You are on page 1of 169

‫أ‬

‫الهداف‪:‬‬
‫• االهتمام بق�ضايا التنمية وال�سيا�سات االقت�صادية عموماً ويف أالقطار العربية على وجه اخل�صو�ص يف �ضوء املتغريات‬
‫املحلية واالقليمية والدولية‪.‬‬
‫• زيــادة م�ساحة الر�ؤية وتو�سعة دائرة املعرفة لدى �صانعي القرار واملمار�سني والباحثني يف أالقطار العربية ‪.‬‬
‫• خلق حوار علمي بناء بني الباحثني واملهتمني باالقت�صادات العربية و�صانعي القرار باملنطقة‪.‬‬

‫قواعد الن�شر‪:‬‬
‫‪ .1‬تقدم البحوث والدرا�ســـات ومراجعـــــات الكتب والتقاريـــــر �إىل رئي�س التحريـــــر‪ ،‬على الربيد االلكرتوين‬
‫للمجلة‪jodep@api.org.kw :‬‬
‫‪ .2‬تن�شر املجلة أالبحاث والدرا�سات أال�صلية (باللغتني العربية إ‬
‫والجنليزية) والتي مل يتم ن�شرها �سابقاً ومل تكن مقدمة لنيل‬
‫درجة علمية �أو مقدمة للن�شر يف جمالت �أو دوريات �أخرى‪.‬‬
‫‪ .3‬تكون أالوراق والدرا�سات املقدمة بحجم اليتجاوز الثالثني �صفحة‪ ،‬مبا فيها امل�صادر واجلداول والر�سوم التو�ضيحية‪ ،‬كما‬
‫ال تزيد مراجعة الكتب والتقارير على الع�شر �صفحات‪ .‬وي�شرتط �أن تكون البحوث واملراجعات مطبوعة على �أوراق‬
‫‪ 8.5x11‬بو�صة (‪ )A4‬مع تخطي �سطر (‪ )Double Spaced‬وعلى وجه واحد‪ ،‬وترتك هوام�ش من اجلوانب أالربعة للورقة‬
‫بحدود بو�صة ون�صف‪.‬‬
‫وال�ستيعاب من قبل املمار�سني و�صانعي القرار‪.‬‬ ‫‪ . 4‬تكون امل�ساهمات خمت�صرة بقدر إالمكان و�سهلة القراءة إ‬
‫‪ .5‬يرفق الباحث ملخ�صاً عن البحث اليزيد عن ‪ 100‬كلمة‪ ،‬بحيث يكون مكتوباً باللغتني العربية واالجنليزية‪ .‬حيث �سيظهر‬
‫امللخ�ص يف جمالت متخ�ص�صة بامللخ�صات‪.‬‬
‫‪ . 6‬يكتب الباحث ا�سمه وجهة عمله ووظيفته على ورقة م�ستقلة مع ذكر عنوان املرا�سلة و�أرقام الهاتف والفاك�س والربيد‬
‫إاللكرتوين ‪.‬‬
‫‪ .7‬يف حالة وجود �أكرث من م�ؤلف يتم مرا�سلة إال�سم الذي يرد �أو ًال يف ترتيب أال�سماء‪.‬‬
‫‪ .8‬يجب �أن يتفق االقتبا�س والتوثيق مع املباديء التوجيهية لنمط ‪American Economic Review‬‬
‫والدليل النمطي (‪ )http:/www.aeaweb.org/sample_references.pdf‬ويجب �أن تكون املراجع مرتبة‬
‫�أبجدياً يف نهاية الورقة‪.‬‬
‫‪ . 9‬تو�ضع الهوام�ش يف �أ�سفل ال�صفحة املنا�سبة وترقم بالت�سل�سل ح�سب ظهورها‪.‬‬
‫وال�شكال وغريها بامل�صادر أال�صلية‪.‬‬
‫‪ .10‬توثق اجلداول أ‬
‫‪ .11‬تكتب البحوث على برنامـــــج ‪. Microsoft Word‬‬
‫‪ .12‬يتم �إ�شعار امل�ؤلف ب�إ�ستالم بحثه خالل �إ�سبوعني من تاريخ �إ�ستالمه‪.‬‬
‫‪ .13‬تخ�ضع كل امل�ساهمات يف املجلة للتحكيم العلمي املو�ضوعي‪ ،‬و ُيبلغ الباحث بنتائج التحكيم والتعديالت املقرتحة من‬
‫قبل املحكمني �إن وجدت‪ ،‬فور �إ�ستالم ردود كل املحكمني‪.‬‬
‫‪ُ .14‬ي�صبح البحث املن�شور ملكاً للمجلة‪ ،‬وت�ستوجب �إعادة ن�شره يف �أماكن �أخرى احل�صول على موافقة كتابية من املجلة‪.‬‬
‫‪ .15‬جميع آالراء الواردة يف املجلة تعرب عن كاتبيها‪ ،‬والتعرب بال�ضرورة عن وجهة نظر املجلة �أو املعهد العربي‬
‫للتخطيط‪.‬‬
‫بال�ضافة �إىل خم�س ن�سخ م�ستلة من ورقته‬ ‫‪ .16‬تر�سل ل�صاحب الورقة املقبولة ن�سخة من العدد الذي تن�شر فيه الورقة إ‬
‫املن�شورة‪.‬‬
‫مجلة التنمية والسياسات االقتصادية‬
‫ت�صدر عن املعهد العربي للتخطيط بالكويت‬
‫‪2011‬‬ ‫املجلد الثالث ع�شر ‪ -‬العدد أالول ‪ -‬يناير‬
‫جملة حمكمة ن�صف �سنوية تهتم بق�ضايا التنمية وال�سيا�سات‬
‫القطار العربية‬‫االقت�صادية فـي أ‬
‫الهيئة اال�ست�شارية‬
‫�سليمــان القـــــد�سي‬ ‫حـــازم الببـــالوي‬
‫عبـــــداللــه القويـــز‬ ‫�سمـــري املقد�ســـي‬ ‫رئي�س التحرير‬
‫حممـــــــد اخلجـــــا‬ ‫عبداللطيف احلمد‬ ‫بالنابة‬‫إ‬
‫م�صطفـــى النـــابلي‬ ‫علي عبدالقادر علي‬
‫هيئة التحرير‬ ‫�سكرتري التحرير‬
‫�إبـراهيم �أونــــــور‬ ‫�أحـمـد الكــــــواز‬ ‫�صالح الع�صفور‬
‫بلقا�سـم العــبـا�س‬ ‫�إبـراهيم البــــدوي‬
‫ريــا�ض بن جليلي‬ ‫التهامي عبداخلـالق‬
‫و�شـــــــــاح ر ّزاق‬ ‫عـبدالرزاق الفار�س‬
‫يـو�ســف جــــواد‬ ‫وليد عبــد مـــواله‬

‫توجه املرا�سالت �إىل ‪:‬‬


‫رئي�س التحرير ‪ -‬جملة التنمية وال�سيا�سات االقت�صادية‬
‫املعهد العربي للتخطيط‬
‫�ص‪.‬ب ‪ - 5834‬ال�صفاة ‪ 13059‬الكويت‬
‫تلفون ‪ - )965( 24843130 - 24844061‬فاك�س ‪)965( 24842935‬‬
‫الربيد االلكرتوين ‪jodep@api.org.kw‬‬
‫اال�شرتاكات ‪:‬‬
‫ثالث �سنوات‬ ‫�سنتني‬ ‫�سنة‬ ‫داخل الوطن العربي ‪:‬‬

‫‪US$ 40‬‬ ‫‪US$ 25‬‬ ‫‪US$ 15‬‬ ‫للفـــراد‬‫أ‬


‫‪US$ 70‬‬ ‫‪US$ 45‬‬ ‫‪US$ 25‬‬ ‫ؤ‬
‫م��س�سات‬
‫خارج الوطن العربي ‪:‬‬

‫‪US$ 70‬‬ ‫‪US$ 45‬‬ ‫‪US$ 25‬‬ ‫أ‬


‫للفـــراد‬
‫‪US$ 115‬‬ ‫‪US$ 75‬‬ ‫‪US$ 40‬‬ ‫م ؤ��س�سات‬

‫ثمن الن�سخة يف الكويت‪ 1.5 :‬دينار كويتي‪.‬‬

‫عنوان املجلة‪:‬‬
‫جملة التنمية وال�سيا�سات االقت�صادية‬
‫املعهد العربي للتخطيط بالكويت‬
‫�ص‪.‬ب ‪� 5834‬صفاة ‪ 13059‬الكويت‬
‫تلفون ‪ - )965( 24843130 - 24844061‬فاك�س ‪)965( 24842935‬‬
‫الربيد االلكرتوين‪jodep@api.org.kw :‬‬
‫املحتويات العربية‬

‫منوذج التنمية امل�ستقلة‪ :‬البديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫ ‬ ‫�إبراهيم العي�سوي‬

‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫ ‬ ‫ن�شوى م�صطفى‬

‫وقائع م�ؤمتر‪:‬‬
‫“ املر�أة وال�شباب يف التنمية العربية ”‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫ ‬ ‫�صالح الع�صفور‬
‫مراجعة كتاب‪:‬‬
‫“ ‪ 23‬معلومة ال تقال عن الر�أ�سمالية ”‪.‬‬
‫‪99‬‬ ‫ ‬ ‫�أحمد الكواز‬
‫�شكر وتقدير‬
‫بعد مرور ما يزيد على اثني ع�شر عاماً على �صدور هذه املجلة‪ ،‬نود �أن نتقدم بعظيم ال�شكر‬ ‫ ‬
‫وخال�ص االمتنان للدكتور عي�سى الغزايل (رئي�س التحرير ال�سابق) على ما قدمه من جهد منذ بداية‬
‫التفكري ب�إ�صدار جملة تعنى ب�ش�ؤون التنمية وال�سيا�سات االقت�صادية‪� ،‬إننا �إذ نذكره مبنا�سبة �صدور العدد‬
‫أالول من املجلد الثالث ع�شر‪ ،‬ف�إننا نثمن له مبادرته وفكرته ب�صدور هذه املجلة وجهوده التي لوالها‬
‫ملا ر�أت هذه املجلة النور وملا و�صلت �إىل ما و�صلت �إليه من تطور‪� .‬إننا �إذ نتمنى للدكتور عي�سى الغزايل‬
‫مزيداً من التقدم والنجاح يف م�سرية عمله القادمة‪ ،‬ف�إننا نتعهد مبوا�صلة امل�سرية التي اختطها يف �سبيل‬
‫تطوير هذا املنرب‪.‬‬
‫هيئة التحرير‬
‫املجلد الثالث ع�شر ‪ -‬العدد أ‬
‫الول ‪65 - 5 )2011( -‬‬ ‫جملة التنمية وال�سيا�سات االقت�صادية‪،‬‬
‫املعهد العربي للتخطيط‬

‫منوذج التنمية امل�ستقلة‬


‫البديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬
‫*‬
‫�إبراهيم العي�سوي‬
‫ملخ�ص‬

‫تقدم هذه الورقة عدداً من ال�شواهد النظرية والدالئل العملية التي تبني عجز منوذج التنمية املبني على توافق‬
‫وا�شنطون والليربالية االقت�صادية اجلديدة عن �إخراج الدول النامية التي طبقته من �أ�سر التخلف والتبعية‪.‬‬
‫ويقيم هذا النموذج من خالل مناق�شة عدد من الق�ضايا املحورية مثل حترير التجارة واالندماج يف االقت�صاد‬
‫الر�أ�سمايل العاملي‪ ،‬واال�ستثمار أالجنبي املبا�شر‪ ،‬واقت�صاد ال�سوق‪ ،‬واخل�صخ�صة‪ ،‬والدور االقت�صادي للدولة‪،‬‬
‫والتبعية واال�ستقالل‪ .‬ويف �ضوء نقد هذا النموذج والدرو�س امل�ستخل�صة من اخلربات التنموية الناجحة‪،‬‬
‫يقرتح الكاتب منوذجاً تنموياً بدي ًال‪ ،‬وهو منوذج التنمية امل�ستقلة �أو التنمية املعتمدة على الذات‪ .‬وبعد بيان‬
‫املق�صود با�ستقاللية التنمية واالعتماد على الذات‪ ،‬وحتديد ركائز النموذج البديل‪ ،‬تناق�ش الورقة �إمكانية‬
‫تطبيق هذا النموذج يف زمن العوملة‪ ،‬ويو�ضح �أهم ال�شروط التي يلزم توافرها لنجاحه‪.‬‬

‫‪Independent Development: An Alternative‬‬


‫‪Model to Washington Consensus and the Possibility of its‬‬
‫‪Application in the Era of Globalization‬‬

‫‪Ibrahim El-Issawy‬‬

‫‪Abstract‬‬

‫‪This paper questions the validity and relevance of the neo-liberal- Washington Consensus-‬‬
‫‪based development model. The failure of this model to liberate developing countries from‬‬
‫‪the underdevelopment- dependency trap is amply demonstrated by theoretical, historical‬‬
‫‪and empirical evidence centered on a number of crucial issues, e.g. trade liberalization,‬‬
‫‪FDI, markets and the state’s developmental role, privatization, dependency, etc. An‬‬
‫‪alternative development model is proposed. Its corner stone is independent or self- reliant‬‬
‫‪development. Following an exposition of the underlying concepts and the five pillars of the‬‬
‫‪model, the paper examines its applicability in the context of globalization, and suggests‬‬
‫‪six conditions for its success.‬‬

‫* أ��ستاذ االقت�صاد املتفرغ مبعهد التخطيط القومي بالقاهرة‪.‬‬


‫ �إبراهيم العي�سوي‬

‫‪ .1‬مقدمة‬

‫ما الذي يدعو �إىل البحث عن مقاربات جديدة ل�صياغة ال�سيا�سات التنموية يف الوقت الراهن؟‬
‫ال�شك يف �أن ال�سبب يف ذلك هو عدم الر�ضى عن النتائج التي �أ�سفر عنها تطبيق نوعية معينة من ال�سيا�سات‬
‫التنموية يف معظم الدول النامية على امتداد فرتة ناهزت ثالثني عاماً‪ ،‬وهي جمموعة ال�سيا�سات التي انطلقت‬
‫لل�صالح االقت�صادي‪� .‬إن‬ ‫ج�سد الليربالية االقت�صادية اجلديدة يف برامج حمددة إ‬
‫من توافق وا�شنطن الذي َّ‬
‫الدول التي التزمت بهذه النوعية من ال�سيا�سات مل تعجز عن اخرتاق جدران التخلف والتبعية املحيطة بها‬
‫واالنطالق �إىل رحاب التنمية ال�سريعة واملطردة فح�سب‪ ،‬بل �أنها عجزت �أي�ضاً عن حتقيق تقدم ملمو�س يف‬
‫�إجناز �أهداف �أكرث توا�ضعاً‪ ،‬وهي أالهداف إالمنائية ألللفية‪ ،‬وذلك بعد خم�سة �أعوام من �إقرار أالمم املتحدة‬
‫لهذه أالهداف ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫يقرر م�ؤلفو تقرير متابعة �أهداف أاللفية (اال�ستثمار يف التنمية‪� )2005 ،‬أنه و�إن كانت دول كثرية‬
‫مت�ضي فع ًال على الطريق نحو حتقيق البع�ض على أالقل من الغايات بحلول عام ‪� ،2015‬إال �أن هناك مناطق‬
‫�شا�سعة مل تزل بعيدة عن هذا الطريق‪� ،‬أبرزها �أفريقيا جنوب ال�صحراء‪ .‬و�إذا ما كان هدف تخفي�ض الفقر‬
‫مبقدار الن�صف ما بني عامي ‪ 1990‬و ‪ 2015‬قد حتقق يف �شرقي �آ�سيا‪ ،‬ويبدو �أنه يف طريقه �إىل التحقيق يف‬
‫دول �شمال �أفريقيا وجنوب �شرق �آ�سيا وجنوب �آ�سيا‪ ،‬ف�إن الفقر مل يزل مرتفعاً بدون تغيري يف �أفريقيا جنوب‬
‫ال�صحراء‪ .‬وبرغم �أن الفقر منخف�ض ن�سبياً يف �أمريكا الالتينية والبحر الكاريبي‪� ،‬إال �أن التح�سن هناك هزيل‪.‬‬
‫كما �أن الفقر قد اجته �إىل التزايد يف غربي �آ�سيا ورابطة الدول امل�ستقلة‪ ،‬أالوروبية آ‬
‫وال�سيوية منها على ال�سواء‪.‬‬
‫وت�شري متابعة هدف تخفي�ض اجلوع �إىل نتائج م�شابهة‪ ،‬فهناك بع�ض التقدم يف دول �شرق وجنوب �آ�سيا‪ ،‬لكن‬
‫اجلوع ال يزال مرتفعاً جداً مع تغيري طفيف يف �أفريقيا جنوب ال�صحراء‪ ،‬ومرتفعاً بدون تغيري يف �شمال �أفريقيا‪.‬‬
‫وال تغيري يذكر يف حالة اجلوع يف كل من �أمريكا الالتينية والبحر الكاريبي والدول أالوروبية يف رابطة الدول‬
‫امل�ستقلة‪ .‬واجته اجلوع �إىل التزايد يف غربي �آ�سيا والدول آال�سيوية يف رابطة الدول امل�ستقلة ‪ .‬وقد توقع تقرير‬
‫(‪)2‬‬

‫التنمية الب�شرية ‪� 2003‬أنه �إذا ما ا�ستمرت معدالت أالداء املتحققة يف الت�سعينات على حالها‪ ،‬ف�إن �أفريقيا‬
‫جنوب ال�صحراء قد ال حتقق هدف أاللفية بالن�سبة لتخفي�ض الفقر �إال يف عام ‪ ،2147‬كما �أنها قد ال حتقق‬
‫الهدف اخلا�ص بخف�ض وفيات أالطفال �إال يف عام ‪ ،2165‬ولي�س يف املوعد امل�ستهدف �أ�ص ًال لتحقيق هذه‬
‫أالهداف وهو عام ‪. 2015‬‬
‫(‪)3‬‬

‫ومن املالحظ �أن التقارير الدولية ت�ستدعي �أ�سباباً متعددة لتف�سري أالداء املتوا�ضع لربنامج أاللفية‪،‬‬
‫مثل غياب ا�سرتاتيجيات ملكافحة الفقر يف بع�ض الدول‪ ،‬و�ضعف هذه اال�سرتاتيجيات حيث ما وجدت‪،‬‬
‫وغياب التزام وطني ب�أهداف أاللفية يف الكثري من الدول النامية‪ ،‬و�ضعف املوارد املخ�ص�صة لتنفيذ هذه‬
‫أالهداف‪ ،‬و�ض�آلة املعونات الدولية حتى بالقيا�س �إىل الهدف املتوا�ضع املحدد منذ زمن طويل وهو ‪ %0.7‬من‬
‫‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫الناجت القومي إالجمايل للدول ذات الدخل املرتفع‪ ،‬و�ض�آلة امل�ساهمات الدولية يف تخفي�ض �أعباء املديونية‬
‫اخلارجية على الدول النامية‪ ،‬والعراقيل املو�ضوعة من جانب الدول املتقدمة �أمام �صادرات الدول النامية‬
‫�إىل �أ�سواقها ‪ .‬وقد تكون هذه أال�سباب �صحيحة‪ ،‬ولكنها ال تكفي لتف�سري �ضعف �أداء برنامج أاللفية‪ ،‬ف�ض ًال‬
‫(‪)4‬‬

‫عن �أنها ال تكفي لتف�سري عجز الكثري من الدول من اخلروج من �أ�سر التخلف والتبعية و�إجناز االنطالق على طريق‬
‫التنمية ال�سوية‪ .‬وال�سبب الغائب هنا هو ال�سبب اجلوهري يف تقدير امل�ؤلف‪� ،‬أال وهو خ�صائ�ص ال�سيا�سات التنموية‬
‫التي �صيغت على هدى توافق وا�شنطن‪ ،‬وا�ستجاب ًة لدعاوي االلتحاق بالعوملة واالندماج يف النظام االقت�صادي‬
‫العاملي(‪.)5‬‬
‫وال�شك يف �أنه ال ميكن افرتا�ض �أن إالدعاء مب�سئولية منوذج الليربالية االقت�صادية اجلديدة ‪ /‬توافق‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫وا�شنطن عن ق�صور الداء التنموي يف الدول النامية وا�ضح بذاته وال يحتاج �إىل دليل على �صدقه‪ .‬ولهذا‬
‫ف�إنه يجب ا�ستهالل هذا البحث ببيان ما ميكن ادعاء ب�أن ثمة تعار�ضاً بني العوملة ومنوذج الليربالية االقت�صادية‬
‫اجلديدة من جهة‪ ،‬وبني متطلبات التنمية ال�شاملة واملطردة يف الدول النامية من جهة �أخرى‪ .‬و�سيتم‬
‫التوقف ب�صفة خا�صة عند ق�ضايا حترير التجارة‪ ،‬وال�سوق احلرة واحلكومة ال�صغرية‪ ،‬واال�ستثمار أالجنبي‬
‫ودور ال�شركات متعدية اجلن�سية‪ ،‬والتبعية‪ .‬و�سيتم تقدمي عدد من ال�شهادات الدولية والقطرية على �أن نتائج‬
‫تطبيق هذا النموذج كانت غري �صديقة للتنمية وغري مواتية الحرتام إالرادة الوطنية و�صيانة اال�ستقالل‬
‫االقت�صادي‪ .‬كما �سيتم ت�سليط أال�ضواء على مواطن ال�ضعف يف منوذج الليربالية االقت�صادية اجلديدة‪،‬‬
‫إلظهار جمافاة متطلباته لعدد من ال�شواهد التاريخية واملنطقية‪ .‬وبعد ذلك تقدمي ما يعتقد امل�ؤلف ب�أنه بديل‬
‫�أف�ضل من ذلك النموذج‪� ،‬أال وهو منوذج التنمية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة على الذات‪ ،‬وذلك بعر�ض التوجهات‬
‫واملالمح الرئي�سية لهذا النموذج‪ ،‬ثم تناول بع�ض الت�سا�ؤالت ب�ش�أن �إمكانية تطبيقه يف ظروف العوملة الراهنة‪،‬‬
‫وتو�ضيح �أهم ال�شروط التي يلزم توافرها لنجاحه‪.‬‬
‫‪ .2‬أ‬
‫الداء التنموي لنموذج الليربالية االقت�صادية اجلديدة و أ��سباب �ضعفه‬
‫ميكن القول �أن توافق وا�شنطن ‪ /‬الليربالية االقت�صادية اجلديدة يدور حول ثالثة �أمور �أ�سا�سية‪:‬‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫(‪� )1‬إحداث زيادة ملمو�سة يف مدى االعتماد على ال�سواق احلرة‪� ،‬سواء يف ما يتعلق باملعامالت الداخلية‬
‫�أم باملعامالت بني الداخل واخلارج‪� ،‬شام ًال حترير التجارة وفتح أالبواب �أمام تدفقات اال�ستثمار‬
‫أالجنبي‪.‬‬
‫والجنبي واعتباره ركيزة‬ ‫والجنبي‪ ،‬أ‬‫(‪� )2‬إطالق جماالت العمل �أمام القطاع اخلا�ص‪ ،‬ب�شقيه املحلي أ‬
‫التنمية‪ ،‬وت�شجيعه ب�شتى ال�سبل‪ ،‬مبا يف ذلك اخل�صخ�صة وا�شرتاكه يف تقدمي اخلدمات التي كانت‬
‫مق�صورة يف ما �سبق على احلكومة �أو القطاع العام كخدمات املرافق العامة‪.‬‬
‫(‪� )3‬إحداث خف�ض ملمو�س يف دور احلكومة وحجمها وتدخالتها يف ال�شئون االقت�صادية واالجتماعية‪،‬‬
‫ومن ثم انكما�ش دور التخطيط يف توجيه االقت�صاد والتنمية‪ .‬وحتديداً‪ ،‬يتوقع من احلكومة االن�سحاب‬
‫ �إبراهيم العي�سوي‬

‫من جمال إالنتاج واال�ستثمار إالنتاجي‪ ،‬و�أن يقت�صر عملها على تهيئة املناخ املنا�سب لرتاكم ر�أ�س‬
‫والجنبي‪ ،‬ف�ض ًال عن تزويد املجتمع باحلد أالدنى من �شبكات أالمان االجتماعي‪.‬‬ ‫املال املحلي أ‬
‫باخت�صار ف�إن العنا�صر اجلوهرية لتوافق وا�شنطن ‪ /‬الليربالية االقت�صادية اجلديدة هي‪� :‬سوق‬ ‫ ‬
‫حرة‪ ،‬واقت�صاد مفتوح حتركه املبادرات اخلا�صة‪ ،‬وحكومة �صغرية‪.‬‬
‫ومن ثم ت�أتي مناق�شة م�س�ألة التعار�ض بني العوملة ومنوذج الليربالية اجلديدة من جهة‪ ،‬وبني‬ ‫ ‬
‫متطلبات التنمية ال�شاملة واملطردة يف دول اجلنوب من جهة �أخرى‪ .‬وهو ما �سوف يقود �أي�ضاً �إىل النظر‬
‫يف النتائج العملية لهذا النموذج ولربامج التكيف الهيكلي التي ارتبطت به‪ .‬و�سوف يتم الرتكيز على‬
‫�أربع من الق�ضايا اجلوهرية‪ ،‬وهي‪ :‬ق�ضية حترير التجارة واالندماج يف االقت�صاد العاملي‪ .‬وق�ضية ال�سوق احلرة‬
‫واحلكومة ال�صغرية‪ .‬وق�ضية اال�ستثمار أالجنبي املبا�شر وال�شركات متعدية اجلن�سية‪ .‬وق�ضية التبعية‪ ،‬و�إن كان‬
‫العر�ض �سوف ميتد �إىل النتائج العملية لعنا�صر �إ�ضافية مثل حترير القطاع املايل واخل�صخ�صة وغريها من عنا�صر‬
‫�سيا�سات الليربالية االقت�صادية اجلديدة‪.‬‬
‫‪ 1.2‬حترير التجارة واالندماج يف االقت�صاد العاملي‬

‫وليتم البدء بق�ضية حترير التجارة التي يلح عليها �أن�صار الليربالية اجلديدة‪� .‬إن املنطق والوقائع‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫التاريخية ي�شريان �إىل �أن التحرير قبل التمكني هو خطر ج�سيم‪ ،‬لنه يلحق �أفدح ال�ضرر ب�إمكانات التنمية‪.‬‬
‫بعبارة �أخرى‪ ،‬لي�س من املنطق حترير التجارة بني الدول النامية التي مل تتمكن بعد من تطوير هياكلها‬
‫االقت�صادية وبناها امل�ؤ�س�سية مبا يجعل لها قدرة تناف�سية يف عدد من ال�صناعات‪ ،‬وبني الدول املتقدمة التي‬
‫ر�سخت �أقدامها يف ميدان ال�صناعة وامتلكت نا�صية التقدم العلمي والتقني و�صارت ت�ستحوذ على مراكز‬
‫تناف�سية لي�س من ال�سهل الت�صدي لها‪� .‬إن هذا التحرير ال�سابق ألوانه يفتح �أ�سواق الدول النامية �أمام‬
‫منتجات الدول املتقدمة ذات القدرات التناف�سية العالية‪ ،‬دون �إعطاء فر�صة حقيقية للتناف�س املتكافئ بني‬
‫املنتجات املحلية واملنتجات امل�ستوردة‪ .‬بل �إن هذا التحرير املت�سرع يدخل ال�صناعات املحلية يف �سباق غري‬
‫متكافئ يق�ضى عليها باخلراب والدمار‪ .‬وهو بهذه ال�صورة يتناق�ض مع حق �أ�سا�سي من حقوق الدول النامية‬
‫وهو احلق يف فر�صة متكافئة مع ما نالته الدول املتقدمة من فر�ص ل�صنع التقدم وبناء املزايا التناف�سية‪� .‬أي �أن‬
‫توافق وا�شنطن يتعار�ض على هذا النحو مع مبد�أ تكاف�ؤ الفر�ص الذي تق�ضى به قواعد العدالة وتن�ص عليه‬
‫املواثيق الدولية‪ ،‬باعتباره ال�شرط ال�ضروري لو�ضع مبد�أ «احلق يف التنمية» مو�ضع التنفيذ يف الدول النامية‪.‬‬
‫فالتحرير املطلوب للتجارة ال يقت�صر على جمرد فتح االقت�صاد �أمام املنتجات أالجنبية‪ ،‬بخف�ض‬ ‫ ‬
‫احلواجز التعريفية وغري التعريفية على الواردات �أو �إلغائها و�إزالة �أي حماية جمركية للمنتج الوطني‪ ،‬بل‬
‫�إنه ميتد �إىل إالقالع عن توجيه �أي دعم لل�صناعات املحلية قد ي�ساعدها على ال�صمود يف وجه املناف�سة يف‬
‫‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫الداخل �أو على الت�صدير �إىل اخلارج‪ .‬واحلق �أن احلماية والدعم كانا ميار�سان على نطاق وا�سع يف الدول التي‬
‫�صارت آالن متقدمة وكذلك يف الدول حديثة الت�صنيع يف �شرق �آ�سيا‪ .‬وهذه املمار�سات تعترب �إعما ًال لنظرية‬
‫حماية ال�صناعة النا�شئة التي طورها االقت�صاديون الر�أ�سماليون يف �أوروبا الغربية و�أمريكا‪ ،‬وارتبطت با�سم‬
‫االقت�صادي أالملاين املهاجر �إىل �أمريكا «فردري�ش لي�ست» يف منت�صف القرن التا�سع ع�شر‪.‬‬
‫ �إن حقائق التاريخ االقت�صادي ألوروبا و�أمريكا ت�شري �إىل �أن التنمية مل حتدث هناك على �أ�سا�س‬
‫ال�سيا�سات وامل�ؤ�س�سات التي يو�صي بها الليرباليون اجلدد الدول النامية‪� ،‬أو يفر�ضونها عليها‪ .‬بل قامت‬
‫التنمية وجرى الت�صنيع وراء �أ�سوار احلماية‪ .‬وعندما �أحرزت بريطانيا قدرة تناف�سية عالية و�أرادت فتح �أ�سواق‬
‫الدول أالوروبية مثل فرن�سا و�أملانيا‪ ،‬التي كانت دو ًال �أقل تقدما بالقيا�س �إىل بريطانيا‪� ،‬أمام منتجاتها‪ ،‬وروجت‬
‫لذلك حتت راية حرية التجارة‪ ،‬كان ت�صرفها يف ر�أي امل�ؤلف «لي�ست» كت�صرف من يزيح �أو يرف�س ال�سلم‬
‫(‪)6‬‬
‫الذي �صعد عليه �إىل القمة‪ ،‬حتى يحول دون �صعود �أحد غريه �إليها ‪.‬‬
‫ومل تكف الدول ال�صناعية عن اللجوء �إىل �أدوات احلماية من املناف�سة أالجنبية‪ ،‬ومل تقلع عن‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫�سد منافذ دخول املنتجات الجنبية �إىل ��سواقها‪ ،‬حتى بعدما �حرزت درجة عالية من التقدم االقت�صادي‬
‫والتقني‪ ،‬وبعدما �أ�صبح لها من القدرات التناف�سية ما ال ي�سهل حتديه‪ ،‬وحتى بعد ما قامت هي ذاتها ب�إن�شاء‬
‫االتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (اجلات) يف عام ‪ 1947‬والتي تتلخ�ص ر�سالتها ويتحدد �سبب وجودها‬
‫يف �أمر واحد وهو ‪ :‬حترير التجارة ‪ .‬ومل تزل الدول املتقدمة التي حولت «اجلات» �إىل منظمة للتجارة العاملية‬
‫(‪)7‬‬

‫يف عام ‪ 1995‬تعرقل ب�سبل �شتى دخول املنتجات التي تتمتع فيها الدول النامية مبزايا تناف�سية �إىل �أ�سواقها‪،‬‬
‫ال�سيما املنتجات الزراعية واملن�سوجات واملالب�س اجلاهزة‪ ،‬وذلك يف الوقت الذي متار�س فيه �ضغوطاً مكثفة‬
‫من �أجل فتح �أ�سواق الدول النامية �أمام جتارتها وا�ستثماراتها دون متييز وت�صر على �إبقاء الدعم الزراعي عند‬
‫م�ستويات مرتفعة ل�صالح منتجيها‪.‬‬
‫ �إن درو�س التاريخ ال ت�ؤيد منطق الليربالية اجلديدة يف حترير التجارة و�إلغاء احلماية والدعم الهادف‬
‫�إىل م�ساعدة ال�صناعات النا�شئة يف الدول النامية على اكت�ساب القدرة التي متكنها يف ما بعد من مواجهة‬
‫املناف�سة مع املنتجات أالجنبية‪ .‬وقد خل�ص هذه الدرو�س التقرير الذي �أ�صدره الربنامج إالمنائي أللمم املتحدة‬
‫باال�شرتاك مع عدد من الهيئات أالخرى بعنوان «جعل التجارة العاملية تعمل ل�صالح النا�س» ‪ ،‬بدقة بالغة‬
‫(‪)8‬‬

‫على النحو التايل الذي يدح�ض �إدعاءات توافق وا�شنطن ‪:‬‬


‫(‪ )1‬العالقة املتيقن منها هي �أن الدول تقوم ب�إلغاء احلواجز وحترير جتارتها كلما ازدادت ثرا ًء وتقدماً‪ ،‬ولي�س‬
‫قبل ذلك‪� .‬أي �أن النمو هو ما ي�ؤدي �إىل حترير التجارة‪ ،‬ولي�س العك�س‪.‬‬
‫(‪ )2‬يعترب االندماج يف االقت�صاد العاملي نتيجة للنمو والتنمية الناجحني‪ ،‬ولي�س �شرطاً م�سبقاً لهما‪� .‬أي‬
‫�أن االندماج قبل �إحراز م�ستوى معقول من النمو والتنمية هو م�سلك خاطئ‪.‬‬
‫‪� 10‬إبراهيم العي�سوي‬

‫(‪ )3‬لي�س من املنطقي تطبيق قواعد جتارية موحدة على خمتلف الدول بغ�ض النظر عن م�ستوى التطور‬
‫الذي �أحرزته كل منها‪ .‬وثمة حاجة �إىل النظر �إىل القواعد التي حتابي أالطراف أال�ضعف يف االقت�صاد‬
‫العاملي (املعاملة التف�ضيلية �أو املعاملة اخلا�صة واملتميزة با�صطالحات منظمة التجارة العاملية) على‬
‫�أنها قواعد مكملة للقواعد العامة للنظام التجاري العاملي‪ ،‬ولي�ست جمرد ا�ستثناءات منها‪.‬‬
‫(‪ ) 4‬ثمة حاجة للتحول من تركيز النظام التجاري احلايل على الرتويج لتحرير التجارة والنفاذ �إىل أال�سواق‬
‫�إىل تزويد الدول بحيز �أو�سع لر�سم ال�سيا�سات الوطنية‪ .‬وهو ما يعني �ضرورة تخفيف القواعد واملعايري‬
‫وااللتزامات الدولية املفرو�ضة من اخلارج‪ ،‬والتي عادة ما تفر�ض ل�صالح أالطراف أالقوى يف النظام‬
‫االقت�صادي والتجاري العاملي‪ ،‬و�إف�ساح املجال بالتايل �أمام الدول النامية لتغليب امل�صلحة الوطنية‬
‫عند و�ضع �سيا�سات النمو والتنمية‪.‬‬
‫ف�إذا ما كان املجتمع الدويل يركز يف آالونة أالخرية على االرتقاء بالتنمية الب�شرية واالهتمام‬
‫بتخفي�ض الفقر والالم�ساواة‪ ،‬و�إذا ما اعترب �أن �إجناز �أهداف أاللفية من املعارك التي يتعني ك�سبها‪ ،‬ف�إنه من‬
‫املهم مالحظة �أن الرتكيز يف هذا االجتاه قد يتناق�ض مع إالحلاح يف الوقت ذاته على �إدماج الدول النامية‬
‫يف االقت�صاد العاملي‪ ،‬والتعامل مع م�ؤ�شرات مثل منو ال�صادرات ون�سبة التجارة �إىل الناجت املحلي إالجمايل‬
‫(ن‪.‬م‪�.‬أ‪ ).‬وحترير الواردات كما لو كانت م�ؤ�شرات للتنمية الب�شرية‪ ،‬وكما لو كان التقدم طبقاً لهذه امل�ؤ�شرات‬
‫مرادفاً للتقدم يف تخفي�ض الفقر والالم�ساواة‪ .‬ولهذا فقد حذر تقرير التنمية الب�شرية ‪ 2005‬من هذا اخللط‪،‬‬
‫ونبه �إىل �ضرورة توجيه اهتمام �أكرب �إىل ال�شروط التي يتم مبوجبها �إندماج الدول يف أال�سواق العاملية ‪.‬‬
‫(‪)9‬‬

‫وي�شري التقرير يف هذا ال�صدد �إىل مقارنة ذات دالالت هامة بني كل من فيتنام واملك�سيك‪ .‬فقد‬
‫قطعت كل منهما �شوطاً طوي ًال على طريق العوملة‪ ،‬مبعنى االندماج يف االقت�صاد العاملي‪ ،‬طبقاً للم�ؤ�شرات‬
‫االقت�صادية املعتادة‪ .‬ولكن البون �شا�سع بينهما عند املقارنة بينهما بنا ًء على مقايي�س التنمية الب�شرية‪.‬‬
‫فاال�شرتاك العميق يف التجارة �ساعد فيتنام على ت�سريع التنمية الب�شرية‪ ،‬بينما مل يرافق النجاح الت�صديري‬
‫للمك�سيك �سوى تقدم متوا�ضع يف هذا ال�ش�أن‪ ،‬بل و يف معدل منو متو�سط دخل الفرد (‪ %5‬يف فيتنام‪%1.4 ،‬‬
‫يف املك�سيك منذ ت�سعينات القرن املا�ضي وحتى عام ‪ )2003‬فمن �أين �أتى هذا الفارق الكبري؟ يرجع التقرير‬
‫أالداء املتفوق لفيتنام �إىل خم�سة عوامل‪:‬‬
‫�أ‪� .‬إت�ساع قاعدة النمو االقت�صادي واحلر�ص على �إفادة املاليني من �صغار املنتجني منه ‪.‬‬
‫(‪)10‬‬

‫ب‪ .‬االلتزام بتحقيق إالن�صاف ‪ ،‬من خالل ال�ضرائب و�سيا�سات إالنفاق االجتماعي وحت�سني‬
‫(‪)11‬‬

‫البنية االقت�صادية واالجتماعية‪ ،‬مبا ي�ؤمن �إعادة توزيع منافع النمو والتجارة على �أو�سع نطاق‪.‬‬
‫جـ‪ .‬التحرير املتدرج‪ .‬فقد كان النمو ال�سريع يف ن‪.‬م‪�.‬أ‪ .‬وال�صادرات �سابقاً على حترير الواردات‪ .‬لقد‬
‫بد�أت فيتنام يف تخفي�ض القيود الكمية على الواردات منذ �أوائل ت�سعينات القرن املا�ضي‪،‬‬
‫ولكن متو�سط التعريفة اجلمركية بقي عند ‪ .%15‬كما ظلت �أ�سواق ر�أ�س املال مغلقة‪ ،‬وهو‬
‫‪11‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫ما عزل فيتنام عن �آثار أالزمة املالية آال�سيوية يف �أواخر ت�سعينات القرن املا�ضي‪.‬‬
‫د‪ .‬تنويع ال�صادرات وتنويع أال�سواق‪ .‬فبعدما كانت فيتنام تعتمد ب�شكل �شبه كلي يف نهاية‬
‫ثمانينات القرن املا�ضي على ت�صدير البرتول �إىل اليابان و�سنغافورة‪ ،‬تنوعت �صادراتها يف ت�سعينات‬
‫القرن نف�سه‪ ،‬حتى �أ�صبحت امل�صنوعات متثل ثلث ال�صادرات‪ ،‬كما تنوعت �أ�سواق �صادراتها‪.‬‬
‫هـ‪ .‬اال�ستثمارات ال�سابقة يف التنمية الب�شرية‪ .‬فقبل االنطالق االقت�صادي لفيتنام كانت لديها‬
‫معدالت مرتفعة لفقر الدخل‪ ،‬لكن امل�ؤ�شرات أالخرى للتنمية الب�شرية مثل ن�سب االلتحاق‬
‫بالتعليم وحمو أالمية وتوقع العمر عند امليالد كانت �أعلى كثرياً من املتو�سط للدول التي ت�شرتك‬
‫مع فيتنام يف نف�س م�ستوى الدخل‪ .‬وبينما كان معامل جيني للتفاوت يف توزيع الدخل ‪ 0.503‬يف‬
‫املك�سيك‪ ،‬ف�إنه مل يزد على ‪ 0.357‬يف فيتنام‪ ،‬وذلك يف عام ‪.1990‬‬
‫ويف�سر التقرير أالداء املتوا�ضع للمك�سيك برغم النمو ال�سريع ل�صادراتها‪ ،‬بعك�س أال�سباب‬ ‫ ‬
‫بالتي‪:‬‬‫التي �أدت �إىل تفوق فيتنام‪ ،‬آ‬
‫�أ‪ .‬غياب االلتزام بتحقيق إالن�صاف واحتفاظ املك�سيك بدرجة عالية من الالم�ساواة يف بداية التحرير‬
‫(عند املك�سيك واحداً من �أعلى معدالت جيني يف العامل‪ ،‬وقد مال �إىل االرتفاع منذ ت�سعينات‬
‫القرن املا�ضي وحتى عام ‪.)2004‬‬
‫ب‪ .‬التحرير املت�سرع للتجارة‪ ،‬خا�صة يف �إطار منطقة التجارة احلرة ل�شمال �أمريكا (‪ ،)NAFTA‬مما �أدى �إىل‬
‫ت�ضاعف ا�سترياد الذرة الرخي�صة من الواليات املتحدة �ستة مرات منذ بداية التحرير يف عام ‪،1994‬‬
‫و�إىل انخفا�ض املتح�صالت احلقيقية للماليني من مزارعي الذرة يف املك�سيك بنحو ‪.%70‬‬
‫جـ‪� .‬ضعف ال�سيا�سة ال�صناعية‪ ،‬وتركز النمو‪ .‬فن�صف �صادرات املك�سيك ت�أتي من منطقة «ماكيال دورا»‪،‬‬
‫حيث ت�سود عمليات التجميع الب�سيطة وعمليات �إعادة ت�صدير املكونات امل�ستوردة‪ .‬ولذلك ف�إن‬
‫الن�شاط الت�صديري ينطوي على قيمة م�ضافة منخف�ضة ويرتبط مب�ستوى منخف�ض من املهارات ونقل‬
‫التقنية‪.‬‬
‫أ‬
‫د‪ .‬االختالالت يف �سوق العمل‪ .‬فبالرغم من حدوث حت�سن مطرد يف إالنتاجية‪� ،‬إال �أن الجور احلقيقية‬
‫مل ترتفع مع النمو ال�سريع يف ال�صادرات‪ .‬وهو ما يعود جزئيا �إىل تركز الن�شاط الت�صديري يف قطاعات‬
‫ذات قيمة م�ضافة منخف�ضة‪ ،‬و�إىل �ضعف القدرة التفاو�ضية اجلماعية على أالجور خا�صة مع تزايد‬
‫�ضغوط البطالة‪.‬‬
‫وال�صالحات االقت�صادية يف الدول النامية ‪،‬‬
‫(‪)12‬‬
‫و يف درا�سة حديثة أللونكتاد‪ ،‬ألثر حترير التجارة إ‬
‫ظهر �أن ‪ %40‬من دول العينة (جمموعة أالقلية) قد �شهدت تو�سعاً يف ال�صادرات من امل�صنوعات‪ ،‬و يف عدد‬
‫قليل من هذه الدول‪ ،‬معظمها يف �شرق �آ�سيا‪ ،‬ترافق النمو ال�سريع لل�صادرات بتو�سع �سريع لقطاع ال�صناعة‬
‫التحويلية ومع ارتقاء يف �أو�ضاع هذا القطاع ‪ .‬لكن خربة الغالبية من دول العينة‪ ،‬ومعظمها يف �أفريقيا‬
‫(‪)13‬‬
‫‪� 12‬إبراهيم العي�سوي‬

‫و�أمريكا الالتينية‪ ،‬مل تكن مر�ضية‪ .‬فقد �شهدت ‪ %50‬من دول العينة‪ ،‬ومعظمها منخف�ض الدخل‪ ،‬تراجعاً‬
‫�أو تفكيكاً للت�صنيع ‪ .‬وحتى يف بع�ض احلاالت التي منت فيها �صادرات امل�صنوعات كاملك�سيك‪ ،‬ف�إن القيمة‬
‫(‪)14‬‬

‫امل�ضافة ال�صناعية مل ت�شهد ت�سارعاً‪ ،‬ومل يحدث �إرتقاء يذكر بالقاعدة إالنتاجية‪ .‬كما �أن النمو البطيء‬
‫لل�صادرات وتراجع الت�صنيع يف غالبية دول العينة كانا م�صحوبني بزيادة يف درجة انك�شاف القطاع ال�صناعي‬
‫على امل�ؤثرات اخلارجية‪ ،‬خا�صة يف ما يتعلق بزيادة االعتماد على الواردات‪ .‬كما ت�شري تلك الدرا�سة �إىل‬
‫�أن إال�صالحات التي �صممتها امل�ؤ�س�سات املالية الدولية على هدى توافق وا�شنطن مل تنجح يف ت�شجيع‬
‫اال�ستثمار اخلا�ص‪ ،‬خا�صة اال�ستثمار يف ال�صناعة التحويلية‪ .‬فقد هبط معدل اال�ستثمار حتى يف احلاالت‬
‫التي �شهدت تدفقات كبرية لال�ستثمار أالجنبي املبا�شر‪ ،‬كما يف �أمريكا الالتينية‪.‬‬
‫وتعزو الدرا�سة أالداء أالف�ضل يف جمموعة أالقلية (دول �شرق �آ�سيا حديثة الت�صنيع) �ضمن عينة‬
‫الدرا�سة �إىل �أن إال�صالح االقت�صادي‪ ،‬وخا�صة حترير التجارة ‪ ،‬على أالقل حتى وقت قريب‪ ،‬كان ي�سري‬
‫ب�شكل تدريجي وانتقائي و يف �إطار �سيا�سة �صناعية طويلة املدى‪ ،‬وذلك بعد �أن و�صلت هذه الدول �إىل‬
‫م�ستوى معني من الت�صنيع والتنمية‪ .‬باملقابل‪ ،‬فقد �شرعت دول جمموعة أالغلبية ذات أالداء غري املر�ضي يف‬
‫لل�صالحات الهيكلية (غياب التدرج)‪ ،‬كما كان التحرير فيها عمومياً �أو �شام ًال لكل القطاعات‬
‫تنفيذ �سريع إ‬
‫(غياب االنتقائية)‪ .‬والنتيجة امل�ستخل�صة من هذه الدرا�سة هي �أن حترير التجارة �ضروري‪ ،‬ولكن عندما تبلغ‬
‫ال�صناعة درجة معينة من الن�ضج‪ ،‬وب�شرط �أن يكون هذا التحرير تدريجياً وانتقائياً‪ .‬وهذه بالطبع ن�صيحة‬
‫خمالفة ملا يذهب �إليه توافق وا�شنطن‪ ،‬والذي ي�ؤدي يف الغالب �إىل تدمري ال�صناعات القائمة‪ ،‬وبخا�صة تلك‬
‫ال�صناعات التي ال تزال نا�شئة‪ ،‬ف�ض ًال عن �أنه قد ال ي�ؤدي �إىل ظهور �صناعات جديدة تعتمد على امليزات‬
‫الن�سبية الديناميكية‪.‬‬
‫وبالرغم من �أن حماية ال�صناعات النا�شئة �أ�صبحت �أمراً �أكرث �صعوبة مع �سعى الدول لالندماج‬
‫يف االقت�صاد العاملي واالن�ضمام �إىل منظمة التجارة العاملية‪� ،‬إال �أن هذا ال يعني �إمكانية اال�ستغناء عنها‪.‬‬
‫فقد كان لهذه ال�سيا�سة دور هام يف ا�سرتاتيجيات الت�صنيع يف دول �شرق �آ�سيا و�أمريكا الالتينية‪ .‬وال تزال‬
‫احلاجة �إليها قائمة يف الوقت الراهن‪ .‬كما ال تزال احلاجة قائمة �إىل االنتقائية يف حترير التجارة‪ ،‬خالفاً لدعوة‬
‫الليرباليني اجلدد �إىل التحرير ال�سريع وال�شامل حتى قبل �أن تثمر جهود زيادة ال�صادرات‪ .‬ولذا فقد خل�ص‬
‫تقرير م�شرتك لليونيدو واالنكتاد ب�ش�أن �إ�سرتاتيجية العلم والتقنية وال�صناعة يف فيتنام ‪� ،‬إىل �أنه بالنظر �إىل‬
‫(‪)15‬‬

‫للدراج �ضمن‬ ‫عيوب بيئة ال�سوق الفيتنامية‪ ،‬ف�إن بع�ض �إجراءات التدخل ال�صناعي االنتقائية تبدو مالئمة إ‬
‫إال�سرتاتيجية الوطنية‪ ،‬متاماً كما فعلت معظم دول �شرق �آ�سيا‪.‬‬
‫وطبقاً لتقرير ‪ 2004‬أللونكتاد عن الدول أالقل منواً ‪ ،‬ف�إن معظم هذه الدول قد قطعت �شوطاً‬
‫(‪)16‬‬

‫طوي ًال يف اجتاه حترير جتارتها (�إ�ستناداً �إىل م�ؤ�شر �صندوق النقد الدويل ب�ش�أن تقييد التجارة) لدرجة �أن نظمها‬
‫التجارية قد �أ�صبحت �أكرث انفتاحاً عن باقي الدول النامية‪ ،‬بل �أنها �أ�صبحت منفتحة بدرجة مناظرة للدول‬
‫‪13‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫املتقدمة ذات الدخل املرتفع‪ .‬و يف عدد كبري من هذه الدول‪ ،‬جرت عملية التحرير بوترية �سريعة جداً‬
‫(فال�سيا�سات التجارية لرواندا مث ًال مل تعد تختلف كثرياً عن نظريتها يف هوجن كوجن و�سنغافورة)‪ .‬بعبارة‬
‫�أخرى‪ ،‬ف�إن معظم �إقت�صاديات الدول أالقل منوا قد �أ�صبحت مندجمة ب�شكل قوي مع بقية العامل من خالل‬
‫التجارة‪ .‬ومع ذلك ف�إن الفقر الزال مرتفعاً يف هذه الدول‪ ،‬بل �إنه قد اجته للتزايد يف البع�ض منها‪ .‬ومل يتحقق‬
‫الدور إاليجابي املفرت�ض للتجارة يف تخفي�ض الفقر �إال يف عدد حمدود جداً من هذه الدول‪ .‬وال�سبب يف‬
‫ذلك‪ ،‬طبقاً لهذا التقرير‪� ،‬أن التجارة وحدها ال تكفي لتخفي�ض الفقر‪ ،‬حيث يتطلب تخفي�ض الفقر جتارة‬
‫ذات توجه �إمنائي ‪� ،‬أي جتارة ت�ستهدي ب�أهداف التنمية‪ ،‬و�أن يكون النمو االقت�صادي لي�س فقط مطرداً‪،‬‬
‫(‪)17‬‬

‫بل و�أن يت�صف �أي�ضاً بعموم النفع ‪� ،‬أي االنت�شار جغرافيا وقطاعياً و�سكانياً‪ .‬وي�ؤكد التقرير �أن منط النمو‬
‫(‪)18‬‬

‫الذي تعم فائدته االقت�صاد واملجتمع يتطلب لي�س فقط تو�سع ال�صادرات‪ ،‬بل �إنه يتطلب �أي�ضاً تو�سعاً يف‬
‫أالن�شطة املدرة للدخل يف قطاعات الت�صدير كما يف قطاعات �إنتاج بدائل الواردات‪ ،‬و يف قطاعات املنتجات‬
‫غري القابلة لالجتار كما يف قطاعات املنتجات القابلة لالجتار‪ ،‬مع تنمية وتعميق الت�شابكات بني أالن�شطة‬
‫والن�شطة‬‫الت�صديرية و�سائر أالن�شطة يف االقت�صاد الوطني‪ ،‬وتنمية عالقات التكامل بني أالن�شطة الزراعية أ‬
‫غري الزراعية‪.‬‬
‫ويدعم التحليل الوارد يف هذا التقرير ما �سبق �أن خل�ص �إليه تقرير الدول أالقل منواً‪ ،‬لعام ‪،2002‬‬
‫وهو �أن العالقة بني التجارة وتخفي�ض الفقر كانت �أف�ضل يف الدول التي انفتحت بطريقة �أكرث تدرجاً و�أقل‬
‫عمقاً‪ ،‬عنها يف كل من الدول التي انفتحت ب�سرعة �شديدة والدول التي احتفظت بقيود مت�شددة على‬
‫جتارتها ‪ .‬وينتهي التقرير �إىل �أن جعل التجارة الدولية �آلية �أكرث فعالية بتخفي�ض الفقر يف الدول أالقل منواً‬
‫(‪)19‬‬

‫يتطلب مقاربة جديدة للتنمية ذات مرتكزات ثالثة مت�آزرة ومتنا�سقة‪،‬وهي ‪:‬‬
‫(‪)20‬‬

‫�أ ‪� .‬إ�سرتاتيجيات �أف�ضل للتنمية الوطنية تتكامل فيها �أهداف التجارة مع �سائر أالهداف إال�سرتاتيجية‪ ،‬وتكون‬
‫التجارة فيها عن�صراً من عنا�صر النمو ولي�ست بال�ضرورة امل�صدر أال�سا�سي للنمو ‪ .‬‬
‫(‪)21‬‬

‫ب‪ .‬حت�سني النظام التجاري الدويل مبا يخفف من وط�أة القيود وااللتزامات الدولية على التنمية‪ ،‬مثال‬
‫ب�إنهاء الدعم الزراعي يف الدول املتقدمة واحلماية من التقلبات يف �أ�سعار ال�سلع أالولية وتفعيل‬
‫إالجراءات التي تعطي �أف�ضلية للدول أالقل منواً يف منظمة التجارة العاملية‪.‬‬
‫جـ‪ .‬زيادة املعونات املالية والفنية املوجهة ألغرا�ض تنمية القدرات إالنتاجية والتجارية وحت�سني نوعيتها‬
‫وكفاءتها (�شام ًال حترير املعونات من امل�شروطية)‪.‬‬
‫وباالنتقال �إىل التقرير ال�صادر عن منظمة العون امل�سيحي يف اململكة املتحدة يف يوليو من عام ‪2005‬‬ ‫ ‬
‫حول �أثر حترير التجارة على اقت�صادات الدول النامية‪ ،‬وذلك ا�ستناداً �إىل نتائج منوذج اقت�صاد قيا�سي جرى‬
‫تطبيقه على عينة �شملت ‪ 32‬دولة‪ ،‬معظمها (‪ )22‬دول �أفريقية‪ ،‬مع عدد قليل من الدول من �آ�سيا و�أمريكا‬
‫الالتينية ‪ .‬يالحظ �أنه من �أهم نتائج هذا التقرير‪� ،‬أن حترير التجارة قد كلف �أفريقيا جنوب ال�صحراء ‪272‬‬
‫(‪)22‬‬
‫‪� 14‬إبراهيم العي�سوي‬

‫مليار دوالر على امتداد الع�شرين عاماً املا�ضية‪ .‬وهذا هو الدخل الذي �ضاع على دول هذه املنطقة نتيجة‬
‫لتحرير جتارتها‪ ،‬كثمن للمعونات والقرو�ض وتخفيف عبء الديون ‪ .‬وهذا املبلغ يوازى تقريباً ما ح�صلت‬
‫(‪)23‬‬

‫عليه دول �أفريقيا جنوب ال�صحراء من معونات‪ .‬ولذلك يرى التقرير �أن هذه املعونات لي�ست يف الواقع �أكرث‬
‫من تعوي�ض عن اخل�سائر يف الدخل التي حلقت بهذه الدول من جراء ال�شروط التي رافقت املعونات‪ .‬كما �أن‬
‫هذه اخل�سائر جتعل من قرار وزراء مالية الدول ال�سبع الكربى الذي مت التو�صل �إليه م�ؤخراً ب�شطب ‪ 40‬مليار‬
‫دوالر من الديون امل�ستحقة على الدول املعنية جمرد نكتة �سخيفة‪.‬‬
‫ويو�ضح التقرير �أن الدخل ال�ضائع نتيجة حترير التجارة كان يكفي ل�سداد الديون امل�ستحقة على‬ ‫ ‬
‫دول �أفريقيا جنوب ال�صحراء مع بقاء ‪ 72‬مليار دوالر تكفي لتزويد كل أالطفال بالتطعيمات ال�ضرورية‬
‫وذهابهم �إىل املدار�س يف هذه املنطقة املنكوبة‪ .‬وترجع خ�سارة الدخل املقدرة �إىل �أمرين‪� .‬أولهما‪� :‬أن الواردات‬
‫قد مالت �إىل النمو مبعدل �أ�سرع من ال�صادرات بعد حترير التجارة‪ .‬وثانيهما‪� :‬أن املنتجني املحليني مل يعد‬
‫با�ستطاعتهم ت�صريف كل �إنتاجهم نتيجة لتدفق الواردات الرخي�صة بعد حترير التجارة‪ .‬وبالرغم من �أن‬
‫امل�ستهلكني قد ي�ستفيدون من الواردات أالرخ�ص يف أالجل الق�صري‪� ،‬إال �أن هذا الغنم �سينقلب �إىل غرم يف‬
‫املدى الطويل من جراء انخفا�ض الدخول وانت�شار البطالة ‪.‬‬
‫(‪)24‬‬

‫وت�ؤكد درا�سة حديثة ألثر االنفتاح والعوملة على امل�ساواة وتوزيع الدخول يف الدول العربية �أن اندماج‬
‫االقت�صاديات العربية يف النظام االقت�صادي العاملي قد �أدى �إىل تفاقم الالم�ساواة يف توزيع إالنفاق‬
‫اال�ستهالكي‪ ،‬ال�سيما يف ما يتعلق بالتوزيع بني الطبقات الغنية وبقية ال�سكان‪ ،‬وذلك خالل العقد أالخري‬
‫من القرن الع�شرين‪ .‬فقد ظهر �أن للعوملة ت�أثري �سلبي ومعنوي على ن�صيب الـ ‪ %60‬الو�سطى من ال�سكان‬
‫(�أي تلك املح�صورة بني �أفقر ‪ %20‬و�أغنى ‪ %20‬من ال�سكان)‪ ،‬كما �أن لها ت�أثري �سلبي و�إن كان غري معنوي‬
‫�إح�صائياً على ن�صيب �شريحة �أفقر ‪ %20‬من ال�سكان‪� .‬أما أالثر على ن�صيب �شريحة �أغنى ‪ %20‬من ال�سكان‬
‫فقد كان �إيجابياً ومعنوياً يف تلك الفرتة ‪.‬‬
‫(‪)25‬‬

‫وهناك وقفة �أخرى مع نتائج حترير التجارة يف �سياق ا�ستعرا�ض عدد من الدرا�سات والتقارير احلديثة‬
‫التي قدمت تقييمات �شاملة لنتائج تطبيق منوذج الليربالية اجلديدة ‪ /‬توافق وا�شنطن‪.‬‬

‫‪ 2.2‬ال�سوق احلرة واحلكومة ال�صغرية‬

‫بافرتا�ض �آخر من افرتا�ضات منوذج العوملة ‪ /‬الليربالية اجلديدة وهو االفرتا�ض املزدوج‪� :‬سوق حرة‬ ‫ ‬
‫وحكومة �صغرية‪ .‬ف�إن املطلوب هو زيادة االعتماد على أال�سواق يف تخ�ص�ص املوارد و يف حتديد م�سارات‬
‫النمو و يف حل امل�شكالت االقت�صادية واالجتماعية من جهة‪ ،‬و�أن جترى عملية ت�صغري (تخ�سي�س) للحكومة‪،‬‬
‫وذلك بق�صر �أدوارها على احلد أالدنى من امل�سئوليات والواجبات‪ ،‬ال�سيما كفالة احلماية حلقوق امللكية‬
‫‪15‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫والجنبي‪ ،‬من جهة �أخرى‪ .‬ويرتبط‬ ‫اخلا�صة وتهيئة ظروف �أو مناخ موات لرتاكم ر�أ�س املال اخلا�ص املحلي أ‬
‫بهذا التوجه بالطبع تفكيك القيود �أو ال�ضوابط إالدارية و�إطالق املجال �أمام القطاع اخلا�ص واخل�صخ�صة‬
‫والتحرير املايل وحترير أال�سعار و�إلغاء الدعم �أو تقلي�صه تقلي�صاً �شديداً‪.‬‬
‫ �إن الدعوة �إىل االعتماد على �آلية ال�سوق احلرة يف الدول النامية من �أجل �إحداث تنمية �سريعة‬
‫و�شاملة هي دعوة غري عملية‪ ،‬وذلك لنوعني من أال�سباب‪ .‬النوع أالول معروف حتى يف الدول املتقدمة‬
‫التي بلغت فيها أال�سواق درجة عالية من الن�ضج واالكتمال‪� ،‬أال وهو ما يطلق عليه ق�صور �أو ف�شل ال�سوق‪.‬‬
‫فمن املعروف �أن ال�سوق قد ي�ؤدي �إىل نتائج غري مرغوب فيها نظراً الرتكاز القرارات فيه على معيار الك�سب‬
‫اخلا�ص �أو اخل�سارة اخلا�صة‪� ،‬أي على الك�سب �أو اخل�سارة من املنظور اخلا�ص ملتخذ القرار‪ ،‬الذي قد يختلف‬
‫عن املنظور االجتماعي للك�سب �أو اخل�سارة عندما توجد خارجيات �إيجابية �أو �سلبية‪ ،‬و يف حالة ال�سلع‬
‫(‪)26‬‬

‫العامة وكذلك يف حالة االحتكار‪ .‬وقد ي�ؤدي ت�أ�سي�س القرارات على قاعدة الك�سب اخلا�ص �أو اخل�سارة‬
‫اخلا�صة �إىل �ضياع موارد ال متلك الدول النامية ترف �إهدارها‪ ،‬وذلك بالقيا�س �إىل احلالة التي يتم فيها اختيار‬
‫امل�شروعات يف �سياق برنامج متكامل للتنمية ت�ؤخذ فيه اخلارجيات آ‬
‫والثار غري املبا�شرة والنتائج بعيدة املدى‬
‫للم�شروعات الداخلة يف الربنامج‪.‬‬
‫ومن املعروف �أن أال�سواق‪ ،‬حتى لو كانت تناف�سية‪ ،‬ف�إنها متيل �إىل توليد ا�ستثمارات �أقل مما يتوافق‬ ‫ ‬
‫ومعايري التكلفة والعائد من املنظور االجتماعي‪ .‬فهي قد توجه قدراً �أكرب من اال�ستثمارات �إىل جماالت ذات‬
‫�أولوية �إجتماعية منخف�ضة كال�سلع الكمالية أللغنياء‪ ،‬وقد توجه قدراً �أقل من اال�ستثمارات �إىل جماالت ذات‬
‫�أولوية �إجتماعية متقدمة كالتعليم وال�صحة و�سلع الفقراء‪ .‬وتعد م�س�ألة ف�شل ال�سوق �أحد احلجج التقليدية‬
‫أللخذ بالتخطيط ولتدخل الدولة‪ .‬ومن املعروف مث ًال �أن دولة عظمى مثل الواليات املتحدة تعاين نق�صاً‬
‫يف اال�ستثمارات الالزمة للبنية أال�سا�سية ول�صيانتها وجتديدها با�ستمرار‪ .‬وقد ظهر ذلك جلياً بالن�سبة ملرفق‬
‫الكهرباء‪ ،‬حيث تكررت يف ال�سنوات أالخرية حوادث انقطاع التيار الكهربائي يف مدن و�أقاليم ب�أكملها‪ .‬كما‬
‫ظهر ذلك النق�ص م�ؤخراً يف بطء مواجهة الكوارث الطبيعية الكربى مثل �إع�صار كاترينا‪ ،‬وذلك نظراً لعدم‬
‫كفاية اخلدمات التي تقدمها مرافق مواجهة مثل هذه الكوارث‪.‬‬
‫ومن املعروف �أي�ضاً �أن ال�سوق‪ ،‬حتى و�إن كانت تناف�سية ونا�ضجة‪ ،‬ف�إنها تعجز عن النهو�ض مبهمة‬ ‫ ‬
‫التنمية ل�سبب �آخر‪� ،‬أال وهو �أن التنمية اجلادة تتطلب �إحداث تغريات جوهرية يف البنية االقت�صادية‪ ،‬وهو ما‬
‫يطلق عليه تغريات هيكلية‪� .‬أما ال�سوق فتتعامل عادة مع التغريات احلدية �أو الهام�شية‪ .‬ولذلك ف�إن �آليات‬
‫كالزمات الدورية التي يتعر�ض لها النظام‬ ‫ال�سوق تعجز عن التعامل مع االختالالت الكبرية يف االقت�صاد‪ ،‬أ‬
‫االقت�صادي الر�أ�سمايل‪ ،‬والتي ال يتي�سر التعايف منها �إال بتدخل الدولة‪.‬‬
‫‪� 16‬إبراهيم العي�سوي‬

‫كما �أن دعوة االعتماد على ال�سوق وت�صغري احلكومة وتقلي�ص �أدوارها االقت�صادية ترتكز على‬ ‫ ‬
‫افرتا�ض �أن الدولة النامية متلك طبقة ر�أ�سمالية ن�شيطة وفعالة‪ ،‬ذات قدرات �إدخارية و�إ�ستثمارية وتنظيمية‬
‫عالية‪ ،‬وهذا االفرتا�ض غري قائم يف كثري من احلاالت‪ .‬ولو �أن مثل هذه الطبقة موجودة بهذه املوا�صفات‪،‬‬
‫ما كان للتخلف �أن ي�ستمر‪ ،‬وما كان لكثري من الدول النامية �أن تظل عاجزة عن حتقيق التغريات الهيكلية‬
‫التي تتطلبها التنمية‪ ،‬ولكانت حكومات هذه الدول قد وفرت على نف�سها عناء التدخل و�إقامة امل�شاريع‬
‫والنتاجية املختلفة ‪.‬‬
‫(‪)27‬‬
‫اال�ستثمارية إ‬
‫وقد يكون من املفيد هنا ا�ستح�ضار �شهادة اثنني من رجال ال�صناعة امل�صريني املدركني حلقيقة‬ ‫ ‬
‫�أو�ضاع القطاع اخلا�ص امل�صري والقدرات الفعلية للر�أ�سمالية امل�صرية‪:‬‬
‫(‪ )1‬يقول ال�سيد‪ /‬عادل العزبي وهو من كبار �صناع وم�صدري املالب�س اجلاهزة يف م�صر‪� ،‬أن معظم من‬
‫يطلق عليهم رجال �أعمال يف م�صر‪ ،‬هم يف الواقع جمرد �أ�صحاب �أعمال‪ ،‬و�أن الق�صور الب�شري ونق�ص‬
‫ثقافة إالنتاج يف ال�صناعة امل�صرية يبد�أ من �أ�صحاب أالعمال �أنف�سهم‪ ،‬و�إن كان ال يتوقف عندهم‬
‫وحدهم‪ ،‬و�أن علينا التخل�ص من أالوهام حول الت�صنيع يف م�صر‪ .‬ف�صناع املالب�س اجلاهزة مث ًال لي�سوا‬
‫�أكرث من «ترزية» ‪.‬‬
‫(‪)28‬‬

‫(‪ )2‬يقول ال�سيد‪ /‬منري فخري عبد النور‪ ،‬وهو من كبار رجال أالعمال متعددي أالن�شطة ونائب رئي�س‬
‫حزب الوفد‪ ،‬تعليقاً على بيان احلكومة املقدم �إىل جمل�س ال�شعب يف ‪ 30‬يناير من عام ‪� ،2006‬أن‬
‫حديث احلكومة يف بيانها عن �أن دورها رقابي وتنظيمي فقط يدعو �إىل اخلوف‪ ،‬و�أنه يجب على‬
‫احلكومة �أن ال تن�سحب آالن من الن�شاط االقت�صادي‪ ،‬ألن القطاع اخلا�ص �ضعيف وال يقدر على‬
‫القيام باال�ستثمارات املتوقعة منه يف الربنامج ‪.‬‬
‫(‪)29‬‬

‫ �أما النوع الثاين من أال�سباب التي جتعل الدعوة �إىل االعتماد على أال�سواق احلرة وتقلي�ص دور‬
‫احلكومات دعوة غري عملية‪ ،‬فهي �أن لنجاح أال�سواق �شروطاً ومتطلبات لي�س من املتوقع توفرها يف الدول‬
‫النامية‪ .‬وهناك ‪� 13‬شرطاً �إعتربها «كي فيتز» و «دور فمان» وهما من �أن�صار ال�سوق‪� ،‬ضرورية لفعالية‬
‫أال�سواق وجناحها يف �أداء وظائفها املفرت�ضة يف النظرية االقت�صادية(‪ .)30‬كما �أنهما �أ�ضافا �إليها‪ 11‬نوعاً من‬
‫املمار�سات القانونية واالقت�صادية الالزمة لتي�سري عمل أال�سواق‪.‬‬
‫ويعلق تودارو و�سميث على هذه القائمة من ال�شروط واملتطلبات الالزمة لنجاح أال�سواق يف �أداء‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫وظائفها ب�نه من الوا�ضح «�ن إال�صالحات ال�سوقية تت�ضمن ما هو �كرب كثرياً من �إلغاء الت�شوهات ال�سعرية‬
‫وخ�صخ�صة امل�شروعات العامة وحترير أال�سواق‪ .‬واحلق �أن النك�سات التي واجهت إال�صالحات ال�سوقية‬
‫(�أي التحول �إىل اقت�صاد ال�سوق) يف رو�سيا ودول �شرق �أوروبا وكذلك يف دول �أفريقية و�آ�سيوية متعددة‪� ،‬إمنا‬
‫تعود ب�شكل رئي�سي �إىل غياب بع�ض �أو معظم ال�شروط امل�سبقة امل�ؤ�س�ساتية والثقافية واالجتماعية واملمار�سات‬
‫الالزمة لنجاح عمل أال�سواق»‪ .‬ثم يرتبان على هذه أالقوال النتيجة التالية‪« :‬وعموماً‪ ،‬ف�إن الدول النامية‬
‫‪17‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫لن ت�ستطيع االعتماد على �آلية ال�سوق بالقدر الذي حدث يف الدول ال�صناعية يف املراحل أالوىل للتنمية‪.‬‬
‫و�أهم �سبب لذلك هو �أن �أ�سواق معظم الدول النامية قا�صرة من نواح متعددة» وكما قد تبني يف ما �سلف‬
‫(‪)31‬‬

‫ف�إن �أبرز نواحي الق�صور هي‪:‬‬


‫ما يتعلق بغياب املعلومات و�شيوع درجة عالية من الاليقني لدى املنتجني والبائعني وامل�ستهلكني‪.‬‬ ‫�أ ‪.‬‬
‫وما يتعلق بوجود اخلارجيات‪ ،‬حيث ال تعك�س �أ�سعار ال�سوق القيمة االجتماعية للكثري من ال�سلع‬ ‫ب‪ .‬‬
‫واخلدمات املرتبطة برفاه غالبية ال�شعب‪.‬‬
‫ما يتعلق بعجز �آليات ال�سوق عن �إجناز التغريات الهيكلية املطلوبة‪.‬‬ ‫جـ‪ .‬‬
‫ما يتعلق بتجاهل أال�سواق للمنظور طويل املدى يف �إقامة امل�شروعات‪ ،‬ف�ض ًال عن عدم قدرة القطاع‬ ‫د‪ .‬‬
‫اخلا�ص على توليد أالموال ال�ضخمة الالزمة إلقامة �صناعات معينة‪ ،‬بالرغم من �أنها قد تكون مربحة‬
‫على املدى الطويل‪.‬‬
‫ما يتعلق بتوزيع الدخول‪ ،‬حيث �أن االعتماد املفرط على أال�سواق حتى لو جنح يف تخ�صي�ص املوارد‬ ‫هـ‪ .‬‬
‫بكفاءة‪ ،‬ف�إنه قد ي�ؤدي �إىل توزيع للدخل يت�سم بدرجة عالية من الالم�ساواة �أو التفاوت‪ ،‬بل �إنه قد‬
‫يزيد التوزيع �سوءاً على �سوء‪ ،‬وذلك بالنظر �إىل �سيطرة أالغنياء على توزيع املوارد وانحياز منط إالنتاج‬
‫ملا يحتاجونه‪ ،‬ال ملا يحتاجه الفقراء‪.‬‬
‫وهنا يجب تذكر‪� ،‬إ�ضافة �إىل ما تقدم‪� ،‬أن ال�سيا�سات املت�ضمنة يف برامج التثبيت االقت�صادي‬ ‫ ‬
‫والتكيف الهيكلي التي طبقت يف �إقت�صادات دول نامية كثرية بهدف حتويلها �إىل �إقت�صادات �سوق ت�سري‬
‫على نهج الليربالية اجلديدة وتتواءم مع متطلبات العوملة‪ ،‬لي�ست يف أال�صل �سيا�سات للتنمية‪ ،‬و�إمنا هي على‬
‫�أح�سن االفرتا�ضات �سيا�سات قد تهيئ‪ ،‬وفقا ملنظريها‪ ،‬ظروفاً �أف�ضل حلدوث التنمية من خالل أال�سواق‬
‫واملبادرات اخلا�صة‪ .‬لقد كان الغر�ض املبا�شر من هذه الربامج غر�ضاً مزدوجاً‪� ،‬أال وهو زيادة قدرة الدول‬
‫النامية على الوفاء بديونها امل�ستحقة للدول املتقدمة‪ ،‬وهذا �شيء خمتلف عن التنمية بالطبع‪ ،‬حيث يكون‬
‫الرتكيز على االن�ضباط املايل و�إعادة توجيه املوارد خلدمة الديون حتى لو تعار�ض ذلك مع متطلبات التنمية‪،‬‬
‫هذا من جهة‪ ،‬وفتح �أ�سواق الدول النامية �أمام منتجات وا�ستثمارات الدول املتقدمة‪ ،‬وهو ما قد يخنق‬
‫التنمية بد ًال من �أن يعززها‪ ،‬من جهة �أخرى‪ .‬وبعد ذلك ي�أتي غر�ض النمو االقت�صادي‪ ،‬وهذا خمتلف‬
‫عن غر�ض التنمية‪ ،‬كغر�ض غري مبا�شر لربامج التثبيت والتكيف‪ ،‬وذلك بح�سبان الت�صحيحات ال�سعرية‬
‫والتوازنات املالية والنقدية والتعديالت امل�ؤ�س�سية حافزة وداعمة لال�ستثمار اخلا�ص الذي هو حمرك النمو‬
‫االقت�صادي‪ .‬ولذا‪ ،‬ف�إنه لي�س من الغريب �أن تكون هذه الربامج �إنكما�شية يف املقام أالول ت�ؤدي �إىل الركود‬
‫�أكرث مما ت�ؤدي �إىل النمو‪ ،‬حتى بعد فوات �سنوات متعددة على بدء تطبيقها ‪.‬‬
‫(‪)32‬‬

‫بالحرى النمو‪ ،‬هي‬ ‫واملراد من هذا‪� ،‬أن العالقة بني برامج التثبيت والتكيف وبني التنمية‪� ،‬أو أ‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫يف حقيقة المر عالقة غري مبا�شرة �إىل حد بعيد‪ ،‬قد تتحقق وقد ال تتحقق اعتماداً على توفر �و عدم توفر‬
‫‪� 18‬إبراهيم العي�سوي‬

‫ال�شروط واملمار�سات ال�سابق حتديدها لنجاح عمل �آليات ال�سوق‪ .‬بعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إن الرابطة املنطقية بني‬
‫برامج التثبيت والتكيف والنمو �أو التنمية هي يف الواقع �سل�سلة طويلة كثرية احللقات‪ ،‬غالباً ما تنك�سر حلقة‬
‫منها �أو عدة حلقات حتت وط�أة نواحي الق�صور املتعددة يف عمل أال�سواق يف الدول النامية‪ .‬وعندئذ تنقطع‬
‫ال�صلة بني النمو �أو التنمية وبني ما يت�صل بهما من �أ�سباب يزعم دعاة العوملة الليربالية �أنها كامنة يف برامج‬
‫التثبيت والتكيف‪ ،‬وتتبدد مع هذا االنقطاع فر�ص حتقيق التنمية امل�أمولة‪.‬‬
‫وعلى العك�س من االعتقاد الرائج الذي كان للبنك الدويل دور كبري يف �إ�شاعته‪ ،‬ف�إن النجاح الذي‬ ‫ ‬
‫حققته دول �شرق �آ�سيوية مثل كوريا اجلنوبية وتايوان و�سنغافورة مل يكن بف�ضل اعتمادها املفرط على �آليات‬
‫ال�سوق ‪ .‬بل كان مفتاح النجاح هو تفعيل حكومات هذه الدول لعدد من ال�سيا�سات ال�صناعية والتجارية‬ ‫(‪)33‬‬

‫واالجتماعية الداعمة للتنمية‪ ،‬وتدخلها ب�إقامة امل�شروعات التي تعمل على حتقيق تغريات هيكلية ذات �ش�أن‬
‫يف �إقت�صاداتها‪ ،‬وذلك ف�ض ًال عن ال�سعي ب�سبل �شتى لرتوي�ض قوى ال�سوق والتحكم يف م�ساراتها وت�سخريها‬
‫خلدمة التنمية‪ .‬فلم تتحقق التنمية يف تلك الدول بف�ضل �آليات ال�سوق‪ ،‬بل �أنها حتققت بف�ضل توجيه الدولة‬
‫ألل�سواق و�سيطرتها على حتركاتها‪.‬‬
‫بال�ضافة �أن‬
‫ويق�صد هنا ما ذكره امل�ؤلف يف درا�سات �سابقة له حول هذا املو�ضوع ‪ .‬بل يكتفي هنا إ‬
‫(‪)34‬‬
‫ ‬
‫مراجعة «رودريك» للنقاط الع�شر التي يت�ألف منها توافق وا�شنطن‪ ،‬قد �أو�ضحت �أن كوريا وتايوان مل تلتزما‬
‫مبا يزيد عن ن�صف هذه النقاط‪ ،‬كما �أن التزامهما بالكثري من النقاط أالخرى مل يكن �صارماً �أو دائماً‪ .‬فحتى‬
‫ثمانينات القرن املا�ضي كان تطبيق حترير التجارة والتحرير املايل حمدوداً‪ .‬ويف ما يتعلق ب�إلغاء القيود على‬
‫اال�ستثمار أالجنبي‪ ،‬ف�إن أالمر كان على العك�س من ذلك‪ ،‬حيث فر�ضت قيود مت�شددة على اال�ستثمار‬
‫أالجنبي‪ ،‬وكان هذا اال�ستثمار حتت رقابة الدولة ب�شكل وا�ضح‪� .‬أما عن اخل�صخ�صة‪ ،‬فمن املعروف �أنه يف‬
‫كل من كوريا وتايوان �أن�ش�أت احلكومة الكثري من امل�شروعات يف خم�سينات و�ستينات القرن املا�ضي و�إدارتها‬
‫كم�شروعات قطاع عام‪ .‬كذلك كان حترير أال�سعار وتفكيك القيود إالدارية حمدوداً ‪ .‬وعالوة على ما‬
‫(‪)35‬‬

