You are on page 1of 170

‫إعداد‬

‫رحبي اجلديلي‬

‫‪ 2019‬مـ‬

‫‪0‬‬
‫البرنامج الوطني لدار الكتب الفلسطينية‬
‫بطاقة فهرسة أثناء النشر‬
‫وزارة الثقافة – اإلدارة العامة للمكتبات والمخطوطات‬

‫الجديلي ‪ ،‬ربحي عبد القادر موسى‬


‫السلوك والسلوك التنظيمي ‪ /‬ربحي عبد القادر موسى الجديلي – غزة ‪ :‬مكتبة دريم ‪،‬‬
‫‪2019‬م‪.‬‬
‫(‪ )168‬ص‪ 17*24 ،‬سم‬
‫رقم اإليداع‪2019/1261 :‬‬

‫‪1‬‬
‫يَرْفَعِ اللََّهُ الََّذِينَ آ َمنُوا مِنكُمْ‬

‫وَالََّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات‬

‫وَاللََّهُ بِمَا تَعْمَلُو َن خَبِريٌ‬


‫(اجملادلة ‪)11‬‬

‫‪2‬‬
‫فهرس المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫املوضوع‬


‫‪4‬‬ ‫مقدمة عن علم السلوك‬ ‫‪1‬‬
‫‪15‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬استراتيجيات النجاح اإلداري‬ ‫‪2‬‬
‫‪26‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬اإلدراك‬ ‫‪3‬‬
‫‪36‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬التعلم‬ ‫‪4‬‬
‫‪44‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬الدافعية‬ ‫‪5‬‬
‫‪58‬‬ ‫الفصل الخامس‪ :‬التحفيز‬ ‫‪6‬‬
‫‪71‬‬ ‫الفصل السادس‪ :‬الشخصية‬ ‫‪7‬‬
‫‪81‬‬ ‫الفصل السابع‪ :‬القيم واالتجاهات‬ ‫‪8‬‬
‫‪93‬‬ ‫الفصل الثامن‪ :‬الرضا عن العمل‬ ‫‪9‬‬
‫‪101‬‬ ‫الفصل التاسع‪ :‬الجماعات في المنظمة‬ ‫‪10‬‬
‫‪112‬‬ ‫الفصل العاشر‪ :‬الصراع التنظيمي‬ ‫‪11‬‬
‫‪126‬‬ ‫الفصل الحادي عشر‪ :‬قواعد هامة في علم التغيير‬ ‫‪12‬‬
‫‪144‬‬ ‫الفصل الثاني عشر‪ :‬القوة والنفوذ‬ ‫‪13‬‬
‫‪160‬‬ ‫الفصل الثالث عشر‪ :‬مواقف سلوكية‬ ‫‪14‬‬
‫‪168‬‬ ‫المراجع‬ ‫‪15‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫تعتبر المنظمات كيانات اجتماعية‪ ،‬يعمل فيها العنصر البشري‪ ،‬إلشباع حاجاته‪ ،‬وتحقيق‬
‫أهدافه وطموحاته‪ ،‬والعنصر البشري يمثل البنية األساسية‪ ،‬التي تعتمد عليها المنظمات‪،‬‬
‫باختالف أنواعها وأحجامها ومجاالت عملها؛ لممارسة أنشطة ومهام العمل‪ ،‬وتحقيق‬
‫األهداف التنظيمية‪ ،‬ولذلك فإن فهم سلوك العنصر البشري في المنظمات كأفراد‬
‫وكجماعات‪ ،‬يعتبر اليوم متطلب أساسي؛ لزيادة كفاءة وفعالية أداء الفرد والجماعة وأداء‬
‫المنظمة‪.‬‬

‫لماذا ندرس السلوك اإلنساني داخل المنظمات؟‬

‫إدارة أي منظمة‪ ،‬تسعى إلى توجيه سلوك العاملين‪ ،‬الوجهة المحققة ألهداف المنظمة‪،‬‬
‫ولكي تستطيع أن ِّ‬
‫توجه سلوك العاملين في هذه الوجهة‪ ،‬يجب أوًال أن تتحكم في هذا‬
‫السلوك‪ ،‬ولكي تتحكم في هذا السلوك‪ ،‬البد أن تكون قادرة على التنبؤ بهذا السلوك بصفة‬
‫مستمرة‪ ،‬بمعنى أنه يجب التعرف على ردود فعل العاملين‪ ،‬تجاه العديد من األشياء مثل‬
‫(رد فعل الفرد على أنظمة العمل‪ ،‬اللوائح‪ ،‬توصيف الوظائف‪ ،‬أنظمة التعويض‪ ،‬كيف‬
‫يتلقى الفرد التوجهات واألوامر‪ ،‬رد فعل الفرد عن نظام التأديب واالنضباط)‪ ،‬كل هذه‬
‫أمثلة عن التنبؤ بالسلوك‪.‬‬

‫فإن فهمنا ألسباب سلوك هؤالء األفراد‪ ،‬وقدرتنا على توقعه والتأثير فيه‪ ،‬هو الذي سيمكننا‬
‫من التعرف على مالمح الحياة في تلك المنظمات‪ ،‬وهذه المعرفة ستعطينا بالتالي الفرصة‬
‫مثال لماذا يؤدي األفراد في شركة‪ ،‬أعمالهم بمستوى‬
‫لتحسين هذه الحياة وتطويرها‪ ،‬وسنفهم ً‬
‫ممتاز أو مقبول أو ضعيف؛ عندما نفهم األسباب التي تؤدي إلى أن يختار إنسان سلوكاً‬
‫معينا دون غيره‪ ،‬ثم نوظف هذا الفهم‪ ،‬في محاولة االرتفاع بمستوى أداء األفراد‪ ،‬من‬
‫ً‬
‫ضعيف ومقبول‪ ،‬إلى ممتاز‪ ،‬ونوظف هذا الفهم أيضاً في تحسين نوعية حياة العمل‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫التي يعيشها أولئك األفراد وزيادة رضاهم‪ ،‬فإذا ارتفع أداء مجموع األفراد بالمنظمة‪،‬‬
‫وتحسنت نوعية حياة العمل بها‪ ،‬سوف تصبح المنظمة كلها أكثر نجاحاً‪ ،‬أي تزداد فعالية‬
‫المنظمة ككل‪.‬‬

‫السلوك اإلنساني‪ :‬هو فعل أو رد فعل مرتبط بالبيئة‪.‬‬

‫المنظمة‪ :‬هي أي تجمع هادف‪.‬‬

‫السلوك التنظيمي‪ :‬هو سلوك األفراد داخل المنظمات‪.‬‬

‫هناك ‪ 3‬مستويات لتحليل السلوك اإلنساني في المنظمة‪:‬‬

‫• على المستوى الفردي‪( :‬اإلدراك‪ ،‬التعلم‪ ،‬الدافعية‪ ،‬الشخصية‪ ،‬القيم‪ ،‬واالتجاهات)‪.‬‬


‫• على المستوى الجماعي‪( :‬ديناميكية الجماعة‪ ،‬القيادة‪ ،‬االتصال‪ ،‬النفوذ والمناورات)‬
‫• على المستوى التنظيمي‪( :‬الوظائف‪ ،‬الهياكل‪ ،‬السلطة)‪.‬‬

‫أهداف دراسة السلوك التنظيمي‪:‬‬

‫بصفة عامة؛ يهتم السلوك التنظيمي بتنمية مهارات األفراد‪ ،‬وفي واقع األمر يهدف السلوك‬
‫التنظيمي إلى تفسير‪ ،‬والتنبؤ‪ ،‬والسيطرة والتحكم في سلوك األفراد‪.‬‬

‫‪ -1‬تفسير السلوك التنظيمي‪:‬‬

‫عندما نسعى لإلجابة على السؤال (لماذا) تصرف فرد ما أو جماعة من األفراد بطريقة‬
‫معينة‪ ،‬فنحن ندخل في مجال هدف التفسير للسلوك اإلنساني‪ ،‬وقد يكون هذا الهدف هو‬
‫أقل األهداف الثالثة أهمية من وجهة نظر اإلدارة‪ ،‬ألنه يتم بعد حدوث األمر أو الحدث‪،‬‬
‫ولكن بالرغم من هذا‪ ،‬فإن فهم أي ظاهرة يبدأ بمحاولة التفسير‪ ،‬ثم استخدام هذا الفهم‬
‫فمثال إذا قدم عدد من األفراد ذوي القيمة العالية بالنسبة للمنظمة‬
‫لتحديد سبب التصرف‪ً ،‬‬

‫‪5‬‬
‫طلب استقالة جماعية‪ ،‬فإن اإلدارة بالطبع تسعى لمعرفة السبب لتحدد ما إذا كان من‬
‫الممكن تجنبه في المستقبل‪ ،‬فاألفراد قد يتركون العمل ألسباب عديدة‪ ،‬ولكن عندما يفسر‬
‫معدل ترك العمل العالي كنتيجة النخفاض األجر‪ ،‬أو الروتين في العمل‪ ،‬فإن المديرين‬
‫غالبا ما يستطيعون اتخاذ اإلجراءات التصحيحية المناسبة في المستقبل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬التنبؤ بالسلوك‪:‬‬

‫يهدف التنبؤ إلى التركيز على األحداث في المستقبل‪ ،‬فهو يسعى لتحديد النواتج المترتبة‬
‫على تصرف معين‪ ،‬واعتماداً على المعلومات والمعرفة المتوافرة من السلوك التنظيمي‪،‬‬
‫يمكن للمدير أن يتنبأ بالردود تجاه عمليات التغيير في المنظمة‪ ،‬ومن خالل التنبؤ‬
‫باستجابات األفراد‪ ،‬أن يتعرف على المداخل التي يكون فيها أقل درجة من مقاومة األفراد‬
‫للتغيير‪ ،‬ومن ثم يستطيع أن يتخذ ق ارراته بطريقة صحيحة‪.‬‬

‫‪ -3‬السيطرة والتحكم في السلوك‪:‬‬

‫ُيعد هدف السيطرة والتحكم في السلوك التنظيمي من أهم وأصعب األهداف‪ ،‬فعندما يفكر‬
‫جهدا أكبر في العمل‪ ،‬فإن هذا المدير‬
‫المدير كيف يمكنه أن يجعل فرداً من األفراد يبذل ً‬
‫يهتم بالسيطرة والتحكم في السلوك‪ ،‬ومن وجهة نظر المديرين فإن أعظم إسهام للسلوك‬
‫التنظيمي‪ ،‬يتمثل في تحقيق هدف السيطرة والتحكم في السلوك والذي يؤدي إلى تحقيق‬
‫هدف الكفاءة والفعالية في أداء المهام‪.‬‬

‫وبالرغم من أن السلوك التنظيمي ليس وظيفة تؤدى يومياً مثلها مثل المحاسبة أو‬
‫التسويق أو التمويل‪ ،‬إال أنها تتغلغل في كل وظيفة تقريباً على مستوى المنظمات‪ ،‬وعلى‬
‫مستوى األعمال‪ ،‬وعلى مستوى جميع التخصصات‪ ،‬فكل فرد يخطط ألن يشغل عمالً‬
‫في أي منظمة‪ ،‬سواء كانت كبيرة أو صغيرة الحجم‪ ،‬عامة أو خاصة‪ ،‬البد له أن يدرس‬
‫ويفهم السلوك التنظيمي ليتعامل مع اآلخرين‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫السلوك التنظيمي والتحديات اليوم‪:‬‬

‫‪ -1‬يتطلع السلوك التنظيمي إلى تحسين الموارد البشرية‪:‬‬

‫إن أرباب األعمال والمدراء في أوائل القرن العشرين‪ ،‬كانوا بالقطع يملكون وجهات نظر‬
‫سلبية واتجاهات سيئة تجاه العاملين‪ ،‬فكانوا يفترضون أن الناس بطبيعتهم كسالى وغير‬
‫مسئولين‪ ،‬وكانوا يعاملونهم بغير احترام‪ ،‬هذا المدخل أو المنظور السلبي للناس‪ ،‬والذي‬
‫استمر لسنوات عديدة‪ ،‬يعكس النظرية التقليدية لإلدارة‪ ،‬والتي أطلق عليها النظرية " ‪" X‬‬
‫لصاحبها "دوجالس ماك غريجور"‪.‬‬

‫وفلسفة هذه اإلدارة تفترض أن الناس كسالى‪ ،‬يكرهون العمل‪ ،‬ويحتاجون إلى التوجيه‪ ،‬وال‬
‫يعملون إال إذا تم دفعهم واجبارهم على العمل‪.‬‬

‫بالرغم من ذلك‪ ،‬إذا سألت اليوم مجموعة متنوعة من المسئولين في الشركات المساهمة‪،‬‬
‫عن نظرتهم األساسية للطبيعة اإلنسانية‪ ،‬من المحتمل أن تجد أفكا اًر أكثر تفاؤالً‪ ،‬فمثلما‬
‫يميل اإلنسان إلى اللعب واللهو‪ ،‬يميل أيضاً إلى العمل‪ ،‬واذا تم تقدير الناس وفقاً لجهودهم‬
‫في العمل‪ ،‬واذا أعطوا الفرصة للنجاح‪ ،‬يمكن أن نتوقع منهم المثابرة في العمل‪ ،‬دون‬
‫الحاجة لدفعهم إليه‪ ،‬وتمثل هذه النظرية " ‪ ،" Y‬وتعتبر نظرة متفائلة لإلنسان‪.‬‬

‫‪ -2‬يعترف السلوك التنظيمي بالطبيعة المتغيرة (الديناميكية) للمنظمات‪:‬‬

‫المنظمة هي بناء اجتماعي منظم‪ ،‬يتكون من جماعات‪ ،‬وأفراد‪ ،‬يعملون ً‬


‫معا بغرض‬
‫تحقيق أهداف متفق عليها‪ ،‬ويعترف علماء السلوك التنظيمي بأن المنظمات ليست وحدات‬
‫ساكنة‪ ،‬ولكنها ديناميكية‪ ،‬ودائمة التغير‪ ،‬بمعنى أن المنظمات أنظمة مفتوحة‪ ،‬أي أنها‬
‫أنظمة تغذية ذاتية‪ ،‬تستخدم الطاقة لتحويل موارد من البيئة (مثل المواد الخام) إلى‬
‫مثال)‪.‬‬
‫مخرجات (منتج نهائي ً‬

‫‪7‬‬
‫‪ -3‬يفترض السلوك التنظيمي عدم وجود مدخل مثالي‪:‬‬

‫يتفق علماء السلوك التنظيمي اليوم‪ ،‬على عدم وجود مدخل مثالي‪ ،‬لدراسة السلوك‬
‫اإلنساني في المنظمات‪ ،‬فمثالً‪ ،‬هناك عوامل واضحة األهمية‪ ،‬منها العوامل الفردية‪ ،‬مثل‬
‫قيم العمل الفردية‪ ،‬المهارات‪ ،‬ودوافع المثابرة في العمل‪ ،‬ولكنها وحدها توضح فقط جانب‬
‫من الصورة‪ ،‬فيجب علينا أيضاً أن نأخذ في الحسبان العديد من العوامل الموقفية‪ ،‬مثل‬
‫العالقات االجتماعية بين الزمالء‪ ،‬وكذلك العوامل البيئية المحيطة‪ ،‬مثل االقتصاد القومي‪.‬‬

‫فكل هذه المتغيرات‪ ،‬ال تلعب أدوا اًر منفصلة في التأثير على كيفية تصرف فرد معين‬
‫موحدا‪ ،‬ويزيد في تعقد الصورة أو‬
‫ً‬ ‫حين يعمل‪ ،‬ولكن تأثيرها على السلوك يمكن أن يكون‬
‫الموقف‪.‬‬

‫‪ -4‬يواجه السلوك التنظيمي التحديات الناتجة عن تغير طبيعة القوى العاملة‪:‬‬

‫يختلف السلوك التنظيمي من مجتمع إلى آخر‪ ،‬ومن دولة إلى أخرى؛ نظ اًر الختالف قوة‬
‫العمل‪ ،‬والطبيعة المتغيرة للقوى العاملة نفسها‪ ،‬فالعمالة المتباينة الثقافات‪ ،‬تحتاج من‬
‫المنظمة أن تراعي االختالفات في إدارتها‪ ،‬مثل تعدد األعراق في الواليات المتحدة‪ ،‬أو‬
‫الشركات العابرة للقارات‪ ،‬أو شركات متعددة الجنسيات التي توجد في أقطار متعددة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫السلوك التنظيمي ‪ ..‬جذور تاريخية‪:‬‬

‫المستقرئ للتاريخ يجد أن محاوالت فهم السلوك اإلنساني داخل المنظمات لها جذور‬
‫تاريخية بعيدة‪ ،‬ففي الحضارة الفرعونية مثالً‪ ،‬وجد أنه كان هناك اعتراف فيما بينهم‬
‫بضرورة االستماع إلى شكوى العاملين‪ ،‬وال شك أن االستماع وحده يكون في أحيان كثيرة‬
‫عالجاً – ولو مؤقتاً – لبعض العاملين‪.‬‬

‫واذا طالعت التاريخ اإلسالمي ستجد أن الحضارة اإلسالمية قد اهتمت بالسلوك البشري‬
‫داخل المنظمات اهتماماً بالغاً‪ ،‬فأقرت مبدأ التشاور مع المرؤوسين عند اتخاذ القرار وهذا‬
‫ما يسمى حالياً بالمشاركة في اتخاذ الق اررات اإلدارية‪ ،‬كما شجعت االتصال المباشر بين‬
‫الرئيس والمرؤوس‪ ،‬كما أن مفاهيم االتصال الجيدة كانت لها مجاالت واسعة في الدين‬
‫اإلسالمي بشكل كبير‪.‬‬

‫وقد ظهر في القرن السادس عشر نموذج لمحاولة تفسير السلوك اإلنساني والتحكم فيه‬
‫أال وهو النموذج الميكافيللي‪ ،‬حيث وضع (ميكافيللي) نظريته القائمة على أن سلوك‬
‫الناس محفوف بعدم الثقة والشك‪ ،‬وأن األسلوب المالئم للسيطرة على سلوكهم هو القسوة‬
‫والخداع‪ ،‬أو أي وسيلة أخرى يمكن من خاللها السيطرة على هذا السلوك‪ ،‬وقد أودع‬
‫(ميكافيللي) نظريته هذه في كتابه الشهير (األمير) والذي كان قد كتبه إلرضاء حاكم‬
‫إحدى المدن اإليطالية‪ ،‬وشرح خالل هذا الكتاب كيف يجب أن يتصرف األمير الكفء‪،‬‬
‫وكان مبدأه األساسي هو (الغاية تبرر الوسيلة)‪ ،‬بمعنى أن أي وسيلة يمكن استخدامها‬
‫ولو كانت غير نبيلة أو مشروعة طالما أنها ستوصل في النهاية إلى هدف نبيل‪ ،‬وقد‬
‫أوصى (ميكافيللي) في كتابه بضرورة استخدام أساليب المكر والدهاء والخداع والتدليس‬
‫والمراوغة‪ ،‬بجانب استخدام أساليب القهر والقسوة والشدة والردع إلحكام السيطرة على‬
‫سلوك المرؤوسين‪ ،‬وال يمنع ذلك من استخدام أسلوب الحوافز والمكافآت على أن يكون‬
‫في ظالل نظام الردع ‪ ،‬والعجيب أن بعض هذه األساليب ال زالت موجودة في بعض‬

‫‪9‬‬
‫المنظمات إلى يومنا هذا وبخاصة السياسي منها‪ ،‬كما أنه من الممكن القول أن العمل‬
‫السياسي يتبع العديد من مبادئ (ميكافيللي) التي أودعها في كتابه منذ ما يقرب من‬
‫خمسة قرون !!‬

‫وفي الفكر اإلداري المعاصر سنجد أن أول مدرسة إدارية تكلمت حول السلوك اإلنساني‬
‫وكيفية السيطرة عليه بطريقة علمية حديثة هي (المدرسة الكالسيكية‪ ،‬وقد افترضت‬
‫المدرسة الكالسيكية بشكل عام أن األفراد كسالى وأنهم غير قادرين على تنظيم وتخطيط‬
‫العمل وأنهم غير عقالنيين وأنهم انفعاليون‪ ،‬ولهذه األسباب هم غير قادرين على أداء‬
‫أعمالهم بطريقة صحيحة وفعالة‪ ،‬وبالتالي صارت السيطرة على هذا السلوك غير الرشيد‬
‫حتماً مقضياً‪ ،‬ولذا ستجد أن جميع النماذج الخارجة من المدرسة الكالسيكية تركز على‬
‫فرض نموذج عقالني ورشيد وقوي على العاملين وذلك كمحاولة للسيطرة على سلوكهم‬
‫داخل المنظمة‪.‬‬

‫ومن أهم نماذج المدرسة الكالسيكية‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نموذج اإلدارة العلمية (فريدريك تايلور)‬

‫افتراضات هذا النموذج قائمة على اعتبار أن األفراد كسالى‪ ،‬وأنهم مدفوعون فقط من‬
‫الناحية المادية‪ ،‬وأنهم غير قادرين على تخطيط وتنظيم األعمال المنوطة بهم‪ ،‬وبالتالي‬
‫ظهرت محاوالت رواد هذه المدرسة للسيطرة على السلوك اإلنساني داخل المنظمات من‬
‫خالل عمل تصميم مثالي للوظائف ومن خالل الحوافز المالية‪.‬‬

‫وتعتبر محاوالت (فريدريك تيلور) هي أول المحاوالت المنظمة في هذا المجال‪ ،‬حيث‬
‫كانت له مجموعة من التجارب اإلدارية في الشركات التي كان يعمل بها‪ ،‬وقد تبلور الفكر‬
‫الناتج عن هذه التجارب في كتابه (مبادئ اإلدارة العلمية)‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وتلت جهود (فريدريك تيلور) ما قام به الزوجان (فرانك) و (ليليان جيلبرث) بما يسمى‬
‫(دراسة الحركة والوقت)؛ حيث قاما ببحث أنواع الحركات التي يؤديها العامل في عمله‬
‫ووقت كل حركة‪ ،‬ثم يحددون بعد ذلك ما هي أنسب حركات عليه أن يؤديها ليصل إلى‬
‫أسرع وأفضل أداء ممكن‪.‬‬

‫لقد اعتبر رواد هذه المدرسة أن اإلنسان مثله مثل أي مورد آخر من موارد المنظمة من‬
‫آالت وغيرها‪ ،‬وبالتالي يجب التحكم في هذا المورد عن طريق تصميم وظيفته وتدريبه‬
‫وتحديد معيار علمي لقياس معدل إنتاجه‪ ،‬هذا بجانب تحفيزه على العمل باستخدام الحوافز‬
‫المالية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬نموذج العملية اإلدارية (هنري فايول)‬

‫وتتشابه افتراضاتها حول السلوك اإلنساني مع االفتراضات التي تبنتها (اإلدارة العلمية)‬
‫إال أنها اختلفت معها في األسلوب الذي يمكن أن تتخذه المنظمة للتحكم في السلوك‬
‫اإلنساني‪ ،‬فلئن كانت (اإلدارة العلمية) قد ركزت على وجود تصميم مثالي أوحد ألداء‬
‫العمل بجانب الحوافز المادية‪ ،‬فقد جاءت نظرية (العملية اإلدارية) لتقول أنه يمكن‬
‫السيطرة على السلوك اإلنساني من خالل العملية اإلدارية والقواعد واألوامر‪ ،‬أي من خالل‬
‫تصميم محكم للعمليات اإلدارية كالتخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة‪ ،‬وأيضاً من خالل‬
‫وضع ضوابط محددة لألداء يسيطر على السلوك اإلنساني‪.‬‬

‫ومن أشهر رواد هذا النموذج الفرنسي (هنري فايول) الذي قسم العملية اإلدارية إلى خمسة‬
‫أقسام‪ :‬التخطيط والتنظيم واألمر والتنسيق والرقابة‪ ،‬وبناء على هذه األنشطة قام بوضع‬
‫أربعة عشر مبدأً إدارياً يمكن من خاللها القيام بأنشطة اإلدارة على خير وجه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ثالثاً‪ :‬النموذج البيروقراطي (ماكس فيبر)‬

‫وقد افترض رواده أن الناس غير عقالنيين وأنهم انفعاليون في أدائهم للعمل‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى جعل االعتبارات الشخصية سائدة في العمل وجعل االعتبارات العقلية والموضوعية‬
‫غير واردة في محيط العمل‪ ،‬وقد انعكس ذلك على وضعهم للنموذج (البيروقراطي) من‬
‫أجل السيطرة على السلوك اإلنساني داخل المنظمات‪ ،‬حيث تذكر النظرية أنه سيتم‬
‫السيطرة على السلوك اإلنساني من خالل وجود نظام صارم للقواعد واإلجراءات داخل‬
‫المنظمة‪.‬‬

‫ويعتبر (ماكس فيبر) أشهر علماء هذه المدرسة‪ ،‬قد اتخذ هذا االتجاه من خالل مالحظته‬
‫لسوء استخدام المديرين لسلطاتهم‪ ،‬وعدم االتساق في أسلوب اإلدارة لعدم وجود قواعد‬
‫حاكمة للسلوك‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن مبادئ البيروقراطية في ذاتها ليس فيها ما يعيبها‪ ،‬إال أنه عند‬
‫تطبيقها تجد العاملين يهابون من أي تصرف نظ اًر للخوف من عدم وجود قاعدة أو إجراء‬
‫تسمح بهذا التصرف مما قد يوقعهم في العقوبة‪ ،‬ولذلك فالبيروقراطية الزائدة تؤدي إلى‬
‫قتل روح اإلبداع واالبتكار؛ إذ يصير الهم األكبر هو االلتزام بالقواعد واإلجراءات فقط‪،‬‬
‫دون النظر إلى التجديد واالبتكار ورفع الكفاءة وزيادة الفاعلية‪.‬‬

‫وقد أدى هذا النقد الموجه إلى النماذج المختلفة من المدرسة الكالسيكية‬
‫إلى ظهور مدرسة جديدة تهتم بالعنصر البشري في المنظمات‪ ،‬وتعتبره إنساناً‬
‫اجتماعياً وليس فقط إنساناً اقتصادياً‪..‬‬

‫وقد ظهرت نظريات تبع ًا الفتراضات هذه المدرسة ومن أبرزها‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫نظرية العالقات اإلنسانية‪:‬‬

‫وهي على النقيض من المدرسة الكالسيكية حيث افترضت بأن اإلنسان مخلوق اجتماعي‪،‬‬
‫يسعى إلى إنشاء عالقات أفضل مع اآلخرين‪ ،‬وأن أفضل صفة إنسانية جماعية هي‬
‫التعاون وليس التنافس‪ ،‬وبالتالي اختلفت سياسات هذه النظرية عن سابقتها في التعامل‬
‫مع العنصر البشري للسيطرة على سلوكه‪ ،‬فاتجهت هذه النظرية إلى القيادة الديموقراطية‬
‫ومشاركة العاملين في اتخاذ الق اررات ووضع أنظمة الشكاوى واالقتراحات والرحالت‬
‫والحفالت االجتماعية‪ ،‬ومن العيوب التي قد تتخذ على هذه النظرية أنها أفرطت في‬
‫االهتمام بالعالقات االجتماعية‪ ،‬األمر الذي قد يصل في النهاية إلى تدليل العاملين‬
‫وافسادهم‪.‬‬

‫نظرية العلوم السلوكية‪:‬‬

‫وقد جاءت نتيجة للعيوب التي ظهرت في نظرية العالقات اإلنسانية‪ ،‬حيث حاول بعض‬
‫العلماء تطويرها ليتم استخدام كل الجوانب السلوكية إلعطاء تفسيرات أكثر دقة وشموالً‬
‫للسلوك اإلنساني‪ ،‬ففي حين ركزت نظرية العالقات اإلنسانية على العالقات والمشاعر‪،‬‬
‫جاءت هذه النظرية تعترف بالجوانب اإليجابية والسلبية لكل من سلوك األفراد واإلدارة‬
‫وتحاول أن تعطي تفسيرات أكثر واقعية للسلوك اإلنساني لتتمكن من توظيف كل الطاقات‬
‫السلوكية للناس في أعمالهم‪.‬‬

‫ويمكن تجميع آراء رواد هذه النظرية وتلخيصها في المبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬يختلف الناس في حاجاتهم‪ ،‬فبعضهم تسيطر عليه الحاجات المادية وبعضهم تسيطر‬
‫عليه الحاجات االجتماعية وبعضهم تسيطر عليه الحاجة لتحقيق الذات‪.‬‬
‫‪ -2‬يسعى األفراد ألن يكونوا ناضجين وناجحين في العمل‪ ،‬وهم حريصون على إبراز‬
‫طاقاتهم ليشعروا بالنجاح‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -3‬يسعى األفراد لكي يكونوا منضبطين في العمل‪ ،‬ولكن الرقابة المباشرة قد تؤذي هذا‬
‫الشعور باالنضباط الذاتي‪ ،‬ولذلك فالرقابة غير المباشرة من اإلدارة مع إشعار العاملين‬
‫بأنهم مسئولون عن أعمالهم يمكن أن يشيع حالة من الرقابة الذاتية في العمل‪.‬‬
‫‪ -4‬يتميز العاملون بأن لديهم قدر من الدافعية الذاتية والطاقة الداخلية إلنجاز العمل‬
‫واتقانه وعلى المنظمة أن تستغل هذه الطاقة الداخلية وتوظيفها‪.‬‬
‫‪ -5‬تتدخل عناصر أخرى في التأثير على سلوك الفرد في عمله‪ ،‬ومن أبرزها طريقة‬
‫الفهم‪ ،‬وأسلوب اكتساب السلوك‪ ،‬واالتجاهات النفسية والقدرات‪ ،‬وأسلوب االتصال‬
‫باآلخرين‪ ،‬والقدرة على القيادة‪ ،‬وعلى المديرين أخذ كل هذه األمور في الحسبان‪.‬‬
‫‪ -6‬يسعى األفراد لتحقيق تماثل بين أهدافهم وأهداف المنظمة‪ ،‬ولذلك إن لم يحدث تعارض‬
‫بين أهداف المنظمة وأهداف األفراد انطلقت طاقات الفرد وقدراته الذاتية في العمل‪.‬‬
‫‪ -7‬يختلف السلوك الفردي واإلداري من دولة ألخرى (أو من حضارة ألخرى) وعلى كل‬
‫من يمارس أعماله مع حضارات ودول مختلفة مراعاة هذه الفروق‪.‬‬
‫‪ -8‬يختلف سلوك األفراد على حسب الموقف الذي يتعرضون له‪ ،‬وكذلك تختلف طريقة‬
‫اإلدارة المثلى في التصرف مع األفراد على حسب هذه الظروف‪ ،‬ولذلك يختلف النمط‬
‫القيادي المفضل على حسب الموقف‪ ،‬فمثالً يفضل النمط القيادي التسلطي مع األفراد‬
‫المتسيبين‪ ،‬بينما يفضل النمط القيادي الديموقراطي مع األفراد المنضبطين‪.‬‬

‫ولعل النقطة األخيرة تشير إلى المبدأ الموقفي في اإلدارة‪ ،‬ونستطيع القول‬
‫بأن هذا المبدأ – المبدأ الموقفي – هو التوجه الذي صار عليه السلوك‬
‫التنظيمي اليوم‪.‬‬

‫أي أن التصرفات اإلدارية الصحيحة التي يجب أن تتخذ للتحكم في السلوك‬


‫اإلنساني تتوقف على حسب الموقف القائم والظروف المحيطة به‬
‫واألشخاص المعنيين في هذا الموقف‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الفصل األول‬

‫اسرتاتيجيات النجاح اإلداري‬

‫‪15‬‬
‫هناك ثالثة عناصر هامة لنجاح كل مؤسسة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬المنتوج أو الخدمات‬

‫ثانياً‪ :‬العملية‬

‫(أي الطريقة التي تقومون فيها بالعمل‪ ،‬وطريقة صناعتكم لمنتجاتكم‪ ،‬وطريقة تسويقكم‬
‫لخدماتكم)‬

‫ثالثاً‪ :‬الشخص‬

‫سيخصص له الجزء األكبر في هذا الفصل‪.‬‬


‫وهو الجزء الذي ُ‬
‫األشخاص المشاركون معكم في عملكم‬

‫في هذه المحاضرة سنناقش إن شاء هللا أربع استراتيجيات هامة يستطيع المدراء استخدامها‬
‫حد أقصى من األداء من موظفيهم‪.‬‬ ‫للحصول على ٍ‬

‫االستراتيجية األولى‬

‫يفعل الناس ما يفعلونه لكسب المتعة أو لتجنب األلم‬

‫وهذا صحيح جداً عند الحديث عن السلوك اإلنساني‪...‬وربما تكون هذه المتعة مؤقتة‬
‫ويتبعها كثير من الندم وهذا يفسر سلوك كثير من الناس الذين نستغرب بعض سلوكهم‪.‬‬

‫وبالتالي‪ :‬المطلوب لتغيير سلوك هذا اإلنسان هو‪:‬‬

‫إحداث المتعة ‪ ..‬الكثير من المتعة‬

‫أو إحداث األلم ‪ ..‬الكثير من األلم‬

‫(إذا أردنا أن يغير أحد موظفينا سلوكه؛ علينا أن نطرح هذا السؤال‪ :‬كيف يمكنني أن‬
‫أقول لهم أنهم بسلوكهم الجديد فقد يحصلون على الكثير من المتعة أو بالعكس إن لم‬
‫يغيروا هذا السلوك فسيقاسون ألماً كبي اًر)‬

‫‪16‬‬
‫سلوك الناس بصورة عامة يعتمد على ثالثة مراحل‪:‬‬

‫التفكير‪ ،‬الشعور‪ ،‬ثم السلوك‬

‫والسؤال‪ :‬ما الذي يقودنا إلى السلوك؟‬

‫فإذا استطعنا أن نكتشف لماذا يتصرف موظفونا بالشكل‬

‫الذي يفعلون‪ ..‬أو بمعنى آخر‪:‬‬

‫ما الذي يقودهم إلى هذا السلوك؟‪ ..‬فإن استطعنا التأثير بشكل ما على المرحلتين‬
‫األخريين؛ فبإمكاننا تغيير سلوكهم‪.‬‬

‫نتصرف كما نتصرف ألننا‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نفكر‬

‫ثانياً‪ :‬نشعر‬

‫وبالتالي فإن ما يفرق أفكارنا عن سلوكنا هي مشاعرنا‬

‫يفعل الناس ما يفعلونه بسبب المشاعر‪..‬‬

‫شعرت بأنني سأكسب المتعة فقد أتصرف بطريقة ما‪ ،‬وان شعرت باأللم فقد أتصرف‬
‫ُ‬ ‫إن‬
‫بطريقة مختلفة‪.‬‬

‫فإذا أردتم أن يغير شخص يعمل معكم سلوكه أو أحد زبائنكم‪ ..‬اسألوا‪..‬‬

‫ما الذي يجب أن يشعر به لكي يتصرف كما أريده أن يتصرف؟‬

‫ويصير هذا هو األساس الذي تُبنى عليه العالقات مع األشخاص فإن السلوك هو نتاج‬
‫األفكار والمشاعر‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫والسؤال اآلن‪ :‬إن كان هذا صحيحاً؛ فمن أين تأتي مشاعرنا؟ ما مصدرها؟‬

‫ألنك إذا أردت تغيير مشاعري فإن عليك أوالً أن تعرف من أين تأتي‪..‬‬

‫ٍ‬
‫مساو له في المقدار ومضاد له في االتجاه‪.‬‬ ‫في الفيزياء يقول نيوتن‪ :‬لكل فعل رد فعل‬

‫أما في علم النفس فنقول‪ :‬لكل حافز (مثير)؛ استجابة مساوية ومعاكسة‪.‬‬

‫يقول أحدهم لك صباح الخير فترد صباح الخير‪ ،‬كيفك؟‬

‫يفعل أحدهم شيئاً ال يعجبك ‪ ..‬فكيف ترد‪..‬؟!‬

‫البعض قد يسامح‪ ،‬والبعض يرد بعنف‪ ..‬الخ‬

‫بم تتعلق تلك المشاعر؟‬

‫تجربة إبريق الماء وسكبه بشكل مفاجئ على رأس أحدهم وعلى بذلته الجميلة‬

‫كيف تعتقدون سيكون رد فعل الشخص؟‬

‫سيستاء بالتأكيد ثم يبحث عن منشفة قريبة ثم يسألك لماذا فعلت ذلك‪.‬‬

‫قد يضحك‪ ..‬ها ها ها يعجبني هذا‪ ..‬احضر لي إبريقاً آخر‪ ..‬يظن األمر مسلياً أو‬
‫يتجنب اإلحراج بالضحك‪ .‬وقد يرمي عليك بعض الماء القريب منه‪.‬‬

‫قد يغضب ‪ ..‬ينهض عن كرسيه ثم يلحق بك وقد يضربك‪.‬‬

‫على األرجح قد يشعر باإلحراج وربما ينسحب من المكان‪ .‬قد يحمر خجالً ويظهر على‬
‫وجهه ‪..‬‬

‫ويجفف نفسه‪ ،‬وينشغل تفكيره في أين يجد مالبس جافة‬


‫يقفز ‪ ..‬يحاول نزع المعطف ُ‬
‫ليستبدلها بها‪.‬‬

‫المالحظ أنكم جميعاً ال يمكن أن تتوقعوا ردودكم أو ردودهم على مثل هذا الفعل ‪ ..‬لماذا؟‬

‫‪18‬‬
‫مناقشتنا للسيناريوهات المحتملة تدور حول مرحلة التفكير‪ ،‬والحقيقة أن الرد قد يكون‬
‫مفاجئاً وغير متوقع فقد يحدث السلوك معتمداً مباشرة على مرحلة الشعور متجاو اًز مرحلة‬
‫التفكير ‪..‬‬

‫فقد يكون رد الفعل عنيفاً (السلوك) ومن ثم قد يعود ليقول‪ :‬أنا آسف‪ ،‬لم أقصد أن أفعل‬
‫ما فعلت‪ ،‬حينئذ قد يفكر (الفكر) ‪..‬‬

‫فالمسار هناك ‪ ..‬الشعور ثم السلوك ثم التفكير‬

‫(في طفولتك ترجع إلى والدك والدم على وجهك ‪ ..‬بسبب أحد زمالئك)‬

‫ما هو رد فعل الوالد؟‬

‫لو قال لك‪ :‬العالم مليء بأمثال هذا الفتى‪ ..‬في المرة المقبلة حينما يفعل أحدهم بك هكذا‬
‫أمسك بخناقه واضرب رأسه بالحائط حتى ال يعود إلى ذلك معك البتة‪.‬‬

‫إن كان ذلك هو ما لُقن به هذا الرجل في حياته فاألرجح هو أن يعمد إلى ضربي‪.‬‬

‫وان قال له‪ :‬يا بني‪ ،‬الحياة مليئة بأمثال هذا الفتى‪ ..‬في المرة القادمة‪ ،‬لو فعل أحدهم‬
‫ذلك معك تنهض ببساطه‪ ،‬تنفض الغبار عن ثيابك وتمضي في سبيلك‪ ،‬ألن الحياة يا‬
‫بني مليئة بأشخاص سيحاولون أن يجعلوا سلوكك كسلوكهم‪ ..‬استخدم عقلك‪ ،‬تصرف‬
‫بطريقة مسئولة‪.‬‬

‫إن كان هذا ما لُقنته في حياتك‪ ،‬فاحتمال أن تضرب هنا ضئيل جداً‪.‬‬

‫إذن ما الذي يسبب تلك االستجابة؟‬

‫‪19‬‬
‫ما الذي يكون تلك المشاعر في داخلنا فنتصرف كما نتصرف؟‬

‫‪ -1‬إطار االسترجاع‬

‫األماكن التي كنتم فيها‪ ،‬األشخاص الذين كنتم معهم‪ ،‬التجارب التي مررتم بها‪ ،‬كل هذه‬
‫األمور تؤثر في سلوككم‪.‬‬

‫(وهذا يملي علينا كمدراء أن نقوم بتغيير سلوكنا حتى وان كان إطار استرجاعنا يملي‬
‫علينا خالف ذلك)‪.‬‬

‫كما يتغير العالم من حولنا؛ علينا أن ننمو ونصير أفضل‪ ،‬فهذا اإلطار ليس مقدساً‪..‬‬

‫‪ -2‬السمات الشخصية‬

‫بعض األشخاص عدائيون جداً‪ ،‬مزاجيون‪ ،‬وآخرون مسالمون‪ ،‬هادئون‪ ،‬وودعاء‪.‬‬


‫وهذا يؤثر إلى ٍ‬
‫حد كبير على طريقة سلوكهم‪.‬‬

‫‪ -3‬تقدير الموقف‬

‫كيف نقدر الظروف‪ ..‬ولنرجع إلى تجربة سكب الماء‪ ..‬لو قدر أنني بسكبي الماء عليه‬
‫فإنني أهدف إلى إحراجه؛ سيكون رده مختلفاً عما لو قدر أن الموضوع كان لشرح نقطة‬
‫ما فقط‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫االستراتيجية الثانية‬

‫إدراك وجود اختالف بين اإلقناع والمعلومات‬

‫بطريقة ما نشعر في هذا العالم بأن كل ما علينا فعله لتغيير األشخاص هو إعطاؤهم‬
‫المزيد من المعلومات‪.‬‬

‫والسؤال‪ :‬هل المعلومات وحدها كافية إلقناع الناس؟‬

‫بطريقة ما تعلم المدراء المميزون أن يأخذوا كتلة المعلومات هذه ويبنوا بتمهل وروية جس اًر‬
‫نحو موظفيهم‪ ،‬إلقناعهم‪ ،‬ولحملهم على إتباع سلوك معين‪.‬‬

‫أود أن أطرح عليكم أسئلة ثالثة‪:‬‬

‫إن أجبتم على هذه األسئلة الثالثة في كل مرة فإن قواكم في اإلقناع سيبلغ حد التفوق‪..‬‬

