Professional Documents
Culture Documents
بع وان:
إمتام هذا العمل أشكر اهلل العلي القدير وأمحد ألن وفق
حافزا للعلم واملثابرة إ أيب الغا حفظه اهلل الذي أهدي مثرة هذا العمل إ من كان
مل يبخل علي بعطفه وح انه ودعمه املادي واملع وي ولطاملا مت وانتظر هذا اليوم؛
وإ ال غمرت بلطفها ودعواهتا تاج رأسي أمي رعاها اهلل عز وجل؛
إ مجيع إخويت وأخوايت وعائالهتم؛ إ أساتذيت ومشاخيي ومن كان هلم فضل تلقي العلم ال افع؛
إ مجيع األصدقاء والزمالء وكل من مد يد العون وفسح الطريق أمام طارقي أبواب العلم واملعرفة؛
مد محدا كثريا طيبا مباركا فيه على نعمه ال ال تعد وال تصى؛
كلمات المفتاح
إدارة التغيري شرعية االصالح احملاسب ،املعايري الدولية للتقارير املالية ،ال ظرية املؤسسية ا ديدة ،األطراف الفاعلة
Abstract
Key words
خلفت األزمة املالية العاملية لس ة 2008العديد من اآلثار السلبية على اقتصاديات الدول املتقدمة وال امية
على حد سواء ،وقد اهتمت العديد من ا هات م ها (قمة العشرين G20مؤمتر وزراء املالية ل دن )2008
وأعضاء من لس الشيوخ األمريكي واالتاد األورويب ،املعايري الدولية للتقارير املالية بصفة عامة ومعايري القيمة
العادلة بصفة خاصة أحد أهم أسباب نشوء هذ األزمة ،إذ كانت اثابة الثغرة ال مت استغالهلا للتالعب األرباح
وتضخيم األصول ،كما طالبت بوقف العمل اعايري القيمة العادلة وإعادة ال ظر فيها و تطبيقاهتا لتحسني مستوى
ال زاهة والشفافية .وقد دعت املفوضية األوروبية ( )ECرمسيا رسالة مؤرخة 27أكتوبر 2008لس معايري
احملاسبة الدولية ( )IASBإلجراء مزيد من التعديالت على معيار احملاسبة الدو " 39األدوات املالية :االعرتاف
والقياس" واملعيار الدو للتقارير املالية رقم " 9األدوات املالية" من ناحية والعمل أكثر ابدأ ا يطة وا ذر ملعا ة
القضايا احملاسبية ال أثريت سياق األزمة املالية ،وإال سوف توقف املفوضية التمويل املا للمجلس.
ردا على االهتام املوجه للمعايري الدولية للتقارير املالية بأهنا أحد األسباب الرئيسية لألزمة املالية العاملية
2008و اولة للدفاع عن موقفها والتقليل من شدة التوتر ،قامت هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية بننشاء
لس املراقبة MBكجزء من إصالح اإلدارة وتعزيز املساءلة العامة والرقابة ،وإصدار تعديل معياريني "،IAS39
"IFRS 9بطريقة استث ائية وبدون إتباع اإلجراءات املعمول هبا وفق بروتوكول وضع املعايري ،وبالرغم من موقف
اهليئة هذا والتربير من خالل اهليكل الت ظيمي ا ديد وتعديل اإلجراءات القانونية الواجبة بوضع حاالت استث ائية
وباإلضافة إ هتديد املفوضية األوروبية بتوقيف متويلها للمجلس ،شكل ذلك مصدر رئيسي للتشكيك شرعية
املعايري الدولية للتقارير املالية ونواة العديد من القضايا ال طرحت لل قاش والبحث األكادميي ،مل تكن مطروحة
السابق أو على األقل مل تكن مطروحة بالدرجة نفسها .و هذا الشأن ،د (and Masaki Kusano
)2013 Masatsugu Sanadaيصفان هذ االستجابة بقمة أزمة شرعية املعايري ،IFRSحني ( Bernard
)2010 Burlaud Colasse et Alainقد ص فا الضوء على تدخل املفوضية األوروبية عمل هيئة املعايري
IFRSخالل األزمة املالية العاملية 2008بأنه هتديد لشرعيتها.
طرحت قضية شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية من عدة جوانب دون تديد واضح ملفهوم الشرعية ،ففي
حني يت اوله ( )1978 Weberمن حيث عالقة اهليم ة ويصفها بأهنا إميان "اعتقاد" املهيمن عليه اشروعية املهيمن
المتالكه خصائص معي ة متثل مصدر قوته ،تؤهله للقبول واالعرتاف به ،د ( )1973 Habermasيعا ها من
حيث إجراءات صياغة القواعد و تواها ،و حني جتمع ( )2012 Sanadaبني بوضع املفهومني منوذج لتعريف
الشرعية يفصل فيه بني الشرعية اإلجرائية (شرعية إجراءات وضع املعايري) والشرعية املؤسسية (شرعية اهلياكل املشكلة
هليئة املعايري ،)IFRSد ) (1983 DiMaggio and Powellيت اوالن هذا املفهوم من وجهة نظر
2
مقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة
عرضهما لل ظرية املؤسسية ا ديدة New Institutional Sociology سوسيولوجية (ذات طابع اجتماعي)
) (NISويصفاهنا بدافع القبول واإلعرتاف ،حيث أن NISتشري إ حقيقة أن املؤسسات سعيها الكتساب
الشرعية "تقيق القبول واالعرتاف هبا" تتماثل (تتجانس) لكسب شرعية مب ية على املمارسات القائمة ( Irvine
،)2008 Helenوأن اعتماد IFRSميثل أحد مظاهر امل طق املؤسسي العاملي لكسب الشرعية.
ب اء على ما سبق ،ميكن القول بأن ه اك مفهوم نسب للشرعية ،ففي حني تعرف الشرعية على أهنا قاعدة
ت شأ عن االتفاق واإلمجاع ي تج ع ها اإلمتثال والطاعة ،يعرفها امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة بأهنا
دافع القبول واالعرتاف من م طلق امل طق املؤسسي العاملي ،إذ يقصد بامل طق املؤسسي العاملي الضغط مجيع أ اء
العامل من أجل التغيري باسم "تكامل أوثق بني دول وشعوب العامل" ( ،)2008 Irvine Helenاع أخر للشرعية
املؤسسية للم ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة ،الشرعية املق عة املرتبطة هبيم ة ال موذج األقوى القائم
على االستغالل وممارسة ال فوذ.
شرعية قرار اعتماد IFRS وبذلك ،ا ديث عن شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية خيتلف عن ا ديث
دولة ما أو شرعية مناذج اسبية وط ية ،فنذا كانت األو ترتبط باملفهوم ا قيقي للشرعية ،ترتبط الثانية بالشرعية
املق عة من م طلق امل طق املؤسسي العاملي ،حيث تلجأ الدول ال امية إ اسرتاتيجيات تقارب و املعايري الدولية
للتقارير املالية بدعوى تقيق الت مية والكفاءة االقتصادية ومن مث الشرعية العتقادها أن الدول ال تعتمد IFRS
تكون تقاريرها أعلى مستوى من الشفافية والقابلية للمقارنة تكون أكثر شرعية وبالتا تتيح هلا فرص أكرب ذب
املزيد من االستثمارات ،وزيادة الفائض املا ،وتقيق أعلى معدالت ال مو االقتصادي ،ومع ذلك ،أثبتت العديد
من الدراسات عكس ذلك ،أي أن اعتماد IFRSميثل أحد أشكال الضغط العاملي للتغيري باسم الشرعية و اا خيدم
مصا القوى املهيم ة وليس لتلبية م افع اقتصادية.
وقد أكد بعض الباحثني واألكادمييني مثل ( )1999 Andrew Rosserأن اإلصالح احملاسب بالدول
ال امية هو نوع من اهليم ة االستعمارية ا ديدة ،وبني عمل ) (2006 Zeghal and Mhedhbiبأن قرارات
اعتماد IFRSال ترتبط بتطوير ال اتج احمللي اإلمجا ( )GDPومنو االستثمار األج ب املباشر ()FDI الدول
بل يرتبط إ حد كبري بضغوطات مؤسسية خارجية على عكس االعتقاد ا ا السائد أن اعتماد املعايري يرتبط
لب فوائد اقتصادية مقابلة هلا ،إذ يستمر هذا االجتا بغض ال ظر أنه يؤدي بالضرورة إ الفوائد االقتصادية كما
تروج هلا هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية .وباستخدام تفسري ال ظرية املؤسسية ا ديدة ،يؤكد ( Monir Zaman
)2005 Mir and Abu Shiraz Rahamanأن قرار اختيار الدول ال امية العتماد ،IFRSبدراسة جتربة
ب غالديش ،يرتبط إ حد كبري بضغوط مؤسسية خارجية "تفسري التماثل القسري لل ظرية املؤسسية ا ديدة" ،أي
أن اإلصالح نتاج ضغوطات مؤسسية عاملية مرتبطة هبيم ة ال موذج األقوى لتحقيق الشرعية املق عة .وبتوظيف نفس
3
مقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة
بول دا هبيم ة سلطة الدولة امل ظور ،يفسر ( )2012 Iwona Wellamأسباب مستوى امتثال متد للمعايري
ونفوذها على عملية املعايري.
وعلى اعتبار أن ا زائر ،مثل العديد من الدول ال امية ،قامت بتب إسرتاتيجية إصالح تأخذ باملعايري الدولية
للتقارير املالية بدعوى مواكبة اإلصالح االقتصادي وتقيق متطلبات الت مية والكفاءة االقتصادية ،كما جاء وثيقة
عرض مشروع القانون املتضمن ال ظام احملاسب املا SCFأمام اجمللس الشعب الوط من طرف وزير املالية املؤرخ
12سبتمرب ، 2007وبدعم من الص دوق الدو وب اء على توصياته ،مل تسلم هذ االسرتاتيجية من نقد
األطراف الفاعلة إدارة التغيري ،فقد عرب العديد من امله يني عن استيائهم لعدم إشراكهم إجراءات وضع ومتابعة
مشروع اإلصالح احملاسب ،األمر الذ ي زاد من حدة الصراع بني الدولة (املمثلة اجمللس الوط للمحاسبة)
وأصحاب امله ة انتهى باسرتجاع وصاية الدولة على ت ظيم وتسيري امله ة.
إضافة إ ذلك ،مت هتميش دور وتأثري باقي األطراف الفاعلة األخرى ،مثل املؤسسات االقتصادية
واألكادمييني ،حني إدارة التغري احملاسب هي اسرتاتيجية تب على أساس تظافر جهود تلف األطراف الفاعلة اا
يضمن مستوى كاف من تقيق شرعية اإلصالح احملاسب ،األمر الذي أدى إ االعتقاد بأن اسرتاتيجية اإلصالح
احملاسب بتب املعايري الدولية للتقارير املالية با زائر تعترب غري شرعية لعدم رضى وقبول (اعرتاف) األطراف املع ية
بندارة التغيري باسرتاتيجية اإلصالح من ناحية ،وأن اختاذ قرار اإلصالح ارتبط إ حد كبري ،بضغوطات مؤسسية
خارجية على عكس االعتقاد ا ا السائد أن قرار االصالح يرتبط لب فوائد اقتصادية مقابلة هلا من ناحية
أخرى .ا ع أخر ،اختاذ ا زائر قرار االصالح احملاسب بتب اسرتاتيجية توحيد تأخذ باملعايري الدولية للتقارير املالية
جاء لتحقيق الشرعية من م طلق امل طق املؤسسي العاملي وليس باملفهوم ا قيقي للشرعية ،وأن هذا امل طق ا ديد
إدارة التغيري واإلصالح يفرض م طق مؤسسي وط قائم على هيم ة سلطة الدولة على باقي األطراف الفاعلة
مما خيل بشرعية اختاذ القرار وشرعية إدارة التغيري (شرعية اإلصالح).
كيف يمكن تحقيق التوافق بين األطراف الفاعلة في إدارة التغيير المحاسبي ،لبلوغ مستوى كاف من
القبول واالعتراف لضمان شرعية اإلصالح المحاسبي ونجاحه بالجزائر؟
وتزداد أمهية هذا السؤال إذا عرف ا أن شرعية اإلصالح ه ا هي مفهوم يرتبط ادى قدرة األطراف الفاعلة
إدارة التغيري على وضع اسرتاتيجية لتحقيق األهداف املرجوة من اإلصالح ،أي اح وفعالية اإلصالح ،حني
أهداف إدارة التغيري واإلصالح تتسم بالغموض ،األمر الذي زاد من تعميق التساؤل عن ماهية األسباب الرئيسية
وراء اختاذ قرار اإلصالح احملاسب بتب املعايري الدولية للتقارير املالية ا زائر؟
4
مقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة
باإلضافة إ ذلك ،إدارة التغيري احملاسب ي بغي أن تب على أساس تظافر جهود تلف األطراف الفاعلة اا
يضمن مستوى كاف من قبول واعرتاف هؤالء ملشروع االصالح ومن مث ا ديث عن جدوا وتقيق امل افع االقتصادية
وال جاعة املرجوة م ه ،لكن إذا كانت إدارة واسرتاتيجية التغيري هذ مل تسلم من نقد هؤالء الفاعلني ،ما هو دور
ا زائر؟ ص ع قرار اإلصالح احملاسب وتأثري كل من "هيئات التوحيد الوط ية ،امله ة واملؤسسات االقتصادية"
عمق هذ ا قائق ،و حني مفهوم الشرعية من م ظور ال ظرية املؤسسية ا ديدة ال ترتبط بامل طق املؤسسي
العاملي هو مفهوم خيل باملفهوم ا قيقي للشرعية ،فعلى هذا األساس ،كيف ميكن لل ظرية املؤسسية ا ديدة تفسري
شرعية اإلصالح احملاسب ؟
-غموض األسباب ا قيقية للقيام بنصالح اسب ومشاكل إدارة التغيري با زائر الذي أبرز الواقع دوديته وأنه
رد إصالح شكلي ،اجرد دخوله حيز الت فيذ؛
الوقت الذي -األزمة املالية العاملية لس ة ، 2008ال ولدت ا دل حول شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية
أكثر من 100دولة من بي ها ا زائر؛ مت اعتمادها
قياس شرعية اإلصالح احملاسب . -اإلخالل باملفهوم ا قيقي للشرعية
ب .مساهمة الدراسة
توضيح زوايا اختالف الباحثني واألكادمييني على الصعيد الدولي :تكمن مسامهت ا على الصعيد الدو
التغيري احملاسب اا يضمن تقيق مستوى أمثل من االعرتاف والقبول باإلصالح احملاسب با زائر.
على صعيد المعرفة ال ظرية:
إن تقيق التماثل السعي الكتساب الشرعية اختلف أنواعها (قسري ،معياري ،اكاة) ،ميثل توجه خيالف
املفهوم ا قيقي للشرعية القائم على دافع القبول واالعرتاف.
5
مقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة
يستمد البحث أمهيته من العالقة الوثيقة بني الشرعية واإلصالح احملاسب ،فدون الشرعية ال ميكن ا ديث عن
اح وجدوى إصالح اسب يرقى ويسمح باستيعاب حتمية التعاون االقتصادي الدو ومراعاة اعتبارات تقيق
الكفاءة وال مو االقتصادي الوط .
يضاف إ ذلك التوضيح ال ظري ملفهوم الشرعية املعتمد من طرف الباحثان (DiMaggio and Powell
ب اء ال ظرية املؤسسية ا ديدة ،ألن الشرعية من هذا امل ظور السوسيولوجي لل ظرية ختالف املفهوم )1983
ا قيقي للشرعية القائم على دافع القبول واإلعرتاف.
إدارة التغيري احملاسب لضمان تقيق -وضع إطار نظري يوضح الشروط الكفيلة بتفعيل دور األطراف الفاعلة
مستوى كاف من القبول واإلعرتاف باإلصالح احملاسب ؛
ت اول مفهوم الشرعية املعتمد من وجهة نظر امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة -توضيح ا لل
مقارنة باملفهوم ا قيقي املب على دافع القبول واإلعرتاف؛
إدارة التغيري احملاسب من خالل جتربة -و األخري ،هندف إ تقدمي رؤى وأدلة ميدانية ل تائج الضغط القسري
ا زائر.
ه .م هجية الدراسة وأدواتها
السياق العام للبحث جاء ملعا ة مستويات تقيق الشرعية بني األطراف الفاعلة إدارة التغيري ضمن تفسري
امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة واملفهوم ا قيقي للشرعية و اقاربة ت ظيمية اجتماعية .ولإلجابة عن
السؤال الرئيسي لألطروحة واإلحاطة اختلف جوانب املوضوع ،مت االعتماد على امل هج االست باطي ،ألن طبيعة
الدراسة هي استكشافية وليس تأكيدية ،أما األسلوب املعتمد هو البحث ال وعي ،ذلك الختيار املستجوبني بطريقة
غري عشوائية (العي ة القصدية " .(Creswell 2007) "Purposive Sampleالفكرة من استخدام البحث
ال وعي هي لتحديد مقابالت بشكل مقصود ،وتديد األشخاص الذين ميكن أن يساعدوا الباحثة على فهم املراد
من املقابلة وإشكالية الدراسة ،وهذ عي ة غري ممثلة لكافة وجهات ال ظر ولك ها تعترب أساس متني للتحليل العلمي
ومصدر ثري للمعلومات ال تشكل قاعدة م اسبة للباحثة حول موضوع الدراسة .أما أدوات الدراسة ارتبطت
أساسا :املقابلة واملالحظة والتحليل الوثائقي.
6
مقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة
مت تقسيم الدراسة إ ثالثة فصول ،تسبقهم مقدمة وتعقبهم خامتة ،إضافة إ تلخيص عام واختبار للفرضيات
ال جاءت مقدمة البحث ،وعرضا لل تائج ال توصل ا إليها ،و األخري قدم ا بعض التوصيات ال إرتأي ا بأهنا
ضرورية ب اء على ال تائج املتوصل إليها.
الفصل التمهيدي :خصص ا هذا الفصل لعرض تطور الفكر احملاسب ت اول قضايا شرعية اإلصالح ع د مستويني:
شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية (فحوى اإلصالح) من ناحية ،وكذا إدارة اسرتاتيجيات اإلصالح احملاسب من
امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة من ناحية أخرى ،باإلضافة إ م اقشة نتائج كل دراسة ووضع
مالحظات ا وملخص الرؤى حوهلا ،سعيا م ا لتصور نطاق الدراسة ال ن بصدد إعدادها وحدودها.
شقني ،ت اول الدول ال امية الفصل الثاني :يعا هذا الفصل األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب
األول تقييم لشرعية املعايري الدولية للتقارير املالية ع د مستويي الشرعية (الشرعية املؤسسية والشرعية اإلجرائية)،
واستشهدنا بذلك ب موذج "س ادا" لب اء الشرعية مع اإلشارة إ بعض أوجه االختالف تأسيس ال موذج بني
املدرستني اال لوسكسونية والفرنكوجرمانية ،حني ت اول الثا وجه آخر لتقييم شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية
سياق العالقات والتفاعالت الدولية ،وذلك بتوظيف امل ظور السوسيولوجي ل ظرية املؤسسية ا ديدة .وتديدا،
االعتماد على تفسري التماثل القسري شرح دوافع اإلصالح احملاسب باعتماد املعايري الدولية للتقارير املالية
الدول ال امية.
اختاذ قرار اإلصالح احملاسب هذا الفصل ا انب التطبيقي للدراسة بعرض جتربة ا زائر الفصل الثالث :نت اول
بتب إسرتاتيجية تقارب و املعايري الدولية للتقارير املالية والوقوف أمام الدوافع واألسباب الرئيسية ال كانت وراء
ص ع القرار وال أثرت بدورها على عدم شرعية اإلصالح احملاسب با زائر مستشهدين ببعض آثار االنشقاق وعدم
املقابالت االمتثال املرتتبة عن ذلك .وللقيام بذلك قم ا مع البيانات من مصادر متعددة ،متثلت أساسا
واملالحظات املباشرة ومجع وثائق أرشيفية مت وعة وتليلها.
7
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
انطالقا من التحوالت ال تشهدها الدول ال امية على مدى العقدين وال صف املاضية ،وال ارتبطت
أساسا بالتغيري واإلصالح احملاسب بتب اسرتاتيجيات توحيد تأخذ باملعايري الدولية للتقارير املالية ،IFRSكجزء من
برامج واسعة لإلصالحات االقتصادية املوجهة أساسا و اقتصاد السوق ،قام العديد من رواد الفكر احملاسب بطرح
عدة تساؤالت من قبيل ما يلي :كيف ميكن فهم هذ التطورات (موجة التغيري واإلصالح احملاسب )؟ هل يقودها
قلق فض تكلفة رأس املال ،وتعزيز الت مية االقتصادية وتسني الكفاءة ختصيص املوارد؟ أو هي مدفوعة من
قبل حكومات أج بية وشركات متعددة ا سيات كجزء من مشروع استعماري جديد للدول ال امية؟ أو أهنا ذات
صلة بتغريات هيكلية القتصاد دو معاصر تولت فيه السلطة اللغة املهيم ة؟ وباإلضافة إ ذلك ،هل هذ التطورات
إطار الدول ال امية؟ أو الضغط من أجل اإلصالح هي نقطة ال هاية لظهور أنظمة اسبة على ال مط الغريب
نظم قائمة على السلطة والفائدة؟
ولإلجابة عن هذ التساؤالت ،ارتبط ا ديث عن شرعية اإلصالح احملاسب بتب اسرتاتيجيات توحيد تأخذ
باملعايري الدولية للتقارير املالية ،IFRSاستويني للشرعية :شرعية فحوى اإلصالح (املعايري الدولية للتقارير املالية)
من ناحية ،وشرعية إدارة اإلصالح من ناحية أخرى.