‫تقدم‪ ،‬من الثابت �أنه كان للحكومة يف كل من هاتني الدولتني دور مهم يف تقليل الفوارق يف توزيع الدخل‬
‫حتى �أواخر ت�سعينات القرن املا�ضي‪ ،‬والق�ضاء على الفقر املطلق حتى يف �أوىل مراحل التنمية‪ .‬وال�شك‬
‫�أن حكومات دول �آ�سيوية �أخرى قد تدخلت على نطاق وا�سع حلفز النمو االقت�صادي واالرتقاء بالعن�صر‬
‫الب�شرى‪ ،‬مثل هوجن كوجن و�سنغافورة وماليزيا‪ ،‬وكذلك ال�صني‪ .‬ولذا فال ميكن و�صف �أي منها ب�أنها كانت‬
‫منوذجا القت�صاد ال�سوق احلر‪.‬‬
‫ومن املهم �إدراك �أن املطالبة مبراجعة �سيا�سات الليربالية االقت�صادية اجلديدة يف �ضوء خيبة أالمل‬ ‫ ‬
‫يف نتائجها يف الكثري من الدول النامية‪ ،‬وحماوالت الك�شف عن وهم االعتماد على قوى ال�سوق يف حتقيق‬
‫التنمية‪ ،‬و�إبراز �ضرورة تدخل الدولة واحلاجة �إىل قدر من التوجيه والتخطيط‪ ،‬مل تقت�صر على احلركات‬
‫امل�ضادة للعوملة‪ .‬بل �إنها امتدت �إىل عدد ممن مل يكن يعرف عنهم �أي موقف م�ضاد القت�صاد ال�سوق‪ ،‬مبن‬
‫‪19‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫فيهم جوزيف ا�ستجلتز الذي كان نائباً لرئي�س البنك الدويل وقت وقوع أالزمة آال�سيوية يف �صيف عام‬
‫‪ ،1997‬والذي �أق�صي من من�صبه ب�سبب رف�ضه ملقرتحات �صندوق النقد الدويل يف معاجلة أالزمة وحتفظه‬
‫على ت�أييد البنك لهذه املقرتحات التي طالبت باملزيد من التحرير ألل�سواق املالية‪ .‬كما �أن موجة املراجعة‬
‫�شملت فوكوياما �صاحب املقولة ال�شهرية «نهاية التاريخ» الذي قرر فيها الن�صر النهائي للر�أ�سمالية وانعدام �أي‬
‫بديل �آخر لها‪ .‬فقد تراجع حتت وط�أة �أحداث �سبتمرب من عام ‪ 2001‬عن موقفه املتحم�س القت�صاد ال�سوق‬
‫احلر‪ ،‬وطالب با�سرتجاع دور الدولة القوية لي�س فقط يف الدول النامية‪ ،‬بل و يف الدول املتقدمة �أي�ضاً ‪.‬‬
‫(‪)36‬‬

‫كذلك ي�ؤكد �أ�ستاذ �إقت�صاديات التنمية املعروف «�إريك ثوربيك» �أنه بالرغم من اعتقاده ب�أن للعوملة‬ ‫ ‬
‫منافع حمتملة ملن ينخرط فيها‪� ،‬إال �أنه يجب �أن ال ينظر �إىل العوملة على �أنها بديل إل�سرتاتيجية وطنية‬
‫للتنمية‪ ،‬و�أنه ال يكفي �أن تقوم احلكومات بدور ن�شط يف حترير التجارة وحركات ر�ؤو�س أالموال وتفكيك‬
‫القيود إالدارية على �إقت�صاداتها‪ ،‬ثم تنتظر تدفق ثمار توافق وا�شنطن عليها و�أن تدفعها �آليات ال�سوق على‬
‫طريق التنمية ال�سريع‪ .‬بل �أن على احلكومات‪ ،‬يف ر�أيه‪ ،‬القيام بدور ن�شط يف جمال ت�صميم وتنفيذ �سيا�سات‬
‫وطنية للتنمية وكذلك ملواجهة آالثار ال�سلبية للعوملة‪ ،‬خا�صة يف ما يتعلق بتوزيع الدخل ‪.‬‬
‫(‪)37‬‬

‫كما �شملت املطالبة بالرجوع عن �أ�صولية ال�سوق وا�ستعادة دور الدولة يف التنمية عدداً من‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫منظمات المم املتحدة‪ .‬نذكر منها معهد بحوث المم املتحدة للتنمية االجتماعية الذي �أ�صدر تقريراً يف‬
‫عام ‪ 2000‬بعنوان “�أياد مرئية»‪ ،‬على �سبيل املقابلة مع مفهوم «اليد غري املرئية �أو اخلفية» الذي قال به‬
‫�آدم �سميث‪ ،‬والذي يكمن يف خلفية فكر الداعني القت�صاد ال�سوق احلر ‪ .‬ويذكر منها م�ؤمتر أالمم املتحدة‬
‫(‪)38‬‬

‫للتجارة والتنمية الذي يقدم موقفاً متحفظاً على الليربالية االقت�صادية اجلديدة والعوملة يف تقاريره أالخرية‬
‫عن «التجارة والتنمية» و يف «تقرير اال�ستثمار العاملي»‪ ،‬وكذلك يف البيان ال�صادر عن امل�ؤمتر احلادي ع�شر‬
‫الذي عقد يف �ساو باولو يف �صيف عام ‪ . 2004‬ومنها �أي�ضاً الربنامج إالمنائي أللمم املتحدة الذي ا�شرتك مع‬
‫(‪)39‬‬

‫عدد من املنظمات يف �إ�صدار التقرير الهام حول حترير التجارة الذي �أ�شري �إليه من قبل‪ ،‬وعنوانه ‪« :‬جعل‬
‫التجارة العاملية تعمل ل�صالح النا�س» ‪.‬‬
‫(‪)40‬‬

‫و يف مقابل الت�شكيك يف قدرة احلكومات على التدخل خلدمة ال�صالح الوطني والقول ب�أن هذا‬ ‫ ‬
‫أالمر يرجع �إىل طبيعة احلكومات يف حد ذاتها‪� ،‬أردد ما قاله �ساجناي الل من �أن جتربة �شرق �آ�سيا ت�شري �إىل �أن‬
‫احلكومات ت�ستطيع التدخل �إنتقائيا وب�شكل فعال‪ ،‬وب�أن هذا يبني �أن مقولة الليربالية اجلديدة يف هذا ال�ش�أن‬
‫غري قابلة للتعميم‪ .‬وي�ضاف �أن ثمة مي ًال للمبالغة يف حجم العقبات التي ت�ؤدي �إىل ف�شل التدخل احلكومي‪،‬‬
‫و�أن ال�سوق قابل للف�شل �أي�ضاً مثل احلكومات‪ ،‬ولكن ال �سبيل إل�صالح ف�شل ال�سوق �سوى بالتدخالت‬
‫احلكومية‪ .‬وعلينا عدم ن�سيان‪ ،‬كما يقول «الل»‪� ،‬أن «امتناع احلكومات عن التدخل له تكلفة»‪ ،‬و»�أن ف�شل‬
‫ال�سوق ميكن �أن ي�سد الطريق �أمام الت�صنيع �إذا ما �سعت احلكومات �إىل ت�صويب أال�سعار وانتظرت من‬
‫‪� 20‬إبراهيم العي�سوي‬

‫ال�سوق �إجناز جميع املهام أالخرى» الالزمة للت�صنيع ‪.‬‬


‫(‪)41‬‬

‫وكما يذكر �سراج الدين ف�إن «تدخل الدولة ال يقدم ح ًال �سحرياً للم�شكالت»‪ .‬وهناك حاالت‬ ‫ ‬
‫تاريخية متعددة �أدى فيها تدخل الدولة �إىل �أ�ضرار �أكرث بكثري مما �أدى �إىل منافع‪ .‬ولكن العك�س �صحيح‬
‫�أي�ضاً‪ ،‬مبعنى �أن هناك حاالت كانت منافع هذا التدخل �أكرث من �أ�ضراره‪ .‬و يف العامل العربي‪ ،‬حيث تدخل‬
‫الدولة مطلوب إلجناز حتوالت هيكلية �أ�سا�سية‪ ،‬ف�إن ال�س�ؤال ال�صحيح مل يعد ما �إذا كان تدخل الدولة يف حد‬
‫ذاته �سيئاً �أم جيداً (�أي مطلوباً �أم غري مطلوب)‪ .‬و�إمنا املهم هو نوعية �أو جودة هذا التدخل وحمتواه والقدرة‬
‫على التعلم من أالخطاء ال�سابقة يف العامل العربي ومن �أخطاء آالخرين خارجه «‪ .‬وي�ضيف ب�أن املع�ضلة‬
‫التي تواجه الدول العربية هي «�أن ثمة �إ�صالحات هيكلية وم�ؤ�س�سية �أ�سا�سية مطلوبة من �أجل ت�صبح هذه‬
‫الدول قادرة على املناف�سة يف البيئة العاملية الراهنة‪ .‬ولكن هذه إال�صالحات ال ميكن �إجنازها دون تدخل‬
‫ودعم حكوميني على نطاق وا�سع‪ .‬واحلكم ذاته هو �أحد امل�ؤ�س�سات التي تتطلب �إ�صالحات وا�سعة النطاق‬
‫يف العامل العربي»‪ .‬ومن ح�سن احلظ يف ر�أيه‪ ،‬ور�أي امل�ؤلف �أي�ضاً‪�« ،‬إن �إ�صالح احلكومات والتحديد الدقيق‬
‫لدورها يف املرحلة االنتقالية للتنمية العربية لي�سا من أالمور امل�ستحيلة‪ ،‬وجناحات حكومات جنوب �شرق‬
‫�آ�سيا يف هذا ال�ش�أن ت�ؤيد ذلك» ‪.‬‬
‫(‪)42‬‬

‫يدرك الباحث �أن بع�ض من �أ�ست�شهد ب�أبحاثهم يف �ش�أن تدخل الدولة قد ال يذهبون �إىل املدى‬ ‫ ‬
‫الذي اقرتحه يف النموذج البديل للتنمية‪ ،‬وبخا�صة يف ما يتعلق با�ضطالع الدولة بدور مبا�شر يف إالنتاج‬
‫واال�ستثمار إالنتاجي من خالل القطاع العام‪ .‬ولكن �أهمية �شهاداتهم هنا تكمن يف �أنهم يذهبون بتدخل‬
‫الدولة �إىل مدى �أبعد كثرياً مما تنطوي عليه فكرة «ت�صغري احلكومة» التي يروجها �أن�صار توافق وا�شنطن‪ ،‬و�أن‬
‫لديهم تقديراً �أكرث واقعية حلدود الدور الذي ميكن �أن ينه�ض به كل من ال�سوق واحلكومة‪.‬‬
‫ويف ما يتعلق بالقطاع العام و�إمكانات حت�سني م�ستوى �أدائه‪ ،‬ف�إن املهم إال�شارة يف هذا ال�صدد �إىل‬ ‫ ‬
‫�أن �إ�صالح القطاع لي�س م�ستحي ًال‪ .‬وت�شري اخلربة ال�صينية وكذلك خربة فيتنام �إىل �إمكانية النجاح يف حتويل‬
‫الكثري من �شركات القطاع العام �إىل �شركات قادرة على املناف�سة الدولية‪ ،‬وذلك من خالل التجديد التقني‬
‫لهذه ال�شركات‪:‬‬

‫�أ‪ .‬ب�إدخال بع�ض التح�سينات (غري اجلذرية) يف التقنيات القائمة مبا يرفع من كفاءتها‪.‬‬
‫ب‪ .‬ب�إن�شاء �أق�سام للبحث والتطوير يف ال�شركات الكبرية لزيادة قدراتها التناف�سية‪.‬‬
‫جـ ‪ .‬بال�شراء املبا�شر لتقنيات جديدة وا�ستيعابها يف بع�ض ال�شركات العامة ‪.‬‬
‫(‪)43‬‬

‫وبالرغم من االعتقاد القوي وال�صريح لدى البنك الدويل ب�أف�ضلية اخل�صخ�صة على القيام‬ ‫ ‬
‫ب�إ�صالحات يف القطاع العام‪� ،‬إال �أنه مل ير ب�أ�ساً يف تبني بع�ض املقرتحات الرامية �إىل حت�سني �أداء امل�شروعات‬
‫‪21‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫اململوكة للدولة‪ ،‬باعتبار �أن هذا ميثل ثاين �أف�ضل احللول ‪ ،‬و�أن �إعمال هذه املقرتحات �أف�ضل من ا�ستمرار‬
‫(‪)44‬‬

‫الو�ضع الراهن مبا فيه من عيوب‪ .‬فقد ت�ضمن تقرير للبنك الدويل حول «حت�سني حوكمة مرافق الكهرباء‬
‫اململوكة للدولة» عدداً من املقرتحات‪� ،‬أهمها �إعادة هيكلة العالقة بني امل�شروع من جهة والدولة كمالك‬
‫للم�شروع من جهة �أخرى‪ ،‬وذلك على النحو الذي يحد من تدخل احلكومات يف إالدارة‪ ،‬ويو�سع من نطاق‬
‫ت�أثري املالك احلقيقيني للم�شروع وهم املواطنون‪� ،‬أو على أالقل يجعل تدخل احلكومات ب�شكل غري كف�ؤ وغري‬
‫�شفاف يف عمل امل�شروع �أمراً �صعباً‪ ،‬ويي�سر التدخالت الكف�ؤة وال�شفافة لتحقيق أالهداف االجتماعية‪،‬‬
‫مث ًال بتقدمي تعوي�ض نقدي لل�شركة يف حالة الرغبة يف تقدمي املنتج (الكهرباء يف هذه احلالة) ب�سعر رخي�ص‬
‫للم�ستهلك‪ .‬ومن بني املقرتحات املقدمة �إخ�ضاع امل�شروعات اململوكة للدولة لقانون ال�شركات والقوانني‬
‫أالخرى التي تخ�ضع لها ال�شركات اخلا�صة ل�ضمان ا�ستقالل امل�شروع عن احلكومة‪ ،‬ول�ضمان �أن احلكومة‬
‫لن ت�ستطيع الت�أثري يف امل�شروع �إال بطرق حمددة ومعلنة‪ .‬كما تت�ضمن هذه املقرتحات تعديل طرق متويل‬
‫ال�شركات اململوكة للدولة‪ ،‬وذلك بلجوء هذه ال�شركات �إىل االقرتا�ض من م�صادر خا�صة ودون �ضمان‬
‫للفادة من منافع املراقبة والفح�ص الدقيق ألعمال ال�شركات من جانب املقر�ضني وجهات‬ ‫حكومة‪ ،‬وذلك إ‬
‫التقييم االئتماين ‪.‬‬
‫(‪)45‬‬

‫وت�ستند هذه املقرتحات يف جانب منها �إىل «�إر�شادات منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية ب�ش�أن‬ ‫ ‬
‫حوكمة امل�شروعات اململوكة للدولة» ‪� .‬إذ تركز هذه إالر�شادات على �ضرورة الف�صل الدقيق بني وظائف‬
‫(‪)46‬‬

‫الدولة كمالك ووظائفها كمراقب و�ضابط‪ ،‬وذلك مبا ي�ضمن ابتعاد الدولة عن التدخل ال�سيا�سي غري املنا�سب‬
‫يف �إدارة امل�شروع من جهة‪ ،‬ومبا ي�ؤمن فر�صاً متكافئة للتناف�س بني ال�شركات اخلا�صة وال�شركات العامة يف‬
‫ال�سوق‪ .‬كما ت�ؤكد إالر�شادات املقرتحة على �أهمية احلوكمة اجليدة للم�شروعات اململوكة للدولة يف زيادة‬
‫كفاءتها وحت�سني قدراتها التناف�سية‪ ،‬وكذلك يف جعلها �أكرث جاذبية يف نظر امل�شرتين املحتملني لها عند‬
‫اتخاذ قرار بخ�صخ�صتها‪ .‬كما تو�صي إالر�شادات ب�ضرورة تعري�ض امل�شروعات اململوكة للدولة للمناف�سة يف‬
‫ال�سوق‪ ،‬وكذلك يف جمال التمويل‪ ،‬مبا يف ذلك قيام عالقة هذه امل�شروعات بالبنوك اململوكة للدولة على‬
‫�أ�س�س جتارية‪.‬‬
‫وال يت�سع املجال هنا ل�سرد كل املقرتحات ب�ش�أن حت�سني �أداء القطاع العام الواردة يف دليل �إر�شادات‬ ‫ ‬
‫منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية‪ .‬ولكن من املهم تذكر �أن مقرتحات مناظرة و�أخرى �إ�ضافية قد طرحت‬
‫يف م�صر مث ًال منذ ربع قرن‪ ،‬دون �أن تعريها احلكومات املتعاقبة �أي اهتمام‪ .‬وكانت النتيجة ترك �شركات‬
‫القطاع العام لعوامل التدهور حتى �أ�صبح من الع�سري آالن بيع البع�ض منها �إال ب�أبخ�س أالثمان‪ .‬فمن بني‬
‫ما ت�ضمنته املقرتحات التي قدمها حزب التجمع يف �ش�أن �إ�صالح القطاع العام �إىل امل�ؤمتر االقت�صادي (فرباير‬
‫‪ )1982‬الذي دعا �إىل عقده الرئي�س مبارك عقب �شهور قليلة من توليه ال�سلطة ما يلي ‪:‬‬
‫(‪)47‬‬
‫‪� 22‬إبراهيم العي�سوي‬

‫(‪� )1‬إخ�ضاع كل من وحدات القطاع العام والقطاع اخلا�ص لنف�س القيود التي قد يتطلبها ال�صالح‬
‫االقت�صادي العام والتوجيه االقت�صادي الر�شيد بوا�سطة الدولة‪ ،‬وال�سماح لوحدات القطاع العام‬
‫بنف�س القدر من احلريات التي تتمتع بها وحدات القطاع اخلا�ص و�شركات اال�ستثمار أ‬
‫(الجنبي �أو‬
‫امل�شرتك)‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬معاجلة اخللل يف الهيكل التمويلي للكثري من وحدات القطاع العام عن طريق حتويل بنوك القطاع‬
‫العام لقرو�ضها ق�صرية أالجل للقطاع العام والتي ا�ستخدمت يف الواقع إلقامة �أ�صول ر�أ�سمالية ثابتة‬
‫�إىل م�ساهمات يف ال�شركات العامة‪ ،‬حتى تتخفف ال�شركات العامة من عبء فوائد �ضخمة ترفع من‬
‫تكاليفها دون مربر من جهة‪ ،‬وحتى يحتفظ بامللكية العامة لهذه ال�شركات من جهة �أخرى‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬و�ضع �إطار قانوين موحد يت�ضمن القواعد أال�سا�سية لتحديد عالقات العمل يف القطاعني العام‬
‫واخلا�ص‪ ،‬مبا يكفل حتديد أالجور وظروف العمل والرعاية االجتماعية وال�صحية وو�سائل رفع‬
‫إالنتاجية عن طريق عقود عمل جماعية بني �إدارات الوحدات االقت�صادية وبني الهيئات النقابية‪،‬‬
‫وذلك يف �إطار �سيا�سات عامة أللجور ت�شارك يف �إعدادها أالطراف املعنية و يف مقدمتها االحتاد العام‬
‫لنقابات العمال‪ .‬و يف مقابل حترير �إدارة الوحدات االقت�صادية‪ ،‬يجب �إطالق حرية احلركة النقابية‬
‫وت�أكيد ا�ستقالليتها‪ ،‬و�إنهاء جترمي إال�ضراب ال�سلمي للعمال‪.‬‬
‫(‪� )4‬إنهاء جتميد �أ�سعار منتجات وحدات القطاع و�إنهاء فو�ضى أال�سعار يف القطاع اخلا�ص يف الوقت‬
‫للنتاج يف كل من القطاع‬ ‫نف�سه‪ ،‬مع و�ضع �سيا�سة عامة ألل�سعار ت�أخذ يف االعتبار التكاليف احلقيقية إ‬
‫العام والقطاع اخلا�ص وتكفل حتقيق ربح معتدل للوحدات االقت�صادية‪ .‬ومعاجلة االرتفاع املحتمل‬
‫يف �أ�سعار منتجات القطاع العام عن طريق دعم �أ�سعار ال�سلع النهائية لال�ستهالك ال�شعبي‪ ،‬على �أن‬
‫تتحمل الدولة فروق أال�سعار من خالل امليزانية العامة للدولة‪ .‬بعبارة �أخرى‪ ،‬يجب الف�صل بني‬
‫االعتبارات االقت�صادية واالعتبارات االجتماعية يف �إدارة القطاع العام‪ ،‬بحيث ال تتحمل ال�شركات‬
‫املنتجة بالدعم يف �شكل خ�سائر (الدعم غري املبا�شر)‪ ،‬وبحيث يقت�صر أالمر على الدعم املبا�شر‬
‫الظاهر يف املوازنة العامة للدولة كمخ�ص�ص لدعم نفقات املعي�شة (لتغطية الفرق بني تكلفة تدبري‬
‫ال�سلع واخلدمات وبني �سعر بيعها للجمهور) ‪.‬‬
‫(‪)48‬‬

‫‪ 3.2‬اال�ستثمار أ‬
‫الجنبي وال�شركات متعدية اجلن�سية‬

‫وبعد هذا العر�ض للنتائج غري ال�صديقة للتنمية وغري املواتية ال�ستقالل إالرادة الوطنية‪ ،‬يح�سن‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫التوقف قلي ًال عند م�س�ألة اال�ستثمار الجنبي املبا�شر ودور ال�شركات متعدية اجلن�سية يف ظروف العوملة‪ .‬وهنا‬
‫يطرح �س�ؤالني‪� .‬أولهما‪ :‬هل �أدت املوجة الهادرة للعوملة �إىل زيادة تدفقات اال�ستثمار أالجنبي املبا�شر �إىل‬
‫الدول النامية؟ �إن إالح�صاءات املتاحة ت�شري �إىل زيادة ن�صيب الدول النامية يف التدفق العاملي لال�ستثمار‬
‫أالجنبي املبا�شر من ‪ %19.7‬يف الفرتة ‪� 1989 - 1983‬إىل ‪ %38‬يف الفرتة ‪ ،1997 - 1992‬ثم تراجع هذا‬
‫‪23‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫الن�صيب �إىل ‪ %23.5‬يف الفرتة ‪� ،2003 - 1998‬أي �إىل �أقل من ربع التدفق العاملي‪ .‬وقد ارتبط جانب كبري من‬
‫التدفق اال�ستثماري أالجنبي على الدول النامية بخ�صخ�صة ال�شركات اململوكة للدولة فيها‪ .‬وبالرغم من‬
‫و�صول ن�صيب الدول النامية �إىل ‪ %30.7‬من التدفق العاملي يف عام ‪� ،2003‬إال �أن هذا ال يغري من واقع احلال‬
‫املعروف ل�سنوات طويلة‪ ،‬وهو‪:‬‬

‫�أ‪� .‬أن الن�سبة الكربى من التدفق العاملي لال�ستثمار أالجنبي املبا�شر (يف املتو�سط حوايل ‪� ،%66‬أي الثلثني)‬
‫تذهب �إىل الدول املتقدمة ‪ .‬ومن جهة �أخرى ف�إن ن�صيب الدول النامية يرتكز يف ع�شرة دول‪،‬‬
‫(‪)49‬‬

‫ويذهب �أكرث من ن�صف هذا الن�صيب (‪� )%56.3‬إىل عدد قليل من الدول يف جنوب و�شرق وجنوب‬
‫�شرق �آ�سيا‪ ،‬و�أهم الدول النامية امل�ستقبلة لال�ستثمار أالجنبي حالياً هي ال�صني‪.‬‬
‫ب‪� .‬أنه بالرغم من زيادة تدفق اال�ستثمار أالجنبي على الدول النامية ب�صفة عامة‪� ،‬إال �أن ن�سبة م�ساهمته‬
‫يف التكوين الر�أ�سمايل يف الدول النامية تظل حمدودة‪ .‬ففي ال�صني‪� ،‬أكرب م�ستقبل لال�ستثمار‬
‫الجنبي املبا�شر‪ ،‬مل تزد هذه الن�سبة على ‪ %10.4‬يف عام ‪ ،2002‬و�إن كانت قد تراوحت بني ‪%14‬‬ ‫أ‬
‫و‪ %17‬يف الفرتة ‪ .)50(1998 - 1994‬وبا�ستثناء ماليزيا التي و�صلت فيها الن�سبة �إىل ‪ %25‬يف الفرتة‬
‫‪ ،1993 - 1991‬وكذلك �سنغافورة وهوجن كوجن التي �شهدتا قيماً بالغة االرتفاع لهذه الن�سبة يف عدد‬
‫من ال�سنوات‪ ،‬ف�إن �أغلب الدول آال�سيوية مل ت�شهد فيها ن�سب اال�ستثمار أالجنبي �إىل التكوين‬
‫الر�أ�سمايل م�ستويات �أعلى كثريا من متو�سط الدول النامية‪ ،‬بل �إن الن�سبة يف دول مثل كوريا‬
‫وتايوان و�إندوني�سيا كانت �أقل من املتو�سط للدول النامية ‪ .‬وهذا الو�ضع قد ال يكون غريباً‪ ،‬حيث‬
‫(‪)51‬‬

‫�أن الن�سبة املناظرة على امل�ستوى العاملي‪ ،‬و�إن كانت قد زادت من ‪ %2.5‬يف عام ‪� 1982‬إىل ‪ %4.3‬يف‬
‫عام ‪ ،1990‬ومع ا�ستمرارها يف التزايد بعد ذلك‪� ،‬إال �أنها بقيت �أقل من ‪ %8‬يف عام ‪. )%7.7( 2003‬‬
‫(‪)52‬‬

‫بعبارة �أخرى‪ ،‬بالرغم من العوملة ف�إن أال�سا�س يف التكوين الر�أ�سمايل يف معظم دول العامل ال يزال‬
‫هو اال�ستثمار الوطني‪ ،‬ولي�س اال�ستثمار أالجنبي‪.‬‬
‫وكما يقول �ساجنايا الل ف�إن “اال�ستثمار أالجنبي ال ميكن �أن يحل حمل التنمية الذاتية‪ ،‬بل �إن‬ ‫ ‬
‫وجود قطاع �صناعي ديناميكي وتناف�سي هو الذي يجذب اال�ستثمار أالجنبي عايل النوعية‪ ،‬وي�سمح للدولة‬
‫امل�ضيفة بجني منافع �أكرب من هذا اال�ستثمار ”‬
‫(‪)53‬‬

‫ �أما ال�س�ؤال الثاين فهو املتعلق بدور ال�شركات متعدية اجلن�سية يف نقل التقنية �إىل الدول النامية‪.‬‬
‫واجلواب الذي ت�شري �إليه عدة درا�سات واقعية هو �أن تخ�صي�ص املوارد على ال�صعيد الدويل ورفاهة دول‬
‫العامل �أ�صبحت تت�أثر ب�شكل متزايد بقرارات ال�شركات متعدية اجلن�سية بوجه عام‪ ،‬وتف�ضيلها تركيز عمليات‬
‫البحث والتطوير يف الدول أالم‪� ،‬أي الدول التي بها املراكز الرئي�سية لهذه ال�شركات‪ .‬وت�شري �إحدى‬
‫الدرا�سات �إىل املك�سيك‪ ،‬مو�ضحة �أن ال�شركات متعدية اجلن�سية قد �أن�ش�أت م�صانع حديثة يف املك�سيك و�أن‬
‫‪� 24‬إبراهيم العي�سوي‬

‫هذا قد �أدى �إىل زيادة كبرية يف ال�صادرات ال�صناعية للمك�سيك‪ .‬و يف املقابل‪� ،‬أدى ذلك �إىل خروج عدد‬
‫كبري من ال�شركات الوطنية من املجال ال�صناعي عقب حترير االقت�صاد‪ .‬كما �أن املك�سيك مل ت�شهد ما ميكن‬
‫اعتباره نق ًال حقيقياً �أو �أ�صي ًال للتقانة التي بقيت �أ�سرارها بيد ال�شركات متعدية اجلن�سية ومراكزها الرئي�سية يف‬
‫الدول املتقدمة ‪ .‬وهو ما ي�ؤكد ما �سبق ذكره نق ًال عن تقرير التنمية الب�شرية ‪ 2005‬يف �ش�أن املقارنة بني �أداء‬
‫(‪)54‬‬

‫املك�سيك و�أداء فيتنام‪� .‬أ�ضف �إىل ما تقدم ما هو معلوم من �أن �إقرار اتفاقية حماية امللكية الفكرية (‪)TRIPS‬‬
‫يف منظمة التجارة العاملية قد جعل احل�صول على التقنيات احلديثة �أكرث �صعوبة عن ذي قبل‪ ،‬وذلك الرتفاع‬
‫تكلفتها‪.‬‬
‫ ‬
‫وهذا يبني �أن التعويل على اال�ستثمار أالجنبي يف �إحداث نقل فعلي للتقانة لي�س له �سند حقيقي‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫على �ر�ض الواقع‪ .‬ولذا ف�إنه ال غنى للدول النامية عن بناء قواعد وطنية للعلم والتقنية‪ ،‬وذلك من �جل‬ ‫أ‬
‫امتالك �أحد العنا�صر اجلوهرية لبناء القدرات التناف�سية ولتحقيق تنمية متوافقة مع الوفرة الن�سبية لعن�صر‬
‫العمل من جهة �أوىل‪ ،‬ومن �أجل امتالك قدرة حقيقية على ا�ستيعاب وتطويع التقنيات أالجنبية من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬ومن �أجل �إر�ساء �أ�س�س را�سخة لالعتماد على الذات من جهة ثالثة‪.‬‬
‫‪ 4.2‬ق�ضية التبعية‬

‫التبعية ظاهرة وثيقة ال�صلة بالتخلف‪ ،‬بل هي جوهر التخلف ذاته‪ .‬لقد ن�ش�أت التبعية عن عملية‬ ‫ ‬
‫تاريخية جرى مبوجبها �إحلاق الدول املعروفة حالياً بالدول النامية بالنظام الر�أ�سمايل العاملي على خلفية من‬
‫عدم التكاف�ؤ ال�صارخ بني ما �صار يعرف بدول املركز الر�أ�سمايل املهيمنة ودول أالطراف امل�سيطر عليها‪.‬‬
‫وجوهر التبعية هو تعطيل إالرادة الوطنية للدولة التابعة وفقدانها للكثري من م�صادر �سيطرتها على �شروط‬
‫جتدد اقت�صادها وجمتمعها‪ ،‬من جهة‪ ،‬وحتكم دول املركز الر�أ�سمايل وامل�ؤ�س�سات الدولية التي تهيمن عليها‬
‫هذه الدول وت�سخرها خلدمة �أغرا�ض التو�سع الر�أ�سمايل على ال�صعيد العاملي‪ ،‬وكذلك حتكم ال�شركات‬
‫متعدية اجلن�سيات املرتبطة بها يف م�صائر الدول التابعة‪ ،‬من جهة �أخرى‪ .‬وم�ؤدى هذه العملية احلفاظ على‬
‫منط معني لتق�سيم العمل الدويل حتتل فيه الدول التابعة مكانة متدنية‪ ،‬وتقوم فيه بالدور الذي ين�سجم‬
‫وا�سرتاتيجيات دول املركز و�شركاتها االحتكارية الكربى التي تعمل على تعظيم �أرباحها على ال�صعيد‬
‫العاملي‪ ،‬متجاهلة م�صالح واحتياجات الدول التي تن�شط فيها‪.‬‬
‫والتبعية بهذا املعنى تنطوي على عالقة ا�ستغالل �إذ حترم الدولة التابعة من تطوير نظام �إنتاج‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫متوافق مع حاجات �سكانها �و حتى مع هيكل الطلب فيها بالرغم من حتيزاتها‪ .‬كما يحال بينها وبني �إقامة‬
‫هيكل �إنتاجي متكامل ذاتياً‪ ،‬حيث ت�ؤدي �إ�سرتاتيجية اال�ستعمار وال�شركات الكربى �إىل تكامل هيكل‬
‫إالنتاج الوطني مع هياكل إالنتاج يف دول املركز‪ ،‬بد ًال من �أن تتكامل قطاعات إالنتاج املحلي مع بع�ضها‬
‫البع�ض‪ .‬وهو ما يحرم اقت�صاد الدولة التابعة من فر�ص النمو الذاتي ويعوق اطراد التنمية على املدى الطويل‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫�أ�ضف �إىل ذلك ما ينطوي عليه اال�ستعمار وعمل ال�شركات الدولية من ا�ستالب للفائ�ض االقت�صادي‬
‫للدول التابعة‪ ،‬وحرمانها بالتايل من �إحداث الرتاكم الر�أ�سمايل ال�ضروري لتطوير قوى إالنتاج واطراد النمو‬
‫االقت�صادي‪.‬‬
‫ومن املعروف �أن التبعية تزيد من فر�ص تعر�ض االقت�صادات املفتوحة أللزمات وال�صدمات الوافدة‬ ‫ ‬
‫من اخلارج‪ ،‬أالمر الذي يعني �إت�صاف هذه االقت�صادات بدرجة عالية من االنك�شاف �أو اله�شا�شة ‪ ،‬وفقدان‬
‫(‪)55‬‬

‫احل�صانة �ضد التقلبات اخلارجية‪ .‬وهذا �أي�ضاً �أحد معاين التبعية‪.‬‬


‫وبديهي من الو�صف املتقدم للتبعية �أنها �أمر �سيء معطل للتنمية احلقة‪ ،‬ويتعار�ض مع الكرامة‬ ‫ ‬
‫الوطنية وحقوق ال�سيادة‪ .‬ومن ثم ف�إنه يجب �أن تهدف ال�سيا�سات التنموية اجلادة �إىل التخل�ص من التبعية‬
‫ك�شرط �ضروري إلطالق قوى التنمية وا�سرتداد الكرامة الوطنية وتعزيز الثقة بالنف�س‪.‬‬
‫لقد حتملت �شعوب اجلنوب الكثري من آالالم والت�ضحيات يف كفاحها من �أجل التحرر من‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫اال�ستعمار يف �صورته التقليدية‪ ،‬و يف ن�ضالها من �جل االنعتاق من ال�سيطرة الجنبية على مقدراتها االقت�صادية‬
‫( اال�ستعمار االقت�صادي ) وتوجهاتها ال�سيا�سية‪ .‬ومن امل�ؤ�سف �أنه بعد فرتة مل تطل من ا�سرتداد دول‬
‫اجلنوب ا�ستقاللها ال�سيا�سي‪ ،‬ومن �سعيها لبناء �أ�س�س اقت�صاد متحرر من ال�سيطرة أالجنبية و�إقامة عالقات‬
‫خارجية تعزز ا�ستقاللها ال�سيا�سي‪ ،‬وتوثيق عرى التعاون يف ما بني دول اجلنوب ذاتها‪ ،‬وقعت هذه الدول مرة‬
‫�أخرى يف م�صيدة التبعية‪ ،‬وعاد �إليها الكثري من مظاهر اال�ستعمار‪ ،‬مبا يف ذلك الدخول يف مناطق نفوذ الدول‬
‫املركزية يف النظام الر�أ�سمايل العاملي (حتت م�سمى ال�شراكة ومناطق التجارة احلرة) وا�ست�ضافة قواعدها‬
‫الع�سكرية‪ ،‬بل وعودة الغزو واالحتالل الع�سكري �إىل عدد من دول اجلنوب (�أفغان�ستان والعراق)‪ ،‬وهو ما‬
‫كان يعتقد الكثريون �أن زمانه قد و َّىل وانق�ضى‪.‬‬
‫ومل يكن هذا التحول ناجتاً عن �أطماع الدول الر�أ�سمالية الكربى يف �أ�سواق وثروات دول اجلنوب‬ ‫ ‬
‫فح�سب‪ ،‬بل �أنه نتج �أي�ضاً عن �أخطاء فادحة وقعت فيها معظم النخب احلاكمة يف اجلنوب‪� ،‬أبرزها‪ :‬إالفراط‬
‫يف اال�ستدانة من اخلارج‪ ،‬وعدم بذل جهد كاف لتنمية وتعبئة املدخرات الوطنية‪ ،‬وجتاهل اعتبارات الكفاءة‬
‫وتغليب �إعتبارات الثقة والوالء‪ ،‬واخللط بني االعتبارات االقت�صادية واالعتبارات االجتماعية يف �إدارة‬
‫امل�شروعات العامة‪ ،‬واملركزية ال�شديدة يف �إدارة �شئون الدولة وغياب الدميقراطية وم�صادرة املبادرات ال�شعبية‬
‫وفر�ض الو�صاية على املنظمات اجلماهريية‪ ،‬مما خلق تربة خ�صبة ال�ست�شراء الف�ساد وت�آكل �شرعية النظم‬
‫احلاكمة‪ ،‬وتراجع التنمية‪ ،‬وتراكم الديون اخلارجية والعجز عن الوفاء بالتزاماتها‪ .‬وهو ما فتح الباب وا�سعاً‬
‫يف نهاية املطاف �أمام التدخل أالجنبي‪� ،‬أي التدخل من جانب الدول الدائنة‪ ،‬الر�أ�سمالية �أ�سا�ساً‪ ،‬ومن‬
‫جانب املنظمات الدولية التي تهيمن عليها‪ ،‬ال�سيما البنك الدويل و�صندوق النقد الدويل‪ ،‬بدعوى �إنقاذ‬
‫النظام وت�أمني حقوق الدائنني‪ .‬وكان ثمن إالنقاذ من �أزمة الديون اخلارجية حمدداً ووا�ضحاً‪ ،‬وهو القبول‬
‫‪� 26‬إبراهيم العي�سوي‬

‫مب�شروطيات ال�صندوق والبنك الدوليني‪ ،‬و�إتباع �سيا�سات التثبيت االقت�صادي التكيف الهيكلي (توافق‬
‫وا�شنطن) واالندماج يف النظام الر�أ�سمايل العاملي والقبول بتداعيات العوملة‪ ،‬وكل ذلك من موقع ال�ضعف‬
‫والتبعية‪.‬‬
‫وال�س�ؤال آالن هو‪ :‬ملاذا ُيتوقع �أن ي�ؤدي تطبيق هذا النموذج وما ينطوي عليه �أو يرتبط به من ان�صياع‬ ‫ ‬
‫بالحرى زيادة التبعية ؟ �سوف تركز إالجابة عن هذا ال�س�ؤال على ق�ضية إالرادة‬ ‫للعوملة �إىل التبعية‪� ،‬أو أ‬
‫الوطنية يف مقابل إالرادة أالجنبية‪ ،‬وعلى ق�ضية امل�صالح الوطنية يف مقابل م�صالح أالطراف اخلارجية‪ .‬وميكن‬
‫�صياغة إالجابة عن هذا ال�س�ؤال يف �ست نقاط‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬
‫والنتاج وتقدمي‬‫(‪� )1‬إن حترير التجارة وفتح االقت�صاد �أمام ال�شركات الدولية يف جمال اال�ستثمار إ‬
‫اخلدمات‪� ،‬إذا ما جنح يف اجتذاب ا�ستثمارات �أجنبية كبرية قد ي�ؤدي �إىل �سيطرة أالجانب على ق�سم‬
‫م�ؤثر من ال�سوق املحلي‪ ،‬وكذلك اال�ستئثار بق�سط مهم من أال�صول إالنتاجية‪ ،‬أالمر الذي يتيح لهم‬
‫الت�أثري يف توجهات االقت�صاد الوطني‪ ،‬خا�صة مع اجتاه ال�شركات أالجنبية �إىل ت�سيري هذه أالن�شطة‬
‫طبقاً ملا تق�ضى به اعتبارات تعظيم �أرباح هذه ال�شركات على ال�صعيد الدويل‪ .‬وهو ما قد ال يتوافق‬
‫مع امل�صالح االقت�صادية للدول النامية امل�ست�ضيفة لهذه ال�شركات‪.‬‬
‫(‪� )2‬إن حترير اال�ستثمار أالجنبي من القيود التي قد تقت�ضيها اعتبارات تخفي�ض عجز ميزان املدفوعات �أو‬
‫اعتبارات النمو املتوازن �أو التكامل بني القطاعات ومتا�سك الهيكل االقت�صادي‪� ،‬أو من ال�ضوابط التي‬
‫قد متليها اعتبارات �إجتماعية مثل املحافظة على امل�شروعات ال�صغرية واملتو�سطة التي ت�ستوعب �أعداداً‬
‫كبرية من العمال حلني توفري فر�ص عمل بديلة‪� ،‬أو من ال�شروط التي قد تقت�ضيها اعتبارات أالمن‬
‫القومي‪ ،‬كل ذلك قد يت�ضمن افتئاتاً على حقوق ال�سيادة الوطنية يف تقرير منط التنمية املالئم وحتديد‬
‫ال�سمات العامة لهيكل إالنتاج املنا�سب‪ .‬كما ال يخفى �أن وجود ال�شركات أالجنبية وارتباط قطاعات‬
‫من العمالة املاهرة وغري املاهرة بها‪ ،‬وذلك ملا قد متنحه من مرتبات مرتفعة ومزايا �أخرى‪ ،‬وكذلك‬
‫ت�شابك م�صالح قطاعات من الر�أ�سمالية الوطنية والبريوقراطية مع م�صالح هذه ال�شركات‪ ،‬قد ي�ؤدي �إىل‬
‫ازدواجية يف �سوق العمل‪ ،‬و�إىل تكوين �شرائح �إجتماعية ذات م�صالح �إقت�صادية يعتمد ا�ستمرارها على‬
‫ا�ستمرار ن�شاط أالجانب‪ .‬وهو ما قد ي�ؤدي �إىل �إ�ضعاف متا�سك الن�سيج االجتماعي واهتزاز الوالء‪ ،‬وهو‬
‫�أمر ال تخفى خطورته على أالمن القومي‪.‬‬
‫(‪� )3‬إن �سيا�سة اخل�صخ�صة التي تفتح الباب بال قيود �أمام ملكية أالجانب ألل�صول الوطنية‪ ،‬كما يحبذ‬
‫�أن�صار العوملة واملروجون لتوافق وا�شنطن‪ ،‬قد ت�ؤدي يف حالة جناحها يف اجتذاب ال�شركات الدولية‬
‫على نطاق وا�سع �إىل ال�سيطرة أالجنبية على ق�سط م�ؤثر من أال�صول إالنتاجية‪ ،‬قد ميكنها من تكوين‬
‫مراكز احتكارية مهمة تتحكم من خاللها يف ال�سوق الوطنية‪ .‬ولو كان هذا أالمر ال ي�شكل خطراً يذكر‬
‫على ال�سيادة وامل�صلحة الوطنية‪ ،‬ما كانت بع�ض الدول النامية قد حتفظت على تو�صيات الليرباليني‬
‫‪27‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫اجلدد‪ ،‬وذلك بفر�ض قيود على ملكية أالجانب ألل�صول الوطنية‪ .‬فماليزيا مثال حتر�ص على �أن‬
‫ال تتجاوز ملكية أالجانب ‪ %30‬من �أ�سهم ال�شركات املاليزية‪ ،‬كما �أنها ال ت�سمح ل�شركات �أجنبية‬
‫ب�شراء �شركة ماليزية بالكامل ‪ .‬وحتظر بع�ض الدول �إمتالك أالجانب لل�شركات �أو ألن�صبة م�ؤثرة‬
‫(‪)56‬‬

‫من ر�أ�سمالها يف بع�ض القطاعات التي تعتربها ح�سا�سة أللمن القومي �أو حتى أللمن الغذائي‪ .‬ومن‬
‫الدول التي حر�صت على فر�ض قيود مت�شددة على اال�ستثمار أالجنبي املبا�شر واال�ستثمار املايل‬
‫كوريا وتايوان ‪.‬‬
‫(‪)57‬‬

‫بل �إنه من املعروف �أن دو ًال متقدمة مثل بريطانيا و�أملانيا ال تفتح الباب على م�صراعيه �أمام ملكية‬ ‫ ‬
‫أالجانب لل�شركات الوطنية‪� ،‬سواء من خالل برامج اخل�صخ�صة �أم من خالل برامج اال�ستحواذ‪ .‬فحتى‬
‫بالن�سبة لل�شركات التي بيعت �أ�سهمها بالكامل يف �إطار برنامج اخل�صخ�صة الربيطاين‪� ،‬إحتفظت احلكومة‬
‫الربيطانية مبا �أطلق عليه «ال�سهم الذهبي» الذي يعطيها حق الفيتو يف حالة نقل ملكية ال�شركة املباعة ككل‬
‫�سواء �أكان النقل لطرف حملي (للحيلولة دون ن�شوء االحتكارات) �أم لطرف �أجنبي (للحيلولة دون وقوع‬
‫�سيطرة �أجنبية غري مرغوب فيها) ‪.‬‬
‫(‪)58‬‬

‫و يف �صيف عام ‪ 2005‬قامت الدنيا يف الواليات املتحدة ومل تقعد �إال بعد ما �سحبت �شركة‬ ‫ ‬
‫‪ CNOOC‬ال�صينية عر�ضها ل�شراء �شركة ‪ UNOCAL‬أالمريكية‪ ،‬وهي �شركة نفط متو�سطة احلجم‪ ،‬وكان‬
‫العر�ض ال�صيني هو �أعلى العرو�ض‪ .‬وقد ا�ضطرت ال�صني ل�سحب عر�ضها نتيجة لل�ضغوط ال�سيا�سية من‬
‫جانب احلكومة أالمريكية‪ ،‬ولتهدئة املخاوف أالمريكية جتاه دخول ال�صني جمال الطاقة أالمريكي �شديد‬
‫احل�سا�سية من الناحية أالمنية‪ .‬و�آخر أالحداث يف هذا ال�ش�أن هو انتقاد عدد غري قليل من �أع�ضاء الكوجنر�س‬
‫أالمريكي اجلمهوريني والدميقراطيني يف جمل�سي النواب وال�شيوخ لقرار إالدارة أالمريكية باملوافقة على‬
‫�صفقة �شراء �شركة دبي العاملية للموانئ (‪ )DP World‬اململوكة لدولة إالمارات العربية املتحدة لل�شركة‬
‫الربيطانية ‪ P&O‬للنقل البحري‪.‬و�سبب االنتقاد هو تخوف �أع�ضاء الكوجنر�س من �أن هذه ال�صفقة قد تنطوي‬
‫على تهديد حمتمل أللمن القومي للواليات املتحدة‪ ،‬وهذا بالرغم من �أن ال�شركة املباعة بريطانية‪ ،‬و�أن‬
‫عالقتها بالواليات املتحدة تنح�صر يف كونها ت�شغل �ستة موانئ على ال�ساحل ال�شرقي للواليات املتحدة‪،‬‬
‫للمارات العربية املتحدة �أنها‪ ،‬على‬‫وتدير واحدة من �أكرب حمطات الب�ضائع يف ميناء نيويورك ‪ ،‬ومل ي�شفع إ‬
‫(‪)59‬‬

‫حد قول إالدارة أالمريكية‪ ،‬حليف �أ�سا�سي للواليات املتحدة يف احلرب �ضد إالرهاب‪ ،‬بل �إن املعار�ضني‬
‫لل�صفقة �أدعوا �أنها �ستزيد من خطر تعر�ض الواليات املتحدة �إىل الهجمات إالرهابية!!‪ .‬وهو ما ي�ؤكد �أن‬
‫احل�سا�سية �ضد متلك أالجانب ألل�صول الوطنية �أو حتى �إدارتها لي�ست وقفاً على مواطني الدول النامية‪.‬‬
‫ترتتب على التحرير املايل‪ ،‬خا�صة حترير حركات ر�ؤو�س أالموال عرب احلدود‪ ،‬وفتح الباب �أمام تعامالت‬ ‫(‪)4‬‬
‫ومغامرات أالجانب يف البور�صة دون قيود‪ ،‬جنباً �إىل جنب مع فتح االقت�صاد وحترير أال�سواق وحترير‬
‫اال�ستثمار أالجنبي‪ ،‬خماطر متعددة قد تع�صف أ‬
‫بالمن االقت�صادي للدولة النامية‪ ،‬وتهدر يف حلظات‬
‫‪� 28‬إبراهيم العي�سوي‬

‫مقادير �ضخمة من الرثوة الوطنية التي تراكمت عرب �سنوات من اجلهد والت�ضحية‪ .‬وكلما ازداد‬
‫والزمات الوافدة من اخلارج‪ ،‬وذلك‬ ‫انفتاح االقت�صاد وحترره‪ ،‬ازدادت �إحتماالت تعر�ضه لل�صدمات أ‬
‫دون امتالك قدرة كافية على الوقاية منها �أو تخفيف �آثارها ال�سلبية‪ .‬وهذا ما يطلق عليه اله�شا�شة �أو‬
‫االنك�شاف‪ ،‬التي تعترب �أحد تداعيات التبعية‪ ،‬كما �سبق ذكره ‪.‬‬
‫(‪)60‬‬

‫�إن تقلي�ص دور الدولة (احلكومة ال�صغرية) وفقاً لليربالية اجلديدة من جهة‪ ،‬واندماج �إقت�صاد الدولة‬ ‫(‪)5‬‬
‫النامية يف االقت�صاد العاملي نزو ًال على مقت�ضيات العوملة من جهة �أخرى‪ ،‬يرتتب عليهما �إنكما�ش‬
‫ال�سيادة الوطنية‪ ،‬وت�آكل احليز املتاح لل�سيا�سات الوطنية ‪� ،‬أي تقييد اخليارات املتاحة �أمام وا�ضع‬
‫(‪)61‬‬

‫ال�سيا�سات االقت�صادية الوطنية‪ .‬وي�أتي ذلك الت�آكل من تزايد االعتماد على قوى ال�سوق وتقليل‬
‫بالحرى‬ ‫الدور ال�ضابط واملوجه لالقت�صاد من جانب احلكومات‪ .‬كما ي�أتي من جراء تزايد خ�ضوع‪� ،‬أو أ‬
‫�إخ�ضاع‪ ،‬الدول النامية لعدد متزايد من القواعد واملعايري وااللتزامات التي و�ضعتها الدول الغنية‬
‫�أ�ص ًال خلدمة م�صاحلها‪ ،‬والتي ت�سعى لتعميمها على جميع دول العامل من خالل امل�ؤ�س�سات الدولية‬
‫اخلا�ضعة لنفوذها‪ ،‬وذلك بغ�ض النظر عن اختالف م�ستويات تطور هذه الدول والتباين يف هياكلها‬
‫امل�ؤ�س�سية وبناها الثقافية‪ .‬وبالطبع ف�إنه مع انكما�ش احليز املتاح واخليارات املفتوحة �أمام وا�ضعي‬
‫ال�سيا�سات يف الدول النامية التي قبلت‪� ،‬أو �أرغمت على‪ ،‬التكيف مع العوملة‪ ،‬تتقل�ص فر�ص �إعمال‬
‫إالرادة الوطنية‪ ،‬أالمر الذي ميكن �أن يلحق ال�ضرر بامل�صالح الوطنية لهذه الدول‪.‬‬
‫�إن ما ذكر �أعاله ال يقع يف دائرة االحتماالت وحدها‪ ،‬بل �إن هناك من الوقائع واملمار�سات العملية‬ ‫(‪)6‬‬
‫ما ي�شري �إىل �أن العوملة قد �أدت �إىل تفاقم التبعية يف دول متعددة يف اجلنوب‪ .‬ويكفى إال�شارة هنا‪،‬‬
‫على �سبيل املثال‪� ،‬إىل املنطقة العربية وال�شرق �أو�سطية‪ .‬ففي زمن العوملة والهيمنة أالمريكية‪� ،‬أ�صبح‬
‫العدوان على ال�سيادة الوطنية من جانب الواليات املتحدة و�إقحام نف�سها يف ال�شئون الداخلية للدول‬
‫النامية وك�أنه حق من احلقوق الطبيعية لهذه القوة العظمى‪ .‬بل �إن احلد الفا�صل بني ما هو �ش�أن‬
‫خارجي وما هو �ش�أن داخلي قد �أ�صبح باهتاً �إىل حد بعيد‪ .‬وم�ؤخراً‪ ،‬راحت �أمريكا تعيد ر�سم خريطة‬
‫املنطقة العربية وو�ضعت خمططات متكاملة ملا �أطلقت عليه «ال�شرق أالو�سط الكبري»‪ ،‬التي ت�سعى‬
‫لدمج �إ�سرائيل يف املنطقة وتت�ضمن اقرتاحات تف�صيلية إل�صالح نظام التعليم و�إعادة هيكلة النظام‬
‫ال�صحي ون�شر الدميقراطية وتدعيم املجتمع املدين وتعزيز حقوق إالن�سان وحماية أالقليات‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫وهذا بالطبع عالوة على التدخالت التي �أ�صبحت روتينية يف ال�ش�أن االقت�صادي‪ ،‬حيث حتفل تقارير‬
‫ال�سفارة أالمريكية عن االقت�صاد امل�صري مث ًال بالكثري من مقرتحات إال�صالح‪ ،‬التي تعترب إالدارة‬
‫أالمريكية البع�ض منها �شروطاً �ضرورية للر�ضى عن م�صر ولتدفق اال�ستثمارات أالمريكية �إليها‬
‫وللتفاو�ض حول �إقامة منطقة جتارة حرة م�صرية �أمريكية‪ .‬وتتعاون مع اخلارجية أالمريكية يف هذا‬
‫ال�ش�أن بعثات البنك الدويل و�صندوق النقد الدويل التي تتابع عن كثب كل ما يجري يف ال�ساحة‬
‫االقت�صادية‪ ،‬وتقيمه من منظورها‪� ،‬أي من منظور توافق وا�شنطن‪ ،‬وتقدم الن�صائح التف�صيلية لت�صحيح‬
‫ال�سيا�سات االقت�صادية امل�صرية من هذا املنظور‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫ومن املعروف �أن اتفاقات ال�شراكة أالوروبية و�أطر التعاون بني �أمريكا وعدد من دول املنطقة قد‬ ‫ ‬
‫�أ�صبحت مبثابة عودة ل�سيا�سة مناطق النفوذ التي طاملا كافحت الدول النامية من �أجل اخلال�ص منها‪ .‬و�أ�صبح‬
‫من املعتاد �أن تت�ضمن هذه االتفاقات تعهدات ب�إتباع الدول النامية الداخلة فيها لل�سيا�سات الليربالية‬
‫اجلديدة‪ ،‬ف�ض ًال عن التزامات بحماية حقوق إالن�سان‪ .‬وهذا ما لوحظ �أي�ضاً يف االتفاقات التي عقدها االحتاد‬
‫أالوروبي مع الدول أالفريقية ودول الكاريبي والبا�سفيكي‪ ،‬مثل اتفاق كوتونو‪ ،‬وكذلك �إتفاقات ال�شراكة‬
‫املت�صلة به‪ ،‬و يف ال�ضغوط التي متار�س على هذه الدول خل�صخ�صة قطاع االت�صاالت والبنوك و�شركات املرافق‬
‫العامة ‪.‬‬
‫(‪)62‬‬

‫وحتت رايات العوملة‪ ،‬وبدعوى حماربة إالرهاب‪ ،‬ومنع انت�شار أال�سلحة النووية و�أ�سلحة الدمار‬ ‫ ‬
‫ال�شامل التي متتلك منها �أمريكا بالطبع �أكرث مما متلكه �أية دولة �أخرى على ظهر الكرة أالر�ضية‪ ،‬اعتربت �أمريكا‬
‫�أنها �صاحبة احلق يف حتديد ما هو �إرهاب وما هو لي�س كذلك‪ ،‬وحتديد من هو �إرهابي وما هي الدول التي ت�أوي‬
‫إالرهاب ومن ثم ت�ستحق العقاب‪ .‬كما �أباحت �أمريكا لنف�سها‪ ،‬وبالرغم من معار�ضة جمل�س أالمن‪� ،‬شن‬
‫حرب �شر�سة على العراق بدعوى امتالكه أل�سلحة دمار �شامل‪ ،‬وهو ما ثبت �أنه اتهام باطل وال �سند له على‬
‫�أر�ض الواقع‪ ،‬وذلك باعرتاف من كانوا ي�صرون على هذه االتهامات مثل وزير اخلارجية ال�سابق كولن باول‪.‬‬
‫و يف هذا ال�سياق‪ ،‬حتولت دول اخلليج العربية �إىل ما ي�شبه امل�ستعمرات أالمريكية‪ ،‬كما مل ت�ستطع م�صر‪� ،‬أكرب‬
‫الدول العربية‪ ،‬الوقوف يف وجه هذا العدوان‪ ،‬بل �أنها قدمت له الت�سهيالت الع�سكرية والدعم اللوج�ستي‪.‬‬
‫و�إذا ما كان العرب قد �سايروا داعية العوملة وزعيمة العامل الر�أ�سمايل يف هذا كله‪ ،‬وا�ستجابوا ملطالبها يف تطبيع‬
‫العالقات مع �إ�سرائيل دون �إقالع هذه أالخرية عن ممار�ساتها الوح�شية �ضد الفل�سطينيني‪ ،‬ودون �أن تظهر‬
‫يف أالفق بادرة حل من�صف لل�صراع العربي إال�سرائيلي‪ ،‬ف�ض ًال عن توافق �سيا�ساتهم االقت�صادية مع منوذج‬
‫الليربالية اجلديدة الذي تروج له �أمريكا‪ ،‬فهل هناك ا�سم لهذه العالقة بني العرب و�أمريكا �أكرث مالءمة من‬
‫«التبعية»؟!‪.‬‬
‫ف�صل املقال �إذن �أن م�سايرة الدول النامية للعوملة وقبولها للنموذج الر�أ�سمايل الليربايل اجلديد‬ ‫ ‬
‫يفتحان الكثري من الدروب وامل�سالك التي تف�ضي �إىل تعميق عالقات التبعية التي تعطي أالولوية مل�صالح‬
‫أالطراف اخلارجية على ح�ساب امل�صالح الوطنية‪ ،‬والتي تعوق إالرادة الوطنية وتع�صف باال�ستقالل الوطني‪.‬‬
‫وكل هذه النتائج غري م�ستحبة وينبغي العمل على اخلال�ص منها ب�سلوك �سبيل �آخر غري ال�سبيل الذي‬
‫تفر�ضه العوملة وبرامج التكيف الهيكلي‪.‬‬
‫‪� 5.2‬شهادات �إ�ضافية حول برامج التثبيت والتكيف‬

‫من املهم إال�ضافة �إىل ما تقدم نتائج عدد من الدرا�سات والتقارير أالحدث التي تناولت بالتقييم‬ ‫ ‬
‫العملي برامج التثبيت والتكيف بوجه عام‪ ،‬و�سيا�سات حترير التجارة بوجه خا�ص‪.‬‬
‫‪� 30‬إبراهيم العي�سوي‬

‫ثمة تقييم مهم بد�أ وا�ستمر حيناً مب�شاركة البنك الدويل‪ ،‬ولكن البنك تن�صل من التقرير عندما‬ ‫ ‬
‫بدت نتائجه غري مواتية لر�سالته يف ترويج توافق وا�شنطن و يف ن�شر العوملة الليربالية‪ .‬فقد قامت ال�شبكة‬
‫الدولية للمراجعة الت�شاركية لربامج التكيف الهيكلي (يف ما بعد «�سابرين» ‪ ) SAPRIN‬ب�صياغة م�شروع‬
‫(‪(63‬‬

‫لبحث آالثار االقت�صادية واالجتماعية لربامج التحرير وتفكيك القيود وال�ضوابط إالدارية‪ ،‬واخل�صخ�صة‬
‫و�سيا�سات التق�شف التي ت�شكل �أهم مكونات برامج التكيف الهيكلي‪ .‬وقد ا�ستطاعت �سابرين �إقناع‬
‫(‪)64‬‬

‫البنك الدويل بامل�شاركة يف تنفيذ هذا امل�شروع معها‪ .‬وا�ستغرق تنفيذ الربنامج يف ت�سع دول نامية خم�س‬
‫�سنوات (‪ )2002 - 1997‬وذلك بعد �أعمال حت�ضريية ا�ستغرقت نحو �سنتني‪ ،‬وتوفر للم�شروع التمويل الالزم‬
‫من عدة جهات‪� ،‬أهمها حكومات خم�س دول �أوروبية واالحتاد أالوروبي والربنامج إالمنائي أللمم املتحدة‬
‫وعدد من الوقفيات(‪ )65‬واملنظمات غري احلكومية‪ .‬وقد تعاونت يف التنفيذ ثالثة �أطراف هي حكومات الدول‬
‫املبحوثة‪ ،‬والبنك الدويل‪ ،‬وال�شبكات الوطنية للمجتمع املدين التي �ضمت املئات من منظماته‪.‬‬
‫ومن �أهم ما مييز هذا امل�شروع منهجيته التي تقوم على امل�شاركة وا�سعة النطاق أللطراف ذات‬ ‫ ‬
‫العالقة بربامج التكيف الهيكلي‪� .‬إذ يتم الو�صول �إىل التقييم الوطني آلثار برنامج التكيف يف �أي دولة‬
‫من خالل �أربع مراحل‪� .‬أو ًال‪ :‬التعرف على �أو�سع قطاع ممكن من ال�سكان املحليني املت�أثرين بالربنامج‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬عقد ملتقيات عامة تنظمها اللجان التوجيهية ملنظمات املجتمع املدين باال�شرتاك مع ممثلي البنك‬
‫الدويل واحلكومة‪ ،‬وذلك ملناق�شة �إجراءات التكيف وحتليل �آثارها من واقع �شهادات املت�أثرين بها يف املحليات‬
‫املختلفة‪ .‬ثالثاً‪� :‬إجراء بحوث ت�شاركية ب�ش�أن عدد من الق�ضايا املختارة‪ ،‬وذلك بغر�ض تعميق حتليل �آثار‬
‫برنامج التكيف‪ .‬وي�شارك يف هذه البحوث‪� ،‬إىل جانب فرق �سابرين والبنك الدويل‪ ،‬خرباء وم�ست�شارون من‬
‫تخ�ص�صات خمتلفة‪ .‬رابعاً‪ :‬جتميع النتائج وعر�ضها ومناق�شتها يف م�ؤمتر وطني عام‪.‬‬
‫وتتلخ�ص �أهم النتائج التي تو�صل �إليها امل�شروع يف تقريره ‪:‬‬
‫(‪)66‬‬
‫ ‬
‫يالحظ يف ما يتعلق بتحرير التجارة �أنه بالرغم من تنوع الدول املبحوثة من حيث م�ستوى الدخل‬ ‫(‪)1‬‬
‫والتطور االقت�صادي‪� ،‬إال �أنها جميعاً �شهدت منواً �أكرب يف الواردات مقارنة بال�صادرات‪ .‬ولهذا ف�إن هذه‬
‫الدول قد واجهت زيادات يف عجز كل من امليزان التجاري واحل�ساب اجلاري يف ميزان املدفوعات‪،‬‬
‫مما زاد من م�ستوى مديونياتها اخلارجية‪ .‬وقد �أدى حترير الواردات و�إغراق ال�سوق املحلية بالواردات‬
‫الرخي�صة �إىل تعرث الكثري من املن�ش�آت املحلية‪ ،‬و�إىل تدمري الطاقة إالنتاجية الوطنية بخروج الكثري من‬
‫للفال�س‪ ،‬أالمر الذي �أف�ضى‬‫املن�ش�آت ال�صناعية ال�صغرية واملتو�سطة من جمال إالنتاج �أو تعر�ضها إ‬
‫�إىل ارتفاع معدالت البطالة‪ ،‬وبتايل تخفي�ض القدرة ال�شرائية لقطاعات وا�سعة من املجتمع ب�شكل‬
‫يفوق املنافع املفرت�ضة للم�ستهلكني من جراء فتح �أبواب اال�سترياد �أمام املنتجات أالرخ�ص‪ .‬ومن‬
‫جهة �أخرى‪ ،‬مل يتحول النمو املدفوع بال�صادرات �إىل قوة دافعة لالقت�صادات املبحوثة‪ ،‬بينما تركزت‬
‫املكا�سب املرتبطة بنمو ال�صادرات ب�أيدي �شرائح حمدودة من ال�سكان وبعدد قليل من أالن�شطة‪،‬‬
‫‪31‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫أالمر الذي زاد من حدة التفاوتات يف توزيع الدخل القومي‪.‬‬


‫(‪ )2‬ويف ما يتعلق بتحرير القطاع املايل‪ ،‬يو�ضح التقرير �أنه مل ي�ؤد �إىل زيادة الكفاءة االقت�صادية يف القطاع‬
‫امل�صريف‪ ،‬حيث ات�سع الهام�ش بني �سعر فائدة إالقرا�ض و�سعر فائدة االدخار يف الدول املبحوثة‪ .‬كما‬
‫انت�شرت الر�شوة و�صور الف�ساد أالخرى يف �أعقاب التحرير وطالت كل الو�سطاء املاليني �سواء �أكانوا‬
‫ينتمون �إىل القطاع العام �أم القطاع اخلا�ص‪ .‬كما �شجع حترير القطاع املايل امل�ضاربات ق�صرية أالجل‬
‫واال�ستثمار يف أالن�شطة غري إالنتاجية‪ ،‬وكذلك القرو�ض اال�ستهالكية‪ .‬و�أحدث حترير �أ�سعار الفائدة‬
‫وحترير انتقال أالموال عرب احلدود �سيولة �شديدة لر�أ�س املال‪ ،‬مما زاد من تعر�ض االقت�صادات املبحوثة‬
‫لل�صدمات اخلارجية‪ .‬وعموماً‪� ،‬إقرتن التحرير املايل ب�إ�ضعاف دور الدولة يف توجيه و�ضبط حركة‬
‫القطاع املايل من جهة �أوىل‪ ،‬و�إىل تقوية جماعات امل�صالح التي ا�ست�أثرت بق�سط وافر من التمويل‬
‫امل�صريف من جهة ثانية‪ ،‬و�إىل تعزيز منط للنمو يقوم على املمار�سات غري التناف�سية �أي االحتكارية من‬
‫جهة ثالثة‪ .‬وقد �أدى تركز أال�صول املالية بدرجة �أكرب يف �أيدي عدد قليل من �أفراد القطاع اخلا�ص �إىل‬
‫ات�ساع الفوارق يف توزيع الدخل‪.‬‬
‫آ‬
‫(‪ ) 3‬ويف ما يخ�ص �إ�صالحات �سوق العمل والثار على الت�شغيل‪ ،‬فقد �شهدت الدول املبحوثة‪ ،‬على‬
‫اختالف درجات تنفيذها إل�صالحات �سوق العمل‪ ،‬تدهوراً ملحوظاً يف م�ستويات التوظف وزيادة‬
‫حم�سو�سة يف معدالت البطالة‪ .‬ومل ت�سهم �صناعات التجميع التي �أقيمت يف املناطق ال�صناعية احلرة‬
‫كثرياً يف زيادة فر�ص العمل‪ ،‬خا�صة و�أن �صلة هذه املناطق باالقت�صاد املحلي �ضعيفة‪ .‬كما تدهورت‬
‫أالجور احلقيقية‪ ،‬و�أ�صبح توزيع الدخل يت�صف بدرجة �أعلى من التفاوت عما كان احلال عليه قبل‬
‫البدء يف برامج التكيف‪� ،‬إذ انخف�ض ن�صيب أالجور يف ن‪.‬م‪�.‬أ‪ ،‬و�أ�صبحت ن�سبة �أكرب من العمال‬
‫تعمل يف ظروف تفتقر �إىل أالمان الوظيفي‪ .‬كما زادت ن�سبة الت�شغيل الناق�ص ‪ .‬وكانت البطالة‬
‫(‪)67‬‬

‫�أ�شد وط�أة على اجلماعات منخف�ضة الدخل‪ ،‬كما كان ت�أثر هذه اجلماعات بانخفا�ض م�ستوى أالجور‬
‫احلقيقية كبرياً‪ .‬وعانت الن�ساء من �إ�صالحات �سوق العمل بدرجة �أكرب من باقي قوة العمل‪ .‬كما‬
‫زادت ن�سبة عمالة أالطفال وكبار ال�سن‪ ،‬وذلك لتعوي�ض االنخفا�ض الذي طر�أ على م�ستوى دخل‬
‫أال�سرة‪ .‬و�أخرياً‪ ،‬مل يحدث ما توقعه �أن�صار �سيا�سات �إ�صالح �سوق العمل من زيادة على نطاق وا�سع‬
‫يف إالنتاجية والتناف�سية‪.‬‬
‫(‪ ) 4‬وقد �أظهر حتليل �آثار اخل�صخ�صة يف الدول املبحوثة نتائج خمتلطة يف ال�شركات إالنتاجية‪ ،‬حيث زادت‬
‫�أرباح بع�ض ال�شركات املخ�صخ�صة‪ ،‬بينما ا�ستمر البع�ض آالخر يف اخل�سارة �أو رمبا زادت خ�سائره‪.‬‬
‫وعموما ف�إن الزيادة يف إالنتاج التي حققتها بع�ض ال�شركات إالنتاجية مل تكن لها عالقة بتغيري‬
‫�شكل امللكية بقدر ما كانت ناجتة عن �أ�سباب وظروف �أخرى‪ ،‬مثل حترير حركات ر�ؤو�س أالموال‪،‬‬
‫ومثل انتقال امللكية �إىل �شركات متعدية اجلن�سية ذات قدرات كبرية يف احل�صول على التمويل‬
‫الالزم لعملياتها‪� .‬أما يف ما يتعلق بخ�صخ�صة �شركات اخلدمات‪ ،‬وخا�صة خدمات املرافق العامة‬
‫كاملياه والكهرباء والنظافة واالت�صاالت‪ ،‬في�سجل التقرير �أن �أ�سعار هذه اخلدمات قد زادت بعد‬
‫‪� 32‬إبراهيم العي�سوي‬

‫اخل�صخ�صة‪ ،‬وذلك دون حت�سن يذكر يف نوعية اخلدمة �أو يف نطاق تغطية اخلدمة للمناطق واجلماعات‬
‫ال�سكانية املختلفة‪ ،‬أالمر الذي زاد من �صعوبة ح�صول أال�سر الفقرية على خدمات هذه ال�شركات‪.‬‬
‫وازدادت أالمور �سوءاً ب�إلغاء الدعم الذي كان يوجه لهذه املرافق قبل خ�صخ�صتها‪ .‬فهو و�إن كان‬
‫قد قلل من عجز املوازنة العامة للدولة‪� ،‬إال �أنه �أدى �إىل حرمان الفقراء و�سكان املناطق النائية من‬
‫احل�صول على هذه اخلدمات‪ .‬وبالنظر �إىل �أيلولة �أ�صول كثري من ال�شركات العامة �سواء يف قطاع‬
‫إالنتاج �أو يف قطاع املرافق العامة �إىل ال�شركات أالجنبية‪ ،‬فقد زادت ن�سبة ملكية أالجانب‪ ،‬وزاد‬
‫ت�أثريهم يف االقت�صاد الوطني‪ ،‬أالمر الذي ي�شكل تهديداً لل�سيادة االقت�صادية الوطنية‪ ،‬خا�صة مع‬
‫خ�ضوع �سيا�سات هذه ال�شركات العتبارات تعظيم الربح على ال�صعيد العاملي‪ ،‬وهو ما قد ال يتوافق‬
‫مع االحتياجات املحلية‪ .‬كما ي�سجل التقرير �أن �آثار اخل�صخ�صة على توزيع الرثوة والدخل �أ�صبحت‬
‫مقلقة ب�شكل متزايد يف االقت�صادات املبحوثة‪.‬‬
‫(‪ ) 5‬ويف ما يتعلق ب�آثار برامج التكيف الهيكلي على التعليم وال�صحة‪ ،‬فقد �أظهرت درا�سات احلالة يف �سبع‬
‫دول يف �أفريقيا و�أمريكا الالتينية �أن إال�صالحات التي �أدخلت على نظم التعليم وال�صحة قد �أدت‬
‫�إىل انخفا�ض منتظم وملمو�س يف دور الدولة و يف قدرتها على توفري اخلدمات العامة للغالبية العظمى‬
‫من ال�سكان‪ ،‬أالمر الذي جعل احل�صول على هذه اخلدمات يخ�ضع ب�شكل متزايد لقواعد ال�سوق‬
‫و�آلياته‪ .‬و�أ�صبحت الفئات ذات الدخل املنخف�ض مطالبة بتحمل ت�ضحيات و�أعباء كثرية من جراء‬
‫خف�ض الدعم ونق�ص إالنفاق االجتماعي وتطبيق نظم امل�شاركة يف التكاليف وا�سرتداد النفقات يف‬
‫امل�ؤ�س�سات التعليمية وال�صحية‪ .‬كما �أن �أ�ساليب ت�صويب الدعم‪� ،‬أي ا�ستهدف الفقراء‪ ،‬قد ف�شلت يف‬
‫معاجلة الفقر وعملت على ا�ستمرار التفاوتات القائمة يف توزيع الدخل‪ .‬ومن املالحظ �أن االرتفاع يف‬
‫كلفة التعليم �أو العالج مل يقرتن بارتفاع يف م�ستوى اخلدمة‪ .‬وهكذا فقد جتاهلت �سيا�سات التكيف‬
‫الهيكلي �أن إالنفاق على التعليم وال�صحة والدعم املوجه لهما هو يف احلقيقة ا�ستثمار يف العن�صر‬
‫الب�شرى‪ ،‬وتعاملت معه على �أنه �إنفاق ميكن التخفف منه لت�صحيح عجز املوازنة ‪ .‬ومن املفارقات‬
‫(‪)68‬‬

‫التي ي�سجلها التقرير �أنه بينما تقل�ص الدعم املوجه للخدمات العامة التي ي�ستفيد منها الفقراء �أكرث‬
‫من غريهم‪� ،‬إ�ستمرت �أنواع �أخرى من الدعم يف الو�صول �إىل ال�شركات اخلا�صة‪ ،‬مثل دعم القرو�ض‬
‫وتقدمي �ضمانات لالئتمان واحلوافز ال�ضريبية‪ ،‬بل وحزم إالنقاذ املوجهة إلنقاذ ال�شركات والبنوك‬
‫املتعرثة‪ .‬ولذا فقد كان �أثر هذه ال�سيا�سات �سلبياً على توزيع الدخل ب�شكل عام وعلى الفقراء على‬
‫وجه اخل�صو�ص‪.‬‬
‫والواقع �أن النتائج التي �سجلتها درا�سة �سابرين لي�ست فريدة يف بابها ب�أية حال‪ .‬وهناك �شواهد‬ ‫ ‬
‫وقرائن متعددة على �صحتها من دول �أخرى ومن مراقبني ودار�سني �آخرين‪ .‬وميكن إال�شارة �إىل ثالثة من‬
‫�أحدثها هاهنا‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫(‪ )1‬ت�شري الدرا�سة التي قدمها كل من «بولرتوفيت�ش» و «بوبوف» �إىل م�ؤمتر املعهد الدويل لبحوث‬
‫اقت�صاديات التنمية التابع جلامعة أالمم املتحدة حول م�ستقبل اقت�صاديات التنمية �إىل �أن تطبيق‬
‫(‪)69‬‬

‫برامج التكيف الهيكلي قد �أدى �إىل انخفا�ض متو�سط الدخل احلقيقي للفرد يف دول منطقة �أمريكا‬
‫الالتينية والكاريبي بن�سبة ‪� %0.8‬سنوياً يف ثمانينات القرن املا�ضي‪ ،‬بينما مل يزد معدل منوه يف‬
‫ت�سعينات القرن على ‪� %1.5‬سنوياً‪� .‬أما يف منطقة ال�شرق أالو�سط و�شمال �أفريقيا‪ ،‬فقد حدث انخفا�ض‬
‫يف متو�سط دخل الفرد مبعدل ‪� %1‬سنويا ثمانينات القرن‪ ،‬ومل يزد معدل منوه على ‪� %1‬سنويا يف‬
‫الت�سعينات منه‪ .‬وقدر االنخفا�ض يف الناجت املحلي احلقيقي يف ‪ 28‬دولة يف �شرق �أوروبا واالحتاد‬
‫ال�سوفيتي ال�سابق بن�سبة ‪ %30‬خالل ت�سعينات القرن‪� .‬أما يف �أفريقيا جنوب ال�صحراء‪ ،‬فقد كان‬
‫االنخفا�ض يف متو�سط الدخل احلقيقي للفرد ملحوظاً ‪.‬‬
‫(‪)70‬‬

‫(‪ )2‬وت�شري تطبيقات �سيا�سات التكيف الهيكلي يف عدد من دول �أمريكا الالتينية �إىل �أنها �أدت �إىل‬
‫كوارث ففظيعة‪ .‬وميكن إال�شارة �إىل جتربة أالرجنتني‪ .‬فطبقاً لكل من نائب وزير اخلارجية ونائب وزير‬
‫ال�صناعة والتجارة يف أالرجنتني‪ ،‬كانت لهذه ال�سيا�سات �آثار �سلبية للغاية على ال�سكان‪ .‬وبينما كان‬
‫بالرجنتني يف �أوائل ت�سعينات القرن املا�ضي باعتبارها منوذجاً �ساطعاً‬ ‫�صندوق النقد الدويل ي�شيد أ‬
‫لنجاح �سيا�ساته‪ ،‬كانت الوقائع ت�شري �إىل �أنها �شهدت �أكرب كارثة �إجتماعية و�إقت�صادية خالل مائتي‬
‫عام من تاريخها‪ .‬فقبل دخول أالرجنتني �صندوق النقد الدويل يف عام ‪ 1957‬كانت ن�سبة الفقراء ال‬
‫تتجاوز ‪ ،%10‬وكان ‪ %52‬من ال�سكان ينتمون �إىل الطبقة املتو�سطة‪ .‬وبعد كارثة عامي ‪ 1999‬و ‪2000‬‬
‫�إرتفعت ن�سبة الفقراء �إىل ‪ ،%60‬وانخف�ضت ن�سبة من ينتمون �إىل الطبقة املتو�سطة �إىل ‪ . %22‬كما‬
‫تعر�ض االقت�صاد أالرجنتيني لتقلبات �شديدة‪ ،‬وانخف�ضت قيمة البيزو انخفا�ضاً مروعاً‪ ،‬وتزايدت‬
‫املديونية اخلارجية‪ ،‬وخيم الركود االقت�صادي على البالد‪ .‬وهكذا فقد حتولت التجربة التي كانت‬
‫�أثرية لدى �صندوق النقد الدويل يف بداية الت�سعينات من القرن املا�ضي �إىل و�صمة عار يف جبينه يف‬
‫�أواخر ت�سعينات القرن نف�سه وال�سنوات أالوىل من القرن الواحد والع�شرين ‪.‬‬
‫(‪)71‬‬

‫(‪ ) 3‬و يف درا�سة لكاتب هذه الورقة عن ح�صاد جتربة التحول �إىل اقت�صاد ال�سوق املنفتح وتطبيق �سيا�سات‬
‫الليربالية االقت�صادية اجلديدة يف م�صر على امتداد ثالثة عقود (‪ ، )2004 - 1974‬تبني عجز هذه‬
‫(‪)72‬‬

‫ال�سيا�سات عن �إخراج م�صر من التخلف وعدم قدرتها على بناء قاعدة لالنطالق على طريق التنمية‬
‫ال�شاملة واملطردة‪ .‬ومن �أهم ما تو�صلت �إليه هذه الدرا�سة من نتائج ما يلي‪:‬‬
‫ �أ‪ .‬هبط املعدل ال�سنوي لنمو ن‪.‬م‪�.‬أ‪� .‬إىل الن�صف بني الفرتة ‪ 1980 - 1975‬والفرتة ‪( 2001 - 1990‬من‬
‫‪� %9.4‬إىل ‪ .)%4.5‬ثم توا�صل الهبوط يف هذا املعدل حتى �أ�صبح ‪ %3.6‬يف الفرتة ‪،2004 - 2001‬‬
‫و�إن كانت التقديرات غري الر�سمية تهبط به �إىل حوايل ‪.%2‬‬
‫ب‪ .‬حدث تراجع ملحوظ يف عملية الت�صنيع‪ ،‬لدرجة �أن بع�ض الدار�سني لالقت�صاد امل�صري قد و�صف‬
‫ما تعر�ض له القطاع ال�صناعي ب�أنه تفكيك �أو �إهدار للت�صنيع ‪ .‬ومل يزد ن�صيب ال�صناعة التحويلية‬
‫(‪)73‬‬
‫‪� 34‬إبراهيم العي�سوي‬

