You are on page 1of 17

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫تعد ظاهرة التأنيث في اللغة من الظواهر اإلنسانية التي زاوجت بين الفلسفة واللّغة‪ ،‬فهي‬

‫قسم المجتمع إلى نصفين‪ٍ :‬‬


‫ذكر وأنثى‪ ،‬وفي الوقت ذاته‪،‬‬ ‫اإلنسانية الذي ُي ّ‬
‫ّ‬ ‫مستوردةٌ أساساً من واقع‬

‫بعض المدلوالت ال ّذكورّية‬


‫ُ‬ ‫حين تُمنح‬
‫منحى مخالفاً لمفهوم التذكير والتأنيث‪َ ،‬‬
‫تنحو هذه الظاهرة ً‬

‫عالمات التأنيث وألفاظها‪.‬‬

‫اإلنسانية‪ ،‬وواقع االستعمال‬


‫ّ‬ ‫الفعلي في فلسفة الحياة‬
‫ّ‬ ‫إن بروز هذه الظاهرة من حيث وجودها‬

‫يفرض االعتراف بها وااللتز َام بها‪ ،‬والبحث في مفهومها وأصالتها في اللّغة العر ّبية‪ ،‬وهو‬
‫ُ‬ ‫غوي‪،‬‬
‫اللّ ّ‬

‫موضوع هذا البحث‪.‬‬

‫أهمها‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫وقد أسفر البحث عن مجموعة من النتائج‪ ،‬لع ّل من ّ‬

‫‪ -‬فلسفة العقيدة اإلسالمية في نفي التأنيث عن اهلل تعالى‪ ،‬قد أخذت منحاها في تفسير‬

‫يليق به‪ ،‬مما يؤكد بجالء‬


‫آيات الكتاب العزيز‪ ،‬وتوجيهها بما ُي ّنزه اهلل تعالى عن كل ما ال ُ‬

‫بالغة اللغة العربية وفصاحتها‪ ،‬وروعتها في البيان والتعبير‪ ،‬لتوافق حقائق الوجود بما‬

‫ال يتوافر عند أي ٍ‬


‫لغة أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ -‬الفكرة التي بنيت عليها ظاهرة التأنيث غير مطردة في اللغات جميعها‪ ،‬بل تتفاوت هذه‬

‫الفكرة تبعاً لفكر المجتمعات وتصورات شعوبها‪.‬‬

‫عية‪ ،‬والكثرة‪.‬‬
‫‪ -‬من داللة التأنيث في اللغة العربية‪ :‬الفر ّ‬

‫*****‬

‫‪1‬‬
‫غوي‬
‫‪ ‬أوالً‪ :‬مفهوم التأنيث اللّ ّ‬

‫‪ -‬التأنيث في اللّغة‪:‬‬

‫َّ‬
‫ال‬
‫اء فَقَ َ‬ ‫َما اْلهَ ْم َزةُ َوالنُّ ُ‬
‫ون َوالث ُ‬ ‫ذكر ابن فارس (ت‪395 :‬هـ) في جذر التأنيث (أنث) فقال‪َ " :‬وأ َّ‬

‫ت َحِد َ‬
‫يدتُهُ أ ُْنثَى‪َ .‬و ْاْل ُْنثََي ِ‬
‫ان‪:‬‬ ‫يث] اْل َحِد ِيد‪ :‬إِ َذا َك َان ْ‬
‫ف [أَنِ ُ‬ ‫ف َّ‬
‫الذ َك ِر‪َ .‬وُيقَا ُل‪َ :‬س ْي ٌ‬ ‫اْل َخلِي ُل َو َغ ْي ُرهُ‪ْ :‬اْل ُْنثَى ِخ َال ُ‬

‫ت أ ُْنثَى)‬
‫(ولَ َد ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫(‪)1‬‬
‫ضا‪ْ :‬اْلُ ُذ َن ِ‬ ‫ان‪َ .‬و ْاْل ُْنثََي ِ‬
‫ص َيتَ ِ‬
‫الم ْأرَةُ} إيناثاً) إذا َ‬
‫{آنثَت َ‬
‫وفي تاج العروس‪َ (" :‬‬ ‫ان"‬ ‫ان أ َْي ً‬ ‫اْل ُخ ْ‬

‫الرُج ُل}‬
‫اث) و َّ‬
‫{مئن ٌ‬ ‫ان لَهَا َذلِك َع َ‬
‫ادةً فَ ِه َي ( َ‬ ‫تادتُهَا) أَي إِذا َك َ‬
‫وم ْع َ‬ ‫ناث‪( ،‬فَ ِه َي} ُم ْؤنِ ٌ‬
‫ث‪ُ .‬‬
‫وِفي بعض‪ِ :‬‬
‫{اإل َ‬ ‫َ‬

‫ور كثي ار"(‪.)2‬‬ ‫ِ َّ ِ ِ ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اث أَيضاً؛ ْلََّنهما يستَ ِ ِ ِ‬


‫ِم َئن ٌ‬
‫كار‪َ ،‬وهي التي تَلد الذ ُك َ‬
‫ويان في م ْف َعال‪ ،‬ويقابلُه اْلم ْذ ُ‬ ‫َُ َ ْ‬