‫للتفوق في اإلقناع؛ علينا أن نجيب على األسئلة التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬ماذا نريدهم أن يفعلوا؟‬


‫‪ -2‬كيف يجب أن يشعروا‪ ..‬ليفعلوا ما نريدهم أن يفعلوه؟‬
‫‪ -3‬ماذا يجب أن يعرفوا؟ حتى يكون شعورهم على هذا النحو وحتى يتصرفوا كما‬
‫أريدهم أن يتصرفوا؟‬

‫الحقيقة أن الكثيرين منا يحاولون التواصل مع اآلخرين بدون أن يقولوا ألنفسهم أوالً‬
‫بعبارات واضحة جداً األسئلة أعاله‪.‬‬

‫مثال‪:‬‬

‫أنت تذهب إلى الطبيب لنفترض أنك تعاني من ألم الحنجرة وتنتظر الطبيب في قائمة‬
‫االنتظار مدة طويلة بالرغم من مشاغلك الكثيرة ومن أهمية الوقت لك وأخي اًر يدخل‬
‫السكرتير ويدعوك إلى مكتب الطبيب‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مع مالحظة أن انتظارك قد ُيخرجك بمرض أخطر من المرض الذي ذهبت من أجله إلى‬
‫الطبيب‪ ...‬وأخي اًر يدخل الطبيب ليسألك‪ :‬من ماذا تعاني؟!‬

‫فيكتب روشتة صغيرة تحملها إلى الصيدلية لشراء الدواء وطبعاً ال تستطيع قراءة خط‬
‫الطبيب!‬

‫لم يتعلم األطباء قط الكتابة بشكل جيد‪ ،‬في الحقيقة هم يعرفون تماماً كيف يكتبون‪.‬‬

‫في الروشتة رسالة سرية من الطبيب إلى الصيدالني تقول‪:‬‬

‫"أنا حصلت على مالي واآلن احصل أنت على مالك" ثم تقول للطبيب‪ ..‬شك اًر‬

‫شك اًر النتظاري‪ ،‬شك اًر ألخذك مالي!‬

‫من المطلوب أن يشكر اآلخر ؟‪ ..‬ألسنا الزبائن؟!‬

‫ألن هناك مبدأً قوياً جداً في العمل ‪ ..‬هو أنني حينما ذهبت إلى ذاك الطبيب كنت مقتنعاً‬
‫جداً بأن الطبيب سيزيل ألمي‪.‬‬

‫ولنتذكر هنا ما قلناه في أول المحاضرة‪( :‬كلنا مستعدون ألن نفعل أكثر لتجنب األلم)‬

‫وحينما يزيل الطبيب ألمي ومالي ووقتي سأنتظر كل الوقت الالزم‪.‬‬

‫يجب أن نتعلم التواصل بفعالية مع موظفينا حتى يمكن إقناعهم بأن األفكار التي نعطيهم‬
‫إياها ستنفعهم في حياتهم وستساعدهم في إنجاز األمور التي يريدون إنجازها في حياتهم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫االستراتيجية الثالثة‬

‫معرفة الفرق بين األعذار واالعتراضات‬

‫على المدراء اليوم أن يميزوا الفرق بين األعذار واالعتراضات‪.‬‬

‫أربعة أمور فقط تحدث حينما تطلبون إلى شخص ما أن يقوم بعمل‪:‬‬

‫√‬ ‫‪ -1‬إما أن يقول نعم‪.‬‬

‫√‬ ‫‪ -2‬أو يطرح عليك سؤاالً‪.‬‬

‫×‬ ‫‪ -3‬أو يقدم إليكم عذ اًر ؟‬

‫√‬ ‫‪ -4‬أو يعترض‪.‬‬

‫إن قال نعم فهذا رائع‪ ،‬وان طرح سؤاالً يمكن معالجة األمر‪،‬‬

‫إن قدم إليكم عذ اًر فأنتم في مأزق؛ ما لم تعرفوا كيف تحولون العذر إلى اعتراض‪.‬‬

‫األعذار قد تكون أمو اًر مثل‪ :‬أريد التفكير باألمر‪ ،‬أو أريد التحدث إلى أحدهم باألمر‪.‬‬

‫في حال كان االعتراض حقيقياً‪ ..‬يمكنكم أن تفعلوا شيئاً حياله‪.‬‬

‫يمكنكم تزويدهم بمزيد من المعلومات‪ ،‬مساعدتهم على وضع استراتيجية‪ ،‬يمكن أن تُظهروا‬
‫لهم كيف يحلون تلك المشكلة‪ ،‬مساعدتهم على تدبر العمل‪.‬‬

‫العذر هو مضيعة لوقتكم‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫االستراتيجية الرابعة‬

‫معرفة الفرق بين الحلول واالتفاقات‬

‫كمدراء تملكون الكثير من القوة‪ ،‬وتستطيعون فرض القرار الذي تريدون‪..‬‬

‫لكن الحل ال يحمل بصمات عمل الفريق‪.‬‬

‫ال يؤيد كل من في المجموعة الحل‪.‬‬

‫لذا يغادر بعض األشخاص االجتماع قائلين‪:‬‬

‫حسناً‪ ،‬سنقوم باألمر على النحو الذي تريد‪ ،‬لكنها ليست الطريقة التي يجب اتباعها حسب‬
‫رأيي‪.‬‬

‫وبطريقة ما يصبح أداء الفرد أدني وأقل أهمية‪ ،‬وأقل إنتاجية ألنهم غير مقتنعين بالحل‪.‬‬

‫فإن كانت الحلول مهمة في المجاالت العملية ففي المواضيع السلوكية يجب أن نعمل‬
‫بجهد لنتوصل إلى اتفاقات بين األفراد لتتمكن أصابع اليد الواحدة من العمل سوياً لجعل‬
‫األمور تنجح حقاً‪.‬‬

‫ال بد من المشاورة والمشاركة في اتخاذ الق اررات‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫في هذا العالم الذي يتحرك ويتبدل يجب أن نتعلم‪:‬‬

‫أن أفكار البارحة ال يمكن استعمالها لحل مشاكل اليوم‪.‬‬

‫وأن أفكار اليوم ال تكفي لمواجهة تحديات الغد‪.‬‬

‫والمدير الذكي هو من يفهم المبادئ األساسية التي تؤدي إلى النجاح في اإلدارة اليوم‪.‬‬

‫‪ -1‬األشخاص يفعلون ما يفعلون لكسب املتعة أو لتجنب األمل‪.‬‬

‫‪ -2‬هناك فرق بني اإلقناع واملعلومات‪.‬‬

‫‪ -3‬هناك فرق بني األعذار واالعرتاضات‪.‬‬

‫‪ -4‬هناك فرق بني احللول واالتفاقات‪.‬‬

‫حينما تعرفون تلك الفروقات؛‬

‫وحينما تضعونها قيد العمل على أساس يومي في حياتكم وفي عملكم ومع مجموعاتكم؛‬
‫آنئذ تمضون قدماً‪ ،‬وصعوداً بتفوق‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫اإلدراك‬

‫‪26‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫من خالل تعاملنا مع اآلخرين سواء في مجال العمل أو المنزل أو الشارع‪ ،‬فإننا نقوم‬
‫بإدراك تصرفاتهم بطريقة معينة‪ ،‬وتكوين انطباعات عنهم‪ ،‬والتساؤل الذي يواجهنا هو‪:‬‬

‫هل االنطباعات التي نكونها عن اآلخرين صحيحة أم خاطئة؟‬

‫كيف يدري ويتفهم الفرد تصرفات اآلخرين؟‬

‫في حقيقة األمر يصعب تقديم إجابة دقيقة عن هذا التساؤل‪ ،‬فاألشياء التي نراها قد تبدو‬
‫متشابهة لنا‪ ،‬ولكن األمر على خالف ذلك‪ ،‬فهناك تفاوت بيننا في إدراكنا للواقع الذي‬
‫نعيشه‪ ،‬وهذا الواقع يتحدد في حدود مدركات الفرد‪.‬‬

‫فعندما تخبر أحد األصدقاء عن شيء شاهدته أو سمعته أو قرأته‪ ،‬فإنك في حقيقة األمر‬
‫لم تنقل له الحقائق كلها‪ ،‬وحتى شاهد العيان الذي نعتقد أنه يمكن االعتماد على أقواله‪،‬‬
‫غالباً ما يكون بعيداً عن الدقة والحقيقة الكاملة‪...‬‬

‫إن ما يدركه الفرد ليس هو العالم الحقيقي ذاته‪ ،‬ولكنه العالم الذي يوجد داخله والذي‬
‫يعيشه‪.‬‬

‫إن فهم سلوك األفراد وطريقة تصرفاتهم في المواقف المختلفة‪ ،‬له أثر كبير في نجاح‬
‫المنظمات‪ ،‬وحتى نتفهم سلوك األفراد في المنظمات‪ ،‬يجب أن نقف على طريقة إدراكهم‬
‫للواقع أو العالم الذي يعيشون فيه؛ وذلك ألن إدراك الفرد لهذا الواقع‪ ،‬يؤثر لدرجة كبيرة‬
‫على درجة استجابته للمواقف‪.‬‬

‫وهذا يدعونا إلى البحث عن طبيعة إدراك األفراد وتفهمهم لألمور‪ ،‬وأيضاً دراسة العوامل‬
‫المؤثرة في هذا اإلدراك‪ ،‬وعالقة ذلك بالسلوك الفردي‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫تعريف اإلدراك‪:‬‬

‫هو الطريقة التي يرى بها الفرد العالم المحيط به‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق استقبال المعلومات‬
‫ٍ‬
‫ومعان خاصة‪.‬‬ ‫وتنظيمها وتفسيرها‪ ،‬وتكوين مفاهيم‬

‫ويتضح من هذا التعريف‪ ،‬أن عملية اإلدراك تتم من خالل الخطوات التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬تبدأ عملية اإلدراك‪ ،‬بشعور أو إحساس الفرد بالمثيرات الخارجية الموجودة في البيئة‬
‫المحيطة (مثال ذلك الضوء‪ ،‬الح اررة‪ ،‬الصوت ‪ ،)..‬وتقوم الحواس بعملية االستقبال‬
‫من خالل السمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬واللمس‪ ،‬والتذوق‪ ،‬والشم‪ ،‬ويتم تحويل هذه المثيرات إلى‬
‫المراكز العصبية بمخ اإلنسان‪.‬‬

‫ٍ‬
‫ومعان معينة‪ ،‬وذلك عن طريق اختيار‬ ‫‪ -2‬ثم تحويل المشاعر واألحاسيس إلى مفاهيم‬
‫وتنظيم المعلومات‪ ،‬وتفسيرها بناء على مخزون من خبرات وتجارب سابقة في ذاكرة‬
‫الفرد‪ ،‬وهذا يعني أن الخبرات والتجارب السابقة للفرد‪ ،‬والمعلومات المخزنة في ذاكرته‪،‬‬
‫مختلفا‪.‬‬
‫ً‬ ‫شيئا‬
‫قد تغير وتعيد تشكيل ما يستقبله‪ ،‬ومن ثم يراه ً‬

‫ما العوامل المؤثرة في اإلدراك؟‬

‫يمكن تقسيم العوامل المؤثرة في اإلدراك إلى عوامل داخلية وعوامل خارجية‪:‬‬

‫أوًال‪ :‬العوامل الداخلية‬

‫الم ِّ‬
‫درك‪:‬‬ ‫وهي العوامل التي تتعلق بالشخص نفسه ُ‬
‫‪ -1‬الخبرات السابقة‪:‬‬

‫تؤثر خبرات الفرد وتجاربه السابقة‪ ،‬في كيفية إدراكه للموقف‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬حينما‬
‫ترى شخصين من اليابان‪ ،‬يتبادالن االنحناءات واالبتسامات‪ ،‬فسيغلب عليك الظن بأنهما‬

‫‪28‬‬
‫أصدقاء‪ ،‬وسيكون هذا التفسير‪ ،‬في ضوء خبرتك السابقة ألنماط السلوك والعالقات في‬
‫مختلفا؛ حيث يكون هذا‬
‫ً‬ ‫داخل المجتمع العربي‪ ،‬بينما قد يكون الواقع في الثقافة اليابانية‬
‫النمط من السلوك مطلوباً‪ ،‬حتى ولو لم تكن هناك عالقة ود‪ ،‬أو صداقة بين األشخاص‪.‬‬

‫‪ -2‬الدوافع‪:‬‬

‫تؤثر قوة الدوافع‪ ،‬أي حاجات الفرد غير المشبعة‪ ،‬حسب أهميتها النسبية في إدراكه لما‬
‫حوله من مؤثرات‪ ،‬فالعامل الذي يقوى لديه دافع تحقيق الذات‪ ،‬نجده ال يهتم كثي اًر للحوافز‬
‫المادية‪.‬‬

‫‪ -3‬الشخصية‪:‬‬

‫كذلك نجد أن شخصية الفرد ككل تؤثر في إدراكه‪ ،‬فقد أثبتت بعض الدراسات‪ ،‬أن من‬
‫أهم مشاكل كبار المديرين الشبان‪ ،‬هو ميلهم إلى تجنب اتخاذ الق اررات البسيطة‪ ،‬أو غير‬
‫السارة‪ ،‬واتضح أيضاً أنهم ال يعطون اهتماماً كبي اًر‪ ،‬لمحاولة فرض الجزاءات على‬
‫المرؤوسين‪ ،‬وعدم الميل إلى النبش في الماضي‪ ،‬وكتابة التقارير غير السارة‪.‬‬

‫وفي الوقت الذي أثبتت فيه الدراسات‪ ،‬أن صغار المديرين ال يميلون إلى تلك األعمال‬
‫غير السارة‪ ،‬فقد اتضح أن المديرين األكبر سناً‪ ،‬يميلون إلى األعمال التي تثير الضجر‪.‬‬

‫‪ -4‬الضغوط الشخصية‪:‬‬

‫فاألفراد الذين يعملون تحت ضغوط عمل‪ ،‬يميلون إلى إدراك األشياء بطريقة أقل‬
‫موضوعية‪ ،‬من أولئك الذين ال يتعرضون لهذه الضغوط‪.‬‬

‫‪ -5‬القدرات الجسمانية والذهنية‪:‬‬

‫فالفرد الذي يتميز بقدرات ذهنية منخفضة‪ ،‬يكون مستوى إدراكه لألمور والمواقف أقل‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ثانيا‪ :‬العوامل الخارجية‬
‫ً‬

‫وهي المؤثرات المتعلقة بالمثير أو بالشيء محل اإلدراك‪:‬‬

‫‪ -1‬شدة أو قوة األشياء المدركة‪:‬‬

‫كلما كان المثير الخارجي قوياً‪ ،‬كانت فرصة إدراكه أكبر‪ ،‬مثل‪ :‬األضواء الالمعة‪،‬‬
‫والضوضاء الشديدة‪ ،‬والرائحة النفاذة‪.‬‬

‫‪ -2‬حجم األشياء المدركة‪:‬‬

‫كلما كان الشيء المدرك كبير الحجم‪ ،‬كانت فرصة إدراكه أكبر‪ ،‬فمثالً‪ ،‬عند زيارة مصنع‬
‫معين‪ ،‬تكون اآلالت الكبيرة الحجم‪ ،‬أكثر رؤية للزائر من اآلالت الصغيرة‪ ،‬وكذلك الحال‬
‫في مجال اإلعالن‪ ،‬فكتابة اإلعالن في صفحة كاملة بالصحيفة اليومية‪ ،‬توفر فرصة‬
‫أكبر إلدراكه بدرجة أكبر‪ ،‬من اإلعالن في سطور قليلة‪.‬‬

‫‪ -3‬التناقض واالختالف في األشياء المدركة‪:‬‬

‫يقضي مبدأ التناقض بأن المثير الخارجي‪ ،‬الذي يكون ضد األشياء المألوفة أو المتوقعة‪،‬‬
‫سوف ينال درجة أكبر من االنتباه‪.‬‬

‫‪ -4‬تكرار المثير الخارجي‪:‬‬

‫يقصد بذلك أن تكرار المثير الخارجي‪ ،‬سوف يجذب االنتباه‪ ،‬ويتم إدراكه بدرجة أكبر من‬
‫ذلك الذي يحدث مرة واحدة‪ ،‬وتفسير ذلك أن عملية التكرار‪ ،‬تتيح أكثر من فرصة لإلدراك‪،‬‬
‫كما أن تك اررية المثير‪ ،‬تزيد من درجة حساسيتنا تجاه المثير‪ ،‬وتحاول الشركات استخدام‬
‫ذلك‪ ،‬في خلق صورة فريدة لمنتج معين‪ ،‬عن طريق تكرار اإلعالن‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -5‬الحركة للمثير الخارجي‪:‬‬

‫فالمثير المتحرك‪ ،‬أكثر قدرة على لفت االنتباه‪ ،‬من المثير الثابت‪.‬‬

‫‪ -6‬الجدة والتآلف لألشياء المدركة‪:‬‬

‫فاألشياء الجديدة أو المألوفة التي تعرض بطريقة جديدة‪ ،‬ستزيد من فرصة إدراكها‪ ..‬مثال‬
‫ذلك‪ :‬نقل الموظف إلى وظيفة جديدة تزيد من فرص انتباهه ألداء واجباته‪.‬‬

‫واآلن‪ ،‬ماذا بعد الكالم؟‬

‫يمكن االستفادة من مبادئ اإلدراك‪ ،‬في األنشطة اإلدارية والتنظيمية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬

‫‪ -1‬في مجال اختيار الموظفين الجدد‪:‬‬

‫تتم عملية اختيار العاملين الجدد‪ ،‬على أساس االختبارات والمقابالت الشخصية‪ ،‬وفحص‬
‫البيانات الخاصة بالموظف‪ ،‬وفي كثير من الحاالت تكون البيانات ناقصة‪ ،‬وأراء المديرين‬
‫غير موضوعية‪...‬‬

‫ولكي ُتبني ق اررات االختيار على أساس اإلدراك الجيد‪ ،‬فيجب أن يعرف المديرون اآلتي‪:‬‬

‫• قد يكون هناك نقص في المعلومات عن الموظف‪ ،‬ويجب البحث عنها باستمرار‪.‬‬

‫• أن الحالة النفسية للمديرين تختلف من وقت آلخر‪ ،‬ويمكن أن يؤثر ذلك في‬
‫عدالة االختيار‪.‬‬

‫• أن األحكام المسبقة الناتجة عن أسلوب إدراكنا لألمور‪ ،‬قد تؤدي إلى نتائج سيئة‬
‫في عملية االختيار‪.‬‬

‫دائما‪ ،‬هل مدركاتنا‬


‫ويجب الحذر من هذه المشاكل‪ ،‬ويجب على المديرين أن يسألوا أنفسهم ً‬
‫واحساسنا تجاه المتقدمين‪ ،‬تتفق مع قدراتهم ومهاراتهم الحقيقية أم ال؟‬

‫‪31‬‬
‫‪ -2‬في مجال تقييم األداء‪:‬‬

‫إن تقييم أداء العاملين يتأثر بشكل كبير باإلدراك الجيد للمديرين‪ ،‬والتقييم الخاطئ أو غير‬
‫العادل قد يتسبب في عدم بذل المجهودات الكبيرة بالنسبة للعاملين المختارين؛ وقد يتركوا‬
‫العمل بالمنشأة‪...‬‬

‫وبصفة خاصة يجب على المديرين أن يعرفوا النواحي اآلتية‪:‬‬

‫• ال بد من القضاء على تأثير الحكم على الشخص من خالل المعرفة العامة‪ ،‬أو‬
‫التأثير األولي لبعض األشخاص‪.‬‬

‫• االستعداد لتغيير آرائهم وطريقة إدراكهم‪ ،‬وخاصة عندما يشعرون بتحسن في أداء‬
‫العاملين‪.‬‬

‫‪ -3‬في مجال عالقات العمل‪:‬‬

‫غالبا ما يكون هناك تأثير كبير لإلدراك‪ ،‬في العالقات بين األفراد في العمل‪ ،‬وخاصة‬
‫ً‬
‫بين العمال‪ ،‬وسوء الفهم وسوء اإلدراك يؤدي إلى تقليل االتصاالت‪ ،‬وسوء العالقات بين‬
‫العاملين‪ ،‬وخلق الصراع بينهم‪...‬‬

‫ولتحقيق رقابة على ذلك‪ ،‬ال بد للمديرين أن يالحظوا طبيعة العالقات بين المرؤوسين‪،‬‬
‫وعندما يشعر المدير‪ ،‬أن هناك سوءاً في العالقات بين العاملين‪ ،‬يتوجب عليه أن يتخذ‬
‫بعض اإلجراءات مثل‪:‬‬

‫• التعرف على آراء العاملين‪ ،‬فيما يختص بالمشاكل‪ ،‬التي قد يتعرضون لها‪.‬‬

‫• التقدير السليم للمعوقات اإلدراكية لدى العاملين‪.‬‬

‫• تشجيع العاملين على مناقشة آرائهم‪ ،‬واقتراحاتهم مع بعضهم البعض‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫مشاكل اإلدراك‪:‬‬

‫‪ -1‬الخطأ في تفسير سلوك اآلخرين‪:‬‬

‫وهو ميل الفرد‪ ،‬إلى إرجاع تصرفات اآلخرين‪ ،‬لمسببات داخلية (صفاتهم‪ ،‬سماتهم)‪ ،‬مع‬
‫تجاهل العوامل الخارجية‪ ،‬التي يمكن أن تؤثر على تصرفاتهم‪.‬‬

‫مدمر في المنظمات؛ ألنه يجعل األفراد يفترضون افتراضات سابقة‬


‫اً‬ ‫وهذا الميل يكون‬
‫ألوانها‪ ،‬أن اآلخرين مسئولون عن األشياء السلبية التي تحدث لهم‪.‬‬

‫فمثال‪ ،‬عندما تتحطم عربة الشركة من السائق؛ فسيكون الحكم هو أن هذا الشخص‬
‫ً‬
‫مهمل‪ ،‬ولكن قد يكون السبب أن عربة أخرى هي التي صدمت السائق‪.‬‬

‫‪ -2‬تأثير الهالة‪:‬‬

‫هو إصدار حكم على الفرد‪ ،‬من خالل صفة واحدة‪ ،‬ثم أعممها على باقي الصفات‪.‬‬

‫فمثال‪ ،‬عندما أقيم أداء أحد الموظفين‪ ،‬هناك معايير أقيم على أساسها مثل (كمية العمل‪،‬‬
‫ً‬
‫جودة العمل‪ ،‬االنضباط بالمواعيد‪ ،‬التعاون مع الزمالء)‪ ،‬فإذا رأيت انضباط المواعيد‬
‫بالنسبة للمرؤوس‪ ،‬أقيم باقي األشياء بالقياس على انضباطه‪ ،‬أنه موظف كفء‪ ،‬وبالتالي‬
‫يكون التقييم الناتج غير دقيق‪.‬‬

‫‪ -3‬تأثير التشابه الشخصي‪:‬‬

‫وهو ميل األفراد لإلدراك اإليجابي لآلخرين الذين يعتقدون أنهم يشبهونهم بطريقة أو‬
‫بأخرى ‪ ..‬وهذا الميل قد يحدث‪ ،‬فيفضل الرئيس المرؤوسين الذين يشبهونه في طريقة‬
‫تصرفاتهم؛ فيؤدي ذلك إلعطائهم تقييمات مرتفعة‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -4‬خطأ االنطباع األول‪:‬‬

‫وهو الميل لوضع دعائم ألحكامنا على اآلخرين‪ ،‬من خالل انطباعاتنا األولية عنهم‪.‬‬

‫فمثال‪ :‬قد يتحسن أداء‬


‫وهذا الميل عندما يحدث في المنظمات؛ يؤدي إلى مشاكل كثيرة‪ً ،‬‬
‫موظف عن السابق‪ ،‬ولكن نتيجة لذلك الميل‪ ،‬يتجاهل الرئيس ذلك التقدم والتحسن‪،‬‬
‫والعكس فقد ينخفض أداء موظف‪ ،‬ويتباطأ رئيسه في محاسبته‪.‬‬

‫‪ -5‬االنتقاء اإلدراكي‪:‬‬

‫التركيز على بعض األشياء وتجاهل األخرى‪ ،‬أو هو الميل للتركيز على بعض السمات‬
‫في البيئة المحيطة‪ ،‬وتجاهل السمات األخرى‪.‬‬

‫فمثال‪،‬‬
‫وهذا الميل يؤدي إلى تركيز المسئولين على المساحات التي تختص بخبراتهم‪ً ،‬‬
‫المديرون ذوو الخبرة في مجال التسويق‪ ،‬سوف يرون التعديل في خطوط المنتجات من‬
‫أهم الدعائم‪ ،‬بينما المديرون ذوو الخبرة في مجال البحث العلمي‪ ،‬سوف يرون تصميم‬
‫المنتج من أهم الدعائم‪.‬‬

‫‪ -6‬التنميط‪:‬‬

‫وضع األفراد في مجموعات أو أنماط‪ ،‬ثم بعد ذلك تقييم الفرد‪ ،‬حسب انتمائه إلى هذا‬
‫النمط أو المجموعة‪ ،‬أو هي المعتقدات أن األعضاء في نفس المجموعة يتشاركون في‬
‫نفس السمات أو يميلون للتصرف بطريقة واحدة‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ :‬أنت تعتقد أن مجموعة (س) تتصرف بطريقة (ص)‪ ،‬فلو كان هناك‬
‫فور أنه سوف يتصرف بالطريقة (ص)‪.‬‬
‫شخص يقع في مجموعة (س)‪ ،‬فستدرك ًا‬

‫ومن المالحظ أن استخدام التنميط‪ ،‬له أثر عميق في نوعية األحكام التي يصدرها األفراد‬
‫في المنظمات‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫فلو اعتقد الموظف المسئول عن استقطاب الموارد البشرية‪ ،‬أن المنتمين إلى مجموعة‬
‫معينة كسالى وغير أكفاء؛ فسوف يتجنب تعيينهم‪.‬‬

‫ولكن يجب أن يستخدم ذلك الموظف معايير جيدة للحكم‪ ،‬ويجمع المعلومات الالزمة‬
‫لتصنيف المرشحين بعناية‪ ،‬وعمل قوائم بعناية شديدة؛ وذلك ألن الشخص يتم الحكم عليه‬
‫مقدماً‪ ،‬من خالل كونه عضواً في المجموعة المصنفة‪.‬‬

‫ويجب مالحظة أن استخدام التنميط‪ ،‬يجب أن يكون بحذر؛ ألنه قد يؤدي إلى سوء‬
‫االتصال‪ ،‬وايجاد الصراع والتضارب بين المجموعات المختلفة‪.‬‬

‫واآلن‪ ،‬ماذا بعد الكالم؟‬

‫هذه بعض اإلرشادات للتغلب على المشاكل في اإلدراك وخاصة االجتماعي منه‪:‬‬

‫‪ -1‬عدم إغفال المسببات الخارجية لسلوك الغير‪ ،‬فاألداء الضعيف قد يكون راجع‬
‫لظروف خارجة عن إرادة الفرد‪.‬‬

‫‪ -2‬االعتراف بخطأ التنميط ومواجهته‪.‬‬

‫‪ -3‬تقييم الفرد بناء على عوامل موضوعية‪.‬‬

‫‪ -4‬تجنب اتخاذ أحكام سريعة‪ ،‬فالطبيعة البشرية تقفز إلى استنتاجات سريعة عن‬
‫طبائع الناس‪ ،‬حتى لو لم يكونوا على معرفة جيدة بهم‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫التعلُّم‬

‫‪36‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫جلس األستاذ محمد في مكتبه‪ ،‬وكان هذا يومه األخير في العمل فقد بلغ سن المعاش‪،‬‬
‫نائبا له لمدة خمس سنوات‪،‬‬
‫فقد حرص على تقديم نصائحه لألستاذ سعيد الذي عمل ً‬
‫والذي سيخلفه في منصب المدير العام‪.‬‬

‫ولذا أوصاه بالتعامل مع الموظفين وضرورة معاملتهم باحترام‪ ،‬إلى أن وصل إلى السكرتير‬
‫الخاص للمدير العام‪ ،‬فقال إثر زفرة قصيرة‪:‬‬

‫أما شريف‪ ،‬فال فائدة منه‪ ،‬هو إنسان طيب ومخلص‪ ،‬ولكن ال فائدة ترجى منه مع هذا‬
‫يوما أو يومين على األكثر‪ ،‬ثم يعود‬
‫كثيرا‪ ،‬فكان يلتزم ً‬
‫التسيب الذي يعيشه‪ ،‬نصحته ً‬
‫صباحا على األقل‪،‬‬
‫ً‬ ‫لعادته القديمة‪ ،‬وأنت رأيت بنفسك كيف يأتي إلى العمل في العاشرة‬
‫تسبقه األعذار الواهية‪.‬‬

‫تير منضبطاً هو ضرورة‬


‫إال أن سعيد كان له رأي آخر‪ ،‬فقد كان يدرك تماماً أن سكر اً‬
‫أساسية لمنصبه‪ ،‬ولذا فإن شريف بهذه األوضاع ال يصلح‪ ،‬ولكنه قابل لإلصالح‪ ،‬ولذا‬
‫فور في تنفيذه‪.‬‬
‫أمر وشرع اً‬
‫قرر األستاذ سعيد في نفسه اً‬

‫في العاشرة والربع صباح الثالثاء‪ ،‬دخل شريف على األستاذ سعيد‪ ،‬وقال‪ :‬صباح الخير‬
‫جناب المدير العام الجديد ـ أفضل مدير ـ ماذا جرى في الدنيا؟ أنتظر األتوبيس ساعة‪...‬‬

‫رد األستاذ سعيد بصوت هادئ‪ :‬يا أستاذ شريف أنا خصمت منك ثالثة أيام؛ بسبب تكرار‬
‫التأخير‪...‬‬

‫بهت شريف وظنه يمزح في البداية‪ ،‬قال له‪ :‬ولكن يا فندم‪ ،‬أنا‪...‬‬

‫‪37‬‬
‫فقاطعه بحسم هادئ‪ :‬وتأكد أن الخصم سيتكرر والعقوبة ستزيد مع التكرار‪.‬‬

‫صباحا‪ ،‬إال أنه في نهاية‬


‫ً‬ ‫لمدة أسبوع كامل‪ ،‬وصل شريف إلى مكتبه في تمام الثامنة‬
‫آخر يوم من هذا األسبوع استدعاه األستاذ سعيد لمكتبه‪ ،‬وأمام زمالئه أعطاه علبة صغيرة‬
‫تقدير لشريف السكرتير‬
‫ًا‬ ‫ملفوفة في ورق مكتوب عليها‪ :‬من رؤسائك وزمالئك بالهيئة؛‬
‫المثالي‪ ،‬وصفق له الجميع‪.‬‬

‫سلوك يتغير‪:‬‬

‫ماذا حدث لشريف سكرتير المدير العام؟‬

‫حدث له ما يحدث لكل الناس بأشكال مختلفة‪ ،‬انتقل من سلوك إلى آخر‪ ،‬كان متسيباً‬
‫فأصبح منضبطاً في مواعيده‪ ،‬أنت أيضاً لعلك كنت قارئاً جيداً في أحد الموضوعات‪ ،‬ثم‬
‫قل انتظامك في القراءة‪ ،‬ولعلك كنت حريصاً على شيء‪ ،‬ثم أصبحت أقل حرصاً‪...‬‬

‫إذن تغير السلوك ُسنة من سنن الحياة التي يمر بها كل إنسان‪ ،‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إنه‬
‫أيضاً ضرورة‪ ،‬فلو كان سلوكنا غير قابل للتغيير‪ ،‬تكون وال شك حياة أولية بدائية بسيطة‪،‬‬
‫مختلفة تماماً عما نعيشه اآلن‪.‬‬

‫تغير السلوك في المنظمات‪ ،‬لماذا؟‬

‫وسلوك أدائنا ألعمالنا في المنظمات يتغير‪ ،‬ننتقل فيه من حالة إلى حالة أخرى‪ ،‬قد ينتقل‬
‫كبير‪ ،‬أو العكس‪.‬‬
‫أحدنا من حالة يبذل فيها جهداً قليالً إلى حالة يبذل فيها جهداً اً‬

‫‪38‬‬
‫وكما ترى فإن بعض هذه التغيرات‪ ،‬قد يكون إيجابياً من زاوية تحسين وتطوير سلوك‬
‫أدائنا‪ ،‬وبعضها قد يكون سلبياً‪ ،‬ومن هنا تنشأ الحاجة ألن نفهم الطرق التي يتغير بها‬
‫سلوك أداء األفراد ألعمالهم؛ وذلك حتى نتمكن من إحداث التغيير اإليجابي‪ ،‬وتجنب‬
‫التغيير السلبي‪.‬‬

‫كيف يتغير سلوك أداء األفراد ألعمالهم في منظمات األعمال؟‬

‫إذا رأينا طالباً يهمل مذاكرته مثالً (سلوك غير مرغوب)‪ ،‬وشخصنا السبب في ذلك بأن‬
‫مستوى دافعيته منخفض‪ ،‬يكون المطلوب منا هو رفع مستوى الدافعية؛ ليتحسن السلوك‪.‬‬

‫بكلمات أخرى‪ ،‬يكون مدخلنا إلى تغيير السلوك هو التأثير على العوامل الداخلية المتعلقة‬
‫بتكوين الفرد وحالته‪ ،‬فهل هذا هو المدخل الذي التزم به الباحثون‪ ،‬الذين كرسوا جهودهم‬
‫لبحث ظاهرة التعلم؟ ‪ ..‬الحقيقة أنهم اختاروا مدخالً آخر‪.‬‬

‫فهؤالء الباحثون الحظوا من ناحية‪ ،‬أن المؤثرات الداخلية على السلوك كثيرة ومتنوعة‪،‬‬
‫وأن بعضها قد يؤثر على السلوك في اتجاه‪ ،‬وبعضها اآلخر يؤثر عليه في اتجاه مغاير‪،‬‬
‫والحظوا أيضاً أن هذه المؤثرات صعبة القياس والرصد؛ لكونها عوامل داخلية لدى الفرد‪،‬‬
‫ال تفصح عن نفسها بسهولة‪.‬‬

‫كما الحظوا أن التغيرات في بعض هذه العوامل ينتج عنه تغيير مباشر في السلوك‪ ،‬بينما‬
‫ال ينتج عن بعضها اآلخر إال تغيرات كامنة ال تظهر في السلوك اليومي‪...‬‬

‫معنى ذلك أن المطلوب لفهم ظاهرة التعلم‪ ،‬هو دراسة كيفية تغيير عدد من العوامل‬
‫الداخلية صعبة القياس‪ ،‬ودراسة آثارها الظاهرة والكامنة والمتعارضة أحياناً على السلوك‪،‬‬
‫وهذه مهمة ال شك في صعوبتها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫تعريف التعلم‪:‬‬

‫هو التغير الدائم نسبياً في سلوك الفرد؛ نتيجة التجارب والخبرات المكتسبة‬
‫والذي يتم تدعيمه بصورة أو بأخرى‪.‬‬

‫وهذا التعريف البسيط يتضمن جوانب عديدة تستحق االيضاح‪:‬‬

‫‪ .1‬من الواضح أن التعلم‪ ،‬يتطلب ذلك التغير الذي يحدث في السلوك‪.‬‬

‫‪ .2‬هذا التغير يجب أن يكون أكثر من مؤقت‪ ،‬ومعنى ذلك أن التغييرات المؤقتة‬
‫نتيجة تغير حالة الفرد من االجهاد إلى النشاط مثالً‪ ،‬أو من مستوى منخفض في‬
‫الدافعية لمستوى مرتفع لفترات قليلة مثالً‪ ،‬ال تدخل في دائرة التعلم‪.‬‬

‫‪ .3‬أن تتعلم؛ يجب أن يكون ذلك نتيجة للخبرة أو التجارب السابقة‪.‬‬

‫‪ .4‬إن هذا التغير في السلوك يجب تدعيمه؛ لضمان استم ارره‪.‬‬

‫(السلوك الذي تم تعلمه‪ ،‬يجب أن تحصل فيه على فائدة‪ ،‬كتحصيل أجر‪ ،‬أو ثواب‪ ،‬أو‬
‫تشجيع‪ ،‬أو غير ذلك) ‪( ،‬العمل الذي ال ُيكافأ ال ُيكرر)‬

‫‪40‬‬
‫أشكال التعلم‪:‬‬

‫الحظ الباحثون أن هناك عدة طرق‪ ،‬تشكل بها المؤثرات البيئية سلوك الفرد وتُغيره‪،‬‬
‫ففحصوا هذه الطرق وصاغوها في عدة نماذج نذكر منها هذين النموذجين‪:‬‬

‫النموذج األول‪:‬‬

‫التعلم الشرطي التقليدي‪:‬‬

‫هناك جزء من سلوكنا نقوم به بشكل تلقائي؛ كرد فعل لمؤثرات بيئية معينة‪ ،‬ال دخل‬
‫إلرادتنا في القيام به‪ ،‬وكثي اًر ما يكون هذا السلوك مطلوباً؛ لضمان سالمة جسم اإلنسان‬

‫وكيانه وانتظام عمله‪ ،‬فإذا لمست يدك سطحاً شديد السخونة؛ تجد أن هذه اليد ترتد سريعاً‬
‫بشكل تلقائي‪ ،‬ال تنتظر ق ار اًر منك‪ ،‬كل هذا ليس فيه تعلم بالمفهوم الذي أوضحناه‪ ،‬فهذا‬
‫سلوك نولد به‪ ،‬ال عالقة له بخبراتنا‪ ،‬وال يتغير بنمو تلك الخبرات‪.‬‬

‫إال أن الباحثين الحظوا‪ ،‬أن ارتباط بعض تلك المثيرات الطبيعية بمؤثرات أخرى بدرجة‬
‫كافية من التكرار؛ ينتج عنه أن الفرد يقوم باالستجابة التلقائية عند تعرضه للمؤثر (غير‬
‫فمثال‪ :‬إن ارتبط البدء في تناول الطعام برائحة الطعام المطهي مثالً‪ ،‬فإن‬
‫الطبيعي)‪ً ،‬‬
‫مجرد شم هذه الرائحة بعد ذلك؛ يزيد من إفراز اللعاب‪ ،‬فالفرد هنا تعلم أن يقوم بسلوك‬
‫معين؛ كرد فعل لمثير لم يكن يحرك فيه هذا الفعل من قبل‪.‬‬

‫هذا هو النموذج األول الذي الحظه الباحثون‪ ،‬ويرجع الفضل بشكل خاص إلى العالم‬
‫الروسي (بافلوف)‪ ،‬في رصد وصياغة هذا النموذج‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫النموذج الثاني‪:‬‬

‫التعلم الشرطي اإلجرائي أو الوسيلي‪( :‬من خالل العوائد والجزاءات)‬

‫في هذا النوع من التعلم‪ ،‬يتعلم اإلنسان من نتيجة أفعاله وتصرفاته‪ ،‬فاألفعال والتصرفات‬
‫ذات النتائج اإليجابية تُكتسب‪ ،‬واألفعال والتصرفات ذات النتائج السلبية يتم التخلص‬
‫منها‪ ،‬وتلك الظاهرة تُعرف بـ‪( :‬قانون األثر)‪:‬‬

‫وهو الميل إلى تقوية وتكرار السلوك الذي يؤدي إلى نتائج إيجابية مثل الفائدة أو الربح‬
‫(متعة)‪ ،‬والى إضعاف السلوك الذي يؤدي إلى نتائج سلبية مثل خسارة أو ضرر(ألم)‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ :‬إذا رجعنا إلى قصة السكرتير شريف‪ ،‬الذي رأيناه في بداية المقال؛‬
‫حيث اكتفى مديره السابق محمد بإعطاء توجيهات باالنضباط‪ ،‬وكان رد فعله لهذه‬
‫التوجيهات التأخر وعدم االنضباط؛ إذ لم يتعرض ألية نتائج سلبية‪ ،‬إثر قيامه بهذا السلوك‬
‫غير المرغوب فيه‪ ،‬لهذا تكرر هذا السلوك‪ ،‬حتى جاء المدير الجديد سعيد وأوقع عقوبة‬
‫الخصم؛ فاختلفت النتيجة هذه المرة‪ ،‬حيث كف شريف عن السلوك غير المرغوب‪،‬‬
‫واستبدله بسلوك منضبط‪ ،‬فبادره سعيد بمكافأة هذا السلوك الجديد المرغوب‪.‬‬

‫إذن فإن اإلنسان يتعلم من نتائج تصرفاته‪ ،‬وهذا هو التعلم الشرطي الوسيلي‪ ،‬والذي‬
‫أساسه نظرية التدعيم‪.‬‬

‫هناك ‪ 4‬طرق يمكن استخدامها للتدعيم‪:‬‬

‫‪ -1‬التدعيم اإليجابي‬

‫هي العملية التي من خاللها‪ ،‬يتعلم الفرد ممارسة السلوك الذي يؤدي إلى تقديم مخرجات‬
‫مرغوبة‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫فمثال في شركة ما‪ ،‬كوفئ مندوبو المبيعات على زيادة نسبة المبيعات؛ في المستقبل‬
‫ً‬
‫سوف يقومون بعمل كل ما فعلوه سابقاً؛ لزيادة نسبة المبيعات‪ ،‬والحصول على المكافأة‪.‬‬

‫‪ -2‬التدعيم السلبي‬

‫هي العملية التي من خاللها‪ ،‬يتعلم الفرد القيام باألفعال التي تؤدي إلى إلغاء األحداث‬
‫غير المرغوبة‪.‬‬

‫فمثال قد يبقى موظف بعد ساعات العمل ينهي تقري اًر عن المبيعات؛ ألنه يعلم أنه إذا لم‬
‫ً‬
‫كامال في الغد؛ فإن رئيسه سيعاقبه‪.‬‬
‫يقدمه ً‬