9
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
طاملا ارتبط توسع وانتشار املعايري الدولية للتقارير املالية بدعوى تقيق واكتساب الشرعية من م طلق امل طق
املؤسسي العاملي املب على هيم ة ال موذج الغريب القائم على االستغالل وممارسة ال فوذ ،لكن ا ديث عن الشرعية
من خالل تطور الفكر احملاسب ت اول قضايا شرعية املعايري واعتمادها كان له أبعاد تلفة هلذا املفهوم سوف
اول فهمها من خالل مايلي:
يشكل قرار تب أو اعتماد دولة ما للمعايري IFRSمصدر شرعيتها ،ذلك العتبار أن هذ املعايري متتلك
خصائص قوة تشكل مصدر القبول واالعرتاف هبا ومن مث التوسع العاملي هلا ،وقد قامت ( )2012 Sanadaبوضع
منوذج لتوضيح مصدر شرعية املعايري IFRSمن خالل الفصل بني شرعية هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية (الشرعية
املؤسسية) ،وشرعية املعايري الدولية للتقارير املالية (الشرعية اإلجرائية) ،وبتوظيف مفهوم اإلنعكاس بي هما .ويقصد
افهوم اإلنعكاس العالقة املتبادلة بني املستويني ،فاملعايري شرعية ألهنا صادرة من قبل واضعي معايري (اهليئة) شرعيني،
والعكس صحيح .الشكل أدنا يوضح ال موذج:
Reflexivity
Legitimacy of IFRS
- Justification through benefits from application
of IFRS
- Taking advantage of the power of other
organizations
- providing decision-useful information
- Theoretical consistency
- Consistency among other institutions
10
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
أوال :الشرعية اإلجرائية :الشرعية اإلجرائية هليئة املعايري IFRS Foundationقق من خالل مايلي:
.1التربير من خالل الفوائد املرتتبة من تطبيق معايري التقارير املالية الدولية " Justification through
:"benefits brought from application of IFRSشرعية املعايري الدولية للتقارير املالية مربر من خالل
الفوائد املرتتبة من تطبيقها ،فعلى سبيل املثال اآلثار اإلجيابية امللموسة من اعتماد IFRSد أن الشركات املتب ية
الدول األخرى ال تعتمد ،IFRSفضال عن جت ب التكاليف هلا ميك ها الوصول بسهولة إ أسواق األسهم
اإلضافية لرتمجة التقارير املالية ،إذن تربير اعتماد IFRSيصبح سلوك اقتصادي رشيد؛
التطبيق" Taking advantage of the power of other .2اإلستفادة من قوة امل ظمات األخرى
:"organizationsاالستفادة من اهليئات وامل ظمات الدولية مثل هيئة تداول األوراق املالية الواليات املتحدة
،SECامل ظمة الدولية للبورصات العاملية IOSCOواالتاد األورويب كقوات ت ظيمية لفرض عملية االمتثال .و
هذا الشأن تدرج عالقة اهليئة الواضعة للمعايري مع اهليئات الداعمة هلا من خالل التعاون واالستفادة من قوهتا
السياسية بدال من ممارسة سلطتهم عليها وتكون عملية وضع املعايري نتاج سياسي أكثر م ه نتاج م طقي أو عملي؛
.3توفري معلومات مفيدة لص ع القرار" :"Providing useful decision-making informationإذا
كان اعتماد IFRSمن شأنه أن يوفر معلومات مفيدة الختاذ القرارات ،سيكون اثابة دافع للقبول واالمتثال هلا؛
.4االتساق ال ظري " :"Theoretical consistencyإعداد املعايري است ادا إ بعض ال ظريات والقواعد
املفسرة واملدروسة مسبقا من شأنه أن جيعل التقارب واعتماد املعايري سهل حيث سيكون دافع للقبول؛
ثانيا :الشرعية المؤسسية )شرعية هيئة المعايير الدولية للتقارير المالية( :يوفر اهليكل الت ظيمي للهيئة فرص
ملختلف أصحاب املصلحة لتحقيق مبدأ املشاركة ومبدأ التمثيل الكفء والعادل بالشكل الذي ميك هم من التعبري
عن آرائهم عل عملية وضع املعايري أكثر دميقراطية ،فضال عن تقيق مبدأ االستقاللية.
ورغم هذ ا قائق ،وجه العديد من رواد الفكر احملاسب انتقادات ملصادر شرعية املعايري ،IFRSفعن
الشرعية املؤسسية هليئة املعايري الدولية للتقارير املالية ،أثبتت دراسة للباحثني ( Masatsugu Masaki Kusano
1
Masatsugu Sanada, Legitimacy of Global Accounting Standards: A New Analytical Framework, Social Science
Research Network "SSRN", without country, 2012.
11
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
متحورت حول تقييم شرعية هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية IFRS- ،2 )2013 Sanada andوال
Foundationومعايريها IFRSخالل األزمة املالية العاملية ) (2008وعملية ترميمها من خالل الرتكيز على
إستجابة اهليئة IFRS-Foundationلألزمة املالية ،أن هيئة املعايري تعا من أزمة إستقاللية من خالل اولتها
االحتفاظ بتأييد االتاد األورويب ،إذ قامت اهليئة IFRS Foundationإثر األزمة بنصدار معيارين وتعديلهما
دون إتباع اإلجراءات القانونية الواجبة وامل صوص عليها برتوكول إجراءات وضع املعايري ،أما ما ارتبط بالشرعية
املؤسسية ،فنهنا تعا من أزمة فقدان الثقة ،إذ قامت هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية بننشاء لس للمراقبة
"(MB( "Monitoring Boardكحل وسط لتخفيف حدة التوتر ،حني هذا اإلجراء زاد من حدة أزمة
االستقاللية ،فلقد تغريت طبيعة إشراك اهليئات املختصة املالية الوط ية والدولية وضع املعايري الدولية للتقارير املالية
خالل األزمة املالية ،بعبارة أخرى ،تغريت مشاركتهم من غري مباشرة إ مباشرة "رفيعة املستوى ومتعددة األوجه".
و هذا الشأن ،يشري الباحثان ( 3)2010 Bernard Colasse et Alain Burlaudويوضحان أن
اهليئة تعا من أزمة استقاللية ،فوجود موعة من ا رباء معا ال ميثل أي سلطة حكومية وال مجاعة سياسية أو قوة
اقتصادية على اختالف أج اسهم ،يثبت استقاللية اهليئة رغم طريقة توظيفهم ودفع األجور ،فغالبية األعضاء لديهم
خربة مه ية مكاتب وشركات اسبية ذات ثقافة اقتصادية متقدمة ومرجعية ا لوسكسونية ،األمر الذي خيلق
ضم يا التحيز والتواطؤ الفكري ،وهذا ما يؤدي إ ب اء معايري ال ختدم أغراض احملاسبة املالية ،فضال عن الشرعية
السياسية وهي أحد الشروط ال طرحها الباحثان لب اء شرعية اهليئة IFRS Foundationومعايريها ،أي أن
امل ظمة جيب أن تكون ذات طابع رمسي ،فاالفتقار إ تفويض رمسي يهدد عملية اإلنصاف بني أصحاب املصلحة
وقد خيلق نوعا من التحيز إ طرف معني من األطراف ذات العالقة ،كما يضيف الباحثان بأن اكتساب اهليئة
للشرعية السياسية ا الية ما هو إال عن طريق الصدفة وممارسة ال فوذ ،فتزامن تاريخ إنشائها مع إطالق مبادرة اإلتاد
ظل غياب جهات م افسة األورويب لتوحيد وت سيق التشريعات احملاسبية م ح اهليئة دعم اإلتاد األورويب خاصة
هلا ،فضال عن استغالل أعضاء اهليئة نفوذهم بعضويتهم م ظمات وهيئات أخرى.
2
Masaki Kusano and Masatsugu Sanada, FINANCIAL CRISIS AND LEGITIMACY OF GLOBAL
ACCOUNTING STANDARDS, Social Science Research Network "SSRN", without country, May 2013.
3
Bernard Colasse et Alain BURLAUD, Normalisation comptable internationale : le retour du politique ?, CCA,
France, 2010.
12
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
جملموعة من األهداف ،املبادئ احملاسبية واملستفيدين من القوائم املالية ،أنه اولة إلضفاء الصفة العلمية للمعايري.
فن أي مدى يعكس هذا اإلطار مبادئ ونظريات اسبية علمية؟
وعن حجة الشفافية واملشاركة ،يوضح الباحثان ()2010 Bernard Colasse et Alain Burlaud
بأن إجراءات وضع وتطوير املعايري املعروفة بسياسة ا مهور ال ترتقي إ مستوى إضفاء الشفافية وال زاهة واإلشراك
العام ،فا مهور ليس له أي تأثري على عملية املعايرة ،وال يع إرسال تعليق على مسودة عرض املشاركة الفعلية
وتقيق مبدأ التشاور ،فاجمللس له كل ا رية اختياراته ،فضال عن وجود عوائق أخرى تد من فرص املشاركة
كحاجز اللغة اال ليزية خاصة دول العامل الثالث.
يبني الباحث ( ، )2008 Bright Amisiأوجه قصور أخرى لشرعية اهليئة متثلت فيما يلي:4
• ه اك هيم ة واضحة لدول G-20على هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية وهياكلها ،حيث يتأثر توزيع املقاعد
هياكل حكم اهليئة ( IFRS-Foundationهياكل ص ع القرار) جم سوق رأس مال دولة ما .ومع ذلك ،توفر
إجراءات ا وكمة العادلة للهيئة IFRS-Foundationاملزيد من فرص مشاركة ا هات املع ية وهيئات التوحيد
الوط ية.
• تطبيق املعايري الدولية للتقارير املالية ال يقتصر على الشركات املدرجة ،إذ ال يقل عن 101دولة تعتمد IFRS
للتطبيق من قبل شركات غري مدرجة البورصة ،وبالتا فنن ختصيص مقاعد هياكل حكم اهليئة IFRS-
Foundationعلى أساس معيار حجم سواق رأس املال غري م اسب ،لذا من األجدر إعادة ال ظر هذا املعيار
وكذا معيار استخدام ال اتج احمللي اإلمجا كمعيار لتخصيص مقاعد هياكل ا كم .ال اتج احمللي اإلمجا هو
أفضل مؤشر لل شاط االقتصادي للدول من حجم أسواق رأس املال ،كما يقرتح أيضا ربط مسامهات متويل دولة ما
للهيئة إ نسبة ال اتج احمللي اإلمجا .
• ليس لكل الدول املهارات التق ية واملوارد املالية للمشاركة أنشطة وضع املعايري ،IFRSإذ أن الدول ال امية
تتب املعايري الدولية للتقارير املالية بسبب نقص املوارد الالزمة لتطوير املعايري ا اصة هبا ،لذلك ترشيح املمثلني
اإلقليميني هلياكل حكم اهليئة IFRS-Foundationيفوض إ هيئات التوحيد اإلقليمية.
4
Bright Amisi, The legitimacy of International Financial Reporting Standards (IFRS): An assessment of
the due process of standard-setting, submitted in accordance with the requirements for the degree of master of
commerce, University of South Africa, Africa, 18 February 2013.
13
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
و هذا الشأن ،خلصت ( 5)2013 Yammine Mira et Olivier Henriبأن املعايري الدولية
كاف من الشرعية ،ذلك لظهور أوجه قصور أخلت بشرعية هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية ال تتمتع استوى ٍ
للتقارير املالية ومعايريها IFRSخالل األزمة املالية العاملية ) ،(2008فقد أكد الباحثان بأن املعايري الدولية للتقارير
املالية تعا من أزمة االستقاللية ومن أزمة فقدان الثقة بسبب طريقة استجابة اهليئة لألزمة املالية وعملية ترميمها،
فهذ االستجابة جاءت لضمان وا فاظ على الدعم املباشر واملتعدد األوجه الذي يقدمه االتاد األورويب واالستفادة
من قوة امل ظمات الدولية األخرى.
حاول بعض الباحثني مثل ( )2007 Linaتوضيح أن اعتماد الدول ال امية للمعايري IFRSجاء لتكون
تقاريرها أعلى مستوى من الشفافية واملقارنة من ناحية ،والشرعية من ناحية أخرى ،مما يتيح هلا فرص أكرب ذب
املزيد من االستثمار األج ب وتقيق الت مية االقتصادية ،ومن أجل أن ي ظر إليها كمشارك شرعي أسواق رأس
املال الدولية ،كما يوضح البعض اآلخر مثل ( )2008 Irvine Helenأن اعتماد IFRSهو أحد مظاهر امل طق
املؤسسي العاملي ،وهو جزء من موجة عامة من التوحيد الذي ققدث سياقات أوسع لتحقيق املواءمة بني
املمارسات احملاسبية ،وه اك عالقة انعكاسية بني IFRSوال ظام املؤسسي العاملي ،وهذا يع أن اعتماد IFRS
مظهر من مظاهر عوملة املؤسسات ،و الوقت نفسه ،هو تق ية يتم من خالهلا تعبئة ذلك ،حيث أن العوملة هي
مجيع أ اء العامل من أجل التغيري باسم "تكامل أوثق بني دول وشعوب العامل").6 الضغط
ورغم هذ ا قائق ،أكد البعض األخر من الباحثني مثل ( )2011 Lasminأن امل افع االقتصادية املرغوبة
من اعتماد IFRSغري ممك ة التحقيق ،حيث رأت Lasminبأن دول مثل بوستوانا ،هاي ،نيبال ،ب ما ،بابوا
غي يا ا ديدة ،وطاجيكستان ،وف زويال هي من بني الدول ال اعتمدت بشكل كبري IFRSومع ذلك مل تكن
قادرة على ا صول على امل افع االقتصادية .وقد أكدت حقيقة أنه سياق الرتويج للعوملة والتعاون املتعدد ا سيات
وتقيق أهداف خاصة متارس امل ظمات الدولية مثل ص دوق ال قد الدو ( )IMFوالب ك الدو ( )WBوالشركات
متعددة ا سيات واالتاد األورويب وامل ظمة الدولية هليئات األوراق املالية ( )IOSCOواألمم املتحدة(،)UN
5
Yammine Mira et Olivier Henri, ENFORCEMENT OF RULES – AN EMPIRICAL STUDY OF IAS 36
IMPAIREMENT OF ASSETS, CCA, France, 2013.
6
Irvine Helen, The global institutionalization of financial reporting: the case of the United Arab Emirates,
Accounting forum 32, Australia, 2008.
14
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
ضغوطاهتا على الدول ال امية لتطبيق ،IFRSمستغلة بذلك ضعف موقفها التفاوضي وقدرهتا احملدودة جدا
إعداد نظم اسبية خاصة هبا.7
وأما عن حجة تقيق املواءمة بني املمارسات احملاسبية بأهنا السبب الرئيسي وراء تب ِ بعض الدول للمعايري
الدولية للتقارير املالية ،IFRSفقد خلصت نتائج دراسة الباحث ( ،)1999 Andrew Rosserإ أن اإلصالح
احملاسب مل يكن نتاج خيارات رشيدة من قبل السلطة ا اكمة لتحقيق الكفاءة والت مية االقتصادية بل هي نوع من
اهليم ة االستعمارية ا ديدة وممارسة الضغوطات عليها ،هيم ة قوى مثل املستثمرين املاليني الدوليني وص دوق ال قد
الدو والب ك الدو ،ال استغلت املوقف التفاوضي الضعيف للدول ال امية ال اجم عن األزمات االقتصادية الدورية
ال شهدهتا ،وحاجتها ذب مساعدات مالية خارجية .8ويشري الباحث تليله حول الت مية املستقبلية لألنظمة
احملاسبية الدول ال امية أهنا ستصبح حتما أكثر ا لوسكسونية ،ذلك أن الدول ال امية ذات موقف تفاوضي
ضعيف االقتصاد العاملي ،ليس لديهم ا يار سوى تب سياسات اسبية ختدم مصا األطراف املهيم ة على
حساب تقيق الت مية وامل افع االقتصادية الوط ية ،بل أكثر من ذلك هي أيضا مضطرة لتوفري بيئة قانونية وسياسية
ومالية تؤدي إ إعادة إنتاج رأس املال ،وتقدمي ت ازالت لقوى رأس املال مثل الب ك الدو وص دوق ال قد الدو
إذا كان هذا سيضمن استمرار صحة االقتصاد الرأمسا .هذا بدور يع أن التغيريات اهليكلية االقتصاديات
العاملية واحمللية غالبا ما ترتجم إ تغيري السياسات ألهنا تعزز موقف موعات مهيم ة وجها لوجه مع اجملموعات
األخرى.
و هذا الشأن ،قدمت دراسة ( )2014 Anna Alon and Peggy D. Dwyerتفسريا لألسباب
ال جتعل الدول ال امية أكثر عرضة العتماد معايري وقواعد دولية ،بأن الدول ال هي اجة أكرب للموارد هي أكثر
عرضة لتأثريات العوامل والقوى ا ارجية وأكثر عرضة يار "تتطلب اعتماد "IFRSوقت مبكر ،حني باقي
الدول األقل عرضة لتأثري القوى ا ارجية أظهرت مستوى أد من االعتماد إما باختيار "خيار السماح باعتماد
"IFRSأو "عدم السماح باعتماد ،"IFRSأي أن االقتصاد الذي يعا من ت مية ضعيفة ومستوى فقر أكرب
يكون أكثر ميوال العتماد معايري وقواعد دولية من اقتصاد أعلى مستوى ت مية وأقل فقر.9
7
Lasmin, An Institutional Perspective on International Financial Reporting Standards Adoption In Developing
Countries, SSRN, without country, 2011.
8
Andrew Rosser, The Political Economy of Accounting Reform in Developing Countries: The Case of Indonesia,
Murdoch, Asia, July 1999.
9
Anna Alon and Peggy D. Dwyer, EARLY ADOPTION OF IFRS AS A STRATEGIC RESPONSE
TOTRANSNATIONAL AND LOCAL INFLUENCES, The International Journal of Accounting, vol 49, 2014.
15
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
وقد أكدت الباحثة ( )2012 Iwona Wellamمن خالل دراسة جتربة بول دا ،أن هذ األخرية تعا
من ضغوطات قسرية قوية مورست على سلطة الدولة لفرض تطبيق املعايري IFRSرغم أن )(1998 Nobes
ص ف بول دا بأهنا دولة ذات توجه قوي للضرائب وضعف أسواقها املالية .10و نفس السياق ،يؤكد الباحث
( ،)2008 Irvine Helenع د تقييمه لتجربة اإلمارات العربية املتحدة ،بأن الدول ال امية قد استجابت لضغوط
الدول الغربية املتقدمة ،وهي تواجه صعوبات عاملية قوية لتطوير نظم اقتصادية وسياسية تتوافق مع تلك املوجودة
كثرية ت فيذ املعايري IFRSواالمتثال هلا الواقع امليدا .
البحث عن األسباب ا قيقة اإلشكال الذي يطرح بشدة ا اسبة ا ديث عن اإلصالح احملاسب يتمثل
وهل ه اك حاجة فعلية ختدم األطراف املع ية .11ومهما كانت األسباب املهم هو كيف ميكن تسيري املرحلة اإلنتقالية
بفعالية ،ففي عمق هذ ا قائق ،حيث أصبحت االقتصاديات الوط ية بالدول ال امية عرضة بشكل متزايد إ
الصدمات ا ارجية ال امجة عن توسيع االقتصاد العاملي ،د إدارة التغيري واإلصالح احملاسب هبذ الدول يشوبه
العديد من املشاكل والصراع بني األطراف الفاعلة إدارة التغيري ،ففي دراسة جتربة ب غالديش ،يؤكد الباحث
( )2012 Mohammad Nurunnabiأن إدارة التغيري بالدول ال امية تتميز بعدم وجود تعاون بني هيئات
التوحيد الوط ية ال تشكل ا قل املؤسسي للمحاسبة ،12وه اك أدلة على "ثقافة لوم" بني مؤسسات الدولة
واهليئات امله ية ،وتبادل اللوم هو اولة إلزالة السلطة واملسؤولية ،فضال عن ا فاض معدالت اإلمتثال للمعايري
،IFRSوهو األمر الذي مت تأكيد كذلك من طرف ( )2008 Ahmed Kholeifبعرض جتربة مصر.