‫‪ -‬التأنيث في االصطالح‪:‬‬

‫حسان في معرض تعليقه على بيت ابن مالك في اْللفية‪:‬‬


‫يذكر تمام ّ‬

‫هند األذى)‬
‫ُ‬ ‫(أبت‬
‫ْ‬ ‫كان ألنثى‪ ،‬كـ‬ ‫ٍ‬
‫تأنيث تلي الماضي إذا‬ ‫وتاء‬

‫فيقول تمام‪:‬‬

‫" وهذا الكالم يفهم على وجهين أحدهما صرفي واآلخر نحوي‪ ،‬ويمكن لنا أن نضع خطة‬

‫الفهم الصرفي على النحو اآلتي‪:‬‬

‫(‪ )1‬أحمد بن فارس (ت‪ 395 :‬هـ)‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق عبدالسالم هارون‪ ،‬دار الفكر‪1979 ،‬م‪ ،144/1 ،‬مادة (أنث)‪.‬‬

‫بيدي)‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬مجموعة من المحققين‪ ،‬دار الهداية‪،‬‬


‫الحسيني (ت‪1205 :‬هـ) (مرتضى الز ّ‬
‫ّ‬ ‫(‪ )2‬محمد بن محمد بن عبدالرزاق‬

‫‪ ،157/5‬مادة (أنث)‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬المعنى المبنى العالمة‬

‫‪ -‬التأنيث التاء على إطالقها التاء في أبت‬

‫معنى صرفي من معاني التصريف على نحو ما أسلفنا‪ ،‬ففهم بيت اْللفية على هذا‬
‫فالتأنيث ً‬

‫أيضا من زاوية النحو وهي زاوية العالقات‬


‫النحو فهم صرفي‪ ،‬ولكننا نستطيع أن نفهم هذا البيت ً‬

‫السياقية‪ ،‬ويكون ذلك كما يأتي‪:‬‬

‫‪ -‬المعنى المبنى العالمة‬

‫‪ -‬المطابقة في التأنيث بين الفعل والفاعل التاء على إطالقها التاء في أبت‬

‫أحس ضرورة وزن الشعر فجعل كلمة "أنثى" في مكان كلمة "التأنيث" أو‬
‫ويبدو أن ابن مالك َّ‬

‫أيضا‪ ،‬فقد‬ ‫فروعا هي ٍ‬


‫مبان فرعية ً‬ ‫ً‬ ‫مبنى له‪ ،‬ولكن تحته‬
‫حتى "المؤنث"‪ ،‬فالتأنيث هو المعنى والمؤنث ً‬

‫أما اْلنثى فال عالقة لها بكل ذلك؛ ْلن‬


‫يعبر عن المؤنث بالتاء أو باْللف المقصورة أو الممدودة‪ًّ ،‬‬

‫معناها اْلكبر هو "اْلنوثة" وليس التأنيث‪ ،‬واْلنوثة ضد الذكورة وهما في الطبيعة‪ ،‬والتأنيث ضد‬

‫التذكير وهما في اللغة‪.‬‬

‫مرده إلى ضرورة وزن الشعر‬


‫أما قول بن مالك في مكان آخر‪" :‬أو مفهم ذات حر" فليس ّ‬

‫كما كان االحتمال هنا‪ ،‬وانما مرده إلى الخطأ الموروث من تفكير النحاة‪ ،‬ويتضح الفرق بين التأنيث‬

‫واْلنوثة من أن "اْلرض" مؤنثة وليست أنثى"(‪.)1‬‬

‫(‪ ) 1‬تمام حسان عمر‪ ،‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط الخامسة ‪1427‬هـ‪2006-‬م‪ ،‬ص‪.179‬‬

‫‪3‬‬
‫ولعل هذا التوضيح‪ُ ،‬يساعد في إدارك الموقع الذي تدخله مسألة التأنيث بوصفها ظاهرةً‬

‫طلق على اللفظة اللغوية‪ ،‬وتتمتع من خاللها‬


‫اللغوي هو " صفةٌ تُ ُ‬
‫ّ‬ ‫لغوية‪ ،‬فالتأنيث في االصطالح‬
‫ّ‬

‫وتداولية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وصوتية‬
‫ّ‬ ‫ونحوية‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫بأحكام صرفية‬

‫غوي‪:‬‬
‫‪ ‬أصالة التأنيث اللّ ّ‬

‫اللغوي ينطلق من واقع االستعمال‪ ،‬الذي ال يفترض فيه التالزم‬


‫ّ‬ ‫إن البحث في أصالة التأنيث‬

‫بين اللغة والواقع‪ ،‬ف ـ ـ ـ ـ " من اْلمثلة العربية التي تبين أنه ليس ثمة تطابق الزم بين اللغة والواقع‪ ،‬أن‬

‫اللغة العربية تعامل كلمات في المفرد معاملة المذكر‪ ،‬بينما تعامل جمع هذه الكلمات نفسها معاملة‬

‫و"حمام"‪ ،‬و"قلم"‪ ،‬فكل من هذه مذكر بينما جمع كل منها‪ .‬وهو "كتب"‬
‫ّ‬ ‫المؤنث‪ :‬من هذا "كتاب"‬

‫و"حمامات" و"أقالم"‪ ،‬يعامل معاملة المؤنث‪ .‬وكلمة "رجل" نفسها تجمع على "رجال"‪ ،‬ومن صور‬