‫‪ -3‬العقاب‬

‫تقليل السلوك غير المرغوب‪ ،‬بإتباعه بنتائج غير مرغوبة‪.‬‬

‫فمثال لو أنك عوقبت من رئيسك ألخذ أوقات كبيرة للراحة؛ فسوف تمتنع عن هذا السلوك‬
‫ً‬
‫في المستقبل‪.‬‬

‫‪ -4‬االنطفاء‬

‫هي العملية التي من خاللها‪ ،‬يضعف ويتالشى السلوك‪ ،‬الذي ال يتبعه تدعيم ومكافأة‪.‬‬

‫مثال موظف ينقل لرئيسه األخبار‪ ،‬فيسمع منه ويشجعه‪ ،‬لو جاء رئيس جديد ولم ِّ‬
‫يعط له‬ ‫ً‬
‫أذناً مصغية؛ يتوقف عن نقل األخبار‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫الدافعية‬

‫‪44‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫ذهب شاب إلى أحد حكماء الصين؛ ليتعلم منه سر النجاح‪ ،‬وسأله‪ :‬هل تستطيع أن تذكر‬
‫لي ما هو سر النجاح؟‬

‫قائال‪ :‬سر النجاح هو الدوافع‪.‬‬


‫فرد عليه الحكيم الصيني بهدوء ً‬

‫فسأله الشاب‪ :‬ومن أين تأتي هذه الدوافع؟‬

‫فرد عليه الحكيم الصيني‪ :‬من رغباتك المشتعلة‪.‬‬

‫وباستغراب سأله الشاب‪ :‬وكيف تكون عندنا رغبات مشتعلة؟‬

‫وهنا استأذن الحكيم الصيني لعدة دقائق‪ ،‬وعاد ومعه وعاء كبير مليء بالماء‪ ،‬وسأل‬
‫الشاب‪ :‬هل أنت متأكد أنك تريد معرفة مصدر الرغبات المشتعلة؟‬

‫طبعا‪.‬‬
‫فأجابه الشاب بلهفة‪ً :‬‬
‫فطلب منه الحكيم أن يقترب من وعاء الماء وينظر فيه‪ ،‬ونظر الشاب إلى الماء عن‬
‫قرب‪ ،‬وفجأة ضغط الحكيم بكلتا يديه على رأس الشاب‪ ،‬ووضعها داخل وعاء المياه‪،‬‬
‫ومرت عدة ثوان ولم يتحرك الشاب‪.‬‬

‫ثم بدأ يخرج رأسه من الماء ببطء‪ ،‬ولما بدأ يشعر باالختناق‪ ،‬بدأ يقاوم بشدة حتى نجح‬
‫في تخليص نفسه‪ ،‬وأخرج رأسه من الماء‪ ،‬ثم نظر إلى الحكيم الصيني‪ ،‬وسأله بغضب‪:‬‬
‫ما هذا الذي فعلته؟‪ ،‬فرد عليه وهو ما زال محتفظاً بهدوئه وابتسامته سائالً‪ :‬ما الذي‬
‫شيئا‪.‬‬
‫تعلمته من هذه التجربة؟‪ ،‬فقال الشاب‪ :‬لم أتعلم ً‬

‫قائال‪ :‬ال يا بني لقد تعلمت الكثير؛ ففي خالل الثواني األولى‬
‫فنظر إليه الحكيم الصيني ً‬
‫أردت أن تخلص نفسك من الماء‪ ،‬ولكن دوافعك لم تكن كافية لعمل ذلك‪ ،‬وبعد ذلك كنت‬
‫دائماً راغباً في تخليص نفسك‪ ،‬فبدأت في التحرك والمقاومة‪ ،‬ولكن ببطء حيث أن دوافعك‬

‫‪45‬‬
‫لم تكن قد وصلت بعد ألعلى درجاتها‪ ،‬وأخي اًر أصبحت عندك الرغبة المشتعلة لتخليص‬
‫نفسك‪ ،‬وعندئذ فقط نجحت؛ ألنه لم تكن هناك أي قوة باستطاعتها أن توقفك‪.‬‬

‫من خالل هذه القصة‪ ،‬نستنتج أن الدافعية من األمور الهامة بالنسبة لكل من المديرين‬
‫والمنظمات؛ حيث يتوقف مدى نجاح المنظمة وفعاليتها على مدى دافعية وحماس أفرادها‬
‫للعمل؛ لذلك فإنه ال بد للمديرين أن يتفهموا معنى وطبيعة دافعية الفرد خاصة في مواقف‬
‫العمل‪.‬‬

‫الدوافع ‪ /‬محركات داخلية للسلوك‬

‫ما هي الدافعية؟‬

‫يعرفها د‪( .‬محمد سعيد سلطان) بأنها‪ :‬القوة التي تحرك وتثير الفرد؛ لكي يؤدي العمل‪،‬‬
‫أي قوة الحماس أو الرغبة للقيام بمهمة العمل‪ ،‬وهذه القوة تنعكس في كثافة الجهد الذي‬
‫يبذله الفرد‪ ،‬وفي درجة مثابرته واستم ارره في األداء‪ ،‬وفي مدى تقديمه ألفضل ما عنده‬
‫من قدرات‪ ،‬ومهارات في العمل‪.‬‬

‫ويعرفها (ميلفين) بأنها‪ :‬مجموعة من العوامل الداخلية النشطة‪ ،‬والقوة الموجهة لتصرفات‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫الدافعية‪ ،‬لماذا؟‬

‫أساسا على أنه يتحدد بمستوى الدافعية والقدرة وتفاعلهما‬


‫إن األداء اإلنساني يمكن تعريفه ً‬
‫معا‪ ،‬بمعنى‪ :‬األداء = الدافعية × القدرة‬
‫ً‬

‫‪46‬‬
‫ويتضح من هذا التعريف‪ ،‬أنه حتى لو استطاعت المنظمة الحصول على أفراد ممتازين‬
‫يتمتعون بقدرات ومهارات عالية‪ ،‬وحتى لو عملت على تنمية هذه القدرات‪ ،‬فإنها ال‬
‫تستطيع أن تتأكد من أن أداءهم سيكون مالئماً أو مناسباً‪.‬‬

‫ولهذا فإن وظيفة أخرى من وظائف إدارة الموارد البشرية يجب أن تعمل على تنشيط‬
‫وتحفيز قوة العمل‪ ،‬والتي يشار إليها عادة بالدافعية‪.‬‬

‫والقول بأن الدافعية أو الرغبة في األداء تتفاعل مع القدرات‪ ،‬معناه ببساطة أن قوة الدافعية‬
‫تحدد مدى استخدام الفرد لقدرته في أداء العمل‪ ،‬مع افتراض أن هذا العمل يتطلب القدرات‬
‫التي يتمتع بها الفرد‪ ،‬فبقدر ما تزيد الدافعية‪ ،‬يزيد المستغل من تلك القدرات في األداء‪،‬‬
‫وبقدر ما تقل الدافعية‪ ،‬يقل المستغل من تلك القدرات‪.‬‬

‫ويمكن القول بالتالي أن الدافعية‪ ،‬هي الرغبة في عمل شيء‪ ،‬وهذه الرغبة مشروطة بقدرة‬
‫هذا العمل (الفعل)‪ ،‬في إشباع حاجة ما لدى الفرد‪.‬‬

‫كما إن الحاجة غير المشبعة‪ ،‬تخلق حالة من التوتر أو عدم التوازن لدى الفرد‪ ،‬وهذه‬
‫الحالة تثير دوافع أو بواعث داخل الفرد‪ ،‬وهذه البواعث ينتج عنها بحث الفرد عن سلوك‬
‫إليجاد أهداف معينة إذا حققها أو أنجزها‪ ،‬فهي تشبع حاجته‪ ،‬وتؤدي إلى تقليل أو تخفيف‬
‫التوتر لديه‪.‬‬

‫فمثال شعور شخص بالجوع يخلق حالة من التوتر لديه‪ ،‬الجوع يمثل هنا حاجة غير‬
‫ً‬
‫مشبعة‪ ،‬هذه الحالة تحركه أو تدفعه (دوافع أو بواعث) للبحث عن طعام (سلوك البحث)‪،‬‬
‫واذا حصل على الطعام (إنجاز الهدف)‪ ،‬وتناوله فهو يشبع جوعه (إشباع الحاجة)‪ ،‬والذي‬
‫يؤدي بدوره إلى تخفيف التوتر لديه‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫كذلك قيام فرد بالعمل وردية إضافية‪ ،‬أو ساعات عمل إضافية بحماس‪ ،‬قد ينبئنا بأن هذا‬
‫الشخص مدفوع إلى هدف معين‪ ،‬وهو الحصول على حوافز أجرية إضافية؛ ذلك ألنه‬
‫يحتاج إلى مال‪.‬‬

‫بعض النظريات في الدافعية‪:‬‬

‫استمدت نظريات الدافعية مفاهيمها‪ ،‬من مذهب السعادة النسبية‪ ،‬والذي يشير إلى سعي‬
‫األفراد لتحقيق السعادة والراحة‪ ،‬وتجنب األلم وعدم الراحة‪ ،‬ومن ثم تطورت واختلفت‬
‫وجهات النظر تجاه الدافعية وفقاً الختالف األسس الفكرية‪.‬‬

‫فمثال وفقاً لمدخل اإلدارة العلمية‪ ،‬ركز (فردريك تايلور)‪ ،‬رائد حركة اإلدارة العلمية‪ ،‬على‬
‫ً‬
‫وجهة النظر االقتصادية‪ ،‬أي أنه ركز على الحوافز المادية فقط؛ لزيادة دافعية وحماس‬
‫الفرد للعمل‪ ،‬ولكن سرعان ما أدرك الباحثون أن افتراضات نظرية اإلدارة العلمية المتعلقة‬
‫بالدافعية ال تفسر السلوك اإلنساني المعقد‪.‬‬

‫أما من وجهة نظر العالقات اإلنسانية‪ ،‬والتي ظهرت كنتيجة لدراسات (هاوثرن)‪ ،‬فإنها‬
‫اقترحت أن األفراد يحفزون من خالل أشياء غير مادية‪ ،‬خاصة إذا نظرنا إلى الفرد‬
‫كمخلوق اجتماعي‪ ،‬يستجيب للبيئة االجتماعية في العمل‪.‬‬

‫فاتجاهات الفرد اإليجابية مثل الرضا عن العمل‪ ،‬تؤدي إلى زيادة مستوى أداء الفرد‪.‬‬

‫ومن العلماء الذين مثلوا هذا المدخل (أبراهام ماسلو)؛ والذي ساهم بتنمية نظرية هامة‬
‫للدافعية‪ ،‬وهي نظرية الحاجات للدافعية‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫نظرية إشباع الحاجات (أبراهام ماسلو)‪:‬‬

‫قدم (ماسلو) نظريته في إشباع الحاجات أو (تدرج الحاجات)‪ ،‬واستند في نظريته على‬
‫أن هناك مجموعة من الحاجات التي يشعر بها الفرد‪ ،‬تعمل كمحرك ودافع للسلوك‪،‬‬

‫وتتلخص النظرية في الخطوات التالية‪:‬‬

‫اإلنسان كائن‪ ،‬يشعر باحتياج ألشياء معينة‪ ،‬وهذا االحتياج يؤثر على سلوكه‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫توتر لدى الفرد‪ ،‬والفرد يود أن ينهي توتره‪ ،‬من خالل‬
‫فالحاجات غير المشبعة‪ ،‬تسبب ًا‬
‫البحث عن إشباع الحاجة؛ وبالتالي فإن الحاجة غير المشبعة‪ ،‬هي حاجة مؤثرة على‬
‫السلوك‪ ،‬والعكس أيضاً‪ ،‬فإن الحاجة التي تم إشباعها‪ ،‬ال تحرك السلوك اإلنساني‪.‬‬

‫‪ .2‬تتدرج الحاجات في هرم‪ ،‬يبدأ بالحاجات األساسية األولية الالزمة؛ لبقاء الجسم‪،‬‬
‫وتتدرج في سلم من الحاجات يعكس مدى أهمية هذه الحاجات‪.‬‬

‫‪ .3‬يتقدم اإلنسان في إشباع حاجاته‪ ،‬بالحاجات األساسية األولية (الحاجات‬


‫الفسيولوجية)‪ ،‬ثم ينتقل إلى إشباع حاجات األمان‪ ،‬ثم الحاجات االجتماعية‪ ،‬ثم‬
‫أخير حاجات تقدير الذات‪.‬‬
‫حاجات التقدير‪ ،‬و ًا‬

‫‪49‬‬
‫‪ .4‬إن الحاجات غير المشبعة لمدة طويلة تؤدي إلى إحباط‪ ،‬وتوتر حاد؛ قد يسبب آالم‬
‫نفسية؛ ويؤدي األمر إلى العديد من الوسائل الدفاعية‪ ،‬التي تمثل ردود أفعال‪ ،‬يحاول‬
‫الفرد أن يحمي بها نفسه من اإلحباط‪.‬‬

‫هرم الحاجات‪:‬‬

‫‪ -1‬الحاجات الفسيولوجية‪:‬‬

‫وتعمل هذه الحاجات أساساً على الحفاظ على الفرد والمحافظة على نوعه‪ ،‬مثل الحاجة‬
‫إلى الطعام‪ ،‬والشراب‪ ،‬والمسكن‪ ،‬والراحة‪ ،‬والنوم‪ ،‬والجنس‪.‬‬

‫‪ -2‬حاجات األمان‪:‬‬

‫بمجرد إشباع الفرد حاجاته الفسيولوجية بدرجة ُمرضية‪ ،‬ينتقل إلى إشباع حاجات األمان‪،‬‬
‫مثل محاولة تأمين حياة الفرد‪ ،‬والحماية من أية أخطار‪ ،‬أو حوادث قد تحدق بحياة الفرد‪.‬‬

‫‪ -3‬الحاجات االجتماعية‪:‬‬

‫بعد إشباع الحاجات الفسيولوجية وحاجات األمان‪ ،‬تظهر الحاجات االجتماعية‪ ،‬وتتمثل‬
‫في رغبة الفرد في وجوده بين اآلخرين من أصدقاء‪ ،‬ورغبته في الود‪ ،‬وكسب المزيد من‬
‫المكانة االجتماعية‪ ،‬من خالل المركز والنفوذ‪ ،‬داخل الجماعة التي ينتمي إليها‪.‬‬

‫‪ -4‬حاجات االحترام التقدير‪:‬‬

‫الحاجة إلى المكانة االجتماعية المرموقة‪ ،‬والشعور باحترام اآلخرين‪ ،‬والحاجة إلى‬
‫اإلحساس بالثقة بالنفس‪ ...‬وتلعب الجوائز‪ ،‬والترقيات‪ ،‬واأللقاب البراقة‪ ،‬والشكر وخطابات‬
‫الثناء‪ ،‬دو اًر هاماً في إشباع حاجات التقدير‪.‬‬

‫‪ -5‬حاجات تحقيق الذات‪ :‬يحاول الفرد أن يحقق ذاته‪ ،‬من خالل تعظيم استخدام قدراته‬
‫شخصيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ومهارته الحالية والمحتملة‪ ،‬في تحقيق أكبر قدر من اإلنجازات تسره وتسعده‬
‫ا‬

‫‪50‬‬
‫تقييم نظرية ماسلو إشباع الحاجات‪:‬‬

‫عموميا مبسطاً ومفيداً؛ لفهم تدرج‬


‫ً‬ ‫في التقييم العام ألفكار ماسلو‪ ،‬نالحظ أنها توفر إطا اًر‬
‫قوة الدوافع عند غالبية األفراد معظم الوقت‪ ،‬إال أنها ال تصلح لفهم قوة دوافع كل الناس‬
‫في كل المواقف‪..‬‬

‫ويمكن إيجاز االنتقادات الموجهة إلى هذه النظرية فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬تفترض النظرية ترتيباً وتدرجاً للحاجات‪ ،‬إال أن بعض الناس قد يختلف مع النظرية‬
‫في ترتيبهم لهذه الحاجات‪ ،‬فمثالً الفنان والشخص المبدع قد يبدأ السلم من الحاجة‬
‫إلى تحقيق الذات‪ ،‬وقد يهتم آخرون بالحاجات االجتماعية؛ وبالتالي يختلف بعض‬
‫الناس في ترتيبهم للحاجات عن نموذج ماسلو‪.‬‬
‫‪ -2‬قد يصر بعض الناس على مزيد من اإلشباع لحاجة معينة‪ ،‬بالرغم من إشباعها‬
‫بالفعل‪ ،‬وهذا خالفاً لما تفترضه النظرية‪ ،‬بأنه حال إشباع حاجة معينة‪ ،‬يتم االنتقال‬
‫إلى إشباع حاجة أعلى منها مباشرة‪.‬‬
‫‪ -3‬لم تهتم النظرية بحجم اإلشباع الالزم لالنتقال إلى الحاجة األعلى‪ ،‬بل افترضت أن‬
‫هناك إشباع‪ ،‬وفي واقع األمر‪ ،‬نحن نختلف في حجم اإلشباع الذي يرضينا‪ ،‬فقد يقوم‬
‫فرد بإشباع حاجاته الفسيولوجية بنسبة ‪ ،%50‬بينما تكون هذه النسبة غير ُمرضية‬
‫آلخرين‪.‬‬
‫‪ -4‬تفترض النظرية‪ ،‬أننا ننتقل من إشباع إحدى الحاجات‪ ،‬إلى إشباع حاجات أخرى‪،‬‬
‫فور إشباع الحاجة األدنى‪ ،‬وفي واقع األمر‪ ،‬فإننا نقوم بإشباع أكثر من حاجة في‬
‫نفس الوقت‪.‬‬
‫‪ -5‬تفترض النظرية‪ ،‬أن الحاجة غير المشبعة‪ ،‬هي التي تدفع إلى السلوك‪ ،‬معنى ذلك‬
‫أن الحاجة المشبعة‪ ،‬ال تدفع للسلوك‪ ،‬وهذا غير صحيح‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫طويال‪ ،‬من عدم إشباع الحاجات الفسيولوجية‪ ،‬عندما‬
‫ً‬ ‫زمنا‬
‫‪ -6‬الطبقات التي عانت ً‬
‫يكتسبون المال‪ ،‬يظلون يشبعون فيها على طول‪.‬‬

‫نظرية الدافعية أو الوقاية أو نظرية العاملين (فريدريك هيرزبرج)‪:‬‬

‫استطاع أن يفرق بين نوعين من المشاعر الدافعة‪( :‬الرضا) و(االستياء)‪ ،‬وأن العوامل‬
‫المؤدية إلى الرضا تختلف تماماً‪ ،‬عن العوامل المؤدية إلى االستياء‪.‬‬

‫العوامل الدافعة‪:‬‬

‫هي مجموعة العوامل التي تزود األفراد بالدافعية‪ ،‬وتتشابه مع حاجات المستويات العليا‬
‫في هرم ماسلو‪ ،‬مثل‪ :‬اإلنجاز‪ ،‬التحصيل‪ ،‬التقدير‪ ،‬العمل نفسه‪ ،‬المسئولية‪ ،‬التقدم‬
‫والترقية‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫العوامل الوقائية‪:‬‬

‫ووظيفة هذه العوامل هي منع "عدم الرضا"‪ ،‬ولكنها ال تؤدي في حد ذاتها إلى الرضا‪ ،‬أو‬
‫بمعنى آخر‪ ،‬هي تصل بالدافعية إلى درجة الصفر النظري‪ ،‬وتعتبر "حد أمان" لمنع أي‬
‫نوع من أنواع الدافعية السلبية‪ ،‬وتتشابه مع حاجات المستويات الدنيا في هرم ماسلو مثل‪:‬‬
‫األجور واألمن‪ ،‬شروط وظروف العمل‪ ،‬العالقات داخل المنظمة‪ ،‬سياسات المنظمة‪،‬‬
‫اإلشراف‪.‬‬

‫وطبًقا لهذه النظرية‪ ،‬البد أن يكون الفرد مقتنعاً بمحتويات عمله (بمعنى أن يتضمن العمل‬
‫نوعاً من التحدي والصعوبة)‪ ،‬حتى يمكن دفع الفرد؛ لبذل الجهد لديه‪.‬‬

‫مزايا نظرية هرزبرج‪:‬‬

‫تلقي النظرية ضوءاً جديداً على دوافع العمل‪ ،‬فحتى ظهور النظرية‪ ،‬كانت اإلدارة تهتم‬
‫بالعوامل الوقائية‪ ،‬فإذا واجهت مشكلة انخفاض الروح المعنوية؛ فإنها تلجأ إما إلى رفع‬
‫األجور‪ ،‬أو زيادة المزايا العينية‪ ،‬أو تحسين ظروف العمل‪ ،‬ومثل هذه الحلول لم تؤدي‬
‫ثمارها؛ فجاء (هيرزبرج) ليفسر هذه الظاهرة‪ ،‬إذ يقول‪ :‬إن اإلدارة بتركيزها على العوامل‬
‫الوقائية فقط‪ ،‬تفقد قدرتها على دفع العمال‪.‬‬

‫ويقول (هيرزبرج) بأن العوامل الوقائية ضرورة ال يمكن االستغناء عنها؛ لمنع عدم الرضا‪،‬‬
‫ولكن بمجرد توافرها‪ ،‬فإن الفرد يتطلع إلى حاجات أخرى كاإلنجاز‪ ،‬والتقدير‪ ،‬والترقية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من االنتقادات الشديدة التي تعرضت لها هذه النظرية‪ ،‬إال أن قليلين هم من‬
‫أنكروا مساهمتها الفعالة في دراسة دوافع العمل‪ ،‬فقد توسع في مبدأ التدرج (الذي أنشأه‬
‫ماسلو) وطبقه بكفاءة على دوافع العمل‪ ،‬كما أنه جذب االنتباه إلى عوامل محتويات‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫نظرية التوقع (فيكتور فروم)‪:‬‬

‫تفترض هذه النظرية أن اإلنسان يجري مجموعة من العمليات العقلية والتفكير قبلما يؤدي‬
‫األمر إلى سلوك محدد‪ ،‬وترى هذه النظرية التي وضع أساسها فيكتور فروم أن دافعية‬
‫الفرد ألداء عمل معين هي محصلة للعوائد التي سيتحصل عليها الفرد‪ ،‬وشعوره واعتقاده‬
‫بإمكانية الوصول إلى هذه العوائد‪.‬‬

‫خصائص نظرية التوقع‪:‬‬

‫‪ -1‬يميل الفرد إلى االختيار بين بدائل عديدة للسلوك‪ ،‬حيث يختار السلوك الذي يعظم‬
‫به عوائده؛ فإذا طلب مدير من أحد المرؤوسين أن يستمر في العمل لوقت إضافي‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬فهل يكون سلوك المرؤوس بالموافقة أو االمتناع؟‪..‬‬
‫إن إجابة المرؤوس على هذا السؤال سيحددها العائد الذي سيعود عليه من جراء هذا‬
‫السلوك‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -2‬إن دافعية الفرد ألداء عمل معين هي محصلة لثالثة عناصر‪:‬‬

‫• توقع لفرد أن مجهوده سيؤدي إلى أداء معين‪.‬‬

‫• توقع الفرد بأن هذا األداء هو الوسيلة للحصول على عوائد معينة‪.‬‬

‫• توقع الفرد أن العائد الذي سيحصل عليه ذو منفعة وجاذبية له‪.‬‬

‫‪ -3‬إن العناصر الثالثة السابقة (التوقع والوسيلة والمنفعة) تمثل عملية تقدير شخصي‬
‫للفرد‪ ،‬وانه باختالف األفراد يختلف التقدير‪ ،‬فما يشعر به فرد يختلف عما يشعر به‬
‫فرد آخر‪ ،‬وعليه فإن هذه العناصر الثالثة تمثل عناصر إدراكية يصدق عليها كل ما‬
‫قيل في فصل اإلدراك‪.‬‬

‫‪ -4‬ترى النظرية أن الفرد لديه القدرة والوعي بإمكانية البحث في ذاته عن العناصر الثالثة‬
‫السابقة‪ ،‬واعطائها تقديرات وقيم؛ وعليه وجب االهتمام بهذه العناصر الثالثة بصورة‬
‫أكثر إسهاباً‪.‬‬

‫عناصر نظرية التوقع‪:‬‬

‫‪ -1‬التوقع‪:‬‬

‫هو تقدير الشخص لقوة العالقة بين المجهود الذي يبذله وبين األداء المطلوب الوصول‬
‫إليه‪ ،‬فإذا كان تقدير الفرد أنه مهما يبذل من مجهود فإنه سيضيع سدى ولن يؤدي إلى‬
‫األداء المطلوب‪ ،‬فإن العالقة هنا غير موجودة أو ضعيفة جداً‪.‬‬

‫وان كان تقدير الفرد أنه كلما بذل مجهوداً أدى هذا إلى األداء المطلوب‪ ،‬فإن العالقة هنا‬
‫واضحة وقوية‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫وال بد أن نالحظ أن المجهود الذي يقوم به الفرد قد يكون في شكل أنشطة وتصرفات‬
‫صغيرة في سبيل إتمام العمل‪ ،‬او أنه إتمام إلجراءات وخطوات متتابعة ومتكاملة أو أنها‬
‫حركات أمام آالت ومعدات‪ ،‬وأما األداء فهو يشير إلى اإلتمام الناجح للعمل المطلوب‪،‬‬
‫أو هو اإلنجاز الكامل للشيء المرغوب فيه‪.‬‬

‫‪ -2‬الوسيلة‪:‬‬

‫وهنا يثار تساؤل داخل الفرد مؤداه‪ :‬إلى أي مدى يمكن اعتبار األداء كوسيلة للحصول‬
‫على عوائد معينة فقد يعتقد الفرد ان أداءه العالي هو الوسيلة للحصول على مكافأة عالية‪،‬‬
‫في حين يشعر البعض أنه ليس هناك تأكد من أن هناك عالقة بين األداء والعوائد كلما‬
‫زادت دافعية الفرد لهذا األداء‪.‬‬

‫وعلى أي مدير أن يوضح هذه العالقة لمرؤوسيه حتى يرفع من دافعيتهم لألداء‪.‬‬

‫‪ -3‬منفعة العوائد‪:‬‬

‫تشير منفعة وجاذبية العوائد إلى القيمة التي تعود على الفرد من عائد معين يحصل عليه‪،‬‬
‫فقيم العوائد تختلف من فرد آلخر‪ ،‬فالشكر والتقدير فد يكون ذا قيمة ومنفعة لدى البعض‪،‬‬
‫وقد ال يمثل أي قيمة للبعض اآلخر‪ ،‬وعلى هذا تزيد دافعية الفرد حينما يحصل على‬
‫عوائد تتناسب مع احتياجاته‪ ،‬فيقوم بتقدير هذه العوائد خير تقدير‪.‬‬

‫وتشكل العناصر السابقة جوهر دافعية الفرد‪ ،‬بل إنه يمكن استخدامها في تحديد الدافعية‬
‫في شكل معادلة كاآلتي‪:‬‬

‫الدافعية = التوقع × الوسيلة × منفعة العوائد‬

‫‪56‬‬
‫التطبيق اإلداري لنظرية التوقع‪:‬‬

‫ذاعت نظرية التوقع في صيتها لدرجة أنها اصبحت مقبولة عملياً كإحدى نظريات الدافعية‬
‫واألداء الشهيرة‪ ،‬ويمكن استخدام هذه النظرية في بعض التطبيقات اإلدارية وذلك باستخدام‬
‫مبادئها‪.‬‬

‫‪ -1‬على األنظمة اإلدارية وعلى المشرفين أن يوضحوا الوسيلة والعالقة بين األداء وبين‬
‫الحصول على حوافز وعوائد معينة‪ ،‬ويلعب المشرف دو اًر كبي اًر في توضيح هذه‬
‫العالقة‪ ،‬على األخص لو أن هذه العالقة موجودة بالفعل‪.‬‬

‫‪ -2‬تأكيد وتوضيح توقعات العاملين‪ ،‬وكيف أن مجهوداتهم تؤدي إلى أداء معين؟ وكيف‬
‫يسهم نشاطهم اليومي في زيادة فاعلية األداء‪.‬‬

‫‪ -3‬على المشرف أن يوضح العوائد والحوافز العديدة التي يمكن أن يحصل عليها الفرد‪،‬‬
‫وكيف أنها ترتبط بأداء عمل معين؟‬

‫‪57‬‬
‫الفصل اخلامس‬

‫التحفيز‬

‫‪58‬‬
‫تعريف التحفيز‪:‬‬

‫طرق يمكن بواسطتها مساعدة األشخاص الذي نعمل معهم على العمل بفعالية أكبر‪.‬‬

‫هو المفتاح الذي يستطيع فعال إطالق الطاقة الكامنة في كل من أولئك األشخاص‪.‬‬

‫مبادئ التحفيز األساسية‪:‬‬

‫‪ -1‬ال يمكنكم تحفيز اآلخرين!‬


‫‪ -2‬كل األشخاص متحفزون!‬
‫‪ -3‬يتصرف األشخاص ألجل أسبابهم (أسبابهم هم‪ ،‬وليس ألجل أسبابكم)‬
‫ال يمكنكم تحفيز اآلخرين ‪ ..‬لكن يمكن إيجاد بيئة محيطة حيث يمكنهم تحفيز أنفسهم‬

‫وهذا ما يجب أن ننظر فيه ‪...‬‬

‫كيف يمكننا إيجاد تلك البيئة المحيطة التحفيزية؟‬

‫وهنا؛ وقبل أن نستمر؛ لنناقش الموضوع من زاوية عكسية!‬

‫كيف يمكن إخماد التحفيز باآلخرين؟!‬

‫خمس طرق يمكن بواسطتها إخماد التحفيز في كل إنسان راشد‪:‬‬

‫‪ -1‬كونوا قليلي االتصال الشخصي باآلخرين‪:‬‬


‫مثالً إذا دعوتهم إلى اجتماع كن آخر القادمين إليه‪ ،‬واحرص على المغادرة بمجرد انتهائه‪.‬‬
‫حتى ال تتفاعل مع أحد‪ ،‬وال تمروا بأحد أبداً وهو يعمل‪.‬‬
‫ال تروهم إال عند الضرورة القصوى‪ ،‬وهذا كفيل بأن يوهن عزيمة األشخاص‬

‫‪59‬‬
‫(الن معظم األشخاص يحبون االتصال ويحبون التواصل واآلخرين)‬
‫‪ -2‬تعكير مزاجات األشخاص وتركهم كذلك‪:‬‬
‫مثال‪ :‬عندما تعقدون اجتماع موظفين أو ربما هو اجتماع مبيعات اقترح عليكم أن تنصرفوا‬
‫إلى الحديث الممل مطوال إلى اآلخرين وال تتجاذبوا معهم أطراف الحديث أبداً‪.‬‬

‫عكروا مزاج األشخاص ودعوهم كذلك‪ ...‬لماذا؟‪ ..‬ألن معظم األشخاص يفضلون حقاً‬
‫إشراكهم فيما يجري‪ ،‬ولئن لم تسمحوا بذلك فستخمدون تحفزهم‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم استخدام األمثلة أبداً‪:‬‬
‫افترضوا أن األشخاص قادرون على تطبيق ما ُعلموه‪ ،‬فال تُكلفوا أنفسكم عناء تزويدهم‬
‫باألمثلة‪.‬‬
‫إنهم راشدون‪ ،‬وان أردتم منهم القيام بشيء؛ فما عليكم سوى أن تطلبوا إليهم ذلك‪.‬‬
‫بالطبع؛ ال تبينوا لهم كيف يقومون بالعمل‪ ....‬فقط اطلبوا إليهم القيام به‪ ،‬فتتمكنون من‬
‫عقد اجتماعات أقصر بكثير‪...‬‬
‫ضرب األمثلة يؤدي إلى استيعاب األفكار‪ ...‬لذا اغفلوا األمثلة‪.‬‬
‫‪ -4‬المسارعة باالنتقاد‪:‬‬
‫وتذكروا هذا المبدأ اإلداري‪:‬‬
‫يجب توجيه االنتقاد علناً‪ ،‬وتقديم الثناء‪ ،‬إن كان هناك ثناء‪ ،‬على انفراد‪.‬‬
‫‪ -5‬جعل الذين يطرحون األسئلة يشعرون بالغباء‬
‫والتعامل بجفاء مع الذين يجيبون على أسئلة أو يعلقون‪.‬‬

‫واآلن ماذا نقول ألنفسنا؟‬


‫علينا التوقف عن القيام بتلك األمور الخمسة أو القيام بعكسها تماماً‬
‫سأقيم اتصاالً شخصياً‪ ...‬سأتقرب من الموظفين‪ ...‬سأكون أكثر مبادرةً ؟‬

‫‪60‬‬
‫لبناء مناخ تحفيزي‪:‬‬

‫‪ -1‬إيجاد حاجة‬
‫الناس تريد أن تعرف السبب والهدف وراء ما تقوم به‪ ،‬وليس نفذ وحسب‪.‬‬
‫يريدون أن يعرفوا أية مشكلة يحلها تصرفنا‪ ،‬وكيف سيساعدنا على القيام بعملنا على نحو‬
‫أسرع وأفضل وأسهل؟ خصوصاً إن كنا نتحدث عن توجيه األشخاص إلى استخدام‬
‫تكنولوجيا جديدة‪.‬‬
‫وبدالً من القول‪ :‬افعل هذا ألنه عملك؛ أريد أن أعرف كيف سيساعدني أن أتعلم تكنولوجيا‬
‫جديدة‪.‬‬
‫هناك مثل يقول‪ :‬يمكنك جر حصان إلى الماء لكن ال يمكنك إرغامه على الشرب!‪...‬‬
‫لكن يمكنك تمليح شوفانه‪.‬‬

‫‪ -2‬تطوير حس بالمسؤولية الشخصية‬


‫يفتخر األشخاص عادة بإنجازاتهم الخاصة‪ ،‬لذا ما علينا النظر إليه هي الطرق التي‬
‫يمكننا بواسطتها جعل األشخاص مسؤولين‪.‬‬
‫تفويضهم مهمة خاصة بهم‪ ،‬يستطيعون ما أن تُنجز أن ينظروا إليها ويقولوا‪ :‬هذا إنجازي؟‬
‫أن يكونوا قادرين على تمييز المساهمة الشخصية في الصورة األوسع التي يشاركون فيها‪.‬‬
‫حتى يشعروا بأنهم مفوضون‪ ،‬ويشعروا بحس من المسؤولية حيال ما يقومون به‪.‬‬

‫‪ -3‬إيجاد حقل اهتمام والمحافظة عليه‬


‫بعض األشخاص يمارسون وظائف فيها الكثير من التنوع الطبيعي‪ ،‬ولئن لم يكن ذلك‬
‫موجوداً فعلينا البحث كيف يمكننا إضفاء مزيد من التنوع في الوظيفة‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫أيمكننا القيام ببعض التدريب المتقاطع حيث يتعلم األشخاص أن يألفوا وظائف اآلخرين‬
‫من حولهم‪ ،‬حتى إذا ما انتاب العمل بعض الركود؛ وبدالً من أن يمكثوا دونما نشاط‬
‫بانتظار العمل فقد يشتركون في بعض األمور األخرى التي تضفي على عملهم بعض‬
‫التنوع‪ ،‬ولقد رأينا أوضاعاً حيث أصبح الموظفون البارعون في حقل ما مدربين مؤقتين‬
‫يقتطعون بضع ساعات من عملهم ليقدموا حلقات تدريبية ويعلموا الموظفين القيام بما‬
‫يقومون به‪ ،‬وقد أوجد ذلك بعض التحفيز‪.‬‬
‫وهناك طريقة أخرى للمحافظة على االهتمام وهي بتشجيع األشخاص على طرح األسئلة‪،‬‬
‫وهذا يزود بعض الموظفين بالكثير من األمان؛ فحينما تنتقلون إلى وظيفة جديدة‪ ،‬أو ربما‬
‫وظفتكم شركة جديدة وفي األسبوعين األولين تترددون في طرح األسئلة فأنتم تريدون أن‬
‫تليقوا بمركزكم‪ ،‬وتريدون أن يشعر الرؤساء بأنهم أحسنوا االختيار في توظيفكم‪ ،‬لكنكم‬
‫قدر ٍ‬
‫كاف من االرتياح لطرح األسئلة يكون قد‬ ‫تخشون طرح األسئلة وحينما تشعرون ب ٍ‬
‫مضى على وصولكم وقت أطول من أن يتاح لكم طرح األسئلة فأنتم بتم تشعرون بأن‬
‫من المفترض بكم اإللمام بالشئون وهكذا ‪...‬‬
‫في البداية كنتم تخشون ألنكم كنتم جدداً واآلن تخشون‪ ،‬ألنكم لستم جدداً ‪...‬‬
‫حسناً‪ ،‬لكن يمكننا‪ ،‬تشجيع الموظفين على طرح األسئلة وجعلهم يدركون بأن السؤال‬
‫األحمق الوحيد هو السؤال الذي ال نطرحه‪.‬‬
‫أو ليس جزءاً من االتصال الشخصي‪ ،‬الحرص‪ ،‬وخصوصا في المراحل األولى على‬
‫بقدر ٍ‬
‫كاف من االرتياح ليأتي إلينا‬ ‫قضائنا وقتاً مع ذلك الموظف الجديد حتى يشعر ٍ‬
‫بأسئلته وشئونه وشجونه؟!‬

‫‪62‬‬
‫‪ -4‬ابنوا تجارب لتطبيق المحتوى على الواقع‬
‫كثي اًر ما نعطى الموظفين أمثلة أو شروحات أو معلومات في االجتماعات لكننا ال نمنحهم‬
‫وقتاً ليتريثوا ويروا كيف يمكن لتلك المعطيات أن تنطبق على أعمالهم والمطلوب منحهم‬
‫بعض الوقت للتفكير والمناقشة حتى يجدوا بأنفسهم وجوه التطبيق التي تعنيهم‪.‬‬

‫‪ -5‬امنحوا التقدير والتشجيع والموافقة‬


‫قال (وليام جايمس) عالم النفس في جامعة هارفارد‪:‬‬
‫(إن أعظم حاجة لكل كائن بشري هي الحاجة للتقدير)‬
‫معظمنا شبيه باإلسفنج الجاف الذي ينتظر قطرة تقدير‪.‬‬
‫األشخاص يسارعون إلى اإلشارة عندما ترتكبون خطأً ما‪ ،‬يأتون ويقولون‪ :‬أتعرف أن هذا‬
‫خطأ ونجيب‪ :‬أجل‪ ،‬عرفت ذلك‪ ...‬فيضيف‪ :‬لقد أردت التأكد وحسب‪ ،‬ونقول‪ :‬شك ار جزيالً‬
‫على إشارتك إلى األمر خصوصا أمام كل هؤالء العاملين‪! ..‬‬
‫وفي النهاية عندما نقوم بأمر صحيح‪ ،‬حتى إننا بالكاد نصدق بأننا قمنا به بأنفسنا‪ ،‬ننتظر‬
‫أن يقول أحدهم شيئا وننتظر وننتظر!!!‪ ،‬وفي النهاية نمسك بأحدهم ونشرح له ما جرى‬
‫بأدق التفاصيل في قيامنا بذلك األمر الصائب‪ ،‬وعندئذ من المحتمل أن نسمع عبارة‪:‬‬
‫(أليس هذا هو عملك؟ ظننت أن هذا ما تتقاضى أجرك من أجله!)‬
‫لكل منا كراشدين ربما شخص آخر مهم في حياتنا‪ ،‬وأريد منكم التفكير في هذا الشخص‬
‫وبما إذا كنتم سمعتموه يوماً يقول لكم هذا ام ال‪:‬‬
‫عزيزي‪ ،‬هل تحبني؟ واإلجابة السريعة كردة فعل‪ :‬بالطبع أحبك‬
‫ليس هذا هو السؤال األصعب‪ ...‬السؤال الصعب هو السؤال التالي‪ :‬لماذا تحبني؟!‬
‫فنضع يدنا على وجهنا ونسكت ‪...‬‬

‫‪63‬‬
‫ليست المسالة أننا نعجز عن إيجاد ما نقول‪ ،‬لكن األمور التي نفكر بها ال تبدو على‬
‫أهمية كافية لإلجابة عن هذا السؤال‪.‬‬
‫ما يريد أن يقوله ذلك الشخص حقا هو‪ :‬أريد أن أسمع منك أنك تأبه ألمري‪.‬‬
‫وان لم يمكنك قول ذلك من دون أن أسألك‪ ،‬ومع أني أفضل أال أسأل‪ ،‬فسأسأل‪ :‬هل‬
‫تحبني ؟‪ ..‬وهل تأبه ألمري ؟‪..‬‬
‫األمر أشبه بقصة ذلك الرجل التي تزوج لتوه‪ ،‬وقال لعروسه‪ :‬عزيزتي‪ ،‬ال أجيد فن‬
‫الحديث؛ لذا دعيني أقول لك هذا‪ :‬أنا أحبك‪ ،‬وان تغير األمر سأعلمك‪.‬‬
‫إن أعظم حاجة لكل كائن بشري هي الحاجة إلى التقدير‪...‬‬
‫امنحوا التقدير‪ ،‬امنحوا التشجيع‪ ،‬وامنحوا الموافقة‪.‬‬