وفيما ارتبط جة تقيق الشرعية بأهنا سبب اعتماد املعايري IFRSبالدول ال امية ،تضاربت اآلراء حول
املقصود من مفهوم هذ الشرعية ،فهل يقصد به املفهوم ا قيقي للشرعية كما جاء به ( )1978 Weberوصفه
لعالقة اهليم ة أو املفهوم املق ع للشرعية من م طلق امل طق املؤسسي العاملي الذي يهيمن فيه الطرف األقوى القائم
على االستغالل وفرض قوته كما تفسر ال ظرية املؤسسية ا ديدة للباحثني (.)1983 DiMaggio and Powell
10
Iwona Wellam, The Adoption of IFRS in Poland: An Institutional Approach, University of Greenwich, A
thesis submitted in partial fulfillment of the requirement of the University of Greenwich for the degree of doctor
philosophy, Poland, 2012.
11
Monir Zaman Mir and Abu Shiraz Raham, The adoption of international accounting standards in Bangladesh
(An exploration of rational and process), Emerald Accounting, Auditing and Accountability Journal, without
country, 2004.
12
Mohammad Nurunnabi, The role of the state in implementing IFRSs in a developing country: the case of
Bangladesh, Submitted in fulfilment of the requirements for the degree of PhD in Accounting, The Edinburgh
Business School, August 2012.
16
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
أظهرت حالة املعرفة أن ا ديث عن شرعية اإلصالح احملاسب كان بدعوى تقيق واكتساب الشرعية من
م طلق امل طق املؤسسي العاملي ،وهذ األخرية فرضت م طق مؤسسي وط هتيمن فيه سلطة الدولة وقوة نفوذها
على باقي األطراف الفاعلة إدارة التغيري ،وا ديث عن اكتساب الشرعية من امل طلقني خيتلف عن ا ديث حول
املفهوم ا قيقي لكسب الشرعية القائم على القبول واإلعرتاف .و مايلي اول الوقوف على ملخص رؤى
ومالحظات رواد الفكر احملاسب مث م اقشتها.
ت اولت "س ادا" مفهوم الشرعية من خالل الفصل بني شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية وشرعية هيئة
املعايري الدولية للتقارير املالية ،األمر الذي وفر إطار تفسريي م ظم لتوضيح هذا املفهوم ومصادر إكتسابه ،فرغم
ت اوله العديد من الدراسات احملاسبية ا ديثة (دراسة )2008 Chua and Taylorإال أن معظمها إكتساها
الكثري من الغموض تديد واضح هلذا املفهوم .وقد اعتمدت وضع منوذج الشرعية من خالل تشخيص املصادر
واإلجراءات املعتمدة من طرف اهليئة تربير شرعيتها دون االست اد إ إطار نظري لتقييم شرعية املعايري الدولية
للتقارير املالية من عدمها أو اإلشارة إ جوانب ا الف األخرى تأسيس الشرعية مثل الشرعية السياسية أو
الت ظيمية ،هلذا ،وباإلضافة إ تقييم الشرعية املؤسسية واإلجرائية ،سوف اول من خالل دراست ا هاته تقييم شرعية
املعايري ب اء على ما توصل إليه رواد الفكر احملاسب تديد املستوى األمثل للشرعية مع اإلشارة إ وجهة نظر
تأسيس الشرعية السياسية. ( )2010 Bernard Colasse et Alain Burlaudدور السلطة
و هذا الشأن ،د الباحثان ( )2010 Bernard Colasse et Alain Burlaudيست دان تقييم
شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية إ بعض خصائص ب اء الشرعية من وجهة نظرمها ،حني هذ ا صائص ال
تزال ل نقاش واختالف بني رواد الفكر احملاسب ومل تظ باالتفاق واإلمجاع العلمي اعتبارها أسس لب اء الشرعية
من عدمها ،فعلى سبيل املثال يعترب الباحثان تدخل املفوضية األوروبية إجبار اهليئة على تعديل معيارين اثابة
دليل لعودة الشرعية السياسية ب اء املعايري وهو األمر الذي افتقد قبل األزمة ،حني يرى بعض رواد الفكر
احملاسب املدرسة األ لوسكسونية مثل ( )2013Masatsugu Sanada and Masaki Kusanoأن هذا
التدخل يعترب قمة اإلخالل بالشرعية ألن تدخل اهليئات ا كومية كسلطة سياسية عملية املعايرة قد خيل بتحقيق
مبدأ االستقاللية تأسيس الشرعية املؤسسية.
وب اء على ما أثار الباحثان ( )2010 Bernard Colasse et Alain Burlaudمن تساؤل عما إذا
كان هتديد االتاد األورويب هليئة املعايري الدولية للتقارير املالية يشكل عودة احملاسبة إ حقلها القانو الرئيسي،
نشري إ أنه رغم وجود تأثري للتدخل السياسي على القرارات ،إال أنه ميكن اعتبار هذا التدخل كقوة ت ظيمية
17
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
فرض اإلمتثال واإللتزام باملعايري .فب اء على هذا املوقف سوف اول من خالل دراست ا توضيح دور ا انب السياسي
تأسيس الشرعية كقوة ملتابعة عملية الت فيذ واإلمتثال وليس اإلحتكار السياسي لعملية املعايرة.
متثل دراسة الباحثان الفرنسيان ( )2010 Bernard Colasse et Alain Burlaudمثال لرأي املدرسة
الفرنكوجرمانية تأسيس الشرعية ،وعلى الرغم من أهنما قد ت اوال بعض خصائص أو ع اصر تأسيس الشرعية
املدرسة األ لوسكسونية ،فضال عن غياب هذ املدرسة ،إال أهنما مل يقدما إطار واضح لب ائها كما هو ا ال
مفهوم واضح للشرعية املستخدم نطاق الدراسة.
أما بال سبة لدراسة ( )2008 Bright Amisiد اعتماد الباحث على تقييم الشرعية على منوذج
"س ادا" للشرعية الذي يعكس ال ظرة اال لوسكسونية ب اء مستويات الشرعية ،حني س ت اول جانبني لتقييم
هذ الشرعية ،األول :تقييم شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية ،والثا :تقييم شرعية اختاذ قرارات تب هذ املعايري
بني تلف الدول والدول ال امية على وجه ا صوص ،األمر الذي مل يتطرق له الباحث رغم أن موط ه يص ف
ضمن إحدى الدول ال امية واكتفى فقط باإلشارة إ نسب مشاركة هذ الدول ختصيص مقاعد التمثيل
هياكل حكم اهليئة .IFRS-Foundation
نظريا ،يشري الباحث إ موعة من مظاهر إكتساب شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية مثل تقارب
هياكل ا كم مع ال موذج األمريكي FASBك قطة إجيابية الكتساب شرعية املعايري ،IFRSحني قد يكون
ذلك خطوة ألزمة أخرى للشرعية ،فكيف ل موذج يوصف بال موذج الدو إكتساب شرعيته من اإلمتثال ألحد
ال ماذج الوط ية ولو كان ال موذج األمريكي؟ إذ يظل تفسري ذلك اهليم ة األمريكية على ال موذج الدو للمحاسبة
خاصة ظل مشروع التقارب بني IASBو.FASB
الباحث است د تليل نتائج دراسته إ إجراءات تعديل معياريني خالل فرتة أطلق عليها قمة أزمة شرعية
ال موذج الدو للمحاسبة ال امجة عن ضغوطات االتاد األورويب ،وال تفسرها هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية
بأهنا ظروف استث ائية لألزمة ال ميكن القياس على أساسها وتربر القيام بنجراءات استعجاليه الفة ملا هو م صوص
عليه برتوكول إجراءات وضع املعايري .قد تكون نتائج الدراسة أكثر مصداقية لو أجريت خالل فرتات أخرى
لتفادي تأثري األزمة على نتائج الدراسة ألن فرتة األزمة املالية العاملية 2008اعتربت قمة أزمة شرعية هيئة املعايري
ومعايريها.
أثار الباحث أهم قضية طرحت عقب األزمة املالية العاملية لس ة ،2008ولعل نقطة البدء ه ا تكمن
إلقاء الضوء على أوجه قصور املعايري الدولية للتقارير املالية خاصة بعد موجه االنتشار الدو العتمادها الدول
حد سواء ،دون التشكيك إمكانية تطبيقها ومراعاة ا صائص اإلجتماعية واالقتصادية أو ال امية واملتقدمة على ٍ
18
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
القانونية هلذ الدول ،حني سوف اول من خالل دراست ا هذ إظهار أوجه أخرى الختالل شرعية املعايري
IFRSمل يتطرق هلا الباحث ،خاصة ما ارتبط بشرعية اعتماد املعايري سياق التفاعالت الدولية معها ،وبشكل
أكثر عمقا ع د ت اول أوجه قصور ال موذج ،فضال عن وضع إطار تفسريي لتقييم الشرعية من م ظور تفاعل الدول
ال امية مع املعايري. IFRS
أوضح الباحثان ( )2013 Masatsugu Sanada and Masaki Kusanoأن إنشاء لس املراقبة
وإصدار تعديل معياريني بطريقة استث ائية مثال ثغرة ملمارسة الضغط على اهليئة واملساس بشرعية املعايري وهيم ة
املؤسسات القوية عليها ،األمر الذي يؤكد املخاوف بشأن التدخل السياسي عملية وضع املعايري ،كما قاما بتقييم
شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية من خالل عرض بعض مظاهر اإلخالل بتأسيس الشرعية وال امجة أساسا عن
استجابة اهليئة لألزمة املالية العاملية ، 2008لكن قد ال تثبت نتائج الدراسة ح على املدى القصري ،باعتبار
حدوث األزمة قد يربر بعض املواقف وردود األفعال ،فضال عن سياسات اإلصالح ال انتهجتها اهليئة لدعم
شرعيتها فيما بعد األزمة .وقد اعتمد الباحثان على ال ظرية املؤسسية ا ديدة تقييم شرعية ،IFRSحني
تلف الدول ،بعبارة سوف نستخدم ال ظرية املؤسسية ا ديدة NISتفسري شرعية قرارات اعتماد IFRS
أخرى استخدام ال ظرية تفسري عدم شرعية العملية وليس توا ،ألن هذ األخرية سوف نقوم بتقييمها من خالل
منوذج مقرتح لتقييم الشرعية.
و ا ديث عن شرعية إدارة التغيري واإلصالح ال امجة عن توسع وانتشار املعايري ،د الباحثان (Anna
)2014 Alon and Peggy D. Dwyerقد ت اوال مؤشرات كلية لدراسة عوامل التأثري على مستوى قرار
إعتماد املعايري دولة ما ،إال أن تأثري هذ العوامل يكون نسبيا ،كما أن ه اك الكثري من العوامل األخرى ذات
الصلة املباشرة مثل مه ة احملاسبة ،مكانة ا باية واملؤسسات االقتصادية املع ية بتطبيقات احملاسبة ذات تأثري واضح
على قرارات االعتماد ،كما أن العوامل املمثلة (هياكل ا كم ،الت مية االقتصادية وأخريا القومية) هي جد مهمة
ومؤثرة خيارات الدول ال امية لإلصالح احملاسب ،لكن قد ال تؤثر خيار اإلعتماد بشكل مباشر بل هي فقط
تضعف موقف الدولة التفاوضي وإبراز املوقف املهيمن بشكل أكثر قوة لفرض قرارته ،ففي ظل ضعف موقف الدولة
التفاوضي قد تتخذ هذ الدول قرارات قد ال تكون لصا ها بل فقط إلرضاء الطرف األقوى ومن مثة القبول
واإلعرتاف هبا ولو كان ذلك على حساب تقيق الت مية والكفاءة االقتصادية الوط ية.
متثل دراسة ( )2014 Anna Alon and Peggy D. Dwyerمثاال عن عدم شرعية قرار اإلصالح
والتغيري لعدم تأسيسه على خيارات عقالنية دون التطرق إ إدارة التغيري واإلصالح السياق الوط ،األمر الذي
د دراسة ( )2012 Mohammad Nurunnabiال ت اولت إشكالية إعتماد املعايري الدولية للتقارير
املالية بالدول ال امية من خالل احتكار الدولة لعملية اإلصالح كاستجابة لضغوط قوى مؤسسية دولية مهيم ة من
19
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
خالل عرض لتجربة ب غالديش والدوافع الرئيسية وراء تب اسرتاتيجية التقارب و املعايري الدولية للتقارير املالية،
لك ها هي األخرى افتقرت إلطار نظري يقيم على أساسه اسرتاتيجية التب ِ ،واإلكتفاء فقط بدراسة تأثري موعة
من العوامل على اإلمتثال للمعايري.
انطالقا من أوجه القصور هذ ،اول استغالل نتائج الدراسة لتقدمي إطار نظري تفسريي معياري لوصف
اسرتاتيجيات تقارب الدول ال امية و املعايري الدولية للتقارير املالية ،فضال عن توضيح العوامل املدروسة واملؤثرة
على مستوى اإل متثال على أهنا أوجه قصور مت استغالهلا مرحلة سابقة ملمارسة ضغوطات ص ع قرار اعتماد
املعايري.
أغلب الدراسات ،اا فيها تلك املذكورة سابقا ،متت بيئة اسبية شبيهة للبيئة األ لوسكسونية الرأمسالية.
دراسة جتربة بول دا للباحث ( )2012 Iwona Wellamعلى وجه التحديد ،تقدم مثاال لدراسة عملية تب املعايري
الدولية للتقارير املالية اقتصاد يتميز ببيئة دي اميكية ذات ثقافة فرنكوجرمانية و سياق التحول االقتصادي الذي
حدث اقتصاديات ما بعد الشيوعية أوروبا الوسطى والشرقية ،ففي تص يف طرحه ) )1998 Nobesص ف
بول دا بأهنا دولة ذات توجه قوي للضرائب وضعف أسواقها املالية .أوضحت الدراسة الكيفية ال أثرت فيها مه ة
احملاسبة والدولة ونظامها بول دا على مستويات اإلمتثال للمعايري .وقام الباحث باستخدام نفس اإلطار التصوري
"ال ظرية املؤسسية ا ديدة" الذي سوف نعتمد دراست ا ،إال أن اإلختالف ا وهري بني الدراستني يكمن أن
األو سعت الستخدام ال ظرية تفسر مستويات اإلمتثال نسبة إ قوة تأثري كل من املتغريات الثالث :مه ة
احملاسبة ،السلطة وال فوذ من مؤسسات الدولة وأخريا مستوى اإلعتماد على السوق املالية تديد وتوزيع موارد
الدولة ،حني دراست ا تستخدم ال ظرية املؤسسية ا ديدة تفسري تأثري نفس املتغريات على عدم شرعية
اسرتاتيجيات اإلصالح احملاسب الدول ال امية.
ه اك نوعان من الدراسات ا ديثة ال ميكن من خالهلا استخدام ال ظرية املؤسسية (1983 DiMaggio
) ،and Powellال وع األول وهو استخدام ال ظرية لشرح األسباب األساسية وراء اختاذ قرار إعتماد املعايري الدولية
للتقارير املالية بالرجوع إ عوامل خارج حدود الوطن كما هو مستخدم دراسة ( ،)2012 Lasminأما ال وع
الثا هو استخدام ال ظرية لدراسة العوامل الداخلية (داخل ا دود الوط ية) واملتمثلة اجملال املؤسسي لبيئة احملاسبة
داخل ا دود الوط ية .س حاول من خالل دراست ا هذ الرتكيز على ال وع الثا مع اإلشارة إ العالقة بني ال وعني،
فضال عن استخدام ال ظرية لتقييم شرعية اسرتاتيجيات الدول ال امية التقارب و ال موذج الدو .
بال ظر إ أن بعض البلدان ال تعتمد IFRSمل تقق الفوائد االقتصادية املتوقعة لقراراهتا ،ه اك احتمال
قوي بأن هذ الدول اختذت قرار اعتماد IFRSألسباب غري اقتصادية بل نتيجة ضغوطات من قبل قوى خارجية
مثل امل ظمات الدولية وعمليات ي ظر إليها على أهنا شرعية كما جاء تفسري ال ظرية املؤسسية ا ديدة ،متثل جتربة
20
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
اإلمارات العربية املتحدة أحد أشكال التماثل لل ظرية املؤسسية ا ديدة على عكس جتربة ب غالديش وبول دا ال
يغلب عليها "التماثل القسري" ال اجم عن ضغط املؤسسات الدولية املالية ،إذ د جتربة اإلمارات العربية املتحدة
يغلب عليها شكل "التماثل املعياري" ال اجم عن ضغط متطلبات احملاسبة واهليئات احملاسبية امله ية و"متاثل احملاكاة"
ال اجم من ضغط املؤسسات االقتصادية ملا تتميز به من السيطرة على املوارد الطبيعية ا اصة هبا ورغم اعتمادها
البحث عن على عائدات ال فط والغاز ،وسعت اقتصادها بشكل كبري من خالل التجارة والتمويل ،ونشطت
شراكات جتارية مع ا ارج ،وتشهد حاليا مستوى ٍ
عال من األعمال التجارية ومنو إيراداهتا.
تفسري قرار حكومة دولة اإلمارات العربية املتحدة باعتماد املعايري استخدام ال ظرية املؤسسية ا ديدة
IFRSيوضح نوع أخر من الضغوط ال امجة عن العوملة ومتطلبات االقتصاد العاملي رغم غياب الفرض املباشر
العتمادها ،فالرغبة مسايرة متطلبات العوملة واالقتصاد العاملي تفرض نفسها ،فال ميكن لدولة ما تريد أن تشارك
العصر أن ت عزل عما جيري فيه.
اعتماد املعايري IFRSوالتقارب و ال موذج الدو للمحاسبة يعترب مثاال تقييم اسرتاتيجية ب غالديش
جيدا للمشاكل ال تواجهها الدول ال امية ال امجة عن ا يار الالإرادي اعتماد املعايري IFRSوهي أحسن مثال
فرض سياسات للتماثل القسري الذي متارسه اهليئات الدولية املا ة واملقرضة للمال ،واستغالهلا ل فوذها املا
ختدم مصا ها بالدرجة األو بدل املساعدة ت فيذ خطط الت مية الوط ية.
تعترب ب غالديش من املستعمرات اإل ليزية ،بعد االستقالل ضلت تعمل ب فس التشريعات الربيطانية ،ف ظم
التسيري واإلدارة ظلت نفسها وبالتا نسبة كبرية من بيئة احملاسبة بب غالديش مشاهبة للدول اال لوسكسونية ،هلذا
من املفرتض اح ال موذج األ لوسكسو فيها إ حد ما ،على عكس الدول الفرنكوجرمانية ومستعمراهتا كما
هو حال دولة ا زائر ،ففي حني كانت املمارسات احملاسبية السائدة ب غالديش هي ممارسات غربية )منوذج
أ لوسكسو ( وبالتا عملية إعتماد املعايري هي تق ني للممارسات السائدة آنذاك ،فنن املمارسات السائدة با زائر
تعكس نظم اسبية وفق ال موذج الفرنكوجرما ،فما هو ا ال ع د إعتماد املعايري؟ .هذا ما س حاول اإلجابة
عليه الدراسة ال ن بصدد إعدادها.
الدول ال امية ،فا فاض درجة اإلمتثال IFRS الدراسة ت اولت اآلثار املرتتبة عن عدم مالئمة IFRS
هي نتيجة م طقية لعدم مالئمة املعايري الدولية للتقارير املالية للدول ال امية ،حيث تساهم هذ الورقة توضيح
مشاكل االقتصاديات ال امية واإلنتقالية من خالل إعتماد معايري مستوردة إ دول ذات ثقافات تلفة جدا وهياكل
اقتصادية وسياسية كذلك ،وبشكل خاص مشاكل اإلمتثال نتيجة م طقية لعدم شرعية عملية التقارب و املعايري
الدولية للتقارير املالية.
21
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
توصل الباحث إ نتيجة مفادها أن الشركات املصرية ذات إمثال ضعيف للمعايري الدولية للتقارير املالية
دون التطرق ألسباب ذلك واإلشارة فقط إ فكرة عدم مالئمة املعايري لبيئة الدول ال امية ،هلذا سوف نت اول
كاف من شرعية اسرتاتيجيات ث ا هذا أسباب وجود مستوى متد من اإلمتثال واملرتبطة أساسا بغياب مستوى ٍ
تقارب و ، IFRSكما أن دراسات إضافية االت اعتماد IFRSاالقتصاديات ال امية واالنتقالية األخرى،
مع ثقافات وهياكل سياسية تلفة قد تساعد على اختبار موثوقية نتائج هذ الدراسة.
يشري الباحث تليله حول الت مية املستقبلية لألنظمة احملاسبية الدول ال امية أهنا ستصبح حتما أكثر
ا لوسكسونية ،ذلك أن الدول ال امية ذات موقف تفاوضي ضعيف االقتصاد العاملي ،ليس لديهم ا يار سوى
تب سياسات اسبية ختدم مصا األطراف املهيم ة على حساب تقيق الت مية وامل افع االقتصادية الوط ية ،بل
أكثر من ذلك هي أيضا مضطرة لتوفري بيئة قانونية وسياسية ومالية تؤدي إ إعادة إنتاج رأس املال ،وتقدمي ت ازالت
لقوى رأس املال مثل الب ك الدو وص دوق ال قد الدو إذا كان هذا سيضمن استمرار صحة االقتصاد الرأمسا .