‫جمعها "رجاالت"‪ ،‬والصورة اللغوية لكلمة "رجاالت" هي صورة جمع المؤنث"(‪.)1‬‬

‫وقد زخرت المكتبة العر ّبية بالبحث في التأنيث‪ ،‬واقترن هذا المفهوم بالتذكير‪ ،‬فال ُيذك ُر‬

‫ينية‬
‫الد ّ‬ ‫ٍ‬
‫بتأثير من الفلسفة ّ‬ ‫ث في أصالته فرعاً عن المذ ّكر‪،‬‬
‫المؤن ُ‬
‫ّ‬ ‫وع ّد‬
‫المذكر‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫المؤنث‪ ،‬إال ويسبقهُ‬

‫السالم‪.‬‬
‫ضلع آدم‪ ،‬عليهما ّ‬
‫ِ‬ ‫حواء من‬
‫ق ّ‬‫التي تشير إلى خل ِ‬

‫ويظهر المؤنث في ٍ‬
‫عديد من مباحث الدرس اللغوي‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫ي‪:‬‬
‫الحقيقي والتأنيث المجاز ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬التأنيث‬

‫للمؤنث إلى ما يأتي‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ومن ذلك تقسيمهم‬

‫(‪ )1‬محمود السع ران‪ ،‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬ص‪.67‬‬

‫‪4‬‬
‫المؤنث إلى ثالثة أقسام(‪:)1‬‬
‫ّ‬ ‫وقد قسم اللّغويون‬

‫" أ‪ -‬مؤنث لفظا ومعنى‪ :‬وهو ما كانت به عالمة التأنيث "التاء" ومعناه دال على مؤنث‪،‬‬

‫مثل "فاطمة‪ ،‬يسرية" وهذا النوع يمنع من الصرف قطعا من غير احتراز‪.‬‬

‫ب‪ -‬مؤنث لفظا ال معنى‪ :‬وهو ما كانت به عالمة التأنيث "التاء" لفظًا‪ ،‬لكن معناه مذكر‬

‫مثل "معاوية‪ ،‬حمزة" وهذا النوع يمنع أيضا من الصرف مثل سابقه‪.‬‬

‫ج‪ -‬مؤنث معنى ال لفظا‪ :‬وهو ما كان خاليا لفظا من التاء‪ ،‬لكنه في المعنى يدل على‬

‫المؤنث مثل "بوران‪ ،‬إحسان"‪.‬‬

‫الحقيقي والتأنيث المجازي‪ ،‬وحددوا‬


‫ّ‬ ‫عبروا عن هذا التقسيم باصطالحين هما‪ :‬التأنيث‬
‫وقد ّ‬

‫حدود ٍّ‬
‫كل منهما‪ " ،‬أما المؤنث الحقيقي فيقصد به كل ما يبيض أو يلد من اإلنسان والحيوان والطيور‪،‬‬

‫مثل‪" :‬فاطمة‪ ،‬سعاد‪ ،‬زينب‪ ،‬الزرافة‪ ،‬الحمامة‪ ،‬اليمامة‪ ،‬الحدأة"‪ ،‬وأما المؤنث المجازي فهو كلمات‬

‫في اللغة استعملت مؤنثة وان كانت مما ال يبيض أو يلد‪ ،‬وقد دل على استعمالها مؤنثة أنه يشار‬

‫إليها على أنها مؤنثة‪ ،‬ويعود الضمير المؤنث عليها في الكالم‪ ،‬مثل‪" :‬شجرة‪ ،‬برتقالة‪ ،‬يد‪ ،‬شمس‪،‬‬

‫فسقطت منها برتقالةٌ فالتقطتُها"(‪.)2‬‬


‫ْ‬ ‫ت شجرةُ البرتقال‬
‫طريق" تقول‪" :‬اهتَّز ْ‬

‫(‪ )1‬محمد عيد‪ ،‬النحو المصفى‪ ،‬مكتبة الشباب‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪ :‬السابق نفسه‪ ،‬ص‪.403‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ ‬تأنيث الفعل وتذكيره‪:‬‬

‫مؤنثاً حقيقياً أو مجازياً ُيتعام ُل معه‬


‫ُصل في المسألة السابقة‪ ،‬فما اعتُمد ّ‬
‫وتلحق هذه المسألة ما أ ّ‬

‫عدة وجوه‪،‬‬
‫بذلك الوصف‪ ،‬من حيث مطابقة الفعل له في التأنيث أو عدمه‪ ،‬فكانت المسألة على ّ‬

‫هي(‪:)1‬‬

‫‪ -‬وجوب التأنيث‪.‬‬

‫‪ -‬جواز التأنيث وتركه‪.‬‬

‫‪ ‬التأنيث وأحكام العدد‪:‬‬

‫الحيز اْلكبر فيها‪ ،‬إذ تقوم أحكام العدد على مفهوم‬


‫وفي هذه المسألة‪ ،‬شغل مبحث التأنيث ّ‬

‫عدة جوانب‪ ،‬ومن بينها‪ :‬المطابقة أو المخالفة في التذكير‬


‫المطابقة أو المخالفة بين العدد والمعدود من ّ‬

‫والتأنيث(‪.)2‬‬

‫‪ ‬تثنية وجمع المفردات اللغوية‪:‬‬

‫وتشمل هذه المسألة الحديث عن التفريق بين بنية المفردة في إفرادها وتثنيتها وجمعها‪ ،‬وأصول‬