‫‪ -6‬تشجيع المنافسة الصحيحة‬


‫وأعني بذلك أن أنافس ذاتي‪ ..‬النجاح هو ما أنا بالمقارنة مع ما يمكنني أن أكون ‪...‬‬
‫أنا بالمقارنة مع نفسي‪ ،‬وأنتم بالمقارنة مع أنفسكم‪...‬‬
‫أنظر إلى مقياسي ومن ثم إلى كيفية رفعه‪...‬‬
‫أحد األمور األكثر تهديماً في مؤسسة ما جعل األشخاص يتنافسون الواحد ضد األخر‪.‬‬
‫واألفضل هو وضع مقياس‪ ،‬والمكافأة من نصيب كل من يبلغ المقياس‪..‬‬
‫إذا قلنا إن هذه مباراة؛ والفائز له كذا وكذا‪ ،‬وبالخبرة فإنه عند إجراء مباراة كهذه فالجميع‬
‫يدركون أن شخصاً بين اثنين أو ثالثة سيفوز بها‪ ،‬إذن فلماذا المحاولة؟!‬
‫السبب‪ :‬أننا جعلنا الموظفين يتنافسون الواحد ضد األخر ‪...‬‬
‫واألفضل أن نقول‪ :‬ها هي ذي المقاييس‪ ،‬ومن يبلغ هذا المقياس ينال هذا التقدير‪ ،‬وينال‬
‫هذه المكافأة‪ ،‬وهذه المعلومات االسترجاعية‪.‬‬
‫شجعوا المنافسة الصحيحة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫تحمسوا أنفسكم‬
‫‪َّ -7‬‬
‫كل منا يستطيع أن يظهر حماساً داخلياً‪ ،‬بغض النظر عن أنماطنا الشخصية‬
‫هناك طريقتان تستطيعون بواسطتهما إظهار حماستكم ‪...‬‬
‫• حينما تتحدثون إلى األشخاص فانظروا في أعينهم مباشرة‪.‬‬
‫حتى يشعر الناس بأهميتهم‪.‬‬
‫• كونوا موجودين‪....‬‬
‫مثالً عندما أذهب إلى االجتماعات أحاول الوصول قبل خمس عشرة دقيقة من موعد‬
‫بدئها ألتمكن من قضاء بعض الوقت مع األشخاص حينما يدخلون‪ ،‬بغض النظر‬
‫عما إذا كان اجتماعاً أديره أنا أو اجتماعاً أحضره‪ ،‬ببساطة أريد أن أكون موجوداً‪.‬‬
‫وكذلك أحاول البقاء ‪ 15‬دقيقة بعد نهاية االجتماع واالتصال مع األشخاص‪ ،‬ألن‬
‫هذا يبرهن وعلى األقل في ذهني أن هناك شخصاً يهتم حقاً بما نفعل‪ ،‬وليس ذلك‬
‫أداء مع من نعرفه يهتم بنا؟‬
‫وحسب بل هو يهتم بي أيضا‪ ...‬أو لسنا أفضل ً‬

‫‪ -8‬إنشاء أهداف بعيدة المدى‬


‫وأعني بذلك أننا كراشدين نرغب في رؤية كامل الصورة‪ ،‬فنتمكن من التركيز على جزئنا‬
‫وعلى موقعه منها‪.‬‬

‫‪ -9‬النظر إلى قيم الدوافع الداخلية‬


‫أيت أشخاصاً يأتون إلى التدريب اإلداري؛ ليس ألنهم أردوا القيام بعمل أفضل‬
‫مثالً‪ ،‬لقد ر ُ‬
‫بل ألنهم حسبوا أن حضورهم سيساعدهم في الحصول على ترقية‪.‬‬
‫قد تقولون إن هذا سبب تافه‪ ،‬لكنه أفضل من عدم وجود أي هدف‪ ،‬وأفضل من حضور‬
‫أحدهم التدريب لمجرد أنه أُرسل إليه‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫البعض يذهب إلى التدريب لمصلحة خاصة تتعلق به‪ ،‬وهذا ال يضير المؤسسة التي تدفع‬
‫من أجل تدريبه‪ ،‬ألن عالج مشاكل الفرد تجعله ال يشغل باله أثناء العمل‪.‬‬
‫إن مشاكل الحياة الشخصية ال يدعها الفرد عند عتبة الشركة‪.‬‬
‫إذن النظر إلى الدوافع الداخلية ‪ -‬حتى ولو لم يفصح األشخاص عنها ‪ -‬مجرد النظر‬
‫إلى قيمة ذلك يساعد الناس على الرضا ويزيد والءهم للمنظمة‪.‬‬

‫‪ -10‬تكثيف العالقات بين الموظفين‬


‫وال نعني بهذا قضاء وقت طويل بين الموظفين؛ بقدر ما نعني مساعدة الموظفين على‬
‫التواصل بعضهم ببعض‪ ،‬حتى يشعروا باالرتياح إن باحوا بمشكلة لموظفين في أقسام‬
‫أخرى‪ ،‬ألنهم متصلون بشكل أو بآخر بأولئك األشخاص‪ ،‬فذلك يجعلهم أصحاب خيار‬
‫أوسع في كيفية حصولهم على المساعدة التي يحتاجون‪.‬‬
‫لذلك السبب‪ ،‬حينما تقدم برامج تدريبية نقترح م ار اًر بأن تمثل أقسام متعددة؛ بما يسمح‬
‫لموظفيها باالتصال بموظفي أقسام أخرى‪.‬‬
‫وللسبب نفسه‪ ،‬حينما تقوم بعملية بناء الفريق؛ نقترح بناء الفريق بنفس الطريقة‪.‬‬
‫كثفوا تلك العالقات فيما بين الموظفين‪.‬‬

‫‪ -11‬منح األشخاص خيا اًر لطريقة‬


‫وما نعنيه بذلك أننا كثي ار ما نعهد إلى األشخاص بمسؤوليات‪ ،‬لكن يمكننا منحهم الخيار‬
‫حول كيفية تحملهم تلك المسؤوليات‪...‬‬
‫هناك بعض المدراء شديدو التعلق بمزايا السيطرة لدرجة أنهم يخططون لكل شيء حتى‬
‫التفصيل األخير‪ ،‬وال يمنحون موظفيهم أبداً الخيار في كيفية التنفيذ‪.‬‬
‫مطلوب مزيد من التفويض لألعمال‬

‫‪66‬‬
‫مستويات التفويض‪:‬‬
‫‪ .1‬جمع المعلومات‬
‫اجمعوا المعلومات‪ ،‬زودوني بها‪ ،‬وأنا سأتخذ القرار‪...‬‬
‫لكن ال يزال بإمكاني منحهم الخيار في كيفية جمع تلك المعلومات‪ ،‬وأخبروني إن احتجتم‬
‫إلى بعض العون في الموارد‪ ،‬يمكنني توفيره لكم‪.‬‬
‫‪ .2‬اقتراح الخيارات‬
‫قدموا لي بعض الخيارات وسأتخذ القرار‬
‫حسناً‪ ،‬لكن ثمة مشاركة أكبر بقليل هنا‪ ،‬ألن الشخص أوسع خبرة وأنضج قليال ربما‪ ،‬وقد‬
‫أثبت نفسه أمامك على نحو أكبر قليالً‪.‬‬
‫‪ .3‬التوصية‬
‫أعطوني تلك الخيارات‪ ،‬ثم قولوا لي ما الذي قد تقومون به وأنا سأتخذ القرار‪.‬‬
‫‪ .4‬التطبيق‬
‫قدموا إلي المعلومات‪ ،‬والخيارات وأعطوني قراركم‪ ،‬وطبقوه‪ ،‬ما لم يردكم اعتراض عليه‪.‬‬
‫‪ .5‬قم بالعمل وحسب‬
‫هذه هي المهمة‪ ،‬نفذوا‪ ،‬وال أريد معرفة أي شيء آخر‬

‫المدراء يظنون م ار اًر أن المستوى الخامس يعني التفويض تماما‪ ،‬وما لم يكن لديهم شخص‬
‫ناضج كفاية ألداء المهمة؛ فال يمكنهم تفويض شيء وال يمكنهم منح الموظفين خيارات‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫حالة دراسية‪:‬‬

‫الطبيب الذي أدار مصنعاً لقطع الغيار السيارات‪..‬‬

‫شركة سيارات عريقة الحظت انخفاضاً في إنتاج مصنع لقطع الغيار‪ ،‬جربت كل الحلول‪،‬‬
‫وعينت مختلف الخبراء‪ ،‬وقسمت أوقات العمل إلى فترتين‪.‬‬

‫لكن انخفاض األجور لم يكن ليجبر العمال على إنتاج المزيد‪.‬‬

‫ذات يوم تقدم طبيب نفسي يعمل مستشا اًر للشركة بطلب تعيينه مدي اًر لهذا المصنع!‬

‫مدير الشركة اعتقـد أنه يمزح‪ ،‬إذ كيف يمكن لطبيب‪ ،‬إدارة مصنع لقطع غيار السيارات؟!‬

‫لكن الطبيب كان جاداً وأخبره أنه يجري دراسة حول " كيفية تحفيز الموظفين " ‪...‬‬

‫وأن هذا المصنع مناسب لتجربته ‪...‬‬

‫لم يقتنع مدير الشركة‪ ،‬ولكنه وقع معه عقد إدارة لمدة شهر‪ ،‬يرى بعدها نتائج تجربته‪.‬‬

‫الطبيب أخذ العقد ولم يذهب للعمل في اليوم التالي‪ ،‬بل بقي في منزله مسترخياً يشاهد‬
‫التلفاز وينظر لساعته بين الحين واآلخر‪..‬‬

‫وحين تأكد من انتهاء دوام العمال في الفترة الصباحية‪ ،‬اتصل بمراقب العمال وطلب منه‬
‫مقابلته أمام باب المصنع ‪ ...‬وخالل نصف ساعة التقى الرجالن‪.‬‬

‫سأل الطبيب‪ :‬كم قطعة أنجز عمال الفترة الصباحية؟‪ .‬قال المراقب بصوت خجول‪)28( :‬‬
‫قطعة لألسف‪ ،‬قال الطبيب‪ :‬ال داعي لألسف فهذا الرقم رائع ويجب أن يراه الجميع‪،‬‬
‫وأخرج من جيبه قطعة طبشور ورسم على باب المصنع دائرة كبيرة كتب داخلها (‪.)28‬‬

‫‪68‬‬
‫أعاد الطبشورة إلى جيبه وقال لمراقب العمال‪ :‬بعد قليل سيصل عمال الفترة المسائية‬
‫ويسألونك عن سر هذه الدائرة فأرجو أن تخبرهم بالحقيقة‪.‬‬

‫ثم أكمل قائالً‪ :‬أنا شخصياً انتهت مهمتي في هذا المصنع وقررت منح نفسي إجازة لمدة‬
‫شهر‪ ،‬وكل ما عليك فعله هو إخبار العمال دائماً بالحقيقة‪.‬‬

‫بقي المراقب مذهوالً وعاج اًز عن فهم هذا التصرف حتى وصل عمال الفترة المسائية‪.‬‬

‫استرعت انتباههم الدائرة الكبيرة‪ ،‬فسألوا عنها مراقب العمال‪ ،‬فقال لهم الحقيقة‪:‬‬

‫"حضر المدير الجديد بعد انتهاء الدوام وسأل عن إنتاج الفترة الصباحية فأعجب كثي اًر‬
‫بعملهم لدرجة أنه كتب الرقم على باب المصنع"‬

‫أنا على ثقة بأنه أحمق ال يعرف شيئاً عن العمل‪ ،‬ثم قال بصوت أقرب للهمس‪ :‬ثم كيف‬
‫يمنح نفسه إجازة وهـو لم يداوم أصالً أو حتى يدخل المصنع؟!‬

‫ذهب المراقب ليرتاح‪ ،‬في حين دخل عمال الفترة المسائية في مناقشات حامية حول هذا‬
‫الرقم واعتبروه "عالمة ٍ‬
‫تحد"‪.‬‬

‫دخلوا إلى عملهم بروح جديدة وحين انتهت فترتهم المسائية مسحوا الرقم الموجود داخل‬
‫الدائرة وكتبوا (‪.)31‬‬

‫وفي اليوم التالي حضر عمال الفترة الصباحية فشاهدوا الرقم الجديد فسألوا مراقب العمال‬
‫فقال‪ :‬كتبه عمال الفترة المسائية قبل ذهابهم لبيوتهم‪..‬‬

‫اعـتبروا األمر تحدياً ودخلوا المصنع بروح مختلفة وحين انتهوا مسحوا الرقم السابق وكتبوا‬
‫داخل الدائرة (‪.)34‬‬

‫‪69‬‬
‫وحين حضر عمال الفترة المسائية شاهدوا الرقم الجديد فسألوا مراقب العمال‪...‬‬

‫فقال‪ :‬كتبه زمالؤكم عمال الفترة الصباحية على سبيل التحدي‪...‬‬

‫دخلوا المصنع وقد بدت على وجوههم عالمات التحدي واإلصرار وحين انتهت فترتهم‬
‫الصباحية مسحوا الرقم السابق وكتبوا داخل الدائرة (‪.)37‬‬

‫بدأ مراقب العمال يفهم الفكرة ويدرك عبقرية الطبيب وأصبح يتصل به يومياً ليخبره عن‬
‫االرتفاع المضطرد لقطع اإلنتاج‪.‬‬

‫الطبيب كان فعالً في إجازة وحضر بعد شهر لزيارة المصنع ليكتشف كيف ارتفع االنتاج‬
‫من (‪ )28‬قطعة إلى (‪ )118‬قطعة!‬

‫نجحت تجربته في "التحفيز من خالل التحدي"‬

‫واآلن ماذا نتعلم من هذه الحكاية؟‬

‫أوالً‪ :‬ما ال يمكن قياسه ال يمكن الحكم عليه‪ ،‬وما ال يمكن الحكم عليه باألرقام المجردة‬
‫ال يمكن تطويره أو زيادة إنتاجه‪( .‬ما ال يمكن قياسه‪ ،‬ال يمكن إدارته)‬

‫ثانياً‪ :‬ال تحتاج لمعرفة أسرار المهنة لتنجح في أي مهمة‪ ،‬بل إلى فهم طريقة عمل البشر‪،‬‬
‫قبل فهم طريقة عمل المكائن وأنظمة اإلنتاج‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬هناك دائماً أساليب تحفيز نفسية وطرق إدارة ذكية يجب أن تبتكرها بنفسك للحصول‬
‫على نتائج رائعة دون الحاجة لموظفين جدد أو ميزانية إضافية‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫الفصل السادس‬

‫الشخصية‬

‫‪71‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫ال شك أن الشخصية الجذابة لها تأثيرها القوي على اآلخرين‪ ،‬وتوجيه سلوكهم‪ ،‬ويتمنى‬
‫كل فرد أن يتمتع بهذه الشخصية‪ ،‬ولكن لو نظرنا حولنا‪ ،‬لوجدنا أن الكثير من أصدقائنا‪،‬‬
‫وزمالئنا لهم شخصياتهم المتباينة‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪:‬‬

‫• هناك الشخص المتردد‪ ،‬وهو كثير التردد في حديثه وسلوكه‪ ،‬ويكره البت في األمور‪،‬‬
‫واتخاذ ق ارراته بنفسه‪ ،‬ويثور بسرعة‪ ،‬وال يستقر على رأي‪.‬‬

‫دائما يستمع إلى اآلخرين دون أن يتكلم‪ ،‬وهادئ‬


‫• وهناك الشخص الصامت‪ ،‬وهو ً‬
‫الطبع‪ ،‬ال يظهر اعتراضاته أو رضاه‪ ،‬وال يفضي إلى اآلخرين بأي شيء عن العمل‬
‫أو خارجه‪ ،‬ويصعب معرفة ما بداخله‪.‬‬

‫• وهناك الشخص الثرثار‪ ،‬الذي يتصرف عكس الشخص الصامت‪ ،‬فالكالم ال ثمن‬
‫له‪ ،‬ويتحدث كثي اًر في موضوعات في العمل وغير العمل‪ ،‬دائماً يبدو غير منطقي‬
‫في الحديث‪ ،‬ويمكن أن يضيع الوقت دون اهتمام‪.‬‬

‫• وهناك الشخص الجاد‪ ،‬وهو دائماً إيجابياً‪ ،‬وحاسم في معالجته لألمور‪ ،‬يجد‬
‫االقتراحات والحلول للمشاكل التي تواجهه‪ ،‬وهو صريح‪ ،‬يتحمس دون كلل‪ ،‬وهو‬
‫مفاوض ماهر‪ ،‬يقدم اقتراحات باستمرار‪.‬‬

‫• وهناك الشخص الصديق‪ ،‬وهو حلو الحديث‪ ،‬مرح‪ ،‬يجاذبك في شتى األمور‪ ،‬وسهل‬
‫المقابلة‪ ،‬يشعرك باألمان‪ ،‬وقد يتركك إلى األبد إذا كذبت عليه‪.‬‬

‫• وهناك الشخص المتسرع المندفع‪ ،‬فتراه دائماً متعجل في حديثه وأفعاله‪ ،‬ويقطع عليك‬
‫الحديث‪ ،‬وقلق الشعور‪ ،‬وقد يوافق على رأيك‪ ،‬ثم يعدل عنه بسرعة‪ ،‬وقد يؤدي إلى‬
‫اإلعاقة في العمل‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫• وهناك الشخص المتشكك‪ ،‬ينتقدك دون مناسبة‪ ،‬وال يأخذ أقوالك قضية مسلماً بها‪،‬‬
‫وال يثق في اآلخرين‪ ،‬وقد يبدو غير لبق في كثير من الحاالت‪ ،‬استفساراته كثيرة‬
‫ومتكررة‪.‬‬

‫• وهناك الشخص المتصلب برأيه‪ ،‬ذو العقلية المغلقة‪ ،‬دائم التشبث برأيه بشدة‪ ،‬إذا‬
‫اقتنع برأي معين ال يغيره‪ ،‬وقد يغضب بسرعة‪ ،‬ويريد دائماً أن يترك انطباعاً بأهميته‪.‬‬

‫إن هذه االختالفات في طبيعة األفراد‪ ،‬وأنماط شخصياتهم‪ ،‬تدعونا إلى التساؤل عن‬
‫نواحي أساسية مثل‪:‬‬

‫• ما مفهوم الشخصية اإلنسانية؟‬

‫• كيف تتكون الشخصية اإلنسانية؟‬

‫• ما النظريات المفسرة للشخصية اإلنسانية؟‬

‫• ما العالقة بين الشخصية اإلنسانية والتوافق االجتماعي؟‬

‫• ما أهمية دراسة الشخصية اإلنسانية في مجال إدارة األعمال؟‬

‫واآلن سنتناول كل نقطة بالتفصيل‪:‬‬

‫‪ -1‬ما مفهوم الشخصية اإلنسانية؟‬

‫يمكن فهم الشخصية اإلنسانية على أنها‪ ،‬مجموعة الخصائص التي يتميز بها الشخص‪،‬‬
‫وهذه الخصائص تنتظم جميعها في نظام ديناميكي؛ بحيث تبدو ككيان متكامل‪ ،‬وهي‬
‫التي تحدد عالقة الفرد بكافة األفراد المتعاملين معه‪ ،‬وأيضاً تحدد استجابته في المواقف‬
‫التي تواجهه‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫وعلى ذلك فالشخصية اإلنسانية تحدد دور الفرد من حيث‪:‬‬

‫• تأثير الفرد على اآلخرين‪.‬‬

‫• مدى استجابة الفرد لآلخرين‪.‬‬

‫ويستند المفهوم السابق للشخصية‪ ،‬إلى ثالثة افتراضات أساسية هي‪:‬‬

‫• الخصائص المميزة للفرد تتسم باالستم اررية‪ ،‬أي أنها سوف ال تتغير لفترة طويلة‪.‬‬

‫• أن الخصائص المميزة للفرد‪ ،‬هي المحدد الرئيسي لسلوك الفرد‪.‬‬

‫• أن الخصائص الشخصية للفرد‪ ،‬تؤثر في سلوك الفرد في مختلف المواقف‪.‬‬

‫وتعكس الشخصية وفًقا لهذا المفهوم أشياء متعددة متعلقة بالفرد‪ ،‬مثل اتجاهاته‪ ،‬اهتماماته‪،‬‬
‫حاجاته‪ ،‬استعداداته‪ ،‬طباعه‪ ،‬النواحي الفسيولوجية ‪ ...‬الخ‬

‫‪ -2‬كيف تتكون الشخصية اإلنسانية؟‬

‫تساهم مجموعة من العناصر في تكوين شخصية الفرد‪ ،‬وهذه العناصر تتفاعل مع بعضها‬
‫البعض مع مرور الوقت‪ ،‬لتحدد شخصية اإلنسان‪ ،‬ومن أهم هذه العناصر‪:‬‬

‫• المكونات الجسمانية والبيولوجية‪:‬‬

‫من أمثلة هذه المكونات‪ :‬األعضاء الحسية لإلنسان‪ ،‬الجهاز العصبي‪ ،‬القوة العضلية‪،‬‬
‫طول أو قصر القامة‪ ،‬اللون ‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫وللوراثة دور كبير في التكوين الجسماني للفرد؛ حيث تنتقل الصفات الوراثية من جيل‬
‫إلى آخر عن طريق الجينات والكروموسومات‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫والتكوين الجسماني له تأثير على الفرد‪ ،‬فهو الذي يحدد قدرة الفرد على التأقلم والتفاعل‬
‫مع اآلخرين‪ ،‬ومع البيئة االجتماعية التي يعيش فيها‪.‬‬

‫• المكونات العقلية‪:‬‬

‫ومن أمثلة ذلك الذكاء‪ ،‬والقدرات الذهنية التي يتمتع بها الفرد‪ ،‬ومن المعروف أن مخ‬
‫اإلنسان يتكون من ماليين الخاليا‪ ،‬التي تتحكم في الجهاز العصبي لإلنسان‪ ،‬والمكونات‬
‫العقلية تحدد قدرة الفرد على التعلم واكتساب الخبرات‪.‬‬

‫• المكونات الوجدانية‪:‬‬

‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬دوافع وحاجات الفرد‪ ،‬وهذه لها دور كبير في تكوين شخصية الفرد؛‬
‫نتيجة محاوالته المتكررة في إشباع هذه الحاجات‪.‬‬

‫• مساهمات األسرة في تكوين الشخصية‪:‬‬

‫لألسرة تأثير كبير في النمو المبكر للشخصية‪ ،‬ويلعب اآلباء دو اًر كبير في تحديد هوية‬
‫الفرد‪ ،‬وقد ركزت كثير من الدراسات على أهمية بيئة المنزل التي يوفرها الوالدان ألبنائهم‪.‬‬

‫وقد دلت هذه الدراسات على أن األطفال التي تتراوح سنهم بين الرابعة والسادسة ويعيشون‬
‫في منازل يسودها جو الديموقراطية‪ ،‬عادة ما يكونون أكثر هدوءاً‪ ،‬وأقل جدالً‪ ،‬وشديدي‬
‫الحساسية للمديح أو اللوم‪ ،‬وناجحين اجتماعياً أكثر من األطفال‪ ،‬الذين يعيشون في منازل‬
‫تسودها روح التسلط من الوالدين‪.‬‬

‫• مساهمات النواحي الحضارية في تكوين الشخصية‪:‬‬

‫تساهم العوامل الحضارية في تكوين شخصية الفرد‪ ،‬ويلعب التعلم دو اًر كبي اًر في اكتساب‬
‫النواحي الحضارية‪ ،‬وحضارة المجتمع تحدد بدرجة كبيرة بعض الخصائص السلوكية‪،‬‬
‫مثل االعتماد على النفس‪ ،‬العدوانية‪ ،‬المنافسة‪ ،‬والتعاون‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫ومن أمثلة دور الحضارة في تكوين شخصية الفرد‪ ،‬نجد أن الحضارات الغربية بصفة‬
‫عامة تشجع وتكافئ الشخص المعتمد على نفسه‪ ،‬الراغب في اإلنجاز ومنافسة اآلخرين‪،‬‬
‫بينما الحضارات الشرقية قد ال تحبذ ذلك‪.‬‬

‫• مساهمات النواحي االجتماعية في تكوين الشخصية‪:‬‬

‫هناك اهتمام متزايد بتأثير النواحي االجتماعية على شخصية الفرد‪ ،‬بجانب النواحي‬
‫البيولوجية واألسرية والحضارية السابق ذكرها‪ ،‬فالبيئة االجتماعية تساهم بدرجة كبيرة في‬
‫تكوين شخصية الفرد؛ حيث يقضي الفرد جزءاً كبي اًر من حياته في تفاعل مع اآلخرين في‬
‫البيئة المحيطة‪.‬‬

‫وهناك مستويات مختلفة للتفاعل االجتماعي‪..‬‬

‫مثل التفاعل بين األفراد‪ ،‬كالتفاعل بين الزوج وزوجته‪ ،‬وبين الطالب وأستاذه‪ ،‬واألب وأبنه‪.‬‬

‫والتفاعل بين الفرد والجماعة‪ ،‬كالتفاعل بين المدرب وفريق كرة القدم‪.‬‬

‫وهناك أخي اًر التفاعل بين الفرد والثقافة العامة‪ ،‬مثل العادات والتقاليد االجتماعية‪ ،‬وتحدد‬
‫الثقافة العامة مجموعة التوقعات الواجب على الفرد إتباعها‪.‬‬

‫• مساهمات العوامل الموقفية الحالية‪:‬‬

‫للمواقف التي يتعرض لها الفرد تأثير كبير على تكوين شخصيته‪ ،‬فالفرد الذي تتميز‬
‫شخصيته بالحاجة العالية للقوة أو اإلنجاز‪ ،‬عندما ُينقل إلى مكان يتسم بالبيروقراطية‬
‫الشديدة‪ ،‬فإن هذا الفرد قد يصاب باإلحباط‪ ،‬ويتصرف بال مباالة‪ ،‬أو بعدوانية‪ ،‬ويبدو‬
‫ظاهرياً أن هذا الشخص كسول‪ ،‬أو مسبب للمشاكل‪ ،‬في حين أن تاريخه الوظيفي خالف‬
‫ذلك‪ ،‬والسبب في تغير شخصيته هو الظروف الموقفية التي تعرض لها الشخص‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -3‬ما النظريات المفسرة للشخصية اإلنسانية؟‬

‫لقد ظهرت عدة نظريات لدراسة وتحليل الشخصية اإلنسانية‪ ،‬وسوف نذكر فيما يلي بعض‬
‫هذه النظريات‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬نظرية األنماط‪:‬‬

‫ٍ‬
‫أنماط مختلفة‪ ،‬وكل نمط يتميز بخصائص‬ ‫تصنف هذه النظري ُة الشخصية اإلنسانية إلى‬
‫معينة‪ ..‬ومن أمثلة هذه األنماط‪:‬‬

‫✓ األنماط المزاجية‪ ،‬ومن أمثلتها‪:‬‬

‫▪ النمط الحاد الطباع‪ ،‬المتقلب الشخصية‪.‬‬

‫▪ النمط المكتئب أو السوداوي‪ ،‬وهو يميل إلى الصمت والخوف والتشاؤم‪.‬‬

‫▪ النمط اللمفاوي البارد‪ ،‬الجاف في طباعه‪.‬‬

‫▪ النمط الدموي المتحمس‪ ،‬الذي يتميز بالثقة والمغامرة‪.‬‬

‫✓ األنماط الجسمانية‪ ،‬ومن أمثلتها‪:‬‬

‫▪ النمط البطني‪ ،‬وهي الذي يتسم بسمنة البطن وامتالء الجسم‪ ،‬وأصحاب هذا‬
‫النمط تتصف شخصياتهم بالروح وحب الترفيه‪ ،‬وبالصبر واالحتمال‪.‬‬

‫▪ النمط العضلي‪ ،‬وهو الذي يتسم بالقوة العضلية‪ ،‬وأصحاب هذا النمط تتميز‬
‫شخصياتهم بحب السيطرة‪ ،‬والمخاطرة واالندفاع‪.‬‬

‫▪ النمط النحيل‪ ،‬وهو الذي يتسم بالنحافة ونعومة الجسم‪ ،‬وأصحاب هذا النمط‬
‫تتميز شخصياتهم بالجدية‪ ،‬والعزلة عن اآلخرين‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫✓ األنماط النفسية‪ ،‬ومن أمثلتها‪:‬‬

‫▪ النمط العلمي‪.‬‬

‫▪ النمط المبتكر‪.‬‬

‫▪ النمط البوهيمي‪.‬‬

‫▪ النمط الجمالي‪.‬‬

‫مصطلح بوهيمي‪ ،‬أو شخص أو شخصية بوهيمية‪:‬‬

‫كان يُطلق يف البداية على الغجر القادمني من بوهيميا (التشيك) إىل فرنسا‪ ،‬ثم اصبحت تطلق على من يعيش‬

‫بنمط حياتي غري مألوف‪.‬‬

‫وتستخدم اآلن للفنانني الذين يعيشون ويدعون للتفكري احلر غري املقيد‪.‬‬

‫والبوهيمي قد يوحي أنه‪ :‬الشخص الذي ال يضع حدوداً ألفكاره وإبداعاته وأسئلته الوجودية والذي ال مكان‬

‫للقيم والثوابت االجتماعية يف سلوكه‪.‬‬

‫ومن االنتقادات الموجهة إلى نظرية األنماط‪ ،‬أنها ال تتفق مع الواقع العملي‪..‬‬

‫فكثير من األفراد يتماثلون في تكوينهم الجسماني‪ ،‬ومع ذلك تختلف شخصياتهم‪..‬‬

‫كما أنها تعتمد على عنصر واحد‪ ،‬أو خاصية واحدة في حين أن الشخصية اإلنسانية‬
‫تتكون من هذه العناصر جميعها‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫ثانياً‪ :‬نظرية السمات‪:‬‬

‫يمكن الحكم على الشخصية اإلنسانية‪ ،‬وتفسيرها في خالل السمات النفسية للفرد‪ ،‬باعتبار‬
‫أن هذه الشخصية هي مجموع سمات الفرد‪ ،‬ومن أهمها الذكاء‪ ،‬القيادة‪ ،‬السيطرة‪ ،‬الثقة‬
‫بالنفس‪ ،‬التعاون‪ ،‬الخوف ‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫وفقا لمدى استجابة الفرد للتفاعل‬


‫ويمكن تقسيم الشخصية اإلنسانية إلى ثالثة أنواع‪ً ،‬‬
‫مع اآلخرين‪:‬‬

‫✓ الشخصية السلبية‪ :‬يتصف أصحاب هذه الشخصية باالستقاللية؛ ولذلك فإنهم‬


‫يتجنبون االتصال باآلخرين‪ ،‬ويميلون إلى االنعزالية‪.‬‬
‫✓ الشخصية اإليجابية‪ :‬يتصف أصحاب هذه الشخصية بالتعاون مع اآلخرين‪ ،‬والرغبة‬
‫في التفاعل معهم؛ ولذلك فهم دائمو البحث عن األصدقاء‪.‬‬
‫✓ الشخصية النافرة‪ :‬يتصف أصحاب هذه الشخصية بالرغبة في استغالل اآلخرين‪،‬‬
‫والسعي إلى تحقيق مصالحهم الشخصية‪ ،‬بغض النظر عن مصالح اآلخرين؛ وهم‬
‫يميلون إلى العدوانية والمنافسة‪.‬‬

‫وفقا لمدى‬
‫وطبقا لنظرية السمات‪ ،‬سوف نذكر بعض األمثلة لخصائص شخصية الفرد‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫اإلقبال والتفاعل مع األفراد اآلخرين في المجتمع‪:‬‬

‫✓ الشخصية المتكبرة‪ :‬ويتصف صاحب هذه الشخصية بالثقة الزائدة بالنفس‪ ،‬وحب‬
‫المظهرية‪ ،‬والتعالي على اآلخرين‪ ،‬وعكس هذه الشخصية‪ ،‬الشخصية المتواضعة‪.‬‬
‫✓ الشخصية المسيطرة‪ :‬يتصف صاحب هذه الشخصية بقوة اإلرادة‪ ،‬ويسعى دائماً إلى‬
‫القيادة واصدار األوامر‪ ،‬وعكس هذه الشخصية‪ ،‬الشخصية الخاضعة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫✓ الشخصية المقبلة على اآلخرين‪ :‬يتصف صاحب هذه الشخصية‪ ،‬باإلقبال على‬
‫اآلخرين‪ ،‬وتصديقهم والتغاضي عن أخطائهم‪ ،‬وعكس هذه الشخصية‪ ،‬الشخصية‬
‫الرافضة لآلخرين‪.‬‬

‫‪-4‬ما العالقة بين الشخصية اإلنسانية والتوافق االجتماعي؟‬

‫يسعى كل فرد إلى تحقيق التوازن الخارجي بين شخصيته وبين البيئة المحيطة به‪ ،‬ويتم‬
‫هذا التوازن عندما يحقق التكيف والتوافق بينه وبين بيئته‪ ،‬بما يسمح بإشباع حاجاته‪،‬‬
‫والتغلب على الصعوبات‪ ،‬التي تقف حجر عثرة دون إشباعها‪.‬‬

‫واذا لم ينجح الفرد في التكيف مع الظروف البيئية المحيطة به‪ ،‬فإنه يقع فريسة لالضطراب‬
‫النفسي والتوتر‪ ،‬وعادةً ما يلجأ الفرد إلى وسائل دفاعية كرد فعل ضد أي تهديد خارجي‪.‬‬

‫‪-5‬ما أهمية دراسة الشخصية اإلنسانية في مجال إدارة األعمال؟‬

‫يمكن االستفادة من دراسة الشخصية اإلنسانية في بعض مجاالت اإلدارة‪ ،‬ومنها على‬
‫سبيل المثال‪ :‬مجال االختيار والتعيين للقوى العاملة المطلوبة؛ حيث تهدف عملية االختيار‬
‫إلى البحث عن الشخص المناسب للوظيفة المناسب؛ وذلك عن طريق تحقيق التوافق بين‬
‫مواصفات الشخص ومواصفات الوظيفة‪.‬‬

‫ولكي يتحقق هذا الهدف‪ ،‬البد من دراسة شخصية الفرد‪ ،‬والتعرف على جوانبها المختلفة‪،‬‬
‫ويتم ذلك من خالل مراحل عملية االختيار‪ ،‬كإجراء االختبارات بأنواعها المختلفة‪ ،‬وعقد‬
‫المقابالت الشخصية‪ ،‬ويتم االستفادة من المقابالت الشخصية بصفة خاصة في بعض‬
‫الوظائف‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬الوظائف التي تستلزم التعامل مع الجمهور كوظائف العالقات‬
‫العامة‪ ،‬وظائف البيع واإلعالن‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الفصل السابع‬

‫القيم واالجتاهات‬

‫‪81‬‬
‫أوالً‪ :‬القيم‬

‫يمكن تعريف القيم على أنها‪" :‬ميل عام لتفضيل حاالت وشئون معينة عن أخرى"‪ ،‬ويعني‬
‫جانب التفضيل في هذا التعريف‪ ،‬أن القيم تتعلق بالمشاعر والعواطف التي نقيم على‬
‫أساسها ما نعتبره جيداً أو سيئاً‪ ،‬وتتميز المشاعر المتأصلة في القيم بطبيعتها الدافعة‪،‬‬
‫طالما أنها تكون بمثابة اإلشارات‪ ،‬التي تميز وتلقي الضوء على الجوانب الجاذبة في بيئة‬
‫الفرد‪ ،‬والتي يجب أن يبحث عنها‪ ،‬والجوانب غير الجاذبة‪ ،‬التي يجب أن يتجنبها الفرد‬
‫أو يغيرها‪.‬‬

‫أما الميل العام في التعريف السابق‪ ،‬فهو يعني أن القيم هي توجه عاطفي عام جداً‪ ،‬وأن‬
‫القيم ال يمكنها أن تتنبأ بسلوك وتصرف الفرد في المواقف المعينة بصورة جيدة‪.‬‬

‫ومن المجدي تقسيم القيم وتصنيفها إلى مجموعات‪ :‬فكرية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬واجتماعية‪،‬‬
‫وسياسية‪ ،‬ودينية‪ ،‬وليس كل فرد يعتنق أو يؤمن بنفس القيم التي يؤمن بها اآلخرون؛‬
‫فالمديرون يمكن أن يعطوا قيمة أكبر لإلنتاجية (قيم اقتصادية)‪ ،‬بينما النقابات العمالية‬
‫تعطي قيمة أكبر (للقيم االجتماعية) من خالل اهتمامها بالحالة الوظيفية للعاملين‪ ،‬بينما‬
‫قد يعطي أساتذة الجامعة‪ ،‬أو المدرسون قيمة أكبر للثقافة (قيمة فكرية)‪.‬‬

‫ويتعلم اإلنسان القيم من خالل عمليات التدعيم‪ ،‬والتي يتم تدعيمها اجتماعياً من خالل‬
‫اآلباء‪ ،‬والمدرسين‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وفي الحقيقة‪ ،‬فإن كل نظامنا االجتماعي مصمم لتعليم‬
‫وتدعيم القيم المناسبة من وجهة نظر المجتمع‪.‬‬

‫ولفهم القيم وتأثيرها على السلوك التنظيمي‪ ،‬يمكن توضيح االختالفات الوظيفية أو المهنية‬
‫فيما يتعلق بالقيم‪ ،‬وكيف تختلف هذه القيم عبر الثقافات المختلفة‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫✓ االختالفات في القيم وفقاً للتخصصات المهنية‪:‬‬

‫تختلف القيم باختالف التخصصات المهنية‪ ،‬فالجماعات المهنية المختلفة تؤمن بقيم‬
‫مختلفة‪ ،‬فقد أظهرت نتائج بعض األبحاث‪ ،‬أن أساتذة الجامعات لديهم قيم تميزهم عن‬
‫فمثال أساتذة الجامعة‪ ،‬يؤمنون بالقيم التي تعكس المعاملة‬
‫الجماعات األخرى في المجتمع‪ً ،‬‬
‫العادلة‪ ،‬والمساواة بين الجميع‪ ،‬وهذا بدرجة أكبر من بقية أفراد المجتمع‪.‬‬

‫وتعد االختالفات في القيم‪ ،‬مسئولة مسئولية جزئية عن االنطباعات التي نكونها عن‬
‫األفراد العاملين في مهنة معينة‪ ،‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هذه االختالفات يمكن أن‬
‫تؤدي إلى الصراع بين المنظمات‪ ،‬وداخل المنظمة الواحدة؛ فعندما يتفاعل أعضاء من‬
‫جماعات ذات تخصصات مهنية مختلفة مع بعضهم البعض‪ ،‬فيمكن أن ينشأ نوع من‬
‫الصراع والمشاكل داخل المنظمة‪.‬‬

‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬فالقيم االجتماعية للطبيب قد تتعارض مع القيم االقتصادية إلدارة‬
‫المستشفى‪ ،‬وبصفة عامة‪ ،‬فإن التوافق الجيد بين قيم كل من المشرفين والمرؤوسين‪ ،‬تزيد‬
‫من رضا والتزام المرؤوسين‪.‬‬

‫✓ القيم عبر الثقافات المختلفة‪:‬‬

‫اتجهت األعمال اآلن إلى العالمية‪ ،‬فالسيارات اليابانية أصبحت تُسوق في أمريكا‪،‬‬
‫والمنتجات األمريكية أغرقت فرنسا واليابان‪ ،‬وتم افتتاح سلسلة مطاعم مثل ماكدونالدز‬
‫في كثير من الدول‪ ،‬فكل هذه األنشطة أظهرت مدى صعوبة منع عملية ارتباط األعمال‬
‫عبر الثقافات المختلفة‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬أظهرت نتائج بعض األبحاث أن نسبة ما بين ‪ %16‬إلى ‪ %40‬من‬
‫المديرين الذين يكلفون بمهام خارجية في دولة أخرى‪ ،‬ينهون عملهم مبك اًر؛ نتيجة انخفاض‬

‫‪83‬‬
‫مستوى أدائهم‪ ،‬أو عدم قدرتهم على التكيف مع ثقافة (أي قيم وعادات وتقاليد) البلد‬
‫كثير من المساومات والمفاوضات في‬
‫اً‬ ‫األجنبي الذي يعملون به‪ ،‬وبنفس الطريقة‪ ،‬فإن‬
‫األعمال تؤول إلى الفشل؛ بسبب النقص في فهم االختالفات الثقافية‪.‬‬

‫وفي الواقع فإن جذور كثير من هذه النوعية من المشاكل‪ ،‬تتأصل في النقص في إدراك‬
‫مدى أهمية االختالفات في القيم‪ ،‬المرتبطة بالعمل عبر الثقافات المختلفة‪.‬‬

‫✓ العمل كمحور الهتمامات الفرد‪:‬‬

‫تختلف قيمة العمل ذاته باختالف الثقافات‪ ،‬فقد أظهرت نتيجة استطالع كبير لثمانية‬
‫أالف فرد من جنسيات متعددة‪ ،‬أن هناك اختالفات ملحوظة عبر الثقافات المختلفة‪ ،‬فيما‬
‫يتعلق بمدى إدراك األفراد للعمل كمحور رئيس الهتمام حياة الفرد‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫فاليابان من أكثر البالد التي يمثل العمل فيها‪ ،‬محو اًر أساسياً الهتمام وحياة الفرد‪.‬‬

‫ومن المالحظ أن الفرد‪ ،‬الذي يمثل العمل بالنسبة له اهتماماً محورياً‪ ،‬يفضل أن يعمل‬
‫لساعات أطول‪ ،‬وأن يظل يعمل‪ ،‬حتى وان كان لديه إمكانيات وثروة تغنيه عن العمل‪،‬‬
‫وتشير هذه النتيجة إلى وجود مشاكل في التكيف‪ ،‬تبعاً لمدى أهمية العمل بالنسبة لكل‬
‫من األفراد والمديرين‪ ،‬الذين يكلفون بمهام في بلد أجنبي‪.‬‬

‫✓ دراسة هوفستد‪:‬‬

‫من أشهر الدراسات‪ ،‬التي أجريت للتعرف على قيم العمل لدى أفراد الشعوب المختلفة‪،‬‬
‫تلك الدراسة التي قام بها هوفستد‪ ،‬وهو عالم اجتماعي‪ ،‬قام بسؤال ‪ 116000‬من العاملين‬
‫في شركة (آي‪ .‬بي‪ .‬إم) موجودين في ‪ 40‬دولة عن قيمهم المرتبطة بالعمل‪ ،‬وقد احتوت‬
‫عينة الدراسة على كل من العاملين في المستويات الدنيا‪ ،‬والمديرين في المستويات العليا‪،‬‬

