You are on page 1of 6

‫ظاهرة ضعف التواصل الصفي في جماعة القسم‬

‫(تقرير أعمال ورشة مناقشة الظاهرة التربوية )‬


‫تقديم‪:‬‬
‫إن البحث في ظاهرة التواصل الصفي في المدرسة المغربية يتطلب االعتماد على مجموعة من الحقول‬
‫المعرفية التي تشمل عدة علوم مثل‪ :‬البيداغوجيا والديداكتيك والفلسفة واللسانيات والسيكولوجيا‬
‫والسوسيولوجيا و االبستمولوجيا‪...‬ذلك أن مقاربة هذه الظاهرة تطرح جملة من التساؤالت المنهجية‬
‫ي زاوية؟هل من زاوية المدرس ؟ أم من زاوية المتعلم؟أم من زاوية‬ ‫مثل‪:‬كيف ننظر إلى اإلشكالية ومن أ ّ‬
‫المعرفة؟أم من زاوية المحيط؟أم من خالل جميع هذه الزوايا أو من بعضها فقط؟كما تنهض أسئلة أخرى‬
‫نابعة من صلب إشكالية الظاهرة وهي ذات صلة مباشرة بطبيعة ونوعية جماعة القسم مثل‪:‬ما المقصود‬
‫بهذه الجماعة ؟(عمومية\خصوصية‪-‬حضرية\قروية‪-‬مركزية\فرعية‪)...‬وما هي عالقتها بالبرامج‬
‫والمناهج والكتب المدرسية(المنهاج التعليمي)‪.‬ومن دون شك‪،‬يتضح أن هذه التساؤالت وغيرها تفرض‬
‫تأمال دقيقا وتصورا متكامال وإجراءات منهجية تنسجم مع حجم الظاهرة وعمـقـهـا‪.‬‬
‫‪ -1‬أهمية الظاهرة وأهدافها‪:‬‬
‫ّ‬
‫وبالنظر إلى الوظيفة األساس التي يقوم بها التواصل الصفي في سيرورة التّعليم والتعلم‪ّ ،‬‬
‫فإن أه ّمية‬
‫موضوع الظاهرة التربوية يتأسس على ضوء المكانة االستراتيجية للتواصل الصفي في النسق التربوي‬
‫كآلية حيوية تترجم المرتكزات األساسية للسياسة التعليمية وتحقق الكفايات المستهدفة‪ ،‬ومن بين األهداف‬
‫الحيوية لهذا الدراسة ‪:‬محاولة الكشف عن خصائص ومميزات التواصل الصفي والتعرف على مدى‬
‫تحققه في أوساط جماعة القسم ‪ ،‬واإلجابة عن مجموعة من التساؤالت التي يمكن أن تفتح الباب أمام‬
‫المهتمين لفهم أعمق لطبيعة هذا التواصل البيداغوجي ودوره المركزي في أجرأة عناصر المنهاج‬
‫التربوي التكويني‪.‬‬
‫‪ -2‬إشكالية الظاهرة وفرضياتها‪:‬‬
‫إن البحث في ظاهرة التواصل البيداغوجي في المدرسة المغربية يتطلب االعتماد على مجموعة من‬
‫الحقول المعرفية ‪ ،‬ذلك أن مقاربة هذه الظاهرة تطرح جملة من التساؤالت مثل‪:‬كيف ننظر إلى الظاهرة‬
‫ومن أيّة زاوية؟هل من زاوية المدرس؟ أم من زاوية المتعلم؟أم من زاوية المعرفة؟أم من زاوية‬
‫المحيط؟أم من خالل جميع هذه الزوايا أو من بعضها فقط؟ وبتأملنا لهذه المعطيات المختلفة‪،‬يمكن طرح‬
‫ي نموذج تواصلي أليّة جماعة قسم ؟ إن الجواب المنهجي عن هذا التساؤل‬ ‫التساؤل اإلشكالي التالي‪:‬أ ّ‬
‫يتطلب االستعانة بمقاربات مختلفة تفرضها طبيعة الظاهرة التربوية بأبعادها المتعددة خاصة البعد‬
‫السيكوسوسيولوجي والبعد البيداغوجي الذي يركز على دراسة العالقات التفاعلية والتواصلية بين‬
‫أطراف العملية التعليمية التعلمية داخل جماعة القسم‪،‬لكن مع ذلك ينبغي اإلجابة عن التساؤالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ما هي مميزات وخصائص فعل التواصل البيداغوجي في المدرسة المغربية؟‬