‫المؤنث‪.‬‬
‫ّ‬ ‫التمييز بين بنيتها في حال المذ ّكر‪ ،‬وبنيتها في حال‬

‫عدة وجوه‪ ،‬منها‪:‬‬


‫وتتسع هذه المسألة في أبعادها إلى ّ‬

‫(‪ )1‬انظر في تفصيل هذه المسألة‪ :‬محمد عيد‪ ،‬النحو المصفّى‪ ،‬ص‪.403‬‬

‫(‪ )2‬انظر في أحكام العدد‪ :‬أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي (المتوفى‪458 :‬هـ)‪ ،‬كتاب العدد في اللغة‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد اهلل بن الحسين الناصر‪،‬‬

‫عدنان بن محمد الظاهر‪1993 ،‬م‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬في األسماء الظاهرة‪:‬‬

‫تتسع هذه المسألة لتشمل تثنية وجمع اْلسماء‪ ،‬وتعد هذه المسألة من الوسائل المعينة على‬

‫تحديد مدلول االسم من حيث التذكير والتأنيث‪ ،‬فاالسم في حال المفرد تظهر عالمة جنسه حال‬

‫التثنية والجمع‪ ،‬فكلمة مثل‪( :‬هند) جمعها (هندات)‪.‬‬

‫‪ -‬في األسماء المبنية‪:‬‬

‫المؤنث في حالي‪ :‬المفرد‬


‫ّ‬ ‫وذلك نحو اسم اإلشارة‪ ،‬والضمير‪ ،‬فبنية المذ ّكر مختلفةٌ عن بنية‬

‫وهن‪ ، ،‬بينما تختلف أبنية المفرد والمثنى في اسم اإلشارة‪،‬‬


‫والجمع‪ ،‬في الضمائر‪ ،‬نحو‪ :‬هو وهم‪ ،‬وهي ّ‬

‫نحو‪ :‬هذا وهذان في المذكر‪ ،‬وهذه وهاتان‪.‬‬

‫العربية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬التفريق بين المذكر والمؤّنث في‬

‫قال سعيد بن إبراهيم التستري الكاتب‪ " :‬ليس يجري أمر المذكر والمؤنث على قياس مطرد‪،‬‬

‫وال لهما باب يحصرهما‪ ،‬كما يدعي بعض الناس؛ ْلنهم قالوا‪ :‬إن عالمات المؤنث ثالث‪ :‬الهاء في‬

‫قائمة وراكبة‪ ،‬واْللف الممدودة في حمراء وخنفساء‪ ،‬واْللف المقصورة في مثل حبلى وسكرى‪.‬‬

‫وهذه العالمات بعينها موجودة في المذكر‪ :‬أما الهاء ففي مثل قولك‪ :‬رجل باقعة ونسابة‬

‫وعالمة وربعة‪ ،‬وراوية للشعر‪ ،‬وصرورة للذي لم يحج‪ ،‬وفروقة للجبان‪ ،‬وتلعابة‪ ،‬وضحكة وهمزة ولمزة؛‬

‫مما حكى الفراء أنه ال يحصيه‪ ،‬وأما اْللف الممدودة مثل‪ :‬رجل عياياء وطباقاء‪ ،‬وبسر قريثاء‪ ،‬ويوم‬

‫ثالثاء وأربعاء وأسراء وفقهاء وبراكاء؛ للشديد القتال‪ ،‬ورجل ذو بزالء إذا كان جيد الرأي‪ ،‬وأما اْللف‬

‫المقصورة ففي مثل‪ :‬رجل خنثى‪ ،‬وزبعرى للسيء الخلق‪ ،‬وجمل قبعثرى إذا كان ضخماً شديداً‪ ،‬وكمثرى‬

‫والبهمى نبت له شوك‪ ،‬وجرحى وسكرى وحزارى‪ ،‬وسمانى‪ ،‬وخزامى نبت‪ ،‬وباقلي وهندبى‪ ،‬وأسرى‬

‫‪7‬‬
‫ومرضى‪ ،‬وغير ذلك مما ال يحصى‪ ،‬ووصفوا أن المذكر‪ :‬هو الذي ليس فيه شيء من هذه العالمات‪،‬‬

‫مثل زيد وسعد‪ .‬وقد يوجد على هذه الصورة كثير من المؤنث مثل هند ودعد‪ ،‬وأتات ورخل وعنز‪،‬‬

‫وكتف ويد ورجل وساق"(‪.)1‬‬

‫‪ ‬األبنية الصرفية التي يستوي فيه المذ ّكر والمؤّنث‪:‬‬

‫‪ِ -‬ف َعال‪ " :‬نحو ِك َناز " هو المكتنز اللحم‪ ،‬يستوي فيه المذكر والمؤنث‪ ،‬نحو ناقة ِك َناز وجمل‬

‫ِك َناز"(‪.)2‬‬

‫عدو‪ " ،‬وِانما أَدخلوا التاء َع ُد َّوة وِان كان يستوي المذكر والمؤنث في هذا البناء‬
‫‪ -‬فَ ُعول‪ :‬نحو ‪ّ :‬‬

‫حمالً له على صديقة"(‪.)3‬‬

‫‪ -‬فعيل بعنى مفعول‪ " :‬اعلم أن فَعيالً إذا كان بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث‪ ،‬إال‬

