتاج املرء إلى مدة قد تصل إلى أسبوع‬
‫ولئن تركزت دراس� � ��اتنا املخبرية عل� � ��ى الفئران في املقام‬ ‫كي يتجاوز آثار اإلرهاق الناجم عن فرق التوقيت(‪ - )2‬وذلك تبعا‬
‫األول‪ ،‬لتعرفنا جينات س���اعة يوماوية (تتكرر كل ‪ 24‬ساعة‬ ‫ملدى حاجة الس���اعة الرئيسية(‪ ،the master clock )3‬املتوضعة‬
‫تقريبا)(‪ )5‬عن طريق سلسلة مدهشة من املتعضيات احلية(‪،)6‬‬ ‫في أعماق الدماغ‪ ،‬إلى اإلسراع أو اإلبطاء بغية حتقيق التناغم‬
‫بدءا من البكتيريا ومرورا بذباب الفاكهة ووصوال إلى البشر‪.‬‬ ‫الزمني عندما يطلب اجلس � � � ُم والدماغ النو َم بعد حلول الظالم‬
‫ويبدو الكثير من هذه اجلينات متش� � ��ابها في طيف واسع من‬ ‫ف� � ��ي اخلارج‪ .‬لكن ما يثير العجب حقا ما اكتش� � ��فه العلماء ‪-‬‬
‫األنواع ‪ -‬وهذا يدل على أنها كانت ذات أهمية مركزية للبقيا‬ ‫خالل بضع س� � ��نوات ماضية ‪ -‬من أن اجلسم يعتمد‪ ،‬إضافة‬
‫‪ survival‬طوال عملية التطور الطبيعي‪.‬‬ ‫إلى الس� � ��اعة الرئيس� � ��ية في الدماغ‪ ،‬على س���اعات موضعية‬
‫ويتمث� � ��ل التطور األكبر حت� � ��ى اآلن ف� � ��ي إدراك كنه وظيفة‬ ‫‪ regional clocks‬متعددة توجد في الكبد والبنكرياس وغيرهما‬
‫الس� � ��اعات في اضطراب� � ��ات االس���تقالب(‪ ،metabolism )7‬وهو‬ ‫م� � ��ن األعضاء‪ ،‬وكذلك في النس� � ��يج الدهني للجس� � ��م‪ .‬فإذا ما‬
‫مجموع� � ��ة العمليات احليوية التي يحول اجلس� � ��م بوس� � ��اطتها‬ ‫خرج أي من هذه الساعات احمليطية(‪ peripheral clocks )4‬عن‬
‫الغ� � ��ذاء إلى طاقة ويختزن الوقود الس� � ��تعماله الحقا‪( .‬ومن بني‬ ‫تناغمها الزمني مع الساعة الرئيسية‪ ،‬فإن الفوضى احلاصلة‬
‫أكثر النتائج إثارة للدهش� � ��ة أن أهمية توقيت تناول الطعام تبدو‬ ‫قد متهد الس� � ��بيل لإلصابة بالبدانة وداء السكري واالكتئاب‪،‬‬
‫‪THE CLOCKS WITHIN US‬‬ ‫)(‬ ‫وغير ذلك من االضطرابات املعقدة‪.‬‬
‫(‪ :time zone )1‬منطقة جغرافية يستعمل ضمنها توقيت قياسي واحد‪.‬‬
‫(‪ :jet lag )2‬حالة نفس� � ��ية ووظيفية‪ ،‬من مظاهرها التعب وحدة املزاج‪ ،‬يعانيها املس� � ��افر‬ ‫وقد س� � ��عى كالنا جاهدا إلى استقصاء تفاصيل آلية عمل‬
‫بعد رحلة طويلة بالطائرة عبر مناطق زمنية متعددة‪ .‬وتنش� � ��أ عن اختالل اإليقاعات‬ ‫هذه الس� � ��اعات احمليطية وتعرف اجلينات التي تضبط عملها‪.‬‬
‫البيولوجية داخل اجلسم‪ ،‬املتزامنة مع دورة أربع وعشرين ساعة تقريبا‪.‬‬
‫(‪ )3‬أو‪ :‬املركزية‪.‬‬
‫ويذكر أن أول جني ساعة بيولوجية جرى عزله أو استنساخه‪،‬‬
‫(‪ )4‬أو‪ :‬الثانوية‪.‬‬ ‫كان من ذباب الفاكه� � ��ة عام ‪ .1984‬وكان أحدنا (>تورك<) من‬
‫(‪circadian clock genes )5‬؛ أو الساعات (أو جينات ساعة) اليوماوية‪.‬‬
‫(‪living organisms )6‬؛ أو‪ :‬الكائنات احلية‪.‬‬ ‫ضمن أعضاء فريق البحث الذي استنسخ وتعرف عام ‪،1997‬‬
‫(‪ )7‬أو‪ :‬األيض‪.‬‬ ‫جينا آخر لس� � ��اعة بيولوجية‪ ،‬وهو أول جني من نوعه يكتشف‬
‫(‪cellular (or regional) clocks )8‬‬
‫(‪ )9‬أو‪ :‬املركزية‪.‬‬ ‫ف� � ��ي الثدييات‪ .‬وتش� � ��ير أحدث إحصائية إل� � ��ى أن باحثني من‬

‫باختصار‬
‫الدماغ الرئيسية ‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫عميقا داخل الدماغ ترتكز س� � ��اعة رئيسية تضبط توقيت‬
‫وتتنام���ى األدل���ة على أن ه� � ��ذه االضطراب���ات البيوزمنية‬ ‫كثير من العمليات البيولوجية التي حتدث في جسم اإلنسان‪.‬‬
‫‪ chronobiological disruptions‬من شأنها أن تعرض األفراد لإلصابة‬ ‫وفي غضون الس� � ��نوات القليل� � ��ة املاضية‪ ،‬دل���ل الباحثون‬
‫بالبدانة وداء الس� � ��كري واالكتئاب وغيرها م� � ��ن االعتالالت‪ .‬وفي‬ ‫على أن ثمة س���اعات خلوية (أو موضعية)(‪ )8‬قد توجد في الكبد‬
‫الس� � ��نوات القادمة‪ ،‬من املؤمل أن تس� � ��هم إعادة ضبط س� � ��اعات‬ ‫والبنكرياس وأعضاء أخرى من اجلسم كذلك‪.‬‬
‫اجلس� � ��م البيولوجية املتعددة في استعادة الصحة واألداء السليم‬ ‫وغالبا م� � ��ا يكون تن���اول الطعام أو الن� � ��وم في أوقات‬
‫لوظائف األعضاء‪.‬‬ ‫خاطئة مدعاة الختالل تناغم هذه الساعات احمليطية مع ساعة‬

‫‪45‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫املؤلفان‬
‫مختلفة قد تتح� � ��ول من الدورات املعتادة التي مدتها ‪ 24‬س� � ��اعة‬ ‫‪Keith C. Summa‬‬
‫(لفتح اجلينات وإغالقها) إلى دورات مدتها ‪ 20‬أو ‪ 22‬أو حتى ‪30‬‬ ‫>س���وما< طالب دراس� � ��ات عليا تأهل لدرجة الدكتوراه في الطب من كلية‬
‫س� � ��اعة زمنية في بعض األحيان‪ .‬ففي سياق دراسات لتصنيف‬ ‫فاينبرگ الطبية بجامعة نورث ويس� � ��ترن في مدينة ش� � ��يكاغو بوالية إلينوي‬
‫األمريكي� � ��ة‪ .‬ويهت� � ��م بالتعمق في تطبي� � ��ق نتائج بحوث اإليقاع���ات الدورية‬
‫اخلاليـــ� � ��ا وفقـــا لــدوراتهـا الزمني� � ��ة املتبدلة‪ ،‬وفي عام ‪ 1998‬أثبت‬ ‫اليوماوية (‪ )1‬على الطب السريري‪.‬‬
‫>‪ .C‬جونس� � ��ون< وزمالؤه ف� � ��ي جامعة ڤاندربيل� � ��ت اخلاصة في‬ ‫‪Fred W. Turek‬‬
‫مدينة ناشڤيل بوالية تنيسي األمريكية أن البكتيريا الزرقاء التي‬ ‫>ت���ورِ ك< باحث مخت� � ��ص بالبيولوجيا العصبية‪ ،‬ومدي� � ��ر مركز بيولوجيا‬
‫توافقت دورة س� � ��اعتها مع دورة الضوء البيئية(‪ )3‬قد فاقت تلك‬ ‫النوم والبيولوجيا الدورية اليوماوية في جامعة نورث ويسترن‪ .‬وهو املدير‬
‫املؤسس جلمعية بحوث اإليقاعات البيولوجية‪.‬‬
‫الت� � ��ي لم تكن متوافقة معها‪ .‬فمثال‪ :‬في دورة ضوء وظلمة مدتها‬
‫‪ 24‬س� � ��اعة زمنية‪ ،‬تكون البكتيريا الزرقاء الس� � ��وية أسرع منوا‬
‫وأجدى انقس� � ��اما من طفرات ذات دورة مدتها ‪ 22‬س� � ��اعة‪ .‬لكن‬ ‫معادل� � ��ة ألهمية الطعام املتناول نفس� � ��ه من حي� � ��ث ضبط زيادة‬
‫عندما قام >جونسون< وفريق عمله بتعديل دورة الضوء والظلمة‬ ‫ال� � ��وزن‪ ).‬وبطبيعة احل� � ��ال‪ ،‬فإن اإليقاعات اليوماوية ال تفس� � ��ر‬
‫صنعيا إلى ‪ 22‬ساعة زمنية‪ ،‬وجدوا أن تلك الطفرات نفسها بقيت‬ ‫جمي� � ��ع جوان� � ��ب هذه احلاالت املعق� � ��دة‪ ،‬لكنن� � ��ا نتجاهل وجود‬
‫حية بصورة أفضل من البكتيريا الس� � ��وية‪ .‬وللمرة األولى دللت‬ ‫الساعات العديدة في أجسامنا على مسؤوليتنا اخلاصة‪ ،‬ومبا‬
‫هذه التجارب بوضوح‪ ،‬عل� � ��ى أن القدرة على التوفيق الصحيح‬ ‫يحمله ذلك التجاهل من تبعات علينا‪ ،‬علما بأن اإلدراك املتنامي‬
‫لإليقاع���ات االس���تقالبية الداخلي���ة(‪ )4‬مع ال� � ��دورات البيئية من‬ ‫بسرعة لهذه اإليقاعات حري بإحداث تغيير جذري في طرائق‬
‫شأنها أن تعزز املواءمة‪.‬‬ ‫تشخيص األمراض وعالجها في املستقبل‪ ،‬وفي حتسني قدرة‬
‫ومع أن آلية الساعة البشرية تعتمد على جينات تختلف‬
‫(‪)5‬‬
‫األفراد على العناية بصحة أجسادهم ووقايتها من األمراض‪.‬‬
‫عن تلك املوجودة في البكتيري� � ��ا الزرقاء‪ ،‬فإن آلياتنا اليوماوية‬
‫تش� � ��ترك في وجوه تشابه أخرى كثيرة مع آليات هذه الطحالب‬ ‫()‬
‫ساعة رئيسية‬
‫اخلضراء الضاربة إلى الزرقة‪ .‬وهذا يدل على أن كلتا العمليتني‬ ‫وعلى األرض تخض� � ��ع احلياة كلها‪ ،‬من أعقد كائناتها احلية‬
‫نش� � ��أتا منفصلتني في أثناء التطور الطبيعي لتحقيق احلاجات‬ ‫إلى أبس� � ��طها‪ ،‬إليقاع� � ��ات يوماوية توافق الي� � ��وم املؤلف من أربع‬
‫والوظائف البيولوجية نفسها‪.‬‬ ‫وعش� � ��رين ساعة‪ .‬واإليقاعات اليوماوية موجودة حتى في بواكير‬
‫أمناط احلي� � ��اة‪ :‬أي في البكتيريا الزرق���اء ‪ ،cyanobacteria‬وهي‬
‫ساعات محيطية‬
‫()‬
‫طحالب وحيدة اخللية ذات ل� � ��ون أخضر مائل إلى الزرقة‪ ،‬وهذه‬
‫في البداية‪ ،‬افترض الباحثون أنه ليس ثمة س� � ��وى س� � ��اعة‬ ‫الطحالب تنتشر اليوم في بيئات طبيعية ‪ habitats‬شتى‪ .‬وتستمد‬
‫وحيدة تؤدي دور نواس(‪ )6‬ضبط اإليقاع ‪ ،metronome‬وتنظم‬ ‫هذه الكائنات احلية الطاقة من الشمس بعملية التركيب الضوئي‬
‫أع� � ��دادا كبي� � ��رة من العملي� � ��ات البيولوجية ف� � ��ي جميع أجزاء‬ ‫‪ ،photosynthesis‬مس� � ��تعملة الض� � ��وء لتعزي� � ��ز إنت� � ��اج اجلزيئات‬
‫اجلس� � ��م‪ .‬وفي سبعينات القرن العشرين تتبع هؤالء الباحثون‬ ‫العضوية واألكسجني من ثنائي أكسيد الكربون واملاء‪.‬‬
‫هذه الساعة املفترضة وصوال إلى نواة الدماغ الواقعة فوق‬ ‫وثمة ساعة داخلية تمُ كن كل بكتيرة زرقاء من تفعيل آليتها‬
‫نقط���ة تصال���ب العصبني البصري�ي�ن(‪ .)7‬بيد أنه‪ ،‬قبل خمس‬ ‫اخلاصة بالتركيب الضوئي قبل ش� � ��روق الش� � ��مس؛ مما يتيح‬
‫عش� � ��رة س� � ��نة خلت‪ ،‬بدأت تظهر أمارات عل� � ��ى وجود آليات‬ ‫لها البدء باس� � ��تخالص الطاقة حاملا يبدأ الضوء بالس� � ��طوع‬
‫توقيت ثانوية(‪ )8‬في أعضاء ونس� � ��ج وخاليا مستقلة أخرى‪.‬‬ ‫ويعطيها أفضلية على املتعضيات اخللوية التي يقتصر فعلها‬
‫وراحت تتكش� � ��ف للباحث� �ي��ن دالئل على أن جينات الس� � ��اعة‬ ‫على االس� � ��تجابة للضوء ليس إ ّال‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن الساعة متكن‬
‫ذاتها‪ ،‬النش� � ��طة في الدماغ‪ ،‬كانت دائب� � ��ة االنفتاح واالنغالق‬ ‫البكتيري� � ��ا الزرقاء م� � ��ن إيقاف عملية التركي� � ��ب الضوئي عند‬
‫)( ‪MASTER CLOCK‬‬ ‫غروب الش� � ��مس‪ .‬وبذلك تستطيع جتنب تبديد الطاقة واملوارد‬
‫)( ‪PERIPHERAL CLOCKS‬‬
‫(‪circadian rhythums )1‬‬ ‫األخرى على منظومات ال تعمل في الليل؛ إذ ميكن بدال من ذلك‬
‫(‪DNA replication and repair )2‬‬
‫(‪the environmental light cycle )3‬‬ ‫حتويل املوارد إلى تفاعالت أكثر مالءمة للعتمة‪ ،‬مثل تناس���خ‬
‫(‪internal metabolic rhythms )4‬‬
‫(‪the human clock mechanism )5‬‬
‫وجتدد الدنا ‪ ،)2(DNA‬الذي ميكن أن يتأذى باإلشعاع املؤين‬
‫(‪ )6‬أو‪ :‬ب ْندول‪.‬‬
‫(‪the suprachiasmatic nucleus of the brain )7‬‬
‫‪ ionizing radiation‬الصادر عن أشعة الشمس‪.‬‬
‫(‪subordinate timing mechanisms )8‬‬ ‫غير أن س� �ل��االت بكتيرية حتمل طفرات في جينات س� � ��اعات‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪46‬‬


‫آلية عملها‬
‫دوري� � ��ا ف� � ��ي كل خلية من خالي� � ��ا الكبد‬
‫ساعات اجلسم اخللوية املتعددة‬
‫()‬
‫والكليتني والبنكرياس والقلب والنس� � ��ج‬
‫تسير احلياة على األرض على إيقاعات يوم ذي أربع وعشرين ساعة‪ .‬وفي اإلنسان‬
‫األخ� � ��رى‪ .‬وقد بات معلوم� � ��ا لنا اليوم أن‬
‫تتولى ساعة رئيسية في الدماغ ضبط(‪ )3‬ساعات ثانوية توجد في خاليا متعددة‬
‫من اجلسم‪ .‬وعلى وجه التحديد‪ ،‬تتحكم جينات معينة في إنتاج الپروتينات عند‬ ‫هذه الس� � ��اعات اخللوية تضبط نشاط ‪3‬‬
‫أوق����ات مختلف����ة من الي����وم‪ ،‬فتذكي العملي����ات البيولوجية أو تثبطها‪ .‬وقد تنش����أ‬ ‫إل� � ��ى ‪ 10‬في املئة ‪ -‬بل ما ميكن أن يصل‬
‫مشكالت صحية إذا ما اضطرب اتساق تواقت هذه الساعات‪.‬‬ ‫إلى ‪ 50‬في املئة في بعض احلاالت ‪ -‬من‬
‫اجلينات في نسج مختلفة‪.‬‬
‫الدماغ‬ ‫وبالتزامن مع ذل� � ��ك تقريبا‪ ،‬أخذ عدد‬
‫مجموعة من اخلاليا العصبية‬
‫(‪)4‬‬
‫تسمى نواة ما فوق التصالب‬
‫م� � ��ن العلم� � ��اء يتس� � ��اءل ع� � ��ن دور محتمل‬
‫تقتفي الزمن استنادا إلى منبهات‬ ‫تؤدي� � ��ه اإليقاعات اليوماوية في س� � ��يرورة‬
‫خارجية كالضوء والظلمة‪.‬‬ ‫الش� � ��يخوخة‪ .‬وفي ه� � ��ذا الص� � ��دد‪ ،‬طلب‬
‫>تورك< إلى >‪ .A‬إيستون< [طالبة دراسات‬
‫القلب‬ ‫عليا ف� � ��ي جامعة نورث ويس� � ��ترن آنذاك]‬
‫تقوم جينات الساعة البيولوجية‬
‫بتنبيه القلب قبل بزوغ الفجر‬
‫إجراء عدد من التجارب على فئران حتمل‬
‫لتهيئته الحتمال شدائد احلياة‬ ‫طف� � ��رات في جينات الس� � ��اعة البيولوجية‪.‬‬
‫أثناء مدة اليقظة‪ .‬ولعل في هذه‬
‫اإلشارة ما يساعد على إدراك‬
‫وقد الحظت >إيس� � ��تون<‪ ،‬ف� � ��ي أثناء رصد‬
‫سبب حدوث معظم النوبات‬ ‫الس� � ��لوك اليومي حلركة الفئ� � ��ران األكبر‬
‫القلبية في الصباح الباكر‪.‬‬
‫س� � ��نا‪ ،‬أن تلك الفئران تن� � ��زع إلى البدانة‪،‬‬
‫وأنه� � ��ا جت� � ��د صعوبة في التس� � ��لق داخل‬
‫الكبد‬ ‫‪the running wheels‬‬ ‫العج�ل�ات ال���دوارة‬
‫تستطيع ساعة محيطية معينة أن‬
‫تضبط أكثر من عملية واحدة‪ ،‬كما‬ ‫ف� � ��ي أقفاصه� � ��ا‪ .‬وقد دفعنا ه� � ��ذا الرصد‬
‫في إنتاج الكبد جلزيئات السكر‬ ‫إلى تركيز ج� � ��زء من جهودنا البحثية على‬
‫(الگلوكوز) واملركبات الدهنية‬
‫كلتيهما وإطالقهما في الدم‪.‬‬ ‫عملية االس� � ��تقالب واإليقاعات اليوماوية‪.‬‬
‫وفي سلس� � ��لة من االختبارات ُنش� � ��رت في‬
‫البنكرياس‬ ‫املجلة ‪ Science‬عام ‪ ،2005‬دللنا على وجود‬
‫بإمكان الساعات في النسج‬ ‫عالقة بني تبدالت حتصل في جني الساعة‬
‫املختلفة أن تتوازن فيما بينها‪،‬‬
‫فتتيح لإلنسولني‪ ،‬مثال‪ ،‬الذي‬ ‫ونشوء مظاهر البدانة ‪ obesity‬واملتالزمة‬
‫تفرزه غدة البنكرياس ضبط‬ ‫االستقالبية(‪ ،metabolic syndrome )1‬وهي‬
‫السكر (الگلوكوز) املتولد عن الكبد‬
‫واملتحصل من الغذاء املتناول‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مجموعة من الشذوذات الفيزيولوجية‬
‫الت� � ��ي جتعل األفراد أكثر عرضة لإلصابة‬
‫الكلية‬ ‫بأمراض القلب وداء السكري‪ .‬وللوصول‬
‫تتحكم جينات ساعة توجد في‬ ‫إلى تشخيص للمتالزمة االستقالبية ال بد‬
‫الكلية في احتباس وطرح مواد‬
‫مثل الصوديوم والبوتاسيوم‬ ‫م� � ��ن أن يعاني املرء ثالث� � ��ا على األقل من‬
‫والكلوريد (التي تساعد على‬ ‫احل� � ��االت اآلتية‪ :‬تراكم دهن� � ��ي مفرط في‬
‫تعديل ضغط الدم في اجلسم)‪.‬‬
‫منطق� � ��ة البطن ال على الورك� �ي��ن‪ ،‬وارتفاع‬
‫لنسبة الشحوم الثالثية في الدم‪ ،‬وانخفاض‬
‫النسيج الدهني‬
‫قد يفضي تعطل األداء الطبيعي‬
‫ملستويات الكوليس� � ��ترول املفيد (البروتني‬
‫لعمل جينات الساعة في طبقات‬
‫‪The Body’s Many Cellular Clocks‬‬ ‫)(‬
‫النسيج الشحمي للجسم إلى‬ ‫(‪ )1‬أو‪ :‬التناذر االستقالبي‪.‬‬
‫إطالق جزيئات دهنية في الوقت‬ ‫(‪physiological abnormalities )2‬‬
‫“اخلاطئ” من اليوم‪.‬‬ ‫(‪ )3‬أو‪ :‬مواقتة‪.‬‬
‫(‪the suprachiasmatic nucleus )4‬‬

‫‪47‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫الشحمي العالي الكثافة‪ ،‬أو ‪ HDL‬اختصارا) في الدم‪ ،‬وارتفاع في مس� � ��تويات الگلوكوز هو اختفاء اإليقاع� � ��ات التي تتحكم‬
‫لضغط الدم‪ ،‬وارتفاع ملستويات الگلوكوز (سكر العنب) في الدم عادة في األوقات التي يولد فيها الكبد جزيء السكر ويفرزها‬
‫في الدم‪ .‬وهكذا علم أن س� � ��اعة الكبد تس� � ��هم في اإلبقاء على‬ ‫(إشارة إلى وجود مشكلة في معاجلة السكر)‪.‬‬
‫وأثار هذا العمل موجة عارمة من االهتمام بآثار اإليقاعات مستويات گلوكوز الدم في حدودها الطبيعية طوال اليوم كله‪،‬‬
‫اليوماوية في عملية االس� � ��تقالب‪ .‬وأظهرت دراس� � ��ات سابقة فتضم� � ��ن وجود مصدر ثاب� � ��ت وكاف للطاقة يرف� � ��د الوظائف‬
‫أجريت على مستخدمني يعملون وفق نظام املناوبات ‪ -‬فيعانون املستمرة للدماغ وسائر اجلسم‪.‬‬
‫وال غ� � ��رو في أن ثمة حاجة إلى منظومة ضبط مقابلة‪ ،‬للحد من‬ ‫تناقضا دائما بني ساعاتهم الداخلية ‪ internal clocks‬واليوم‬
‫الشمس���ي(‪ - the solar day )1‬إنه� � ��م أكث� � ��ر عرض� � ��ة لإلصابة گلوكوز الدم الزائد اس� � ��تجابة لتناول الطعام‪ .‬والهرمون األساسي‬
‫املسؤول عن ذلك هو اإلنسولني ‪ insulin‬الذي‬ ‫بأمراض اس� � ��تقالبية وآفات قلبية ‪ -‬وعائية‬
‫تف� � ��رزه خالي���ا بيت���ا ‪ beta cells‬املوجودة في‬ ‫واضطرابات معدية ‪ -‬معوية‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬غير إن اإلدراك املتنامي‬
‫البنكري� � ��اس‪ .‬فإذا ما تناول اإلنس� � ��ان طعاما‪،‬‬ ‫بسرعة لإليقاعات‬ ‫أن العاملني على نظام املناوبات يتكش� � ��فون‬
‫دخل الگلوكوز مجرى الدم وحرض على إفراز‬ ‫عادة عن سلوكيات أخرى غير صحية‪ ،‬كعدم‬
‫هرمون اإلنسولني‪ ،‬الذي يؤدي بدوره عمل كابح‬ ‫أن‬ ‫شأنه‬ ‫من‬ ‫(‪)3‬‬
‫اليوماوية‬ ‫أخذ القسط الكافي من النوم وسوء التغذية‬
‫وعدم ممارس� � ��ة الرياضة البدنية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬يحدث تغييرا جذريا الرتفاع مس� � ��تويات الس� � ��كر‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫فقد وج� � ��د الباحثون صعوبة ف� � ��ي التمييز في أسلوب تشخيص اس���تحثاث(‪ )4‬التخلص من الگلوكوز واختزانه‬
‫في العضالت والكبد والنسج األخرى‪.‬‬ ‫بني الس� � ��بب والنتيج� � ��ة‪ .‬وإذ قدمت جتربة‬
‫ومــتـــــابــعــة لهــــذا املــــس � � �ـــاق أجــــرى‬
‫في‬ ‫وعالجها‬ ‫األمراض‬ ‫الفئران الطافرة الساعة (‪ )2‬الدليل اجليني‬
‫>‪ .B‬ماركيڤ� � ��ا< و >‪ .T .J‬ب� � ��اس< (وه� � ��و عضو‬ ‫املستقبل‪.‬‬ ‫الذي يربط بني الس� � ��اعة الداخلية والصحة‬
‫أصيل ‪ -‬مع >تورك< ‪ -‬في فريق البحث في‬ ‫االستقالبية‪ ،‬فقد أسهمت هذه التجربة في‬
‫مضمار االستقالب اليوماوي بجامعة نورث‬ ‫دفع دراس� � ��ة اإليقاعات اليوماوية إلى حقبة‬
‫ويس� � ��ترن) سلسلة من الدراس� � ��ات‪ ،‬ابتغاء حتديد دور الساعة‬ ‫جزيئية أعلى دقة تتيح حتقيق نتائج أكثر حتديدا‪.‬‬
‫البيولوجية في البنكرياس‪ .‬وخلصا إلى أن الساعة البنكرياسية‬
‫ذات دور مهم في اإلبقاء على مستويات سكر الدم ضمن احلدود‬
‫()‬
‫ساعات واستقالب‬
‫ما إن تأكد للباحثني أن اإليقاعات اليوماوية تس� � ��اعد على الطبيعية‪ ،‬وأن تعطلها يلح� � ��ق ضررا فادحا بوظيفة البنكرياس‬
‫ضبط عملية االستقالب حتى بدؤوا يدرسون الساعة احمليطية ويفضي إلى اإلصابة بداء السكري‪ ،‬وهو اضطراب استقالبي‬
‫املوج� � ��ودة في الكبد‪ ،‬والتي تؤدي دورا بالغ األهمية في عملية ال يولد فيه اجلسم سوى النزر اليسير من اإلنسولني‪ ،‬أو يكون‬
‫االستقالب‪ .‬ففي عام ‪ ،2008‬تولى >‪ .K‬الميا< و >‪ .F-.K‬ستورتش< عدمي التأثر به‪ ،‬علما بأن الزيادة املفرطة للسكر تنتهي به ملفوظا‬
‫و >‪ .Ch‬وايت� � ��س<‪ ,‬جميعهم من كلية هارڤ� � ��ارد الطبية حينذاك‪ ،‬خارج اخلاليا وعائما في مجرى الدم‪.‬‬
‫واستهل >ماركيڤا< و >باس< بحوثهما هذه بدراسة نسيج‬ ‫إجراء مجموعة من التجارب باستعمال فئران ألغي فيها جني‬
‫أساسي للس� � ��اعة اليوماوية في خاليا الكبد فقط‪( .‬ويذكر أن بنكرياس� � ��ي مس� � ��تقل‪ ،‬مأخ� � ��وذ من فئران حتم� � ��ل طفرات في‬
‫الفئران تنشط‪ ،‬خالفا لإلنسان‪ ،‬أكثر ما تنشط ليال وتنام نهارا‪ ،‬جينات ساعاتها اليوماوية‪ .‬فالحظا أن مقدار اإلنسولني املفرز‬
‫غير أن دورة النوم واليقظة تضبط من الوجوه األخرى بطريقة اس� � ��تجابة لتحفيز الگلوكوز قد انخفض انخفاضا ش� � ��ديدا‪.‬‬
‫مشابهة‪ ).‬فمن حيث اجلوهر‪ ،‬كانت هذه الفئران بال ساعة في وإنهما اس� � ��تولدا فئرانا ألغيت فيها الس� � ��اعة في البنكرياس‬
‫الكبد‪ ،‬وبساعات طبيعية في مواضع اجلسم األخرى‪ .‬ولوحظ فقط‪ ،‬فأصيبت الفئران بداء الس� � ��كري في املراحل األولى من‬
‫أن الفئ� � ��ران‪ ،‬في أوقات نومها النه� � ��اري (عندما يكون دخلها حياتها‪ ،‬وأبدت انخفاضا كبيرا في إفراز اإلنسولني‪.‬‬
‫ومن ش� � ��أن هذه األمثلة أن توضح نقطة أساس� � ��ية تتصل‬ ‫الغذائ� � ��ي قليال)‪ ،‬قد اعترتها نوبات متطاولة من انخفاض في‬
‫مستويات سكر الدم ‪ ،hypoglycemia‬وهو انخفاض خطر ألن بوظيفة الس� � ��اعات في النسج املختلفة‪ :‬إذ من املمكن أن تكون‬
‫)( ‪CLOCKS AND METABOLISM‬‬
‫(‪ )1‬مدة دوران األرض حول محورها دورة كاملة بالنسبة إلى الشمس‪.‬‬
‫الدماغ قد يبدأ باالنغالق في غضون دقائق إذا لم يستقبل ما‬
‫(‪clock mutant mice )2‬‬ ‫يكفي من الگلوكوز لسد حاجاته من الطاقة‪.‬‬
‫(‪circadian )3‬‬
‫(‪promoting )4‬‬ ‫وأظهرت جتارب أخرى أن الس� � ��بب في حدوث االنخفاض‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪48‬‬


‫وتعمل جينات الس� � ��اعة البيولوجية أيضا ضمن النس� � ��يج‬ ‫له� � ��ا وظائف مختلفة جدا‪ .‬حتى إنها في حاالت معينة‪ ،‬كالكبد‬
‫الشحمي‪ ،‬وتؤثر من هناك في عدة عمليات استقالبية‪ .‬فالدهون‪،‬‬ ‫والبنكري� � ��اس‪ ،‬تقوم بضبط عمليات فيزيولوجية متضادة‪ .‬لكن‬
‫إضافة إلى أنها تعمل عمل مستودع خلزن الطاقة‪ ،‬تؤدي وظيفة‬ ‫هذه الساعات عند دمجها في منظومة عاملة‪ ،‬تنزع إلى مواءمة‬
‫عض� � ��و أصم بحكم إنتاجها لهرمون اللپتني ‪leptin‬؛ فهي تفرز‬ ‫توقيتها بدقة للحفاظ على االتزان الفيزيولوجي ‪homeostasis‬‬
‫في ال� � ��دم هرمونات تحُ دث تغيرات ف� � ��ي فعاليات عمل أعضاء‬ ‫للجسم‪ ،‬أي إنها توفر مستويات مستقرة نسبيا من اجلزيئات‬
‫أخرى في اجلس� � ��م‪ .‬وإل� � ��ى عهد قريب‪ ،‬أنتج >‪ .G‬پاس� � ��كوس<‬ ‫األساس� � ��ية في مواجهة األحوال املتغيرة في البيئة اخلارجية‪.‬‬
‫و >‪ .G‬فيتسجيرالد< [كالهما من جامعة پنسلڤانيا] وزمالؤهما‬ ‫وم� � ��ن منظور أبع� � ��د قليال‪ ،‬ميك� � ��ن تصور الس� � ��اعة اليوماوية‬
‫فئرانا تنقصها ساعة سليمة في اخلاليا الدهنية (الشحمية)‬ ‫الرئيسية على أنها قائد فرقة موسيقية يتمكن من اإلبقاء على‬
‫)‪ ،fat cells (adipocytes‬فوج� � ��دوا أن احليوان� � ��ات قد نزعت إلى‬ ‫نس� � ��ج محيطية عديدة ‪ -‬هي اآلالت املوسيقية ‪ -‬متواقتة بدقة‬
‫البدان� � ��ة وحولت أمن� � ��اط دخلها الغذائي املعت� � ��ادة إلى النهار‪.‬‬ ‫فيما بينها‪ ،‬إحداها بالنسبة إلى األخرى وبالنسبة إلى البيئة‪،‬‬
‫وترتب على ذلك أن صارت اجلزيئات الدهنية تعبر أجس� � ��ادها‬ ‫وهكذا يغدو أداء املنظومة أمثليا‪.‬‬
‫ف� � ��ي الوقت ‪ˮ‬اخلاطئ”‪ ،‬معطلة بذلك ق� � ��درة الدماغ على تنظيم‬
‫توقي� � ��ت الغ� � ��ذاء والدخل الغذائ� � ��ي‪ .‬ويبدو أن ه� � ��ذا التغير في‬ ‫أدوار متعددة‬
‫()‬

