You are on page 1of 15

‫تاريخ الفلسفة والفكر اإلسالمي‬

‫التصوف وفرنسا‬

‫يونس إريك جوفروا‬

‫العصر الوسيط‬

‫يُك َتبُ التاريخ أحيانا‪ ،‬وقد أصبح األمر دارجا‪ ،‬بطريقة غائم ة أك ثر من ه بخط وط واض حة‪ .‬وهي تمام ا‬
‫حال الكالم عن العالقات بين الطرق الروحية أو الباطنية المنبثقة عن مختلف الديانات‪ .‬وإذا ك ان ت أثير‬
‫الحضارة االسالمية على أروبا مثبت في المجاالت العلمية والفلسفية‪ ،‬فإننا مضطرّ ون الى التخمين فيم ا‬
‫يخص ذلك التأثير في مجال التصوّ ف‪ 1.‬وفي العصر الوسيط‪ ،‬ر ّكز علماء أروبا المس يحيون اهتم امهم‬
‫وبشكل واضح على الفكر األرسطي عند المؤلفين المسلمين‪ .‬فقد ترجموا للغزالي (تـ ‪ )1111‬نصوصه‬
‫الفلسفية‪ ،‬وأهملوا كتاباته الصوفية بالرغم من انتش ارها الكب ير في الع الم االس المي؛ كم ا اهتم وا ب ابن‬
‫سبعين‪ ،‬الرياضي والفيلسوف‪ ،‬وأعرضوا عن ابن سبعين الميتافيزيقي الشاطح في ’’التوحيد المطلق‘‘‪.‬‬

‫وإذا بقي الشيخ األندلسي ابن ع ربي (تـ ‪ )1240‬مجه وال في أروب ا الى ح دود العص ر الح ديث (يبقى‬
‫تأثيره على دانتي غير محسوم الى اليوم)‪ ،‬فلم يكن ذلك مستغربا لس ببين اث نين على األق ل‪ :‬ك ان تن اول‬
‫ك ألغ از‬ ‫أعماله في البالد االسالمية محصورا على دوائر ضيقة‪ ،‬ولم يكن الالتي نيون يملك ون مف اتيح ف ّ‬
‫لغة هرمسية*‪ .‬ولكن غياب أي أثر للكتيّبات الصوفية التي حُرِّ رت في الق رن‬ ‫تلك اللغة التي كانت غالبا ً‬
‫ك أن االس باني رام ون ل و ّل (تـ‬
‫العاشر والحادي عشر في أروبا ه و أم ر م ا فتء يث ير التعجّ ب‪ .‬ال ش ّ‬
‫اطلع على األدبيات الصوفية في االسالم‪ ،‬وعايش أجواء التصوف في مايورك ا والمغ رب‪،‬‬ ‫‪ )1315‬قد ّ‬
‫دون أن يختلط بها فعليا‪ . 2‬وفي جميع الحاالت فإن ذل ك ال يع ني الفض اء الفرنس ي ال ذي يش غلنا هن ا‪.‬‬
‫وعلى العكس من ذلك‪ ،‬فإن العلوم الروحانية اليهودية في العصر الوسيط تؤك د على تش بّعها العمي ق –‬
‫والمعلن‪ -‬بالتص وّ ف في الش رق األوس ط وإس بانيا االس المية‪ ،‬وص وال الى مق اطعتي كتالوني ا (‬
‫‪ )Catalogne‬وبروفونص (‪ .** )Provence‬وحتى التأثير المفترض على القديسة ت يريزا دافيالّ (‬
‫‪ )Sainte Thérèse d’Avilla‬والقديس جان دوالكروا ( ‪ ) Saint Jean de la Croix‬فيمكن‬
‫أن يكون قد حصل عبر الزهاد اليهود االسبان‪ .‬ومع ذلك فإن علوم السحر والتنجيم أو علم األعداد تدين‬
‫حسب على التصوّ ف‪.‬‬‫كثيرا لعالم االسالم‪ ،‬ولكنها ال يمكن أن ُت َ‬

‫وفي األوساط الروحانية المعاصرة‪ ،‬ذات النزع ة االس المية أو المس يحية‪ ،‬يق ع التأكي د على أن الط رق‬
‫الصوفية والمجموعات الباطنية الش رقية بش كل ع ام يمكن أن تك ون ق د دعمت مثيالته ا في أروب ا عن‬
‫طري ق التتلم ذ‪ .‬وإذا اعت بر بعض الم ؤرخين أن لفن الش عارات في نظ ام الفروس ية األروبي دَ يْن تج اه‬
‫العالم االسالمي‪ ،3‬فال بد من التثبّت في األصل االسالمي للفروسية نفسه‪ .‬ه ل ك ان للفت وّ ة‪ ،‬ال تي لعبت‬
‫في الش رق األوس ط دور الفروس ية الروحي ة ودور الت دريب على الص نعة في نفس اآلن‪َ ،‬ق ْد ٌر م ا في‬
‫تكوين الفروس ية األروبي ة؟ ال ح ظ ه نري كورب ان في البداي ة الى أن الفت وّ ة مس كونية في أص لها ألن‬
‫ترض ه و اب راهيم [علي ه الس الم]‪ ،‬أب ال ديانات التوحيدي ة الثالث‪ .‬وس ّطر في العدي د من‬ ‫باعثه ا المف َ‬
‫المواقع ما بين الفتوّ ة والفروسية االروبية من تماثالت وتالزمات‪ ،‬كم ا نلمس ها مثال في ’’الهياكل ة‘‘‪. 4‬‬
‫ونادرا ما يتحدث عن تأثير مباشر للباطنية االس المية‪ ،‬الص وفية منه ا أو االس ماعيلية‪ ،‬على "أص حاب‬
‫الهيكل"‪ ،5‬ولكنه ال يقدم أي دليل ت اريخي موض وعي‪ .‬ص حيح أن أس طورة "ك أس المق دس" *** كم ا‬
‫تبت في الموجة الرابعة للحروب الصليبية‪ُ ،‬تروِّ ج‬‫تظهر في ’’البارزيفال‘‘ لـوولفرام فون ايشنباخ‪ ،‬وقد ُك ْ‬
‫لمعطيات تنتمي لكثير من اآلثار الباطنية الشرقية‪ .6‬أما الترجمة الفرنسية لهذه االسطورة التي وض عها‬
‫كريتيان دو تروا**** وهي سابقة عن كتابة وولفرام‪ ،‬فهي خالية تماما من مثل هذه المعطيات‪.‬‬
‫و يؤكد روني غينون نفس ه أن فرس ان الهيك ل ك انوا على اتص ال فعلي م ع األوس اط التلقيني ة الش رق‬
‫أوسطية‪ ،‬وأنهم بعد القضاء عليهم من قبل الملك فيليب لو بال (‪ )1314‬أعاد األتب اع المس يحيون تنظيم‬
‫أنفسهم باالتفاق مع المريدين المسلمين‪ 7.‬وهو أيضا ال يأتي بأيّ حجّ ة حقيقية‪ .‬ال شك أن فرسان الهيكل‬
‫كانوا أكثر تسامحا من بقية الفرنجة‪ .‬وق د ش هد أح د االخب اريين المس لمين بط رد فرس ان الهيك ل ألح د‬
‫الفرنج ة من الق دس ح اول منع ه من الص الة‪ 8.‬ويمكنن ا القب ول ب أن ه ذه الفرق ة‪ ،‬وهي المكون ة من‬
‫عسكريين‪ ،‬قد تحوّ لت تدريجيا الى التصوف‪ ،‬ولكن ذلك ال يعني أنها أصبحت متقبّلة لالسالم وباطنيت ه‪،‬‬
‫ألن المصادر العربية ما كانت لتترك الفرصة للحديث عن ذل ك‪ ،‬وهي على العكس تق ّدم لن ا المتص وّ فة‬
‫مقاومين للفرنجة الذين يعتبرونهم غزاة وأعداء‪ .‬وك ان الش يعة االس ماعيلية يمارس ون فيم ا بينهم نظ ام‬
‫األلغاز‪ ،‬وال يمكن تصورهم وهم يل ّقنون المحاربين الفرنجة‪ .‬ال شك أن تبادالت في مي دان الروحاني ات‬
‫قد وقعت بينهما‪ ،‬ولكن األهداف السياسية كانت بال ريب وراءها‪.‬‬