‫‪ -‬ما هي مظاهر ضعف التواصل البيداغوجي في جماعة القسم وانعكاساته التربوية؟‬
‫‪ -‬كيف ينمي التفاعل الصفي مهارات التواصل؟‬
‫‪ -‬ما هي معيقات التواصل الصفي؟‬
‫‪ -‬ما هي آفاق التواصل الصفي في جماعة القسم بصفة خاصة و المدرسة المغربية بشكل عام؟‬
‫‪ - 3‬تحليل الظاهرة‪:‬‬
‫انطالقا من المعطيات السابقة التي تهدف إلى تحديد اإلشكالية‪،‬يبدو أنه حان الوقت لإلجابة عن التساؤالت‬
‫المطروحة‪،‬لكن دون االدعاء بأنّنا سوف نفك رموز هذه الظاهرة المليئة بالصعوبات المنهجية‬
‫والمعرفية ‪،‬ومن زاوية توضيح وأجرأة اإلشكالية المطروحة‪،‬البد من الناحية المنهجية التوقف عند عتبة‬
‫تحديد المفاهيم األساس الواردة في عنوان الظاهرة والتي جاءت على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -3-1‬تحديد المفاهيم‪:‬‬
‫‪ -3-1-1‬مفهوم التواصل‪:‬‬
‫تتفق العديد من المعاجم العربية(‪ )1‬أن التواصل لغة يفيد اإلبالغ واإلطالع واإلخبار أي نقل خبر ما من‬
‫شخص إلى آخر وإخباره به و إطالعه عليه‪،‬أما على مستوى اللغة الفرنسية فكلمة ‪communication‬‬
‫تدل على التواصل والتوصيل واإلبالغ واإلعالم‪،‬وعليه يتضح أن مفهوم التواصل يتميز بثراه المعجمي‬
‫وغناه اللغوي (التواصل‪،‬الوصل‪،‬الصلة‪،‬االتصال‪،‬اإليصال‪،‬التوصيل‪،‬التحاور‪،‬التخاطب‪ )...‬الشيء الذي‬
‫أدى إلى ظهور عدة تعريفات تستند إلى مجموعة من المقاربات المختلفة (اللسانيات‪-‬السيكولوجيا‪-‬‬
‫السيميوطيقا‪-‬البيداغوجيا‪-‬اإلعالميات‪-‬الفلسفة‪-‬السياسة‪-‬السوسيولوجيا‪ )...‬وعلى الرغم من هذا التعدد‬
‫الداللي و المفاهيمي للمصطلح‪ ،‬يمكن القول إن ظاهرة التواصل ال تخرج في معناها العام والشامل عن‬
‫تبادل المعلومات أو األخبار(الرسالة) بين شخصين أو أكثر (مرسل‪-‬مرسل إليه)وفق سياق معين(مرجع)‬
‫بواسطة اللغة أو غيرها من العالمات المختلفة والمتعددة (القناة) ‪ .‬ولتعميق الفهم بمكونات المفهوم‬
‫وخصائصه االصطالحية‪،‬البد من استحضار التعريف المتداول بكثرة لصاحبه "شارل كولي"الذي‬
‫يصرح بأن التواصل هو"الميكانيزم الذي بواسطته توجد العالقات اإلنسانية وتتطور‪،‬إنه يتضمن كل‬ ‫ّ‬
‫رموز الذهن مع وسائل تبليغها عبر المجال وتعزيزها في الزمان‪.‬ويتضمن أيضا تعابير الوجه وهيئات‬
‫(الجسم)‪،‬والحركات ونبرة الصوت‪،‬والكلمات‪،‬والكتابات والمطبوعات والقطارات والتلغراف‬
‫والتلفون‪،‬وكل ما يشمله آخر ما تم من االكتشافات في المكان والزمان"(‪) 2‬أما التحديد اإلجرائي لمفهوم‬
‫التواصل فيمكن صياغته على الشكل التالي‪":‬عملية إرسال رسالة بين طرفين أو أكثر‪،‬وتنجز بوسائل‬
‫داخل سياق محدد من أجل إحداث أثر"(‪.)3‬‬
‫‪-3-1-2‬مفهوم التواصل الصفي البيداغوجي‪:‬‬