‫السلوك الغذائي مزية خاصة باحليوانات التي تفتقر إلى ساعة‬ ‫ومن املكتش� � ��فات املهمة أيضا أن الساعة في نسيج معني‬
‫خاليا دهنية‪ ،‬ألن الفئران التي ألغيت ساعاتها البنكرياسية أو‬ ‫تستطيع أن تؤثر في أكثر من عملية واحدة ضمن ذلك النسيج‪.‬‬
‫الكبدية ما برحت حتتفظ بإيقاعات غذائية سوية‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬تس� � ��تطيع كل ساعة أن تضبط عدة عمليات‪ .‬فساعة‬
‫ويتفق هذا االكتش� � ��اف‪ ،‬املتمثل بتغيير احليوانات أمناطها‬ ‫الكب� � ��د مثال تضبط كامل ش� � ��بكات اجلين� � ��ات الالزمة إلنتاج‬
‫الغذائي� � ��ة وازدياد وزنها ف� � ��ي غياب الس� � ��اعات في خالياها‬ ‫الگلوكوز واس� � ��تقالبه‪ .‬كذلك‪ ،‬وفي عام ‪ ،2011‬دلل >‪ .M‬الزار<‬

‫الدهنية‪ ،‬مع دراسات سابقة أظهرت أن توقيت الدخل الغذائي‬ ‫[من جامعة پنس� � ��لڤانيا] وزمالؤه على أن س� � ��اعة الكبد حتدد‬
‫قد يكون ذا أثر ملحوظ في إدراك مدى فعالية اجلس� � ��م خلزن‬ ‫أيضا مقدار الدهون التي تتراكم في خاليا الكبد‪.‬‬
‫الوقود الذي يستهلكه ويستفيد منه‪ .‬ففي عام ‪ ،2009‬صرحت‬ ‫وفي هذا املثال‪ ،‬قرر >الزار< وزمالؤه أن جني س� � ��اعة يدعى‬
‫>‪ .D‬آربل< [طالبة دراسات عليا كانت تعمل حينذاك مع فريقنا‬ ‫‪ Rev-erbα‬يعمل عمل ُمؤقِّت إلنزمي يتحكم في النفاذ إلى األوامر‬
‫في نورث ويس� � ��ترن] عن أن فئرانا أعطيت غذاء عالي نس� � ��بة‬ ‫اجليني� � ��ة املوجودة ضمن ج� � ��زيء الدن���ا(‪ .DNA )1‬وهذا اإلنزمي‬
‫الدهون في الوقت ‪ˮ‬اخلاطئ” من النهار حصرا قد زاد وزنها‬ ‫املس� � ��تهدف املشار إليه ‪ -‬واسمه هيستون ديأسيتيليز ‪- )2(3‬‬
‫أكثر بكثير من حيوانات أعطيت الغذاء ذاته في ساعات الظلمة‬ ‫يؤثر ف� � ��ي العملية التي تفضي بجدائل ‪ strands‬معينة من الدنا‬
‫فق� � ��ط‪ .‬ولوحظ أن هذه الفروق في الوزن ظلت مس� � ��تمرة على‬ ‫إلى التكور على ش� � ��كل ملفات متراصة إلى درجة يتعذر معها‬
‫الرغ� � ��م من تش� � ��ابه الدخل اإلجمالي من الوح� � ��دات احلرارية‬ ‫على اخللية اس� � ��تعمال املعلومات الوراثية التي في داخلها بغية‬
‫(السعرات) والنشاط البدني في كلتا املجموعتني‪.‬‬ ‫حفز عملياتها البيولوجية‪.‬‬
‫وحديثا أكثر‪ ،‬توسع >‪ .S‬پاندا< وفريق عمله في معهد سولك‬ ‫وباستعمال خدعة جينية أثبت >الزار< وفريق عمله أن حجب‬
‫للدراسات البيولوجية في الهويا بوالية كاليفورنيا األمريكية في‬ ‫اجل� �ي��ن ‪ ،Rev-erbα‬الذي يعوق بدوره نش� � ��اط اإلنزمي ‪،HDAC3‬‬
‫دراس� � ��ة هذه النتائج‪ ،‬وأظهروا أن قصر الدخل الغذائي العالي‬ ‫يؤدي إل� � ��ى اإلصابة بحالة مرضية تعرف بـ تش���حم الكبد‪ ،‬أو‬
‫الدهون في الفئران على فترة ثماني ساعات زمنية أثناء الوقت‬ ‫الكب���اد الدهن���ي(‪ .)3‬وقد تبني للباحث� �ي��ن أن من وظائف اإلنزمي‬
‫الطبيعي لتناولها الغذاء (وهو وقت الظلمة) قد حال دون حصول‬ ‫‪ HDAC3‬إغالق اجلينات التي تتحكم في إنتاج اجلزيئات الدهنية‬
‫البدانة واخللل في الوظائف االستقالبية‪ ،‬من دون أي تخفيض‬ ‫ليال (أي وقت نشاط الفئران وحاجتها إلى استعمال مخزونها‬
‫في الدخل احلراري‪ .‬وواق� � ��ع األمر أن لهذه احليوانات مالمح‬ ‫الدهني لتوليد الطاقة)‪ .‬ويتس� � ��بب فقد جني الس� � ��اعة في هبوط‬
‫‪ profiles‬صحية اس� � ��تقالبية تشبه ما للفئران التي أكلت الغذاء‬ ‫مقدار اإلنزمي ‪ ،HDAC3‬وهذا بدوره يحمل اجلينات املس� � ��ؤولة‬
‫الصفحة ‪70‬‬ ‫التتمة في‬ ‫عن تكوين الدهون في الكبد على البقاء في وضع االنفتاح ‪the‬‬

‫‪MULTIPLE ROLES‬‬ ‫)(‬ ‫‪ .on position‬وينجم عن فرط النش� � ��اط هذا تراكمات وترسبات‬
‫(‪ )1‬احلمض النووي الريبي املنقوص األكسجني‪.‬‬ ‫شحمية غير سوية في خاليا الكبد‪ ،‬وهي سيرورة تعطل وظيفة‬
‫(‪histone deacetylase 3 )2‬؛ واختصارا‪.HDAC3 :‬‬
‫(‪hepatic steatosis )3‬‬ ‫الكبد‪ ،‬وتأتي عادة مصاحبة للبدانة وداء السكري‪.‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫()‬

‫كيف تنجو من حرب إلكترونية‬


‫اخلطوة األولى‪ :‬ال تعتمد على اآلخرين للحفاظ على سالمتك‪.‬‬
‫>‪ .K‬إيالزاري<‬

‫تتزايد في الس� � ��نوات املقبلة‪ ،‬وهذا يشكل لنا مشكلة‪ .‬ونظرا‬ ‫مييل العاملون في مج� � ��ال احلفاظ على األمن اإللكتروني‬
‫ألن كل واح� � ��د منا متصل اآلن بطريق� � ��ة أو بأخرى بالفضاء‬ ‫إلى القول إنه يوجد نوعان من املنظمات ‪ -‬منظمات تعرضت‬
‫اإللكتروني ‪ - cyberspace‬س� � ��واء ع� � ��ن طريق هواتفنا أم عن‬ ‫ألخط� � ��ار نتيجة هج� � ��وم إلكتروني‪ ،‬وأخ� � ��رى ال عهد لها بهذه‬
‫طري� � ��ق حواس� � ��يبنا احملمولة أو ش� � ��بكات ش� � ��ركاتنا ‪ -‬فإننا‬ ‫األخطار حتى اآلن‪ .‬والعناوين احلديثة لوسائل اإلعالم تثبت‬
‫جميعا معرضون للخطر ‪ .vulnerable‬فالشبكات واملخدمات‬ ‫أن هذه املالحظة صحيحة إلى حد كبير‪ .‬فقد س� � ��رق مجرمو‬
‫واحلواس� � ��يب الشخصية واحلس� � ��ابات املخترقة هي جميعا‬ ‫اإلنترنت املعلومات املدرجة في بطاق� � ��ات االئتمان والبيانات‬
‫موارد أساس� � ��ية ملجرمي اإلنترنت وجواسيس احلكومة على‬ ‫الشخصية ملاليني الناس من شركات عديدة منها الشركات‪:‬‬
‫حد س� � ��واء‪ .‬فشبكة ش� � ��ركتك أو ألعاب حاسوبك الشخصي‬ ‫‪ Target‬و ‪ Home Depot‬و ‪ .JPMorgan Chase‬واكتش� � ��ف‬
‫ميكن أن تصبح بس� � ��هولة أداة أخرى في ترسانة املجرمني ‪-‬‬ ‫باحثون أمنيون في مجال املعلوميات عيوبا أساس����ية ‪flaws‬‬
‫أو جواس� � ��يس اإلنترنت العامل� �ي��ن لصالح الدول� � ��ة‪ .‬كما أنه‬ ‫(‪)1‬‬
‫في عناصر بناء اإلنترنت مثل ما يس� � ��مى ثغرة الهارتبليد‬
‫من املمكن اس� � ��تخدام احلواس� � ��يب املخترق� � ��ة كنقطة انطالق‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪ Heartbleed vulnerability‬ف� � ��ي مكتبة برمجيات التش����فير‬
‫للهجوم التالي أو جعلها جزءا من شبكة البوتـنت(‪,botnet )4‬‬ ‫‪ OpenSSL‬الشعبية‪ .‬كما أن هجوم تدمير بيانات واسع النطاق‬
‫وهي ش� � ��بكة خبيثة تضم أجهزة حواس� � ��يب مخترقة‪ ,‬أجهزة‬ ‫َر ّد الش� � ��ركة ‪ Sony Pictures Entertainment‬إلى عصر الورقة‬
‫زومب����ي(‪ُ ،zombie devices )5‬تس� � ��تأجر بالساعة لشن هجمات‬ ‫والقلم‪ ،‬وتمَ كَّن مجرمون آخرون من الوصول إلى بيانات ألكثر‬
‫حج����ب اخلدمة ‪ denial-of-service‬أو إرسال رسائل مزعجة‬ ‫من ‪ 80‬ملي� � ��ون زبون في الش� � ��ركة ‪ Anthem‬العمالقة للتأمني‬
‫(سپام) ‪.spams‬‬ ‫الصحي‪ .‬وهذه ليست إال مجرد حوادث علمنا بها‪.‬‬
‫واس� � ��تجابة ملثل هذه التهديدات‪ ،‬فإن ردة الفعل الطبيعية‬ ‫وال ش� � ��ك في أن الهجمات في احلرب اإللكترونية س� � ��وف‬
‫للحكوم� � ��ات س� � ��واء في الوالي� � ��ات املتحدة أم ف� � ��ي غيرها هو‬
‫عس� � ��كرة الفضاء اإللكتروني في محاول� � ��ة احملافطة على أمن‬ ‫باختصار‬
‫العالم الرقمي باس� � ��تخدام البيروقراطي� � ��ة املركزية والوكاالت‬ ‫س� � ��وف تصبح الهجمات اإللكترونية أكثر ش� � ��يوعا في‬
‫الس� � ��رية‪ .‬ولكن مثل هذا النهج ال ميكن أن ينجح إطالقا‪ .‬وفي‬ ‫الس� � ��نوات القادمة‪ ،‬وهذا ليس مجرد مش� � ��كلة تواجه الشركات‬
‫الكب� � ��رى واحلكومات فقط‪ :‬فكل ش� � ��خص يس� � ��تخدم التقانات‬
‫‪HOW TO SURVIVE CYBERWAR‬‬ ‫)(‬
‫(‪ = Heartbleed )1‬هارتبليد «نزيف القلب»‪ :‬ثغرة أمنية (خطأ برمجي) في مكتبة التشفير‬ ‫احلديثة سوف يكون هدفا ملثل هذه الهجمات‪.‬‬
‫‪ ،OpenSSL‬وهو تطبيق‪ ‬يحتوي على أدوات التش� � ��فير ويستعمل‪ ‬البروتوكوالت ‪SSL‬‬ ‫إن ما يتعرض للخطر ليس مجرد البيانات أو «األس� � ��رار‪».‬‬
‫(طبقة مآخذ التوصيل اآلمنة)‪.‬‬ ‫فاألم� � ��ن اإللكتروني هو حاليا حلماية األش� � ��ياء‪ ،‬والبنى التحتية‬
‫(‪cryptographic software library )2‬‬
‫(‪distributed immune system )3‬‬ ‫وسير العمليات – أي التقانات التي تدعم احلياة العصرية‪.‬‬
‫(‪ botnet )4‬البوتـنت (شبكة الروبوت)‪ :‬هي مجموعة ضخمة من األجهزة التي مت اختراقها‬ ‫ليس بإمكان احلكومات وشركات التقانة أن تؤمن الفضاء‬
‫عن طريق‪ ‬اإلنترنت‪ ‬كل واحد منها يس� � ��مى‪ ‬بوت‪ .‬وتسمية البوتنت هذه مشتقة من كلمة‬ ‫اإللكتروني وحدها‪ .‬وذلك س� � ��يحتاج إلى نظام حصانة موزع(‪،)3‬‬
‫”‪ “Robot Network‬أي ش� � ��بكة الروب� � ��وت؛ حي� � ��ث إن األجهزة تخدم البوت ماس� � ��تر دون‬
‫اختيارها‪ ،‬متاما مثل أجهزة الروبوت‪ .‬ومبجرد أن ينضم اجلهاز إلى ش� � ��بكة الروبوت‪،‬‬
‫نظام مبساعدة قراصنة احلاسوب ‪ -‬للقيام بالعمل‪.‬‬
‫فإن البوت ماستر يستطيع التجسس على صاحب اجلهاز دون أن يشعر بذلك‪.‬‬ ‫يكون لألفراد دور يؤدونه‪ .‬فكل ش� � ��خص متصل بالش� � ��بكة‬
‫(‪ )5‬أجهزة زومبي ”‪ “zombie devices‬في علوم احلاس� � ��وب‪ :‬زومبي هو حاسوب متصل‬ ‫اإللكتروني� � ��ة يتعني عليه دعم نظام احلصانة اجلماعي من خالل‬
‫باإلنترنت مت اختراقه من قبل القراصنة‪ ،‬ميكن أن يس� � ��تخدم ڤيروس احلاسوب أو‬ ‫ممارسة املعادل اإللكتروني للنظافة الشخصية‪.‬‬
‫طروادة لتنفيذ املهام اخلبيثة من نوع أو آخر في إطار التوجيه من بعد‪.‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪50‬‬


‫األقاليم ميكن أن تتحكم فيها احلكومات أو القوات املس� � ��لحة‬
‫بفعالي� � ��ة ‪ -‬حتى ولو طلبنا إليها القيام بذلك‪ .‬فمعظم التقانات‬
‫والشبكات التي تشكل الفضاء اإللكتروني هي مملوكة وتدار‬
‫من قبل شركات ربحية متعددة اجلنسيات‪.‬‬ ‫املؤلفة‬
‫‪Keren Elazari‬‬
‫وه� � ��ذه التقان� � ��ات التي يتأل� � ��ف منها الفض� � ��اء اإللكتروني‬ ‫>إيالزاري< خبيرة إس� � ��رائيلية في مجال األمن اإللكتروني عملت مع شركات األمن‬
‫تزداد بس� � ��رعة عددا وتنوعا‪ .‬فش� � ��ركة بيع تقانات الش� � ��بكات‬ ‫الرائدة واملؤسسات احلكومية وشركات كبرى مصنفة ضمن ‪Fortune 500 companies‬‬
‫وحديثها لـسلس� � ��لة تيد )‪ )1((TED‬على قراصنة احلواس� � ��يب شوهد أكثر من ‪ 1.2‬مليون‬
‫‪ Cisco Systems‬تتوق� � ��ع أن� � ��ه بحلول عام ‪ 2020‬س� � ��يكون هناك‬ ‫مرة وترجم إلى ‪ 24‬لغة ومت اختياره ضمن قائمة تيد «األفكار األقوى»‪.‬‬
‫‪ 50‬بليون جهاز متصل بش� � ��بكة اإلنترنت‪ ،‬مبا في ذلك نس� � ��بة‬
‫كبي� � ��رة من األجه� � ��زة واألنظمة التي يكون له� � ��ا عالقة باألمور‬
‫الصناعية والعس� � ��كرية والطيران‪ .‬ونظرا ألن كل شيء جديد‬ ‫الواقع‪ ،‬وألسباب سوف نتعرض لها الحقا‪ ،‬فإن هذا املنهج قد‬
‫يتم وصله بالفضاء اإللكترون� � ��ي؛ فهذا الفضاء هدف محتمل‬ ‫يجعل األمور أسوأ‪ .‬فمشكلة األمن اإللكتروني تشبه مشكالت‬
‫لهجوم إلكتروني‪ ،‬الس� � ��يما وأن املهاجمني بارعون في العثور‬ ‫الصح� � ��ة العامة؛ إذ إن الوكاالت احلكومية مثل مراكز مراقبة‬
‫على الروابط األضعف في أي ش� � ��بكة من الش� � ��بكات‪ .‬وعلى‬ ‫األم� � ��راض والوقاية منها تؤدي أدوارا مهمة‪ ،‬ولكنها ال تتمكن‬
‫س� � ��بيل املثال‪ ،‬فإن قراصنة احلاس� � ��وب الذين اخترقوا نظام‬ ‫وحدها من وقف انتش� � ��ار األمراض‪ .‬إذ ميكنه� � ��ا فقط القيام‬
‫أمكنة بيع التجزئة في الشركة ‪ Target‬وسرقوا ماليني بطاقات‬ ‫بوظائفها فيما إذا قام املواطنون بوظائفهم‪.‬‬
‫االئتمان قد متكنوا من الوصول إلى شبكة متاجر التجزئة عن‬
‫طريق اختراق هدف أس� � ��هل وهو الشركة ‪Fazio Mechanical‬‬
‫()‬
‫اتساع نطاق الفضاء اإللكتروني‬
‫‪Services‬؛ وهي ش� � ��ركة صيانة أجهزة التبري� � ��د التي تنتجها‬ ‫إن أح� � ��د جوان� � ��ب التحدي الذي نواجهه ف� � ��ي مجال حماية‬
‫شركة ‪ Target‬للتدفئة والتبريد‪ .‬كما أن اجلواسيس الصينيني‬ ‫الفض� � ��اء اإللكتروني هو عدم وجود مج� � ��ال واحد لهذا الفضاء‬
‫الذين ادعوا أنهم متكنوا عام ‪ 2011‬من اختراق شبكات شركة‬ ‫اإللكترون� � ��ي‪ ،‬فهو فضاء واس� � ��ع يضم أنظم� � ��ة متعددة متصلة‬
‫الدفاع ‪ ،Lockheed Martin‬فإنهم قد حققوا ذلك بأن قاموا أوال‬ ‫بعضها ببع� � ��ض‪ ،‬فضال عن أنه نظام يتغي� � ��ر ويتطور مع مرور‬
‫بالقرصنة على الش� � ��ركة ‪ RSA‬لألم� � ��ن اإللكتروني التي تزود‬ ‫الوق� � ��ت‪ .‬وإلدراك ه� � ��ذه احلقيق� � ��ة‪ ،‬فالبد لنا م� � ��ن الرجوع إلى‬
‫الشركة ‪ Lockheed Martin‬بش� � ��هادات أمنها اإللكتروني‪ .‬أما‬ ‫عم� � ��ل قام به قب� � ��ل نصف قرن >‪ .N‬واينر< [أس� � ��تاذ الرياضيات‬
‫الش� � ��ركة ‪ ،RSA‬فقد تعرضت هي نفس� � ��ها للخطر بس� � ��بب أن‬ ‫ف� � ��ي املعه� � ��د )‪ .](M.I.T.‬ففي عام ‪ 1948‬قام >واينر< باس� � ��تعارة‬
‫موظفا في شركتها األم‪ ،‬وهي الشركة ‪ ،EMC‬فتح ملف إكسل‬ ‫كلم� � ��ة ‪ )2(cybernetics‬من قدماء اليونانيني من أجل وصف الفرع‬
‫‪ Excel‬مرفق ًا برسالة إلكترونية بدا له أنه غير مؤذ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫العلمي اجلديد ال� � ��ذي كان يطوره أال وهو علم التحكم اآللي‬
‫إن أش� � ��ياء أو أجه���زة إنترنت األش���ياء(‪ )3‬ليس� � ��ت مجرد‬ ‫الذي وصفه بأنه دراس� � ��ة «التحكم والتواص� � ��ل في احليوانات‬
‫نوافذ متكن املهاجمني أن يتسللوا عبرها‪ :‬فهي نفسها أهداف‬ ‫واآلالت»‪ .‬وكان� � ��ت ه� � ��ذه الكلمة اليوناني� � ��ة ‪ kybernētēs‬تدل على‬
‫لتخري� � ��ب محتمل‪ .‬فقد َبينّ باحثون ف� � ��ي مجال األمن في عام‬ ‫الشخص الذي يدير دفة السفينة أو القبطان الذي يوجه السفن‬
‫‪ ،2008‬أن بإمكانه� � ��م عن بعد اخت� � ��راق أجهزة ضبط نبضات‬ ‫املبحرة في البحر األبيض املتوس� � ��ط‪ .‬وبهذا التماثل ‪،analogy‬‬
‫فإن الفض���اء اإللكتروني ‪ cyberspace‬يج� � ��ب أن ُيفهم على أنه‬
‫‪THE VASTNESS OF CYBERSPACE‬‬ ‫)(‬
‫(‪ TED )1‬اختص� � ��ار لـ‪ ‬تقانة‪ ،‬ترفيه‪ ،‬تصمي���م ‪ :Technology, Entertainment, Design‬هي‬ ‫مجموعة من تقان� � ��ات إلكترونية ورقمية متصلة بعضها ببعض‪،‬‬
‫سلس� � ��لة من‪ ‬املؤمترات‪ ‬العاملية التي ته� � ��دف إلى تعريف ونش� � ��ر األفكار اجلديدة‬ ‫بحيث متكن من التحكم والتواصل بني جميع األنظمة األساسية‬
‫واملتمي� � ��زة للعال� � ��م وترعاها «مؤسس� � ��ة س� � ��ابلنج‪ ‬األمريكية» وهي مؤسس� � ��ة‪ ‬غير‬
‫ربحية‪ ‬خاصة شعارها «أفكار تستحق االنتشار»‪.‬‬ ‫ف� � ��ي احلياة العصرية‪ .‬فالفضاء اإللكتروني يتألف من سلس� � ��لة‬
‫(‪ = cybernetics )2‬عل� � ��م التحك� � ��م اآللي‪ ،‬وه� � ��و العلم الذي ي� � ��درس التحكم والتواصل‬ ‫ضخم� � ��ة من تقانات التحكم واالتصاالت من بعد بدءا من متكني‬
‫اإللكتروني في اآلالت والكائنات احلية‪.‬‬
‫(‪ :Internet of Things )3‬إنترنت األش� � ��ياء هي ش� � ��بكة من األش� � ��ياء املادية أو «األشياء»‬ ‫بث األوامر إلى نظام مضخات اإلنس� � ��ولني املدمجة املزروعة في‬
‫املضمن� � ��ة مع اإللكتروني� � ��ات والبرمجيات وأجهزة االستش� � ��عار واالتصال لتمكني‬ ‫أجسام املرضى وصوال إلى سواتل نظام حتديد املواقع على‬
‫الكائنات إلى تبادل البيانات مع الش� � ��ركة املص ِّنعة أو املش� � ��غل أو األجهزة املتصلة‬ ‫الكرة األرضية ‪.GPS satellites‬‬
‫األخ� � ��رى‪ .‬وما مييز إنترنت األش� � ��ياء أنها تتيح لإلنس� � ��ان التح� � ��رر من املكان‪ ،‬أي‬
‫إن الش� � ��خص يس� � ��تطيع التحكم في األجهزة (كالب ّراد‪ ،‬على سبيل املثال) من دون‬ ‫إن الفضاء اإللكتروني ليس مشاعا من املشاعات العامة؛‬
‫احلاجة إلى الوجود في مكان محدد للتعامل مع جهاز معني‪.‬‬ ‫فهو لي� � ��س كاملياه الدولي� � ��ة أو القمر‪ .‬إنه لي� � ��س مجموعة من‬

‫‪51‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫الشبكات العاملية معرضة لهجات قراصنة احلاسوب‪ ،‬كما أن‬ ‫القلب املزروعة في أجس� � ��ام املرضى‪ .‬ومنذ ذلك احلني أظهر‬
‫(‪)4‬‬
‫جماعات س� � ��رية مثل وكالة األمن القوم���ي األمريكية )‪(NSA‬‬ ‫قراصنة احلاسوب أن بإمكانهم اختطاف مضخات اإلنسولني‬
‫تس� � ��تثمر املاليني من أجل كش� � ��ف العيوب التقانية التي تمُ كن‬ ‫املزروعة في أجس� � ��ام املرضى باس� � ��تخدام إشارات السلكية‬
‫املهاجم من السيطرة على نظام من األنظمة‪.‬‬ ‫تعطى تعليمات لهذه املضخات لتحقن اإلنس� � ��ولني في مجرى‬
‫إن مخ� � ��اوف ش� � ��خص ما من تعرضه لهج� � ��وم ثغرة أمنية‬ ‫دماء هؤالء املرضى‪ ،‬وهذا قد يؤدي إلى نتائج مميتة‪.‬‬
‫هي مبثابة س� �ل��اح س� � ��ري لش� � ��خص آخر‪َ .‬ف ِّكر مليا في ثغرة‬ ‫كما أن البن� � ��ى التحتية املادية معرض� � ��ة للهجوم‪ ،‬وهو ما‬
‫الهارتبليد‪ .‬وإذا كنت قد اس� � ��تخدمت اإلنترنت في الس� � ��نوات‬ ‫علمناه عام ‪ 2010‬عندما تبني أن الڤيروس احلاس� � ��وبي املؤذي‬
‫اخلمس األخيرة‪ ،‬فإن معلوماتك رمبا تكون قد ُش ِّفرت أو فكك‬ ‫املس� � ��مى ‪ Stuxnet‬كان مس� � ��ؤوال عن الدمار الذي انتشر على‬
‫تش� � ��فيرها من قبل مكتبة برمجيات التش� � ��فير ‪ .OpenSSL‬إن‬ ‫نطاق واس� � ��ع في أجهزة الطرد املركزية لتخصيب اليورانيوم‬
‫الـ ‪( SSL‬طبقة مآخذ التوصيل اآلمنة) هي التقانة األساس� � ��ية‬ ‫في مصنع س� � ��ري في ناتانز(‪ )1‬بإي� � ��ران‪ .‬وكان هذا الڤيروس‪،‬‬
‫التي تقف وراء رم� � ��وز «القفل» التي نراها على املواقع اآلمنة‬ ‫ال� � ��ذي يقال إنه ثمرة تعاون وثيق ومكلف بني الواليات املتحدة‬
‫للش� � ��بكات‪ .‬لق� � ��د كان الهارتبلي� � ��د ‪ ,Heartbleed‬ويعني «نزيف‬ ‫األمريكية وإس� � ��رائيل‪ ،‬ه� � ��و مبثابة مرحلة تاريخي� � ��ة‪ :‬إذ كان‬
‫القل� � ��ب» نتيجة خلطأ برمج� � ��ي في ملحق مت� � ��داول كثيرا من‬ ‫بإمكان كود احلواسيب الرقمي تعطيل وتدمير األنظمة املادية‬
‫ملحقات مكتبة برمجيات التشفير ‪ OpenSSL‬وامللحق ببرنامج‬ ‫التماثلي���ة ‪ .analog‬وقد تعززت هذه املرحلة من ج ّراء هجمات‬
‫الهارتبي� � ��ت ‪« Heartbeat‬ضرب� � ��ات القل� � ��ب»‪ ،‬وم� � ��ن هنا جاءت‬ ‫أخرى حدث� � ��ت منذ ذلك احلني‪ .‬ففي الش� � ��هر ‪ ،2014/12‬أعلن‬
‫تس� � ��ميته‪ .‬وعندم� � ��ا جرى اس� � ��تثمار الهارتبلي� � ��د‪ ،‬هذا اخلطأ‬ ‫املكتب االحتادي األملاني ألمن املعلومات أن قراصنة احلاسوب‬
‫البرمجي‪ ،‬متكن املـتنصتون من الوصول بسهولة إلى مفاتيح‬ ‫عطل� � ��وا أنظمة في مصنع للصلب؛ مما حال دون إغالق الفرن‬
‫أي أمن‬ ‫العالي مس� � ��ببا «ضررا بالغا لهذه األنظمة»‪ .‬وقبل ذلك بثالثة‬
‫تش� � ��فير وأسماء املس� � ��تخدمني وكلمات السر‪ ،‬جاعلة َّ‬
‫للتشفير توفره التقانة ‪( SSL‬طبقــة مآخذ التوصيل اآلمنة) دون‬ ‫أشهر هاجم قراصنة حاسوب صينيون مواقع شبكة اإلدارة‬
‫جدوى‪ .‬وهكذا‪ ،‬بقيت مكتبة برمجيات التشفير ‪ OpenSSL‬طيلة‬ ‫الوطنية للمحيطات والغالف اجلوي األمريكية(‪ )2‬التي تقوم‬
‫عامني عرضة للهجوم قبل أن يكتشف اخلطأ البرمجي فريقان‬ ‫مبعاجلة البيانات من السواتل املستخدمة في مجال الطيران‬
‫منفصالن م� � ��ن الباحثني في مجال األمن (أحدهما برئاس� � ��ة‬ ‫واالستجابة للكوارث واملهمات احليوية األخرى‪.‬‬
‫>‪ .N‬ميهت� � ��ا< [اخلبير األمني لدى گ� � ��وگل ‪ ]Google‬واآلخر في‬ ‫وه� � ��ذا ما يعني أن األمن اإللكترون� � ��ي ليس مجرد ضمان‬
‫الشركة ‪ Codenomicon‬ومقرها فنلندا)‪ ،‬وبعد ذلك ببضعة أيام‬ ‫أمن احلواسيب والشبكات و ُمخ ِّدمات اإلنترنت(‪ .)3‬إنه بالتأكيد‬
‫ليس مجرد احلفاظ على «األسرار» ‪ secrets‬آمنة (إذا افترضنا‬
‫ذك� � ��رت مجلة ‪ Bloomberg Business Week‬أن مصادر مجهولة‬
‫أن گ���وگل ‪ Google‬وفيس���بوك ‪ Facebook‬يجهالن الكثير عن‬
‫لم حتددها ادعت أن الـوكالة  ‪ NSA‬كانت لس� � ��نوات تس� � ��تخدم‬
‫أخبارن� � ��ا)‪ .‬واملعرك� � ��ة احلقيقية في الفض� � ��اء اإللكتروني هي‬
‫هذه العيوب للتجسس على الشبكة اإللكترونية‪.‬‬
‫حول حماية األشياء والبنى التحتية وسير العمليات‪ .‬فاخلطر‬
‫لقد كرس العديد م� � ��ن القوى القيادية في العالم أفضل ما‬
‫احلقيق� � ��ي يتمثل بإمكانية تدمير وتخريب التقانات التي نعتمد‬
‫لديه من املواهب وأنفقت ماليني الدوالرات من أجل العثور على‬
‫عليها كل يوم سواء في سياراتنا أم في أجهزة الصرافة اآللية‬
‫ثغرات أمنية ‪ -‬كثغرة الهارتبليد ‪ -‬واس� � ��تثمارها‪ .‬واحلكومات‬
‫‪ ATMs‬أم في األجهزة الطبية ‪ ،‬وكذلك في شبكاتنا الكهربائية‬
‫أيضا تقوم بش� � ��راء أخطاء برمجية ‪ bugs‬من الس� � ��وق احلرة‬
‫وس� � ��واتل اتصاالتنا وشبكات هواتفنا‪ .‬فاألمن اإللكتروني من‬
‫لتساعد على احلفاظ على جتارة الثغرات األمنية‪ ،‬وهناك عدد‬
‫شأنه حماية أسلوب حياتنا‪.‬‬
‫متزايد من الشركات يعمل في هذا املجال مثل الشركة ‪Vupen‬‬
‫‪ Security‬الفرنس� � ��ية والش� � ��ركة ‪ Exodus Intelligence‬ومقرها‬ ‫دور احلكومات‬
‫()‬

‫أوس� �ت��ن‪ ،‬واملتخصصة باكتشاف وبيع هذه األخطاء البرمجية‬


‫تواج� � ��ه احلكومات صراعا عميقا عندما يتعلق األمر بأمن‬
‫الثمينة‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فإن بعض احلكومات أنفقت أمواال طائلة‬
‫الفضاء اإللكتروني‪ .‬فالعديد من الوكاالت في الواليات املتحدة‪،‬‬
‫)( ‪THE ROLE OF GOVERNMENT‬‬
‫(‪Natanz )1‬‬ ‫مب� � ��ا فيها وزارة األم� � ��ن الوطني لديها اهتم� � ��ام جدي بحماية‬
‫(‪the U. S. National Oceanic and Atmospheric Administration )2‬‬
‫(‪ )3‬أو‪ :‬الشبكة العنكبوتية‪.‬‬
‫الش� � ��ركات الوطنية واملواطنني من الهجمات اإللكترونية‪ .‬ومع‬
‫(‪the National Security Agency )4‬‬ ‫ذل� � ��ك‪ ،‬فإن جهات حكومية أخرى ترى أنها تس� � ��تفيد من إبقاء‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪52‬‬