‫يف ‪ 2004/03‬على ‪ ،%19‬وهو تقريباً امل�ستوى الذي كانت قد حققته م�صر منذ ‪ 36‬عاماً‪� ،‬أي يف‬
‫‪.1968/67‬‬
‫للح�صاءات الر�سمية‪ ،‬ت�ضاعف معدل البطالة بني ‪ 1975‬و‪(1982/81‬من ‪� %2.5‬إىل ‪،)%5.1‬‬ ‫ج‪.‬طبقاً إ‬
‫ثم ت�ضاعف مرة �أخرى بني ‪ 1982/81‬و‪( 2004/03‬من ‪� %5.1‬إىل ‪ .)%10‬وت�صل التقديرات غري‬
‫الر�سمية ملعدل البطالة احلايل �إىل ما يرتاوح بني ‪ %15‬و ‪ .%25‬و�إىل جانب تزايد معدل البطالة‪،‬‬
‫فقد تفاقمت �أو�ضاع �سوق العمل بازدياد حالة الت�شغيل الناق�ص‪ ،‬وانخفا�ض �إنتاجية امل�شتغل‪،‬‬
‫وتوا�ضع م�ستوى أالجور‪ ،‬بل واجتاه معدالت أالجور احلقيقية �إىل االنخفا�ض ( بن�سبة ‪ %20‬ملوظفي‬
‫احلكومة يف الفرتة ‪ ،2003/02 - 1982/81‬وبن�سبة ‪ %28‬ملجموع العاملني خالل الفرتة ‪1982/81‬‬
‫‪.)2000/99 -‬‬
‫د‪� .‬إرتفعت ن�سبة الفقراء من نحو ‪ %39‬يف عام ‪� 1974‬إىل نحو ‪ %43‬يف ‪ ،1982/81‬ومن املرجح �أنها مل‬
‫تتغري على نحو ملمو�س بني ‪ 1982/81‬و ‪ ،2000/99‬ورمبا تكون هذه الن�سبة قد قاربت ‪ %50‬يف الوقت‬
‫احلايل‪ ،‬خا�صة مع تباط�ؤ النمو وا�شتداد وط�أة الركود يف ال�سنوات ‪ .2004/03 - 1998/97‬وبالرغم‬
‫من انخفا�ض معامل الرتكز يف توزيع الدخل (معامل جيني) من ‪ 0.39‬يف ‪� 1975/74‬إىل ‪ 0.30‬يف‬
‫‪� ،1982/81‬إال �أنه زاد �إىل ‪ 0.34‬يف ‪ 1996/95‬ثم �إىل ‪ 0.38‬يف ‪ ،2000/99‬وهو ما يزيد عن املعامل‬
‫املالحظ يف بالد معروفة بارتفاع ن�سبة الفقر والتفاوتات يف التوزيع مثل الهند وبنغالدي�ش ( ‪0.32‬‬
‫يف ‪ .)2000/99‬وتظهر إالح�صاءات تراجع ن�صيب أالجور يف ن‪.‬م‪�.‬أ من ‪ %40.3‬يف ‪� 1975/74‬إىل‬
‫‪ %26.2‬يف ‪ .1996/95‬وبالرغم من زيادة هذا الن�صيب يف ‪� 2000/99‬إىل ‪� ،%28.2‬إال �أنه مل يزد على‬
‫�سبعة �أع�شار نظريه يف ‪.1975/74‬‬
‫هـ‪ .‬مع تراجع النمو وميل الواردات للتزايد مبعدالت �أعلى من ال�صادرات‪ ،‬فقد تدهور �سعر �صرف‬
‫اجلنيه امل�صري من ‪ 2.56‬دوالر يف عام ‪� 1974‬إىل ‪� 16‬سنتاً يف نوفمرب من عام ‪.2004‬‬
‫و‪ .‬بالرغم من زيادة إالنفاق على التعليم وال�صحة أ‬
‫بال�سعار اجلارية‪� ،‬إال �أن التو�سع الكمي يف هذه‬
‫اخلدمات قد عجز عن الوفاء باحتياجات ال�سكان‪ ،‬كما �أنه مل يكن م�صحوباً بتح�سن يف نوعية‬
‫اخلدمات‪ ،‬بل �أنه ا�صطحب بتدهورها‪ .‬كما �أ�صبحت قطاعات وا�سعة من ال�سكان “خارج نطاق‬
‫اخلدمة”‪ ،‬مع ارتفاع كلفة احل�صول على اخلدمات التعليمية وال�صحية‪� ،‬سواء يف القطاع العام �أم يف‬
‫القطاع اخلا�ص‪.‬‬
‫ز‪� .‬إنت�شر الف�ساد على نطاق غري م�سبوق ي�ستوي يف ذلك الف�ساد ال�صغري‪ ،‬وهو ما ميكن �أن يطلق عليه‬
‫ف�ساد الفقراء الذي غالبا ما ي�ضطرون �إليه ا�ضطراراً ك�آلية ق�سرية إلعادة توزيع جانب �ضئيل من‬
‫الدخل القومي ل�صاحلهم‪ ،‬والف�ساد الكبري‪ ،‬وهو ما ميكن �أن يطلق عليه ف�ساد أالغنياء‪ ،‬ال�سيما كبار‬
‫املوظفني يف احلكومة والقطاع العام واجلهاز امل�صريف‪.‬‬
‫ح‪ .‬مع �ضعف وترية النمو بوجه عام‪ ،‬ومع تراجع جهود الت�صنيع بوجه خا�ص‪ ،‬ومع ا�ستمرار العجز‬
‫عن بناء قاعدة وطنية للعلم والتقنية‪ ،‬فقد كان من الطبيعي �أن تتكر�س تبعية االقت�صاد امل�صري‪ ،‬و�أن‬
‫‪35‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫جتر التبعية االقت�صادية والتقنية م�صر �إىل حالة تبعية �سيا�سية للواليات املتحدة أالمريكية‪ ،‬مل تعد‬
‫م�ؤ�شراتها تخفى على �أحد ‪.‬‬
‫(‪)74‬‬

‫‪ 6.2‬ال�شهادات املجروحة للبنك الدويل‬

‫رمبا يتهم البع�ض العر�ض ال�سابق أللداء التنموي لنموذج الليربالية االقت�صادية اجلديدة ‪ /‬توافق وا�شنطن‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫بالتحيز‪ ،‬وذلك العتماده على �شهادات املعار�ضني لهذا النموذج �و املتحفظني على بع�ض عنا�صره وحدهم‪ .‬ولذا‬
‫فقد يكون من املنا�سب يف ختام هذا العر�ض تناول موقف البنك الدويل يف هذا ال�ش�أن‪ ،‬وذلك باعتبار �أن البنك‬
‫الدويل من �أ�شد املدافعني عن هذا النموذج ومن �أقوى م�صادر ال�ضغط على الدول النامية لتطبيقه‪.‬‬
‫لقد وجهت انتقادات كثرية �إىل دفاع البنك الدويل عن �سيا�سة حترير التجارة ودعوته الندماج‬ ‫ ‬
‫الدول النامية يف االقت�صاد الر�أ�سمايل العاملي‪ ،‬وبخا�صة منذ ن�شر تقرير التنمية يف العامل ‪ 1987‬الذي انتهى‬
‫من ا�ستعرا�ضه لتجارب احلكومات يف دعم الت�صنيع‪� ،‬إىل �أن الدول النامية التي اتبعت �سيا�سات لدمج‬
‫القطاع ال�صناعي يف االقت�صاد العاملي من خالل التجارة اخلارجية‪ ،‬قد حققت نتائج �أف�ضل من غريها التي‬
‫عزلت نف�سها عن املناف�سة الدولية ‪ .‬فقد انتقدت درا�سة البنك مل�ساواتها بني حترير التجارة والتوجه اخلارجي‬
‫(‪)75‬‬

‫للنمو‪ ،‬ولعدم متييز البنك بني حيادية نظام التجارة مبعنى احلماية ال�صفرية لل�سلع القابلة لال�سترياد‪ ،‬والت�صدير‬
‫وبني نظام التجارة املحرر‪ ،‬حيث ُع َّرف حترير التجارة‪ ،‬ب�أنه �إجراء يجعل النظام التجاري �أكرث حيادية‪� ،‬أي‬
‫�أقرب �إىل نظام جتارى خال من التدخالت احلكومية‪ .‬وقد اعرتف البنك الحقاً‪ ،‬ب�أن النظام التجاري‬
‫املحايد‪ ،‬ميكن �أن يتحقق عند معدالت حماية موجبة‪ ،‬ولكن مت�ساوية لكل من ال�صادرات والواردات‪ ،‬وهو‬
‫ما يعني‪ ،‬االعرتاف ب�أن التوجه اخلارجي للنمو‪ ،‬ال يعني بال�ضرورة وجود نظام جتارى متحرر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد‬
‫ظل البنك ُم�صراً على �أن التعريفات اجلمركية املنخف�ضة ن�سبياً واملوحدة �أف�ضل‪ ،‬أل�سباب تتعلق بالكفاءة‬
‫واالقت�صاد ال�سيا�سي‪ ،‬وذلك بالرغم من موافقته على �أنه ال يوجد �إثبات لكون التعريفات اجلمركية املوحدة‬
‫على الواردات تقود �إىل و�ضع �أمثل يف معظم احلاالت‪ .‬كما انتقدت تلك الدرا�سة من زاوية طريقة معاجلتها‬
‫للح�صاءات‪ ،‬ولتجاهلها التمييز بني الدول ح�سب م�ستوى تطورها‪.‬‬ ‫إ‬
‫لقد ظل البنك متم�سكا بفكرة حترير التجارة وخف�ض توحيد التعريفة اجلمركية على الواردات‪.‬‬ ‫ ‬
‫و�أرجع ف�شل بع�ض الدول التي اتبعت �سيا�سة جتارية تقوم على توحيد التعريفات �إىل «�سوء التطبيق»‪ .‬وقد‬
‫ا�ستمر البنك يف مت�سكه بهذا الر�أي حتى يف درا�سته عن «املعجزة آال�سيوية» التي ن�شرت يف عام ‪،1993‬‬
‫وذلك بالرغم من اعرتافه بعدد من أالمور الهامة‪ ،‬مثل �أن ال�سيا�سة التجارية وحدها ال تكفي إلحراز منو‬
‫�سريع‪ ،‬و�أن للعوامل امل�ؤ�س�سية دور مهم يف جناح �أو ف�شل هذه ال�سيا�سة‪ ،‬و�أن التدخالت احلكومية مطلوبة‬
‫لزيادة اال�ستثمار يف املوارد الب�شرية واملادية‪ ،‬و�أنه لكي تكون ال�سيا�سات االقت�صادية فعالة‪ ،‬ف�إنها يجب �أن‬
‫تكون م�صممة بالتوافق مع الظروف اخلا�صة بكل دولة‪.‬‬
‫‪� 36‬إبراهيم العي�سوي‬

‫لكن تو�صيات تلك الدرا�سة جاءت متناق�ضة مع بع�ض هذه اال�ستنتاجات‪ .‬فقد تبنت الدرا�سة‬ ‫ ‬
‫�سيا�سات جتارية و�صناعية موحدة لكل الدول وذلك بغ�ض النظر عن م�ستوى تطورها‪ .‬و�أ�صرت على‬
‫(الدارة االقت�صادية الكلية ال�سليمة‪ ،‬حفز االدخار‬ ‫ق�صر التدخالت احلكومية على التدخالت الوظيفية إ‬
‫واال�ستثمار‪ ،‬جتنب الت�شوهات)‪ ،‬وعلى �أال تت�صف تلك التدخالت باالنتقائية‪ .‬وحثت الدرا�سة الدول النامية‬
‫على االقتداء بدول �شرق �آ�سيا يف أالخذ مبعدالت منخف�ضة للتعريفات اجلمركية مبا يجعل أال�سعار الن�سبية‬
‫لل�سلع القابلة لالجتار �أقرب �إىل أال�سعار العاملية‪ .‬وقد تبني �أن معدالت التعريفة املنخف�ضة التي �أ�شارت �إليها‬
‫الدرا�سة هي تلك التي لوحظت يف الثمانينات والت�سعينات من القرن املا�ضي‪� ،‬أي قرب مرحلة الن�ضج‬
‫بالن�سبة لدول �شرق �آ�سيا‪ ،‬ولي�س يف �ستينات و�سبعينات القرن‪ ،‬حيث كانت هذه الدول ال تزال تخو�ض‬
‫معارك الت�صنيع‪ .‬ففي ت�سعينات القرن كانت معظم ال�صناعات يف هذه الدول قد اقرتبت من حالة الن�ضج‪،‬‬
‫ولذا كان من املتعني �أن ي�صبح نظامها التجاري �أكرث حترراً‪ ،‬بينما كان النظام يت�سم قبل ذلك باحلمائية‬
‫واالنتقائية‪ .‬و يف حني �سجل التقرير �أن حماية ال�سوق املحلي قد تواجدت جنباً �إىل جنب مع ت�شجيع‬
‫ال�صادرات من خالل الدعم يف معظم دول �شرق �آ�سيا‪� ،‬إال �أن البنك مل ين�صح الدول النامية ب�إتباع تلك‬
‫ال�سيا�سة‪ ،‬وذلك بدعوى �أنه ي�صعب �إدارتها و�أنها مل تعد متوافقة مع البيئة التجارية الدولية اجلديدة‪.‬‬
‫وعموما فقد ا�ستمر البنك بالتم�سك ب�ضرورة �أن يكون التحرير �سريعاً‪ ،‬وعمومياً‪� ،‬أي لكل الدول‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫بغ�ض النظر عن مراحل تطورها‪ ،‬و�شام ًال وموحداً يف كل القطاعات‪ ،‬وذلك‪ )1( :‬بالرغم من تراكم الدلة على‬
‫�أن هذه الو�صفة مل تكن هي التي �ساعدت دول �شرق �آ�سيا على �إحراز النجاح‪ )2( .‬وبالرغم من ال�شواهد‬
‫على �أن التحرير ال�سريع للواردات ي�ؤدي �إىل تخفي�ض ربحية املن�ش�آت املحلية التي تتناف�س مع الواردات وقد‬
‫ي�ؤدي �إىل �إفال�سها و�إىل تراجع الت�صنيع‪ )3( .‬وبالرغم مما �سبقت إال�شارة �إليه‪ ،‬نق ًال عن تقرير الدول أالقل منواً‬
‫عام ‪ ،2004‬من �أن معظم هذه الدول قد فتحت نظامها التجاري �إىل حد ال يختلف كثرياً عن النظم التجارية‬
‫للدول مرتفعة الدخل أالع�ضاء يف منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية (‪ ،)OECD‬ومع ذلك فقد كانت‬
‫معدالت �أدائها بائ�سة‪ )4( .‬وبالرغم مما ميليه املنطق االقت�صادي من �أن درجة �إ�ستفادة ال�صناعات املختلفة من‬
‫حترير التجارة تعتمد على درجة الن�ضج التي بلغتها كل �صناعة داخل الدولة الواحدة‪ ،‬و�أن ال�صناعات التي‬
‫ال زالت يف مرحلة الن�شوء واالرتقاء‪ ،‬قد تكون واعدة ولكن يلزمها بع�ض احلماية لبع�ض الوقت‪ ،‬حتى ت�صبح‬
‫م�ؤهلة ملواجهة املناف�سة اخلارجية‪ ،‬و�أن التحرير املت�سرع قد يلحق ال�ضرر بها‪ ،‬ومن ثم فهناك حاجة حقيقية �إىل‬
‫التدرج واالنتقائية يف حترير التجارة ‪.‬‬
‫(‪)76‬‬

‫ولهذه االعتبارات فقد و�صفت �شهادات البنك الدويل ب�ش�أن �سيا�سات توافق وا�شنطن ب�أنها‬ ‫ ‬
‫�شهادات جمروحة‪ .‬فهي جمروحة باالنحياز العقائدي امل�سبق القت�صاد ال�سوق احلر (�أ�صولية ال�سوق)‬
‫وللنظام الر�أ�سمايل وللعوملة الليربالية‪ .‬وقد ظهر هذا االنحياز عندما رف�ض البنك النتائج التي تو�صل �إليها‬
‫�أحد �أق�سامه ب�ش�أن التدخل على نطاق وا�سع يف عمل أال�سواق يف كوريا اجلنوبية من �أجل دفع عملية‬
‫الت�صنيع‪ ،‬كما �شهدت على ذلك «�ألي�س �أم�سدين»‪ ،‬ح�سب ما �أ�شري �إليه يف الق�سم (‪ .)2-2‬كما ت�أكد تع�صب‬
‫‪37‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫البنك أل�صولية ال�سوق يف ال�صدام الذي وقع بني �إدارة البنك «وجوزيف ا�ستجلتز» ب�ش�أن �أ�سلوب عالج‬
‫أالزمة آال�سيوية‪ ،‬الذي ترتب عليه ف�صل «ا�ستجلتز» من وظيفته يف البنك‪ .‬كما ي�ؤكد املوقف امل�سبق من‬
‫جانب البنك ل�صالح توافق وا�شنطن �إن�سحابه من م�شروع �سابرين عندما ر�أى �أن نتائجه ال تتما�شى مع‬
‫انحيازه امل�سبق‪ ،‬وذلك ح�سب ما �أ�شري �إليه يف الق�سم (‪ .)5-2‬وهذه اال�ست�شهادات حمكومة بالطبع مبا منا �إىل‬
‫علم امل�ؤلف‪ ،‬و يف الغالب �أن هناك ما يخفى عليه يف هذا ال�ش�أن‪ .‬ورمبا ما خفي كان �أعظم‪ ،‬كما يقال‪.‬‬
‫لكن الظاهر �أن املوقف املبدئي للبنك ب�ش�أن أالثر احلميد لتحرير التجارة على الكفاءة والنمو‬ ‫ ‬
‫ؤ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫والفقر قد يتعر�ض للتغيري حتت ت�ثري عدد من الدرا�سات التي �جراها م�خراً‪ .‬فقد ظهر يف عدد من الدرا�سات‬
‫التي ن�شرها البنك خالل الفرتة ‪� ،2006 - 2004‬أن حتقق أالثر احلميد لتحرير التجارة يقت�ضى اقرتان حترير‬
‫التجارة ب�إ�صالحات و�سيا�سات تكميلية يف عدد من املجاالت غري التجارية‪ ،‬و�أن الن�صح بتحرير التجارة يجب‬
‫�أن يعتمد على ما �إذا كانت هناك ت�شوهات يف امل�ؤ�س�سات غري املت�صلة بالتجارة وعلى درجة هذه الت�شوهات‪،‬‬
‫وكذلك على إالمكانية املتاحة إلزالة هذه الت�شوهات‪ .‬فهذا ما انتهت �إليه درا�سة ت�شاجن و كالتاين و ل�ؤيزا‬
‫(‪ ،)2005‬والتي تتوافق مع درا�سة بوالكي (‪ )2004‬و فرويند‪ ،‬وكذلك مع درا�سة بريي و �أوالريجا (‪. )2006‬‬
‫(‪)75‬‬

‫لقد �أظهرت درا�سة بوالكي وفرويند �أن ثمة دالئل قوية على �أن االنفتاح التجاري له �أثر �إيجابي‬ ‫ ‬
‫على النمو االقت�صادي فقط يف تلك الدول التي ال تفر�ض قيوداً مت�شددة على �أ�سواق العمل (بحيث‬
‫تتوافر املرونة الالزمة النتقال العمالة من قطاع �إىل �آخر) وعلى حرية دخول املن�ش�آت �إىل ال�صناعات املختلفة‬
‫وكذلك حرية خروجها منها‪� .‬أما حيث ما تفر�ض مثل هذه القيود املت�شددة‪ ،‬ف�إن االنفتاح التجاري قد ال‬
‫يحفز النمو‪ ،‬بل �أنه قد يعوقه‪� ،‬إما ألن التجارة تتو�سع يف اجتاهات غري �صائبة نظراً لالختالالت ال�سعرية‪ ،‬و�إما‬
‫ألن حترير التجارة يدمر ال�صناعة الوطنية ‪ .‬والن�صيحة التي تقدم بنا ًء على ذلك هي �ضرورة التو�سع يف‬
‫(‪)78‬‬

‫االنفتاح بتحرير �سوق العمل و�إزالة القيود على دخول وخروج املن�ش�آت‪.‬‬
‫وتو�صلت درا�سة ت�شاجن و كالتاين و ل�ؤيزا �إىل �أن أالثر إالمنائي لالنفتاح (مبعنى حترير التجارة مقا�ساً‬ ‫ ‬
‫بن�سبة التجارة �إىل ن‪.‬م‪�.‬أ) �إيجابي ويعتد به �إقت�صاديا يف املتو�سط‪ ،‬ولكن هذا أالثر يزداد قوة يف حالة اقرتان‬
‫االنفتاح بعدد من إال�صالحات التكميلية التي ت�شمل‪ .1 :‬حت�سني التعليم‪ .2 .‬تعميق القطاع املايل (مبا يرفع‬
‫ن�سبة القرو�ض للقطاع اخلا�ص �إىل ن‪.‬م‪�.‬أ)‪ .3 .‬اال�ستقرار االقت�صادي (خف�ض الت�ضخم)‪ .4 .‬حت�سني البنية‬
‫أال�سا�سية‪ .5 .‬حت�سني احلكم‪ .6 .‬مرونة �سوق العمل‪ .7 .‬ت�سهيل حركة الدخول واخلروج للمن�ش�آت‪ .‬وعلى‬
‫ذلك‪ ،‬ف�إن الو�ضع الناجت يف �أعقاب حترير التجارة �سوف يختلف باختالف الدول‪ ،‬ومدار أالمر يف ذلك هو‬
‫جمموعة العوامل امل�شار �إليها حا ًال والتي ترتبط بهيكل االقت�صاد وحالة امل�ؤ�س�سات ‪ .‬وتنتهى هذه الدرا�سة‬
‫(‪)79‬‬

‫�إىل التو�صية برف�ض منهج» �سيا�سة واحدة لكل الدول» ‪ ،‬وذلك يف ما يتعلق بتحرير التجارة‪ ،‬و�إىل �أن ثمة‬
‫(‪)80‬‬

‫حاجة �إىل ت�صميم حزم خمتلفة من ال�سيا�سات تتنا�سب مع ظروف كل دولة‪.‬‬


‫‪� 38‬إبراهيم العي�سوي‬

‫و يف درا�سة «بريي و �أوالريجا» حول �أثر حترير التجارة على التفاوت يف توزيع الدخول وعلى‬ ‫ ‬
‫الفقر يف �أمريكا الالتينية والكاريبي يف �أواخر ثمانينات و�أوائل ت�سعينات القرن املا�ضي‪ ،‬فقد لوحظ �أن‬
‫حترير التجارة قد اقرتن بازدياد الفوارق يف توزيع أالجور وكذلك يف توزيع الدخول‪ .‬و�أظهرت القيا�سات‬
‫االيكونومرتية �أن �أثر حترير التجارة على الفقر (بداللة زيادة متو�سط الدخل يف �أفقر خُ م�س من ال�سكان) قد‬
‫�سبع معادالت مقدرة‪ .‬و�أكدت تو�صيات الدرا�سة على‬ ‫خم�س من ِ‬‫كان �إيجابياً ولكن غري معنوي �إح�صائياً يف ٍ‬
‫�أهمية ال�سيا�سات املكملة لتحرر التجارة‪� ،‬شاملة التعليم‪ ،‬و�إمكانية احل�صول على االئتمان‪ ،‬والت�أمني‪ ،‬ومرونة‬
‫دخول وخروج املن�ش�آت‪ ،‬ومرونة �أ�سواق العمل‪ ،‬و�إمكانية احل�صول على خدمات البنية أال�سا�سية واملعونات‬
‫الفنية بوا�سطة فقراء املزارعني‪ .‬لكن بع�ض هذه املتغريات مل يظهر �أ�ص ًال يف القيا�سات االيكونومرتيه (مثل‬
‫�إمكانية احل�صول على االئتمان والت�أمني وخدمات البنية أال�سا�سية واملعونات لفقراء املزارعني)‪ .‬كما �أن بع�ض‬
‫املتغريات املذكورة مل يثبت لها ت�أثري معنوي �إح�صائياً يف املعادلة ال�شاملة التي �ضمت كل املتغريات (مثل‬
‫والثر التفاعلي بني حترير التجارة واملرونة يف خروج‬ ‫أالثر التفاعلي بني حترير التجارة واملرونة يف �سوق العمل‪ ،‬أ‬
‫والثر التفاعلي بني حترير التجارة والتعليم)‪ .‬ومل يظهر يف تلك املعادلة �أثر معنوي على‬ ‫املن�ش�آت من ال�سوق‪ ،‬أ‬
‫والثر التفاعلي بني حترير التجارة واملرونة يف‬ ‫الفقر �إال ألربعة متغريات هي م�ستوى دخل الفرد والتعليم أ‬
‫دخول املن�ش�آت �إىل ال�سوق‪ ،‬أ‬
‫والثر التفاعلي بني حترير التجارة واحلكم‪.‬‬
‫يالحظ �أن أالثر املبا�شر لتحرير التجارة على الفقر مل يكن معنويا يف املعادلة ال�شاملة‪ ،‬كما �أنه‪ ،‬كما‬ ‫ ‬
‫�سبع معادالت �أظهرت الدرا�سة نتائجها ‪ .‬وبالرغم من اعتقاد م�ؤلفي‬
‫(‪)81‬‬
‫خم�س من ِ‬ ‫�سبق ذكره‪ ،‬مل يكن معنويا ٍ‬
‫تلك الدرا�سة ب�أن حترير التجارة ي�ؤدي �إىل تخفي�ض الفقر‪� ،‬سواء �أكانت الالم�ساواة يف أالجور �أو الدخول تتجه‬
‫�إىل التزايد �أم �إىل التناق�ص‪� ،‬إ�ستناداً �إىل �أن حترير التجارة يخف�ض من كلفة �سلة ا�ستهالك الفقراء ويزيد من‬
‫فر�ص ت�شغيلهم ‪ ،‬ف�إن الدرا�سة مل تذكر أالثر ال�سلبي املحتمل للواردات أالرخ�ص‪ ،‬الغذائية وغري الغذائية‪،‬‬
‫(‪)82‬‬

‫على م�ستوى دخول �صغار املنتجني الزراعيني وغري الزراعيني‪ ،‬وعلى حالة الت�شغيل يف من�ش�آتهم‪ .‬وعموما‬
‫ف�إن النتيجة التي تخل�ص �إليها الدرا�سة هي �أن �أثر حترير التجارة يف تخفي�ض الفقر والالم�ساواة يكون حميداً‬
‫عندما تنفد �سيا�سات يف جماالت �أخرى غري التجارة تزيد من فر�ص الفقراء يف احل�صول على مهارات �أعلى‬
‫و�أ�صول �إنتاجية �أخرى‪ ،‬وذلك يف الوقت الذي يجري فيه حترير التجارة‪.‬‬
‫و�أياً ما كان الت�أثري املحتمل لهذه النتائج على موقف البنك الدويل من ق�ضية حترير التجارة‪ ،‬ف�إن‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫امل�لف يرى �ن لهذه النتائج دالالت مهمة تعزز الت�صور الذي قدمه يف ما �سبق ب�ش�ن العالقة بني حترير التجارة‬ ‫ؤ‬
‫والنمو وحتقيق �أهداف تخفي�ض الفقر وغريها من �أهداف أاللفية‪ .‬فاملعنى امل�ستفاد من الدرا�سات التي مت‬
‫ا�ستعرا�ضها �أن حترير التجارة وحده ال يكفي حلفز النمو وخف�ض الفقر والالم�ساواة‪ ،‬و�أن ثمة �إ�صالحات‬
‫مطلوبة يف عدد كبري من املجاالت‪ .‬وبتجميع إال�صالحات التكميلية ت�ستخل�ص القائمة التالية‪:‬‬
‫‪39‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫(‪� )1‬إ�صالح القطاع املايل (لتوفري التمويل للقطاع اخلا�ص وللفقراء)‪ ،‬مع برامج خا�صة لتي�سري ح�صول‬
‫�صغار املنتجني والفقراء على االئتمان بتكلفة ميكن لهم حتملها‪.‬‬
‫(‪ )2‬حت�سني ر�أ�س املال الب�شرى (تعليم ـ تدريب ـ تطوير املهارات‪ ،‬وتوفري اخلدمات ال�صحية)‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬توفري بنية �أ�سا�سية �أف�ضل (طرق‪ ،‬ات�صاالت‪ ..‬الخ)‪.‬‬
‫(‪ )4‬توفر �أ�سواق تعمل بكفاءة يف جمال الت�أمني‪ ،‬مع ت�سهيل فر�ص احل�صول على اخلدمات الت�أمينية‬
‫(لتقليل املخاطر املتعلقة بتقلبات الدخل)‪.‬‬
‫(‪ )5‬حترير أال�سواق‪ ،‬ال�سيما �إزالة القيود على انتقال العمالة وعلى ف�صل العمال من وظائفهم‪ ،‬وتوفري‬
‫م�ؤ�س�سات تخف�ض من تكلفة البحث عن عمل والبحث عن العمالة املنا�سبة‪ ،‬و�إزالة القيود على‬
‫دخول املن�ش�آت �إىل ال�صناعات وخروجها منها‪.‬‬
‫(‪ )6‬توفري املعونات الفنية للمزارعني ولغريهم من �صغار املنتجني‪.‬‬
‫(‪ ) 7‬احلكم الر�شيد‪.‬‬
‫وي�ضاف لهذه القائمة النتيجة التي تو�صلت �إليها درا�سة كالدرون و ل�ؤيزا و �شميت ‪ -‬هابل‪ ،‬وهي‬ ‫ ‬
‫�أن �أثر االنفتاح التجاري على النمو يقرب من ال�صفر يف الدول التي ينخف�ض فيها متو�سط دخل الفرد‪ ،‬بينما‬
‫يتجه هذا أالثر �إىل التزايد مع تزايد الدخل‪ ،‬وي�صل هذا أالثر �إىل �أق�صى م�ستوى عند م�ستويات الدخل‬
‫العليا‪ .‬بعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إن �أثر حترير التجارة على النمو يتوقف على م�ستوى التطور الكلي للدولة (مقا�ساً‬
‫مبتو�سط دخل الفرد) ‪.‬‬
‫(‪)83‬‬

‫ �إن هذه القائمة من إال�صالحات التكميلية وهذه النتيجة التي تربط فائدة حترير التجارة مب�ستوى‬
‫التطور الكلي للدولة ت�ؤكد ما حاول امل�ؤلف اال�ستدالل على �صحته يف أالجزاء ال�سابقة من هذه الورقة‪،‬‬
‫وخال�صته �أن اال�ستفادة من حترير التجارة هي نتيجة للنمو والتنمية‪ ،‬ولي�ست �شرطاً م�سبقاً لهما‪ .‬فهذه القائمة‬
‫من إال�صالحات والعالقة املذكورة بني �أثر حترير التجارة وم�ستوى دخل الفرد تعني يف الواقع �أنه يلزم حتقيق‬
‫م�ستوى مرتفع ن�سبياً من التقدم االقت�صادي وال�سيا�سي حتى يكون لتحرير التجارة يف دولة من الدول‬
‫�أثر حم�سو�س على النمو االقت�صادي والفقر والالم�ساواة‪ .‬بعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إن حترير التجارة قبل حتقيق هذا‬
‫امل�ستوى من التقدم يعترب �سابقاً ألوانه‪ ،‬وقد ي�ضر بالنمو ويزيد الفقر والالم�ساواة‪.‬‬
‫‪ .3‬النموذج البديل‪ :‬التنمية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة على الذات‬
‫ �إن النموذج التنموي املقرتح كبديل لنموذج الليربالية االقت�صادية اجلديدة‪ ،‬هو منوذج التنمية‬
‫الوطنية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة على الذات‪ .‬وهذا النموذج يقوم على عدد من الركائز التي يراها امل�ؤلف يف‬
‫حكم امل�سلمات‪ ،‬وذلك بالنظر �إىل ما تراكم من �أدلة على �صدقها من واقع اخلربات العملية للنجاح والف�شل‬
‫يف �إحراز التنمية‪ .‬ولكن يجدر التوقف للحظة قبل بيان هذه الركائز‪ ،‬عند ق�ضيتني �أ�سا�سيتني يف بناء النموذج‬
‫البديل‪ ،‬وهما ق�ضية ا�ستقاللية التنمية واالعتماد على الذات‪ ،‬وق�ضية التعامل مع العوملة‪.‬‬
‫‪� 40‬إبراهيم العي�سوي‬

‫اال�ستقالل واالعتماد على الذات‬

‫ �إن ا�ستقاللية التنمية ال تعني العزلة �أو القطيعة الكاملة مع العامل اخلارجي ‪ .‬كما �أنها ال تعني االنكفاء‬
‫(‪)84‬‬

‫على الذات �أو االكتفاء الذاتي(‪ .)85‬فال هذا وال ذاك من أالمور املمكنة يف العامل املعا�صر‪ ،‬ف�ض ًال عن �أن كليهما‬
‫يجايف املنطق االقت�صادي ال�سليم‪ .‬و�إمنا جوهر ا�ستقاللية التنمية‪ ،‬ح�سب تعبري دقيق للدكتور �إ�سماعيل‬
‫للرادة الوطنية امل�ستندة �إىل ت�أييد �شعبي حقيقي يف‬ ‫�صربي عبد اهلل‪ ،‬هو توفري �أكرب قدر من حرية الفعل إ‬
‫مواجهة عوامل ال�ضغط التي تفرزها �آليات الر�أ�سمالية‪ ،‬و يف مواجهة القيود التي تفر�ضها امل�ؤ�س�سات الراعية‬
‫واحلار�سة للنظام الر�أ�سمايل العاملي‪ ،‬ومن ثم توافر القدرة على التعامل مع أالو�ضاع اخلارجية مبا ي�صون‬
‫والرادة الوطنية هو افتئات‬ ‫امل�صالح الوطنية ‪ .‬فال تنمية يف غيبة ال�سيادة الوطنية‪ ،‬وكل جور على ال�سيادة إ‬
‫(‪)86‬‬

‫على التنمية وانتقا�ص من «احلق يف التنمية»‪ .‬وغني عن البيان‪ ،‬ولكن يلزم تبيان‪ ،‬ألنه كثرياً ما ُين�سى‪� ،‬نأ‬
‫اال�ستقالل �أمر ن�سبي‪ ،‬ولي�س مطلقاً ب�أية حال‪ ،‬و�أن املراد به هو ت�أمني م�ستوى معقول لل�سيطرة االجتماعية‬
‫على �شروط جتدد إالنتاج وت�سخري العالقات اخلارجية خلدمة م�صالح التطور الداخلي‪ ،‬ال خلدمة م�صالح‬
‫دول املركز الر�أ�سمايل‪ ،‬مع ا�ستهداف �إ�شباع احلاجات أال�سا�سية لل�سكان‪ ،‬وبناء هيكل اقت�صادي متطور ذو‬
‫ت�شابكات قوية بني قطاعاته املختلفة‪ .‬وجوهر اال�ستقالل بهذا املعنى هو االعتماد على الذات ب�صفة �أ�سا�سية‬
‫يف م�سعى التنمية‪.‬‬
‫فلما كان اال�ستقالل نقي�ض التبعية واالعتماد على اخلارج‪ ،‬ف�إن ا�ستقاللية التنمية تعني �ضمن‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫ما تعني‪� ،‬إعتماد التنمية على القوى الذاتية للمجتمع يف املقام الول‪ .‬و يف مقدمة هذه القوى القدرات‬
‫الب�شرية واملدخرات الوطنية‪ .‬واملراد باالعتماد على القوى الذاتية للمجتمع يف املقام أالول‪ ،‬هو �أن يكون‬
‫االعتماد الرئي�سي يف التنمية على هذه القوى الذاتية‪ ،‬وذلك دون ا�ستبعاد اللجوء �إىل اخلارج للح�صول على‬
‫معونات �أو قرو�ض �أو ا�ستثمارات �أو تقنيات‪ ،‬وذلك ب�شروط مواتية ودومنا قيود جتور على حرية إالرادة الوطنية‪،‬‬
‫وباعتبارها عوامل ثانوية تكمل اجلهد الوطني وتعززه‪ ،‬ولكنها ال حتل حمله وال تغني عنه‪.‬‬
‫وينبغي تذكر �أن االعتماد على الذات ال يعني جمرد تناق�ص االعتماد على اخلارج‪ .‬فهذا هو‬ ‫ ‬
‫املعنى ال�سلبي لالعتماد على الذات‪ ،‬حيث قد يكون االعتماد على الذات يف هذه احلالة مرادفاً للركود‬
‫االقت�صادي �أو �صنوا مل�ستوى متوا�ضع من النمو والتنمية‪� .‬أما املعنى إاليجابي لالعتماد على الذات‪ ،‬فهو‬
‫تعظيم اال�ستفادة من القدرات الوطنية‪ ،‬وذلك بح�شد وتعبئة املوارد والعمل على تنميتها‪ ،‬والق�ضاء على‬
‫الهدر والتبذير والتبديد يف ا�ستخدامات املوارد املتاحة‪ ،‬و�إعادة ترتيب �أولويات توظيفها‪ ،‬وذلك بالرتكيز‬
‫على ما يعزز النمو االقت�صادي‪ ،‬وعلى ما يرفع من درجة �إ�شباع احلاجات أال�سا�سية‪ ،‬ويقوي القاعدة العلمية‬
‫والتقنية الوطنية‪ .‬فبذلك ترت�سخ �أ�س�س اال�ستقالل الوطني من جهة‪ ،‬ويكون االعتماد على الذات م�صحوباً‬
‫بالتنمية ال�شاملة واملطردة من جهة �أخرى‪ .‬فالق�ضية التي تواجه الدول النامية ال تنح�صر يف بناء اقت�صاد غري‬
‫تابع‪ ،‬و�إمنا هي ق�ضية مزدوجة ‪ :‬بناء اقت�صاد غري تابع‪ ،‬وقادر على �إجناز التنمية يف الوقت ذاته‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫التعامل مع العوملة‬
‫يف تقدير امل�ؤلف‪� ،‬أن العوملة لي�ست كتاباً مقد�ساً‪� ،‬إما �أن ي�ؤخذ كله و�إما �أن يرتك كله‪ .‬ذلك �أن‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫تباين م�ستويات التطور االقت�صادي واالجتماعي للدول ي�ستوجب �ن يكون لديها جمال لالنتقاء واالختيار‬
‫من مكونات العوملة‪ ،‬فت�أخذ كل منها ما يتالءم مع ظروفها وم�ستوى تطورها‪ .‬ولي�س هناك حقاً ما يحول دون‬
‫تفكيك حزمة العوملة‪ ،‬و�إف�ساح املجال �أمام الدول النامية الختيار ما ينا�سب �أو�ضاعها‪� ،‬سوى �إ�صرار الدول‬
‫ال�صناعية املتقدمة وم�ؤ�س�سات حماية النظام الر�أ�سمايل العاملي على ذلك (باعتبار �أن الدول املتقدمة هي‬
‫امل�ستفيد أالكرب من �شيوع العوملة وانت�شارها بحكم م�ستوى تطورها أالعلى)‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن هذه الدول ال‬
‫ترتدد يف العمل وفق معايري مزدوجة عندما يكون ذلك يف �صاحلها‪ .‬فهي ال تلتزم دوماً مبا تطلب من آالخرين‬
‫االلتزام به‪ ،‬وهي تبيح لنف�سها ا�ستبعاد بع�ض مكونات العوملة‪ ،‬مث ًال بو�ضع العراقيل �أمام انتقال الب�شر من‬
‫الدول النامية �إليها‪ ،‬وب�إقامة احلواجز �أمام دخول �صادرات الدول النامية من املنتجات الزراعية واملن�سوجات‬
‫واملالب�س �إىل �أ�سواقها‪� ،‬سواء با�ستمرار الدعم الزراعي ملنتجيها عند م�ستويات بالغة االرتفاع‪� ،‬أو بالت�شدد يف‬
‫فر�ض القيود غري التعريفية على خمتلف �صادرات الدول النامية �إليها ‪.‬‬
‫(‪)87‬‬

‫ومعنى ذلك �أن الدول الغنية قد تعاملت مع العوملة على �أنها حزمة قابلة للتفكيك‪ ،‬وفككتها فع ًال‪،‬‬ ‫ ‬
‫وانتقت منها ما يوافق م�صاحلها‪ ،‬ولكنها ال ترغب يف �إتاحة مثل هذه الفر�صة للدول النامية‪ .‬بل �إنها متار�س‬
‫�ضغوطاً �شتى عليها كي تلتزم بالتحرير املتعجل وال�شامل لتجارتها‪ ،‬وكي تلغي الدعم عن �صناعاتها النا�شئة‪،‬‬
‫وكي تزيل القيود على دخول اال�ستثمارات أالجنبية �إليها‪ ،‬وكي تلتزم بجميع اتفاقات منظمة التجارة‬
‫العاملية‪ ،‬وكي تدخل يف مناطق حرة �أو �شراكات مع دول متقدمة‪.‬‬
‫وينبغي �أال يغيب عن أالذهان �أن العوملة لي�ست من الظواهر غري القابلة لالرتداد‪ .‬فالتاريخ ي�شري‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫�إىل �ن العوملة على القل يف جانبها االقت�صادي قد �شهدت حالة من املد منذ �واخر القرن التا�سع ع�شر حتى‬ ‫أ‬
‫ن�شوب احلرب العاملية أالوىل‪ ،‬ثم �شهدت حالة من اجلزر بعد ذلك‪ .‬و�إذا كانت العوملة يف حالة �صعود يف‬
‫العقدين أالخريين‪ ،‬ف�إنه لي�س هناك ما يحول دون تعر�ضها لالنتكا�س م�ستقب ًال‪ ،‬وذلك بفعل ما تفرزه العوملة‬
‫من تناق�ضات وما ت�ؤدي �إليه من �صراعات �سواء على امل�ستوى القومي �أو على امل�ستوى الدويل ‪ .‬ومن ثم‬
‫(‪)88‬‬

‫ف�إنه ال ينبغي النظر �إىل العوملة على �أنها قدر ال فكاك منه‪ ،‬بل ينبغي التعامل معها مبرونة‪ ،‬وذلك مت�شياً مع‬
‫ن�سبية القوانني والنظم االقت�صادية يف الزمان واملكان‪.‬‬
‫ولعل الر�سالة التي ميكن ا�ستخال�صها من جتارب الدول النامية التي جنحت يف ك�سر طوق‬ ‫ ‬
‫التخلف واحل�صول على مقعد مريح يف قطار التقدم هي‪ :‬يتوجب �أو ًال على هذه الدول ال�سعي لتنمية نف�سها‬
‫بنف�سها اعتماداً على قدراتها الذاتية‪ ،‬وباال�ستفادة امل�شروطة من بع�ض مظاهر العوملة (التقدم يف املعلوماتية‬
‫واالت�صاالت‪ ،‬اال�ستثمار أالجنبي‪� ،‬أ�سواق املال الدولية‪ ..‬الخ)‪ ،‬وذلك باللجوء يف املقام أالول �إىل �أ�ساليب‬
‫‪� 42‬إبراهيم العي�سوي‬

‫مغايرة للتوجهات الرئي�سية للعوملة وتوافق وا�شنطن ‪ .‬وبعد ذلك �سي�صبح يف مقدور هذه الدول اال�ستفادة‬
‫(‪)89‬‬

‫ب�شكل �أكرب من العوملة‪ ،‬ألنها �ستكون �صاحبة م�صلحة يف فتح �أ�سواق العامل �أمامها‪ ،‬ولن تخ�شى حينئذ من‬
‫فتح �أ�سواقها �أمام العامل‪ ،‬وذلك بف�ضل ما حققته من تقدم وبف�ضل حيازتها لقدرات تناف�سية �أكرب‪ .‬ذلك �أن‬
‫اال�ستفادة أالكرب من العوملة‪ ،‬قدميا وحديثاً‪ ،‬كانت من ن�صيب املتقدمني‪.‬‬
‫بعبارة �أخرى‪ ،‬يلزم التمييز بني و�سائل الت�أهل للعوملة واال�ستعداد لالندماج يف االقت�صاد العاملي‬ ‫ ‬
‫من جهة‪ ،‬وو�سائل ممار�سة االنخراط الفعلي يف العوملة وخو�ض غمار املناف�سة الدولية من جهة �أخرى‪ .‬فالت�أهل‬
‫للعوملة غالبا ما يتم بو�سائل خمتلفة عن تلك التي ت�ستعمل يف ممار�سة العوملة‪ .‬والفارق ي�أتي من �ضرورة قطع‬
‫�شوط طويل على طريق التنمية وبناء املزايا التناف�سية حتى ت�صبح الدولة م�ؤهلة ملمار�سة العوملة واال�ستفادة‬
‫منها‪ ،‬ومن �أنه ال توجد �سيا�سة اقت�صادية ت�صلح لكل الدول يف كل أالزمنة‪� ،‬أو حتى لدولة بعينها يف مراحل‬
‫خمتلفة من تطورها‪ .‬فلي�س كل ما ينا�سب من هو يف مرحلة احل�صاد منا�سب بال�ضرورة ملن ال يزال يف مرحلة‬
‫الزرع �أو تلم�س �سبل النماء‪.‬‬
‫ركائز التنمية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة على الذات‬
‫ �إذا ما تقرر هذا الذي مت �إي�ضاحه حا ًال ب�ش�أن معنى ا�ستقاللية التنمية واالعتماد على الذات وب�ش�أن‬
‫التعامل مع العوملة‪ ،‬وب�ش�أن الت�صور الذي مت �إي�ضاحه يف ما �سبق لدور الدولة‪ ،‬ف�إن النموذج التنموي البديل‬
‫يقوم على خم�س ركائز بيانها كالتايل‪:‬‬
‫�إحداث زيادة كبرية يف معدل االدخار املحلي �شرط ال غنى عنه ال�ستقاللية التنمية واطرادها مهما‬ ‫(‪)1‬‬
‫ترتب على ذلك من ت�ضحيات وم�شاق‪.‬‬
‫فالتنمية التي قدر لها اال�ستمرار والتوا�صل هي تلك التي قامت على املدخرات الوطنية وتراكم‬ ‫ ‬
‫ر�أ�س املال الوطني ‪ .‬وهذا ركن �أ�سا�سي من �أركان االعتماد على الذات �أو ا�ستقاللية التنمية‪ .‬وال جمال‬
‫(‪)90‬‬

‫هنا لتكرار منط اال�ستهالك الغربي امل�سرف واملبدد للموارد‪ .‬ومن اخلط�أ ت�صور �أن التنمية ميكن �أن تتحقق‬
‫مع إالفراط يف اال�ستهالك �أو اال�سترياد‪� ،‬إعتماداً على �أن املعونات أالجنبية واال�ستثمار أالجنبي ميكن �أن‬
‫يحال حمل إالدخار املحلي يف �إجناز التنمية‪ .‬وقد �سبق التو�ضيح يف الق�سم (‪� )3.2‬أن ن�سبة م�ساهمة اال�ستثمار‬
‫أالجنبي يف التكوين الر�أ�سمايل الثابت على م�ستوى العامل بعامة وعلى م�ستوى الدول النامية بخا�صة هي‬
‫ن�سبة �صغرية‪ .‬وحتى يف احلاالت القليلة التي ارتفعت فيها هذه الن�سبة ل�سنوات قليلة‪ ،‬كما يف حالة ماليزيا‬
‫يف عام ‪ ،1992‬ف�إن الن�سبة مل تتجاوز الربع‪ ،‬ومل يكن ارتفاع هذه الن�سبة على ح�ساب تراجع معدل االدخار‬
‫املحلي ب�أية حال‪ .‬فمعدل االدخار املحلي يف ماليزيا كان يف حدود ‪ %35 - %30‬يف �أواخر �سبعينات و�أوائل‬
‫ثمانينات القرن املا�ضي‪ .‬وبالرغم من ارتفاع ن�سبة اال�ستثمار أالجنبي �إىل التكوين الر�أ�سمايل يف �أوائل‬
‫ت�سعينات القرن املا�ضي‪ ،‬ف�إن معدل االدخار املحلي قد زاد يف هذه الفرتة من ‪� %34‬إىل ‪ ،%40‬و�أخذ يف‬
‫‪43‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫الزيادة بعد عام ‪ 1993‬حتى بلغ ما ن�سبته ‪ %49‬يف عام ‪ .1998‬وبالرغم مما �أحرزته ماليزيا من تقدم �إقت�صادي‪،‬‬
‫فلم يزل معدل �إدخارها املحلي ‪ %42‬يف ال�سنوات الثالث أالوىل من القرن الواحد والع�شرين‪.‬‬
‫وارتفاع معدل االدخار املحلي ملحوظ يف الدول آال�سيوية أالخرى التي ي�شار �إليها كنماذج‬ ‫ ‬
‫للنجاح االقت�صادي‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬
‫معدالت االدخار املحلي يف �شرق �آ�سيا‬
‫(‪)91‬‬

‫‪2003‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫‪1970‬‬ ‫الدولة ‪ /‬ال�سنة‬


‫‪32‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪15‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫‪47‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪18‬‬ ‫�سنغافورة‬
‫‪32‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪28‬‬ ‫هوجن كوجن‬
‫‪47‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪29‬‬ ‫ال�صني‬

‫ومل يكن لال�ستثمار أالجنبي املبا�شر دور يذكر يف كوريا اجلنوبية‪ ،‬حيث مل تزد ن�سبته �إىل التكوين‬ ‫ ‬
‫الر�أ�سمايل الثابت على ‪ %1‬يف عام ‪ %0.03 ،1976‬يف عام ‪ 1980‬و ‪ %0.8‬يف عام ‪ 1990‬و ‪ %1.8‬يف عام‬
‫‪ .2003‬وبرغم �أن الن�سب املناظرة �أعلى يف ال�صني‪ ،‬خا�صة منذ عام ‪ 1993‬حيث بلغت نحو ‪� ،%15‬إال هذه‬
‫الن�سبة �أخذت يف التناق�ص بعد ذلك حتى بلغت ‪ %12‬يف عام ‪ 1998‬و ‪ %9‬يف عام ‪. 2003‬‬
‫(‪)92‬‬

‫كما كانت ن�سبة املعونات أالجنبية �إىل التكوين الر�أ�سمايل الثابت �ضئيلة يف كوريا اجلنوبية (عدا‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫يف �ستينات القرن املا�ضي‪ ،‬حيث و�صلت الن�سبة �إىل ‪ %73‬يف عام ‪ 1961‬ثم �خذت يف التناق�ص حتى بلغت‬
‫‪ %23‬يف عام ‪ 1967‬و ‪ %15‬يف عام ‪ )1969‬وماليزيا و�سنغافورة وهوجن كوجن وال�صني‪ ،‬وذلك على النحو‬
‫التايل ‪ :‬‬
‫ن�سب املعونات أالجنبية �إىل التكوين الر�أ�سمايل الثابت يف �شرق �آ�سيا‬
‫(‪)93‬‬

‫‪2003‬‬ ‫‪1990‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫‪1970‬‬ ‫الدولة ‪ /‬ال�سنة‬


‫‪0.26 -‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪12.2‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫‪0.49‬‬ ‫‪3.29‬‬ ‫‪1.98‬‬ ‫‪3.07‬‬ ‫ماليزيا‬
‫‪0.06‬‬ ‫‪0.02 -‬‬ ‫‪0.26‬‬ ‫‪3.93‬‬ ‫�سنغافورة‬
‫‪0.01‬‬ ‫‪0.18‬‬ ‫‪0.11‬‬ ‫‪0.18‬‬ ‫هوجن كوجن‬
‫‪0.21‬‬ ‫‪1%‬‬ ‫‪0.1%‬‬ ‫غ‪.‬م‬ ‫ال�صني‬

‫(‪ )2‬للدولة والتخطيط دور حاكم يف جناح التنمية امل�ستقلة‬


‫ �إن خربات التنمية على امتداد التاريخ ت�شري �إىل �أن الدولة كان لها دور حموري يف حتريك قوى‬
‫التنمية‪ ،‬بل و يف �صنع التنمية ذاتها و يف ت�أمني اطرادها‪ .‬كما ت�شري هذه اخلربات‪ ،‬التي مت عر�ض جانب‬
‫‪� 44‬إبراهيم العي�سوي‬

‫منها يف الق�سم ‪� ،2.2‬إىل �أن ال�سوق يف حد ذاته ال ي�صنع تنمية‪ ،‬و�أنه حتى يف احلاالت التي �سمح‬
‫فيها لقوى ال�سوق بالعمل جنباً �إىل جنب مع التخطيط والتدخالت احلكومية‪ ،‬ف�إن التنمية كانت تتم‪،‬‬
‫لي�س ب�آليات ال�سوق احلرة‪ ،‬و�إمنا بتوجيه الدولة لل�سوق وحتكمها يف م�ساراتها‪ ،‬و يف �ضوء خمططات حمددة‬
‫للدخول يف �صناعات بعينها ولتنمية املزايا الن�سبية يف �صناعات بذاتها‪ ،‬وذلك با�ستعمال حزم ال ي�ستهان‬
‫بها من ال�سيا�سات اال�ستثمارية والتجارية وال�صناعية‪ ،‬ال�سيما احلماية اجلمركية والدعم لل�صناعات النا�شئة‬
‫ولل�صادرات‪ ،‬وكذلك ال�سيا�سات الرامية �إىل بناء قدرات علمية وتقنية وطنية‪.‬‬
‫ولكن دور الدولة ال يكون تنموياً بحق �إذا ما اقت�صر فقط على التوجيه والتحفيز وعلى تهيئة املناخ‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫اال�ستثماري وحت�سني البنية ال�سا�سية‪ .‬بل يلزم �أن ي�ضاف �إىل هذه املهام �أربع مهام ال غنى عنها‪:‬‬
‫�أ‪� .‬ضبط اال�ستهالك واال�سترياد بغية رفع معدل االدخار املحلي رفعاً حم�سو�ساً‪ ،‬وذلك يف �ضوء ما‬
‫ات�ضح لنا من دور حيوي لالدخار املحلي يف متويل الرتاكم الر�أ�سمايل وت�أمني اطراد التنمية‪ .‬ويرتبط‬
‫بهذا أالمر حتويل الفائ�ض االقت�صادي املحتمل �إىل فائ�ض اقت�صادي فعلي ‪.‬‬
‫(‪)94‬‬

‫ب‪.‬ال�سيطرة على الفائ�ض االقت�صادي ومركزته‪ ،‬وهو ما ال يعني بال�ضرورة �أن يكون مملوكا بالكامل‬
‫للدولة‪ ،‬و�إن كان قدر من امللكية العامة �ضروري لتحقيق �أهداف التنمية امل�ستقلة‪ .‬ولكن املق�صود‬
‫بال�سيطرة واملركزة هو عدم ت�شتيت وبعرثة الفائ�ض االقت�صادي وعدم انفراد أالطراف �أو املواقع التي‬
‫ن�ش�أ فيها بقرارات ا�ستخدامه ح�سب تف�ضيالتهم اخلا�صة‪ ،‬ومن ثم جتميع هذه الفوائ�ض �أو الن�سبة‬
‫الكربى منها يف وعاء واحد تكون للدولة �سلطة الت�أثري يف ا�ستخداماته مبا يتفق ومتطلبات بناء التنمية‬
‫امل�ستقلة ‪.‬‬
‫(‪)95‬‬

‫جـ‪ .‬اال�شرتاك املبا�شر للدولة يف جمال إالنتاج واال�ستثمار إالنتاجي‪ ،‬حيث تق�صر ال�سوق والر�أ�سماليات‬
‫املحلية واال�ستثمار أالجنبي عن تنفيذ برنامج متكامل للت�صنيع والتنمية ال�شاملة‪ .‬وات�صا ًال بهذه‬
‫املهمة‪ ،‬ميكن القول ب�أن للقطاع العام موقع رئي�سي يف النموذج البديل‪ ،‬و�أن الت�صدي مل�شكالت‬
‫والداري واملايل الت�سويقي لهذا‬‫القطاع العام ال يكون باخل�صخ�صة‪ ،‬و�إمنا بتوفري �سبل العالج الفني إ‬
‫القطاع‪ ،‬ومبحاربة الف�ساد فيه و يف املجتمع ككل‪ .‬وقد �سبقت إال�شارة �إىل مقرتحات متعددة يف �ش�أن‬
‫تر�شيد �أداء ال�شركات والهيئات العامة‪ ،‬وذلك يف الق�سم ‪.2.2‬‬
‫د‪.‬النهو�ض بالقدرات العلمية والتقنية الوطنية‪ ،‬وت�أمني تكامل الن�شاطات العلمية والتقنية الوطنية مع‬
‫متطلبات الربنامج املتكامل للت�صنيع والتنمية ال�شاملة‪ .‬فهذه من املهام التي ال يقدر على �إجنازها‬
‫القطاع اخلا�ص املحلي ال�ضعيف‪ ،‬وال اال�ستثمار أالجنبي وال�شركات متعدية اجلن�سية التي ت�سيطر‬
‫على تق�سيم العمل الدويل وتف�ضل االحتفاظ ب�أن�شطة البحث والتطوير يف مقراتها الرئي�سية يف الدول‬
‫املتقدمة‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫وي�شري تقرير حديث لليونيدو �إىل �أنه على خالف ما كان يعتقده الكثريون من االقت�صاديني‪ ،‬ف�إن‬ ‫ ‬
‫التوليد املحلي للمعرفة قد �أ�صبح �شرطاً م�سبقاً للحاق باملتقدمني‪ ،‬و�أنه يجب النظر �إىل ال�سحب من ر�صيد‬
‫املعرفة العاملية وبناء النظم املحلية للمعرفة على �أنهما عن�صران متالزمان‪ .‬ولذلك ف�إن على الدول التي تريد‬
‫تقوية مركزها التناف�سي واللحاق بالدول ال�صناعية‪ ،‬اال�ستثمار بكثافة يف توليد املعرفة‪ .‬وي�ستدرك التقرير ب�أنه‬
‫�إذا كانت هذه �أولوية للتنمية‪ ،‬ف�إنها لي�ست كافية للنجاح‪� ،‬إذ يجب �أن ي�ؤازر بناء القدرات املعرفية املحلية بيئة‬
‫مواتية من خالل توفري نظام ماىل فعال ونظام حكم ر�شيد‪ ،‬بحيث ت�ؤدي هذه البيئة �ضمن ما ت�ؤدي �إىل خلق‬
‫طلب حملي على القدرات التقنية التي يجري بنا�ؤها ‪.‬‬
‫(‪)96‬‬

‫ولكن �أداء هذه املهام جميعاً ال ي�ستقيم ما مل حتتويها وتن�سق بينها خطة للتنمية ال�شاملة‪ .‬والقول‬ ‫ ‬
‫بذلك ال يعني ا�ستبعاد �آليات ال�سوق كلياً‪ ،‬و�إمنا يعني النظر �إىل التخطيط ك�أداة �أ�سا�سية ورئي�سية لتوجيه‬
‫حركة االقت�صاد واملجتمع‪ ،‬و�أن ينظر �إىل ال�سوق ك�أداة م�ساعدة تعمل يف احلدود التي تر�سمها اخلطة القومية‬
‫ال�شاملة‪ .‬فهذا هو التعامل الواقعي مع ال�سوق يف الدول النامية‪� ،‬أي التعامل الذي ينطلق من إالقرار‬
‫بال�شكال املختلفة لق�صور �أو ف�شل ال�سوق‪ .‬ومن هنا‪ ،‬ف�إنه يلزم‬ ‫بالقدرات املحدودة لل�سوق‪ ،‬واالعرتاف أ‬
‫�أن يحظى �إ�شباع احلاجات أال�سا�سية لل�سكان ب�أولوية متقدمة ‪ .‬فهذا �أمر �ضروري حتى يكون لالعتماد‬
‫(‪)97‬‬

‫على الب�شر معنى يعتد به‪ .‬وهو �أمر �ضروري ألن ال�سوق ال يعرتف باحلاجات أال�سا�سية للغالبية الغفرية من‬
‫ال�شعب‪ ،‬و�إمنا يعرتف فقط بحاجات من ميلكون القدرة ال�شرائية يف املجتمع‪.‬‬
‫والت�أكيد على دور الدولة والتخطيط يف �إحداث التنمية ال�شاملة املطردة‪ ،‬ال يعني مقاطعة القطاع‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫اخلا�ص املنتج �و معاداته‪ .‬فاجلهد التنموي املطلوب �ضخم ومتنوع‪ ،‬ولي�س يف و�سع قوة �إجتماعية واحدة يف‬
‫املجتمع النهو�ض مبتطلبات التنمية ال�شاملة واملطردة‪ .‬بل ثمة حاجة �إىل كل جهد �إنتاجي ميكن �أن يقوم به‬
‫القطاع اخلا�ص وكذلك قطاع املنظمات أالهلية‪ .‬ومثلما يعهد �إىل التخطيط بعجلة القيادة‪ ،‬دومنا ا�ستبعاد‬
‫لقوى ال�سوق‪ ،‬ف�إن النموذج البديل يعهد �إىل الدولة والقطاع العام بعجلة القيادة‪ ،‬دومنا ا�ستبعاد للقطاع اخلا�ص‬
‫الوطني‪ ،‬املنتج ال الطفيلي‪ ،‬والذي تتكامل ن�شاطاته مع اخلطة القومية‪ ،‬ال مع ال�شركات الدولية‪� .‬إن التفريط‬
‫يف الطاقات إالنتاجية للقطاع اخلا�ص ال يتفق ومنطق تعظيم اال�ستفادة من القدرات الوطنية الذي مت إالقرار‬
‫يف ما �سبق‪� ،‬أنه جوهر االعتماد على الذات‪ .‬ولكن القطاع اخلا�ص يحتاج �إىل من ي�أخذ بيده ويقود حتركاته‬
‫وين�سق بني ن�شاطاته ون�شاطات احلكومة والقطاع العام‪ .‬ولي�س هناك من يتوىل هذه املهمة �سوى الدولة من‬
‫خالل خطة قومية للتنمية ال�شاملة‪.‬‬
‫(‪ )3‬امل�شاركة الدميقراطية والتوزيع العادل للرثوة والدخل �شرط لنجاح التنمية باالعتماد على الذات واطرادها‪.‬‬
‫يعترب منوذج التنمية امل�ستقلة ‪ /‬االعتماد على الذات �أن امل�شاركة ال�شعبية يف اتخاذ القرارات‬ ‫ ‬
‫ومتابعة تنفيذها هي املدخل ال�صحيح لتوليد الطاقة املعنوية �أو ال�شحنة الروحية التي ال تتحقق التنمية‬
‫‪� 46‬إبراهيم العي�سوي‬

‫بدونها‪ ،‬وذلك ف�ض ًال عن �أن هذه امل�شاركة هي حق من احلقوق أال�سا�سية إ‬


‫للن�سان‪� .‬إن امل�شاركة الفعالة‬
‫هي «منهجية �سيا�سية للتمكني»‪� ،‬أي متكني النا�س املهم�شني وامل�ستبعدين من العملية ال�سيا�سية وتعري�ضهم‬
‫لعمليات التحول التي تنطوي عليها التنمية ال�سوية‪ .‬فامل�شاركة يجب �أن تتعدى كونها جمرد �أداة ال�ستطالع‬
‫ر�أى املجتمعات املحلية يف امل�شروعات املنا�سبة لها مع بقاء هيكل ال�سلطة �أو القوة ومع بقاء التمايزات‬
‫االجتماعية على ما هي عليه‪ .‬كما �أن امل�شاركة يجب �أن تتجاوز الدميقراطية التمثيلية التي تقوم على عالقة‬
‫غري مبا�شرة بني املواطنني والدولة من خالل املجال�س املنتخبة‪� ،‬إىل الدميقراطية الت�شاركية التي تقوم على‬
‫روابط �أكرث مبا�شرة بني املواطنني والدولة‪ ،‬مثال من خالل �إتاحة فر�ص م�شاركة املواطنني يف �إدارة املرافق‬
‫العامة واملدار�س وامل�ست�شفيات وغريها من الهيئات العامة ‪ .‬ولكن هذه امل�شاركة قد تظل �شكلية �أو حتى‬
‫(‪)98‬‬

‫�سلبية‪ ،‬ما مل ت�ستند �إىل تغريات يف عالقات الرثوة وال�سلطة جتعل ل�صوت العمال وذوى الدخول املنخف�ضة‬
‫والفقراء وزنا يعتد به يف مثل هذه املجال�س‪.‬‬
‫وينبغي النظر �إىل امل�شاركة على �أنها حق من حقوق املواطنة‪ ،‬وعلى �أن الهدف أال�سا�سي لها هو‬ ‫ ‬
‫�إجناز حتوالت عميقة يف املمار�سات الراهنة للتنمية بوجه عام‪ ،‬و�إجناز حتوالت عميقة يف العالقات االجتماعية‬
‫و يف املمار�سات امل�ؤ�س�سية و يف نق�ص القدرات وما �إليها من العوامل التي غالباً ما ت�ؤدي �إىل إالق�صاء‬
‫االجتماعي بوجه خا�ص‪ .‬وعموماً ف�إن جمرد �إن�شاء ترتيبات م�ؤ�س�سية جديدة للحكم القائم على امل�شاركة‬
‫كالالمركزية واحلكم املحلي ال ت�ؤدي �إىل مزيد من إالدماج االجتماعي �أو مزيد من االنحياز للفقراء‪ ،‬ما مل‬
‫ي�سبقها حتول يف عالقات القوة وتوزيع ال�سلطة يزيد من القوة التفاو�ضية للفقراء واملهم�شني‪ ،‬وما مل تقابل‬
‫الزيادة يف فر�ص تعبري الفقراء عن مطالبهم وح�شد قواهم للت�أثري على م�ؤ�س�سات احلكم‪� ،‬إجراءات لزيادة‬
‫فر�ص ا�ستجابة م�ؤ�س�سات احلكم لهذه املطالب و�إجراءات لزيادة فر�ص املحا�سبة وتفعيلها �إذا ما ق�صرت هذه‬
‫امل�ؤ�س�سات يف اال�ستجابة ملطالب املواطنني ‪ .‬وعموماً ف�إنه يجب احلذر من حماوالت املهيمنني على ال�سلطة‬
‫(‪)99‬‬

‫يف ظل العالقات احلالية غري املتوازنة لتوزيع ال�سلطة من �إلهاء النا�س برتتيبات و�إجراءات ظاهرها م�شاركة‬
‫املواطنني وباطنها ا�ستمرار احتفاظ فئة قليلة بالرثوة وال�سلطة ‪.‬‬
‫(‪)100‬‬

‫و�إذا ما كان للم�شاركة �أن تتجاوز املعنى املحدود للتعددية احلزبية واملجال�س التمثيلية �إىل امتالك‬ ‫ ‬
‫�سلطة اتخاذ القرارات و�إىل تكاف�ؤ الفر�ص يف الت�أثري على القرارات‪ ،‬ف�إنه البد من متكني النا�س من هذه‬
‫امل�شاركة بو�سائل متعددة‪� ،‬أبرزها تقريب الفوارق بني الطبقات‪ .‬ذلك �أن امل�شاركة الدميقراطية تفقد الكثري‬
‫من مفعولها امل�أمول �إذا ما كانت التفاوتات يف توزيع الدخول والرثوات كبرية‪ ،‬و�إذا ما ا�ست�أثر نفر قليل من‬
‫ال�سكان بق�سط �ضخم من ثروة املجتمع ودخله‪ .‬فالرتكز يف توزيع الرثوة والدخل يف�ضى بال�ضرورة �إىل تركز‬
‫يف توزيع ال�سلطة والنفوذ يف املجتمع‪ .‬وهو ما ين�سف �أ�س�س امل�شاركة وتكاف�ؤ الفر�ص يف الت�أثري على �صناعة‬
‫القرارات يف املجتمع‪ ،‬وال تتهي�أ معه بالتايل ظروف مواتية للتنمية املن�شودة‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫ولهذا ف�إن معظم التجارب الناجحة يف التنمية قد �شهدت يف بداياتها عملية �إعادة توزيع كربى‬ ‫ ‬
‫للرثوة والدخل من خالل إال�صالح الزراعي والت�أميمات وال�ضرائب الت�صاعدية وتوفري اخلدمات التعليمية‬
‫وال�صحية املجانية ودعم ال�سلع واخلدمات املرتبطة ب�إ�شباع احلاجات أال�سا�سية‪ .‬وكان ذلك �أحد �ألوان‬
‫امل�شاركة التي �ساعدت على ح�شد وتعبئة اجلهود الوطنية من �أجل التنمية‪ .‬كما يعد احلر�ص على ح�سن‬
‫توزيع الدخل وتو�صيل منافع التنمية للفقراء وذوى الدخول املنخف�ضة �أحد �سبل االحتفاظ بحما�س النا�س‬
‫للتنمية وتعزيز ا�ستعدادهم للت�ضحية من �أجل �إجنازها‪ .‬وهذا ي�ستوجب مراعاة أالبعاد التوزيعية عند تخطيط‬
‫إالنتاج واال�ستثمار‪.‬‬
‫فالواقع هو �أن م�س�ألة التوزيع تتحدد �إىل مدى بعيد عند اتخاذ قرارات اال�ستثمار إ‬
‫والنتاج ‪ :‬ماذا‬ ‫ ‬
‫ننتج‪ ،‬وملن ننتج‪ ،‬وكيف ننتج ‪ .‬وهذا املنهج مغاير ملنهج التنمية املوجهة ب�آليات ال�سوق وفكرة «الت�ساقط»‬
‫(‪)101‬‬

‫�أو انت�شار منافع التنمية �إىل الفقراء ب�شكل تلقائي ‪ ،‬التي ال تزال ت�سيطر على منوذج الليربالية اجلديدة‪،‬‬
‫(‪)102‬‬

‫وذلك بالرغم من تراكم �أدلة كثرية على عدم وجود تعار�ض بني ح�سن توزيع الدخل والنمو االقت�صادي‪،‬‬
‫و�أن التوزيع أالكرث م�ساواة للدخل يدعم النمو وال يعوقه ‪ .‬ولذلك برغم كرثة احلديث عن امل�شاركة‬
‫(‪)103‬‬

‫والن�صاف والهجوم على الفقر‪ ،‬خا�صة من جانب البنك الدويل‪ ،‬ف�إن مثل هذا احلديث ال طائل من ورائه‪،‬‬ ‫إ‬
‫طاملا بقى التم�سك بتوافق وا�شنطن والعوملة الليربالية‪ ،‬وطاملا مل يعرتف بالرابطة الوثيقة بني الالم�ساواة يف‬
‫توزيع الرثوة والدخل والالم�ساواة يف القدرة على الت�أثري يف القرارات‪.‬‬
‫و�إذا ما كان التحول الدميقراطي �ضرورياً للتنمية بقدر ما هو �ضروري إلقامة حياة �سيا�سية �سليمة‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫من جهة‪ ،‬وللوقاية من الف�ساد و�سرعة الك�شف عنه واحتوائه عندما يقع من جهة �خرى‪ ،‬ف�إن هذا التحول‬
‫يظل منقو�صاً‪ ،‬وامل�شاركة التي تنتج عنه تبقى �سطحية �إىل حد بعيد‪ ،‬ما مل يتم الت�صدي لق�ضية توزيع الدخل‬
‫والرثوة‪ .‬واحلق �أن ق�ضية �إعادة التوزيع‪ ،‬وحتويل ق�سط من املوارد من أالغنياء �إىل الفقراء‪ ،‬ال ترتبط بق�ضية‬
‫امل�شاركة وحدها‪ ،‬بل �أنها ترتبط �أي�ضاً بق�ضية حت�سني أالحوال املعي�شية لغالبية ال�سكان يف املجتمع‪ .‬و يف هذا‬
‫يقول «ثابو مبيكي» رئي�س دولة جنوب �أفريقيا عن حق ‪ :‬علينا �أن ندرك �أن حت�سني �أحوال الغالبية الفقرية‬
‫يتطلب حتوي ًال للموارد على نطاق وا�سع من الق�سم أالغنى �إىل الق�سم أالفقر من �سكان جنوب �أفريقيا‪.‬‬
‫وهو يرى �أن ق�ضية �إعادة التوزيع قد ازدادت �أهميتها مع ات�ساع الفوارق بني الطبقات بحيث �أن جهود‬
‫التنمية وحدها لن تكفي لتح�سني حال الغالبية الفقرية من ال�سكان‪ .‬وهو ما ي�شري �إىل �أن االحتاد أالوروبي‬
‫فعل ال�شيء نف�سه حني اكت�شف �أنه من امل�ستحيل تطوير م�ستوى الدول أالع�ضاء أالقل تقدما فيه دون‬
‫حتويل للموارد على نطاق وا�سع من أالجزاء أالغنى �إىل أالجزاء أالفقر من االحتاد‪ .‬ولذلك فهو يرى �أنه‬
‫من امل�ستحيل م�سايرة توافق وا�شنطن ومنوذج الليربالية اجلديدة يف �أنه لكي حت�سن �أحوال اجلزء أالفقر من‬
‫ليفربول يف �إجنلرتا مثال‪ ،‬ف�إن كل ما يتعني عليك هو خلق الظروف املواتية الجتذاب ر�أ�س املال‪� ،‬أي �إيجاد‬
‫ظروف �صديقة لل�سوق‪ .‬وي�ضيف «مبيكي» �أنه �إذا ما كان االحتاد أالوروبي يعرتف �أي�ضاً ب�أن هذا العالج ال‬
‫ي�صلح‪ ،‬و�أن أالمر ال ميكن �أن يرتك لل�سوق‪ ،‬بل �إنه يتطلب تدخالت واعية من جانبه ومن جانب حكومات‬
‫‪� 48‬إبراهيم العي�سوي‬

‫الدول أالع�ضاء لنقل جانب من املوارد من أالجزاء أالغنى �إىل أالجزاء أالفقر منه‪ ،‬ف�إن عملية �إعادة التوزيع‬
‫التي تنطبق على االحتاد أالوروبي تنطبق باملثل على دولة مثل جنوب �أفريقيا‪ ،‬مثلما يجب �أن تنطبق على‬
‫ال�صعيد العاملي ‪.‬‬
‫(‪)104‬‬

‫(‪� )4‬إن�ضباط عالقات االقت�صاد الوطني باخلارج �أمر �ضروري للتنمية الناجحة‪.‬‬
‫على خالف ما يذهب �إليه �أن�صار العوملة الليربالية و�أ�صحاب توافق وا�شنطن من �أن حترير التجارة‬ ‫ ‬
‫وفتح االقت�صادات وتوجه التنمية للخارج يحفز النمو االقت�صادي‪ ،‬و�أن االندماج يف االقت�صاد العاملي كفيل‬
‫بجذب اال�ستثمار أالجنبي والتقنية املتقدمة �إىل الدول النامية‪ ،‬وهو ما مل يقم عليه دليل يف الواقع امللمو�س‬
‫ح�سب ما مت �إي�ضاحه يف الق�سم (ثانياً)‪ ،‬يذهب منوذج التنمية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة على الذات �إىل �أن النمو هو‬
‫قاطرة التجارة‪ ،‬ال العك�س‪ ،‬و�أن ما يجذب اال�ستثمار أالجنبي هو توافر �إمكانات حقيقية للنمو يف االقت�صاد‬
‫الوطني من خالل معدل مرتفع لالدخار واال�ستثمار‪ ،‬و�أن حترير التجارة وحركة ر�ؤو�س أالموال عرب احلدود‪،‬‬
‫ورفع احلماية والدعم عن ال�صناعات الوطنية وحترير �أ�سعار الفائدة وال�صرف قبل �إحراز تقدم ملمو�س يف بناء‬
‫الطاقات إالنتاجية للدولة‪ ،‬وقبل تكوين مزايا تناف�سية يعتد بها يف بع�ض القطاعات‪ ،‬ميكن �أن يلحق �أ�ضراراً‬
‫ج�سيمة باالقت�صاد الوطني‪ ،‬وي�صادر على فر�ص التنمية‪.‬‬
‫وم�صدر اخلطر هنا‪ ،‬هو حماولة تعميم منوذج واحد‪ ،‬وهو النموذج الليربايل‪ ،‬على الدول جميعاً دون‬ ‫ ‬
‫ؤ‬
‫مراعاة للفوارق يف م�ستويات تطورها االقت�صادي واالجتماعي وال�سيا�سي وامل��س�سي‪ .‬فالتحرير الذي قد‬
‫تتحمله دولة مثل بريطانيا �أو فرن�سا‪ ،‬قد يكون مهلكاً لدولة مثل م�صر �أو نيجرييا �أو أالرجنتني �أو الهند‪ .‬وقل‬
‫مثل ذلك عن تخفي�ض معدالت ال�ضرائب والتعريفات اجلمركية وتوحيد �سعر ال�صرف واالكتفاء بالدعم‬
‫العمومي دومنا متييز بني قطاع و�آخر �أو بني �صناعة و�أخرى‪ ،‬وكذلك حماولة تطبيق قواعد موحدة على جميع‬
‫الدول أالع�ضاء يف منظمة التجارة العاملية‪ ،‬مع بع�ض اال�ستثناءات املحدودة وق�صرية أالجل لبع�ض الدول‬
‫النامية أ‬
‫والقل منواً‪.‬‬
‫وال يعني هذا �أن انفتاح االقت�صاد الوطني على االقت�صاد العاملي مرفو�ض من حيث املبد�أ‪ .‬و�إمنا‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫املق�صود هو �أن يكون مثل هذا االنفتاح متدرجاً وانتقائياً وحم�سوباً يف كل الحوال يف �ضوء ال�شوط الذي‬
‫قطعته كل دولة على طريق التقدم‪ .‬وذلك هو ما ميكن �أن يهيئ ظروفاً مواتية للتنمية يف دول اجلنوب‪ ،‬ويقيها‬
‫من احتماالت اخلراب العاجل �إذا ما ُدفعت �أو اندفعت على طريق التحرر العمومي املت�سرع‪.‬‬
‫ولذا ف�إن النموذج البديل يركز على عدد من املبادئ التي ي�سعى منوذج الليربالية االقت�صادية‬ ‫ ‬
‫اجلديدة �إىل حموها‪ ،‬مثل االنتقائية والتمييز والتدرج يف فتح ال�سوق الوطني بالتوازي مع التقدم يف بناء‬
‫القدرات إالنتاجية والعلمية واملزايا التناف�سية ‪ .‬ومعنى ذلك �أنه من الواجب �أن تدعم ال�سيا�سات‬
‫(‪)105‬‬

‫التجارية وال�صناعية عدداً من القطاعات �أو ال�صناعات املنتقاة بعناية‪� ،‬إما ألنها مولدة لفر�ص عمل وفرية و�إما‬
‫‪49‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫ألنها تو�سع القاعدة الت�صديرية لالقت�صاد‪ ،‬و�إما ألنها ت�سهم يف �إ�شباع احلاجات أال�سا�سية للغالبية الفقرية من‬
‫ال�سكان‪ ،‬و�إما ألنها ذات �أهمية �إ�سرتاتيجية يف بناء قطاع �صناعي قوي ميكن �أن ي�شكل قاعدة متينة للنمو‬
‫والتنمية‪ .‬ومن اخلط�أ الفادح تخلي الدول النامية عن هام�ش املناورة الذي يتيحه لها تطبيق ال�سيا�سات‬
‫التمييزية يف جمال التجارة و يف جمال اال�ستثمار‪ ،‬وذلك ب�إتباع �سيا�سة ليربالية موحدة جتاه كل القطاعات‬
‫وجتاه كل الواردات وجتاه كل �أنواع اال�ستثمار أالجنبي‪ .‬وال ب�أ�س هنا من تقييد الواردات غري ال�ضرورية حتى‬
‫بالو�سائل إالدارية �إذا مل يكن هناك مفر من ذلك‪ ،‬وال ب�أ�س من ح�شد �أدوات احلماية والدعم لل�صناعات‬
‫الواعدة‪ ،‬وال حرج يف و�ضع ال�شروط على امل�ستثمرين أالجانب‪� ،‬شريطة تن�سيق هذه اجلهود وت�آزرها من �أجل‬
‫حتقيق اخلطة الوطنية للتنمية ال�شاملة‪.‬‬
‫وعلى الدول النامية الدفاع عن حقوقها يف اتخاذ مثل هذه إالجراءات‪ ،‬وذلك من �أجل تفعيل‬ ‫ ‬
‫حقها يف التنمية‪ .‬وعليها ال�سعي لال�ستفادة �إىل �أق�صى حد من اال�ستثناءات الواردة يف اتفاقات منظمة التجارة‬
‫العاملية‪ ،‬وتكثيف الن�ضال اجلماعي لي�س فقط من �أجل تو�سيع نطاق هذه اال�ستثناءات ومن �أجل �إطالة �أمد‬
‫تطبيقها‪ ،‬بل ومن �أجل حتويل املعاملة اخلا�صة والتف�ضيلية للدول النامية يف املنظمة من جمرد ا�ستثناء �إىل قاعدة‬
‫عامة‪ ،‬وذلك ات�ساقاً مع مبد�أ تنا�سب التزامات الدول مع م�ستويات تطورها االقت�صادي واالجتماعي‪ .‬وف�ض ًال‬
‫عن ذلك‪ ،‬ف�إنه يجب الوقوف ب�صالبة �ضد �إ�ضافة �أية التزامات جديدة للدول النامية‪ ،‬و�ضد تو�سيع �صالحيات‬
‫منظمة التجارة العاملية وامتدادها �إىل �أية �أمور ال تخ�ص التجارة‪ .‬ف�إذا كانت ال�صعوبات جمة يف هذا امل�سعى‪،‬‬
‫فقد ال يكون هناك مفر من هجر املنظمة‪ ،‬وا�سرتداد احلريات التي فقدت من الدول النامية يف حتديد �سيا�ساتها‬
‫التنموية ثمناً لع�ضويتها يف هذه املنظمة‪ .‬وحبذا �أن ي�أتي هذا الت�صرف كعمل جماعي من جانب �أكرب عدد‬
‫ممكن من دول اجلنوب‪ ،‬وذلك لقطع الطريق على احتماالت االنتقام من جانب الدول الغنية‪.‬‬
‫(‪ )5‬التعاون بني دول اجلنوب على �شتى اجلبهات‪ ،‬يذلل الكثري بني ال�صعاب التي قد تعرت�ض م�سعى التنمية امل�ستقلة‪.‬‬
‫متلي هذا التعاون التحديات امل�شرتكة التي جتابه دول اجلنوب يف �سعيها للتنمية يف الظروف العاملية‬ ‫ ‬
‫الراهنة‪ .‬فالقدرة على مواجهة هذه التحديات جماعياً �ستكون �أكرب بال �شك من قدرة كل دولة منفردة على‬
‫مواجهتها‪ .‬والتعاون جنوب ‪ -‬جنوب يجب �أن ي�سري يف طريقني‪� ،‬أولهما‪ :‬طريق تنمية القدرة التفاو�ضية مع‬
‫الدول املتقدمة واملنظمات الدولية اخلا�ضعة لنفوذها من �أجل تعديل ال�شروط اجلائرة وااللتزامات املت�شددة‬
‫التي ا�ضطرت دول اجلنوب �إىل قبولها‪ ،‬ال�سيما يف منظمة التجارة العاملية‪ ،‬ومن �أجل الظفر ب�شروط �أكرث‬
‫مالءمة يف جماالت التجارة واال�ستثمار وامللكية الفكرية وق�ضايا الديون والعون الدويل ‪ .‬وثانيهما‪ :‬طريق‬
‫(‪)106‬‬