‫يمثل التواصل الصفي البيداغوجي أهم األشكال التواصلية في العملية التربوية التكوينية التي تجمع بين‬
‫المدرس والتلميذ ضمن سياق عالئقي وتفاعلي مشروط بمحدداته الزمكانية والجماعية‪،‬وعليه‪،‬يمكن‬
‫استحضار تعريف متداول لمفهوم التواصل البيداغوجي على الشكل التالي‪":‬كل أشكال وسيرورات‬
‫ومظاهر العالقة التواصلية بين مدرس وتالميذ‪.‬إنه يتضمن نمط اإلرسال اللفظي وغير اللفظي بين‬
‫مدرس(أو مايقوم مقامه)والتالميذ أو بين التالميذ أنفسهم‪.‬كما يتضمن الوسائل التواصلية والمجال‬
‫والزمان‪.‬وهو يهدف إلى تبادل أو تبليغ ونقل الخبرات والمعارف والتجارب والمواقف مثلما يهدف إلى‬
‫التأثير على سلوك المتلقي‪.)4(".‬‬
‫‪ -3-1-3‬مفهوم جماعة القسم‪:‬‬
‫الجماعة وحدة اجتماعية تتكون من مجموعة من األفراد يتم بينهم تفاعل وعالقات اجتماعية‪،‬وقد عرف‬
‫المفهوم تسميات متعددة(الفريق\العصابة\الخلية\الزمرة\المجموعة\الطاقم)أما جماعة القسم‪،‬فتصنف ضمن‬
‫الجماعات النظامية المؤسسية من حيث اختيار أعضائها(المدرس\التالميذ)والمعايير التي تتحكم فيها‪،‬‬

‫‪ 1‬ابن منظور‪"،‬لسان العرب"‪،‬دار الفكر‪،‬الجزء‪،11:‬ص‪.726:‬‬


‫‪ 2‬الفاربي عبد اللطيف وآخرون‪"،1994،‬معجم علوم التربية"‪،‬سلسل علوم التربية‪،‬العدد‪،10-9:‬دار النجاح الجديدة‪،‬الدار‬
‫البيضاء‪،‬ص‪.43:‬‬
‫‪ 3‬وزارة التربية الوطنية‪،‬غشت‪"،2009‬دليل التواصل البيداغوجي وتقنيات التنشيط التربوي"‪،‬السنة األولى من التعليم‬
‫االبتدائي‪،‬نسخة رقمية‪،‬ص‪.3:‬‬
‫نجم‬ ‫التربية‪،‬العدد‪،3:‬مطبعة‬ ‫علوم‬ ‫عالقة؟"‪،‬سلسلة‬ ‫أية‬ ‫والتالميذ‬ ‫‪4‬جماعة من الباحثين‪"،1989،‬المدرس‬
‫الجديدة‪،‬الجديدة‪،‬ص‪.59:‬‬
‫‪2‬‬
‫وطبيعة العمل الذي تقوم به‪،‬إضافة إلى وجود سلطة تتحكم إلى حد ما في تنظيم الجماعة(‪.)5‬‬
‫وعليه يتضح أن عملية التواصل داخل جماعة القسم تجمع بين شخصين أو أكثر وفق عالقة بيداغوجية‬
‫تستدعي إعادة طرح السؤال التالي‪ :‬ماهي مظاهر ضعف التواصل البيداغوجي في جماعة القسم‬
‫وانعكاساته التربـوية؟‬
‫‪ -3-2‬مظاهر ضعف التواصل البيداغوجي في جماعة القسم وانعكاساته التربوية‪:‬‬
‫الشك أن الممارسة الصفية في المدرسة المغربية تعاني من عدة مشاكل من بينها ضعف التواصل‬
‫البيداغوجي‪ .‬ويتمثل هذا الضعف في المظاهر التالية‪:‬‬
‫قلة االنتباه والالمباالة‪ :‬غالبا ما يكون بعض التالميذ غير منتبهين أثناء إنجاز الدروس‪ ،‬ويبرز‬ ‫‪-‬‬
‫ذلك من خالل االنشغال بأشياء أخرى كالرسم واللعب أو النوم‪...‬‬
‫الصراخ والصوت المرتفع‪ :‬يضطر بعض المدرسين إلى رفع أصواتهم وأحيانا الصراخ عندما‬ ‫‪-‬‬
‫ينقطع خط التواصل بينهم وبين التالميذ‪ .‬ويزداد هذا الصراخ عندما يتكرر عدم االنتباه‬
‫والالمباالة من طرف التالميذ‪.‬‬
‫قلة الوسائل التعليمية‪ :‬عندما يوظف المدرس الوسيلة التعليمية نفسها‪ ،‬فهو يقلل من فرص‬ ‫‪-‬‬