‫على أبحاث وتطوي� � ��ر الهجمات اإللكترونية تفوق األموال التي‬
‫أنفقتها عل� � ��ى أبحاث الدفاع عن املج� � ��ال اإللكتروني‪ .‬فوزارة‬
‫الدفاع األمريكية توظف جيوشا من الباحثني في مجال الثغرات‬
‫األمنية‪ ،‬فضال عن أن الوكالة ‪ NSA‬تنفق‪ ،‬كما قيل‪ ،‬على أبحاث‬
‫الهجوم ف� � ��ي املجال اإللكتروني أكثر مبرتني ونصف املرة مما‬
‫تنفقه في مجال أبحاث الدفاع عن الفضاء اإللكتروني‪.‬‬
‫وجميع ما ذكر حتى اآلن ال نقصد به القول إن احلكومات‬
‫هي حكومات مجرمة أو إنها معادية لألمن اإللكتروني‪ .‬ولكن‬
‫من الس� � ��هل أن نرى خلفيات ودور وكاالت مثل الوكالة ‪NSA‬‬
‫التي تنحدر منها‪ .‬إن مهمتها هي جمع املعلومات االستخبارية‬
‫ملن� � ��ع حدوث أعمال رهيبة؛ فمن املعقول أنها ستس� � ��تخدم كل‬
‫وسيلة في متناول يدها لتحقيق ذلك‪ ،‬وفي مقدمتها جمع مثل‬
‫ه� � ��ذه املعلومات‪ .‬ولكن هناك خطوة مهم� � ��ة يجب اتخاذها من‬
‫أج� � ��ل تأمني الفض� � ��اء اإللكتروني تتمثل باملوازن� � ��ة بأمانة بني‬
‫التكلف� � ��ة والفوائ� � ��د التي تتحملها أو حتص� � ��ل عليها الوكاالت‬
‫ميكن لقراصنة احلاسوب املساعدة‬
‫()‬
‫احلكومية من استغالل ثغرات أمنية ‪ ،vulnerabilities‬كما أن‬
‫ما دام البش� � ��ر هم الذين يضعون الكود ‪ ،code‬فس� � ��تبقى‬ ‫هناك عنصر ًا أساسي ًا آخر يتمثل باالستفادة الكاملة من تلك‬
‫قابلي� � ��ات التع� � ��رض لهجوم عل� � ��ى الثغرات األمني� � ��ة‪ .‬فقد أدت‬ ‫األشياء التي ميكن للحكومات القيام بها على خالف املنظمات‬
‫ضغوطات الس� � ��وق الشديدة املتزايدة على شركات التقانة إلى‬ ‫األخرى؛ وكمثال على ذلك تستطيع احلكومات متكني أو حتى‬
‫الدفع مبنتجات جديدة إلى هذا الس� � ��وق بسرعة لم يسبق لها‬ ‫إجبار الش� � ��ركات واملنظمات األخرى على تب� � ��ادل املعلومات‬
‫مثيل‪ .‬وهذه الش� � ��ركات س� � ��تمارس احلكمة إن هي استفادت‬ ‫اخلاصة بالهجمات اإللكترونية‪.‬‬
‫من املوارد البش� � ��رية الضخمة التي ميثله� � ��ا مجتمع قراصنة‬ ‫إن املصارف (البنوك) بصورة خاصة ميكنها أن تستفيد‬
‫احلاس� � ��وب في العالم‪ .‬ففي عام ‪ ،2014‬الذي شهد أحداثا مثل‬ ‫من تبادل املعلوم� � ��ات اخلاصة بالهجم� � ��ات اإللكترونية وذلك‬
‫إفشاء األسرار التي كش� � ��فها >‪ .A‬سنودن< عن أعمال الوكالة‬ ‫ألن الهجمات على املؤسس� � ��ات املالية تتبع عادة أسلوبا ميكن‬
‫‪ ،NSA‬أصبحت ش� � ��ركات التقانة ومجتمع قراصنة احلاسوب‬ ‫التنب� � ��ؤ به‪ .‬إذ عندم� � ��ا يعثر املجرمون على من� � ��ط ما جنح مع‬
‫منفتحني على العمل معا‪ .‬فهناك اآلن مئات الشركات تدرك قيمة‬ ‫مص� � ��رف (بنك) ما‪ ،‬فإنهم يجربونه مع مصرف ثان ومن بعده‬
‫التشارك مع القراصنة فيما يسمى برامج مكافآت العثور على‬
‫مع مصرف آخ� � ��ر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن املصارف تتجنب على نحو‬
‫األخطاء البرمجية والثغرات األمنية(‪ )2‬التي تقدم حوافز إلى‬
‫تقليدي الكش� � ��ف عن الهجمات التي تتعرض لها‪ ،‬ألن ذلك من‬
‫باحثني مستقلني يقدمون تقارير عن الثغرات األمنية ومشكالت‬
‫أمنية‪ .‬وفي عام ‪ 1995‬ابتدعت الش� � ��ركة ‪ Netscape‬لالتصاالت‬ ‫ش� � ��أنه أن يثير تس� � ��اؤالت حول احتياطاتها األمنية‪ .‬كما أنها‬
‫أول برنام� � ��ج مكاف� � ��أة اخلط� � ��أ البرمجي كس� � ��بيل للعثور على‬ ‫تتجنب التخاطب مع منافس� � ��يها؛ ففي بعض احلاالت متنعها‬
‫األخطاء البرمجية في متصفح الشبكة ‪ .Netscape‬واآلن‪ ،‬وبعد‬ ‫قوان� �ي��ن مكافح� � ��ة االحتكار م� � ��ن القيام بذلك‪ .‬ولك� � ��ن بإمكان‬
‫‪ 20‬س� � ��نة‪ ،‬أظهرت األبحاث أن تلك االس� � ��تراتيجية هي واحدة‬ ‫احلكومات أن تسهل إجراءات تبادل املعلومات بني املصارف‪.‬‬
‫م� � ��ن اإلجراءات األكثر فعالية في مج� � ��ال توفير التكاليف التي‬ ‫وهذا ما يح� � ��دث بالفعل في الواليات املتح� � ��دة األمريكية عن‬
‫تتحملها تلك الش� � ��ركة ‪ Netscape‬وخليفتها الش� � ��ركة ‪Mozilla‬‬ ‫طري� � ��ق إحداث ما يس� � ��مى «مرك���ز تب���ادل املعلوم���ات حول‬
‫في مجال تعزيز(‪ )3‬األمن‪ .‬ومبوجب هذه االس� � ��تراتيجية تتبادل‬ ‫اخلدم���ات املالية وحتليله���ا» )‪ )1((FS-ISAC‬وهو مركز يتولى‬
‫أيض� � ��ا خدمة املنظم� � ��ات املالية العاملية‪ .‬وفي الش� � ��هر ‪2015/2‬‬
‫الصفحة ‪71‬‬ ‫التتمة في‬
‫)( ‪HACKERS CAN HELP‬؛ أو ميكن للهكرز املساعدة‪.‬‬
‫وقع الرئيس األمريكي >ب� � ��اراك أوباما< أمرا تنفيذيا َح َّث فيه‬
‫(‪the Financial Services Information Sharing and Analysis Center )1‬‬
‫(‪bug bounties and vulnerability reward programs )2‬‬
‫الش� � ��ركات األخرى على تبادل املعلومات املماثلة مع بعضها‬
‫(‪ )3‬أو‪ :‬دعم‪.‬‬ ‫البعض ومع احلكومة‪.‬‬

‫‪53‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬ ‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫طب بالصدمة‬
‫()‬

‫(الكهربائية)‬
‫إن تنبيه اجلهاز العصبي قد يحل‬
‫محل األدوية في معاجلة األمراض‬
‫االلتهابية وأمراض املناعة الذاتية‪.‬‬
‫>‪ .J .K‬تريسي<‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪54‬‬


‫إن اس� � ��تعمال األدوات اإللكتروني� � ��ة الت� � ��ي تنبه األعصاب‬ ‫إنني جراح أعصاب مولع بااللتهاب‪ .‬ففي‬
‫ملعاجلة االلتهاب وحلسر العجز وضع أسس علم جديد يدعى‬ ‫ِ‬
‫اجلزيئات التي‬ ‫املختبر‪ ،‬درس���ت مع زمالئي‬
‫الط���ب اإللكترون���ي البيولوج���ي(‪ .)4‬ويتواص� � ��ل اختبار هذا‬
‫العلم بدراس� � ��ات سريرية جترى على مرضى التهاب املفاصل‬
‫تسبب االلتهاب حتى نستطيع اكتشاف طرق‬
‫الروماتوي� � ��دي وأمراض غيره‪ .‬ويعتم� � ��د هذا العلم على مفهوم‬ ‫لتخفيف األلم والتورم واألضرار النسيجية‬
‫يخدعنا ببس� � ��اطته‪ ،‬وهو تس� � ��خير املنعكس� � ��ات الطبيعية في‬ ‫التي تنجم عن كثير من األمراض‪.‬‬
‫جس� � ��م اإلنس� � ��ان لتطوير مجموعة من البدائل الفعالة واآلمنة‬ ‫وقد س���بق لهذه الدراس���ة أن أفادت بعض‬
‫واالقتصادي� � ��ة لتح� � ��ل مح� � ��ل العديد من األق� � ��راص واحلبوب‬ ‫املرضى‪ .‬فقد ُنشرت في عام ‪ 1987‬نتائج دراسة‬
‫واحلق� � ��ن الدوائية‪ .‬فعندما نس� � ��تهدف العملي� � ��ات البيولوجية‬ ‫تناولت أحد اجلزيئات االلتهابية يدعى عامل‬
‫التي تشكل األس� � ��اس لهذه األمراض استهدافا دقيقا ونوجه‬
‫إليها املعاجلة‪ ،‬فإن تقنية تنبيه األعصاب تس� � ��اعد على جتنب‬
‫نخ� � ��ر الورم(‪ ،)1‬وكان���ت تهدف إلى إنق���اذ قرود‬
‫التأثيرات اجلانبية املزعجة لكثير من األدوية‪.‬‬ ‫الرباح(‪ )2‬من عواقب اإلصاب���ة بعدوى مميتة‪،‬‬
‫وقد أسهمت تلك الدراسة في اكتشاف صنف‬
‫()‬
‫دارة املنعكسات‬ ‫جديد من األدوية ملعاجلة األمراض االلتهابية‬
‫وتولد احلرارة واللمس والضغ� � ��ط واألضواء ووجود بعض‬ ‫واملناعي���ة الذاتية وغيرها من األمراض التي‬
‫اجلزيئات النوعية إش� � ��ارات كهربائية في اخلاليا العصبية‬ ‫تس���بب االضطراب���ات ف���ي أداء الدفاع���ات‬
‫الت� � ��ي تدعى نورون����ات حس����ية(‪ .)5‬وتتنقل هذه اإلش� � ��ارات‬ ‫املناعية لوظائفها في احلالة الطبيعية‪.‬‬
‫الكهربائي� � ��ة إلى منط آخر من اخلاليا العصبية املوجودة في‬
‫وبصفت���ي جراحا لألعص���اب‪ ،‬فإنني ُأولي‬
‫اجلهاز العصبي املركزي تدعى نورونات متوس����طة(‪ )6‬التي‬
‫تقوم بدورها بنقل اإلش� � ��ارة الواردة إلى النورونات احلركية‬ ‫اهتمام���ا بالغ���ا مبج���االت عمل الدم���اغ‪ .‬وفي‬
‫تتمم املرحلة الثالثة واألخيرة من دارة املنعكس البسيط(‪.)7‬‬ ‫أواخر تس���عينات القرن املاضي توصلنا إلى‬
‫ويلي ذلك إطالق إش� � ��ارات كهربائية م� � ��ن النورون احلركي‬ ‫اكتش���اف مده���ش يتن���اول أيض���ا عامل نخر‬
‫)( ‪ SHOCK MEDICINE‬أو‪ :‬عالج بالصدمة (الكهربائية) أو بالرجفة‪.‬‬
‫الورم ويحقق التكامل بني األفكار النيرة في‬
‫)( ‪THE REFLEX CIRCUIT‬‬
‫(‪tumor necrosis factor (TNF) )1‬‬
‫العلوم العصبية وعلم املناعة‪ ،‬فقد اكتشفنا‬
‫(‪baboons )2‬‬
‫(‪neurological reflexes )3‬‬ ‫ع���ن غير قص���د أن املنعكس� � ��ات العصبية(‪،)3‬‬
‫(‪bioelectronic medicine )4‬‬
‫حسية‪.‬‬ ‫؛‬
‫(‪ sensory neurons )5‬أو‪ :‬عصبونات‬ ‫وهي اس���تجابات ميك���ن التنبؤ بحدوثها‬
‫لبع���ض املنبه���ات احلس���ية‪ ،‬تحُ ِص���ر‬
‫(‪interneurons )6‬‬
‫(‪the simple reflex circuit )7‬‬

‫إنت���اج عام���ل نخر ال���ورم‪ .‬وقد بلغت‬


‫باختصار‬ ‫هذه األف���كار النيرة أوجها بابتكار‬
‫إن التع���رض للحرارة أو الضغط أو األضواء أو املركبات‬ ‫اختــرعـ ُتـ���ه ملعـــاجلـ���ة االلتهـ���اب‬
‫الكيميائية يطلق عملية تهدف إلى التأكد من أن أعضاء اجلسم‬ ‫بـاس���ـتـعمــال أدوات صـغـي���رة‬
‫ال تستجيب بشكل مفرط لهذه الشدات التي تتعرض لها‪.‬‬
‫احلـج���م ت���زرع ف���ي جس���ـــم‬
‫إن اإلشارات العصبية التي تربط الدماغ ببقية األعضاء‬
‫ُتث ِّبط صنع اجلزيئات املناعية التي تسبب حدوث االلتهاب‪.‬‬ ‫املص���اب وتطلق تنبيهات‬
‫إن تنبيه الس���بل العصبي���ة كهربائيا بغرس أجهزة طبية‬ ‫كهربائية لألعصاب‪.‬‬
‫ميكن أن يساعد اجلسم على كبت االلتهاب‪.‬‬
‫إن الط���ب اإللكتروني البيولوجي(‪ )4‬هو االس� � ��م الذي‬
‫أطلق عل� � ��ى العلم اجلديد الذي يس� � ��تخدم التنبي� � ��ه الكهربائي‬
‫ملعاجلة االلتهاب وغيره من االضطرابات‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫طرفي املشبك وبني العصب أو خاليا العضو التي تقع على‬
‫الطرف اآلخر من الفجوة الضيقة التي تدعى شق املشبك(‪،)5‬‬
‫فبدال من ذلك التالمس‪ ،‬فإن وصول اإلشارة الكهربائية إلى‬
‫نهاي� � ��ة احملوار يؤدي إلى إطالق نواقل عصبية تنتش� � ��ر إلى‬
‫اجلانب اآلخر من شق املشبك وترتبط باملستقبالت التي هي‬
‫املؤلف‬
‫مواقع للرس� � ��و تتوضع على خاليا العضو أو على العصب‬
‫‪Kevin L. Tracey‬‬
‫املس� � ��تهدف‪ .‬وترتبط اجلزيئات الكيميائية للنواقل العصبية‬ ‫>تريسي< هو رئيس معهد فاينشتاين لألبحاث الطبية في جامعة نورث‪-‬شور ومركز‬
‫باملس� � ��تقبالت الواقعة على الطرف اآلخر من ش� � ��ق املشبك‬ ‫نورث آيالند جويش للنظام الصحي في مانهاسيت بوالية نيويورك‪ ،‬حيث يشرف على‬
‫لتغير سلوك اخلاليا املستهدفة ولتبدل من أدائها لوظيفتها‪.‬‬ ‫مختبر العلوم البيولوجية الطبية‪ .‬وهو أس� � ��تاذ في الطب اجلزيئي واجلراحة العصبية‬
‫في كلية الطب بجامعة نورث شور‪.‬‬
‫وقد تبني أن الكثير من األدوية تعمل بطريقة مماثلة‪.‬‬
‫وتس� � ��تثمر ش� � ��ركات األدوية باليني الدوالرات من أجل‬
‫تصميم واصطناع مركبات كيميائية الس� � ��تخدامها كأدوية‬ ‫باجتاه معاكس نح� � ��و العضالت واألعض� � ��اء األخرى التي‬
‫جتريبي� � ��ة‪ ،‬وهذه املركب� � ��ات الكيميائية ف� � ��ي الواقع‪ ،‬مثلها‬ ‫تس� � ��تجيب بأش� � ��كال مختلفة تتراوح بني إبعاد اإلصبع عن‬
‫مث� � ��ل النواقل العصبية‪ ،‬ليس� � ��ت إال جزيئ� � ��ات تتفاعل مع‬ ‫صفيحة ساخنة وتوسيع السبيل الهوائي أثناء الع ْدو ملسافة‬
‫املس� � ��تقبالت‪ .‬ويرتبط العديد من األدوية الشهيرة ارتباطا‬ ‫ثالثة أميال‪.‬‬
‫انتقائيا مبس� � ��تقبالت نوعية؛ مما يؤدي إلى تعديل الفعالية‬ ‫وحتقق دارات املنعكس� � ��ات البسيطة التناغم بني األنشطة‬
‫االس� � ��تقالبية وتشغيل بعض اجلينات في اخلاليا املنتقاة‪.‬‬ ‫الت� � ��ي يقوم به� � ��ا كل عضو مبفرده‪ ،‬ولذلك ل� � ��ن يكون عليك أن‬
‫إال أن األدوية قد تكون لها تأثيرات جانبية خطيرة‪ .‬فما أن‬ ‫تض� � ��ع اخلط� � ��ط الواعية للقيام باألنش� � ��طة الت� � ��ي حتافظ على‬
‫تبتلع األدوية أو حتقن حتى تنتشر في سائر أنحاء اجلسم‪،‬‬ ‫اس� � ��تمرار جس� � ��مك بأدائه لوظائفه بكف� � ��اءة‪ .‬فعندما تقفز من‬
‫حيث ميكن أن تؤدي إلى ح� � ��دوث نتائج غير مرغوب فيها‬ ‫الكرس� � ��ي وتصعد الدرج بس� � ��رعة كي جتيب عل� � ��ى الهاتف‪،‬‬
‫إذا تفاعلت مع اخلاليا غير اخلاليا املستهدفة‪.‬‬ ‫لن يكون عليك أن تفكر في التنس� � ��يق بني حركاتك التنفس� � ��ية‬
‫إن استعمال أداة إلرسال إشارات تنتقل عبر األعصاب‬ ‫وس� � ��رعة قلبك وضغطك الش� � ��رياني‪ ،‬إذ إن املنعكسات تتولى‬
‫لتحفز على إنتاج نواقل عصبية ش� � ��بيهة باألدوية له ميزات‬ ‫توفي� � ��ر جميع ما هو ضروري للتوفي� � ��ق بني األعضاء املختلفة‬
‫واضحة‪ .‬فاألدوية التي يصنعها اجلسم ذاته توصل املواد‬ ‫وتلبية احتياجات اجلس� � ��م س� � ��واء أكنت جالس� � ��ا بارتياح أم‬
‫الكيميائية إلى أنس� � ��جة نوعية بكمي� � ��ات محددة بدقة وغير‬ ‫راكضا بأقصى سرعة‪.‬‬
‫سامة وفي الوقت املناس� � ��ب متاما؛ مما يؤدي إلى التقليل‬ ‫(‪)2‬‬
‫وكان >‪ .S .Ch‬ش� � ��رينگتون< ‪ -‬وهو عال� � ��م فيزيولوجيا‬
‫(‪)1‬‬

‫من تأثيراتها اجلانبية‪.‬‬ ‫بريطاني حائز على جائزة نوبل – قد افترض أن املنعكسات‬
‫البس� � ��يطة الت� � ��ي تتكون م� � ��ن دارات عصبية ه� � ��ي املكونات‬
‫اكتشاف غير مقصود‬
‫()‬
‫األساسية للجهاز العصبي‪ ،‬وأن مجموع ما ينتج من ماليني‬
‫بحلول أواخر تس� � ��عينات القرن املاضي بدأ استعمال صنف‬ ‫اإلش� � ��ارات العصبية التي تتحكم في املنعكس� � ��ات هي التي‬
‫م� � ��ن األدوي� � ��ة تدعى األض���داد الوحي���دة النس���يلة(‪ )6‬ملعاجلة‬ ‫تنظم أداء أعضاء اجلس� � ��م لوظائفها‪ .‬إال أن >ش� � ��رينگتون<‬
‫املصابني بالتهاب املفاصل الروماتويدي(‪ )7‬والداء االلتهابي‬ ‫لم يتطرق إلى املش� � ��كلة القدمية وهي‪ :‬كيف تقوم اإلشارات‬
‫�اعدت أنا وزمالئي‬
‫املع� � ��وي وغيرهما م� � ��ن األمراض‪ .‬وقد س� � � ُ‬ ‫الكهربائي� � ��ة التي متر عبر النورون� � ��ات احلركية بالتحكم في‬
‫على ابتكار هذه األدوي� � ��ة التي بإمكانها تخفيف األلم والتورم‬ ‫الواقع في أداء األعضاء لوظائفها؟ واجلواب س� � ��هل نسبيا‪.‬‬
‫وتخرب األنسجة وغيرها من األعراض االلتهابية التي يسببها‬ ‫فف� � ��ي واقع األمر‪ ،‬إن تلك اإلش� � ��ارات تنتج «أدوية»‪ .‬إذ تنقل‬
‫)( ‪AN ACCIDENTAL DISCOVERY‬‬
‫النورونات املعلومات عبر األلياف العصبية‪ ،‬أو احملاوير(‪،)3‬‬
‫(‪(1952-1857) )1‬‬
‫(‪ )2‬أو‪ :‬علم وظائف األعضاء‪.‬‬ ‫وهي امتدادات طويلة تشبه األسالك تقع نهاياتها في العضو‬
‫‪axons‬‬
‫‪synapse‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ال� � ��ذي تنظم أداءه لوظائفه‪ .‬وفي أبعد نقطة من نهاية احملوار‬
‫‪the synaptic cleft‬‬
‫‪monoclonal antibodies‬‬
‫(‪)5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫هناك مش����بك(‪ ،)4‬وهي كلمة وضعها >ش� � ��رينگتون<‪ .‬وليست‬
‫‪rheumatoid arthritis‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫هناك مالمس� � ��ة مادية بني محوار العصب الذي يقع في أحد‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪56‬‬


‫فرط إنت� � ��اج عامل نخر الورم وغيره من اجلزيئات‪ .‬وقد وفرت في اجلس� � ��م‪ .‬ولدى متابعة البحث عن تفسير آخر للنتائج‬
‫هذه األدوية للعديد من املرضى الفرص َة الوحيدة للعيش حياة بدأنا بالتفكير ف� � ��ي إمكانية يصعب أن تكون محتملة؛ بأن‬
‫طبيعي� � ��ة‪ .‬إال أن تكاليف هذا النج� � ��اح كانت مرتفعة جدا‪ .‬فقد تك� � ��ون النورونات احلركية التي تخ� � ��رج من الدماغ حتمل‬
‫تراوحت فات� � ��ورة املعاجلة بهذه األدوية بني ‪ 15‬ألف و ‪ 30‬ألف إشارات لتثبيط عامل نخر الورم في بقية أنحاء اجلسم‪.‬‬
‫والختبار ه� � ��ذه الفرضية اعتمدنا على القاعدة الراس� � ��خة‬ ‫دوالر سنويا للمريض الواحد‪ ،‬وذلك على الرغم من أن أضداد‬
‫عام� � ��ل نخ� � ��ر الورم لم تكن فعالة عند خمس� �ي��ن ف� � ��ي املئة من في العل� � ��وم الطبية التي تربط بني مناطق معينة من الدماغ من‬
‫املرض� � ��ى‪ .‬ولعل أكثر ما كان يثير قلق املرضى وقلق القائمني جهة وبني أش� � ��كال محددة من الس� � ��لوك من جهة أخرى‪ .‬وإن‬
‫عل� � ��ى رعايتهم هو أن هذه األدوية قد تس� � ��بب تأثيرات جانبية معظم ما نعلمه عن حتكم اجلهاز العصبي في الس� � ��لوك نش� � ��أ‬
‫عن الدراسات الباكرة للمرضى املصابني بالسكتة الذين كان‬ ‫خطيرة بل مميتة أحيانا‪.‬‬
‫وف� � ��ي مختبـــ� � ��ري الـــ� � ��ذي يــوجــ� � ��د حاليــا ف� � ��ي معهــد لديهم تلف محدد في الدماغ‪ .‬فقد الحظ >‪ .P‬بروكا<(‪ )1‬أن التلف‬
‫الذي يحدث في ناحية صغيرة من القسم‬ ‫فاينشتاين لألبحاث الطبية مبانهاسيت‬
‫اخللفي للفص اجلبهي األيسر من قشرة‬ ‫في نيوي� � ��ورك كنت أعم� � ��ل مع زمالئي كيف تتحكم اإلشارات‬
‫الدماغ يؤدي إلى عجز املصاب عن الكالم‬ ‫على أسلوب بديل إلحصار عامل نخر الكهربائية لألعصاب‬
‫مع احتفاظه بالقدرة على فهم الكالم‪ ،‬وهي‬ ‫الورم‪ ،‬وكان جزيئا ابتكرناه وأسميناه‬
‫حالة تعرف بحبس���ة تعبيري���ة ‪ .‬وباملثل‬
‫(‪)2‬‬ ‫األعضاء‬ ‫أداء‬ ‫في‬ ‫‪ ،CNI-1493‬وكانت فرضيتي األولية هي‬
‫الحظ >‪ .C‬فرنيكه< أن التلف الذي يصيب‬
‫(‪)3‬‬ ‫لوظائفها؟‬ ‫أن حقن هذا الدواء التجريبي مباشرة‬
‫في الدماغ س� � ��يمنع إنت� � ��اج عامل نخر اإلجابة بسيطة نسبيا‪ :‬منطقة مجاورة للمنطقة الس� � ��ابقة‪ ،‬أي في‬
‫التلفيف اخللفي الصدغي العلوي األيسر‪،‬‬ ‫إن األعصاب تصنع‬ ‫الورم عند املصابني باحتش� � ��اء الدماغ‬
‫يؤدي إلى حبس���ة حس���ية وهي فقدان‬
‫(‪)4‬‬
‫أو الس� � ��كتة‪ .‬وعلى الرغ� � ��م مما اتضح‬
‫الق� � ��درة على فهم الكالم أو نطق كالم ذي‬ ‫أدوية‪.‬‬ ‫وتطلق‬ ‫من أن ه� � ��ذه الفرضية كانت صحيحة‪،‬‬
‫معنى‪ .‬وق� � ��د قادنا االعتقاد بوجود مناطق‬ ‫فإنني لم أكن مقتنعا متاما مبا وجدناه‬
‫من أن حقن كميات زهيدة من اجلزيء ‪ CNI-1493‬يحصر متميزة من الدماغ تتحكم في س� � ��لوكيات معينة إلى االفتراض‬
‫أيضا إنتاج عامل نخر الورم في جميع أعضاء اجلس� � ��م‪ .‬بأن قطع دارات ينفرد كل منها بوصل الدماغ بأعضاء اجلسم‬
‫فلم نصدق بادئ األمر هذه النتيجة وأعدنا التجربة مرات ميكن أن يكش� � ��ف هوية كل عصب ينفرد وح� � ��ده بالتحكم في‬
‫عدي� � ��دة‪ ،‬وف� � ��ي كل مرة كانت النتائج تؤك� � ��د أن حقن كمية إنتاج عامل نخر الورم‪ .‬وقد انتابتنا احليرة في اختيار املكان‬
‫صغيرة تتالشى بسرعة وال تكفي إلشباع أعضاء اجلسم‪ ،‬ال� � ��ذي نبدأ بالعمل عليه‪ ،‬ألن هناك املاليني من هذه االتصاالت‬
‫أدى (هذا احلقن) بطريقة ما إلى إحصار عامل نخر الورم بني الدماغ وأعضاء اجلسم‪.‬‬
‫وبينم� � ��ا كن� � ��ا نفكر في وض� � ��ع خطة للعم� � ��ل عثرنا صدفة‬ ‫خارج الدماغ‪ .‬وعلى مدى عدة أشهر ناقشنا هذه النتائج‬
‫في اجتماعاتنا األسبوعية التي كنا نعقدها في املختبر من عل� � ��ى مقالة بالغ� � ��ة األهمية للس� � ��يدة >‪ .L‬واتكينز< [من جامعة‬
‫دون أن نقت� � ��رب من التوصل إلى فهم اآللية التي يعمل بها كول� � ��ورادو] بينت فيها أن العصب املبهم(‪ )5‬له دور رئيس� � ��ي‬
‫في نقل املعلومات احلس� � ��ية الواردة من أعضاء اجلس� � ��م إلى‬ ‫هذا الدواء‪.‬‬
‫فكرنا في ب� � ��ادئ األمر أن اجل� � ��زيء ‪ CNI-1493‬ميكن قاعدة الدماغ‪ .‬وقد اس� � ��تخدمت >واتكينز< أثناء جتاربها على‬
‫اجلرذان جزيئا مطلقا لإلشارات يدعى إنترلوكني‪(IL-1) 1-‬‬ ‫أن ينش� � ��ط الغ� � ��دة النخامي� � ��ة الواقعة في قاع� � ��دة الدماغ‪،‬‬
‫(‪)6‬‬

‫فينبهها إلنتاج هرمونات‪ ،‬تشمل مركبات ستيرويدية ‪ -‬أو يس� � ��بب االلتهاب واحلمى‪ ،‬فوجدت أن حقن اإلنترلوكني‪ 1-‬في‬
‫گلوكوس� � ��تيرويدية ‪ -‬تقوم بدورها بتثبيط إنتاج عامل نخر البطن يؤدي إلى ارتفاع حرارة اجلسم‪ ،‬إال أنها عندما أعادت‬
‫الورم في األعضاء البعيدة‪ .‬إال أننا وجدنا بعد استئصال احلقن بعد قطع العصب املبه� � ��م لم يحدث ارتفاع في حرارة‬
‫(‪(1880 -1824) )1‬‬
‫جراحي للغ� � ��دة النخامية عند اجل� � ��رذان وإعادة التجارب‬
‫(‪expressive aphasia )2‬‬
‫(‪(1905 -1848) )3‬‬
‫عليها‪ ،‬أن اجلزيء ‪ CNI-1493‬احملقون في الدماغ‪ ،‬استمر‬
‫(‪sensory aphasia )4‬‬ ‫بتثبيط عامل نخر الورم‪ .‬وكان معنى هذه النتيجة أن الغدة‬
‫(‪the vagus nerve )5‬‬
‫(‪Interleukin-1 )6‬‬ ‫النخامية ال تنقل اإلشارة التي توقف إنتاج عامل نخر الورم‬

‫‪57‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫أفكار جديدة‪ ،‬معاجلات جديدة‪:‬‬
‫كيف تعمل املنعكسات على تنظيم اجلهاز املناعي‬ ‫نورون متوسط‬
‫املنعكسات التي تنسق فعالية مختلف األعضاء هي في الوقت نفسه‬ ‫نورون حركي‬
‫ذات أهمية أساسية لتنظيم التفاعالت االلتهابية التي تصدر عن‬
‫اجلهاز املناعي‪ .‬ويقوم العصب املبهم الذي يتلقى اإلشارات من‬
‫العديد من األعضاء ويصدرها إليها بدور مهم في تنظيم املنعكس‬
‫االلتهابي‪ .‬وبينت الدراسات احلديثة أن غرس جهاز طبي يقوم‬
‫بتنبيه قطعة من هذا العصب عند اجتيازه العنق يؤدي إلى‬
‫وقف اصطناع اجلزيء االلتهابي األساسي الذي يثير أعراض‬
‫التهاب املفاصل الروماتويدي وغيره من األمراض‪.‬‬ ‫جذع الدماغ‬

‫قوس حسي‪ :‬ترسل الكائنات التي تسبب‬


‫األمراض والسموم وحتى بعض اجلزيئات‬
‫➊‬
‫املناعية من اجلسم نفسه إنذارات بوقوع‬
‫استجابة التهابية مفرطة‪ ،‬فتصعد هذه‬ ‫قوس حركي (أزرق)‬
‫اإلنذارات عبر العصب املبهم إلى جذع‬
‫قوس حركي‪ :‬ينقل النورون احلركي‬
‫رسالة إلى األعضاء املصابة عبر‬
‫➋‬
‫الدماغ مباشرة‪ ،‬ثم تنتقل اإلشارات عبر‬ ‫تعزيز اإلشارة‬ ‫طريق آخر ضمن العصب املبهم‪.‬‬
‫نورون متوسط لتصل إلى نورون حركي‪.‬‬ ‫فهو يذهب مثال إلى العقدة‬
‫(الصورة في األعلى واليمني)‪.‬‬ ‫البطنية‪ ,‬حيث تنشأ ألياف العصب‬
‫الطحالي‪ .‬ويعزز غرس منبه‬
‫جهاز منبه‬ ‫كهربائي قوة هذه اإلشارة‪.‬‬
‫العصب املبهم‬
‫للعصب املبهم‬
‫ممُ ْ رضات‬ ‫قوس حسي (أحمر)‬
‫وسموم‪،‬‬
‫وجزيئات‬
‫مناعية ترسل‬
‫اإلشارات‬
‫تخفيف االلتهاب‪ :‬تطلق النورونات‬
‫في الطحال الناقلَ العصبي‬
‫➌‬
‫نورإپينيفرين الذي يحث اخلاليا‬
‫التائية املجاورة على إفراز ناقل‬
‫عصبي آخر هو أستيلكولني‪ .‬ويتفاعل‬
‫الناقل العصبي مع اخلاليا البالعة‬
‫الكبيرة كي تخفض إنتاج عامل نخر‬
‫العقدة البطنية‬ ‫الورم‪ ،‬وهو جزيء التهابي‪.‬‬
‫العصب الطحالي‬ ‫الطحال‬

‫انخفاض إنتاج‬
‫عامل نخر الورم‬

‫نورإپينيفرين‬ ‫أستيلكولني‬
‫(ناقل عصبي)‬

‫خلية بالعة‬
‫كبيرة‬

‫خلية تائية‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪58‬‬


‫الطريق إلى معاجلات جديدة‬
‫اجلس� � ��م‪ .‬وقد استنتجت >واتكينز< من ذلك أن العصب املبهم‬
‫ينقل املعلومات حول وجود إنترلوكني‪ 1-‬إلى الدماغ‪ ،‬وأن هذه‬ ‫املنعكسات وااللتهاب‬
‫()‬