‫ويذهب روني غينون بعيدا فيم ا يتعل ق بجمعي ة "ال وردة الص ليب" (‪ – ) Rose-Croix‬ال تي ي ّدعي‬
‫"الروزيس كيون المعاص رون‪ ،‬أتب اع ه ذه الفرق ة‪ ،‬أنهم ورثته ا" ‪ -‬حيث يعت بر أن تب ادال في التلقين ق د‬
‫حصل بين هؤالء وبين المتصوفة‪ .9‬وحسب هذه الرواية‪ ،‬فإن أتباع هذه الفرقة قد انس حبوا الى الش رق‬
‫في القرن السابع عشر‪ ،‬عندما غابت عن الغرب كل إمكانية لتلقين حقيقي‪ .10‬ويذهب في مواقع أخ رى‬
‫الى التأكيد على أن أتباع فرقة "الوردة – الصليب"‪ ،‬التي يسمّيها بكل ثق ة "المتص وفة األروبي ون"‪ ،‬ق د‬
‫أقاموا عالق ة دائم ة م ع المتص وّ فة‪ 11.‬إن ه ذه المعطي ات تنتمي الى م ا بع د الت اريخ وه و م ا ينتق ده‬
‫اختصاص علم التاريخ‪ ،‬ولكننا نعتبر أنه ال يمكن استبعاد ذلك البع د عن مجالن ا‪ .‬إن قيم ة ه ذه الم زاعم‬
‫داس يز (‬
‫ت أتي أيض ا من كونه ا تص در عن روني غين ون‪ .‬إن ص الت ل وحظت بين الق ديس فرانس وا ّ‬
‫‪ ) Saint François d’Assise‬والمتصوفة‪ ،‬وخاصة في مجال عقيدة "الفقر الروحي"‪ ،‬أضف الى‬
‫ذلك أن القديس فرنسوا هذا قد زار مصر حيث التقى سلطانها وتباحث مع علمائها‪َ ،‬بيْدَ أنه إيطالي‪ .‬وقد‬
‫تناول فرانسيسكيون فرنسيون هذا المبحث بالكتابة‪.‬‬

‫إن العالم ات الوحي دة المؤك دة عن حض ور التص وف في فرنس ا إ ّب ان العص ر الوس يط تأتين ا من أح د‬


‫المقرّ بين من الملك سان لويس‪ ،‬وهو كاتبه وص ديقه جوانفي ل (تـ ‪ .)1317‬ي ورد لن ا ه ذا األخ ير ق ول‬
‫الدومينيكي المستعرب إيف لو بروتون (‪ ) Yve le Breton‬الذي التقى بع ّكا في القرن الثالث عش ر‬
‫امرأة تتحدث عن العش ق اإللهي تمام ا كم ا أنش دته رابع ة العدوي ة (تـ ‪ )801‬الزاه دة المس لمة األك ثر‬
‫شهرة في أرض االسالم‪ .‬لم يعرّ ف جوانفيل بهذه الولية العراقية الصالحة‪ ،‬ولكن شخصيتها التي طالته ا‬
‫ستغذي الجدل التيولوجي حول العشق االلهي الذي ك ان يه ّز فرنس ا في الق رن الس ابع عش ر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫األسطرة‬
‫وهي تثير االعجاب لدى أتباع الحب الصافي‪ :‬يجب أن تحبّ هللا ال َط َم ًعا في ج ّنته‪ ،‬وال خوفا من عذابه‬
‫‪ .12‬ومع ذلك فإن تحول أسطورة رابعة ال تعني الب ّتة تقبّال إيجابيا للتصوف في فرنسا‪.‬‬

‫ومن البديهي أن وجود الفرنجة في الشرق األدنى سمح بقيام صالت بين المس يحيين والمس لمين‪ ،‬وذل ك‬
‫طبعا بحسب تحالفات أمراء الفريقين‪ .‬وفي اإلطار العام للمواجهة بين الصليبيين والمسلمين ف إن تج ارة‬
‫يفس ر األث ر الن ادر ال ذي بقي لن ا‪ .‬لق د ك انت‬
‫األفكار ال يمكن أن تت ّم إال بشكل سرّ ي وشفاهي‪ ،‬وهو ما ّ‬
‫الح رب هي نفس ها مناس بة للتع رّ ف المتب ادل‪ ،‬وأحيان ا للـ"انتق ال" ال ديني‪ :‬فمن الممكن أن يك ون أح د‬
‫الفرنجة الذين هاجموا دمياط سنة ‪( 1249‬مع سان لويس في الحرب الص ليبية الس ابعة) ق د أس لم على‬
‫إثر قتله ألحد الصالحين المسلمين‪ ،‬وك انت المعج زة عن دما كلّم ه ه ذا بع د موته‪ .13‬م ع العلم أن ه ذه‬
‫الحاالت في المصادر العربية نادرة جدا‪.‬‬

‫العصر الحديث‬

‫إذا م ا اس تثنينا بعض ال رحالت الفرنس ية فيم ا بين الق رن الراب ع عش ر والث امن عش ر ال تي وص فت‪،‬‬
‫وبانحياز كامل‪ ،‬أوساط "الدراويش" في الشرق (دو نيكوالي؛ شاردان‪ ،)...‬أو ح تى الترجم ة الفرنس ية‬
‫أللف ليلة وليلة لغاالّن في نهاية القرن الثامن عشر حيث نجد األعمال الخارقة لل َقلَندار‪ ،‬فق د ك ان علين ا‬
‫تر ّقب القرن التاسع عشر ح تى يتم ّكن الجمه ور الفرنس ي من الحص ول على معرف ة موض وعية ح ول‬
‫التصوف‪ .‬وتمثل رحلة الى الشرق لج يرار دو نرف ال (‪ )1843‬في ه ذا المج ال قطيع ة حاس مة‪ ،‬ع بر‬
‫ش هادة التع اطف ال تي يق ّدمها‪ ،‬أو أك ثر من ذل ك ع بر الس حر العمي ق ال ذي مارس ه دراويش الق اهرة‬
‫واسطنبول على المؤلف‪.‬‬

‫إن المصطلح الغربي "تصوف" يظهر‪ ،‬بصيغته الالتيني ة ‪ Ssufismus‬في كت اب ص در ب برلين س نة‬
‫‪ .1821‬وقد عرف النص ف األول من الق رن التاس ع عش ر تط ور االستش راق األك اديمي‪ ،‬ال ذي ك ان‬
‫لفرنسا في ه مكان ة مم ّي زة‪ .‬ومن ذ ذل ك الحين ع رف التص وف ك ًّم ا متزاي دا من الدراس ات والترجم ات‬
‫ً‬
‫بداهة‪ ،‬لم تكن ه ذه المعرف ة الجاف ة مدفوع ة برغب ة داخلي ة‬ ‫المتمحورة في البداية حول العالم الفارسي‪.‬‬
‫للبحث كما كان الشأن بالنسبة لك ّتاب العصر الوسيط ‪ ،14‬وهي تغالي بطريقة غير مباش رة في ع رض‬
‫ّ‬
‫ستغذي األجيال الالحق ة‪ .‬وب اللتوازي‪،‬‬ ‫ايديولوجية التفوّ ق األروبي؛ ومع ذلك فهي تق ّدم ما ّدة موضوعية‬
‫قام عسكريون فرنسيون في ف رق "المس ائل األهلي ة"‪ ،‬م دفوعين ال ش ك ب دافع الس يطرة على الش عوب‬
‫المحلية‪ ،‬بتحرير تقارير وكتب غاية في التوثيق حول الطرق الصوفية المغاربية‪.‬‬

‫ويلعب االستشراق الفرنسي في القرن العشرين دورا مح ِّد ًدا أكثر فأكثر في "تذوّ ق" التصوّ ف‪ .‬وال ش ك‬
‫أن سبب ذلك يكمن في أن أبرز المستشرقين ك انوا هم أنفس هم ق د س لكوا طري ق البحث ال روحي‪ .‬وق د‬
‫تزوّ د ك ّل من لويس ماسينيون وهنري كورب ان‪ ،‬في إط ار مس يرتهما المس يحية‪ ،‬من الزه د االس المي‪،‬‬
‫وزوّ دوا بدورهم جمهورا يقف على الحد بين الطريق األكاديمي والبحث ال داخلي‪ .‬وإذا ك انت رهان اتهم‬
‫الشخصية تبرز غالبا في أعمالهما وإذا ما ع ّدلوا أحيانا أوت ار موض وعيتهما‪ ،‬ف إن ق وّ ة شخص يتهما ق د‬
‫ساهمت في نشر الثقافة الصوفية في فرنسا‪ .‬ويعترف "المتصوفة" المعاصرون أيض ا ب دين في رق ابهم‬
‫تج اه رج ال دين مس يحيون عرض وا قطع ا أساس ية من ال تراث الص وفي‪ :‬ل ويس ‪ Gardet‬غاردي ه؛‬
‫لوجيي ه دو بوريك وي‪ de Beaureceuil‬؛ ب ول نوييا‪ ... Nwyia‬وق د زاوج بعض الدارس ين بين‬
‫مج ال الدراس ة والتوج ه ال روحي وذل ك ع بر تط بيق تع اليم إس الم ص وفي‪ ،‬مث ل إيف ا دو في تراي‪-‬‬
‫ماييروفيتش ‪( de Vitray-Meyerovitch‬تـ ‪ )1998‬وميشيل شودكيفيتز ‪ . Chodkiewiecz‬إن‬
‫الوجود الفعلي لمتص وّ ف في فرنس ا أو لمجموع ة من المتص وفة يع ود بال ريب الى األم ير عب دالقادر‬
‫الذي ُح ِجز في بالدنا مدة خمس سنوات (‪.)1852-1847‬‬