‫تنمية القدرات الذاتية لدول اجلنوب يف املجاالت إالنتاجية والتجارية والعلمية والتقنية والبيئية وغريها‪.‬‬
‫�إن جتميع املوارد واخلربات واملهارات املتاحة لدى دول اجلنوب‪ ،‬وح�شدها إلجناز م�شروعات م�شرتكة يف هذه‬
‫املجاالت ميكن �أن ي�سهم ب�شكل فعال يف تنمية اجلنوب‪ ،‬و يف �إنقا�ص م�ستوى اعتماده على ال�شمال‪ ،‬و يف‬
‫تعزيز قدرته على امل�ساومة مع ال�شمال و�شركاته متعدية اجلن�سيات‪.‬‬
‫‪� 50‬إبراهيم العي�سوي‬

‫وللتعاون بني دول اجلنوب م�ستويات متعددة من الواجب تفعيلها جميعاً خلدمة التنمية‪ .‬فالتعاون‬ ‫ ‬
‫قد ي�شمل دول اجلنوب جميعا يف بع�ض احلاالت‪ ،‬كما قد ي�شمل جمموعات قد ي�ضمها �أو ال ي�ضمها �إقليم‬
‫واحد‪ ،‬مثل املجموعة العربية �أو جمموعة اخلم�س ع�شرة‪ .‬كما �أن التعاون ميكن �أن يجري على امل�ستوى‬
‫(‪)107‬‬
‫احلكومي وعلى امل�ستوى ال�شعبي‪.‬‬
‫وبالرغم من �أن هدف التعاون بني دول اجلنوب هو هدف قدمي يعود �إىل �أيام الكفاح من �أجل‬ ‫ ‬
‫اال�ستقالل‪ ،‬وبالرغم من �أنه لقي ترحيباً من الدول التي نالت ا�ستقاللها‪ .‬وقد تكونت منظمات عدة ملمار�سة‬
‫�ألوان خمتلفة من التعاون‪� ،‬إال �أن جهود التعاون قد اعرتاها ال�ضعف والوهن من جراء االنك�سارات التي‬
‫حلقت بدول اجلنوب‪ ،‬ال�سيما يف �سياق املنازعات إالقليمية و يف �سياق �أزمة املديونية اخلارجية‪ .‬لكن حالة‬
‫اخلمول وفتور الهمم �أخذت يف االنح�سار م�ؤخراً‪ ،‬حتت ت�أثري ال�شعور بال�صدمة من �ضخامة ما تورطت فيه دول‬
‫اجلنوب من التزامات يف منظمة التجارة العاملية‪ ،‬ومن �إ�صرار دول ال�شمال على فر�ض املزيد من االلتزامات‬
‫ال�ضارة بالتنمية على دول اجلنوب من جانب �أول‪ ،‬وحتت ت�أثري حركات مناه�ضة العوملة من جانب ثان‪ ،‬وحتت‬
‫ت�أثري ظهور قيادات ج�سورة و�أكرث انحيازاً مل�صالح �شعوبها يف عدد من الدول النامية من جانب ثالث‪ .‬وقد‬
‫ظهرت بوادر ذلك عند انعقاد امل�ؤمتر الوزاري اخلام�س ملنظمة التجارة العاملية يف كانكون ‪ /‬املك�سيك يف عام‬
‫‪ ،2003‬بتكوين جمموعة الع�شرين مببادرة من الربازيل والهند وجنوب �أفريقيا‪ ،‬وجناحها يف �إف�شال هذا امل�ؤمتر‪،‬‬
‫وبالتايل �إيقاف حماوالت الدول املتقدمة لفر�ض املزيد من االلتزامات على دول اجلنوب‪ .‬كما كان للجهود‬
‫امل�شرتكة لدول اجلنوب �أثر وا�ضح يف توجهات امل�ؤمتر احلادي ع�شر مل�ؤمتر أالمم املتحدة للتجارة والتنمية الذي‬
‫عقد يف الربازيل يف �صيف عام ‪ ،2004‬و يف التو�صيات التي ت�ضمنها بيانه اخلتامي‪ ،‬ال�سيما الت�أكيد على‬
‫�أهمية تو�سيع املجال املتاح التخاذ ال�سيا�سات الوطنية التي تخدم تنمية دول اجلنوب‪ ،‬كما �سبق ذكره‪.‬‬
‫رابع ًا ‪� :‬إمكانية و�شروط التطبيق الناجح للنموذج البديل‬
‫‪ 1.4‬ال�صعوبات‬
‫ �إن بناء اقت�صاد غري تابع عن طريق تطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة على الذات هو عمل‬
‫�صعب يف الظروف الدولية املعا�صرة‪ ،‬ولكنه لي�س م�ستحيال خا�صة يف حالة الدول ذات احلجم املتو�سط‬
‫والكبري‪ .‬ويكفى �أن ن�ضرب ثالثة �أمثلة على ما ينطوي عليه تطبيق هذا النموذج من �صعوبات‪:‬‬
‫(‪ ) 1‬ف�إذا ما كان من �أولويات التنمية امل�ستقلة البدء من االحتياجات إالن�سانية لغالبية ال�سكان‪ ،‬و�إحداث‬
‫التغريات الهيكلية يف االقت�صاد الوطني وعالقاته اخلارجية التي متكن من تن�شيط حركة الت�صنيع‬
‫وحتركها باجتاه �إ�شباع هذه االحتياجات‪ ،‬ف�إنه �سيرتتب على ذلك تقييد للمعرو�ض من ال�سلع واخلدمات‬
‫التي ال تنتمي لهذه الطائفة من االحتياجات من جهة‪ ،‬وفر�ض حالة من التق�شف ال�ضروري لتوفري‬
‫املدخرات املحلية الالزمة لتمويل اجلانب أالكرب من اال�ستثمارات املطلوبة إلحداث التغريات‬
‫‪51‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫الهيكلية وتن�شيط وتعميق الت�صنيع من جهة �أخرى‪ .‬وكال أالمرين قد يثري �صعوبات مع بع�ض فئات‬
‫من ال�سكان‪ ،‬وذلك بالنظر �إىل احلرية غري امل�سبوقة يف تدفق املعلومات عرب احلدود‪ ،‬و�إطالع �سكان‬
‫الدول النامية على كل جديد وم�ستحدث من املنتجات يف الدول املتقدمة‪ ،‬وتعر�ضهم ل�ضغوط‬
‫و�إغراءات �إعالنية �ضخمة من �أجل �شراء هذه املنتجات‪ ،‬التي ميكن مو�ضوعياً اال�ستغناء عنها‪،‬‬
‫خا�صة يف املراحل املبكرة للتنمية‪ .‬كما قد تثور �صعوبات مع بع�ض رجال أالعمال وغريهم من ذوى‬
‫امل�صالح يف ا�ستمرار إالعالنات التي �أ�صبحت م�صدراً مهما لتمويل �أجهزة إالعالم اخلا�صة والعامة‬
‫على ال�سواء‪.‬‬
‫(‪ )2‬و�إذا ما كان من �أركان التنمية امل�ستقلة �إعمال �سيا�سات جتارية و�صناعية �إنتقائية ومتييزية للحد من‬
‫ا�سترياد بع�ض املنتجات‪ ،‬ولدعم �أن�شطة بعينها و�صناعات بذاتها‪ ،‬وجلذب �أنواع من اال�ستثمار‬
‫أالجنبي دون غريها‪ ،‬ولتقييد حرية امل�ستثمر أالجنبي يف حتويل �أرباحه �أو �إلزامه ب�شروط خا�صة‬
‫باملحتوى املحلي ملنتجاته‪ ،‬ودعم بع�ض ال�صناعات إال�سرتاتيجية والواعدة‪ ،‬ودعم ال�صادرات‪ ،‬وما �إىل‬
‫ذلك من ال�سيا�سات التي قد ي�ؤدي �إتباعها �إىل الدخول يف �صدام مع منظمة التجارة العاملية ومع‬
‫الدول ال�صناعية املتقدمة‪ ،‬ف�إن عواقب هذا ال�صدام قد تكون غري م�أمونة‪ ،‬وقد ت�شمل فر�ض عقوبات‪،‬‬
‫وقد ت�صل �إىل خروج �أو �إخراج الدول املعنية من منظمة التجارة العاملية‪ ،‬وقد ت�صل �إىل فر�ض ح�صار‬
‫�إقت�صادي‪ .‬وتزداد احتماالت التعر�ض ملثل هذه العقوبات �إذا مل تكن هناك تكتالت من دول‬
‫اجلنوب تدافع عن الدولة التي تلج�أ لهذه ال�سيا�سات لتعزيز فر�ص تنميتها‪� ،‬أو �إذا مل تكن هذه‬
‫التكتالت اجلنوبية م�ستعدة لالعرتا�ض على املمار�سات العقابية �أو االنتقامية من جانب الدول‬
‫ال�صناعية املتقدمة‪ ،‬والتهديد باخلروج من منظمة التجارة العاملية يف حال �إ�صرار هذه الدول على‬
‫مثل هذه املمار�سات‪� ،‬أو �إذا مل يكن التعاون بني دول اجلنوب قد تطور على النحو الذي يتيح بدائل‬
‫للتجارة واال�ستثمار يف داخل اجلنوب ذاته من جهة‪ ،‬وي�ؤدى �إىل تقليل اعتماد اجلنوب على ال�شمال‬
‫من جهة �أخرى‪.‬‬
‫(‪ ) 3‬و�إذا ما كان مما ينطوي عليه النموذج البديل �إعادة توجيه هيكل إالنتاج وتعديل م�سار الت�صنيع باجتاه‬
‫�إ�شباع احلاجات أال�سا�سية لل�سكان‪ ،‬وتعميق الت�صنيع من �أجل رفع م�ستوى االعتماد على الذات‬
‫وت�أمني اطراد التنمية‪ ،‬ف�إن ذلك يفرت�ض حرية القرار الوطني يف ا�ستخدام املوارد وتخ�صي�صها‪،‬وهو‬
‫ما يفرت�ض بدوره ال�سيطرة الوطنية على املوارد والرثوات الطبيعية للدول ‪ .‬وال�شك �أن ال�سعي‬
‫(‪)108‬‬

‫لتحقيق هذه ال�سيطرة �سوف ي�صطدم مع م�صالح ال�شركات أالجنبية التي ا�ستحوذت على بع�ض‬
‫أال�صول الوطنية‪� ،‬سواء من خالل اخل�صخ�صة �أو من خالل اال�ستثمار أالجنبي املبا�شر‪ ،‬ف�ض ًال‬
‫عن اال�صطدام مع أالفراد وال�شركات املحلية التي ت�شابكت م�صاحلها مع م�صالح هذه ال�شركات‬
‫أالجنبية‪ .‬واال�صطدام مع ال�شركات الدولية قد ي�ستثري الدول ال�صناعية املتقدمة‪ .‬ومن هنا قد‬
‫يتحول ال�صدام بني الدولة النامية وهذه ال�شركات‪� ،‬إىل �صدام بينها وبني الدول أالجنبية ذات‬
‫العالقة معها‪.‬‬
‫‪� 52‬إبراهيم العي�سوي‬

‫‪� 2.4‬ستة �شروط لتطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة‬

‫(‪� )1‬إن ال�شرط أالول لتطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة وملواجهة ال�صعوبات التي قد يثريها هو تفجري الطاقة‬
‫بالمل حمل ال�شعور‬ ‫املعنوية وال�شحنة الروحية الكامنة لدى املواطنني‪ ،‬حتى يحل لديهم ال�شعور أ‬
‫بالحباط‪ ،‬وحتى ينتقلون من حالة ال�سلبية �إىل حالة إاليجابية‪ ،‬وحتى يتخل�صون من إالح�سا�س‬ ‫إ‬
‫بالدونية �إزاء الغرب املتقدم وي�سرتدون ثقتهم ب�أنف�سهم‪ .‬ذلك �أن الدول التي حققت �إجنازات مرموقة‬
‫يف جمال التنمية مل ت�صل �إىل ذلك مبجرد توفري اال�ستثمارات املادية والب�شرية الالزمة‪ .‬و�إمنا �ساعدها‬
‫على ذلك �أي�ضاً �شعور جارف و�إميان عميق ال يختلف كثرياً عما ت�شعر به أالمم عندما تخو�ض حرباً‬
‫�ضد عدو �شر�س‪� .‬إنه ال�شعور بالتحدي والثقة بالنف�س والقدرة على مواجهة التحديات مهما عظمت‪.‬‬
‫والحا�سي�س مكوناً مهماً من مكونات ما يطلق عليه ‪ :‬ثقافة التنمية‪.‬‬‫ت�شكل مثل هذه امل�شاعر أ‬
‫فالتنمية املعتمدة على الذات الوطنية لي�ست جمرد عمل روتيني ي�ؤدى بال حما�س وبال َحم َّية‪،‬‬ ‫ ‬
‫إل�ضافة حت�سينات هام�شية على هذا اجلانب �أو ذاك من جوانب احلياة‪ .‬و�إمنا التنمية يف حقيقتها هي حرب‬
‫على التخلف والتبعية‪ .‬والن�صر يف هذه احلرب مرهون بتوافر احلما�س واحل�شد والتعبئة لكل الطاقات‪ ،‬و يف‬
‫مقدمتها الطاقات املعنوية �أو الروحية‪� .‬إن تفجري هذه الطاقات لدى اجلنود هو ما يجعلهم ي�ضحون ب�أرواحهم‬
‫فدا ًء للوطن‪ .‬وتفجري هذه الطاقات لدى املواطنني يف �سياق ال�سعي للتنمية هو ما يجعلهم ي�ضحون بالكثري‬
‫من متع احلياة وملذاتها من �أجل �إعادة بناء أالمة وانطالقها على طريق النه�ضة‪.‬‬
‫ولكن من �أين ت�أتي هذه الطاقات الروحية وكيف ال�سبيل �إىل تفجريها؟ �إنها ت�أتي يف الغالب من‬ ‫ ‬
‫خالل زعامة وطنية قوية وملهمة‪ ،‬ومن خالل �أحزاب �أو تنظيمات �سيا�سية ذات طابع �شعبي ت�ستطيع ا�ستثارة‬
‫حما�س اجلماهري وح�شد قواهم وتعبئة جهودهم وبث الوعي احلقيقي فيهم بطبيعة التحديات التي يتعني‬
‫مواجهتها‪ ،‬وبث إالح�سا�س فيهم بقدرتهم على مواجهة هذه التحديات‪ ،‬ور�سم خطط ال�سري لهم نحو حتقيق‬
‫أالهداف الكربى للتنمية‪ .‬وقد �شهدت م�صر ميالد هذه الطاقة املعنوية وال�شحنة الروحية يف اخلم�سينات‬
‫وال�ستينات من القرن املا�ضي‪ ،‬حيث حتولت ق�ضايا التنمية �إىل معارك وطنية‪ ،‬مثل معركة بناء ال�سد العايل‬
‫ومعركة الت�صنيع ومعركة تعمري ال�صحراء‪ ،‬وحيث متكنت زعامة عبد النا�صر من ربط التنمية يف �أذهان اجلماهري‬
‫با�ستعادة الكرامة إالن�سانية والعزة الوطنية‪ ،‬والتحرر من اال�ستعباد والتبعية وحتقيق العدل بني النا�س‪ .‬وهذه‬
‫والحزاب الثورية يف رو�سيا وال�صني‪ ،‬وهذه هي ال�شحنة التي �أطلقها‬ ‫هي الطاقة التي فجرها الزعماء الثوريون أ‬
‫من مكامنها قادة حتلوا باحلكمة والب�صرية يف كوريا وماليزيا وغريها من الدول آال�سيوية‪ ،‬فا�ستطاعت �شعوبهم‬
‫�أن تنجز يف عقود قليلة ما تطلب قروناً يف ال�سابق‪ .‬وما روح التغيري التي بزغت م�ؤخراً يف فينزويال والربازيل و‬
‫ت�شيلي وغريها من دول �أمريكا الالتينية �إال تعبري حي عن جناح القيادات اجلديدة النابعة من �صفوف ال�شعب‬
‫الكادح يف �إطالق الطاقات الكامنة لدى املواطنني وتفجري ينابيع أالمل والتفا�ؤل لديهم‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫(‪ )2‬و يف �ضوء ال�صعوبات املتوقعة‪ ،‬ي�صبح ال�شرط الثاين إلمكانية تطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة‬
‫على الذات هو الوعي بال�صعوبات املحتملة واال�ستعداد لدفع الثمن الذي قد تتطلبه مواجهة هذه‬
‫ال�صعوبات‪ .‬وميكن �أن ي�أخذ هذا الثمن �أ�شكا ًال متعددة منها الت�ضحية ببع�ض �ألوان اال�ستهالك‬
‫�أو اال�سترياد‪ ،‬والتعر�ض حلالة من التق�شف ال مفر منها لرفع معدالت االدخار واال�ستثمار‪ ،‬ومنها‬
‫التعر�ض لعقوبات من جانب الدول التي قد تت�ضرر من ال�سيا�سات التجارية وال�صناعية املرتبطة بهذا‬
‫النموذج‪� ،‬أو التي قد تت�ضرر �شركاتها العاملة يف الدولة النامية من هذه ال�سيا�سات وغريها‪ ،‬ال�سيما‬
‫تلك ال�سيا�سات الرامية لل�سيطرة على املوارد والرثوات الطبيعية الوطنية‪ .‬وقد ي�صل أالمر �إىل حد‬
‫فر�ض احل�صار االقت�صادي على الدولة التي تطبق النموذج البديل �سالف الذكر‪.‬‬
‫بالمر امل�ستحيل‪ .‬ولتكن لنا‬ ‫ولكن مواجهة مثل هذه امل�صاعب وحتمل تكلفة مواجهتها لي�س أ‬ ‫ ‬
‫يف كوبا �أ�سوة ح�سنة‪ .‬فبالرغم من �صغر حجم هذه الدولة‪ ،‬وبالرغم من احل�صار امل�ضروب عليها ألكرث من‬
‫‪ 40‬عاماً‪ ،‬وبالرغم من املحاوالت التي مل تتوقف من جانب الواليات املتحدة لقلب نظام احلكم اال�شرتاكي‬
‫فيها وجتنيد العمالء واجلوا�سي�س إل�شاعة اال�ضطراب يف الدولة وحتري�ض ال�شعب الكوبي على التمرد من‬
‫خالل إالذاعات املوجهة‪ ،‬وبالرغم من اجلهود أالمريكية خلنق االقت�صاد الكوبي‪ ،‬ف�إن ذلك كله مل مينع‬
‫كوبا من ال�سري يف الطريق الذي اختارته‪ .‬وظلت كوبا �صامدة حتى بعد فقدان حليفها أال�سا�سي‪ ،‬االحتاد‬
‫ال�سوفييتي‪ ،‬وبعد انهيار الكتلة اال�شرتاكية‪ ،‬بل �إنها ا�ستطاعت بالرغم من كل العراقيل والتحديات حتقيق‬
‫تقدم ملمو�س يف جمال التنمية الب�شرية ‪ ،‬كما متكنت من احتالل موقع مرموق يف �أحد جماالت العلم‬
‫(‪)109‬‬

‫والتقنية‪ ،‬وهو التقنية احليوية‪.‬‬


‫وال�شرط الثالث الالزم لتطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة على الذات هو حدوث تغيري‬ ‫(‪)3‬‬
‫يف ال�سلطة احلاكمة ينقل م�سئولية اتخاذ القرارات من النخبة احلاكمة التي ت�ساير الغرب وتطبق‬
‫النموذج الليربايل الذي يريد تعميمه على العامل يف ظروف العوملة‪� ،‬إىل نخبة حاكمة جديدة تعرب‬
‫عن م�صالح التحالف الطبقي امل�ؤيد للتنمية امل�ستقلة وامل�ستعد لتحمل ما تتطلبه من ت�ضحيات‪ .‬ولهذا‬
‫ف�إن االنتقال �إىل النموذج البديل يختلف كلياً عن تغيري ال�سيا�سات يف �إطار ذات النظام القائم‪ .‬بل‬
‫�إنه ينطوي على تغيري جذري يف التوجهات وال�سيا�سات‪ ،‬ال �سبيل لتحقيقه �سوى الن�ضال ال�سيا�سي‬
‫من �أجل �إق�صاء النخب احلاكمة حالياً وحلول نخب جديدة تتبنى النموذج البديل للتنمية‪.‬‬
‫وال�شرط الرابع لتطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة ‪ /‬املعتمدة على الذات هو امل�شاركة ال�شعبية‪ ،‬التي‬ ‫(‪)4‬‬
‫هي �أي�ضاً �أحد مكونات هذا النموذج على ما �سبق بيانه‪ .‬فهذه امل�شاركة �ضرورية ال�سرتداد الثقة‬
‫بالنف�س‪ ،‬ولتوليد ر�أى عام م�ؤيد للنموذج البديل ومتحم�س لتنفيذه‪ .‬كما �أنها �ضرورية حل�سن تطبيق‬
‫النموذج‪ ،‬وتفادي املزالق واالنك�سارات التي وقعت فيها الكثري من جتارب التنمية يف العامل الثالث‪،‬‬
‫واملع�سكر اال�شرتاكي من جراء تعطيل �آليات امل�شاركة والتحول �إىل نظم ديكتاتورية وا�ستبدادية‪،‬‬
‫وهو ما فتح الباب للمركزية املفرطة وللبريوقراطية والف�ساد‪ ،‬وهي جميعاً من أال�سلحة الفتاكة التي‬
‫‪� 54‬إبراهيم العي�سوي‬

‫�أ�صابت التنمية يف مقتل‪ .‬وكما �سبق بيانه‪ ،‬ف�إن مردود هذه امل�شاركة على التنمية يرتبط ب�إعادة توزيع‬
‫الدخل والرثوة واحلر�ص على درجة مرتفعة من العدالة االجتماعية‪ ،‬ف�ض ًال عن �إي�صال ق�سط وفري‬
‫من ثمار التنمية �إىل الغالبية من ال�سكان يف �صورة دخل �أكرب وفر�ص عمل �أكرث وخدمات تعليم‬
‫وعالج �أف�ضل‪ ،‬ونوعية حياة �أرقى‪.‬‬
‫(‪ )5‬وال�شرط اخلام�س هو أالخذ ب�أ�ساليب الوقاية �ضد املمار�سات اخلارجية ال�ضارة‪ ،‬واتخاذ االحتياطيات‬
‫الالزمة ملواجهتها عندما تقع‪ .‬و�أول هذه ال�سبل هو �إعطاء �أولوية متقدمة أللمن الغذائي ورفع ن�سبة‬
‫االكتفاء الذاتي من �سلع الغذاء أال�سا�سي‪ ،‬ف�ض ًال عن تنويع م�صادر ا�سترياد الغذاء وتعظيم اال�ستفادة‬
‫من دول اجلنوب يف هذا ال�ش�أن‪ .‬وملا كان من املتوقع �أن ت�ستمر احلاجة قائمة ال�سترياد ال�سلع الو�سيطة‬
‫للنتاج وكذلك التقنية‪ ،‬ف�إنه ينبغي التحوط لتوقف هذه الواردات من م�صادرها‬ ‫واال�ستثمارية الالزمة إ‬
‫التقليدية يف ال�شمال‪ ،‬وال�سعي لتنويع هذه امل�صادر لت�شمل بع�ض امل�صادر غري التقليدية يف ال�شمال‬
‫واجلنوب على ال�سواء‪ .‬وملا كانت التقنية املالئمة إل�شباع احلاجات أال�سا�سية‪ ،‬مبا فيها احلاجة �إىل‬
‫فر�ص العمل‪ ،‬وكذلك املعدات إالنتاجية املرتبطة بها‪ ،‬لي�ست هي بال�ضرورة التقنية واملعدات املتاحة‬
‫يف دول ال�شمال‪ ،‬ف�إنه من الالزم �أن ت�سعى الدولة النامية املعنية بتطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة‬
‫�إىل ابتكار التقنية املالئمة وت�صنيع املعدات التي حتتويها‪ ،‬عن طريق بناء قاعدتها العلمية والتقنية‪،‬‬
‫وعن طريق فتح املجال �أمام املبادرات الوطنية لتطوير التقنيات املحلية التقليدية‪ ،‬وحبذا لو مت ذلك‬
‫بالتعاون مع دول �أخرى من دول اجلنوب ت�سعى هي أالخرى لتطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة‪.‬‬
‫(‪ )6‬و�أخرياً‪ ،‬ي�أتي ال�شرط ال�ساد�س من �شروط التطبيق الناجح لنموذج التنمية امل�ستقلة‪� ،‬أال وهو رفع‬
‫بالهمية الق�صوى للتعاون إالقليمي بوجه‬ ‫م�ستوى الوعي لدى النخب واجلماهري على ال�سواء أ‬
‫خا�ص‪ ،‬والتعاون بني دول اجلنوب بوجه عام‪ .‬ف�إذا ما كان حت�سن توزيع الدخل وامل�شاركة واالقتناع‬
‫ال�شعبي بالنموذج البديل مبثابة خط الدفاع أالول عن النموذج‪ ،‬واملمهد ال�ضروري حل�سن تطبيقه‪ ،‬ف�إن‬
‫التعاون جنوب ‪ -‬جنوب مبختلف �صوره وم�ستوياته هو خط الدفاع الثاين عن التطبيق الوطني لهذا‬
‫النموذج‪ ،‬بل �إنه �ضرورة ال بديل لها يف حالة تطبيق النموذج يف الدول النامية �صغرية احلجم‪.‬‬
‫ومن امل�ؤ�سف �أن ت�أييد التعاون بني دول اجلنوب ال يزال �ضئي ًال على امل�ستويني ال�شعبي واحلكومي‬ ‫ ‬
‫على ال�سواء‪ .‬ويندر �أن تنعك�س االتفاقات والربوتوكوالت التي توقعها دول اجلنوب يف ما بينها يف خططها‬
‫التنموية �أو يف م�شروعات حمددة مدرو�سة وقابلة للتنفيذ‪ .‬بل يبقى أالمر كله معلقاً وحم�صوراً يف دائرة‬
‫اخلطاب ال�سيا�سي دون غريه‪ .‬ومن هنا تربز احلاجة �إىل بذل جهود كبرية ومنتظمة‪ ،‬ال�سيما من جانب املثقفني‬
‫و�أهل الر�أي والفكر واملنظمات أالهلية‪ ،‬إلي�ضاح أال�سباب الداعية �إىل قيام عالقات تعاون بني دول اجلنوب‬
‫ولبيان املكا�سب التي ميكن �أن تعود عليها من هذا التعاون‪ ،‬حتى يف ظل النموذج التنموي ال�سائد‪ ،‬ولبيان‬
‫�أهمية هذه املكا�سب عند االنتقال �إىل منوذج التنمية امل�ستقلة ‪.‬‬
‫(‪)110‬‬
‫‪55‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫وينبغي االنتباه �إىل �أن اجلنوب لي�س كتلة متجان�سة ومتوافقة امل�صالح على طول اخلط‪ .‬فثمة‬ ‫ ‬
‫تباينات يف دول اجلنوب‪ ،‬ال�سيما يف م�ستويات تطورها االقت�صادي‪ .‬وهذه التباينات جتعل من املمكن ظهور‬
‫تناق�ضات يف امل�صالح بني دول اجلنوب‪ .‬فالدخول يف مناطق جتارة حرة قد يكون يف �صالح أالطراف أالكرث‬
‫بالطراف أالقل تقدماً منها‪ .‬ومن هنا ف�إن كرثة اال�ستثناءات‬ ‫تقدماً من دول اجلنوب‪ ،‬بينما قد يلحق ال�ضرر أ‬
‫يف اتفاقات مناطق التجارة احلرة كثرياً ما ت�ؤدي �إىل تعطيلها من الناحية العملية‪ .‬ولذا يتعني مراعاة هذه‬
‫التباينات بني دول اجلنوب‪ ،‬وذلك بتنويع �أ�شكال التعاون‪ ،‬وبالرتكيز على مقاربات إالنتاج امل�شرتك �أكرث‬
‫من الرتكيز على مقاربات حترير التجارة‪ ،‬وبت�ضمني اتفاقات التعاون بني دول اجلنوب �إجراءات تكفل تعوي�ض‬
‫أالطراف املت�ضررة‪ .‬كما ينبغي احلذر �أي�ضاً من حماوالت ال�شمال �إف�شال التكامل االقت�صادي إالقليمي يف‬
‫دول اجلنوب‪ ،‬خا�صة من خالل �سعي ال�شمال �إىل �إحلاق دول اجلنوب باقت�صاداته و�أ�سواقه كما يف اتفاقات‬
‫ال�شراكة أالوروبية واتفاقات مناطق التجارة احلرة أالمريكية مع عدد من دول اجلنوب‪ ،‬مبا يف ذلك االتفاقات‬
‫غري املبا�شرة مثل اتفاقات الكويز �أي املناطق ال�صناعية امل�ؤهلة لدخول ال�سوق أالمريكي‪.‬‬
‫(‪)111‬‬

‫وختاماً‪ ،‬البد من إال�شارة �إىل �أن فر�ص تطبيق منوذج التنمية امل�ستقلة �سوف تتح�سن كثرياً �إذا‬ ‫ ‬
‫ما جنح املجتمع الدويل يف �إخ�ضاع العوملة لل�سيطرة �أو احلوكمة ‪ .‬واملقرتحات يف هذا ال�ش�أن كثرية‪ ،‬مثل‬
‫(‪)112‬‬

‫مقرتحات ن َّيار وكورت ب�ش�أن مراجعة مواقف و�سيا�سات امل�ؤ�س�سات املالية الدولية ذات ال�ش�أن أالكرب يف‬
‫ت�شكيل م�سرية العوملة (�صندوق النقد الدويل ‪ -‬البنك الدويل ‪ -‬منظمة التجارة العاملية)‪ ،‬وكذلك ب�ش�أن‬
‫�إخ�ضاع ممار�سات ال�شركات متعدية اجلن�سية‪ ،‬باعتبارها فاع ًال �أ�سا�سياً يف �صناعة العوملة‪ ،‬لبع�ض القواعد‬
‫الدولية الرامية �إىل جمابهة املمار�سات االحتكارية لهذه ال�شركات و�إىل احلد من جورها على ال�سيادة الوطنية‬
‫للدول النامية ‪ .‬وقد مت اختيار مقرتحات ن َّيار وكورت ألنها مبنية على االنتقادات التي وجهت �إىل توافق‬ ‫(‪)113‬‬

‫ولنها تتوافق مع ما ذهبت �إليه من �ضرورة‬ ‫وا�شنطن ‪ /‬منوذج الليربالية االقت�صادية اجلديدة يف هذه الورقة‪ ،‬أ‬
‫تو�سيع احليز الوطني املتاح ل�صياغة ا�سرتاتيجيات التنمية‪ ،‬و�ضرورة �إف�ساح املجال لدور �أ�سا�سي ون�شط للدولة‬
‫يف ت�صميم وتنفيذ �إ�سرتاتيجيات التنمية‪ ،‬و�ضرورة النظر �إىل عملية التحرير على �أنها عملية ت�ستغرق وقتاً‬
‫طوي ًال ويجب التقدم �إليها بتدرج حم�سوب وانتقائية متوافقة مع م�ستوى تطور كل دولة ومع قدرة القطاعات‬
‫املختلفة على املناف�سة الدولية‪.‬‬
‫الهوام�ش‬
‫(‪ )1‬ت�ضمن �إعالن أاللفية الذي �أقرته أالمم املتحدة يف عام ‪ 2000‬ثمانية �أهداف ‪ )MDGs): 1‬ـ الق�ضاء على الفقر املدقع واجلوع‪ 2 .‬ـ حتقيق تعميم‬
‫التعليم االبتدائي‪ 3 .‬ـ حتقيق امل�ساواة بني اجلن�سني ومتكني املر�أة‪ 4 .‬ـ تخفي�ض معدل وفيات أالطفال‪ 5 .‬ـ حت�سني ال�صحة النفا�سية‪ 6 .‬ـ مكافحة فريو�س‬
‫نق�ص املناعة الب�شرية ‪ /‬إاليدز واملالريا وغريهما من أالمرا�ض‪ 7 .‬ـ كفالة اال�ستدامة البيئية‪ 8 .‬ـ �إقامة �شراكة عاملية من �أجل التنمية‪ .‬ويتفرع عن‬
‫هذه أالهداف‪ 18 ،‬هدفاً‪ ،‬منها تخفي�ض ن�سبة ال�سكان الفقراء ون�سبة اجلياع �إىل الن�صف ما بني عامي ‪ 1990‬و‪ ،2015‬ومتكني جميع أالطفال من �إمتام‬
‫مرحلة التعليم االبتدائي بحلول عام ‪ ،2015‬وتخفي�ض معدل وفيات أالطفال مبقدار الثلثني ما بني عامي ‪ 1990‬و‪ ،2015‬و�إزالة التفاوت بني اجلن�سني‬
‫يف التعليم االبتدائي والثانوي بحلول عام ‪� .2005‬أنظر‪ :‬الربنامج إالمنائي أللمم املتحدة‪ ،‬اال�ستثمار يف التنمية‪ :‬خطة عملية لتحقيق الغايات إالمنائية‬
‫ألللفية‪ ،‬أالمم املتحدة‪ ،‬نيويورك‪.2005 ،‬‬
‫‪� 56‬إبراهيم العي�سوي‬

‫(‪ )2‬راجع‪ :‬اجلدول (‪ :)1‬االجتاهات الرئي�سية يف ما يتعلق بالغايات بح�سب املنطقة إالقليمية‪ ،‬يف الربنامج إالمنائي أللمم املتحدة‪ ،‬املرجع ال�سابق‪� ،‬ص ‪ 4‬ـ ‪.5‬‬
‫‪(3) UNDP, Human Development Report 2003, Overview, p. 2‬‬
‫(‪ )4‬هذه أال�سباب م�ستنبطة من تو�صيات تقرير‪ :‬اال�ستثمار يف التنمية‪ ،...‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.2‬‬
‫(‪� )5‬إنها حقا مفارقة غريبة �أن تت�ضمن الغاية (‪ )8‬من الغايات إالمنائية ألللفية (�إقامة �شراكة عاملية من �جل التنمية) الهدف (‪ “ :)12‬امل�ضي يف‬
‫أ‬
‫�إقامة نظام جتاري ومايل يت�سم باالنفتاح‪ ،‬والتقيد بالقواعد‪ ،‬والقابلية للتنب�ؤ به‪ ،‬وعدم التمييز‪.” ...‬‬
‫(‪ )6‬راجع هذه الق�صة يف‪:‬‬
‫‪Ha-Joon Chang, “Kicking away the ladder: Neoliberals rewrite history”,Monthly Review, vol. 54, no. 81, Janua-‬‬
‫‪ary 2003, pp. 10-15.‬‬
‫(‪ ) 7‬راجع‪� :‬إبراهيم العي�سوي‪ ،‬اجلات و�أخواتها ـ النظام اجلديد للتجارة العاملية وم�ستقبل التنمية العربية‪ ،‬مركز درا�سات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪.2001 ،‬‬
‫(‪ ,.UNDP et al, Making Global Trade Work for People, Earthscan Publications, 2003 )8‬والدرا�سة متاحة �أي�ضاً على موقع ‪UNDP‬‬
‫النرتنت ‪www.undp.org :‬‬ ‫على إ‬
‫‪(9) UNDP, Human Development Report 2005, op.cit.‬‬
‫‪(10) Broad-based inclusive growth‬‬
‫‪(11) Equity‬‬
‫‪(12) S.M. Shafaeddin, Trade liberalization and economic reform in developing countries: Structural change or‬‬
‫‪de-industrialization, UNCTAD, discussion Paper, no.179, April 2005.‬‬
‫وقد ا�شتملت عينة الدرا�سة على ‪ 46‬دولة منها ‪ 20‬دولة ذات منو مرتفع لل�صادرات و‪ 20‬دولة ذات منو متو�سط لل�صادرات و‪ 6‬دول ذات منو‬
‫منخف�ض لل�صادرات‪.‬‬
‫(‪ )13‬ي�ستدل على ارتقاء الهيكل ال�صناعي (‪ )upgrading‬بالتحول �إىل ال�صناعات الهند�سية وال�صناعات كثيفة االعتماد على البحث والتطوير‬
‫والجهزة‪ ،‬وبرتاجع ن�صيب �صناعات التجميع وال�صناعات القائمة على املوارد‬ ‫والدوات أ‬‫ك�صناعة ال�سلع إالنتاجية والكيماويات الدقيقة أ‬
‫الطبيعية‪.‬‬
‫ؤ‬ ‫أ‬
‫(‪ ) 14‬ي�ستدل على تراجع �و تفكيك الت�صنيع (‪ )de-industrialization‬برتاجع م��شر ن�سبة القيمة امل�ضافة يف ال�صناعات التحويلية �إىل الناجت‬
‫املحلي إالجمايل‪.‬‬
‫‪(15) K. Bezanson, A Science, technology and industry strategy for Vietnam, prepared as part of the UNDP/UNIDO‬‬
‫‪project DP/VIE/99/002: Vietnam-contribution to the preparation of the socio- economic development strategy‬‬
‫)‪to the year 2010» , March 2000 (www.unido.org‬‬
‫‪(16) UJNCTAD, The Least Developed Countries Report 2004, UNCTAD, May 2004-over view.‬‬
‫‪(17) Development-led trade‬‬

‫(‪ )18‬النمو عمومي النفع ‪ ،Inclusive growth‬وذلك خالفاً ملا هو مالحظ من ميل أالن�شطة الت�صديرية للرتكز يف جيوب حمدودة من االقت�صاد‬
‫الوطني‪ ،‬كما كان ال�ش�أن يف النمط اال�ستعماري للنمو‪ .‬ومن �أمثلة هذه اجليوب مناطق جتهيز ال�صادرات املعتمدة على ا�سترياد املدخالت‬
‫واملناطق ال�سياحية التي تتزود باحتياجاتها من خالل اال�سترياد وال�صناعات إال�ستخراجية املتمركزة يف مناطق حمدودة �أو نائية من‬
‫الدولة‪.‬‬
‫(‪ )19‬ي�شري “التدرج” �إىل ال�سرعة التي يتم بها التحرير‪ ،‬بينما ي�شري “العمق” �إىل مدى �شمول التحرير للقطاعات املختلفة‪.‬‬
‫‪(20) UNCATD, op.cit, p. 21‬‬
‫(‪ )21‬ومن املالحظ �أن �أهداف التجارة امل�شار �إليها‪ ،‬ال تقت�صر على الت�صدير‪ ،‬و�إمنا ت�شمل زيادة االنفتاح‪ ،‬وزيادة القدرة التناف�سية‪ ،‬وتنويع‬
‫ال�صادرات‪ ،‬وتخفي�ض عدم اال�ستقرار يف ال�صادرات‪ ،‬وتطوير منتجات ت�صديرية جديدة‪ ،‬مبا يف ذلك ال�صادرات عالية القيمة الزراعية‬
‫‪57‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫وال�صناعية وال�سياحية‪ ،‬وتنمية الروابط التجارية إالقليمية‪ .‬كما جتدر إال�شارة �إىل �أن التقرير ال يعترب �أن �إ�سرتاتيجية النمو بقيادة ال�صادرات‬
‫لي�ست هي إال�سرتاتيجية الوحيدة املتاحة يف بيئة اقت�صادية مفتوحة وحمررة‪ ،‬فهناك بدائل تنمو فيها ال�صادرات مبعدل كاف‪ ،‬ولكنها ال‬
‫ت�شكل �أهم عنا�صر الطلب الكلي مثل �إ�سرتاتيجية النمو بقيادة ال�صادرات ولكن بوجه �إن�ساين (بالرتكيز على روابط تعميم منافع النمو‬
‫و�إ�شباع احلاجات أال�سا�سية)‪ ،‬و�إ�سرتاتيجية النمو املتوازن (باالرتكاز على منو إالنتاجية الزراعية والت�صنيع)‪ ،‬و�إ�سرتاتيجية ت�صنيع بقيادة‬
‫التنمية الزراعية‪ ،‬و�إ�سرتاتيجية التنمية والتنويع‪ ،‬و�إ�سرتاتيجية عناقيد إالنتاج (‪ )production clusters‬املعتمدة على قاعدة املوارد الطبيعية‪،‬‬
‫وال�سرتاتيجية التنموية متعددة أالجنحة (تطوير املنتجات القابلة لالجتار ذات القدرة التناف�سية واملنتجات غري القابلة لالجتار ذات الكثافة‬ ‫إ‬
‫العمالية العالية‪ ،‬والتطوير التقني ألن�شطة الكفاف)‪ .‬راجع التقرير‪.UNCTAD, op.cit, p. 24 :‬‬
‫‪(22) Christian Aid, The Economics of Failure: The real cost of ‘free’ trade for poor countries’ , A Christian Aid Briefi-‬‬
‫‪ing paper, July, 2005. A summary of the findings is available on: www.africafocus.org.‬‬
‫(‪ )23‬بعبارة �أخرى ف�إن مبلغ الـ ‪ 272‬مليار دوالر‪ ،‬ميثل الزيادة يف الناجت املحلي إالجمايل التي كانت �ستعود على الدول املعنية يف ما لو مل تكن قد‬
‫حررت جتارتها وفتحت �أ�سواقها‪.‬‬
‫(‪ )24‬ال ينكر التقرير �أن بع�ض النا�س قد �أ�صبحوا �أقل فقراً بعد حترير التجارة‪ ،‬وال يقول �أن الدول التي حررت جتارتها مل ت�شهد منواً‪ ،‬ولكنه يقول‪،‬‬
‫�أن النمو �سيكون �أعلى‪ ،‬و�أن تخفي�ض الفقر �سيكون �أ�سرع يف ما لو مل تتحرر جتارة الدول أالفريقية جنوب ال�صحراء‪.‬‬
‫(‪ ) 25‬علي عبد القادر علي‪ ،‬العوملة وق�ضايا امل�ساواة يف توزيع الدخل يف الدول العربية‪� ،‬سل�سلة �إجتماعات اخلرباء‪ ،‬العدد (‪ ،)13‬املعهد العربي‬
‫للتخطيط‪ ،‬الكويت‪ ،‬فرباير ‪.2005‬‬
‫آ‬
‫(‪ )26‬خارجيات ‪� ،externalities‬أي منافع �أو م�ضار تنتج عن امل�شروع اخلا�ص‪ ،‬تفيد الخرين �أو ت�ضرهم‪ ،‬ولكنها ال تدخل‬
‫يف ح�سابات امل�شروع ذاته وال توثر يف القرارات التي تتخذها �إدارته‪.‬‬
‫(‪� )27‬سبق �أن عوجلت من قبل امل�ؤلف ق�ضايا ال�سوق ودور الدولة والتخطيط يف التنمية يف كتابه‪:‬التنمية يف عامل متغري‪ ،‬دار ال�شروق‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫طبعة‬
‫ثالثة‪ .2003 ،‬ولال�ستزادة ميكن الرجوع �إىل ال�صفات ‪ 59‬ـ ‪ 83‬من هذا الكتاب‪.‬‬
‫(‪ )28‬عادل العزبي‪“ ،‬ال�صناعة امل�صرية ـ املعوقات والتحديث والتحديات” ورقة مقدمة مل�ؤمتر �أولويات اال�ستثمار ال�صناعي يف م�صر‪ ،‬معهد التخطيط‬
‫القومي‪ ،‬القاهرة‪ 19 ،‬ـ ‪ 20‬نوفمرب ‪.2005‬‬
‫(‪� ) 29‬أخبار اليوم‪ 18 ،‬فرباير ‪.2006‬‬
‫(‪ ) 30‬وردت هذه ال�شروط يف‪ Todaro and Smith :‬مرجع �سابق‪� ،‬ص �ص ‪ 699 – 698‬نق ًال عن‪:‬‬
‫‪N. Keyfitz and R. Dorfman, The market economy is the best, but not the easiest, memeographed, 1991.‬‬
‫(‪ Todaro and Smith )31‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‪.700‬‬
‫(‪ )32‬للمزيد حول العالقة بني برامج الت�صحيح والتنمية‪ ،‬راجع ‪ :‬رمزي زكي (حمرر)‪ ،‬ال�سيا�سات الت�صحيحية والتنمية يف الوطن العربي‪،‬‬
‫املعهد العربي للتخطيط‪ ،‬الكويت‪.1989 ،‬‬
‫(‪ )33‬ومل يكتف البنك الدويل برتويج وهم االعتماد على ال�سوق يف التجارب آال�سيوية‪ ،‬بل منع ن�شر التحليالت امل�ضادة لهذا التوجه حتى‬
‫عندما جاءته من ق�سم تقييم العمليات التابع له‪ .‬وتذكر ‪� ،Alice Amsden‬أن البنك رف�ض ن�شر حتليل لهذا الق�سم �أ�شري فيه �إىل جلوء‬
‫احلكومات يف كوريا اجلنوبية وتايوان �إىل التدخل على نطاق وا�سع يف عمل أال�سواق من �أجل �إجناز الت�صنيع‪ .‬راجع ‪،Todaro and Smith‬‬
‫ومرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.728‬‬
‫آ‬
‫(‪� )34‬أنظرـ مث ًال ـ كتاب امل�ؤلف‪ :‬منوذج النمور ال�سيوية والبحث عن طريق للتنمية يف م�صر‪ ،‬دار الثقافة اجلديدة‪ ،‬القاهرة‪.1994 ،‬‬
‫(‪ )35‬مقتب�س يف ‪ ،Todaro & Smith‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،703‬نق ًال عن‪:‬‬
‫‪Dani Rodrik,“ Understanding economic Policy Reform”, Journal of Economic Literature, No. 34, March 1996.‬‬
‫(‪ )36‬املقال من�شور يف جريدة أ‬
‫الوبزيرفر (‪ )Observer‬الربيطانية بعنوان ‪ ،”Bring back the state“ :‬وقد �أعيد ن�شره على املوقع التايل ‪www.iatp. :‬‬
‫‪. org‬‬
‫‪(37) Erick Thorbecke, “ The evolution of the development doctrine, 1950 - 2005” in WIDER, The Future of Develop‬‬
‫‪ment Economics, WIDER Jubilee Conference, Helsinki, 17-18 June2005, p. 42.‬‬
‫‪(38) UNRISD, Visible Hands: Taking responsibility for social development, Geneva, 2000.‬‬
‫‪� 58‬إبراهيم العي�سوي‬

‫والرتجمة العربية حتمل العنوان التايل‪� :‬أياد مرئية‪ ،‬حتمل امل�سئولية من �أجل التنمية االجتماعية‪ ،‬اال�سكوا‪ ،‬بريوت‪.2002 ،‬‬
‫النرتنت‪www.unctad.org :‬‬ ‫(‪ )39‬راجع مقود أالونكتاد على إ‬
‫(‪ ،UNDP et al, Making global trade )40‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪Sanjaya Lall, Governments and Industrialization: The role of policy interventions, a paper presented to the )41‬‬
‫‪ .“ Global Forum on Industry-Perspectives for 2000 and beyond”, New Delhi, Oct. 1995 www.unido.org‬ومن‬
‫املهام التي ي�ؤكد على �ضرورة قيام الدولة بها ‪ :‬تتبع تطور الو�ضع التناف�سي للقطاع ال�صناعي‪ ،‬والتعرف على طاقات التجمعات �أو العناقيد‬
‫ال�صناعية القائمة والتي ميكن االرتقاء بها باملوارد املحدودة املتاحة‪ ،‬واختيار جماالت جديدة للتناف�سية �أو انتقاء ال�صناعات املر�شحة للنجاح‬
‫(‪ )picking winners‬قابلة للتطوير لتنويع �صادرات الدولة‪ ،‬وت�صميم �سيا�سات منا�سبة لتح�سني تناف�سية ال�صناعات‪ ،‬وتقوية قواعد املعلومات‬
‫واملوارد إالدارية والب�شرية الالزمة لتنفيذ هذه ال�سيا�سات‪ ،‬مبا فيها إال�صالحات التنظيمية يف اجلهاز احلكومي‪ ،‬ودعم ال�صناعات النا�شئة‪،‬‬
‫وتقوية الت�شابكات بني املن�ش�آت ال�صغرية والكبرية‪ ،‬والتدريب املوجه لتنمية مهارات �صناعية حمددة‪ ،‬وتقدمي الدعم لن�شر العمل مبعايري اجلودة‬
‫العاملية ورفع �إنتاجية املن�ش�آت‪.‬‬
‫(‪ )42‬االقتبا�سات من �ص ‪ 69‬و�ص ‪ 71‬على التوايل من مقال‪:‬‬
‫‪Ismail Sirageldin, “Globalization, regionalization and recent trade agreements: Impact on Arab countries”,‬‬
‫‪Journal of Development and Economic Policies (API, Kuwait), vol. 1, no. 1, Dec. 1998.‬‬
‫‪(43) K. Bezanson, op.cit., pp. 52-53.‬‬
‫‪(44) Second best solution‬‬
‫�أنظر‪:‬‬ ‫(‪)45‬‬
‫‪T. Irwin and C. Yamamoto, Some options for Improving the governance of state-owned electricity utilities,‬‬
‫‪Energy and Mining Sector Board, The World Bank, Discussion paper no. 11, Feb. 2004 (www.worldbank.‬‬
‫‪org), pp. 11-17.‬‬
‫(‪.OECD, OECD Guidelines on Corporate Governance of State-Owned Enterprises»OECD, Paris,2005 )46‬‬
‫والتقرير حري�ص ـ مثل تقرير البنك الدويل على بيان �أن التقدم بهذه القواعد ال يق�صد منه معار�ضة �سيا�سة اخل�صخ�صة �أو تثبيط همة دول‬
‫أالع�ضاء يف منظمة التعاون االقت�صادي والتنمية عن تنفيذ برامج للخ�صخ�صة‪.‬‬
‫(‪ ) 47‬حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي‪� ،‬أزمة م�صر الراهنة والطريق نحو اخلروج منها‪ ،‬تقرير مقدم �إىل امل�ؤمتر االقت�صادي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬فرباير‬
‫‪� ،1982‬ص �ص ‪ 116‬ـ ‪ ،188‬يف �ش�أن القطاع العام‪ ،‬و �ص �ص ‪ 90‬ـ ‪ 94‬يف �ش�أن الدعم‪.‬‬
‫(‪ )48‬ثمة مقرتحات �أخرى طرحت منذ ‪� 16‬سنة إل�صالح القطاع العام يف الدول العربية‪ ،‬راجع ‪ :‬جمموعة م�لفني‪ ،‬القطاع العام والقطاع اخلا�ص‬
‫ؤ‬
‫يف الوطن العربي‪ ،‬مركز درا�سات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪.1990 ،‬‬
‫(‪ )49‬البيانات يف هذه الفقرة والفقرة ال�سابقة من‪UNCTAD, World Investment Report 2004: (www.unctad.org(:‬‬
‫(‪ )50‬امل�صدر‪:‬‬
‫‪M. Hart-Landsberg and P. Burkett, China and Socialism-Market Reforms and Class Struggle, Monthly Review,‬‬
‫‪Vol. 56, No. 3, July - August 2004, p. 117‬‬
‫‪(51) C. Raghaavan, « FDI needs differentiated strategic approach», www.twniside.org.sg‬‬
‫‪(52) UNCTAD. World Investment...‬‬
‫‪(53) , op.cit. p. 4.‬‬ ‫‪“Sanjaya Lall, « Governments and Industrialization...‬‬

‫(‪ )54‬وردت هذه املالحظات يف عر�ض ‪ Chakravarthi Raghavan‬ملقال ‪ M. Panic‬ومقال ‪ M. Mortimore‬املن�شورين يف كتاب ‪:‬‬
‫‪R. Kozul-Wright and R. Rowthorn (eds), Transnational Corporations and the Global Economy , Macmillan‬‬
‫‪.Press for UNU/WIDER, London, 1995‬‬
‫راجع‪C. Raghavan, “ Globalization Policies may disintegrate world economy :” www.twnside.org.sg :‬‬
‫‪(55) Vulnerability‬‬
‫‪59‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫(‪ )56‬د‪ .‬حممد ال�سيد �سليم‪“ ،‬هكذا حتدث مهاتري حممد يف عيد ميالده الثمانني”‪ ،‬العربي‪� 11 ،‬سبتمرب ‪.2005‬‬
‫أ‬
‫(‪� )57‬أنظر‪ ،Todaro and Smith :‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ .703‬ومع ذلك مل تنج هاتان الدولتان من الوقوع يف الزمة املالية‬
‫آال�سيوية يف عام ‪.1997‬‬
‫‪(58) Steven H. Hanke, Privatization and Development, Institute for Contemporary Studies, San Francisco, 1987, p. 188‬‬
‫(‪� )59‬أذيع هذا اخلرب م�ساء ‪ 17‬فرباير ‪ 2006‬على حمطة يورونيوز‪� .‬أنظر‪� .www.euronews.net :‬أنظر �أي�ضاً ‪ www.bbc.co.uk‬يف ‪ 21‬فرباير ‪.2006‬‬
‫(‪ )60‬راجع‪ :‬على توفيق ال�صادق وعلى �أحمد البلبل (حمرران)‪ ،‬العوملة و�إدارة االقت�صادات الوطنية‪� ،‬صندوق النقد العربي‪ ،‬وقائع الندوة التي‬
‫عقدت يف ‪ 18‬ـ ‪ 19‬نوفمرب ‪� ،2000‬ص ‪ 134‬و �ص ‪ 276‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ) 61‬وهذه من الق�ضايا التي �أوالها م�ؤمتر أالمم املتحدة احلادي ع�شر للتجارة والتنمية الذي عقد يف �ساو باولو بالربازيل يف يونيو ‪ 2004‬اهتماماً‬
‫كبرياً‪ .‬ولذا �شدد البيان اخلتامي للم�ؤمتر على �أهمية تو�سيع احليز املتاح لل�سيا�سة االقت�صادية الكلية للدول النامية (‪National Policy‬‬
‫‪ )Space‬من �أجل حتقيق التنمية الوطنية‪� .‬أنظر ‪ .www.unctad.org‬و�أكد البيان �أي�ضاً‪ ،‬على �أن من حق كل دوله من الدول النامية‬
‫�أن جتري تقييما يوازن بني فوائد قبول القواعد وااللتزامات الدولية‪ ،‬وبني القيود التي تن�ش�أ عن تقلي�ص جمال التحرك املتاح لل�سيا�سات‬
‫الوطنية‪ ،‬وذلك يف �ضوء �أهداف التنمية التي ت�سعى لتحقيقها‪ .‬و يف هذا ال�سياق اعترب امل�ؤمتر �أن حماولة اقحام ق�ضايا اال�ستثمار وامللكية‬
‫الفكرية على جدول �أعمال منظمة التجارة العاملية‪ ،‬ال مربر لها‪ ،‬حيث ال عالقة لها باملو�ضوع أال�سا�سي للمنظمة وهو التجارة‪.‬‬
‫ال قليمـي للحكـم التقدمـي‪ ،‬يف ‪ 28‬يوليو من عام‬ ‫(‪ )62‬راجـع خطـاب‪ Thabo Mbeki :‬رئـي�س جنـوب �أفريقيـا �أمـام امل� ؤمتـر إ‬
‫‪ ،Progressive Governance Regional Conference ،2005‬املن�شور يف‪South Bulletin, no. 109, August :‬‬
‫‪ ،2005‬بعنوان‪Putting People First in a Progressive Agenda, pp. 378-382 :‬‬
‫‪(63) SAPRIN = The Structural Adjustment Participatory Review International Network.‬‬
‫وهي �شبكة ت�ضم عدداً كبرياً من منظمات املجتمع املدين يف ت�سع دول نامية أ‬
‫(الرجنتني ـ بنجالدي�ش ـ إالكوادور ـ ال�سلفادور ـ غانا ـ‬
‫املك�سيك ـ الفلبني ـ �أوغندة ـ زمبابوي ) ودولة من الدول اال�شرتاكية �سابقاً وهي‪ :‬املجر‪ ،‬وتتعاون مع منظمات غري حكومية يف كل من‬
‫�أوروبا وكندا والواليات املتحدة‪ .‬وت�ضم ال�شبكة ممثلني لنقابات العمال وجمعيات �صغار رجال أالعمال واملزارعني‪ ،‬واملنظمات املعنية‬
‫بالبيئة‪ ،‬وجمعيات املر�أة وجمعيات حقوق إالن�سان واجلمعيات الدينية‪ ،‬وروابط ال�شباب‪ ،‬و�أرباب املعا�شات‪� ،‬إ�ضافة �إىل عدد من معاهد‬
‫بحوث التنمية‪.‬‬
‫يعرف امل�شروع با�سم مبادرة املراجعة الت�شاركية لربامج التكيف الهيكلي‪:‬‬ ‫(‪)64‬‬
‫‪SAPRI : Structural Adjustment Participatory Review Initiative‬‬
‫‪(65) Foundations‬‬
‫�أعلن عن �صدور التقرير يف بروك�سل يف �أبريل من عام ‪ 2002‬ون�شر التقرير يف عام ‪:2004‬‬ ‫(‪)66‬‬
‫‪SAPRIN, Structural Adjustment: The SAPRI Report: The Policy Roots of Economic Crisis, Poverty and Ine-‬‬
‫‪equality, Zed Books (London and New York), TWN (Malaysia), Books for Change (India) and IBON (Phillpp-‬‬
‫‪pines), 2004.‬‬
‫‪(67) Underemployment‬‬
‫قارن ذلك باخلطاب الر�سمي لتوافق وا�شنطن‪...‬‬ ‫(‪)68‬‬
‫‪(69) V. Polterovitch and V. Popov. «Appropriate economic policies at different stage of development», WIDER,‬‬
‫‪The Future of Development Economics, op.cit.‬‬
‫ح�سب م�ؤ�شرات التنمية الدولية‪ ،‬كان معدل النمو ال�سنوي يف متو�سط الدخل احلقيقي للفرد يف �أفريقيا جنوب ال�صحراء –‪ %1‬يف‬ ‫(‪)70‬‬
‫ثمانينات القرن املا�ضي وحوايل ‪ %0.3‬يف الفرتة ‪ 1990‬ـ ‪� 2003‬أنظر‪:‬‬
‫‪World Bank, World Development Indicators 2003 and 2005.‬‬
‫“الهرام” �إىل دول �أمريكا الالتينية‪ ،‬أالهرام‪� 12 ،‬أبريل ‪ .2005‬وقد ن�شرت هذه التحقيقات الحقاً يف كتاب‪ :‬بعثة‬ ‫(‪ )71‬راجع حتقيقات بعثة أ‬
‫أالهرام‪� ،‬أمريكا الالتينية‪ .‬درو�س يف النهو�ض الوطني‪ ،‬أالهرام‪ ،‬القاهرة‪.2005 ،‬‬
‫(‪� )72‬إبراهيم العي�سوي‪“ ،‬منوذج التنمية الر�أ�سمالية ومدى مالءمته مل�صر يف �ضوء نتائج تطبيقه»‪ ،‬بحث مقدم �إىل امل�ؤمتر ال�سابع للجمعية العربية‬
‫للبحوث االقت�صادية‪ ،‬القاهرة‪ 28 ،‬ـ ‪ 30‬مايو ‪.2005‬‬
‫‪� 60‬إبراهيم العي�سوي‬

‫(‪� .De-industrialization )73‬أنظر مثالً‪ :‬جودة عبد اخلالق‪ ،‬التثبيت والتكيف يف م�صر ـ �إ�صالح �أم �إهدار للت�صنيع ؟‪ ،‬ترجمة �سمري كرمي‪ ،‬املجل�س‬
‫ال�شارة �إليها‪Shafaeddin, op.cit :‬‬ ‫أالعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪ .2004 ،‬وهو ما يتوافق مع نتائج درا�سة ‪ UNCTAD‬ال�سابق إ‬
‫(‪ )74‬للمزيد راجع �إبراهيم العي�سوي‪ ،‬ق�صة املعونة أالمريكية مل�صر‪ ،‬دار العامل الثالث‪ ،‬القاهرة‪.2004 ،‬‬
‫‪(75) World Bank, World Development Report 1987 (Barriers to adjustment and growth in the world , industrializa-‬‬
‫‪tion and foreign trade).‬‬
‫ومت االعتماد يف هذه الفقرة والفقرتني التاليتني على تلخي�ص اجلدل مع البنك الدويل حول حترير التجارة الوارد يف‪:‬‬
‫‪.S.M. Shafaeddin, op.cit., pp. 305‬‬
‫(‪ )76‬للمزيد حول �أهمية التدرج واالنتقائية يف حترير التجارة‪ ،‬راجع ‪:‬‬
‫‪S. Lall, “Governments and industrialization “ , op.cit., p. 26; S. Dhanani, Indonesia: Strategy for Manufacturi-‬‬
‫‪ing Competitiveness,” Vol. 11, Main Report, UNDP/UNIDO Project no. NC/INS/99/004, Jakarta, 2000 (www.‬‬
‫‪unido.org), p. 13.‬‬
‫‪(77) R. Chang, L. Kaltani and N. Loayza, Openness can be good for growth: The role of policy complemenatri‬‬
‫‪ties, W.B. Policy Research Working Paper no. 3763, The World Bank, 2005; B. Bolaky and C. Freund, Trade,‬‬
‫‪regulation, and growth, W.B. Policy Research Working Paper. No. 3255, The World Bank, 2004; G. Perry‬‬
‫‪and M. Olarreaga, Trade liberalization, inequality, and poverty reduction in Latin America “ , paper presented‬‬
‫‪at ABCDE (Annual World Bank Conference on Development Economics), S. Petersburg, Jan. 2006 (www.‬‬
‫‪Worldbank.org).‬‬
‫‪(78) Bolaky and Freund, ibid, pp. 22-23.‬‬
‫(‪ .Change, Kaltani and Loayza, op.cit., p. 4 )79‬يالحظ �أنه مل يثبت ت�أثري معنوي �إح�صائيا للمرونة يف خروج املن�ش�آت على النمو يف‬
‫(الثر التفاعلي بني مرونة خروج املن�ش�آت وبني حترير التجارة)‪ ،‬نف�س املرجع‪� ،‬ص ‪ .23‬وهذا ما لوحظ �أي�ضاً يف درا�سة‬‫حالة حترير التجارة أ‬
‫بريي و �أوالريجا‪ ،‬مرجع �سبق ذكره‪� ،‬ص ‪� .36‬أي�ضاً مل يظهر ت�أثري معنوي أللثر التفاعلى بني الت�ضخم وحترير التجارة على النمو االقت�صادي‬
‫يف الدرا�سة أالوىل ( �ص ‪. ) 23‬‬
‫‪(80) One-size fits all approach‬‬
‫‪(81) G. Perry and M. Olarreaga, op.cit., pp. 35-36.‬‬
‫املرجع نف�سه‪� ،‬ص ‪.37‬‬ ‫(‪)82‬‬
‫(‪C. Calderon, N. Loayze and K. Schmidt-Hebbel, External conditions and growth performance, Central Bank of )83‬‬
‫‪ ..Chile, Working paper, no. 292, 2004‬والدرا�سة م�شار �إليها يف ‪.Change, Kaltani and Loayza, op.cit., p.7‬‬
‫مبعنى قطع الروابط مع العامل اخلارجي ‪.De-linking‬‬ ‫(‪)84‬‬
‫‪(85) Self-safficiencg or autarchy‬‬
‫(‪� )86‬إ�سماعيل �صربي عبد اهلل‪ ،‬م�صر التي نريدها‪ ،‬دار ال�شروق‪ ،‬القاهرة‪ .1992 ،‬وثمة تراث عربي وعامل ثالث ثري يف مو�ضوع االعتماد على‬
‫ الذات نذكر منه على �سبيل املثال‪ :‬حممد زكي �شافعي و رمزي زكي (حمرران)‪ ،‬نحو اقت�صاد م�صري يعتمد على الذات‪ ،‬الهيئة امل�صرية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،1984 ،‬رمزي زكي‪ ،‬االعتماد على الذات‪ ،‬املعهد العربي للتخطيط ودار ال�شباب‪ ،‬القاهرة‪ ،1987 ،‬حممد دويدار‬
‫و�آخرون‪� ،‬إ�سرتاتيجية االعتماد على الذات‪ ،‬من�ش�أة املعارف‪ ،‬إال�سكندرية‪ ،1980 ،‬جلنة اجلنوب‪ ،‬التحدي �أمام اجلنوب‪ ،‬تقرير جلنة اجلنوب‪،‬‬
‫ترجمة عطا عبد الوهاب‪ ،‬مركز درا�سات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪.1990 ،‬‬
‫(‪ )87‬يذكر تقرير التنمية الب�شرية ‪( 2005‬الربنامج إالمنائي أللمم املتحدة ـ امللخ�ص) �أن الدول املتقدمة قد حتايلت على مقررات منظمة التجارة العاملية‬
‫ب�ش�أن تخفي�ض الدعم الزراعي‪ ،‬وذلك ب�إعادة هيكلة هذا الدعم بد ًال من تخفي�ض �إجمايل خم�ص�صاته‪ .‬فقد حولت ن�سبة كبرية من الدعم‬
‫الزراعي �إىل أالبواب امل�سموح بها بدرجة �أو �أخرى يف �إتفاقية الزراعة‪� ،‬أي من ال�صندوق الربتقايل (الدعم اخلا�ضع للتخفي�ض) �إىل ال�صندوقني‬
‫والزرق (دعم م�سموح به طاملا اقرتن بتخفي�ض للم�ساحات املنزرعة)‪ .‬واحلق �أن خم�ص�صات الدعم الزراعي قد‬ ‫أالخ�ضر (دعم م�سموح به) أ‬
‫ازدادت يف الدول املتقدمة‪ .‬و�إذا كانت هذه الدول تقدم معونات للزراعة يف الدول الفقرية تزيد قلي ًال عن مليار دوالر يف ال�سنة‪ ،‬ف�إنها تقدم دعماً‬
‫ملزارعيها مبا يقل قلي ًال عن مليار دوالر يف اليوم‪� .‬ص �ص ‪32‬ـ‪.34‬‬
‫‪61‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫(‪ )88‬راجع ‪� :‬إبراهيم العي�سوي‪“ ،‬العوملة االقت�صادية بني حتمية اال�ستمرار واحتماالت الرتاجع”‪ ،‬جملة النه�ضة‪ ،‬كلية االقت�صاد والعلوم‬
‫ال�سيا�سية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬العدد (‪� ،)1‬أكتوبر ‪.1999‬‬
‫(‪ )89‬يف مقابل نظرة �أن�صار توافق وا�شنطن �إىل كل من الهند وال�صني وما حققتاه من جناح ن�سبى على �أنه يقدم حججاً ل�صالح العوملة‪ ،‬يذكر‬
‫“رينريت” �أن هذه النظرة تنطوي على جتاهل �أن ال�صني والهند مل ي�سريا ألكرث من ن�صف قرن وفق ال�سيا�سات التي ين�ص عليها توافق‬
‫وا�شنطن‪ ،‬و�أنهما �أخذا ب�سيا�سات مغايرة‪ ،‬تتفق مع ما يطلق عليه ا�سرتاتيجيات “القانون آالخر” ‪� The Other Canon‬أي ا�سرتاتيجيات‬
‫التنمية البديلة التي يتبناها رينريت‪� .‬أنظر‪:‬‬
‫‪E.S. Reinert, “The other canon and uneven growth”, in S. De Paula and G. Dymski (eds), Reimaging Growth,‬‬
‫‪Towards a Renewal of Development Theory, Zed Books, London and New York, 2005.‬‬
‫وهو ما ينطبق بالطبع على النمور آال�سيوية ـ قدميها وجديدها‪.‬‬
‫(‪ )90‬لي�س غائباً عنا دور امل�ستعمرات وما ا�ستنزف منها من فوائ�ض اقت�صادية �أ�سهمت يف تقدم الدول الر�أ�سمالية الغربية‪ .‬ولكن هذا اخليار مل‬
‫يعد بالطبع متاحاً �أمام الدول النامية يف الوقت الراهن‪.‬‬
‫(‪ )91‬البنك الدويل‪ ،‬م�ؤ�شرات التنمية الدولية ‪) CD-ROM ( 2005‬‬
‫(‪ )92‬الحظ �أن �سنغافورة وهوجن كوجن من الدول التي �سجل فيها اال�ستثمار أالجنبي كن�سبة من التكوين الر�أ�سمايل الثابت م�ستويات بالغة‬
‫االرتفاع يف عدد غري قليل من ال�سنوات (�سنغافورة ‪ %42 :‬يف عام ‪ 1988‬و‪ % 60‬يف عام ‪ 1999‬و‪ %93‬يف عام ‪ ،2003‬وهوجن كوجن‪ %60 :‬يف‬
‫عام ‪ ،1999‬و‪ %133‬يف عام ‪ 2000‬و‪ %56‬يف عام ‪ .) 2001‬ومع ذلك فقد حافظتا على معدالت مرتفعة لالدخار املحلي‪.‬‬
‫(‪ )93‬البنك الدويل‪ ،‬م�ؤ�شرات التنمية الدولية ‪ ،2005‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪ )94‬راجع يف معنى الفائ�ض االقت�صادي و�أنواعه‪,Paul Baran, The Political Economy of Growth, Monthly Review Press :‬‬
‫‪.N.Y. & London, 1957‬‬
‫(‪ )95‬راجع ‪ :‬رمزي زكي‪ ،‬االعتماد على الذات‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.123‬‬
‫‪(96) UNIDO, Industrial Development Report 2005 (Capability building for catching up), UNIDO, Vienna, 2005.‬‬
‫(‪ )97‬يقول تقرير جلنة اجلنوب‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 131‬ـ ‪« :132‬من املحتم �إعطاء أال�سبقية لتلبية احلاجات أال�سا�سية للنا�س‪ .‬ومن هنا‬
‫ينبغي �أن ين�صب الت�شديد بقوة على أالمن الغذائي وال�صحة والتعليم واال�ستخدام‪ ،‬وهذه كلها �ضرورية لتعزيز القدرات الب�شرية ومتكينها‬
‫من مواجهة التحدي الذي تفر�ضه تنمية متوا�صلة»‪.‬‬
‫(‪ )98‬طبقاً لد�ستور عام ‪� 1988‬أن�ش�أت الربازيل �أكرث من ‪ 500‬جمل�س �صحي إلدارة ال�سيا�سة ال�صحية على امل�ستوى املحلي‪ .‬وتتكون هذه املجال�س‬
‫من ممثلني أللحياء ال�سكنية واحلركات االجتماعية ومنظمات املجتمع املدين ومقدمي اخلدمة وممثلني �آخرين منتخبني‪.‬‬
‫(‪ )99‬ت�ضمن د�ستور فينزويال املو�ضوع يف عام ‪ 2000‬حق املواطنني يف طلب اال�ستفتاء على �سحب التفوي�ض ال�سابق منحه من جانبهم‬
‫ل�شاغلي املنا�صب العامة باالنتخاب على امل�ستوى املركزي وعلى امل�ستويات املحلية‪ ،‬مبن فيهم رئي�س اجلمهورية‪ ،‬وذلك بعد انق�ضاء‬
‫ن�صف املدة املقررة ل�شغل املن�صب‪.‬‬
‫(‪ )100‬للمزيد حول أالفكار التي وردت يف هذه الفقرة والفقرة ال�سابقة لها‪ ،‬راجع امل�صدر الذي �صاغها‪ ،‬وهو ‪:‬‬
‫‪S. Hickey and G. Mohan (eds), Participation – From tyranny to transformation?, Zed Books, London and New‬‬
‫‪York, 2004,‬‬
‫وبخا�صة الف�صالن أالول والثاين‪.‬‬
‫راجع يف ذلك حمبوب احلق‪� ،‬ستار الفقر‪ ،‬ترجمة �أحمد ف�ؤاد بلبع‪ ،‬الهيئة امل�صرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪ ،1977 ،‬وكذلك‪:‬‬ ‫(‪)101‬‬
‫‪H. Chenery et. al, Redistribution with Growth, Oxford University Press, 3rd Printing, 1976.‬‬
‫‪(102) Trickle-down effect‬‬

‫للمم املتحدة‪ ،‬تقرير التنمية الب�شرية‪� ،‬أعداد خمتلفة‪ ،‬وكذلك البنك الدويل‪ ،‬تقرير التنمية يف العامل‬‫(‪� )103‬أنظر مثال الربنامج إالمنائي أ‬
‫‪ ،2000/1999‬حيث يعترب �أن من الدرو�س التي ميكن اخلروج بها من درا�سة خربات التنمية خالل ن�صف قرن‪� :‬ن النمو ال يت�ساقط‪،‬‬
‫أ‬
‫بل ينبغي �أن تخاطب التنمية احلاجات إالن�سانية ب�شكل مبا�شر‪� .‬أنظر �أي�ضاً‪ ،E. Thorbecke :‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 37‬وت�أكيده على �أن‬
‫الالم�ساواة أالكرب ت�ؤدي �إىل منو �أقل‪ ،‬وتو�ضيحه للقنوات التي تتبلور من خاللها هذه العالقة‪.‬‬
‫‪� 62‬إبراهيم العي�سوي‬

‫(‪ ،Thabo Mbeki )104‬مرجع �سابق‪.‬‬


‫(‪ )105‬راجع ‪ ،...C. Raghavan, “FDI“ :‬مرجع �سابق‪ ،‬وكذلك ‪ ،SAPRIN‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪ )106‬راجع ت�أكيدات الرئي�س الربازيلي لوال ووزير املالية الفنزويلي مرينت�س ب�ش�أن �ضرورة التكامل إالقليمي والتعاون بني دول اجلنوب‬
‫ك�شرط للتفاو�ض الفعال مع �أمريكا ومنظمة التجارة العاملية‪ ،‬يف أالهرام‪ ،‬حتقيقات بعثة أالهرام يف �أمريكا الالتينية ‪ 5‬و ‪� 8‬أبريل ‪.2005‬‬
‫(‪ )107‬بالرغم من مرور ‪ 15‬عاماً على �صدور تقرير جلنة اجلنوب‪ :‬التحدي �أمام اجلنوب‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬إال �أن الكثري من مقرتحاته ب�ش�أن م�ستويات‬
‫وجماالت التعاون بني دول اجلنوب مل تفقد �أهميتها‪ ،‬بل �إنها ت�شكل دلي ًال �إر�شادياً قيماً للتقدم يف هذا املجال‪� .‬أنظر بوجه خا�ص الف�صل‬
‫الرابع‪� ،‬ص ‪ 193‬ـ ‪.257‬‬
‫(‪ )108‬راجع رمزي زكي‪ ،‬االعتماد على الذات‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.115‬‬
‫(‪ )109‬لقد ارتفع توقع العمر عند امليالد يف كوبا �إىل ‪� 77‬سنة يف عام ‪ ،2002‬وهو ما ي�ساوي توقع العمر يف الدول الغنية غري أالع�ضاء منظمة‬
‫التعاون االقت�صادي والتنمية‪ ،‬وال يقل �سوى �سنة ون�صف عن توقع العمر يف دول تلك املنظمة‪� ،‬أي الدول ال�صناعية املتقدمة‪ .‬كما انخف�ض‬
‫معدل اخل�صوبة (عدد املواليد �أحياء لكل امر�أة يف �سن احلمل) ـ وهو من م�ؤ�شرات التقدم االقت�صادي واالجتماعي ـ �إىل ‪ ،1.6‬وهو ما‬
‫ي�ساوي املتو�سط للدول ال�صناعية املتقدمة‪ .‬وي�صل إالنفاق العام على ال�صحة يف كوبا �إىل ‪ %6.5‬من ن‪.‬م‪�.‬أ‪ ،‬وهو نف�س امل�ستوى امل�سجل‬
‫النفاق اخلا�ص على ال�صحة على‪ %1‬من ن‪.‬م‪�.‬أ يف كوبا‪ ،‬حيث ي�صل �إىل ‪%4.5‬‬ ‫للدول ال�صناعية املتقدمة تقريباً (‪ .)%6.6‬وبينما ال يزيد إ‬
‫يف الدول ال�صناعية املتقدمة‪ ،‬دليال على توافر اخلدمات ال�صحية العامة واملجانية على نطاق �أو�سع يف كوبا‪ .‬بينما بلغ معدل البطالة ‪%6.5‬‬
‫يف الدول ال�صناعية املتقدمة يف عام ‪ ،2002‬ف�إنه مل يزد على ‪ %3.3‬يف كوبا يف ال�سنة ذاتها‪ .‬م�صدر البيانات‪ :‬البنك الدويل‪ ،‬م�ؤ�شرات‬
‫التنمية الدولية ‪ ،2005‬مرجع �سابق‪.‬‬
‫(‪� )110‬أوىل تقرير جلنة اجلنوب‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص �ص ‪ 209‬ـ ‪ 210‬اهتماً كبرياً لهذه الق�ضية‪ ،‬مع تو�ضيح ال�سبل الكفيلة بزيادة الوعي يف دول‬
‫اجلنوب‪.‬‬
‫‪(111) QIZ = Qualifying Industrial Zones‬‬
‫‪(112) Governing Globalization‬‬
‫‪(113) Deepak Nayyar and Juluis Court, Governing Globalization: issues and institutions. The UNU/‬‬
‫‪WIDER, Policy Brief, no. 5, 2002‬‬

‫املراجـع العربية‬
‫الربنامج إالمنائي أللمم املتحدة‪ ،)2005( ،‬اال�ستثمار يف التنمية‪ :‬خطة عملية لتحقيق الغايات إالمنائية ألللفية‪،‬‬
‫أالمم املتحدة‪ ،‬نيويورك‪.‬‬
‫بعثة أالهرام‪� ،)2005( ،‬أمريكا الالتينية‪ ...‬درو�س يف النهو�ض الوطني‪ ،‬أالهرام‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي‪� ،)1982( ،‬أزمة م�صر االقت�صادية والطريق نحو اخلروج منها‪ ،‬تقرير‬
‫مقدم �إىل امل�ؤمتر االقت�صادي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫احلق‪ ،‬حمبوب‪� ,)1977( ,‬ستار الفقر‪ ،‬ترجمة �أحمد ف�ؤاد بلبع‪ ،‬الهيئة امل�صرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫دويدار‪ ،‬حممد و�آخرون‪� ،)1980( ،‬إ�سرتاتيجية االعتماد على الذات‪ ،‬من�ش�أة املعارف‪ ،‬إال�سكندرية‪.‬‬
‫زكي‪ ،‬رمزي‪ ،)1987( ،‬االعتماد على الذات‪ ،‬املعهد العربي للتخطيط ودار ال�شباب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ـــــــ‪( ،‬حمرر)‪ ،)1989( ،‬ال�سيا�سات الت�صحيحية والتنمية يف الوطن العربي‪ ،‬املعهد العربي للتخطيط‪،‬‬
‫الكويت‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

‫(‪« ،)2005‬هكذا حتدث مهاتري حممد يف عيد ميالده الثمانني»‪ ،‬جريدة العربي‪11 ،.‬‬ ‫�سليم‪ ،‬حممد ال�سيد‪،‬‬
‫�سبتمرب‪.2005‬‬
‫ال�صادق‪ ،‬على توفيق وعلى البليل (حمرران)‪ ،)2000( ،‬العوملة و�إدارة االقت�صادات الوطنية‪� ،‬صندوق النقد‬
‫العربي‪� ،‬أبو ظبي‪ ،‬وقائع الندوة التي عقدت يف ‪ 19 - 18‬نوفمرب ‪.2000‬‬
‫عبد اخلالق‪ ،‬جوده‪ ،)2004( ،‬التثبيت والتكيف يف م�صر‪� :‬إ�صالح �أم �إهدار للت�صنيع‪ ،‬ترجمة �سمري كرمي‪،‬‬
‫املجل�س أالعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫عبد اهلل‪� ،‬إ�سماعيل �صربي‪ ،)1992( ,‬م�صر التي نريدها‪ ،‬دار ال�شروق‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫على‪ ،‬على عبد القادر‪ ،)2005( ،‬العوملة وق�ضايا امل�ساواة يف توزيع الدخل يف الدول العربية‪� ،‬سل�سلة اجتماعات‬
‫اخلرباء‪ ،‬العدد (‪ ،)13‬املعهد العربي للتخطيط‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫العي�سوي‪� ،‬إبراهيم‪« ،)2005( ،‬منوذج التنمية الر�أ�سمالية ومدى مالءمته مل�صر يف �ضوء نتائج تطبيقية» بحث‬
‫مقدم �إىل امل�ؤمتر العلمي ال�سابع للجمعية العربية للبحوث االقت�صادية‪ ،‬القاهرة‪ 30-28 ،‬مايو ‪.2005‬‬
‫‪ ،)2003( ،-------‬التنمية يف عامل متغري‪ ،‬دار ال�شروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬طبعة ثالثة‪.‬‬
‫‪ ،)2001( ،-------‬اجلات و�أخواتها‪ ،‬مركز درا�سات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬طبعة ثالثة‪.‬‬
‫‪ ،)1989( ،-------‬قيا�س التبعية يف الوطن العربي‪ ،‬مركز درا�سات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫‪ ،)1994( ،-------‬منوذج النمور آال�سيوية والبحث عن طريق للتنمية يف م�صر‪ ،‬دار الثقافة اجلديدة‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪« ،)1999( ،-------‬العوملة االقت�صادية بني حتمية اال�ستمرار واحتماالت الرتاجع»‪ ،‬جملة النه�ضة‪ ،‬كلية‬
‫االقت�صاد والعلوم ال�سيا�سية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬العدد (‪� ،)1‬أكتوبر ‪.1999‬‬
‫‪ ،)2004( ،-------‬ق�صة املعونة أالمريكية مل�صر‪ ،‬دار العامل الثالث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫جلنة اجلنوب‪ ،)1990( ،‬التحدي �أمام اجلنوب‪ ،‬تقرير جلنة اجلنوب‪ ،‬ترجمة عطا عبد الوهاب‪ ،‬مركز درا�سات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫جمموعة م�ؤلفني‪ ،)1990( ،‬القطاع العام والقطاع اخلا�ص يف الوطن العربي‪ ،‬مركز درا�سات الوحدة العربية‪،‬‬
‫بريوت‪ .‬معهد التخطيط القومي‪ ،)2005( ،‬م�ؤمتر �أولويات اال�ستثمار ال�صناعي يف م�صر‪ ،‬املعهد‪ ،‬القاهرة‪19 ،‬‬
‫‪ 20 -‬نوفمرب ‪.2005‬‬
‫ �إبراهيم العي�سوي‬64

‫املراجع األجنبية‬
Baran, P., (1957), The Political Economy of Growth Monthly Review Press, N.Y. and London.
Bezanson, K.,(2000) A science, technology and industry strategy for Vietnam, a document
prepared as part of the UNDP/UNIDO Project DP/VIE/99002/, March 2000 (www.unido.org).
Bolaky, B. and C. Freund, (2004), Trade, regulation and growth, WB Policy Research Working
Paper no. 3255, The World Bank 2004.
Chang, Ha-Joon, (2003), “Kicking away the ladder”, Monthly Review, Vol. 54, no. 81, January 2003.
Chang. R.L. Kaltani and N. Loayza, (2005), Openness can be good for growth: The role of policy
complementarities, WB Policy Research Working Paper no. 3763, The World Bank.
Chenery, H. et al, (1976), Redistribution with Growth, Oxford University Press, 3rd printing.
Christian Aid, (2005), The Economics of Failure: The real cost of “free” trade for poor countries,
A Christian Aid Briefing Paper, July 2005; www.africafocus.org
De Paula, S., and G. Dymski (eds), (2005), Reimagining Growth, Towards a Renewal of
Development Theory, Zed Books, London and New York.
Dhanani, S., (2000), Indonesia: Strategy for Manufacturing Competitiveness, Vol. 11, Main
Report, UNDP/UNIDO Project no. NC/INS/99/004, Jakarta.
Fukoyama, F., “Bring Back the state”, The Observer, posted on www.iatp.org
Hanke, S.H., (1987), Privatization and Development, Institute for Contemporary Studies, San
Francisco.
Hart-Landsberg M., and Burkett, (2004), China and Socialism: Market reforms and class struggle,
Monthly Review, vol. 56, no. 3, July – August 2004.
Hickey S. and G. Mohan (eds), (2004), Participation – From Tyranny to Transformation?, Zed
Books, London and New York.
Irwin, T and C. Yamamoto, (2004), Some Options for improving the governance of state-owned
electricity utilities, Energy and Mining Sector Board, The World Bank, Discussion Paper no. 11,
Feb. 2004.
Lall, S., (1995), Governments and Industrialization: The role of policy interventions, a paper
presented to the Global Forum on Industry-Perspectives for 2000 and Beyond, New Delhi, Oct.
1995.
Mbeki, Thabo, “Putting people first”, (2005), South Bulletin, no. 109, August 2005.
Nayyar, D. and J. Court, (2002), Governing Globalization: issues and Institutions, The UNU/
WIDER, Policy Brief no. 5.
OECD, (2005), OECD Guidelines on Corporate Governance of State-Owned Enterprises, OECD,
Paris.
Perry G. and Olarreaga, (2006), “Trade liberalization, inequality and poverty in Latin America”,
a Paper presented at ABCDE (Annual World Bank Conference on Development Economics), S.
Petersburg, Jan. 2006.
65 ‫منوذج التنمية امل�ستقلةالبديل لتوافق وا�شنطن و�إمكانية تطبيقه يف زمن العوملة‬

Polterovitch, V. and V. Popov, (2005), “Appropriate economic policies at different stages of


development” ,The UNU/WIDER Jubilee Conference on The Future of Development Economics,
Helsink:, 17-18 June 2005.
Raghavan, C., (1995), “Globalization Policies may disintegrate world economy”, www.twnside.
org.sg
------------, (1997), “FDI needs differentiated strategic approach”, www.twinside.org.sg.
Rodrik, D., (1996), “Understanding Economic Policy Reform”, Journal of Economic Literature,
34, March 1996.
SAPRIN, (2004), Structural Adjustment; The SAPRI Report, Zed Books, TWN, Books for
Change and IBON.
Shafaeddin, S.M., (2005), Trade liberalization and economic reform in developing countries:
structural change or de-industrialization, UNCTAD, Discussion Paper no. 179, April 2005.
Sirageldin, Ismail, (1998), “Globalization and recent trade agreements: Impact on Arab countries”,
Journal of Development and Economic Policies, API-Kuwait, Vol. 1, no. 1, December 1998.
Thorbecke, E., (2005), “The evolution of the development doctrine 1950-2005”, in UNU/WIDER
jubilee Conference on the Future of Development Economics, Helsinki, 17-18 June 2005.
Todaro, M and S. Smith, (2003), Economic Development, 8th ed., Adison Wesley.
UNCTAD, (2004), The Least Developed Countries Report 2004, UNCTAD, May 2004.
---------, )2004 and 2005(, )Trade and Development Report.
---------, (2004), UNCTAD 11, Final Statement, Sao Paulo, Brazil, (www.unctad.org).
---------, (2004),World Investment Report; www.unctad.org.
UNDP, (2003 and 2005), human Development Report.
UNDP et al, (2003), Making Global Trade Work for People, Earthscan Publications, (www.undp.
org).
UNIDO, (2005), Industrial Development Report 2005, UNIDO, Vienna.
UNRISD, (2000), Visible Hands; Taking Responsibility for Social Development, Geneva.
World Bank, (2003 and 2005), World Development Indicators, CD-ROM.
-----------, (1987, and 1999/2000), World Development Report.
‫ العدد أ‬- ‫املجلد الثالث ع�شر‬
87 - 67 )2011( - ‫الول‬ ،‫جملة التنمية وال�سيا�سات االقت�صادية‬
‫املعهد العربي للتخطيط‬

‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية‬


‫بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني‬
*
‫ن�شوى م�صطفى‬
‫ملخ�ص‬
‫تهدف هذه الورقة �إىل درا�سة �أثر كثافة التجارة البينية على تزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و�شركائها‬
‫ مت تقديرها‬،‫ يتكون النموذج القيا�سي من معادلة انحدار متعدد مدمج‬.)2008-1970( ‫التجاريني خالل الفرتة‬
‫ واملتغريات امل�ساعدة من خالل طريقة املربعات‬،‫ طريقة املربعات ال�صغرى املعممة‬،‫با�ستخدام طريقتني‬
‫ تو�ضح النتائج �أن هناك عالقة عك�سية ذات معنوية منخف�ضة بني كثافة التجارة‬.‫ال�صغرى على مرحلتني‬
.‫وتزامن الدورات االقت�صادية‬

The Impact of Bilateral Trade Intensity on the Business Cycles


Synchronization between Egypt and Its Most
Important trade Partners

Nashwa Mostafa
Abstract

The Purpose of this paper is to investigate the impact of bilateral trade intensity on the
business cycles synchronization between Egypt and its most important trade partners
during the period (1970-2008). The Econometric Model consisted of Multi-regression
Equation(pooled data), which was estimated by two methods, The Generalized Least
Squares and Instrumental Variables by using Two-Stages Least Squares. The results
Show that there is a negative and less significance relationship between Bilateral Trade
Intensity and Business Cycles Synchronization.