‫‪84‬‬
‫وقد خلص هوفستد‪ ،‬إلى وجود أربعة أبعاد أساسية‪ ،‬والتي تؤدي إلى اختالف القيم عبر‬
‫الثقافات‪ ،‬وقد تمثلت هذه األبعاد في‪:‬‬

‫‪ -1‬الفروق في القوة‪:‬‬
‫المدى الذي يمكن أن يقبل أفراد المجتمع فيه التوزيع غير العادل في مراكز القوة‪.‬‬
‫‪ -2‬تجنب عدم التأكد‪:‬‬
‫المدى الذي ال يشعر األفراد فيه بالراحة؛ لتعاملهم مع عدم التأكد والمواقف الغامضة‪.‬‬
‫‪ -3‬الثقافات المدعمة لقيم الرجل أو المرأة‪:‬‬
‫فالثقافات المدعمة لقيم الرجل‪ ،‬تفرق وتميز بين أدوار الرجل والمرأة‪ ،‬وتدعم سيطرة‬
‫الرجل‪ ،‬وتركز على التفضيالت االقتصادية‪ ،‬أما الثقافات التي تدعم قيم المرأة‪ ،‬فال‬
‫تفرق بين األدوار‪ ،‬وتؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة‪ ،‬وتركز على جودة حياة الفرد‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬اليابان تدعم قيم الرجل‪ ،‬بينما المكسيك تدعم قيم المرأة‪.‬‬
‫‪ -4‬الفردية أو الجماعية‪:‬‬
‫حيث تركز المجتمعات الفردية على االستقاللية‪ ،‬والمبادرات الفردية‪ ،‬والخصوصية‪،‬‬
‫بينما تفضل الثقافات التي تؤمن بالقيم الجماعية‪ ،‬العالقات المتداخلة‪ ،‬والوالء لألسرة‪.‬‬

‫✓ تصدير نظريات السلوك التنظيمي‪:‬‬

‫أوضحت دراسة هوفستد لدراسة القيم عبر الثقافات المختلفة‪ ،‬أن نظريات وأبحاث‪،‬‬
‫وممارسات السلوك التنظيمي المصدرة من الواليات المتحدة مثالً‪ ،‬ال يمكن ترجمتها بصورة‬
‫جيدة‪ ،‬وتطبيقها بصورة متطابقة في المجتمعات األخرى‪ ،‬فاالهتمامات والتساؤالت في‬
‫مجال السلوك التنظيمي واحدة‪ ،‬ولكن اإلجابات هي التي تختلف عبر الثقافات‪.‬‬

‫فمثال كيف يمكن أن نقود األفراد؟ أو كيف يمكن أن نتخذ ق ار اًر؟ ال تختلف في مضمونها‪،‬‬
‫ً‬
‫ولكن اإلجابات على هذه التساؤالت هي التي تختلف‪ ،‬فمثالً‪ ،‬في الواليات المتحدة‬

‫‪85‬‬
‫األمريكية‪ ،‬يميل المديرون إلى تشجيع المرؤوسين إلى حد كبير للمشاركة في اتخاذ‬
‫الق اررات‪ ،‬وهذا يتفق مع الدرجة المنخفضة للتفاوت في مدى القوة بين األفراد‪ ،‬التي يعطيها‬
‫المجتمع األمريكي قيمة كبيرة‪ ،‬فإذا طبقت هذه الممارسة في مجتمع يقيم الفروق الكبيرة‬
‫في توزيع القوة بين أفراده‪ ،‬ستكون النتيجة مختلفة‪.‬‬

‫والمنظمة الناجحة‪ ،‬هي تلك المنظمة التي تتعلم كيف تمزج وتخلط قيم المديرين في البلد‬
‫األم مع القيم التي تأتي من العاملين في البلد المضيف‪ ،‬أي المنظمة التي تستورد فلسفة‬
‫الدول المتقدمة‪ ،‬ثم تعيد تطويعها وتكييفها لتوافق قيم العميل الحالي‪.‬‬

‫✓ استيراد نظريات السلوك التنظيمي‪:‬‬

‫ليس بالضروري أن تتصف كل نظريات وممارسات السلوك التنظيمي بالكمال‪ ،‬في أي‬
‫مكان تطبق فيه‪ ،‬سواء في الواليات المتحدة‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬وخير مثال على ذلك هو‬
‫"اإلدارة اليابانية"‪ ،‬والتي تتضمن آليات مثل دوائر الجودة‪ ،‬وادارة الجودة الشاملة‪.‬‬

‫فبالرغم من نجاح بعض الدول‪ ،‬في استيراد هذه المفاهيم واآلليات المطبقة‪ ،‬في مجال‬
‫اإلدارة اليابانية في إدارة منظماتها‪ ،‬إال أن هناك العديد من أمثلة الفشل في نجاح هذه‬
‫اآلليات‪ ،‬في بعض المنظمات‪ ،‬خاصة اإلنتاجية منها‪.‬‬

‫ويبدو أن أكثر هذه المشاكل انبثقت من االختالفات في القيم األساسية‪ ،‬بين اليابان وهذه‬
‫الدول‪ ،‬فالطريقة التي ينظم اليابانيون بها عملهم تعتمد على فرق العمل؛ حيث تتميز‬
‫الثقافة اليابانية بالقيم الجماعية‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فإن تطبيق الممارسات واآلليات التي استخدمت‬
‫في الثقافة اليابانية‪ ،‬قد تفشل إذا ما طبقت في مجتمع يؤمن بالقيم الفردية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫لذلك فإن فهم االختالفات في القيم عبر الثقافات‪ ،‬يساعد المنظمات على النجاح في‬
‫استيراد الممارسات اإلدارية‪ ،‬من خالل تكييفها وتطويعها لتتناسب مع ثقافة المجتمع‪،‬‬
‫التي توجد به هذه المنظمات‪.‬‬

‫✓ القيم والمستهلك العالمي‪:‬‬

‫يساعد فهم االختالفات في القيم عبر الثقافات‪ ،‬على فهم أذواق وحاجات المستهلك في‬
‫دول العالم المختلفة‪ ،‬فتسويق خدمات‪ ،‬أو منتجات في دولة ما‪ ،‬ال تتفق مع أذواق األفراد‬
‫جدا‪،‬‬
‫في هذه الدولة قد يؤدي إلى الفشل‪ ،‬فتقدير قيم المستهلك العالمي من األمور الهامة ً‬
‫عندما يدخل هذه المستهلك إلى ثقافتنا الخاصة‪.‬‬

‫✓ تنمية األفراد في ظل العولمة‪:‬‬

‫تحتاج الشركات إلى اختيار وتدريب وتنمية األفراد‪ ،‬حتى يدركوا بصورة أفضل االختالفات‬
‫في القيم الثقافية والمضامين التطبيقية لهذه االختالفات على السلوك في المنظمات‪،‬‬
‫وذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ -1‬إكسابهم مهارات اللغة‪:‬‬


‫حيث يجب أن يدرب األفراد على اكتساب لغة الدولة‪ ،‬التي يعملون مع أفرادها‪ ،‬فاللغة‬
‫عامالً أساسياً في نجاح الفرد في بيئة العمل الدولية؛ ألن اللغة هي أساس االتصال‪.‬‬
‫‪ -2‬دراسة ثقافة المجتمع‪:‬‬
‫أي فهم العادات والتقاليد والقيم والقوانين الموجودة السائدة في هذه الدول؛ ألن‬
‫االعتبارات الثقافية من أكثر األمور التي تحدد مدى نجاح األعمال في بيئة العمل‬
‫الدولية‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫‪ -3‬إكسابهم مهارات‪:‬‬
‫مثل مهارات االتصال وبناء فرق العمل‪ ،‬ومهارات حل الصراعات التي قد تنشأ من‬
‫الخلفيات المختلفة ألعضاء فريق العمل‪.‬‬
‫‪ -4‬تنمية مهارات مديري الموارد البشرية‪:‬‬
‫للتعامل مع أفراد من جنسيات مختلفة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬االتجاهات‬

‫هي مشاعر االنسان تجاه األفراد واألفكار واألماكن و ‪....‬‬

‫االتجاه هو ميل مستقر إلى حد كبير لالستجابة بطريقة متسقة لبعض األشياء‪ ،‬والمواقف‪،‬‬
‫واألفراد‪ ،‬أو مجموعة معينة من األفراد‪ ،‬وتتضمن االتجاهات مجموعة من المشاعر‬
‫والعواطف موجهة ألهداف معينة‪ ،‬فعندما نسأل فرد عن اتجاهه ناحية رئيسه في العمل‪،‬‬
‫فأول ما يفكر فيه‪ ،‬هو مدى تفضيله أو حبه لرئيسه‪.‬‬

‫ويفسر هذا الجانب العاطفي لالتجاهات‪ ،‬فإن االتجاهات تعد أكثر خصوصية عن القيم‪،‬‬
‫والتي تملي فقط تفضيالت عامة‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬قد تعطي قيمة عالية للعمل‪ ،‬ولكنك‬
‫في نفس الوقت‪ ،‬قد ال تحب الوظيفة التي تؤديها‪.‬‬

‫وينطوي تعريف االتجاهات على االستقرار النسبي‪ ،‬ففي ظل الظروف الطبيعية‪ ،‬فإذا كنت‬
‫حقيقة ال تحب رئيسك في العمل اليوم‪ ،‬فمن المرجح أال تحبه غداً‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫وهذا ال يعني أن االتجاهات جميعها لها نفس القوة‪ ،‬ولكن بعض االتجاهات تكون أقل‬
‫قوة عن غيرها‪ ،‬ومن ثم يمكن أن تكون قابلة للتغيير‪ ،‬فإذا كان اتجاهك سلبياً تجاه رئيسك‬
‫نتيجة موقف معين تعرضت له معه‪ ،‬فإنه من المحتمل أن يتغير هذا االتجاه‪ ،‬إذا ما‬
‫زادت قوة عالقتك مع رئيسك في مواقف أخرى طيبة‪.‬‬

‫أيضاً‪ ،‬فإن تعريف االتجاهات ينطوي على كونها ميول لالستجابة لهدف معين (شيء‪،‬‬
‫فرد‪ ،‬جماعة)‪ ،‬لذلك فإن االتجاهات تؤثر على سلوك الفرد تجاه هذا الشيء‪ ،‬أو الفرد‪،‬‬
‫أو الجماعة‪.‬‬

‫وهذا ليس غريباً؛ فإذا كان الفرد ال يحب نوعاً معيناً من الطعام (اتجاه)‪ ،‬فإنه لن يأكل‬
‫من هذا النوع (السلوك)‪ ،‬وبنفس الطريقة‪ ،‬إذا كان الفرد ال يحب رئيسه في العمل‪ ،‬فلن‬
‫نسمعه يتحدث بصورة طيبة معه‪.‬‬

‫✓ ما المكونات األساسية لالتجاهات؟‬

‫تتكون االتجاهات من ثالثة مكونات رئيسية كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬العنصر أو المكون القيمي‪:‬‬


‫وهو يعني ذلك الجزء من االتجاهات الذي يتعلق بمشاعر الفرد تجاه شيء‪ ،‬أو فرد‪،‬‬
‫أو جماعة معينة‪ ،‬وهو يشير إلى ما يحبه أو ال يحبه الفرد‪ ،‬مثلما يكون الفرد شعو اًر‬
‫إيجابياً‪ ،‬أو سلبياً تجاه رئيسه‪.‬‬
‫‪ -2‬المكون الوجداني‪:‬‬
‫فاالتجاه ينطوي على أكثر من مجرد المشاعر واألحاسيس‪ ،‬أي أنه يتضمن المعرفة‪،‬‬
‫أي معتقدات الفرد عن شيء معين‪ ،‬فمثالً؛ قد يعتقد الفرد أن رئيسه ال يعرف شيئاً‬
‫وبغض النظر عن‬ ‫عن العمل‪ ،‬أو قد يعتقد أن زميله يحصل على أجر أعلى منه‪.‬‬
‫مدى صحة هذه المعتقدات‪ ،‬إال أنها تكون الجزء المعرفي‪ ،‬أو الوجداني لالتجاه‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ -3‬المكون السلوكي‪:‬‬
‫فقد يعتقد الفرد أن رئيسه في العمل يهدر أموال الشركة‪ ،‬ومن ثم فإن لديه شعور بأنه‬
‫ال يحب أن يعمل تحت رئاسته‪ ،‬هذا االعتقاد‪ ،‬وهذا الشعور له أثر على الطريقة التي‬
‫يتصرف بها الفرد‪ ،‬أو التي ينوي أن يتصرف بها؛ ألنه في بعض األحيان توجد قيود‬
‫في المثال السابق‪ ،‬قد‬ ‫على السلوك الفعلي للفرد‪.‬‬
‫يرغب الفرد فعالً في ترك العمل بالشركة‪ ،‬ولكن لعدم وجود فرص عمل متاحة‪ ،‬قد‬
‫يستمر في العمل‪ ،‬مع بقاء نيته لترك العمل موجودة‪ ،‬إذا ما أتيحت له الفرصة‪.‬‬

‫إذن خالصة القول‪ ،‬أن هناك ثالث جوانب لالتجاه وهي المشاعر‪ ،‬والمعتقدات‪ ،‬والنية‬
‫لسلوك معين‪.‬‬

‫وعندما نتحدث عن اتجاهات العمل‪ ،‬فنحن نتحدث عن تلك المشاعر والمعتقدات والميول‬
‫السلوكية تجاه الجوانب المختلفة للعمل أو الوظيفية‪ ،‬أو المكان الذي نعمل به‪ ،‬أو األفراد‬
‫الذين نتعامل معهم‪ ،‬فاالتجاهات المرتبطة بالعمل‪ ،‬مثل الرضا عن العمل ترتبط بعديد‬
‫من الجوانب الهامة للسلوك التنظيمي‪ ،‬مثل أداء العمل‪ ،‬الغياب عن العمل‪ ،‬ترك العمل‪.‬‬

‫✓ تغيير االتجاهات‪:‬‬

‫واذا كنا قد تناولنا الحديث عن كيفية تكوين االتجاهات‪ ،‬فإنه أيضاً من الضروري أن‬
‫نتناول الكيفية التي تتغير بها هذه االتجاهات‪ ،‬فنتيجة تغير الظروف البيئية أو الداخلية‪،‬‬
‫قد تكون المنظمة في موقف يتطلب ضرورة تغيير اتجاهات العاملين‪ ،‬ومن بعض األمثلة‬
‫للحاالت التي ترغب اإلدارة‪ ،‬من خاللها تغيير االتجاهات‪:‬‬

‫‪ -1‬االتجاهات ناحية تنوع العمالة‪.‬‬


‫‪ -2‬االتجاهات ناحية الممارسات األخالقية في العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬االتجاهات ناحية توقع التغيير‪ ،‬مثل تقديم تكنولوجيا جديدة‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫ومن العوامل المؤثرة في تغيير االتجاهات؛ (الموصل الفعال)‪:‬‬

‫حيث أشارت نتائج بعض األبحاث‪ ،‬إلى أن الفرد القادر على االتصال الفعال مع األفراد‬
‫المراد تغيير اتجاهاتهم‪ ،‬يتميز بالمصداقية‪.‬‬

‫وعادة ما يعتبر هذا الفرد ذو مصداقية عالية‪ ،‬إذا ما اتصف بعدة خصائص‪:‬‬

‫الخبرة‪ ،‬عدم التحيز‪ ،‬أن يكون محبوباً من قبل اآلخرين‪.‬‬

‫بعض األساليب لتغيير االتجاهات‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلقناع وجهاً لوجه‪:‬‬

‫تأثير وقدرة تغيير االتجاهات من االتصال غير‬


‫اً‬ ‫فالمواجهة واإلقناع وجهاً لوجه‪ ،‬أقوى‬
‫المباشر‪ ،‬متمثالً في الخطابات‪ ،‬والملصقات‪.‬‬

‫وتتحقق قدرة وتأثير المقابلة وجهاً لوجه من خالل المرونة‪ ،‬والقدرة على جذب االنتباه‪،‬‬
‫وتقديم الفرصة لألفراد بأن يكونوا أكثر تأكداً من مصداقية المصدر‪.‬‬

‫‪ -2‬تبيان الفوائد العائدة من التغيير‪:‬‬

‫فمثال‪ ،‬عند تغيير اتجاهات رجال البيع‪ ،‬نحو اتجاه أكبر لممارسات بيع أخالقية‪ ،‬عندما‬
‫ً‬
‫يقوم الفرد القائم بالتغيير بمطالبة رجال البيع‪ ،‬بممارسة هذه األساليب األخالقية في البيع‪،‬‬
‫لن يحقق نتائج كبيرة‪ ،‬ولكن إذا أوضح له الممارسات األخالقية للبيع تحقق مبيعات‬
‫أفضل‪ ،‬وتجذب عمالء أكثر‪ ،‬قد يحقق نتائج أفضل في تغيير اتجاهات األفراد‪.‬‬

‫‪ -3‬عرض وجهات النظر المختلفة‪:‬‬

‫عندما يكون األفراد المراد تغيير اتجاهاتهم‪ ،‬ليس لديهم الفرصة لمناقشة وجهات نظرهم‪،‬‬
‫فإنه من المحتمل أن تغير اتجاهاتهم‪ ،‬من خالل تقديم وجهة النظر‪ ،‬أو االتجاه الجديد‬

‫‪91‬‬
‫فقط‪ ،‬أما في حالة إذا ما كان هؤالء األفراد لديهم الفرصة لمناقشة وجهات نظرهم‪ ،‬فإنه‬
‫من الضروري تقديم وجهتي النظر المؤيدة والمعارضة‪ ،‬حتى يناقشونها‪.‬‬

‫‪ -4‬تغيير السلوك لتغيير االتجاهات‪:‬‬

‫(إذا فعلت األشياء الصحيحة بالطريقة الصحيحة‪ ،‬سوف تحصل على النتائج التي ترغبها)‬

‫‪92‬‬
‫الفصل الثامن‬

‫الرضا عن العمل‬

‫‪93‬‬
‫الرضا عن العمل‬

‫يشير الرضا عن العمل‪ ،‬إلى مجموعة من اتجاهات الفرد ناحية عمله‪ ،‬وفي هذا المجال‬
‫يمكن أن نفرق بين جانبين على األقل من الرضا‪ ،‬يتمثل أولهما‪ ،‬في جوانب الرضا‪ ،‬وهو‬
‫ميل الفرد ألن يكون ر ٍ‬
‫اض بدرجات متفاوتة عن األوجه المختلفة للعمل‪ ،‬ومن أمثلة هذه‬
‫الجوانب‪ :‬العمل ذاته‪ ،‬والدفع‪ ،‬والترقيات‪ ،‬والتقدير‪ ،‬والمنافع‪ ،‬وظروف وشروط العمل‪،‬‬
‫واإلشراف‪ ،‬وزمالء العمل‪ ،‬والسياسة التنظيمية‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى جوانب الرضا‪ ،‬هناك الرضا بوجه عام‪ ،‬أو بمعنى آخر ملخص عام يعمل‬
‫كمؤشر التجاه الفرد ناحية عمله‪ ،‬ويقطع عاب اًر كل جوانب الرضا المختلفة‪.‬‬

‫ومثال الرضا العام‪ ،‬أن الفرد بقوله‪( :‬بصفة إجمالية أحب عملي بالرغم من وجود بعض‬
‫الجوانب التي تقف حائالً لتحقيق بعض التحسينات)‪.‬‬

‫ويمثل الرضا العام للفرد‪ ،‬متوسط أو مجموع اتجاهات الفرد ناحية الجوانب المختلفة‬
‫للعمل‪ ،‬وبهذا يمكن لفردين التعبير عن نفس المستوى العام للرضا‪ ،‬ولكن ألسباب مختلفة‪.‬‬

‫✓ الرضا عن العمل والروح المعنوية‪:‬‬

‫بالرغم من أن كالً من الرضا عن العمل والروح المعنوية يعبران عن المشاعر اإليجابية‪،‬‬


‫التي تنتاب الفرد تجاه عمله‪ ،‬فتعتبر انعكاساً لمدى اإلشباع الذي يتوافر لحاجاته وتوقعاته‪،‬‬
‫من خالل العمل إال أن هناك اختالفين أساسيين بين المفهومين‪:‬‬

‫األول‪ :‬بينما يشير مفهوم الرضا إلى المشاعر اإليجابية‪ ،‬التي يقف أثرها على الماضي‬
‫والحاضر فقط‪ ،‬أما مفهوم الروح المعنوية تعبر عن حالة يمتد أثرها في المستقبل‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أن مفهوم الرضا عن العمل تعبير عن شعور فردي‪ ،‬أما الروح المعنوية فهي‬
‫تعبير عن روح الجماعة‪ ،‬فإذا كان أحد المديرين يصف مشاعر أعضاء إدارته ككل تجاه‬

‫‪94‬‬
‫العمل‪ ،‬فإنه يقول‪( :‬إن الروح المعنوية للعاملين في إدارتي عالية أو منخفضة حسب‬
‫األحوال)‪ ،‬أما إذا كان يخص بالحديث أحد أفراد تلك الجماعة‪ ،‬فإنه يقول أن (فالناً ر ٍ‬
‫اض‬
‫أو غير ر ٍ‬
‫اض عن العمل)‪.‬‬

‫✓ قياس الرضا عن العمل‪:‬‬

‫بالرغم من وجود اتجاهات متعددة لدى الفرد تجاه الجوانب المختلفة لعمله‪ ،‬إال أنه من‬
‫الصعب تقييمها وقياسها‪ ،‬ويرجع هذا إلى صعوبة المالحظة المباشرة لالتجاه‪ ،‬وصعوبة‬
‫استنتاجه بدقة من خالل سلوك الفرد‪ ،‬فإلى حد كبير نعتمد في قياس الرضا عن العمل‬
‫على ما يذكره الفرد‪ ،‬وعادة ال يفصح الفرد بصورة صادقة عما بداخله‪.‬‬

‫✓ أساليب قياس الرضا عن العمل‪:‬‬


‫‪ -1‬قوائم االستقصاء‪:‬‬

‫تعد قوائم االستقصاء هي المدخل الشائع لقياس الرضا عن العمل‪ ،‬وهي تتضمن بعض‬
‫األسئلة التي يجيب عليها األفراد‪ ،‬معبرين من خاللها عن ردود أفعالهم تجاه عملهم‪.‬‬

‫‪ -2‬أسلوب األحداث الحرجة‪:‬‬

‫وهو أسلوب أو إجراء آخر‪ ،‬يمكن من خالله قياس وتقييم رضا الفرد عن عمله‪ ،‬وهنا‬
‫يصف الفرد بعض األحداث المرتبطة بعمله‪ ،‬والتي حققت له الرضا أو عدم الرضا‪ ،‬ثم‬
‫يتم اختبار وفحص اإلجابات؛ الكتشاف عوامل أو مسببات الرضا أو عدم الرضا‪ ،‬فمثالً‪:‬‬
‫إذا ذكر عديد من األفراد مواقف في العمل‪ ،‬والتي تم معاملتهم من خاللها بطريقة سيئة‬
‫من المشرف‪ ،‬أو عندما يمتدحون المشرف لمعاملته الطيبة‪ ،‬يظهر هذا أن نمط اإلشراف‬
‫يلعب دو اًر هاماً في رضا األفراد عن العمل‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -3‬المقابالت الشخصية‪:‬‬

‫وهي الطريقة الثالثة لتقييم رضا األفراد‪ ،‬وهي تتضمن مقابلة األفراد بصفة شخصية‪،‬‬
‫ووجهاً لوجه‪ ،‬وبسؤال األفراد عن اتجاهاتهم‪ ،‬غالباً ما يفصح الفرد بصورة أكثر تعمقاً عن‬
‫استخدام قوائم االستقصاء‪ ،‬فمن خالل سؤال األفراد والحصول على استجاباتهم‪ ،‬يمكن‬
‫التعرف على األسباب المختلفة‪ ،‬التي سببت االتجاهات المتعلقة بالعمل‪.‬‬

‫✓ نظريات الرضا عن العمل‪:‬‬

‫ما الذي يجعل بعض األفراد يشعرون بالرضا أكثر من غيرهم؟ وما هي العمليات التي‬
‫تؤدي إلى شعور الفرد بالرضا عن العمل؟‬

‫توجد نظريات عديدة تساعد في تقديم اإلجابات عن هذين السؤالين‪ ،‬ولكن سوف نتعرض‬
‫تأثير وهما‪:‬‬
‫اً‬ ‫ألكثرهم‬

‫نظرية ذات العاملين‪ :‬وقد تم تناولها في نظريات الدافعية‪.‬‬

‫نظرية القيمة‪ :‬وسوف يتم مناقشتها اآلن بشيء من التفصيل‪.‬‬

‫نظرية القيمة‪:‬‬

‫وقد قدمها (لوك)‪ ،‬وهي من أهم نظريات الرضا عن العمل‪ ،‬ووفقاً لهذه النظرية‪ ،‬فإن‬
‫الرضا عن العمل يتحقق حسب التوافق بين ما يحصل عليه الفرد فعالً من نواتج‪ ،‬وما‬
‫يرغب فيه الفرد من نواتج‪ ،‬وكلما حصل الفرد على نواتج ذات قيمة بالنسبة له‪ ،‬زاد شعوره‬
‫بالرضا عن العمل‪.‬‬

‫وقد ركز هذا المدخل على أي ناتج يكون ذا قيمة بالنسبة للفرد‪ ،‬بغض النظر عن ماهية‬
‫هذا الناتج‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫وقد أيدت نتائج األبحاث هذا الرأي‪ ،‬فكلما زاد التباعد بين ما هو قائم بالفعل‪ ،‬وبين رغبات‬
‫األفراد المتعلقة بالجوانب المختلفة لعملهم مثل الدفع أو الترقية‪ ،‬شعر الفرد باالستياء أو‬
‫عدم الرضا عن العمل‪ ،‬وتكون هذه العالقة أكبر بالنسبة لهؤالء األفراد الذين يعطون‬
‫أهمية أكبر لهذا الجانب المعين‪.‬‬

‫ومن أهم المضامين التطبيقية لنظرية القيمة‪ ،‬هو جذبها لالهتمام بجوانب العمل التي‬
‫تحتاج إلى التغيير؛ لكي يتحقق الرضا عن العمل خاصة أن النظرية اقترحت احتمال‬
‫اختالف هذه الجوانب باختالف األفراد‪.‬‬

‫أيضاً وفقاً لمدخل القيمة‪ ،‬فإن من أكثر الطرق فعالية لتحقيق رضا األفراد عن عملهم هو‬
‫البحث عما يريد األفراد من عملهم‪ ،‬ومحاولة توفير هذه الرغبات بقدر المستطاع‪.‬‬

‫✓ محددات الرضا عن العمل؟‬

‫هناك بعض المحددات التي تؤدي إلى تحقيق الرضا عن العمل‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬التقارب‪:‬‬
‫أي أن الرضا عن العمل يتحقق من التقارب بين النواتج التي يرغب الفرد في تحقيقها‪،‬‬
‫وتلك التي يحصل عليها فعالً في مجال العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬العدالة‪:‬‬
‫أي شعور الفرد بالعدالة عندما يحصل على ما يعتقد أنه يستحقه من العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬الوضع الشخصي المسبق للفرد‪:‬‬
‫فقد تؤثر شخصية الفرد على مدى شعوره بالرضا عن العمل‪ ،‬فبالرغم من إمكانية‬
‫التأثير على مستوى الرضا من خالل تغيير بيئة العمل‪ ،‬إال أن الموقف الشخصي‬
‫المسبق للفرد قد يؤثر على مستوى شعوره بالرضا‪ ،‬بالرغم من التغيرات اإليجابية في‬
‫بيئة العمل‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫✓ النواتج المترتبة على عدم الرضا عن العمل‪:‬‬

‫يكثر الحديث عن أهمية بناء رضا األفراد عن العمل‪ ،‬بافتراض أن معنوية األفراد تؤثر‬
‫تأثي اًر كبي اًر وحرجاً على فعالية المنظمة‪.‬‬

‫ولكن بالرغم من أهمية تأثير الرضا عن العمل على المنظمة‪ ،‬إال أن هذه األهمية قد ال‬
‫يكون لها التأثير القوي الذي نتوقعه‪ ،‬ومن ثم ال بد أن نبحث في النواتج التي يمكن أن‬
‫تترتب على الشعور بعدم الرضا عن العمل‪.‬‬

‫وفي هذا المجال سيتم تناول بعض من هذه النواتج‪:‬‬

‫‪ -1‬انخفاض مستوى أداء العمل‪:‬‬


‫فقد أشارت العديد من الدراسات بوجه عام إلى وجود عالقة طردية قوية بين الرضا‬
‫عن العمل ومستوى أداء الموظف‪ ،‬مع وجود مؤثرات أخرى‪ ،‬كنوع التكنولوجيا‬
‫المستخدمة في المنظمة‪ ،‬وطبيعة نظام التعويضات المطبق‪.‬‬
‫‪ -2‬قلة الطموح للموظف وعدم تحفزه إلنجاز أفضل‪.‬‬
‫‪ -3‬االنسحاب عن العمل‪:‬‬
‫عندما يشعر الفرد بعدم الرضا عن عمله‪ ،‬فإنه دائماً يبحث عن أي وسيلة تبعده عن‬
‫هذا العمل‪ ،‬وهذا ما يسمى باالنسحاب من العمل‪..‬‬

‫هناك شكالن رئيسيان من أشكال االنسحاب وهما‪ :‬الغياب‪ ،‬ترك العمل االختياري‪.‬‬

‫‪ -1‬الغياب‪:‬‬

‫يعد الغياب سلوكاً مكلفاً بالنسبة للمنظمة‪ ،‬وترجع هذه التكلفة إلى تكلفة اإلجازات‬
‫المرضية‪ ،‬وفقد اإلنتاجية‪ ،‬والتكلفة المعنوية لألفراد الذين يقع عليهم عبء العمل المكلف‬
‫به األفراد الغائبون‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫وبالرغم من تأثير عدم الرضا عن العمل على الغياب‪ ،‬إال أن هذه العالقة ال تتميز بقوتها‪،‬‬
‫ويرجع ضعف العالقة بين الرضا عن العمل والغياب إلى عدة عوامل‪ ،‬والتي ترجع في‬
‫معظمها إلى القيود المفروضة على قدرة الفرد في التعبير صراحة عن حبه أو كرهه‬
‫للعمل‪ ،‬وتحويل هذا الشعور إلى فعل بعدم حضوره للعمل‪.‬‬

‫لكن هناك بعض حاالت الغياب ليس لها عالقة بالرضا عن العمل‪:‬‬

‫• بعض حاالت الغياب قد تكون اضط اررية‪ ،‬وال يمكن تجنبها‪ ،‬ومن ثم فإن العامل‬
‫قد يكون ر ٍ‬
‫اض عن عمله‪ ،‬ولكنه مضطر للغياب‪.‬‬
‫• الفرص المتاحة للفرد خارج العمل‪ ،‬والتي يحقق من خاللها الرضا بعيداً عن‬
‫العمل‪ ،‬كأن يذهب الفرد لرحلة‪ ،‬ومن ثم فقد يغيب الفرد الذي يشعر بالرضا‪،‬‬
‫بينما قد يتواجد في العمل شخص قد يشعر بعدم الرضا‪.‬‬
‫• في حالة خصم أيام الغياب من المرتب‪ ،‬فإن الحاجة االقتصادية للفرد قد تجعل‬
‫الفرد غير راضي‪ ،‬ولكنه في احتياج مادي أن يتواجد في العمل أكثر من الفرد‬
‫الراضي عن العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬ترك العمل االختياري‪:‬‬

‫يشير ترك العمل إلى االستقالة من المنظمة‪ ،‬مما يكلف المنظمة تكلفة عالية‪ ،‬تتمثل‬
‫بعض هذه التكلفة في‪ :‬تكلفة اإلحالل‪ ،‬وتكلفة التدريب‪ ،‬وتكلفة التعيين‪.‬‬

‫وكلما ارتقينا في السلم أو التدرج التنظيمي‪ ،‬فإن هذه التكلفة تزداد‪.‬‬

‫والى جانب هذه األنواع من التكلفة‪ ،‬هناك تنوعاً آخر من التكاليف غير الملموسة‪ ،‬مثل‬
‫تشتيت عمل الفريق الذي كان يعمل فيه الفرد‪ ،‬أو فقد فرد اكتسب خبرات ومهارات خاصة‬
‫بطريقة غير رسمية عبر مدة خدمته‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫واآلن ‪ ...‬ماذا بعد الكالم؟‬

‫بعد مناقشة النواتج السلبية لعدم الرضا‪ ،‬فإنه من المنطقي أن تحاول المنظمة االهتمام‬
‫بزيادة رضا األفراد عن عملهم‪ ،‬وأن تحاول تجنب عدم رضاهم عن العمل‪.‬‬

‫وبالرغم من أن عدم رضا األفراد قد ال يكون سبباً في تحديد أداء الفرد‪ ،‬إال أن هذا ال‬
‫يمنع من محاولة زيادة الرضا عن العمل‪ ،‬ألن الرضا عن العمل غاية في حد ذاته‪.‬‬

‫ما الذي يمكن عمله لزيادة رضا األفراد عن العمل؟‬

‫هناك بعض االقتراحات ومنها‪:‬‬

‫‪ -1‬الدفع لألفراد بصورة عادلة‪:‬‬


‫فعندما يشعر الفرد بعدالة ما يحصل عليه من مكافآت ومزايا‪ ،‬وعدالة اإلجراءات التي‬
‫طبقت لتحديد ما يستحقه‪ ،‬فإن الفرد يشعر بالرضا عن عمله‪.‬‬
‫‪ -2‬تحسين نوعية وجودة اإلشراف‪:‬‬
‫فعندما تكون العالقة بين المشرف واألفراد عالقة طيبة‪ ،‬يسودها االحترام‪ ،‬ويراعي‬
‫فيها المصالح المشتركة‪ ،‬وتكون هناك خطوط اتصال مفتوحة بين المشرف‬
‫ومرؤوسيه‪ ،‬يزيد رضا األفراد عن العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬تحقيق الالمركزية في سيطرة القوة التنظيمية‪:‬‬
‫وتعني الالمركزية‪ ،‬إعطاء الحق ألفراد متعددين التخاذ الق اررات‪ ،‬فعندما توزع سلطة‬
‫اتخاذ الق اررات‪ ،‬ويسمح لألفراد بالمشاركة بحرية في اتخاذ الق اررات‪ ،‬فإن هذا يزيد من‬
‫شعورهم بالرضا‪ ،‬العتقادهم بأنهم يستطيعون التأثير على المنظمة‪.‬‬
‫‪ -4‬تحقيق التوافق بين الوظائف التي يقوم بها الفرد واهتماماتهم‪:‬‬
‫فكلما شعر الفرد بأنه يستطيع إشباع اهتماماته من خالل عمله‪ ،‬شعر بالرضا عن‬
‫عمله‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫الفصل التاسع‬

‫اجلماعات يف املنظمة‬

‫‪101‬‬
‫✓ مقدمة‪:‬‬

‫سبق القول إن السلوك اإلنساني يتأثر بمجموعة من العوامل الفردية‪ ،‬أي التي تتعلق‬
‫بالفرد كالدافعية‪ ،‬واإلدراك‪ ،‬والشخصية‪ ،‬والتعلم ‪ ،...‬وباإلضافة إلى ذلك يتأثر سلوك الفرد‬
‫بالجماعات التي ينتمي إليها‪ ،‬ولذلك سوف نتناول اآلن ديناميات الجماعة والعمل الفريقي‬
‫(فرق العمل) في المنظمات‪.‬‬

‫ويرتبط كل منا بعدد من الجماعات‪ ،‬وأولها أسرته‪ ،‬التي يتفاعل معها منذ والدته‪ ،‬ويصبح‬
‫لهذه األسرة دو اًر رئيسياً في تشكيل وتوجيه سلوك أعضائها‪ ،‬ولكن بمرور الوقت يرتبط‬
‫الفرد بجماعات أخرى في المجتمع‪ ،‬كاألصدقاء‪ ،‬والزمالء‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫وتسهم دراسة الجماعات في تفسير كثير من الظواهر السلوكية في المنظمة والمجتمع‪،‬‬


‫ومن أمثلة هذه الظواهر‪ :‬التعاون والترابط بين األفراد‪ ،‬أو الصراع والتنافس فيما بينهم‪،‬‬
‫وبطبيعة الحال تلعب االعتبارات الثقافية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والسياسية السائدة‬
‫في مجتمع معين دو اًر كبي اًر في تحديد دور الجماعات في هذا المجتمع‪.‬‬

‫ويمكن أن تصبح الجماعات قوة دافعة لتقدم المجتمع‪ ،‬وتساهم مساهمة كبيرة في رفع‬
‫معيشة أفراده‪ ،‬أو العكس قد تصبح قوة مدمرة‪ ،‬إذا دخلت في صراعات ونزاعات فيما‬
‫بينها‪.‬‬

‫✓ مفهوم الجماعات‪:‬‬

‫هي مجموعات تتكون من فردين أو أكثر توجد بينهم عالقات سيكولوجية واضحة تؤدي‬
‫الى حدوث تفاعل اجتماعي متبادل عن طريق األدوار االجتماعية المختلفة التي تحددها‬
‫المعايير والقيم المشتركة‪ ،‬لتحقيق أهداف الجماعة واشباعاً لرغبات أفرادها‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫من التعريف السابق‪ ،‬يتضح أن الجماعات تتميز بالخصائص اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬ضرورة وجود عدد من األعضاء ال يقل عن اثنين‪.‬‬


‫‪ -2‬ضرورة وجود تفاعل واتصال مستمر بين أعضاء الجماعة‪ ،‬وأيضاً اعتماد تأثير‬
‫متبادل فيما بينهم‪ ،‬وهذا يعني أن مجرد تجمع عدد من األفراد في مكان واحد ال‬
‫يشكل بالضرورة جماعة فيما بينهم‪ ،‬بل البد من وجود تفاعل‪ ،‬ولذلك فأفراد األسرة‬
‫يكونون جماعة؛ فاألب واألم واألبناء والبنات تنشأ فيما بينهم عالقات متصلة‪ ،‬وتأثير‬
‫متبادل‪ ،‬فاالرتباط المادي والمعنوي متوافر فيما بينهم‪.‬‬
‫‪ -3‬لها تركيب أو بناء مستقر‪ ،‬ويقصد بذلك استم اررية العالقات والتفاعل االجتماعي بين‬
‫أعضاء الجماعة لفترة طويلة نسبياً‪ ،‬ومفهوم الجماعة في هذه الحالة يختلف عن‬
‫التجمعات الطارئة‪ ،‬مثال ذلك التجمع لمشاهدة حادث معين في الشارع‪ ،‬أو التجمع‬
‫في سيارة نقل عام أثناء ركوب السيارة‪ ،‬أو التجمع لمشاهدة مباراة‪.‬‬
‫‪ -4‬بينهم أهدف مشتركة‪.‬‬
‫‪ -5‬وأخي اًر شعور األفراد بأنهم أعضاء في نفس الجماعة‪ ،‬ولديهم القدرة على التمييز بينهم‬
‫وبين من هم ليسوا أعضاء بجماعتهم‪.‬‬

‫✓ مفاهيم متعلقة بالجماعة‪:‬‬


‫ديناميكية الجماعة‪:‬‬
‫إن الجماعة ليست مجرد تجمع لألفراد كما يبين التعريف‪ ،‬وسلوك األفراد في ظل‬
‫انتمائهم للجماعة يختلف عن سلوكهم خارج إطار الجماعة (فرادى)‪ ،‬والتفاعل‬
‫الحاصل داخل أي جماعة يؤدي إلى تغير‪ ،‬وهذا التغير في جزء من الجماعة قد‬
‫يؤثر على األجزاء األخرى‪ ،‬فخروج عنصر من الجماعة قد يغير من عالقة األفراد‬
‫فيها‪.‬‬
‫إذا يمكن القول بأن ديناميكية الجماعة هي التفاعل مضاف اليه عنصر التغير‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫معايير الجماعة‪:‬‬
‫هي مجموعة القواعد السلوكية التي يقبل بها أفراد الجماعة‪ ،‬بحيث يخضعون في‬
‫سلوكهم وعملهم لما تحدده الجماعة من قواعد واال تعرضوا للعقاب‪ .‬وهي أدوات‬
‫تضمن انضباط المنتمين للجماعة‪ ،‬فاحترام الفرد لهذه المعايير يؤدي الى رضى‬
‫الجماعة عنه‪.‬‬
‫والمعايير هي أحد الوسائل التي تستعملها الجماعات الغير رسمية كأداة للرقابة والتأثير‬
‫على أفرادها وتتميز المعايير بأنها‪:‬‬
‫• تحدد ما يجب عمله في مختلف المواقف‪.‬‬
‫• تثبت لألفراد معايير السلوك في الحاضر والمستقبل‪.‬‬
‫• يكفي االجماع للوصول الى ق اررات مما يوزع المسؤولية على الجماعة ككل‬
‫دون أن يتحمل أحد األفراد هذه المسؤولية‪.‬‬
‫• اعتبار االلتزام بها مصد ار لرضا العاملين‪.‬‬

‫االتصال في الجماعات‪:‬‬
‫إن التفاعل بين أفراد الجماعة قد ال ينجح دون وجود اتصال بين أفرادها‪ ،‬فاالتصال‬
‫هو محور بناء العالقات‪ .‬واالتصال داخل الجماعة قد يتم بشكل أفقي أو عمودي أو‬
‫دائري أو متعدد التبادالت‪.‬‬