‫اإلشارات العصبية هي التي تتحكم في حدوث احلمى‪.‬‬ ‫يتلقى اجلهاز العصبي مدخالت من س���ائر نواحي اجلس���م ويقوم‬
‫مبعاجلته���ا كي تتمكن أعضاء اجلس���م املختلفة م���ن أداء وظائفها‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬كان >‪ .A‬نيجيما< [من جامعة نيگاتا‬ ‫بسالس���ة‪ .‬فكم���ا ي���ؤدي تع���رض الي���د املفاج���ئ لله���ب الص���ادر عن‬
‫في اليابان] يجري جت� � ��ارب مماثلة على اجلرذان بحقنها‬ ‫موق���د س���اخن إلى حدوث منعك���س يجعل اليد تبتعد بس���رعة‪ ،‬فإن‬
‫بإنترلوك� �ي��ن‪ ،1-‬وقد تبني له أن إعطاء إنترلوكني‪ 1-‬للجزدان‬ ‫املنعكس���ات تكبح أيض���ا االلتهاب وتفتح املج���ال ملعاجلات جديدة‬
‫حتل محل األدوية املضادة لاللتهاب‪.‬‬
‫يثير فعالية كهربائية في العصب املبهم تتجه نحو الدماغ‪.‬‬
‫ول� � ��دى إعادة النظر في هذه املعلوم� � ��ات افترضت أنها قد‬
‫متتلك املفتاح املؤدي إلى الكشف عن دارة منعكس خاص‬ ‫أساسيات‪ :‬تضمن املنعكسات أننا ال نقتل أنفسنا‬
‫باجلهاز املناعي‪.‬‬ ‫عندما تلفح األبخرة احلارة الصادرة عن إبريق الشاي يد أحد‬
‫األشخاص‪ ،‬تستهل هذه اخلطوة مجموعة من اإلحداث‪ ،‬تشكل‬
‫ولدى التأمل في عواقب اإلش� � ��ارات العصبية الصادرة‬ ‫مبجملها منعكسا تسهم فيه األعصاب والعضالت‪ .‬إذ ترسل‬
‫خلية عصبية في اليد إشارة كهربائية عبر أحد األعصاب في‬
‫فكرت‬
‫ُ‬ ‫ع� � ��ن العصب املبهم والتي حرضه� � ��ا اإلنترلوكني‪،1-‬‬ ‫طريق صاعد يعرف بالقوس احلسي(‪ ،)1‬فتصعد تلك اإلشارة‬
‫ف� � ��ي أنه البد من وجود إش� � ��ارات حركية مقابلة تنطلق إلى‬ ‫على طول الطرف العلوي وتصل إلى احلبل النخاعي‪ ،‬حيث‬
‫يقوم نورون متوسط بنقلها إلى نورون حركي‪ .‬فيصدر‬
‫األعض� � ��اء الواقعة خارج الدماغ من أج� � ��ل تنظيم العملية‬ ‫النورون احلركي أمرا يسير باالجتاه املعاكس على‬
‫االلتهابية‪ .‬فافترضت أن منعكس� � ��ا عاديا بسيطا يستطيع‬ ‫طول االستطاالت التي تتفرع من جسم اخللية‬
‫النورونية لتصل إلى اليد‪ .‬حينئذ تطلق‬
‫أن يضعف العملية االلتهابية ويخفف احلمى ويقلل الضرر‬ ‫احلويصالت الكائنة في نهاية العصب‬ ‫النخاع‬
‫الشوكي‬
‫النواقل العصبية‪ .‬وتعبر هذه النواقل‬
‫الذي يحتمل حدوثه في األنس� � ��جة‪ .‬وحتى تتم هذه العملية‬ ‫الشق املشبكي ثم تتفاعل مع املستقبالت‬ ‫نورون متوسط‬
‫كان م� � ��ن الض� � ��روري أال يقتصر انتقال اإلش� � ��ارات التي‬ ‫التي حترض انقباض اخلاليا العضلية‬ ‫نورون حركي‬
‫لتسحب اليد‪.‬‬
‫يطلقها وجود اجلزيئات االلتهابية في األنسجة عبر العصب‬
‫املبه� � ��م إلى الدماغ‪ ،‬وإمنا ينبغ� � ��ي عليها أن تعود أدراجها‬
‫أيضا عبر العصب نفسه إلى األنسجة التي انطلقت منها‬
‫لتأمرها بإيقاف إنتاج عامل نخر الورم وغيره من اجلزيئات‬
‫قوس حركي (أزرق)‬
‫االلتهابية التي يعرف مجموعها بالسيتوكينات(‪.)2‬‬ ‫يُفعِّ ل املنعكس العضلي‬
‫(التفاصيل في األسفل)‬
‫وملا كنت ملتزما بفكرة >شرينگتون< ومفادها بأن املنعكس‬
‫البسيط يبدأ مبدخالت حسية تتنقل على طول العصب‪ ،‬فقد‬
‫افترض� � ��ت أن اإلش� � ��ارة التي توقف عمل عام� � ��ل نخر الورم‬
‫والت� � ��ي تصدر عن العصب املبهم تكمل دارة منعكس عصبي‬
‫يرب� � ��ط بني الدم� � ��اغ واجلهاز املناعي‪ .‬وق� � ��د كان لهذه الفكرة‬ ‫شق مشبكي‬
‫آثار عميقة ومحتملة لفهم آليات دفاع اجلس� � ��م ضد العدوى‬
‫نورون‬
‫واإلصابات‪ .‬وقد وضعت نظرية تقول إن دارات املنعكس� � ��ات‬ ‫قوس حسي (أحمر)‬
‫العصبية التي تتحكم في املناعة سوف تساعد على تعزيز‬ ‫حويصل مشبكي‬
‫العمليات التي حتفظ للجس� � ��م صحت� � ��ه‪ ،‬ملواجهة االلتهاب‬
‫الذي يطلق الزن� � ��اد حلدوث األمراض‪ ،‬وأن التحكم يتم من‬
‫خالل منع حترير كميات س� � ��امة من عامل نخر الورم وغيره‬
‫م� � ��ن اجلزيئات االلتهابية التي تطلق اإلش� � ��ارات‪ .‬وبعد ذلك‬ ‫نواقل عصبية‬
‫مباشرة أصبحت ش� � ��ديد االهتمام بهذا املوضوع على‬ ‫مستقبالت‬
‫الرغم من أن شخصا آخر البد أن يكون قد فكر في‬
‫هذه اآللية البيولوجية التي تبدو واضحة‪.‬‬
‫)( ‪Reflexes and Inflammation‬‬
‫(‪sensory arc )1‬‬
‫(‪cytokines )2‬‬

‫خاليا عضلية‬
‫‪59‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬
‫أهداف وأمراض‬
‫()‬
‫أين يجب أن نعمل‬
‫تنبيه الدماغ العميق‬ ‫يحمل الط���ب اإللكترون���ي البيولوجي الوعو َد‬
‫ داء ألزهامير‬
‫باس���تعمال تقان���ات التنبي���ه اإللكترون���ي ف���ي‬
‫ داء باركنسون‬
‫ داء السكري‬ ‫معاجل���ة العديد من األمراض‪ ،‬وبأنه قد يصبح‬
‫ ارتفاع الضغط الشرياني‬ ‫بدي�ل�ا ع���ن بع���ض األدوي���ة‪ .‬وتنبي���ه العص���ب‬
‫املبه���م‪ ،‬وه���و موضوع هذه املقال���ة‪ ،‬هو إحدى‬
‫تلك التقنيات‪ .‬وقد سبق لتنبيه الدماغ العميق‬
‫أن أفاد املرضى املصابني بداء باركنسون‪ .‬وفي‬
‫تنبيه العصب املبهم‬ ‫الوق���ت احلاض���ر تتواص���ل دراس���ة معاجلات‬
‫ التهاب املفاصل الروماتويدي‬ ‫أخ���رى‪ ،‬مث���ل تنبي���ه العص���ب الطحال���ي‪ ،‬إال‬
‫ داء األمعاء االلتهابي‬ ‫أن ه���ذه الدراس���ات ل���م تصل بعد إل���ى مرحلة‬
‫ ربو‬ ‫االختبارات السريرية‪.‬‬
‫ داء السكري‬
‫ بدانة‬

‫تنبيه الكبد‪/‬‬ ‫تنبيه العصب الطحالي‬


‫البنكرياس‬ ‫ تعب مزمن‬
‫ داء السكري‬ ‫ التهاب املفاصل الروماتويدي‬
‫ التهاب الكبد‬ ‫ ذئبة‬
‫ سرطان‬

‫تنبيه العصب احلشوي‬


‫ داء األمعاء االلتهابي‬
‫ تهيج األمعاء‬
‫ تهيج املثانة‬
‫ سرطان‬

‫والوحيدات واخلاليا البالعة وغيرها من خاليا الدم البيضاء‬ ‫وقد اتضح من مراجعة األدبيات الطبية املنش� � ��ورة َب ِّينات‬
‫دون اإلشارة إلى النورونات‪.‬‬ ‫عل� � ��ى أن األعضاء الرئيس� � ��ية في اجله� � ��از املناعي مبا فيها‬
‫لقد أطلق� � � ُ�ت اس� � ��م املنعك����س االلتهابي عل� � ��ى الدارة‬
‫(‪)1‬‬
‫غدة التوتة والطحال والكب� � ��د والعقد اللمفية والرئتني‪ ،‬تتلقى‬
‫العصبي� � ��ة التي متن� � ��ع اجلهاز املناعي م� � ��ن أن يصبح مفرط‬ ‫تعصيبها من وصالت تنحدر من الدماغ‪ .‬إال أنه لم تكن هناك‬
‫الفاعلية أو ناقص الفاعلية‪ ،‬وهي الدارة التي حتمي بعد ذلك‬ ‫أية دراس� � ��ة من تلك الدراس� � ��ات تصدت للبحث عن منعكس‬
‫اجلس� � ��م من االنسمام وحتمي األنس� � ��جة من التلف‪ .‬وعندما‬ ‫عصبي يتحكم في املناعة‪ .‬بل إن الرأي املناقض لذلك أصبح‬
‫ال ي� � ��ؤدي املنعكس االلتهابي وظيفته بش� � ��كل جيد‪ ،‬فإن وجود‬ ‫ف� � ��ي الواقع عقيدة طبية مس� � ��لم بها‪ .‬فقد ركزت الدراس� � ��ات‬
‫السيتوكينات يؤدي إلى مضاعفات تشبه تلك التي حتدث في‬ ‫املناعية خالل عدة عقود على دور اجلهاز املناعي في حماية‬
‫)( ‪Where to Zap‬‬
‫اجلس� � ��م‪ ،‬وإن ه� � ��ذا الدور مس� � ��تقل عن اجله� � ��از العصبي‪.‬‬
‫(‪the lnflammatory reflex )1‬‬ ‫وتركزت املناعة في هذه املجاالت على أعمال اخلاليا اللمفية‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪60‬‬


‫الكهرب� � ��اء في العص� � ��ب املبهم تنظم إنت� � ��اج اجلهاز املناعي‬ ‫أم� � ��راض املناعة الذاتية مثل الته� � ��اب املفاصل الروماتويدي‪.‬‬
‫لعام� � ��ل نخر الورم‪ .‬وقد ألهمتنا ه� � ��ذه التجربة أنه قد يكون‬ ‫وقد بدت هذه النظرية جيدة‪ ،‬ولكن كان ال بد من إثبات البينات‬
‫م� � ��ن املمكن معاجلة األم� � ��راض االلتهابية باس� � ��تعمال أداة‬ ‫حولها بالتجربة‪.‬‬
‫�مت‬
‫إلكترونية بيولوجية‪ .‬وفي موعد تناول طعام الغداء رس� � � ُ‬ ‫ويحتاج اختبار هذه الفكرة إلى عملية بالغة الدقة تتضمن‬
‫على ظهر مندي� � ��ل الطعام مخططا يبني أداة ناظمة موصولة‬ ‫متش� � ��يط العصب املبهم جراحيا في ع� � ��دة نقاط مختلفة على‬
‫مبس� � ��رى كهربائي موضوع عل� � ��ى العصب املبهم في صدر‬ ‫طول مساره من الدماغ إلى أعضاء اجلسم‪ .‬وينشأ العصب‬
‫مري� � ��ض مصاب بالتهاب مفاص� � ��ل روماتويدي أو غيره من‬ ‫املبهم من جذع الدماغ (على مستوى األذن عند اإلنسان) ثم‬
‫األمراض االلتهابية‪ .‬ومن عادتي االحتفاظ باألش� � ��ياء‪ ،‬فقد‬ ‫يسير على شكل حزمتني مينى ويسرى من األلياف العصبية‪،‬‬
‫جمع� � ��ت معظم املخلف� � ��ات التي تعود إلى مقال� � ��ة كتبتها عن‬ ‫وهو يعبر العنق والصدر ثم ينتش� � ��ر في جميع أنحاء البطن‪.‬‬
‫>لويس باس� � ��تور< عندما كنت ف� � ��ي الصف الثامن‪ .‬إال أنني‬ ‫ويرتبط العصب على طول مس� � ��اره بصورة مباش� � ��رة أو غير‬
‫فقدت بطريقة ما املنديل الذي رس� � ��مت عليه املخطط‪ ،‬وكان‬ ‫مباشرة مبعظم أعضاء اجلس� � ��م‪ .‬وأثناء عملنا على اجلرذان‬
‫ذل� � ��ك أمرا مزعجا جدا؛ ولو عث� � ��رت عليه لكان مبثابة تذكار‬ ‫املخ� � ��درة‪ ،‬كنا نقطع العصب املبهم في العنق ونحقن اجلزيء‬
‫سار لي في الوقت احلاضر‪.‬‬ ‫‪ CN1-1493‬ف� � ��ي الدماغ ثم نقي� � ��س كمية عامل نخر الورم في‬
‫إن العم� � ��ل الذي قام به في مختبري عش� � ��رات من الزمالء‬ ‫الدم� � ��اغ والطحال وغيرهما من األعض� � ��اء‪ .‬وقد حصلنا على‬
‫وكثيرون غيرهم في مختبرات األبحاث التي تتوزع في مختلف‬ ‫نتائج مقنعة‪ :‬إن وجود عصب مبهم س� � ��ليم أمر ضروري كي‬
‫أرجاء العالم خالل أكثر من عقد من الزمن قد رس� � ��م املالمح‬ ‫يتمك� � ��ن اجل� � ��زيء ‪ CNI-1493‬في الدماغ م� � ��ن إيقاف اخلاليا‬
‫البيولوجي� � ��ة اجلزيئي� � ��ة والفزيولوجي� � ��ة للمنعك� � ��س االلتهابي‪.‬‬ ‫املناعية في مختلف األعضاء عن إنتاج عامل نخر الورم‪ .‬وقد‬
‫فالعص� � ��ب املبه� � ��م ‪ -‬الذي كان الب� � ��ؤرة املركزي� � ��ة ملعظم تلك‬ ‫تابعنا اقتفاء مس� � ��ار العصب املبهم وهو يتجه نحو األس� � ��فل‬
‫األبحاث ‪ -‬يرس� � ��ل إش� � ��ارات من الدماغ إلى الطحال والكبد‬ ‫وقطعن� � ��اه في مواض� � ��ع انتقيناها في نق� � ��اط تتوزع على طول‬
‫والس� � ��بيل الهضم� � ��ي والقلب وإلى غيرها م� � ��ن األعضاء‪ .‬وقد‬ ‫مساره من العنق حتى أعضاء البطن‪ ،‬ووجدنا أن وقف إنتاج‬
‫تناولت معظم هذه الدراس� � ��ات الطحال باعتباره مركزا مهما‬ ‫عامل نخر الورم ال يحصل إال عندما يكون العصب سليما في‬
‫إلنتاج عامل نخر الورم‪ ،‬إذ تنحدر ش� � ��حنات جهد العمل على‬ ‫كامل مس� � ��اره بدءا من جذع الدماغ ومرورا بالعنق والصدر‬
‫طول العصب املبهم إلى القس� � ��م العلوي من البطن لتنتهي في‬ ‫والبطن وانتهاء بداخل الطحال‪.‬‬
‫العق���دة البطني���ة(‪ ،)1‬وهي مجموعة من اخلاليا العصبية التي‬ ‫املبهم ينقل إلى الطحال‬
‫حصلت على إثبات أن العصب َ‬ ‫ُ‬ ‫وقد‬
‫ترس� � ��ل أليافها إلى الطحال‪ ،‬فتطلق ه� � ��ذه األلياف في أعماق‬ ‫اإلش� � ��ارة التي توقف إنتاج عامل نخر الورم عندما استعملت‬
‫الطحال جزيئا مؤش� � ��را ه� � ��و نورإپينيفري���ن(‪ ،)2‬الذي يرتبط‬ ‫مسرى كهربائيا يدويا منبها لألعصاب كنت قد حصلت عليه‬
‫بخاليا اجله� � ��از املناعي التي تدعى اخلالي���ا التائية ‪،T cell‬‬ ‫م� � ��ن غرفة عملي� � ��ات اجلراحة العصبية بجامعة نورث ش� � ��ور‪،‬‬
‫وي� � ��ؤدي ارتب� � ��اط نورإپينيفري� � ��ن باملس� � ��تقبالت املوجودة على‬ ‫فقد كنت كثيرا ما أس� � ��تعمل هذا املسرى الكهربائي ألتعرف‬
‫اخلالي� � ��ا التائية إلى الضغط عل� � ��ى الزناد إلنتاج ناقل عصبي‬ ‫العصب الوجهي أثناء قيامي باس� � ��تئصال ورم دماغي‪ ،‬وذلك‬
‫آخر هو أستيلكولني الذي يرتبط مبستقبالت على سطح خاليا‬ ‫كي أجتنب إحلاق الضرر بهذا العصب‪ .‬ويش� � ��به هذا املسرى‬
‫مناعي� � ��ة تدعى خاليا بالعة كبي���رة(‪ )3‬تنتج بدورها عامل نخر‬ ‫�اح الكهربائ� � ��ي الصغير الذي يعم� � ��ل بالبطارية والذي‬ ‫املصب� � � َ‬
‫الورم في الطحال‪ .‬وإن رس� � ��و أس� � ��تيلكولني على املستقبالت‬ ‫يحمله األطباء في جيوب معاطفهم‪ ،‬وينطلق س� � ��لك صغير من‬
‫التي تدعى اختصارا ‪ α7 nAChR‬يدعو اخلاليا البالعة الكبيرة‬ ‫ذروة هذا اجلهاز بالق� � ��رب من املكان الذي ينبعث منه الضوء‬
‫إلى إيقاف إنتاج عامل نخر الورم عن طريق تثبيط طريقني من‬ ‫في املصباح الكهربائي‪ .‬وعندما أضع ذروة املسرى على أحد‬
‫الطرق اجلزيئية‪.‬‬ ‫األعص� � ��اب؛ تنطلق منه ش� � ��حنة كهربائية تنب� � ��ه العصب الذي‬
‫ويس� � ��يطر الطريق األول على فاعلية بروتني يدعى ‪,NF-KB‬‬ ‫يصدر ش� � ��حنات جه� � ��د عمل تنقل املعلوم� � ��ات الكهربائية عبر‬
‫الذي يعطي التعليمات إل� � ��ى اجلينات في نواة اخلاليا البالعة‬ ‫األلياف العصبية‪.‬‬
‫الكبي� � ��رة كي تبدأ بصنع عامل نخر الورم‪ .‬أما الطريق الثاني‪،‬‬ ‫وعندما وضع� � � ُ�ت ذروة أداة تنبيه العصب على العصب‬
‫‪the celiac ganglion‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫املبه� � ��م لدى جرذان مخدرة؛ توق� � ��ف إنتاج عامل نخر الورم‬
‫‪norepinephrine‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫بالعم‪.‬‬ ‫؛‬
‫‪ macrophages‬أو‪:‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ف� � ��ي مختلف األعض� � ��اء‪ .‬وكان هذا إثباتا عل� � ��ى أن تدفقات‬

‫‪61‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫الروماتي� � ��زم في املركز الطبي األكادميي جلامعة أمس� � ��تردام‬ ‫فيتحكم ف� � ��ي حترير إنترلوك� �ي��ن‪ 1-‬وغيره م� � ��ن اجلزيئات‬
‫والش� � ��ركة ‪ .]GlaxoSmithKline‬فقد غرس جراحو األعصاب‬ ‫االلتهابية‪ .‬وفي املستقبل ستتفحص األبحاث األعضاء األخرى‬
‫جه� � ��ازا منبها للعصب املبهم حت� � ��ت عظم الترقوة متاما‪ ،‬فعاد‬ ‫التي يصل إليها العصب املبهم‪ ،‬كما ستس� � ��تقصي األعصاب‬
‫املريض إلى منزله آمال بالتحس� � ��ن‪ .‬وبالفعل حتس� � ��ن املريض‬ ‫األخرى التي تتفاعل مع اجلهاز املناعي‪.‬‬
‫خالل بضعة أيام‪ ،‬وبعد عدة أسابيع توقفت اآلالم كليا تقريبا‪.‬‬ ‫إن تعرف األس� � ��اس التشريحي واجلزيئي لهذه الطرق‬
‫بعد ذلك بدأ باللعب بكرة الطاولة‪ ،‬وتقدمت نشاطاته الرياضية‬ ‫َبينّ أن بإمكان اجلهاز العصبي أن يتحكم في االس� � ��تجابة‬
‫وش� � ��ملت لعبة كرة املضرب (التن� � ��س)‪ ،‬وعندها أصيب برض‬ ‫املناعي� � ��ة‪ .‬فعندما تؤدي العدوى أو اإلصابات إلى اإلخالل‬
‫في الركبة‪ .‬وقد حذره الفريق الطبي من ممارس� � ��ة النشاطات‬ ‫بالت� � ��وازن الكيميائي احلي� � ��وي‪ ،‬تنتقل ه� � ��ذه التبدالت إلى‬
‫الرياضية املجهدة‪ ،‬وجاء ذلك التحذير بعد أس� � ��ابيع قليلة من‬ ‫النورون� � ��ات احلركية ف� � ��ي الدماغ‪ ،‬فترد ه� � ��ذه النورونات‬
‫فت� � ��رة كان يتحرك فيها بصعوبة بالغة‪ .‬واآلن وبعد مرور أربع‬ ‫بإصدار إشارات إلى األنس� � ��جة املصابة كي تنظم إطالق‬
‫س� � ��نوات تقريب� � ��ا على العملية ال يزال ينع� � ��م بهدأة املرض وال‬ ‫عامل نخر الورم وإنترلوكني‪ 1-‬وغيرهما من اجلزيئات في‬
‫يحتاج إلى استعمال األدوية اخلطيرة مثل الستيرويدات التي‬ ‫األنسجة وفي مجرى الدم؛ مما يؤدي إلى حدوث استجابات‬
‫ميكن أن تقلل مناعته ضد الع� � ��دوى وتؤدي إلى إصابته بداء‬ ‫وتفاعالت التهابية في سائر أنحاء اجلسم‪.‬‬
‫السكري أو بارتفاع الضغط الشرياني‪.‬‬ ‫و بوتيرة س� � ��ريعة يس� � ��ير ابتكار تقنيات حديثة ملراقبة تلك‬
‫وق� � ��د ُع ِرضت حالة هذا املريض في االجتماع الذي عقدته‬ ‫الطرق والتحكم فيها‪ .‬فنحن نقيس اليوم السيتوكينات ملراقبة‬
‫الكلية األمريكية لعلوم الروماتيزم في الشهر ‪ 2012/11‬في مدينة‬ ‫مسار االلتهاب‪ .‬وفي املستقبل سوف نحلّ شفرة(‪ )1‬اإلشارات‬
‫واش� � ��نطن‪ .‬فقام بعرض حالة >تاك< وزميلته >‪ .F‬كوپمان< [من‬ ‫الكهربائي� � ��ة التي حتملها األعصاب ونس� � ��تخدمها كوس� � ��يلة‬
‫املركز الطبي األكادميي] وزميلهما >‪ .R‬زيتنك< [من الش� � ��ركة‬ ‫لتشخيص األمراض االلتهابية ومراقبتها ومكافحتها‪.‬‬
‫أسهمت في تأسيسها‪ ،‬لتطوير‬ ‫ُ‬ ‫‪ ]SetPoint Medical‬وهي شركة‬ ‫وكم� � ��ا ب ّين� � ��ا س� � ��ابقا‪ ،‬فإن م� � ��ن املمكن تع� � ��رف تفاصيل‬
‫التنبي� � ��ه العصبي من أجل تنظيم املنعكس� � ��ات االلتهابية‪ .‬وقد‬ ‫ال� � ��دارات العصبية التي تنظ� � ��م التفاعالت املناعية عن طريق‬
‫تب� �ي��ن أن هذا املريض وخمس� � ��ة آخرين من بني ثمانية مرضى‬ ‫قط� � ��ع وتنبيه األعصاب وعن طريق تفحص الطرق التي تفعل‬
‫التهاب املفاصل الروماتويدي الطويل األمد واملسبب لإلعاقة‪،‬‬ ‫اجلينات واجلزيئات املناعية‪ .‬وتشير الدراسات التي أجريت‬
‫قد حتس� � ��نوا حتس� � ��نا ملحوظا بعد أن خضعوا لعملية غرس‬ ‫حت� � ��ى اآلن إلى أن هاتني الطريقتني تس� � ��اعدان على معاجلة‬
‫جه� � ��از منبه للعصب املبهم في أجس� � ��امهم‪ .‬وفي الوقت الذي‬ ‫االضطرابات التي تش� � ��مل التهاب املفاص� � ��ل الروماتويدي‬
‫أكت� � ��ب فيه هذه املقال� � ��ة تتواصل الدراس� � ��ات التي تهدف إلى‬ ‫وال� � ��داء املعوي االلتهابي والتصل� � ��ب املتعدد ورمبا حتى داء‬
‫تقيي� � ��م دور تنبيه العصب املبهم كع� �ل��اج إضافي للداء املعوي‬ ‫السكري والسرطان‪.‬‬
‫االلتهابي‪ .‬وإذا تكللت هذه التجارب بالنجاح؛ فقد يتبوأ الطب‬ ‫وف� � ��ي ع� � ��ام ‪ ،2011‬وبعد مرور ‪ 13‬عاما على رس� � ��مي لذلك‬
‫اإللكتروني البيولوجي املكان الذي كانت بعض األدوية حتتله‬ ‫املخطط على منديل املائدة‪ ،‬صادفت في البوسنة والهرسك أول‬
‫في املعاجلة‪.‬‬ ‫مريض مص� � ��اب بالتهاب املفاصل الروماتويدي وعولج بجهاز‬
‫ويتواصل إحراز التقدم في هذا املجال‪ .‬ففي منتصف‬ ‫منبه للعصب املبهم‪ ،‬وهذا اجلهاز هو نس� � ��خة أكثر تطورا من‬
‫الش������هر ‪ 2015/1‬وافقت إدارة الغ������ذاء والدواء األمريكية‬ ‫اجلهاز الذي يحمل باليد والذي كنت أستخدمه في مختبري‪.‬‬
‫على اس������تعمال جهاز منبه للعص������ب املبهم؛ فيؤدي إلى‬ ‫وقد أخبرني هذا املريض الذي كان في أواس� � ��ط العمر وكان‬
‫الش������عور بالش������بع عند املرضى البدينني‪ .‬وقد نوقشت‬ ‫أبا لع� � ��دة أطفال صغار‪ ،‬أن يديه وقدمي� � ��ه وركبتيه كانت تؤمله‬
‫اآلفاق املستقبلية للطب اإللكتروني البيولوجي في القمة‬ ‫لدرج� � ��ة جتبره على التزام االس� � ��تلقاء على األريكة ومتنعه من‬
‫األولى لهذا الطب التي عقدت في عام ‪ ،2013‬وهو املؤمتر‬ ‫العمل واللعب م� � ��ع أطفاله ومن التمتع باحلي� � ��اة‪ .‬ونظرا لعدم‬
‫الذي استضافته الشركة ‪ GlaxoSmithKline‬للبدء بوضع‬ ‫قدرت� � ��ه احلصول على األدوية املضادة لعامل نخر الورم ألنها‬
‫خارط������ة طريق لألبح������اث العلمية في ه������ذا املجال‪ .‬وقد‬ ‫كانت غالية الثمن في بالده‪ ،‬فقد حاول املعاجلة بالستيرويدات‬
‫أعلنت الش� � ��ركة ‪ GlaxoSmithKline‬عن جائزة قدرها مليون‬ ‫وامليثوتريكسات(‪ )2‬وغيرهما من األدوية املضادة لاللتهاب من‬
‫‪decipher‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫دون جدوى‪ .‬وقد وافق املريض‪ ،‬في نهاية املطاف‪ ،‬على املساهمة‬
‫‪methotrexate‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫في جتربة س� � ��ريرية يقودها >‪ .P‬تاك< [االختصاصي بأمراض‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪62‬‬


‫األخطار التي تتمثل بالع� � ��دوى وباإلصابات‪ ،‬وقد طورت تلك‬ ‫دوالر لالبت� � ��كارات في هذا املضمار إضافة إلى خمس� �ي��ن‬
‫الدودة جهازا ممتازا لتحقيق ذلك‪ .‬إذ يتألف اجلهاز العصبي‬ ‫مليون دوالر تعهدت الش� � ��ركة بإنفاقه� � ��ا على دعم األبحاث‬
‫البس� � ��يط لهذه الدودة من ‪ 302‬نورون (عصبون)‪ ،‬وعدد قليل‬ ‫الفردي� � ��ة‪ .‬وإضافة إل� � ��ى ذلك‪ ،‬فقد أعلن� � ��ت املعاهد الوطنية‬
‫ومختار منها حساس لوجود الكائنات التي تسبب األمراض‪.‬‬ ‫للصحة عن تخصيص مبلغ ‪ 248‬مليون دوالر لبرنامج ميتد‬
‫وتطلق هذه النورونات دارة منعكس تتحكم في فاعلية اجلهاز‬ ‫سبع سنوات ويدعى تنبيه األنش���طة احمليطية لتخفيف‬
‫املناعي للدودة‪ ،‬ومتنع االستجابة املناعية من أن تصبح سامة‬ ‫احل���االت )‪ ،)1((SPARC‬وهو برنامج يهدف إلى حتس���ي��ن‬
‫للدودة نفسها‪.‬‬ ‫تقان������ات اإللكتروني������ات البيولوجية‪ ،‬كم������ا أطلقت وكالة‬
‫أم� � ��ا في الفقاريات العليا‪ ،‬فإن اجلهازين البيولوجيني اللذين‬ ‫)‪(DARPA‬‬
‫(‪)2‬‬
‫مشاريع األبحاث املتقدمة في وزارة الدفاع‬
‫تعلما من التجربة كيفية الدفاع عن الكائنات احلية هما اجلهاز‬ ‫مشروع الوصفات الكهربائية ‪ )3(ElectRx‬لتمويل العمل‬
‫العصب� � ��ي واجلهاز املناعي‪ .‬وقد بينت األبحاث أن املنعكس� � ��ات‬ ‫عل������ى التقنيات الهادف������ة إلى تعزيز الصح������ة عن طريق‬
‫االلتهابي� � ��ة في هذي� � ��ن اجلهازي� � ��ن تتداخالن بواس� � ��طة دارات‬ ‫تسخير أعصاب اجلسم‪.‬‬
‫منعكسات بس� � ��يطة ودقيقة كي حتافظ على االستتباب املناعي‪.‬‬ ‫إن مقاربتن� � ��ا األصلية التي تدعو إلى اس� � ��تقصاء اآلليات‬
‫وكما هي احلال في الديدان املدورة الدنيا‪ ،‬فعلينا أن نكون واعني‬ ‫اجلزيئية التي تشكل أس� � ��اس املنعكسات االلتهابية أصبحت‬
‫بهذه اآلليات حتى نستفيد من وظائفها الوقائية املدهشة‪.‬‬ ‫تطب� � ��ق اآلن على نطاق واس� � ��ع في األم� � ��راض األخرى التي‬
‫لق� � ��د وصلنا إل� � ��ى مفترق طرق فريد ف� � ��ي تاريخ الطب‪.‬‬ ‫تصي� � ��ب أجهزة املناع� � ��ة والقلب واألوعي� � ��ة والتنفس والهضم‬
‫إذ تتوزع املنعكس� � ��ات البس� � ��يطة في جميع أنحاء اجلهاز‬ ‫والغ� � ��دد الصم� � ��اء واألعص� � ��اب والكلية‪ ،‬وإن اتس� � ��اع نطاق‬
‫العصبي‪ ،‬كم� � ��ا تربط تريليونات من املش� � ��ابك في اجلهاز‬ ‫معارفنا باملنعكس� � ��ات العصبية النوعية‪ ،‬الذي يكتسب املزيد‬
‫العصب� � ��ي النورونات ببعضها‪ .‬وتتواف� � ��ر لدينا اآلن أدوات‬ ‫م� � ��ن التمكني بتوافر املس� � ��اري واألدوات اجلزيئية التي تزداد‬
‫للبحث تتمتع بحساسية تكفي للكشف عن الدارات النوعية‬ ‫دقتها باستمرار‪ ،‬سوف يرسم معالم قدرتنا على تنبيه ألياف‬
‫التي تتحك� � ��م باجلهاز املناعي‪ ،‬كما ميكن اس� � ��تخدام تلك‬ ‫األعصاب الصغيرة بل وعلى تنبيه محور عصبي مبفرده‪.‬‬
‫األدوات ف� � ��ي املعاجل� � ��ة‪ .‬وفي أوائل القرن العش� � ��رين عزا‬ ‫عم� � ��ا إذا كان الطب اإللكتروني‬‫وقد يتس� � ��اءل البعض ّ‬
‫>شرينگتون< س� � ��يطرة العرق البش� � ��ري الذي يعتبر أكثر‬ ‫البيولوجي يش� � ��كل تهديدا للصناع� � ��ة الدوائية‪ .‬وأنا أعتقد‬
‫األجناس احليوانية جناحا على سطح الكرة األرضية‪ ،‬إلى‬ ‫أن األجهزة اإللكترونية البيولوجية سوف حتل محل بعض‬
‫قدرة املناطق العلوية من دماغ اإلنسان على السيطرة على‬ ‫األدوية وس� � ��وف تكمل عمل أدوية أخ� � ��رى‪ ،‬أما املضادات‬
‫منعكس� � ��اته البدائية‪ ،‬وأش� � ��ار إلى «أن أقواس املنعكسات‬ ‫احليوي� � ��ة واألدوية املضادة لاللتهاب فه� � ��ي باقية‪ .‬ولكنني‬
‫ميكن التحكم فيها بآليات يأخذ فيها الوعي دورا مساعدا»‪.‬‬ ‫أعتقد أن شركات األدوية ستس� � ��تمر بزيادة استثماراتها‬
‫وعودة إلى الوراء‪ ،‬لم يكن >شرينگتون< يتصور ظهور تقانات‬ ‫في الطب اإللكتروني البيولوجي‪.‬‬
‫تتحكم في املنعكس� � ��ات وتس� � ��تطيع احلفاظ على العمليات‬
‫االلتهابية للجهاز املناعي في حالة توازن مناس� � ��ب‪ .‬إال أن‬ ‫التفكير مرة أخرى في املناعة‬
‫()‬