.‫ جمهورية م�صر العربية‬، ‫ جامعة حلوان‬،‫ كلية التجارة و�إدارة أالعمال‬،‫* مدر�س االقت�صاد‬
‫‪ 68‬ن�شوى م�صطفى‬

‫‪ .1‬مقدمة‬
‫لقد �أ�صبحت العوملة هي ال�سمة املميزة لالقت�صاد العاملي منذ العقد أالخري من القرن الع�شرين‪،‬‬ ‫ ‬
‫حيث �أ�سهمت يف حتقيق التقارب الزمني بني الدورات االقت�صادية يف دول العامل‪ .‬وبح�سب درجة �إندماج‬
‫الدولة يف االقت�صاد العاملي‪ ،‬ف�إنه يتحدد مدى ت�أثرها بالتقلبات يف املتغريات االقت�صادية الكلية التي حتدث يف‬
‫دول �أخرى‪ ،‬والتي ميكن انتقالها عرب ثالث قنوات‪ ،‬وفقا ملا �أ�شار �إليه (‪ ،Calderón (2007‬هي‪:‬التجارة الدولية‬
‫يف ال�سلع واخلدمات‪ ،‬التجارة الدولية يف أال�صول املالية‪ ،‬والروابط املبا�شرة بني قطاعات إالنتاج بني الدول‪.‬‬
‫تعد التجارة قناة هامة النتقال ال�صدمات االقت�صادية من دولة ألخرى‪ ،‬ومن ثم ف�إن ا�سرتاتيجيات‬ ‫ ‬
‫النمو املوجه بال�صادرات جتعل الدول �أكرث اعتمادا على التنمية االقت�صادية يف بقية دول العامل‪ .‬ويعتمد �ثرأ‬
‫التكامل التجاري يف حتقيق تزامن الدورات االقت�صادية على منط التجارة ال�سائد بني الدول املتاجرة ومدى‬
‫ت�شابه هياكلها االقت�صادية‪ ،‬فارتفاع حجم التجارة بني ال�صناعات يخف�ض من درجة االرتباط بني الدورات‬
‫(‪)1‬‬

‫االقت�صادية‪ ،‬يف حني يزيد هذا االرتباط مع ارتفاع درجة ت�شابه الهياكل االقت�صادية وزيادة حجم التجارة داخل‬
‫ال�صناعة ‪)Zebregs,2004( .‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وقد تبنت م�صر �سيا�سة جتارية مفتوحة مع العامل اخلارجي‪ ،‬منذ �إعالنها �سيا�سة االنفتاح االقت�صادي‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫يف عام ‪ ،1974‬وتزايد اندماجها يف العامل اخلارجي مع دخولها يف �إتفاقيات جتارية ثنائية ومتعددة الطراف‬
‫مع �أغلب دول العامل‪ .‬وحيث �أن الطلب اخلارجي على �صادراتها يت�أثر بحالة الك�ساد �أو الرواج يف الن�شاط‬
‫االقت�صادي لل�شركاء التجاريني‪ ،‬فقد يكون مبثابة قناة النتقال هذه احلاالت �إىل م�صر ب�شكل متزامن‪.‬‬
‫ومن ال�شواهد على ذلك‪� ،‬إنخفا�ض �إجمايل حجم التجارة اخلارجية مل�صر‪ ،‬مبعدل ‪ ،%0,8‬خالل‬ ‫ ‬
‫الفرتة يوليو‪/‬مار�س من ال�سنة املالية ‪ ،2009/2008‬مقارنة بنف�س الفرتة من ال�سنة املالية املا�ضية؛ نتيجة‬
‫أللزمة املالية العاملية‪ ،‬وارتفع حجم العجز يف امليزان التجاري من ‪ 16,8‬مليار دوالر �إىل ‪ 19,5‬مليار دوالر عن‬
‫نف�س الفرتة‪(.‬البنك املركزي امل�صري‪.)2009/2008 ،‬‬
‫كما انخف�ض ن�صيب التجارة اخلارجية من الناجت املحلي إالجمايل‪ ،‬الذي يعد م�ؤ�شرا لدرجة‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫�إندماج االقت�صادي امل�صري يف االقت�صاد العاملي‪ ،‬خالل الن�صف الول من ال�سنة املالية ‪ 2009/2008‬لي�صل‬
‫�إىل ‪ %66‬مقابل ‪ %75‬عن نف�س الفرتة من ال�سنة ال�سابقة عليها‪( .‬وزارة التجارة وال�صناعة‪)2009 ،‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬ف�إن البحث يقوم على فر�ضية �أ�سا�سية م�ؤداها‪»:‬ت�ؤثر كثافة التجارة البينية ت�أثريا طرديا‬ ‫ ‬
‫على تزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني»‪ .‬ويهدف �إىل التعرف على �أهمية هذا‬
‫الت�أثري يف ظل االنفتاح االقت�صادي العاملي‪ .‬ويتم تطبيق البحث على الفرتة الزمنية (‪ ،)2008-1970‬وهي‬
‫�أطول فرتة متاحة للبيانات التي يعتمد عليها ح�ساب متغريات البحث‪ ،‬كما �شهد عقد ال�سبعينات على‬
‫�سيا�سة االنفتاح االقت�صادي التي اتبعتها م�صر عام ‪.1974‬‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪69‬‬

‫ت�ستند منهجية البحث على أال�سلوب الو�صفي يف تو�ضيح العالقة بني متغريات البحث‪ ،‬ف�ضال‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫عن ا�ستخدام ال�سلوب الريا�ضي يف ح�ساب امل�ؤ�شرات املعربة عن هذه املتغريات‪ .‬ويعتمد يف قيا�س �أثر كثافة‬
‫التجارة على تزامن الدورات االقت�صادية على بناء منوذج قيا�سي با�ستخدام معادلة �إنحدار مدمج ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫والدبيات ال�سابقة‪ ،‬والذي يت�ضمن النموذج‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬فقد مت تق�سيم البحث �إىل إالطار النظري أ‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫ؤ‬
‫القيا�سي وتو�صيف املتغريات وم��شراتها‪ ،‬يليه النتائج التطبيقية‪ ،‬و�خريا اخلامتة والتو�صيات‪.‬‬
‫الطار النظري أ‬
‫والدبيات ال�سابقة‬ ‫‪ .2‬إ‬
‫ُتع ّرف الدورات االقت�صادية ب�أنها التقلبات يف الن�شاط االقت�صادي الكلي‪ .‬ومتر ب�أربعة مراحل هي‬ ‫ ‬
‫التو�سع‪ :‬والركود‪ ،‬واالنكما�ش واالنتعا�ش‪ .‬وعادة ما ت�ستخدم م�ؤ�شرات الدورات االقت�صادية ك�أداة حتليلية‬
‫للتغريات املتعاقبة من تو�سع وانكما�ش اقت�صادي‪ .‬ويعتمد ح�سابها على �إح�صاءات اقت�صادية تعطي دالالت‬
‫هامة عن موجات التو�سع واالنكما�ش للدورات االقت�صادية‪ ،‬وت�صنف هذه امل�ؤ�شرات �إىل ثالثة جمموعات‪،‬‬
‫تتمثل يف‪� :‬أو ًال‪ ،‬م�ؤ�شرات اقت�صادية �أمامية وترتفع �أو تنخف�ض قبل عدة �شهور من حدوث التو�سع �أو‬
‫(‪)4‬‬

‫االنكما�ش‪ ،‬مثل التغري فى املخزون وعر�ض النقود‪ .‬ثانياً‪ ،‬م�ؤ�شرات اقت�صادية متزامنة‪ ،‬ت�صاحب وتتوافق‬
‫(‪)5‬‬

‫مع التو�سع �أو االنكما�ش االقت�صادي‪ ،‬مثل اال�ستهالك واال�ستثمار الثابت‪ .‬ثالثاً‪ ،‬وم�ؤ�شرات اقت�صادية‬
‫متباطئة ترتفع �أو تنخف�ض بعد ب�ضعة �شهور من التو�سع �أو االنكما�ش‪ ،‬مثل الت�ضخم و�أ�سعار الفائدة اال�سمية‪.‬‬
‫(‪)6‬‬

‫(‪.)Ramadan, 2005‬‬
‫تتحدد الدورات االقت�صادية يف دولة ما بنوعني من العوامل‪� ،‬أوال‪ :‬عوامل حملية‪ ،‬تتمثل يف‬ ‫ ‬
‫�صدمات الطلب مثل التغري يف ال�سيا�سات املالية والنقدية‪ ،‬و �صدمات العر�ض التى ت�ؤثر مبا�شرة فى‬
‫االنتاج مثل االبتكارات والفنون االنتاجية اجلديدة‪ .‬ثانيا‪ :‬عوامل خارجية‪ ،‬مثل الطلب اخلارجي أ‬
‫وال�سعار‬
‫العاملية لل�سلع حمل التبادل الدويل وتدفقات ر�ؤو�س أالموال‪ .‬وتزيد أالهمية الن�سبية للعوامل اخلارجية مع‬
‫ارتفاع درجة االنفتاح االقت�صادي للدولة على العامل اخلارجي‪ ،‬حيث تكون مبثابة قنوات النتقال الدورات‬
‫االقت�صادية من دولة ألخرى‪.‬‬
‫�إن عالقة االرتباط بني التجارة والدورات االقت�صادية‪ ،‬بني الدول �أطراف التبادل التجاري‪ ،‬ي�شوبها‬ ‫ ‬
‫بع�ض الغمو�ض‪ .‬حيث يذهب فريق من االقت�صاديني �إىل اعتبار التجارة �أحد العوامل الهامة امل�ؤثرة يف‬
‫حدوث الدورات االقت�صادية‪ ،‬يف حني يقر �آخرون ب�ضعف العالقة بينهما‪.‬‬
‫ �أو�ضحت درا�سة ‪ Frankle‬و (‪� Rose (1997‬أن كثافة التجارة بني الدول ال�صناعية ت�ؤدي �إىل‬
‫تزامن الدورات االقت�صادية‪ ،‬حيث �أنها مبثابة قناة النتقال ال�صدمات يف ما بينهم‪ .‬ومن �أهم �أوجه النقد ملا‬
‫�ساقاه هو افرتا�ض �أن الدول التي يكون بينها روابط جتارية وتقارب يف الدورات االقت�صادية‪ ،‬ينبغي �أن ت�شرتك‬
‫يف عملة موحدة وفقا لنظرية منطقة العملة املثلي‪.‬‬
‫‪ 70‬ن�شوى م�صطفى‬

‫وقامت درا�سة (‪ Traistaru (2004‬على تقدير درجة تزامن الدورات االقت�صادية بني الدول �أع�ضاء‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫االحتاد الوربي خالل الفرتة (‪ ،)2003-1990‬وحتليل ت�شابه الهياكل االقت�صادية وكثافة التجارة البينية كقنوات‬
‫رئي�سية لتحقيق التزامن‪ .‬وخل�صت �إىل وجود عالقة موجبة ومعنوية بني املتغريات امل�ستقلة واملتغري التابع حمل‬
‫الدرا�سة‪.‬‬
‫هدفت درا�سة ‪ Garcia-Herrero‬و (‪� Riuz (2008‬إىل بحث ت�أثري الروابط التجارية واملالية الثنائية‬ ‫ ‬
‫على تقارب الدورات االقت�صادية‪ ،‬تطبيقاً على اقت�صاد �صغري مفتوح هو االقت�صاد اال�سباين خالل الفرتة‬
‫‪ .2004-1997‬وتو�صلت �إىل �أن الت�شابه يف الهياكل إالنتاجية‪ ،‬والروابط التجارية يعزز من عملية التقارب‪.‬‬
‫يف حني �أن الروابط املالية الثنائية ترتبط بها عك�سيا‪ .‬وقد يرتتب على زيادة الروابط التجارية زيادة الروابط‬
‫املالية‪ ،‬نظرا ألنها تعزز اال�ستثمار أالجنبي املبا�شر يف القطاعات املوجهة لل�صادرات‪� ،‬أو ألنها تزيد القرو�ض‬
‫الدولية‪ .‬و�أيدت نتائج درا�سة ‪ Goggin‬و(‪ Siedschlag (2009‬عالقة االرتباط بني كثافة التجارة والتكامل‬
‫املايل من ناحية والتقارب يف الدورات االقت�صادية من ناحية �أخرى‪ ،‬بني �أيرلندا و�شركائها التجاريني خالل‬
‫الفرتة ‪.2006-1983‬‬
‫من ناحية �أخرى‪ ،‬حاولت درا�سة (‪� ,Calderon et.al (2003) Calderon(2007‬إثبات العالقة بني‬ ‫ ‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية يف الدول النامية‪ ،‬يف ظل افرتا�ض �أن التخ�ص�ص واختالف �أمناط‬
‫التجارة الدولية يقودان �إىل تباين الدورات االقت�صادية يف ما بني الدول النامية من ناحية‪ ،‬وبينها وبني الدول‬
‫ال�صناعية املتقدمة من ناحية �أخرى‪ .‬وتو�صلت هذه الدرا�سة �إىل نتائج �أهمها‪ )1( :‬ارتفاع درجة تزامن الدورات‬
‫االقت�صادية بني الدول التي تزيد يف ما بينها التجارة البينية‪� ،‬إذا كانت تتبع منط التجارة داخل ال�صناعة‪)2( ،‬‬
‫ي�ؤدي التخ�ص�ص وعدم متاثل هياكل إالنتاج بني الدول �إىل انخفا�ض ارتباط الدورات االقت�صادية يف ما بينها‪،‬‬
‫(‪� )3‬أن التخ�ص�ص قد يقلل من ت�أثري كثافة التجارة البينية على تزامن الدورات االقت�صادية‪ )4( ،‬زيادة �أثر‬
‫التكامل التجاري على الدورات االقت�صادية يف الدول ال�صناعية مقارنة بالدول النامية‪� ،‬أو يف ما بني الدول‬
‫ال�صناعية والدول النامية‪ .‬و ُيرجع ‪ Kraay‬و (‪ Ventura (2001‬ذلك �إىل ت�شابه امل�ستوى التقني ل�صناعات‬
‫كل جمموعة من الدول‪� ،‬إذ تت�سم �صناعات الدول املتقدمة بالتقانة العالية ‪ ،‬بينما تت�سم �صناعات الدول‬
‫(‪)7‬‬

‫النامية بانخفا�ض امل�ستوى التقني ‪.‬‬


‫(‪)8‬‬

‫وقد خل�صت نتائج درا�سة (‪ ،Fidrumuc (2001‬بالتطبيق على دول منظمة التعاون االقت�صادي‬ ‫ ‬
‫والتنمية خالل الفرتة ‪� ،1999-1990‬إىل �أن التقارب يف الدورات االقت�صادية يرتبط بالتجارة داخل ال�صناعة‪،‬‬
‫ولكن ال توجد عالقة مبا�شرة بني الدورات االقت�صادية وكثافة التجارة البينية‪ .‬وهو ما يتفق مع ‪ Kose‬و‬
‫(‪ ،Yi (2001‬ودرا�سة (‪ Rana(2007‬التي ُطبقت على دول �شرق �آ�سيا‪ .‬يف حني تو�صلت درا�سة (‪Fidrumuc‬‬
‫‪ ،et.al (2008‬التي تقارن بني الدورات االقت�صادية يف كل من ال�صني والهند ودول خمتارة تابعة ملنظمة‬
‫التعاون االقت�صادي والتنمية ‪ OECD‬خالل الفرتة ‪� ,2006-1992‬إىل �ضعف العالقة بني التجارة والدورات‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪71‬‬

‫االقت�صادية يف الدول حمل الدرا�سة‪ .‬كما خل�صت درا�سة ال�سقا وعيد �إىل تدين �آثار كثافة التجارة البينية‬
‫على روابط م�ستويات الن�شاط االقت�صادي بني دول جمل�س التعاون لدول اخلليج العربية‪.‬‬
‫و�أو�ضحت �أي�ضا درا�سة ‪ Shin‬و (‪ Wang (2004‬املطبقة على ع�شر دول من �شرق �آ�سيا ودولتني‬ ‫ ‬
‫من جنوبها‪ ،‬خالل الفرتة (‪� ،)1997-1976‬أن زيادة التجارة البينية يف حد ذاتها ال ت�ؤثر على تزامن الدورات‬
‫االقت�صادية‪ ،‬خا�صة �إذا ما كانت بني �صناعات خمتلفة‪.‬‬
‫‪.3‬النموذج القيا�سي‬
‫يعتمد البحث يف قيا�س العالقة بني كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية على منوذج‬ ‫ ‬
‫االنحدار املدمج‪ ،‬كما قدمه ‪ Frankle‬و (‪ ،Rose (1997‬الذي ي�أخذ ال�صيغة التالية‪:‬‬
‫ ‬ ‫‪Corr = α + βTrade + ε‬‬
‫‪ijt‬‬ ‫‪ijt‬‬ ‫‪ijt‬‬

‫حيث ‪ Corr‬هي االرتباط بني املكونات الدورية للناجت املحلي إالجمايل احلقيقي لكل من الدولة‬ ‫‪ijt‬‬
‫ ‬
‫‪ i‬والدولة ‪ j‬يف الزمن ‪ .t‬في حني يعرب ‪ Trade‬عن كثافة التجارة البينية بني الدولة ‪ i‬والدولة ‪ j‬يف الزمن ‪.t‬‬
‫‪ijt‬‬

‫وتعرب ‪ α‬عن التقاطع‪ ،‬و ‪ ε‬عن حد اخلط�أ‪ .‬وتدل �إ�شارة وقيمة املعلمة ‪ β‬على نوع العالقة بني كثافة التجارة‬
‫والدورات االقت�صادية‪ ،‬ف�إذا ما كانت إال�شارة �سالبة دل ذلك على العالقة العك�سية بني املتغريين‪ ،‬يف‬
‫حني �أن إال�شارة املوجبة تعد م�ؤ�شرا عن العالقة الطردية بينهما‪ .‬وتحُ دد قيمة املعلمة أالهمية االقت�صادية‬
‫ملتغري كثافة التجارة يف الت�أثري على تزامن الدورات االقت�صادية‪ .‬وقد قام ‪ Frankle‬و ‪ Rose‬بتقدير معادلة‬
‫االنحدار الب�سيط ال�سابقة با�ستخدام طريقة املربعات ال�صغرى‪ ،‬وبا�ستخدام املتغريات امل�ساعدة‪ ،‬التي تعرب‬
‫(‪)9‬‬

‫عن املتغريات اخلارجية املحددة لكثافة التجارة امل�ستمدة من منوذج اجلاذبية ‪.‬‬
‫(‪)10‬‬

‫بناء على النموذج القيا�سي ال�سابق‪ ،‬وما قدمته الدرا�سات ال�سابق عر�ضها يف هذا ال�صدد‪ ،‬ي�أخذ‬ ‫ ‬
‫النموذج املعتمد يف هذه الورقة‪ ،‬يف قيا�س �أثر كثافة التجارة على تزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و�أهم‬
‫�شركائها التجاريني‪ ،‬على بناء منوذج قيا�سي با�ستخدام معادلة انحدار مدمج‪ ،‬ي�أخذ ال�صيغة التالية‪:‬‬
‫ ‬ ‫‪Corr = α + β Trade + β Spec + ε‬‬
‫‪ijt‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ijt‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ijt‬‬ ‫‪ijt‬‬

‫حيث ي�شري ‪� Spec‬إىل التخ�ص�ص القطاعي‪ ،‬وميثل االختالف املطلق بني متو�سط ن�صيب‬ ‫‪ijt‬‬
‫ ‬
‫كل قطاع من �إجمايل القيمة امل�ضافة يف الدولة (‪ )i‬والدولة (‪ )j‬خالل الزمن ‪.t‬‬
‫ ‬
‫(‪)11‬‬ ‫أ‬
‫يتم تقدير النموذج القيا�سي �وال با�ستخدام طريقة املربعات ال�صغرى املعممة ‪ ،‬بطريقة احلد‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫الثابت امل�شرتك والثر الثابت والثر الع�شوائي‪ ،‬غري �أن هذه الطريقة قد تعطى نتائج متحيزة وغري مت�سقة‪،‬‬
‫‪ 72‬ن�شوى م�صطفى‬

‫نتيجة احتمال ارتباط متغريات اجلانب أالمين من املعادلة بحد اخلط�أ (البواقي)‪� ،‬أي توجد متغريات تتحدد‬
‫داخليا ‪ .‬لذلك‪ ،‬يتم تقدير النموذج القيا�سي ثانيا با�ستخدام املتغريات امل�ساعدة‪ ،‬من خالل تطبيق طريقة‬
‫(‪)12‬‬

‫املربعات ال�صغرى على مرحلتني ‪.‬‬


‫(‪)13‬‬

‫واملتغريات امل�ساعدة هي متغريات خارجية كمحددات كثافة التجارة البينية‪ ،‬التي ي�شتمل عليها‬ ‫ ‬
‫منوذج اجلاذبية‪ ،‬ومنها‪ :‬لوغاريتم امل�سافة اجلغرافية ‪( ، Dis‬بالكيلومرت) بني عا�صمة م�صر(‪ )i‬وعا�صمة الدولة‬
‫‪ij‬‬

‫(‪ )j‬التي متثل ال�شريك التجاري‪ ،‬حيث يفرت�ض زيادة التجارة البينية مع نق�ص امل�سافة بني عوا�صم الدولتني‪،‬‬
‫وزيادة التقارب اجلغرايف‪ .‬ومتغري �صوري ‪ Dummy v‬يعرب عن اللغة امل�شرتكة‪ ،‬ت�أخذ قيمته واحداً �إذا‬
‫(‪)14‬‬

‫ما كانت لغة الدولة العربية‪ ،‬و�صفراً �إذا ما كانت غري ذلك‪ .‬وميكن التعبري عن هذه املتغريات يف املعادلة‬
‫التالية‪:‬‬
‫ ‬ ‫‪Tradeijt= γ + δ1logDisij+ δ2Dummy v. + µ‬‬

‫تتمثل م�صادر البيانات يف‪ ،‬وزارة الزراعة أالمريكية‪ ،‬والكتاب ال�سنوي الح�صائيات التجارة الذي‬ ‫ ‬
‫(‪)15‬‬
‫ي�صدره �صندوق النقد الدويل‪ ،‬وقاعدة معلومات احل�سابات القومية أللمم املتحدة‪.‬‬
‫املتغريات وم ؤ��شرات قيا�سها‬
‫تتمثل متغريات البحث يف تزامن الدورات االقت�صادية‪ ،‬كثافة التجارة البينية‪ ،‬والتخ�ص�ص القطاعي‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ .1‬تزامن الدورات االقت�صادية‬

‫قدم ‪ Frankel‬و ‪� )1997( Rose‬أربعة م�ؤ�شرات للن�شاط االقت�صادي احلقيقي‪ ،‬هي‪ :‬الناجت املحلي‬ ‫ ‬
‫إالجمايل احلقيقي‪ ،‬م�ؤ�شر إالنتاج ال�صناعي‪� ،‬إجمايل التوظف‪ ،‬ومعدل البطالة‪ .‬يعتمد البحث على م�ؤ�شر‬
‫الناجت املحلي إالجمايل احلقيقي‪ ،‬الذي يعد من امل�ؤ�شرات االقت�صادية املتزامنة حلاالت التو�سع واالنكما�ش‬
‫االقت�صادي‪ ،‬و�أكرثها �شيوعا يف اال�ستخدام‪ .‬ومت احل�صول علي بيانات الناجت املحلي إالجمايل احلقيقي‬
‫بالدوالر من قاعدة بيانات احل�سابات القومية‪ ،‬التابعة أللمم املتحدة‪ .‬ويتطلب قيا�س تزامن الدورات االقت�صادية‬
‫ح�ساب معامالت االرتباط بني املكونات الدورية للناجت املحلي إالجمايل احلقيقي‪ ،‬التي تعك�س التقلبات‬
‫(‪)16‬‬

‫يف الناجت املحلي إالجمايل عن االجتاه العام‪.‬‬


‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪73‬‬

‫ويتم ح�ساب املكون الدوري ب�أخذ القيمة املطلقة لناجت طرح االجتاه العام لل�سل�سلة الزمنية من‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫بيانات ال�سل�سلة الزمنية ال�صلية‪ .‬ولتحقيق ذلك‪ ،‬ف�إنه ينبغي �أوال التعرف على مدي �سكون ال�سال�سل‬
‫الزمنية من خالل �إجراء اختبار جذر الوحدة‪.‬‬
‫(‪)18‬‬ ‫(‪)17‬‬

‫ويعني �سكون ال�سال�سل الزمنية عدم اعتماد و�سطها احل�سابي وتباينها على الزمن‪ ،‬وهو ما‬ ‫ ‬
‫يعرف بخلو ال�سل�سلة الزمنية من جذر الوحدة‪ .‬مبعنى �أن الزمن ال يعد متغريا مف�سرا للتغريات يف بيانات‬
‫ال�سل�سلة الزمنية للمتغري التابع‪ .‬وللتحقق من مدى �سكون بيانات ال�سال�سل الزمنية للناجت املحلي إالجمايل‬
‫احلقيقي‪ ،‬مل�صر و�أهم �شركائها التجاريني‪ ،‬فقد مت �إجراء اختبار جذر الوحدة والذي يت�ضمن عدة �أنواع من‬
‫االختبارات ‪ ،‬منها اختبار (‪ .Augmented Dickey-Fuller (ADF‬حيث يتمثل فر�ضية العدمفي احتواء‬ ‫(‪)19‬‬

‫ال�سال�سل الزمنية على جذر الوحدة (غري �ساكنة)‪ ،‬والفر�ضية البديلة يف عدم احتواء ال�سال�سل الزمنية على‬
‫جذر الوحدة (�ساكنة)‪.‬‬
‫‪ .2‬كثافة التجارة البينية‬
‫قدم ‪ Frankle‬و(‪ Rose )1997‬ثالثة م�ؤ�شرات لقيا�س كثافة التجارة البينية بني الدولة ‪ i‬والدولة‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫‪ j‬عند الزمن ‪ .t‬يعتمد ح�ساب امل�ؤ�شر الول على ال�صادرات ‪ ،X‬والثاين على الواردات‪ ،M‬يف حني يجمع‬
‫امل�ؤ�شر الثالث بني ال�صادرات والواردات‪.‬‬
‫‪)xijt = Xijt/(Xi.t + Xj.t) (1‬‬
‫‪)mijt = Mijt/(Mi.t + Mj.t) (2‬‬
‫‪)Tijt = (Xijt + Mijt)/( Xi.t + Xj.t + Mi.t + Mj.t) (3‬‬

‫‪� xijt، mijt، Tijt‬إىل م�ؤ�شرات كثافة ال�صادرات‪ ،‬الواردات‪ ،‬والتجارة‪ ،‬على التوايل‪ ،‬بني الدولة ‪i‬‬ ‫يرمز‬
‫والدولة ‪ j‬يف الزمن ‪ t. Xijt‬ال�صادرات إال�سمية من الدولة ‪� i‬إىل الدولة ‪ j . Mijt‬الواردات إال�سمية من الدولة‬
‫‪� i‬إىل الدولة ‪ .j‬يف حني يرمز ‪� Xi.t، Mi.t‬إىل �إجمايل �صادرات وواردات الدولة ‪ .i‬و ‪� Xj.t ،Mj.t‬إىل �إجمايل‬
‫�صادرات وواردات الدولة ‪.j‬‬
‫‪ .3‬التخ�ص�ص القطاعي‬

‫يعني التخ�ص�ص القطاعي عدم ت�شابه هياكل القطاعات إالنتاجية بني الدول املتاجرة‪ ،‬وهو �أ�سا�س‬ ‫ ‬
‫قيام التجارة البينية وفقا لنظريات التجارة التقليدية‪ .‬وقد يرتبط التخ�ص�ص القطاعي بعالقة عك�سية مبا�شرة‬
‫مع تزامن الدورات االقت�صادية‪ ،‬وبعالقة طردية غري مبا�شرة من خالل ت�أثريه على التجارة البينية‪ ،‬كما خل�صت‬
‫لذلك درا�سة ‪ Goggin‬و(‪ .Siedschlag (2009‬وي�ؤثر �إيجابيا على التزامن بني الدورات االقت�صادية الناجتة‬
‫‪ 74‬ن�شوى م�صطفى‬

‫عن �صدمات ال�صناعة‪ ،‬وفقا لدرا�سة (‪ .Calderon et.al (2003‬كما تو�صلت درا�سة (‪� Calderon(2007‬إىل‬
‫�أن التخ�ص�ص القطاعي قد يقلل من ح�سا�سية التزامن يف الدورات االقت�صادية لتغريات التجارة البينية‪.‬‬
‫ويتم ح�ساب م�ؤ�شر التخ�ص�ص القطاعي‪ ،‬من خالل املعادلة التالية‪:‬‬
‫(‪)20‬‬

‫ت�شري ‪� SPEC‬إىل االختالف املطلق بني متو�سط ن�صيب كل قطاع من �إجمايل القيمة امل�ضافة‬ ‫‪ijt‬‬

‫يف م�صر (‪ )i‬والدولة (‪ )j‬خالل الزمن ‪ .t‬وتدل ‪ N‬على عدد القطاعات‪ .‬ويرمز ‪� S‬إىل ن�صيب القطاع‬
‫‪int‬‬

‫‪ n‬من �إجمايل القيمة امل�ضافة يف م�صر (‪ )i‬خالل الزمن ‪ ،t‬يف حني أ�ن ‪ S‬هو ن�صيب القطاع ‪ n‬من‬
‫‪int‬‬

‫�إجمايل القيمة امل�ضافة يف الدولة (‪ )j‬خالل الزمن ‪ .t‬ويدل اقرتاب قيمة امل ؤ��شر من ال�صفر على‬
‫ارتفاع درجة الت�شابه بني هياكل �إنتاج الدولتني‪ ،‬بينما يتحقق التماثل التام بينهما عندما تكون‬
‫قيمته م�ساوية ل�صفر‪.‬‬
‫حتديد أ�هم ال�شركاء التجاريني مل�صر‬
‫ي�ستند البحث يف حتديد �أهم ال�شركاء التجاريني مل�صر على قيا�س م�ؤ�شر كثافة التجارة البينية على امل�ؤ�شر‬ ‫ ‬
‫الثالث رقم (‪ .)3‬وات�ضح من ح�ساب امل�ؤ�شر جلميع ال�شركاء التجاريني �أن �أهم ه�ؤالء ال�شركاء‪ ،‬عن متو�سط الفرتة‬
‫(‪ ،)2008-1970‬هم على الرتتيب‪ :‬ايطاليا‪ ،‬و�أملانيا‪ ،‬والهند‪ ،‬والواليات املتحدة أالمريكية‪ ،‬وال�سعودية‪ ،‬واململكة‬
‫والمارات العربية املتحدة‪ .‬وهو ما يو�ضحه اجلدول رقم (‪.)1‬‬ ‫املتحدة‪ ،‬واليابان‪ ،‬وكوريا اجلنوبية‪ ،‬وال�صني‪ ،‬إ‬
‫جدول رقم (‪� :)1‬أهم ال�شركاء التجاريني مل�صر وفقا لنتائج ح�ساب م�ؤ�شر كثافة التجارة البينية‬
‫بني م�صر وجميع ال�شركاء التجاريني عن متو�سط الفرتة (‪)2008-1970‬‬

‫متو�سط الفرتة (‪)2008-1970‬‬ ‫الدولة‬ ‫الرتتيب‬


‫‪0.481‬‬ ‫ايطاليا‬ ‫‪1‬‬
‫‪0.217‬‬ ‫�أملانيا‬ ‫‪2‬‬
‫‪0.208‬‬ ‫الهند‬ ‫‪3‬‬
‫‪0.196‬‬ ‫أ‬
‫الواليات املتحدة المريكية‬ ‫‪4‬‬
‫‪0.159‬‬ ‫ال�سعودية‬ ‫‪5‬‬
‫‪0.136‬‬ ‫اململكة املتحدة‬ ‫‪6‬‬
‫‪0.099‬‬ ‫اليابان‬ ‫‪7‬‬
‫‪0.092‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬ ‫‪8‬‬
‫‪0.082‬‬ ‫ال�صني‬ ‫‪9‬‬
‫‪0.026‬‬ ‫إالمارات‬ ‫‪10‬‬
‫امل�صدر‪�ُ :‬أعد بوا�سطة الباحثة �إعتمادا على‪:‬‬
‫‪-IMF, Direction of Trade Statistics Yearbook, Various Editions.‬‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪75‬‬

‫ي�شري التقرير ال�سنوي للبنك املركزي امل�صري (‪� )2008/2007‬إىل �أن التكتالت التي تت�ضمن �أهم‬ ‫ ‬
‫آ‬ ‫أ‬
‫ال�شركاء التجاريني مل�صر‪ ،‬هى االحتاد الوربي والواليات املتحدة‪ ،‬يليهما الدول ال�سيوية غري العربية‪ ،‬ثم‬
‫الدول العربية‪ ،‬حيث بلغ حجم تبادلها التجاري مع م�صر ‪ 8.6 ،14.2 ،19.1 ،27.8‬مليار دوالر‪ ،‬على التوايل‪،‬‬
‫يف ال�سنة املالية ‪ .2008/2007‬وهذا ما يت�ضح من ال�شكل التايل رقم (‪.)1‬‬
‫�شكل رقم‬
‫(‪)1‬‬

‫التبادل التجاري بني م�صر و�أهم التكتالت والدول ال�شركاء‬


‫ال�سنة املالية ‪2008/2007‬‬

‫ ‬

‫ ‬

‫امل�صدر‪ :‬البنك املركزي امل�صري (‪ ،)2008/2007‬التقرير ال�سنوي‪� ،‬ص‪.79‬‬

‫يو�ضح ال�شكل �أعاله‪� ،‬أن �أهم ال�شركاء التجاريني مل�صر‪ ،‬هم‪ :‬الواليات املتحدة أالمريكية‪ ،‬واململكة‬ ‫ ‬
‫املتحدة‪ ،‬وايطاليا‪ ،‬و�أملانيا‪ ،‬والهند‪ ،‬واليابان‪ ،‬وكوريا اجلنوبية‪ ،‬إ‬
‫والمارات العربية املتحدة‪ ،‬واململكة العربية‬
‫ال�سعودية‪ .‬وهو ما يدل على توافق ما ورد بتقرير البنك املركزي امل�صري مع نتائج ح�ساب م�ؤ�شر كثافة التجارة‬
‫البينية – الواردة باجلدول رقم (‪.)1‬‬
‫و ُيعزي ارتفاع حجم التبادل التجاري مع هذه الدول‪ ،‬يف جانب كبري منه‪� ،‬إىل دخولها مع م�صر يف‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬
‫عديد من �إتفاقيات التجارة الثنائية ومتعددة الطراف‪ .‬حيث وقعت م�صر �إتفاقية ال�شراكة الوربية يف ‪25‬‬
‫يونيو‪ ،2001‬ودخلت حيز التنفيذ يف يونيو ‪ ،2004‬ثم ان�ضمت م�صر لربنامج عمل �سيا�سة اجلوار أالوربية يف‬
‫عام ‪ .2007‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬مت توقيع �إتفاقية امل�شاركة امل�صرية أالمريكية للنمو االقت�صادي والتنمية يف‬
‫‪ 76‬ن�شوى م�صطفى‬

‫�سبتمرب من ‪ ،1994‬واالتفاقية إالطارية للتجارة واال�ستثمار يف عام ‪ ،1999‬ثم �أخريا مت توقيع بروتوكول املناطق‬
‫ال�صناعية امل�ؤهلة يف دي�سمرب من عام ‪ .2004‬وت�شرتك م�صر مع الدول العربية يف �إتفاقية التجارة احلرة العربية‬
‫الكربى‪ ،‬التي بد�أ تنفيذها يف يناير من عام ‪( 1998‬وزراة التجارة وال�صناعة‪.)2009 ،‬‬
‫وقد هدفت م�صر يف ال�سنوات أالخرية �إىل زيادة التبادل التجاري مع ال�صني من خالل توقيع ثالثة‬ ‫ ‬
‫بروتوكوالت للتعاون يف جمال التجارة وال�صناعة واملعار�ض يف نوفمرب من عام ‪ .2007‬وقد �سجل امليزان‬
‫التجاري امل�صري معها عجزا مقداره ‪ 1945‬مليون دوالر يف الن�صف أالول لل�سنة املالية ‪ - 2009/2008‬مقارنة‬
‫مبقدار ‪ 1532‬مليون دوالر عن نف�س الفرتة من ال�سنة ال�سابقة عليها‪ ،‬حيث بلغت الواردات من ال�صني ‪1983‬‬
‫مليون دوالر‪ ،‬يف حني بلغت ال�صادرات �إليها ‪ 38‬مليون دوالر‪( .‬وزراة التجارة وال�صناعة‪ )2009 ،‬ونظرا للنمو‬
‫االقت�صادي املطرد لل�صني‪ ،‬و�إ�سراعها بنف�سها لتكون يف م�صاف الدول الرائدة عامليا‪ ،‬فقد �أ�صبح من أالهمية‬
‫مبكان �إ�ضافتها ألهم ال�شركاء التجاريني مل�صر ال�سالف ذكرهم‪.‬‬
‫‪ .4‬النتائج التطبيقية‬
‫قيا�س تزامن الدورات االقت�صادية‬
‫يتطلب قيا�س التزامن بني الدورات االقت�صادية‪� ،‬إتخاذ عدة خطوات‪ ،‬تبد�أ باختبار �سكون‬ ‫ ‬
‫ال�سال�سل الزمنية‪ ،‬ثم تقدير االجتاه العام لنمو الناجت املحلي االجمايل للح�صول على املكون الدوري‪ ،‬و�أخرياً‬
‫قيا�س معامالت االرتباط بني الدورات االقت�صادية‪ ،‬وهو ما يتم تناوله على النحو التايل‪:‬‬
‫‪� -‬إختبار �سكون ال�سال�سل الزمنية‬
‫ت�شري نتائج اختبار �سكون ال�سال�سل الزمنية – املو�ضحة يف جدول نتائج اختبار جذر‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫الوحدة باملالحق ا إلح�صائية‪� -‬نه مبقارنة قيمة ‪ τ‬املطلقة املح�سوبة بقيمة ‪ τ‬املطلقة احلرجة‬
‫لبيانات ال�سال�سل الزمنية للناجت املحلي ا إلجمايل‪ ،‬لكل من م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني‪ ،‬فقد‬
‫ات�ضح أ�ن القيمة املح�سوبة كانت أ�قل من القيمة احلرجة جلميع الدول حمل البحث عند م�ستوى‬
‫معنوية ‪ ،%1‬مبا يفيد بقبول فر�ضية العدم ورف�ض الفر�ضية البديلة‪ ،‬أ�ي عدم �سكون ال�سال�سل‬
‫الزمنية واحتوائها على جذر الوحدة‪.‬‬
‫وتدل النتائج ال�سابقة �إىل وجود اجتاه عام لنمو الناجت املحلي إالجمايل مع الزمن‪ ،‬مبا ي�ستلزم �ضرورة ا�ستبعاد هذا‬ ‫ ‬
‫االجتاه العام ‪ detrending‬للح�صول على املكونات الدورية‪ ،‬وهو ما يعني �إمكانية تقدير حجم الدورات االقت�صادية‪.‬‬
‫الجمايل‬
‫‪ -‬تقدير االجتاه العام لنمو الناجت املحلي إ‬
‫ توجد عدة طرق لتقدير االجتاه العام لنمو املتغري يف أالجل الطويل‪ ،‬منها‪ :‬م�صفى هودريك‬
‫بري�سكوت‪ ،‬م�صفى بيفرييدج نيل�سون‪ ،‬وم�صفى باندبا�س‪ .‬ولكن �أكرثها �شيوعاً وا�ستخداماً يف الدرا�سات‬
‫االقت�صادية هو م�صفى هودريك بري�سكوت‪ ،‬الذي ي�ستند عليه هذا البحث‪.‬‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪77‬‬

‫‪ -‬تقدير املكونات الدورية‬


‫مت ا�ستبعاد االجتاه العام من بيانات ال�سل�سلة الزمنية أال�صلية‪ ،‬للناجت املحلي إالجمايل احلقيقي‬ ‫ ‬
‫بالدوالر لكل من م�صر و�أهم �شركائها التجاريني‪ ،‬للح�صول على املكونات الدورية‪ .‬وللت�أكد من �سكون‬
‫املكونات الدورية‪ ،‬فقد مت �إخ�ضاعها الختبار جذر الوحدة‪ ،‬الذي جاءت نتائجه باملالحق إالح�صائية‪.‬‬
‫يت�ضح من النتائج‪� ،‬أن املكونات الدورية �ساكنة وتخلو من جذر الوحدة‪ ،‬جلميع الدول عند م�ستوى‬ ‫ ‬
‫والمارات عند م�ستوى معنوية ‪ %1‬و‪ %5‬على التوايل‪ .‬مبا يفيد �إمكانية‬
‫(‪)21‬‬
‫معنوية ‪ ،%10‬يف ما عدا ال�سعودية إ‬
‫قيا�س عالقة االرتباط بني املكونات الدورية للناجت املحلي إالجمايل‪ ،‬مبعنى قيا�س تزامن الدورات االقت�صادية‬
‫مل�صر و�شركائها التجاريني‪ ،‬دون �أن يكون للزمن �أي ت�أثري على �صحة النتائج‪.‬‬
‫‪ -‬قيا�س معامالت االرتباط بني الدورات االقت�صادية‬
‫ ت�شري نتائج قيا�س معامالت االرتباط بني الدورات االقت�صادية‪ ،‬معربا عنها باملكونات الدورية للناجت‬
‫املحلي إالجمايل احلقيقي بالدوالر‪ ،‬لكل من م�صر و�أهم �شركائها التجاريني خالل الفرتة (‪،)2008-1970‬‬
‫واملو�ضحة يف جدول رقم (‪� ،)2‬إىل ارتفاع درجة التزامن بني الدورات االقت�صادية يف م�صر والهند‪ ،‬حيث‬
‫بلغت قيمة معامل االرتباط بينهما ‪ %78‬وبني م�صر وال�صني ‪ ،%70‬بعالقة موجبة‪ ،‬ثم كان مع اململكة‬
‫العربية ال�سعودية ‪ ،%21‬و�إيطاليا ‪ ،%19‬يليهما مع إالمارات العربية املتحدة ‪ ،%14‬واليابان ‪ .%11‬وبلغت‬
‫قيمة معامل االرتباط �أدناها بني م�صر وكل من اململكة املتحدة‪ ،‬وكوريا اجلنوبية‪ ،‬و�أملانيا‪ ،‬والواليات املتحدة‬
‫أالمريكية‪ ،‬حيث �سجل ‪ %6,0 ،%3,3 ،%4,3 ،%7,9‬على الرتتيب‪.‬‬
‫جدول رقم (‪ :)2‬معامالت ارتباط الدورات االقت�صادية‬
‫بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني خالل الفرتة (‪)2008-1970‬‬

‫كوريا‬ ‫اململكة‬ ‫الواليات‬


‫إالمارات‬ ‫ال�سعودية‬ ‫ال�صني‬ ‫اليابان‬ ‫الهند‬ ‫�أملانيا‬ ‫ايطاليا‬
‫اجلنوبية‬ ‫املتحدة‬ ‫املتحدة‬
‫‪0.140‬‬ ‫‪0.218-‬‬ ‫‪0.704‬‬ ‫‪0.034-‬‬ ‫‪0.114‬‬ ‫‪0.784‬‬ ‫‪0.033‬‬ ‫‪0.200‬‬ ‫‪0.097-‬‬ ‫‪0.006-‬‬
‫امل�صدر‪�ُ :‬أعد بوا�سطة الباحثة‪.‬‬

‫ تفيد النتائج ال�سابقة وجود عالقة قوية‪ ،‬ويف نف�س االجتاه‪ ،‬بني الدورات االقت�صادية التي حتدث‬
‫يف كل من م�صر والهند وال�صني‪ ،‬بينما تنخف�ض �أهمية هذه العالقة تدريجيا مع بقية الدول‪ .‬وت�أخذ اجتاها‬
‫معاك�سا مع كل من ال�سعودية و�إيطاليا وكوريا اجلنوبية واململكة املتحدة والواليات املتحدة أالمريكية‪ .‬وهذا‬
‫يعني �أن هناك نوعا من تزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر والدول النامية املت�شابهة يف م�ستوى الدخل‪،‬‬
‫أالمر الذي ال يتحقق بني كل من م�صر والدول املتقدمة �أو املرتفعة الدخل‪.‬‬
‫(‪)22‬‬
‫‪ 78‬ن�شوى م�صطفى‬

‫ ولغر�ض �إجراء االختبارات إالح�صائية الالزمة لقيا�س �أثر كثافة التجارة على تزامن الدورات‬
‫االقت�صادية‪ ،‬فقد مت تق�سيم الفرتة (‪� )2008-1970‬إىل �أربع فرتات‪-1990( ،)1989-1980( ،)1979-1970( ،‬‬
‫‪ .)2008-2000( ،)1999‬وبناء عليه‪ ،‬فقد مت تقدير معامالت االرتباط يف الفرتات الزمنية الفرعية‪ .‬وقد جاءت‬
‫نتائج التقدير كما هي مبينة يف اجلدول رقم (‪.)3‬‬
‫جدول رقم(‪ :)3‬متو�سطات معامالت ارتباط الدورات االقت�صادية بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني‬
‫‪2008-2000‬‬ ‫‪1999-1990‬‬ ‫‪1989-1980‬‬ ‫‪1979-1970‬‬ ‫الدولة‬
‫‪0.137‬‬ ‫‪0.783‬‬ ‫‪0.302-‬‬ ‫‪0.213-‬‬ ‫الواليات املتحدة أالمريكية‬
‫‪0.101-‬‬ ‫‪0.549‬‬ ‫‪0.028-‬‬ ‫‪0.577-‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫‪0.046-‬‬ ‫‪0.260‬‬ ‫‪0.679-‬‬ ‫‪0.197-‬‬ ‫ايطاليا‬
‫‪0.539‬‬ ‫‪0.074‬‬ ‫‪0.720-‬‬ ‫‪0.347-‬‬ ‫أ�ملانيا‬
‫‪0‬ر‪939‬‬ ‫‪0.380‬‬ ‫‪0.233‬‬ ‫‪0.398‬‬ ‫الهند‬
‫‪0.828‬‬ ‫‪0.325-‬‬ ‫‪0.541-‬‬ ‫‪0.215-‬‬ ‫اليابان‬
‫‪0.499‬‬ ‫‪0.650-‬‬ ‫‪0.002‬‬ ‫‪0.019-‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫‪0.920‬‬ ‫‪0.574-‬‬ ‫‪0.006‬‬ ‫‪0.534‬‬ ‫ال�صني‬
‫‪0.567‬‬ ‫‪0.420-‬‬ ‫‪0.672-‬‬ ‫‪0.754-‬‬ ‫ال�سعودية‬
‫‪0.782‬‬ ‫‪0.310-‬‬ ‫‪0.470-‬‬ ‫‪0.143‬‬ ‫ا إلمارات‬
‫امل�صدر‪�ُ :‬أعد بوا�سطة الباحثة‪ ،‬اعتمادا علي بيانات‪:‬‬
‫‪-United Nations, National Accounts Main Aggregates Database.‬‬

‫ يالحظ من اجلدول ال�سابق ارتفاع معامل االرتباط بني الدورات االقت�صادية بني م�صر‬
‫والدول املنتمية لكتلة الدول ا آل�سيوية غري العربية والدول العربية يف الفرتة أالخرية املمتدة من‬
‫عام ‪� 2000‬إىل عام ‪ ،2008‬وذلك مقابل تراجع درجة االرتباط مع أ�هم ال�شركاء أالوربيني‪،‬‬
‫�إيطاليا واململكة املتحدة‪ ،‬وكذلك الواليات املتحدة أالمريكية‪.‬‬
‫ح�ساب كثافة التجارة البينية‬
‫ يو�ضح اجلدول رقم (‪ ،)4‬نتائج ح�ساب م�ؤ�شر كثافة التجارة البينية بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني‪،‬‬
‫امل�ؤ�شر الثالث رقم (‪ ،)3‬فت�شري أالرقام الواردة فيه �إىل ارتفاع كثافة التجارة بني م�صر و�إيطاليا‪ ،‬يليها �أملانيا‬
‫والهند والواليات املتحدة أالمريكية‪ .‬وقد �أظهر امل�ؤ�شر حت�سن متو�سط كثافة التجارة بني م�صر وال�سعودية‬
‫خالل الفرتة ‪ ،2008-2000‬وانخفا�ضه ن�سبيا مع اململكة املتحدة‪ ،‬يف حني �سجل م�ؤ�شر متو�سط كثافة التجارة‬
‫�إنخفا�ضا مع كل من إالمارات وال�صني يف الفرتات أالربع‪.‬‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪79‬‬

‫جدول رقم(‪ :)4‬نتائج ح�ساب م�ؤ�شر كثافة التجارة بني م�صر‬


‫و�أهم �شركائها التجاريني‬
‫‪2008-2000‬‬ ‫‪1999-1990‬‬ ‫‪1989-1980‬‬ ‫‪1979-1970‬‬ ‫الدولة‬
‫‪0.198‬‬ ‫‪0.215‬‬ ‫‪0.222‬‬ ‫‪0.149‬‬ ‫الواليات املتحدة أالمريكية‬
‫‪0.126‬‬ ‫‪0.135‬‬ ‫‪0.140‬‬ ‫‪0.145‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫‪0.494‬‬ ‫‪0.543‬‬ ‫‪0.576‬‬ ‫‪0.309‬‬ ‫ايطاليا‬
‫‪0.228‬‬ ‫‪0.244‬‬ ‫‪0.243‬‬ ‫‪0.152‬‬ ‫�أملانيا‬
‫‪0.155‬‬ ‫‪0.164‬‬ ‫‪0.165‬‬ ‫‪0.349‬‬ ‫الهند‬
‫‪0.113‬‬ ‫‪0.112‬‬ ‫‪0.113‬‬ ‫‪0.061‬‬ ‫اليابان‬
‫‪0.111‬‬ ‫‪0.116‬‬ ‫‪0.116‬‬ ‫‪0.024‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫‪0.067‬‬ ‫‪0.074‬‬ ‫‪0.077‬‬ ‫‪0.110‬‬ ‫ال�صني‬
‫‪0.202‬‬ ‫‪0.192‬‬ ‫‪0.186‬‬ ‫‪0.057‬‬ ‫ال�سعودية‬
‫‪0.035‬‬ ‫‪0.043‬‬ ‫‪0.041‬‬ ‫‪0.003‬‬ ‫إالمارات‬
‫امل�صدر‪� :‬أُعد بوا�سطة الباحثة اعتمادا على‪:‬‬
‫‪-IMF, Direction of Trade Statistics Yearbook, Various Editions‬‬

‫ ت�شري نتائج تقدير معامالت ارتباط كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني‬
‫م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني خالل الفرتة (‪ ،)2008-1970‬الواردة يف اجلدول رقم (‪� ،)5‬إىل وجود‬
‫عالقة ارتباط قوية ن�سبيا بني م�صر وال�سعودية‪ ،‬حيث بلغت قيمة املعامل ‪ ،%55.9‬يليها اململكة‬
‫املتحدة والواليات املتحدة أالمريكية والهند‪ ،‬بقيمة ‪ %24- ،%35.3 ،%42.2-‬على الرتتيب‪ .‬غري أ�ن‬
‫هذه العالقة تكون طردية يف حالة كل من ال�سعودية والواليات املتحدة‪ ،‬وعك�سية مع كل من اململكة‬
‫املتحدة والهند‪.‬‬
‫جدول رقم(‪ :)5‬معامالت ارتباط كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية‬
‫بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني خالل الفرتة (‪ )2008-1970‬لكل دولة على حده‬
‫إالمارات‬ ‫ال�سعودية‬ ‫ال�صني‬ ‫كوريا‬ ‫اليابان‬ ‫الهند‬ ‫�أملانيا‬ ‫�إيطاليا‬ ‫اململكة‬ ‫الواليات‬
‫اجلنوبية‬ ‫املتحدة‬ ‫املتحدة‬
‫‪-0.063‬‬ ‫‪0.559‬‬ ‫‪0.150‬‬ ‫‪-0.073‬‬ ‫‪0.162‬‬ ‫‪-0.240‬‬ ‫‪0.165‬‬ ‫‪-0.112‬‬ ‫‪-0.422‬‬ ‫‪0.353‬‬

‫امل�صدر‪� :‬أُعد بوا�سطة الباحثة‪.‬‬

‫‪ .4‬ح�ساب م ؤ��شر التخ�ص�ص القطاعي‬

‫تدل نتائج ح�ساب م�ؤ�شر التخ�ص�ص القطاعي واملو�ضحة يف اجلدول رقم (‪� )6‬إىل اقرتاب قيمة امل�ؤ�شر‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫من ال�صفر‪ ،‬المر الذي ي�شري �إىل ارتفاع درجة الت�شابه بني هياكل القطاعات إالنتاجية مل�صر و�أهم �شركائها‬
‫التجاريني‪ ،‬خا�صة ال�صني واململكة املتحدة‪ ،‬حيث �سجل امل�ؤ�شر ‪ 0.026‬لكل منهما على حدة‪.‬‬
‫‪ 80‬ن�شوى م�صطفى‬

‫جدول رقم (‪ :)6‬نتائج ح�ساب م�ؤ�شر التخ�ص�ص القطاعي بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني‬
‫‪2008-2000‬‬ ‫‪1999-1990‬‬ ‫‪1989-1980‬‬ ‫‪1979-1970‬‬ ‫الدولة‬
‫‪0.075‬‬ ‫‪0.079‬‬ ‫‪0.090‬‬ ‫‪0.100‬‬ ‫الواليات املتحدة أالمريكية‬
‫‪0.092‬‬ ‫‪0.079‬‬ ‫‪0.089‬‬ ‫‪0.112‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫‪0.066‬‬ ‫‪0.071‬‬ ‫‪0.083‬‬ ‫‪0.087‬‬ ‫�إيطاليا‬
‫‪0.084‬‬ ‫‪0.092‬‬ ‫‪0.104‬‬ ‫‪0.126‬‬ ‫�أملانيا‬
‫‪0.047‬‬ ‫‪0.055‬‬ ‫‪0.064‬‬ ‫‪0.053‬‬ ‫الهند‬
‫‪0.078‬‬ ‫‪0.082‬‬ ‫‪0.097‬‬ ‫‪0.113‬‬ ‫اليابان‬
‫‪0.073‬‬ ‫‪0.062‬‬ ‫‪0.062‬‬ ‫‪0.066‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫‪0.092‬‬ ‫‪0.079‬‬ ‫‪0.089‬‬ ‫‪0.112‬‬ ‫ال�صني‬
‫‪0.094‬‬ ‫‪0.103‬‬ ‫‪0.109‬‬ ‫‪0.155‬‬ ‫ال�سعودية‬
‫‪0.078‬‬ ‫‪0.098‬‬ ‫‪0.110‬‬ ‫‪0.157‬‬ ‫إالمارات‬
‫امل�صدر‪�ُ :‬أعد بوا�سطة الباحثة‪ ،‬اعتمادا علي بيانات‪:‬‬
‫‪-United Nations, National Accounts Main Aggregates Database.‬‬

‫‪ .4‬نتائج تقدير النموذج القيا�سي‬


‫ مت تقدير معادلة االنحدار املدمج با�ستخدام‪� ،‬أوال‪ :‬طريقة املربعات ال�صغرى املعممة‪ :‬احلد الثابت‬
‫امل�شرتك‪ ،‬أالثر الثابت با�ستخدام أالوزان الرتجيحية ملفردات املقطع العر�ضي‪ ،‬أالثر الع�شوائي‪ .‬ثانيا‪:‬‬
‫با�ستخدام طريقة املربعات ال�صغرى على مرحلتني إلدخال املتغريات امل�ساعدة‪ .‬ولقد جاءت نتائج التقدير‬
‫القيا�سي يف اجلدول املو�ضح باملالحق إالح�صائية‪.‬‬
‫ ت�شري نتائج التقدير القيا�سي با�ستخدام طريقة احلد الثابت امل�شرتك �إىل أ�ن القوة‬
‫(‪)23‬‬

‫التف�سريية للمتغريات امل�ستقلة ت�شكل ‪ %57‬من املتغري التابع‪ ،‬حيث بلغت قيمة معامل التحديد‬
‫(‪ .R (0.569‬وتدل �إ�شارة املعلمات املقدرة على وجود عالقة عك�سية بني متغري كثافة التجارة البينية‬ ‫‪2‬‬

‫وتزامن الدورات االقت�صادية من ناحية‪ ،‬والتخ�ص�ص القطاعي وتزامن الدورات االقت�صادية من‬
‫ناحية أ�خرى‪ .‬وي�شري انخفا�ض قيمة معلمة متغري كثافة التجارة‪ ،‬التي ت�ساوي ‪� ،0.19‬إىل انخفا�ض‬
‫أ�هميته االقت�صادية يف الت أ�ثري على تزامن الدورات االقت�صادية‪ .‬وهي نتيجة تتفق مع التحليل‬
‫النظري ال�سابق‪ ،‬حيث يوجد نوع من الت�شابه يف هياكل القطاعات ا إلنتاجية بني م�صر و أ�هم‬
‫�شركائها التجاريني‪ .‬هذا ف�ضال عن خلو النتائج املقدرة من م�شكلة االرتباط الت�سل�سلي بني‬
‫البواقي‪ ،‬كما أ��شارت لذلك قيمة دوربن وات�سن ‪ Durbin Watson‬البالغة ‪.2.2‬‬
‫ يقدر النموذج‪ ،‬وفقا للطريقة ال�سابقة‪ ،‬حدا ثابتا م�شرتكا لكافة مفردات العينة‪ ،‬وبالتايل‬
‫تتجاهل هذه الطريقة اختالف خ�صائ�ص كل مفردة عن أالخرى‪ .‬لذلك يتعني �إعادة تقدير‬
‫النموذج مع أالخذ يف االعتبار �إختالف هذه اخل�صائ�ص‪ ،‬وهو ما ميكن حتقيقه با�ستخدام طريقة‬
‫أالثر الثابت أ‬
‫والثر الع�شوائي‪.‬‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪81‬‬

‫ ت�شري النتائج املقدرة با�ستخدام طريقة أالثر الثابت �إىل ارتفاع القوة التف�سريية للمتغريات‬
‫التابعة يف تف�سري املتغري امل�ستقل‪( ،‬حيث بلغت قيمة معامل التحديد ‪ ،)%84‬وجاءت أ�ي�ضا �إ�شارة املعلمات‬
‫�سالبة‪ ،‬مبا يتفق والنتيجة ال�سابقة‪.‬‬
‫ وللمفا�ضلة بني نتائج التقدير القيا�سي با�ستخدام طريقة احلد الثابت امل�شرتك وطريقة‬
‫أالثر الثابت‪ ،‬فقد مت �إجراء �إختبار ولد ‪ ،Wald Test‬حيث تتمثل فر�ضية العدم يف أ�ن جميع احلدود‬
‫الثابتة مت�ساوية (متجان�سة)‪ ،‬وي أ�خذ ال�صيغة‪ ،H0: c(1)=c(2)=-----------c(n( :‬والفر�ضية البديلة‬
‫هى اختالف احلد الثابت بني مفردات املقطع العر�ضي‪ .‬وجاءت نتائج االختبار كما يلي‪:‬‬

‫‪43.91314‬‬ ‫=‬ ‫‪F-statistic‬‬ ‫�إح�صائية ‪F.‬‬


‫‪43.91314‬‬ ‫=‬ ‫‪Chi-square‬‬ ‫كاي تربيع‬

‫وحيث �أن قيمة ‪ F‬املح�سوبة �أكرب من قيمة ‪ F‬اجلدولية‪ ،‬ترف�ض فر�ضية العدم وتقبل الفر�ضية البديلة‪،‬‬ ‫ ‬
‫�أي �أن طريقة أالثر الثابت هي أالكرث قبو ًال‪ ،‬نظراً الختالف احلد الثابت بني مفردات املقطع العر�ضي‪.‬‬
‫ تظهر النتائج املقدرة وفقا لطريقة أالثر الع�شوائي‪ ،‬انخفا�ض القوة التف�سريية للمتغريات‬
‫امل�ستقلة‪( ،‬حيث بلغت قيمة معامل التحديد ‪ ،)%22‬وانخفا�ض املعنوية ا إلح�صائية ملتغري كثافة‬
‫التجارة‪ ،‬يف حني ترتفع معنوية متغري التخ�ص�ص القطاعي يف الت أ�ثري على تزامن الدورات‬
‫االقت�صادية‪ .‬وت أ�خذ قيمة املعلمات �إ�شارة �سالبة‪.‬‬
‫وقد مت �إجراء �إختبار هو�سمان ‪ Hausman‬لتحديد مدى �إمكانية االعتماد على النتائج‬ ‫ ‬
‫للثر الثابت تتميز عادة ب أ�نها‬
‫املقدرة وفقا لطريقة أالثر الع�شوائي‪ .‬فحيث أ�ن النتائج املقدرة وفقا أ‬
‫مت�سقة‪ ،‬ف�إن هدف االختبار هو بيان ما �إذا كانت النتائج املقدرة بطريقة أالثر الع�شوائي تت�سق‬
‫مع نتائج أالثر الثابت‪ .‬وبالتايل ف�إن فر�ضية العدم تعني عدم وجود فروق بني مقدرات املربعات‬
‫ال�صغرى املعممة يف طريقة أالثر الع�شوائي ومقدرات املربعات ال�صغرى ذات املتغريات ال�صورية‬
‫يف طريقة أالثر الثابت‪ ،‬والفر�ضية البديلة هى وجود فروق‪ Asteriou( ،‬و ‪ )Hall 2007‬و أ��شارت‬
‫نتائج االختبار‪ ،‬من خالل الرجوع لقيم ‪ p-values‬التي �سجلت بالن�سبة ملعلمة متغري كثافة التجارة‬
‫‪ 0.4151‬وبالن�سبة ملعلمة متغري التخ�ص�ص القطاعي ‪� ،0.1680‬إىل وجود فروق بني املقدرات يف‬
‫منوذج أالثر الثابت واملقدرات يف منوذج أالثر الع�شوائي‪ ،‬وبالتايل قبول فر�ضية العدم‪ ،‬التي تفيد‬
‫بعدم ات�ساق النتائج املقدرة وفقا لطريقة أالثر الع�شوائي‪.‬‬
‫‪ 82‬ن�شوى م�صطفى‬

‫كما أ�فادت نتائج التقدير القيا�سي با�ستخدام املتغريات امل�ساعدة امل�ستمدة من منوذج‬ ‫ ‬
‫اجلاذبية‪ -‬ال�سابق بيانها‪ -‬باالعتماد على طريقة املربعات ال�صغرى ذات املرحلتني‪ ،‬بعدم وجود‬
‫معنوية �إح�صائية لكل من كثافة التجارة والتخ�ص�ص القطاعي‪ ،‬وهو ما ي�شري �إىل �ضعف العالقة‬
‫بني الروابط التجارية (بني ال�صناعات أ�و داخلها) وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم‬
‫�شركائها التجاريني‪.‬‬
‫‪ .5‬اخلامتة والتو�صيات‬
‫ تناولت الورقة العالقة بني كثافة التجارة البينية وتزامن الدورات االقت�صادية‪ .‬وقامت على فر�ضية �أ�سا�سية‬
‫تقول بوجود �أثر موجب لكثافة التجارة على تزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني‪.‬‬
‫ وحاولت الورقة‪ ،‬من خالل أالجزاء التي ت�ضمنتها‪� ،‬إلقاء ال�ضوء على أالدبيات االقت�صادية التي‬
‫تناولت العالقة حمل الدرا�سة‪ ،‬وات�ضح منها عدم وجود اتفاق بني االقت�صاديني يف ما يتعلق بطبيعة العالقة‬
‫بني كثافة التجارة البينية وتزامن الدورات االقت�صادية‪ ،‬حيث تختلف باختالف نطاق التطبيق‪.‬‬
‫ اعتمدت الورقة يف التحقق من مدى �صحة الفر�ضية على منوذج قيا�سي با�ستخدام دالة‬
‫انحدار متعدد مدمج‪ ،‬خالل الفرتة (‪ ،)2008-1970‬ومتثل النطاق املكاين للتطبيق يف أ�هم ال�شركاء‬
‫التجاريني مل�صر‪ ،‬الذين مت حتديدهم بنا ًء على نتائج ح�ساب م ؤ��شر كثافة التجارة البينية جلميع‬
‫ال�شركاء التجاريني مل�صر‪ .‬وقد مت قيا�س التزامن يف الدورات االقت�صادية‪ ،‬من خالل تقدير‬
‫معامالت االرتباط بني املكونات الدورية للناجت املحلي ا إلجمايل احلقيقي مل�صر و�شركائها‪ ،‬بعد‬
‫�إخ�ضاعها الختبار جذر الوحدة‪ ،‬للت أ�كد من �سكونها‪ .‬ومت ح�ساب م ؤ��شرات كثافة التجارة البينية‪،‬‬
‫والتخ�ص�ص القطاعي‪ ،‬وفقا ملا ورد يف الدرا�سات ال�سابقة‪ .‬ولغر�ض �إجراء االختبارات ا إلح�صائية‬
‫الالزمة لقيا�س أ�ثر كثافة التجارة على تزامن الدورات االقت�صادية‪ ،‬فقد مت تق�سيم الفرتة (‪-1970‬‬
‫‪� )2008‬إىل أ�ربع فرتات‪ .)2008-2000( ،)1999-1990( ،)1989-1980( ،)1979-1970( ،‬وقد أ�و�ضحت‬
‫معامالت االرتباط بني الدورات االقت�صادية زيادة درجة التزامن بني م�صر والدول غري العربية‬
‫املنتمية للكتلة ا آل�سيوية (الهند وال�صني) رغم تراجع م ؤ��شر كثافة التجارة البينية معها‪ .‬و أ��شار‬
‫م ؤ��شر التخ�ص�ص القطاعي �إىل وجود درجة عالية من الت�شابه االقت�صادي بني م�صر و أ�هم‬
‫ال�شركاء التجاريني‪.‬‬
‫ كذلك فقد مت ا�ستخدام طريقة املربعات ال�صغرى املعممة يف تقدير نتائج النموذج القيا�سي‪ ،‬ولكن‬
‫ملا قد يعيب نتائج هذه الطريقة من عدم ات�ساق‪ ،‬فقد مت ا�ستخدام متغريات م�ساعدة م�ستمدة من منوذج‬
‫اجلاذبية‪ ،‬من خالل تطبيق طريقة املربعات ال�صغرى على مرحلتني‪ ،‬لتعرب عن املتغريات اخلارجية املف�سرة‬
‫ملتغري كثافة التجارة البينية‪.‬‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪83‬‬

‫ كما �أظهرت نتائج التقدير القيا�سي ملعادلة االنحدار املدمج با�ستخدام املتغريات امل�ساعدة عدم‬
‫املعنوية إالح�صائية للمتغريات حمل الدرا�سة‪ .‬وهو ما ميكن تف�سريه ب�أن النمط ال�سائد للتجارة بني م�صر‬
‫و�شركائها التجاريني هو منط التجارة بني ال�صناعات‪ Inter –Industry Trade ،‬والذي يرتبط بعالقة عك�سية‬
‫مع تزامن الدورات االقت�صادية‪ .‬هذا على الرغم حدوث ت�شابه يف الهياكل االقت�صادية املح�سوبة بالفرق بني‬
‫ن�صيب كل قطاع من �إجمايل القيمة امل�ضافة يف م�صر والدولة �شريكها التجاري‪ ،‬الذي ال ي�صاحبه بال�ضرورة‬
‫ت�شابه يف هياكل التجارة اخلارجية‪ .‬وعليه ترف�ض فر�ضية البحث‪ ،‬التي تقوم على وجود ت�أثري طردي لكثافة‬
‫التجارة على تزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و�أهم �شركائها التجاريني‪.‬‬
‫ ي�ستخل�ص مما �سبق �أن التزامن بني الدورات االقت�صادية بني م�صر و�شركائها التجاريني ال يعود �إىل‬
‫كثافة التجارة البينية‪ ،‬ولكن لعوامل �أخرى‪ ،‬تو�صي الورقة مبزيد من البحوث لتحديدها‪ .‬وهو ما يلفت انتباه‬
‫�صانعي ال�سيا�سة �إىل �ضرورة �إعادة �صياغة �سيا�سات التجارة اخلارجية مل�صر على نحو ميكنها من اال�ستجابة‬
‫للزيادة يف الطلب اخلارجي‪ ،‬امل�صاحب حلالة التو�سع والرواج االقت�صادي يف الدول ال�شركاء التجاريني‪ ،‬أالمر‬
‫الذي ي�سمح بانتقال هذه احلالة �إىل م�صر‪ ،‬هذا من ناحية‪ .‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬تدعيم القدرة على امت�صا�ص‬
‫ال�صدمات اخلارجية غري املرغوب فيها‪ ،‬جتنبا ألن تلحق مب�صر �آثار عدوى أالزمات االقت�صادية العاملية‪ .‬كما‬
‫تربز �أهمية الروابط االقت�صادية العاملية أالخرى‪ ،‬ويف مقدمتها الروابط املالية‪ ،‬التى ت�شهد منواً يف �أهميتها‬
‫وت�أثريها‪.‬‬
‫الهوام�ش‬
‫(‪ )1‬ترجمة لـ ‪Inter-Industry Trade‬‬
‫(‪ )2‬ترجمة لـ ‪Inter-Industry Trade‬‬
‫(‪ )3‬ترجمة لـ ‪Pooled Data‬‬
‫(‪ )4‬ترجمة لـ ‪Leading Economic Indicators‬‬
‫(‪ )5‬ترجمة لـ ‪Coincident Economic Indicators‬‬
‫(‪ )6‬ترجمة لـ ‪Lagging Economic Indicators‬‬
‫(‪ )7‬ترجمة لـ ‪Hi -Tech Industries‬‬
‫(‪ )8‬ترجمة لـ ‪Low-Tech Industries‬‬
‫(‪ )9‬ترجمة لـ ‪Instrumental Variables‬‬
‫(‪ )10‬ترجمة لـ ‪The Gravity Model‬‬
‫(‪ )11‬ترجمة لـ (‪Generalized Least Squares (GS‬‬
‫(‪ )12‬ترجمة لـ ‪Endogenously determined variables‬‬
‫(‪ )13‬ترجمة لـ (‪Two Stages Least Squares (TSLS‬‬
‫(‪ )14‬مت احل�صول على هذا البيان من قاعدة بيانات وزارة الزراعة أالمريكية‪.‬‬
‫(‪ )15‬لقد مت االعتماد يف احل�صول على النتائج وتقدير النموذج القيا�سي على الربنامج االح�صائي ‪.Eviews6‬‬
‫(‪ )16‬ترجمة لـ ‪Cyclical Components‬‬
‫(‪ )17‬ترجمة لـ ‪Stationary Time Series‬‬
‫(‪ )18‬ترجمة لـ‪Unit Root Test‬‬
‫(‪ )19‬يحتوى اختبار جذر الوحدة على عدة اختبارات ل�سكون ال�سل�سلة الزمنية (�أو الفرق أالول �أو الثاين لها)‪ ،‬هى ‪:‬‬
‫‪Augmented Dickey-Fuller (ADF), GLS transformed Dickey-Fuller (DFGLS), Phillips-Perron (PP), Kwiatkowski, et.‬‬
‫‪.)al. (KPSS), Elliot, Richardson and Stock (ERS) Point Optimal, and Ng & Perron (NP‬‬
‫(‪ )20‬مت ح�ساب م�ؤ�شر التخ�ص�ص القطاعي يف قطاعات‪ :‬الزراعة وال�صيد والغابات‪ ،‬التعدين واال�ستخراج‪ ،‬الت�صنيع‪ ،‬الت�شييد‪ ،‬جتارة اجلملة والتجزئة‬
‫ ن�شوى م�صطفى‬84