هذا بدور يع أن التغيريات اهليكلية االقتصاديات العاملية واحمللية غالبا ما ترتجم إ تغيري السياسات ألهنا تعزز
موقف موعات مهيم ة وجها لوجه مع اجملموعات األخرى .وقد أوضح الباحث أن اإلصالح احملاسب بالدول
ال امية هو جزء من اهليم ة اإلستعمارية ا ديدة للمؤسسات الدولية والشركات املتعددة ا سيات بدراسة دي اميكية
اإلصالح احملاسب أندونيسيا ،وإلظهار نتيجة مشاهبة سوف نت اول دي اميكية اإلصالح احملاسب ا زائر لكن
باستخدام تفسري ال ظرية املؤسسية ا ديدة "."NIS
22
ت اول قضايا شرعية اإلصالح احملاسب الفصل التمهيدي :تطور الفكر احملاسب
خالصة الفصل
اتفق رواد الفكر احملاسب من خالل ت اول اسرتاتيجيات اإلصالح احملاسب بالدول ال امية باعتماد املعايري
الدولية للتقارير املالية ،على وجود دوافع تقف وراء إختاذ قرار اإلصالح غري تلك املعلن ع ها رمسيا واملتمثلة أساسا
تقيق متطلبات الت مية والكفاءة االقتصادية ،وأن ممارسة ضغوطات مؤسسية خارجية عليها هي السبب الرئيسي
وراء ذلك ،األمر الذي أخل بتحقيق شرعية إختاذ قرار اإلصالح احملاسب وإدارة التغيري هبذ الدول .و مايلي نوجز
أهم ما مت التوصل إليه هذا الشأن:
-تتخذ الدول ال امية قرار اإل صالح احملاسب باسرتاتيجية توحيد تأخذ باملعايري الدولية للتقارير املالية تت
ممارسة ضغوطات خارجية عليها وتربر ذلك بالفوائد االقتصادية املقابلة هلا؛
-من خالل تفسري امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة د أن :سعيها إلكتساب الشرعية،
تتماثل املؤسسات بطرق غري شرعية؛
-الدول ذات مستوى ت مية أقل وحاجة أكرب ملوارد مالية هي أكثر عرضة ملمارسة ضغوطات قسرية عليها
إلعتماد املعايري الدولية للتقارير املالية؛
-من م ظور سوسيولوجي ،إ عتماد املعايري الدولية للتقارير املالية بالدول ال امية ميثل مظهر من مظاهر عوملة
املؤسسات على أساس أن مفهوم العوملة يع تلف الضغوطات من أجل التغيري باسم "تكامل أوثق بني
دول وشعوب العامل"؛
-عدم شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية ،انعكس مستويات م خفضة لالمتثال.
23
-
-
-
-
-
-
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
ارتبط استخدام مصطلح الشرعية اجال املعرفة السياسية والسوسيولوجية ،لكن اآلونة األخرية أخذ هذا
املصطلح نصيبه من اإلستعمال علم االقتصاد بصفة عامة واحملاسبة بصفة خاصة ،ف ظرا ألمهية تديد وفهم
املصطلحات ا اصة بكل حقل علمي على حدى ،سوف لن نعتمد تديد مفهوم الشرعية على التعريف
القاموسي ،ألنه خارج نطاق الدراسة ،بل تعريفه سياق البحوث والدراسات ال أوردها بعض الباحثني ال
احملاسبة .وجتدر ب ا اإلشارة إ أن املكانة ال احتلها مفهوم الشرعية القضايا احملاسبية املعاصرة يعود ملا هلذا
املفهوم من دور تديد األسس والركائز ال جيب أن تب على أسسها ال ظم احملاسبية من أجل أن ترقى إ
مستوى القبول العام والطوعي واإلمتثال هلا.
تعددت اآلراء ووجهات ال ظر ت اول مفهوم الشرعية ،إال أهنم اتفقوا بأن دافع القبول واإلعرتاف وراء
السعي لتحقيق الشرعية .وقد ص ف "فرنك" ) (1988 Franckه الء إ موعتني :تضم اجملموعة األو وجهة
نظر ( )1978 Weberوتعرف افهوم " Weberianللشرعية" ،حني يرتأس الثانية وجهة نظر (Habermas
)1973وتعرف افهوم " Habermasianللشرعية".
يعرف ماكس فيرب Weberالشرعية بأهنا عقيدة (إعتقاد) ،الذي ميتلكه األفراد ،حول مدى أحقية قاعدة
(حكم) أو شخص ،باملقابل ،يستلزم استعدادهم للطاعة واإلمتثال .وقد ت اول " "Weberهذا املفهوم ع د وصفه
لظاهرة اهليم ة باعتبارها أحد أشكال العالقات اإلجتماعية ،ففي حني يعرف ماكس فيرب اهليم ة على أهنا عالقة
قيادة وطاعة بني املهيمن واملهيمن عليه ،يعِرف الشرعية بأهنا إميان (إعتقاد) املهيمن عليه اشروعية املهيمن المتالكه
خصائص معي ة متثل مصدر قوته "قوة املهيمن" 13دون وصف أو تديد هلذ ا صائص .وهذا اإلعتقاد يستمد من
واحد أو أكثر من املصادر الثالثة التالية :اهليم ة التقليدية واهليم ة العقالنية واهليم ة الكاريزمية.
13
Weber, M, Economy and society: an outline of interpretive sociology, University of California Press,
California 1978, p12.
25
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
اهليم ة التقليدية :تتأسس من اإلعتقاد بقداسة التقاليد القدمية والعادات املتوارثة واحملفورة الذاكرة ال تدد األحقية
اهليم ة.14
اهليم ة العقالنية (العقالنية القانونية) :تستمد من اإلميان بأحقية القواعد القانونية تديد الواجبات وا قوق على
أساس الكفاءة والعدالة وليس على أساس احملسوبية والقرابة .وتكون اجملتمعات ال تقوم على التعاقد واملساواة
القانونية بني أفرادها.15
اهليم ة امللهمة (الكاريزمية) :تستمد من إعجاب األفراد بشخصية املهيمن (الزعيم ،القائد) إزاء فضائله البطولية
وا ميدة أو لقدراته على حفظ األمن واإلستقرار ،وهي تقع درجة عالية من العاطفية .التصور واإلعتقاد اشروعية
مؤسسة ما ،فاملؤسسة شرعية ا يكون للمواط ني ثقة فيها وبالتا استحساهنا وقبوهلا ،فدافع القبول واإلعرتاف مب
على أساس الثقة.16
ضمن نفس السياق ،د "سومشان " ( )1995 Suchmanعامل اإلجتماع واالقتصاد يعرف الشرعية،
كتابه حول ال هج االسرتاتيجي واملؤسسي ،بأهنا تصور (إعتقاد) أو إفرتاض أن تصرفات كيان (شخص طبيعي أو
مع وي) مرغوبة ،م اسبة ومالئمة نظام إجتماعي ما.17
انتقد عامل اإلجتماع واالقتصاد والفيلسوف األملا ) (1973 Habermasبشدة مفهوم Weberian
للشرعية نظرا لطه بني الشرعية وا ضوع للسلطة املهيم ة ،فهذ األخرية ،حسب " ،"Habermasتسعى لفرض
القبول واإلمتثال دون البحث مصادر خلق القيمة الذاتية ال تؤدي إ الشرعية ،كما أنه ال ميكن إعطاء تصور
أو إعتقاد معمم للشرعية ظل ت وع فئات اجملتمع .لكن أنصار " ،"Weberمثل ( ،)2003 Salamأوضحوا
حني يبني ماكس فيرب بأن ا ضوع للسلطة من فرض قبول وإعرتاف املهيمن علية للمهيمن بطريقة أو بأخرى،
أن القبول واإلعرتاف مب على ق اعة املهيمن عليه بالقيمة الذاتية للمهيمن.
ت اول " (1973) "Habermasمفهوم الشرعية من حيث صياغة القواعد و تواها ،فيمكن أن تتحقق
من خالل املشاركة صياغة القواعد للتوصل إ توافق اآلراء حول دوافع عقالنية ب اء هذ القواعد ،حني
أن اآلراء املتفق عليها جيب أن تب على حجج وتربيرات توفر أساس م طقي لبعض وجهات ال ظر ،كما ي بغي أن
14
Ibid. P13.
15
Idem
16
Idem
17
Pierre Marc Lanteigne, Institutional and Organizational Unconscious Theories: An Alternative Way for
Explaining Challenges in Inter-Agency Cooperation, R&D Centre for Security Science, CANADA,2012,p14.
26
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
تكون قوة ا جة الوسيلة الوحيدة لق اعة وإميان املهيمن عليه ،و األجدر به أن يكون على استعداد لت فيذ أي نتائج
ولو كانت ضد مصا ه العتماد على قوة ا جة موافقة املهيمن آلرائه ،وبالتا تقيق الكفاءة واملساواة توزيع
امل افع .18يورد " "Habermasا انب اإلجرائي كشرط إلضفاء الشرعية مع إمهاله للجانب املؤسسي جة أزمة
الشرعية هي أزمة اهلوية ال ت تج من فقدان الثقة املهيمن ،والذي ققدث على الرغم من أنه ال يزال ققتفظ
بالسلطة القانونية ال ميكن من خالهلا ا كم.19
مما سبق ،د أن مفهوم Weberianللشرعية يركز على وجود خصائص قوة يتميز هبا املهيمن تؤهله
ومت حه صفة الشرعية ،حني مفهوم Habermasيركز على ا انب اإلجرائي لتأسيس الشرعية .وبني املفهومني،
جاء بعض رواد الفكر احملاسب مثل ( )2008Zimmermannوآخرون ،لوضع مفهوم جامع بي ها ويفصل فيه
بني الشرعية املؤسسية والشرعية اإلجرائية ،20ويوضح أن اهلياكل الت ظيمية ي بغي أن تي ِسر املساءلة والرقابة على
حني ي بغي أن تكون اإلجراءات عادلة وتقق الشفافية العمليات والسلوكيات ال ت طوي عليها أنشطتها،
واملشاركة.
يقدم عمل "سومشان " ( )1995 Suchmanوصف للشرعية املؤسسية املمك ة ،ووضع ()2006 Esty
إطار ألدوات ا وك مة ال تضفي الشرعية ،أما من حيث الشرعية اإلجرائية ،يعترب عمل ( Richardson and
وصفها. )2011 Eberleinاملثل األعلى
ع د ا ديث عن شرعية نظام اسب ما ،ن اجة إ افرتاض أن ه اك أطراف متأثرة "أصحاب مصلحة
متعددين" ،األمر الذي ميك ا بسهولة تصور الشرعية بأهنا دافع قبول وإعرتاف هؤالء بال ظام احملاسب .وقد تعددت
وجهات نظر رواد الفكر احملاسب ت اول شروط ومتطلبات تأسيس الشرعية ،حيث إقرتح املؤلفان ( Johnson
،)1984 and Solomonsواحدة من الدراسات املبكرة هذا اجملال ،ثالثة شروط أساسية لتأسيس الشرعية:
( )1سلطة كافية :متلك سلطة كافية ع دما يكون لديها والية واضحة للسلطة من هيئة سياسية أو حكومية مثل
18
Habermas, Moral consciousness and communicative action. Cambridge Polity Press, Cambridge, United
Kingdom, 1990, p14.
19
Suchman, Managing legitimacy: Strategic and institutional approaches. Academy of Management Review,
1995, p52.
20
Zimmermann and others. Global governance in accounting: Rebalancing public power and private commitment,
Palgrave Macmillan, New York, 2008, p25.
27
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
هيئة األوراق املالية والبورصات " )2( .(SEC) "Securities and Exchange Commissionوجود مربر
ٍ
كاف ملمارسة السلطة .و ( )3مي ح ميع األطراف املع ية فرصة معقولة و الوقت امل اسب إلمساع صوهتم والتأثري
على عملية ص ع املعيار .انتقدت هذ الشروط من طرف ( )1999 Wahlen et alألهنا مل تب على أساس
مفهوم واضح للشرعية IFRSومن ه ا عرفها ( )1999 Wahlen et alبأهنا تقبل قرارات هيئة وضع املعايري
IFRSمن قبل مجاهريها ،وقد اقرتح هذا الصدد ا صائص املرغوبة إلعداد التقارير املالية الدولية ،أي متطلبات
تأسيس شرعية املعايري ،IFRSكاآليت :االستقاللية ،املساءلة ،ا ربة ،التمثيل ،احملاكمة العادلة ،املوائمة بني السلطة،
املسؤولية واملوارد الكافية وترتيبات الت فيذ الالزمة.
قامت ( )2012 Sanadaبانتقاد العديد من دراسات تقييم شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية جة
أهنا مل تفصل بني مستويات الشرعية ،هلذا قامت باقرتاح منوذج وفق تص يف ( )2008 Zimmermannللشرعية،
تفصل فيه بني شرعية هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية (الشرعية املؤسسية) ،وشرعية املعايري الدولية للتقارير املالية
(الشرعية اإلجرائية) ،على اعتبار أن الشرعية اإلجرائية ل موذج "س ادا" ال يقصد هبا شرعية وضع املعايري كما سوف
نتطرق له من خالل هذا ا زء ،بل تع الشرعية اإلجرائية سياق التفاعالت الدولية مع املعايري ،األمر الذي
نت اوله املبحث الثالث باستخدام تفسري ال ظرية املؤسسية ا ديدة .NISوب اء على منوذج "س ادا" قم ا بتحديد
مستويات الشرعية كالتا :
تقصد ( )2012 Sanadaبنضفاء الشرعية املؤسسية ،شرعية اهليئة وا هة الوصية بوضع املعايري والقواعد
احملاسبية كمؤسسة قائمة بذاهتا وهلا حق التأسيس والتمثيل ،إذ من املرجح أن تتحقق من خالل القبول (التفويض)
باهليئة واستقالل هياكلها وعمليات ص ع القرار ،وتوضح ( )Sanadaأن الشرعية ع د هذا املستوى تدد األسس
واملبادئ ال جيب أن يلتزم هبا اهليكل الت ظيمي ككل ليحظى بالقبول واإلعرتاف.
و هذا الشأن ،يؤكد ( )2008 Zimmermannبأن اهليكل الت ظيمي ي بغي أن ييسر املساءلة والرقابة
على العمليات والسلوكيات ال ت طوي عليها أنشطتها ،إذ ص ( )2004 Tamm Hallstrmالشرعية املؤسسية
ثالثة مبادئ :مبدأ االستقاللية ،مبدأ التمثيل ومبدأ الرقابة واملساءلة .وقد اقرتح "سومشان" (Suchman
ب اء الشرعية ،ثالثة أشكال لب اء الشرعية املؤسسية: عمله حول ال هج اإلسرتاتيجي واملؤسسي ،21)1995
21
Suchman, Op. Cit., P 24.
سياق هذ الدراسة على أنه أسلوب ممارسة سلطات اإلدارة الرشيدة. * يستخدم مفهوم ا وكمة
28
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
أوال :الشرعية الواقعية " :"pragmatic legitimacyع دما تستجيب املؤسسة إ مصا املع يني ،ي ظر
إليها بأهنا شرعية؛
ثانيا ،الشرعية األخالقية " :"moral legitimacyتست د على ما إذا كان ا كم على تصرفات مؤسسة
أخالقيا ،أي على املؤسسة أن تلتزم باملعايري املقبولة إجتماعيا؛
ثالثا :الشرعية املعرفية " :" Cognitive legitimacyيتم تقق شرعية معرفية ع دما ت تهج املؤسسة األهداف
ال ترى بأهنا م اسبة ومرغوبة.
وحسب ( ،)2006 Estyيتم إضفاء الشرعية املؤسسية ع دما يتحقق مربع أدوات ا وكمة* حول أحكام
القانون اإلداري .والذي يرتكز على أربعة أبعاد متثلت :السيطرة (الرقابة) على الفساد؛ وضع قواعد م هجية
وسليمة ،الشفافية واملشاركة العامة وتقاسم السلطة ،إذ يوضح ( )2006 Estyالرقابة على الفساد مل ع تضارب
تمل املصا وإساءة استخدام السلطة ،حني يشري بأن وضع قواعد م هجية وسليمة يؤِمن موضوعية ال تائج
وكفاءهتا ،أما الشفافية واملشاركة فتؤدي إ توفري فرصة طرح تلف اآلراء وجت ب ال مط غري املرغوب فيه ،وأخريا
تقاسم السلطة يؤدي إ تعزيز املساءلة.22
تشمل الشرعية اإلجرائية خيار التعاون مع أصحاب املصلحة بشكل قوي هياكل ص ع القرار واإلستجابة
إلحتياجاهتم ،وهي ختضع لثالثة مبادئ (:)2004 Tamm Hallstrm
جانبيه (املعر والشخصي) :ا انب املعر يلزم وضع املعايري من قبل أطراف يتمتعون أوال :مبدأ الكفاءة
باملعرفة العالية ال امجة عن املستوى الثقا والتخصص وا ربة امليدانية املت وعة ،على أن ال ختلق ا ربة امليدانية نوع
من التحيز ال اجم عن ا ربة املرتاكمة قل معني ،أما ا انب الشخصي فهو القدرة على التمثيل والدفاع على وجهة
ال ظر املب ية على ا جة واإلق اع؛
22
Esty, Good governance at the supranational scale: Globalizing administrative law, The Yale Law Journal,
without country, 2006, p 31.
29
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
وصف ( )2011 Richardson and Eberleinالشرعية اإلجرائية باعتبارها عملية مكونة من ثالث
مراحل :شرعية املدخالت ،شرعية املعا ة وشرعية املخرجات ،23إذ يصف الباحثان شرعية املدخالت مبدأ
املشاركة ،أي مشاركة ومتثيل مجيع األطراف املتأثرة على قدم املساواة وال ي بغي فقط االهتمام بكمية وتكافؤ فرص
املشاركة ولكن أيضا ب وعية وتكلفة املشاركة ،حني تكمن شرعية املعا ة ،مبدأ الشفافية أي نزاهة عملية تويل
املدخالت إ رجات والصرامة اختاذ القرارات .وأخريا ت جم شرعية املخرجات من مدى تلبية احتياجات تلف
أصحاب املصلحة على أال تفرض هذ الشرعية عبأ غري ضروري لتزيد من الفائدة املستحقة.24
ألقى بعض رواد الفكر احملاسب مثل ( ،)2010 Alain Burlaud et Bernard Colasseجانبا ثالثا
لتأسيس الشرعية وهو الشرعية السياسية .فحسب تفس الباحثني ،إكتساب هيئة املعايري الدولية للتقارير
املالية IFRS-Foundationللشرعية السياسية كان نتيجة تزامن تاريخ إنشائها مع إطالق مبادرة اإلتاد األورويب
لت سيق املواصفات والت ظيمات التشريعية احملاسبية ،25وهذا ال يع أهنا تتمتع بالشرعية السياسية .يوضح الباحثان
( 26)2013 Sanada and Masaki Kusanoميزة التدخل السياسي إكتساب نوع من ضمان الت فيذ
امل ظم فقط وليس من اإلعرتاف بالشرعية السياسية ،ذلك ألن هذا ال وع من التدخل يكون من خالل األداة الرئيسية
املتمثلة الدولة ال يرتكز فيها استخدام السلطة "السياسة" عملية املعايري ،األمر الذي يت ا مع مبدأ
االستقاللية .اإلستفادة من قوة امل ظمات األخرى التطبيق ،مثل هيئة تداول األوراق املالية الواليات املتحدة
27
،SECامل ظمة الدولية للبورصات العاملية IOSCOواإلتاد األورويب كقوات ت ظيمية لفرض عملية االمتثال
فقط.
23
Idem, p50.
24
Idem
25
Bernard Colasse et Alain BURLAUD
26
Masatsugu Sanada and Masaki Kusano, FINANCIAL CRISIS AND LEGITIMACY OF GLOBAL
ACCOUNTING STANDARDS, without mention the edition home, Japan, 2013, p4.
27
Masatsugu Sanada, Legitimacy of Global Accounting Standards: A New Analytical Framework, without
mention the edition home, Japan, 2012, p19.
30
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
إزاء االهتام املوجه للمعايري الدولية للتقارير املالية بأهنا أحد األسباب الرئيسية لألزمة املالية العاملية 2008
و اولة للدفاع عن موقفها والتقليل من شدة التوتر ،شرعت اهليئة عقد العديد من اإلجتماعات واملشاورات
ال أدت إ إنشاء اجملموعة اإلستشارية لألزمة املالية ".)FCAG( "Financial Crisis Advisory Group
طلب من اجملموعة تديد القضايا احملاسبية اهلامة ال تتطلب اهتماما عاجال وفوريا وميكن أن تساعد على تعزيز ثقة
املستثمرين األسواق املالية ،وكذلك القضايا ال ي ظر فيها على املدى الطويل ،28حيث دعت اجملموعة إ إعادة
هيكلة مصا اهليئة اا قققق شرعية مؤسسية وتعديل بروتوكول إجراءاهتا اا قققق شرعية إجرائية ،لذا سوف نقوم
احاولة لتقييم هذ الشرعية ب اء على منوذج ( )2012 Sanadaاستوييه وعلى ضوء هذ املستجدات.