‫وكان كل من خالطه من الفرنسيين ق د أُع ِجب بشخص يته الفاتن ة‪ ،‬كم ا وتظه ر لن ا بعض الوث ائق غ ير‬
‫المنشورة أخوات مسيحيات يرغبن في مرافقته الى منفاه الروحي في الشرق‪ .‬ومن مفارقات االس تعمار‬
‫الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر أنه م ّكن بعض المواطنين ذوي األصول الفرنس ية من الفك اك من‬
‫أسار الحضارة الغربية التي بدأت تفقد سحرها‪ ،‬ومن العودة الى "الصحراء" أو الى "الشرق" – بحسب‬
‫الرغبة – إلعادة التزود من األصل‪.‬إن هؤالء المتصوفة الفرنسيون األوائل – أو ذوي الثقافة الفرنس ية‬
‫– هم في الغ الب فن انون رس امون (إيتي ان ديني ه ‪Dinet‬؛ إيف ان آغيلي ‪ )Agueli‬أو ك ّت اب (ايزابي ل‬
‫ايبرهاردت ‪.)Eberhardt‬‬

‫إنهم ينخرطون في "أس طورة" الش رق ال روحي‪ ،‬ويتقمص ونه في حي اتهم وأعم الهم‪ .‬يرتبط ون بط رق‬
‫صوفية منتظمة‪ ،‬ومن كان منهم من يعيش في الجزائر لفظته الجالي ات الفرنس ية‪ .‬إن قيم ة آغيلي تكمن‬
‫في كونه من زرع أول شجرة للبس الخرقة***** في فرنسا‪ ،‬واس تطاع أن ي دفع غين ون الى االنخ راط‬
‫في الطريقة الشاذلية سنة ‪ 1912‬في قلب ب اريس‪ .‬أم ا الطري ق ال ذي س لكته ايزابي ل ايبيره اردت (تـ‬
‫‪ – )1904‬وهو طريق خاطف ألنها توفيت ولها من العمر س بعة وعش رون عام ا‪ -‬فه و أك ثر غراب ة‪.‬‬
‫فأصولها تبدو غامضة‪ ،‬والبعض يرجعون أبوّ تها الى أرتور ريمبو ‪ .Rimbaut‬وقد أص بحت فرنس ية‬
‫لتزوّ جها من صوفي جزائري‪ ،‬وأصبحت تطبق أصول التصوف ضمن الطريقة الرحمانية‪. 15‬‬

‫وحتى إذا ما افتقدت هذه الهالة الملحمية‪ ،‬فإن حياة هؤالء األوائ ل تس تحيل م ع ال وقت الى رواي ة‪ .‬ك ذا‬
‫عند أوريلي بيكار (تـ ‪ )1933‬بطلة ’’جبل أم ور‘‘ (فري زون روش)‪ ،‬ت تزوّ ج ل وران ‪ Lorraine‬س نة‬
‫‪ 1872‬شيخا تيجانيا [ينتمي إلى الطريقة التيجانية] من الجن وب الجزائ ري وتعم ل على تنمي ة الزاوي ة‬
‫األم بعد موت هذا األخير‪ .‬هناك أيضا في هذه الفترة وجه نسائي آخر ين ّد عن التحديد‪ :‬الكونتيسا فاالتين‬
‫دو سان بوان (تـ ‪ ، Valentine de Saint Point )1953‬وهي حفيدة متأخرة لالمارتين‪ ،‬ال تي‬
‫دخلت اإلسالم بعد أن عاشت حياة منحرفة في أروبا‪ ،‬واستقرّ ت في القاهرة‪ ،‬لتكون قريبة من غينون‪.‬‬

‫إن روني غينون هو أبرز من أدخل التصوف إلى فرنسا في القرن العشرين‪ .‬وبالرغم من أن ممارس ته‬
‫اإلسالمية وانتماؤه الصوفي بقيا مختو َميْن بطابع السرّ ية‪ ،‬إال أن أعماله ومراسالته مع ع دد كب ير " من‬
‫الباحثين عن الحقيقة " كانت محددة في انضمام عديد الفرنس يين إلى الطريق ة‪ .‬ك ان ه ؤالء ينتم ون في‬
‫أغلبهم إلى الطريقة األم نفس ها ال تي انتمى إليه ا غين ون ‪ :‬الش اذلية‪ ،‬ال تي تقمّص ت في الغ الب تص وّ فا‬
‫معتدال وعالما‪ .‬وتش ّكل أعماله بالنسبة للجمهور األروبي عقيدة ’’الس ّنة األساسية‘‘ ال تي تنبث ق عنه ا ك ل‬
‫الديانات التاريخية‪ ،‬وتقويض الحداثة الغربية‪ .‬وال ي زال الش يخ عبدالواح د يحي‪ ،‬ال ذي اس تقر بالق اهرة‬
‫سنة ‪ 1930‬وتوفي سنة ‪ 1951‬وكما هو معروف عنه في الوسط اإلسالمي‪ ،‬يم ارس ت أثيرا فري ًدا في‬
‫الغرب وفي بعض الحلقات في أرض اإلسالم‪.‬‬

‫عن غينون نشأ التيار " السلفي " في التصوف الغربي‪ ،‬وكان ابرز وجوهه فريتجوف شوون ‪Frithjof‬‬
‫‪( Schuon‬تـ ‪ .)1998‬وقد حرر هذا الفنان والشاعر عمال فلسفيا قويا‪ ،‬وما فتئ‪ ،‬من ذ أن ك ان يس كن‬
‫سويسرا حتى سنة ‪ 1981‬تاريخ استقراره بالواليات المتحدة األمريكي ة‪ ،‬يتوجّ ه باألس اس إلى المثقفين‬
‫الغربيين‪ .‬وقد اتهمه ممثله األول في باريس‪ ،‬الروماني ميشال فالس ان ‪( Valsan‬تـ ‪ )1974‬من ذ س نة‬
‫‪ 1950‬بالتحلل التدريجي من المعايير اإلسالمية واالن زالق نح و الس نكريتية‪ .‬وبتح ريض من غين ون‪،‬‬
‫أنشأ فالسان‪ ،‬ناشر " الطبعات القديمة " بباريس‪ ،‬طريقته الخاصة المتمح ورة ح ول تع اليم ابن ع ربي‪.‬‬
‫ويع رض كث ير من أتباع ه الفرنس يين‪ ،‬ج امعيين ك انوا أم عص اميين‪ ،‬للجمه ور الع ريض دراس ات‬
‫وترجمات لنصوص أساسية من التراث الصوفي‪.‬‬

‫المرحلة المعاصرة‬

‫أ ‪ /‬المشهد الطرقي‬

‫تعتبر الطريقة العلوي ة بمختل ف فروعه ا‪ ،‬وال تي نش أت في فرنس ا من ذ س نوات ‪ ،1920‬أك ثر طريق ة‬
‫طبعت التصوف الفرنس ي في الق رن العش رين‪ .‬وهي وإن تك وّ نت على ي دي وليّ مش هود ل ه بالهيب ة ‪:‬‬
‫الشيخ الجزائري أحمد العلوي (تـ ‪ ،)1934‬فإنها توجهت من ذ ب داياتها نح و الع الم المس يحي األوربي‪،‬‬
‫وسريعا ما انتمى إلى صفوفها أتباع فرنسيون‪ .‬لذا كوّ ن الشيخ ع ّدا بنتونس‪ ،‬خليفة الشيخ علوي‪ ،‬جمعي ة‬
‫’’أصدقاء اإلسالم‘‘ سنة ‪ 1949‬في باريس بهدف التعريف بشكل أفضل باإلسالم الروحي في أوروبا‪.‬‬