‫>‬ ‫هذا الوقت قد حان اآلن‪.‬‬ ‫ال يفكر معظم الناس كثيرا في املنعكسات‪ ،‬مع أنها موجودة‬
‫)( ‪MIND OVER IMMUNITY‬‬ ‫في كل مكان‪ .‬فاحليوانات البدائية‪ ،‬مثل الديدان التي ال متتلك‬
‫(‪Stimulating Peripheral Activity to Relieve Conditions )1‬‬
‫(‪Defense Advanced Research Projects Agency )2‬‬ ‫أدمغة أو وعيا‪ ،‬تعتمد على املنعكسات كي جتد الطعام وتتعرف‬
‫(‪Electrical Prescriptions )3‬‬
‫(‪Caenorhabditis elegans )4‬‬ ‫أقرانها وتتجنب احليوانات املفترس� � ��ة‪ ،‬تُنش� � ��ئ اس� � ��تجابات‬
‫دفاعية جتاه الع� � ��دوى واإلصابات‪ .‬ولنمعن النظر في الدودة‬
‫املس� � ��ماة املخططة األنيقة (‪ ,)4‬وه� � ��ي دودة مدورة قدمية في‬
‫مراجع لالستزادة‬
‫‪The Inflammatory Reflex. Kevin J. Tracey in Nature, Vol. 420, pages 853–859; December‬‬
‫الس� � ��لم التطوري تتغذى بجراثيم التربة كي تستمر بالوجود‪.‬‬
‫‪19, 2002.‬‬
‫‪Reflex Principles of Immunological Homeostasis. Ulf Andersson and Kevin J. Tracey in‬‬
‫فهي تصادف أحيانا جراثيم تس� � ��بب األمراض‪ ،‬وهو أمر قد‬
‫‪Annual Review of Immunology, Vol. 30, pages 313–335; April 2012.‬‬
‫‪Invasion of the Body Hackers. Michael Behar in New York Times Magazine; May 25, 2014.‬‬
‫يك� � ��ون مميتا إال أنه يؤدي إلى تفعيل سلس� � ��لة من اإلجراءات‬
‫الدفاعي� � ��ة املضادة في اجلهاز املناعي للدودة‪ .‬فعملية التطور‬
‫‪Scientific American, March 2015‬‬
‫تفضل األنواع التي تبدي اس� � ��تجابة وقائية منس� � ��قة ملجابهة‬

‫‪63‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫عا َلم من احلركة‬


‫()‬

‫ُيظهر «مجهر حركة»  جديد‬


‫(‪)1‬‬

‫تغيرات طفيفة في أشياء ‪-‬‬


‫وفي كائنات بشرية ‪ -‬تبدو‬
‫للعني املجردة ثابتا متاما‪.‬‬
‫>‪ .M‬روبنشتاين<‬ ‫>‪ .F‬دوراند< ‪ .T .W> -‬فرميان< ‪-‬‬

‫أن تتس� � ��بب بتأرجح ضئيل لرواف� � ��ع البناء الضخمة‪ ،‬في حني‬ ‫قامت املجاهر(‪ )2‬األولى‪ ،‬في سنوات القرن السادس عشر‬
‫أن تنفس الرضيع غالبا ما يكون خافتا بش� � ��كل تصعب رؤية‬ ‫والقرن السابع عشر‪ ،‬بتحويل ألواح الزجاج التي كانت تبدو‬
‫حركته‪ .‬وتع� � ��د هذه احلركات املذكورة صغيرة لدرجة يصعب‬ ‫شفافة جدا‪ ،‬إلى عالم زاخر بالبكتيريا واخلاليا وغبار الطلع‬
‫تصورها‪ ،‬لكن أهميتها عالية جدا‪ .‬إذ ميكن بواسطتها معرفة‬ ‫فض� �ل��ا عن بل� � ��ورات معقدة‪ .‬ومثلت مس� � ��اعدات اإلظهار هذه‬
‫احلالة الصحية للفرد أو تبني واقع االهتزازات آللة في وضع‬ ‫األجه� � ��ز َة األولى التي بينت للن� � ��اس وجود خاليا ضمن قطرة‬
‫حرج ميكن أن تنهار‪ .‬فقد متكنا بالتعاون مع طالبنا ومعاونينا‬ ‫الدم‪ .‬وبعد ذلك توالت إجنازات املجاهر في إظهار عوالم خفية‬
‫من تصميم ما أس� � ��ميناه مجهر احلركة(‪ ،)1‬وهو آلة جتمع ما‬ ‫أخرى للعلماء من خالل الغوص في أعماق اخلاليا‪ ،‬أو النزول‬
‫بني آلة تصوير (كاميرا) ڤيديوي ونظام حاسوبي متخصص‪.‬‬ ‫نحو عالم الذرات‪.‬‬
‫وميكن لهذه اآللة تكبير حركات البش� � ��ر واألش� � ��ياء التي تبدو‬ ‫نعتقد أن نوعا جديدا من املجاهر على وش� � ��ك الكشف عن‬
‫للعني املجردة ثابتة ال تتحرك أبدا‪.‬‬ ‫عال� � ��م مثير وجديد‪ :‬عالم يعج باحلركة وتغيرات اللون الطفيفة‬
‫)( ‪A WORLD OF MOVEMENT‬‬ ‫التي ال تتمكن العني من كشفها‪ .‬ويزداد احمرار وجه الواحد‬
‫(‪motion microscope )1‬‬
‫(‪microscopes )2‬؛ أو‪ :‬ميكروسكوبات‪.‬‬ ‫منا مع تدفق ال� � ��دم إليه ثم يعود فاحت اللون‪ ،‬كما ميكن للريح‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪64‬‬


‫وجنحت مقاربتنا البسيطة في حتويل التغيرات اللونية في‬ ‫حساب اللون‬
‫()‬

‫البكس� �ل��ات إلى عدد ضربات القلب في الدقيقة الواحدة‪ .‬لكن‬


‫وكانت الصدفة احملضة هي وراء اكتش� � ��افنا ملجهر احلركة‪.‬‬
‫تغيرات اللون هذه كانت غير مرئية لنا في الواقع‪ ،‬وكنا نرغب‬
‫وكن� � ��ا نعمل في مش� � ��روع ڤيديو يهدف إلى قي� � ��اس التغيرات‬
‫في مش� � ��اهدة كيف تبدو حقيقة‪ .‬ومن خالل إجراء احلسابات‬ ‫الطفيف� � ��ة باألل� � ��وان‪ ،‬التي تصع� � ��ب رؤيتها بالع� �ي��ن دون أداة‬
‫املتعلقة بتغيرات درجة االحمرار في كل بكس� � ��ل في املش� � ��هد‬ ‫مساعدة‪ .‬وفي عام ‪ 2010‬قام العلماء >‪ .Z-M‬بوه< و>‪ .D‬ماكدف<‬
‫الڤيديوي عب� � ��ر الزمن ومن ثم تكبير الن� � ��اجت ‪ 100‬مرة‪ ،‬متكنا‬ ‫و>‪ .W .R‬بيكارد< [من مختبر الوسائط املتعددة في املعهد ‪]MIT‬‬
‫بوضوح من رؤية وجه اإلنس� � ��ان البالغ يزداد احمرارا مع كل‬ ‫بتبيان إمكانية اس� � ��تخدام آلة تصوير ڤيديوي لقياس النبضة‬
‫ضربة من ضربات قلبه‪.‬‬ ‫من خالل الكش� � ��ف عن تغيرات طفيفة ج� � ��دا في اللون ناجمة‬
‫وتعمل هذه التقنية أيضا ف� � ��ي حالة املواليد الصغار‪ .‬فقد‬ ‫عن تدفق الدم إلى داخل الوجه وخارجه بالتناغم مع ضربات‬
‫أجرينــ� � ��ا اختبـــارا عـــلى حــديثــي الــوالدة مبس� � ��اعدة الطبيبني‬ ‫حولوا هذه التقنية إلى تطبيق في الهواتف الذكية‬ ‫القلب‪( .‬لقد ّ‬
‫>‪ .E‬بريزنس� � ��كي< و>‪ .K‬مكامل� � ��ون< [وكانا يعم� �ل��ان حينها في‬ ‫لقياس النبض‪ ،‬يدعى كارديو ‪ .)Cardiio‬وأحسسنا في حينه‬
‫مستشفى وينشس� � ��تر بوالية ماساتشوستس] وقمنا بتصوير‬ ‫بصعوبة احلس� � ��ابات املطبق� � ��ة وتعقيدها مبا يف� � ��وق احلاجة‪،‬‬
‫ڤيديوي باس� � ��تخدام آل� � ��ة تصوير رقمية عادي� � ��ة‪ .‬وبعد التكبير‬ ‫السيما استخدام عالقات متقدمة في اجلبر اخلطي(‪)1‬؛ ولذلك‬
‫وجدنا أن النبضات امللتقطة بالڤيديو وتلك املأخوذة من مقياس‬ ‫بدأنا بالبحث عن طريقة أسهل لتطبيق هذه التقنية‪.‬‬
‫نبض� � ��ات تقليدي متصل بإصبع الطفل الرضيع؛ تتوافق متاما‬ ‫ويكمن التحدي األساس� � ��ي هنا في الصغر الشديد لتغير‬
‫مع بعضها البعض‪ .‬ودفعت هذه املالحظة نحو إمكانية قياس‬ ‫الل� � ��ون في أي بكس���ل(‪ )2‬منفرد ينجم عن تدفق الدم ‪ -‬إذ يبلغ‬
‫النبض� � ��ة من دون حتقيق مت� � ��اس أو وصل ما بالرضيع‪ ،‬وهذا‬ ‫التغي� � ��ر مقدار ‪ 0.2‬في املئة فقط عل� � ��ى مدى النبضة الواحدة‪.‬‬
‫أمر مهم ف� � ��ي حاالت املواليد اخلدج (الس� � ��ابقة ألوانها) ذوي‬ ‫وحيث إن حساس� � ��ات آلة التصوير ال تس� � ��تطيع مع األس� � ��ف‬
‫البنية الهشة القابلة للتأذي بفعل هكذا متاس‪ .‬أما فيما يتعلق‬ ‫التقاط وتسجيل القيم بشكل دقيق‪ ،‬إذ تتضمن دوما ضجيجا‬
‫بالبالغني‪ ،‬فإن عملية اإلظهار هذه ميكن أن تس� � ��اعد مستقبال‬ ‫عش� � ��وائيا تزيد قيمت� � ��ه منطيا على الـ ‪ 0.2‬ف� � ��ي املئة‪ ،‬فإن هذا‬
‫على تبيان حاالت خلل ف� � ��ي جريان الدم ميكنها أن تؤدي إلى‬ ‫الضجيج ُيع ُّد مسؤوال بشكل كبير عن تعتيم وطمس التغيرات‬
‫مقتضيات مؤذية للصحة‪ ،‬م� � ��ن مثل عدم التناظر في اجلريان‬ ‫في درجة االحمرار واللون‪.‬‬
‫بني شطري اجلسم األيسر واألمين‪.‬‬ ‫وخالل البحث عن طريقة أس� � ��هل‪ ،‬نحن وطالبنا >‪ .Y-H‬وو<‬

‫والباحثني >‪ .J‬گوتاگ< [من الـ ‪ ]MIT‬و>‪ .E‬ش� � ��يه< [وكان حينها‬
‫حياة ليست ثابتة متاما‬
‫()‬
‫في مركز األبحاث كوانتا في كمبردج] قررنا االستعاضة عن‬
‫واجهتن� � ��ا منظومتنا الڤيديوية هذه باألحجية التالية‪ .‬فقد طلبنا‬ ‫العدد الذي ميثل اللون في كل بكس� � ��ل مبتوس� � ��ط األعداد في‬
‫إل� � ��ى البالغني الواقفني أمام آلة التصوي� � ��ر الڤيديوي احملافظ َة‬ ‫جميع البكس� �ل��ات املجاورة‪ .‬وأثمرت هذه الطريقة عن تخميد‬
‫على ثباتهم دون أي حركة بهدف تبسيط عملية معاجلة األلوان‬ ‫ش� � ��ديد للضجيج بس� � ��بب ميل هذه التراوحات والتأرجحات‬
‫في منظومتنا‪ ،‬وقد بدت رؤوسهم فعال في حالة انعدام للحركة‬ ‫العشوائية إلى التعاكس‪ ،‬فيحذف بعضها بعضا في البكسالت‬
‫ف� � ��ي أفالم الڤيديو األصلية‪ .‬لكن مش� � ��اهدة النتائج بعد عملية‬ ‫املتواج� � ��دة ضمن جتمع كبير كفاية‪ .‬وكما قمنا بعملية تصفية‬
‫)( ‪CALCULATING COLOR‬‬ ‫وترش� � ��يح لتغيرات اللون التي حتدث خ� �ل��ال دور زمني أكبر‬
‫)( ‪NOT SO STILL LIFE‬‬
‫(‪linear algebra )1‬‬ ‫أو أصغر من املجال الزمني الس� � ��ائد للنبضات الصادرة عن‬
‫(‪pixle )2‬‬
‫البالغني املستريحني‪.‬‬
‫باختصار‬
‫يجعل تلك احلركات الصغيرة مرئية بوضوح‪.‬‬ ‫على الرغم من مش���اهدة الثبات املطلق في أشياء وكائنات‬
‫وميكن لهذه احلركات املكبرة أن تدل على مؤشرات صحية‬ ‫عديدة‪ ،‬فإنها تتحرك في الواقع بشكل ال تدركه أبصارنا‪ .‬وتكون هذه‬
‫بالغ� � ��ة األهمية كما في تغير النبضات أو تدفق الدم أو اإلنذار عن‬ ‫احلركات صغيرة جدا ومهمة جدا كما في تنفس املولود الصغير‪.‬‬
‫مش� � ��كالت في مس� � ��توى األمان كتلك التي حتدثها اهتزازات غير‬ ‫وم� � ��ن خ�ل�ال تكبير تغيرات اللون في بكس� �ل��ات مش� � ��هد‬
‫طبيعية في اآلالت الثقيلة‪.‬‬ ‫الڤيدي� � ��و حلظة بلحظ� � ��ة‪ ،‬متكن الباحثون من إيج� � ��اد مجهر حركة‬

‫‪65‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫املؤلفون‬
‫الرضيع عندما يتنفس‪ ،‬ومن ثم يؤدي تكبير تغيرات األلوان بدوره‬
‫‪Frédo Durand‬‬
‫إلى جعل تلك احلركة الطفيفة للصدر أشد وضوحا‪.‬‬ ‫يعم� � ��ل <دوراند> في مجال التصوير احلوس���بي(‪ )1‬أس� � ��تاذا للهندس� � ��ة‬
‫الكهربائية وعلوم احلاسوب مبعهد ماستشوستس للتقانة (‪.)MIT‬‬
‫نظرة في السوائل‬
‫()‬

‫إن الفوارق بني طريقتنا القدمية التي تستخدم األشعة ومقاربتنا‬ ‫‪William T. Freeman‬‬
‫‪MIT‬‬ ‫درس <فرمي����ان> أس� � ��تاذ الهندس� � ��ة الكهربائية وعلوم احلاسوب باملعهد‬
‫اجلديدة التي ترتكز على تغيرات اللون بداللة الزمن هي مسألة‬ ‫كيفية تطبيق تعليم اآلالت على الرؤية بواسطة احلاسوب(‪.)2‬‬
‫تتعلق مبنظورنا للموضوع‪ .‬إنه الفرق بني أن متضي مع اجلريان‬
‫‪Michael Rubinstein‬‬
‫وأن تقف ثابتا في وسط التيار‪ .‬فقد مكننا تغيير وجهة النظر هذه‬ ‫<روبنش���تاين> عال� � ��م باحث من ش� � ��ركة غوغل يعمل ف� � ��ي مجال الرؤية‬
‫من تبسيط حس� � ��اباتنا اجلديدة‪ .‬وتأتي هذه الفكرة اقتباسا من‬ ‫بواس� � ��طة احلاس� � ��وب‪ .‬وقام بعمله املتعلق مبجهر احلركة أثناء وجوده في‬
‫شركة ميكروسوفت لألبحاث وفي املعهد ‪.MIT‬‬
‫العلماء الذين يقفون مراقبني جلريان السائل ثم يقومون بنمذجة‬
‫حركته‪ .‬فهناك طريقتان متباينتان لعمل ذلك‪ :‬طريقة >الگرانگ<‬

‫وطريقة >أويلر<‪ .‬وتتبع طريقة >الگرانگ< جزءا معينا من السائل‬ ‫تكبير تغيرات اللون املذكورة بينت وجود حركة لتلك الرؤوس‪.‬‬
‫خالل حركته في الفضاء‪ ،‬وهذا يحاكي وضع مراقب يقف على‬ ‫أي إن تقنيتنا‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬لم تعزز من تباين األلوان فحسب‪،‬‬
‫مرك� � ��ب يجري ف� � ��ي نهر‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬فإن نه� � ��ج >أويلر< يعتمد‬ ‫بل طالت أيضا احلركات الصغيرة جدا‪.‬‬
‫موقعا ثابتا في املكان ليدرس السائل الذي يتدفق عنده‪ ،‬كما لو‬ ‫ومتكنا في أعمالنا السابقة مع زمالء آخرين من أن نحقق‬
‫كان املراقب يقف على جسر مثال‪.‬‬ ‫ڤيديوهات تكب� � ��ر فيها احلركات الصغيرة‪ .‬لكنها تضمنت في‬
‫ويعتمد نهجنا القدمي على فلس� � ��فة مقارب� � ��ة >الگرانگ<‪ ،‬أي‬ ‫املقاب� � ��ل برمجيات متخصصة حلس� � ��اب اجتاهات احلركة ‪-‬‬
‫مح� � ��اكاة املراقب على منت مركب‪ ،‬حيث تالحق البكس� �ل��ات في‬ ‫أش� � ��عة احلركة ‪ -‬من أجل كل بكس� � ��ل عند كل نقطة‪ ،‬ومن ثم‬
‫ڤيدي� � ��و الدخل ثم تتحرك ‪ -‬بفعل حركة املركب ‪ -‬تبعا لألش� � ��عة‬ ‫حتريكه� � ��ا ونقلها نح� � ��و مواضع جديدة‪ .‬وتنت� � ��ج من ذلك آلية‬
‫املكب� � ��رة من نقطة إل� � ��ى نقطة أخرى وهكذا‪ .‬وف� � ��ي املقابل تأخذ‬ ‫معقدة ومعرضة لألخطاء‪ .‬فقد دهشنا عندما أعطت مقاربتنا‬
‫مقاربتنا اجلديدة باالعتبار تغيرات اللون عند موضع ثابت فقط‪،‬‬ ‫اجلديدة نتائج مماثلة مع اتس� � ��امها ببس� � ��اطة احلساب دومنا‬
‫بش� � ��كل مياثل حالة املراقب الواقف على اجلس� � ��ر‪ .‬وينطبق هذا‬ ‫حاجة إلى أشعة احلركة املعقدة‪.‬‬
‫املنظ� � ��ور املوضعي على احلركات الصغي� � ��رة فقط‪ ،‬لكنه يجعلها‬ ‫مل� � ��اذا ُتضخم تغيرات اللون الكبي� � ��رة أيضا تلك احلركات‬
‫أكثر بساطة ووضوحا‪ .‬وميكن للحاسوب معاجلة الڤيديو الناجت‬ ‫الصغيرة؟ ملعرفة ذلك‪ ،‬يتعني علينا معرفة كيف تتسبب احلركة‬
‫من هذه الطريقة بسرعة‪ ،‬بينما احتاج عملنا األسبق إلى الكثير‬ ‫في الڤيديو بتغيرات موضعية في اللون‪ .‬تخيل إضاءة ش� � ��يء‬
‫من الوقت للمعاجلة احلاسوبية‪ ،‬ونادرا ما خال من األخطاء‪.‬‬ ‫م� � ��ا ‪ -‬كرة مثال ‪ -‬من اليمني؛ مما يجعل اجلانب األمين للكرة‬
‫وفي عام ‪ 2012‬نش� � ��رنا بحثا حول طريقتنا اجلديدة أسميناه‬ ‫س� � ��اطعا واجلانب األيسر معتما نسبيا‪ .‬وإذا طارت الكرة من‬
‫التكبي���ر الڤيدي���وي بطريقة >أويلر<(‪ .)4‬وق� � ��د َبينّ البحث كيف‬ ‫اليس� � ��ار إلى اليمني من خالل شاش� � ��ة ڤيديو‪ ،‬فإن بكسال في‬
‫غير جريان الدم من ش� � ��كل الوجه‪ .‬كما تضمن عددا من األمثلة‬ ‫ّ‬ ‫موضع محدد وثابت على الشاشة سيغدو أكثر عتمة مع مرور‬
‫األخرى‪ ،‬كحركات التنفس عند الطفل‪ ،‬التي ميكن تكبيرها بحيث‬ ‫الزمن بس� � ��بب متثيله لنقاط إلى يس� � ��ار الكرة تبعد عنها شيئا‬
‫تتيح لوالدي طفل حديث الوالدة رؤية إش� � ��ارة ڤيديوية محس� � ��نة‬ ‫فش� � ��يئا‪ .‬ويعتمد التغير على الس� � ��رعة التي تتحرك بها الكرة‬
‫ومكبرة تدل على حالة حركة التنفس عند الطفل‪ .‬كما قمنا أيضا‬ ‫إضافة إلى حدة التغير في السطوع بني جانبي الكرة األيسر‬
‫بتس� � ��جيل ڤيديوي س� � ��ريع لقيثارة تهتز جميع أوتارها واخترنا‬ ‫واألمي� � ��ن‪ ،‬وهو ما يدعى بتدرج الل���ون(‪ .)3‬رياضياتيا‪ ،‬ميكننا‬
‫مجاالت ترددية ضيقة تتموضع حول «نوطات» موسيقية معينة‪،‬‬ ‫القول إن تغير لون البكس� � ��ل عبر الزمن مس� � � ٍ�او جلداء سرعة‬
‫كاملجال ‪ 72‬هرتز ًا حتى ‪ 92‬هرتز ًا لوتر يعطي العالمة املوسيقية‬ ‫الشيء املتحرك بتدرج اللون املذكور‪.‬‬
‫ضخم هذا األمر من‬ ‫مي )‪ (E‬املنخفضة ويهتز عند ‪ 82‬هرتز ًا‪ .‬وقد َّ‬ ‫وال تتطل� � ��ب خوارزميتنا اجلديدة معرف َة الس� � ��رعة وال التدرج‬
‫حركة وتر واحد بينما بدت األوتار األخرى وكأنها ثابتة متاما‪.‬‬ ‫اللوني‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ومبا أنها تكبر تغير اللون عند أي نقطة محددة‬
‫)( ‪A FLUID LOOK‬‬ ‫مع حترك الكرة مبقدار جزء م� � ��ن البوصة إلى اليمني‪ ،‬فهي تكبر‬
‫(‪computational photography )1‬‬
‫(‪computer vision )2‬‬ ‫أيضا حركة الكرة اجلزئية بحيث تتمكن عيناك من رؤيتها‪ .‬وبشكل‬
‫(‪color gradient )3‬‬
‫(‪Eulerian video magnification )4‬‬ ‫مماثل‪ ،‬تتغير ألوان البكسالت التي متثل نقاطا محددة على صدر‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪66‬‬


‫أساسيات‬
‫حتويل تغ ّيرات اللون إلى حركة‬
‫()‬

‫األل���وان م���ن إطار إلى آخر إلى تضخيم إضافي لتلك احلركات اخلفيفة‪،‬‬ ‫يمُ ثل البكسل في كل ڤيديو نقطة على جسم الشيء‪ ،‬مثل ورقة أو غصن‬
‫بحي���ث يجعله���ا تظه���ر واضحة للعني املج���ردة‪ .‬وميك���ن للباحثني عزل‬ ‫على ش���جرة‪ .‬ومع جريان الس���اعة يتغير لون ذلك البكس���ل بفعل حترك‬
‫وتكبير تردد زمني معني ما ‪ -‬ولنقل مثال التردد املوافق لسرعة تأرجح‬ ‫الورق���ة ‪ -‬ول���و بش���كل طفيف ج���دا ‪ -‬ألن الورق���ة تتحرك بالنس���بة إلى‬
‫األوراق ‪ -‬فتكون النتيجة متايز حركة الورقة إزاء حركة بقية الشجرة‪.‬‬ ‫الض���وء الس���اقط عليها‪ .‬ويعمد البرنامج احلاس���وبي الذي يكبر تباين‬

‫فصلت تغيرات اللون إلى ثالث حزم ترددية‪،‬‬ ‫احلزمة األولى‪،‬‬


‫الڤيديو األساسي‬ ‫باالستناد إلى مدى سرعة تغيرها بداللة الزمن‬ ‫تكبير األوراق‬ ‫الڤيديو املكبر‬

‫اجلذع‪ :‬تردد بطيء‬

‫األغصان‪ :‬تردد متوسط‬

‫األوراق‪ :‬تردد عال‬

‫اإلطار األول‬
‫تتغير إضاءة البكسل‬
‫إضاءة البكسل‬

‫من إطار الڤيديو األول‬


‫إلى الثاني بشكل دقيق‬
‫جدا‪ .‬لكن التكبير يؤدي‬
‫إلى إظهار احلركة‬
‫املخفية لألوراق‪.‬‬
‫موضع البكسل‬

‫اإلطار الثاني‬ ‫التكبير‬


‫تغير‬ ‫تغير أكبر‬
‫البكسل‬ ‫للبكسل‬

‫اللون في الدخل الناجمة عن ضجيج احلساس� � ��ات مش� � ��كلة‬ ‫لقد أحدثنا موقعا على ش� � ��بكة الوب ‪ web‬يس� � ��تطيع الناس‬
‫أيض� � ��ا ‪ -‬مع إننا َعملنا على تلطيفها بعملية التوس� � ��يط (أخذ‬ ‫من خالله حتميل إش� � ��ارة الڤيديو الت� � ��ي لديهم ومن ثم إطالق‬
‫الوس���طي ‪ )averaging‬لعدد من البكس� �ل��ات املتجاورة ‪ -‬ألن‬ ‫عملية تكبيــر احلركـــة املعنيـــة‪( .‬شاهد شاشة الڤيديو هذه على‪:‬‬
‫الضجيج ينال نصيبا من التكبير على الرغم من ذلك‪.‬‬ ‫‪ .)https//videoscope.qrilab.com‬فقد استخدمها الناس بطرائق‬
‫وقد حثتنا هذه النتائج‪ ،‬مع طالبنا في الدراسات العليا‬ ‫لم تخطر على بالنا‪ ،‬األمر الذي كان مثيرا لدينا‪ .‬وأرسل أحدهم‬
‫>‪ .N‬واده� � ��وا<‪ ،‬على تطوير خوارزمي� � ��ة جديدة حتافظ على‬ ‫شريط ڤيديو يبني حركات جنني في مراحل احلمل املتأخرة‪ .‬كما‬
‫فضائ� � ��ل مقاربات >أويلر< البس� � ��يطة‪ ،‬ولكنه� � ��ا تؤدي إلى‬ ‫ك َّب� � ��ر آخر حركة التنفس خلنزي� � ��ره الغيني األليف‪ .‬كذلك احلال‬
‫حسن عند حدوث التغيرات احلادة‪.‬‬ ‫مشهد ُم َّ‬ ‫م� � ��ع طالبة فنون قامت بعمل ڤيديو يبني احلركات والتعابير غير‬
‫لقد أدركنا أن السبب األساسي في عوامل قصور طريقتنا‬ ‫احملسوسة ألصدقائها وهم يجهدون للبقاء بحالة ثبات‪.‬‬
‫األصلي� � ��ة هو افتراض خاطئ اعتمدناه‪ .‬إذ جرت املعاجلة كما‬ ‫لق� � ��د تعلمنا كذلك أن مقاربة >أويلر< ذات محدودية أيضا‪.‬‬
‫لو أن فرق اللون بني كل بكس� � ��ل وبني البكسالت املجاورة هو‬ ‫ني أكثر عتم� � ��ة عند االنتقال من‬ ‫فإن أضحى بكس� � � ُ�ل ٍ‬
‫دخل مع ٌ‬
‫ذاته ‪ -‬سواء أكانت إلى ميينه أم يساره أم فوقه أم حتته ‪ -‬وهذا‬ ‫إطار إلى إطار آخر الحق‪ ،‬فإن احلاس� � ��وب يقوي هذا الفارق‬
‫لسوء احلظ افتراض غير صحيح دائما‪ .‬وتوافق احلواف مثال‬ ‫بشكل مفرط مما يك ّون بكسال معتما بالكامل‪ ،‬وهذه حالة أثر‬
‫فروقا أكبر في البكس� �ل��ات (تدرجات أعلى) مقارنة باملناطق‬ ‫انفالت في التكبير‪ .‬وتسبب مثل هذه احلاالت احلدية «هاالت»‬
‫‪Turning Color Changes into Motion‬‬ ‫)(‬ ‫من العتمة أو الضياء حول مناطق احلركة‪ .‬كما تعتبر تغيرات‬

‫‪67‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪a‬‬ ‫‪b‬‬ ‫‪c‬‬

‫عل����ى تنعي����م احل����االت االنتقالية فتظهر احلركة (‪ .)c‬تبني الصور في األس����فل س����مة‬ ‫اله���دف املتح���رك‪ :‬تب����دو رافعة البناء ثابت����ة ال تتحرك (‪ .)a‬تكش����ف عملية تكبير‬
‫واحدة لرافعة تتحرك بداللة الزمن‪.‬‬ ‫تغي����رات الل����ون عن انثناء‪ ،‬لكن البكس��ل�ات تبدو كأنها ُمثلمة (‪ .)b‬يعمل احلاس����وب‬

‫إلى األعلى واألس� � ��فل وتضيق‪ ،‬بينما تك� � ��ون االنزياحات البطيئة‬ ‫امللساء احمليطة بها‪ .‬وهكذا‪ ،‬إذا قمت بتكبير جميع البكسالت‬
‫أكبر وجتبر القش� � ��رة على أخذ أشكال متباينة‪ .‬إن هذه األمناط‬ ‫في حلظة ما باملقدار نفسه‪ ،‬فسوف حتصل على تشويهات ال‬
‫املوصفة تظهر جلية في الكتب املرجعية الهندس� � ��ية على ش� � ��كل‬ ‫تنسجم وواقع احلركات احلقيقية‪.‬‬
‫معادالت‪ ،‬لكن رؤية هذه التش� � ��وهات ف� � ��ي األنبوب على حقيقتها‬ ‫وقد قررنا اس� � ��تخدام بديل عن تكبير كل جزء ‪ -‬مجموعة‬
‫كانت أمرا متعذرا نظرا لضآلة التغيرات هذه‪.‬‬ ‫موضعية من البكس� �ل��ات ‪ -‬من الصورة باملقدار نفسه‪ ،‬وذلك‬
‫التقطنا مش� � ��اهد ڤيديو س� � ��ريعة ألنابيب تعرضت للطرق‪.‬‬ ‫عبر متثيل هذا اجلزء رياضياتيا مبوج���ة جيبية(‪ .)1‬وتتجلى‬
‫وكان من املتعذر مش� � ��اهدة أي تغير في الشكل الدائري ملقطع‬ ‫املوجة اجليبي� � ��ة بتناوب ارتفاعها وانخفاضه� � ��ا‪ ،‬وبينما يعبر‬
‫األنبوب في الڤيديو غير املعالج‪ .‬ومن ثم قام >‪ .J‬تشن< [طالب‬ ‫القسم ذو امليل الشديد منها عن تغير سريع‪ ،‬فإن سنام وقعر‬
‫الدراس� � ��ات العليا حتت إش� � ��راف >‪ .O‬بيوكوزترك< في املعهد‬ ‫املوجة ي� � ��دالن على تغير بطيء‪ .‬وفي ص� � ��ور الڤيديو‪ ،‬حتاكي‬
‫‪ MIT‬وكان يعم� � ��ل على مش� � ��روع مع علماء من ش� � ��ركة ‪Shell‬‬ ‫املناطق امللساء‬
‫ُ‬ ‫احلواف القس َم ذا التغير السريع بينما متاثل‬
‫ُ‬
‫العاملية ‪ ]E&P‬بتمرير الڤيديو عبر مجهرنا املتحرك وطلب إلى‬ ‫القس � � � َم ذا التغير البطيء‪ .‬وميكننا متثيل التغير في منطقة من‬
‫احلاسوب اس� � ��تخالص أمناط الترددات الثالثة األخفض من‬ ‫ص� � ��ورة ما عبر الزمن بالتغير امللح� � ��وظ فيما يعرف بـ «طور»‬
‫االهتزاز‪( .‬وهذا هو املبدأ نفس� � ��ه الذي اس� � ��تخدمناه من أجل‬ ‫املوجة(‪ .)2‬ويس� � ��اعدنا التحرك من طور سريع التغير إلى طور‬
‫إظهار نبض اإلنسان‪ ،‬من خالل النظر إلى تغيرات البكسالت‬ ‫بطيء التغير على توصي� � ��ف وحتديد مقدار احلركة احلاصلة‬
‫املوافقة فقط ملعدل نبضات القلب بالدقيقة)‪ .‬ومن خالل تكبير‬ ‫بني إطارين متتالني ملشهد الڤيديو‪ .‬كما أن هذا األمر ال يك ّون‬
‫هذه الترددات‪ ،‬أمكن مشاهدة مقطع األنبوب وهو يهتز داخال‬ ‫معه تش� � ��وهات صنعية كاملتمثلة بظهور الهاالت‪ .‬وقد نش� � ��رنا‬
‫وخارجا مفصحا بذلك عن احلركات الفعلية التي حتدث‪.‬‬ ‫هذا التقدم في بحثنا عام ‪.2013‬‬
‫وتش� � ��كل مراقبة حتطم كأس ش� � ��راب حت� � ��ت تأثير ضغط‬
‫الصوت ‪ -‬وهي تهتز عند تردد عال ‪ -‬مثاال آخر على الفائدة‬ ‫حركات صغيرة ومقتضيات كبيرة‬
‫()‬