28
FCAG, Report of the Financial Crisis Advisory Group, London, July 28, 2009, p2.
29
Idem
31
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
الشكل رقم ( :)01-02الهيكل الت ظيمي لهيئة المعايير الدولية للتقارير المالية
Source: IFRS Foundation, Who we are and what we do, London, January 2014, p2.
يعكس الشكل رقم ( )02-01هيكل اهليئة ا ديد ع د ثالث مستويات ،وبالشكل الذي قققق مبادئ
الشرعية املؤسسية ،وعلى هذا األساس ،صرح ( )2013 Michel Pradaتقرير اهليئة IFRS-Foundation
* امل تدى االستشاري حول معايري احملاسبة ) Accounting Standards Advisory Forumممثلون عن اجملتمع الدو لواضعي املعايري (
32
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
لس ة 312013أنه مت اإل نتهاء من ت فيذ مجيع التوصيات واإلجراءات ال من شأهنا تقيق الشفافية واملساءلة
واإل متثال إلجراءات ا وكمة العادلة ،وبالتا ،هي اآلن واحدة من امل ظمات الدولية األكثر استقاللية وعلى درجة
مايلي تقييم هلذ املبادئ: متثيل ومساءلة أكرب من ذي قبل وبالتا األكثر شرعية .عالوة على ذلك اول
من حيث مبدأ االستقاللية والتمثيل ،تشري إعادة هيكلة اهليئة IFRS-Foundationأن املستويات الثالث
للحكم يرأسها املسؤولون ا اليون والسابقون للم ظمة الدولية للبورصات العاملية " International
.)IOSCO( "Organization of Securities Commissionsيرأس لس املراقبة رئيس لس
،IOSCOويرأس IFRS-Foundationالرئيس السابق للج ة الف ية للم ظمة IOSCOويرأس لس معايري
احملاسبة الدولية نائب الرئيس السابق للج ة الف ية ،32فضال عن أن عملية إختيار أعضاء لس املراقبة MBتتم
بالتشاور مع م ظمة IOSCOعلى إعتبار هذ امل ظمة تعمل على تعزيز وت مية وجود موعة واحدة من معايري
اسبة دولية عالية ا ودة ،األمر الذي يؤكد متركز سلطة ص ع القرار ع د ممثلي عمالقة رأس املال ،ومن هذا املوقف،
يصبح ا ديث عن الشرعية هو ا ضوع للسلطة ،كما عرب ع ها ( )1973 Habermasإشكالية ا لط بني
الشرعية وا ضوع للهيم ة "ا ضوع للسلطة".
لس املراقبة " Monitoring Board "MBالذي إضافة إ ذلك ،ميكن مالحظة هذا التمركز
تأسس فيفري 2009بعضوية مبدئية مشكلة من ستة ( )06أعضاء ،مشل مفوض عن السوق الداخلية وا دمات
املفوضية األوروبية ،نائب مفوض للشؤون الدولية من الوكالة اليابانية للخدمات املالية ( ،)JFSAمفوض من
الوكالة اليابانية للخدمات املالية ( ،)JFSAرئيس هيئة تداول األوراق املالية ) ،(SECممثل عن ة األسواق
ال اشئة مل ظمة ( ،)IOSCOال ائب الت فيذي جمللس ا دمات املالية ،ممثل عن لس ( )IOSCOورئيس ة
األوراق املالية واإلستثمارات األسرتالية ،رئيس ة بازل BAZLللرقابة املصرفية BCBSعضو ممثل بصفة
مراقب .ليتم إضافة عضويني آخرين س ة ( 2014رئيس ة األوراق املالية الربازيلية ورئيس ة ا دمات املالية
بكوريا) .33لقد عرب ( ،)2010 Alain BURLAUD et Bernard Colasseانتقادمها إلستقاللية هيئة
املعايري ،أن غالبية األعضاء الذين لديهم خربة مه ية أسواق مالية دولية ومكاتب وشركات اسبية ذات ثقافة
اقتصادية متقدمة ومرجعية أ لوسكسونية خيلق ضم يا التحيز والتواطؤ الفكري ،كما يكشف تقرير FCAG
31
IFRS Foundation, ANNUAL REPORT 2013, London, 2014, p8.
32
Bright Amisi, The legitimacy of International Financial Reporting Standards (IFRS): An assessment
of the due process of standard-setting, submitted in accordance with the requirements for the degree of
Master of Commerce, University of South Africa, 2013, p45.
33
IFRS Foundation (IFRSF), Annual Report 2013. London, p45.
33
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
( )2009أن سبب إنشاء MBيدخل ضمن إسرتاتيجية اهليئة خلق صلة رمسية " "formal linkمع سلطات
رأس املال ال ختدم املصلحة العامة ،فضال عن تقيق التقارب مع اجمللس FASBومواءمة ا كم معه .يوضح
الشكل أدنا هذا التقارب:
Financial Accounting
IFRS Foundation Foundation
IASB FASB
انتقد بعض رواد الفكر احملاسب تقيق التقارب مع اجمللس FASBومواءمة ا كم معه على أنه شكل
جديد من أشكال أزمات شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية ،على إعتبار أن منوذج اسب دو جيب أال يتحيز
ألحد ال ماذج احملاسبية الوط ية ،وهذا اإلجراء ما هو إال اولة إلكتساب الشرعية السياسية.
املستوى الثا من اهليكل ا ديد للهيئة ،د أم اء مؤسسة املعايري الدولية للتقارير املالية ""Trustees
املسؤولني مسؤولية كاملة عن ا كم واإلشراف يتم تعي هم من قبل لس املراقبة 34ملدة ثالث س وات قابلة للتجديد
34
Maiillet Baudrier et autres, Normes comptables international IAS/IFRS, BERTI édition, 2006, p16.
34
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
مرة واحدة ويبلغ عددهم حاليا 22عضوا .التوزيع القاري لألعضاء (األم اء) كما يلي :35ستة من كل من آسيا
وأوقيانوسيا ،ستة من أوروبا ،ستة من أمريكا الشمالية؛ وواحد من كل من أفريقيا ،واحد من أمريكا ا وبية؛ واث ني
من أي م طقة مع مراعاة ا فاظ على التوازن ا غرا الكلي .وتوفري التوازن امله ،يكون من خالل الت وع بني
املدققني ومع ِدي التقارير ومستخدميها واألكادمييني واملسؤولني عن خدمة املصلحة العامة ،ويكون اث ان من األم اء
شركاء شركات احملاسبة الدولية البارزة .يتم اختيار األم اء بعد التشاور مع امل ظمات الوط ية والدولية ( اا
ذلك االتاد الدو للمحاسبني) ،وي ص دستور اهليئة على أن عضوية األم اء جيب أن تعكس معيار نسبة املشاركة
أسواق رأس املال الدولية ومعيار الت وع ا غرا وامله اا قققق التمثيل العادل والكفء .يقارن ا دول رقم
( )01-01بني عدد املقاعد املخصصة املفروضة والفعلية وفق التوزيع ا غرا ،حني يوضح ا دول رقم (-01
)02التوزيع املفرتض حسب كل من معيار ال اتج احمللي اإلمجا والقيمة السوقية جملموع دول القارة:
الجدول رقم ) :(01-02التوزيع الحالي والمفترض للمقاعد في هيئة معايير المحاسبة الدولية
حسب التوزيع القاري
Africa %17 0 1 -1 1 4 -3 1 3 -2
Asia/Oceania %28 3 2 +1 7 6 +1 5 3 +2
Europe %29 2 2 0 6 6 0 5 5 0
North
%18 1 1 0 6 4 +2 4 4 0
Amercia
South America %8 0 0 0 1 1 0 1 1 0
total 100% 6 6 / 21 21 / 16 16 /
35
Idem
35
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
يرتكز التوزيع القاري ثالث قارات ع د املستويات الثالث ،فا دول أعال يشري أن قارة إفريقيا على
لس املراقبة MBوختسر ثالثة مقاعد لدى األم اء ومقعدين اجمللس سبيل املثال ،ليس لديها أي متثيل
،IASBرغم أن لديها ا ق مقعد واحد لس املراقبة MBوأربعة مقاعد مع األم اء حني ثالثة مقاعد
اجمللس IASBباعتبار عدد الدول ال تعتمد IFRSفيها ميثل نسبة .% 17باإلضافة إ ذلك ،د املقعد
اجمللس لـ "داريل سكوت" (الرئيس املا الت فيذي األسبق ،جملموعة فريستا رند الوحيد واملخصص لقارة إفريقيا
املصرفية وب إفريقيا ( ،واملقعد املخصص بني األم اء "لوايزمان نكوهلو" (الرئيس األسبق ملعهد ج وب أفريقيا
للمحاسبني القانونيني( ،أي التمثيل اقتصر على دولة ج وب إفريقيا.
ي ص دستور اهليئة على شرط تقيق الت وع والتوزيع ا غرا املتوازن لتحقيق مبدأ التمثيل العادل ،وهلذا يتم انتقاء
أعضاء اجمللس MBوفق للمعايري التالية:
-جيب أن تكون الدولة العضو متثل سوقا رئيسية لزيادة رأس املال السياق العاملي ،ويقاس ذلك على
أساس حجم القيمة السوقية هلا ،وعدد شركاهتا املدرجة ونشاط رأمسال هذ الشركات عرب ا دود؛
-جيب أن يكون العضو هيئة املعايري ،IFRS-Foundationله كذلك عضوية هيئة سوق رأس املال
مسؤولية عن تديد شكل ومضمون التقارير املالية دولته مع مسؤوليته محاية وتعزيز املصلحة العامة؛
وأن يلتزم بشكل قوي لدعم تطوير املعايري الدولية للتقارير املالية ذات ا ودة العالية؛
-أن تكون دولته خطت خطوة اجتا تطبيق املعايري أو السماح بتطبيقها ويتجلى ذلك إما وجود قرار
فرتة معقولة من الزمن أو ختصيص تكاليف عملية اإلنتقال. بشأن التحول إ التطبيق
يقارن ا دول رقم ( )02-02أدنا التوزيع ا ا للمقاعد هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية إ توزيع
افرتاضي است ادا على معدالت ال اتج احمللي اإلمجا ( )GDPوالقيمة السوقية للدولة ال تسمح أو تتطلب
استخدام IFRSملدة ست ( )06س وات ( .)2011-2006املتوسطات ملدة ست ( )06س وات ضرورية لتحديد
قيم ال اتج احمللي اإلمجا نتيجة لألزمة املالية العاملية. تأثري التغريات
36
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
Africa 1.024 2% 2 1 +1 1.014 2% 2 1 +1
Asia/Oceania 17.766 31% 18 18 0 15.142 31% 18 18 0
Europe 17.981 32% 20 18 +2 12.225 25% 20 15 +5
North
Amercia 16.898 30% 14 17 -3 18.676 38% 14 22 -8
South
America 2.785 5% 2 3 -1 1.481 3% 2 2 0
total 56.454 100% 58 58 0 48.538 100% 58 58 0
إنطالقا من ا دول أعال ،د أن أفريقيا وأوروبا ممثلتان متثيال زائدا على حساب أمريكا الشمالية ،حني
ختصيص املقاعد مل طقة آسيا وأوقيانوسيا يبقى نفسه ،أما م طقة أمريكا ا وبية د أهنا تكسب مقعد واحد إضا
على أساس ال اتج احمللي اإلمجا ولكن يبقى التخصيص ثابت على أساس القيمة السوقية .وستكون أوروبا ا اسر
األ كرب التمثيل والتخلي عن سمسة مقاعد على أساس القيمة السوقية ومقعدين على أساس ،GDPحني
أمريكا الشمالية ستكون الفائز الكلي إذا مت التخصيص على أساس GDPأو على أساس القيمة السوقية وهذا قد
يعكس حجم وتأثري أسواق رأس املال الواليات املتحدة.
املقابل ،نالحظ من التوزيع ا ا متركز املقاعد "التمثيل" بالرتتيب اإلتاد األورويب ( 20مقعدا) مث
آسيا/أوقيانوسيا وتليها أمريكا الشمالية وهي امل اطق املمثلة واملشكلة لعضوية MBوهي عبارة عن مراكز مالية ممثلة
37
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
ألسواق رأس املال الكربى ،كما أن املقاعد املخصصة مل اطق أخرى لتحقيق التوازن ا غرا تلة من طرف هذ
امل اطق على التوا .يدعم بعض الباحثني احملاسبني مثل ( )2013 Bright Amisiمالءمة استخدام معيار ال اتج
احمللي اإلمجا GDPختصيص املقاعد خاصة أن اهليئة تفكر بالفعل بتحديد نسبة مسامهات متويل اهليئة إ
نسبة البلد من .GDPإ جانب ذلك يقيس GDPال شاط االقتصادي الكامل وا قيقي للدول.
ع د املستوى الثالث واألخري من هيكل اهليئة ،د لس معايري احملاسبة الدولية IASBاملسؤول عن وضع
املعايري واألنشطة ذات الصلة ،اساعدة ة تفسري املعايري الدولية واجملموعات اإلستشارية ،حيث تكمن مهام
اجمللس األساسية وضع وتسني معايري احملاسبة املالية للمؤسسات ،وتشمل مسؤولياته إعتماد مقرتحات املشروعات
وطرق وأساليب إعداد املعايري وتعيني ان التوجه وإقرار مسودة اإلعالن واملعايري الدولية للتقارير املالية شكلها
ال هائي ،ويتكون اجمللس من ستة عشر ( )16عضوا ،يتم تعيي هم على أساس خرباهتم وكفاءاهتم ،يعمل على األقل
ثالثة عشر ( )13عضوا م هم ب ظام الوقت الكامل ،والباقي يعمل وفق نظام الوقت ا زئي .التوزيع ا غرا للمجلس
كان :أربعة ( )04أعضاء من آسيا ،أربعة ( )04أعضاء من أوربا ،أربعة ( )04أعضاء من أمريكا الشمالية وعضو
واحد ( )01لكل من أفريقيا ،وأمريكا ا وبية وعضوان ( )02من أي م طقة بشرط التوازن ا غرا الكلي.36
تطوير املؤهالت الرئيسية لعضوية اجمللس هي الكفاءة امله ية وا ربة العملية املت وعة من أجل املسامهة
معايري ذات جودة عالية .يدعم اجمللس ة تفسريات املعايري الدولية "The IFRS Interpretations
" Committeeال تعترب إمتدادا له وملهامه ،ويتم تعيني أعضاؤها األربعة عشر ( )14من قبل األم اء .دورها
الرئيسي يتمثل تفسري املعايري الدولية للتقارير املالية وتقدمي التوجيه ملستخدميها .التشكيل ا ا ألعضاء اجمللس
IASBمكون من سبعة ( )07أعضاء من أوروبا وأربعة ( )04من أمريكا الشمالية وثالثة ( )03من م طقة آسيا
وأوقيانوسيا.
ة تفسريات املعايري تعيني ممثلي اهليئات الت ظيمية بصفة مراقبني خيول دستور اهليئة ا ق لألم اء
الدولية ،وهذ األخرية هي جزء من اجمللس ،IASBاألمر الذي يثري اوف بشأن إستقاللية إجراءات وضع املعايري
على الرغم من أن صفة املراقب ال مت ح حق التصويت إال أهنا تتيح الفرصة للتحدث اإلجتماعات وبالتا م ح
فرصة الوصول إ ص اع القرار ،الذي يوفر بدور فرص الضغط على ص اع القرار.
36
www.iasb.org,02/04/2015.
38
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
قام اجمللس IASBباعتماد بروتوكول إجراءات وضع املعايري اا يضمن تقيق املبادئ الثالثة ال نص
عليها دستور اهليئة "مبدأ الشفافية ،مبدأ املشاركة ومبدأ املساءلة" ب اء على توصيات اجملموعة اإلستشارية لألزمة
املالية ( .)FCAGتتحقق الشفافية من خالل عقد إجتماعات لس معايري احملاسبة الدولية بشكل مفتوح مع
أصحاب املصلحة ،ونشر مسودات العرض ورسائل تعليق من أجل اإلثراء وامل اقشة من خالل املوقع اإللكرتو
للهيئة ،فضال عن إجراء مشاورات مكثفة وجلسات اإلستماع العامة والزيارات امليدانية ،وإطالق مشروع ملخصات
وبيانات ردود الفعل لشرح األساس امل طقي لقرارات معي ة.
يتم نشر جدول إجتماعات على موقع هيئة املعايري IFRSقبل مدة كافية من عقدها مل ح الوقت الكا
ظرف ملختلف األطراف املع ية من أصحاب املصا للتحضري هلا .و بعض األحيان ،يتعني عقد إجتماعات
قصري وذلك فقط ظروف إستث ائية .يوضح الشكل أدنا برتوكول (إجراءات) وضع املعايري:
المعايير الدولية
إلعداد التقارير مسودة ورقة
المراجعة ما بعد الت فيذ* عرض م اقشة* بحث
المالية الم شورة عرض*
Source: IFRS Foundation, Who we are and what we do, London, January 2014,
p3.
يعمل اجمللس على تقيق مبدأ املشاركة والتشاور الواسع مع أصحاب املصلحة من خالل وسائل تلفة
م ها :دعوات التعليق ،واإلجتماعات الفردية .يشري برتوكول وضع املعايري إ أن بعض إجراءات التشاور إلزامية
والبعض اآلخر إختياري .ويدعم اجمللس شبكة من اهليئات الوط ية والدولية وضع املعايري بتوفري التوجيه بشأن
أولويات القضايا ا ديدة املطروحة لل قاش ،فضال عن املشاركة إجراء البحوث وتسهيل التعاون مع األطراف ذات
العالقة دوهلم .ومن أمثلة هذ اهليئات امل تدى اإلستشاري حول معايري احملاسبة ،ASAFموعة واضعي
39
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
املعايري أسيا وأوقيانوسيا AOSSGواجملموعة اإلستشارية األوروبية للتقارير املالية ( .)EFRAGوميتد التشاور
ح مع هيئات التدقيق مثل لس معايري التدقيق والضمان الدو "The International Auditing and
قضايا إمكانية مراجعة ا سابات والتقارير املالية " (IAASB) Assurance Standards Boardلل ظر
املعدة وفق املعايري والتعديالت ا ديدة املقرتحة ذات الصلة.37
ألقى الباحثان ( )2010 Alain Burlaud et Bernard Colasseالضوء على أوجه قصور مبدأ
املشاركة من خالل ما عرف بسياسة ا مهور ،ال ال ترتقي إ مستوى إضفاء الشفافية وال زاهة واإلشراك العام،
باعتبار ا مهور ليس له أي تأثري على عملية املعايرة وال يع إرسال تعليق على مسودة عرض املشاركة الفعلية
وتقيق مبدأ التشاور.
و تقييم ملدى تقيق مبدأ الشفافية يكفي إلقاء الضوء مرة أخرى على نص بروتوكول اجمللس ل جد أنه
ي ص على أن للمجلس ا ق اختاذ قرارات استعجاليه (وضع معايري بطريقة مستعجلة) ع د مواجهة حاالت
وظروف إستث ائية طارئة ،كما ي ص على أن املسائل غري التق ية واإلدارية األخرى مت حه ا ق اإلستفراد بقراراته،38
األمر الذ ي ميثل ثغرة جت به املساءلة ع د ممارسة ضغوطات معي ة عليها وال على أساسها وبشكل خاص يتم
إ ستخدام إجراءات وضع املعايري املعجلة دون الرجوع إ اإلجراءات امل صوص عليها ،وهذا ما خيدم مصا فئة
معي ة عن غريها ،ومن املرجح أن تكون إجراءات املساءلة على أساسها سليمة كما هو ا ال ع د ممارسة اإلتاد
األورويب ضغوطاته خالل األزمة املالية لس ة .2008
المبحث الثاني :إعتماد المعايير الدولية للتقارير المالية :أزمة أخرى للشرعية
دافع القبول واإلعرتاف هو أساس السعي لتحقيق الشرعية ،فاملهيمن ققاول دائما اإللتزام بشروط تأسيس
الشرعية ليحظى بقبول وإعرتاف املهيمن عليه ،ففي دراسة شرعية قرار الدول ال امية إعتماد املعايري الدولية للتقارير
املالية IFRSسوف نقوم بدراسة أسباب القبول واإلعرتاف بني املهيمن (املعايري الدولية للتقارير املالية) واملهيمن
عليه (الدول ال امية) ،وباستخدام امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة ،سوف نقوم بدراسة مدى شرعية
قرار الدول ال امية إعتماد IFRSعلى ضوء اإلنتقادات املوجهة لشرعية .IFRSميثل هذا ا زء دراسة للشرعية
على املستوى الكلي ،اع شرعية تفاعل الدول وبصفة خاصة الدول ال امية مع املعايري الدولية للتقارير املالية.
37
www.iasb.org,02/04/2015.
38
IFRS Foundation, Due Process Handbook, London, 2013, p36.