‫ومن ذ الس نوات ‪ ،1970‬ب دأنا نش هد تط وّ را س ريعا ج دا للحض ور الص وفي في أوروب ا‪ ،‬وخاص ة في‬
‫فرنس ا‪ .‬عدي د المجموع ات الص وفية المتفرع ة عن الط رق الك برى‪ ،‬كالش اذلية والنقش بندية والقادري ة‬
‫والتيجانية ‪ ،..‬بدأت ترى النور‪ .‬ولم يكن هذا التوسع مجرّ د نتيجة بسيطة للهجرة‪ ،‬فالشيوخ "الش رقيون"‬
‫يعتبرون الغرب منذ زمن طويل كمنح ة إلهي ة‪ .‬فعن دما الحظ وا أن الض غط االجتم اعي والسياس ي في‬
‫بلدانهم يمكن أن يعرقل تطورهم الذاتي‪ ،‬رأوا في الغرب فضاء للحرية‪ ،‬ولمسوا في ه تعطش ا حقيقي ا في‬
‫المجال الروحي‪ .‬اكتشف القادمون ذوو األصول المسلمة ‪ -‬سواء ك انوا من الطلب ة أو من العم ال – في‬
‫الغرب تصوفا لم يكونوا يرون فيه غير الخرافة والتسطح‪ .‬وبس رعة اس تقر بعض الش يوخ "الش رقيين"‬
‫في أوروبا‪ ،‬بينما كان عدد صغير من الغربيين الم دربين يتحرك ون كممثلين لش يخ أجن بي‪ ،‬أو يص لون‬
‫إلى مرتبة المش يخة‪ .‬ل ذلك نج د الش يخ خال د بنت ونس‪ ،‬ش يح الطريق ة العلوي ة الح الي يعيش في فرنس ا‬
‫ويجتهد في شرح الدعوة الكونية للتصوف‪ .‬ولكن الزاوية األم بقيت في مستغانم غربي الجزائ ر‪ .‬وك ان‬
‫ف‪ .‬شويون من مريدي الطريقة العلوية‪ ،‬ونجد لدي ه ه و أيض ا – ولكن بتعب يرات مختلف ة ‪ -‬ه ذا البع د‬
‫الكوني إلى جانب تأثير كبير في األوس اط المس يحية‪ .‬وه و يس مّي طريقت ه بال َمرْ َيم ّي ة (نس بة إلى م ريم‬
‫العذراء)‪.‬‬
‫إن العالم الطرقي الفرنسي رخو جدا‪ ،‬وهو ص ورة لم ا ه و علي ه‪ ،‬أو ك ان علي ه‪ ،‬في البالد اإلس المية‪.‬‬
‫فالشاذلية مثال‪ ،‬التي نشأت في مصر الق رن الث الث عش ر‪ّ ،‬‬
‫ممثل ة بالزاوي ة العلوي ة ومختل ف تفرعاته ا‬
‫(والتي من ضمنها الطريقة المدنية التونسية)‪ ،‬وبالزاوية الدرقاوية (المغرب – القرن الثامن عش ر)‪ ،‬أو‬
‫هي مرتبطة إلى إرث ميشال فالسان ‪...‬الخ‪ .‬يمكن أن تتف رع عن الطريق ة األم مجموع ات مختلف ة ج دا‬
‫في اختياراته ا وطرائقه ا‪ ،‬كم ا يب دو في النقش بندية مثال‪ .‬هن اك بعض الف رق ال تي اخت ارت عن قص د‬
‫طريق الكتمان‪ ،‬في حين تكشف أخرى عن حماس ة في دعوته ا‪ .‬إن البُتشيش ية المغربي ة‪ ،‬وهي متص لة‬
‫بالطريقة القادرية األم‪ ،‬تخصص جهدا كبيرا للتعريف برسالة الشيخ حمزة‪ ،‬سواء عبر مواقع االن ترنت‬
‫والحلقات العلمي ة والحفالت‪ ،‬أو ع بر المحاض رات ال تي يق ّدمها ف وزي الص قلّي‪ ،‬ممث ل ه ذه الطريق ة‬
‫المعروف ة في فرنس ا‪ .‬وبم ا أن ’’على الش يخ البحث عن أتباع ه‘‘ ك ان من الض روري الوص ول إلى‬
‫جمهور واسع حتى وإن كان غير مسلم‪.‬‬

‫وهو – هذا العالم الطرقي – رخو أيضا بسبب من جذوره الجغرافية المتنوعة‪ ،‬ويمكن القول إن أوروبا‬
‫أرض ا للّق اء بين مختل ف التقالي د الص وفية في الع الم‬
‫ً‬ ‫وبالتحدي د فرنس ا‪ ،‬هم في ط ريقهم ألن يص بحوا‬
‫ُ‬
‫اإلسالمي‪ .‬ف إذا ك انت إي ران حاض رة بش كل محتش م بفض ل نعمةهللا واأل َويْس ي‪ ،‬فق د جاءن ا من تركي ا‬
‫مجموعات نقشبندية كثيرة‪ ،‬ومن السودان الطريقة البرهانية‪ ،‬ومن المغرب – إض افة للطريق ة الش اذلية‬
‫ّ‬
‫محط ات‬ ‫الكبرى – التيجانية‪ ،‬ومن جنوب الصحراء االفريقي ة التيجاني ة والمريدي ة‪ .‬وق د ش ّكل ه ؤالء‬
‫لجاليات مهمّة في فرنسا‪ ،‬الرتباطها بنظام مع ّقد للهجرة من الس نغال إلى فرنس ا‪ .‬وتس تفيد ه ذه الموج ة‬
‫من التصوف األرثوذكسي‪ ،‬ألن المنضوين تحتها يحافظون على تع اليم اإلس الم وير ّك زون أحيان ا على‬
‫العلوم اإلسالمية‪ .‬يحافظ أغلب المريدين على عالقة مع هذا البلد اإلسالمي أو ذاك‪ ،‬ويقومون بزي ارات‬
‫دورية لزاويتهم األ ّم‪ .‬أما مسألة التبيئة مع السياق الغربي فلم يقع حلّها في كل األوضاع‪ :‬فمن بين ال ذين‬
‫تتلمذوا ولبسوا الخرقة في المشرق‪ ،‬نجد من يتطلع إلى جلب عادات عربية أو افريقية أو غيرها‪.‬‬

‫وهناك فرق أخرى تخلّصت نهائيا من الشكل اإلسالمي ل ُتظهر بش كل أفض ل – حس ب رأيه ا – كوني ة‬
‫الحكمة الصوفية‪ .‬وبفتح الباب أمام السنكريتية‪ ،‬فإن هذه المجموعات تأمل بكل قوة في ن وع من عالمي ة‬
‫الروح‪ .‬ويساهمون فيما يسمّيه البعض "التص وف الجدي د" ال ذي يع ني تي ارا غربي ا خالص ا ي دعو إلى‬
‫ممثلوه فهم في الغالب "شرقيون" مثل إدريس شاه‬ ‫تصوف مختلف كلّيا عنه في البالد اإلسالمية‪ .16‬أما ّ‬
‫بانجلترا وبير فاليات خان بالواليات المتحدة األمريكي ة وفرنس ا‪ .‬وينعتهم أتب اع التص وف "اإلس المي"‬
‫بالنصب‪ ،‬مذ ّك رين أنه ال يمكن أخذ الطريقة إال داخل شكل ديني محدد‪ .‬والعالمية بالنسبة إليهم ال تحت اج‬
‫إلى السنكريتية‪ ،‬ألنها تعلن عن نفسها في استكشاف الوحي اإلسالمي‪.‬‬

‫وبشكل عام فإن التصوف الفرنسي يدعو إلى السلفية ألسباب عدّة‪:‬‬

‫‪   ‬أصبح الدين اإلسالمي في فرنسا أكثر بداهة ‪ ،‬وهو يش ّكل أيضا سلوكات المتصوفة‬

‫‪   ‬ال يزال التصوف الفرنسي مطبوعا بالنزعة اإليمانية الغالبة في البلدان اإلسالمية‬

‫‪   ‬ال يزال تأثير غينون ‪ ، Guénon‬الذي يأخذ باالستبطان‪ ،‬كب يرا ويمن ع ظه ور س لوكات من ن وع‬
‫"الزمن الجديد"******‪ ،‬والتي نجدها بسهولة أكبر في الفضاء االنجلو‪-‬سكسوني‪.‬‬

‫ب ‪ /‬مظاهر اجتماعية وثقافية‬

‫إن الطرق الصوفية تستجيب لمنطق مزدوج‪:‬‬

‫‪   ‬فهي تمث ل غالب ا الغاي ة القص وى لبحث ذاتي‪ ،‬س واء تعل ق األم ر "بمعتن ق جدي د" لإلس الم‪ 17‬أو‬
‫بالمس لمين والدة اكتش فوا التص وف أو أع ادوا اكتش اف اإلس الم ع بر التص وف‪’’ .‬االعتن اق يشخص ن‬
‫التجارب‪ ،‬بينما تجمعها الطريقة‘‘‪18.‬‬
‫‪   ‬وهي تق ّدم اإلطار الحاضن لهذه المقارب ات الذاتي ة ع بر التهلي ل ل روح الجماع ة المعني ة تقريب ا‪ .‬إن‬
‫الطرق التي يكون فيها المنهج رصينا ومثقفا‪ ،‬تلجأ إلى اللعب أق ّل على مشاعر االنتماء الطرقي‪.‬‬

‫ويب دو المث ال االجتم اعي للمنتس بين للتص وف متنوع ة تن وع المس لمين أنفس هم‪ ،‬ألنن ا نالح ظ بازدي اد‬
‫أشخاصا غير خاضعين للنماذج المعروفة‪ ،‬متنوعي الثقافات مثال‪ ،‬أو أص حاب مس ارات مع ّق دة‪ .‬ويب دو‬
‫عدد "معتنقي اإلسالم" في هذه المجموعات أعلى بكثير‪ :‬باستثناء مجموعات المهاجرين المنط وين على‬
‫أنفسهم حيث تتراوح أعدادهم بين الربع والكل‪ .‬وهو حال اإلدريسية المنتسبة إلى الش يخ االيط الي عب د‬
‫ّ‬
‫وممثل ه األك ثر ش هرة في فرنس ا عب د الح ق غي دردوني‪ .‬ينتس ب "المعتنق ون" في‬ ‫الواحد باالّفيتش يني‪،‬‬
‫الغ الب إلى مس توى اجتم اعي وثق افي مرتف ع عن ه ل دى المه اجرين أو أبن اء الهج رة‪ ،‬ولكن ال ب د من‬
‫التوس ط بين‬
‫ّ‬ ‫االنتباه إلى الفروق بين هذه التصنيفات‪ .‬فعدد قليل من بين هؤالء كان ل ه دورا طبيعي ا في‬
‫اإلسالم والمسيحية‪ ،‬بين الثقافات "الشرقية" والثقافة الفرنسية‪ .‬ولكن التباين ات يمكن أن تص بح محرج ة‬
‫في ظل الطريقة الواحدة؛ لذلك اختارت البشتونية الفصل بين المريدين ذوي األصول المغربية وغيرهم‬
‫من ذوي األصول األوروبية‪ .‬ويمكن أن تعود طبيعة الخالف ات إلى اختالف األجي ال أو م ا ه و متعل ق‬
‫بالمس ائل اللغوي ة‪ :‬فالق دماء ك انوا يحس نون العربي ة وال يتكلم ون الفرنس ية إال قليال‪ ،‬على عكس ج ل‬
‫الشباب‪.‬‬