‫التواصل‪ ،‬ويتسبب في الملل والرتابة‪.‬‬
‫ضعف النقط التي يحصل عليها التالميذ في االمتحانات واألنشطة التقويمية المختلفة‪ .‬ويعتبر هذا‬ ‫‪-‬‬
‫المظهر عالمة على ضعف التواصل بين أطراف العملية التعليمية التعلمية(المدرس ـ التلميذ ـ‬
‫الدرس)‬
‫العنف‪ :‬يشكل العنف الممارس من المدرس أو التلميذ عالمة بارزة على ضعف التواصل بل‬ ‫‪-‬‬
‫انعدامه‪ .‬ويتخذ هذا العنف أشكاال متعددة منها العنف اللفظي والعنف الجسدي‪.‬‬
‫الفشل والهدر المدرسيان‪ :‬عندما تكثر نسبة الفشل الدراسي ونسبة الهدر المدرسي فذلك مؤشر‬ ‫‪-‬‬
‫على ضعف التواصل بين أطراف العملية التعليمية التعلمية‪.‬‬
‫ولضعف التواصل البيداغوجي انعكاسات تربوية خطيرة يتجاوز مفعولها التلميذ إلى األسرة‬
‫والمجتمع‪ .‬ومن ذلك ضعف التحصيل الدراسي والرسوب والتغيبات المتكررة واالنقطاع والهدر‬
‫المدرسيين واللجوء إلى العنف‪ .‬وغالبا ما تشكل هذه االنعكاسات عامل قلق لدى األسر والفاعلين‬
‫التربويين‪ .‬وعندما تستفحل يؤدي ذلك إلى إصابة المنظومة التعليمية بالفشل‪.‬‬
‫‪ -3-3‬كيف ينمي التفاعل الصفي مهارات التواصل؟‪:‬‬
‫إن العملية التعليمية التعلمية تتأثر بجملة من المؤثرات اإلنسانية‪ ،‬و التفاعالت االجتماعية‪ ،‬والتواصلية‪،‬‬
‫و التفاعالت اللفظية‪ ,‬و غيرها‪ ..‬وجميعها تؤثر على إدارة العمل داخل الصف وممارسة التعليم والتعلم‬
‫فيه‪ ,‬لذلك يجب أن يكون التواصل داخل الفصل الدراسي تواصال بين جميع أطراف العملية التربوية‬
‫وليس مقتصرا على طرف واحد‪ ،‬ولكي يحقق التفاعل الصفي الكفاية التواصلية لدى المتمدرسين ينبغي‬
‫توفير الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ 5‬نفسه‪،‬ص‪.117:‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬معرفة حاجات المتعلمين واتجاهاتهم ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على زرع روح الفريق بين جماعة الصف ‪.‬‬
‫إنشاء عالقات يسودها التفاهم بين المدرس والمتعلمين ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االهتمام بعملية تحليل أنماط التفاعل اللفظي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إعطاء الفرصة الكاملة لجميع التالميذ للتفكير ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تشجيع جميع التالميذ على المشاركة ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬االستماع بعناية لما يقوله المتعلم ‪.‬‬
‫‪ -‬تثمين أجوبة المتعلمين ولو كانت خاطئة‪.‬‬
‫‪ -3-4‬معيقات التفاعل الصفي ‪:‬‬

‫إن الطبيعة الدينامية لجماعة الفصل ‪ ،‬وكذلك السياق الذي تتم فيه عملية التواصل التربوي‪ ،‬تفرز في‬
‫كثير من األحيان مجموعة من الصعوبات والعوائق التي تجعل من هذه العملية عملية غير مريحة دائما‪،‬‬
‫مما يخلق توترات تكبر خطورتها أو تقل بحسب مدى وعي المدرس‪ .‬ومن ضمن هذه الصعوبات التي‬