40
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
المطلب األول :ال ظرية المؤسسية الجديدة )New Institutional Theory (NIS
أواخر السبعي ات مع أعمال ((1977 Meyer et Rowan ظهرت ال ظرية املؤسسية ا ديدة NIS
و) (1983 DiMaggio and Powellولكن ترجع أصوهلا إ أواخر القرن التاسع عشر مع ظهور ال ظرية
املؤسسية القدمية علم اإلجتماع ،هذ األخرية مل تدمج املؤسسة باعتبارها هيكل ت ظيمي بل تليل االقتصاد
ك ظام تول مستمر )تليل املؤسسات اإلجتماعية( مثل العمل الفردي داخل العمل ا ماعي.39
خالل العشرين عاما األخرية ،بدأت البحوث ال احملاسبة ال ت درج إطار ال ظرية املؤسسية ا ديدة
ال احملاسبة م ها :مه ة احملاسبة وا يارات ( ،)1992 Fogarty ،1990 Meziasومشل ذلك عدة فروع
احملاسبية للشركات وامل ظمات املصدرة للمعايري احملاسبية وكان أمهها تلك البحوث ال تعا قضايا إكتساب اهليئات
احملاسبية الدولية للشرعية ((1988 Covaleski and Dirsmith) ،(1992 Carpenter and Feroz
) (1983 DiMaggio and Powellو).)1977 Rowan Meyer
ويقصد باملؤسسية أو املؤسساتية ا ديدة ال ظرية ال تسعى إ تطوير وجهة نظر حول سوسيولوجية
املؤسسات ،اع الطريقة ال تتفاعل والطريقة ال تؤثر هبا على اجملتمع ،40فباعتبار أن املؤسسات تعمل بيئة
ما مع املؤسسات األخرى امل افسة ،وهذا ما يسمى بالبيئة املؤسسية ،هي تتأثر بعضها ببعض لتصبح مماثلة
"متجانسة" على الرغم من أهنا تتطور بطرق تلفة ) ،(1983 DiMaggio and Powellحيث تؤكد ال ظرية
حقيقة أن املؤسسات تعتمد هياكل وإجراءات قائمة بدافع القبول واإلعرتاف هبا باسم الشرعية البيئة املؤسسية
ال بدافع تقيق الكفاءة االقتصادية ( .)2001 Vivian L Carpenter and Ehsan Hال ظرية املؤسسية
ال عملهم تفرتض أن املؤسسات تعتمد هياكل وممارسات اإلدارة ال تعترب شرعية من قبل مؤسسات أخرى
بغض ال ظر عن فائدهتا الفعلية ( .)2001 Carpenter and Ferozالشرعية ه ا هي مفهوم أساسي لفهم
الدي اميكية املؤسسية لل ظرية املؤسسية ا ديدة.
41
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
وصفه لعالقة اهليم ة ،أين يكتسب املهيمن قيمة ذاتية بطريقة أو أخرى تؤهله ،ويسعى من خالهلا ،إلكتساب
قبول وإعرتاف املهيمن عليه ،لكن امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة يؤكد أن تقيق الشرعية هو دافع
يسعى إليه املهيمن عليه ب اء على تأثري (ضغط) البيئة املؤسسية هبدف قبول وإعرتاف املهيمن باملهيمن عليه.
ه اك مفارقة مثرية للدهشة ،كل من مفهوم الشرعية وال ظرية املؤسسية ا ديدة يوضح أن دافع القبول
واإلعرتاف هو أساس السعي لتحقيق الشرعية ،لكن اإلختالف بني املفهومني يكمن مصدر ا صول على القبول
ت اول مفهوم الشرعية كمايلي: واإلعرتاف .يوضح الشكل رقم ( )05-01أدنا الفرق بني امل ظورين
الشكل رقم ( :)04-02الفرق بين مفهوم الشرعية وال ظرية المؤسسية الجديدة
في ت اول مفهوم الشرعية
يوضح الشكل أعال أن مفهوم الشرعية يأيت من سعي املهيمن لق قيمة ذاتية متك ه من حصوله على
إعرتاف وقبول املهيمن عليه ،حني امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة يؤكد أن دافع القبول واإلعرتاف
هو هدف يسعى للحصول عليه املهيمن عليه من املهيمن ،األمر الذي يدفع ا بالتفكري أن الشرعية من م ظور ال ظرية
املؤسسية ا ديدة هي ا ضوع للهيم ة أو مثل ما عرب ع ها ( )1973 Habermasنقد ملفهوم Weberian
42
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
للشرعية ،ا ضوع للسلطة باسم الشرعية بغض ال ظر عن القيمة الذاتية للمهيمن .وصفت بعض الدراسات ا ديثة
مثل دراسة ( )2008 Stanislav D. Dobrev and Aleksios Gotsopoulosالشرعية من امل ظور
السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة بشرعية الفراغ " "legitimacy vacuumوحاولت توضيح كيف أن
السعي و هذ الشرعية يقلص من فرص البقاء على قيد ا ياة.
من هذا املوقف ،امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة يؤكد حقيقة أن املؤسسات ،بدل أن
تسعى لتحقيق معايري الكفاءة وال جاعة ظل امل افسة ا رة لكسب خصائص قوة تأهلها لإلعرتاف والقبول من
اجملتمع ،تتجه و إ عتماد مناذج قائمة بذاهتا هليم ة هذ األخرية عليها وفرض نفوذها البيئة املؤسسية .وهكذا،
الشرعية تؤدي إ التماثل ) (1992 Meyer and Scottو )(1996 Deephouse
و هذا الشأن ،يوضح ( )1993 Brunsson echoed Zucker and Meyerبأن الشرعية
أصبحت مقابل الكفاءة ،حيث ترتبط الكفاءة بالبيئة التق ية ال تشري إ مجيع معايري تقيق الفعالية وال جاعة،
حني ترتبط الشرعية بالبيئة املؤسسية ا ارجية ال تشري إ مجيع معايري القبول واإلعرتاف ،ويضيف الباحثان أن
هاتني اجملموعتني من املعايري ا الية بيئة املؤسسات كثريا ما تتشابك مع بعضها ببعض حني تتطور بشكل
م فصل نفس املؤسسة مما يدفع ،الكثري من األحيان ،باملؤسسات حملاولة تسني الشرعية ا ارجية ،بي ما تاول
تربير تصرفاهتا بتحسني الكفاءة ،مما يؤدي إ نوع من اللغة املزدوجة والعديد من الت اقضات واختاذ القرارات ال قد
تبدو غريبة ومشكوك فيها.42
البيئة املؤسسية هي األخرى ،مفهوم أساسي لتوضيح تفسري ال ظرية املؤسسية ا ديدة ،إذ عرفها (1983
) DiMaggio and Powellبأهنا حقل ت ظيمي معني يتميز بأربعة ع اصر:
-وجود هياكل وتالفات متثل أفراد (أطراف) ا قل؛
-وعي هذ األطراف بانتمائهم هلذا ا قل؛
-زيادة التفاعالت الت ظيمية بني هذ األطراف؛
-زيادة مستوى املعلومات الواجب جتهيزها.43
واملؤسسة ه ا هي مفهوم عام ونسب حسب ا قل الت ظيمي املدروس ،إذ ميكن أن تكون م ظمة بيئة
امل ظمات أو دولة بيئة الدول ،كما قد تكون شركة بيئة الشركات .توجد بعض اإلنتقادات املوجهة لل ظرية
42
Pierre-Marc Lanteigne, Institutional and Organizational Unconscious Theories: An Alternative Way for
Explaining Challenges in Inter-Agency Cooperation, R&D, Canada, 2012, p17.
43
Paul DiMaggio and Walter Powell, Ibid, p4.
43
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
املؤسسية ا ديدة NISبسبب غموضها الفصل بني امل ظمة كمؤسسة والبيئة كمؤسسة ،فالعديد من رواد الفكر
احملاسب مثل ( )1992 Petersفشلوا إقامة متييز واضح بني املفهومني ،فضال عن أن مفهوم املؤسسة هو متقلب
ويشري إ أشياء تلفة .44ومع ذلك ،أنصار ال ظرية مثل ( ،)2008 Scottيوضح بأن املؤسسة هي فرد (طرف)
البيئة املؤسسية وميكن أن تكون م ظمة ،قاعدة أو وظيفة ،هتدف إ تطوير شيء أساسي وا فاظ عليه ال ظام
االقتصادي واإلجتماعي والسياسي الذي تشارك فيه بفعالية ،واملفهوم هو نسب سب طبيعة ال الدراسة املراد
تفسري .
عالوة على ذلك ،امل ظور السوسيولوجي يسعى لتوضيح كيف أن لعوامل موجودة البيئة املؤسسية تؤثر
على املؤسسة لتعتمد هياكل وإجراءات يتم قبوهلا إجتماعيا وأن مثل هذ ا طوات ال تست د بالضرورة إ الكفاءة
االقتصادية ( .)2001 Vivian L. Carpenter and Ehsan H.يوضح ()1977 Meyer and Rowan
من جهته ،أن األساس امل طقي وراء هذ الضغوطات املؤسسية هي املقام األول اإلعتماد املا ،هذا يع ضم يا،
وجود طرف من أطراف البيئة املؤسسية (مؤسسة) تؤثر (تضغط) على طرف أخر مما يؤدي إ التماثل مع ما هو
موجود البيئة املؤسسية ،لذا مسيت هذ الظاهرة بظاهرة التماثل " ."Isomorphismeالتفسري ا ا للم ظور
السوسيولوجي مييز ثالثة أنواع للتماثل املؤسسي "الضغوطات" وهي:
التماثل القسري " :"L’isomorphisme coercitifوي تج من الضغوط الرمسية وغري الرمسية ،ت شأ الرمسية من
املصادر الت ظيمية مثل اإلتفاقيات الدولية وغري الرمسية يفرضها اجملتمع والعالقات غري الرمسية ،لذلك من الضروري
بالقوة واإلق اع والتواطؤ ،التوافق مع املمارسات املستخدمة واملدعى بأهنا تتسم بالشرعية .45ونسبة التماثل القسري
تزداد ع دما تعتمد املؤسسة اعتمادا كبريا على البيئة املؤسسية.
التماثل المعياري " :"L’isomorphisme normatifوجود شبكات مه ية مب ية على أساس ا ربة
واإلحرتاف يسمح بننشاء وإنتشار سريع للمعايري امله ية ال يسعى م ِعدوها لتعزيز وتب ِ تطبيقها على أوسع نطاق
ممكن ،ونسبة التماثل املعياري تزداد اجملتمعات ال تعتمد على الشبكات امله ية بشكل واسع.46
فرتات من عدم اليقني ،إذ تماثل المحاكاة " :"L’isomorphisme mimétiqueمتاثل احملاكاة ققدث
متيل املؤسسات أيضا لتكرار القوالب املوجودة على حدود نفقاهتا من املوارد ،املؤسسات متيل أيضا إ تقليد
املؤسسات األخرى ال تعترب أكثر احا أو شرعية ،حيث يتم هذا روح من الت افس على الشرعية ،كما يوضح
) (1983 DiMaggio and Powellأن عدم اليقني يشجع التقليد بقوة ،فع دما تواجه املؤسسات حاالت
44
Pierre-Marc Lanteigne, Ibid., p19.
45
Idem
46
Paul DiMaggio and Walter Powell, Ibid., p6.
44
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
عدم التأكد ،فنهنا متيل إ نسخ ال ماذج ال أثبتت نفسها حاالت مماثلة م ظمات أخرى )اللجوء إ
الشركات اإلستشارية الدولية ،كثري من األحيان ،يضخم هنج احملاكاة( .47ونسبة متاثل احملاكاة تزداد ع دما تكون
املؤسسة م فتحة على البيئة املؤسسية وليس بالضرورة تعتمد عليها كما هو ا ال التماثل القسري.
إعرتف ) (1983 DiMaggio and Powellأن املؤسسات تبحث عن الشرعية والقبول اإلجتماعي
من املؤسسات األخرى ألهنا ال تت افس فقط على تقيق م افع اقتصادية ،بل من أجل السلطة السياسية والشرعية
املؤسسية ،وكذا إستعادة لياقتها اإلجتماعية واالقتصادية ،لذلك زعموا أن مفهوم التماثل املؤسسي هو أداة مفيدة
لفهم السياسة وحقل ا ياة الت ظيمية ا ديثة ،وباألحرى هو أداة توضح كيفية اإلندماج ثقافة األقوى.
المطلب الثاني :إعتماد المعايير الدولية للتقارير المالية في ظل تفسير ال ظرية المؤسسية الجديدة
إعترب عديد الباحثني من بي هم ( ،)1996 Fogarthy ،2000 Bums J. ،2000 Irvineأن ال ظرية
املؤسسية ا ديدة علم اإلجتماع والبحوث الت ظيمية إطار نظري متكامل لتقدمي وجهة نظر حول أسباب اإلعتماد
املبكر للمعايري الدولية للتقارير املالية الدول ال امية واملتقدمة على حد سواء مقارنة بباقي ال ظريات ذات العالقة
مثل ال ظرية االقتصادية للشبكات " ، "The economic theory of networksفهي توضح كيف أن أنواع
تلفة من الضغوط قد تساهم التماثل جتا املمارسات ال تتمتع بالشرعية ،وقد أثبتوا وجود تغيريات متماثلة
االت أخرى مثل أنظمة التعليم والسياسات االقتصادية املوجهة و الت مية ال تبحث هي األخرى عن ح
الشرعية سياق الثقافة العاملية (.)1996 Finnemore
باإلعتماد على تفسري ال ظرية املؤسسية ا ديدة ،يعرتف ( )1977 Meyer and Rowanبأن ه اك
موعة واسعة من الضغوط هي ال تدفع بالدول إ إعتماد IFRSوذلك من أجل ا صول على شرعية التقارير
املالية ا ارجية .ومن نفس امل ظور ،يبني ( )2010 Judgأن الدافع وراء إعتماد IFRSهو املزيد أكثر من
الضغوط اإلجتماعية للشرعية .ويضيف ( )2008 Chua and Taylorأن نشر وإعتماد IFRSهو نتاج أبعاد
سياسية وإجتماعية للعوملة وليس نتاج الفوائد االقتصادية املزعومة من التقارب .وعلى الرغم من أن ال ظرية املؤسسية
ا ديدة متيز من ال احية ال ظرية بني ثالثة أنواع من التأثري أو الضغوط (التماثل) املف ِسرة ألسباب إعتماد املعايري
الدولية للتقارير املالية ،من الصعب القول أن إحدى هذ التفسريات قد تتحقق لوحدها بشكل كامل ،ويبدو أن
التماثل القسري هو األقرب إ وصف إسرتاتيجيات الدول ال امية للتقارب و املعايري ،IFRSحني متاثل
احملاكاة والتماثل املعياري األقرب لوصف إسرتاتيجيات تقارب الدول املتقدمة و املعايري .IFRS
47
Idem
45
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
يشري الباحثان ( )2006 Cooper et Robsonأن قرار إعتماد املعايري IFRSهي عملية داخلية ختضع
لضغوط خارجية ،وتبني ال ظرية املؤسسية ا ديدة كيف ل وع وطبيعة الضغوط ا ارجية أثر يعكس طبيعة الطرف
دراسة أجراها (Annelise Couleau-Dupont et املبادر واملهيمن إدارة التغيري على املستوى الداخلي.
)2010 Samira Demariaباإلعتماد على ال ظرية املؤسسية ا ديدة تفسري دور وأثر شركات احملاسبة الدولية
وامله ية على األطراف الفاعلة إدارة التغيري احملاسب بفرنسا ،وجدوا أن التماثل املعياري ومتاثل احملاكاة هو األقرب
اإلصالح احملاسب هلذا التفسري ،وأن التماثل القسري مل يقدم املعلومات ذات الصلة لفهم التغيريات ا اصلة
بفرنسا ،48ألن إدارة التغيري احملاسب واملتابعة كانت بقوة من طرف اهليئات امله ية.
املؤسسة سياق هذ الدراسة ،هي الدولة ،على إعتبار أن ا نقوم بتقييم شرعية إختاذ الدول قرار اإلصالح
احملاسب بنعتماد املعايري الدولية للتقارير املالية .ويتم فهم تفسري امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة
مايلي: ومصادر الضغط والتأثري ،من خالل أشكاله الثالث كما هو موضح
التماثل القسري :يوضح كل من ( )1989 March et Olsenو( )1986 Shleiffer et Vishnyأن
حالة الدول ال هي اجة إ املال ،فهي ملزمة باحرتام موردي املال إدارة التغيري القسري (اإلكرا ) تكون
ممارسة نفوذ قسري من من مستثمرين وجهات ما ة (مقرضة) للمال .وقد يظهر تأثري مباشر من املستثمرين
خالل احملللني املاليني ،هذ الفئة تقدم معلومات للمستثمرين لتحفيزهم على قرار اإلستثمار من عدمه وبالتا
هلا تأثري مباشر على طبيعة املعلومات الواجب ا صول عليها ( .)1996 Williamsعالوة على ذلك،
املؤسسات (الدول) ال تسعى للحصول على موارد مالية تكون أكثر عرضة ملمارسة الضغط عليها واستغالل
كل ألوان القصور والتقصري فيها ،وتأيت مبادرة التغيري غالبا من سلطة الدولة.49
التماثل املعياري :يكون تأثري (ضغط) معياري من الوزن املتزايد لشركات احملاسبة امله ية والتحالفات امله ية ،فنذا
كان وجود قوي ،على املستوى الداخلي ،للمه ة وقوة إحرتافها سوف تأيت مبادرة التغيري وإدارهتا من طرف هذ
الفئة ،حيث أوضحت نتائج بعض الدراسات مثل (1995 Al-Basteky, 1995 Dumontier et
) ،Raffournier, 1999 Murphyدور وتأثري مراجعوا ومدققوا ا سابات فرض ممارسات اسبية معي ة،
املصادقة على حسابات الشركات ،حيث ميك هم رفض املصادقة على التقارير وذلك من خالل وظيفتهم
48
Idem
49
Karthik Ramanna and Ewa Sletten, Why do countries adopt International Financial Reporting Standards,
Harvard Business School, 2009, p4.
46
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
املالية إذ مل تقدم "صورة عادلة وحقيقية" عن الوضع املا .و هذا الشأن ،ه اك أيضا تأثري هيئات وم ظمات
الشركات املدرجة ( Flanigan, Tondkar ضبط املعايري والقواعد الواجب إعتمادها أسواق رأس املال
.)1999 et Andrewsيؤكد ( )1998 Bensedrine et Demilأن ا معيات وامل ظمات امله ية متارس
تأثريها ،سواء بطريقة مباشرة أو غري مباشرة ،فرض ومتابعة إصالح اسب معني ،وبالتا الدول ذات مستوى
عا من اإلحرتاف امله وقوة أصحاب امله ة هي أكثر عرضة للتماثل املعياري.
ظل حالة عدم اليقني ،الدول متيل إلعتماد سلوكيات مشاهبة لتلك الدول ال أثبتت احها متاثل احملاكاة:
( ،)2011 Philippe Touronويظهر ذلك بشكل أكرب الدول األكثر عوملة وإندماج اقتصادي قوي ،إذ
تتخذ قرارات على أساس إعتبارات العوملة وحتمية التعاون االقتصادي.50
وعلى الرغم من أن ال ظرية املؤسسية ا ديدة متثل اإلطار األنسب لفهم إسرتاتيجيات التقارب و املعايري
الدولية للتقارير املالية ،تشري بعض األدبيات األخرى مثل ( )1997 Dacinأنه ال ميكن إمهال قوى أخرى مثل،
امل افسة والتبعية التارخيية ال تؤثر على سلوك الدول .ومع ذلك ،تت اول ال ظرية املؤسسية ا ديدة هذ القضية
بندخال مفهوم البصمة " "Imprintingأين يظهر تأثري عوامل املاضي وا اضر ،ظل فرتات عالية من التأثريات
تطور املؤسسة خصائص تعكس مسات بارزة بيئتها مع استمرار هذ البصمات على الرغم من التغريات املؤسسية
(.)2008 Scott
المطلب الثالث :إستراتيجيات اإلصالح المحاسبي بالدول ال امية وتفسير التماثل القسري
حد سواء موعة مماثلة على و متزايد من الضغوط بيئة معوملة ،تواجه الدول ال امية واملتقدمة على ٍ
ال تساهم أوجه التشابه االقتصادي والسياسي وح الثقا بني اجملتمعات ( ،)2001 Guillenلكن ص ف
العديد من الباحثني ،مثل ( 2003 Djelic and Quack, 2004 Hegarty, 2007 Chua and
،)Suddabyقرار إعتماد املعايري الدولية للتقارير املالية بالدول ال امية ضمن تفسري التماثل القسري لل ظرية املؤسسية
ا ديدة ،ذلك حسب إعتقادهم أن هذ الدول هي أكثر عرضة إلعتماد معايري وقواعد دولية ظل تعدد أوجه
قصورها ( ،)2013 Anna Alonوأن ه اك مزيج معقد من تفاعل ضغوط دولية (خارجية) وعوامل وط ية (داخلية)
تدفع هبذ الدول لإلعتماد املبكر للمعايري IFRSمن أجل إظهارها كمشارك شرعي مناذج عاملية تعترب (يتصور)
بأهنا شرعية (.)2006 Zeghal and Mhedhbi
50
Philippe Touron, THEORIE INSTITUTIONNELLE ET ADOPTION DE NORMES COMPTABLES
INTERNATIONALEMENT RECONNUES : ETUDE DE TROIS CAS FRANÇAIS SUR LA PERIODE 1989-
1993, HAL, 2011, p6.