‫ويمكن أن تجمع طريقة ذات انتشار معق ول بين ص فوفها مري دين أص نافا متنوع ة ج دا من المري دين‪،‬‬
‫وذلك عندما تكون هيب ة الش يخ أو ممثل ه ق ادرة على ص هر ه ذه االختالف ات‪ .‬ففي ت اريخ بل دان الع الم‬
‫اإلسالمي‪ ،‬اخترقت الطرق في األغلب كل الطبقات االجتماعية‪ .‬ومن البديهي أن تقترح الزاوي ة مج اال‬
‫للرفقة‪ ،‬وشبكة للتآزر تحتضن حينا وتقوّ ي العزم أحيانا‪ ،‬وهي مرنة إلى درجة تجعلها قادرة على قب ول‬
‫واحتضان ذوات باحثة عن نفسها أو أكثر هشاشة من تجارب سابقة‪ .‬وفي جمي ع الح االت ف إن الش يوخ‬
‫يطلبون من مريديهم االستمرار في دراستهم واكتساب شهادات علمية ما يعني اعتراف اجتم اعي‪ .‬وهم‬
‫يرفض ون اس تعادة مث ال ط رق التص وف الش عبي في فرنس ا‪ ،‬ذاك ال ذي تع رّ ض لهجم ات الس لفيين‬
‫والمصلحين‪ ،‬ذلك المثال الذي شوّ ه صورته ولمدة طويلة في البالد اإلسالمية‪.‬‬

‫يقول المتص وفة عن أنفس هم أنهم‪ ،‬على المس توى الف ردي والجم اعي‪ ،‬ال يمارس ون السياس ة‪ ،‬وت راهم‬
‫حذرين من اإليديولوجيات‪ .‬بل إن بعضهم يرفض االنخراط في أيّ نشاط مدني‪ ،‬معتبرين دورهم خارج‬
‫ذلك الفضاء‪ ،‬في حين يعتقد غيرهم أن على المسلمين المتدينين االنخراط في الحياة العامة‪ ،‬للدفع باتجاه‬
‫ب ديل عن التي ارات اإلس المية أو عن "إس الم األعم ال"‪ ،‬والق تراح حل ول لآلالم ال تي يع اني منه ا‬
‫المجتمع المعاصر‪ .‬وبالتوازي مع ذلك‪ ،‬يمكن له ذا االل تزام أن يخ دم مص الح الطريق ة طبع ا‪ ،‬ويس اعد‬
‫على مزيد التعريف بها‪ .‬وفي الوقت الحاضر فإن النشاط السياسي الصرف لصوفية فرنسا يقتصر على‬
‫المشاركة بشكل من األشكال في المجلس الفرنسي للديانة اإلس المية ( ‪ ،) CFCM‬م ع ص عوبة بائن ة‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫المفض لة لمتص وفة فرنس ا هي الس احة الثقافي ة‪ .‬فكث ير من المجموع ات المتش ّكلة في‬
‫ّ‬ ‫وتبقى الس احة‬
‫ّ‬
‫جمعيات (محكومة بقانون ‪ )1901‬تنظم حلقات دراسية حول اإلس الم أو ح ول التص وف‪ ،‬وم ؤتمرات‬
‫ومحاضرات ومعارض‪ ،‬تكون أحيان ا في مس توى ع ال (اليونس كو؛ مجلس الش يوخ الفرنس ي؛ المجلس‬
‫األوروبي؛ كما في حالة الطريقة العلوية مثال)‪ .‬كما أن بُعْ د التزاوج الديني حاضر بقوة في هذه الساحة‪.‬‬
‫تتحرك االدريسية الفرنسية اإليطالي ة من خالل معه د الدراس ات اإلس المية العلي ا ب أومبران ‪Institut‬‬
‫‪ des Hautes Etudes Islamiques d’Embrun‬الذي يصدر كراسات حول محاور معينة‬
‫العلَوية فهي تتدخل في إطار جمعية أراض ي أوروب ا ‪ Terres d’Europe‬ال تي‬ ‫ّ‬
‫وينظم ملتقيات‪ .‬أما َ‬
‫عوّ ضت أصدقاء اإلسالم ‪ ، Les Amis de l’Islam‬وهم بصدد اإلعداد لمشروع مؤسسة خيرية ؛‬
‫وتصدِر البوتشيشية مجل ة تص وف الش رق والغ رب (باللغ ة الفرنس ية) ‪Soufisme d’Orient et‬‬
‫‪d’Occident‬؛ بينم ا يص در محم د فالس ان‪ ،‬ابن الش يخ فالس ان‪" ،‬مجل ة للدراس ات التقليدي ة" ‪ :‬العلم‬
‫المقدس ‪ Science sacrée‬بخلفية غينونية (نس بة إلى روني غين ون) كب يرة‪ .‬وتحاف ظ المنش ورات‬
‫الشخصية ذات العالقة بمختلف تيارات المتصوفة الفرنسيون على وتيرة محترم ة‪ ،‬كم ا الش أن بالنس بة‬
‫لترجمات نص وص التص وف‪ ،‬ال تي تبقى قيمته ا متفاوت ة والح ق يق ال‪ .‬وك ان منش ط الحص ة التلفزي ة‬
‫المخصصة لإلسالم صباح كل أحد هو عبد الحق غيدردوني المذكور أعاله‪ ،‬وقد أبقت هذه الحصة بعده‬
‫على اهتمامها بالتصوف‪.‬‬

‫لقد كان متصوفة الشرق األوس ط في الق رن الث اني عش ر ولح د كب ير وراء االحتف ال بالمول د النب وي‪،‬‬
‫وبنفس الطريق ة جعلت جمعي ة أراض ي أوروب ا من ه ذا االحتف ال مناس بة عام ة في ب اريس‪ .‬يس تفيد‬
‫التص وف في فرنس ا‪ ،‬باعتب ار حداثت ه‪ ،‬من ق وة على الت أقلم ق ادرة على خل ق أش كال جدي دة تماما‪،20‬‬
‫وحرية عقائدي ة مفق ودة في بعض البل دان المس لمة‪ :‬حيث لم يكن من الممكن لبعض األعم ال األساس ية‬
‫التي ظهرت في فرنسا بالتحديد حول ماورائيات ابن عربي أن ترى النور هناك‪ .‬ويع َت َب ر الغ رب أيض ا‬
‫ساحة مم َي َزة اللتقاء الروحانيات المختلفة‪ ،‬وليس فقط ّالتوحيدية" منها ‪.21‬‬

‫إن السحر الذي تمارسه الصوفية اليوم في فرنسا‪ ،‬والب ادي بالخص وص على جمه ور النس اء‪ ،‬يتج اوز‬
‫ظاهرة التقليعة‪ .‬إنها تستجيب لحاجة حقيقية إلى روحانية وحكم ة في ع الم يش هد ض ياعا ت دريجيا للقيم‬
‫والمنارات الذاتية‪ ،‬حاجة تعبّر عن نفس ها أيض ا في أن واع أخ رى من الروحاني ات على أرض نا‪ .‬يمكن‬
‫للتصوف في فرنسا أن يق ّدم إجابة للشباب " ذوي األصول المهاجرة " الذين يط البون بروحاني ة كوني ة‬
‫بحكم أنهم‪ ،‬على غرار بقية أفراد المجتمع‪ ،‬مأْخوذون في لولب العولمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫التجذر في س ّنة إسالمية عمرها أكثر من‬ ‫ويمكن للتصوف‪ ،‬بشكل عمودي‪ ،‬أن يعين هؤالء الشباب على‬
‫ألف سنة‪ ،‬وذلك عبر ربطهم بإح دى الط رق الص وفية الك برى‪ ،‬ولكن أيض ا ع بر تخليص هم من ر ّدات‬
‫الفعل ذات العالقة بالهوية‪ ،‬ومن أغالل الطائفة والعائلة‪.‬‬

‫وبعيدا عن اإلضافة المتعلقة أساسا بالتلقين والخاصة بعدد محدود من األشخاص‪ ،‬ف إن الثقاف ة الص وفية‬
‫تس اهم في اس تعادة األولوي ة الروحي ة للرس الة اإلس المية‪ ،‬ال تي غالب ا م ا اختنقت تحت وط أة النزع ة‬
‫التش ريعية‪ ،‬وفي تحطيم العوام ل ال تي تح ول ال دين إلى أدوات‪ .‬وإذا ك ان التص وف يق دم إلى بعض‬
‫األوروبيين طريقا روحيا‪ ،‬فإنه يمكن أن يستعمل بشكل أعم مو ِّف ًقا بين اإلسالم والغرب‪.‬‬