‫املهمة لهذا اإلظهار‪ .‬فقد شاهدنا جميعنا أفالم هوليوود حني‬ ‫وبعد معاجل� � ��ة مكامن اخللل هذه‪ ،‬وجدن� � ��ا أن بإمكاننا معاجلة‬
‫يصدح النديوي (السبرانو) بـ«نوطة» عالية‪ ،‬فتتحطم الزجاجات‬ ‫أفالم ڤيديو ملش� � ��اهدة حركات في غاية الصغر ل� � ��م يكن تن ُّبئِها‬
‫قط التشوه الفعلي احلاصل‬ ‫عندها‪ .‬ولكن أحدا منا لم يشاهد ّ‬ ‫ممكنا إال من خالل املعادالت أو احملاكاة احلاسوبية‪ .‬فعلى سبيل‬
‫للزجاج ألنه صغير للغاية باملطال وس� � ��ريع جدا في الوقت‬
‫(‪)3‬‬
‫املثال‪ ،‬تعتبر القشرة التي حتيط باإلطار الدائري ألنبوب الـ ‪PVC‬‬
‫(البالستيك) شيئا بسيطا‪ .‬وعند َط ْر ِق هذه القشرة مبطرقة أو ما‬
‫)( ‪SMALL MOTIONS, BIG IMPLICATIONS‬‬
‫(‪sine wave )1‬‬ ‫ش� � ��ابه‪ ،‬فإنها تنحني ثم ترتد وبأمناط مميزة تأخذ باالهتزاز عند‬
‫(‪the phase of the wave )2‬‬
‫(‪amplitude )3‬‬ ‫ترددات زمنية مختلفة‪ .‬وتتزاحم بإحكام أمناط االهتزاز السريع‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪68‬‬


‫هذا النهج‪ .‬وباس� � ��تخدام مجهر احلركة لتس� � ��ليط الضوء على‬ ‫نفسه‪ ،‬فقيم الترددات تتراوح عادة ما بني ‪ 300‬و ‪ .Hz 500‬لقد‬
‫االهتزازات الصغيرة جدا ألشياء من مثل أوراق النبات‪ ،‬متكنا‬ ‫أردن� � ��ا تبيان كيف ينحني زجاج الكأس إلى الداخل واخلارج‬
‫‪ -‬مـع كـل مـن >وادهوا< و >‪ .A‬دافيز< [من املعهد ‪ ]MIT‬و >‪.G‬‬ ‫في زمن حقيقي(‪.)1‬‬
‫ميس� � ��ور< [من ش� � ��ركة ‪ Adobe‬لألبحاث] ‪ -‬م� � ��ن إعادة تكوين‬ ‫ولتحقيق تلك الرغبة‪ ،‬اس� � ��تخدمنا خدعة قدمية استعرناها‬
‫نوع الصوت الذي أدى إلى اهتزازها أصال‪ .‬وإذا طبقت هذه‬ ‫م� � ��ن >‪ .H‬إدگرتون< [رائد «الضوء الوماض ‪ »strobe-light‬في‬
‫الطريقة مثال على املنحدر اإلس� � ��منتي عن� � ��د نهاية خط باص‪،‬‬ ‫التصوي���ر الفوتوغراف���ي إيقاف‪-‬حرك���ة(‪ .])2‬وق� � ��د أظهر أنه‬
‫فرمبا أمكنها حتديد هوية مصادر االهتزازات التي تعمل على‬ ‫عند تس� � ��جيل حركة دورية سريعة من خالل الكشف القصير‬
‫إضعاف هذه البنية‪.‬‬ ‫لكل إطار‪ ،‬ف� � ��إن احلركة تتواصل لعدة أدوار بني األطر فتبدو‬
‫وميك� � ��ن أيضا اس� � ��تخدام مجهر احلركة إلظه� � ��ار عدد من‬ ‫حركة املشهد أشد بطئا بكثير مما هي عليه احلال في الواقع‪.‬‬
‫املش� � ��كالت في تدفق الس� � ��وائل‪ .‬لدى حتول اجلري� � ��ان الناعم‬ ‫واس� � ��تخدمنا آلة تصوير ڤيديو عادية اللتقاط رشقات سريعة‬
‫واألملس للهواء أو املاء ضم� � ��ن طبقتني متجاورتني إلى جريان‬ ‫م� � ��ن صور زج� � ��اج الكأس‪ .‬وعندم� � ��ا كبرنا الڤيديو بواس� � ��طة‬
‫اضطرابي دوامي(‪ ،)3‬فإن موجة غير مستقرة تتشكل عند التقاء‬ ‫مجهرن� � ��ا للحركة‪ ،‬فاألثر الش� � ��بيه بالومي� � ��ض مكننا من رؤية‬
‫الطبقتني املعنيتني‪ .‬وعندما يتش� � ��كل ه� � ��ذا االضطراب الدوامي‬ ‫اهتزاز زجاج الكأس أمام أعيننا مبجرد تعرض الكأس لطرقة‬
‫حول آليات‪ ،‬تتراوح من الس� � ��يارات إلى الطائرات والغواصات‪،‬‬ ‫بنوطة معينة‪.‬‬
‫ف� � ��إن له آثارا كبيرة في س� � ��رعة تتحرك بها ه� � ��ذه اآلليات‪ .‬ومن‬ ‫وميكن لتحطم كؤوس الش� � ��راب أن يوقع الفوضى في حفل‬
‫هنا تنبع أهمية دراس� � ��ة ه� � ��ذه الظاهرة‪ .‬وال ميكن رؤية املوجات‬ ‫عش� � ��اء‪ ،‬لكننا نأمل بأن يكش� � ��ف مجهر احلركة عن آثار أخرى‬
‫ف� � ��ي ڤيديو خال من املعاجلة‪ ،‬ولكن تضخيم ترددات محددة من‬ ‫أشد خطورة‪ ،‬كما في حالة اآلالت الضخمة وذات اخلطر الكامن‬
‫احلركة نحو ‪ 40‬مرة باس� � ��تخدام منظومة «مجهراحلركة» كفيل‬ ‫عندما تبدأ بالتصدع‪ .‬ويستطيع املجهر أن يلتقط حركات صغيرة‬
‫بإظهار مؤشرات موجة الالاستقرار للمشاهد‪.‬‬ ‫قد تكون داللة على انهيار ميكانيكي ‪ -‬وأن يجعلها بادية للعيان‪.‬‬
‫قد نش� � ��عر بأن اس� � ��تخدام برمجي� � ��ة مجهر احلرك� � ��ة لتبيان‬ ‫وقد أظهرنا صح� � ��ة هذا املبدأ من خالل ڤيديو عالي الس� � ��رعة‬
‫الالمرئي ش� � ��بيه بارتداء نظارات س� � ��حرية أو باكتساب مفاجئ‬ ‫وب� �َّي��نَّ الڤيديو‬
‫لس � � �ـيارة في وض� � ��ع «الثب���ات» ‪ idle‬الطبيعي‪َ .‬‬
‫لرؤيا الرج� � ��ل اخلارق‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فاألمر ليس س� � ��حرا وال حلما‬ ‫الع� � ��ادي ‪ -‬متاما كما َم ّر معنا في جتربة األنبوب ‪ -‬عدم وجود‬
‫ملبدع كتاب هزل� � ��ي؛ بل هو نتيجة ألبحاث أساس� � ��ية في معاجلة‬ ‫أي قطع� � ��ة ميكانيكية تتحرك‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬قمنا بترش� � ��يح الڤيديو‬
‫الڤيديو والتمثيل الرياضياتي للصور‪ .‬فقد مكنت الطريقة العلماء‬ ‫عب� � ��ر التركيز على اهتزازات احمل� � ��رك عند تردد ‪ ،Hz 22‬ومن ثم‬
‫م� � ��ن مش� � ��اهدة ظواهر كنا نعلمه� � ��ا بعقولنا من دون أن يتس� � ��نى‬ ‫إبطال جميع الترددات األخرى‪ .‬وأظهرت عملية تكبير التغيرات‬
‫ألحد أن يراها بأم عينه‪ .‬وكما أن تلك الطريقة تس� � ��تطيع مساعدة‬ ‫املرتشحة مبقدار ‪ 30‬مرة اهتزاز عدد من مكونات احملرك لألمام‬
‫الناس ‪ -‬كما حدث للمجاهر الضوئية األولى قبل قرون ‪ -‬على أن‬ ‫واخللف‪ .‬ولم تكن هذه ظاهرة غير طبيعية في احملرك‪ ،‬لكنها تبني‬
‫يتبينوا األخطار التي تهدد الصحة والسالمة‪ .‬إنها جتعلنا نشعر‬ ‫بجالء قدرة مجه� � ��ر احلركة على التقاط مجاالت ترددية محددة‬
‫اآلن وكأننا مستكشفون نعجب لعالم قائم من الظواهر التي كانت‬ ‫ق� � ��د تكون مؤش� � ��را على عرض ما‪ ،‬فضال ع� � ��ن تكبيره لتغيرات‬
‫>‬ ‫عل� � ��ى ال� � ��دوام محيطة بنا‪ ،‬خفية عن اإلبصار املجرد‪.‬‬ ‫صغي� � ��رة حتى نغدو قادرين على متييزها بوضوح‪ .‬وبذلك يعمل‬
‫(‪stop-motion photography )1‬‬ ‫هذا الڤيديو على التوضيح واملساعدة على تشخيص سوء األداء‬
‫(‪real time )2‬‬
‫(‪turbulent )3‬‬ ‫الرجاجة‪.‬‬
‫للقطع امليكانيكية في اآلالت الدوارة أو ّ‬
‫واستخدمنا مقاربة مماثلة إلظهار اهتزاز رافعة بناء عمالقة‬
‫مراجع لالستزادة‬
‫حتت تأثير الرياح‪ .‬ومع أن مظهرها الس� � ��اكن للمراقبني‪ ،‬فإن‬
‫‪Eulerian Video Magnification for Revealing Subtle Changes in the World. Hao-Yu Wu et al.‬‬ ‫مجهر احلركة ُيظهر انحناء هذه الرافعة‪ .‬وهناك مجال طبيعي‬
‫‪in Proceedings of ACM SIGGRAPH 2012, V‬‬ ‫‪ ol. 31, No. 4, Article No. 65; July 2012. Preprint‬‬
‫‪available at http://people.csail.mit.edu/mrub/vidmag‬‬ ‫مس� � ��موح لتحرك مثل هذه الرافع� � ��ات‪ ،‬وإذا جتاوزت الرافعة‬
‫‪2012 International Science & Engineering Visualization Challenge. Science, V‬‬
‫‪ ol. 339, pages‬‬
‫‪518–519; February 1, 2013. www.sciencemag.org/content/339/6119/518.full‬‬ ‫هذا املجال فس� � ��وف تتعرض للمتاعب‪ .‬ونحن اآلن في مرحلة‬
‫‪Videoscope. Quanta Research Institute. Upload your own videos to the motion microscope:‬‬
‫‪https://videoscope.qrilab.com‬‬
‫استكش� � ��اف إمكانية مراقبة البنية مع عاملني من شركة ‪:Shell‬‬
‫>‪ .D‬سميت< و >‪ .S‬كابوستا<‪.‬‬
‫‪Scientific American, January 2015‬‬ ‫ونستطع أيضا أن « ُنهندس عكسيا» ‪reverse engineering‬‬

‫‪69‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 49‬الساعات في داخلنا)‬
‫حج� � ��م ما يس� � ��مى إرهاق ف� � ��رق التوقي� � ��ت االجتماعي ودليل‬ ‫املنخفض الده� � ��ون فقط‪ .‬ويبدو أن الفائدة ناجمة عن تنس� � ��يق‬
‫كتل����ة اجلس����م(‪body mass index )3‬؛ مما يوحي أن اضطراب‬ ‫محسن للدورات االستقالبية في الكبد والنسج األخرى‪.‬‬
‫الدورات اليوماوية(‪ )4‬يسهم في زيادة الوزن‪.‬‬ ‫ومن الطريف أن هذه التجارب على الفئران قد تهم أفرادا‬
‫وإلى جانب التعمق أكثر فأكثر في متثل اآلليات التي تؤلف‬ ‫من البش� � ��ر يعانون متالزمة تناول الطعام ليال ‪night eating‬‬
‫أساس االرتباط بني جينات الساعة واالضطرابات االستقالبية‪،‬‬ ‫‪ ،syndrome‬وهو اختالل يس� � ��تهلك فيه الناس وفرة مفرطة من‬
‫توص� � ��ل الباحث� � ��ون حديثا إلى نتائج مثي� � ��رة تربط اإليقاعات‬ ‫الوح� � ��دات احلرارية لي� �ل��ا‪ ،‬ويصابون بالبدان� � ��ة أو باملتالزمة‬
‫اليوماوية بحاالت مرضية كثيرة أخرى؛ فاكتشفت روابط بني‬ ‫االس� � ��تقالبية أو بكلتيهما‪ .‬ولعل منش� � ��أ هذه احلالة يعود‪ ،‬في‬
‫االضطراب اليوماوي واعتالالت القل� � ��ب واملعدة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫جزء منه‪ ،‬إلى خلل في ضب���ط التوقيت اليوماوي ‪circadian‬‬
‫ضروب من الس� � ��رطان واألمراض العصبية واآلفات التنكسية‬ ‫‪ timing‬للج� � ��وع‪ ،‬وهو التزام���ن ‪ asynchrony‬يحتمل أن يعرض‬
‫العصبية‪ ،‬واألمراض النفسية‪ ،‬وغيرها‪ .‬وإن بعض الدراسات‬ ‫املرضى لزيادة الوزن وعدم انضباط عملياتهم االستقالبية‪.‬‬
‫الثانوية تش� � ��ير إلى أن دورات الن� � ��وم املضطرب قد تكون في‬ ‫وحديث� � ��ا‪ ،‬أجريت على مجموعة أف� � ��راد يتبعون نظام حمية‬
‫بعض احلاالت عامال مسببا ال نتيجة فقط الكتئاب شديد عند‬ ‫غذائية‪ ،‬دراسة بإش� � ��راف >‪ .M‬گاروليت< [من جامعة ‪Murcia‬‬
‫األفراد الذين لديهم اس� � ��تعداد فط� � ��ري لإلصابة بهذا املرض‪.‬‬ ‫اإلس� � ��بانية] و >‪ .F‬ش� � ��ير< [من جامعة هارڤ� � ��ارد األمريكية]‪،‬‬
‫وباملث� � ��ل‪ ،‬أظهرت جتارب أجريت على فئ� � ��ران ومرانب(‪ )5‬على‬ ‫خلصت إلى وجود صلة بني توقيت تناول الغداء وجناح عملية‬
‫مدى الس� � ��نوات اخلمس املاضية حاالت مرضية تشبه إرهاق‬ ‫إنقاص الوزن‪ .‬فاألفراد الذي� � ��ن يتناولون غداءهم باكرا كانوا‬
‫ف���رق التوقي���ت املزم���ن ‪ ،chronic jet lag‬تضعف القدرة على‬ ‫أميل إلى فقد وزن أكبر أثناء التزام احلمية من الذين يتناولونه‬
‫التعلم وتتل� � ��ف الذاكرة وتعطل البن���ى العصبونية ‪neuronal‬‬ ‫متأخري� � ��ن‪ .‬ومتس احلاجة اآلن إلى إج� � ��راء مزيد من البحوث‬
‫‪ structures‬في مناطق محددة من الدماغ‪.‬‬ ‫الس� � ��ريرية ملعرفة هل ملواقيت تناول الطعام تأثير في اإلصابة‬
‫واإلدراك العميق للوظيفة التي تؤديها ساعاتنا الداخلية في‬ ‫بالبدانة وداء الس� � ��كري وما يتصل بهما؟ على أن نتائج كهذه‬
‫أجسادنا حري بإحداث نقلة نوعية في مضمار الطب‪ .‬كذلك‪،‬‬ ‫من ش� � ��أنها أن تطرح احتمال صالحية استراتيجيات التغذية‬
‫فإن إدراك الوظيفة األمثلية للساعة ‪ -‬مثال‪ ،‬عندما يكون توليد‬ ‫اليوماوية لتكون في املس� � ��تقبل متممات جدي� � ��دة وغير دوائية‬
‫الگلوكوز‪ ،‬فتحا وإغالقا‪ ،‬في غضون أربع وعش� � ��رين س� � ��اعة‬ ‫ألنظمة احلمية املتعارفة ‪.standard‬‬
‫أفضل ما ميكن ‪ -‬قد يبعث على اس� � ��تحداث ما نسميه الطب‬
‫اليوماوي(‪ .)6‬وف� � ��ي اعتقادنا أن األطباء القادرين على إدخال‬ ‫طب يوماوي‬
‫()‬

‫معلومات تتعلق باإليقاع� � ��ات اليوماوية ودورات النوم واليقظة‬ ‫وتشير أبحاث أخرى أجريت على البشر إلى أن الدراسة‬
‫س� � ��يكونون في وضع أفضل لتحس� �ي��ن واق� � ��ع الصحة ومنع‬ ‫املستفيضة إليقاعات الناس اليوماوية قد تفضي يوما ما إلى‬
‫حدوث امل� � ��رض وحتقيق الفائدة القصوى م� � ��ن أنواع العالج‬ ‫رؤى أعمق في االضطرابات االستقالبية‪ ،‬ومن ثم إلى عالجات‬
‫>‬ ‫التي يتطلبها مرضاهم‪.‬‬ ‫أجنع‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬أجرى >‪ .F‬رونيـبيرگ< وزمالؤه في‬
‫)( ‪CIRCADIAN MEDICINE‬‬ ‫ٍ‬
‫دراسات على أمناط‬ ‫جامعة لودڤيگ ماكسيميليان في ميونيخ‬
‫(‪chronic circadian disruption )1‬‬
‫(‪social jet lag )2‬‬ ‫الن� � ��وم لدى آالف الناس من ش� � ��تى أنحاء العال� � ��م‪ ،‬فخرجوا‬
‫(‪ )3‬طريقة لقياس دهون اجلسم لشخص ما‪.‬‬
‫(‪circadian cycles )4‬‬
‫بتوصيف لش� � ��كل شائع من اختالل يوماوي مزمن(‪ )1‬أسموه‬
‫(‪ :hamsters )5‬مرانب وهي من القوارض أيضا‪.‬‬ ‫إره����اق ف����رق التوقي����ت االجتماعي(‪ .)2‬ويتي� � ��ح هذا القياس‪،‬‬
‫(‪circadian medicine )6‬‬
‫ال� � ��ذي ميثل فرق التوقيت بني دورات الن� � ��وم املعتادة في أيام‬
‫مراجع لالستزادة‬
‫العمل (أو الدوام املدرس� � ��ي) من األسبوع وأوقات الفراغ من‬
‫‪Your Guide to Healthy Sleep. Revised by the National Heart, Lung, and Blood Institute. National‬‬ ‫كم ّيا ‪ quantification‬لالضطراب‬ ‫عطلة نهاية األسبوع‪ ،‬تقديرا ّ‬
‫‪Institutes of Health, August 2011. www.nhlbi.nih.gov/files/docs/public/sleep/healthy_sleep.pdf‬‬
‫‪Tick Tock: New Clues about Biological Clocks and Health. Emily Carlson et al. in Inside Life‬‬ ‫األسبوعي للس� � ��اعة الداخلية‪ ،‬الذي رمبا يكون معادال للسفر‬
‫‪Science. National Institute of General Medical Sciences. Published online November 1, 2012.‬‬
‫‪Chronobiology and Obesity: Interactions between Circadian Rhythms and Energy‬‬
‫عبر ثالث أو أربع مناطق زمنية مرتني في األس� � ��بوع لشخص‬
‫‪Regulation. Keith C. Summa and Fred W. Turek in Advances in Nutrition, Vol. 5, No. 3, pages‬‬
‫‪312S–319S; May 2014.‬‬
‫يس� � ��تيقظ عند الساعة السادس� � ��ة صباحا أيام العمل ويبقى‬
‫نائما حتى الس� � ��اعة التاس� � ��عة أو العاشرة صباحا أيام عطلة‬
‫‪Scientific American, February 2015‬‬
‫نهاية األس� � ��بوع‪ .‬وقد اكتش� � ��ف الباحثون صل� � ��ة إيجابية بني‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪70‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 53‬كيف تنجو من حرب إلكترونية)‬
‫�ات خاص� � ��ة وعامة من املتخصصني ف� � ��ي مجال أمن يقوم به الباحثون األمنيون املس� � ��تقلون من شأنه أن يلحق بنا‬ ‫مجموع� � � ٌ‬
‫�ات الضارة والثغ� � ��رات األمنية من أجل األذى جميعا ويكون له تأثير ضعيف في املجرمني بدافع الربح‬ ‫املعلوم� � ��ات‪ ،‬البرمجي� � � ِ‬
‫أو انطالقا من آيدولوجيات معينة‪.‬‬ ‫إحداث نوع من نظام حصانة موزع ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ومع اتس� � ��اع الفضاء اإللكتروني‪ ،‬فإن مصنعي الس� � ��يارات‪،‬‬


‫()‬
‫مسؤولية فردية‬ ‫(‪)2‬‬
‫وش� � ��ركات األجهزة الطبية ومقدمي أنظمة التس���لية املنزلية‬
‫وميكن أن تتس� � ��م الس� � ��نوات القليلة القادمة باالرتباك؛ إذ‬ ‫واألعمال التجارية األخرى س� � ��يكون عليهم الشروع في التفكير‬
‫كما تفكر مؤسس� � ��ات األمن اإللكتروني‪ .‬وهذا يتضمن دعم األمن س� � ��نرى املزيد من اختراقات البيانات‪ ،‬كما س� � ��نرى بالتأكيد‬
‫في عملي� � ��ة البحث والتطوير ‪ -‬واالس� � ��تثمار في أم� � ��ن املنتجات مناقشات حادة حول مدى السيطرة على عالـم التقانة الرقمية‬
‫واخلدم� � ��ات ف� � ��ي مرحلة التصمي� � ��م وليس كفكرة تأت� � ��ي متأخرة الذي ينبغي علينا التخلي عنه لصالح احلكومات مقابل األمن‪.‬‬
‫أو اس� � ��تجابة لتعليم� � ��ات معينة أو ألوامر احلكوم� � ��ة‪ .‬وهنا أيضا وفي احلقيقة‪ ،‬إن حتقيق أمن الفضاء اإللكتروني سوف يتطلب‬
‫ميكن لقراصنة احلاس� � ��وب أن يس� � ��اعدوا‪ .‬فعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬حلوال من مجاالت متعددة‪ :‬مجاالت تقانية وقانونية واقتصادية‬
‫ف� � ��ي عام ‪ ،2013‬أطلق خبيرا األم� � ��ن >‪ .J‬كورمان< و>‪ .N‬بيركوكو< وسياسية‪ ،‬وكذلك لنا دور نحن عامة الناس‪ .‬فنحن كمستهلكني‬
‫حركة ُس� � � ّ�ميت «أنا الف� � ��ارس»(‪ I Am The Cavalry )3‬حثّا فيها ينبغي علينا أن نطالب الشركات بأن تكون منتجاتها أكثر أمنا‪.‬‬
‫حمل حكوماتنا املسؤولية‬ ‫القراصنة على القيام بأبحاث أمنية من شأنها أن تشكل تغييرا كما أننا كمواطنني‪ ،‬يجب علينا أن ُن ِّ‬
‫ضعف األمن عن عمد‪ ،‬وفضال عن ذلك‪ ،‬فنحن كأفراد‬ ‫ف� � ��ي العالم‪ ،‬مع التركيز على املجاالت احليوية مثل البنى التحتية عندما ُت ِ‬
‫العام� � ��ة وصناعة الس� � ��يارات واألدوات الطبية والتقانات األخرى معرضون أيضا إلخفاقات محتملة‪ ،‬فعلى عاتقنا تقع مسؤولية‬
‫املتعلقــة باالســـتخدامات املنــزليـــة‪ .‬كمــا بــوشـــرت مبــادرة أخـــرى أمن األشياء اخلاصة بنا‪.‬‬
‫إن الدفاع عن أنفس� � ��نا يتطلب القيام بخطوات بسيطة مثل‬ ‫أجـــراهـــــا البـــاحثان البارزان فـي مجـــال األمـــن >‪ .M‬ستانيسالڤ<‬
‫و >‪ .Z‬النير< حتت مسمى «ل ُن ِق ْم األمن» ‪ ,BuildItSecure.ly‬وتهدف حتديث برمجياتنا ‪ our software‬واستخدام متصفحات شبكة‬
‫آمنة(‪ ،)6‬إضافة إلى اس� � ��تعمال عامل توثي���ق ثنائي(‪ )7‬لبريدنا‬ ‫إلى إحداث منصة لتطوير تطبيقات آمنة إلنترنت األشياء‪.‬‬
‫وهناك أخبار س� � ��ارة هي أن نظام احلصانة املوزع يتنامى اإللكتروني وحس� � ��اباتنا على ش� � ��بكات التواص� � ��ل االجتماعي‪.‬‬
‫بسرعة‪ .‬ففي الشهر ‪ 2015/1‬أطلق گوگل برنامجا جديدا يكمل ولك� � ��ن ذلك يتطل� � ��ب أيضا أن ندرك أن كل جه� � ��از من أجهزتنا‬
‫برنامجه «مكاف���آت األخط���اء البرمجي���ة» ‪ bug bounty‬بتقدمي هو مبثابة نقطة اتصال(‪ )8‬في نظام أوسع بكثير‪ ،‬وأن اخليارات‬
‫منح لتش� � ��جيع الباحثني األمنيني على فحص وتفتيش منتجات القليلة التي نقوم بها قد تكون لها تأثيرات واس� � ��عة املدى‪ .‬مرة‬
‫الشركة‪ .‬وهذا البرنامج هو مبثابة اعتراف بأنه حتى الشركات أخرى‪ ،‬إن األمن اإللكتروني ما هو إال عملية مش� � ��ابهة للنظافة‬
‫التي لديها أفضل املواهب التقانية في العالم أجمع‪ ،‬قد تستخدم العامة؛ إذ عليك أن تغس� � ��ل يدي� � ��ك وأن حتصل على اللقاحات‬
‫>‬ ‫وجهة نظر خارجية لقراصنة حاسوب ودودين‪ .‬واألكثر من ذلك‪ ،‬ضد األمراض؛ وعندها ميكنك أن تتجنب انتشار املرض‪.‬‬
‫)( ‪INDIVIDUAL RESPONSIBILITY‬‬ ‫فإن بعض احلكومات حتذو احلذو نفس� � ��ه‪ .‬فعلى سبيل املثال‪،‬‬
‫(‪distributed immune system )1‬‬
‫(‪Home-entertainment-system )2‬‬ ‫أنش� � ��أ املركز الهولندي لألمن القومي اإللكتروني(‪ ،)4‬برنامج‬
‫(‪ )3‬الفرس� � ��ان هي منظمة ش� � ��عبية عاملية ترك� � ��ز على القضايا الت� � ��ي يتقاطع فيها أمن‬
‫احلاسوب مع السالمة العامة وحياة بشرية‪.‬‬ ‫كشف خاصا به يسمح للقراصنة باإلبالغ عن الثغرات األمنية‬
‫(‪the Dutch National Cyber Security Center )4‬‬ ‫من دون أن يتعرضوا ألعمال انتقامية قانونية‪.‬‬
‫(‪the Computer Fraud and Abuse Act )5‬‬
‫(‪secure Web browsers )6‬‬ ‫وهناك أيضا أخبار غير سارة وهي أن بعض عناصر األمن‬
‫(‪enabling two-factor )7‬‬
‫اإللكتروني التي تنفذها إدارة الرئيس األمريكي >أوباما< من (‪ )8‬أو‪ :‬ارتباط‪.‬‬
‫شأنها أن تجُ ِّرم فعليا املمارسات املتبعة واألدوات املستخدمة‬
‫مراجع لالستزادة‬ ‫في األبحاث املتداولة حول الثغرات األمنية‪ ،‬مما يضعف نظام‬
‫‪War and Anti-War: Survival at the Dawn of the 21st Century. Alvin and Heidi Toffler. Little,‬‬
‫‪Brown, 1993.‬‬
‫احلصانة قيد التطوير‪ .‬فالكثيرون في مجتمع األمن يخش� � ��ون‬
‫‪A Fierce Domain: Conflict in Cyberspace, 1986 to 2012. Edited by Jason Healey. Cyber‬‬ ‫من توس� � ��يع اإلصدار احلال� � ��ي من قانون الغ���ش واالعتداء‬
‫‪Conflict Studies Association, 2013.‬‬
‫‪Countdown to Zero Day: Stuxnet and the Launch of the World’s First Digital Weapon.‬‬ ‫احلاس���وبي(‪ )5‬والتعدي� �ل��ات املقترح� � ��ة على قان� � ��ون تعريف‬
‫‪Kim Zetter. Crown, 2014.‬‬
‫‪TED’s Who Are the Hackers? playlist: www.ted.com/playlists/10/ who_are_the_hackers‬‬
‫القرصنة إلى درجة أن مج� � ��رد الضرب على رابط ملوقع على‬
‫اإلنترنت يحتوي على معلومات جرى تس� � ��ريبها أو س� � ��رقتها‪،‬‬
‫‪Scientific American, April 2015‬‬
‫يعتبر مبثابة متاجرة ببضائع مس� � ��روقة‪ .‬فتجرمي العمل الذي‬

‫‪71‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫‪8/7‬‬‫املجلد ‪ 31‬العددان‬
‫يوليو‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫()‬

‫مشكلة مح ّيرة لكوكب األرض‬


‫يعتمد مستقبلنا على قدرتنا على دمج (مكاملة) الطاقة واملياه والغذاء‪.‬‬
‫>‪ .E .M‬ويبـر<‬

‫التوس� � ��عة والتطوير اجلارية حاليا في حوض نهر كولورادو(‪،)3‬‬ ‫في الش� � ��هر ‪ 2012/7‬توقفت ثالث من الشبكات الكهربائية‬
‫هي عوامل أفضت إلى انخفاض مس� � ��توى مياه النهر في وسط‬ ‫اإلقليمي� � ��ة في الهند ع� � ��ن العمل‪ ،‬محدِ ثة أكب� � ��ر انقطاع للتيار‬
‫كاليفورني� � ��ا مبقدار الثلث‪ .‬ويذكر أن ه� � ��ذه الوالية تنتج نصف‬ ‫الكهربائ� � ��ي ش� � ��هده العال� � ��م‪ .‬فأصب� � ��ح أكثر م� � ��ن ‪ 620‬مليون‬
‫إجمالي محصول البالد من الفواكه واملكسرات واخلضراوات‪،‬‬ ‫ش� � ��خص ‪ -‬أي ‪ 9‬في املئة من س� � ��كان العال� � ��م ‪ -‬ال َحوْ ل لهم‬
‫ونح� � ��و ربع إنتاجه� � ��ا من األلبان‪ .‬وينهم� � ��ك املزارعون في ضخ‬ ‫وال قوة(‪ .)1‬والس� � ��بب هو تأزم في إنتاج الغذاء ناجم عن نقص‬
‫املياه اجلوفية ضخا يتجاوز كل احلدود؛ ففي الصيف املاضي‬ ‫في املياه‪ .‬وبس� � ��بب حالة اجلفاف الشديد‪ ،‬عمد املزارعون إلى‬
‫ضخت بع� � ��ض املناطق ألغ� � ��راض الري من املي� � ��اه ضعفي ما‬ ‫تشغيل املزيد واملزيد من املضخات الكهربائية الستجرار املياه‬
‫ضخته في العام الذي س� � ��بق‪ .‬وواقع احلال اليوم يش� � ��ير إلى‬ ‫اجلوفية من أغوار أعمق فأعمق حتت سطح األرض ألغراض‬
‫أن الوادي األوس� � ��ط(‪ ،)4‬الذي يبل� � ��غ طوله ‪ 400‬ميل‪ ،‬قد بدأ يغور‬ ‫ال� � ��ري‪ .‬وكان من ش� � ��أن تلك املضخات‪ ،‬الت� � ��ي تعمل بأقصى‬
‫فعال من جراء اس� � ��تنضاب املي� � ��اه اجلوفية من حتته‪ .‬وكما هي‬ ‫طاقتها حتت أش� � ��عة الش� � ��مس احلارقة‪ ،‬أن تزي� � ��د في الطلب‬
‫احلال عندما متس احلاجة إلى مزيد من الطاقة‪ ،‬فقد اضطرت‬ ‫الكهربائي على محطات توليد الطاقة‪ .‬وفي الوقت نفس� � ��ه‪ ،‬فإن‬
‫الش� � ��ركة ‪ Southern California Edison‬لتوليد الطاقة إلى إغالق‬ ‫تدني مس� � ��تويات املياه يعني حكما أن ينخفض توليد السدود‬
‫اثنني من املفاعالت النووية الكبرى بس� � ��بب نقص مياه التبريد‪.‬‬ ‫الكهرمائية(‪ )2‬للكهرباء عن معدالته الطبيعية‪.‬‬
‫أما مش� � ��روع سان ديـيگو لبناء محطة لتحلية املياه على امتداد‬ ‫ومما زاد األمور سوءا أن مياه الصرف السطحي ‪runoff‬‬
‫الساحل‪ ،‬فقد أعاقه نشطاء اعترضوا على إقامة املنشأة بداعي‬ ‫من تلك املزارع التي روتها مياه الفيضانات في وقت س� � ��ابق‬
‫أنها قد تستهلك طاقة كبيرة أعلى مما ينبغي‪.‬‬ ‫من الس� � ��نة‪ ،‬قد خلَّفت أكواما من الطمي خلف السدود‪ .‬وهذا‬
‫ومن املعلوم أن الطاقة واملي� � ��اه والغذاء هي املوارد الثالثة‬ ‫ما أضعف القدرة االس� � ��تيعابية خلزانات الس� � ��دود من املياه‪.‬‬
‫األكثر أهمية في العالم‪ .‬ومع أن هذه احلقيقة ُمس � � �لَّم بها على‬ ‫وقد أدى ذلك فجأة إلى إغراق عدد كبير من الناس‪ ،‬يفوق عدد‬
‫نطاق واسع في أوساط رس� � ��م السياسات‪ ،‬يالحظ أن تساند‬ ‫س� � ��كان أوروبا برمتها وضعفي عدد سكان الواليات املتحدة‪،‬‬
‫في ظالم دامس‪.‬‬
‫‪A PUZZLE FOR THE PLANET‬‬
‫‪powerless‬‬
‫)(‬
‫(‪)1‬‬
‫وتواجه والية كاليفورنيا جملة مش� � ��ابهة جدا من مشكالت‬
‫القوة املائية‪.‬‬ ‫‪ :hydroelectric‬توليد الكهرباء بواسطة‬ ‫(‪)2‬‬
‫الطاق� � ��ة واملي� � ��اه والغذاء؛ فانخف� � ��اض كثافة الثل� � ��وج‪ ،‬والهبوط‬
‫‪the Colorado River basin‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫(التحرير)‬ ‫‪the Central Valley‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫القياسي غير املعهود ملعدالت هطول األمطار‪ ،‬إضافة إلى أعمال‬