‫تحد من إمكانية خلق تواصل تربوي فعال‪ ،‬يمكن أن نذكر ما يلي‪:‬‬

‫أ) المعيقات الفكرية ‪:‬و ترتبط أساسا بقصور المتلقي عن فك الترميز ألن اللغة المستعملة في إيصال‬
‫المعرفة المدرسية‪ ،‬قد تفوق مستوى المستقبل‪ ،‬حيث إن القاموس المرجعي لكل من المدرس‪/‬المرسل‬
‫والتلميذ‪/‬المستقبل ال يكونان في توافق تام‪ .‬ويدخل في هذا اإلطار نقص المعلومات أو تضخمها‪ ،‬وعدم‬
‫مناسبة المقال للمقام‪.‬‬
‫ب) المعيقات السيكولوجية‪ :‬وتتمثل في المستوى العالئقي واالنطباعات التي تتكون تجاه اآلخر‪ ،‬كالفكرة‬
‫التي يكونها التلميذ عن المدرس أو المدرس عن التلميذ‪ ,‬هذا الرأي القبلي يمكن أن يكون سببا للنفور‬
‫أو االستقبال السلبي‪ ,‬حيث تؤثر شخصية األستاذ في نفوس تالميذه بشخصيته وهيئته ودرجة حيويته مما‬
‫يشدهم إليه ويرغبهم في التواصل معه أو ينفرهم منه ويصرف نفوسهم عنه‪.‬‬
‫‪ -‬كما نجد بعض العوامل النفسية المرتبطة بالمتعلم أو المدرس‪ ,‬حيث يمكن للمتعلم أن يشعر‬
‫بالخجل واالضطراب‪ ،‬والحرج‪ ،‬والخوف‪ ،‬وعدم اإلحساس بالحرية والتلقائية‪ ,‬وضعف الثقة بالنفس‪،‬‬
‫فاألستاذ الذي يمنح التلميذ فرصة التعبير واالختالف والخطأ يكون أقرب إلى منحه الثقة بالنفس من أستاذ‬
‫ال يقبل األجوبة الخاطئة‪ ،‬وينهج أسلوب القمع والتحقير‪.‬‬
‫‪ -‬إغفال تمثالت التالميذ ‪ :‬فاألستاذ الذي ال ينطلق من تمثالت تالميذه غالبا ما ال يوفق في تحقيق‬
‫التواصل التربوي معهم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫استغالل سذاجة التالميذ المعرفية‪ ،‬وتقديم معطيات خاطئة على أنها صحيحة‪ ،‬أو عدم االعتراف‬ ‫‪-‬‬
‫بكون المدرس معرضا للخطأ كغيره من الناس ‪.‬‬

‫ج‪ -‬المعيقات المرضية‪ :‬تتجلى فيما يمكن أن يلحق بالحواس‪ ,‬سواء المرسل أو المستقبل ‪ ,‬من‬
‫أعطاب وهذا يلحق أضرارا بالطرفين‪ ,‬سواء القناة السمعية الصوتية أو المرئية البصرية (صعوبة‬
‫نطق بعض الحروف – خلل في السمع‪ -‬ضعف البصر‪-‬أعطاب حسية‪/‬حركية أخرى‪)...‬‬
‫د‪ -‬عوائق تتعلق بظروف اإلرسال و االلتقاط‪ :‬وتتجلى في التشويش الذي يحدثه الضجيج داخل القسم‬
‫أو خارجه‪ ..‬ثم االكتظاظ داخل القسم الدراسي مما يكون سببا في تعدد شبكة التواصل و كذا بعد‬
‫المسافة بين المرسل و المستقبل و ذلك مما يزيد القناة التواصلية تعقيدا‪.‬‬

‫‪3-5‬ـ مقترحات لتجاوز ظاهرة ضعف التواصل البيداغوجي ‪:‬‬


‫بعدما رصدنا ظاهرة ضعف التواصل البيداغوجي في جماعة القسم‪ ،‬وبينا أهمية التفاعل اإليجابي في‬
‫تحقيق الكفاية التواصلية‪ ،‬وحددنا مجمل معيقاته‪ ،‬يمكننا أن نخلص إلى جملة اقتراحات تساعد على‬
‫الرفع من فاعلية العملية التعليمية التعلمية وتحقيق التفاعل السوسيوثقافي بين المتعلمين سواء داخل‬
‫األقسام أو في فضاءات المدرسة والمجتمع‪:‬‬
‫ـ تشجيع التالميذ على تجاوز التفكير في األجوبة فقط إلى التفكير في طرح األسئلة‪.‬‬