.‫ أالن�شطة أالخرى‬،‫ النقل والتخزين واالت�صاالت‬،‫واملطاعم والفنادق‬


، ‫على التوايل‬ 5.707884 ،3.897106 ‫) عند �أخذ الفرق أالول لبيانات املكونات الدورية لدولتي ال�سعودية إ‬21(
‫ املح�سوبة‬τ ‫ ت�صبح قيمة‬،‫والمارات‬
.‫ احلرجة عند جميع م�ستويات املعنوية‬τ ‫وهي �أكرب من قيمة‬
‫ يف حني ت�صنف‬.‫ والهند منخف�ضة الدخل‬، ‫ �ضمن الدول متو�سطة الدخل‬،2005 ‫ وفقا لتقرير التنمية الب�شرية لعام‬،‫) ت�صنف كل من م�صر وال�صني‬22(
.‫الدول الثالث �ضمن الدول النامية‬
Common Intercept ‫) ترجمة لـ‬23(

‫املراجـع العربية‬

.‫ التقرير ال�سنوي‬،)2008/2007( ‫البنك املركزي امل�صري‬


‫ املجلد التا�سع أ‬،»‫ «املجلة االقت�صادية‬،)2009/2008( ‫البنك املركزي امل�صري‬
.‫ العدد الثالث‬،‫والربعون‬
‫ «هل تنجح العملة اخلليجية املوحدة؟ قيا�س روابط التجارة‬،)‫ م�ساعد (غري معروف‬،‫ حممد وعيد‬،‫ال�سقا‬
http://www.cba.edu.kw/،»‫والن�شاط االقت�صادي بدول جمل�س التعاون با�ستخدام حتليل البانل‬
Elsakka/GCC_COMMON_CURRENCY.ppt
‫ العدد‬،‫ املجلد أالول‬،‫ تقرير ن�صف �سنوي‬،»‫ «�أداء التجارة اخلارجية‬،)2009 ‫وزارة التجارة وال�صناعة (مايو‬
.‫اخلام�س‬
‫املراجـع االجنليزية‬
American Ministry of Agriculture, http://www.wcrl.ars.usda.gov/cec/java/capitals.htm
Asteriou, D. and Hall,S.(2007), Applied Econometrics: A Modern Approach Using E-views and
Microfit, Pagrave Macmillan.
Calderon, C. ; Chong, A. ; and Stein, E. (2003),“Trade Intensity and Business Cycle Synchronization:
Are Developing Countries any Different?”, Central Bank of Chile, Inter-American Development
Bank, Working Paper No. 478, http://www.iadb.org/document.cfm?id=788299.
Calderón, C.(2007), “Trade, Specialization and Cycle Synchronization: Explaining Output
Comovement between Latin America, China and India”, The World Bank, LCRCE, http://www.
siteresources.worldbank.org/INTLACOFFICEOFCE/.../BusinessCycles.pdf.
Frankle ,J. and Rose, A.(1997),“The Endogeneity of the Optimum Currency Area Criteria”, The
Politcal Economy of Monetary Union, http://www.faculty.haas.berkeley.edu/arose/ocaej.pdf
Fidrumuc, J. (2001), “The Endogeneity of Optimum Currency Area Criteria, Intra industry Trade
and EMU Enlargement”, Bank of Finland and Institute for Economies in Transition BOFIT,
Discussion Papers, No. 8.
Fidrumuc, J. ; Korhonen,I. ; and Batorova, I. (March 2008), “Dynamic Correlation Analysis of
Business Cycles of Selected Emerging Countries”, http://www.hse.ru/.../fidrmuc_korhonen_
batorova_final%20for%20Moscow.pdf.
85 ‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني‬

Garcia-Herrero, A. and Ruiz, J.(2008),“Do Trade and Financial Linkages Foster Business Cycle
Synchronization in a Small Economy?”, Banco De Espana, Madrid, No. 0810.
Goggin, J. and Siedschlag, I. (2009), “International Transmission of Business Cycles Between
Ireland and its Trading Partners”, ESRI , Working Paper No. 279.
IMF, Direction of Trade Statistics Yearbook, Various Editions.
Kraay,A. and Ventura,J.(2001),“Comparative Advantage and the Cross-section of Business
Cycles”, NBER, Working Paper No. 8104, http://www.nber.org/papers/w8104
Kose, A. and Yi, K.(2001), “International Trade and Business Cycles: Is Vertical Specialization
the Missing Link?” , American Economic Review, Papers and Proceedings, Vol.91.
Ramadan, M.(2005),“Indicators of Business Cycle Activity in Egypt”, The Cabinet Information
and Decision Support Centre Economic Analysis Sector.
Rana, P. (2007), “Trade Intensity and Business Cycle Synchronization: The Case of East Asia”,
Asian Development Bank, Working Paper Series on Regional Economic Integration No. 10.
Shin, K. and Wang,Y.(2004), “Trade Integration and Business Cycle Synchronization in East Asia”,
ISER Discussion Paper No. 574, www.papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=395981
Traistaru,l.(2004),“Sectoral Specialization, Trade Intensity and Business Cycles Synchronization
in an Enlarged EMU”, http://www. economics.ca/2004/papers/0274.pdf.
United Nations, National Accounts Main Aggregates Database.
Zebregs, H. (2004),“Intraregional Trade in Emerging Asia”, IMF Policy Discussion Paper, No.
PDP/041/.
‫‪ 86‬ن�شوى م�صطفى‬

‫مالحق �إح�صائية‬

‫ملحق رقم (‪)1‬‬


‫‪Unit Root Test‬‬ ‫نتائج اختبار جذر الوحدة‬
‫النتائج‬ ‫‪ τ‬احلرجة*‬
‫‪ τ‬املح�سوبة‬ ‫الدولة‬ ‫املتغري‬
‫(فر�ضية العدم)‬ ‫‪10%‬‬ ‫‪5%‬‬ ‫‪1%‬‬
‫قبول**‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪2.559297‬‬ ‫م�صر‬

‫ال�سال�سل الزمنية للناجت املحلي إالجمايل احلقيقي‬


‫قبول‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪1.927851‬‬ ‫�إيطاليا‬
‫قبول‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪0.174343‬‬ ‫�أملانيا‬
‫رف�ض‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪0.143279‬‬ ‫الهند***‬
‫قبول‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪1.241856‬‬ ‫الواليات املتحدة أالمريكية‬
‫قبول‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪0.878849‬‬ ‫ال�سعودية‬
‫قبول‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪1.028880‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫قبول‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪1.306344‬‬ ‫اليابان‬
‫قبول عند ‪%5 ،%1‬‬ ‫�أقل‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪2.802981‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫قبول عند ‪%1‬‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أكرب‬ ‫‪3.261799‬‬ ‫ال�صني‬
‫قبول‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪1.234552‬‬ ‫إالمارات‬
‫رف�ض **‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪4.593741‬‬ ‫م�صر‬
‫رف�ض‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪3.949310‬‬ ‫�إيطاليا‬

‫املكون الدوري للناجت املحلي إالجمايل احلقيقي‬


‫رف�ض‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪4.403485‬‬ ‫�أملانيا‬
‫رف�ض‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪5.100852‬‬ ‫الهند****‬
‫رف�ض‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪4.638376‬‬ ‫الواليات املتحدة أالمريكية‬
‫رف�ض عند‪%1‬‬ ‫�أقل‬ ‫�أكرب‬ ‫�أكرب‬ ‫‪2.911912‬‬ ‫ال�سعودية‬
‫رف�ض‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪4.300483‬‬ ‫اململكة املتحدة‬
‫رف�ض‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪3.680277‬‬ ‫اليابان‬
‫رف�ض‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪4.564703‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬
‫رف�ض‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫‪4.475283‬‬ ‫ال�صني‬
‫رف�ض ‪%5،%1‬‬ ‫�أقل‬ ‫�أقل‬ ‫�أكرب‬ ‫‪3.587510‬‬ ‫إالمارات‬
‫(*) تبلغ القيمة املطلقة لـ ‪τ‬احلرجة ‪ 2.6092 ،2.9422 ،3.6171‬عند م�ستوى معنوية ‪ %10 ،%5 ،%1‬على التوايل‪.‬‬
‫(**) فر�ضية العدم‪ :‬احتواء ال�سال�سل الزمنية على جذر الوحدة (غري �ساكنة)‪.‬‬
‫الفر�ضية البديلة‪ :‬عدم احتواء ال�سال�سل الزمنية على جذر الوحدة ( �ساكنة)‪.‬‬
‫(***) مت �إجراء االختبار باحت�ساب الفرق أالول لبيانات ال�سل�سلة الزمنية للمتغري‪.‬‬
‫(****) مت �إجراء االختبار باحت�ساب الفرق الثاين للمكونات الدورية للمتغري‪.‬‬
‫امل�صدر‪�ُ :‬أعد بوا�سطة الباحثة اعتمادا على‪:‬‬
‫‪- United Nations, National Accounts Main Aggregates Database.‬‬
‫ملحق رقم (‪)2‬‬
‫نتائج التقدير القيا�سي‬
‫املتغريات امل�ساعدة‬ ‫أالثر الع�شوائي‬ ‫أالثر الثابت‬ ‫احلد الثابت امل�شرتك‬
‫‪LOG‬‬ ‫‪LOG‬‬ ‫‪LOG‬‬ ‫‪LOG‬‬
‫)‪LOG(S‬‬ ‫‪C‬‬ ‫)‪LOG(S‬‬ ‫‪C‬‬ ‫)‪LOG(S‬‬ ‫)‪LOG(S‬‬ ‫‪C‬‬
‫)‪(T‬‬ ‫)‪(T‬‬ ‫)‪(T‬‬ ‫)‪(T‬‬
‫‪-1.049‬‬ ‫‪-0.125‬‬ ‫‪-2.823‬‬ ‫‪-0.985‬‬ ‫‪-0.120‬‬ ‫‪-2.658‬‬ ‫‪-2.385‬‬ ‫‪-0.395‬‬ ‫‪-1.309‬‬ ‫‪-0.192‬‬ ‫‪-3.599‬‬ ‫املعلمات املقدرة‬
‫‪0.894‬‬ ‫‪0.177‬‬ ‫‪2.459‬‬ ‫‪0.316‬‬ ‫‪0.089‬‬ ‫‪0.8702‬‬ ‫‪0.325‬‬ ‫‪0.114‬‬ ‫‪0.1966‬‬ ‫‪0.0713‬‬ ‫‪0.5778‬‬ ‫اخلط�أ املعياري‬
‫‪-1.173‬‬ ‫‪-0.703‬‬ ‫‪-1.148‬‬ ‫‪-3.119‬‬ ‫‪-1.349‬‬ ‫‪-3.055‬‬ ‫‪-7.345‬‬ ‫‪-3.472‬‬ ‫‪-6.660‬‬ ‫‪-2.689‬‬ ‫‪-6.229‬‬ ‫قيمة ‪ t‬املح�سوبة‬
‫‪0.248‬‬ ‫‪0.486‬‬ ‫‪0.258‬‬ ‫‪0.004‬‬ ‫‪0.186‬‬ ‫‪0.004‬‬ ‫‪0.000‬‬ ‫‪0.002‬‬ ‫‪0.000‬‬ ‫‪0.010‬‬ ‫‪0.000‬‬ ‫االحتمال‬
‫‪0.22‬‬ ‫‪0.22‬‬ ‫‪0.84‬‬ ‫‪0.569‬‬ ‫‪R2‬‬
‫‪0.18‬‬ ‫‪0.18‬‬ ‫‪0.76‬‬ ‫‪0.546‬‬ ‫‪Adjusted R2‬‬
‫‪2.2‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪2.3‬‬ ‫‪D.W Stat.‬‬
‫‪ =C‬ثابت التقدير‪.‬‬
‫(‪ = LOG(T‬لوغاريتم التجارة‪.‬‬
‫(‪ = LOG(S‬لوغاريتم التخ�ص�ص‪.‬‬
‫كثافة التجارة وتزامن الدورات االقت�صادية بني م�صر و أ�هم �شركائها التجاريني ‪87‬‬
‫املجلد الثالث ع�شر ‪ -‬العدد أ‬
‫الول ‪98 - 87 )2011( -‬‬ ‫جملة التنمية وال�سيا�سات االقت�صادية‪،‬‬
‫املعهد العربي للتخطيط‬

‫وقائع امل ؤ�متر الدويل التا�سع حول‬


‫“املر أ�ة وال�شباب يف التنمية العربية”‬
‫(القاهرة‪ 24-22 :‬مار�س ‪) 2010‬‬
‫عر�ض‪� :‬صالح الع�صفور‬

‫‪ .1‬مقدمة وخلفية‬
‫بالتعاون مع كل من البنك إال�سالمي للتنمية وجامعة الدول العربية ممثلة ب�إدارة التنمية وال�سيا�سات‬
‫إالجتماعية‪ ،‬ومنظمة العمل العربية واملنظمة العربية للتنمية إالدارية‪ ،‬عقد املعهد العربي للتخطيط م�ؤمتره‬
‫ال�سنوي التا�سع يف مدينة القاهرة يف الفرتة ‪ 24-22‬مار�س ‪ 2010‬حتت عنوان ‪ “ :‬املر�أة وال�شباب يف التنمية‬
‫العربية”‪.‬‬
‫حتدث يف جل�سة االفتتاح الدكتور عي�سى الغزايل مدير عام املعهد ف�أو�ضح �أن هذا امل�ؤمتر ي�ستمد‬
‫�أهميته املعرفية من التعريف العري�ض للتنمية على �أنها “ عملية لتو�سيع احلريات احلقيقية التي يتمتع بها‬
‫الب�شر” بغ�ض النظر عن نوعهم إالجتماعي وعن فئاتهم العمرية‪ .‬كما ي�ستمد مو�ضوع امل�ؤمتر �أهميته العملية‬
‫مما تو�صل �إليه القادة العرب يف م�ؤمتر القمة االقت�صادية‪ ،‬الذي عقد يف الكويت خالل الفرتة ‪ 20–19‬يناير‬
‫‪ 2009‬حول “ خمتلف التحديات التنموية التي تواجهه الدول العربية”‪ .‬حيث �أو�صى امل�ؤمتر (�ضمن‬
‫ما �أو�صى به) مبا يلي‪:‬‬
‫والجتماعية والقانونية‪،‬‬ ‫التو�صية أالوىل‪ ،‬ترتكز حول “ متكني املر�أة واالرتقاء ب�أو�ضاعها االقت�صادية إ‬
‫وتعزيز دورها يف احلياة العامة‪ ،‬حتقيقاً ملبد�أ امل�ساواة وت�أكيداً ملبادىء العدل واالن�صاف يف املجتمع”‪ ،‬حيث‬
‫تنطوي هذه التو�صية على �إدراك ب�أهمية دور املر�أة يف عملية التنمية من جانب‪ ،‬ومبحورية ق�ضية امل�ساواة بني‬
‫اجلن�سني يف تعزيز هذا الدور التنموي من جانب �آخر‪.‬‬
‫�أما التو�صية الثانية‪ ،‬فتتعلق “ بالتوجه لو�ضع إالمكانات الالزمة للنهو�ض بال�شباب العربي ومتكينه‬
‫وتثقيفه‪ ،‬لي�صبح م�ؤه ًال ال�ستكمال م�سرية التنمية وتفعيل م�شاركته يف م�شاريع التنمية”‪ ،‬وقد ربطت هذه‬
‫التو�صية بطريقة وا�ضحة و�صريحة بني فئة ال�شباب (�إناثاً وذكوراً) يف الفئة العمرية (‪� 22-15‬سنة) وبني عملية‬
‫التنمية‪ ،‬وذكر مدير عام املعهد العربي للتخطيط ب�أن التحديات التنموية التي تواجهه الدول العربية يف ما‬

‫* باحث ومن�سق وحدة الن�شر العلمي ‪ -‬املعهد العربي للتخطيط‪.‬‬


‫‪� 88‬صالح الع�صفور‬

‫يتعلق بفئة ال�شباب تتمثل يف ق�ضايا البطالة وق�ضايا التعليم‪ .‬وذكر �أن فئة ال�شباب يف الدول العربية متثل‬
‫حوايل ‪ %21‬من �إجمايل ال�سكان‪ ،‬حيث تعاين هذه الفئة من معدالت مرتفعة من البطالة مقارنة مبعدالت‬
‫البطالة الوطنية‪ ،‬و�أن معظم البطالة يف هذه الفئة ترجع للداخلني اجلدد �إىل �سوق العمل‪ ،‬كما �أن معدل‬
‫البطالة يف �أو�ساط إالناث يفوق ذلك يف �أو�ساط الذكور من فئة ال�شباب‪.‬‬
‫واهتماماً من املعهد ب�إثراء مداوالت امل�ؤمتر‪ ،‬فقد قام بدعوة خرباء متخ�ص�صني م�شهود لهم باخلربة‬ ‫ ‬
‫والتميز العلمي لتناول ق�ضايا حمورية تتعلق بلب حماور امل�ؤمتر ‪ :‬دور املر�أة يف مواجهة حتديات التنمية يف‬
‫الدول العربية‪ ،‬وحتديات ت�ضمني ال�شباب العربي يف خطط التنمية والتمكني ال�سيا�سي للمر�أة يف جمال‬
‫حتقيق �أهداف التنمية‪.‬‬
‫وعلى �أ�سا�س االعتبارات �أعاله‪ ،‬فقد حتدد الهدف الرئي�سي من امل�ؤمتر يف توفري منرب لتبادل آالراء‬ ‫ ‬
‫وا�ستعرا�ض اخلربات‪ ،‬وتعظيم التفاعل بني �صناع القرار والباحثني حول ق�ضايا املر�أة وال�شباب يف التنمية‬
‫العربية خ�صو�صاً والدول النامية عموماً‪.‬‬
‫ح�ضر امل�ؤمتر ح�شد من الباحثني واملتخ�ص�صني و�أ�صحاب القرار جتاوز املائة �شخ�صية‪ ،‬ناق�شو على‬ ‫ ‬
‫مدى ثالثة �أيام ‪ 13‬ورقة تناولت معظم حماور امل�ؤمتر‪ .‬يف ما يلي تلخي�ص ألهم ما جاء يف هذه أالوراق وما‬
‫خل�صت �إليه من نتائج‪.‬‬
‫‪ .2‬أ‬
‫الوراق الرئي�سية‬
‫كانت الورقة الرئي�سية أالوىل حتت عنوان “ املر�أة وال�شباب يف التنمية العربية”‪ .‬وقد قامت‬ ‫ ‬
‫ب�إعداد هذه الورقة هبة حندو�سة امل�ؤلف الرئي�سي لتقرير التنمية الب�شرية يف م�صر‪ ،‬وتناولت فيها بع�ض‬
‫التوجهات الرئي�سية املت�صلة بتمكني املر�أة وال�شباب يف البيئات إالجتماعية واالقت�صادية وال�سيا�سية �أثارت‬
‫بع�ض بواعث القلق ب�ش�أن االجتاهات والقيم التقليدية �إزاء مو�ضوع امل�ساواة بني اجلن�سني‪ ،‬مالحظة ال�سرعة‬
‫التي ح�صلت بها املر�أة العربية على التعليم خالل العقود الثالثة املا�ضية‪ ،‬ومع ذلك تالحظ �أي�ضاً �أن الثقافة‬
‫وال لفتح أالبواب �أمام دخول املر�أة جمال العمل والتوظيف‪ ،‬وملمحة �إىل �أن ال�شباب يف‬ ‫احلالية هي �أقل قب ً‬
‫العامل العربي يعاين كما تعاين املر�أة من مظامل مت�شابهة �إىل حد بعيد رغم الفروق يف الدخول ومعدالت‬
‫التنمية‪.‬‬
‫يف مراجعة لتوجهات خربات التنمية يف الدول العربية �أكدت الورقة على �أن هناك عوامل �أربعة‬ ‫ ‬
‫قد �ساعدت يف احلد من م�شاكل ا�ستبعاد ال�شباب ويف دعم ما حققته املر�أة من تقدم يف املطالبة بحقها يف‬
‫امل�ساواة داخل املنزل ويف مكان العمل ويف املجتمع الكبري‪ .‬متثلت هذه العوامل يف جهود احلكومات يف‬
‫التحكم يف دميغرافية ال�سكان‪ ،‬ويف حتقيق الو�صول �إىل تعليم جيد‪ ،‬ويف احلد من الفقر ويف تعزيز م�سار منو‬
‫املر أ�ة وال�شباب يف التنمية العربية ‪89‬‬

‫كثيف العمالة‪ .‬والحظت الورقة �أن هذه اجلهود قد تكللت ببع�ض النجاحات يف بع�ض اجلوانب ويف بع�ض‬
‫الدول ولكنها �أ�صيبت ب�إخفاقات يف بع�ض اجلوانب ويف بع�ض الدول‪.‬‬
‫والحظت الورقة �أن معظم الدول العربية قد جنحت يف حتقيق بدايات قوية لدمج اجلن�سني يف‬ ‫ ‬
‫ميزانياتها وكذلك يف ا�ستهداف جمموعات حمددة من امل�ستفيدين‪ ،‬وبالرغم من ذلك ف�إنه مل يتوافر لدى‬
‫هذه الدول القدرة على التعامل مع اثنني من اجلوانب احلا�سمة يف �صنع ال�سيا�سات يتمثل اجلانب أالول‬
‫يف حتديد �أف�ضل املمار�سات لتحقيق التقدم واالرتقاء‪ ،‬فيما يتمثل اجلانب الثاين يف بناء القدرات من �أجل‬
‫إالدارة امل�ستندة �إىل النتائج وجميع العنا�صر التي توفر ال�شفافية وامل�ساءلة‪.‬‬
‫ �أما الورقة الرئي�سية الثانية فقد كانت حتت عنوان ‪ “ :‬الت�شغيل وقابلية التوظيف بني ال�شباب‬
‫العربي‪ :‬التحديات وال�سيا�سات البديلة “‪ ،‬من �إعداد نادر قباين – مدير ق�سم أالبحاث يف أالمانة ال�سورية‬
‫للتنمية‪� .‬إ�ستعر�ضت ما تلقته ق�ضايا ال�شباب من اهتمام من قبل �صانعي ال�سيا�سات والباحثني يف العقود‬
‫املا�ضية‪ ،‬ولكن الدالئل على حتقيق جناحات يف م�شاريع ال�شباب ال زالت حمدودة‪ ،‬مع مالحظة �أن هناك‬
‫مبادرات جديدة وواعدة على امل�ستوى املفاهيمي‪ .‬ومع ذلك ف�إن برامج ال�شباب متثل �إ�شكالية على جميع‬
‫امل�ستويات‪.‬‬
‫تالحظ الورقة �أن ق�ضايا ال�شباب على م�ستوى ال�سيا�سات ترتبط بق�ضايا �أو�سع كخلق الوظائف‬ ‫ ‬
‫وال�سكان والزواج‪ ،‬ولكن الورقة قد تركزت على ق�ضية البطالة‪ ،‬وقابلية توظيف ال�شباب‪ .‬وعر�ضت‬ ‫والتعليم إ‬
‫الورقة حمددات عر�ض �سوق العمل لل�شباب‪ ،‬وركزت على االجتاهات الدميوغرافية‪ ،‬حيث ذكرت �أن هناك‬
‫ن�سبة منو �سكاين للفرتة ‪ 1990-1950‬قادت �إىل �أعلى ن�سبة يف عرو�ض العمل امل�ستدامة يف العامل للفرتة‬
‫‪ .2010-1970‬ومن ثم قادت �إىل حتد �آخر متثل يف خلق وظائف كافية (�ضغط العر�ض)‪.‬كما ا�ستعر�ضت‬
‫الورقة �أهم حمددات طلب �سوق العمل لل�شباب متمثلة باالقت�صاد الكلي والنمو‪ ،‬ومناخ اال�ستثمار‪ ،‬و�ضعف‬
‫م�ؤ�س�سات �سوق العمل والت�شوهات يف �سوق العمل‪.‬‬
‫ويف �سياق معدالت امل�شاركة يف القوة العاملة ح�سب املنطقة‪ ،‬الحظت الورقة �أن معدالت امل�ساهمة‬ ‫ ‬
‫يف قوة العمل بني الرجال متقاربة مع املعدل العاملي‪ ،‬و�أن معدالت م�ساهمة الن�ساء يف قوة العمل يف منطقة‬
‫ال�شرق أالو�سط و�شمال �أفريقيا هي أالقل على م�ستوى العامل‪ ،‬حيث تقدر بــ ‪ %26‬مقابل ‪ %52‬على‬
‫م�ستوى العامل‪ ،‬حيث تنمو ولكن ببطء ولي�س هناك من دالئل ت�شري �إىل �أن هناك زيادة ملحوظة يف م�ساهمة‬
‫املر�أة ن�سبة لل�شباب باملقارنة بالبالغني‪.‬‬
‫تبني الورقة �أن �أهم العقبات أال�سا�سية �أمام احل�صول على عمل تتمثل يف االفتقار �إىل التعليم‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫املنا�سب‪ ،‬يليه احتياجات العمل للمهن املتوفرة ويليها عدم وجود �شبكة العمال لفر�ص العمل املتوفرة‪.‬‬
‫وتطرح بع�ض جماالت التدخل من خالل ال�سيا�سات والربامج على م�ستوى العوامل الكلية واجلزئية ملطابقة‬
‫‪� 90‬صالح الع�صفور‬

‫عر�ض العمل والطلب على العمل من �أجل جتاوز العقبات أال�سا�سية‪ ،‬ومن خالل حتديد ال�سيا�سات املالئمة‬
‫وتو�سيع الفر�ص وت�شجيع املبادرات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫وكانت الورقة الرئي�سية الثالثة حتت عنوان‪ “ :‬التمكني ال�سيا�سي للمر�أة يف جمال حتقيق‬ ‫ ‬
‫�أهداف التنمية” من �إعداد ريا حفار احل�سن وزير املالية يف لبنان وتقدمي ملياء املبي�ض ب�ساط‪.‬‬
‫حاولت الورقة إالجابة على بع�ض الت�سا�ؤالت عن و�ضع املر�أة العربية اليوم بعد م�ضي عقد على‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫تبني �أهداف اللفية‪ .‬هل متكنت املر�أة العربية من �إحراز تقدم خمتلف املجاالت؟ و�أين نحن اليوم من‬
‫�إحقاق هدف التمكني �سيا�سيا؟ وما هي العقبات التي تعرت�ض املر�أة يف �سبيل حتقيق هذا الهدف‪ ،‬وما‬
‫ال�سبل الكفيلة لتذليلها؟‬
‫تلحظ الورقة تقدماً ملمو�ساً يف م�ستويات تعليم و�صحة الن�ساء‪ ،‬كما تلحظ تغرياً يف التعاطي مع‬ ‫ ‬
‫ق�ضايا املر�أة خ�صو�صاً يف اخلليج مبا عك�سته خطابات قادة الدول من تغريات ملمو�سة و�إيجابية حول دور املر�أة‬
‫كقوة م�شاركة يف احلياة‪ ،‬وتذويب املعوقات الثقافية بهدف النهو�ض باملر�أة وت�شجيعها‪.‬‬
‫ومع ذلك ف�إن الورقة تالحظ �أن م�ؤ�شر الفجوة بني اجلن�سني يف العامل العربي ال يزال متدنٍ ‪ ،‬حيث‬ ‫ ‬
‫�أن التقرير ال�شامل حول ردم الفجوة بني اجلن�سني للعام ‪ 2009‬وال�صادر عن القمة االقت�صادية العاملية �نأ‬
‫والردن ‪ 113‬وم�صر ‪ ،126‬وجاءت اليمن يف �أدنى مرتبة يف الت�صنيف‬ ‫الكويت ح�صلت على املرتبة ‪ 105‬أ‬
‫باملركز ‪ .134‬قامت الورقة ب�إجراء مقارنات بني ما حققته املر�أة العربية وبني ما حققته املر�أة على امل�ستوى‬
‫والعالمي‪ ،‬حيث متكنت الن�ساء من حتقيق‬ ‫العاملي وذلك على امل�ستوى الرتبوي وال�سيا�سي واالقت�صادي إ‬
‫بع�ض النجاحات على امل�ستوى ال�سيا�سي واالقت�صادي �إ ّال �أنها ال زالت بعيدة عن اللحاق بنظريتها يف‬
‫�أوروبا‪.‬‬
‫والجتماعية وحمو ال�صور النمطية‬ ‫تخل�ص الورقة �إىل نتيجة مفادها �أن عملية �إزالة العقبات الثقافية إ‬ ‫ ‬
‫للمر�أة لن تنجز بني ليلة و�ضحاها‪ ،‬ولكنها لن تتحقق بال�سرعة املرجوة ما مل ترتافق مع تدخل على م�ستوى‬
‫امل�ؤ�س�سات ال�سيا�سية ي�ساهم يف و�ضع اخلطط ال�شاملة التي ت�أخذ بعني االعتبار مدى االرتباط والتداخل‬
‫للطالع يف جميع املجاالت‬ ‫بني املجاالت املختلفة للتنمية إالن�سانية‪ .‬وت�ؤكد الورقة على �أن التدخل اجلاد إ‬
‫وخ�صو�صاً منها املايل واالقت�صادي كفيل ب�ضمان التغيري‪ ،‬مما ي�ساهم يف تغيري نظرة ال�شعب للمر�أة و�إزالة‬
‫والدوار املنوطة بكل نوع �إجتماعي‪.‬‬ ‫ال�صور النمطية أ‬
‫‪ .3‬أ‬
‫الوراق العامة‬
‫الورقة أالوىل حتت عنوان‪ “ :‬إالقالل من فجوة النوع االجتماعي يف ما يتعلق بالت�شغيل أ‬
‫والجور‬ ‫ ‬
‫يف الدول العربية‪ :‬قيا�س املكا�سب للمر�ة وال�شباب واملجتمع” من �إعداد زافريي�س تزافاتو�س امل�ست�شار‬
‫أ‬
‫املر أ�ة وال�شباب يف التنمية العربية ‪91‬‬

‫ال�سابق يف البنك الدويل‪ .‬ا�ستهدفت الورقة إالجابة على الت�سا�ؤل‪ :‬ماذا لو مل يكن هناك متييز بني الرجل‬
‫واملر�أة يف العمل؟ ومتت حماولة إالجابة على هذا ال�س�ؤال بالرتكيز على منطقة ال�شرق أالو�سط و�شمال‬
‫�أفريقيا‪.‬‬
‫ت�شري الورقة �إىل �أن االختالفات بني اجلن�سني يف منطقة ال�شرق أالو�سط و�شمال �أفريقيا هي يف‬
‫املتو�سط �أعلى املعدالت يف العامل‪ ،‬و�أن إالمكانات االقت�صادية الكامنة للمر�أة يف هذه املنطقة �أكرب من �أي‬
‫منطقة �أخرى يف العامل‪ .‬و�أوردت الورقة معلومات �إح�صائية تو�ضح �أن جزءاً كبرياً من عمل املر�أة غري مدفوع‬
‫أالجر إ‬
‫بال�ضافة �إىل �أن �أجر املر�أة �أقل منه بالن�سبة للرجل و�أن معدالت م�شاركة املر�أة يف قوة العمل هي �أقل‬
‫من الرجال‪ ،‬كما �أن عملها يرتكز يف عدد قليل من القطاعات واملهن مقارنة بالرجال‪ .‬كما �أنه نادراً ما يتم‬
‫العثور على الن�ساء يف املنا�صب العليا‪.‬‬
‫تو�صلت الورقة �إىل نتيجة مركزية فحواها �أنه يرتتب على امل�ساواة بني الرجل واملر�أة يف الوظائف‬
‫والجور زيادة بحوايل ‪ 5‬يف املائة من الناجت املحلي إالجمايل (�أي ما يعادل متو�سط ما ينفق حالياً على‬ ‫أ‬
‫ال�صحة �أو التعليم) وزيادة بحوايل ‪ 20‬يف املائة يف �أجور الن�ساء‪ .‬والحظت الورقة �أن هذه النتيجة رمبا حتققت‬
‫يف �إطار �أ�سواق العمل العربية ح�سب خ�صائ�صها التاريخية‪ ،‬وح�سب التطورات التي �شهدتها حديثاً فيما‬
‫يتعلق بتعليم املر�أة ومعدالت م�شاركتها االقت�صادية ومعدالت البطالة املرتفعة‪.‬‬
‫�أما الورقة العامة الثانية فقد كانت حتت عنوان‪ “ :‬فجوة التنمية املرتبطة بالنوع إالجتماعي يف‬
‫الدول العربية‪ :‬نتائج ا�ستك�شافية ” من �إعداد ريا�ض بن جليلي – خبري اقت�صادي وعلي عبدالقادر علي‬
‫– من�سق امل�ؤمتر ووكيل املعهد العربي للتخطيط‪ .‬تهدف الورقة �إىل ا�ستك�شاف ما �إذا كانت الدول العربية‬
‫بالجنازات التنموية وا�ستك�شاف �أهم العوامل امل�ؤثرة‬ ‫كمجموعة تختلف عن بقية دول العامل يف ما يتعلق إ‬
‫على هذه إالجنازات بعد أالخذ بعني االعتبار بعد النوع إالجتماعي‪.‬‬
‫تتلخ�ص �أهم النتائج التطبيقية التي تو�صلت �إليها الورقة يف ما يلي‪:‬‬
‫• �أنه يف ما يتعلق بالتنمية الب�شرية املرتبطة بالنوع إالجتماعي‪ ،‬كيفما مت قيا�سها‪ ،‬ف�إنه لي�س هناك‬
‫من اختالف ذو معنوية �إح�صائية بني الدول العربية وبقية دول العامل‪ .‬وتعد هذه نتيجة مغايرة لتلك‬
‫املتعلقة أ‬
‫بالداء يف جمال النمو االقت�صادي‪.‬‬
‫ • ت�شتمل �أهم املحددات الرئي�سية أللداء التنموي املرتبط بالنوع إالجتماعي يف كل من الدخل‬
‫احلقيقي للفرد (مبعنى املرحلة التنموية للدول)‪ ،‬والفرتة الزمنية منذ ح�صول املر�أة على حقوقها‬
‫ال�سيا�سية‪ ،‬ومعدل الن�شاط االقت�صادي للمر�أة‪ ،‬ومعدل اخل�صوبة الكلي‪.‬‬
‫ • يف ما عدا دخل الفرد احلقيقي‪ ،‬تنطوي بقية املحددات الرئي�سية أللداء التنموي املرتبط بالنوع‬
‫إالجتماعي على حمتوى لل�سيا�سات التنموية يتعلق‪ ،‬على التوايل‪ ،‬ب�أهمية تعميق إال�صالحات‬
‫‪� 92‬صالح الع�صفور‬

‫امل�ؤ�س�سية الرامية �إىل التمكني ال�سيا�سي واالقت�صادي للمر�أة و�أهمية زيادة اال�ستثمار يف تعليم و�صحة‬
‫الن�ساء‪.‬‬
‫وكانت الورقة العامة الثالثة حتت عنوان‪ “ :‬ال�سيا�سة ال�ضريبية يف �إقليم ال�شرق أالو�سط و �شمال‬
‫�أفريقيا ووقعها على النوع االجتماعي و الت�شغيل” من �إعداد �سامي بيبي من �شبكة �أبحاث ال�سيا�سات‬
‫االقت�صادية يف كندا بالتعاون مع �آخرين‪� .‬إ�ستهدفت الورقة ا�ستك�شاف آالثار املحتملة لل�سيا�سة ال�ضريبية‬
‫على التوظيف من كال النوعني‪ ،‬وذلك ملعرفة �آثار التمييز �ضد املر�أة يف كل من اجلزائر وم�صر واملغرب‬
‫وتون�س‪ ،‬فناق�شت الت�شوهات ال�ضريبية غري املبا�شرة يف خمتلف القطاعات داخل كل دولة من هذه الدول‪.‬‬
‫وتناق�ش الورقة ب�شكل مقارن الن�شاطات االقت�صادية واجتاهات ال�ضريبة يف هذه الدول‪ ،‬وت�سلط ال�ضوء على‬
‫�أهم االجتاهات والهياكل با�ستخدام البيانات املتوفرة من م�صادر خمتلفة‪ ،‬وت�ستخدم م�صفوفة احل�سابات‬
‫االجتماعية يف عملية التحليل‪.‬‬
‫والعانات (الر�سوم اجلمركية‬ ‫ت�ؤكد النتائج النهائية للدرا�سة على �أن �إزالة ال�ضرائب غري املبا�شرة إ‬
‫ور�سوم املبيعات) ت�سهم يف زيادة الفوارق االقت�صادية وخ�صو�صاً يف مرتبات العاملني من اجلن�سني يف كل من‬
‫اجلزائر وم�صر‪ .‬وهذا يعني �أن ال�سيا�سة ال�ضريبية غري املبا�شرة ت�ؤمن حماية لرواتب العامالت وم�ساهماتهن‬
‫االقت�صادية على �شكل دخل العمل أل�سرهن (وذلك ا�ستناداً �إىل م�صفوفة احل�سابات االجتماعية)‪ .‬ويرجع‬
‫ذلك لكون العمالة الن�سائية مرتكزة يف �صناعات كثيفة العمالة (كالن�سيج) يف كل من م�صر واجلزائر‪ ،‬تنعم‬
‫بحماية عالية يف املتو�سط وغري قادرة على املناف�سة دولياً‪ ،‬وعليه ف�إن �إزالة احلماية من �ش�أنها �أن تت�سبب يف �إنهاء‬
‫عقود العمال‪ ،‬وذلك ب�سبب مناف�سة الواردات الرخي�صة‪.‬‬
‫وتو�ضح النتائج �أن القطاعات كثيفة العمالة الن�سائية ولكنها ت�صديرية‪ ،‬تتمتع بحماية �أقل يف كل‬
‫من املغرب وتون�س‪ ،‬وعليه ف�إن �إزالة ال�ضرائب غري املبا�شرة �سوف يكون لها مردود حمايد من حيث �آثاره على‬
‫والناث وبالتايل على الدخل املت�أتي من أالجور‪.‬‬ ‫العاملني من الذكور إ‬
‫وتالحظ الورقة اختالف آالثار االقت�صادية الكلية إلزالة الت�شوهات باختالف أالجهزة ال�ضريبية‬
‫وباختالف االقت�صادات املعنية‪ .‬فبينما يتم تعوي�ض �إزالة �ضرائب الواردات بتو�سع إالنتاج وبالتايل �ضرائب‬
‫إالنتاج (مع ا�ستثناءات ب�سيطة يف تون�س)‪ ،‬ف�إن �إزالة تعرفة اال�سترياد يف اجلزائر جتلب انكما�شاً يف الناجت املحلي‬
‫إالجمايل‪ ،‬بينما ت�سهم �ضريبة املنتج يف م�صر فقط يف �إحداث تغريات يف الناجت املحلي إالجمايل‪� .‬أما يف‬
‫املغرب ف�إن تخفي�ض �ضريبة إالنتاج واملنتجات �سي�ساعد على تخفي�ض إالنكما�ش االقت�صادي الذي فر�ضته‬
‫�إزالة تعريفة الواردات‪ ،‬يف حني �أن �إزالة �ضرائب إالنتاج واال�سترياد �ستخفف من �أثر االنكما�ش الناجم عن‬
‫والعانات يف تون�س‪.‬‬‫�إزالة �ضريبة إالنتاج واال�سترياد إ‬
‫املر أ�ة وال�شباب يف التنمية العربية ‪93‬‬

‫‪ .4‬أ‬
‫الوراق القطرية (درا�سات حالة)‬
‫التجربة امل�صرية‪ :‬نوق�شت ثالث �أوراق لدرا�سة احلالة امل�صرية تناولت مو�ضوعات خمتلفة تتعلق‬ ‫ ‬
‫ؤ‬
‫مبو�ضوع امل�متر‪.‬‬
‫والمومة ومي‬ ‫كانت الورقة أالوىل من �إعداد دعاء عبداللطيف – من املجل�س القومي للطفولة أ‬ ‫ ‬
‫وال�سكان يف م�صر‪ ،‬وقد كانت حتت عنوان‪ “ :‬تقدير القيمة املادية‬ ‫جاداهلل – من وزارة الدولة وال�سرة إ‬
‫أ‬
‫أللعمال املنزلية و�أعمال العناية التي تقوم بها الن�ساء”‪ .‬ا�ستهدفت الورقة �إعطاء �صورة حقيقية مل�ساهمة‬
‫املر�أة امل�صرية يف املجالني االقت�صادي واملحلي للمجتمع‪ ،‬عن طريق حتديد م�ستوى أالنواع املختلفة للعمل‬
‫الذي تقوم به املر�أة امل�صرية (‪ 64-15‬عاماً) والوقت الذي ي�ستغرقه القيام بذلك العمل‪ ،‬وو�ضع قيمة نقدية‬
‫للوقت الذي تق�ضيه املر�أة يف �أن�شطة العمل املنزيل والرعاية أال�سرية‪.‬‬
‫ت�شري الورقة �إىل �أن ثلثي إالناث يف املناطق احل�ضرية ي�شاركن يف أالعمال املنزلية‪ ،‬مقارنة بحوايل‬ ‫ ‬
‫أ‬ ‫أ‬ ‫أ‬
‫‪ %40‬يف املناطق الريفية يعملن يف العمل املنزيل ويف �عمال غري مدفوعة الجر‪ .‬كما ت�شري �إىل �ن امل�ساهمة يف‬
‫�أعمال مدفوعة أالجر تزيد بالن�سبة للن�ساء يف �أوا�سط العمر‪ ،‬وهو ما ال يعني �إنخفا�ضاً يف امل�شاركة يف أالعمال‬
‫املنزلية‪ ،‬بل يعني عبئاً م�ضاعفاً على املر�أة‪ ،‬حيث �أنها تعمل عم ًال مزيجاً بني البيت واخلارج‪.‬‬
‫وتالحظ الورقة �أن إالناث من ذوي امل�ستويات املعي�شية املرتفعة هم أالكرث توقعاً للعمل فقط يف‬
‫�أعمال املنزل على الرغم من �أن هناك زيادة يف عدد الالتي يقمن بعمل م�أجور بني ه�ؤالء إالناث (حوايل‬
‫‪ %27‬منهن)‪ ،‬وما زال يتعني على بع�ضهن القيام بعمل خدمات منزلية (‪.)%25‬‬
‫وتبني الورقة �أن إالناث من ذوي امل�ستويات املعي�شية املتدنية هن أالكرث انخراطاً يف �أعمال منزلية‬
‫بال�ضافة �إىل أالعمال املحلية بن�سبة ‪ ،%45‬بينما هناك ‪ %4.5‬منهن يقمن بكل �أنواع‬ ‫غري مدفوعة أالجر إ‬
‫العمل‪.‬‬
‫كما ت�شري النتائج النهائية �إىل �أن التقدير إالجمايل لقيمة عمل املر�أة يف أالعمال املحلية و�أعمال‬
‫رعاية أال�سرة يرتاوح بني ‪ 9‬و ‪ %19‬من الناجت املحلي إالجمايل‪ .‬و�إذا ما اقت�صر التقدير على الن�ساء العامالت‬
‫فقط يف أالعمال املحلية واملنزلية‪ ،‬ف�إن قيمة عمل املر�أة ترتاوح بني ‪ %5‬و ‪ %11‬من الناجت املحلي إالجمايل‪.‬‬
‫وكانت الورقة امل�صرية الثانية من �إعداد �أ�سماء البدوي ورانيا ر�شدي – من جمل�س ال�سكان‬ ‫ ‬
‫الدويل حتت عنوان‪ “ :‬ت�أثري الهجرة الدولية للذكور على و�ضع املر�أة‪ :‬حالة م�صر”‪ .‬تهدف هذه الورقة‬
‫�إىل تقييم �أثر الهجرة الدولية على و�ضع املر�أة داخل أال�سرة امل�صرية‪ ،‬ومعرفة ما �إذا كان للهجرة من ت�أثري‬
‫على متكني املر�أة يف أال�سر التي ت�ضم �أفراداً مهاجرين والتحقق مما �إذا كانت هناك من �آثار م�ستدامة �إيجابية‬
‫على الن�ساء بعد عودة املهاجرين الذكور‪.‬‬
‫‪� 94‬صالح الع�صفور‬

‫تو�ضح الورقة �أن للهجرة (وخ�صو�صاً هجرة الذكور) ت�أثري �إيجابي وكبري على احتمال �أن ت�صبح‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫املر�أة قائدة يف ال�سرة‪ ،‬يف ما يتعلق ب�صنع القرار والتنقل‪ ،‬ولكن هذا الت�أثري ال يبدو �أن يكون م�ستداماً بعد‬
‫عودة الفرد املهاجر بل وجدت هناك بع�ض أالدلة على أالثر ال�سلبي لهجرة العودة يف �صنع القرار امل�ستقل‪.‬‬
‫ت�شري النتائج التحليلية �إىل �أن للهجرة ت�أثري �إيجابي على قدرة املر�أة على اتخاذ قرارات م�ستقلة‬ ‫ ‬
‫حول امل�سائل املنزلية وعلى قدرتها على احلركة �أثناء غياب املهاجر‪ ،‬ولكن هذا الت�أثري يتحول �إىل ت�أثري �سلبي‬
‫بعد عودة املهاجرين‪ ،‬وقد تكون النتائج �سلبية قد ت�ؤدي �إىل العنف بني اجلن�سني ويالحظ ذلك عندما تكون‬
‫الهجرة من م�صر نحو دول عادة ما تكون �أكرث حمافظة �إجتماعياً‪.‬‬
‫وكانت الورقة امل�صرية الثالثة حتت عنوان‪� “ :‬إجتاهات ظاهرة البطالة يف م�صر بني آالثار الدميوغرافية‬ ‫ ‬
‫واالقت�صادية ” من �إعداد راجي ��سعد من جامعة ‪ .....‬وحممد رم�ضان من ‪....‬‬
‫أ‬

‫ا�ستهدفت الورقة إالجابة على فر�ضية �أ�سا�سية مفادها �أن “ م�شكلة البطالة يف م�صر ذات طابع‬ ‫ ‬
‫م�ؤ�س�سي” ترتتب على ما ت�سببه �سيا�سات التوظف العام من تعظيم االحتماالت لدى تلك الفئة من‬
‫احلا�صلني على �شهادة الدرا�سة الثانوية وما فوقها” للح�صول على الوظيفة العامة‪.‬‬
‫تو�صلت الورقة �إىل عدد من النتائج الفرعية من �أهمها “ �أن بطالة إالناث متثل �أربعة �أ�ضعاف بطالة‬
‫الذكور” و�أن الفرتة حتت الدرا�سة �شهدت تناق�صاً يف بطالة إالناث والذكور وبخا�صة بطالة ال�شباب‪� ،‬إ ّال‬
‫�أنها قد �شهدت �إرتفاعاً للبطالة بني احلا�صلني على م�ؤهل جامعي‪ ،‬و�أن �أثر �سيا�سات التوظف العام يرتكز يف‬
‫�أو�ساط حملة ال�شهادات املتو�سطة واجلامعية وبخا�صة الن�ساء منهم‪.‬‬
‫بينت الورقة �ضعف ت�أثري البعد الدميوجرايف ( متمث ًال يف ت�ضخم الفئة العمرية ‪ )24-15‬على معدل‬
‫البطالة العام‪ ،‬ومعدل بطالة إالناث والذكور‪ .‬كما بينت �أن خف�ض احتمال التوظف العام ي�ؤدي �إىل خف�ض‬
‫معدل م�شاركة إالناث املتعلمات‪ ،‬وهو ما ي�ؤدي �إىل خف�ض ن�سبة م�ساهمة املر�أة يف �سوق العمل ب�صورة‬
‫معنوية‪ .‬كما لوحظ �أنه كان الرتفاع معدل منو التوظف بالقطاع اخلا�ص عن ذلك للقطاع العام أالثر أالكرب يف‬
‫اخلف�ض الفعلي امل�شاهد يف معدالت البطالة بني عامي ‪ 1998‬و ‪.2006‬‬
‫جتربة البحرين‬

‫متثلت حالة الدرا�سة البحرينية بورقة حتت عنوان‪ “:‬املر�أة البحرينية يف مهنة تقنية املعلومات يف‬ ‫ ‬
‫القطاع العام” من �إعداد فاطمة ال�سبيعي – مركز درا�سات البحرين‪.‬‬
‫تهدف الورقة �إىل درا�سة مدى التقدم الذي �أحرزته املر�أة البحرينية يف حقل تقنية املعلومات‪ ،‬الذي‬
‫يعد من �أهم املجاالت التي ت�سهم يف تنمية و�إنعا�ش اقت�صاد مملكة البحرين‪ .‬وتقوم الدرا�سة ب�إلقاء ال�ضوء‬
‫املر أ�ة وال�شباب يف التنمية العربية ‪95‬‬

‫على م�شاركة املر�أة يف القوى العاملة يف جمال تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬وذلك من خالل حتليل الفجوة بني‬
‫التح�صيل العلمي والتح�صيل املهني من منظور النوع إالجتماعي‪ ،‬وعلى املحددات إالجتماعية وامل�ؤ�س�سية‬
‫التي ت�ؤثر على انخراط املر�أة يف جمال تكنولوجيا املعلومات يف مملكة البحرين‪.‬‬
‫بينت الورقة �أن عدد الن�ساء العامالت يف جمال تكنولوجيا املعلومات يف تزايد م�ستمر‪ ،‬بيد �أن‬
‫قدرتها غري م�ستغلة ب�شكل كامل‪ ،‬وعليه ف�إنها غري قادرة على حتقيق مكا�سب كبرية يف مواقع �صنع القرار‪.‬‬
‫كما بينت �أنه على الرغم من جتاوز عدد اخلريجات يف جمال تقنية املعلومات ب�شكل كبري عدد الذكور‪� ،‬إ ّال‬
‫�أن ن�سبة م�ساهمة املر�أة يف القوى العاملة يف تكنولوجيا املعلومات ال زالت �أقل من ن�سبة الرجال‪ ،‬و�أظهرت‬
‫الورقة �أن املر�أة العاملة يف ال�شبكات والدعم الفني وال�صيانة ال زالت ممثلة متثي ًال �ضعيفاً‪ ،‬كما �أنها ال تزال‬
‫ت�شكل ن�سبة منخف�ضة يف منا�صب �صنع القرار‪ ،‬وبالتايل ف�إن هناك جزءاً كبرياً من املوارد الب�شرية احلالية‬
‫لتكنولوجيا املعلومات التي مل يتم ا�ستخدامها �أو ت�شغيلها يف نف�س املجال‪ ،‬وذلك على الرغم من الزيادة‬
‫املطردة يف الطلب على تقنية املعلومات‪.‬‬
‫�أكدت نتائج الورقة على �أهمية اال�ستخدام ال�سليم للم�ؤهالت والقدرات احلالية بغ�ض النظر عن‬
‫النوع �أو اجلن�س‪ .‬وطالبت الورقة �ضمن تو�صياتها بتعزيز م�شاركة املر�أة يف ميدان تقنية املعلومات من خالل‪:‬‬
‫تغيري �سيا�سات التعليم اجلامعي (اجلمع بني النظري والعملي)‪ ،‬ورفع معايري التدريب بحيث تواكب �سيا�سة‬
‫التدريب االبتكارات يف حقل تقنية املعلومات‪.‬‬
‫التجربة التون�سية‬

‫مت تقدمي ورقة بعنوان‪� “ :‬إختالفات النوع يف احلالة ال�صحية‪ :‬احل�صول على واال�ستفادة من‪ ،‬خدمات‬
‫الرعاية ال�صحية يف تون�س” من �إعداد �إميان اجلودي – معهد العلوم التطبيقية والتكنولوجيا‪ .‬ا�ستهدفت‬
‫الورقة ا�ستك�شاف التفاوت بني اجلن�سني من حيث الو�ضع ال�صحي وكيفية الو�صول �إىل خدمات الرعاية‬
‫ال�صحية يف تون�س‪ ،‬وذلك علماً ب�أن نظام الرعاية ال�صحية التون�سي ي�سعى �إىل تعزيز و�صول املر�أة �إىل اخلدمات‬
‫ال�صحية واال�ستفادة منها (اخلدمات ال�صحية إال�سعافية‪ ،‬واحل�صول على اخلدمات ال�صحية وفقاً للحاجة‬
‫�إليها)‪.‬‬
‫من �أهم ما �أبرزته الورقة �أنه مل تتم مالحظة اختالف بني اجلن�سني على م�ستوى �أبعاد احلالة‬ ‫ ‬
‫ال�صحية‪ ،‬ومن حيث �إمكانية الو�صول واال�ستفادة من اخلدمات ال�صحية‪ ،‬كما �أظهرت �أن هناك حت�سن يف‬
‫امل�ؤ�شرات ال�صحية لكال اجلن�سني‪ ،‬ولكن رمبا تكون �أهم إالجنازات تلك املتعلقة بتنظيم أال�سرة والرعاية‬
‫ال�صحية أللمهات‪.‬‬
‫‪� 96‬صالح الع�صفور‬

‫وبينت الورقة �أنه بالرغم من الفوارق اجلغرافية واالجتماعية واالقت�صادية يف احل�صول على خدمات‬
‫الرعاية ال�صحية‪ ،‬فقد لوحظ وجود حت�سن كبري يف هذا املجال‪ ،‬و�أنه على الرغم من النتائج التي حتققت يف‬
‫جمال و�صول املر�أة �إىل اخلدمات ال�صحية واال�ستفادة منها‪� ،‬إ ّال �أن هنالك بع�ض االختالف يف الو�صول‬
‫�إىل هذه اخلدمات بني خمتلف املناطق اجلغرافية‪ ،‬و�أن الفجوة االجتماعية واالقت�صادية القائمة بني الن�ساء‬
‫تختلف من منطقة ألخرى‪.‬‬
‫كما الحظت الورقة �أنه بالرغم من التح�سن امللحوظ بالن�سبة ألوجه االختالف بني اجلن�سني‪،‬‬
‫وامل�شاركة يف عملية �صنع القرار‪� ،‬إ ّال �أن الفقراء من الن�ساء يجدن �صعوبة يف اتخاذ القرارات واخلروج من‬
‫حالة انعدام أالمن‪ ،‬فاملر�أة التون�سية ال زالت تت�أثر بعوامل اجتماعية واقت�صادية �أخرى مثل ظروف العمل‪.‬‬
‫التجربة اجلزائرية‬

‫متثلت درا�سة حالة اجلزائر بورقتني بحثيتني‪ ،‬كانت الورقة أالوىل حتت عنوان‪ “ :‬العائد من تعليم‬
‫املر�أة يف اجلزائر” من �إعداد في�صل بوطيبة من جامعة ‪ ...‬وعبدالرزاق بن حبيب من ‪......‬‬
‫ا�ستهدفت الورقة درا�سة العوائد النقدية وغري النقدية من تعليم املر�أة يف اجلزائر‪ .‬وقد مت ا�ستخدام‬
‫دالة الك�سب املين�سرية لتقدير معدل العائد اخلا�ص‪ ،‬كما مت تو�سيع دالة الك�سب بهدف تقدير معدل العائد‬
‫على مراحل التعليم املختلفة‪.‬‬
‫الحظت الورقة ارتفاع العائد على تعليم املر�أة (‪ )%10‬مما يعد م�ؤ�شراً مهماً لربحية اال�ستثمار يف ر�أ�س‬
‫املال الب�شري للمر�أة يف اجلزائر‪� .‬أما يف مرحلتي التعليم الثانوي واجلامعي‪ ،‬ف�إن أالمر ي�ستدعي رفع معدالت‬
‫القيد بهاتني املرحلتني دون اغفال جانب اجلودة الذي يعترب مطلباً رئي�سياً‪ .‬كما الحظت �أن تعليم املر�أة‬
‫ي�سهم فعلياً يف حت�سني �سلوكها ال�صحي وكذلك �صحة �أ�سرتها‪ ،‬وبالتايل ف�إن تخ�صي�ص موارد �أكرب للتعليم‬
‫�سيكون �سبباً يف توفري موارد معتربة يف قطاع ال�صحة‪ .‬كذلك أالمر ف�إن للتعليم دور مهم يف تقلي�ص معدالت‬
‫اخل�صوبة وحت�سني �سلوك ثقافة املر�أة �إزاء اخل�صوبة‪ ،‬وهي نتيجة تعزز �ضرورة زيادة االنفاق على تعليم املر�أة‪ ،‬مع‬
‫�أن هناك كثرياً من العوائد غري النقدية على تعليمها‪.‬‬
‫وبينت الورقة �أن انخفا�ض العائد يف القطاع العام ي�شري �إىل وجود تفاوت يف �سوق العمل بني‬
‫القطاع العام واخلا�ص‪ ،‬وبالتايل ف�إن ذلك يتطلب ال�شروع يف �إ�صالحات م�ؤ�س�سية بهدف خلق بيئة تناف�سية‬
‫بني القطاعني‪.‬‬
‫ �أما الورقة اجلزائرية الثانية فقد كانت حتت عنوان‪� “ :‬إجتاهات ال�شباب من اجلن�سني حول‬
‫التنمية وعالقتها بال�صحة النف�سية‪ :‬درا�سة ميدانية على عينة من ال�شباب اجلزائري من اجلن�سني ” من‬
‫�إعداد فقيه العيد –جامعة �أبي بكر بلقايد‪.‬‬
‫املر أ�ة وال�شباب يف التنمية العربية ‪97‬‬

‫تهدف الورقة �إىل التعرف على �آراء واجتاهات ال�شباب حول دورهم ومدى م�شاركتهم يف عملية‬
‫التنمية‪ ،‬والدور التنموي الذي تلعبه املر�أة‪ ،‬ور�صد اجتاهاتهم حول ال�صحة النف�سية وخدماتها‪ ،‬وبالتايل‬
‫ك�شف اللثام عن الثقافة النف�سية التي ميتلكونها‪ ،‬ومدى �إدراكهم للدور التنموي املناط بهم‪ ،‬وحتديد خمتلف‬
‫الفوارق التي حتملها اجتاهاتهم‪.‬‬
‫الحظت الورقة �أن هناك رغبة جاحمة لدى ال�شباب يف امل�شاركة يف العملية التنموية الفعالة‬
‫وا�ستغالل طاقاتهم يف تنفيذ اخلطط والربامج اخلا�صة برتقيتهم وحت�سني ظروفهم بن�سب مئوية عالية ترتاوح‬
‫بالمن النف�سي نتيجة للقلق الطبيعي‬ ‫بني ‪ %55‬و ‪ .%91‬كما الحظت �أن ن�صف العينة املدرو�سة ال ت�شعر أ‬
‫بال�ضافة �إىل عدة متغريات �أ�سرية واجتماعية وحيوية‬‫الذي يتعر�ض له ال�شباب يف بداية م�شواره املهني‪ ،‬إ‬
‫مت�شابكة ومعقدة‪ .‬و�أظهرت الورقة �أن الربامج التنموية اجلزائرية غري وا�ضحة وحتتاج �إىل تقييم م�ستمر مبا‬
‫يخدم م�صلحة ال�شباب‪ ،‬و�ضرورة م�شاركته يف التنمية‪ ،‬و�أنه ال توجد فروق جوهرية من حيث اجتاهات‬
‫والناث يعي�شون نف�س امل�شكالت التي جتعلهم يف حرية من �أمرهم‪ ،‬والتي ت�ؤدي �إىل‬ ‫ال�شباب‪� ،‬أي �أن الذكور إ‬
‫املزيد من م�شاعر القلق العام والرتقب وعدم اال�ستقرار واخلوف من املجهول‪.‬‬
‫وبينت الورقة �أن خريجي اجلامعات ي�شكلون طاقة ب�شرية هائلة قلما يتمكنون من �إ�شباع حاجاتهم‬
‫والحباط‪،‬‬‫أال�سا�سية وخا�صة يف بيئة نامية‪ ،‬كالبيئة اجلزائرية‪ ،‬وغالباً ما يتعر�ض ه�ؤالء ال�شباب �إىل ال�صد إ‬
‫و�صعوبات جمة يف تخطي بع�ض العراقيل املادية وبع�ض احلواجز املهنية �أثناء �سعيهم لتحقيق ذواتهم‪ ،‬مما‬
‫ين�ش�أ عنه العديد من امل�شكالت التي ت�ؤدي بهم �إىل نوع من عدم التوافق يف املجتمع‪ ،‬وبالتايل تعيق تقدمهم‬
‫وت�ضعف من قدرتهم على العطاء‪.‬‬
‫التجربة املغربية‬

‫كانت من خالل ورقة حتت عنوان‪ “ :‬جتربة املغرب يف �إدماج مقاربة النوع إالجتماعي بامليزانية”‬ ‫ ‬
‫من �إعداد �إهنا�ش ح�سني – رئي�س م�صلحة �آثار ال�سيا�سات إالجتماعية يف املغرب‪.‬‬
‫هدفت الورقة �إىل تقدمي جتربة املغرب يف جمال �إدماج مقاربة النوع إالجتماعي يف املوازنة العامة‬
‫للدولة‪ ،‬من خالل عر�ض امل�سار العام لهذه التجربة وملختلف املحطات التي قطعها م�شروع مقاربة النوع‬
‫إالجتماعي يف املغرب ب�شكل عام وادماج النوع إالجتماعي يف �إعداد امليزانية على وجه اخل�صو�ص‪.‬‬
‫ا�ستندت جتربة املغرب يف �إدماج مقاربة النوع إالجتماعي بامليزانية على �ستة حماور تتفاعل يف‬
‫ما بينها‪ ،‬وهي‪� :‬شمولية االعتمادات‪ ،‬وتقوية ال مركزية امليزانية‪ ،‬وو�ضع �إطار للنفقات على املدى املتو�سط‪،‬‬
‫ومنهجية النجاعة (اال�سرتاتيجية – الربامج – أالهداف – م�ؤ�شرات النجاعة)‪ ،‬و�إ�صالح مراقبة النفقات‬
‫العامة وال�شراكة بني الدولة والفاعلني املحليني‪.‬‬
‫‪� 98‬صالح الع�صفور‬

‫تو�صلت الورقة �إىل نتيجة مفادها �أن تعميم هذه املقاربة على جميع القطاعات الوزارية من �ش�أنه �أن‬ ‫ ‬
‫يعمق التحليل القطاعي البيني للتدابري املنجزة يف �إطار �إ�صالح امليزانية �إ�ضافة �إىل تطوير م�ؤ�شرات النجاعة‬
‫التي ت�أخذ بعني االعتبار بعد النوع إالجتماعي‪ ،‬وذلك من �أجل �إحداث تغري يف املمار�سات تقطع الطريق‬
‫على املمار�سات ال�سابقة من خالل توزيع �أمثل للموارد املتاحة‪.‬‬
‫التجربة ال�سودانية‬

‫متثلت بورقتني‪ ،‬كانت الورقة أالوىل حتت عنوان‪ “ :‬التفاوت بني اجلن�سني يف التنمية الب�شرية يف ال�سودان‪:‬‬
‫‪ ”2005-1990‬من �إعداد معت�صم �أحمد عبداملوىل – كلية االقت�صاد والتنمية الريفية‪ ،‬بجامعة اجلزيرة‪.‬‬
‫هدفت الورقة �إىل ت�سليط ال�ضوء على ق�ضية التنمية الب�شرية يف ال�سودان و�إىل التحقق من �إمكانية‬
‫حتقيق امل�ساواة بني اجلن�سني ح�سب متطلبات أالهداف إالمنائية ألللفية‪.‬‬
‫ت�ؤكد النتائج التجريبية وجود فجوة بني اجلن�سني �ضد إالناث يف جميع م�ؤ�شرات التنمية الب�شرية‬
‫فيما عدا م�ؤ�شر ال�صحة الذي مييل ل�صالح إالناث‪ ،‬و�أو�ضحت �أنه مبعدالت النمو احلالية ف�إن الفجوة بني‬
‫اجلن�سني يف جمال التنمية الب�شرية ال ميكن ج�سرها �أو الق�ضاء عليها قبل حلول عام ‪ ،2023‬وت�شري الدرا�سة‬
‫يف ختامها �إىل �أن حت�سني القدرة بالن�سبة للجن�سني دون متييز هي واحدة من �إجراءات ف ّعالة للتنمية يف‬
‫ال�سودان ينبغي �أن ت�ؤخذ بعني االعتبار من قبل �صانع القرار‪.‬‬
‫�أما الورقة الثانية‪ ،‬فقد كانت حتت عنوان‪ “ :‬تقييم حالة الن�ساء وفجوة النوع االجتماعي يف‬
‫ال�سودان”‪ ،‬من �إعداد �سامية �ساتي عثمان – كلية االقت�صاد والعلوم إالجتماعية‪ ،‬بجامعة اخلرطوم‪.‬‬
‫هدفت الورقة �إىل تقييم و�ضع املر�أة يف ال�سودان والفجوة بني اجلن�سني يف العمل والتعليم‪ ،‬وحتديد‬
‫آالثار املرتتبة على الفجوة بني اجلن�سني يف جمال التعليم و�سوق العمل وكذلك حتديد معدل العائد على‬
‫التعليم يف ال�سودان‪.‬‬
‫تظهر نتائج التحليل فروقاً بني اجلن�سني يف ما يتعلق بالعالقة بني أالجر والتعليم و�سنوات اخلربة‪.‬‬
‫وت�شري النتائج �إىل �أهمية تعزيز التح�صيل العلمي للمر�أة من �أجل تعزيز دورها يف �سوق العمل ولتح�سني‬
‫العائد على التعليم‪ ،‬كما تظهر انخفا�ض العائد على التعليم لكال اجلن�سني‪.‬‬
‫تخل�ص الورقة �إىل �أهمية ت�ضييق الفجوة بني اجلن�سني يف جمال التعليم وحت�سني التح�صيل العلمي‬
‫للمر�أة ال�سودانية‪ ،‬وحت�سني م�شاركتها االقت�صادية عن طريق زيادة فر�ص العمل‪ ،‬والحظت �أن مثل هذه‬
‫ال�سيا�سات تتطلب ا�ستثمار قدر كبري من املوارد يف تعليم للمر�أة‪ ،‬كما تتطلب حت�سني �إدماج املر�أة يف االقت�صاد‬
‫ال�سوداين جلني ثمار هذا اال�ستثمار‪.‬‬
‫املجلد الثالث ع�شر ‪ -‬العدد أ‬
‫الول ‪111 - 99 )2011( -‬‬ ‫جملة التنمية وال�سيا�سات االقت�صادية‪،‬‬
‫املعهد العربي للتخطيط‬

‫مراجعة كتاب‬
‫‪ 23‬معلومة ال تقال عن الر أ��سمالية‬
‫‪23 Things They Don’t Tell You About Capitalism‬‬
‫‪By: Ha-Joon Chang‬‬
‫)‪Allen Lane, London (2010‬‬

‫مراجعة‪ :‬أ�حمد الكواز‬


‫‪ .1‬مقدمة‬
‫مق�سمة لتغطية الـــ ‪ 23‬معلومة التي ال تقال عن الر�أ�سمالية‪،‬‬ ‫يقع هذا الكتاب يف (‪� )286‬صفحة ّ‬
‫آ‬
‫مع خال�صة‪ .‬وي�شري الكاتب يف املدخل �إىل �أن االقت�صاد العاملي ملقى الن ممزقاً‪ ،‬و�نه يف الوقت الذي ت�سود‬
‫أ‬
‫الفقاعات املالية القطاع املايل يعاين االقت�صاد احلقيقي من التمويل‪ .‬ورغم م�ساهمة ال�سيا�سات النقدية‬
‫واملالية يف منع �إنهيار االقت�صاد العاملي �إنهياراً كام ًال بعد أالزمة املالية لعام ‪� ،2008‬إال �أن التخل�ص من �آثار‬
‫والنفاق على بنود الرفاه العام‪،‬‬‫هذه أالزمة يحتاج عدد من ال�سنني‪ ،‬مع �آثار �سلبية حمتملة على اال�ستثمار‪ ،‬إ‬
‫ب�سبب تنامي العجز ملعاجلة أالزمة‪.‬‬
‫ويعتقد الكاتب ب�أن هذه أالزمة‪ ،‬ونتائجها هي ب�سبب �أيدولوجية ال�سوق احل ّر التي �سادت منذ‬
‫الثمانينات من القرن املا�ضي‪ .‬فقد قيل لنا‪ ،‬من وجهة نظر الكاتب‪ ،‬ب�أن ترك أالمور لقوى ال�سوق‪ ،‬ا�ستهالكاً‬
‫و�إنتاجاً‪� ،‬سيقود �إىل الكفاءة و�إىل الدفع بعوامل إالنتاج على �أ�سا�س إالنتاجية‪ ،‬و�أن التدخل احلكومي يف‬
‫عمل ال�سوق يع ّوق هذه الكفاءة وتلك إالنتاجية‪ .‬وبناء على ذلك قامت �أغلب الدول بانتهاج �سيا�سات‬
‫لتفعيل حرية ال�سوق مثل خ�صخ�صة امل�شروعات العامة‪ ،‬وحترير اال�ستثمار والتجارة‪ ،‬وخف�ض ال�ضرائب على‬
‫ال�شركات‪ ،‬وحترير ال�ضوابط على القطاع املايل وال�صناعي‪ :‬وقيل لنا �أي�ضاً �أنه رغم بروز بع�ض مظاهر عدم‬
‫العدالة بتوزيع الدخل �إال �أن هذه املظاهر �ستختفي مع تنامي اعتبارات تعزيز الكفاءة‪.‬‬
‫�إال �أن نتائج هذه التوجهات القائمة على حرية ال�سوق‪ ،‬كما ي�ستطرد الكاتب‪ ،‬كانت م�ضادة‪ ،‬حتى‬
‫قبل أالزمة املالية عام ‪ :2008‬تقل�ص معدالت النمو‪ ،‬ومزيد من عدم العدالة يف توزيع الدخل‪ ،‬وغياب‬
‫اال�ستقرار االقت�صادي يف العديد من البلدان‪ .‬وقد مت تغطية هذه آالثار ال�سلبية يف البلدان املتقدمة من‬
‫خالل التو�سع يف االقرتا�ض‪ .‬وال�سبب يعود �أ�سا�ساً �إىل الفرو�ض ال�سيئة‪ ،‬والتعامي عن الر�ؤية ال�سليمة‪.‬‬

‫* ع�ضو الهيئة العلمية ‪ -‬املعهد العربي للتخطيط بالكويت‪.‬‬


‫‪ 100‬أ�حمد الكواز‬

‫لذا ف�إن هدف الكتاب هو عر�ض بع�ض احلقائق أال�سا�سية عن الر�أ�سمالية‪ ،‬والتي ال يتطرق �إليها‬
‫الداعني حلرية ال�سوق‪ .‬مع الت�أكيد ب�أن هذا الكتاب لي�س �ضد “البيان الر�أ�سمايل”‪ .‬فالنقد املوجه �ضد‬
‫�أيدولوجية حرية ال�سوق ال يعني �أن الكاتب �ضد الر�أ�سمالية‪ .‬فرغم ما ي�ؤخذ على الر�أ�سمالية من م�شاكل �إال‬
‫�أن الكاتب يعتقد ب�أنها �أف�ضل نظام اقت�صادي اكت�شفته إالن�سانية‪ .‬لذا ف�إن النقد موجه �أ�سا�ساً لتلك ال�صيغة‬
‫من الر�أ�سمالية التي �سادت العامل خالل العقود الثالث املا�ضية‪� ،‬أال وهي “ر�أ�سمالية حرية ال�سوق”‪ .‬فهذه‬
‫احلرية هي لي�ست الوحيدة املتاحة إلدارة الر�أ�سمالية‪ ،‬كما ت�شري �إىل ذلك نتائج التطبيق للعقود الثالث‬
‫ال�سابقة‪ .‬وعليه ف�إن هذا الكتاب ي�ساهم يف عر�ض الطرق البديلة التي من �ش�أنها �أن جتعل من تطبيق‬
‫الر�أ�سمالية �أف�ضل‪� .‬إن املطلوب منا‪ ،‬ولفهم الواقع‪ ،‬هو �أن ننزع “النظارة الوردية” التي يلب�سها معتنقوا‬
‫أاليدولوجية الليربالية اجلديدة‪ ،‬والتي تظهر الواقع ب�أنه جميل وب�سيط‪ ،‬وهو أالمر املنايف للحقيقة‪ .‬ويورد‬
‫الكاتب يف نهاية املقدمة حتذيراً ب�أن بع�ض أال�سئلة املثارة يف الكتاب قد ال ميكن إالجابة عليها ب�سهولة‪ ،‬عك�س‬
‫ما يوحي به معتنقوا حرية ال�سوق ب�أن إالجابة �سهلة دائماً‪� :‬ضمان حرية أال�سواق‪ .‬ون�ستعر�ض فيما يلي‬
‫املعلومات الـــ (‪ )23‬التي ت�ضمنها الكتاب‪.‬‬
‫ال يوجد �شيء ا�سمه حرية ال�سوق‪ :‬يقال ب�أن هذه احلرية قرار اقت�صادي �إال �أن ما ال يقال ب�أن‬ ‫ ‬
‫هذه احلرية قرار �سيا�سي ولي�س اقت�صادي‪ .‬فقد ُرف�ضت رغبة امل�صلحني االجتماعيني عام ‪ 1819‬ملنع عمل‬
‫(القل من ‪� 9‬سنوات فقط) بدعوى توفر حرية أالطفال باالختيار‪ ،‬وحرية �أ�صحاب العمل‬ ‫أالطفال أ‬
‫باال�ستخدام‪ .‬وذلك ب�ضغوط �أ�صحاب امل�صالح‪ .‬مع االزدواجية يف النظرة حلرية ال�سوق حالياً‪ ،‬حيث‬
‫اعترب الرئي�س أالمريكي ال�سابق بو�ش إالبن �أن تخ�صي�ص مبلغ (‪ )700‬بليون دوالر ل�شراء أال�صول الفا�سدة‬
‫يف �سبتمرب ‪ ،2008‬ب�أنه ا�ستمرار بامل�شروع احل ّر‪ .‬يف حني اعترب النائب اجلمهوري جيم بنك منح مبلغ (‪)200‬‬
‫بليون دوالر يف يوليو ‪ 2008‬إلنقاذ �شركتني من �شركات الرهن العقاري ب�أنها خطوة ال حت�صل �إال يف بلد‬
‫ا�شرتاكي مثل فرن�سا‪.‬‬
‫ال يجب �أن تدار ال�شركات مل�صلحة �أ�صحابها‪ :‬يقال ب�أن �أجور العمالة م�ضمونة‪ ،‬وعوائد جم ّهزي‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫ال�سلع الو�سيطة م�ضمونة يف حني ال يوجد �ضمان لعوائد حقوق التملك (ال�سهم) حيث ال يتم االهتمام‬
‫ب�شكل �أ�سا�سي مب�ستقبل ال�شركات طويل أالجل واالهتمام بتعظيم أالرباح يف أالجل الق�صري (�إال يف حالة‬
‫ال�شركات الكبرية حيث ال ميكن بيع �أ�سهم املالكني دون �إرباك ال�سوق‪� .‬إال �أن ما ال يقال هو عدم وجود‬
‫اتفاق على دور ال�شركات املحدودة امل�س�ؤولية فقد عار�ضها �آدم �سمث ألن �إدارتها من قبل غري حاملي‬
‫أال�سهم قد تع ّر�ض ال�سوق احل ّر للخطر و�سوء إالدارة‪� .‬إال �أن كارل مارك�س‪ ،‬املنتقد لل�سوق احل ّر‪� ،‬أيدها‬
‫بدعوى ف�صلها للملكية عن إالدارة (وبالتايل ت�س ّهل لهم االنتقال ملرحلة ما بعد الر�أ�سمالية)‪.‬‬
‫يكاف�أ �أغلب النا�س يف البلدان الغنية ب�أكرث مما ي�ستحقوا‪ :‬يقال ب�أن العامل ال�سويدي ي�ستلم‪ ،‬على‬ ‫ ‬
‫�سبيل املثال‪� )50( ،‬ضعف ما ي�ستلمه العامل الهندي يف نف�س جمال العمل‪ ،‬وهو أالمر الذي يعك�س تفاوتات‬
‫‪ 23‬معلومة ال تقال عن الر أ��سمالية ‪101‬‬

‫إالنتاجية الن�سبية التي يحددها ال�سوق احل ّر‪ ،‬و�أن �أي تدخل يف هذا املجال يعترب �ضد �آلية ال�سوق‪� .‬إال �أن ما‬
‫ال يقال ب�أن هذا التفاوت يحدث لي�س ب�سبب تفاوتات إالنتاجية فقط بل ب�سبب الرقابة على الهجرة وتقييد‬
‫حرية �سوق العمل‪ ،‬وبدون هذه الرقابة كان �أجر العامل ال�سويدي قد انخف�ض يف ال�سويد‪ .‬كما �أن تفاوت‬
‫إالنتاجية ال يعزي �إىل أالفراد بل �إىل �سالمة النظام االقت�صادي واالجتماعي وال�سيا�سي الداعم‪� ،‬أو املعرقل‪،‬‬
‫حلفز إالنتاجية‪ ،‬و�أن ترك أالمور حلرية ال�سوق ال تقود �إىل تعادل أالجور‪.‬‬
‫�ساهمت ماكنة غ�سيل املالب�س يف تغيري العامل �أكرث من إالنرتنت‪ :‬ما يقال ب�أن ثورة االت�صاالت‬ ‫ ‬
‫�أحدثت انقالباً يف كيفية عمل العامل أالمر الذي ي�ستدعي املزيد من حرية أال�سواق و�إزالة القيود‪� .‬إال �نأ‬
‫ما ال يقال ب�أن هناك اكت�شافات �سابقة �أثّرت �أكرث يف أال�سواق‪ ،‬مثل ماكنة غ�سيل املالب�س‪ ،‬التي ح ّررت‬
‫املر�أة من التزامات منزلية كثرية ل�صالح دجمها بال�سوق‪ .‬وي�ست�شهد الكاتب مبقولة االقت�صادي روبرت �سولو‬
‫ب�أن ربط حت�سن إالنتاجية باخرتاع االنرتنت ال يجدي كثرياً (الرباهني يف كل مكان ما عدا أالرقام ح�سب‬
‫بال�ضافة �إىل ت�أثري اكت�شاف �إر�سال الربقيات عام ‪� .1860‬أما عن الهدف من هذه املقارنات‪ ،‬ما‬ ‫تعبري �سولو)‪ .‬إ‬
‫بني إالنرتنت وماكنة غ�سيل املالب�س والربقيات‪ ،‬فهو �أو ًال �إبراز �إ�ساءة تخ�صي�ص اال�ستثمارات على ح�ساب‬
‫�سد “الفجوة الرقمية”‬ ‫اال�ستثمار ال�صناعي ول�صالح اخلدمات‪ .‬وثانياً توجه بع�ض امل�ساعدات التنموية بهدف ّ‬
‫من خالل متويل �إر�سال �أجهزة الكومبيوتر يف حني �أن هناك �أولويات منها تو�صيل �شبكات الكهرباء‪ ،‬ومكائن‬
‫غ�سيل املالب�س لرتفع ب�شكل مبا�شر من م�ستوى معي�شة الفقراء‪� .‬إن فهم التوجهات التكنولوجية وم�ساراتها‬
‫ونتائجها يعترب �أمر �ضروري ل�صياغة ال�سيا�سات االقت�صادية حملياً و�إقليمياً ودولياً‪.‬‬
‫ االفرتا�ضات ال�سيئة حول الب�شر تقودك لنتائج �أ�سو�أ‪ :‬يقال‪ ،‬ح�سب ر�أي �آدم �سمث‪ ،‬ب�أننا ال نح�صل‬
‫الق�صاب بل ج ّراء احرتامهم مل�صاحلهم‪ .‬حيث يقوم ال�سوق ب�صقل هذه‬ ‫على ع�شاءنا �صدقة من اخل ّباز �أو ّ‬
‫امل�صالح وحتويلها �إىل توجه اجتماعي متنا�سق‪� .‬إال �أن ما ال يقال ب�أن النزعة الفردية مهمة �إال �أنها لي�ست‬
‫املحرك لالقت�صاد‪ .‬وهنا ي�ست�شهد امل�ؤلف ب�شهادة مدير رابع �أكرب �شركة لل�صلب يف اليابان �أثناء م�ؤمتر البنك‬
‫الدويل حيث قال ب�أنكم �أيها االقت�صاديون ال تفهمون كيف يعمل العامل واقعياً‪ .‬فرغم خربتي كحامل‬
‫ل�شهادة دكتوراه يف املعادن ومدير تنفيذي �إال �أين ال �أعرف �إال �شيء �أو �شيئني مما يجري يف ال�شركة‪ ،‬ونف�س‬
‫ال�شيء بالن�سبة للمدراء آالخرون‪ .‬ورغم ذلك يوافق جمل�س إالدارة على مقرتحات امل�شروعات املقدمة من‬
‫العاملني‪ ،‬وال�سبب هو �أننا نفرت�ض �أنهم يعملون ل�صالح ال�شركة‪ ،‬ولي�س لنزواتهم الفردية‪ .‬وي�ست�شهد �أي�ضاً‬
‫للنتاج” القائم على دمج العاملني يف عملية اتخاذ القرارات‬ ‫بـ “نظام إالنتاج الياباين” �أو “نظام “تويوتا إ‬
‫يعد اقت�صاديو ال�سوق على اعتبار‬ ‫باعتبار ذلك هو حمرك النمو أال�سا�سي ولي�س الدافع الفردي‪ .‬ورغم ذلك ّ‬
‫العمل وفق الدوافع أالخالقية اجلماعية ب�أنه “وهم ب�صري”‪ .‬و�إذا ما �صممنا نظامنا االقت�صادي على �أ�سا�س‬
‫حمرك الدافع الفردي فقط ف�سوف لن يعظم ذلك الكفاءة بل يقللها‪ .‬ألن الب�شر �سي�شعرون ب�أنهم غري موثوق‬
‫بهم كممثلني �أخالقيني باملجتمع وبالتايل يرف�ضون العمل على �أ�س�س �أخالقية‪ .‬وهو أالمر الذي �سيرتتب‬
‫عليه خم�ص�صات �إ�ضافية للمراقبة‪ ،‬والعقوبات‪ ،‬وتنفيذ أالحكام‪� ،‬إذا ما افرت�ضنا ال�سوء آ‬
‫بالخرين‪.‬‬
‫‪ 102‬أ�حمد الكواز‬