‫إذا لم تجر على صاحبها"(‪.)4‬‬

‫(‪ ) 1‬سعيد بن إبراهيم التستري‪ ،‬البغدادي‪ ،‬النصراني‪ ،‬أبو الحسين الكاتب (المتوفى‪361 :‬هـ)‪ ،‬المذكر والمؤنث‪ ،‬تحقيق د‪ .‬أحمد هريدي‪ ،‬القاهرة‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫آلياً في المكتبة ال ّشاملة‪ -‬غير موافق للمطبوع)‪.‬‬


‫(مرقّم ّ‬

‫(‪ ) 2‬محمد بن الحسن الرضي اإلستراباذي‪ ،‬نجم الدين (المتوفى‪ 686 :‬هـ)‪ ،‬شرح شافية ابن الحاجب‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محيى الدين عبد الحميد وآخرون‪ ،‬دار‬

‫الكتب العلمية بيروت – لبنان‪1975 ،‬م‪.135/2 ،‬‬

‫(‪ )3‬السابق نفسه‪.140/2 ،‬‬

‫(‪ )4‬السابق نفسه‪.141/2 ،‬‬

‫‪8‬‬
‫فعال) ِ‬
‫كم ْع ٍ‬
‫طار‬ ‫(م ٍ‬ ‫كمغ َشٍم و ِم ْقو ٍل أو ِ‬ ‫وكذلك(‪ " :)1‬ما كان من الصفات على وزن ِ‬
‫(م ْفعل) ْ‬
‫َ‬
‫وغ ٍ‬
‫يور‪ ،‬أو (فَعيل) بمعنى‬ ‫كص ٍ‬
‫بور َ‬ ‫ٍ‬ ‫عطير و ِم ٍ‬
‫كم ٍ‬ ‫عيل) ِ‬ ‫ال‪ ،‬أو ِ‬
‫(م ْف ٍ‬ ‫و ِم ْقو ٍ‬
‫سكير‪ ،‬أو (فَعول) بمعنى فاعل َ‬
‫كذ ْب ٍج ِ‬
‫وط ْح ٍن‪ ،‬أو (فَ َع ٍل) بمعنى مفعول‬ ‫(فع ٍل) بمعنى مفعول ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫يح‪ ،‬أو على وزن ْ‬
‫كقتيل وجر ٍ‬ ‫مفعول‪.‬‬

‫المذكر والمؤنث‪ ،‬فال تلحقهُ‬


‫ُ‬ ‫ق ‪ -‬يستوي فيه‬ ‫كع ْد ٍل َ‬
‫وح ٍّ‬ ‫الوصف َ‬
‫ُ‬ ‫وس ٍ‬
‫لب أو مصد اًر ُمراداً به‬ ‫كج ٍ‬
‫زر َ‬ ‫َ‬

‫وجم ٌل ِذ ْب ٌح َ‬
‫وجزٌر‪ ،‬وام أرَةٌ‬ ‫وغيور وقتي ٌل وعد ٌل‪َ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫شم و ِمقوا ٌل و ِم ٌ‬
‫سكير‬ ‫ِ‬
‫عالمةُ التأنيث‪ ،‬يقال "رج ٌل م ْغ ُ‬

‫وجزر‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وذبح‬
‫وع ْد ٌل‪ ،‬وناقةٌ ٌ‬
‫يح َ‬
‫وجر ٌ‬ ‫طار و ِم ٌ‬
‫عطير َ‬ ‫م ْقوا ٌل و ِم ْع ٌ‬

‫كعد َّوٍة و ِم ٍ‬
‫يقانة و ِمسكينة و ِمعطارة‪ ،‬فهو شاذ‪ ،‬وان كان (فَعو ٌل)‬ ‫التاء من هذه اْلوزان ُ‬ ‫ِ‬
‫وما لحقتهُ ُ‬
‫ٍ‬
‫محلوبة‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫كأكولة بمعنى مأكولة‪ ،‬وركوبة بمعنى مركوبة‪ ،‬وحلوبة بمعنى‬ ‫التاء‬
‫بمعنى (مفعول) تَلحقهُ ُ‬

‫وحلوب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫وركوب‬
‫ٌ‬ ‫ويقال أيضاً أكو ٌل‬

‫جرُد منها كقوله‬


‫التاء ككريمة وظريفة ورحيمة‪ .‬وقد ُي َّ‬ ‫ٍ ِ‬
‫وان كان (فعي ٌل) بمعنى (فاعل) لحقتهُ ُ‬

‫يد به معنى الوصفية‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬


‫المحسنين} ‪ ،‬وان كان بمعنى (مفعول)‪ ،‬فإن أُر َ‬ ‫ِ‬ ‫تعالى‪َّ :‬‬
‫يب من ُ‬
‫{إن رحمةَ اهلل قر ٌ‬
‫ٍ‬
‫حميدة‬ ‫كخ ٍ‬
‫صلة‬ ‫يح‪ ،‬وقد تلحقه على ٍ‬
‫قلة َ‬ ‫الموصوف‪ ،‬لم تلحقهُ في اْلكثر اْلغلب "كإمرٍأة جر ٍ‬
‫ُ‬ ‫وع َلم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وفعلة ذميمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬مصطفى بن محمد سليم الغاليينى (المتوفى‪1364 :‬هـ)‪ ،‬جامع الدروس العربية‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا – بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثامنة والعشرون‪1414 ،‬‬