47
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
من أمثلة الضغوط ا ارجية ،د مطالب املؤسسات الدولية لتوحيد وتوافق التقارير املالية مجيع أ اء
العامل ،أحد أهم مصادر ممارسة هذ الضغوط .على سبيل املثال ،قام كل من الب ك الدو وص دوق ال قد الدو
( )FMIبتقدمي مساعدات مالية مقابل شرط إعتماد معايري دولية خالل أزمة البلدان األسيوية وتشجيع استخدام
،)2007 Chua and Suddaby( IFRSوعلى وجه ا صوص ،بدأت هذ امل ظمات م ذ 1999بتقدمي
مساعدات مباشرة ملشاريع اعتماد IFRSبالدول ال امية ،على سبيل املثال م ح الب ك الدو $ 200.000كومة
ب جالديش لتطوير احملاسبة واملراجعة (.51)2005 Monir Zaman Mir and Abu Shiraz Rahaman
و س ة 1999أطلق الب ك الدو وص دوق ال قد الدو مبادرة "تقارير معايري وقواعد احملاسبة واملراجعة ال جيب
مراعاهتا" " Accounting and Auditing Reports on the Observance of Standards and
،)A&AROSC( " Codesحيث اعتربت هذ املبادرة واحدة من األهداف ال تعزز اإلستقرار املا ،من
خالل إعتماد وت فيذ معايري دولية (.)2005 FMI and World Bank
كذلك ،ص ف مدى إعتماد دولة ما على املوارد املالية األج بية ،على أنه عامل يعكس طبيعة (درجة)
إعتماد IFRSوال ميكن أن ترتاوح من القبول إ املقاومة ،اع أن بعض الدول تطلب ،IFRSبي ما تسمح
أخرى بنعتماد IFRSأو ا فاظ على املعايري الوط ية ( .)2013 Anna Alonضمن نفس السياق ،سلط
( )2008 Nobes and Zeffالضوء على الفروقات املالحظة مستوى تب ِ ،IFRSحيث وجد الباحثان أن
بعض الدول تعتمد IFRSبشكلها الكامل حني تستمد دول أخرى معايريها الوط ية من IFRSأو تسمح هبا
ألغراض ددة .كانت الدول األقوى واألكثر استقاللية ماليا أقل عرضة لتب ِ IFRSوأكثر قوة ا فاظ على
سلطتها إعداد معايريها ،كما أن الدول ال امية ال تسعى للم افسة السوق العاملية هي األكثر استعدادا
إلعتماد نظام إبالغ يتصور بأنه م اسب وشرعي ( .)2008 Irvineأيضا ،يوضح ،Irvineأن قرار اإلنتقال إ
IFRSيكون مدفوعا بالرغبة جت ب الوقوع اإلستثمارات املكلفة عملية وضع املعايري الوط ية.
باإلضافة إ ما سبق ،تواجه الدول ال امية عدة عوامل على املستوى الوط تضعف موقفها التفاوضي
مقاومة عمليات التقارب أو تريك ساكن ملواجهة أخطار التقارب والتماثل ،إدارة ا كم والت مية هي أحد العوامل
ال تعترب مسؤولة عن مواجهة ذلك ( .)1998 ،1988 Nobesجودة ا كم هي أساس الب ية التحتية لدولة ما
وهي ما يؤكد حقيقة قدرة األفراد املشاركة والتعبري عن آرائهم السياسات ا كومية ومدى شفافية القانون
ومصداقية املؤسسات العامة.
51
Monir Zaman Mir and Abu Shiraz Rahaman, The adoption of international accounting standards in Bangladesh,
Accounting, Auditing & Accountability Journal, Emerald Group Publishing, without country, 2007,p6.
48
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
تعكس إدارة ا كم معظم الدول ال امية هيم ة سلطة الدولة ومؤسساهتا على ال سيج االقتصادي
والسياسي ومن مث احتكارها إلدارة التغيري احملاسب .الدول ال لديها ب ية تتية أو إدارة حكم قوي ومتطور هي أقل
عرضة للضغوط الدولية من أجل إجراء تغيريات على السياسات واملعايري احملاسبية الوط ية (.)2003 Globerman
وكمثال لدولة نامية ،يوضح ( )2005 Monir Zaman Mir and Abu Shiraz Rahamanالصراع القائم
بني األطراف الفاعلة التغيري احملاسب بب جالديش ،فرغم وجود حاجة للعمل والت سيق فيما بني هؤالء بشكل
تعاو لضمان املتابعة والتب ِ السليم للمعايري ،IFRSه اك توتر واضح بني هيئات التوحيد الوط ية ناجم عن نقص
التشاور مع أعضاء معهد التكلفة وإدارة احملاسبني بب جالديش ( )ICMABواإلكتفاء فقط بالتعاون مع ة
األوراق املالية ومؤسسات اإلقراض ا ارجية ) ،(ICABوقد اعترب أعضاء ICMABإسرتاتيجيات تقارب
ب جالديش و IFRSبأهنا غري دميقراطية.52
إضافة إ إدارة وجودة ا كم ،مستوى الت مية االقتصادية يعكس مدى حاجة الدولة لبيئتها ا ارجية ،و
هذا الشأن ،أكد ( )2010 Judgeأن الدول ذات مستوى ت مية أقل هي أكثر عرضة إلعتماد قواعد ومعايري
دولية وهي تاول ا صول على إعرتاف رمسي من جانب القوى املهيم ة ( ،)2010 Judgeكما عرب ع ها "ابن
خلدون" بأن املغلوب مغرم بتقاليد الغالب ،باإلضافة إ ذلك ،يعكس مستوى الت مية مدى حاجة الدولة للموارد
املالية األج بية ،األمر الذي يضعف موقفها التفاوضي وممارسة الضغط عليها.
انطالقا مما سبق ،يبدو أن ا ديث عن شرعية إسرتاتيجيات اإلصالح احملاسب بالدول ال امية بنعتماد
املعايري الدولية للتقارير املالية يتوقف على فهم ا ملستويني للشرعية :شرعية إختاذ قرار اإلصالح احملاسب من ناحية،
وشرعية إدارة التغيري من ناحية أخرى .كما هو موضح مايلي:
املستوى األول :شرعية إختاذ قرار إعتماد املعايري الدولية للتقارير املالية ،اع هل جاء قرار اإلصالح على أساس
تلبية متطلبات الت مية االقتصادية الوط ية أو نتيجة ضغوطات خارجية كما توضحها ال ظرية املؤسسية ا ديدة
من خالل أشكال التماثل الثالث،
املستوى الثا :شرعية إدارة التغيري واإلصالح احملاسب :ع د هذا املستوى تتحقق الشرعية بضمان قبول وإعرتاف
تلف األطراف الفاعلة إدارة التغيري إلسرتاتيجية ومضمون اإلصالح ،ذلك من خالل تلبية أهم مبادئ تقيق
52
Monir Zaman Mir and Abu Shiraz Rahaman, Ibid, P11.
49
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
الشرعية املمثلة أساسا :مبدأ املشاركة ،مبدأ التمثيل ،مبدأ تلبية إحتياجات املستخدمني .الشكل أدنا يوضح
ل ا املستويني:
الشكل رقم ( :)05-02إطار نظري لتفسير شرعية ال ماذج المحاسبية بالدول ال امية
عالقة تكاملية
عالقة تكاملية
يوضح ال موذج أعال شرط تقق شرعية ال ماذج احملاسبية الوط ية بالدول ال امية بتحققها ع د مستويني،
الشرعية ع د هذا املستوى يقصد هبا شرعية دوافع إختاذ قرار اإلصالح احملاسب بتب املعايري الدولية للتقارير
املالية بالدول ال امية ،األمر الذي يفرض أن يكون إختاذ القرار مب على الفوائد املرتتبة من تطبيق IFRSوليس
نتيجة ضغوطات خارجية كما مت تفسري بامل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة .ومن هذ الفوائد د
على سبيل املثال ،تلبية إحتياجات الدولة ،األمر الذي ي عكس كفاءهتا تسيري وإدارة شؤوهنا واملضي قدما و
تقيق الت مية ،أما تلبية إحتياجات امله ة ي عكس جودة املخرجات من القوائم املالية ال على أساسها يتم إختاذ
50
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
كفاءهتا و اعتها االقتصادية وبالتا قرارات رشيدة ،وأخريا تلبية إحتياجات املؤسسات االقتصادية ي عكس
املسامهة تقيق الت مية االقتصادية.
الشرعية ع د هذا املستوى ترتبط يار التعاون فيما بني األطراف الفاعلة إدارة التغيري بشكل قوي
هياكل ص ع القرار ،وعلى وجه ا صوص خيار التعاون ما بني سلطة الدولة ،امله ة ،املؤسسات االقتصادية .كما
رأي ا سابقا ا ديث عن شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية ،حدد ()2011 Richardson and Eberlein
ثالثة مبادئ للشرعية اإلجرائية :مبدأ املشاركة ،مبدأ التمثيل وأخريا مبدأ تلبية إحتياجات تلف أصحاب املصلحة.
51
الفصل الثا :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية
تبني ل ا من خالل ت اول ا زء ال ظري للدراسة موعة من ال تائج متثلت أساسا :
-ا ديث عن الشرعية من م طلق امل طق املؤسسي العاملي خيتلف وخيل باملفهوم ا قيقي للشرعية القائم على
عالقة القبول واإلعرتاف ،ففي حني املفهوم ا قيقي يوضح أن القبول واإلعرتاف مصدر املهيمن عليه
اهليم ة ،امل طق املؤسسي العاملي يصرح بأن مصدر املهيمن؛
-تتحقق شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية بتحقق مستويني للشرعية :الشرعية املؤسسية وال يقصد هبا شرعية
هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية ،والشرعية اإلجرائية ال يقصد هبا شرعية وضع املعايري؛
-ا ديث عن توسع وانتشار املعايري الدولية للتقارير املالية جاء بدافع ودعوى تقيق الشرعية؛
-توسع وانتشار املعايري الدولية للتقارير املالية من هذا امل طق يفرض هو اآلخر م طق مؤسسي وط قائم على
إدارة التغيري؛ إختاذ قرار اإلصالح واملسامهة هيم ة سلطة الدولة وقوة نفوذها عن باقي األطراف الفاعلة
-باإلعتماد على تفسري امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة NISلـ (1983 DiMaggio and
) ، Powellيتضح أن إعتماد IFRSبالدول ال امية يرتبط إ حد كبري بضغوطات إجتماعية تلفة تؤدي
إ تغيريات متاثلية (أي التماثل القسري ،متاثل احملاكاة ،والتماثل املعياري) ال تتعارض مع اإلعتقاد السائد
بأن اعتماد IFRSيرتبط إ حد كبري إ بالفوائد االقتصادية املقابلة هلا؛
إعتماد الدول ال امية IFRSترجع بالدرجة األو إلسرتاتيجية (عملية) اإلصالح -اإلشكالية الرئيسية
احملاسب أكثر من تواها ،فتأثري البيئة املؤسسية يدفع بالدول إ إختاذ قرارات على حساب إعتبارات تقيق
الكفاءة والت مية االقتصادية لكي تبدو مشروعة على املدى القصري؛
52
-
-
-
-
-
-
-
-
-
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
ا ديث عن توسع وانتشار املعايري الدولية للتقارير املالية ،الواقع ،طاملا ارتبط بدعوى تقيق وإكتساب
الشرعية ،لكن إذا كانت األزمة املالية العاملية لس ة ، 2008قد أثارت العديد من أوجه قصور هذ الشرعية ذلك
من خالل هتديد اإلتاد األورويب لوقف متويل اهليئة ،فضال عن اهتامها بأهنا أحد أهم أسباب نشوء األزمة وكذا
الدعوة إ وقف تطبيق مجيع املعايري ا اصة بالقيمة العادلة ،ظل كل هذ التطورات كيف ميكن فهمها بدعوى
تقيق الشرعية .باإلضافة إ ذلك ،إذا كانت إدارة التغيري واإلصالح با زائر ذات صلة هبذ التطورات ،كيف ميكن
ا ديث عن جدوى وفرص اح إسرتاتيجية اإلصالح ال مل تسلم هي األخرى من نقد األطراف الفاعلة إدارهتا،
على سبيل املثال :ردود الفعل املعارضة ألعضاء اهليئة التشريعية ا اسبة م اقشة مشروع قانون ال ظام احملاسب املا
SCFعلى مستوى اجمللس الشعب الوط ،كذلك موقف أصحاب امله ة الذي انتهى باسرتجاع وصاية الدولة على
ت ظيمها وتسيريها ،فضال عن القيام بنصالحات جبائيه م اقضة ألهداف اإلصالح احملاسب .
سعيا م ا لتوضيح مدى تقيق شرعية اإلصالح وإدارة التغيري با زائر من عدمها ،سوف نقوم بتشخيص
امل اخ االقتصادي والسياسي وبيئة األعمال با زائر ،باإلضافة إ تقييم إسرتاتيجية وإدارة التغيري من وجهة نظر
الفاعلني فيها ،باستخدام أدوات مت وعة متثلت :املقابلة واملالحظة والتحليل الوثائقي.
54
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
نسعى من خالل هذا ا زء إ تقدمي ووصف الطرق املت وعة املستخدمة (املقابالت ،التحليل الوثائقي
واملالحظة املباشرة) الختبار تفسري ال ظرية املؤسسية ا ديدة بدراسة حالة ا زائر وتقيق أهداف الدراسة .وقد مت
إستخدام مقابالت مباشرة مع ا هات الفاعلة الرئيسية على عدة مراحل ومستويات ،فضال عن مجع وتليل وثائق
أرشيفية ،األمر الذي ميثل ضرورة جوهرية للوصول إ الدقة واإلكتمال املعا ة املوضوعية ،وأخريا مالحظات
مباشرة حملاولة مجع البيانات ظروف طبيعية وواقعية متك ا من ا صول عليها ظة حدوثها .برهن (Fuentes
)2006على أن استخدام أساليب مت وعة توفر تفاصيل أكثر ثراء وموضوعية.
يوضح الباحث ( )2001 De Vausأن وظيفة تصميم البحوث هي تأكيد على أن األدلة ال مت ا صول
عليها متكن من اإلجابة على إشكالية الدراسة.
“The function of a research design is to ensure that the evidence obtained
enables us to answer the initial question as unambiguously as possible”53.
53
DE Vaus, Research Design in Social Research, SAGE Publication, London, without year of publication, p9.
55
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
نستخدم الدراسة طريقة البحث ال وعي الختيار املستجوبني بطريقة غري عشوائية (العي ة القصدية
" .)2007 Creswell) ( "Purposive Sampleاهلدف من إستخدام البحث ال وعي هو لتحديد مقابالت
بشكل مقصود ،وتديد األشخاص الذين ميكن أن يساعدوا الباحثة على فهم املراد من املقابلة وإشكالية الدراسة،
وهذ عي ة غري ممثلة لكافة وجهات ال ظر ولك ها تعترب أساس متني للتحليل العلمي ومصدر ثري للمعلومات ال
تشكل قاعدة م اسبة للباحثة حول موضوع الدراسة.
أوال :المقابالت
هندف من خالل استعمال ا ألداة املقابلة إ ا صول على فرصة للتعامل املباشر ومالحظة التعابري الشخصية
للمستجوبني ،حيث متت خالل مرحلتني ،متيزت األو بنجراء مقابالت حرة ومفتوحة ،دون تديد أسئلة مسبقا
وبدون إحتماالت إلجابة معي ة ،يث يرتك فيها قدر كبري من ا رية للمستجوب لإلدالء بآرائه واجتاهاته حول
املوضوع ،أما املرحلة الثانية متيزت ب وع من الت ظيم (مقابلة م ظمة) ،حيث مت تديد موعة من األسئلة لإلجابة
ع ها.
.1المرحلة األولى
أجري ا مقابالت أولية على مدى ستة أسابيع ،من ا امس ) (05نوفمرب إ السابع عشر ) (17ديسمرب
،2014خالل رحلة علمية تزام ت وانعقاد مؤمترين ،كان أوهلما ملتقى دو بع وان "دور معايري احملاسبة الدولية
) (IAS-IFRS-IPSASتفعيل أداء املؤسسات وا كومات" يومي 24و 25نوفمرب ،2014أين كانت
الباحثة عضوا اللج ة الت ظيمية للملتقى ومشاركة اداخلة ،حني جاء امللتقى الدو الثا الذي انعقد يومي
07و 08ديسمرب ،بع وان "دور ا وكمة تسني األداء املا للمؤسسات بني تطبيق معايري احملاسبة الدولية
) (IAS-IFRSواملعايري اإلسالمية" .امللتقيان شهدا توافد الكثري من امله يني و بة من األكادمييني ا زائريني
والعرب ،فضال عن أعضاء يشغلون م اصب رئيسية املؤسسات امله ية ال متثل اجملال املؤسسي للمحاسبة
واألطراف الفاعلة إدارة التغيري احملاسب ا زائر ،مثل رئيس الغرفة الوط ية حملافظي ا سابات ورئيسة مشروع
اإلصالح احملاسب القطاع العمومي بوزارة املالية.
قم ا بنجراء ما موعه 55مقابلة خالل هاته الفرتة ،حيث يؤكد ))1994 Miles and Huberman
بأن ستة إ مثانية لقاءات تكفي لتربير نتائج الدراسة ،حيث بلغت مدة معظم املقابالت من 30دقيقة إ 90
دقيقة.
56
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
البحث الكمي (Patton البحث ال وعي ال يشري بالضرورة إ عدد كبري من املشاركني كما هو ا ال
)2001الذي يعتمد على إختيار عي ات كافية للدراسة.
اهلدف من املرحلة األو هو إكتشاف اإلتساق وجهات ال ظر ومجع أكرب قدر ممكن من املعلومات ،مت
على إثرها إعداد أسئلة املقابلة للجولة الثانية للحصول على بيانات مفصلة ومعمقة ،ففي حني اتسمت أسئلة ا ولة
األو ب وع من العمومية كانت أسئلة ا ولة الثانية أكثر دقة وبشكل مباشر.
.2المرحلة الثانية
خالل املرحلة الثانية مت إجراء مقابالت بشكل أكثر تركيز ومع موعة أوسع من املستجوبني ،حيث كان
عددهم اإلمجا ( )125مقابلة ،مقسمة إ أربع موعات (أ .مث يه ( )08صانعوا (واضعوا) السياسات ،ب.
( )65مه يون ،ج )28( .أكادمييون وباحثون ،ت )24( .مستخدموا القوائم املالية) .كما هو موضح ا دول
أدنا :
الجدول رقم ( :)01-03عدد مقابالت خالل المرحلة الثانية حسب كل فئة مستجوبة
وباإلضافة إ املقابالت خالل املرحلتني ،استخدم ا أساليب أخرى مع البيانات م ها أساليب التحليل
الوثائقي واملالحظات املباشرة ،حيث مت اختيار هذ األساليب املتعددة عمدا إ جانب امل اقشة ا ماعية مع بعض
دراسة الباحثني من أجل التوصل إ تفسري متفق عليه لقضايا معي ة ،واستخدام مصادر متعددة من األدوات
ا الة هذ له ما يربر من ز ٍ
يادة املصداقية.
57
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
مشلت هذ األداة وثائق متعددة لتمكي ا من إستيعاب إشكالية الدراسة بشكل عام ،ومتثل أمهها فيما يلي:
-عرض مشروع القانون املتضمن ال ظام احملاسب املا SCFأمام اجمللس الشعب الوط من طرف وزير املالية،
12سبتمرب 2007؛ ا ريدة الرمسية ملداوالت اجمللس الشعب الوط ،مؤرخة
-مداخالت ال واب خالل ا لسة العل ية امل عقدة يوم االث ني 03سبتمرب ،2007الفرتة التشريعية السادسة
للدورة العادية األو حول م اقشة مشروع القانون املتضمن ال ظام احملاسب املا SCF؛
-ال صوص والقوانني التشريعية بشكل عام ،والقوانني املتعلقة باملالية واحملاسبة بشكل خاص؛
-دراسات و وث عديدة ذات الصلة باإلصالح احملاسب الدول ال امية واملتقدمة على حد سواء؛
-التقارير الصادرة من طرف هيئات مه ية وط ية ودولية على غرار هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية واهليئات
ذات العالقة؛
ثالثا :المالحظة
أداة املالحظة تكتسي أمهية بالغة الدراسة امليدانية كمصدر هام ورئيسي ،متك ا من الوقوف على بعض
ا قائق والسلوكيات وقت حدوثها ،فضال عن أهنا مصدر ووسيلة رئيسية للحصول على املعرفة تلقائيا ،فمن خالل
مقابالت ا والزيارات امليدانية ،استطع ا تسجيل ،على العموم ،موعة من املالحظات ال ساعدت ا توجيه م هجية
البحث واستقراء الواقع.