‫مل ت�ساهم �سيا�سات اال�ستقرار االقت�صادي الكلي بجعل العامل �أكرث ا�ستقراراً‪ :‬يقال ب�أن حماربة‬ ‫ ‬
‫الت�ضخم‪� ،‬ضمن �سيا�سات اال�ستقرار االقت�صادي‪ ،‬جعلت من حتفيز اال�ستثمار والنمو �أمراً ممكناً‪� .‬إال �أن ما ال‬
‫يقال �أن الت�ضخم غري اجلامح‪ ،‬املنخف�ض هو �أمراً مقبو ًال حتى من خريجي مدر�سة �شيكاغو‪ ،‬و�أدبيات �صندوق‬
‫النقد الدويل (املتحم�سني ل�سيا�سات اال�ستقرار االقت�صادي)‪ .‬وال ي�ض ّر باال�ستثمار والنمو‪ .‬بل العك�س ف�إن‬
‫املغاالة مبحاربة الت�ضخم‪ ،‬مب�ستوياته املنخف�ضة‪� ،‬سينعك�س �سلباً على االقت�صاد القومي من خالل ارتفاع �أ�سعار‬
‫الفائدة احلقيقية (احلالة الربازيلية‪ ،‬وحالة جنوب �أفريقيا يف ت�سعينات القرن املا�ضي)‪ ،‬أالمر الذي يجعل‬
‫اال�ستثمار يف أالن�شطة احلقيقية غري جمدي (الرتفاع �أ�سعار الفائدة احلقيقية)‪ ،‬ويتم توجيه املوارد بد ًال من‬
‫ذلك أللن�شطة املالية التي قد ت�ساهم يف قيادة النمو‪ ،‬لفرتة‪� ،‬إال �أنها فرتة غري م�ستدامة‪ .‬كما �أو�ضحت جتارب‬
‫أالزمات املالية املعا�صرة‪ .‬كما �أن اال�ستقرار املتحقق يف البلدان التي �إتبعت �سيا�سات اال�ستقرار االقت�صادي‬
‫مل يكن ا�ستقرا ًر حقيقياً‪ ،‬بل وهمياً‪� .‬إن العامل ال يكون �أكرث ا�ستقراراً اعتماداً على م�ؤ�شر معدل الت�ضخم‬
‫فقط‪ .‬حيث �أ�شارت درا�سة كينث روجوف (كبري اقت�صاديي �صندوق النقد �سابقاً) و�آخرون �أنه ال يوجد‬
‫بلد واجه �أزمة ماملية ما بني احلرب العاملية الثانية ومنت�صف ال�سبعينات من القرن املا�ضي‪� ،‬إال �أن أالزمات‬
‫زادت (مبعدل ‪ )%10-%5‬بعد ارتفاع معدل الت�ضخم �أواخر الثمانينات‪ ،‬وهي الفرتة التي من املفرت�ض �أن‬
‫تكون �أكرث ا�ستقراراً بفعل تطبيق �سيا�سات اال�ستقرار االقت�صادي (ارتفع معدل الت�ضخم �إىل حوايل ‪%20‬‬
‫يف �أوا�سط ال�سبعينات ثم �إىل ‪ %35‬بعد أالزمة املالية العاملية عام ‪ .)2008‬ومن امل�ؤ�شرات أالخرى لال�ستقرار‬
‫والمان الوظيفي‪ ،‬والتمييز �ضد أالن�شطة غري املنظمة‪.‬‬
‫التي يوردها امل�ؤلف‪ :‬معدل البطالة‪ ،‬أ‬
‫من النادر �أن ت�ؤدي �سيا�سات ال�سوق احل ّر �إىل جعل الفقراء �أغنياء‪ :‬يقال ب�أن ف�شل جتربة البلدان‬ ‫ ‬
‫النامية بعد اال�ستقالل تعود لتبنيها ا�سرتاتيجيات تدخل احلكومة‪ ،‬والت�صنيع الثقيل‪ ،‬واحلماية‪ ،‬ومنع‬
‫اال�ستثمار أالجنبي املبا�شر‪ .‬و�أن جميع البلدان التي جنحت يف جتربتها االقت�صادية بعد اال�ستقالل (ما‬
‫عدا اليابان وكوريا اجلنوبية) إلتباعها ال�سيا�سات القائمة على حرية ال�سوق‪� .‬إال �أن ما ال يقال هو �أن و�ضع‬
‫معدالت النمو‪ ،‬وتوزيع الدخل كانت �أف�ضل يف ظل ال�سيا�سات القائمة على تدخل احلكومة (مع ا�ستثناءات‬
‫ب�سيطة)‪ ،‬ويف ظل �أزمات مالية نادرة‪ .‬و�أن البلدان املتقدمة حالياً (مل) تنتهج ال�سيا�سات القائمة على حرية‬
‫ال�سوق لت�صبح متقدمة‪ ،‬بل العك�س‪ .‬ويعر�ض الكاتب جتربة‪ ،‬تاريخية‪ ،‬لبلدين هما (‪ )A‬و (‪ .)B‬حيث �سادت‬
‫يف البلد (‪� )A‬سيا�سات �سيئة جداً باعرتاف م�ؤيدو حرية ال�سوق‪ :‬حماية مرتفعة‪ ،‬ومراقبة �صارمة على حركة‬
‫ر�أ�س املال‪ ،‬وارتفاع الدعم احلكومي‪� .‬أما البلد (‪ )B‬فقد �سادت به‪ :‬حماية مفرطة‪ ،‬وحمائية �صناعية‪ ،‬وف�ساد‪،‬‬
‫وبيع أالحزاب ال�سيا�سية للمنا�صب احلكومية‪ ،‬ومتييز �ضد اال�ستثمار أالجنبي‪ ،‬وعدم وجود قانون للمناف�سة‪،‬‬
‫و�ضعف قوانني حماية امللكية‪ .‬البلد (‪ )A‬هو ال�صني‪ ،‬والبلد (‪ )B‬هو الواليات املتحدة (حوايل عام ‪.)1880‬‬
‫والبلدان آالن بلداناً متطورة اقت�صادياً‪.‬‬
‫‪ 23‬معلومة ال تقال عن الر أ��سمالية ‪103‬‬

‫يوجد لر�أ�س املال جن�سية‪ :‬يقال ب�أنه ال توجد لل�شركات العابرة للقارات‪ ،‬التي متثّل �أحد �أدوات‬ ‫ ‬
‫العوملة االقت�صادية‪ ،‬جن�سية‪ .‬و�أن التمييز �ضد هذه ال�شركات �سيحرم البلدان املعنية من تدفق اال�ستثمارات‬
‫والنتاجية املرتفعة‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن لهذه ال�شركات جن�سية البلد الذي تنتمي له من‬ ‫ون�شر الكفاءة إ‬
‫حيث دفع ال�ضرائب‪ ،‬وتدفق املنافع للبلد أالم‪ ،‬واخل�ضوع لقوانني إالفال�س للبلد أالم‪ .‬و�أن القول بعدم‬
‫�أهمية جن�سية هذا النوع من ال�شركات هو قول غري مقبول‪ .‬حيث �أن والء هذه ال�شركات هو دائماً للبلد‬
‫أالم الذي �ساهم يف دعم‪ ،‬ومتويل‪ ،‬و�إنقاذ هذه ال�شركات �أيام مراحل بنائها أالوىل‪.‬‬
‫نحن ال نعي�ش ع�صر ما بعد ال�صناعة‪ :‬يقال ب�أن �أهمية ال�صناعة بد�أت باالنخفا�ض ل�صالح اخلدمات‬ ‫ ‬
‫والدارة‪ ،‬و�أن البلدان املتقدمة بد�أت يف الدخول بع�صر ما بعد ال�صناعة‪ ،‬وهو تطور يجب‬ ‫مثل �أن�شطة البنوك إ‬
‫بالن�شطة ال�صناعية‬‫االحتفاء به ولي�س اخلوف منه‪ .‬وبالتايل لي�س هناك داعي للبلدان النامية من االهتمام أ‬
‫بل القفز �إىل اقت�صاد املعرفة بهدف دخول مرحلة ما بعد ال�صناعة‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن ح�صة ال�صناعة‬
‫بالناجت املحلي إالجمايل مل تنخف�ض بفعل انخفا�ض كميات إالنتاج بل ب�سبب انخفا�ض �أ�سعار املنتجات‪،‬‬
‫قيا�ساً بارتفاع �أ�سعار اخلدمات بفعل ارتفاع �إنتاجيتها‪� .‬أما القول ب�إهمال ال�صناعة والقفز للخدمات فهو قول‬
‫هزيل ال ي�أخذ بنظر االعتبار القدرات إالنتاجية املحدودة للخدمات يف البلدان النامية‪ ،‬وبالتايل �صعوبة‬
‫�أن تكون حمركاً للنمو يف هذه البلدان‪ .‬كما �أن �ضعف قدرة اخلدمات على الت�صدير �سيقلل من قيمة‬
‫�صادرات البلدان النامية‪ ،‬وبالتايل �إنهيار قدرتها على حيازة التكنولوجيا املتطورة من اخلارج‪ ،‬وبالتايل انخفا�ض‬
‫معدالت النمو‪ .‬وي�شري امل�ؤلف‪ ،‬هنا‪� ،‬إىل عدم خطورة ظاهرة تفكك الت�صنيع ب�شرط �أن تكون إالنتاجية يف‬
‫القطاع ال�صناعي تفوق ما يناظرها يف البلدان املناف�سة‪ ،‬مع �ضرورة احلذر واخلوف يف احلالة املعاك�سة‪.‬‬
‫ال تتمتع الواليات املتحدة ب�أعلى م�ستوى معي�شة يف العامل‪ :‬يقال يف حالة االعتماد على القوة‬ ‫ ‬
‫ال�شرائية للدوالر ف�إن الواليات املتحدة تعترب أالعلى يف م�ستوى املعي�شة‪ ،‬وهو أالمر الذي يعك�س �سالمة‬
‫نظام ال�سوق احل ّر املتبع (دون الكمال) يف هذا البلد‪� .‬إال �أن ما ال يقال هو �سوء توزيع الدخل الوا�سع ما بني‬
‫أالغنياء والفقراء‪ .‬وبالتايل ف�إن ح�صة الفرد من الدخل يعترب م�ؤ�شراً م�ضل ًال‪ .‬كما �أن ارتفاع القوة ال�شرائية‬
‫للدوالر داخل الواليات املتحدة تعك�س‪� ،‬أ�سا�ساً‪ ،‬رخ�ص اخلدمات‪ ،‬مقارنة بالدول الغنية أالخرى‪ .‬وذلك‬
‫بال�ضافة �إىل عمل أالمريكان �ساعات �أطول من أالوروبيني‪.‬‬ ‫يعود للعمالة املهاجرة الرخي�صة‪ .‬إ‬
‫مقدر لها �أن تظل متخلفة ب�سبب ظروف املناخ‬ ‫ التخلف لي�س قدراً على �أفريقيا‪ :‬يقال ب�أن �أفريقيا ّ‬
‫واجلغرافيا التي ت�ؤدي �إىل انت�شار أالمرا�ض‪ ،‬إ‬
‫بال�ضافة �إىل �ضيق �أ�سواقها‪ ،‬وانت�شار العنف والف�ساد والتناحر‬
‫االثني‪ ،‬وفقر امل�ؤ�س�سات‪ ،‬وعدم رغبة ال�سكان بالعمل ال�شاق‪ ،‬و�أنه ال يوجد �أمامها‪ ،‬بعد ف�شل العديد من‬
‫برامج حترير أال�سواق‪� ،‬إال االعتماد على امل�ساعدات اخلارجية‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن �أ�سباب (التخلف) امل�شار‬
‫�إليها �أعاله مل متار�س دورها قبل ثمانينات القرن املا�ضي حيث و�صل معدل منو ح�صة الفرد من الناجت �إىل‬
‫(‪ )%1.6‬يف �ستينات و�سبعينات القرن املا�ضي (وهو مقارب ملعدل النمو الذي �ساد يف حالة البلدان الغنية‬
‫‪ 104‬أ�حمد الكواز‬

‫�أثناء الثورة ال�صناعية ‪� .)1913-1820‬إال �أن �سيا�سات اال�ستقرار االقت�صادي قد مار�ست‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬دوراً‬
‫�سلبياً على العديد من االقت�صادات أالفريقية‪ .‬حيث ُ�أجربت على �سيا�سة ت�شجيع ال�صادرات‪ ،‬وبالتايل زادت‬
‫�صادراتها من ال�سلع التقليدية‪ ،‬وبالتايل زاد املعرو�ض منها دولياً وانخف�ضت �أ�سعارها وق ّلت عوائدها‪ ،‬وما ترتب‬
‫على ذلك من �آثار �سلبية على ميزان املدفوعات‪ ،‬واملوازنة العامة‪ ،‬وغريها من آالثار‪ ،‬كما �أن �أفريقيا ال ت�ستطيع‬
‫�أن تغيرّ تاريخها �أو جغرافيتها‪ .‬فقد عانت �سنغافورة‪ ،‬وجنوب �إيطاليا‪ ،‬وجنوب الواليات املتحدة‪ ،‬وكوريا‬
‫اجلنوبية‪ ،‬واليابان‪ ،‬تاريخياً‪ ،‬من املالريا‪ ،‬ومل تكن حائ ًال �أمام التطور‪ .‬كما �أن املناخ املتجمد يف العديد من‬
‫الدول املتقدمة وانعكا�ساته على تكاليف الطاقة‪ ،‬وعرقلة املوا�صالت‪ ،‬مل يحول �ضد التطور‪ .‬وكذلك الطبيعة‬
‫اجلغرافية املغلقة لعدد من الدول أالفريقية ال ميكن اعتبارها قيداً‪� ،‬إذا ما �أخذنا حالة �سوي�سرا‪ ،‬والنم�سا‪ ،‬مث ًال‪.‬‬
‫�إن املحدد الرئي�سي للتطور هو اال�ستثمارات املالئمة ولي�س اجلغرافيا �أو التاريخ‪ .‬و�أن وفرة املوارد الطبيعية ال‬
‫ميكن �أن يكون نقمة كما يعتقد البع�ض (و�إال ك ّنا قد اعتربنا من يولد يف عائلة غنية حمتوماً عليه بالف�شل!)‪.‬‬
‫بال�ضافة �إىل احلاجة �إىل م�ؤ�س�سات مالئمة إلدارة االقت�صاد والدولة‪ ،‬وكذلك مداخل مالئمة للتكنولوجيا‪.‬‬ ‫إ‬
‫ت�ستطيع احلكومة �أن حتدد الفائزين‪ :‬يقال �أن احلكومة عاجزة عن امتالك املعلومات املالئمة‬ ‫ ‬
‫لعمل ال�سوق‪ ،‬و�أنها حتدد الفائزين من خالل مبد�أ ال�سلطة‪ ،‬ولي�س من خالل املبد�أ االقت�صادي القائم على‬
‫التناف�سية‪ .‬ونتيجة لذلك ازدادت امل�شروعات الكمالية غري املربرة اقت�صادياً‪� .‬إال �أن ما ال يقال هو �أن ب�إمكان‬
‫احلكومات �أن جتمع معلومات مفيدة لتحقيق �أهدافها االقت�صادية‪ .‬وي�ست�شهد امل�ؤلف‪ ،‬هنا‪ ،‬ب�شركة “بوهانك‬
‫للحديد وال�صلب” اململوكة من احلكومة الكورية يف �ستينات القرن املا�ضي‪ ،‬واملت�ضمنة �أكرث عنا�صر إالدارة‬
‫�سو ًء من وجهة نظر م�ؤيدي ال�سوق احل ّر‪ :‬م�شروعات عام‪ ،‬و�سلطة ع�سكرية‪ ،‬و�إنتاج �سلع ال تت�سق مع نظرية‬
‫واليطاليني من امل�شروع (بن�صيحة من‬ ‫املزايا الن�سبية‪ .‬وبعد ان�سحاب أالمريكان والربيطانيني والفرن�سيني إ‬
‫البنك الدويل)‪ ،‬بد�أ امل�شروع ب�إدارة كورية وبدعم ياباين عام ‪ ،1973‬واحتل امل�شروع مرتبة رائدة �ضمن �أهم‬
‫م�شروعات احلديد وال�صلب عاملياً‪ ،‬يف القرن املا�ضي‪ .‬وقد ا عتمدت كوريا اجلنوبية يف اختيار الفائزين على‬
‫�سيا�سة اجلزرة (�إعانات‪ ،‬ودعم‪ ،‬وتخفي�ضات �ضريبة‪ ،‬وقرو�ض من البنوك احلكومية)‪ ،‬والع�صا والتهديد ب�إيقاف‬
‫والجراءات التنظيمية‪ ،‬ومن ا�ستخدام ملفات البولي�س ال�سري‪� .‬إن جتربة احلكومة الكورية يف‬ ‫القرو�ض‪ ،‬إ‬
‫اختيار الفائزين مل تقت�صر على كوريا فقط بل امتدت لت�شمل فنلندا‪ ،‬والنم�سا‪ ،‬والرنويج (�إدارة ال�صناعات‬
‫الرائدة)‪ ،‬والواليات املتحدة (�إدارة ال�صناعات بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬والدعم الكبري للبحث والتطوير)‪.‬‬
‫�إال �أن ذلك ال يعني عدم �إمكان ف�شل احلكومات (فقد ف�شلت فرن�سا‪ -‬بريطانيا يف �صناعة الكونكورد‪،‬‬
‫و�إندوني�سيا يف �صناعة الطائرات)‪.‬‬
‫ال يرتتب على جعل أالثرياء �أكرث ثرا ًء جعل آالخرين �أكرث ثرا ًء �أي�ضاً‪ :‬يقال يجب �أن نخلق‬ ‫ ‬
‫الرثوة قبل التفكري بتوزيعها‪ .‬و�أن أالغنياء فقط من ميلك موهبة اال�ستثمار والت�شغيل‪ ،‬و�أن ال�سيا�سات‬
‫ال�شعبية‪ ،‬واحل�سد للرثوات يجب �أن تتوقف‪ ،‬ألن الفقراء ال ميكن �أن يتحولوا �إىل �أغنياء فقط من خالل‬
‫وبالجل الطويل‪� .‬إال �أن ما ال يقال‪� ،‬أن مقولة “ت�ساقط الدخول”‪ :‬النمو �أو ًال‪،‬‬ ‫جعل أالغنياء �أكرث غنى‪ ،‬أ‬
‫‪ 23‬معلومة ال تقال عن الر أ��سمالية ‪105‬‬

‫ثم التوزيع الحقاً‪ ،‬مل تثبت جناحها‪ .‬و�أن ترك أالمر لهذه املقولة املعتمدة على �آلية ال�سوق احل ّر �سوف‬
‫لن يرتك الفقراء يف حال �أح�سن‪ .‬وي�شري امل�ؤلف هنا �إىل التجربة ال�سوفيتية وتباين وجهات النظر حول‬
‫“ال�سيا�سة االقت�صادية اجلديدة”‪ :‬منهج االقت�صادي لرييوبرازهن�سكي (الي�ساري) القائل مب�صادرة امللكية‬
‫الزراعية اخلا�صة وتوجيه املدخرات لال�ستثمار ال�صناعي‪ .‬ووجهة نظر �ستالني ونيكوالي بوخارين (اليمينية)‬
‫بالخذ بوجهة النظر أالوىل‪.‬‬ ‫القائلة ب�ضرورة ا�ستمرار امللكية الزراعية اخلا�صة‪ .‬واجتهت آالراء عام ‪ 1928‬أ‬
‫بالمكان‬‫وترتب على ذلك بناء قاعدة �صناعية �ضخمة يف فرتة ق�صرية جداً‪ .‬وبدون هذه القاعدة ما كان إ‬
‫�صد الهجوم النازي على اجلبهة ال�شرقية يف احلرب العاملية الثانية‪ .‬ومن دون هزمية النازي يف هذه اجلبهة‬
‫ما كان ب�إمكان اجلبهة الغربية �أن تنت�صر على النازية‪ .‬معنى ذلك �أن �أوروبا احلالية تدين للجناح الي�ساري‬
‫يف االحتاد ال�سوفيتي!‪ .‬وي�شري امل�ؤلف ب�أن �سبب اال�ست�شهاد بالتجربة ال�سوفيتية هو هذا الت�شابه ما بني‬
‫املنهج (الي�ساري) لرييوبرازهن�سكي‪ ،‬وال�سيا�سات القائمة حالياً على حرية ال�سوق ول�صالح أالغنياء‪ .‬وبعد‬
‫�إ�شارة امل�ؤلف ألراء االقت�صاديني الكال�سيكيني �أمثال ديفيد ريكاردو (ت�ستثمر طبقة الر�أ�سماليني كافة‬
‫دخولها‪ ،‬وت�ستهلك طبقتي العمال و�أ�صحاب أالرا�ضي كافة دخولها) يرى امل�ؤلف تطابق وجهة النظر هذه‬
‫مع وجهة نظر “ال�سيا�سة االقت�صادية اجلديدة”ال�سوفيتية امل�شار �إليها �أعاله من حيث �ضرورة ّ‬
‫تركز الفائ�ض‬
‫القابل لال�ستثمار يف �أيدي امل�ستثمرين‪ :‬طبقة الر�أ�سمالية عند ريكاردو‪ ،‬وهيئة التخطيط يف حالة “ال�سيا�سة‬
‫االقت�صادية اجلديدة” يف االحتاد ال�سوفيتي ال�سابق‪ .‬وهو ما يتفق مع القول ال�سائد حالياً‪“ :‬عليك خلق‬
‫الرثوة �أو ًال‪ ،‬ثم التفكري بتوزيعها”‪ .‬بعد ذلك ي�شري امل�ؤلف �إىل و�ضع توزيع الدخول يف الدول املتقدمة يف‬
‫“الع�صر الذهبي للر�أ�سمالية ‪ ،”1975-1950‬والفرتات احلالية (‪ )2000-1990‬و(‪ ،)2006-1997‬ليخل�ص ب�أن‬
‫م�س�ألة توزيع الدخل يعترب �أمراً �سه ًال وممكناً يف حالة توفر نظم الرفاه‪ ،‬وال ت�صبح كذلك يف حالة غيابها‪.‬‬
‫لذلك ف�إن التجربة أالوروبية يف التوزيع �أف�ضل من أالمريكية‪.‬‬
‫ُيدفع للمدراء أالمريكان �أكرث من الالزم‪ :‬يقال �أن الرواتب ال�ضخمة للمدراء أالمريكان مربرة‬ ‫ ‬
‫ألنها تعك�س �إمكانياتهم وتعك�س �أي�ضاً ندرتهم يف ال�سوق‪ ،‬و�أن �أي توجه عك�س ذلك ّي�ضر برفع إالنتاجية‪.‬‬
‫�إال �أن ما ال يقال �أن هذه الرواتب مغاىل بها ب�شكل كبري فهي �أكرث من ع�شر مرات املدراء يف ال�ستينات من‬
‫القرن املا�ضي الذين حققوا جناحات �أف�ضل من احلاليني‪ .‬وتعادل رواتب املدراء حالياً (‪� )400-300‬ضعف‬
‫متو�سط تعوي�ضات العاملني أالمريكان‪ .‬و�إذا كان منو ال�شركات هو املربر الرتفاع أالجور‪ ،‬فلماذا ت�ضخمت‬
‫أالجور بعد الثمانينات رغم �أن النمو �سبق هذا التاريخ؟ و�إذا ما كانت قراراتهم الناجحة هي وراء الزيادة‪،‬‬
‫فلماذا مل تكن هذه هي احلالة مع نظرائهم أالوروبيني واليابانيني؟ وال�س�ؤال أالهم �إذا كانت قوى ال�سوق تربر‬
‫الزيادة‪ ،‬مقارنة بالدول الغنية أالخرى‪ ،‬فلماذا تفقد ال�شركات أالمريكية قدرتها التناف�سية �أمام ال�شركات‬
‫أالخرى؟‪.‬‬
‫يتمتع ال�سكان يف البلدان الفقرية بقدرات تنظيمية �أف�ضل من ال�سكان يف البلدان الغنية‪ :‬يقال‬ ‫ ‬
‫�أن من دون القدرات التنظيمية‪ ،‬القائمة على فر�ص البحث عن الربح‪ ،‬ف�إن البلدان النامية لن تتمكن من‬
‫‪ 106‬أ�حمد الكواز‬

‫النمو والتطور‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن الفقراء يتمتعون بقدرات تنظيمية كثرية (باملعنى الفقري) بحيث جعلتهم‬
‫يبتكرون �أ�ساليب للت�أقلم مع �ضغوط احلياة والبطالة‪ .‬و�أن ما ينق�صهم ل�صقل هذه القدرات وجعلها ع�صرية‬
‫هو التكنولوجيات املنتجة واملنظمات االجتماعية املتطورة خا�صة املن�ش�آت احلديثة‪ .‬ت�شري �إح�صاءات منظمة‬
‫التعاون االقت�صادي �إىل �أن هناك ما بني ‪ %50-30‬من قوة العمل الزراعية يف البلدان النامية تعمل حل�سابها‬
‫اخلا�ص‪ .‬وهذه الن�سب �أعلى من تلك ال�سائدة يف الرنويج‪ ،‬والواليات املتحدة‪ ،‬وفرن�سا‪ .‬وال�س�ؤال هو‪ :‬كيف‬
‫يكون ال�سكان يف الدول النامية �أكرث تنظيماً وفقراء بنف�س الوقت؟ يجيب الكاتب من خالل انتقاده لتجربة‬
‫التمويل ال�صغري ومتناهي ال�صغر ملحدودية دورها يف الق�ضاء على الفقر‪ .‬وي�ست�شهد هنا بتجربة “ن�ساء‬
‫الهاتف” (قام بنك كرامني ملحمد يون�س بالتعاون مع �شركة تلفونات نرويجية بت�أجري الهاتف اجلوال لن�ساء‬
‫القرى لقاء ر�سوم معينة) حيث و�صلت �أرباح ه�ؤالء الن�ساء �إىل (‪ )1200-750‬دوالر �سنوياً يف ظل متو�سط‬
‫دخل الفرد �سنوياً يف بنغالدي�ش ال يتجاوز (‪ )300‬دوالر‪� .‬إال �أن امل�شهد انقلب عام ‪ 2005‬لت�صل �أرباح‬
‫الن�ساء �إىل (‪ )70‬دوالر �سنوياً يقابلها متو�سط دخل للفرد �سنوياً يعادل (‪ )470‬دوالر‪� .‬أ ّكدت هذه النتائج �أن‬
‫جناح �شخ�ص يف �أعماله ال يعني جناح آالخرين‪� .‬إن ف�شل مثل هذه املقرتحات للتمويل يعود لغياب البدائل‬
‫املجدية (التحول من خط �إنتاجي غري مربح �إىل �آخر مربح‪ ،‬مثل التح ّول �إىل جتارة برامج الكومبيوتر بعد‬ ‫ّ‬
‫تدهور جتارة الهاتف النقال) وذلك من خالل هياكل تنظيمية جماعية ولي�ست فردية (�أي �ضرورة توفر حزمة‬
‫من البنية التكنولوجية‪ ،‬وقوانني ال�شركات‪ ،‬والنظام التعليمي والتمويلي‪ ،‬وحقوق امللكية‪ ،‬والنفاذ ألل�سواق)‬
‫وهي �أمور ال تتوفر باالعتماد على بادرة فردية فقط‪.‬‬
‫نحن ال منلك الذكاء الكايف حنى نرتك أالمور لعمل ال�سوق‪ :‬يقال يجب �أن نرتك كل �شيء‬ ‫ ‬
‫لل�سوق ب�سبب �إدارته الر�شيدة من قبل أالفراد �أو املن�ش�آت‪ ،‬وخطورة االعتماد على احلكومة لتدين نوعية‬
‫وكمية معلوماتها قيا�ساً بال�سوق‪ .‬و�أن ال�سوق قادر (يف حالة الف�شل) يف خلق �أ�سواق جديدة مثل “�سوق‬
‫لالنبعاثات البيئية ال�ضارة” حيث يتم بيع و�شراء حقوق التلوث يف �إطار أالمثلية االجتماعية‪� .‬إال �أن ما‬
‫ال يقال �أن هناك حدود لر�شادة الب�شر و�أن التدخل احلكومي مرغوب لي�س بفعل �أف�ضلية املعلومات بل‬
‫ب�سبب �ضرورة “تقييد اخليارات” مثل تقييد التعامل يف امل�شتقات املالية‪ ،‬خوفاً من تعقد امل�شكلة وخروجها‬
‫عن ال�سيطرة (كما حدث بالفعل منذ عام ‪ .)2008‬وي�ست�شهد امل�ؤلف هنا بتجارب عدد من �صناديق‬
‫التحوط الفا�شلة مثل “�صندوق �إدارة ر�أ�س املال طويل أالجل”‪ .‬وي�ؤكد ب�أن اجلميع مع ّر�ض للف�شل‬
‫حتى ال�سوق (يقول املثل الكوري‪ :‬حتى القردة ميكن �أن ت�سقط من أال�شجار!)‪ .‬و�إذا كان منوذج ت�سعري‬
‫املعد من قبل مرتون و�شولز (وامل�ستخدم من قبل ال�صندوق �أعاله)‪ ،‬واللذين فازا بجائزة‬ ‫أال�صول املالية ّ‬
‫بنك ال�سويد املركزي‪� ،‬أحد جوائز نوبل‪ ،‬مل ي�ستطيع قراءة أال�سواق املالية قراءة �صحيحة‪ ،‬فمن �أين ت�أتي‬
‫الر�شادة أللفراد العاديني إلدارة املعامالت على �أ�س�س �سليمة وبدون �أخطاء‪ .‬كما �أن اعرتاف الن قريت�سبان‪،‬‬
‫الرئي�س ال�سابق ملجل�س االحتياطي الفيدرايل أالمريكي‪ ،‬بخط�أ االعتماد على امل�صلحة اخلا�صة يف حماية‬
‫أالموال العامة‪ ،‬يعترب اعرتافاً قا�سياً �ضد االعتماد املطلق على حرية ال�سوق‪ .‬وي�س�أل امل�ؤلف‪ ،‬الحقاً ما هو‬
‫‪ 23‬معلومة ال تقال عن الر أ��سمالية ‪107‬‬

‫احلل لف�شل ال�سوق؟ اجلواب‪ :‬البد من تنظيم عمل أال�سواق‪ .‬وهنا ي�ست�شهد ب�آراء �أحد الفائزين بجائزة‬
‫نوبل يف االقت�صاد عام ‪ ،1978‬هربرت �سيمون (املتعدد املواهب ما بني الفيزياء واالقت�صاد واالجتماع و�إدارة‬
‫أالفراد وامل�ؤ�س�سات‪ ،‬والتنظيم)‪ ،‬من �أن احلل هو يف �ضعف قدرتنا ك�أفراد على حتليل املعلومات‪ ،‬ولي�س بتوفري‬
‫املعلومات‪ .‬ويتفق �سيمون هنا مع االقت�صادي أالمريكي فرانك نايت‪ ،‬والربيطاين جون مينارد كينز من حيث‬
‫�أن ال�سلوك الر�شيد �سلوك م�ستحيل يف ظل عدم الت�أكد الغري قابل للح�ساب‪ .‬وي�شري امل�ؤلف‪ ،‬هنا‪� ،‬إىل ر�أي‬
‫وزير الدفاع أالمريكي ال�سابق رونالد رام�سفيلد عام ‪ :2002‬هناك �أ�شياء نعرف �أننا نعرفها‪ ،‬وهناك �أ�شياء نعرف‬
‫�أننا ال نعرفها‪ ،‬وهناك �أ�شياء ال نعرف �أننا ال نعرفها‪ .‬ويف ظل هذه الظروف البد من تقييد اخليارات يف جمال‬
‫امل�ضرة اقت�صادياً واجتماعياً”‪.‬‬
‫االختيار خوفاً من النتائج ّ‬
‫بحد ذاته‪ ،‬جعل البلد �أكرث ثرا ًء‪ :‬يقال ب�أن قوة العمل املتعلمة‬ ‫ال يرتتب على املزيد من التعلم‪ّ ،‬‬ ‫ ‬
‫تعليماً جيداً �شرطاً �ضرورياً لنجاح التنمية االقت�صادية (مقارنة حالتي بلدان �شرق �آ�سيا‪ ،‬ودول �أفريقيا جنوب‬
‫ال�صحراء)‪ ،‬خا�صة مع تعاظم دور اقت�صاد املعرفة‪� .‬إال �أن ما ال يقال هو عدم وجود عالقة ما بني (املزيد) من‬
‫التعليم والرفاه‪ ،‬و�أن رفع إالنتاجية ال يرتبط مبزيد من التعليم‪ ،‬و�أن اقت�صاد املعرفة �ساهم يف احلاجة ملزيد من‬
‫التعليم هو �أمر مغلوط‪ .‬واملهم هو لي�س امل�ستوى التعليمي‪ ،‬بل قدرة أالمة على تنظيم أالفراد يف امل�شروعات‬
‫ذات إالنتاجية أالعلى‪ .‬فقد و�صل معدل منو املتعلمني‪ ،‬يف ال�ستينات من القرن املا�ضي‪ ،‬يف تايوان (‪،)%54‬‬
‫والفلبني (‪� )%72‬إال �أن ذلك مل يعرقل منو أالوىل‪ ،‬ومل ي�شجع منو الثانية‪ .‬ونف�س املقارنة ت�سري على كوريا‬
‫والرجنتني والفلبني من ناحية ثانية‪ .‬وكذلك بلدان �أفريقيا جنوب ال�صحراء التي‬ ‫اجلنوبية من ناحية‪ ،‬أ‬
‫حققت معدل لنمو املتعلمني ما بني ‪ %61-%40‬للفرتة ‪� ،2004-1980‬إال �أن ذلك مل ينعك�س على �أدائها‬
‫التنموي‪ .‬ملاذا‪ :‬ألن لي�س كل ما نتعلمه ينعك�س يف زيادة إالنتاجية (مثل آالداب‪ ،‬واملو�سيقى‪ ،‬والف�سلفة‪،‬‬
‫وحتى الريا�ضيات قد ال تكون مفيدة لبع�ض املهن)‪� .‬أما اقت�صاد املعرفة فال يرى امل�ؤلف ب�أنه �أمر جديد‪.‬‬
‫فقد كانت ال�صني يف القرن أالول �أغنى بلد ب�سبب امتالك املعرفة‪ ،‬وقادت بريطانيا العامل يف القرن التا�سع‬
‫ع�شر ب�سبب امتالكها التطور التكنولوجي‪ .‬وبعد �أن �أ�صبحت �أملانيا بلداً فقرياً بعد احلرب العاملية الثانية مل‬
‫يقرتح �أحد ت�صنيفها كــ “بلد نامي” وذلك ب�سبب امتالكها ملعرفة تكنولوجية وتنظيم م�ؤ�س�سي‪ .‬ويعتقد‬
‫امل�ؤلف ب�أن ارتباط املعرفة ب�إنتاجية العامل قد انخف�ض بالعديد من املهن خا�صة يف البلدان الغنية‪ ،‬وذلك‬
‫ألن �أغلب العمالة بهذه البلدان هي عمالة غري ماهرة‪ .‬كما �أن التنمية االقت�صادية تعتمد �أ�سا�ساً على املعرفة‬
‫والالت‪ :‬املكننة هي العامل املهم يف رفع إالنتاجية ولي�س إالحاطة املعرفية ملا يجري يف‬ ‫املتج�سدة باملكائن آ‬
‫العامل‪ .‬وي�ست�شهد امل�ؤلف هنا بحالة �سوي�سرا حيث تعترب ن�سبة املقيدين باجلامعة هي أالقل ما بني الدول‬
‫الغنية (‪ .)%15-%10‬وي�ستنتج امل�ؤلف من احلالة ال�سوي�سرية ب�أن �أي ن�سبة للمقيدين باجلامعة تفوق الن�سب‬
‫املذكورة ال تعترب �ضرورية لرفع إالنتاجية‪.‬‬
‫ املفيد جلرنال موتورز لي�س مفيداً بال�ضرورة للواليات املتحدة‪ :‬يقال طاملا �أن قطاع أالعمال ميثل‬
‫قلب النظام الر�أ�سمايل من حيث خلق الوظائف وتوفري التكنولوجيا احلديثة‪ ،‬ف�إن ما ي�صلح لهذا القطاع‬
‫‪ 108‬أ�حمد الكواز‬

‫ي�صلح لالقت�صاد القومي‪ ،‬وبالتايل البد من �إعطاء �أكرب قدر من احلرية لهذا القطاع‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن‬
‫منح هذه احلرية‪ ،‬وبالقدر الكبري‪ ،‬ي�ض ّر بال�شركات دع عنك االقت�صاد القومي‪ .‬وي�ست�شهد امل�ؤلف هنا بقول‬
‫بال�ضافة �إىل فورد وكر�سلر‪ ،‬امل�سئولون عن‬ ‫مدير �شركة جرنال موتورز (�أحد م�صانع ال�سيارات يف ديرتويت إ‬
‫انت�صارات احلرب العاملية الثانية بفعل �صادراتهم من أال�سلحة أالمريكية للجبهة ال�سوفيتية والربيطانية)‪،‬‬
‫�آنذاك‪ ،‬وبفعل �إ�سهاماته يف احلرب‪ :‬ما ي�صح جلرنال موتورز ي�صح للواليات املتحدة‪ ،‬والعك�س �صحيح‪� .‬إال �أنه‬
‫بعد خم�سة عقود من هذا الت�صريح �أفل�ست جرنال موتورز عام ‪ .2009‬ورغم كره ال�شركة للتدخل احلكومي‪،‬‬
‫قامت احلكومة بدفع (‪ )57.6‬بليون دوالر من �أموال دافعي ال�ضرائب إلعادة �أهلية ال�شركة ب�سبب آالثار‬
‫ال�سيئة املحتملة الفعلية واملحتملة على االقت�صاد أالمريكي (بدون التدخل)‪ .‬وي�س�أل امل�ؤلف‪ :‬ملاذا و�صلت‬
‫ال�شركة حلالة إالفال�س؟ يجيب‪ :‬ألنها بد ًال من �أن تناف�س ال�شركات أالملانية واليابانية والكورية جل�أت �إىل‬
‫بالغراق‪ ،‬وجل�أت �إىل �إن�شاء �شركة مالية لتقوم بتمويل �شراء منتجاتها من‬ ‫حلول �أخرى مثل اتهام املناف�سني إ‬
‫ال�سيارات‪ .‬مع ا�ستمرار دفع الرواتب ال�ضخمة ملدرائها وعدم الرغبة يف ا�ستخدام أالرباح يف �إن�شاء خطوط‬
‫�إنتاج تناف�سية جديدة‪.‬‬
‫رغم �إنهيار ال�شيوعية الزلنا نعي�ش يف اقت�صاد خمطط‪ :‬يقال ب�أن التخطيط �سقط مع ال�شيوعية و�أن‬ ‫ ‬
‫البديل هو خيار الالمركزية على �أ�سا�س �آليات ال�سوق‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن �أغلب البلدان الر�أ�سمالية بلداناً‬
‫خمططة �سواء على م�ستوى االقت�صاد‪ :‬تخطيط ت�أ�شريي‪� ،‬أو على م�ستوى ال�شركات‪ .‬وي�سري ذلك على‬
‫فرن�سا‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬وفنلندا‪ ،‬والرنويج‪ ،‬والنم�سا‪ ،‬واليابان‪ ،‬وتايوان‪ ،‬وبلدان �شرق �آ�سيا‪ .‬كما يتم االعتماد على‬
‫التخطيط القطاعي‪ ،‬ب�شكل �أ�سا�سي‪ ،‬من خالل ال�سيا�سة ال�صناعية مثل حالتي ال�سويد‪ ،‬و�أملانيا‪ .‬كما تعتمد‬
‫بال�ضافة �إىل دور التخطيط يف جمال البحوث‬ ‫م�شروعات البنية أال�سا�سية على تخطيط امل�شروعات �أ�سا�ساً‪ .‬إ‬
‫والتطوير املمولة من احلكومات �أ�سا�ساً‪.‬‬
‫ت�ساوي الفر�ص قد ال يكون عاد ًال‪ :‬يقال �أنه عندما يكاف�أ النا�س ّ‬
‫بغ�ض النظر عن �إجنازاتهم ف�إن‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫العاملني اجلا ّدين واملاهرين �سيفقدون احلافز على العمل‪ .‬لذا ف�إن امل�ساواة التي يجب �ن ن�سعى لها هي‬
‫م�ساواة الفر�ص‪ ،‬ولي�س النتائج‪� .‬إال �أن ما ال يقال هو �أن م�ساواة الفر�ص �أمر �ضروري �إال �أن أالهم هو �أن‬
‫ن�ضمن تناف�س اجلميع حتت نف�س ال�شروط‪ .‬فعدم قدرة تلميذ جائع على الرتكيز ال يعك�س قدراته احلقيقية‬
‫يف املناف�سة‪ .‬لذا ال بد من توفري �شروط التغذية املالئمة‪ ،‬قبل احلكم على �أداء التلميذ‪ .‬و�أن ذلك‪ ،‬وغريه‬
‫من أالمثلة يف جمال امل�ساواة‪ ،‬ال تتم �إال من خالل ال�سيا�سة العامة التي ت�ضمن احلراك االجتماعي‪ .‬علماً‬
‫ب�أن هذا احلراك �أ�سرع و�أو�ضح يف حاالت الدول القائمة على برامج الرفاه مثل الدول اال�سكندنافية‪ ،‬مقارنة‬
‫بالدول أالخرى أالفقر يف جمال هذه الربامج مثل الواليات املتحدة‪.‬‬
‫جتعل احلكومات الكبرية النا�س �أكرث انفتاحاً للتغيري‪ :‬يقال ب�أن احلكومة الكبرية ظاهرة �سيئة و�أن‬ ‫ ‬
‫دولة الرفاه قد ظهرت ب�سبب رغبة الفقراء �أن يحيوا حياة �سهلة وبدون جهد وعلى ح�ساب عوائد ال�ضرائب‬
‫‪ 23‬معلومة ال تقال عن الر أ��سمالية ‪109‬‬

‫من أالغنياء‪ .‬وهذا أالمر م�ض ّر باالقت�صاد ويقلل من عوامل الديناميكية التي يتميز بها االقت�صاد أالمريكي‪،‬‬
‫مقارنة باالقت�صادات أالوروبية القائمة على الرفاه‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن الت�صميم اجليد لدولة الرفاه ي�شجع‬
‫النا�س على �أخذ فر�صهم بالعمل‪ .‬وهذا هو �أحد أال�سباب لقلة الطلب على احلماية التجارية يف �أوروبا‬
‫وارتفاعها يف الواليات املتحدة‪ .‬وذلك من خالل قدرة النا�س يف �أوروبا على حماية م�ستوى املعي�شة من‬
‫خالل برامج احلماية �ضد البطالة‪ .‬وي�ست�شهد امل�ؤلف �أي�ضاً بحالة كوريا اجلنوبية التي قللت من �أهمية دولة‬
‫الرفاه بعد �أزمة عام ‪ 1997‬وما ترتب على ذلك من زيادة اخلارجني من �سوق العمل (الهند�سية والفنية‬
‫�أ�سا�ساً)‪ ،‬وهو أالمر الذي حفّز الطلبة على االلتحاق بكليات الطب لتع ّر�ض القطاع ال�صناعي (م�ستوعب‬
‫املهن الهند�سية والفنية) ملزيد من عمل �آليات ال�سوق‪ .‬وي�شري امل�ؤلف �أي�ضاً �إىل ارتفاع معدالت النمو يف‬
‫دول الرفاه (احلكومات الكبرية) مقارنة باحلكومات أالقل رفاه (احلكومات ال�صغرية)‪ .‬رغم عدم تزكيته‬
‫لكافة جتارب دول الرفاه‪.‬‬
‫حاجة أال�سواق املالية ألن تكون �أقل‪ ،‬ولي�س‪� ،‬أكرث كفاءة‪ :‬يقال �أن البلدان التي ح ّررت �أ�سواقها‬ ‫ ‬
‫أ‬
‫املالية مثل الواليات املتحدة و�إيرلندا قد منت خالل العقود الثالث املا�ضية ب�شكل �أف�ضل‪ .‬و�أن الزمات‬
‫املالية يجب �أن ال تكبح جهود التحرير‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن أال�سواق املالية �أ�صبحت كفوءة �أكرث من‬
‫الالزم وب�شكل مفرط من حيث ابتكار أالدوات املالية‪ ،‬وحتقيق أالرباح ال�ضخمة يف أالجل الق�صري‪ .‬كما �أن‬
‫ال�سيولة املرتفعة أل�صول القطاع املايل جعلت حاملي أال�صول املالية ذوي ا�ستجابة �سريعة جداً للتغريات‪.‬‬
‫وهذه اال�ستجابة ال تقارن ب�أي حال من أالحوال‪ ،‬با�ستجابة حاملي أال�صول العينية ل�ضعف درجة �سيولة‬
‫�أ�صولهم‪� .‬أي �أن هناك فجوة يف درجة �سيولة أال�صول ما بني هذين القطاعني‪ :‬أال�صول املالية (يجب) �أن‬
‫تكون �أقل كفاءة‪ .‬وي�شري امل�ؤلف �إىل جتربة �إي�سلندا وكيف و�صلت بها ن�سبة أال�صول املالية �إىل الناجت املحلي‬
‫إالجمايل �إىل ‪ %1000‬عام ‪ ،2007‬وحتولت �إىل �أغنى خام�س بلد �أوروبي يف نف�س العام مقارنة ب�أغنى حادي‬
‫ع�شر بلد عام ‪� .1995‬إال �أن االقت�صاد ان�صهر بعد �أزمة عام ‪ .2008‬وي�ضرب امل�ؤلف �أمثلة م�شابهة من بريطانيا‪،‬‬
‫والواليات املتحدة يف هذا املجال‪ .‬ويرى امل�ؤلف �أنه البد من كبح جماح منو أال�صول املالية ب�شكل غري‬
‫بال�صول العينية وذلك من خالل �ضريبة توبن على �أن�شطة أال�سواق املالية‪ ،‬وحظر البيع ق�صري‬ ‫من�ضبط قيا�ساً أ‬
‫أالجل‪ ،‬ورفع متطلبات الهام�ش (ح�صة أالموال املطلوب دفعها مقدماً عند �شراء أال�سهم) وو�ضع قيود على‬
‫حركة ر�ؤو�س أالموال عرب احلدود خا�صة بالبلدان النامية‪ ،‬على �أن ال يفهم من ذلك �ضغط منو القطاع املايل‬
‫�إىل ال�صفر‪ ،‬بل باالت�ساق مع منو القطاعات احلقيقية‪.‬‬
‫ال تتطلب ال�سيا�سة االقت�صادية اجليدة اقت�صاديني جيدين‪ :‬يقال ب�أن املوظفني احلكوميني غري‬ ‫ ‬
‫م�ؤهلني ل�صياغة وتنفيذ ال�سيا�سات االقت�صادية القائمة على حرية ال�سوق‪ .‬و�أن انتهاج هذه احلرية يحتاج‬
‫لعدد موظفني �أقل‪� .‬إال �أن ما ال يقال �أن من جنحوا يف �إدارة االقت�صادات املتطورة مل يكونوا يف �أغلبهم‬
‫من االقت�صاديني‪ .‬حيث متت �إدارة التجربة اليابانية والكورية اجلنوبية يف ع�صرها الذهبي من قبل موظفني‬
‫بخلفية قانونية �أ�سا�ساً‪ .‬كما ال يقال ب�أن زيادة ا�ستخدام اقت�صاديي ال�سوق ترافقت مع فرتات أالداء ال�سيء‬
‫‪ 110‬أ�حمد الكواز‬

‫والدهى من ذلك ف�إن االقت�صاديني (امل�ؤيدين حلرية ال�سوق) قد �ساهموا م�ساهمة مبا�شرة‬ ‫لالقت�صادات‪ .‬أ‬
‫يف أالزمات املالية بعد عام ‪ 2008‬من خالل تربيرهم إلجراءات التخل�ص من ال�ضوابط التنظيمية لعمل‬
‫أال�سواق املالية‪� .‬إن من �ساهم يف �إنقاذ ما ميكن �إنقاذه بعد �أزمة ‪ 2008‬هو العودة ألفكار اقت�صاديني مثل‬
‫جون مينارد كينز‪ ،‬وجارلز كندبلكر (م�ؤلف كتاب أالزمات املالية)‪ ،‬وهاي مان من�سكي (ذو إال�سهامات‬
‫غري املنت�شرة حول أالزمات املالية)‪ ،‬والقائمة على �ضرورة اال�ستثمارات العينية طويلة أالجل واالبتكارات‬
‫التكنولوجية‪ ،‬وبال�شكل الذي (ينقل) الهيكل إالنتاجي بد ًال من (تو�سيع) الهيكل القائم مثل النفخ يف‬
‫البالونات‪ .‬ولو قام املوظفني احلكوميني يف بلدان �شرق �آ�سيا‪ ،‬بتبني �آراء اقت�صاديي حرية ال�سوق‪ ،‬ملا و�صلت‬
‫هذه البلدان �إىل ما و�صلت �إليه الحقاً‪.‬‬
‫‪ .2‬مالحظات ختامية‬

‫(‪ ) 1‬يهدف هذا الكتاب �إىل التنبيه �إىل �أنه رغم �أن النظام الر�أ�سمايل هو من �أف�ضل أالنظمة إ‬
‫للدارة‬
‫االقت�صادية‪� ،‬إال �أن إال�صرار على �إدارته وفقاً آلراء م�ؤيدو حرية ال�سوق‪ ،‬يعترب �أمراً خطرياً على‬
‫م�ستقبل كافة االقت�صادات املتقدمة والنامية‪ .‬واعتماداً على �إ�سهامات امل�ؤلف ال�سابقة‪ ،‬واحلالية يف‬
‫هذا الكتاب‪ ،‬ف�إن ال�صيغة الر�أ�سمالية التي يدعو لها هي القائمة على دور ف ّعال للدولة‪ ،‬وعالقة �سليمة‬
‫والن�شطة احلقيقية‪ ،‬وتطور تكنولوجي‪ ،‬وبناء م�ؤ�س�سي مالئم للتنمية‪ ،‬وتعليم‬ ‫ما بني منو إالن�شطة املالية أ‬
‫(مالئم) ومرتبط برفع إالنتاجية‪ ،‬وتقييم عمل مدراء ال�شركات على �أ�سا�س قدرتهم التناف�سية ولي�س‬
‫اللجوء للحماية بدون مربر معقول‪ ،‬ومراقبة حركة ر�ؤو�س أالموال عرب احلدود لتت�سق مع الن�شاط‬
‫العيني احلقيقي‪ ،‬وعدم االنبهار ب�آراء اقت�صاديي حرية ال�سوق‪ ،‬وقدرة املوظفني احلكوميني أ‬
‫(الكفاء)‬
‫والبعيدين عن اعتبارات البحث عن الريع‪ ،‬يف �إدارة االقت�صاد على �أ�سا�س من الكفاءة‪ .‬كما و�إن‬
‫الت�ساقط العادل للدخول ال ميكن �ضمانه من خالل تعزيز النمو كهدف رئي�سي‪ ،‬و�أن امل�ساواة يف‬
‫(الفر�ص) لي�س كافياً‪ ،‬بل البد �أن يرافقه م�ساواة يف (الناجت) ل�ضمان ت�ساقط دخول �أقرب للعدالة‪.‬‬
‫و�أخرياً‪ ،‬ولي�س �آخراً‪ ،‬ف�إن حرية ال�سوق لي�ست ح ًال �سحرياً بل البد من دور حكومي ّ‬
‫للحد من‬
‫خيارات ال�سوق امل�ض ّرة بال�شركات وباالقت�صاد القومي‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬هذا الكتاب �شبيه يف هيكله مع كتاب بول بروج‪ ،‬االقت�صاد والتاريخ العاملي‪� :‬أوهام ومتناق�ضات ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫حيث يحاول امل�ؤلف �أن يناق�ش عدد من أالوهام االقت�صادية‪ :‬أالوهام املرتبطة بالك�ساد الكبري لعام‬
‫والوهام املرتبطة أ‬
‫بالثر ال�سلبي‬ ‫والوهام املرتبطة بالع�صر الذهبي للحرية التجارية يف �أوروبا‪ ،‬أ‬
‫‪ ،1929‬أ‬
‫للحماية‪ ،‬ووهم الدور التاريخي للبلدان النامية للتنمية االقت�صادية للغرب (من وجهة نظر امل�ؤلف)‪،‬‬
‫أ‬
‫والوهام املرتبطة باجلذور التاريخية للتخلف والو�ضع احلايل للبلدان النامية‪.‬‬
‫(‪ )3‬يدعو امل�ؤلف‪ ،‬وبحق‪� ،‬إىل دور حكومي يف �إدارة االقت�صاد من خالل التخطيط الت�أ�شريي‪� ،‬أو التخطيط‬
‫القطاعي‪� ،‬أو تخطيط م�شروعات البنية أال�سا�سية‪ ،‬وباتباع و�سائل “اجلزرة” �أحياناً كثرية و “الع�صا”‬
‫‪ 23‬معلومة ال تقال عن الر أ��سمالية ‪111‬‬

‫�إذا ا�ستلزم أالمر‪ .‬ويعرتف بحيادية يف ف�شل بع�ض القطاعات احلكومية (جتربة بريطانيا وفرن�سا يف‬
‫بالمكان‬ ‫�صناعة الكونكورد‪ ،‬و�إندوني�سيا يف �صناعة الطائرات)‪� .‬إال �أن امل�ؤلف مل يو�ضح فيما �إذا كان إ‬
‫انتهاج مثل هذه املقرتحات من قبل كافة البلدان النامية �آنياً‪ ،‬وهل حتتاج هذه البلدان‪ ،‬يف هذه‬
‫احلالة‪� ،‬إىل نوع من �أنواع التخ�ص�ص‪� ،‬أو �أعادة التوطن ال�صناعي‪ ،‬من خالل جهود التعاون إالقليمي؟‬
‫علماً ب�أن �أغلب البلدان النامية ملتزمة حالياً بالتزامات حترير العديد من أال�سواق‪� ،‬سواء من خالل‬
‫اتفاقيات ال�شراكة أالوروبية‪� ،‬أو منظمة التجارة العاملية‪� ،‬أو اتفاقيات مناطق التجارة احلرة‪.‬‬
‫(‪� )4‬إن القول بكفاءة املوظفني احلكوميني يف إالدارة االقت�صادية رغم عدم تعميم امل�ؤلف‪ ،‬يحتاج �إىل‬
‫�أخذه بحذر يف حاالت لي�ست قليلة من البلدان النامية‪ ،‬خا�صة أالقل منواً‪ ،‬حيث ي�ست�شري الف�ساد‬
‫وظاهرة البحث عن الريع‪ .‬وقد تكون احلالة آال�سيوية ال�شرقية حالة م�شجعة �إال �أن توفريها يف حالة‬
‫بقية البلدان النامية حتتاج �إىل ا�ستعدادات م�سبقة �أكرب‪� ،‬سواء من خالل التدريب‪� ،‬أو تفعيل النظام‬
‫الق�ضائي الكفوء ملحاربة الف�ساد‪ ،‬وغريها من املتطلبات‪.‬‬
‫(‪� )5‬إن حدود إال�صالح يف االقت�صاد أالمريكي‪ ،‬خا�صة يف جمال منع تداول املنتجات احلالية غري ال�شفّافة‬
‫(والذي يعترب �إجرا ًء �سليماً كما اقرتح امل�ؤلف)‪� ،‬إال �أنه �صعب عملياً يف حالة هذا االقت�صاد‪ .‬وذلك‬
‫ألن �صياغة �سيا�سة إالدارة االقت�صادية احلالية تتم من خالل العديد ممن على �صلة ب�سوق أالوراق‬
‫والجراءات املنظمة لعمل القطاع امل�صريف ال�صادرة �أثناء �إدارة روزفلت (�أثناء‬ ‫املالية‪ ،‬وول �سرتيت‪ ،‬إ‬
‫فرتة الرئي�س كلينتون)‪� .‬إن ال�سيا�سة أالمريكية �أ�سرية حكم أالق ّلية املالية‪.‬‬
‫(‪ ) 6‬ال ميلك املرء �إال �أن يتفق مع امل�ؤلف من �أن املمار�سات االقت�صادية خالل العقود الثالث املا�ضية قد‬
‫�أ�ض ّرت بالعديد من الب�شر‪.‬‬
‫الهوام�ش‬
‫\‪(1) Bairoch, P., 1993, Economic and World History: Myths and Paradoxes, the University of Chicago Press.‬‬
Journal of Development and Economic Policies, Vol. 13, No. 1 (2011) 31- 56
 Arab Planning Institute

Imputing Monetary Value to Egyptian Females’


Unpaid Domestic and Care Work

Doaa Mahmoud *
May Gadallah *
Abstract

In several cultures, it is believed that women's primary functions are reproductive, domestic and care work
(such as housework, cooking, and caring for children, the elderly, and the sick), while men are the main
breadwinners. This leads to an incomplete picture of women's real contribution to economic life, where
women's unpaid work (especially domestic and care work) is most often being devalued and ignored in
various indicators such as GDP. This underestimates women's role in the work field. Proper valuation of
unpaid work would show that women should also be considered as main breadwinners if the number of hours
worked rather than the money earned is considered. The main objective of this paper is to present a more
realistic picture of the Egyptian women's contribution in the economic and domestic spheres of society by
determining the level of different types of work done by Egyptian women (15- 64 years) and time spent doing
it, and imputing a monetary value of the time spent by women in domestic and care work activities.

‫تقدير القيمة املادية أ‬


‫للعمال املنزلية و أ�عمال العناية‬
‫التي تقوم بها الن�ساء‬
‫دعاء حممود‬
‫مي جاد اهلل‬
‫ملخ�ص‬

‫ بينما يقوم الرجال بالعمل‬،‫يعتقد يف ثقافات خمتلفة أ�ن عمل املر أ�ة هو أالعمال املنزلية والرعاية أللطفال وامل�سنني واملر�ضى‬
‫ حيث‬،‫ ويقود ذلك �إىل �صورة عن املر أ�ة وم�ساهماتها يف احلياة االقت�صادية‬.‫خارج املنزل من أ�جل احل�صول على لقمة العي�ش‬
‫ تقوم هذه الورقة‬.‫يتم جتاهل العمل غري املدفوع للمر أ�ة (وخ�صو�ص ًا عمل املر أ�ة املنزيل) حيث يتم جتاهله أ�و التقليل من قيمته‬
‫ وبذلك تكون الورقة‬.‫ حيث يجب اعتبار هذا العمل كجزء من العمل من أ�جل لقمة العي�ش‬،‫بتقدير القيمة املنا�سبة لعمل املر أ�ة‬
‫ وذلك عن طريق حتديد‬،‫قد أ�عطت تقييم ًا أ�كرث واقعية لعمل املر أ�ة امل�رصية وم�ساهمتها يف االقت�صاد ويف املجال املحلي للمجتمع‬
‫ وو�ضع‬،‫ عام ًا) والوقت الذي ي�ستغرقه القيام بذلك العمل‬64-15( ‫م�ستوى أالنواع املختلفة للعمل الذي تقوم به املر أ�ة امل�رصية‬
.‫قيمة نقدية للوقت الذي تق�ضيه املر أ�ة يف أ�ن�شطة العمل املنزيل والرعاية أال�رسية‬

* D. Mahmoud is a Statistical Researcher in the National Council for Childhood and Motherhood, the state ministry of family
and population, Cairo, Egypt; email: doaa_am@yahoo.com. M. Gadallah is an Assistant Professor at the Department
of Statistics, Faculty of Economics and Political Science,- Cairo University, Cairo, Egypt; email: mayabaza@hotmail.
com. N.B. This paper is part of Mahmoud’s thesis towards a master degree from the Faculty of Economics and Political
Science,- Cairo University, Cairo, Egypt The authors gratefully acknowledge Professor Hussein Abd-Alaziz for his useful
comments and the Population Council for providing the data set used in the analyses. The authors are also grateful to Dr.
Heba El-laithy for her insightful comments on the paper.
32 D. Mahmoud

1. Introduction

Unpaid work may be understood to include all productive activities outside the official labor
market done by individuals for their own households or for others; such as: housework, care for
children and for sick and old people, voluntary community work, subsistence agriculture, helping
in family businesses, building the family house, maintenance work, transport services etc. All of
these activities have one thing in common ─ they could, at least in theory, be replaced by market
goods and paid services (Swiebel, 1999).
Despite the importance of unpaid work, it is largely not considered in labor force and
national accounts. This is mainly due to the difficulty of measuring it, since the outputs of this
kind of work are intangible unpaid services. As a result, it remains statistically invisible and is
generally ignored in economic policies. This has serious consequences on unpaid workers who are
still marginalized by decision makers (Gibb, 1999).

Production Boundaries

Considering any economic activity as being work or not is limited to the production boundaries
which, in turn, is determined by the System of National Accounts (SNA), The SNA(1) consists of
a coherent, consistent and integrated set of macroeconomic accounts; balance sheets and tables
based on a set of internationally agreed concepts, definitions, classifications and accounting rules.
It provides a comprehensive accounting framework within which economic data can be compiled
and presented in a format that is designed for purposes of economic analysis, decision-taking and
policy-making.
Ironmonger (2001)(2) describes the total economy as “a two-legged animal, with a market
leg and a household leg ─ both are necessary for the economy to stand up, to walk and to run”. It
is therefore inappropriate to describe work as only within the limited scope of the SNA production
boundary as economic work. It is also misleading to consider people who do only unpaid household
work (most of it is traditionally undertaken by women) outside the SNA production boundary as
economically inactive. The value of unpaid work has no difference from the value of that work
included within the production boundary of the SNA especially for women (ESCAP and UNDP,
2003).
The latest revision of the United Nation SNA in 1993 has modified the production
boundaries of goods and services. As a result, some economic activities previously excluded from
the narrow SNA boundary have been included as SNA economic activities. These include “water
carrying”, “wood collection”, and the processing of primary products for own final consumption
(milling of grain, basket weaving, home tailoring etc). All of these activities are traditionally
undertaken by women (op cit.).
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 33

The 1993 SNA is better than earlier SNAs in gender terms because it includes subsistent
production, where women often predominate. However, it still does not include all types of work.
In particular, it excludes own-account production of domestic and personal services by members of
the households for their own final consumption (Budlender, 2002).

Measuring Unpaid Work

There are different approaches for measuring unpaid work but the primary ones are:
The Output Method which takes all outputs into account based on the value of all goods
and services produced by the household (quantity x price) at market equivalent prices (ESCAP and
UNDP, 2003).

Figure1. A flow chart of the economic activities according


to the general definition of production

Source: Based on SNA 1993 and ESCAP and UNDP, 2003 ─ modified by the authors.

The Input Methods which are based on the value of labor that is determined by the wage
that would be given to a worker to replace the unpaid worker doing the same work. It includes the
opportunity cost approach and the market replacement cost approaches; (a) the specialist market
replacement; and (b) The generalist market replacement (op cit.)
34 D. Mahmoud

Many countries ─ India, United States, the Republic of Korea, Mongolia, Australia,
Canada, Japan, South Africa, Zimbabwe, China, Ireland to name a few ─ have used these methods
to give a monetary value to unpaid work. However, none, as of yet, is perfect. More work needs to
be done in order to give a real picture to allow policy-makers and governments to fully understand
the importance of unremunerated work Valuating unpaid work in economic terms is part of a
process; including its value in SNA being just a step. The UN Statistical Commission in the 1993
revision of the SNA, recommended the compilation of a satellite account (called the Household
Satellite Account) as an extension of the SNA central framework to show the role of the unpaid
household production (op cit.)

The Household Satellite Account

The United Nation Statistical Commission 1993 and the Fourth World Conference on Women in
Beijing 1995 have both recommended that national statistical offices should prepare a “Household
Satellite” account that is separated from, but consistent with, the main SNA accounts of the market
economy. It would assess the values of unremunerated work outside the national accounts, such
as caring for dependents and preparing food, to recognize the economic contribution of women and
show the unequal distribution of remunerated and unremunerated work between men and women
(Ironmonger, 2001). The satellite account for the household economy should include, in addition to
labor costs, measurements of capital expenditure, intermediate costs of production purchased from
the market and the value of outputs (Hirway, 1999b).
The household production can be measured and analyzed in different ways and
consequently, different satellite accounts may be developed. Several approaches have been
presented by scholars in this context (op cit.) There are four major approaches described below:

• The Household Input Output Tables: Ironmonger (1999) pioneered work in this field
suggesting two major parts of the economic system: (a) The market part and (b) The non-
market part. To include all paid and unpaid work, Ironmonger proposed Household Input-
Output Tables and published the first one in 1975-76 for the Australian household economy.
The proposed Household Input-Output Tables are exactly the satellite accounts that have
been recommended in the 1993 revision of the SNA and in the 1995 Beijing Women’s
Conference (op cit.). They include time, materials, energy and capital in the household
economy.
Based on this approach, Household National Accounts need three types of nationwide
surveys: (a) Household Time-Use Survey; (b) Household Expenditure Survey; and (c) Household
Output Surveys. No country has yet conducted a nation-wide survey of the last type. However,
time-use surveys can collect output data if properly designed (op. cit).
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 35

• The Total Work Account System (TWAS) of Canada: TWAS is from the Canadian Statistics
that attempts to integrate paid and unpaid work. It gives an analytical view of the laws of
paid and unpaid work between different agents in the economy. The basic concept of the
TWAS is “the total productive work” and it has two components: (a) “Work of economic
value” whose output can be purchased in the paid labor market; and (b) “Personal
investment work” which is meant to improve human capital, education and training. The
TWAS combines both by developing innovative concepts, indicators and micro data in an
integrated way. The main feature of the TWAS is that each work activity paid or unpaid is
classified according to the main purpose of the work output (Hirway, 1999b).
• The Household and Resource Satellite Accounts: The value of human resources is not
expressed in monetary unit although their labor input to production is. Arboleda and Ericta
(!999) have presented a framework for a household and human resources satellite account
that is based on the central framework of the 1993 SNA and includes the activities which
are outside the 1993 SNA production boundary. It requires data on the stock of consumer
durables and on the time use of household members in all activities. There is also a need for
an appropriate estimation methodology for valuation of outputs of the different production
activities included in the household satellite accounts (Arboleda and Ericta, 1999 in Hirway,
1999b).
• Satellite Accounts of Household Production under Eurostat(3): In 1999, Eurostat has also
proposed a framework for a household production satellite account to provide an overall
picture of the productive activities undertaken by households and to give an estimate of
the value of non-market household production. The satellite proposes that the household
production should be divided into four principal functions namely: (a) The provision of
housing services, (b) nutrition, (c) clothing and care and education, and finally (d?) activities
like shopping, transportation and cleaning (Hirway, 1999b).
The input method is used for valuation rather than the output method, and time-use
survey data are used for measuring labor costs. The generalist method has been recommended for
valuation. Capital costs are estimated on the basis of the data on household assets (Eurostat, 1999)
All the proposed models for integrating paid and unpaid work in the national accounts system are
considered “work in progress”, as they are in the experimental phase (Hirway, 1999b).

Data Used in Measuring Unpaid Work

Conventional data collection tools such as census of population or labor force surveys are not capable
of providing information on the unpaid non-market activities. Time-use surveys are considered
very useful tools in this context since they provide detailed information on how individuals spend
their time on a daily or weekly basis with a combination of specificity and comprehensiveness
36 D. Mahmoud

not achieved in any other type of surveys (Hirway, 1999a) Well designed standardized time use
surveys can provide a basis for international comparisons of time use.

Situation in Egypt

Women aged 15-64 years constitute 49% of total persons in the age range of 15-64 years in Egypt
(2006 census). However, only 22% of the entire labor-force in this age range is women (Assaad,
2007). This implies that the contribution of females in the work force does not match their size in
the society. However, this picture can be changed according to the concept of work adopted.
The International Labor force Organization (ILO) gives two definitions of the labor force:
(a) The market labor force which includes all those who are either engaged in economic activity for
purposes of market exchange or seeking of work; and (b) The extended labor force which includes
those engaged in “the production and processing of primary products, whether for the market, for
barter, or for their own consumption” (ILO, 1982).
Under the market definition of economic activity, only market work counts as work. In this
context therefore, subsistence workers are considered unemployed. Under the extended definition,
any subsistence work counts as work and subsistence workers are not considered unemployed even
if searching for market work (ESCAP and UNDP, 2003).
In Egypt, the results of the last Egyptian labor market surveys (ELMPS, 2006)(4) conducted
by the Economic Research Forum (ERF) in cooperation with the Central Agency of Public
Mobilization and Statistics (CAPMAS) show that using different definitions of the labor force and
unemployment is particularly significant for women in Egypt, as seen in the following table:

Table 1. The Labor Force in Egypt, 2006


  Market Definition Extended Definition
Labor Force (millions) 22.3 26.8
Labor Force Participation Rates for Working Age Population (15-64)(5):
Male 78.5 78.9
Female 26.9 45.9
Source: Assaad (2007).

From Table 1, it may be noted that using the extended definition of the labor force almost
doubles the female participation rate (45.9 versus 26.9 with market definition). By using the
extended definition, any subsistent work counts as work and many Egyptian women are involved in
that kind of work (such as: animal husbandry and dairy products for household consumption), while
using the market labor force definition excludes all of these women (Assaad, 2007). For males,
there is almost no significant difference in participation rate in either the extended or the market
labor force definition.
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 37

It is clear that using different definitions of work and labor force dramatically changes the
number of economically active women. Looking at the part of unpaid work that is excluded from
the SNA for women, may change the real contribution of women in society. Imputing a monetary
value of this type of work may help in presenting realistic women participation.

2. Data

The data used are from the nationally representative Egypt Labor Market Panel Survey 2006
(ELMPS, 2006) It covers the civilian non-institutionalized population 6 years of age and above,
conducted on a sample of 37140 individuals. Excluded from the survey>s coverage are the
residents of the five frontier governorates of North Sinai, Matrouh, Red Sea, New Valley, and
South Sinai. These represent an exclusion of less than 2%. ELMPS 2006 is not a time-use survey
but the questions on domestic work in Section 4.3 Subsistence and Domestic Work in the individual
questionnaire, investigate time spent on various domestic chores during the past 7 days. The
questions in this section are applied to all females (6 years and older) and males aged 617-. Only
the last question of the section allows for the activity (child care) to be done simultaneously with
other activities (Barsoum, 2007).
Section 4.3 of the ELMPS contains 14 activities which are done for the purpose of the
household own consumption in the seven days before the survey. These activities may be grouped as
follows:

Figure 2. The activities of subsistence and domestic work section in ELMPS 2006.

Source: Based on Barsoum (2007) and ERF, ELMPS (2006).


38 D. Mahmoud

The activity in the last group (Figure 2) is a simultaneous activity, and this type of
activities is dealt with in different ways. The United Nations has made a guide about time-use
statistics and measuring unpaid work in 2005 which states that “there are no practical satisfactory
approaches of measuring time spent in simultaneous activities and further research is needed on
this issue”. The guide describes some methods that may be considered (Dept of Economic and
Social Affairs, Statistics Division, United Nations, 2003). However, these methods are based on
the assumption that simultaneous activities are specified in the data, which is not provided in data
set used in this paper. Therefore the last activity is excluded in the analyses. The paper is focused
on the analysis of the domestic and care work activities which represents the unpaid work out of
SNA(5).
The target group in this paper is comprised of females aged 1564- years who responded to
the questions on domestic and care activities (12000 females). The rationale for focusing on this
group is to be comparable to the definition of labor force age that can be involved in paid work.
The following figure shows how the target group is derived from the whole sample survey:

Figure 3. The target group.

Source: Based on Barsoum (2007) and ERF, ELMPS (2006).


Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 39

3. Methodology
Generally, imputing a monetary value for unpaid work activities depends on the valuation of the unit of
work and the wage rates for this unit. The general formula for computing that value of an individual is:

Value of unpaid work = volume of work done x wage rate (Equation 1)

At the aggregated level, the formula is:

Value of unpaid work = average volume of work done x average wage rate x number
of persons involved
(Equation 2)

The volume of unpaid work could be in terms of the output units or time units spent in
producing the output. Similarly, the wage rate (price for a unit of work) could be in terms of the
wage paid by output units or by time spent. The measurement would depend upon the prevailing
practices in the economy of a country. The common approaches used in the valuation are the
output approach and the input approach (ESCAP and UNDP, 2003).

Output Approach

This approach would be applicable in economies where household and domestic productions are
paid based on the units of output. The valuation of unpaid work in this approach needs data on
the output of the unpaid work such as the number of meals prepared, items of clothing washed and
ironed, area of house cleaned, children taught, number of elderly given care etc. This approach
also needs data on the wage rate per unit of output, such as the labor charge for each meal prepared,
charge per item of clothing washed and ironed number of children tutored, payment for each elderly
person given care (ESCAP and UNDP, 2003).
The output method is theoretically superior, but unfortunately, it is difficult to be applied
if the goods and services produced are not sold on the market (Swiebel, 1999).

Input Approach

This approach is applicable for household and personal services for which individuals are paid by
the time spent, depending upon the country practice of payment for those activities such as: taking
care of children and the elderly, transporting household members, teaching children, cleaning
and other similar activities. This approach is also applicable to volunteer work in non-profit
institutions (op cit.)
40 D. Mahmoud

The input approaches value household production as the sum of all values of its inputs
which include labor inputs (time-use) and the use of physical capital (the land, dwellings and
equipment owned by households). However, time-use surveys only provide information on time-
use; so that, the valuation methods in practice do not take into account the value of the physical
capital used by households in non-market production (Budlender, 2002).
The output method measures the values of the goods produced while the input method
measures the burden (which is the major concern in unpaid work). Thus, input measures are
commonly used in the valuation of unpaid work for household production of domestic and personal
services for own consumption (Swiebel, 1999).
Consequently, the current paper concentrates on the input methods to impute a value to
the unpaid domestic and care work done by women.
There are two broad approaches in applying the input methods to evaluate the wages: the
opportunity cost and the market replacement cost:
The Opportunity Cost Approach (OCA). The opportunity cost approach is based on the
potential wage that the person would earn in the market. The most common wage used in this
method is the potential wage of the person based on sex, educational level and age, i.e. the valuation
will change depending upon who is engaged in the unpaid work (ESCAP and UNDP, 2003). Under
this approach, several variations are used:

• OCA1 ─ Time spent and wage rates are disaggregated according to age only;
• OCA2 ─ Time spent and wage rates are disaggregated according to age and education
level;
• OCA3 ─ Female wage rate is based on the male wage rate, i.e. applying men's wage to
women's unpaid work.

In the last method (OCA3), men's wage is used because applying women's wage to women's
unpaid work would reflect the gender difference in wage in the labor market in the economic
evaluation of unpaid work, resulting in under-evaluation of the value of unpaid work (Hong, 2001).
The Opportunity Cost Approach assumes that the worker has a job opportunity in the
paid labor market and that compensation is based on the worker’s qualification or possible paid
employment instead of the type of work done. This means that it uses different wages for the same
activity when the work is performed by different people. For example, the time spent cooking a
meal by a university graduate has more value than the same time spent by someone without formal
schooling doing the same activity, even if that person is a better cook (ESCAP and UNDP, 2003).
The Market Replacement Cost Approach (MR). Two types of wage rates – Specialist and
Generalist – have been commonly used in the valuation of unpaid work of domestic and personal
services, using the market replacement cost approach [(op cit.)
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 41

• Market Replacement - Specialist (MR-S). The value of unpaid work for a specific activity
is equal to the compensation or wage rate of a specialist engaged in this activity multiplied
by the time spent on the activity. MR-S is based on the activity associated with the
job by occupational classification and the corresponding wage rate of the particular job
classification. For example, time spent on cooking activities could be valued at the wage
of a paid chef or cook, and time spent on cleaning activities could be valued at the wage of
a paid cleaner. This approach assumes that: (a) The quality of work or productivity of the
person engaged in the unpaid work is the same as that of the specialist; (b) The particular
specialist is available in the market; and (c) The household production of domestic and
personal services for own consumption has the same capital intensity as that in the
market.
• Market Replacement - Generalist (MR-G). This approach is based on the wage of the
domestic paid worker under the country classification (for example, the wage rate of a
housekeeper, or housework or food service worker). This approach assumes that there are
available workers in the market and their work is similar to that of a domestic worker.

A general formula that may be used to estimate the aggregate value of the unpaid work
using the input approach is:

Value of unpaid work = Σ T*W*P (Equation 3)

where T = average time spent for the type of work, activity or job
W = average wage rate per unit of time for work, activity or job
P = estimated population engaged in the work, activity or job

In most countries that have done the calculations such as the Republic of Korea, India,
Canada, Japan and the United States of America, the OCA gives the highest values; the MR-G
Approach gives the lowest values and the MR-S Approach gives a medium value between them
(ESCAP and UNDP, 2003). This is because wages of occupations of housework employees used
under the RC Approaches are lower than those of other types of jobs that are used under the OCA.
Consequently, assessed value under the RC Approaches tends to be lower than that obtained under
the OCA (Fukami, 1998).
The differences between the values from the different approaches become particularly
big where there are large inequalities in wages and salaries in the economy. This is the situation
in many countries (ESCAP and UNDP, 2003).
42 D. Mahmoud

4. Results
Different Types of Work by Egyptian Women and Time Spent

This section concentrates on the distribution of the target group of women aged 1564- years
according to the different types of work they do and how much time they spend in each type.
Results exclude women with time more than 98 hours per week (outliers> cases)(6).
The following are considered in the paper:

1. A woman is considered a paid worker if her employment status is waged employee, employer
or self-employed(7) in the reference week.
2. A woman is an unpaid worker within SNA if she does at least one of the activities of unpaid
work that fall within SNA either for sale or for consumption(8) in the reference week.
3. A woman is an unpaid worker out of SNA if she does at least one of the activities of unpaid
work that fall out of SNA (9) in the reference week.
4. A woman is considered to be doing unpaid work if she does only unpaid work within SNA or
out of SNA or both in the reference week.