‫هـ ‪1993 -‬م‪ ،‬ص‪.101-100‬‬

‫(‪ )2‬سورة اْلعراف‪.56 :‬‬

‫‪9‬‬
‫التاء كذبيحة وأَكيلة ونطيحة‪ .‬وكذا إن لم‬ ‫ِ‬
‫استعمال اْلسماء ال الصفات لحقتهُ ُ‬
‫َ‬ ‫عمل‬
‫وان استُ َ‬

‫أيت امراةً جريحاً"‬


‫أيت جريحة"‪ ،‬أما إذا ُع َلم فال‪ ،‬نحو "ر ُ‬
‫مؤنث؟ مثل‪" :‬ر ُ‬ ‫َمذكر هو أم‬ ‫ي ِ‬
‫ٌ‬ ‫الموصوف أ ٌ‬
‫ُ‬ ‫علم‬ ‫ُ‬

‫المصائب‪ ،‬حموالً للنَّو ِ‬


‫ائب"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أيت جريحا ُملقاةً في الطريق"‪ ،‬ونحو "كوني صبو اًر على‬
‫أو "ر ُ‬

‫اإلسالمية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬التأنيث في لغة العقيدة‬

‫أن جزءاً من الثقافة‬


‫المؤنث‪ ،‬ذلك ّ‬
‫حمل التاريخ اإلسالمي صراعاً طويالً في مسألة اْلنثى‪ ،‬أو ّ‬

‫حيث المقارنة بينها وبين الرجل‪ ،‬وانتقل‬


‫العر ّبية‪ ،‬في تاريخ ما قبل اإلسالم قام على تحقير المرأة من ُ‬

‫سب‬
‫التحقير إلى ثقافة المشركين في معاداتهم لرسالة النبي محمد‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬حيث ُن َ‬

‫التأنيث إلى المالئكة‪ -‬الذين هم عباد الرحمن‪.‬‬


‫ُ‬

‫ي‪ ،‬وهي‬
‫أن الرسالة النبوية الشريفة‪ ،‬ما كانت لتقوم على مثل هذا الفصل العنصر ّ‬
‫وال ريب في ّ‬

‫ببنوتهم‬
‫اإللهي ّ‬
‫ّ‬ ‫إنساني‪ ،‬ناله ّحظُّه من التكريم‬
‫ّ‬ ‫رسالة العدل والسالم والمساواة واالحترام لكل ما هو‬

‫آلدم‪ -‬عليه السالم‪.‬‬

‫المؤنث من حيث‬
‫اللغوي للعقيدة اإلسالمية‪ ،‬يجد مالمح االهتمام بألفاظ ّ‬
‫ّ‬ ‫والناظر في المجمل‬

‫الداللي في السياق‪ ،‬ففي قوله تعالى‪ " :‬فلما رأى الشمس بازغةً قال هذا ربين هذا أكبر‪ ،‬فلما‬
‫ّ‬ ‫وقعها‬

‫(‪)1‬‬
‫حيان‪ " :‬المشهور في الشمس أنها مؤنثة‪،‬‬
‫يء مما تشركون" ‪ ،‬قال أبو ّ‬
‫أفلت قال‪ :‬يا قومي إني بر ٌ‬

‫وقيل‪ :‬تذكر وتؤنث‪ ،‬فأنثت أوال على المشهور‪ ،‬وذكرت في اإلشارة على اللغة القليلة مراعاة ومناسبة‬

‫للخبر‪ ،‬فرجحت لغة التذكير التي هي أقل على لغة التأنيث وأما من لم ير فيها إال التأنيث‪ ،‬فقال ابن‬

‫عطية‪ :‬ذكر‪ ،‬أي هذا المرئي أو النير وقدره اْلخفش‪ ،‬هذا الطالع‪ ،‬وقيل‪ :‬الشمس بمعنى الضياء قال‬

‫(‪ )1‬سورة البقرة‪.78 :‬‬

‫‪10‬‬
‫تعالى‪( :‬جعل الشمس ضياء) فأشار إلى الضياء والضياء مذكر‪ ،‬وقال الزمخشري‪ :‬جعل المبتدأ مثل‬

‫الخبر لكونهما عبارة عن شيء واحد كقولهم‪ :‬ما جاءت حاجتك‪ ،‬وما كانت أمك‪ ،‬ولم تكن فتنتهم إال‬

‫أن قالوا‪ ،‬وكان اختيار هذه الطريقة واجباً لصيانة الرب عن شبهة التأنيث‪ ،‬أال تراهم قالوا في صفة‬

‫اهلل‪ :‬عالم ولم يقولوا عالمة‪ ،‬وان كان عالمة أبلغ؛ احت ار از من عالمة التأنيث‪ .‬انتهى‪ ،‬ويمكن أن‬

‫أكثر لغة اْلعاجم ال يفرقون في الضمائر وال في اإلشارة بين المذكر والمؤنث‪ ،‬وال عالمة عندهم‬

‫للتأنيث بل المذكر والمؤنث سواء في ذلك عندهم فلذلك أشار إلى المؤنث عندنا حين حكى كالم‬

‫إب راهيم بما يشار به إلى المذكر‪ ،‬بل لو كان المؤنث بفرج لم يكن لهم عالمة تدل عليه في كالمهم‬

‫وحين أخبر تعالى عنها بقوله‪ :‬بازغة وأفلت‪ّ ،‬أنث على مقتضى العربية إذ ليس ذلك بحكاية"(‪.)1‬‬