‫باختصار‬
‫توليد الطاقة ح ّري بأن يحول مياه الصرف الصحي واالنبعاثات‬ ‫كل على‬‫يحاول العالم حتسني إمدادات الطاقة واملياه والغذاء ٍّ‬
‫الكربونية إلى علف أو وقود حيوي‪ .‬وتستطيع العنفات الهوائية‬ ‫ح� � ��دة‪ .‬لكن التحديات حتتاج إلى أن تحُ َّل بطريقة واحدة متكاملة‪.‬‬
‫‪ wind turbines‬ف� � ��ي الصحراء حتويل املياه املاحلة إلى مياه عذبة‪.‬‬ ‫وال شك في أن ذلك االستشراف سيعود بالنفع أيضا على قضايا‬
‫وإن وجود شبكة ذكية لتوزيع املياه ميكن أن يسهم في االقتصاد‬ ‫البيئة والفقر والنمو السكاني واملرض‪.‬‬
‫في املياه والطاقة‪.‬‬ ‫وقد يس� � ��هم احلد من هدر الغذاء في حفظ الطاقة واملياه‪.‬‬
‫ويتع� �ي��ن على املخطط� �ي��ن وواضعي سياس� � ��ات الطاق���ة واملياه‬ ‫وبإم� � ��كان املزارع الداخلية أن تس� � ��تعمل مياه الصرف الصحي‬
‫والغذاء التوقف عن التفرد بالعمل‪ ،‬واستنباط سياسة متكاملة وإيجاد‬ ‫للمدن في زراعة احملاصيل وإمداد املباني التي تض ُّمها بالطاقة‪.‬‬
‫حلول لواقع البنية األساسية‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬فإن إنت� � ��اج الطحالب واألش���نيات ‪ algae‬بجوار محطات‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪72‬‬


‫(لصناع� � ��ة الس� � ��ماد وتغذي� � ��ة‬ ‫ه� � ��ذه امل� � ��وارد‪ ،‬أي اعتماد أحدها على اآلخ� � ��ر‪ ،‬ال يحظى مبا‬
‫اجل� � ��رارات بالوقود) س� � ��يتيح‬ ‫يس� � ��تحقه من التقدير‪ ،‬ومن ثم فإن ممارس� � ��ة ضغوط على أي‬
‫إنتاج الغذاء؛ وهكذا دواليك‪.‬‬ ‫منها ق� � ��د يعطل البقية‪ .‬وهذا الوضع بال� � ��ذات جعل مجتمعنا‬
‫وبق� � ��در م� � ��ا كان� � ��ت قائمة‬ ‫أكثر هشاشة مما نتصور‪ ،‬إذ إننا لسنا مهيئني بحال للتعامل‬
‫>س� � ��مولي< رائع� � ��ة‪ ،‬فقد غاب‬ ‫مع االحتماالت الكارثية التي تتربص بنا‪.‬‬
‫عنها أمران دقيق� � ��ان مهمان‪:‬‬ ‫وم� � ��ع ذلك‪ ،‬فنحن ماضون في اتخاذ قرارات ‪ -‬مرة في كل‬
‫أولهم� � ��ا‪ ،‬تراب� � ��ط العالقة بني‬ ‫جيل ‪ -‬تتصل مبحطات توليد الطاقة والبنية األساس� � ��ية للمياه‬
‫عناصر الطاقة واملياه والغذاء‪.‬‬ ‫واألراضي الزراعية‪ ،‬سوف تسري لعقود قادمة‪ ،‬ومن شأن هذه‬
‫واآلخر‪ ،‬هو أنه إذا كان� � ��ت وفرة أحدها تتيح وفرة في البقية‪،‬‬ ‫القرارات أن تقيدنا في نظام قاصر غير منيع‪ .‬في حني أن سد‬
‫فإن النقص في أحدها قد يحدث نقصا في البقية كذلك‪.‬‬ ‫احتياج� � ��ات العالم من الطاقة وحدها يتطلب ‪ 48‬تريليون دوالر‬
‫فبوجود طاقة غير محدودة‪ ،‬فإننا منتلك كامل حاجتنا من‬ ‫من االستثمارات منذ اآلن وحتى عام ‪ ،2035‬وذلك طبقا لتقرير‬
‫املياه‪ ،‬ألن بإمكاننا حتلية مياه احمليطات وحفر آبار عميقة جدا‬ ‫أصدرته الوكالة الدولية للطاق���ة(‪ )1‬عام ‪ .2014‬وقد نبه املدير‬
‫ونقل املياه عبر الق� � ��ارات‪ .‬وبوجود كم غير محدود من املياه‪،‬‬ ‫التنفيذي لهذه الوكالة إلى خطر حقيقي يتمثل بـ «إساءة توجيه‬
‫فإننا منتلك كامل حاجتنا من الطاقة‪ ،‬ألن بإمكاننا عندئذ بناء‬ ‫االستثمارات» بسبب عدم تقييم التداعيات تقييما صحيحا‪.‬‬
‫محطات كهرمائية(‪ )2‬لتوليد الطاقة على نطاق واس� � ��ع‪ ،‬أو ري‬ ‫وتبرز حاجة ملحة إلى اعتم� � ��اد مقاربة متكاملة حلل هذه‬
‫احملاصيل باستعمال غير محدود للطاقة‪ .‬وبوجود غير محدود‬ ‫القضايا الكبرى بدال من محاولة حل كل مش� � ��كلة مبعزل عن‬
‫للطاق� � ��ة واملياه‪ ،‬ميكننا أن جنعل الصحارى تزهر وتزكو‪ ،‬وأن‬ ‫املشكالت األخرى‪ .‬فثمة عدد هائل من مراكز التجمع السكاني‬
‫نبني مزارع داخلية ‪ indoor farms‬عالية اإلنتاجية تنتج الغذاء‬ ‫على كوك� � ��ب األرض يضربها اجلف� � ��اف‪ ،‬وتصطدم منظومات‬
‫على مدار العام‪.‬‬ ‫الطاقة بالقي� � ��ود البيئية والتكاليف املرتفعة‪ ،‬في حني يس� � ��عى‬
‫إننا‪ ،‬بطبيعة احلال‪ ،‬ال نعيش في عالم غير محدود املوارد‪،‬‬ ‫النظام الغذائي جاهدا إلى مواكبة التنامي السريع في الطلب‬
‫بل في عال� � ��م حتكمه القيود‪ .‬ويتزايد احتم� � ��ال أن تؤدي هذه‬ ‫على الغذاء‪ .‬ومتثل السلس� � ��لة املترابط� � ��ة للغذاء واملاء والطاقة‬
‫القيود إلى إخفاقات متتابعة مع ارتفاع الضغط الناش� � ��ئ عن‬ ‫خلفية ألكثر مناطق العالم اضطرابا‪ .‬فأعمال الشغب والثورات‬
‫النمو السكاني وزيادة متوسط األعمار وتزايد االستهالك‪.‬‬ ‫في ليبيا وسوريا‪ ،‬مثال‪ ،‬إمنا أثارها اجلفاف وارتفاع أسعار‬
‫فبحيرة ميد(‪ )3‬مثال‪ ،‬الواقعة في ظاهر مدينة الس ڤيگاس‪،‬‬ ‫الغذاء‪ ،‬فسقطت بسبب ذلك حكومات‪ .‬فنحن إذن بحاجة إلى‬
‫والتي يغذيها نهر كولورادو(‪ ،)4‬تش� � ��هد اليوم أدنى مس� � ��توى‬ ‫حل هذه املعضلة املتش� � ��ابكة بغية تكوين مجتمع أكثر تكامال‬
‫لها في تاريخها؛ فاملدينة تس� � ��تجر مياه الشرب عبر ما ميكن‬ ‫ومرونة‪ ،‬ولكن من أين نبدأ؟‬
‫تسميته أنبوبي شفط ‪ two straws‬ضخمني مغموسني في مياه‬
‫البحيرة‪ .‬فإذا اس� � ��تمر مستوى املياه بالهبوط‪ ،‬فإنه يخشى ‪-‬‬ ‫أخطار متـتابعة أم مكافآت‬
‫()‬

‫في وقت ما ‪ -‬أن ينخفض إلى ما دون مستوى أنبوبي الشفط‬ ‫أش� � ��ار اخلبير الراحل >‪ .E .R‬س� � ��مولي< [م� � ��ن جامعة رايس‬
‫هذين‪ :‬ومن ثم يحتمل أن تصبح مجتمعات زراعية كبرى تقع‬ ‫في هيوس� �ت��ن بتكس� � ��اس‪ ،‬احلائز على جائزة نوبل] إلى حيث‬
‫في أس� � ��فل مجرى النهر من دون مي� � ��اه؛ ولرمبا انخفضت أو‬ ‫البداية‪ ،‬وذل� � ��ك في محاضرة ألقاها عام ‪ ،2003‬وس� � ��لط فيها‬
‫توقفت متاما الطاق ُة التي توفرها العنفات الكهرمائية الضخمة‬ ‫الضوء على «أهم عشر مش� � ��كالت تواجه البشرية على مدى‬
‫داخل س� � ��د هوڤر(‪ )5‬على البحيرة‪ .‬ويتمثل احلل الذي تقترحه‬ ‫السنوات اخلمسني املقبلة»‪ .‬وقد أورد هذه املشكالت بترتيب‬
‫الس ڤيگاس بإنفاق نحو بليون دوالر على إنشاء أنبوب شفط‬ ‫تنازلي حس� � ��ب األهمية‪ :‬الطاقة‪ ،‬املي� � ��اه‪ ،‬الغذاء‪ ،‬البيئة‪ ،‬الفقر‪،‬‬
‫ثال� � ��ث يبرز إلى داخل البحيرة من أس� � ��فلها‪ ،‬ومن احملتمل أال‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬احل� � ��رب‪ ،‬املرض‪ ،‬التعليم‪ ،‬الدميقراطية‪ ،‬الس� � ��كان‪.‬‬
‫يكون ذا جدوى كبيرة‪ .‬وقد وجد العلماء في مؤسسة سكريـپس‬ ‫و ُيالحظ أن مش� � ��كالت الطاقة واملي� � ��اه والغذاء احتلت صدارة‬
‫‪CASCADING RISKS OR REWARDS‬‬ ‫)(‬
‫القائمة‪ ،‬ألن حلها من ش� � ��أنه أن يكافح مشكالت أخرى تليها‪،‬‬
‫‪International Energy Agency‬‬
‫‪hydroelectric plants‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫على نحو متتابع‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬إن تطوير مصادر وفيرة‬
‫‪Lake Mead‬‬
‫‪the Colorado River‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫من الطاقة النظيفة واملوثوقة واملتاحة بأس� � ��عار معقولة سيتيح‬
‫‪the Hoover Dam‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫وفرة من املياه النظيفة؛ ووجود وفرة من املياه النظيفة والطاقة‬

‫‪73‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫التي تتطلب تبريدا ذا اس� � ��تهالك عال من الطاقة‪ ،‬تنتج سلعا‬
‫غذائية تغل� � ��ف مبواد لدائنية (پالس� � ��تيكية) مصنعة من مواد‬
‫پتروكيميائي� � ��ة‪ ,‬بل إن ثمة طاقة أكبر تس� � ��تهلك للحصول على‬
‫البقالة من املتاجر وطهوها في املنازل‪ .‬إذن‪ ،‬فهذه السلس� � ��لة‬
‫املترابطة هي مثار مش� � ��كلة عويص� � ��ة‪ ،‬والنظام بأكمله عرضة‬
‫للخلل في أي جزء منه‪.‬‬

‫حلول تقانية‬
‫()‬

‫إن م� � ��ن غير احلكمة بناء املزيد من محطات الطاقة ومنش� � ��آت‬
‫س���جلت بحيرة ميد في واليتي أريزونا ونيڤادا األمريكيتني رقما قياس���يا في تدني‬
‫توزي� � ��ع ومعاجلة املي� � ��اه باعتماد التصاميم القدمية نفس� � ��ها‪،‬‬ ‫مس���توى املي���اه في الش���هر ‪ ،2014/7‬أنذر باحلد من تزوي���د مدينة الس ڤيگاس مبياه‬
‫وزراعة احملاصيل باألساليب القدمية ذاتها‪ ،‬واستخراج املزيد‬ ‫الشرب‪ ،‬وري املزارع‪ ،‬وتوليد الطاقة من سد هوڤر‪.‬‬

‫من النفط والغاز من دون إدراك أن هذه املمارسات يؤثر سلبا‬


‫بعضها في بعض‪ .‬ومن مين الطالع حقا أن باإلمكان دمج هذه‬
‫الفعاليات الثالث جميعها في طرق مستدامة‪.‬‬ ‫لدراس� � ��ة احمليطات(‪ )1‬ف� � ��ي ‪ La Jolla‬بكاليفورنيا أن بحيرة ميد‬
‫وأوضح التدابير وأقربها التقليل من النفايات‪ .‬ففي الواليات‬ ‫ميكن أن جتف متاما بحلول عام ‪ 2021‬إذا تبدل املناخ تبعا ملا‬
‫املتح� � ��دة‪ ،‬ينتهي ‪ 25‬ف� � ��ي املئة أو أكثر من امل� � ��واد الغذائية إلى‬ ‫هو متوقع‪ ،‬وما ل� � ��م تعمل املدن واملزارع التي تعتمد على نهر‬
‫مقالب النفايات‪ .‬وملا كنا نس� � ��تعمل ك ّما هائال من الطاقة واملياه‬ ‫كولورادو على تقليص استجرارها للمياه‪.‬‬
‫ف� � ��ي إنتاج األغذية‪ ،‬فإن خفض نس� � ��بة النفايات ميكن أن يكون‬ ‫وف� � ��ي األورغواي‪ ،‬يتع� �ي��ن على الساس� � ��ة مجابهة قرارات‬
‫عامل اقتصاد في عدة موارد في آن معا‪ .‬وقد يترتب على ذلك‬ ‫صعبة تتصل بطريقة استعمال مياه اخلزانات‪ .‬ففي عام ‪2008‬‬
‫إجراء بسيط‪ ،‬كأن نقدم حصصا أصغر من الطعام على املوائد‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انخفض مس� � ��توى نهر أورغواي(‪ )2‬خلف سد سالتو العظيم‬
‫وأن نتن� � ��اول كميات أقل من اللحوم‪ ،‬التي هي أكثر اس� � ��تهالكا‬ ‫إلى مس� � ��تويات متدنية جدا‪ ،‬علما بأن طاق� � ��ة توليده للكهرباء‬
‫للطاق� � ��ة‪ ،‬بأربع م� � ��رات أكثر من احلبوب‪ .‬وف� � ��ي إمكاننا أيضا‬ ‫تق� � ��ارب طاقة س� � ��د هوڤر‪ ،‬لكن ثالثا فقط م� � ��ن العنفات األربع‬
‫وض� � ��ع األغذية التي نزمع طرحه� � ��ا‪ ،‬والنفايات الزراعية كروث‬ ‫عش� � ��رة كانت تعمل‪ ،‬نظرا ألن السكان احملليني كانوا يريدون‬
‫احليوان� � ��ات‪ ،‬في «هاضمات»(‪ )5‬الهوائي���ة ‪anaerobic digesters‬‬ ‫تخزين املياه خلف الس� � ��د ألغراض الزراعة أو االس� � ��تعماالت‬
‫تعم� � ��ل على حتويلها إلى غاز طبيع���ي ‪ .natural gas‬وتبدو هذه‬ ‫البلدية‪ .‬ولذلك اضطر املواطنون عل� � ��ى امتداد النهر وقادتهم‬
‫الكرات املعدنية كفقاقي� � ��ع المعة‪ .‬وتعمل امليكروبات داخل هذه‬ ‫السياس� � ��يون إلى أن يحددوا خيارهم‪ :‬ه� � ��ل يريدون الكهرباء‬
‫الهاضمات على تفكيك املواد العضوية‪ ،‬منتجة في هذه العملية‬ ‫أم الغذاء أم مياه الشرب؟ وأحدثت القيود في أحد القطاعات‬
‫غاز امليثان‪ .‬ولو أننا طبقنا هذه التقانة على نطاق واس� � ��ع ‪ -‬في‬ ‫قيودا ف� � ��ي القطاعني اآلخرين‪ .‬وإذ خفت وط� � ��أة هذا التهديد‬
‫املنازل ومحالت البقالة واملواقع املركزية كاملزارع ‪ -‬لكان ذلك‬ ‫مؤقتا في األورغواي‪ ،‬فإنه ما برح يتكرر في أجزاء أخرى من‬
‫حر ّيا بأن يولد طاقة جديدة ومصادر دخل متجددة‪ ،‬وفي الوقت‬ ‫العالم‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن بعض املجتمعات في واليتي تكساس ونيو‬
‫نفسه يخفض الطاقة واملياه الالزمتني ملعاجلة النفايات‪.‬‬ ‫مكس� � ��يكو‪ ،‬اللتني حاق بهما اجلف� � ��اف‪ ،‬قد حظرت أو قيدت ‪-‬‬
‫ومي� � ��اه الصرف الصحي هي منتج ثان� � ��وي آخر بإمكاننا‬ ‫إلى عهد قريب ‪ -‬استعمال املياه في عمليات استخراج النفط‬
‫حتويله إلى مورد‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬في مدينتي سان ديـيگو‬ ‫والغاز بطريقة التكسير(‪ ،)4‬وآثرت حفظها ألغراض الزراعة‪.‬‬
‫وس� � ��انتا كالرا بوالية كاليفورنيا‪ ،‬تس� � ��تعمل مي� � ��اه الصرف‬ ‫إن قرابة ‪ 80‬في املئة من املياه التي نس� � ��تهلكها تس� � ��تعمل‬
‫الصحي املعاجلة في س� � ��قاية األراض� � ��ي الزراعية‪ .‬ويذكر أن‬ ‫ألغ� � ��راض الزراعة ‪ -‬أي لغذائنا‪ ،‬وزهاء ‪ 13‬في املئة من إنتاج‬
‫املي� � ��اه املعاجلة هذه نقي� � ��ة إلى درجة جتعله� � ��ا حتى صاحلة‬ ‫الطاقة تس� � ��تعمل جللب مياهنا وتنقيتها وتوزيعها وتسخينها‬
‫‪TECHNICAL SOLUTIONS‬‬ ‫)(‬ ‫وتبريدها والتخلص منها‪ .‬كذلك‪ ،‬فإن األس� � ��مدة املصنَّعة من‬
‫‪the Scripps Institution of Oceanography‬‬
‫‪the Uruguay River‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الغ� � ��از الطبيعي‪ ،‬واملبيدات املصنعة من البترول ووقود الديزل‬
‫‪the Salto Grande Dam‬‬
‫‪fracturing = fracking‬؛ أو‪ :‬التشديخ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫املستعمل لتشغيل اجلرارات واحلصادات‪ ،‬من شأنها أن ترفع‬
‫(التحرير)‬ ‫(‪ :digesters )5‬أوعية خاصة ُمحكمة اإلغالق‪.‬‬ ‫كمية الطاقة الالزمة إلنتاج الغذاء‪ .‬وإن مصانع املواد الغذائية‪،‬‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪74‬‬


‫املؤلف‬
‫املختلفة في آن واحد‪ .‬فنحن نس� � ��تعمل م� � ��ن املياه‪ ،‬عن طريق‬ ‫‪Michael E. Webber‬‬
‫مفاتي� � ��ح اإلنارة واملنافذ الكهربائية‪ ،‬أكثر مما نس� � ��تهلكه منها‬ ‫>ويبر< نائب مدير معهد الطاقة في جامعة تكساس مبدينة أوسنت‪ .‬ويتناول‬
‫كتابه القادم املعنون‪ :‬التعطش إلى الس� � ��لطة(‪ ،)1‬استخدام الطاقة واملياه في‬
‫عن طريق الصنابير وأغراض االستحمام‪ ،‬ذلك ألن ثمة حاجة‬ ‫العالم احلديث‪ ،‬وس� � ��تتولى نش� � ��ره مطبعة جامعة يـيل‪ .‬وحس� � ��ابه على موقع‬
‫إل� � ��ى كميات كبيرة من املياه لتبري� � ��د محطات الطاقة التي هي‬ ‫التويتر هو‪.Twitter@MichaelEWebber :‬‬
‫بعيدة عن األنظار وغائبة عن األذهان‪ .‬كذلك‪ ،‬فإننا نس� � ��تعمل‬
‫من الطاقة‪ ،‬لتس� � ��خني مياهنا ومعاجلته� � ��ا وضخها‪ ،‬أكثر مما‬
‫نس� � ��تعمله منها لإلضاءة‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن إطفاء األنوار واألجهزة‬ ‫للش� � ��رب‪ ،‬وميكن أن تعزز إمدادات مياه البلدية إذا س� � ��محت‬
‫الكهربائي� � ��ة يوفر كميات هائلة من املي� � ��اه؛ وإيقاف هدر املياه‬ ‫بذلك قوانني الوالية‪.‬‬
‫بدوره يوفر كميات كبيرة من الطاقة‪.‬‬ ‫لقد قام أنصار املزارع املدينية‪ ،‬من أمثال >‪ .D‬ديسپوماير<‬

‫وفي وس� � ��عنا أيضا إع� � ��ادة النظر في كيفية االس� � ��تثمار‬ ‫[م� � ��ن جامعة كولومبي� � ��ا] بتصميم م���زارع عمودي���ة ‪vertical‬‬
‫األفضل للطاقة واملي� � ��اه لزراعة احملاصيل الغذائية في أماكن‬ ‫‪ farms‬محت� � ��واة في ناطحات س� � ��حاب زجاجية‪ .‬فعلى س� � ��بيل‬
‫غي� � ��ر مالئمة‪ .‬فف� � ��ي أجزاء من اجلن� � ��وب الغرب� � ��ي األمريكي‬ ‫املثال‪ ،‬ينتج الناس في مدين� � ��ة نيويورك بليون گالون من مياه‬
‫الصح� � ��راوي تتوفر بكثرة املياه اجلوفي� � ��ة املاحلة على أعماق‬ ‫الصرف الصحي يوميا‪ .‬وتنفق املدينة مبالغ هائلة لتنقيتها مبا‬
‫ضحلة‪ ،‬وهناك أيض� � ��ا وفرة من الرياح والطاقة الشمس� � ��ية‪.‬‬ ‫يكفي جلعلها صاحلة للطرح في نهر هدس� � ��ن(‪ .)2‬واحلقيقة أن‬
‫ومتثل مصادر الطاقة ه� � ��ذه حتديات ملرافق اخلدمات العامة‪،‬‬ ‫هذه املياه املن ّقاة صاحلة بدال من ذلك الس� � ��تعمالها في سقي‬
‫ألن الش� � ��مس ال تس� � ��طع ليال‪ ،‬والرياح تهب متقطعة‪ .‬لكن هذا‬ ‫احملاصي� � ��ل داخل مزرع� � ��ة عمودية‪ ،‬إلنت� � ��اج الغذاء وتخفيض‬
‫البرنامج الزمني يعد مالئما لتحلية املياه املاحلة‪ ،‬إذ من السهل‬ ‫حاج� � ��ة املزرعة إلى املياه العذبة في الوقت نفس� � ��ه‪ .‬وبدال من‬
‫تخزين املياه النظيفة الستعمالها الحقا‪ .‬ومن املعلوم أن حتلية‬ ‫ح� � ��رق املواد الصلبة الناجمة عن معاجلة النفايات الس� � ��ائلة‪،‬‬
‫مياه البحر عالية االستهالك للطاقة‪ ،‬لكن املياه اجلوفية امللحة‬ ‫كم� � ��ا هي العادة‪ ،‬فإنه ميكن ترميدها(‪ )3‬إلنتاج الكهرباء للمبنى‬
‫ليس� � ��ت بدرجة ملوحة مياه البحر‪ .‬وتشير بحوثنا في جامعة‬ ‫الكبي� � ��ر‪ ،‬ومن ثم خف� � ��ض حاجتها إلى الطاق� � ��ة‪ .‬وملا كان من‬
‫تكس� � ��اس بأوس� �ت��ن إلى أن طاقة الرياح املتقطعة أكثر جدوى‬ ‫املرغوب فيه أن ُتزرع األغذية الطازجة حيث يقيم ويعمل كثير‬
‫اقتصادية عند اس� � ��تعمالها للحصول عل� � ��ى املياه النظيفة من‬ ‫من املس� � ��تهلكني‪ ،‬فتقل احلاجة إلى شحنها إلى املستهلكني‪،‬‬
‫املياه اجلوفية املاحلة‪ ،‬منها عند اس� � ��تعمالها لتوليد الكهرباء‪.‬‬ ‫وفي ذلك خفض في اس� � ��تهالك الطاق� � ��ة وخفض في انبعاثات‬
‫وميكن بالطبع اس� � ��تعمال املياه املعاجلة ف� � ��ي ري احملاصيل‬ ‫غاز ثنائي أكسيد الكربون )‪.(CO2‬‬
‫الزراعي� � ��ة‪ .‬وهذه بالضبط هي مواصفات السلس� � ��لة املترابطة‬ ‫وحتاول الشركات الناشئة استعمال مياه الصرف الصحي‬
‫التي تعمل ملصلحتنا‪.‬‬ ‫وغاز ثنائي أكسيد الكربون الناجم عن محطات توليد الطاقة في‬
‫وبطريقة التفكير نفس� � ��ها‪ ،‬ميكن حتسني طريقة التكسير‬ ‫زراعة الطحالب واألشنيات(‪ )4‬بالقرب منها؛ إذ سرعان ما تأكل‬
‫الهيدروليك���ي(‪ hydraulic fracturing )5‬في اس� � ��تخراج النفط‬ ‫الطحال� � ��ب الغاز واملاء‪ .‬بعد ذلك تجُ مع النباتات وتس� � ��تعمل علفا‬
‫والغاز‪ .‬على أن من اآلثار اجلانبية غير املش� � ��جعة أن النفايات‬ ‫للحيوانات ووقودا حيويا ‪ .biofuel‬وذلك كله في س� � ��ياق تطبيق‬
‫الغازي� � ��ة ‪ -‬ومعظمها من غاز امليث� � ��ان ‪ -‬املتصاعدة من البئر‪،‬‬ ‫األولوية الرابعة في قائمة >سمولي< ‪ -‬حتسني البيئة ‪ -‬عن طريق‬
‫تشتعل في الهواء بنور وهاج وواسع جدا بحيث ميكن معاينته‬ ‫إزالة املركبات من املاء‪ ،‬وغاز ثنائي أكسيد الكربون من اجلو‪.‬‬
‫ليال من الفض� � ��اء‪ .‬كذلك تنتج اآلبار كمي� � ��ات كبيرة من املياه‬ ‫وميكننا أيضا اس� � ��تغالل ثنائي أكس� � ��يد الكربون نفس� � ��ه‬
‫امللوثة ‪ -‬فماليني الگالونات م� � ��ن املياه العذبة التي حتقن في‬ ‫إلنتاج الطاقة؛ فقد متكن زمالئي في جامعة تكساس بأوسنت‬
‫اآلبار ألغراض التكسير تعود مثقلة باألمالح واملواد الكيميائية‪.‬‬ ‫من تصميم نظام يحقن فيه غاز ثنائي أكسيد الكربون املهمل‪،‬‬
‫وبإمكان اخلبراء احلاذقني القائمني على اآلبار استعمال غاز‬ ‫الناش� � ��ئ عن محطات توليد الطاقة‪ ،‬في خزانات كبيرة للمياه‬
‫امليث� � ��ان إلمداد أجهزة التقطي���ر ‪ ،distillers‬وغيرها من اآلالت‬ ‫املاحلة عميقا حتت س� � ��طح األرض‪ ،‬وبذلك يبقى الغاز مغمورا‬
‫ومحجوبا عن اجلو اخلارجي‪ ،‬فيقوم بدفع غاز امليثان احلار‪،‬‬
‫(‪”Thirst for Power” )1‬‬
‫(‪the Hudson River )2‬‬
‫الذي يطفو إلى السطح‪ ،‬حيث يجمع ويباع لتوليد الطاقة‪ .‬وقد‬
‫(‪ )3‬أي حرقها حتى تصير رمادا‪.‬‬ ‫يستفاد أيضا من احلرارة في الصناعة‪.‬‬
‫(‪algae )4‬‬
‫(‪ )5‬تشديخ الطبقات اجلوفية من األرض بضخ سائل ذي ضغط عال جدا فيها‪( .‬التحرير)‬ ‫إن الصون الذكي ميثل طريقة أخرى لالقتصاد في املوارد‬

‫‪75‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫وحالته العامة‪ .‬وال ش� � ��ك في أن اس� � ��تعمال احلساسات لتقييم‬
‫حال� � ��ة الغذاء مباش� � ��رة قد ينطوي على حصاف� � ��ة أكبر‪ .‬فمثال‪،‬‬
‫ميكننا استعمال أحبار خاصة على أغلفة األغذية‪ ،‬يتغير لونها‬
‫إذا م� � ��ا تعرضت لدرجة حرارة خاطئة أو بدأت ميكروبات غير‬
‫مس� � ��تحبة بالنمو داخلها مش� � ��يرة إلى تلفه� � ��ا‪ .‬وميكننا تثبيت‬
‫حساسات على سلس���لة اإلم���داد ‪ supply chain‬لقياس غازات‬
‫ن���زرة ‪ trace gases‬تطلقها الفواكه واخلضراوات الفاسدة‪ .‬وقد‬
‫تفضي هذه احلساسات نفسها إلى قيود أشد تتعلق بالتبريد‬
‫واحلفظ‪ ،‬من شأنها أن تخفض اخلسائر إلى أدنى حد‪.‬‬
‫()‬
‫تفكير في سياسات جديدة‬
‫ومع وجود حلول تقانية كثيرة قد تحُ س� � ��ن السلسلة املترابطة‬
‫املتمثل� � ��ة بالطاقة‪-‬املاء‪-‬الغ� � ��ذاء‪ ،‬فإنن� � ��ا غالب� � ��ا م� � ��ا نخفق في‬
‫تقطعت السبل بالركاب في مدينة كولكاتا ‪ )1(Kolkata‬بالهند‪ ،‬بعد انقطاع شامل‬
‫اس� � ��تغاللها‪ ،‬ألن الواليات املتحدة‪ ،‬آيديولوجيا وسياسيا‪ ،‬لم‬ ‫للتيار الكهربائي عام ‪ ،2012‬كان سببه األعداد الكبيرة من مضخات املياه التي‬
‫كانت تعمل جاهدة لسقي املزارع أثناء فترة اجلفاف‪.‬‬
‫صنّاع‬‫ت� � ��درك متاما العالقة التبادلية بني ه� � ��ذه املواد‪ .‬ويعمل ُ‬
‫السياس� � ��ات وأصحاب األعمال واملهندس� � ��ون ع� � ��ادة بطريقة‬
‫منفردة على قضية واحدة أو أخرى‪.‬‬ ‫املعتم� � ��دة على احل� � ��رارة‪ ،‬بالطاقة لتنقية املي� � ��اه وجعلها قابلة‬
‫ومما يؤس� � ��ف له أننا نزيد املش� � ��كالت تفاقما عندما تنفرد‬ ‫لالس���تعمال من جديد ‪ reusable‬في املوقع ذاته‪ .‬ومن ش� � ��أن‬
‫كل على حدة‪ ،‬باتخاذ قرارات رس� � ��م السياسات‬ ‫مؤسس� � ��ات‪ّ ،‬‬ ‫ذل� � ��ك أن يقتصد في املياه العذبة‪ ،‬م� � ��ع جتنب الطاقة املهدورة‬
‫واإلش� � ��راف والتمويل؛ فيفترض راس� � ��مو سياسة الطاقة أنهم‬ ‫واالنبعاثات الصادرة عن الشعلة‪.‬‬
‫سيحصلون على املياه التي يحتاجون إليها‪ ،‬ويفترض راسمو‬ ‫وميكننا أيض� � ��ا أن نكون أكثر حكمة فيم� � ��ا يتعلق بكيفية‬
‫سياس� � ��ة املياه أنهم س� � ��يحصلون على الطاقة التي يحتاجون‬ ‫إيص� � ��ال املياه إلى املنازل واملؤسس� � ��ات واملصانع‪ .‬وتس� � ��هم‬
‫إليها‪ ،‬في حني يدرك راسمو سياسة الغذاء مخاطر اجلفاف‪،‬‬ ‫حساسات ‪ sensors‬تدمج في الشبكات الذكية في جعل توزيع‬
‫ولكن جتاوبهم عمليا يتمث� � ��ل بضخ أقوى للمياه‪ ،‬وحفر أعمق‬ ‫الكهرب� � ��اء أكثر كف� � ��اءة‪ .‬لكن منظومتنا املائي� � ��ة في الواقع هي‬
‫طلبا لها‪ .‬وإن أهم ابتكار يلزمنا اليوم هو التفكير الش� � ��مولي‬ ‫أشد قصورا بكثير من منظومتنا الكهربائية‪ .‬فأجهزة القياس‬
‫في مواردنا كلها‪.‬‬ ‫(الع� � ��دادات) املتقادمة التي انقضى عهد صالحيتها غالبا ما‬
‫ومن ش� � ��أن هذا النمط من التفكي� � ��ر أن يؤدي إلى قرارات‬ ‫تخفق في تس� � ��جيل القراءة الدقيقة الس� � ��تهالك املياه‪ .‬ويؤكد‬
‫لسياس� � ��ات أكثر ذكاء‪ .‬فعلى س� � ��بيل املث� � ��ال‪ ،‬ميكن أن متول‬ ‫اخلبراء أن ش� � ��بكة األنابيب العتيقة املستهلكة تسرب هدرا ما‬
‫السياس� � ��ات فعاليات البحث العلمي في مجال تقانات الطاقة‬ ‫ب� �ي��ن ‪ 10‬و ‪ 40‬في املئة م� � ��ن املياه املعاجلة التي تتدفق خاللها‪.‬‬
‫القليلة االس� � ��تعمال للمياه‪ ،‬وتقانات املياه القليلة االس� � ��تهالك‬ ‫(‪)2‬‬
‫واستنادا إلى ذلك‪ ،‬فإن دمج حساسات السلكية للبيانات‬
‫للطاقة‪ ،‬وتقنيات إنتاج الغذاء وخزنه ومراقبته‪ ،‬التي حتول دون‬ ‫في نظام توزيع املياه من شأنه أن يزود املرافق العامة بأدوات‬
‫وقوع خس� � ��ائر أو مفقودات‪ ،‬وفي الوقت نفسه تختزل الطلب‬ ‫جديدة‪ ،‬س� � ��عيا إلى احلد من االرتشاحات والعوائد الضائعة‪.‬‬
‫على الطاقة واملياه‪ .‬ويشار إلى أن حتديد معايير للكفاءة تشمل‬ ‫وغني عن القول‪ ،‬إن النظام املائي الذكي يس� � ��اعد املستهلكني‬
‫جمي� � ��ع املوارد ق� � ��د يؤدي إلى حتقيق غرض� �ي��ن في آن واحد‪.‬‬ ‫أيضا على إدارة استهالكهم للمياه‪.‬‬
‫كذلك ميكن أن تكون القوانني الناظمة لعمليات البناء والتعمير‬ ‫ونستطيع كذلك أن نحقق غذاء ذكيا‪ .‬فمن أسباب هدر الكثير‬
‫أداة فعالة للحد من النفايات وحتسني األداء‪ .‬ومن الضروري‬ ‫م� � ��ن املواد الغذائية اعتماد مح� �ل��ات البقالة واملطاعم وجمهور‬
‫أيضا أن يستلزم الترخيص إلقامة مواقع جديدة لتوليد الطاقة‬ ‫املستهلكني على تاريخ انتهاء صالحية السلعة‪ ،‬وهو تقدير غير‬
‫إجراء عمليات تقييم ملناطق وج� � ��ود املياه‪ ،‬والعكس بالعكس‪.‬‬ ‫دقيق للداللة على احتمال فساد الغذاء‪ .‬ومن املالحظ أن الغذاء‬
‫)( ‪NEW POLICY THINKING‬‬
‫(‪ )1‬كلكتا ‪ Calcutta‬سابقا‪.‬‬
‫ال يباع أو يس� � ��تهلك بعد تاريخ انتهاء الصالحية حتى ولو أنه‬
‫(التحرير)‬ ‫(‪wireless data sensors )2‬‬ ‫ما زال في حالة جيدة‪ ،‬وتوفرت له شروط مراقبة درجة حرارته‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪76‬‬