Table 2. Distribution of Women According to Type of Work and Average Time Spent
Type of work % Ave time (hr/wk)
Women do only paid work 0.8 53.4

Women do only unpaid work: 78.9

• Do only unpaid work within SNA 0.6 11.1


• Do only unpaid work out of
53.6 32.7
SNA*
• Do both (within & out) SNA 24.7 43.2

Women do both paid and unpaid work 13.8 69.7

Don>t do any type of work 6.5 0

Total 100.0 38.8

* N.B. Work out of SNA is the domestic and care work


Source: Based on authors’ calculations using ERF, ELMPS (2006)

About 92% of women are engaged in domestic and care work, either exclusively or
combined with unpaid work within SNA, or combined with paid work. A group of women (about
14%) is engaged in both types of work; paid and unpaid. Hence, they spend large amounts of hours
working (about 70 hours per week). This group of women is doubled burdened, and this may affect
their opportunities of better life, their health and even their well-being. Finally, there is a group of
women (6.5%) who don>t do any type of work; they are mainly young girls at school (Table 5).
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 43

It is also clear that the time the women spend in unpaid work out of SNA (about 33 hours)
is approximately three times of the time they spend in unpaid work within SNA (11 hours). This
means that unpaid work out SNA (which is not included in the National Accounts) takes more time
in women’s life than the other type of unpaid work (which is included in the National Accounts).

Table 3. Women Involved in Domestic and Care Work and the Average
Time Spent in each Activity per Week
Activity %* Average time (hr/wk)
Cooking 84.8 8.7
Dish washing 86.8 6.1
Doing laundry 84.1 6.3
Cleaning house 85.5 6.5
Shopping 57.6 5.2
Help in construction 0.5 6.9
Elderly/sick care 8.8 9.4
Child care 34.0 17.9
*N.B. Each female can do more than one activity
Source: Based on authors’ calculations using ERF, ELMPS (2006)

Table 4 presents the different domestic work Egyptian women engage in. While most
women are washing dishes, cleaning house, cooking or doing laundry, child care takes the longest
hours.

Table 4. Distribution According to Type of Work (%)*

Type of work
Domestic
Only
Variable Only and unpaid Domestic Don>t
domestic All
paid work and paid do any
and care work
work within work work
work
SNA
Residence
Urban 1.0 65.6 9.6 15.7 1.5 6.6
Rural 0.6 39.8 43.2 5.2 4.5 6.7
6.5
Total 0.8 53.6 24.7 10.9 2.8
Age Groups
15-24 1.0 59.3 20.7 5.0 0.8 13.1
25-34 1.0 56.9 25.6 12.8 2.8 0.9
35-44 0.2 44.3 30.0 19.1 5.8 0.5
45-54 0.6 44.8 29.5 16.8 5.5 2.7
10.9
55-64 0.6 55.9 23.5 7.4 1.8
Total 0.8 53.6 24.7 10.9 2.8 6.5
44 D. Mahmoud

Table 4 continued ...

Type of work
Domestic
Only
Variable Only and unpaid Domestic Don>t
domestic All
paid work and paid do any
and care work
work within work work
work
SNA
Wealth Index 1
Poor 0.9 39.3 45.2 4.6 4.5 5.5
Middle 0.8 56.5 23.4 10.0 2.6 6.6
8.2
Rich 0.5 60.0 4.7 24.9 1.7
6.5
Total 0.8 53.6 24.7 10.9 2.8
Educ Status
Illiterate 0.5 44.8 39.2 2.6 3.5 9.4
Read or write 0.4 43.0 45.0 3.1 5.0 3.5
Primary 0.4 58.9 31.3 4.1 2.0 3.2
Preparatory 0.7 62.3 23.0 3.9 0.8 9.3
General Secondary 0.2 59.2 9.7 2.0 0.2 28.7

Tech Secondary 3&5 years 1.2 57.6 18.3 15.2 3.0 4.6

Above intermediate 0.7 61.8 6.7 22.1 3.3 5.5


University 1.4 54.1 5.4 29.4 1.7 8.0
8.3
Post graduate 8.3 66.7 16.7
6.5
Total 0.8 53.6 24.7 10.9 2.8
Marital Status
Not married 2 2.1 54.0 16.2 9.6 0.9 17.3
Currently married 0.1 54.6 29.5 11.2 3.5 1.1
8.9
Married before 3
1.3 49.5 22.1 13.6 4.7
6.5
Total 0.8 53.6 24.7 10.9 2.8
Children
Have children 0.2 51.2 29.5 13.6 5.2 0.2
Have no children 1.7 55.1 17.3 10.2 1.2 14.1
6.5
Total 0.8 53.6 24.7 10.9 2.8
1
It is a proxy variable for wealth (asset ownership) of the household where the females live. It is constructed using
“the factor analysis”. The wealth variable is a combination of three types of indicators: durable goods, housing
assets, and financial assets. Durables include indicators such as: fridge, freezer, TV, etc. Housing assets include:
flooring types, number of rooms, and access to electricity, etc. Financial assets refer to dividends on assets or interest
on bank account (El-Hamidi, 2003). The indicator range is then divided by 3 (3 classes), and the class of minimum
values represents the lower case “poor” and so on.
2
Not married includes women who never married and are contractually married
3
Married before includes widowed and divorced women.
Source: Based on authors’ calculations using ELMPS (2006)
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 45

Table 5 presents the following:


Place of Residence. About two thirds of the urban females are involved in domestic work
only, compared to only around 40% of the rural females, who are more involved in both domestic
and unpaid work (within SNA) for the family.
Age group. While the participation in paid work increases for the middle aged females,
this does imply a decrease in participation in domestic work. This means double burden, as both
works are done combined. Older women have higher chances of relaxing from any work effort.
Wealth index. Females of high standard of living are more likely to be engaged only in
domestic work. Although there is an increase in doing paid work among those females (around 27%
of them), still it has to be combined with domestic work (around 25%). Females with low standard
of living are more involved in unpaid work within SNA in addition to the domestic work with about
45%, while around 4.5% of those females have to do all kinds of work.
Educational status. Low educated females are more likely to be involved in domestic
and unpaid work within SNA. As education gets higher, the percentage of doing only domestic
work increases to 59%, 62% (primary and preparatory, respectively). About one third of girls who
are in general secondary (thanaweya), are kept out of all work, in order to study. Finally, as the
education gets higher, females start to be more engaged in paid work, but again, combined with the
domestic (around one fourth of them).
Marital status. Interestingly, the percentages of females, who are not engaged in any
work, increases for those who are not married (17%) and probably are in schools, and the married
before (9%) probably are old women.. But the rest of women are either engaged in paid or unpaid
work within SNA beside the domestic work, or only in domestic work by around half of them.
Having children. As having children decreases the possibility of getting engaged in paid
work only or not doing any type of work (0.2%), it increases the possibility of staying home and
doing domestic work even if combined with other types of work; females who have children and do
domestic work combined with other types of work are 48.3%, compared with 28.7% of females who
don>t have children.
The following figure represents the distribution of time the females spend in different
types of work according to the previous characteristics.
Based on Figure 4, women who do any type of work may be divided into three groups:
Group 1 ─ Females do only domestic and care work. Females who spend more time in this
type of work are urban residents with middle standard of living, (2534- years old) with technical
secondary educational level, currently married and have children.
Group 2 ─ Females do domestic and care work and other types of work. Females
who spend more time in this type of work are rich urban residents, (2534- years old) with above
intermediate educational level, currently married and have children.
46 D. Mahmoud

Figure 4. Average hours per week spent by females for each type of work.

Source: Based on authors’ calculations using ERF, ELMPS (2006)

Group 3 ─ Females do only paid work. Females who spend more time in this type of work
are urban residents with middle standard of living, 1524- years old and 5564- years old, with above
intermediate educational level, married before or not married and don>t have children.
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 47

The characteristics of females in Groups 1 and 2 are similar. This is mainly due to the
fact that domestic and care work is related to some familiar characteristics of women: the age range
corresponds to the reproductive period (1549-) years, getting married and having children. Thus,
females with these characteristics are expected to spend more time in doing this type of work,
whether doing it only or with other types of work. For example; females who have children spend
time in doing domestic work only (43.5 hours per week). This is twice the time spent by females who
do not have children (21.3 hrs). The main difference between the two groups lies on the educational
level. This is mainly because Group 2 includes paid work which is occupied by higher educational
levels. It is interesting to note that rich females have the most number of hours doing domestic and
other types of work.
For Group 3, it is expected of females with such characteristics that allow them to do
only paid work to spend more time doing it only. Since females with fewer responsibilities in their
families ─ not currently married females; do not have children; or 5564- years old where their load
of housework is reduced since their children are grown up and married; or females who have to do
this type of work such as poor or middle females ─ they are expected to spend more time doing
paid work only.

5. Imputing Monetary Value on the Time Spent in Domestic


and Care Work Activities
It is imperative to clarify the economic value of housework (based on Equation 3) and its burden
on women in a form that allows comparison with other economic indicators, because women play a
major role in such activities.
As already pointed out, the target group is comprised of females aged 1564- years that do
domestic and care work and spend time not greater than 98 hours per week doing. The 1993 SNA
production boundary excludes the household production of domestic and personal services for own
use (domestic and care work) for many reasons. One of them is that inclusion of these types of
activities would imply that all these persons would be considered workers. Consequently, this makes
the definition of unemployment definition impossible (ESCAP and UNDP, 2003). Hence, a minimum
level of time spent in these activities should be considered.
The ILO report on decent work for domestic workers (2010) includes a section on laws and
regulations of this employment. Some countries restrict the coverage of domestic workers in terms
of the duration of employment. An example is Argentina which excludes any domestic worker from
employment legislation who works less than four hours per day for the same employer with one rest
day per week. Finland excludes domestic workers whose regular hours for the same employer do
not exceed three hours per day with one rest day per week. Therefore, a minimum level of 18 or 24
hours per week should be considered.
48 D. Mahmoud

Components Needed to Compute the Monetary Value

• Time Spent for an Activity per Week. This may be directly taken from ELMPS (2006) as
follows: «Section 4.3 Subsistence and Domestic Work» of the individual questionnaire ─ the
eight respective activities of domestic and care work: cooking; washing dishes; doing laundry
and ironing; cleaning house; shopping for food and clothing; helping in construction work
for the household house; caring for the sick or the elderly; and taking care of children.
• Number of Females Engaged in the Activity may be estimated for the whole population based on
the same ELMPS survey (2006) by weighting, where the survey is nationally representative.
• Wage per Hour can be obtained using two procedures:
o Procedure 1: Using Published Data of Wages at the National Level. The Annual Bulletin
of Wages and Hours Work published by the CAPMAS (2005) is used. The monetary value
of domestic and care work may be computed using three different types of wages based
on the three approaches: (a) OCA3(10) since the average wage used in OCA3 is the male
average wage of £E2.86(11) per hour; (b) MR-G since the average wage used in MR-G is the
average wage rate for female housework servant shaghalla (£E1.62 per hour); and (c) MR-
S since the average wages used in MR-S are the female average wages of the corresponding
occupations to the eight respective activities of the domestic and care work.

Table 6 shows these corresponding occupations and its average wage rates per hour for females.

Table 5. Average Wage of Some Occupations (£E?)


Corresponding Average wage rate (£E/
Type of activity
occupation* hour)
Cooking Cook in house 2.23
Dish washing Dish washing worker 1.77
Laundry/ironing Laundryman/iron man 1.21
House cleaning Building cleaning 5.98
Shopping Janitor 0.00
Construction Construction worker 3.06
Elderly/sick care Companies 12.71
Child care Baby sitter 1.15
*N.B. Many countries such as Japan and Canada use these corresponding occupations (Dept of Economic and
Social Affairs, Statistics Division of the United Nations, 2005)
Source: The Arabic Union Classification for Jobs 1996, CAPMAS (1996) and CAPMAS, 2005

The results of using these wages are presented in Table 7 in three cases: (a) when minimum
number of hours of domestic work is not considered; (b) when 18 hours per week as a minimum level
is used; and finally (c) when 24 hours per week is used as the minimum hours.
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 49

Table 6. Monetary Value of Domestic and Care Work per Year (£E)
in Comparison with GDP (Procedure 1)

GDP-2005/2006* OCA3 MR-G MR-S


Time less than 98 hrs/wk
Value of the domestic and care work whether done by itself only or combined with other types of work
Annual value 97.890 55.448 85.8
581.1
billions** (97.874 - 97.906) (55.439 – 55.457) (85.827 – 85.862)
As % of GDP 17 10 15
Value of the domestic and care work that is done by itself only
52.614 29.802 46.402
Annual value billions 581.1
(52.602 – 52.626) (29.796 – 29.809) (46.389 – 46.415)
As % of GDP 9 5 8
Time 18-98 hrs/wk
Value of the domestic and care work whether done by itself only or combined with other types of work
89.686 50.801 78.378
Annual value billions 581.1
(89.666 – 89.706) (50.790 – 50.812) (78.354 – 78.403)
As % of GDP 15 9 13
Value of the domestic and care work that is done by itself only
47.967 27.170 42.025
Annual value billions 581.1
(47.952 – 47.982) (27.162 – 27.179) (42.006 – 42.043)
As % of GDP 8 5 7
Time 24-98 hrs/wk
Value of the domestic and care work whether done by itself only or combined with other types of work
81.961 46.426 71.513
Annual value billions 581.1
(81.944 - 81.978) (46.416 – 46.436) (71.490 – 71.535)
As % of GDP 14 8 12
Value of the domestic and care work that is done by itself only
43.960 24.900 38.386
Annual value billions 581.1
(43.947 – 43.972) (24.893 – 24.907) (38.369 – 38.403)
As % of GDP 8 4 7
* GDP is the Gross Domestic Product at Factor Production Cost in current prices (£E1.0 = US$0.16)
** The estimated annual value is followed by an interval that represents the 95% confidence interval considering the sampling
standard errors of the estimated variables using this sample.
Source: CAPMAS, The Annual Statistical Book 20062007/ .

Procedure 2: Using the Current Data. This procedure may be used to get the wage rates
of the Opportunity Cost Approaches(12) ─ OCA1, OCA2 and OCA3. The wage rate used in OCA3 is
the male wage rate and this can be directly calculated from the data (£E3.3 /hr). Data used in this
paper from ELMPS (2006) have wealth information on job characteristics, mobility, earnings, wages,
household’s socio-economic characteristics, demographic characteristics, family enterprises and
women’s status and work. This information can provide many estimates. For example, wages of
females> waged workers may be used to get estimated wages for females with no wages depending
50 D. Mahmoud

on some specific characteristics. This is the main concept used to compute the wage rates of OCA1
and OCA2 methods.
Two regression models on the natural logarithm of wage can be done in the form of:

Ln wi =α + βi xi +εi,(13) (Equation 4)

where ln (wi) is the natural logarithm of the observed wage rate for individual i, εi is the
error term and xi>s are the independent variables representing the characteristics of individual i
(these two methods being based on the two main variables of age and educational level).
The First Model is performed for females (1564- years) who do paid work and have wage,
and it estimates the parameters βi’s using OLS.
The Second Model is done for females (1564- years) who do domestic and care work to
predict the values of wage rate based on the parameters resulting from the first model.
These two models are done for both methods OCA1 and OCA2, where:

• OCA1: The wage rate used is based on age only; so that, the two regression models contain
one independent variable, i.e. age.
• OCA2: The wage rate used is based on age and educational level, so that, the two regression
models contain two independent variables ─ age and educational level.

The results of using the wages predicted from this procedure are shown in Table 7.

Table 7. Monetary Value of Domestic and Care Work/Yr (£E) and Comparison with GDP (Procedure 2)
GDP-
OCA1 OCA2 OCA3
2005/2006*
Time less than 98 hrs/wk
Value of the domestic and care work whether done by itself only or combined with other types of work
72.840 54.361 112.950
Annual value billions 581.1
(72.823 – 72.857) (54.347 – 54.374) (112.932 – 112.969)
As % of GDP 13 9 19
Value of the domestic and care work that is done by itself only
37.303 28.222 60.708
Annual value billions 581.1
(37.291 – 37.316) (28.212 – 28.232) (60.695 – 60.722)
As % of GDP 6 5 10
Time 18-98 hrs/wk
Value of the domestic and care work whether done by itself only or combined with other types of work
66.411 49.718 103.484
Annual value billions 581.1
(66.386 – 66.435) (49.698 – 49.737) (103.461 – 103.507)
As % of GDP 11 9 18
Value of the domestic and care work that is done by itself only
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 51

Table 7 continued ...


34.090 25.813 55.347
Annual value billions 581.1
(34.071 – 34.108) (25.799 – 25.828) (55.330 – 55.364)
As % of GDP 6 4 10
Time 24-98 hrs/wk
Value of the domestic and care work whether done by itself only or combined with other types of work
59.798 45.094 94.571
Annual value billions 581.1
(59.775 – 59.822) (45.075 – 45.113) (94.552 – 94.591)
As % of GDP 10 8 16
Value of the domestic and care work that is done by itself only
30.318 23.641 50.723
Annual value billions 581.1
(30.795 – 30.831) (23.448 – 23.475) (50.708 – 50.737)
As % of GDP 5 4 9

* GDP is the Gross Domestic Product at Factor Production Cost in current prices (£E1.00 = US$0.16)
** The estimated annual value is followed by an interval that represents the 95% confidence interval considering the sampling
standard errors of the estimated variables using this sample.
Source: CAPMAS, The Annual Statistical Book, 2006/2007

6. Conclusion
At the national level, for women who do domestic and care work (whether done by itself or combined
with other types of work), the total assessed value of their domestic and care work varies between
£E45 to 113 billion, accounting for about 8% - 19% of GDP. If women are considered who do only
domestic and care work, the corresponding assessed value of their domestic and care work amounts
to approximately £E23 to 60 billion, accounting for about 4% - 10% of GDP.
This means that females who do domestic and care work (whether by itself or combined
with other work) are actually doing a type of work that has a considerable value ─ if valuated in
monetary term ─ and it forms a considerable percentage of GDP. Hence, these females should not
be neglected when planning national policies. Their contributions should not be overlooked and
must be given the consideration that is rightly due.
From Tables 7 and 8, it is clear that the higher the considered minimum hours are, the lower
the estimated values are and consequently their percentages of GDP. The results are consistent
with international reports; the use of the Opportunity Cost Method based on the average hourly
wages for occupations leads to the highest values; and the Generalist Replacement Cost Method
based on the average hourly wages for housekeepers gives the lowest values. On the other hand,
the Specialist Approach yields nearly a medium value between them.
In Procedure 2, predicting the females’ wage ─ for those females with missing wages
─ has been calculated by simply using the concepts of the approaches OCA1, OCA2 and OCA3
regardless of any other factors that may affect the wages. This prediction would be acceptable
provided that:
52 D. Mahmoud

• The missing wages are completely random


• The model of prediction contains most of wage determinants as possible as the data
permit.

In fact, the missing wages are not a random sample where the decision to work or not
is made by the woman. Some women who would earn low wages may choose not to work and
this forms missing wages. Thus, non-working women constitute a self-selected sample and not
a random sample. This may lead to an overestimation of the wages of women in the population.
Consequently, there is a need to use information available on non-working women such as the
factors of marriage and having children.
Additionally, there are some factors that should be taken into consideration when
predicting missing wages such as: the place of residence and experience. Using the Heckman
Selection Model may be the solution. The Heckman Selection Model is a two equation model: the
regression model and the selection model. The Heckman Selection Model allows using information
from non-working women to improve the estimates of the parameters in the regression model.(14)

7. Policy Implication
According to the ESCAP and UNDP report (2003), to make the role of those women who do unpaid
domestic and care work more visible in the national economy, further studies about imputing a
monetary value for unpaid work are necessary which requires:

• Dealing with the lack of needed data and statistics about unpaid work (for both men and
women) by conducting comprehensive time-use surveys or including time-use questions in
household surveys on a regular basis. The type and frequency of time-use surveys may be
decided on country-basis on available funding. National Statistic Offices and behind them
the government ministries, have a central role to play in this respect;
• Using standardized concepts and definition of unpaid work;
• Adopting the standardized activity classifications to local situations;
• Determining the minimum hours of domestic work to consider an individual or worker
included in the National Accounts. The ILO Governing Body has agreed to place an item
on decent work for domestic workers on the agenda of the 99th Session of the International
Labor Conference (2010) with the view to the setting of labor standards;
• Compiling a satellite account where unpaid work can be reflected.

This paper shows that that monetary value of domestic and care work of Egyptian women
(1564- years) constitutes a considerable weight of GDP and most women do this type of work and
spend a considerable amount of time doing it. This means that the needs and interest of those
women should be taken into account when planning policies, that may be done by:
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 53

• Increasing the awareness of the great social importance of unpaid work and its contribution
to the welfare of society. It is also critical to shed light on unpaid workers, especially
women because they do the most;
• The term “economically active” should be reconsidered for Egyptian women, as low
labor force participation of Egyptian women leads to the marginalizing their economic
contribution. Since considering women, who do only domestic and care work as “not
economically active” is inappropriate; where their ability to engage economically is often
limited by their heavy responsibility in home.
• Looking for some programs or policies that can help those who have to withdraw from
the labor market for any reason such as taking care of children. If women try to re-enter
the labor market after a few years of childbearing, they might not have equal access to
employment opportunities;
• When planning national policies, some important indicators of time allocation, that reflect
the equal/unequal access of men and women to development opportunities should be
considered such as:
o Total time spent by men and women on SNA and non-SNA activities per week;
o The share of unpaid work in the total work performed by men and women per week;
o Time spent on multiple simultaneous activities per week that may lead to stress;
o Personal time per week enjoyed by men and women; and
o Time spent by children on SNA activities.

8.Further Research
• In Egypt, time-use surveys need to be taken into account by statistical offices. They
should work on different ways of constructing this type of survey based on other countries'
experiences in this field, e.g. Korea, Japan and Australia. When constructing time-use
surveys, international classifications such as the United Nations Classification and Eurostat
Classification should be taken into account.
• The currently common methods of imputing a monetary value to unpaid work (input and
output methods) need further research to tackle the challenges and disadvantages. Methods
dealing with simultaneous activities are not yet feasibly applicable and need harder work to
be taken into account when dealing with unpaid activities.
• Further in-depth analysis is needed in studying the time allocation of Egyptian women to
understand determinants of their time use.
• Other activities should be studied as well, such as tutoring children and time spent in leisure
activities, for both women and men.
54 D. Mahmoud

Footnotes
(1) The SNA is a conceptual framework that sets the international statistical standard for the measurement of the market
economy. It is published jointly by the United Nations, the Commission of the European Communities, the International
Monetary Fund, the Organization for Economic Co-operation and Development, and the World Bank. The first SNA was
published in 1953 followed by the first revision in 1960 and second revision in 1964. The scope of the national accounts is
extended in 1968 and SNA 1993 comes to harmonize the SNA and other international statistical standards more completely than
in previous versions. Finally, there are some updates in 2008.
(2) Ironmonger has done some pioneering work in the field of valuation of unpaid work and he published the first input-output
table in 1975-76 for the Australian household economy. This input-output table represents the core of the household satellite
account (Hirway, 1999b)
(3) Eurostat is the statistical office of the European Union situated in Luxembourg. Its task is to provide the European Union
with statistics at European level that enable comparisons between countries and regions. In 1999, it conducted a project to
develop a harmonized satellite system of household production to evaluate the quality of the data from the time use pilot
survey and its applicability to the calculation of unpaid household labor. (http://epp.eurostat.ec.europa.eu/portal/page/portal/
about_eurostat/corporate/introduction).
(4) The 2006 Egypt Labor Market Panel Survey (ELMPS) is nationally representative and collected a wealth of information on
employment and unemployment in Egypt. It was conducted by the Economic Research Forum (ERF) in cooperation with the
CAPMAS with the support of USAID- Egypt and the Ford Foundation.
(5) Labor force participation rate = Labor Force / Adult population (1564-) x 100[(Dept of Economic and Social Affairs,
Statistics Division of the United Nations, 2005).
(6) Figure 1 shows that the unpaid work out of SNA includes domestic work, care work and volunteer work. In this paper, the
data used have no information about volunteer work, so, the unpaid work out of SNA here refers solely to domestic and care
work.
(7) Both men and women need to spend time in various activities in order to sustain their basic biological functions. It is very
difficult to define how much time this should be. On the average, a typical adult is recommended to sleep for eight hours a day
(Ting and Malhotra, 2005; Heslopa et al. 2002) and to this should be added time for other self-care activities. As a reference,
the average time for personal care and nutrition in Thailand is 2.3 hours a day and in the United States, it is 2.02 hours (NSOT,
2001; USBLS, 2004). Therefore, it is reasonable to assume that, on the average, at least 10 hours per day or 70 hours per week
are needed to maintain a person’s biological functioning. Taking this into consideration, the maximum time available for work
in a week is set to be 98 hours, discounting the 70 hours from 168 hours in one week (Medeiros et al., 2007).
(8) «An individual is said to be engaged in a paid work activity if the individual receives compensation or remuneration, in cash
or in kind, for the work done. Labor input into activities within the SNA production boundary has corresponding compensation,
regardless of whether the worker is actually paid or not. Compensation may be in the form of wages and salaries, commission
from sales, payments by piece rate, bonuses or in-kind payment such as food, housing or training» (ESCAP and UNDP, 2003,
Statistics Division, UN, 2005).
(9) It includes the activities of primary production of goods and services (agricultural activities, raising poultry/livestock,
collecting water and collecting firewood or other fuel), the activities of non primary production of goods and services
(producing ghee/butter/cheese, preparing food ─ e.g. vegetables, sewing/embroidery/crochet; producing hey products/carpets/
textile/ropes; offering services for others in a house/shop/hotel; selling goods in the market/in the street/at home and buying
goods and reselling it and helping on construction; and the activity of training (learning a skill) (ESCAP and UNDP, 2003,
Statistics Division, UN, 2005).
(10) It includes the activities of domestic and care work ─ cooking, washing dishes, doing laundry and ironing, cleaning house,
shopping for food and clothing, helping in construction work for the household house, caring for the sick or the elderly and
taking care of children) and the activities of volunteer work- references (ESCAP and UNDP, 2003, Statistics Division, UN,
2005). However, the data used in this paper do not have any information about volunteer work; so, the unpaid work out of SNA
here simply refers to domestic and care work.
(11)This procedure doesn>t use OCA1 and OCA2 because the average wage rates on the used bulletin doesn>t disaggregated
according to age or educational levels which are needed when using OCA1 and OCA2, but it>s only disaggregated according
to sex which can be used in OCA3.
(12) £E1.00 = US$0.16
(13) This procedure cannot be applied to the Generalist and the Specialist Replacement Cost Approaches because of incomplete
data on all the occupations corresponding to the activities of domestic and care work.
(14) The literatures on wage equation (The Mincerian regression model or Blinder-Oaxaca wage decomposition model) gave
this general form, where the dependent variable is the natural logarithm of the observed wage rate for individual and the
independent variables are divided into two groups: (a) Group of individual (human capital) characteristics (such as sex, age,
education, residence, experience, etc); and (b) Group of occupational characteristics (such as the size of firm, number of workers,
Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid Domestic and Care Work 55

regularity, etc). However, the group of occupational characteristics cannot be applied to the domestic and care work, so, the
equation is based on mainly the group of individual characteristics (Kapsos, 2008).
(15) Prediction of missing wages using the Heckman Selection model is not reported here as it is still in progress.

References
Arboleda, H. and Ericta, C. (1999), Proposed framework for household and human resources satellite
accounting. Paper presented at the International Seminar on Time-Use Studies, Ahmedabad, India,
7 - 10 December 1999.
Assaad, R. (2007), Labor supply, employment and unemployment in the Egyptian economy, 1988-
2006. Economic Research Forum (ERF), Working Paper 0701. ERF, Cairo, Egypt.
Barsoum, G. (2007), Egypt Labor Market Panel Survey 2006: Report on Methodology and Data
Collection. Economic Research Forum (ERF), Working Paper 0704. ERF, Cairo, Egypt.
Budlender, D. (2002), Why should we care about unpaid care work? A Guidebook. Community
Agency for Social Enquiry, Cape Town.
Central Agency of Public Mobilization and Statistics (CAPMAS). (1996), Manual of Occupational
Classification in Egypt, 9698-12014/, Cairo, Egypt.
__________. (2005), The Annual Bulletin of Wages and Hours Work. 0571-12521/ CAPMAS,
Cairo, Egypt.
__________. (2007), The Annual Statistical Book, 20062007/. CAPMAS, Cairo, Egypt.
Department of Economic and Social Affairs, Statistics Division of United Nations. (2005), Guide to
Producing Statistics on Time Use: Measuring Paid and Unpaid Work. United Nations, New York
ST/ESA/STAT/SER.F/93.
Economic and Social Commission for Asia and the Pacific (ESCAP) and the United Nations
Development Program (UNDP). (2003), Integrating unpaid work into national policies. New York,
United Nations.
Economic Research Forum. (2006), Egypt Labor Market Panel Survey of 2006 (ELMPS). A publicly
accessible database of the Economic Research Forum, Cairo, Egypt. (http://www.erf.org.eg).
El-Hamidi. F. (2003), Poverty and labor supply of women: Evidence from Egypt. Paper presented
at the Tenth Annual Conference of the Economic Research Forum (ERF), Morocco, 1618- December
2003.
Eurostat. (1999), Proposal for a satellite account of household production. Working Paper No.
9/a411/, Project No. SUP-COM96 Lot. European Commission, Eurostat Unit E2 Luxembourg.
Fukami, M. (1998), Monetary valuation of unpaid work in 1996 – Japan. Paper presented at the
International Seminar Economic Research Institute, Economic Planning Agency, Department of
National Accounts, Japan, May 21, 1998. http://www5.cao.go.jp/98/g/19981105g-unpaid-e.html
Gibb, H. (1999), Linkages between paid and unpaid work in human resource policy: Putting a value
on unpaid work. Working paper for the APEC Human Resources Development Working Group
Project, Linkages between Paid and Unpaid Work in Formulating Human Resource Policy. Asia
Pacific Economic Cooperation Forum, Hong Kong, China.
Heslopa, P., G.D. Smith, C. Metcalf, J. MacLeod and C. Hart. (2002), Sleep duration and mortality:
The effect of short or long sleep duration on cardiovascular and all-cause mortality in working men
and women. Sleep Medicine Journal 3: 305–314.
56 D. Mahmoud

Hirway, I. (1999a), Time-use studies: Conceptual and methodological issues with reference to
the Indian time use survey. Paper presented at the International Seminar on Time-Use Studies,
Ahmedabad, India 7 - 10 December 1999.
__________. (1999b), Valuation of Unpaid Work: Issues emerging from the Indian Pilot Time Use
Survey. Paper presented at the International Seminar on Time-Use Studies, Ahmedabad, India 7
- 10 December 1999.(Source ─ courtesy of UNESCAP).
Hong, K. (2001), Economic evaluation of unpaid work in the Republic of Korea. Paper presented
at the Workshop on Integrating Paid and Unpaid Work in National System in Bangkok, Thailand,
2427- September 2001.
International Labor Office. (1982), Resolution concerning statistics of the economically active
population, employment, unemployment and underemployment. Proceedings of the Thirteenth
International Conference of Labor Statisticians (1982) In Current International Recommendations
on Labor Statistics. 2000 edition. ILO, Geneva, Switzerland.
__________. (2010), Decent Work for Domestic Workers. Report IV (1). Working Paper at
the International Labor Conference, 99th Session, 2010, First edition 2010. ILO, Geneva,
Switzerland.
Ironmonger, D. (1999), An overview of time-use surveys. Paper presented at the International
Seminar on Time-Use Studies, Ahmedabad, India 7 - 10 December 1999.
__________. (2001), Household production and the household economy. Research Paper Number
833, Department of Economics, University of Melbourne, Australia.
Kapsos, S. (2008), The gender wage gap in Bangladesh. ILO Asia-Pacific Working Paper Series.
ILO Regional Office for Asia and the Pacific, Bangkok, Thailand.
Medeiros, M., Osório R.G. and Costa. J. (2007), Gender inequalities in allocating time to paid
and unpaid work: Evidence from Bolivia. Working Paper 495, Levy Economics Institute of Bard
College, Annandale-on-Hudson, New York
Office for Official Publications of the European Communities. (2003), Household Production and Consumption
Proposal for a Methodology of Household Satellite Accounts. Task Force Report for Eurostat, Unit E1,
European Communities, Luxembourg.
National Statistics Office, Thailand (NSOT). (2001), Time-use survey. NSTO, Bangkok,
Thailand.
Swiebel, J. (1999), Unpaid work and policy-making towards a broader perspective of work and
employment. DSEA Discussion Paper No.4. Department of Economic and Social Affairs, United
Nations, Address?. New York
System of National Accounts (SNA). (1993), Prepared under the auspices of the Inter-Secretariat
Working Group on National Accounts of the United Nations. Brussels/Luxembourg, New York,
Paris, Washington, DC: Commissions of the European Communities-Eurostat, International
Monetary Fund, Organization for Economic Co-operation and Development, United Nations, World
Bank. http://unstats.un.org/unsd/sna1993/toctop.asp
Ting, L. and A. Malhotra. (2005), Disorders of sleep: An overview. Primary Care: Clinics in Office
Practice 32: 305–318. US National Library of Medicine, USA
United Nations. (1996), Report of the Fourth World Conference on Women, the Beijing Declaration
and Platform for Action, Beijing, 415- September 1995, New York.
United States Bureau of Labor Statistics (USBLS). (2004), American Time-Use Survey (ATUS).
USBLS, Washington, D.C.
Journal of Development and Economic Policies, Vol. 13, No. 1 (2011) 5- 29
 Arab Planning Institute

Tourism Competitiveness and Specialization in South


Mediterranean Countries: A Panel Data Approach

Riadh Ben Jelili *


Adel Abdel-Azim *

Abstract

Given the impressive development of technology and transportation, the variety of destinations competing
for domestic and international travelers is now much broader than in the past. The pressure exerted by
competition is compelling South Mediterranean Countries’ (SMCs) governments to reevaluate existing
tourism resources and to capitalize on them to maintain a competitive edge. The objectives of this paper are
to investigate the competitiveness in tourism of the SMCs for which data are available and to conduct an
econometric analysis of the evolution of the countries’ specialization in tourism in order to evaluate what
causes these changes.

:‫القدرة التناف�سية والتخ�ص�ص يف ال�سياحة يف دول جنوب املتو�سط‬


‫منهح بيانات ال�سال�سل الزمنية املقطعية‬
‫ريا�ض بن جليلي‬
‫عادل عبدالعظيم‬

‫ملخ�ص‬
‫ت�سبب التطور الكبري يف التكنولوجيات والنقل يف �إفراز جمموعة متنوعة من الوجهات ال�سياحية املناف�سة على ال�صعيدين املحلي‬
‫ فال�ضغوطات التي متار�س اليوم من قبل املناف�سة على الدول العربية املتواجدة حول‬.‫والدويل �أو�سع بكثري مما كانت عليه يف املا�ضي‬
‫جنوب البحر املتو�سط تفر�ض على احلكومات �إعادة تقييم املوارد ال�سياحية املوجودة يف ظل ا�سرتاتيجية متكن من احلفاظ على ميزة‬
‫ تهدف هذه الورقة �إىل تزويد �صانعي ال�سيا�سات يف الدول املعنية ببع�ض املعطيات املو�ضوعية حول مقومات امليزة الن�سبية‬.‫تناف�سية‬
.‫للقطاع ال�سياحي ت�ساعد على تر�شيد �إدارة هذا القطاع‬

* Economist Expert, Arab Planning Institute, P.O.Box 5834, Safat 13059, State of Kuwait, email: riadh@api.org.kw; and Head
of Research and Studies, The Arab Investment and Export Credit Guarantee Corporation, P.O Box 23568, Safat 13096, State
of Kuwait; email: adel@dhaman.org, respectively.
 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

1. Introduction

At a time when tourism is the preeminent global industry and one of the most remarkable socio-
economic phenomena, the Mediterranean basin − with its attractive landscapes, cultural heritage,
traditional lifestyles together with a mild climate and beaches − is considered to be the most
popular destination worldwide, accounting for 30% of international tourist arrivals and a third of
total tourism revenues. In this area, tourism is regarded as a very significant economic activity
contributing foreign exchange, increasing employment, stimulating new economic activity, leading
to further economic gains and enforcing the political leaders in both the country of destination and
the country of origin to establish good governance, approve more civil rights or open the country
for international trade. Tourism also serves as a catalyst for diversifying economies, as new
tourism infrastructure development may, in turn, help in the establishment of other services and
industries.
These assumed effects are particularly relevant for South Mediterranean Countries
(SMCs), which often have high rates of unemployment, relatively low levels and growth rates of
GDP per capita, problematic governments and difficulties in entering international trade.
Because the traditional sun, sand, and sea mass tourist product of the South Mediterranean
is experiencing a crisis with subsequent market shifts toward other regions and alternative tourist
products, the region has begun to lose its share of the international travel market to upcoming
destinations, especially the Asia-Pacific region. The time is ripe for SMCs, in particular, to
evaluate their tourist industries in the context of long-run development strategies and to identify
the elements that compose their competitiveness in the global tourist market. Competitiveness is
defined as “the destination’s ability to create and integrate value-added products that sustain
its resources while maintaining market position relative to competitors” (Hassan, 2000).
Since the beginning of the 1990s, many SMCs have experienced major changes in
its tourism exports volume, growth rate and structure. These disparate fluctuations have all
influenced unevenly the relative competitive position of SMCs on the international tourism market
and have been associated with changes in their trade balance. At the same time, the new and more
heterogeneous European architecture has induced significant changes in SMCs’ regional tourism
competitiveness. The pressure exerted by the new environment is compelling the governments in
these countries to reevaluate their existing tourism resources and to capitalize on them in order to
maintain a competitive edge.
Against this background, the paper attempts to suggest a framework for assessing the
international competitiveness of SMCs’ tourism services for which data are available and
conducting an econometric analysis of the considered countries’ specialization in tourism.
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 

2. The Evolution of SMCs’ Tourism Competitiveness

Tourism may be considered as the only service activity that can potentially provide trading
opportunities for all nations, regardless of their level of development. However, it is also a sector
or industry where clearly, there is an unequal distribution of benefits that is largely dependent
on the countries’ ability to reinforce their performance in the global economy, which in turn,
requires improving their competitiveness.
The discussion of competitiveness issue in the general economics literature has tended
to stress competitive advantage, while minimizing the importance of comparative advantage as a
source of competitiveness. When viewed in a tourism destination context, comparative advantage
relates to inherited resources − such as climate, beaches, sea, flora, fauna, etc. − while competitive
advantage relates to created items such as the tourism superstructure which includes facilities that
have been developed especially to respond to the demands of visitors, the quality of management,
skills of workers, government policy and so forth (Dwyer and Kim, 2003).
Existing literature clearly appreciates the importance of both comparative and
competitive advantage within the tourism industry. As such, the importance of understanding
the factors that determine the ability of a considered tourism destination to compete is being
increasingly recognized from both a theoretical and managerial perspective. The major interest of
this literature has been to investigate how destination competitiveness can be sustained as well as
enhanced while maintaining a market position among other destination competitors. Additionally,
studies have investigated the key determinants, environmental factors or strategies that affect the
enhancement of destination competitiveness (Crouch and Ritchie, 1999; Kozak and Rimmington,
1999; D’Hauteserre, 2000; Hassan, 2000; Buhalis, 2000; Ritchie, Crouch and Hudson, 2001).
In this section, based on Hazari, Sahli and Sgro (2003) and Hazari and Sgro (2004), two
aspects of competitiveness in tourism and travel-related services for a set of 16 Mediterranean
destination countries (SMCs) including five Arab South Mediterranean countries (ASMs) namely
Algeria, Egypt, Morocco, Syria and Tunisia were examined.

Overall External Competitiveness in Tourism

The overall external competitiveness of a country’s tourism industry is defined as the country’s
ability to retain or increase its market share of tourism exports in terms of ground and travel
components. This rather general concept encompasses price differentials coupled with exchange
rate movements, productivity level of various components of the tourism industry (transport,
accommodation, tour services, restaurants, and entertainment) and qualitative factors affecting the
attractiveness of a destination.
 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

The following index was calculated aiming at analyzing a country’s net performance in tourism:(1)

(Equation 1)

where CRtj is labeled coverage ratio(2) for country j's tourism industry relative to the reference
area z. Xtj denotes exports of tourism services by country j; Mtj the imports of tourism services by
country j; Xtz the total exports of tourism services by the reference area (World or the Mediterranean
area); and Mtz the total imports of tourism services by the reference area.
Because of the absence of the data on volume price distribution in traded services, market
shares were expressed in this index in value term. It is clear that the numerator of this index
equation shows the exports of tourism divided by the imports of tourism by country j as a share
of the denominator which represents the total tourism exports of the region divided by the total
imports of the region.
Three possible cases may be distinguished:
Case 1: CRtj = 1; country j will be said to be in equilibrium in the sense that it has the coverage ratio
as the entire reference area;

Case 2: CRtj > 1; in this case, country j is said to have competitive advantage in tourism in the sense
it has a surplus relative to the reference area z; and

Case 3: CRtj < 1; in this case, the country is said to have no competitive advantage in tourism since
it has a deficit relative to the reference area z.

Real Exchange Rate and Destinations Competitiveness

In general, competitiveness consists of two major components: (a) Price; and (b) Non-price
component. It is understood that the real exchange rate (RER) influences the price component rather
than the non-price component (quality, brand image, and marketing) which imposes considerable
impact on trade and tourism services.
Basically, there are three elements constituting the price of tourism: (a) Cost of travel
to the country of destination; (b) Exchange rate differentials between the origin country and the
destination country; and (c) Cost of goods and services incurred after arrival.
In addition, consumer theory establishes that in order to take a decision to travel abroad,
the international tourists should investigate certain price indices depending on their country of
origin, consumption pattern, and the nature of their destination. However, this is not an easy task.
This is because the effect of price changes is far more complex in tourism sector than the other
economic sectors. This difficulty arises from the complexity of defining tourism prices which is
a function of a package or a bundle of goods and services consumed by each tourist. Indeed, price
indices for tourists simply do not exist (Witt and Witt, 1992).(3)

Table 1. Tourism Competitiveness Index (CR) in the Mediterranean Area


Country 1995 1996 1997 1998 1999 2000 2001 2002 2003 2004 2005 2006 2007 2008
Albania 1.71 1.76 1.18 1.27 2.86 0.63 0.76 0.59 0.49 0.51 0.52 0.50 0.55 0.57
Algeria 0.08 0.11 0.09 0.13 0.15 0.24 0.24 0.21 0.20 0.24 0.24 0.27 0.28 0.35
Croatia 1.48 1.85 2.18 2.11 1.48 2.07 2.33 2.15 4.22 3.59 4.66 5.07 4.56 5.11
Cyprus 1.96 1.78 1.66 1.66 1.73 1.79 1.77 1.73 1.53 1.28 1.27 1.23 0.97 0.87
Egypt 0.99 1.21 1.30 1.07 1.64 1.76 1.51 1.46 1.48 1.87 1.79 1.77 1.74 1.80
France 0.70 0.68 0.72 0.73 0.77 0.77 0.73 0.74 0.71 0.69 0.67 0.68 0.70 0.65
Greece 1.29 1.26 1.13 1.63 1.01 0.93 1.00 1.89 2.04 2.03 2.12 2.27 2.23 2.25
Israel 0.61 0.58 0.58 0.52 0.65 0.56 0.34 0.34 0.34 0.35 0.43 0.40 0.43 0.55
Italy 0.82 0.80 0.73 0.71 0.69 0.72 0.72 0.66 0.63 0.72 0.69 0.71 0.69 0.65
Malta 1.58 1.50 1.67 1.72 1.67 1.49 1.57 1.95 1.68 1.49 1.43 1.25 1.32 1.27
Morocco 1.90 2.46 2.08 1.80 1.73 2.05 2.30 2.19 2.07 2.27 2.61 2.91 2.85 2.35
Slovenia 0.86 0.94 1.01 0.88 0.80 0.85 0.86 0.82 0.81 0.84 0.89 0.85 0.95 1.00
Spain 2.17 2.20 2.13 2.06 1.99 1.93 1.82 1.75 1.78 1.53 1.38 1.33 1.30 1.32
Syria 1.17 1.06 0.85 0.81 0.75 0.74 0.78 0.59 0.55 1.25 1.67 1.70 2.04 3.23
Tunisia 2.89 3.15 3.20 3.39 3.52 2.91 2.92 2.80 2.51 2.60 2.98 2.81 3.10 3.55
Turkey 2.51 2.09 1.87 1.90 1.62 2.03 2.64 2.93 2.87 2.87 2.95 2.76 2.70 3.13
Source: Authors’ calculations using the IMF database (2010).
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 
10 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

Hazari and Sgro (2004) claim that it is difficult to obtain volumes of data for a large
sample of countries and for such a long observation period. Furthermore, it is not just destination
holiday prices which are important but also, relative price differences between the destination
and the origin country which result basically from the movements of the price level factor and
nominal exchange rate factor. Both of them tend to move in opposite directions. However, when
the two impacts exactly offset each other, then relative prices remain unchanged. This implies
that changes in relative prices reflect either a short-term or a long-term imbalance between relative
rates of inflation and exchange rates. This means that it is the actual movements in real exchange
rates which provide a more reliable estimate.
Therefore, in this paper, the RER is used as the tool to examine how the destination’s
competitive position changes with regard to its movements. For this purpose and as in Hazari,
Sahli and Sgro (2003), the RER is defined as follows:

(Equation 2)

where RERj denotes real exchange rate relative to the world; GDPcurrj represents GDP of country
j in international value (current international dollars and prices), and GDPpppj denotes GDP of
country j in volume in terms of purchasing power parity (constant dollars and international prices);
while GDPcurrw represents world GDP in international value; and GDPpppw denotes world GDP
in volume in terms of purchasing power parity (PPP). In other words, this index expresses the
relationship between GDP in current dollars and GDP in volume in PPP, both for the country
in question and the world as a whole. Based on the results of this index, a rise (fall) in the RERj
reflects a real appreciation (depreciation) in the currency of country j.
Table 2 reveals notable fluctuations in the RER during the period 1995-2008, which were
caused inter alia by appreciation and subsequent depreciation of the US dollar. The currency
fluctuations are supposed to have an impact on the indicator of the countries’ competitive
position (subsequently designated by POS) in the tourism industry − defined as the ratio of tourism
balance in the travel and transport of passengers’ items of each country’s balance of payments
to total international trade flows in tourism:


(Equation 3)

where Xvj and Mvjare the country’s receipts (exports) and payments (imports) on international
tourism and transport of passengers; while Xvw and Mvw are the world’s international receipts
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 11

(exports) and payments (imports) on international tourism and transport of passengers.


As may be seen in Figure 1 (Appendix 1. Graphics), there are no clear trends of these two
ratios moving in opposite directions for most Mediterranean countries, i.e. an appreciation of the
lagged RER is not systematically followed by a fall in POS and vice versa.
Table 4 summarizes the correlation coefficient between the two considered series for the
16 Mediterranean countries.
The under or overvaluation of the country’s currency seems to have a fundamental
and significant impact on the POS of only European countries: Cyprus, France, Italy, Malta and
Spain. Algeria, Syria and to a lesser extent, Morocco, witnessed a continuous appreciation of their
local currency during the period under review. However, this appreciation does not seem to affect
negatively their POS.
Tunisia and Egypt show the other way around which reflects a pronounced fluctuation
ended by subsequent appreciation. As a matter of fact, Egyptian authorities before deciding to
get rid of fixed exchange rate regime and shifting towards applying floating exchange rate regime
in March 2003, was enforced to implement a big devaluation on a gradual basis until the nominal
exchange rate settled down and its current level is around US$1/LE5.5 in 2008 from US$1/LE3.4
in year 1995.
It should be noted that the change in the POS of certain ASMs − such as Syria and
Algeria since 2003 − is not the result of currency depreciation but rather the consequence of the
government’s total commitment to tourism development, given the enormous, largely unexploited
potential.

This being said, the relationship between RER and country’s POS in the tourism
industry should be explored in a multidimensional framework with an econometric investigation of
the sources of the competitive advantage.

Revealed Comparative Advantage in Tourism of SMCs

More than four decades ago, Balassa (1965) published a paper using for the first time, the measure
or index of Revealed Comparative Advantage (RCA).(4) While various alternative measures have
been proposed in the literature (Vollrath, 1991; Laursen, 1998; Hoen and Oosterhaven, 2006), the
Balassa index remains the most popular (Yu et al., 2009). The RCA index may be defined as:

Equation 4)
Table 2. Real Exchange Rate Data

Country 1995 1996 1997 1998 1999 2000 2001 2002 2003 2004 2005 2006 2007 2008
12 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

Albania 30.82 35.64 30.18 34.23 39.08 39.66 42.33 44.16 48.87 56.73 58.29 58.49 61.36 61.49
Algeria 35.39 38.79 41.09 40.24 39.30 43.94 44.38 43.26 44.43 49.13 54.36 58.84 62.32 69.33
Croatia 68.83 69.78 68.86 74.18 68.71 62.60 66.50 72.04 80.85 86.77 87.78 89.73 94.89 102.72
Cyprus 101.58 102.31 99.30 104.42 101.78 93.63 96.25 101.51 115.74 122.79 122.57 123.77 128.85 135.23
Egypt 37.31 40.56 46.53 49.78 50.09 53.07 51.58 44.76 37.69 32.05 33.71 36.68 38.84 42.19
France 141.30 142.20 131.36 134.95 129.17 114.89 117.11 124.46 140.02 145.67 143.80 144.09 150.50 154.49
Greece 93.42 97.99 96.24 96.26 91.50 82.98 85.53 91.80 105.09 111.21 111.21 112.35 117.77 122.01
Israel 113.64 119.80 124.99 125.06 121.87 127.47 129.45 118.13 112.74 106.62 103.72 103.82 105.55 114.94
Italy 105.74 118.78 115.15 119.29 115.82 103.54 106.55 114.22 130.06 136.69 134.98 134.52 140.38 144.59
Lebanon 52.56 59.29 72.84 79.23 80.13 79.60 80.58 83.49 78.08 73.37 70.41 69.69 67.61 68.13
Malta 72.00 72.18 72.00 75.23 75.04 76.46 79.10 83.79 91.28 94.96 93.93 95.20 99.80 103.79
Morocco 63.26 63.57 61.87 70.84 69.85 64.98 63.35 64.85 69.23 70.29 68.91 68.41 71.30 74.68
Slovenia 88.60 87.66 84.12 89.04 86.58 75.52 77.46 83.21 93.84 97.21 95.25 95.08 100.90 105.56
Spain 97.28 100.58 92.95 96.08 94.18 85.47 89.01 96.38 110.83 118.07 119.13 121.30 127.53 131.62
Syria 27.99 32.93 35.50 36.01 38.93 46.79 49.97 48.53 45.62 43.86 46.71 51.07 55.57 67.30
Tunisia 61.40 63.20 60.33 62.12 61.40 55.61 56.07 57.33 59.37 58.67 56.13 55.08 54.73 56.41
Turkey 44.64 45.14 45.74 65.26 62.41 63.63 50.94 56.24 64.37 70.70 77.58 77.09 84.11 88.49

Source: Authors’ calculations using World Development Indicators, World Bank (2010).
Table 3. Evolution of Competitive Positions (POS) in the Tourism Industry

Country 1995 1996 1997 1998 1999 2000 2001 2002 2003 2004 2005 2006 2007 2008
Albania 0.011 0.014 0.004 0.008 0.035 0.020 0.034 0.019 0.005 0.012 0.009 0.008 0.016 0.019
Algeria -0.033 -0.028 -0.023 -0.038 -0.033 -0.017 -0.017 -0.024 -0.023 -0.022 -0.023 -0.019 -0.016 -0.013
Croatia 0.196 0.299 0.396 0.420 0.342 0.408 0.518 0.549 0.935 0.825 0.859 0.877 0.868 0.970
Cyprus 0.327 0.279 0.266 0.272 0.297 0.291 0.304 0.283 0.262 0.224 0.206 0.193 0.157 0.124
Egypt 0.335 0.437 0.519 0.329 0.600 0.629 0.534 0.500 0.522 0.651 0.662 0.696 0.753 0.804
France 2.241 1.994 1.968 2.101 2.433 2.763 2.463 2.539 2.460 2.440 1.834 1.926 1.933 1.355
Greece 0.568 0.469 0.448 0.873 0.922 0.857 0.935 1.337 1.354 1.351 1.307 1.339 1.240 1.258
Israel 0.183 0.130 0.156 0.072 0.265 0.160 -0.192 -0.159 -0.140 -0.111 -0.055 -0.067 -0.051 0.033
Italy 2.793 2.635 2.333 2.129 1.906 1.922 1.844 1.515 1.428 1.879 1.457 1.655 1.355 1.021
Malta 0.122 0.106 0.114 0.118 0.117 0.092 0.093 0.102 0.102 0.090 0.077 0.070 0.073 0.068
Morocco 0.235 0.299 0.255 0.283 0.305 0.323 0.442 0.441 0.477 0.494 0.556 0.674 0.697 0.643
Slovenia 0.110 0.128 0.133 0.105 0.083 0.086 0.093 0.089 0.100 0.107 0.110 0.099 0.122 0.143
Spain 4.556 4.651 4.465 4.819 4.962 4.550 4.716 4.622 5.243 4.781 4.349 4.334 4.113 4.004
Syria 0.161 0.129 0.093 0.085 0.076 0.075 0.089 0.037 0.023 0.163 0.182 0.178 0.229 0.359
Tunisia 0.327 0.320 0.316 0.337 0.352 0.304 0.323 0.271 0.255 0.273 0.295 0.289 0.288 0.309
Turkey 0.856 0.871 1.050 1.068 0.713 1.080 1.549 1.775 1.787 1.819 2.074 1.790 1.713 1.936

Source: Authors’ calculations using the IMF database (2010).


Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 13
14 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

Table 4. Correlation Coefficient between RERt-1 and POS

Country Correlation T stat P value

Albania -0.0373 -0.1293 0.8989

Algeria 0.7184 3.5780 0.0030

Croatia 0.8721 6.1735 0.0000

Cyprus -0.9303 -8.7856 0.0000

Egypt -0.2363 -0.8423 0.4138

France -0.7534 -3.9688 0.0014

Greece 0.5704 2.4054 0.0306

Israel 0.3540 1.3111 0.2109

Italy -0.6647 -3.0816 0.0081

Malta -0.8747 -6.2508 0.0000

Morocco 0.6180 2.7230 0.0165

Slovenia 0.5706 2.4071 0.0305

Spain -0.5205 -2.1116 0.0532

Syria 0.5524 2.2957 0.0377

Tunisia 0.4759 1.8744 0.0819

Turkey 0.6779 3.1940 0.0065

The numerator represents the percentage share of a given sector in national exports –Xij
is exports of the service sector i from country j. ∑xij is the total exports of goods and services from
i
country j. The denominator represents the percentage share of a given sector in the reference area
exports (Mediterranean area or World) Thus, the RCA Index contains a comparison of national
export structure (the numerator) with the reference area export structure (the denominator).
The index basically measures normalized export shares, with respect to the exports of the
same industry in a group of reference countries. When RCA is greater than 100 for a given sector
in a given country, the country is specialized in the goods (service) i, since it exports relatively
more of the goods (service) than the reference zone. Therefore, it has a comparative advantage
in that activity. If the index is smaller than 100, the country is not specialized and therefore, it
has no comparative advantage. Thus, this is a method of indirect calculation that can be used to
determine the kind of activities in which individual countries have comparative advantage.
Table 5 reveals pronounced differences in the degree of specialization among the
considered Mediterranean countries. It shows that all ASMs countries are specialized in the
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 15

tourism industry with the exception of Algeria for the entire period and Syria in years 2002 and
2003.
The Mediterranean countries that have the highest market shares in tourism are not
necessarily specialized in the tourism industry. For example, despite the fact that France, Italy and
Spain are in the top rank of Mediterranean destinations in terms of tourism receipts and number of
international visitors, their RCA’s of tourism industry are significantly less than other countries
with lower market shares but higher RCA’s such as Morocco, Egypt and Tunisia.
An analysis of Table 5 also shows that both relatively rich OECD countries (Spain,
Turkey and Greece) and less rich South Mediterranean countries (Croatia, Cyprus, Tunisia, Egypt,
Morocco and Syria) are specialized in tourism industry. This implies that several sources of RCA
in tourism may be considered.

3. Econometric Analysis of Tourism Specialization

The earlier investigation has allowed the description of the general framework within which tourist
flows take place and to assess the state of competitiveness and specialization in tourism of certain
SMCs. This section uses some of the findings presented above for an econometric analysis of the
evolution of specialization in tourism in the considered region.

Model Specification

The empirical model is based on the partial equilibrium theory to account for any agglomeration or
clusters effects in the tourism industry across countries (Zhang and Jensen, 2007):

(Equation 5)

Equation 5 indicates that the change in the degree of tourism specialization (DTSjt) in
destination country j is proportional to the gap between its desired level (DTS*jt)and actual level.
It may be rearranged to form:

(Equation 6)

Where the term (1− λ) measures the adjustment and is assumed to be positive, as the adjustment
process should be both stable and non-fluctuating. Finally, the empirical model requires the
determinants of the desired levels of DTS to be specified. Following Hazari et al (2003), the desired
levels of DTS may be expressed as follows:

(Equation 7)
Table 5. Tourism RCA Index in Mediterranean Countries
16 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

Country 1995 1996 1997 1998 1999 2000 2001 2002 2003 2004 2005 2006 2007 2008
Albania 189.0 206.2 124.1 171.7 291.3 438.7 421.6 409.7 349.6 361.6 370.4 381.9 396.1 409.4
Algeria 2.4 2.6 1.6 5.7 4.9 3.5 3.9 4.2 3.3 4.0 3.0 3.1 2.9 3.5
Croatia 150.0 196.1 255.6 258.0 244.3 248.8 271.3 275.1 339.8 303.2 316.2 321.5 322.0 340.5
Cyprus 354.1 327.3 340.7 337.3 331.6 322.2 319.1 307.5 281.9 259.6 252.8 250.9 249.5 232.8
Egypt 176.8 208.3 232.6 179.0 253.4 223.9 189.4 194.3 197.5 218.6 207.9 208.4 219.9 190.8
France 71.1 71.7 63.6 63.9 65.1 75.9 73.6 73.0 71.6 76.3 73.2 74.1 77.8 75.0
Greece 150.7 129.3 124.0 196.7 239.5 230.7 229.7 243.7 208.7 193.8 195.5 191.5 183.4 181.4
Israel 103.1 96.6 100.0 91.5 100.7 77.5 55.3 46.5 43.1 41.8 45.9 43.5 44.2 50.4
Italy 85.3 83.5 88.8 85.5 79.8 75.2 69.8 68.0 66.8 66.5 65.3 66.5 63.2 62.3
Malta 216.8 219.3 236.0 222.5 201.7 158.6 175.3 160.1 163.1 164.4 158.0 142.5 146.8 180.6
Morocco 131.9 157.3 147.3 165.6 165.2 171.1 209.8 196.0 202.0 208.7 221.5 253.5 259.6 231.0
Slovenia 88.2 98.9 99.4 85.5 76.1 73.6 73.5 68.4 69.0 67.8 67.0 60.8 62.6 97.2
Spain 166.4 165.0 161.6 165.0 162.7 150.6 152.8 143.1 143.1 141.9 143.6 146.0 143.4 140.5
Syria 288.8 216.5 183.0 183.4 159.5 123.0 120.9 89.3 94.6 145.8 136.6 130.2 159.9 226.1
Tunisia 184.4 187.4 190.9 194.2 190.1 177.6 169.7 145.5 134.1 141.7 152.7 157.4 149.5 134.8
Turkey 119.3 117.9 127.6 104.6 85.3 110.6 146.9 153.4 143.0 132.0 146.4 127.1 120.0 120.7
Source: Authors’ calculations using the IMF database (2010).
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 17

Taking into account Equation 6 and adopting a linear representation of Equation 7, the
equation to be tested is given below:

(Equation 8)

Where εjt is the stochastic error.

The variable to be explained corresponds to the degree of tourism specialization and is


defined as the international tourist receipts divided by the GDP in country j as a share of the total
international tourist receipts of the reference Mediterranean area divided by the total GDP of the
reference area.
The evolution of the dependent variable is explained by the following exogenous variables:(5)
GDPpc: Gross domestic product per capita of country j for the year t in current dollars,
widely accepted as being a good indicator of a nation’s personal disposable income and a major
economic determinant of domestic and international tourism spending,
RER: The real exchange rate of country j for the year t-1 (to take account of adjustment
lags) relative to the rest of the world as a good proxy for the relative cost of living in destination
countries. It is argued that potential visitors are well informed on exchange rates but relatively
uninformed on general price levels in destination countries. Prior to travel, cost of living in the
destination country may therefore be judged by exchange rate movements rather than by shifts in
general price levels.
CHPOPM: The hotel function rate corresponds to the ratio of accommodation supply
to host population, which is based on the dual relationship between the number of bed places
available and the population of country j and that of the reference zone. This index can give a
reasonably good estimate of the relative importance of tourism in country j, because the number
of bed places determines the number of people directly employed in this sector.(6) Therefore, the
higher the hospitality function index, the more important is tourism’s role in job creation in the
local economy.
TIRM: The tourist intensity rate is defined as the ratio of the number of international
tourists visiting country j and its permanent population and that of the reference area. This is an
indicator of social-carrying capacity, which expresses both the level of tolerance on the part of the
host population and the quality of the international tourist experience in the host country.
It is difficult to predict a priori the sign of each coefficient because, with the exception
of the RER whose action seems to be clear (non-significant variable or negative sign), in theory,
all the other variables may influence specialization in tourism in one or another direction. It is
likely that this depends heavily on the characteristics of each country, and particularly on the
development of its tourist industry.
18 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

Generalized Method of Moments (GMM) Dynamic Panel Regression Results

When lagged dependent variable is included as regressor, the usual estimation procedures,
like fixed effects Ordinary Least Squares or random effects Generalized Least Squares, are
asymptotically valid only when there are a large number of observations in the time dimension.
This is far from being the case in this paper where the time period 1995-2008 only covers 14 years.
The current available response to this problem is to first difference the equation to remove the
individual effects and then estimate by instrumental variables, using as instruments the values of
the dependent variable lagged two or more periods (Arellano and Bond, 1991). This treatment leads
to consistent but not efficient estimates. This is because it does not make use of all the available
moment conditions (Garin-Munoz, 2007).
To solve this problem, the Arellano-Bond Generalized Method of Moment (GMM)
approach to dynamic panel estimation is used (Bond, 2002).(7) This approach has better small-
sample properties, providing for more accurate estimation in small samples. Also, as long as the
time series component is small, as in this case, the estimator does not require time stationarity.
Table 6 reports the estimation results obtained using the econometric software Eviews
7. Despite the usual reservations that must be expressed with regard any empirical analysis of
international tourism (Hazari and Sgro, 2004), the results are very promising. All the variables are
significant at the 1% level and correctly signed. The relevance and validity of instruments (H0 in
Sargan test) is also accepted which gives support to the model.
The results seem to confirm the argument that the specialization in tourism is positively
correlated with le level of income per capita GDP. This positive result could be explained by the
representative demand theory of Linder (1961) according to which the country’s international
specialization depends on the existence of a sufficiently high level of domestic demand.
The estimated coefficient of price competitiveness RERt-1 also proves to be significant
and has the expected negative sign. Appreciation of the RER has effectively an adverse impact
on a country’s specialization in tourism for the panel of Mediterranean countries. The important
sensitivity to relative prices is indicative of a tourism specialization based on products that are
both more substitutable and exposed to greater competition in the considered area. The results
corroborate the hypothesis that travelers are sensitive to relative price but not indifferent to the
nature of the destination in the Mediterranean basin.
Regarding the hotel function variable – CHPOPM − the coefficient is significantly
positive. The higher the hospitality function index, the more important is the tourism’s role in
job creation in the local economy and the more specialized in tourism the considered country is.
The estimated coefficient for the tourism density rate TIRM, used as a measure for
tourism carrying capacity, is significantly positive. Carrying capacity has long been debated in
the literature (Butler, 1999; Saarinen, 2006) and its practical application is a source of controversy.
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 19

The limits in tourism development and specialization depend on the characteristics of the tourist
product and the type of environmental impacts derived from the activity. The estimated positive
impact indicates that tourists visiting Mediterranean countries are still attracted by high densities
of people and do not perceive overcrowding in this area of the world.
Finally, the estimated value of the adjustment coefficient (47%) gives evidence of a rather
low adjustment process between the actual variation of the degree of tourism specialization in
tourism and the desired level.

Table 6. Arellano-Bond Dynamic GMM Estimation


Variable Coefficient t-Statistic** Prob.
DTS(-1) 0.469 12.651 0.00
GDPPC1 0.008 5.216 0.00
RER(-1) -1.326 -3.949 0.00
CHPOPM 1.319 7.458 0.00
TIRM 0.913 6.317 0.00

Effects Specification

Cross-section fixed (first differences)

Number of observations 192


J-statistic (Sargan test) 13.503
Instrument rank 16
Sargan test, Chi2* p-value   0.262
*Sargan test of over-identifying restrictions (Null: Instruments are valid).
An important aspect of specifying a GMM estimator is the choice of the weighting matrix, the results
are obtained based on White period weighting matrix which is a heteroskedasticity consistent estimator
of the long-run covariance matrix.
**Two-step results using robust standard errors corrected for finite samples.

4. Conclusion

The empirical analysis of tourism in SMCs provides a comprehensive overview of price and
non-price countries’ competitiveness. Firstly, it is shown that the size effect measured by the
income potential makes large OECD Mediterranean countries (France, Italy, Spain and Greece)
major players in terms of tourism market shares. The influence of the RER on the countries’
specialization or positions in the tourism market has also been shown. Depreciation stimulates
the Mediterranean country’s tourism industry by making other destinations more expensive and
20 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

increasing the competitiveness of the local destination. Even if tourism in the Mediterranean basin
remains to a large extent governed by the existence of certain resources like sea, sun and cultural
heritage, other factors also play an important role like technological factors, social dimension,
destination degree of maturity and the level and the quality of domestic demand.
Tourism in the South Mediterranean region is highly dependent on the few, large,
mass market tour operators situated in the North European tourist-originating countries. Price
competition is intense both between the tour operators and between the SMCs themselves. As
a matter of fact, tourism development projects in most SMCs have been increasingly shaped as
self-contained enclaves in the form of coastal resort complexes and all-inclusive packaged tours,
providing a range of on-site services and highly dominated by few tour operators.
One important drawback of enclave tourism is that it generally produces tourism experiences
which are devoid of a strong sense of local culture, making the experience interchangeable with
tourism to other destinations. The result is that often such tourism destinations are required to
compete on price rather than on quality against other similarly generic destinations. Indeed, the
mass tour operators’ marketing strategy is often geared towards large numbers, low prices and
getting the maximum return from every operation.
In this context, the intense competition within SMCs and between the Mediterranean area and
the rest of the World produces an ever competitive spiral of downward pressure on prices. The
growing and excess capacities in Mediterranean countries make matters even worse.
Countries like Tunisia, Morocco, and to a lesser extent Egypt, heavily need tour operators
for volume because the tourism industry has become too important and too large part of their
economies. Ideally, these ASMs need to go for alternative sources of higher value-added and more
information-based tourism. Yet this, by definition, would move them away from mass tourism and
cause severe shocks and disruptions to their economies.
Hence, a dilemma exists and the problem seems to be a deeper and a more basic one of
economic development in the SMCs. Why have these countries allowed themselves to become
heavily dependent on tourism as a main industry in their economies, and on mass tourism as the
main vehicle in the tourism industry itself? Was it possible for tourism in the SMCs not to grow
so quickly on mass tourism? The answer to these questions can probably shed some light on the
future role that price competitiveness should assume in tourism and in the local economies of the
South Mediterranean countries.

Footnotes
(1) An operative way of approaching the evolution in the competitiveness directly in any market (revealed competitiveness)
involves examining the market share of the agents who participate. The evolution of the market share of any destination as
approached by the considered index may be viewed as an indicator of the changes in the relative level of competitiveness. The
calculation of this index, a simple quotient, is easy to calculate and its meaning is both relevant and simple.
(2) This ratio is equal to the slope of the right-hand segment linking the origin of the axes to the point representing the tourism
industry.
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 21

(3) Morley (1994) investigated the evidence for the use of Consumer Price Index (CPI) for tourism prices, employing a variety of
methods and data. For 10 important tourist destinations, price series for major tourist expenditure items were estimated. With
a few exceptions, these were found to correlate very highly with the destination’s CPI. The high correlations persisted even
after linear time-trend effects were removed from the series.
(4) Measuring comparative advantage and testing the Hecksher-Ohlin theory have some difficulties since relative prices under
autarky are not observable. Given this fact, Balassa (1965) proposes that it may not be necessary to include all constituents
affecting a country’s comparative advantage. Instead, he suggests that comparative advantage is “revealed” by observed
trade patterns, and in line with the theory, one needs pre-trade relative prices which are not observable. Thus, inferring comp-
parative advantage from observed data is named “revealed” comparative advantage (RCA). In practice, this is a commonly
accepted method of analyzing trade data.
(5) Appendix 2 presents basic descriptive statistics regarding endogenous and exogenous variables.

(6) For most international standard hotels, the ratio of rooms (or equivalent bed places) to employees ranges from 0.5 to 2, often
depending on the availability and cost of labor (Oppermann and Chon, 1997).
(7) The Arellano–Bond estimator was designed for small T-dimension and relatively large N-dimension panels. In large T
panels, a shock to the country’s fixed effect − which shows in the error term − will decline with time. Similarly, the correlat-
tion of the lagged dependent variable with the error term will be insignificant.

References

Arellano, M. and S. Bond. (1991), Some tests of specification for panel data: Monte Carlo evidence
and an application to employment equations. Review of Economic Studies 58: 277-297.
Balassa, B. (1965), Trade liberalization and revealed comparative advantage. The Manchester
School of Economic and Social Studies Vol 23 (May): 99-124.
Bond, S. (2002), Dynamic panel data models: A guide to micro data methods and practice. Portuguese
Economic Journal 1: 141-162.
Buhalis, D. (2000), Marketing the competitive destination of the future. Tourism Management, Vol
21(1): 97-116.
Butler, R. (1996). The concept of carrying capacity for tourism destinations: Dead or merely buried.
Progress in Tourism and Hospitality Research 2: 283–293.
Crouch, G.I. and J.R.B. Ritchie. (1999), Tourism, competitiveness and societal prosperity. Journal of
Business Research 44(3): 137–152.
D’Hauteserre, A.M. (2000), Lessons in managed destination competitiveness: The case of
Foxwoods Casino Resort. Tourism Management 21: 23-32.
Dwyer, L. and C. Kim. (2003), Destination competitiveness: Determinants and indicators. Current
Issues in Tourism 6 (5): 369-414.
Garín-Muñoz, T. (2007), German demand for tourism in Spain. Tourism Management 28: 12-22.
Hassan, S. (2000), Determinants of market competitiveness in an environmentally sustainable
tourism industry. Journal of Travel Research 38(3): 239-245.
Hazari B.R., M. Sahli and P.M. Sgro. (2003), Tourism specialization of 19 OECD destination
countries. Presented at the International Conference on Tourism Modeling and Competitiveness,
Paphos, Cyprus, 31 October-1 November.
__________ and P.M. Sgro. (2004), Tourism, Trade and National welfare. Amsterdam: Elsevier.
Hoen, A. R. and J. Oosterhaven. (2006), On the measurement of comparative advantage. The Annals
of Regional Science 40(3): 677-691.
IMF. (2010), The Balance of Payments Statistics (BOP) Database. Release Date: September 2010.
22 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim

Kozak, M. and M. Rimmington. (1999), Measuring tourist destination competitiveness: Conceptual


considerations and empirical findings. Hospitality Management 18 (3): 273–283.
Laursen, K. (1998), Revealed comparative advantage and the alternatives as measures of international
specialisation. Working Paper 98-30, Danish Research Unit for Industrial Dynamics, Copenhagen
Business School, 1366 Copenhagen; Denmark.
Linder, S. (1961), An Essay on Trade and Transformation. New York: John Wiley & Sons.
Morley, C.L. (1994), The use of CPI for tourism prices in demand modelling. Tourism Management
Vol 15 (Issue 5, October): 342-346.

Oppermann, M and K. Chon. (1997), Tourism in Developing Countries. London: International


Thomson Business Press.
Ritchie, B., G. Crouch and S. Hudson. (2001), Developing operational measures for the components
of a destination competitiveness/sustainability model: Consumer versus managerial perspectives.
In Consumer Psychology of Tourism, Hospitality and Leisure. Edited by J. Mazanec, G. Crouch,
B. Ritchie and A. Woodside. Wallingford, England: CABI Publishing, pp. 1–18.
Saarinen, J. (2006), Traditions of sustainability in tourism studies. Annals of Tourism Research
33: 1121–1140.
Vollrath, T.L. (1991), A theoretical evaluation of alternative trade intensity measures of revealed
comparative advantage. Review of World Economics Vol 127 (No 2, June): 265-280.
Witt, S.F. and C.A. Witt. (1992), Modeling and Forecasting Demand in Tourism London: Academic
Press Ltd.
World Bank. (2010), World Development Indicators. Release Date: September 2010.
Yu, R., J. Cai, et al. (2009), The normalized revealed comparative advantage index. The Annals of
Regional Science 43(1): 267-282.
Zhang, J. and C. Jensen. (2007), Comparative advantage: Explaining tourism flows. Annals of Tourism
Research 34(1): 223-243.
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 23

Appendix 1. Graphics

Figure 1. Tourism price competitiveness for Mediterranean countries, 1995-2008.


24 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 25
26 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 27
28 R. Ben Jelili
A. Abdel-Azim
Tourism Competitiveness and Specialization in South Mediterranean Countries: A Panel Data Approach 29

Appendix 2. Descriptive Statistics

Table 7. Basic Descriptive Statistics, 1995-2008

    DTS GDPpc RER CHPOPM TIRM


Std. Std. Std. Std. Std.
Country Obs. Mean Mean Mean Mean Mean
Dev. Dev. Dev. Dev. Dev.
Albania 14 268.58 129.18 1832.73 1057.22 43.61 11.27 11.21 3.86 59.02 54.52
Algeria 14 4.89 1.41 2401.88 1064.30 45.41 7.95 15.52 0.74 6.24 1.54
Croatia 14 432.78 99.03 7743.22 3534.55 74.55 11.92 263.95 29.22 258.59 85.93
Cyprus 14 582.08 125.79 16485.50 5639.27 107.68 12.35 674.26 49.01 567.64 72.12
Egypt 14 181.50 54.07 1288.39 270.08 42.06 7.07 21.56 5.86 15.26 4.55
France 14 69.52 4.00 30167.65 7450.37 135.31 10.79 134.42 17.21 234.83 15.41
Greece 14 158.04 38.04 17424.49 6725.16 98.62 11.07 355.65 7.52 227.24 14.59
Israel 14 89.61 32.81 19600.52 2785.53 115.30 9.81 98.63 6.42 57.08 21.81
Italy 14 71.73 10.69 25537.12 6453.35 120.37 12.62 206.73 2.97 125.92 7.55
Malta 14 597.98 165.00 12181.25 3839.08 82.14 10.71 623.01 52.05 570.58 68.72
Morocco 14 222.72 62.20 1671.14 498.34 66.37 3.96 22.95 2.23 29.82 6.04
Slovenia 14 166.04 28.62 14581.22 5532.12 87.34 9.12 95.21 6.37 117.94 20.28
Spain 14 152.62 13.48 20621.87 7209.76 102.97 13.59 198.46 21.46 220.25 7.14
Syria 14 225.08 74.91 1336.04 509.82 41.98 8.72 13.45 0.58 25.54 9.92
Tunisia 14 292.42 41.33 2531.22 601.37 58.57 2.82 131.62 5.35 104.99 5.93
Turkey 14 114.20 23.79 4996.41 2357.55 60.53 13.95 36.82 5.99 36.52 10.56

Source: Authors’ calculations using Eviews 7 software.


Objectives:
• Broadening vision and knowledge among decision-makers, practitioners and
researchers in the Arab countries about major development and economic policy
issues in the region , in light of recent developments at the domestic, regional, and
international levels.
• Provide a forum for intellectual interaction among all parties concerned with
Arab economies and societies.

Notes for Contributors:


1. Submissions of manuscripts should be made electronically to the Editor, via Email:
jodep@api.org.kw.
2. The Journal will consider only original work not published elsewhere.
3. Manuscripts should not exceed 30 pages, including references, tables and graphs,
for research articles and 10 pages for book reviews and reports, typed on 8.5 x
11 inch paper, one-sided, double-spaced, and with margins of 1.5 inch on all four
sides.
4. Contributions should be as concise as possible and accessible to policy-makers
and practitioners.
5. Manuscripts should be submitted along with an abstract not exceeding 100 words
written in English and Arabic. The abstract will appear in various online and
printed abstract Journals.
6. Authors should provide their name, affiliation, address, telephone, fax, and e-mail
on a separate page.
7. In case of more than one author, all correspondence will be addressed to the first-
named author.

8. Citations should conform to the style guidelines of the American Economic Review:
Style Guide (http:/www.aeaweb.org/sample_references.pdf) The references must
be provided in alphabetical order, at the end of the paper.

9. Footnotes are to be placed at the bottom of the relevant pages and numbered
consecutively.
10. Tables and graphs should be documented and presented along explanatory
headings and sources.
11. It is preferred to submit manuscripts written in Microsoft Word .
12. Electronically submitted manuscripts will be acknowledged immediatel.
13. All contributions to the Journal are subject to refereeing. Authors will be
notified about the results of the refereeing within two weeks of the receipt of
correspondence from all referees.
14. All published works are the property of the Journal. As such, any publication
of these works elsewhere is not permitted without the written consent of the
Journal.
15. The opinions expressed in the Journal are those of the authors and do not
necessarily reflect the views of the Journal nor those the Arab Planning Institute.
16. The communicating author of each accepted paper will receive 5 off-prints of the
article and one copy of the journal.
Journal of Development and Economic Policies

Published by the Arab Planning Institute

Volume 13 - No. 1 – January 2011

Bi-annual refereed Journal concerned with issues of Development


and Economic Policies in the Arab countries

Advisory Board

Hazem El-Beblawi Sulayman Al-Qudsi


Samir Al-Makdisi Abdulla Al-Quwaiz
Deputy Editor
Abdellateef Al-Hamad Mohamad Khauja
Ali Abdel Gadir Ali
Mustapha Nabli

Editorial Board
Managing Editor
Saleh Al-Asfour Ahmad AL-Kawaz Ibrahim El-Badawi
Belkacem Laabas Touhami Abdelkhalek
Riadh ben Jelili Abderazaq Al-Faris
Weshah Razzak Yousef Jawad
Ibrahim Onour Walid Abdmoulah

Correspondence should be addressed to :


The Editor - Journal of Development and Economic Policies
The Arab Planning Institute, P.O.Box 5834 Safat 13059, Kuwait
Tel (965) 24843130 - 24844061 Fax (965) 24842935
E-mail: jodep@api.org.kw
Subscriptions :

Arab Countries 1Year 2 Years 3 Years

Individuals US$ 15 US$ 25 US$ 40


Institutions US$ 25 US$ 45 US$ 70

Other Countries 1Year 2 Years 3 Years

Individuals US$ 25 US$ 45 US$ 70


Institutions US$ 40 US$ 75 US$ 115

Price per copy in Kuwait : KD. 1.5

Address :
Journal of Development & Economic Policies
The Arab Planning Institute
P.O.Box 5834 Safat 13059, Kuwait
Tel (965) - 24844061- 24843130 Fax (965) 24842935
E-mail: jodep@api.org.kw
English Content

Tourism Competitiveness and Specialization in South


Mediterranean Countries: A Panel Data Approach.

Riadh Ben Jelili 5


Adel Abdel-Azim

Imputing Monetary Value to Egyptian Females’Unpaid


Domestic and Care Work.

Doaa Mahmoud 31
May Gadallah

You might also like