‫الهوامش‬

‫‪ )1‬نستعير هنا عنوان مقالة لـ م‪ .‬ش ودكيفيتز ’’تل ّقي الغ رب للتص وف‪ :‬الظنّ واليقين‘‘‪ .‬دخ ول الفلس فة‬
‫العربية الى أروبا‪( .‬نشر س‪ .‬بو ّتروورث ‪ /‬ب‪ .‬أ‪ .‬كيسّل) ليدن‪ ،1994 ،‬ص ‪149-136‬‬

‫*) كلكم ة مرادف ة للكيمي اء الس حرية ‪ ،‬نس بة الى ه رمس ال ذي يعتق د اليون ان أن ه مب دع ه ذا العلم‬
‫[المترجم] ) نفسه؛ ص ‪142-141‬‬

‫**) األولى على الحدود االسبانية الفرنسية‪ ،‬والثانية جنوب فرنسا‬

‫‪ )2‬أنظر مثال ‪P . du Puys de Clinchamps ; la Chevalerie. Paris, 1961 ; p .‬‬


‫‪12‬‬

‫‪ )3‬أول فرقة دينية عسكرية مسيحية تكونت في الق دس س نة ‪ 1118‬ميالدي ة واض محلّت س نة ‪1312‬‬
‫وأخذت مقرا لها بقايا هيكل سليمان ‪ :‬األقصى حالي ا [الم ترجم]‪ .‬االنس ان ومالئكت ه‪ :‬التلقين والفروس ية‬
‫الروحي ة‪ .‬ب اريس‪1983 ،‬؛ ص ‪224-223 ،221 ،219‬؛ ‪( 229-228‬باللغ ة الفرنس ية) ويعطي‬
‫كمثال على ذلك إنشاء الجزيرة الخضراء في سترازبورغ في القرن الرابع عشر‬
‫‪’’ les Templiers ) 4‬مقدمة‘‘ لنصوص لألتب اع – الفرس ان‪ .‬ب اريس‪/‬طه ران‪ .1973 ،‬ص ‪10‬‬
‫(بالفرنسية)‬

‫***) ‪ Graal‬هو الك أس ال ذي تلق ف في ه الحواري ون دم المس يح ‪ )5‬ب‪ .‬بونس وي؛ االس الم والك وب‬
‫المقدس‪ .‬ميالنو‪1976 ،‬‬

‫****) ‪ Chrétien de Troys‬عاش بين ‪ 1135‬و‪ 1183‬تقريبا وهو شاعر وكاتب فرنسي‪ ،‬ويعتبر‬
‫أول روائي فرنسي‪ ،‬له ‪Perceval ou le conte du Graal‬‬

‫‪ )6‬ر‪ .‬غينون؛ تأمالت في التلقين ‪ .‬باريس ‪ .1983 ،‬ص ‪( 243‬بالفرنسية)‬

‫‪ )7‬أخبار عربية عن الحروب الصليبية‪ .‬نصوص من اختي ار وتق ديم ف‪ .‬غابري الي‪ .‬ب اريس‪.1977 ،‬‬
‫ص ‪( 107 – 106‬بالفرنسية)‬

‫‪ ) 8‬تأمالت في التلقين؛ ص ‪247-246‬‬

‫‪ )9‬نفسه؛ ص ‪243‬‬

‫‪ )10‬تأمالت في في الباطنية االسالمية والتاوية؛ باريس‪ .1973 ،‬ص ‪( 87-86‬بالفرنسية)‬

‫الو الية النسائية في السيرة االسالمية‘‘ ضمن كتاب‪ :‬قديسون مشارقة‪.‬‬


‫‪َ ’’ M . Chodkiewicz ) 11‬‬
‫(تحت إشراف ‪ .1995 ، ) D. Aigle‬ص ‪100-99‬‬

‫‪ ) 12‬رسالة ص فيّ ال دين بن أبي منص ور‪ .‬تحقي ق ومقدم ة وترجم ة ‪ D. Gril‬؛ الق اهرة‪IFAO ، :‬‬
‫‪ .1986‬ص ‪ M. Chodkiewicz ) 202 - 201‬؛ ’’ تقبّل الغرب للتصوف‘‘ (بالفرنسية)‪ .‬نفسه‪،‬‬
‫ص ‪148‬‬

‫***** ) إن التعبير الدارج في األدبي ات الص وفية المتعلق ة بمص طلحات ‪ initiation‬ه و لبس الخرق ة‬
‫وهي تعني في نفس الوقت االنخراط والتلقي‬

‫‪ ) 13‬زيادة على كثير من األعمال غير األكاديمية‪ ،‬كأعمال إدمون د ش ارل‪ -‬رو ‪ ،‬فإنن ا نعتم د على م ‪.‬‬
‫سدغفيك ‪ Sedgwick‬في كتابه ‪ ، Against the Modern Word‬أوكسفورد‪ .2004 ،‬ص ‪63‬‬
‫‪65 -‬‬

‫‪C.Keller <> ; Scholarly Approches to Religion Interreligious )14‬‬


‫‪Perceptions, and Islam (éd. Par J. Waardenburg), Berne, 1995 ; p 381‬‬
‫‪et sq. ; M. Sedgwick, <> ; Etudes traditionnelles n° 270, sept. 1948 ; p‬‬
‫‪237‬‬

‫****** ) ترجمة للمصطلح االنجليزي الدارج ‪ New Age‬وهو تيار فكري غربي في الق رن األخ ير‬
‫ّ‬
‫ويبش ر‬ ‫يجمع عديد الجماعات الروحية المتناقضة‪ ،‬وهو يعتمد أيض ا على حجج من مج ال علم التنجيم‪،‬‬
‫بعصر ذهبي قادم للبشرية [المترجم]‬

‫‪ ) 15‬نضع ه ذه الكلم ة ‪ convertis‬بين معقفين ألن األش خاص المعن يين ال يح ّب ذونها إطالق ا‪ .‬يق ول‬
‫غينون إن ك ّل شخص يعي وحدة التعاليم الروحية هو بالضرورة ش خص "عص يّ عن التحوي ل إلى أيّ‬
‫شيء" ؛ أنظر ‪Etudes traditionnelles ; n° 270, sept. 1948. p 237‬‬
‫‪ >> L. Le Pape ) 16‬االلتزام الديني وااللتزام ات السياس ية‪ :‬علم اجتم اع االعتن اق في طريق ة‬
‫[ص وفية] مس لمة << (باللغ ة الفرنس ية) ‪ in‬ع دد خ اص من مجل ة ‪Archives des Sciences‬‬
‫)‪ ، Sociales des Religions (éditions de l’EHESS‬يصدر قريب ا‪ .‬وي أتي ه ذا الع دد‬
‫نظمه ا في ج وان ‪ 2004‬هـ ‪ .‬ال ُب دراري‪ ،‬م ‪ .‬ح داد‪ ،‬م ‪ .‬نبطي (معه د‬ ‫الخاص على إثر حلقة دراس ية ّ‬
‫الدراسات العليا للعلوم االجتماعية) باريس‬

‫******** ) هي ترجمة تقريبية لــ ‪ islam-affairisme‬والذي يعني به الكاتب تل ك الجماع ات ال تي‬


‫تعتمد الدين أداة لتنمية مواردها الربحية عبر مشاريع ضخمة تسوّ قها باسم اإلسالم‪[ .‬المترجم]‬

‫‪ )17‬تعني تلك الصعوبات أساسا طرق العلوية واإلدريسية والبُتشيسية‬

‫‪ )18‬أنظ ر في ه ذا الموض وع إري ك ج وفروا في الفص ل الخ امس من كتاب ه ‪Initiation au‬‬
‫‪ soufisme‬وقد صدر بباريس ‪ ،2003‬وقد عنون فصله <>‬

‫‪ ) 19‬ال ننسى أن الشيخ بنتونس هو مؤسس الكشافة المسلمون بفرنسا وهو قائدها الروحي‬