‫أسباب تكون الجماعات‪:‬‬


‫إن االنتماء الى الجماعة يحقق الفرد به أهدافاً قد يكون أهمها اشباع بعض الحاجات‬
‫االجتماعية والنفسية والتي جاء ذكرها في هرم ماسلو "الحاجة الى االنتماء والتقدير"‪.‬‬
‫كما تمد الجماعة الفرد بالمساعدة والمساندة الجماعية حيث يشعر الفرد عند االنتماء‬
‫اليها باألمان‪ ،‬كما يستمد الفرد منها المعلومات خاصة الجماعة غير الرسمية حين‬
‫تكون المعلومات كمصدر للسلطة‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫واألسباب التي تؤدي الى تكون الجماعة نلخصها فيما يلي‪:‬‬
‫• الزمالة‪ :‬ممارسة أعمال متشابهة من نفس التخصص‪ ،‬تقارب شديد ينشأ عن‬
‫تبادل المعلومات حول العمل يؤدي الى خلق عالقات بين هؤالء األفراد‪.‬‬
‫• التقارب المكاني‪ :‬لمكان العمل دور كبير في انضمام الفرد الى جماعة معينة‬
‫نتيجة للتقارب المكاني بين االفراد الذي ينتج عنه االحتكاك وتبادل األفكار‪.‬‬

‫✓ أنواع الجماعات‪:‬‬
‫‪ -1‬الجماعات الرسمية‪:‬‬
‫• يتم تأسيسها من قبل المنظمة‪ ،‬لتوجيه أعضائها لتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫• العضوية فيها إجبارية‪.‬‬
‫• تنقسم إلى‪:‬‬
‫جماعات األوامر (الرئاسة)‪ :‬والتي تتبع التسلسل التنظيمي‪ ،‬وتظهر على الخارطة‬
‫التنظيمية‪ ،‬مثل األقسام واإلدارات‪ ،‬وتتميز بالدوام النسبي‪.‬‬
‫جماعات المهام‪ :‬والتي تصمم بغرض تحقيق مهمة محددة‪ ،‬وتضم أعضاء من‬
‫أماكن تنظيمية مختلفة‪ ،‬وقد تكون مؤقتة مثل اللجان‪.‬‬

‫‪ -2‬الجماعات غير الرسمية‪:‬‬


‫• تنشأ وتنمو بشكل طبيعي وعفوي‪.‬‬
‫• العضوية اختيارية دون توجيه من إدارة المنظمة‪.‬‬
‫تنقسم إلى‪:‬‬
‫جماعات المصالح‪ :‬الذين تجمعهم مصلحة مشتركة‪ ،‬مثل النقابات‪ ،‬االتحادات‪،‬‬
‫الجمعيات‪ ،‬النوادي‪.‬‬
‫جماعات الصداقة‪ :‬تجمعهم مصلحة مشتركة معنوية‪ ،‬أفراد ينجذبون لبعضهم‬
‫البعض مثل العصبة والشلة‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫✓ تكوين الجماعات وتشكيلها‪:‬‬
‫تلعب الجماعات دو اًر مهماً وحيوياً في حياة الفرد‪ ،‬ألن انتماء الفرد للجماعة يمكنه‬
‫من إشباع حاجاته‪ ،‬ورغباته‪ ،‬كما يمكنه من تحقيق أهدافه‪ ،‬كما أن الجماعة التي‬
‫ينتمي إليها الفرد تقوم بتوجيهه نحو معرفة القيم والمعايير االجتماعية‪..‬‬
‫وهناك عديد من األسباب التي تدعو إلى تشكيل وتكوين الجماعات من أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬يتحد األفراد أو يتم جمعهم إلنجاز أعمال ومهام محددة‪.‬‬
‫‪ -2‬لحل مشاكل يصعب حلها بواسطة فرد واحد‪.‬‬
‫‪ -3‬يتحد األفراد ويترابطون للتشابه في الصفات‪.‬‬
‫‪ -4‬ألن اتصاالت وعالقات قوية وعزيزة تربطهم ببعض‪.‬‬
‫‪ -5‬ألن في االتحاد قوة مما يساعدهم في حماية أنفسهم من مخاطر العمل‪.‬‬
‫‪ -6‬يتحد األفراد ألن الجماعة تشبع احتياجاتهم لالنتماء والترابط الجماعي‪.‬‬

‫وتقدم نظرية التبادل تفسي اًر بسيطاً لتشكيل الجماعة وبقائها‪ ،‬وتقول النظرية ألن األفراد‬
‫يكونون على استعداد لتقديم وقتهم وخبرتهم ونشاطهم إلى الجماعة في مقابل إشباع‬
‫احتياجاتهم وتحقيق أهدافهم من خالل الجماعة‪ ،‬وهذا بافتراض أن الفائدة التي تعود‬
‫على الجماعة تكون من مساهمتهم فيها‪.‬‬

‫✓ مراحل تطور ونمو الجماعات‪( :‬دورة حياة الجماعات)‬

‫مثلما أن األطفال ينمون بأشكال محددة خالل األشهر األولى من حياتهم‪ ،‬فإن الجماعات‬
‫أيضاً تميل إلى إظهار عالمات مستقرة نسبياً من النضج والنمو مع مرور الوقت‪ ،‬ومن‬
‫خالل اآلتي‪ ،‬نعرض نظرية شائعة "نموذج توكمان" تلقي الضوء على خمس مراحل‬
‫رئيسية لنمو الجماعات‪:‬‬

‫‪106‬‬
‫خمس مراحل رئيسية لنمو الجماعات‪:‬‬

‫‪ -1‬مرحلة التشكيل‪:‬‬

‫تعتبر مرحلة البداية والتي يتم فيها التعارف بين أفراد الجماعة‪ ،‬ويتم فيها تشكل‬
‫االنطباعات ومعرفة الوظائف والمهام المطلوبة واألهداف المرجو تحقيقها‪ ،‬وتقوم هذه‬
‫المرحلة في األساس على وجود قائد يحدد القواعد األساسية التي ستعمل الجماعة وفقها‪.‬‬

‫‪ -2‬مرحلة العصف‪:‬‬

‫يحدث في هذه المرحلة نوع من التناقض بين أفراد الجماعة في محاولة للوصول الى‬
‫أهداف محددة‪ ،‬وهنا تظهر االتجاهات والرغبات التي يختلف األعضاء فيها‪.‬‬

‫‪ -3‬مرحلة وضع المعايير‪:‬‬

‫ويتم في هذه المرحلة االتفاق على القواعد األساسية للعمل والتي يضبط بموجبها سلوك‬
‫االفراد‪ ،‬ويتم توزيع األدوار ويتم التأكيد على التماسك والتوافق‪.‬‬

‫‪ -4‬مرحلة العمل‪:‬‬

‫وهنا تبدأ الجماعة بالعمل لتحقيق األهداف المتفق عليها‪ ،‬وهنا يظهر التنافس والتعاون‬
‫مع االلتزام بتحقيق األهداف‪.‬‬

‫‪ -5‬مرحلة التفكك‪:‬‬

‫وهنا تبدأ الجماعة بالتفكك واالنحالل وذلك إما بسبب تفرق أعضائها أو تحقيق األهداف‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫✓ محددات سلوك الجماعة‪.‬‬

‫للسلوك الجماعي محددات تؤثر وتتحكم فيه وتنقسم هذه المحددات إلى محددات خارجية‬
‫ومحددات داخلية سنفصلها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬المحددات الخارجية‪:‬‬

‫إن الجماعة نسق مفتوح وهي جزء من محيط ونظام اجتماعي أكبر يؤثر على سلوكها‬
‫من خالل بعض العوامل تتمثل في‪:‬‬

‫• اإلستراتيجية العامة للتنظيم‪:‬‬

‫إن اإلستراتيجية التي تتبناها المنظمة تجاه قوة ونفوذ الجماعات والموارد الموضوعة تحت‬
‫تصرفها تؤثر عليها وقد تحد من سلوكها فنقص الموارد الموضوعة تحت تصرف الجماعة‬
‫قد يحدث قلق وصراع بين أعضائها‪.‬‬

‫• التعليمات واللوائح والسياسات التي تتبناها اإلدارة‪:‬‬


‫✓ توافر الموارد الالزمة للعمل‪.‬‬
‫✓ عملية اختيار وانتقاء العاملين‪.‬‬
‫✓ أنظمة التقييم والتحفيز المتبعة‪.‬‬
‫✓ الثقافة التنظيمية السائدة‪.‬‬
‫✓ ظروف العمل المادية‪.‬‬
‫✓ أنماط القيادة واالتصاالت المتبعة‪.‬‬
‫✓ حجم الجماعات‪.‬‬
‫✓ درجة التماسك بين األعضاء‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫إن العوامل السابق ذكرها تؤثر على نشاطات وتفاعالت األفراد وبالتالي تؤدي إلى تكوين‬
‫اتجاهات بين األفراد أنفسهم قد تكون سلبية أو تكون إيجابية‪ ،‬وذلك لما تفرضه عوامل‬
‫البيئة التي يعملون فيها‪.‬‬

‫‪ -2‬المحددات الداخلية‪:‬‬

‫وفي هذا الصدد نعتبر الجماعة كنسق مغلق يتأثر بعوامل داخلية خاصة باألفراد أنفسهم‬
‫زمن هذه المحددات‪:‬‬

‫✓ القدرات الفردية لألعضاء‪.‬‬


‫✓ الخصائص الشخصية‪.‬‬

‫وتعتبر هذه العوامل هامة في تحديد سلوك األفراد‪ ،‬وبالنسبة لتأثيرها على السلوك الجماعي‬
‫يجدر بنا الحديث عما يسمى نمط التفكير الجماعي إذ يميل األفراد للتفكير بطريقة ترضي‬
‫األغلبية رغم عدم القناعة بهذا السلوك وذلك يعود إلى ممارسة الضغوط من قبل الجماعة‪.‬‬

‫✓ تأثير الجماعة في سلوك الفرد‪:‬‬

‫يظهر هذا التأثير من قبل الجماعة على سلوك الفرد فيما يسمى الجماعات غير الرسمية‪.‬‬

‫والمثير لالهتمام هنا أن هذه الجماعات غير الرسمية تمارس ضغطاً أو تأثي اًر على‬
‫أفرادها رغم عدم وجود قوانين أو لوائح رسمية‪.‬‬

‫وال بد في هذا العنصر من ذكر الدراسات التي قام بها فريق من جامعة هارفرد والمسماة‬
‫بتجارب "هاوثورن" والتي توصلت الى أن هناك جماعات غير رسمية في التنظيمات‬
‫تظهر وتمارس ضغطا وسلطة على منتسبيها يصل في بعض الحاالت الى تأثيرها على‬
‫التعليمات الصادرة عن اإلدارة الرسمية وقد تتجاوزها‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫وقد بينت هذه الدراسات أن هذه الجماعات غير الرسمية قد تفرض على العمال المنتسبين‬
‫إليها قيوداً فيما يتعلق بسقف اإلنتاج وكأنه شبه تحكم في اإلنتاج المراد انجازه‪.‬‬

‫✓ خصائص الجماعة الفعالة‪:‬‬

‫للجماعة عوامل تؤثر في فعاليتها ومدى تجانسها وتماسك أعضائها‪ ،‬حيث يذكر "سيسيل‬
‫جيب ‪ "Cecil Gibb‬خصائص الجماعة الفعالة كما يلي‪:‬‬

‫• األفراد فيها يؤدون العمل كفريق واحد‪.‬‬


‫• كل فرد يشارك مشاركة فعالة في المناقشات التي تتم داخله‪.‬‬
‫• الجماعة تحدد أهدافها بطريقة واضحة‪.‬‬
‫• تمتلك الموارد الضرورية إلنجاز أهدافها‪.‬‬
‫• تشارك الجماعة بالكثير من المقترحات المثمرة في انجاز األهداف‪.‬‬

‫وترتبط فاعلية الجماعة بعوامل نذكر فيما يلي‪:‬‬

‫• حجم جماعة العمل‪ :‬كلما كان حجم الجماعة صغي اًر كانت أكثر فعالية‪.‬‬
‫• عدد أعضاء الجماعة‪ :‬لوحظ أن جماعة العمل التي يكون عدد أعضائها زوجياً‬
‫تتخذ الق اررات أكثر دقة‪ ،‬بينما الجماعة الفردية أسرع في إنجاز العمل من غيرها‪.‬‬
‫• طبيعة ونوع العمل‪ :‬إذا كان العمل بسيطا ويتطلب تعاونا‪ ،‬فاألفضل تكوين‬
‫جماعة متجانسة (سن‪ ،‬المستوى التعليمي) واذا كان العمل معقداً ويتطلب نوعاً‬
‫من اإلبداع فاألفضل إن تكون الجماعة غير متجانسة‪.‬‬
‫• موقع العمل والتماسك‪ :‬كلما كانت الجماعة متقاربة في الموقع كانت أكثر‬
‫تماسكاً‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫✓ األعراف (القواعد غير المنطوقة للجماعات)‪:‬‬

‫إن نشوء األعراف هو واحد من الخواص‪ ،‬التي تساعد الجماعات على األداء بشكل‬
‫منتظم ومتوقع‪ ،‬ويمكننا تعريف األعراف‪ ،‬بأنها قواعد غير رسمية متفق عليها‪ ،‬تحكم‬
‫سلوكيات أعضاء الجماعة الواحدة‪.‬‬

‫أحيانا‬
‫كتابيا‪ ،‬و ً‬
‫واألعراف تختلف عن القواعد التنظيمية‪ ،‬في أنها ليست رسمية وال مدونة ً‬
‫يكون أعضاء الجماعة على غير علم أصالً بوجود هذه األعراف‪ ،‬التي تحكم وتنظم‬
‫سلوكياتهم‪ ،‬ولكن األعراف الجماعية في كل األحوال لها آثار عميقة على سلوكيات‬
‫وتصرفات الجماعة‪ ،‬فهي مثالً قد تحث العاملين على االتسام باألمانة والوالء للمنظمة‪.‬‬

‫واألعراف نوعان رئيسيان‪:‬‬

‫األول‪ :‬هو األعراف اإلرشادية (وهي تحدد السلوكيات المستحب‪ ،‬أو المفروض القيام بها‬
‫في مواقف معينة)‪،‬‬

‫والثاني‪ :‬هو األعراف التحذيرية (وتشير إلى السلوكيات‪ ،‬التي يجب على أعضاء الجماعة‬
‫اجتنابها)‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫الفصل العاشر‬

‫الصراع التنظيمي‬

‫‪112‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫لم تعد المنظمة اإلدارية ذلك البناء الهيكلي المغلق الذي يتعامل مع نفسه بعيداً عن‬
‫التأثيرات المحيطة به ‪ ,‬ولم تعد كذلك بعيدة عن التأثيرات الداخلية التي يكون مصدرها‬
‫األفراد أو األنظمة اإلدارية التي تعمل في ظلها‪ ،‬لذلك أصبحت المنظمة وفقاً لالتجاهات‬
‫الحديثة في اإلدارة منظمة إنسانية تحكمها مجموعة من العالقات التي يمثلها األفراد‬
‫ويعبرون عن حيويتها وفعاليتها بهذه األنماط المختلفة من العالقات التي تنشأ بين الفرد‬
‫واآلخر داخل التنظيم ‪ ,‬وال تظل المنظمة محكومة ومتأثرة بهذه العالقات فقط‪ ،‬وانما هناك‬
‫عالقات خارجية بمنظمات أخرى تمارس نفس النشاط أو نشاطاً مماثالً له ‪ ,‬كما أن هناك‬
‫المجتمع التي تعمل فيه تلك المنظمة والذي يفرز تأثيرات مختلفة على أداء المنظمة‬
‫وبشكل مستمر ‪.‬‬

‫لذا فإنه نتيجة لهذا التشابك في العالقات المختلفة التي تتعامل معها المنظمة من المتوقع‬
‫أن تحدث بعض الخالفات والتناقضات‪ ،‬فال يمكن أن تتم هذه العالقات في جو يسوده‬
‫الوئام والوفاق‪ ،‬وانما قد يحدث ما يعكر صفو هذه العالقات والتي قد تؤدي إلى نتائج‬
‫متفاوتة على التنظيم وكذا أصحاب العالقة‪.‬‬

‫مفهوم الصراع التنظيمي‪:‬‬

‫لغة‪ :‬هو النزاع والخصام أو الخالف والشقاق‪.‬‬

‫اصطالحاً‪ :‬عبارة عن نزاع مباشر ومقصود بين أفراد أو جماعات من أجل هدف واحد‪،‬‬
‫وتظهر الرغبة لدى أحد أطراف النزاع في إلحاق الهزيمة بالطرف اآلخر بغض النظر عن‬
‫الوصول إلى الهدف‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫يشير مفهوم الصراع بصفة عامة إلى عملية الخالف التي تنشأ كرد فعل لممارسة ضغط‬
‫من جانب فرد معين أو مجموعة أو منظمة على فرد آخر أو مجموعة أو منظمة سواء‬
‫من داخل ميدان عملها أو في ميدان مجتمعي آخر بهدف إحداث تغيير (إيجابي أو‬
‫سلبي) في بنية أو معايير أو قيم ذلك الفرد أو تلك المجموعة أو المنظمة‪.‬‬

‫أنواع الصراع التنظيمي‪:‬‬

‫هناك أنواعاً عديدة من الصراع التنظيمي وذلك بسبب اختالف األساس المستخدم في‬
‫تصنيف الصراع‪ ،‬وفيما يلي أهم أنواع تصنيفات الصراع‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الصراع طبقاً لنوع األطراف المتنازعة‪:‬‬

‫‪ -1‬الصراع بين الفرد ونفسه‪:‬‬


‫ويحدث عندما يتعرض الفرد لحاالت من اإلحباط لوجود عائق يحول دون تحقيق‬
‫أهدافه‪ ،‬أو عندما ال يكون متأكداً مما هو مطلوب منه‪ ،‬أو عندما ُيطالب بإنجاز‬
‫مهام تفوق طاقاته وخبراته‪.‬‬
‫‪ -2‬الصراع بين األفراد‪:‬‬
‫ينشأ هذا الصراع بسبب تباين األدوار التي يقوم بها األفراد‪ ،‬وتباين مراكزهم في‬
‫العمل‪ ،‬واختالف الجماعات التي ينتمون إليها‪ ،‬مثل صراع التناقض بين الرئيس‬
‫والمرؤوس‪.‬‬
‫‪ -3‬الصراع بين الفرد والجماعة‪:‬‬
‫يرتبط هذا الصراع بالطريقة التي يتعامل بها الفرد مع ضغوط الجماعة التي‬
‫ينتمي إليها‪ ،‬ومدى امتثاله للقيم والمعايير التي تتمسك بها‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫‪ -4‬الصراع بين الجماعات‪:‬‬
‫يشمل التناقضات بين مجموعات العمل في المنظمة‪ ،‬كالتناقض بين إدارة‬
‫المبيعات وادارة اإلنتاج‪ ،‬أو التنفيذيين واالستشاريين‪ .‬ويرجع ذلك إلى التباين في‬
‫األهداف أو تداخل السلطات فيما بينها‪.‬‬
‫‪ -5‬الصراع بين المنظمات‪:‬‬
‫يحدث بصفة خاصة في المجال االقتصادي‪ ،‬ويطلق عليه مصطلح المنافسة‪.‬‬
‫وتؤدي المنافسة إلى إنتاج منتجات جديدة أو إحداث تطوير في التقنية‪ ،‬أو خفض‬
‫األسعار‪ .‬وقد تشتد المنافسة مما يؤدي إلى سيطرة منظمة على أخرى‪.‬‬
‫‪ -6‬الصراع بين األفراد في المنظمات المختلفة‪:‬‬
‫يحدث ذلك عندما يقوم أحد محرري الصحف بنشر تقارير غير مرضية عن‬
‫إحدى المنظمات‪ ،‬فما يلبث أن يدخل مدير العالقات العامة بالمنظمة في صراع‬
‫مع مدير الصحيفة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أنواع الصراع طبقاً لمرحلة الصراع‪:‬‬

‫‪ -1‬الصراع المستتر‪:‬‬
‫عند وجود احتماالت للصراع دون التصرف على عالقات حمودة له‪.‬‬
‫‪ -2‬الصراع المدرك‪:‬‬
‫وهو الصراع المعروف أسبابه وله دالالت أو العالقات بسيطة‪.‬‬
‫‪ -3‬الصراع المحسوس‪:‬‬
‫ويظهر في شكل قلق وتوتر وغضب وروح عدائية‪.‬‬
‫‪ -4‬الصراع الصريح‪:‬‬
‫وهو الصراع الظاهر في سلوكيات األفراد والجماعات بشكل واضح في‬
‫التعامالت‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أنواع الصراع طبقاً لنتائجه‪:‬‬

‫يمثل هذا التقسيم أهمية كبرى في كيفية التعرف على طبيعة الصرع وكيفية التحكم فيه‪،‬‬
‫فالنظرة التقليدية للصراع تنظر إليه كدالله لإلدارة السيئة أو عالمة من العالقات غير‬
‫المرغوبة أما النظرة الحديثة فترى غير ذلك فهناك صراع مرغوب وصراع غير مرغوب‪.‬‬

‫‪ -1‬الصراع اإليجابي‪:‬‬
‫يؤدى إلى تدعيم األداء ودعم التغيرات االيجابية ومحاوالت التكيف واالبتكار‪.‬‬
‫‪ -2‬الصراع السلبي‪:‬‬
‫يترتب عليه أحداث إضرار للتنظيم أو إعاقته عن تحقيق أهدافه‪.‬‬

‫✓ أسباب حدوث أشكال الصراع‪:‬‬

‫يعود الصراع إلى أسباب عديدة يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬العالقات االعتمادية‪:‬‬
‫وهي العالقات الناشئة عن اعتماد األفراد والجماعات على بعضهم البعض في‬
‫نشاطاهم وتحقيق أهدافهم‪ ،‬األمر الذي يثير الصراعات فيما بينهم‪.‬‬
‫‪ -2‬اختالف األهداف‪:‬‬
‫رغم أن جميع الوحدات داخل التنظيم تمارس نشاطاتها في إطار الهدف الكلي إال‬
‫أن ذلك ال يمنع من وجود تعارض بين أهدافها الفرعية‪.‬‬
‫‪ -3‬التنافس على الموارد‪:‬‬
‫إن المنظمة توفر الموارد بكميات محدودة تبعاً إلمكاناتها المادية ولذلك فإن أعضاء‬
‫التنظيم من وحداته الرئيسية أو قواه البشرية تتسارع في الحصول على احتياجاتهما‬
‫من تلك المواد قبل نفاذها‪ ،‬ففي ظل الندرة يحدث التنازع بين وحدات التنظيم لتحصل‬
‫على ما يغطي احتياجاتها ولو على حساب استحقاقات الوحدات األخرى‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫‪ -4‬صراع الدور‪:‬‬
‫إن الدور هو الشخصية التي يتقمصها الفرد من أجل أداء وظيفته أو واجبه فاإلنسان‬
‫أثناء قيامه بدور معين قد يقع في صراع مع األدوار األخرى في التنظيم‪.‬‬
‫‪ -5‬تفاوت الصفات الشخصية‪:‬‬
‫إن التفاوت بين الصفات الشخصية كالسن والجنس والقيم واالتجاهات والمعتقدات‬
‫والمستوى الثقافي بين األفراد تكون مصادر رئيسية للنزاع فيما بينهم‪.‬‬
‫‪ -6‬اختالف اإلدراك‪:‬‬
‫وهي المعاني التي يعطيها الفرد للظواهر‪ ،‬وقد تختلف هذه المعاني من شخص إلى‬
‫آخر بسبب التفاوت بينهم في االعتقادات واالنتماءات واألهداف‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬التركيب السيكولوجي للفرد‪:‬‬
‫يختلف األفراد من حيث التركيب الشخصي فمنهم من يميل إلى العدوانية ومنهم من‬
‫يتميز بحدة الطبع والحساسية الزائدة األمر الذي يزيد من احتمال ظهور النزاعات‪.‬‬
‫‪ -8‬الرضا الوظيفي‪:‬‬
‫إن عدم الرضا عن الوظيفة أو التعليمات واللوائح المتعلقة بالوظيفة يؤدي بالفرد إلى‬
‫عدم التعاون مع زمالئه أو إلى عدم إتقانه لعمله "اإلهمال" أو إلى تغيبه‪.‬‬

‫✓ خصائص الصراع التنظيمي‪:‬‬


‫‪ -1‬الصراع ظاهرة سلوكية إنسانية على كل المستويات‪.‬‬
‫‪ -2‬الصراع يحدث نتيجة مثيرات بيئية أو ذاتية‪.‬‬
‫‪ -3‬يتضمن موقف طرفين متنازعين أو أكثر‪.‬‬
‫‪ -4‬يتضمن وعي وادراك كل طرف لآلخر‪.‬‬
‫‪ -5‬يتضمن إلحاق الضرر بأحد األطراف‪.‬‬
‫‪ -6‬نتائج الصراع ال تكون معلومة ألي طرف من أطراف النزاع إال عند انتهائه‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫✓ مراحل عملية الصراع‪:‬‬
‫‪ -1‬مرحلة الصراع الكامن (الضمني)‪:‬‬
‫تتضمن هذه المرحلة الشروط أو الظروف المسببة لنشوء الصراع‪ ،‬التي غالباً ما‬
‫تتعلق بالتنافس على الموارد والتباين في األهداف أو االعتمادية بين األفراد أو‬
‫الجماعات‪ ،‬أو غير ذلك من األسباب التي تسهم في ميالد الصراع في شكل‬
‫ضمني غير معلن‪ ،‬وفي هذه المرحلة ال تدرك األطراف بوجود الصراع بينها‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة الصراع المدرك‪:‬‬
‫وهي المرحلة التي يبدأ فيها أطراف الصراع في إدراك أو مالحظة وجود صراع‬
‫فيما بينها‪ ،‬وتلعب المعلومات هنا دو اًر هاماً في تغذية صور ومدركات الصراع‪،‬‬
‫وهنا يتم إدراك الصراع دون أن يكون هناك حاالت سابقة كأن يسيء طرف فهم‬
‫أو استيعاب الطرف اآلخر‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة الصراع الشعوري‪:‬‬
‫في هذه المرحلة يتبلور الصراع بشكل واضح‪ ،‬حيث تتولد فيها أشكال من القلق‬
‫والتوتر والغضب الفردي أو الجماعي المشجعة على الصراع‪ ،‬وتكون الرؤية عن‬
‫طبيعته ومسبباته وما سوف يؤدي إليه أكثر وضوحاً‪ ،‬ويصبح كل منهم طرفا في‬
‫الصراع يسعى للفوز ولو على حساب األهداف العامة للمنظمة‪.‬‬
‫‪ -4‬مرحلة الصراع العلني‪:‬‬
‫وهي مرحلة التفاعل مع موضوع الصراع‪ ،‬حيث يقوم كل طرف بالرد علنياً على‬
‫الطرف اآلخر‪ ،‬ويتم التعبير عن هذا الصراع بطرق مختلفة مثل‪ :‬العدوان‪،‬‬
‫والمشاحنات العلنية‪ ،‬وقد يأخذ الصراع صو اًر أخرى مثل‪ :‬االنسحاب والالمباالة‪،‬‬
‫أو أي وسائل دفاعية أخرى‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ -5‬مرحلة مخرجات الصراع‪:‬‬
‫تعتبر هذه المرحلة محصلة التنافس والنتيجة النهائية بين األطراف المتصارعة‬
‫وتبدأ فيها عملية إدارة الصراع‪ ،‬وتتوقف نتائج إدارة الصراع على أسلوب إدارته‬
‫ومعالجته‪ ،‬فإذا كانت هناك حلول ترضي الطرفين فإنه من المتوقع أن يكون‬
‫هناك تعاون ومودة بين األطراف‪ ،‬ولكن إذا لم يكن هناك حلول فإن المشاعر‬
‫سوف تبقى كامنة وتزداد وسوف تنفجر في أي لحظة‪.‬‬

‫ومن المهم جداً مالحظة وتتبع المراحل األولى في الصراع‪ ،‬ألن حل الصراع حينئذ‬
‫سيكون أكثر سهولة مما سيكون عليه الوضع في المرحلة المتأخرة‪.‬‬

‫ومن ناحية أخرى فإن االفتقار إلى الصراع المكشوف في المنظمة يعني بصورة عامة‬
‫أن هناك صراعاً خفياً‪ ،‬وليس أن الصراع غير موجود‪.‬‬

‫✓ أساليب إدارة الصراع التنظيمي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إدارة الصراع داخل الفرد‬

‫ال يوجد نمط محدد إلدارة الصراع الذاتي‪ ،‬ذلك أن شخصية الفرد وأسلوب تعامله مع‬
‫اآلخرين تتغير باستمرار وهذا يؤثر على أساليب إدارة الصراع الذاتي‪ ،‬ويلجأ الفرد إلى‬
‫استخدام وسائل دفاع سيكولوجية أسماها عالم النفس (فرويد)‬
‫ملاذا يعاني الناس من‬
‫ميكانيزمات الدفاع‪ :‬وهي حيل نفسية استراتيجية‪ ،‬تعمل بشكل‬
‫التوتر؟ ليس لغزًا‪ ،‬اللغز‬
‫غير واع على حماية الفرد من التوتر والقلق الناتج من مشاعر‬
‫احلقيقي هو كيف يستطيع‬
‫وأفكار غير مريحة‪.‬‬
‫الناس احملافظة على‬
‫أي أننا نستخدم ميكانيزمات الدفاع لتفادي مشاعر مثل الذنب أو‬
‫هدوئهم؟ هذا هو اللغز‪.‬‬
‫الحزن أو العبء أو التهديد بقرب وقوع خطر‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫هذه المشاعر عندما تتملك من الفرد بشكل كامل تشل تفكيره‪ ،‬وتجعله عاج اًز عن السيطرة‬
‫على نفسه والتفاعل مع الحياة حوله‪ ،‬وهذا ما ال يسمح به العقل‪ ،‬ويستخدم ميكانيزم أو‬
‫أكثر من ميكانيزمات الدفاع‪ ،‬والتي سنعرض بعضاً منها‪:‬‬

‫اإلنكار (‪:)Denial‬‬

‫شيوعا‪ ،‬وهو رفض الفرد االعتراف بحقيقة أو تقبل‬


‫ً‬ ‫اإلنكار من أكثر ميكانيزمات الدفاع‬
‫حدوث حدث ما أثقل من قدرته على التحمل‪ ،‬يتصرف الفرد ويفكر وكأن شيئاً لم يحدث‪.‬‬

‫نرى هذا في وقع وفاة شخص ما على محبيه‪ ،‬أو كتأثير ناتج من خسارة كبرى‪ ،‬ونرى‬
‫هذا بشدة في تصرفات المدمنين‪ :‬مدمني المواد المختلفة من الكحوليات إلى القهوة‪ ،‬أو‬
‫مدمني تصرفات مثل القمار‪ .‬يتحدث الشخص باستمرار‪ ،‬ويقنع نفسه واآلخرين بأنه ليس‬
‫مدمناً‪ ،‬وبوسعه اإلقالع عن ذلك الفعل في أي وقت إن أراد‪.‬‬

‫القمع (‪:)Repression‬‬

‫ال يذكر لوالديه إال الخير‪ ،‬كيف تعبا في تربيته وتعليمه وتهذيبه‪ ،‬لكنه ال يشعر باالرتياح‬
‫أبداً عند زيارتهما‪ ،‬يجد دوماً عذ اًر ليتفادى اللقاء‪.‬‬

‫ما يحدث في حالة القمع هو نسيان ذكرى أو حقيقة غير محتملة حدثت في الماضي‪،‬‬
‫مثل شخص ناضج ال يذكر اإلساءات النفسية والجسدية التي حدثت له في طفولته‪ ،‬أو‬
‫جندي عائد من حرب دموية ال يذكر من تفاصيلها شيئاً‪.‬‬

‫لكن النسيان ال يعني محو التأثير‪ ،‬فتأثير ما حدث يظهر جليًّا في تصرفات الفرد‪ ،‬مثالً‬
‫في عدم قدرته على الثقة في اآلخرين بسهولة‪ ،‬أو قسوته الواضحة‪ ،‬أو تسامحه المبالغ‬
‫فيه مع األطفال‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫اإلزاحة (‪:)Displacement‬‬

‫اإلزاحة ببساطة إعادة توجيه شعور‪ ،‬سلبي في الغالب‪ ،‬بعيداً عن هدفه األصلي إلى‬
‫ضحية أكثر ضعفاً؛ كمدرس ينهر طالباً فاشالً‪ ،‬فيضرب هذا األخير الحقاً زمالءه‬
‫األصغر سناً‪ ،‬فكل هذه الطاقة المكبوتة من الغضب يجب أن تخرج بشكل أو بآخر‪.‬‬

‫ربما قد تحميك اإلزاحة من أن تخسر وظيفتك ألنك كسرت أنف مديرك‪ ،‬لكنها تؤثر سلباً‬
‫في حياتك االجتماعية‪ ،‬وقد ينتهي بك األمر وقد خسرت كل من تهتم بأمرهم بسبب نوبات‬
‫غضب ضلت طريقها‪.‬‬

‫اإلسقاط (‪:)Projection‬‬

‫يشعر الفرد بالذنب لفعل مشين ارتكبه‪ ،‬أو انعدام الثقة والنقص لعيب يراه في نفسه‪ ،‬لكنه‬
‫ال يعترف بذلك‪ ،‬ال يقول عن نفسه غشاشاً أو خائناً‪ ،‬بل اآلخرون كذلك‪.‬‬

‫هذا هو اإلسقاط‪ ،‬إعادة توجيه النقائص في النفس على اآلخرين‪ ،‬مع إنكار وجود هذه‬
‫النقيصة في النفس‪.‬‬

‫هكذا يرى الزوج الخائن أدلة الخيانة في تصرفات زوجته‪ ،‬ويتهم الالعب الفاشل زمالءه‬
‫بانعدام الموهبة‪ ،‬دون أن يدري أنه بفعله هذا ليس فقط يلفت النظر إلى نقيصته التي‬
‫ينكرها‪ ،‬وانما يبدو أحمقاً بينما يفعل ذلك أيضاً‪.‬‬

‫العقلنة أو التبرير (‪:)Rationalization‬‬

‫وهي الحالة التي ال يقدر فيها العقل على تغيير أي من معتقداته أو أفعاله فيبحث عن‬
‫تبريرات أخالقية للفعل‪.‬‬

‫فالزوجة التي يضربها زوجها يومياً تبرر فعله لنفسها دوماً بأنها ال بد قد فعلت ما يستحق‬
‫العقاب‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫وصديقك يبرر رسوبه باضطهاد المدرس له‪ ،‬وأنت تعلم أنه لم يدرس لالمتحان في‬
‫األساس‪.‬‬

‫المدخن يعرف يقيناً أن التدخين يسبب سرطان الرئة‪ ،‬لكنه ال يغير سلوكه وال اعتقاده‪،‬‬
‫وانما يجد ألف سبب لتدخين السيجارة التالية‪ ،‬هناك دوماً سيجارة تالية‪.‬‬

‫التسامي (‪:)Sublimation‬‬

‫النزعات الداخلية المسببة للتوتر والضغط إلى طاقة إبداعية‬


‫هو ببساطة إعادة توجيه ا‬
‫عملية مقبولة اجتماعياً‪ ،‬مثل شخص لديه نزوع تجاه العنف‪ ،‬فيمارس رياضة قتالية ُيخرج‬
‫فيها طاقته في إطار رياضي آمن مقنن‪ ،‬وآخر يفرغ الغضب الكامن من عمله في صالة‬
‫«الجيم» كل ليلة عبر مجهود بدني حاد‪ ،‬أو شخص يرغب في تحويل حياة اآلخرين إلى‬
‫جحيم‪ ،‬فيعمل في هيئة حكومية‪.‬‬

‫كذلك األمر في الفن بأنواعه‪ ،‬واألعمال التطوعية الخيرية‪ ،‬واختيار المهن والوظائف التي‬
‫تسمح للفرد بإعادة توجيه مشاعره ورغباته ومشكالته النفسية‪ ،‬كلها طرق إيجابية ناضجة‬
‫واعية تسمح للفرد بتجاوز ما يعانيه داخليًّا بشكل ناضج عملي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬إدارة الصراع بين األفراد‬

‫يتفق كتاب اإلدارة على وجود األساليب الشخصية في إدارة الصراع بين األفراد وان كان‬
‫هناك خالف بينهم حول مدى فاعلية كل أسلوب‪..‬‬

‫وقد قام (بليك وموتون) بتحديد خمسة أساليب إلدارة الصراع بين األفراد أوضحاها على‬
‫شكل شبكة إدارية لها يعدان هما‪ :‬االهتمام باألفراد داخل المنظمة‪ ،‬واالهتمام باإلنتاج‪،‬‬
‫وجعال لكل من هذين البعيدين إحداثاً يمتد من (صفر) إلى (‪ )9‬وقد ركز الباحثان على‬
‫النقاط الواقعة في زوايا الشبكة‪ ،‬وكذلك النقطة الواقعة في الوسط‪..‬‬

‫‪122‬‬
‫وبالتالي حددا األساليب الخمسة التالية إلدارة الصراع‪:‬‬

‫‪ -1‬أسلوب التجنب‪:‬‬
‫ويقصد به علمية االنسحاب من إدارة الصراع‪ ،‬فقد يتجنب المدير حضور اجتماع‬
‫معين‪ ،‬رغم أن هذا الموقف يؤدي إلى إحداث نتائج سلبية على تحقيق األهداف؛‬
‫ومع ذلك يمكن اللجوء إليه‪.‬‬
‫مثال ذلك أن يكون هناك آخرون يمكنهم إدارة الصراع أفضل من المدير مثل أحد‬
‫المرؤوسين‪.‬‬
‫‪ -2‬أسلوب المجاملة‪:‬‬
‫وفيه يتصرف المدير كما لو كان يعتقد أن الصراع سيزول بمرور الوقت ويدعو‬
‫أطراف الصراع إلى التعاون محاوالً تقليل التوتر‪ ،‬وهذا األسلوب يشجع األطراف على‬
‫إخفاء مشاعرهم‪ ،‬لذلك فاعليته قليلة في التعامل مع الكثير من المشاكل‪ ،‬ويتم اللجوء‬
‫إليه إذا كان الصراع قائماً على اختالفات شخصية بين أطراف الصراع‪.‬‬
‫‪ -3‬أسلوب الحل الوسط‪:‬‬
‫ويتصف بقدر معتدل من كل من الحزم والتعاون‪ ،‬ويتم اللجوء إليه إذا تساوت قوة‬
‫طرفي الصراع من خالل المفاوضات‪.‬‬
‫‪ -4‬أسلوب المنافسة‪:‬‬
‫يلجأ المدير في استخدامه لهذا األسلوب إلى قوة السلطة والمركز‪ ،‬والحل الذي يتوصل‬
‫إليه يكون في صالح أحد األطراف فقط‪.‬‬
‫عندما يكون الصراع بين الزمالء يلجأ المدير لممارسة السلطة على الطرف اآلخر‪،‬‬
‫واالعتماد على هذا األسلوب يخفف من الدافعية للعمل‪ ،‬ويتم استخدامه إذا كانت‬
‫القضية طارئة واتخاذ تصرف سريع عملية ضرورية‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ -5‬أسلوب التعاون‪:‬‬
‫ويتميز هذا األسلوب باهتمامه ببعدي الحزم والتعاون واللجوء إلى القوة والى العالقات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬حيث يقوم المدير بدراسة أسباب الصراع مع كافة األطراف ذوي العالقة‬
‫وطرح بدائل الحل ومناقشتها مع األطراف حتى يتم عالج األمر‪ ،‬عالجا فعاال مقبوال‬
‫من الجميع‪ ،‬وهذا األسلوب يلزمه الوقت الكافي الذي قد ال يتوفر للمدير أحيانا إال‬
‫انه أفضل األساليب‪ ،‬ويتم اللجوء إليه إذا كان موضوع الصراع قضية أساسية تؤثر‬
‫على أنجاز األهداف التنظيمية‪.‬‬

‫✓ آثــــــار الصراع التنظيمي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬اآلثار السلبية للصراع‬

‫يرى أصحاب المدرسة التقليدية ضرورة تجنب الصراع‪ ،‬بسبب ما يحدث عنه من ردود‬
‫فعل غير سليمة‪ ،‬حيث يخلق استقطاباً في اإلدراك والمشاعر والسلوك داخل المنظمة‪.‬‬

‫من اآلثار السلبية للصراع التنظيمي ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬قد يدفع كل طرف من أطراف الصراع إلى التطرف في تقدير مصلحته على‬
‫حساب المصلحة الكلية للمنظمة‪.‬‬
‫‪ -2‬يحول الطاقة " األفكار" والجهد عن المهمة الحقيقية في المنظمة‪.‬‬
‫‪ -3‬يهدم المعنويات ويهدر الوقت والجهد والمال مما يضعف من مستوى الكفاءة‬
‫والفاعلية‪.‬‬
‫‪ -4‬فقدان الثقة بين اإلدارة والعاملين ولجوء األفراد إلى أعمال انتقام تتمثل في تعطيل‬
‫اآلالت أو إخفاء المعلومات وعدم التعاون‪ ،‬أو القيام بترويج إشاعات كاذبة‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم الشعور بالرضا لدى األشخاص الذين ينشأ بينهم النزاع‪ ،‬ويؤدي ذلك إلى‬
‫انخفاض الروح المعنوية وعدم تحقيق روح الفريق الواحد‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪ -6‬انخفاض اإلنتاجية ويعاني األداء من الجمود‪.‬‬
‫‪ -7‬الشلل في التصرف يرافقه التوتر النفسي الذي يؤدي إلى اإلحباط وعدم التأكد‬
‫وفقدان القدرة على الحزم وضعف في الثقة‪.‬‬
‫‪ -8‬الصراع مرض لصحة المنظمة وهو نوع من عدم وجود مهارات قيادية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬اآلثار اإليجابية للصراع‬

‫إن أصحاب الفكر اإلداري الحديث يعترفون باألثر اإليجابي للصراع التنظيمي عندما‬
‫يقولون إن الصراع ال يمكن تجنبه وهو وليد ظروف وأوضاع في المنظمة ويعتبر عنص اًر‬
‫فعاالً في التغيير‪ ،‬وعليه فالصراع يفيد المنظمة على اعتبار أنه أساس التقدم واإلبداع‬
‫لتشجيعه المبادرة الخالقة وتطويره األفكار الجديدة والتي من شأنها أن تجعل المنظمة‬
‫متطورة ومتكيفة مع المتغيرات من حولها‪.‬‬