‫ملحق بالصفحة التالية‬
‫ويس� � ��تطيع صناع السياسات تقدمي قروض مالية متجددة‪ ،‬أو‬
‫‪ ‬نبذة عن املدرسة العربية للعلوم والتكنولوجيا‬
‫استثمارات رأس مال مباشرة‪ ،‬أو مزايا ضريبية للمؤسسات‬
‫تأسس� � ��ت هذه املدرسة في دمشق عام ‪ 1978‬مببادرة من «معهد‬
‫الكوي� � ��ت لألبحاث العلمية» وكلّ من مركز الدراس� � ��ات والبحوث‬ ‫التي تدمج هذه األمناط من احللول التقنية‪.‬‬
‫العلمية واملعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا في سوريا‪،‬‬ ‫وقد كان من اإلش� � ��ارات الالفتة واملشجعة بيانٌ صدر عن‬
‫وانضمت إليها الحق ًا جهات أخرى لتصبح اجلهات املس� � ��اهمة‬ ‫‪ 300‬مندوب من ‪ 33‬دولة‪ ،‬اجتمعوا حلضور «نيكسوس ‪:2014‬‬
‫فيها ثماني جهات‪:‬‬ ‫مؤمتر املياه والغذاء واملناخ والطاقة»(‪ ،)1‬الذي عقد في مدينة‬
‫> من دولة الكويت‪ :‬‬
‫‪ -‬مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬ ‫تشاپل هيل بوالية كارولينا الشمالية‪ .‬ونص البيان ‪ -‬الذي لم‬
‫‪ -‬معهد الكويت لألبحاث العلمية‬ ‫يصغه ممثلون سياس� � ��يون فحس� � ��ب‪ ،‬بل مشاركون من البنك‬
‫‪ -‬جامعة الكويت‬ ‫الدول���ي(‪ )2‬ومجلس األعمال العاملي للتنمية املس���تدامة(‪- )3‬‬
‫> من سوريا‪:‬‬ ‫على أن «العالم منظومة واحدة معقدة»‪ ،‬وأنه «ينبغي الس� � ��عي‬
‫‪ -‬مركز الدراسات والبحوث العلمية‬
‫‪ -‬املعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا‬
‫إلى إيجاد حلول وتدخالت في السياسات تعود بالفائدة على‬
‫‪ -‬هيئة الطاقة الذرية‬ ‫النظام ككل‪».‬‬
‫> من لبنان‪:‬‬ ‫وحس� � ��بما أش� � ��ار >س� � ��مولي<‪ ،‬فإن الطاقة رمبا تكون هي‬
‫‪ -‬املجلس الوطني للبحوث العلمية (عام ‪)2000‬‬ ‫احمل� � ��رك الداف� � ��ع‪ .‬وعلينا االجتهاد في التفكير في اس� � ��تغالل‬
‫‪ -‬اجلامعة اللبنانية (عام ‪)2001‬‬
‫قطاع الطاقة حلل عدة حتديات في وقت واحد‪ .‬فالسياس� � ��ات‬
‫والهدف من إقامة هذا املش� � ��روع الطموح هو تسخير العلم‬
‫والتقانة من أجل التنمية املس� � ��تدامة عموم ًا وفي الدول األعضاء‬ ‫ذات وجهة النظر األحادية بشأن خفض مستويات غاز ثنائي‬
‫في املدرسة بشكل خاص‪.‬‬ ‫أكس� � ��يد الكرب� � ��ون في اجلو‪ ،‬مثال‪ ،‬قد تدف� � ��ع بنا إلى خيارات‬
‫ولذا‪ ،‬تس� � ��عى املدرسة إلى توفير ملتقى علمي متقدم لتأهيل‬ ‫كهربائية منخفضة الكربون وعالية اس� � ��تهالك املياه جدا‪ ،‬مثل‬
‫وتدريب قاعدة واسعة من العلميني واخلبراء واملهندسني والفنيني‬ ‫محط� � ��ات الطاقة النووية‪ ،‬أو محطات توليد الطاقة العاملة على‬
‫العرب‪ ،‬وذلك من خالل استقطاب علماء وخبراء دوليني للمساهمة‬
‫ف� � ��ي برامجها وحلقاته� � ��ا العلمية‪ .‬وهذه احللقات تعقد بش� � ��كل‬ ‫الفحم بتقنية احتجاز الكربون‪.‬‬
‫عام مرتني في الس� � ��نة‪ ،‬لتواكب التطورات املتس� � ��ارعة في العلوم‬ ‫وللمسؤولية الشخصية أيضا دور تؤديه‪ .‬فالطلب على أنواع‬
‫والتقان� � ��ة‪ .‬وكان عن� � ��وان احللقة األولى للمدرس� � ��ة‪« :‬إلكترونيات‬ ‫السلطات الطازجة على أطباق موائدنا في الشتاء‪ ،‬التي جتلب‬ ‫َّ‬
‫اجلس� � ��م الصلب» وعقدت في صيف عام ‪ 1978‬مبنتجع بلودان‪.‬‬ ‫من أصقاع تبعد ‪ 5000‬ميل‪ ،‬يـــولــد نظــا َم توزيع غذائي ًا واس� � ��ع‬
‫وقد جتاوز عدد الندوات واحللقات وورشات العمل التي أقامتها‬
‫املدرس� � ��ة العربية ‪ 80‬مناس� � ��بة عقُدت في ّ‬
‫النطاق ومستنزف ًا للطاقة‪ .‬وخياراتنا الشخصية للحصول على‬
‫كل من سوريا والكويت‬
‫ولبنان وأخرى عق� � ��دت إحداها في البحرين بالتعاون مع جامعة‬ ‫املزيد من كل شيء كفيلة بأن تدفع مبواردنا إلى شفير اخلطر‪.‬‬
‫اخللي� � ��ج العربي وثانية في جامعة قطر وثالثة في مصر بالتعاون‬ ‫وال جرم في أن رابطة الطاقة‪-‬املاء‪-‬الغذاء هي أكثر املش� � ��كالت‬
‫مع أكادميية البحث العلمي والتكنولوجي‪.‬‬ ‫الت� � ��ي تواجه كوكبن� � ��ا األرضي صعوبة وإرب� � ��اكا‪ .‬وقد أصاب‬
‫وم� � ��ن إس� � ��هامات املرحوم الدكت� � ��ور عبدالله واثق ش� � ��هيد‬ ‫الراحل >‪ .G‬ميتش� � ��ل< [مؤسس تقنية التكس� � ��ير الهيدروليكي‬
‫(س� � ��وريا) املشاركة مع الدكتور علي الشمالن والدكتور عدنان‬
‫ش� � ��هاب الدين (الكويت) في اإلش� � ��راف على تأسيس املدرسة‬ ‫احلديثة وأحد دعاة االستدامة] في قوله‪« :‬إذا كنا عاجزين عن‬
‫ورعايتها خالل مس� � ��يرتها الرائدة الطويلة‪ ،‬التي أقيمت أمانتها‬ ‫حل املشكلة لس� � ��بعة باليني من البشر اليوم‪ ،‬فماذا عسانا أن‬
‫في دمش� � ��ق مبركز الدراس� � ��ات والبحوث العلمي� � ��ة‪ .‬وقد غدت‬ ‫>‬ ‫نفعل إذا وصل العدد غدا إلى تسعة باليـني؟»‬
‫املدرسة صرح ًا علمي ًا راسخ ًا خالل ما يربو على ثالثني عاماً‪.‬‬
‫ونأمل بأن تستعيد املدرس� � ��ة حيويتها قريب ًا لتحقق الطموحات‬ ‫(‪the Nexus 2014: Water, Food, Climate and Energy Conference )1‬‬
‫(‪the World Bank )2‬‬
‫التي كانت معقودة عليها قبل نحو أربعة عقود‪.‬‬ ‫(‪the World Business Council for Sustainable Development )3‬‬

‫‪ ‬كُلف املرحوم الدكتور واثق ش� � ��هيد برئاس� � ��ة اللجنة اإلدارية‬


‫العليا التي جتتمع دوريا ملراجعة مش� � ��روع إعداد اس� � ��تراتيجية‬
‫تطوير العلوم والتقانة في الوطن العربي‪ .‬وكان قوام هذه اللجنة‬ ‫مراجع لالستزادة‬
‫‪Liberation Power: What Do Women Need? Better Energy. Sheril R. Kirshenbaum and‬‬
‫كبار مدراء مؤسس� � ��ات البحث العربي� � ��ة واملختصني العرب في‬ ‫‪Michael E. Webber in Slate. Published online November 4, 2013.‬‬
‫مجال السياس� � ��ات واس� � ��تراتيجيات العلوم والتقان� � ��ة‪ .‬وقد امتد‬ ‫;‪The Ocean under Our Feet. Michael E. Webber in Mechanical Engineering, page 16‬‬
‫‪January 2014.‬‬
‫العمل في املش� � ��روع لعدة سنوات؛ ومت تلخيص نتائج الدراسات‬
‫التي أعدت فيه في كتاب شامل صدر عام ‪.1989‬‬
‫‪Scientific American, February 2015‬‬

‫‪77‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬


‫األستاذ الدكتور‬
‫عبداهلل واثق شهيد‬
‫في ذمة الله‬

‫‪2015 – 1922‬‬

‫العال���ي للعل���وم التطبيقي���ة والتكنولوجي���ة ال� � ��ذي تبنَّى أوائل‬ ‫بخالص العزاء وعظيم املواساة تنعى «مجلة العلوم» فقيد أمتنا‬
‫خريج� � ��ي الش� � ��هادة الثانوية في البالد لتخريجهم مهندس� �ي��ن من‬ ‫الكبير األستاذ الدكتــور عبدالله واثق شهيد‪ ،‬الذي وافته املنية‬
‫الطراز األول‪ ،‬ومن ثم تأهيلهم‪ ،‬من خالل برامج اإليفاد إلى الدول‬ ‫في دمشق في ‪.2015/ 8 /14‬‬
‫املتقدمة لتحضير شهادات عالية‪.‬‬ ‫ق� � ��د ال تفي هذه الكلمة الراحل حقَّه ف� � ��ي ذكر إجنازاته املتعددة‪،‬‬
‫ومن الصروح العلمية الكبيرة التي شارك الراحل في تأسيسها‬ ‫خاصة في مجال تأسيس وبناء الصروح العلمية التي بناها أو أسهم‬
‫املدرسة العربية للعلوم والتكنولوجيــــا(‪ )1‬فـي دمشـــــق عـام ‪،1978‬‬ ‫في بنائها‪ .‬ولعل زمالءه وأصحابه الذين عاصروه لم يكونوا مبالغني‬
‫وذلك اس� � ��تجابة ملبادرة من معهد الكويت لألبحاث العلمية‪ .‬وكانت‬ ‫ؤسس والباني‪ .‬ففي أيام اجلمهورية العربية املتحدة‪،‬‬ ‫في وصفه بالـ ُم ِّ‬
‫له مبادراته الشخصية في إقامة عدة مشاريع متقدمة للتعاون العلمي‬ ‫كان من ُمؤسسي فرع دمش� � ��ق للمجلس األعلى للعلوم‪ ،‬الذي كان‬
‫والتقان� � ��ي مع اجلزائر‪ ،‬وذلك عالوة على دراس� � ��ات أش� � ��رف عليها‬ ‫قائما في القاهرة حينئذ‪ ،‬وذلك بهدف جمع علماء البالد كي يشاركوا‬
‫ملصلحة املنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (األلكسو)(‪.)2‬‬ ‫في إجراء بحوث علمية أصيلة تخدم متطلبات التنمية املستدامة فيها‪.‬‬
‫وقد أصبح ذلك الفرع فيما بعد املجلس األعلى للعلوم في اجلمهورية‬
‫وفي عام ‪ ،1988‬انتُخب الدكتور واثق شهيد عضوا عامال في‬
‫العربية السورية‪ .‬وش� � ��ارك الراحل في إعداد دراسة ُق ِّدمت إلى ذلك‬
‫مجمع اللغة العربية بدمشق‪ .‬وفي عام ‪ ،1996‬وبعد ما يزيد على‬ ‫املجلس بعنوان «اخلطة العلمية لإلقليم الشمالي» لعام ‪ ،1959‬وفي‬
‫ربع قرن من توليه إدارة مركز الدراسات والبحوث العلمية‪ ،‬أصبح‬ ‫التحضير ألس � � �ـابيع العلم التي أصبحت حدثا س� � ��نويا في س� � ��وريا‬
‫األمني العام للمجمع‪ ،‬وبقي في ذلك املوقع حتى عام ‪ .2008‬وقد‬ ‫وجعــلت مــن املجــلــس منبـــرا إلحـيـــاء تــراث أمتنــا العلمـي‪ .‬وقد تجَ ّلى‬
‫كان للراحل الكبير الدور الرئيس� � ��ي في إقامة مش� � ��روع توحيد‬ ‫التقدير ألعماله في املجال العلمي بتكليفــه بتــأسيــس وزارة التعليم‬
‫املصطلحات العلمية التدريس���ية في اجلامعات السورية‪ .‬ففي‬ ‫العال����ي فـي س � � �ـــوريــا عــام ‪ ،1966‬وبــذلك كــ� � ��ان أول وزير للتعليم‬
‫إطار هذا املشروع‪ُ ،‬جمعت مس� � ��ارد جميع الكتب التدريسية في‬ ‫العال���ي فيها‪ .‬وقـد م َّكنـه ذلـك من وضع أس� � ��س متينـــة للعالقــة بني‬
‫العلوم املعتمدة في س� � ��وريا‪ ،‬وش � � � َّكل املجم� � ��ع جلانا متخصصة‬ ‫الوزارة الناشئة واجلامعات السورية‪ ،‬ومن إعادة النظر في املستويات‬
‫للنظر في توحيد تلك املصطلحات‪ .‬وفي ذلك اإلطار‪ ،‬نشر املجمع‬ ‫التدريسية في اجلامعات بحيث تتطابق مع متطلبات العصر‪.‬‬
‫عج َمني علميني حديثني ملصطلحات الفيزياء‬ ‫قبل بضعة ش� � ��هور ُم َ‬
‫وبناء على خلفيته الثقافي� � ��ة العلمية الغن ّية‪ ،‬التي نهلها أوال على‬
‫والكيمياء وضعتهما جلنتان رأس� � ��هما الراح� � ��ل منذ عام ‪.2008‬‬
‫أيدي أس� � ��اتذته الكبار في اجلامعة السورية‪ ،‬وفيما بعد من أنشطته‬
‫لق� � ��د ض� � ��م الراحل جهوده إل� � ��ى جهود زمالئه ف� � ��ي مجمع اللغة‬
‫العلمية أثناء حتضيره للدكتوراه في العلوم الفيزيائية بجامعة باريس‬
‫العربي� � ��ة ضمن خطة حتديثية للغتنا مت ِّكنه� � ��ا من احتضان العلم‬
‫الـمس���� ِّرعات اخلطية» التي‬
‫عام ‪[ 1957‬حيث كانت أطروحته حول « ُ‬
‫والتكنولوجيا بنفس قدر احتضانها للفكر واألدب الرفيعني‪.‬‬
‫تسمح بدراسة تركيب بنيان املادة في أعمق أغوارها]‪ ،‬واستنادا إلى‬
‫لقد متتع املرحوم الدكتور واثق بحضور بارز‪ ،‬وحظي باحترام‬ ‫ما متيز به عمله في تأسيس وزارة التعليم العالي‪ ،‬فقد ُك ّلف بإنشاء‬
‫كبي� � ��ر‪ .‬وقد كان يحترم اخل� �ل��اف واالخت� �ل��اف‪ ،‬وكان ُيقنع ويقتنع‬ ‫مركز الدراسات والبحوث العلمية في سوريا عام ‪ ،1971‬وهو املركز‬
‫من خ� �ل��ال احلوار املنفتح‪ ،‬ويعالج القضاي� � ��ا بصبر وأناة وحكمة‪،‬‬ ‫ال� � ��ذي احتضن وجلب أرفع أنواع البحوث العلمية والتقانية املختلفة‬
‫ويحرص دائما على حتقيق العدل واإلنصاف بني العاملني معه‪.‬‬ ‫إلى س� � ��وريا‪ ،‬خاصة من خالل موفديه إلى مختلف البلدان املتقدمة‬
‫الذين عادوا إلى وطنهم حاملني أعلى الشهادات التخصصية‪.‬‬
‫رحم الله أبا زياد‪ .‬وخلود اإلنسان ال يكون بجسده‪ ،‬بل بأعماله‬
‫وإجنازاته‪ ،‬ونصيبك يا واثق من ذلك كثير‪.‬‬ ‫ومثلت مرتكزات التكنولوجيا األساسية الثالثة‪ ،‬وهي‪ :‬البحث‬
‫والتطوي� � ��ر‪ ،‬والصناع� � ��ة‪ ،‬والتعلي� � ��م؛ الهاجس الـ ُمهيم� � ��ن على فكر‬
‫(‪ )1‬نبذة عن هذه املدرسة (العمود املؤطر في الصفحة ‪.)77‬‬ ‫الراحل الكبير‪ .‬فرفد مركز الدراسات والبحوث العلمية مبؤسسة‬
‫(‪ )2‬بعض تفاصيل هذه الدراسات (العمود املؤطر في الصفحة ‪.)77‬‬ ‫صناعية كبيرة ساهمت في الصناعات الوطنية السورية‪ ،‬وباملعهد‬

‫‪(2015) 6/5‬‬ ‫‪78‬‬


44 CHRONOBIOLOGY
The Clocks within Us
By Keith C. Summa and Fred W. Turek

EDITOR IN CHIEF: Mariette DiChristina


MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting
CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam
The human body does not have just one SEnIor writeR: Gary Stix
biological clock. It has many. EDITORS: Davide Castelvecchi,
Graham P. Collins, Mark Fischetti,
Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser,
50 SECURITY Christine Soares, Kate Wong
How to Survive Cyberwar CONTRIBUTING EDITORS: Mark Alpert,
Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs,
By Keren Elazari Marguerite Holloway, Christie Nicholson,
Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer,
Sarah Simpson

ASSOCIATE EDITORS, ONLINE: David Biello,


Larry Greenemeier
Like it or not, we are all combatants in the news Reporter, ONLINE: John Matson
fight to secure cyberspace.  ART DIRECTOR, online: Ryan Reid

ART DIRECTOR: Edward Bell


54 MEDICAL ELECTRONICS
ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen
Shock Medicine PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley
By Kevin J. Tracey
COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller

Editorial Administrator: Avonelle Wing


SENIOR SECRETARY: Maya Harty

Doctors may soon treat inflammatory and


autoimmune disorders with electricity. COPY and PRODUCTION, nature publishing
group:
Senior COPY editor, npg: Daniel C. Schlenoff
COPY editor, npg: Michael Battaglia
64 TECHNOLOGY editorial assistant, npg: Ann Chin
A World of Movement managing pRODUCTION EDITOR, npg: 
Richard Hunt
By Frédo Durand, William T. Freeman and senior pRODUCTION EDITOR, npg: Michelle Wright
Michael Rubinstein
PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli
ADVERTISING PRODUCTION MANAGER: 
Carl Cherebin
PREPRESS AND QUALITY MANAGER: 
A new tool makes astonishing movies of Silvia De Santis
CUSTOM PUBLISHING MANAGER: 
otherwise imperceptible motions. Madelyn Keyes-Milch

pRESIDENT: Steven Inchcoombe
72 ENVIRONMENT VICE PRESIDENT, operations and
A Puzzle for the Planet Administration: Frances Newburg
By Michael E. Webber
Vice president, finance and
BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek
BUSINESS MANAGER: Marie Maher

Our future depends on whether we can


craft an integrated and sustainable new Letters to the Editor
system for providing food, water and Scientific American
75 Varick Street, 9th Floor,
energy.  New York, NY 10013-1917
or editors@SciAm.com
Letters may be edited for length and clarity. We
regret that we cannot answer each one. Post a
comment on any article instantly at
Editor In Chief www.ScientificAmerican.com/
Adnan Hamoui sciammag
July / August - 2015 Volume 31 Number 7/8

4 COMPUTING
The Search for a New Machine
By John Pavlus

Computer chipmakers are betting billions on new technologies


to improve performance. 

12 MEDICINE
Lifting the Curse of Alzheimer’s
By Gary Stix

As the search for a treatment turns to prevention, a couple


of dozen Colombian families with a rare genetic form of the
disease have emerged to play a key role.

18 MEDICINE
Pain That Won’t Quit
By Stephani Sutherland

New insights into the causes of chronic pain are leading to


fresh ideas for combating it.

26 PALEONTOLOGY
Rise of the Tyrannosaurs
By Stephen Brusatte

The fearsome T. rex turns out to be a late descendant in a


family of surprisingly humble, mostly human-sized creatures.
Some of them had truly bizarre anatomical features.

36 PARTICLE PHYSICS
The Glue That Binds Us
By Rolf Ent, Thomas Ullrich and Raju Venugopalan

Gluons are what keep protons and neutrons—and the


universe for that matter—from coming undone. How they do it
is an enduring mystery.
‫(٭)‬ ‫(٭)‬
‫مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬ ‫مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬
‫تنظم مكتبة اإلسكندرية‬ ‫‪Kuwait Foundation for the‬‬
‫أسماء الفائزين‬ ‫املؤمتر الدولي‬ ‫)‪Advancement of Sciences (KFAS‬‬
‫بجائزة الكويت لعام ‪2015‬‬
‫أعلنت مؤسس����ة الكويت للتقدم العلمي أس� � ��ماء‬ ‫بيوڤيجن اإلسكندرية ‪2016‬‬ ‫جُتدد اتفاقيتها‬
‫الفائزين بجائزة الكويت لعام ‪ 2015‬املخصصة‬ ‫‪2016 / 04 / 14-12‬‬ ‫في الفترة‬ ‫املوقعة عام ‪ 1983‬مع‬
‫للباحثني العرب في مجاالتها األربعة التالية‪:‬‬ ‫في دورته الثامنة‬
‫‪ ‬العلوم األساسية (العلوم الطبية)‪:‬‬
‫مركز عبدالسالم الدولي للفيزياء النظرية‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬هدى فاخر عاقل (سورية اجلنسية)‬ ‫تريستا (إيطاليا)‬
‫من مواليد عام ‪ 1945‬وحصلت على الدكتوراه‬
‫في مجال علم النف���س البيولوجي عام ‪ 1972‬من‬
‫جامعة كاليفورنيا األمريكية‪ ،‬وتعمل حاليا أستاذا‬
‫لعل���م األعصاب والطب النفس���ي و أ‪ .‬د‪ .‬هدى هي‬
‫مدير معهد علم األعصاب اجلزيئي والسلوكي في‬ ‫‪The Abdus Salam International‬‬
‫)٭٭(‬
‫جامعة ميتشيگان األمريكية‪.‬‬ ‫)‪Centre for Theoretical Physics (ICTP‬‬
‫‪ ‬العلوم التطبيقية (املياه)‪:‬‬ ‫‪Trieste - Italy‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬هشام محمد عواد التوني (مصري اجلنسية)‬
‫م� � ��ن مواليد عام ‪ 1952‬وحصل على الدكتوراه‬ ‫بدع� � ��م مالي س� � ��نوي قدره مئة أل� � ��ف يورو‪ ،‬مت‬
‫في الهندسة الكيميائية من معهد ماساتشوستس‬ ‫جتديد هذه االتفاقية ملتابعة إس� � ��هامات املؤسسة‬
‫للتكنولوجي� � ��ا بالوالي� � ��ات املتح� � ��دة‪ ،‬ويعمل حاليا‬ ‫في دعمها مشاركة الباحثني العلميني العرب بدولة‬
‫أس� � ��تاذا للهندس� � ��ة الكيميائية بجامع� � ��ة الكويت‬ ‫الكويت والدول العربية األخرى في أنشطة املركز‬
‫ويعد أ‪ .‬د‪ .‬هشام رائدا وخبيرا دوليا في عمليات‬ ‫العلمية التالية‪:‬‬
‫يقام املؤمتر حتت شعار‬
‫حتلية مياه البحر‪ ،‬وهو أيضا خبير بطرق أخرى‬ ‫‪: Post-doctoral Fellowship -1‬‬
‫للتحلية‪ ،‬كالتناضح العكسي والفلترة الدقيقة‪.‬‬ ‫علوم حياتية جديدة‪:‬‬ ‫زمالة البحث هذه‪ ،‬مدتها س� � ��نة ومتنح لباحث عربي‬
‫‪ ‬العلوم االقتصادية واالجتماعية (العلوم‬ ‫الطريق إلى األمام‬ ‫ش� � ��اب‪ ،‬يعمل في دولة الكوي� � ��ت وحصل حديثا على‬
‫االجتماعية)‪:‬‬ ‫الدكتوراه في أحد مجاالت تخصص املركز ‪.ICTP‬‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬ساري عبدالرحمن حنفي (فلسطيني اجلنسية)‬ ‫ويهدف إلى دعم احلوار البنّاء بني‬ ‫‪: Diploma Students Programme -2‬‬
‫من مواليد عام ‪ ،1962‬وحصل على الدكتوراه في‬ ‫األطراف املعن ّية بتطوير العلوم احلياتية‬ ‫ِم َن� � � ٌ�ح س� � ��نوية لثالثة طلبة عرب للمش� � ��اركة في‬
‫علم االجتماع عام ‪ 1994‬من مدرسة الدراسات العليا‬ ‫واستكشاف مجاالت جديدة في علوم‬ ‫‪.ICTP Postgraduate Programme‬‬
‫بباريس‪ ،‬ويعمل حاليا رئيس� � ��ا لقسم علم االجتماع‬
‫باجلامع� � ��ة األمريكية في بيروت‪ .‬وق� � ��د عاجلت كتبه‬ ‫احلياة خدمة للبش� � ��رية‪ .‬وس� � ��وف يتم‬ ‫‪: Abdus Salam Lectureship -3‬‬
‫وكتاباته قضايا ومش� � ��كالت الالجئني الفلسطينيني‬ ‫تن� � ��اول املوضوعات املطروحة من قبل‬ ‫سلس� � ��لة محاضرات سنوية مدتها أس� � ��بوع يلقيها‬
‫في سوريا ولبنان وكذلك املشكالت املتعلقة باإلقصاء‬ ‫كبار املختصني فيها‪ .‬وس� � ��يقام على‬ ‫باح� � ��ث علمي مع� � ��روف عامليا‪ ،‬ويع� � ��رض فيها أهم‬
‫االجتماعي في املنطقة العربية وإش� � ��كاالت «الربيع‬ ‫املعرض‪:‬‬
‫ُ‬ ‫هامش املؤمتر‬ ‫التطورات العلمية احلديثة‪.‬‬
‫العربي»‪ .‬وفي هذا العام صدر للدكتور ساري عن‬ ‫‪BioFair@BioVisionAlexandria 2016‬‬ ‫‪Supporting Scientists from Arab Countries -4‬‬
‫مركز دراسات الوحدة العربية الكتابان بالعنوانني‪:‬‬ ‫‪to participate in the activities announced in‬‬
‫«البحث العلمي ومجتمع املعرفة» و «مستقبل العلوم‬ ‫ال� � ��ذي يوف� � ��ر فرص ًا لع� � ��رض منتجات‬
‫‪ICTP’s Scientific Calendar:‬‬
‫االجتماعية في الوطن العربي»‪.‬‬ ‫وخدمات املش� � ��اركني‪ .‬وميكن للباحثني‬ ‫دع� � ��م زي� � ��ارة املرك� � ��ز ‪ ICTP‬من قب� � ��ل الباحثني‬
‫‪ ‬الفن���ون واآلداب (دراس���ات ف���ي اللغ���ات‬ ‫الشباب عرض أبحاثهم ومشروعاتهم‬ ‫العلمي� �ي��ن ف� � ��ي الوط� � ��ن العربي للمش� � ��اركة في‬
‫األجنبية وآدابها)‪:‬‬ ‫على ملصقات علمية‪.‬‬ ‫األنش� � ��طة العلمية لهذا املركز واملعلن عنها في‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬منى السعيد أحمد الهاللي بيكر (مصرية اجلنسية)‬ ‫وفي اليومني السابقني للمؤمتر ُتنَظم‬ ‫أجندته العلمية‪.‬‬
‫من مواليد عام ‪ ،1953‬وحصلت على الدكتوراه‬ ‫الفعالية ‪ TWAS/BVA.Nxt‬مع «أكادميية‬
‫ف� � ��ي دراس� � ��ات الترجمة ع� � ��ام ‪ 1999‬م� � ��ن جامعة‬ ‫ملزيد من املعلومات حول هذه االتفاقية يرجى‬
‫مانشستر للعلوم والتكنولوجيا في إنگلترا‪ ،‬وتعمل‬ ‫العالم للعلوم للدول النامية» ‪،TWAS‬‬ ‫االتصال باملؤسسة ‪ KFAS‬أو باملركز ‪.ICTP‬‬
‫حاليا أس� � ��تاذا فخريا في مركز دراس����ات الترجمة‬ ‫وميكن للمش� � ��اركني في ه� � ��ذه الفعالية‬
‫والثقافات بجامعة مانشستر البريطانية‪ .‬واشتهرت‬ ‫حضور املؤمتر «بيوڤيجن اإلسكندرية»‬ ‫)٭( ص‪.‬ب ‪ 36252‬الصفاة ‪ 31131‬الكويت‬
‫وعرض أبحاثهم في جلس� � ��ة امللصقات‬ ‫هاتف‪)569+( 41407222 :‬‬
‫بتأسيسها لنظرية جديدة للترجمة‪ ،‬كما أسهمت في‬
‫فاكس‪11407222(+965) :‬‬
‫تأصيل دراسات الترجمة العربية منهجيا ودوليا‪.‬‬ ‫العلمية لهذا املؤمتر‪.‬‬ ‫‪wk.gro.safk@pio:liam-E‬‬
‫و أ‪ .‬د‪ .‬منى هي محرر ومؤسس ملجلة «الترجمة»‪.‬‬ ‫ملزيد من املعلومات والتسجيل‪ ،‬يرجی‬
‫‪gro.safk.www‬‬

‫زيارة املوقع‪http://www.bibalex.org/ :‬‬ ‫‪)ylatI ,etseirT 41043 ,11areitsoC adartS‬٭٭(‬


‫‪22270462‬‬‫)٭( تلفون‪ - 22270465 :‬فاكس‪:‬‬ ‫‪361 422 040 93+ xaF ;111 0422 040 93+ .leT‬‬
‫البريد اإللكتروني ‪prize@kfas.org.kw‬‬ ‫‪bva2016/home/home.aspx‬‬ ‫‪ti.ptci.www ,ti.ptci@ofni_ics‬‬

‫‪81‬‬ ‫‪(2015) 6/5‬‬

You might also like