‫‪C. Hamès ; <> dans Les Voies d’Allah, Paris, 1996. p. 447 )20‬‬

‫‪ )21‬أنظر الحلقة الدراسية السنوية ’’إسالم – ضارما‘‘ (‪ Dharma‬هو االسم الحقيقي للطريقة البوذية‬
.The Seminal Role of Sufism in Europe’s Islam : A Contemporary Perspective

http://www.eric-geoffroy.net/The-Seminal-Role-of-Sufism-in

Lecture at Georgetown

Some history 
If we want to define correctly the current role of Sufism in Europe, we have to go back to the Middle
Ages, as we have known for the last few decades that Islamic spirituality had something of an
influence on medieval Christendom. For instance the legend of the female saint Rabia Adawiyya, who
lived in Irak in the ninth century, reached the court of Saint Louis, in France, and the Divine Comedy
by the Italian author Dante (fourteenth century) bears the mark of the story of the heavenly
Ascension of the prophet Muhammad (Mi’râj). Furthermore, the mystical doctrine of Saint Theresa
of Avila and of Saint John of the Crew, in sixteenth Century Spain, may have borrowed some
elements from Maghrebo-Andalusian Sufism. Later, in the nineteenth century, European expansion
in the Muslim world, through exploration and colonialism enabled some European “seekers of truth”
to encounter Sufism. These individuals were rejecting the positivist ideology of Europe, its
mechanistic and materialistic civilization as well as the secularization of Western Christianity which,
they said, had lost its esoteric content. In this climate of “loss of meaning”, they found a
metaphysical revival in Oriental forms of spirituality like Sufism. Take the English explorer Richard
Burton, the French Orientalist painter Etienne Dinet, the French writer Isabelle Eberhardt, or the
native Swede Ivan Agueli.
As a result of the spread of European colonialism there was a wave of Asian and African immigration
in Europe, and from the 1920’s Sufism appeared in Europe. One of the first Sufi orders to emerge in
Europe in that period was the ‘Alâwiyya order initiated by the Algerian shaykh Ahmad al-‘Alâwî (who
died in 1934). This shaykh came to France in person in 1926, and participated in the inaugural
ceremony of the Great Mosque of Paris, which was built in gratitude for the sacrifice of the Muslim
soldiers during the First World War. In the atmosphere of “disenchantment” which prevailed after
this appalling war, spiritualities like Hinduism and then Sufism were given the task of “colonizing
people’s hearts”, as it were. One of the greatest references in this period was René Guénon, a French
author who explained to the European public that the modern West was in crisis or, worse, in a state
of terminal decline, as a result of its loss of transmission of tradition during the last half of the second
millennium A.D. So, for Guénon, the West had to go back to the roots of primordial truth, the
primordial Tradition which underlies each of the historical religions. Having been initiated into Sufism
himself in Paris in 1912, he aimed to set out the metaphysical thought of Perennial Philosophy in a
series of books, in order to form a Western elite and to restore “traditional civilization” in the West.
He settled in Cairo in 1930 and died there in 1951 but, as a universalist Sufi, he wrote much more
about Hinduism for instance than about Islam or Sufism. Yet he has had great influence until now – at
least in France –on some Europeans who have subsequently chosen to follow the path of Sufism.
In the wake of Guénon, some Traditionalists moved to Islam, since they saw in it the last expression
of Revelation for this age. They all stressed the universalism of the Islamic message, in such a way
that it appears to be the first real bridge between East and West, in the modern times at the least.
Some worked at extricating it from its oriental or Arabic context. Frithjof Schuon, a prolific spiritual
author and a Sufi master of Swiss origin, highlighted the “Transcendental Unity of Religions”, but in a
quite distinct way from Guénon. The Sufi path he founded is devoted to Virgin Mary, which explains
the great influence he gained on some Western Christian circles. It might be worthwhile to note that
Schuon has been first affiliated to the ‘Alâwiyya order, which has a Christic character. As you may
know, Schuon, who left Europe for the USA in 1981 and died here in 1998, left behind him some
celebrated successors in the field of Sufism and academic islamology alike, such as Martin Lings in
England and Seyyed Hossein Nasr, who teaches at this university. Other representatives of
Traditionalist Sufism, although less well known in America, were or are still active in Europe, adopting
various positions towards exoteric Islam and sometimes having contacts with Western esoteric
organizations, like Freemasonry in its spiritual tendencies.
For some scholars the Traditionalist movement is an integral part of what they call “Neo-Sufism”,
which might differ significantly from the standard models found in the Islamic world. It’s true to say
that, like Traditionalist Sufism, Neo-Sufism promotes religious and cultural pluralism and therefore
the relativization of claims to religious truth, however Traditionalist Sufism takes its roots, as we shall
see, in the Qur’ân and classical Sufism while Neo-Sufism should be considered as a modern
syncretism.
Since the 1970’s, the presence of Sufism has increased rapidly in Europe. This phenomenon was not
believed to be an accident by the “oriental” Sufi masters. They saw in the West a providential land,
observing that the socio-political pressure which weighs on Muslim countries may impede (entraver)
personal development. At the same time, and rather paradoxically, the West is truly fallow land from
the spiritual point of view, where people have lost their bearings (repères), but precisely for this
reason it’s also a space of freedom with broad horizons where Sufis, amongst others, can sew new
spiritual seeds. For instance, by virtue of this freedom studies of the works of the great Sufi Ibn ‘Arabî
are flourishing in the West whereas they are denigrated and stigmatised in some Islamic countries
because of the threat of fundamentalism and even forbidden in Saudi Arabia. This explains why a few
“oriental” Sufi masters settled in the West, while some Westerners who trained in the East became
representatives of oriental masters or even became Sufi masters themselves. Nowadays the West is
the place where Sufi orders from different geographical origins can meet, as is the case for religions
as a whole. Oriental religions like Hinduism, Buddhism or Islam have fruitful exchanges in the West,
since here they can leave aside their different sociocultural environments which often generate
conflicts.
Another main factor which has contributed to a greater knowledge of Sufism in Europe and thus the
spreading of its practice is the plethora of academic studies in this field. Though some Muslims
criticize the European orientalists – often without discernment – there is evidence that firstly these
orientalists knew the Islamic tradition better than these Muslims, and secondly that they were most
likely not ill-intentioned. Famous scholars are to be found in the studies of Sufism, and those who
had charismatic personalities involved themselves in spiritual quests, in Christianity or in Islam, or
rather at the meeting-point between these two religions. This was the case for Annemarie Schimmel
in Germany and, in France, for Louis Massignon, Henry Corbin, Eva de Vitray-Meyerovitch, etc. Let’s
take the French example of Michel Chodkiewicz, who is still alive, and succeeded in being at the same
time the general manager of a famous publishing house, a recognized specialist of Ibn ‘Arabî and
Sufism, as well as being a Sufi guide himself. You won’t find such personal implication from scholars
in the other fields of Islamic study. Many people in Europe, whether of European or Arabic origin, are
still closely guided by the studies and the translations of these prominent academics and their
current successors : we now have access to most major works of the universal Sufi legacy, in both
French and English.
Which kind of Sufism ?
Sufism may be seen as the inner dimension of Islam, as the incarnation of Spirit in the body of the
Islamic religion. It means that Sufism should be inseparable from Islam. For this reason, Guénon
underlined the necessity, for a spiritual seeker, to follow one of the world religions and to aim at
congruence between esoteric and exoteric practices. One can’t take a narrow, uphill path like Sufism
without the protection of the wide path of a particular religion, assert Sufi masters. But, on the other
hand, Sufism is not confined to the Islamic religion. So you can hear in some Islamic countries that
the mystic dimension of Christianity is called “Christian Sufism” and such is the case for Jewish
mysticism. 
Thus each Sufi milieu in Europe positions itself specifically in relation to Islamic orthodoxy. Most of
the Sufis there remain attached to general Islamic prescriptions, and keep in contact with one
Muslim country or another. Some of them have been taught in Islamic teaching institutions abroad
and are well versed in Islamic sciences. But this raises the question of the adaptation of those groups
to western culture, since when you have an Arabic, a Turkish or an African shaykh (master), you are
inclined to adopt his way of life or thinking. Of course, spirituality is universal and crosses all borders,
yet it is conditioned by each cultural context. Most “oriental” Sufi masters are well aware of these
cultural barriers and therefore they let their Western representatives adapt their teachings to their
own environment, but some of these representatives refuse to take on such freedom, contenting
themselves with imitating what they have seen and experienced in the East.
In contrast, a few groups broke away from the Islamic form, believing it necessary to stress the
universalism of Sufi wisdom. Opening the door to syncretism, these so called “Neo-Sufi” groups
aspire to a kind of globalization of the Spirit. Seeing in Sufism the “pure essence of all religions and
philosophies”, they don’t speak of God but of personal development, and then present Sufism
without an Islamic face ! Based in England, the Indian born Idries Shah taught a philosophy inspired
by his personal view of Sufism, and you may know the “Universal Order” of Pir Vilayat Khan,
established in the USA as well as in France : if you attend one of their seminars you won’t hear a
word about Islam or the Prophet Muhammad. This Islam-free Sufism has had more success, no
doubt, in the USA than in Europe. Amongst the reasons that explain this phenomenon, we can put
forward the old historical links between the Muslim world and Europe and, concerning France, the
role of Guénon in promoting a rather strict observance of a religion – whatever it might be. French
Guenonism, for instance, gave birth to a highly Islamic tarîqa, or Sufi order, directed in Paris by the
Romanian Michel Vâlsan (d. 1974), whose disciples have had a strong impact on the orientation of
French Islamology. Generally speaking, European Sufism doesn’t intend to depart from (se départir
de) the heritage of baraka, the spiritual influence which comes from God and the Prophet through
the initiatory lineages of the Sufi orders and which is still to be found in the Muslim world. The rituals
that European Sufis need daily are also preserved in these areas. Thus, to sum up, between these
two extremes which are strict adherence to Islamic prescriptions on the one hand and Islam-less
Sufism, on the other, you can find a highly nuanced range of approaches.