‫أن فلسفة العقيدة اإلسالمية في نفي التأنيث عن اهلل تعالى‪ ،‬قد أخذت منحاها‬
‫ُفيلحظُ من ذلك ّ‬

‫يليق به‪ ،‬مما يؤكد بجالء‬


‫في تفسير آيات الكتاب العزيز‪ ،‬وتوجيهها بما ُي ّنزه اهلل تعالى عن كل ما ال ُ‬

‫بالغة اللغة العربية وفصاحتها‪ ،‬وروعتها في البيان والتعبير‪ ،‬لتوافق حقائق الوجود بما ال يتوافر عند‬

‫أي ٍ‬
‫لغة أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ ‬داللة التأنيث في اللغة العربية‪:‬‬

‫لغوية عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬


‫بأن التأنيث يحمل دالالت ّ‬
‫يمكن القول ّ‬

‫عية‪:‬‬
‫‪ -‬الفر ّ‬

‫(‪ )1‬أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين اْلندلسي (المتوفى‪ 745 :‬هـ)‪ ،‬البحر المحيط في التفسير‪ ،‬المحقق‪ :‬صدقي محمد‬

‫جميل‪ ،‬دار الفكر – بيروت‪1420 ،‬م‪.566/4 ،‬‬

‫‪11‬‬
‫التأنيث‬
‫ُ‬ ‫فإن المقارنة بين المذكر والمؤنث تفضي إلى اعتبار المذكر أص ٌل و‬
‫فكما هو معلوم ّ‬

‫فرعٌ له‪ ،‬وهذا مستمد من الفلسفة اإلسالمية التي تشير إلى خلق (حواء) عليها السالم من (آدم) عليه‬

‫السالم‪ ،‬وهذه الفرعية‪ ،‬تتأثر في نواحي اللغة في البنية والتركيب‪ ،‬خاصة حين يجتمع المذكر والمؤنث‬

‫ب المذكر باعتباره اْلصل(‪.)1‬‬


‫فيغلّ ُ‬
‫ُ‬

‫‪ -‬التكثير‪:‬‬

‫ويظهر ذلك في استخدام الضمائر وأسماء اإلشارة‪ ،‬وتأنيث الفعل‪ ،‬واْلمثلة على ذلك من‬

‫المؤنثة تحمل في ذاتها معنى الكثرة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬فالكلمة‬

‫غوي‪:‬‬
‫‪ ‬التأنيث بين المنطق والواقع اللّ ّ‬

‫يمكن القول بأن ظاهرة التأنيث في اللغات كانت تسير وفق ٍ‬


‫نمط غير مطّرد‪ " ،‬ومما يد ّل‬ ‫ّ‬

‫أن الفكرة التي بنيت عليها هذه الظاهرة غير مطردة‬


‫على نسبية هذه النظرة في تقسيم الموجودات‪ّ ،‬‬

‫في اللغات جميعها‪ ،‬بل تتفاوت هذه الفكرة تبعاً لفكر المجتمعات وتصورات شعوبها‪ ،‬ففي الوقت الذي‬

‫كان المذكر المؤنث طرفي هذه الظاهرة‪ ،‬في اللغات السامية‪ ،‬نجد في اللغات الهندية اْلوروبية أنهما‬

‫يظن‬
‫ليسا الطرفين الوحيدين‪ ،‬في فكرة الجنس‪ ،‬بل ثمة طرف ثالث‪ ،‬هو المحايد (‪ ،)Neutral‬وقد ّ‬
‫القارئ أن المحايد في تلك اْللسن مخصوص بما هو جامد‪ ،‬أو ّأنه وضع ليحشر فيه ك ّل ٍ‬
‫اسم ال يد ّل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫على مذكر حقيقي أو مؤنث حقيقي‪ ،‬وليس اْلمر كذلك‪ ،‬إذ تجد في قسم المحايد أسماء تدل على‬

‫الالتينية‪ ،‬كما تجد فيه أيضاً أسماء تدل على أحياء‪،‬‬


‫ّ‬ ‫جوامد‪ ،‬مثل‪( :‬معبد‪ ،‬وبحر وجسم‪ ،‬وقرن)‪ ،‬في‬

‫مثل (طفل) في اإلغريقية‪ ،‬ومن ٍ‬


‫جهة ثانية‪ ،‬تجد الجوامد نفسها‪ ،‬قد ُوّزعت أسماؤها‪ ،‬على اْلقسام‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬الكتاب لسيبويه‪.241/3 ،‬‬

‫‪12‬‬
‫الثالثة‪ :‬المذكر والمؤنث والمحايد‪ ... ،‬وحتى هذه النظرة في تقسيم اْللفاظ لم تسعف في اطراد القاعدة‬

‫لطبيعي‬
‫ّ‬ ‫العقلي‪ ،‬إذ غدا الفرق بين المذكر والمؤنث والمحايد ال يعتمد على الواقع ا‬
‫ّ‬ ‫واخضاعها للمنطق‬

‫لهذه اْلشياء بمقدار ما يعتمد من عالمات لغوية بحتة ال عالقة لها بجنس الشيء في الطبيعة"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬فرهاد عزيز محيي الدين‪ ،‬ظاهرة التذكير والتأنيث بين المنطق العقلي وواقع اللغة‪ ،‬بحث منشور‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة كركوك‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ ‬النتائج‪:‬‬