‫ومن اآلثار اإليجابية للصراع التنظيمي ما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬الصراع نوع من االتصال‪ ،‬وحل الصراع يفتح طرقاً جديدة ودائمة لالتصال‪.‬‬
‫‪ -2‬يساعد على إشباع الحاجات النفسية لألفراد وخاصة ذوي الميول العدوانية‪.‬‬
‫‪ -3‬قد يؤدي الصراع إلى إزاحة الستار عن حقائق ومعلومات قد تساعد في تشخيص‬
‫بعض المشاكل الفعلية في المنظمة‪.‬‬
‫‪ -4‬يمكن للصراع أن يكون خبره تعليمية جديدة لألفراد العاملين‪.‬‬
‫‪ -5‬يعمل على فتح قضايا للمناقشة بطريقة المواجهة المباشرة‪.‬‬
‫‪ -6‬يعمل على توضيح القضايا مثار الخالف بين األفراد‪.‬‬
‫‪ -7‬يساعد على زيادة اإلنتاجية ويعمل على النمو‪.‬‬
‫‪ -8‬يمكن أن يكون أساسا لعمليات اإلبداع واالبتكار والحفز في المنظمة‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫الفصل احلادي عشر‬

‫قواعد هامة يف علم التغيري‬

‫‪126‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫في هذا الفصل سنتحدث عن التغيير في المنظمات وليس األفراد‪ ،‬التغيير ذلك العلم‬
‫المستقبلي المهم‪ ،‬الجديد‪ ،‬وغير المألوف لكثير من الناس‪.‬‬
‫المنظمة‪ :‬هي أي تجمع هادف‪ ،‬مثل شركة‪ ،‬و ازرة‪ ،‬دولة‪ ،‬حزب‪ ،‬جمعية‪..‬‬
‫سنتحدث عن التغييرات الكبيرة وليس الصغيرة‪ ،‬التغييرات الجذرية‪ ،‬بعيدة المدى‪.‬‬
‫أمثلة على التغييرات الكبيرة‪:‬‬
‫• شركة أرباحها ‪ % 3‬وتريد أن تصل بأرباحها إلى ‪.% 30‬‬
‫• شركة تعمل في مجال معين‪ ،‬وقررت أن تعمل في مجال آخر‪.‬‬
‫• شركة تعمل بطريقة عمل معينة وفي أسواق معينة‪ ،‬وتريد أن تعمل بطريقة أخرى‬
‫وفي أسواق أخرى‪.‬‬
‫مثالً‪ :‬شركة تعمل بأجهزة ‪ ،IBM‬تريد أن تتخلص من هذه األجهزة وتعمل بأجهزة‬
‫ماكنتوش‪... ،‬‬
‫واضح أن هذا التغيير كبير وسيمس األجهزة وتدريب األفراد‪.‬‬
‫سنتحدث في هذا المبحث عن‪:‬‬
‫• ‪ 21‬قاعدة تتعلق بمنهجية التغيير في المنظمات‪.‬‬
‫• هذه القواعد مأخوذة من محاضرات د‪ .‬طارق السويدان والتي استند بدوره على‬
‫كتاب ‪ Change‬وكتاب ‪.Mastering Change‬‬
‫• وألن التغيير علم انساني فسنذكر القواعد التي عليها إجماع بين علماء اإلدارة‪،‬‬
‫والقواعد التي يوجد فيها رأي غالب‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫القاعدة ( ‪) 1‬‬
‫التغيير مطلوب‪ ،‬حتى لو كانت المنظمة ناجحة‪ ،‬وتحقق أهدافها بجدارة‪.‬‬
‫التفسير‪:‬‬
‫بداية يوجد إجماع بين علماء اإلدارة حول هذه القاعدة‪.‬‬
‫هنا نحن نتحدث عن منظمة‪ ،‬عندها خطة‪ ،‬وأهداف‪ ،‬وفعالة‪ ،‬وتحقق أهدافها بجدارة‪.‬‬

‫الخطط تُوضع في ظل ظروف معينة‪ ،‬ومنافسة معينة‪ ،‬وقدرات معينة عند الشركة‪.‬‬

‫الحياة غير ثابتة‪ ،‬وكل ما ذكرناه أعاله يتغير‪ ،‬وبالتالي هناك تغيير خارج المنظمة يؤثر‬
‫عليها‪ ..‬إذن مبدأ التغيير مفتوح‪ ،‬حتى ولو كنا نحقق أهدافنا بجدارة‪.‬‬

‫القاعدة ( ‪) 2‬‬
‫ال يجب انتظار إحدى العالمات الدالة على ضرورة التغيير مثل عدم الرضا الداخلي‬
‫أو تراجع النتائج أو تقدم المنافسين‪ ،‬قبل البدء بعملية التغيير‬
‫التفسير‪:‬‬
‫هناك ظن شائع خطأ وهو أن التغيير هو حل للمشاكل ‪...‬‬

‫التغيير له هدفان رئيسيان‪:‬‬

‫• عالج مشاكل مثل‪( :‬عدم الرضا الداخلي‪ ،‬تقدم المنافسين‪ ،‬تراجع النتائج‪)..‬‬
‫• تنمية النتائج‪ ،‬وتحسين الوضع (نقاط قوة نريد أن ننميها‪ ،‬وليس فقط أن نعالج‬
‫نقاط ضعف)‬

‫‪128‬‬
‫القاعدة ( ‪) 3‬‬
‫التغيير المفاجئ أفضل من التغيير الذي يمر بمراحل ويأخذ وقتاً‬
‫التفسير‪:‬‬
‫بداية يوجد إجماع بين علماء اإلدارة حول هذه القاعدة‪.‬‬
‫هنا يجب أن نميز بين التغيير في المنظمات والتغيير في األفراد‪.‬‬

‫التغيير المفاجئ هنا يمكن أن يستمر من ‪ 3‬إلى ‪ 4‬شهور‪ ،‬والتغيير المرحلي من ‪ 3‬إلى‬
‫‪ 4‬سنوات‪.‬‬

‫في دراسة على شركات أوروبية خططت للتغيير‪ ،‬ووضعته في خططها االستراتيجية‪،‬‬
‫وعملت خططاً تشغيلية‪ ،‬واستعانت بمستشارين في علم التغيير‪..‬‬

‫ثلث تلك الشركات فقط نجح في خططه التغييرية‪ ،‬وفشل الثلثان‪.‬‬

‫وهذا لمن خطط‪ ،‬وخطط بعمق‪.‬‬

‫النتيجة كانت مفاجئة‪ ،‬حيث أن تلك التغييرات تكلف ماالً كثي اًر‪.‬‬

‫وعن دراسة سبب فشل خطط التغيير‪ ،‬وجدوا أن السبب رقم ‪ 1‬هو ما ُيسمى (المقاومة)‪،‬‬
‫وخاصة من بعض القياديين من داخل المنظمة‪ ،‬وكذلك أعضاء المنظمة الذين تربوا‬
‫بطريقة معينة‪ ،‬وتدربوا بطريقة معينة‪ ،‬حيث يشعرون بالبلبلة‪ ،‬وآخرون يقاومون التغيير‬
‫لمصالح شخصية‪ ،‬وأسباب أخرى كثيرة تدفع لمقاومة التغيير‪.‬‬

‫التغيير المرحلي المتدرج يعطي فرصة للمقاومة أن تنظم صفوفها‪ ،‬وأن تضغط باتجاه‬
‫معاكس‪ ،‬وأن تهاجم بطرق مختلفة‪.‬‬

‫التغيير المفاجئ أفضل ليس لسبب ذاتي فيه‪ ،‬وانما ألنه يقضي على المقاومة‪.‬‬

‫علماء التغيير دائماً يضعون دائماً هم المقاومة ُنصب أعينهم بخالف علماء التخطيط‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫التخطيط‪ :‬أين نحن اآلن‪ ،‬إلى أين نريد أن نصل‪ ،‬كيف نصل إلى ما نريد؟‬

‫واقع ‪ +‬رؤية ‪ +‬مسار‬

‫التغيير‪ :‬واقع ‪ +‬رؤية ‪ +‬مسار ‪ +‬مقاومة ‪ +‬مقاومة المقاومة‬

‫القاعدة ( ‪) 4‬‬

‫حتى أكفأ المدراء يقوم بأخطاء قاتلة ُتدمر العمل أحياناً‬


‫التفسير‪:‬‬
‫وهذا يدفعنا للحديث عن الشورى‪ ،‬والتي يجب أن تكون ُملزمة للقائد وليست ُمعلمة له‪.‬‬

‫الرسول صلى هللا عليه وسلم شاور‪ ،‬والتزم برأي الشورى؛ فمن نحن؟!‬

‫هناك أنظمة دعم كثيرة للقرار وللمديرين‪ ،‬ال يجوز أن تُوضع توصياتها التي قامت على‬
‫الملهم‪ .... ،‬بالرأي والقرار‪.‬‬
‫أسس موضوعية على الرف‪ ،‬ويتحكم القائد األوحد‪ُ ،‬‬

‫القاعدة ( ‪) 5‬‬
‫من الخطأ القول‪ } :‬إن الرؤية البعيدة للمنظمة (‪ 5‬إلى ‪ 20‬سنة) يجب أن تبقى‬
‫ثابتة وال ُتمس وأن التغيير ُيمارس في كيفية الوصول إليها {‬
‫التفسير‪:‬‬
‫بداية يوجد إجماع اآلن بين علماء اإلدارة حول هذه القاعدة‪ ،‬وسابقاً لم يكن‪.‬‬
‫أو‬ ‫الموظفين‬ ‫عدد‬ ‫الرؤية‬ ‫المنظمات‬
‫رأس المال العامل بالمليون‬
‫أقل من ‪100‬‬ ‫‪ 5‬سنوات‬ ‫الصغيرة‬
‫من ‪ 100‬إلى ‪500‬‬ ‫‪ 10‬سنوات‬ ‫المتوسطة‬
‫أكثر من ‪500‬‬ ‫‪ 20 – 15‬سنة‬ ‫الكبيرة‬

‫‪130‬‬
‫عند وضع الرؤية‪ ،‬هناك استثناءان رئيسان لما ُذكر أعاله‪:‬‬

‫• الشركات العاملة في التقنيات المتقدمة‪ ،‬رؤيتها ليست أكثر من ‪ 5‬سنوات‪.‬‬


‫• الشركات التي تعمل في البورصة‪ ،‬هذه الشركات ال تقاس بعدد العمال‪ ،‬وانما‬
‫برأس المال الذي تديره‪ Assets Under Management ،‬فهناك شركات‬
‫رأسمالها ‪ 10‬ماليين‪ ،‬وتدير ‪ 10‬مليار‪.‬‬

‫نفرض أن شركة عندها رؤية لمدة ‪ 20‬سنة فبإمكانها كل ‪ 5‬سنوات أن تعيد النظر في‬
‫الرؤية وتعدلها إن أمكن‪ ،‬على أن تكون الرؤية الجديدة ل ‪ 20‬سنة جديدة قادمة‪.‬‬

‫القاعدة ( ‪) 6‬‬
‫صحيح أن كثرة التغييرات تؤدي إلى البلبلة وعدم االستقرار وبالتالي إلى ضعف األداء‬
‫ولكن من الخطأ أن يؤدي بنا ذلك إلى عدم ممارسة التغيير َّإال كل ‪ 5-3‬سنوات َّ‬
‫مرة‬
‫التفسير‪:‬‬
‫ما ال يعرفه الناس أن البلبلة والذبذبة ال تستمر أكثر من شهرين إلى ‪ 3‬شهور فقط‪،‬‬
‫وبالتالي ُيمكن التحمل إذا كانت النتيجة تغيير كبير‪ ،‬مثل‪( :‬استغالل فرصة كبيرة‪،‬‬
‫مواجهة منافس كبير‪ )..‬وبالتالي ال يجوز الخوف من التغييرات الكبير لهذا السبب‪،‬‬

‫البلبلة أثرها محدود ال يوازي الفائدة ُ‬


‫المرجاة من التغيير‪.‬‬

‫ولكن هل يؤدي تغيير الرؤية إلى عدم الثقة فيها؟‬

‫هذا ظن خاطئ‪ ،‬حيث أثبتت التجارب زيادة كبيرة في الثقة‪ ،‬وقناعة الناس أن هذه الشركة‬
‫طموحة‪ ،‬ودائماً تبحث عن آفاق جديدة‪ ،‬وتواجه التغييرات بسرعة‪ ،‬وبالتالي مزيد من الفخر‬
‫بالشركة‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫القاعدة ( ‪) 7‬‬
‫ال يجب أن يكون التغيير األول الذي تمارسه القيادات الجديدة في معظم المنظمات‬
‫هو تغيير الهياكل واألشخاص والصالحيات‬
‫التفسير‪:‬‬
‫بداية يوجد إجماع بين علماء اإلدارة حول هذه القاعدة‪.‬‬
‫افترض أنك ُعينت وزي اًر‪ ،‬ما هو أول تغيير ستركز عليه؟‬

‫الخطط‪ ،‬التقنية‪ ،‬الجودة‪ ،‬ونظم اإلدارة‪ ،‬أو ستغير الوكالء‪ ،‬والوكالء المساعدين‪...،‬‬
‫حول بعضهم إلى مستشارين (أسماء بدون صالحيات)‪ ،‬أو‬ ‫غير هذا وتُ ِّ‬
‫همش هذا‪ ..‬تُ ِّ‬ ‫تُ ِّ‬
‫كما ُيقال في الغرب (‪)They kicked him up‬‬
‫تغيير الهياكل واألشخاص والصالحيات سيستفز المقاومة‪ِّ ،‬‬
‫أعط رسائل مطمئنة‪ ،‬واستفد‬
‫من األشخاص الذين كانوا مكبوتين عند اإلدارة السابقة ألسباب ال تتعلق بكفاءتهم‪.‬‬

‫نصائح‪:‬‬

‫• ال تستعجل تغيير األشخاص‪.‬‬


‫• ال تغير تغيير جماعي‪ ،‬ال تغير ‪ 5‬أو ‪ 6‬مع بعض‪ ،‬األفضل رأس رأس‪.‬‬

‫القاعدة ( ‪) 8‬‬
‫الموظفون واألعضاء يرون التغيير من خالل أقوال وتصرفات القيادات‬
‫وليس الخطط والق اررات والتعليمات‪ ،‬وهذا أمر ال يمكن تغييره‬
‫التفسير‪:‬‬
‫هل يمكن تربية األعضاء على أن يقيسوا األمور بالخطط والق اررات والتعليمات‪ ،‬وليس‬
‫من خالل أقوال وتصرفات القيادات؟ ‪....‬‬

‫الواقع يقول إن هذا أمر ال يمكن تغييره‪ ،‬فالناس تهتم بأعمال القادة وماذا يقولون في‬
‫جلساتهم الخاصة‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫وموقف األنصار من توزيع غنائم حنين خير دليل على ذلك واألنصار هم األنصار‪.‬‬

‫وبالتالي ال يجوز أن تركن إلى ثقتهم بك والى ثقتك بهم‪ ،‬والى رؤيتهم للتعليمات‪ ،‬ثم‬
‫تتصرف تصرفات مخالفة‪.‬‬

‫فعل رجل في ألف رجل‪ ،‬أبل ُغ من كالم ألف رجل لرجل)‬


‫وقديماً قيل‪ُ (:‬‬

‫القاعدة ( ‪) 9‬‬
‫معظم العاملين ينظرون إلى الفوائد الشخصية التي ستعود عليهم من وراء عملية‬
‫التغيير‪ ،‬ويقدمونها على المصلحة العامة‪ ،‬وهذا أمر ال يمكن تغييره‬
‫التفسير‪:‬‬
‫في الغرب يقولون ? ‪ What's in it for me‬ماذا سيعود علي؟‬

‫معظم البشر يبحث عن مصلحته الشخصية‪ ،‬والسؤال الهام هنا‪ :‬هل يمكن تغيير هذا؟‬

‫هل من الممكن تربية هؤالء الناس في المنظمة بحيث يقدم معظمهم المصلحة العامة‬
‫على الخاصة؟‬

‫من يقول بهذا واااااااااهم‪.‬‬

‫القاعدة ( ‪) 10‬‬
‫التغيير يتضمن المخاطرة بالواقع الحالي بإيجابياته وسلبياته على أمل الحصول على‬
‫نتائج أفضل في المستقبل ولذلك ال مانع من التغيير رغم المخاطرة باإليجابيات الكبيرة‬
‫التفسير‪:‬‬
‫مثالً شركة تحقق ارباحاً تقدر بـ ‪ % 50‬وهذا شيء ممتاز‪..‬‬

‫إذا غيرت يمكن أن تربح أكثر‪ ،‬ويمكن أن تخسر‪ ،‬ويمكن أن تظل كما هي‪..‬‬

‫هل يصح التغيير‪ ،‬مع المخاطرة باإليجابيات الكثيرة التي تحققها؟‬

‫الفرص الكبيرة ال تأتي إال مع المخاطرات الكبيرة‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫القاعدة ( ‪) 11‬‬
‫تغيير الهياكل وفرق العمل وتحسين الجودة واعادة ترتيب عمليات اإلدارة واإلنتاج‪..‬‬
‫ال تؤدي إلى التغيير الجذري بل إلى تغييرات محدودة فقط‬
‫التفسير‪:‬‬
‫بداية يوجد إجماع بين علماء اإلدارة حول هذه القاعدة‪.‬‬
‫تغيير الهياكل التنظيمية‪ ،‬وفرق العمل‪ ،‬وتحسين الجودة‪ ،‬واعادة ترتيب عمليات اإلدارة‬
‫(الهندرة) أو الهندسة اإلدارية ‪ ،Reengineering‬واعادة ترتيب عمليات اإلنتاج‪،‬‬
‫‪...‬‬ ‫الخدمات‪،‬‬ ‫وتحسين‬ ‫التسويق‬ ‫وتحسين‬ ‫المصاريف‪،‬‬ ‫وتخفيض‬
‫كل ما سبق يؤدي إلى تغيير محدود ‪ Short Term‬وليس إلى تغيير جذري بعيد‬
‫المدى‪ ،‬وهذا على عكس ما يتصور معظم المدراء ومعظم القادة‪.‬‬

‫القاعدة ( ‪) 12‬‬

‫أهم من تحسين الواقع أن ُتبدع؛ أي أن تأتي بجديد مما لم تقم به من قبل‬


‫التفسير‪:‬‬
‫عندك شركة‪ ،‬وأنت غير ر ٍ‬
‫اض عن أدائها‪ ..... ،‬ما المطلوب؟‬

‫إبداع‪ :‬أي عمل أشياء جديدة‪ ،‬منتجات جديدة‪ ،‬أسواق جديدة ‪...‬‬

‫أو التركيز على تدريب العاملين‪ ،‬تحسين الخدمة‪ ،‬تحسين الجودة‪ ،‬وتحسين التسويق؟‬

‫الذي يريد تغيير بعيد المدى يجب أن يركز على اإلبداع‪.‬‬

‫والذي يريد تغيير قصير المدى يجب أن يركز على الواقع‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫القاعدة ( ‪) 13‬‬
‫تغيير الشخص األول إلى شخص ذي فلسفة إدارية مختلفة سيؤدي حتماً إلى التغيير‬
‫اإليجابي أو السلبي وبالتالي فهو أسهل طريقة إلحداث التغيير‬
‫التفسير‪:‬‬
‫عندك شركة عليها مدير يديرها بفلسفة معينة‪....،‬‬

‫لو غيرنا هذا المدير بمدير آخر له نفس فلسفة اإلدارة‪ ..‬أكيد لن يتغير شيء‪.‬‬

‫ولكن لو أتينا بآخر يختلف عنه في فلسفة اإلدارة‪ ،‬حتماً سيحدث تغيير ‪...‬‬

‫قد يكون إلى األحسن أو األسوأ‪.‬‬

‫السؤال‪ :‬هل هذا التغيير هو أسهل طريق إلحداث تغيير كبير؟‬

‫اإلجابة‪ :‬نعم ‪ ...‬تغيير الشخص األول‬

‫القاعدة ( ‪) 14‬‬
‫من أكبر المشاكل أن القياديين الكبار يريدون تغيير اآلخرين ويفكرون في تغيير كل‬
‫شيء َّإال أنفسهم وال يمكن إحداث التغيير َّإال إذا تغيروا هم‬
‫التفسير‪:‬‬
‫تغيير الكبار نوعان‪:‬‬

‫‪ -1‬استبدالهم بناس آخرين‬


‫‪ -2‬تغيير عقلياتهم‬

‫ال يمكن إحداث تغيير إال إذا تغير الكبار‪.‬‬

‫لو كانت األوضاع في حزب أو شركة أو بلد متعثرة ‪ ....‬ما المطلوب عمله؟‬

‫يجب تغيير الذي فوق‬

‫‪135‬‬
‫القاعدة ( ‪) 15‬‬
‫من طبيعة التغيير انه غير مريح ويسبب ألماً وال يوجد تغيير من غير ألم‬
‫التفسير‪:‬‬
‫الناس معتادة على طرق معينة‪ ...‬ستنتقل إلى غيرها‪.‬‬

‫بعض المدراء الذين عالقاتنا معهم جيدة ولكن سيطالهم التغيير‪ ،‬بالضرورة ستتغير‬
‫عالقاتهم معنا وسنتألم لذلك‪ ...‬ال يوجد تغيير من غير ألم‪.‬‬

‫هناك قانون في الغرب يقول‪ Change is not for the faint hearted :‬التغيير‬
‫ليس لضعاف القلوب‪.‬‬

‫يجب أن نتوقع خسارة عالقات ومزيد من األلم‪.‬‬

‫القاعدة ( ‪) 16‬‬
‫تغيير العقليات هو العائق األكبر أمام التغيير‬
‫التفسير‪:‬‬
‫لذلك يجب أن يكون التركيز األكبر على تغيير العقليات‪ ...‬وهذا هو التحدي األكبر‬
‫أمام التدريب؛ فهو في العالم العربي يركز على إعطاء معلومات‪ ،‬تنمية مهارات‪ ،‬وناد اًر‬
‫ما يتم التركيز على تغيير العقليات‪ .....‬واإلبداع لن يكون بعقليات تقليدية‪.‬‬

‫يقول أينشتاين‪(:‬السذاجة أن نعمل نفس األمور بنفس الطريقة‪ ،‬ثم نتوقع نتائج مختلفة)‬

‫ويقول أيضاً‪( :‬لن نستطيع أن نحل المشاكل المزمنة بنفس العقلية التي أوجدتها)‬

‫من األمثلة وجود قيادات تدير أعمال في منظمة وتحقق نتائج سيئة ‪ ...‬نريد نتائج‬
‫أفضل‪ ..‬نسلمهم العمل مرة أخرى‪!.‬‬

‫ال يمكن أن يحدث هذا ًإال بتغيير العقليات التي تدير‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫القاعدة ( ‪) 17‬‬
‫من االحتماالت الكبيرة لفشل المنظمات‪ ،‬التمسك بالرؤية التي وضعها المؤسسون‬
‫وعدم إعادة النظر فيها وانتقادها‬
‫التفسير‪:‬‬
‫نسبة الشركات العائلية تشكل ‪ % 92‬من مجمل الشركات في العالم‪ ..‬وبالنسبة لدول‬
‫الخليج تبلغ ‪.% 98‬‬

‫يبدأها فرد ‪ ..‬تكبر ‪ ..‬تتوسع ‪ ..‬هذا األب يكبر في السن ‪ ،‬أو يموت ‪...‬‬

‫ثم يتسلمها الجيل الثاني‪ ،‬ويأتي سؤال هنا‪ :‬ماذا يحدث إذا تمسكوا بنفس رؤية والدهم؟‬

‫‪ % 68‬من الشركات العائلية تنهار في الجيل الثاني (الذي يتولى القيادة بعد المؤسس)‬

‫وفي الجيل الثالث ال يبقى إال ‪ % 4‬فقط‪.‬‬

‫وهذا يحدث لألسباب التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬السبب األول هو تمسكهم بنفس رؤية الوالد‪.‬‬


‫‪ -2‬لم يرثوا عالقات المؤسس‪.‬‬
‫‪ -3‬تدخل النساء‪ :‬فكثير من المؤسسين ال يدرب البنات‪ ،‬وانما يدرب األوالد‪.‬‬
‫وأثناء حياة األب ال يكون ألحد كلمة‪ ،‬فإذا مات أصبحوا يملكون‪ ،‬ويملكن‪،‬‬
‫وبالتالي يردن التدخل في أمالكهن ويمارسن حق اتخاذ القرار‪ ،‬وربما يكون هذا‬
‫بضغط من الزوج ‪....‬‬
‫تتدخل بطريقة ال تحسنها‪ ..‬وهذا يؤدي إلى الفشل‬
‫والحل هنا بتدريبها ‪ ...‬والمؤسس موجود‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫القاعدة ( ‪) 18‬‬
‫معظم الفشل سببه القيادات‪ ،‬وكذلك معظم االنقسامات والمشاكل الكبرى‬

‫التفسير‪:‬‬
‫ال يوجد جندي فاشل‪ ،‬ولكن يوجد قائد فاشل‪.‬‬
‫معظم الفشل سببه الكبار وليس العناصر‪.‬‬

‫القاعدة ( ‪) 19‬‬
‫الفعال الوحيد هو الذي يركز على تغيير البشر‬
‫التغيير َّ‬
‫وأما غيره فسيكون تغيي اًر قصير المدى‬

‫القاعدة ( ‪) 20‬‬
‫المجموعة غير المتجانسة (في العمر والعلم والخبرة والخلفية‪ )..‬أقدر على طرح‬
‫مشروع تغييري َّ‬
‫فعال من المجموعة المتجانسة‬

‫التفسير‪:‬‬
‫مثال على مجموعة متجانسة‪ :‬مجلس إدارة في شركة سعودية‪ 15 ،‬عضواً‪ ،‬كلهم رجال‪،‬‬
‫كلهم أعمارهم بين ‪ 45-35‬سنة‪ ،‬متخرجون من جامعات سعودية‪ ،‬كلهم تخصص إدارة‪،‬‬
‫كلهم متزوجون من سعوديات‪.‬‬

‫مثال على مجموعة غير متجانسة‪ :‬مجلس إدارة في شركة سعودية‪ 15 ،‬عضواً‪ ،‬فيهم‬
‫رجال وفيهم نساء‪ ،‬فيهم شباب ‪ 25‬سنة‪ ،‬وفيهم شياب ‪ 65‬سنة‪ ،‬هنود وعرب وأمريكان‬
‫وسعوديون‪ ،‬متدينون وغير متدينين‪ ،‬وفيهم غير مسلمين‪ ،‬وتخصصاتهم مختلفة‪.‬‬

‫قانون‪ :‬المجموعة غير المتجانسة أقدر على التخطيط والتغيير‪ ،‬أما المجموعة المتجانسة‬
‫فهي أقدر على التنفيذ‪.‬‬

‫إدارة الشركة يجب أن تكون متجانسة‪ ،‬أما مجلس اإلدارة فيكون غير متجانس‪.‬‬

‫الحكومة يجب أن تكون متجانسة‪ ،‬أما مجلس النواب فيكون غير متجانس‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫} نريد االعتراضات وقت التفكير والتخطيط وليس وقت التنفيذ {‬
‫المجموعة المتجانسة ال تطرح إبداعاً‬

‫من أجل ذلك نضع مع مجموعات العمل التي تُخطط معارضاً مشاكساً‪ ،‬وهو ما ُيطلق‬
‫عليه محامي الشيطان )‪ (Devil advocate‬حتى ُيخرج إبداعات الموجودين‪.‬‬

‫مفهوم محامي الشيطان ال يزال يستخدم في التسويق بحيث يتم جمع كل األعضاء ويتعين‬
‫على واحد منهم بأن يقوم بمعارضة أي فكرة يتم طرحها حتى يحث بقية األعضاء على‬
‫الخروج بأفكار أكثر عمقا وفاعلية‪.‬‬

‫القاعدة ( ‪) 21‬‬
‫الكبار في السن عائق أمام التغيير في الغالب‬
‫التفسير‪:‬‬
‫‪ % 2‬فقط من كبار السن يظلون مرنين ومبدعين‪ % 98 ،‬عائق أمام اإلبداع‪..‬‬

‫ال يقف حيادي وانما يحارب اإلبداع‪.‬‬

‫نظرة بيل غيتس في اإلدارة‪:‬‬

‫أي عضو مجلس إدارة يكرر افكاره ُيفصل‪ ،‬ويستبدله بشاب ‪ 21-20‬سنة‪.‬‬

‫القياس هنا ليس بالعمر‪ ،‬وانما تنتهي الصالحية بانتهاء األفكار‪.‬‬

‫شركة ميكروسوفت‪ :‬ميزانيتها تساوي ميزانية ‪ 5‬دول من دول النمور اآلسيوية‬

‫ويديرها شباب‬ ‫‪ 350‬ألف موظف‬

‫‪139‬‬
‫حاول أحد الصحفيين أن يجري ً‬
‫لقاء مع مجلس إدارة ميكروسوفت‪ ،‬ولكنه فشل‪ ،‬وعندما أكثر‬
‫المحاوالت نصحته احدى السكرتيرات أن يأتي في يوم محدد وساعة محددة وينتظر في الممر‬
‫الموصل إلى قاعة االجتماعات‪ ،‬ويحاول أن يأخذ منهم حوارات وهم في طريقهم إلى القاعة‪....‬‬

‫جاء في الوقت المحدد وانتظر‪ ..‬واذ بشاب يتراوح عمره من ‪ 21-20‬سنة‪ ..‬دخل الممر ومعه‬
‫كرة سلة‪ ،‬وبدأ يلعب‪ ،‬وبعد قليل أتى شاب آخر فطفق يلعب معه‪ ،‬ثم شاب ثالث‪ ..‬وهكذا ‪...‬‬

‫ثم أتى (بيل غيتس) فجعل يلعب معهم‪.‬‬

‫أتت السكرتيرة فنظرت وسألته ماذا تفعل؟ لماذا لم تعمل معهم لقاءات؟!‬

‫فقال لها‪ :‬ولكن ال يوجد إال بيل غيتس!‬

‫فقالت‪ :‬وهذا الذي معه هو مجلس إدارته‪..‬‬

‫التغيير قصير المدى‬


‫توجد شركة قابضة ‪ Holding Company‬تملك مجموعة من الشركات من ضمنها‬
‫شركة تصنيع دواء ‪...‬‬
‫نتائج أرباح هذه الشركة بدأت تتراجع من ‪ % 30‬إلى ‪ % 18‬إلى ‪.... % 12‬‬

‫شعروا بالخطر‪ ،‬فقاموا بفصل المدير العام للمصنع وعينوك مكانه ‪...‬‬

‫أنت اآلن المدير الجديد لهذه الشركة‪ ،‬وعندك صالحيات كاملة بالتصرف‪.‬‬

‫مع مالحظة أن ميزانيتك كما هي‪ ،‬واألفراد كما هم‪ ،‬لكن من حقك أن ِّ‬
‫تغير‬

‫يجب أن تالحظ أن التغيير المطلوب هنا قصير المدى‪.‬‬

‫ويجب أن تعرف أن وجودك في منصبك كمدير مرتبط بتحسين النتائج بسرعة؛ وبالتالي‬
‫ال يصح أن نطبق معادالت التغيير طويل المدى على نتائج قصيرة‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫ما الذي ستركز عليه؟‬

‫(‪)1‬‬

‫صناعة أدوية جديدة أم تحسين األدوية الحالية؟‬


‫سنركز هنا على تحسين األدوية الحالية‪ ،‬ألن صناعة أدوية جديدة يحتاج إلى وقت‬
‫طويل‪ ..‬موافقة إدارة األدوية واألغذية األمريكية ‪FDA‬على الدواء تحتاج إلى ‪ 10‬سنوات‬
‫‪FDA= Food and Drug Administration‬‬ ‫على األقل‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫التركيز على إعادة الهيكلية اإلدارية أم التركيز على الجودة؟‬

‫سنركز هنا على إعادة الهيكلية اإلدارية‪ ،‬ألن الجودة تحتاج إلى وقت‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫التركيز على األدوية الغالية قليلة االنتشار وكبيرة الربح أم األدوية الرخيصة واسعة‬
‫االنتشار قليلة الربح؟‬

‫سنركز على األدوية الغالية‪ ،‬قليلة المنافسة كثيرة األرباح‪ ،‬ألن األدوية الرخيصة‪ ،‬التنافس‬
‫فيها شرس‪ ،‬وحساسة للسعر‪.‬‬

‫(‪)4‬‬
‫تطوير التقنية أم تطوير الخدمة؟‬

‫تطوير الخدمة هو التطوير السريع‪ ،‬أما تطوير التقنية فيأخذ وقتاً طويالً‬

‫(‪)5‬‬
‫فتح أسواق جديدة أم التوسع في األسواق الحالية؟‬

‫األسواق الحالية كثيرة المنافسة‪ ،‬مطلوب الذهاب إلى أسواق بكر‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫(‪)6‬‬
‫ضبط المصاريف أم زيادة الصرف على مزيد من الخدمات؟‬

‫ضبط المصاريف ال يأتي بأرباح‪ ،‬الذي يأتي باألرباح زيادة اإليرادات‪.‬‬

‫وبالتالي الصرف على مزيد من الخدمات سيأتي بالمزيد من اإليرادات‪.‬‬

‫قانون‪ }} :‬إذا زاد ضبط المصاريف (شد األحزمة وترشيد اإلنفاق) ‪ ،‬عن ‪ % 10‬ستتأثر‬
‫الجودة‪ ،‬أو ستتأثر الخدمة‪ ،‬أو التسويق‪ ،‬أو ستتأثر الروح المعنوية {{‪.‬‬

‫مسموح حتى ‪ % 10‬ألنه يمكن أن يكون هناك ترهل‪ ،‬ولكن بعد أل ‪ % 10‬ستتأثر احدى‬
‫هذه األمور‪ ،‬وبالتالي ستؤثر على اإليرادات‪.‬‬

‫ولو زدنا الصرف على الخدمة سيؤدي هذا إلى رضا الزبائن وبالتالي زيادة األرباح‪.‬‬

‫ضبط المصاريف ال ينفع‪ ،‬ال على المدى البعيد‪ ،‬وال على المدى القصير‬

‫(‪)7‬‬
‫تغيير القيادات العليا أم التخلص من العمالة الزائدة؟‬

‫سنركز هنا على تغيير القيادات العليا‪.‬‬

‫(‪)8‬‬
‫إعادة النظر في الخطة االستراتيجية‪ ،‬أم التركيز على التشغيلية؟‬

‫سنركز هنا على الخطة التشغيلية‪.‬‬

‫(‪)9‬‬
‫االعتماد على مستشارين خارجيين للتطوير أم القياديين الحاليين؟‬

‫طبعاً سنعتمد على القياديين الحاليين‪ ،‬ألنهم األعرف بالمنظمة‪ ،‬وهنا قد يط أر سؤال‪ :‬إذا‬
‫اعتمدنا عليهم؛ فلماذا فشلت الشركة سابقاً؟ والجواب ربما كانوا مكبوتين سابقاً‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫(‪)10‬‬
‫ترقية األشخاص من الموظفين الحاليين للمناصب العليا التي شغرت أم استقطاب‬
‫أشخاص متميزين من شركات منافسة؟‬

‫يمكن أن نأتي بأناس من الخارج‬

‫فقط في حالة واحدة ‪ ...‬عندما تكون الشركة خسرانة‪.‬‬

‫قصة المستشار والراعي‪:‬‬

‫يحكى ان راعي أغنام فوجئ بسيارة ‪ BMW‬جديدة تقف قريبا من قطيعه ويخرج منها شاب حسن الهندام‪،‬‬
‫يقول له‪ :‬إذا قلت لك كم عدد البهائم التي ترعاها هل تعطيني واحدا منها؟‬

‫أجاب الراعي بنعم‪ ،‬فأخرج الشاب كمبيوترا صغيرا وأوصله بهاتفه النقال ودخل اإلنترنت‪ ،‬وانتقل إلى‬
‫موقع وكالة الفضاء األمريكية‪ ،‬حيث حصل على خدمة تحديد المواقع عبر األقمار الصناعية وخالل‬
‫دقائق كان قد حصل على تقرير من ‪ 150‬صفحة ثم التفت نحو الراعي وقال له‪ :‬لديك ‪ 1647‬رأسا من‬
‫صحيحا‪ .‬فقال له الراعي تفضل باختيار الخروف الذي يعجبك‪.‬‬
‫ً‬ ‫البهائم‪ ،‬وكان ذلك‬

‫فنزل الشاب من سيارته وحام بين القطيع ثم حشر الحيوان الذي وقع عليه اختياره في الصندوق الخلفي‬
‫للسيارة‪ .‬عندئذ قال له الراعي‪ :‬لو استطعت أن أعرف طبيعة ونوع عملك هل تعيد إلي خروفي؟ وافق‬
‫الشاب فقال له الراعي‪ :‬أنت مستشار فدهش الشاب وقال‪ :‬هذا صحيح ولكن كيف عرفت ذلك؟ فقال له‬
‫الراعي‪ :‬بسيطة‪ ،‬فقد أتيت إلى هنا دون أن يطلب منك أحد ذلك‪ ،‬ثم سعيت لنيل مكافأة بإجابتك على‬
‫وكنت أعرف إجابته سلفا بينما لم تكن أنت تعرف اإلجابة بل وال تعرف شيئا‬
‫سؤال لم أطرحه عليك‪ ،‬بل ُ‬
‫على كل حال أرجو أن تخرج كلبي من شنطة سيارتك!!‬ ‫عن عملي‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫الفصل الثاني عشر‬

‫القوة والنفوذ‬

‫(األلعاب اخلبيثة داخل املنظمات)‬

‫‪144‬‬
‫مقدمة‪:‬‬

‫قليل من تحدث عن النفوذ‪ ،‬كما أنه تقريباً ال يدرس في الجامعات‪ ،‬إذ إن االعتقاد العام‬
‫أن النفوذ أمر سلبي‪ ،‬مرتبط بالواسطة والمحسوبية‪ ،‬وأنه شيء غير ملموس‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬كيف ُيدرس؟ فالمفترض أال ندرس شيئاً سلبياً‪ ،‬وأن ندرس شيئاً واضحاً‪.‬‬

‫وغير أخالقي أيضاً!!!‬

‫لكن مع األيام‪ ،‬اكتشف علماء اإلدارة أن الحياة ال تسير من غير نفوذ؛ وبالتالي اضطروا‬
‫أن يدرسوه‪.‬‬

‫من العناوين التي تم الحديث فيها‪ " :‬القوة ‪ " Power‬و " النفوذ ‪" Influence‬‬

‫ومنها‪ :‬األلعاب السياسية داخل المنظمات ‪Political Games In Organizations‬‬

‫و " األلعاب الخبيثة داخل المنظمات " و " السياسات الداخلية ‪" Internal Politics‬‬

‫ما هو النفوذ؟‬

‫" هو القدرة على إحداث تغيير ممنوع "‬

‫كل منصب له سلطة‪( :‬الحق المعطى للمسئول أن يتصرف ويطاع)‪،‬‬

‫وله مسئولية‪( :‬االلتزام بتحقيق األهداف)‪ ،‬وكل سلطة يقابلها مسئولية‪ ،‬والعكس‪.‬‬

‫والسؤال‪ :‬أين يقع النفوذ من هذه المعادلة؟!‬

‫قانون عام‪ :‬النفوذ ال يتعلق بالمنصب‪ ،‬وانما بالشخص‬

‫‪145‬‬
‫النفوذ ليس له عالقة بالهيكل التنظيمي‪ ،‬وال بالسلطات‪ ،‬وال باللوائح‪...‬‬

‫القدرة على إحداث تغيير ممنوع ‪ ...‬هو تجاوز لكل اللوائح ‪ ...‬وبدون عقاب!!!‬

‫من أين يأتي النفوذ؟‬

‫‪ -1‬بالوراثة ‪( ...‬ابن الباشا باشا)‬

‫‪ -2‬بالعلم ‪ ...‬أحياناً‬
‫‪ -3‬بالمال ‪ Money Talks ...‬المال يتكلم‬
‫‪ -4‬والذي ال يمتلك الثالثة أعاله؛ يمكن أن يكتسب النفوذ (بالتعلم)‬

‫هل أساليب النفوذ سيئة دائماً؟‬

‫صيب ِّمنها ومن‬


‫بعضها أخالقي وبعضها خبيث‪ ﴿ ...‬من يشفع شفاع ًة حسن ًة ي ُكن له ن ِّ‬
‫ُ‬
‫يشفع شفاع ًة سِّيئ ًة ي ُكن ل ُه ِّكفل ِّمنها ﴾‬

‫يجب تعلمها والتدرب عليها لألسباب اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬يتم تجاهلها عادة من الطيبين‪ ،‬فيؤكلوا ‪ ...‬وقد قال الشاعر‪:‬‬


‫عرفت الشر ال للشر‪ ،‬لكن لت ِّ‬
‫وقيه‪ ..‬ومن ال يعرف الخير من الشر‪ ،‬يقع فيه‬ ‫ُ‬
‫‪ -2‬تحديد مستقبلك بحاجة إلى خطة وتكتيكات‪ ،‬وفهم قوانين القوة والنفوذ سيساهم في‬
‫تحديدك لخطتك‪ ،‬وتكتيكات الوصول إليها‪.‬‬
‫‪ -3‬لفهم الطرق األخالقية ولحماية النفس من الطرق غير األخالقية‪.‬‬

‫من األكثر فاعلية في تحقيق النتائج‪ :‬صاحب السلطة‪ ،‬أم صاحب النفوذ؟‬

‫والجواب بالتأكيد صاحب النفوذ هو األكثر فاعلية‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫القوانين العامة الرئيسية للنفوذ‪:‬‬