The roles that Sufism assumes or may assume in Europe


Although some Salafî Sufi groups exist, which are narrow-minded, quite fundamentalist and anti-
Western, European Sufism is undoubtedly a great way of opening up to universality, firstly for the
young Muslims of North African origin who are numerous in some European countries. For instance,
the Sufi doctrine of the “Universal Man” (al-insân al-kâmil), expressed (formulée) in terms adapted
to our time should allow some of them to attain the inner freedom which spirituality provides
(procure). The Algerian Emir Abd El-Kader should be a model for them, as he embodies the Islamic
value of spiritual humanism, as shown by the fact that he was holding out the hand of friendship to
the French Christian authorities while the French army was destroying his country in the 1830’s and
1840’s. The Emir carried out a “small” militaryjihad (al- jihad al-asghar in Arabic) against the invading
French troops, but his true vocation was the “great” spiritual jihad –al-jihâd al-akbar), that’s to say
the struggle against the passions of the soul, which may lead to the enlightenment of the soul by
following the Sufi path. The Emir, who was very popular in France during the five years of his
detention before he left for the Near-East, is an example which merits contemplation in
contemporary Europe.
More and more young Muslims in Europe reject the vision of Islam they inherited from their parents,
an Islam which is often confined to a catalog of prescriptions and prohibitions, and which appears as
a kind of formalistic and insipid catechism, whereas the notion of spiritual taste” (dhawq in Arabic) is
central to the Sufi experience. Furthermore, this one dimensional Islam is mixed with Arabic, Berber,
African or Turkish customs, and the seminal and perennial values of Islam are absent from it. Like
other social strata in Europe, these young Muslims are seeking (aspirer à) true spirituality which
makes them free from a blind religious and ritualistic observance as well as from Western
materialism and consumerism. In the process of a “theology of liberation” which is occuring in some
European Muslim milieus, Sufism may play a decisive part. I have personally met a lot of Maghreban
students in France who grew up in traditional Sufi families in their country but had subsequently
given up (délaisser) the practice of Islam because it was a routine one and in the end they considered
Sufism as mere superstition : we can observe that they rediscovered Islam and Sufism in Europe, in a
renewed context. Now European Sufism has itself begun to inseminate (féconder) Arabic lands. In
these countries Islam is often alienated by a legalist mentality as well as by ideologies like Arabic
nationalism or Islamism. The every day real-life experience of Islam there suffers from socio-political
obstacles.
In the present context of globalization, religion and spirituality need to get a holistic view of the
world, that takes into account the interdependence between man and cosmos, and this is especially
possible in the West nowadays. Institutionalized religions in the world face big challenges. What is
their attitude, for instance, towards modern science, economy, politics, ecology, bio-ethics and so
on ? You may know the sentence attributed to the French author André Malraux : “The 21e (twenty
first) century will either be spiritual or will not be”. Most of the Third World countries have neither
the economic nor the psychological means to provide answers by themselves. They need the mirror
of the West. We do realize that Euro-Mediterranean relations, which have increased considerably
these last few years can’t get away (faire l’économie de ) from taking the spiritual dimension into
account. This is why politicians and company directors from both shores of the Mediterranean Sea,
as well as international institutions like Unesco, are actually more and more interested in direct
intervention of Sufism in the social field. In the last few decades, the West has become a big
“market” of spirituality which has aroused new forms of expression, and Sufism finds stimulation in
these exchanges. Many Westerners are indeed attracted to this discipline, the most sensitive in
Europe generally being women from Christian or Jewish backgrounds.
Drawing from (puiser dans) the imaginal world (‘âlam al-khayâl), or the world of spiritual
imagination, Sufism knows how to apply its creativity to remove religious and cultural blocks. Being
grounded in the vertical axis of Unicity (tawhîd), the Sufi is able to contemplate multiplicity around
him serenely, I mean the horizontal pluralism of cultures and religions. And it’s quite obvious that
Sufism serves nowadays as a link, as a necessary interface between Islam and the West, a role that it
played in the past in some areas : for instance in India, between Hindus and Muslims, in Central Asia
between Buddhists and Muslims, in Africa between animists and Muslims, etc. Being the living heart
of Islam, Sufism has always managed to adapt to new contexts and absorb ancient spiritual substrata
of surprising diversity, ranging from (qui vont du) Neo-Platonism to Shamanism.
These days, interreligious dialog is all but a fashion : it’s an obvious necessity, which concerns all
believers. Those who aspire to an Islamo-Christian dialog, for instance, assert that we are not facing a
“shock of civilizations” between the Muslim world and the West, but a “shock of ignorances”. Sufis
have always been involved in interreligious dialog, by virtue of the Quranic concept of Dîn qayyim,
that is to say the Immutable Religion, the Adamic Religion considered as the trunk from which all
historical religions branch off. Islam, as you may know, recognizes the ancient biblical prophets – and
even the Buddha - in an allusive way. It claims the authenticity of the Old and the New Testaments,
though most Muslim scholars consider them altered and distorted historically by the Jews and the
Christians. Note that for some ulémas (scholars of Islam) living in the Eastern territories of the
Muslim world, the Veda, the ancient holy book of Hinduism, is recognized as a part of Revelation.
Despite this founding universalism of Islam, most ordinary Muslims see in creeds other than Islam
mere miscreance (kufr). 
It is not the case for Sufis. In the Middle Ages, at a time when every civilization was focused on itself
(centré sur), Sufis like Ibn ‘Arabî were professing that no single religion holds (détenir) the whole
truth, and that each one is a specific theophany, a specific manifestation of God. True religion, in
their eyes, is not to be contained in any historical belief because of its narrowness and its
deficiencies. It is the universal religion of Love, as Ibn ‘Arabî said. Love not as sentimentalism but as
an intuitive way of knowing God. So no surprise that nowadays Sufis like Ibn ‘Arabî and Jalal al-Dîn
Rumi get an increasingly favourable reception in the West. Many non Muslims are inspired by the
teachings of Ibn ‘Arabî, whose works are now translated more and more in Western languages, and I
heard that Rumi is the most widely read poet in the USA.
Another main role of Sufism is a therapeutic one. From the beginning, the Sufi master is called “the
doctor of the soul”, of the lower soul which is the seat of all passions and illusions. In the past, some
masters practised a kind of psychoanalysis on their disciples, to free their mind from its impurities
and fill it with positive thoughts and sacred knowledge. In Europe and in the West generally speaking,
the human mind is caught up in the whirl of “post-modernity”, “post-Christianity” and so on, so it has
largely lost its moral guidelines and the psychological protection that the old frameworks of
reference provided. People in the West must learn how to handle their personal freedom as it
sometimes makes them lose their heads ! Furthermore, many individuals sensitive to (sensibles à)
the spiritual dimension are vulnerable and ill adapted to modernity, precisely because of this
sensitivity. Some of those who converted to Islam or Sufism, for example, are former drug addicts
(drogues). Young Muslims of immigrant origin are confronted with specific psychological handicaps
such as : an often crude (fruste) and rigid parental education in Islam, a cultural integration which is
not accompanied by real acceptance by European societies and which generates a feeling of
resentment against the West as a whole, etc. So, before committing to (s’engager dans) an initiatory
path, which may be perilous, they have to recover psychological health and mental stability. That is
why such a European Sufi order set up (créer) a special research group called “Therapies of the soul”,
which organizes seminars on Sufi therapy for various health professionals.
For some years, more and more political and social leaders, in the Muslim world as in Europe, have
been aware that the peaceful and open Islam which the Sufis are promoting is no doubt the best
antidote to the sclerotic and rigid ideas that Islamism conveys (vehiculer). On the other hand, some
are tempted to totally separate Sufism from Islam, and this tendency certainly represents a big
danger, since, as we asserted before, spirituality without religious grounding may become sterile and
artificial. Sufism should not be split off from Islam, but should help it reform itself and recover its
initial universalism. In the West generally speaking, the success of Sufism makes it an easy target for
mercantilism : here and there, leaflets promise to put you in a trance or in a state of being possessed,
and thus the psychical and spiritual levels become totally confused. So the ‘Sufi business’ is in good
health, and the West may change Sufism in the next few years or decades into an object of
consumption as it did for other oriental techniques like Yoga or Zen. In French we call this
“ésotourisme”. It may also become absorbed into the New Age spiritual tendency. Between extreme
openness which dilutes the outlines of religious belonging and sectarianism which claims exclusive
salvation, Western Sufism is experiencing great difficulty in finding a balance. Even then one must
(encore faut-il) distinguish between American Sufism and European Sufism, the latter reputed to be
more sober and undoubtedly more Islamized.
As it did in the Muslim world, contemporary European Sufism is able to contribute to the
spiritualization of everyday Islam, which is followed now by more than fifteen million people. Besides
it may provide initiatory nourishment to a few. It may also favour the emergence of an essential
Islam, freed from (délivré de) allegiances to the native countries (in particular the North African
states) and of the search for ethnic identity. Even Islamic identity may become a factor of
confinement : one must now seek universal identity. Primitive Islam witnessed such a rapid spread in
the known world of that time that we can describe it as early religious and cultural globalization. But
contemporary Muslims often forget that it was precisely due to the strong interest and curiosity that
the first Muslims showed for all the world cultures and religions. Most of all, Sufism may offer to the
Western public another view of Islam, and help European societies to consider the spiritual
dimension with more interest and to have greater acceptance of the link between science and
consciousness.

You might also like