‫طلق على اللفظة اللغوية‪ ،‬وتتمتع من خاللها‬


‫اللغوي هو‪ " :‬صفةٌ تُ ُ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬التأنيث في االصطالح‬

‫وتداولية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وصوتية‬
‫ّ‬ ‫ونحوية‬
‫ّ‬ ‫ٍ‬
‫بأحكام صرفية‬

‫بي‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ٍ‬


‫‪ -‬تدخل ظاهرة التأنيث في عدد من مباحث الدرس اللغوي العر ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫الحقيقي والتأنيث المجاز ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬التفريق بين التأنيث‬

‫‪ .2‬تأنيث الفعل وتذكيره‪.‬‬

‫‪ .3‬التأنيث وأحكام العدد‪.‬‬

‫‪ .4‬تثنية وجمع المفردات اللغوية‪.‬‬

‫المؤنث في العر ّبية‪.‬‬


‫‪ .5‬التفريق بين المذكر و ّ‬

‫لمؤنث‪.‬‬
‫‪ .6‬اْلبنية الصرفية التي يستوي فيه المذ ّكر وا ّ‬

‫‪ -‬فلسفة العقيدة اإلسالمية في نفي التأنيث عن اهلل تعالى‪ ،‬قد أخذت منحاها في تفسير آيات‬

‫يليق به‪ ،‬مما يؤكد بجالء بالغة‬


‫الكتاب العزيز‪ ،‬وتوجيهها بما ُي ّنزه اهلل تعالى عن كل ما ال ُ‬

‫اللغة العربية وفصاحتها‪ ،‬وروعتها في البيان والتعبير‪ ،‬لتوافق حقائق الوجود بما ال يتوافر‬

‫عند أي ٍ‬
‫لغة أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬

‫عية‪ ،‬والكثرة‪.‬‬
‫‪ -‬داللة التأنيث في اللغة العربية تترّكز في الداللة على‪ :‬الفر ّ‬

‫‪ -‬الفكرة التي بنيت عليها ظاهرة التأنيث غير مطردة في اللغات جميعها‪ ،‬بل تتفاوت هذه الفكرة‬

‫تبعاً لفكر المجتمعات وتصورات شعوبها‪.‬‬

‫رب العالمين‬
‫والحمد هلل ّ‬

‫‪14‬‬
‫‪ ‬المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ -‬أحمد بن فارس (ت‪395 :‬هـ)‪ ،‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬تحقيق عبدالسالم هارون‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬

‫‪1979‬م‪.‬‬

‫‪ -‬تمام حسان عمر‪ ،‬اللغة العربية معناها ومبناها‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬ط الخامسة ‪1427‬هـ‪2006-‬م‪.‬‬

‫‪ -‬سعيد بن إبراهيم التستري‪ ،‬البغدادي‪ ،‬النصراني‪ ،‬أبو الحسين الكاتب (المتوفى‪361 :‬هـ)‪،‬‬

‫المذكر والمؤنث‪ ،‬تحقيق د‪ .‬أحمد هريدي‪ ،‬القاهرة‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي (المتوفى‪458 :‬هـ)‪ ،‬كتاب العدد في اللغة‪،‬‬

‫المحقق‪ :‬عبد اهلل بن الحسين الناصر‪ ،‬عدنان بن محمد الظاهر‪1993 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالوالء‪ ،‬أبو بشر‪ ،‬الملقب سيبويه (المتوفى‪180 :‬هـ)‪،‬‬

‫الكتاب‪ ،‬المحقق‪ :‬عبد السالم محمد هارون‪ ،‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثالثة‪،‬‬

‫‪1988‬م‪.‬‬

‫‪ -‬فرهاد عزيز محيي الدين‪ ،‬ظاهرة التذكير والتأنيث بين المنطق العقلي وواقع اللغة‪ ،‬بحث‬

‫منشور‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة كركوك‪.‬‬

‫بيدي)‪ ،‬تاج العروس‬


‫الحسيني (ت‪1205 :‬هـ) (مرتضى الز ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬محمد بن محمد بن عبدالرزاق‬

‫من جواهر القاموس‪ ،‬مجموعة من المحققين‪ ،‬دار الهداية‪.‬‬

‫‪ -‬محمد عيد‪ ،‬النحو المصفى‪ ،‬مكتبة الشباب‪.‬‬

‫‪ -‬أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين اْلندلسي (المتوفى‪:‬‬

‫‪745‬هـ)‪ ،‬البحر المحيط في التفسير‪ ،‬المحقق‪ :‬صدقي محمد جميل‪ ،‬دار الفكر – بيروت‪،‬‬

‫‪1420‬م‪.‬‬

‫‪ -‬محمود السعران‪ ،‬علم اللغة مقدمة للقارئ العربي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط الثانية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -‬مصطفى بن محمد سليم الغاليينى (المتوفى‪1364 :‬هـ)‪ ،‬جامع الدروس العربية‪ ،‬المكتبة‬

‫العصرية‪ ،‬صيدا – بيروت‪ ،‬الطبعة‪ :‬الثامنة والعشرون‪ 1414 ،‬هـ ‪1993 -‬م‪.‬‬

‫*****‬

‫رب العالمين‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل ّ‬

‫‪16‬‬

You might also like