‫‪ -1‬افهم منظمتك‪..‬‬
‫ال تنتظر أحداً ليعطيك المعلومات‪ ،‬افهم كيف تعمل‪ ،‬خطتها‪ ،‬أين كنا‪ ،‬وأين وصلنا‪،‬‬
‫والى أين سنذهب‪ ،‬افهم قيادتها‪ ،‬ومراكز النفوذ فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬كن مــرنا ‪..‬‬
‫الجامد‪ ،‬عديم القدرة على التفاوض واألخذ والعطاء؛ لن يستطيع أن يحقق أهدافه‪.‬‬
‫لن‬ ‫كل شخص يدخل في اللعبة السياسية عنده أجندة وأهداف يريد أن يحققها‪...‬‬
‫يحققها جميعاً‪ ،‬فيتنازل عن أشياء من أجل أشياء أكبر‪.‬‬
‫من ليس لديه القدرة على التنازل لن يتحصل على شيء‬
‫(المرونة أساس مهم في عملية النفوذ)‬
‫‪ -3‬حاول أن تمارس (اكسب وكسب ‪)Win Win‬‬
‫الذي يريد أن يأخذ دون أن يعطي؛ في الغالب لن يأخذ‪ ،‬وهي جزء من المرونة‪.‬‬
‫‪ -4‬التزم باألخالق‬
‫وال نتوهم أننا لن نحقق أهدافنا إال بأساليب الغش والخداع‪.‬‬
‫‪ -5‬فكر ثم نفذ‬
‫فكر قبل أن تتكلم ‪ ....‬تعلموا الصمت‬
‫القول بأنني سأرد غداً هو بحد ذاته من أساليب النفوذ‪ ،‬وأكبر خطأ يقع فيه المخالفون‬
‫لقوانين النفوذ‪ ،‬هو التكلم بسرعة‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫النتائج اإليجابية والسلبية للتكتيكات في المنظمات‪:‬‬

‫السلبيات‪:‬‬

‫‪ -1‬تشجع صراع القوى والشلليات‪.‬‬


‫‪ -2‬تجعل التفاوض أصعب‪ ،‬وخاصة عندما يكون الجميع على دراية بهذه التكتيكات‪.‬‬
‫‪ -3‬تعطل اإلنتاجية إذا بالغ الناس فيها‪.‬‬
‫‪ -4‬تضعف السلطة الرسمية بزيادة نفوذ األفراد‪.‬‬
‫‪ -5‬توجد مشاعر سلبية‪ ،‬حقد‪ ،‬كره‪.... ،‬الخ‬
‫‪ -6‬تخرب األجواء النظيفة ‪ ...‬الصفاء‪ ،‬التفاهم‪.‬‬
‫‪ -7‬تمكن لبعض المتسلقين‪.‬‬
‫‪ -8‬تقلل فرص السذج والضعفاء‪.‬‬
‫‪ -9‬تشجع الكذب‪.‬‬
‫‪ -10‬تشجع الخداع‪.‬‬

‫اإليجابيات‪:‬‬

‫‪ -1‬تقوي االتصال‪.‬‬
‫‪ -2‬تساهم في عقد الصفقات‪ ،‬وتوجد جواً من االحترام‪.‬‬
‫‪ -3‬تساهم في الحلول االبداعية‪.‬‬
‫‪ -4‬ستمنع سيطرة البعض‪ ،‬والكذب والخداع الذي كان سيمر لو كنت ساذجاً‪.‬‬
‫‪ -5‬تزيد الثقة بالنفس‪.‬‬
‫‪ -6‬تحسن تميز المنظمة والفرد‪.‬‬
‫‪ -7‬تقوي مهارات اتخاذ القرار‬

‫‪148‬‬
‫اختبار‪ ..‬حاالت شائعة‬

‫‪ -1‬أثناء اجتماع ما الحظت بأن أحدهم يتعمد انتقادك وبكثرة وامام المأل‪ ،‬كيف سترد؟‬
‫‪ -2‬تمت ترقية من هم اقل منك درجة وكفاءة ولعدة مرات رغم أنك االجدر بالترقية‪..‬‬
‫ماذا ستفعل؟‬
‫‪ -3‬تتلقى اللوم والعتاب بسبب اخطاء غيرك‪...‬كيف سترد؟‬
‫‪ -4‬يتم تكليفك بالتحضير لمشروع ما‪ ..‬فتعمل وتعمل وتتعب‪ ،‬وعندما تجهزه وتشرع في‬

‫ُتقرأ الحاالت الخمسة على المشاركين‬ ‫البداية الحقيقية يتم ايقافك‪...‬ماذا ستفعل؟‬
‫ُوتشرح لهم‪ ،‬ومن ثم ُيعطوا دقيقتين‪ ،‬ثم‬ ‫‪ -5‬ترويج إشاعات عنك‬
‫جماعيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ُتناقش كل حالة‬

‫استراتيجيات طويلة المدى (تنفع مع جميع المشاكل)‬

‫‪ -1‬الظهور بالروح اإليجابية‬


‫عدم التذمر‪ ،‬عدم الشكوى‪ ،‬عدم ادعاء الظلم‪ ،‬ال تندب حظك‪ ،‬تكلم دائماً بشكل‬
‫إيجابي‪ ،‬وال تغرق في عالم السلبيات‪ ،‬حتى مع الذين بينك وبينهم مشاكل‪.‬‬
‫‪ -2‬تعلم التفاوض‬
‫ستعرف كيف ستتصرف‪ ،‬ومتى‪..‬‬
‫‪ -3‬تعلم اإلقناع‬
‫‪ -4‬الصبر‬
‫الصبر على بعض الكالم السيء‪ ،‬ممنوع فقدان األعصاب‪ ،‬وممنوع التصرف بسرعة‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫‪ -5‬بناء عالقات اجتماعية عميقة‬
‫ال أنتظر بناء العالقات فقط عندما يكون هناك مشاكل‪ ،‬مطلوب بناء عالقات غير‬
‫رسمية‪ ،‬اجتماعية‪ ...،‬العالقات مع المسئولين ال تكون فقط في العمل؛ بل في البيت‬
‫والرحالت‪.‬‬
‫‪ -6‬توسيع شبكة العالقات‬
‫ال تكون العالقات فقط مع ‪ 2‬أو ‪... 3‬‬
‫يجب توسيع العالقات داخل المنظمة وخارجها؛‬
‫وبالتالي عندما تكون هناك إشاعات عليك؛ سيكون هناك كثيرون يدافعون عنك‪.‬‬
‫‪ -7‬النظر دائماً إلى األهداف طويلة المدى والتركيز عليها‬
‫ال أخسر أهدافاً أو عالقات بعيدة المدى من أجل مشاكل قصيرة المدى‪..‬‬
‫ألغوا مشروعاً من المشاريع التي أعمل عليها‪ ،‬فتؤدي ردة فعلي إلى خسارة عالقات‬
‫رئيسية أو مشاريع أكبر‪...‬‬
‫ال تتفاعلوا مع صغائر األمور‪ ،‬ركزوا على األشياء الكبيرة‪ ،‬وعلى المدى الطويل‪.‬‬

‫استراتيجيات مهمة أخرى‬

‫‪ -1‬كن ظاه اًر‬


‫إذا أنجزت مشروعاً فيجب أن يعلم الجميع‪ ،‬وليس اثنان أو ثالثة‪ ،‬وبالتالي لن يستطيع‬
‫أحد أن يسرق أعمالي‪ ،‬وال يدفعنك ادعاء التواضع إلى أن تخطئ‪.‬‬
‫‪ -2‬سوق نفسك‬
‫طبقوا المبادئ األساسية حول تسويق المنتجات في تسويق أنفسكم‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫‪ -3‬وسع مسئولياتك‬
‫ال تقفوا عند توصيفكم الوظيفي‪ ،‬ألنه يجعل أعمالكم محدودة‪ ،‬ويؤدي بالتالي إلى‬
‫تحديد عالقاتكم وصالحياتكم‪.‬‬
‫‪ -4‬اجمع المعلومات ‪Information Is Power‬‬
‫عن المنظمة‪ ...‬أفرادها‪ ،‬أخطائها‪ ،‬مشاكلها‪ ،‬مشاكل بعض األفراد‪...‬‬
‫اجمع معلومات عن كل شيء‪ ،‬وال تكن ساذجاً مغلقاً‪...‬‬
‫ماذا حصل في اجتماع مجلس اإلدارة‪ ،‬ماذا قرروا‪ ،‬وعلى ماذا اختلفوا ‪...‬‬
‫‪ -5‬ال تنفعل‬
‫مهما حدث‪ ،‬إال باالستثناء التالي ‪( ...‬مثل االنفعال‪ ،‬مثل أنك غضبان)‬
‫كيف تعرف أنك غضبان أو أنك تمثل أنك غضبان؟‬
‫(تصنع الغضب‪ ،‬ثم التفت وابتسم ‪ ...‬إذا استطعت؛ فأنت تمثل)‬
‫من فقد أعصابه فقد سيطرته‬
‫‪ -6‬تصرف كالناجحين‬
‫تحدث عن نجاحاتك‪ ،‬ال تكثر من االعتذارات‪ ،‬ابتعد عن تصرفات الفاشلين‪:‬‬
‫(االعتذار‪ ،‬لوم اآلخرين‪ ،‬التحدث عن السلبيات‪ ،‬التذمر‪ ،‬الحديث عن العوائق)‬
‫‪ -7‬اعرف منافسيك‬
‫نعرف على نقاط ضعفهم‬
‫مبدأ السيطرة (على نفسي‪ ،‬على الموقف‪ ،‬على المنافسين)‬
‫‪ -8‬استفد من اإلمكانات المتاحة لك‬
‫ال تتنازل عن االمتيازات المقدمة لك‬
‫عندك امكانية تركب درجة أولى؛ ال تركب درجة سياحية‬

‫‪151‬‬
‫‪ -9‬كن على صلة بالقيادة العليا‬
‫في االمور غير الرسمية مسموح لك أن تتجاوز مسئولك المباشر‬
‫ابن عالقات معهم في غير القضايا الرسمية‪ ،‬مع عدم التجاوز في األشياء الرسمية‬
‫‪ -10‬اعمل في أهم المشاريع‬
‫ال تنتظروا التكليف بالعمل‪...‬‬
‫رشحوا أنفسكم بعد دراسة‪ ،‬واختيار المشروعات المهمة‬
‫‪ -11‬شارك في اجتماعات الق اررات مبك ار‬
‫الذي يريد أن يغير الق اررات يشارك في االجتماعات األولى؛ فالتغيير هناك أسهل‪.‬‬
‫ال تشاركوا في الطبخة األخيرة‪ ،‬بل في األولى‪.‬‬

‫هل يزداد النفوذ كلما عال المنصب اإلداري؟‬ ‫‪ -12‬كون أنصا اًر وأتباعاً‬
‫بمعنى ‪ ...‬اعمل لك شلة‪.‬‬
‫دائما‪.‬‬
‫في الغالب‪ ،‬نعم‪ ،‬ولكن ليس ً‬

‫َّ‬
‫يخدعنك المنصب‪.‬‬ ‫فال‬

‫استراتيجيات المحترفين‬

‫‪ -1‬ابن عالقات خارج المنظمة‬


‫المحترفون يلعبون بلياردو وليس تنيس في العالقات‬
‫من له تأثير على هذا المسئول خارج المنظمة؟‬
‫‪ -2‬ركز على أصحاب النفوذ‬
‫‪ -3‬عرفهم على قدراتك‬
‫ال يغلب عليك التواضع‪ ،‬وأن أعمالك ستتحدث عنك‪ ..‬عرفوا بأنفسكم‬

‫‪152‬‬
‫‪ -4‬قلد أفضل من حولك‬
‫قلد أفضل من حولك‪ ...‬ليس تقليدا كامال‬
‫وعدل بما يناسبك شخصيا ‪ ...‬مع العلم أنه يكفي تغيير نسبة ‪ %15‬من براءة‬
‫اختراع سابقة حتى تحصل على براءة اختراع جديدة‪.‬‬
‫‪ -5‬ال تصبح خبي اًر‬
‫ال تسطع أكثر من األمير(المسؤول)‪ ،‬ال تظهر أمام رئيسك بأنك أفهم منه‪.‬‬
‫‪ -6‬خطط لكل شيء‬
‫للمشاريع‪ ،‬للعالقات‪ ،‬للمقابالت‪ ،‬خطط لكل شيء‪ ،‬وال تقرر األمر في لحظته‪.‬‬

‫في معركة (المصارة) باألندلس بعد انتصار جيش (عبد الرحمن الداخل) دخل‬
‫على مجلسه أحد جنوده البسطاء وهو يصيح ويقول بصوت عال ودون‬
‫مقدمات‪" :‬مبرووك مبرووك" فغضب الداخل وقال‪ :‬تأدب واعرف مع من تتكلم‪.‬‬

‫فرد الجندي قائال‪ :‬يا أمير‪ ،‬بهرني انتصارك فأفقدني أدبي‪ ،‬وليت أيامك كلها‬
‫تكون انتصارات ِّ‬
‫فافقد أدبي‪.‬‬

‫فقال الداخل‪ :‬وييي !!! من يتكلم بمثل هذا العقل؟‬

‫فقال الجندي "فالن"‪.‬‬

‫فرد الداخل‪ :‬عرفونا بأنفسكم إن لم نعرفكم‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫حاالت خاطئة‪:‬‬

‫‪ -1‬تساند رئيسك وأنت تعلم أنه مخطئ‬


‫إياك أن تؤيد رئيسك وأنت تعلم أنه مخطئ أو تدافع عنه إذا تعرض النتقاد‪ ،‬بدافع‬
‫التواضع وكسب وده‪...‬ال‪ ،‬اياك‪ ،‬يمكن أن تسكت‪ ،‬أو تكون حيادي‪ ،‬أو تصحح‪..‬‬
‫لكن ال تسانده على الخطأ‪ ،‬حتى لو طلب رئيسك منك ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬ترضى بأن تالم نيابة عن أخطاء رئيسك أو أي شخص آخر‬
‫‪ -3‬تستمع إلى الغيبة والنميمة‬
‫استمع لمعلومات‪ ،‬وليس لغيبة أو نميمة‪ ،‬واال ستشارك في الجريمة وستتحمل‬
‫المسئولية مستقبالً‪.‬‬

‫‪ -4‬تفعل أم اًر ال ترتضيه أخالقياً‬


‫الغاية ال تبرر الوسيلة‬
‫‪ -5‬تفشي س اًر‬
‫واال ذهبت مصداقيتك وانتهت الثقة فيك؛ إذا فعلت‪.‬‬
‫‪ -6‬ترضى بأن يأخذ اآلخرون عملك أو أفكارك‬
‫قلها بأدب دون أن تكون صادماً‪.‬‬

‫‪ -7‬تساند مهمة أو منتجاً وأنت تعلم فشله مسبقاً‬


‫ال أعيقها ولكن ال أساندها‪...‬‬
‫ال أروج لمرشح أعتقد سوءه‪ ،‬وال أدعم شيئاً أعتقد خطأه‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫اختبار‪ ..‬ماذا تفعل عندما تخطئ؟‬
‫‪ -1‬اعترف واعتذر‬
‫آسف ‪ ...‬كلمة ذهبية‪ ،‬واذا لم يقبلوها؛ ال ترد‪ ،‬لن يقبلها اآلن‪ ،‬ولكن سيقبلها الحقا‪.‬‬

‫‪ -2‬صحح بسرعة وال تترك الناس تتحدث عن أخطائك طويالً‬


‫عدم االعتراف بالخطأ سيجعل الناس تتحدث‬
‫‪ -3‬ابتسم بهدوء وأكمل الحديث‬
‫يعني تجاوز الخطأ بسرعة وأكمل‬
‫‪ -4‬أخرج من المكان‬
‫‪ -5‬إذا أخطأت بحق شخص ما؛ عوضه وزيادة‬
‫‪ -6‬إذا اعتذرت؛ فال تناقش األمر بعد ذلك‬
‫‪ -7‬إذا ناقشك أحد فال تسمح لآلخرين بالدخول في النقاش‬

‫التكتيكات الخبيثة‪( :‬حتى ال نقع فيها)‬

‫‪ -1‬تصرفات الناس ليست دائماً نظيفة‬


‫الساذج هو من يحسن الظن بكل الناس‬
‫‪ -2‬ليس كل تصرف خبيث مخالف للقانون‪.‬‬
‫‪ -3‬يعتقد بعض الناس أن التكتيكات الخبيثة عالمة على الذكاء والفهلوة والشطارة‬
‫‪ -4‬قد تحتوي بعض التكتيكات الخبيثة على تصرفات ال أخالقية (كذب‪ ،‬غيبة‪ ،‬نميمة)‬
‫فاحذر الوقوع فيها‪ ،‬واألخالق هي الحكم في كل ما نفعل‪.‬‬
‫‪ -5‬تعلم التكتيكات الخبيثة حتى ال تمارس عليك‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫اختبار‪ ..‬التكتيكات الخبيثة‬

‫‪ -1‬يشجعونك على أن تنصح من ال يحب النصح‬


‫هل شرط أن أقوم أنا نفسي باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!‬
‫كثير من الكبار ال يقبل أن يفعل معه شخص األمرين‪ ..‬وبالتالي يمكن أن آمر‬
‫بالمعروف وأن يقوم آخر بالنهي عن المنكر‪.‬‬
‫‪ -2‬التقليل من مصداقيتك أمام الناس وبشكل غير مباشر‬
‫مثالً يقول عن مشروعك بأنه ليس لك وأنك اقتبسته‪..‬‬
‫عليك بعدم السكوت‪ ،‬والتوضيح بأدب‪ ..‬المواجهة والمصادمة غير محبذة‪.‬‬
‫‪ -3‬التظاهر بالصداقة‪ ..‬أحدهم يلتصق بك ويتظاهر بصداقتك‬
‫القاعدة العامة‪ :‬أن أقبل كل األصدقاء‪ ،‬لكن ال أبني عالقة وثيقة حميمية‬
‫‪-‬من أشاركه أفكاري‪ ،‬أسراري‪ ،‬وموضع استشارتي‪ -‬إال مع عدد محدود‪.‬‬
‫‪ -4‬سرقة أفكارك‬
‫ال تقبلوا أن تُسرق أفكاركم‪ ،‬وضحوا وأعلنوا‪ ،‬ممنوع التنازل في هذه المسألة‪.‬‬
‫‪ -5‬تحطيم روحك المعنوية‪ ..‬ال يرون فيك إال العيوب (تثبيط دائم)‬
‫ال أحد يستطيع تحطيم روحي المعنوي‪ ،‬أقوي ثقتي بنفسي‪ ،‬أحفز نفسي داخلياً‪ ،‬أبرز‬
‫إنجازاتي لتتحدث عني‪ ،‬أعمل على أال أعيش مع مثل هؤالء‪.‬‬

‫هل يحتاج اإلنسان إلى التحفيز؟‬

‫التحفيز جميل ‪ Nice‬ولكنه ليس ضروريًا ‪Necessary‬‬


‫وبالتالي يستطيع االنسان التعايش بدون تحفيز خارجي‬

‫‪156‬‬
‫‪ -6‬االبتزاز‪ ...‬أحدهم اكتشف علي س اًر أو خطأً وبدأ يهددني‬
‫ممنوع التنازل للمبتز على اإلطالق‪ ،‬الحل هو التحدي‪ ،‬التنازل لن يتوقف‬
‫أواجه الخطأ وال أظل تحت االبتزاز طوال العمر‪.‬‬
‫‪ -7‬فرق تسد‬
‫الحل‪ :‬المواجهة الصريحة‪ ،‬وبناء عالقات ضده‬
‫المواجهة قد تخسرك العالقة معه‪ ،‬لكنها ستكسبك عالقة الجميع‪.‬‬
‫القانون العام هنا‪ :‬ال مانع من خسارة السيء مقابل كسب اآلخرين‪.‬‬
‫رئيسك حياتك لجهنم‬
‫‪ -8‬المناخ السيء ‪ Make his life hill‬حول ُ‬
‫تأخر دقيقة؛ إنذار‪ ،‬أعمال كثيرة على كاهلك‪ ،‬الحديث فقط عن األخطاء‬
‫الحل‪ :‬اذهب إلى مكان آخر (االنسحاب أفضل)‬

‫كيف تقاوم؟‬

‫‪ -1‬كثر األصحاب والحلفاء‬


‫‪ -2‬ال تتصرف إال بعد أن تحلل وتفكر‬
‫‪ -3‬اعرف نقاط ضعفك‬
‫ال تظهر نفسك قوياً في كل شيء (ال تتفلسف)‪ ،‬اعترف بنقاط ضعفك من أولها‬
‫‪ -4‬اعرف وكثر البدائل المتاحة لك‪ ،‬فكلما كثرت البدائل تحسن القرار‬
‫‪ -5‬كن هادئا وثق بنفسك‬
‫‪ -6‬ركز على أهدافك ومبادئك‬
‫إياك أن تحرفك أي مسألة جانبية عن أهدافك‪ ،‬وغايتك ال يجب أن تبرر وسيلتك‬
‫‪ -7‬حاول دائماً أن تتكلم بإيجابية وخلق مع بعض االستثناءات مع البعض‬

‫‪157‬‬
‫‪ -8‬مهما حدث ‪ ...‬ال تكسر القوانين واللوائح‬
‫وليس معنى هذا أال ألتف على القانون أو أجد ثغرة في اللوائح‬
‫‪ -9‬خطط دوماً ‪ ...‬لكل شيء‬
‫‪ -10‬فكر قبل أن تنفذ‬
‫‪ -11‬شارك في اللجان‬
‫‪ -12‬تطوع للمشاريع الهامة الكبرى‬

‫احذر‪ ..‬األساليب الخبيثة الشائعة‬

‫‪ -1‬التكليف بموعد مستحيل‬


‫كأن يطلب منك إنهاء مشروع في ثالثة أيام وهو يحتاج إلى أسبوعين‪..‬‬
‫ممنوع أن يؤخذ منك شيء بسيف الحياء‪ .... ،‬ال تقبل‬
‫‪ -2‬تشجيع فكرة فاشلة عندك‪ ،‬فال تطرح فكرة قبل أن تستشير‬
‫‪ -3‬عدم الرد على االتصاالت‪ ،‬وعدم مشاركتك في المعلومات الهامة‬
‫وسع دائرة أصحابك‬
‫‪ -4‬التظاهر بالنسيان‬
‫ال تقبل التكليف الشفوي؛ وانما الكتابي‪ ،‬وأمام الناس‬
‫‪ -5‬السيطرة على الموارد‬
‫مثالً‪ :‬مسئول المالية يعطلني بهدف إفشال مشروعي ‪...‬‬
‫الحل ‪ ...‬أذهب إلى من هو فوقه‬
‫‪ -6‬ترشيحك للمهمة الخطأ الذي تعتقد عدم نجاحك فيها‬
‫ال أقبل شيئاً أعرف أنني لن أنجح فيه‬

‫‪158‬‬
‫‪ -7‬عدم الوفاء بالوعود‬
‫ال تشتغل إال بقرار مكتوب وعقد واضح‪ ،‬فالوعود الشفوية سهل إلغاؤها‬
‫والسؤال‪ :‬ماذا أفعل لو لم يتم الوفاء بعقود مكتوبة؟‬
‫اإلجابة‪ :‬أسأل نفسي ‪ ...‬أيهما أهم‪ ..‬العالقة أم العقد؟‬
‫إذا كانت العالقة غير مهمة؛ أذهب للمحكمة‬
‫‪ -8‬سرقة األفكار‬
‫‪ -9‬استغالل نقاط الضعف‬

‫اختبار‪ ..‬من تتجنب في عالقاتك الوثيقة؟‬


‫ويف اخلتام‬
‫‪ -1‬من ال يكتم س اًر‬

‫أخلص النية‬ ‫‪ -2‬الثرثار‬


‫‪ -3‬المنفعل‬
‫إستشر‬ ‫‪ -4‬صاحب العالقات المشبوهة (مالياً أو أخالقياً)‬

‫إستخر‬
‫‪ -5‬صاحب السوابق (جريمة‪ ،‬خيانة‪ ،‬خطأ أخالقي)‬
‫‪ -6‬ذو المشاكل العائلية‬

‫أدعُ اهلل تعاىل‬ ‫‪ -7‬ذو المشاكل المالية‬


‫‪ -8‬المطرود من عمل سابق‬
‫إال إذا كان صاحب أخالق‪ ،‬وكانت هي سبب طرده‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫الفصل الثالث عشر‬

‫مواقف سلوكية‬

‫‪160‬‬
‫لتتذكر أن تعاملك مع أي موقف يرتبط بـــ‪:‬‬

‫أنت ‪ ...‬شخصيتك‪ ،‬إطارك المرجعي‪ ،‬توقعك‬

‫هو ‪ ...‬شخصيته‪ ،‬إطاره المرجعي‪ ،‬توقعه‬

‫الموضوع أو الموقف‬

‫ال تتسرع‪ ،‬ضع نفسك مكان اآلخر‪ ،‬استخدم عقلك ال عواطفك‬

‫زمالء العمل إما أن يكونوا‪:‬‬

‫عامالً مساعداً لك على إيجاد فرص جديدة ومساندين لك في تجنب المآزق وتمهيد السبل‬
‫إلنجاز المهمات‪.‬‬

‫أو ‪ ...‬عقبة تعيق تحقيقك ألهدافك‪.‬‬

‫قدرتك على التعامل بحزم ولباقة مع زمالئك في المواقف الصعبة تسهل من عالقات‬
‫العمل وتمهد الطريق نحو النجاح‬

‫المزاج العدائي السلبي‪:‬‬

‫• من صور العدائية السلبية لدى زميل العمل‪:‬‬


‫• أن يكون مراوغا أو محتاالً حابكاً للمكائد‬
‫• أو مهتماً في إظهار مشاعر االستياء أو المبالغة في القدح‬
‫• أو يغتابك من وراء ظهرك‬
‫• أو يسرق أفكارك‬
‫• أو يتعامل بوجهين‬
‫• أو يحط من شأنك ويشوه صورة عملك‬

‫‪161‬‬
‫عندما يسرق أفكارك أو يستأثر بالتقدير نتيجة أعمالك أنت‪:‬‬

‫✓ حافظ على بشاشتك؛ لكن تجنب تبادل المعلومات معه‪.‬‬


‫✓ إذا كنت تعمل معه في ثنائي واحتجت إلى تبادل األفكار؛ وسع المجموعة بدعوة‬
‫زمالء آخرين‪ ..‬وثق أعمالك‪.‬‬

‫عندما يظهر التأييد في حضورك ثم يطعنك في غيبتك‪:‬‬

‫✓ ينبغي اتخاذ قرار حاسم فيما إذا كان يجب تجاهل الحدث‪ ،‬أو أخذه بعين االعتبار‬
‫ألنه نقد منطقي لسلوكياتك‪ ،‬أو مواجهة المغتاب أو أن تقوم بتحضير هجوم مضاد‪.‬‬
‫✓ يفضل عادة مجابهة المغتاب بما سمعته في هدوء دون لوم أو غضب بل توجه‬
‫بالسؤال إلى هذا الزميل عن ماهية المشكلة ولماذا تمت مناقشتها في غيبتك‪.‬‬
‫✓ اعتذر إذا كنت مخطئاً‪.‬‬
‫✓ أفسح مجاالً لتملص المغتابين إذا أنكروا فعلتهم‪ ،‬ألنهم مستقبالً سيفكرون بهذا السلوك‬
‫أكثر من مرة قبل اإلقدام عليه بعد علمهم أنك ال تتوانى عن مواجهتهم‪.‬‬

‫عندما يتهمك زميل العمل زو اًر أو يحرف الوقائع‪:‬‬

‫✓ حضر بياناً للوقائع متضمناً ما قام به زميل العمل المخادع وليكن البيان موضوعياً‬
‫خالياً من األحكام وعبارات اللوم‪.‬‬
‫ِّ‬
‫فاكتف بإرسال مذكرة إلى مديرك ونسخة إلى زميل العمل‬ ‫✓ إذا كان تأثير الخداع طفيفاً‬
‫والى من لهم عالقة باألمر‪.‬‬
‫✓ أما إذا كان التأثير بالغاً؛ فعليك أن تقابل شخصياً األشخاص المؤثرين في شبكة‬
‫دعمك وخصوصاً مدراءك وذوي األقدمية والخبرة‪ِّ .‬‬
‫أعط كالً منهم نسخة من دليل‬
‫وقوع اإلساءة بحقك وسردك للوقائع واطلب منهم النصيحة والدعم‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫عندما يتجاوز زميلك الغيبة إلى اإليذاء‪:‬‬
‫وذلك بممارسات مثل‪ :‬التأخر في اطالعك على معلومات أنت بحاجة إليها‪ ،‬أو‬
‫إعطائك معلومات خاطئة أو غير واضحة‪ ،‬وقد يوافق أحدهم على مساندة خطة ما لكن‬
‫بمجرد أن يلمس ضعف التأييد لها من اآلخرين فإنه ينسحب ليترك العبء عليك‬
‫وحدك‪.‬‬
‫وقد يعمد آخر إلى حبك ملفات قضية ضد اآلخرين فيعمد مثالً إلى تدوين تواريخ‬
‫وظروف خاصة ينسبها إلى بعض األحداث المريبة‪ ،‬وكذلك إلى تسجيل تقارير ورسائل‬
‫ووثائق أخرى تحوي أخطاء أو زالت محتملة‪ .‬يطمع جامع الملفات هذا في حبك قضية‬
‫ضد جميع المنافسين حتى يمكنه تهديدهم أو إذاللهم بها أو على األقل لكي يحمي‬
‫نفسه من هجوم اآلخرين‪.‬‬

‫✓ لحماية نفسك من هذه العدائية االرتيابية المرضية عليك مراقبة أفعالك وأقوالك وتحري‬
‫الدقة في خطوات عملك وفي توثيقها‪.‬‬
‫✓ وسع شبكة مناصريك فإن بإمكانهم ترجيح كفة ميزان السمعة الحسنة لصالحك‪.‬‬
‫✓ احتفظ بملفاتك الخاصة وأطلع مديرك عليها باستمرار‪.‬‬
‫✓ ال تأخذ تصرفات الزمالء العدائية على محمل شخصي‪ ،‬إنها مشكلتهم الحالية‪.‬‬

‫زميل العمل المحتال مدبر المكائد‪:‬‬

‫✓ قد ينفذ زمالء العمل أساليب احتيالهم العدائية السلبية بالخداع أو التدليس أو التضليل‪.‬‬
‫✓ إن بمقدور هذه النوعية من األشخاص فصل أنفسهم عن المشاعر النبيلة في لحظات‬
‫استغاللهم لآلخرين أو الغدر بهم ويمكنهم هذا من تنفيذ خططهم بسهولة مع الظهور‬
‫بوجه المخلص أو الودود‪.‬‬
‫✓ قد يكمن في داخلهم فنان كبير لو أمكن توجيه مواهبه بطريقة بناءة‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫لدى اكتشافك المكيدة‪:‬‬

‫✓ ال تبادر إلى الرد حتى تضبط مشاعرك‪.‬‬


‫✓ ال ِّ‬
‫تبد القلق أو الغضب أو أية مشاعر متشنجة‪.‬‬
‫✓ يمكنك مسايرته في هذه الخطة فربما بإمكانك تحويله لخدمة أهدافك‪.‬‬

‫عندما تتضمن الخطة طلباً غير محترم‪:‬‬

‫✓ ارفض دون اإلفاضة في شرح أسباب الرفض‪.‬‬


‫✓ ال تُحمل نفسك مسؤولية إيجاد مخرج لحل مشكلتهم‪.‬‬
‫✓ فكر مسبقاً فيما ستفعله إذا طلب زميلك اقتراض مال منك أو استعارة سيارتك أو أية‬
‫ممتلكات ال ترغب في إعارتها أو ماذا ستفعل لو طلب منك القيام بعمله أو حمل‬
‫مسؤوليات ال تريد تحملها‪.‬‬
‫✓ فلتكن لديك إجابة حاضرة مثل‪" :‬وددت إقراضك المال لكن ال سيولة فائضة لدي" أو‬
‫"كان بودي إعارة السيارة لكن التأمين ال يغطي سائقين آخرين غيري" أو "أتمنى لو‬
‫أستطيع المساعدة لكني بالكاد أستطيع القيام بمسؤولياتي"‪.‬‬
‫✓ إذا لم تكن متأكداً من خلفية المكيدة أو الطلب تحقق بأسئلة استفسارية قبل إعطاء‬
‫اإلجابة ويمكن ألسئلتك أن تكون مهيأة للفت نظره إلى اتجاه آخر لحل مشكلته – إذا‬
‫كان األمر ال يعنيك – كأن تسأله "هل طرقت باب جمعية التسليف" أو تقول "استأجر‬
‫سيارة مستعملة أو "استشر المدير"‪.‬‬

‫أسدوا إليك خدمة صغيرة ويريدون اآلن لقاءها خدمة أكبر‪ ،‬وهي بالطبع‬
‫خارج نطاق إمكانياتك‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫✓ فليكن ردك باالعتراف بواجب رد خدمتهم مع عدم إمكانية ذلك حالياً‪.‬‬
‫✓ تذكر أال تطلب خدمة من محتال‪.‬‬
‫✓ كن لبقاً وال تقلق من إمكانية جرح مشاعرهم فإن معظم المحتالين قادرون على الفصل‬
‫بين مشاعرهم وما يدبرونه من مكائد‪.‬‬

‫إذا كانت مكيدة لدفعك إلى االنفجار غاضباً‬

‫✓ ليكن هدفك األول تجنب الوقوع في فورة غضب‪.‬‬


‫✓ أخرج نفسك ٍ‬
‫بعذر ما‪ ،‬كالذهاب إلى الحمام أو إلجراء حديث على الهاتف لتستجمع‬
‫هدوء أعصابك‪.‬‬

‫إن كانت مكيدة إلعطائك معلومات ناقصة أو زائفة‪:‬‬

‫✓ ِّ‬
‫أبق جميع خطوط االتصال مفتوحة وتشدد في التحقق من المعلومات حتى تتمكن‬
‫من معرفة الالعبين‪.‬‬
‫✓ احرص على أال تكون ضحية خدعة مزدوجة‪.‬‬

‫أو قد تكون مكيدة مغلفة في نصيحة ألجل منفعتك‪ ،‬تقودك هذه النصيحة إلى‬
‫القيام بما يريده أحدهم‪ ،‬بالرغم من أن ذلك ليس في مصلحتك حقاً‪:‬‬

‫✓ كن يقظاً وفكر ملياً ممن يمكنك أخذ النصيحة‪ ،‬وبمن يمكن أن يكون محتاالً‪.‬‬
‫✓ لتكن مصادر الرأي والمعلومات لديك متعددة‪.‬‬
‫✓ وليكن الرأي األخير لك أنت‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫عندما يعمد أحدهم إلى انتقادك أمام اآلخرين بالغمز المبطن‪:‬‬

‫✓ ال تدع عبارات اللمز والغمز تمر وكأنها مزحة بريئة وال تتقبل جواب "أال تقبل‬
‫المزاح؟! "‬
‫✓ هدئ من روعك وتسامى عن التفاهات‪.‬‬
‫✓ اعمل في ذهنك مراجعة سريعة للوقائع التي قادت إلى هذا الموقف‪.‬‬
‫✓ واجه التجريح بطلب إيضاح ما قيل أو لماذا تم فعل ذلك؟‪.‬‬
‫✓ ثم أتبع ذلك بلقاء خاص الحقاً تقوم فيه بتأكيد ذاتك مكر اًر بدقة ما قاله هذا الزميل‬
‫وكيف يؤثر عليك هذا القول‪ ،‬وما هو شعورك حياله‪.‬‬

‫زمالؤك يغتابون ويعملون على إشراكك في الغيبة‪:‬‬

‫✓ إن صمتك يعني لهم الموافقة؛ فعليك أن تتكلم وتطرح أسئلة مباشرة وتبدي عدم‬
‫موافقتك على تصرفهم‪.‬‬
‫✓ إذا أقسموا على الكتمان فال تنجرف إلى اللعبة وتشبث بضرورة حل المشكلة‪.‬‬
‫✓ إذا كنت أنت هدف الحديث فعليك بطرح أسئلة واضحة إلخراج القضية كاملة إلى‬
‫الضوء‪.‬‬
‫✓ ركز على حل القضايا الكامنة وراء الستار وأية مشاكل أخرى‪.‬‬
‫✓ قرر ما يمكن عمله لمنع مشاكل مشابهة مستقبالً‪.‬‬
‫✓ ينبغي تقرير متى تدعوك الحاجة إلى االقتراب من هؤالء المغتابين أو متسقطي‬
‫العثرات لكي تبقى مطلعاً على ما يقولونه‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫موظف ال يستطيع الحضور في الوقت المحدد وهو الساعة السابعة ودائما‬
‫يجد مشاكل من مديرة المباشر‪:‬‬

‫ما كان له حل إال الدخول على المدير األكبر وهذا المدير بالمناسبة يكون المدير على‬
‫هذا الموظف وعلى مديره‪ ,‬وأخبره بأنه يعاني من الحضور في الساعة السابعة تماماً وال‬
‫يستطيع وأنه حاول م ار اًر دون نجاح فقال له هذا المدير‪ :‬إذن متى تحضر دائماً؟ فقال‪:‬‬
‫في الساعة الثامنة ولكن سجل الحضور يسحب في الساعة السابعة والنصف‪ ،‬فقال له‬
‫هذا المدير الحل سهل جدا ‪...‬فقال الموظف‪ :‬ما هو؟ فقال‪ :‬سأقوم انا بالتوقيع عنك على‬
‫أن تعدني بأن تحضر في الثامنة فقال ولك ذلك ‪ ...‬وبالفعل‪ ،‬ومن اليوم التالي يوقع‬
‫المدير عنه ويحضر الموظف كما وعده وبعد هذا المسلسل اليومي خجل هذا الموظف‬
‫وصار يحاول الحضور ليوقع قبل ان يوقع له هذا المدير ونجح في ذلك وانحلت مشكلته‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫المراجع‬

‫المرجع‬ ‫المسلسل‬
‫القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف‬ ‫‪.1‬‬
‫نيدو قوبين‪ ..‬استراتيجيات النجاح اإلداري‬ ‫‪.2‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=ECFTnvA_H8g&t=924s‬‬
‫كتاب "القيادة الفعالة"‪ ،‬بريان تراسي‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫كتاب "األمور األهم أوالً"‪ ،‬ستيفن كوفي‪ ،‬أ‪ .‬روجر‪ ،‬وريبيكا ميريل‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫كتاب "السلوك التنظيمي"‪ ،‬حسين القزاز‪ ،‬صالح عبد الباقي‪ ،‬وأحمد ماهر‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫كتاب " القوانين العامة للنجاح"‪ ،‬بريان تراسي‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫كتاب " السلوك التنظيمي بين النظرية والتطبيق"‪ ،‬محمد إسماعيل بالل‪.‬‬ ‫‪.7‬‬
‫بوب بايك‪ ،‬احدى عشرة طريقة لتحفز فريقك اإلداري‬ ‫‪.8‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=5sunZhnsNO4‬‬
‫كتاب " السلوك التنظيمي"‪ ،‬محمد سعيد سلطان‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫كتاب "السلوك التنظيمي‪ :‬مدخل بناء المهارات"‪ ،‬د‪ .‬أحمد ماهر‪ ،‬الدار الجامعية‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫اإلسكندرية‪.2014 ،‬‬
‫كتاب " االنتصار مع فرق العمل"‪ ،‬كاترين كاريفالس‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫‪ .12‬كتاب " قوة التحكم في الذات"‪ ،‬إبراهيم الفقي‪.‬‬
‫‪ .13‬كتاب " السلوك التنظيمي في منظمات األعمال"‪ ،‬د‪ .‬محمود سلمان العميان‪ ،‬دار وائل‪،‬‬
‫األردن‪ ،‬ط ‪.2005 ،٣‬‬
‫‪ .14‬كتاب " جوهر السلوك"‪ ،‬كاترين كاريفالس‪.‬‬
‫‪ .15‬كتاب " االنتصار مع فرق العمل"‪ ،‬كاترين كاريفالس‪.‬‬
‫‪ .16‬كتاب " أفضل ما في النجاح"‪ ،‬كاترين كاريفالس‪.‬‬
‫‪ .17‬كتاب "اإلنجاز الشخصي"‪ ،‬بريان تراسي‪.‬‬
‫‪ .18‬كتاب "دافعية العمل"‪ ،‬بيندر‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫‪ .19‬كتاب "السلوك اإلنساني في منظمات العمل"‪ ،‬رفاعي محمد رفاعي‪.‬‬
‫‪ .20‬كتاب "السلوك التنظيمي"‪ ،‬صالح عبد الباقي‪ ،‬علي مسلم‪ ،‬سعيد سلطان‪ ،‬وراويه حسن‪.‬‬
‫‪ " .21‬الصراعات التنظيمية وأساليب التعامل معها"‪ ،‬بحث ماجستير‪ ،‬جامعة نايف للعلوم‬
‫اإلدارية‪.2006 ،‬‬
‫‪" .22‬جوانب في الصراع التنظيمي"‪ ،‬مدحت الديب‪ ،‬المجلة العربية لإلدارة‪ ،‬المجلد ‪،11‬‬
‫العدد ‪ ،3‬المنظمة العربية للعلوم اإلدارية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.1987 ،‬‬
‫‪ .23‬د‪ .‬طارق السويدان‪ ،‬منهجية التغيير في المنظمات (‪)1‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=UeDm6hsxopI‬‬
‫‪ .24‬د‪ .‬طارق السويدان‪ ،‬منهجية التغيير في المنظمات (‪)2‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=57SKCvwIBhU‬‬
‫‪ .25‬د‪ .‬طارق السويدان‪ ،‬القوة والنفوذ (‪)1‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=Lm1szxkldGo‬‬
‫‪ .26‬د‪ .‬طارق السويدان‪ ،‬القوة والنفوذ (‪)2‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=AMRWmKUoioY‬‬

‫‪169‬‬

You might also like