‫ـ تكوين المدرسين على تفادي الخطاب العمودي واستثمار الخطابات األفقية بين التالميذ من خالل‬
‫توظيفهم ألسئلة أو أنشطة ذات طبيعة تفاعلية من جهة‪ ،‬وتمهيرهم على االستماع واإلنصات إلى‬
‫بعضهم البعض بما يوفرونه من عالقات ديموقراطية داخل األقسام من جهة أخرى‪.‬‬
‫ـ توفير الظروف البيداغوجية المالئمة داخل الفصل الدراسي لتجاوز المعيقات النفسية والمعرفية‬
‫للمتعلمين تحد من التواصل الفعال‪.‬‬
‫ـ الحرص على تقديم محتويات قريبة من واقع التالميذ وحاجياتهم لجعلهم يتجاوزون سلبيتهم بشكل‬
‫تلقائي‪ ،‬وينخرطون في مناقشة القضايا المطروحة ويبدون وجهات نظرهم حولها‪.‬‬
‫ـ تخصيص مجزوءات في مختلف األسالك التعليمية لتنمية مهارة التعبير الشفهي وتعزيز مواقف‬
‫التالميذ االيجابية تجاه اآلخرين من خالل تقدير مواقفهم ووجهات نظرهم‪.‬‬
‫ـ االستفادة من تجارب تدريسية اللغات األجنبية التي تخصص جل أنشطتها للتفاعالت الصفية‪ ،‬ألنها‬
‫تعتبر التواصل البيداغوجي مدخال مناسبا الكتساب االندماج االجتماعي للمتعلم‪.‬‬
‫ـ مراعاة نتائج البحوث التربوية حول التواصل أثناء بناء الكتب المدرسية‪ ،‬وتكوين المدرسين حول‬
‫كيفية استثمارا لمقاربة بالكفايات في جعل التالميذ يستدمجون مهاراتهم التواصلية في إطار األنشطة‬
‫الموازية‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬الخاتمة‪:‬‬
‫تلعب إمكانات المدرس الديداكتيكية دورا ال يخلو من أهمية في اإلسهام في تواصل تربوي‬
‫ناجح‪ ،‬ذلك أن تكوينه البيداغوجي و امتالكه للميكانيزمات التعليمية يعتبر أمرا مهما في هذا‬
‫المجال‪ ،‬إذ ال يكفي حب المتعلم و معرفة مرحلته النمائية‪ ،‬بل ينبغي أيضا امتالك التقنيات الكفيلة‬
‫بالتواصل التربوي‪ ،‬أي القدرة على النزول بهذه الشحنات الوجدانية و النظرية إلى مجال‬
‫الممارسة‪ .‬فالفعل التعليمي لم يعد حاليا‪ ،‬مع تطور المعرفة البيداغوجية و العلوم اإلنسانية و‬
‫وسائل االتصال الجماهيرية‪ ،‬لم يعد يرتكز على الحدس و التلقائية‪ ،‬بل أصبح عمال مضبوطا و‬
‫مقننا و مخططا له‪ ،‬و هذا ما يستلزم من المدرس أن يكون مخططا ومقوما و منشطا‪ .‬و تلعب‬
‫و أساليب تقويم‪ ،‬دورا‬ ‫المعطيات البيداغوجية من أهداف و برامج و طرائق رسمية‬
‫كبيرا في عملية التواصل و تحديد طبيعة المردودية التعليمية؛ إذ كلما كانت تلك األهداف‬
‫واضحة و مدروسة و علمية‪ ،‬و كلما كانت البرامج في مستوى المتعلمين و حاجاتهم و ميولهم‪،‬‬
‫و كلما كانت الطرائق ترمي إلى عدم االقتصار على شحن األدمغة‪ ،‬بل إلى تطوير الشخصية و‬
‫تعليم التعلم‪ ،‬و كذلك كلما كانت أساليب التقويم هادفة إلى توظيف التغذية الراجعة‪ ،‬كلما وجدت‬
‫األدوات البيداغوجية السليمة إلحداث تواصل تربوي إيجابي‪ ،‬و من ثم المردودية المتحسنة‬
‫باستمرار‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like