استخدم ا هذ الدراسة موعة واسعة من املشاركني ،مقسمة إ أربع موعات ددة للمقابالت،
على ال حو التا ( :أ) صانعوا السياسات( ،ب) معدوا ا سابات وامله يون( ،ج) املستخدمون و(د) األكادمييون /
الباحثون.
أ .صانعوا السياسات :مسؤولون كل من اجمللس الوط للمحاسبة ،CNCاملديرية العامة للمحاسبة ،واملصف
الوط للخرباء احملاسبني ،و افظي ا سابات واحملاسبني املعتمدين سابقا .وعلى الصعيد الدو ،كان لدي ا اتصاالت
58
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
هيئة املعايري الدولية للتقارير املالية عن طريق اهلاتف والربيد اإللكرتو وبالتحديد مع "فليب د و" مع مسؤولني
" "Philippe Danjouو"مايكل ويلز" " ،"Michael Wellsوقد مت إختيار أفراد العي ة من هذ الفئة على
عملية إختاذ قرار اإلصالح باإلعتماد على املعايري .IFRS أساس مشاركتهم بصفة مباشرة وغري مباشرة
ب .معدوا ا سابات وامله يون :متثل هذ الفئة موعة معتربة من اجملتمع األكادميي ،إذ يوضح ا دول رقم (-03
)02موع امله يني بأص افهم الثالثة (خبري اسب ،افظ حسابات و اسب معتمد) ،إذ يقدر عددهم 3660
مه يا.
قم ا بنجراء مقابالت مع موعة مت وعة من هذ الفئة ( 65مه يا) ،وقد مت إختيارهم بطريقة مقصودة
هذا السياق .هذ الفئة متثل ا زء األكرب من متثيل امله ة وت ظيمها وهلم إ ازات كوهنم أطراف نشطة وفاعلة
العي ة.
Source : CNC, Experts comptables et Commissaires aux comptes et Comptables agréés, liste
personnes morales + personnes physiques, Algérie, Juillet 2015, p 10,44,55.
مصا الضرائب ومصا السجل التجاري ج .املستخدمون :مثلت هذ الفئة أفراد مثل مدراء الب وك ،مسؤولون
ال إستخدام ومسريي املؤسسات االقتصادية .وقد مت إختيارهم على أساس خربهتم (ال تقل عن 05س وات)
القوائم املالية.
59
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
د .األكادمييون والباحثون :متثلت هذ الفئة األساتذة ا امعيني املتخصصني احملاسبة باإلضافة إ بعض طلبة
البحث اوضوع وقضايا نفس التخصص ،إذ مت اختيارهم على أساس ختصصهم وجتارهبم الدراسات العليا
ا زائر ،األمر الذي كون لديهم آراء بشأن هذ املسألة. اإلصالح احملاسب
شكل مقابلة بل إتصال هاتفي ملدة كانت ه اك موعة خامسة على الصعيد الدو ،لكن مل تكن
43دقيقة مع عضو لس معايري احملاسبة الدولية "فليب د و" " "Philippe Danjouوالرئيس السابق لقسم
احملاسبة بسلطة األسواق املالية ) Autorité des Marchés Financiers (AMFواملدير الت فيذي ملعهد
الفرتة املمتدة من 1982 احملاسبني القانونيني الفرنسي )OEC( l’Ordre des Experts Comptables
ح س ة .1986وإتصال آخر عن طريق الربيد اإللكرتو " "e-mailمع "مايكل ويلز" ""Michael Wells
مدير مبادرة تعليم .IFRS
ا زائر على قياس شرعية اإلصالح احملاسب الشق ال ظري ،سوف نعتمد ب اء على ما مت ت اوله
شقني كما يلي:
أوال :تفسري التماثل القسري لل ظرية املؤسسية ا ديدة ( :)NISفيما ارتبط بدوافع إختاذ قرار اإلصالح احملاسب
بن عتماد املعايري الدولية للتقارير املالية ،اع ،هل القرار جاء بدافع تقيق امل افع االقتصادية والت موية أو هو
نتاج ضغوطات خارجية وليس للجزائر ا يار ذلك نتيجة لعدة عوامل داخلية وخارجية أضعفت موقفها
التفاوضي.
من حيث مبدأ املشاركة :فيما بني األطراف الفاعلة ص ع القرار سواء بشكل مباشر أو غري مباشر؛
مبدأ التمثيل وتلبية إحتياجات املستخدمني :فيما تعلق بتمثيل أصحاب املصلحة املتعددين للدفاع عن
مصا هم وتلبية إحتياجاهتم من ناحية ،وتقييم مدى كفاية ال ظام احملاسب املا SCFتلبية إحتياجات
ا زائر من ناحية أخرى. تلف أصحاب املصلحة ومستخدموا القوائم املالية
60
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
-بعض املقابالت مت إلغاء مواعيدها والبعض اآلخر كان اإلنتظار طويال للغاية؛
-جاء البعض شكل مكاملات هاتفية؛
-عدم تلقي إجابات واضحة ودقيقة بعض املقابالت واكتسى بعضها اإلجابة بـ" :نعم /ال" و /أو "ال تعليق"
ويرتددون كثريا شرح ذلك؛
-هاجس ال ِسرية الذي طبع سلوك بعض املوظفني ،وقد ملس ا ذلك بشكل ملحوظ ع د التعامل مع موظفي
وأعضاء هيئة التوحيد الوط ية CNC؛
-وجود بعض أفراد العي ة م اطق جغرافية بعيدة عن موقع تواجد الباحثة ،األمر الذي حال دون قيامها
حالة ما إذا وجدوا أي لبس أو غموض. بالتوضيحات الالزمة
أثبت الباحثان ( )2014 Anna Alon and Peggy D. Dwyerأن أسباب من قبيل :هشاشة إدارة
ا كم ،ا فاض مستوى الت مية االقتصادية ،القومية...إ ،هي ال جتعل من الدولة ال امية أكثر عرضة إلعتماد
معايري وقواعد دولية ،اع أن نسبة زيادة أوجه قصور دولة ما يعترب مصدر ممارسة ضغوطات خارجية عليها ،وققد
من قدرهتا املفاضلة بني خيار تقيق معايري القبول واإلعرتاف باسم الشرعية وخيار تقيق امل افع االقتصادية،
وب اء عليه ،سوف ن اقش نسبة زيادة فرص حدوث التماثل القسري بني أطراف ال ظرية الطرف املهيمن والطرف
األضعف املهيمن عليه ،بزيادة أوجه القصور والتقصري ال تضعف املوقف التفاوضي للجزائر وتقيد قدرة السلطة
على اإلهتمام ا اد باإلصالح احملاسب من ناحية ،وبزيادة العالقة واإلعتماد بشكل أكرب على البيئة املؤسسية
ا ارجية من ناحية أخرى ،ذلك من خالل وكالء هذا اإلعتماد على املستوى الوط (هيكل وإدارة ا كم ،الت مية
االقتصادية وأثر االقتصاد الريعي ،وأخريا االعتماد على البيئة املؤسسية ا ارجية) ،وعلى الرغم من حقيقة أن الدول
ال امية ميكن أن تطور أهداف جديدة وممارسات ،على املدى الطويل ،ا هات الفاعلة الت ظيمية فيها تص ع القرار
ب اء على ضغوطات مؤسسية تقيِد قدرهتا على مواصلة تغيري وتسني األداء.
61
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
ا زائر بشكل تفصيلي، ليس الغرض من هذا ا زء استعراض األوضاع االقتصادية والسياسية السائدة
فهذا األمر جياوز حدود الدراسة ،وإمنا الغرض هو اإلشارة إ عدد من األمور ال أضعفت موقف ا زائر وكان هلا
تأثري ممارسة الضغط عليها واستغالهلا .وميكن أن نشري إ ثالثة قضايا كان هلا تأثري عميق وهي:
إدارة ا كم أو ما يسمى كذلك با كم الراشد ،من العوامل ا ديثة ال ترصد أثر املتغريات السياسية
ص ع قرارات عقالنية مب ية على أساس تقيق الت مية والكفاءة االقتصادية ،فتسليط الضوء على بعض مؤشرات إدارة
ا كم يقدم حملة عن العديد من نقاط قوة أو ضعف دولة ما ،وال تقف حائال عن تقيق متطلبات الت مية ،فضال
عن ضعف موقفها سياق عالقاهتا الدولية ،وإذا كان ا كم ا يد أو الراشد يتسم بالشفافية واملشاركة واملساءلة
واإلستقاللية ،فننه ي ظر إليه على أنه يتسم بالشرعية والقدرة على البقاء واملواجهة ،يتم التعبري بواسطته عن مصا
املواط ني وميارسون من خالله حقوقهم القانونية ويوفون بنلتزاماهتم .هلذا ومن أجل تقييم هشاشة نظام ا كم
ا زائر كوجه من أوجه القصور ال استغلت ملمارسة الضغط عليها لصا أطراف أقوى ،قم ا بنختيار عدد من
متغريات إدارة ا كم باإلعتماد ،بشكل رئيسي ،على الدراسات السابقة ال عا ت قضايا اإلصالح احملاسب .وقد
جاءت هذ املتغريات كاآليت:
62
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
مت ا صول على مؤشرات جودة ا كم من قائمة بيانات نشرها الب ك الدو يص ف فيها ستة أبعاد
للحكم :الصوت واملساءلة ،اإلستقرار السياسي ،فعالية ا كم ،ا ودة الت ظيمية ،سيادة القانون والسيطرة على
الفساد .ترتاوح مؤشرات إدارة ا كم ،حسب نفس املصدر ،بني ( 2.5-و )2.5حيث كلما زادت القيمة عكس
ذلك جودة إدارة ا كم وكلما قلت دل ذلك على رداءهتا .ويوضح ا دول رقم ( )03-03مؤشرات إدارة ا كم
با زائر كما يلي:
Source: World Bank, The Worldwide Governance Indicators (WGI), Washington 2014, p1
تشري نتائج ا دول أعال ،أن ا زائر تعا من ضعف موقفها سياق العالقات الدولية ،املؤسسات
امله ية فيها بصفة عامة واحملاسبية م ها بصفة خاصة صراع دائم مع ا كومة على السلطة ،كما تشري مؤشرات
إدارة ا كم إ هشاشة نظام ا كم وإستمرار تدهور األوضاع السياسية مع مرور الس وات ،فال ظام السياسي يعا
س ة ،2003وهو اإلستقرار السياسي ،يصل مؤشر هذ األخرية إ أقصا ()1.78- من ضعف شديد
63
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
املؤشر األكثر ارتفاعا على مدار الزمن مقارنة باملؤشرات األخرى .يوضح ( )2003 Hassabأن اإلستقرار السياسي
ٍ
بلد ما أمر بالغ األمهية تطوير احملاسبة ،فبيئة وحرية سياسية مواتية تع سياسة وتعاون بني مؤسسات الدولة
واهليئات امله ية لتؤثر إجيابا على تطوير احملاسبة وإصالحها ،أما مؤشر التعبري واملساءلة (Voice and
) Accountabilityالذي يعرب على مدى قدرة املواط ني املشاركة إلختيار حكوماهتم ومراقبتها ومساءلتها
يؤكد وصف الطبيعة غري الدميقراطية إلسرتاتيجية التقارب ال امجة عن هيم ة سلطة الدولة ومؤسساهتا ال خلقت
وعززت الصراع بني تلف األطراف الفاعلة إدارة التغيري ا زائر ،باملقابل د مستويات عالية نسبيا من الفساد
ا كومي ،األمر الذي يقلل من فرص وجود إرادة سياسية إلدارة أي تسيري وتغيري.
الدول ذات هياكل حكم ضعيفة هي أكثر عرضة لضغوطات دولية إلجراء تغيريات على السياسة احملاسبية
الوط ية ( ،)2013 Anna Alonويضيف ( )2012 Belkaouiأن مستوى ا رية االقتصادية واملدنية عامل
حاسم تطوير ممارسات ونظم اسبية ،كما أشار إ أن الدول ذات مستوى م خفض من ا ريات السياسية
واالقتصادية وعدم قدرة املواط ني فيها على إختيار ممثليهم بطريقة دميقراطية ،ال ميك هم إنشاء نظام اسب على
أساس مبدأ "اإلفصاح الكامل والعادل" ب جاح أو إنشاء مه ة اسبية قوية ومؤثرة.
تعترب قدرة دولة ما على رفع مستوى الرفا االقتصادي واإلجتماعي لسكاهنا مؤشر يعكس إ حد كبري
مدى فعالية وكفاءة إستخدام املوارد االقتصادية املتاحة ظل العوامل الداخلية وا ارجية املشرتكة ال تؤثر على
ت ميتها .دراسة أجرهتا ( )2011 ،Lasminأكدت أن الدول ذات مستوى ت مية اقتصادية ضعيفة هي أكثر
عرضة إلعتماد املعايري ،IFRSفضعف وضعها االقتصادي وهشاشة مؤسساهتا مع عدد قليل من البدائل املتاحة
لتعزيز اقتصادياهتا جيعلها أكثر تورط األسواق العاملية وأكثر عرضة ملمارسة ضغوطات خارجية عليها .و هذا
الشأن ،توضح ال ظرية املؤسسية ا ديدة NISبأن الدول ذات ت مية اقتصادية أقل يكون دورها التفاوضي ضعيف
وتكون أكثر عرضة لتأثريات العوامل والقوى ا ارجية .العديد من الدول ال امية تعتمد على املساعدات املالية األج بية
للتخفيف من العجز املسجل موازناهتا ،بعض من هذ املساعدات تكون شكل إستثمارات أج بية خاصة
واملعروفة باسم اإلستثمارات األج بية املباشرة ( ،)FDIوالبعض األخر يكون شكل م ح أو قروض وغالبا ما
تكون مصحوبة بشروط .وقد أصبح إستخدام هذ املساعدات جزءا ال يتجزؤ من خطط الت مية االقتصادية
معظم الدول ال امية. واإلصالح
64
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
التحليل املوا لألبعاد االقتصادية ا زائر قد يسفر ع ه األفكار ال ستساعد فهم الطريقة ال مت هبا
التأثري على فرض إسرتاتيجيات إصالح إقتصادية بصفة عامة وإصالح اسب يأخذ باملعايري الدولية للتقارير املالية
بصفة خاصة.
ورث االقتصاد ا زائري عن اإل ستعمار إمكانيات مادية معتربة للت مية االقتصادية ،فن جانب مؤسسات
ال فط واملعادن واملرافق األساسية مثل الطرقات واملوانئ والسكك ا ديدية واملطارات ،كان ه اك و 2.5مليون
هكتار 54من األراضي املستصلحة وال تزرع بالطرق ا ديثة للزراعة ،فضال عن املرافق اإلجتماعية مثل املستشفيات
واملدارس .و أواخر س ة 1963مت إنشاء مؤسسة "سوناطراك" ال كان هلا دور متزايد تلف العمليات املتعلقة
بال فط ال عززت بدورها دور الدولة وسلطتها استغالهلا ملواردها الطبيعية من ال فط والغاز الطبيعي ،ومع بداية
حركة التأميم ال إنتهجتها ا زائر م ذ س ة ،1968بصدور أمر يقضي بالتأميم الكامل ملعظم الشركات ال تعمل
قطاع احملروقات وتأميم شركات ال فط األج بية غري الفرنسية ،أضحت ا زائر تسيطر على ص اعتها ال فطية ال
كرست هلا كل ا هود لت فيذ برامج توسيع هائلة ا جم والتكاليف ،فتكثف إنتاج احملروقات ،وأقيمت لذلك
إستثمارات ضخمة ،وإذا كان املخطط الثالثي 1969-1967قد خصص ما يقارب 2,3مليار $لإلنتاج البرتو
ب سبة وصلت إ %45من املبالغ املخصصة لإلستثمار الوط ،فقد رفعت الدولة من ا صة املخصصة للقطاع
إ 9مليار $ب سبة فاقت %49من إمجا اإلستثمارات مع بداية إرتفاع أسعار ال فط م ذ س ة ،1970ومن مث
ارتبطت الت مية االقتصادية ا زائر بالقطاع ال فطي واإلعتماد على عوائد ت فيذ خططها الت موية وال هوض
بباقي قطاعاهتا.55
اإل فاض ألول مرة م ذ 1974ليبلغ هذا اإل فاض أدنا س ة و س ة 1983بدأت أسعار ال فط
،1986مما أدى بالبعض إ ا ديث عن أزمة نفطية ،تعرضت ا زائر إثرها إ إختالل هيكلي مؤشرات الت مية
االقتصادية ،فقد سجل امليزان التجاري عجزا كبريا بلغ 6589.45مليون دج س ة ،561986كما سجل ميزان
املدفوعات هو اآلخر عجزا قدر 15مليار دج ،حني قفزت ديون ا زائر ا ارجية من 17,5مليار دوالر س ة
1985إ 21مليار دوالر س ة 1986لتصل س ة 1990قيمة 25مليار دوالر ،األمر الذي جعلها تلتزم
املغرب ،الشركة الوط ية لل شر والتوزيع ،ا زائر ،بدون ذكر س ة ال شر ،ص .37 الدول العربية 54امساعيل العريب ،الت مية االقتصادية
55نفسه
56ب ك ا زائر ،ال شرة اإلحصائية الثالثية رقم ،32ا زائر ،ديسمرب ،2015ص.26
65
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
ما إطار برامج التصحيح اهليكلي تت إشراف ص دوق ال قد الدو ،متثلت أمهها اجموعة من اإلصالحات
يلي:
-ترير األسعار من خالل تقليص الدعم على العديد من امل تجات وا دمات لتصل إ أسعارها ا قيقية؛
-التحكم السياسات املالية من خالل تقليص اإلنفاق العام؛
-إصالح السياسة ال قدية؛
-إصالح املؤسسات العامة وا صخصة.
س ة ،1998ازدادت البيئة ا ارجية سوءا بسبب إ فاض متوسط سعر تصدير ال فط ب سبة ،%33
م ع ه تدهور الوضع االقتصادي مرة أخرى ،إنتقل إثرها التوازن املا من فائض قدر % 2.4من ال اتج احمللي
س ة ،571998وتدهور بشكل حاد اإلمجا س ة 1997إ عجز بقيمة %3.9من ال اتج احمللي اإلمجا
إمجا االحتياطات من 8.4مليار دوالر س ة 1998إ 4.5مليار دوالر س ة .1999ونتيجة لذلك ،عكس
التدهور االقتصاد العام زيادة اإلنفاق وإ فاض عائدات ال فط والغاز .ورغم ذلك ،مل يلبث أن تغريت األوضاع
واستقرت نتيجة إرتفاع أسعار ال فط مرة أخرى.
بعد إستعادة إستقرار مؤشرات االقتصاد الكلي تت ظروف صعبة للغاية ،مع دعم ص دوق ال قد الدو ،
إعتمدت ا زائر سياسة االقتصاد الكلي احملافظ 2000-1999إ جانب إرتفاع عائدات ال فط ،األمر الذي
انعكس تعزيز كبري للميزان املدفوعات وتس ا مؤشرات الديون ا ارجية ،فضال عن إ فاض ملحوظ معدل
التضخم (من % 2.6س ة 1999إ %0.3س ة ،)2000وإرتفاع إمجا اإلحتياطيات من 13.5مليار دوالر
أمريكي هناية س ة 2000إ 19.6هناية س ة 2001مع إرتفاع مستمر ليصل 170مليار دوالر س ة
.582010
وبذلك إرتبط تسن وتدهور مؤشرات االقتصاد ا زائري بالعائد ال فطي ح أصبح يعرف "باالقتصاد
الريعي" وأصبح ال فط بذلك احملرك األساسي هلذا االقتصاد ،األمر الذي جعله رهي ة حركة التقلبات السعرية لل فط
املرتبطة أصال بالعوامل ا ارجية ما جيعله عرضة لصدمات تلفة .ولتبيان املكانة ا اصة ال ققتلها قطاع احملروقات
االقتصاد ا زائري ،يكفي أن نستشهد اا ميثله بال سبة إ أهم ثالثة مؤشرات أداء االقتصاد الوط ،كما يلي:
بال سبة إ اإليرادات ا كومية ،بال سبة إ الصادرات ،بال سبة إ ال اتج احمللي اإلمجا .
57
www.theglobaleconomy.com/Algeria, 28/12/2015
58
Idem
66
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
الجدول رقم ( :)04- 03مساهمة قطاع المحروقات بال سبة إلى اإليرادات الحكومية
2010 2009 2008 2007 2006 2005 2004 2003 2002 2001 2000 1999 1998 1997 1996 1995 1994 1993
الس وات ()years
إيرادات ال فط والغاز
2905 2412.7 4089 2796.8 2899 2353 1571 1350 1007.9 1016 1213.2 588.2 425.9 592.5 519..7 358.8 257.7 185 ( Hydrocarbon
)revenues
اإليرادات غير ال فطية
1477 1259.4 1102 890.9 840.8 730 644.1 616.7 595.1 398.2 349.5 314.8 329.8 334.1 305.1 242.1 176.5 135.1 ( NonHydrocarbon
)revenues
إجمالي اإليرادات العامة
4383 3672.9 5191 3687.9 3640 3083 2215 1967 1966.6 1479 1578.1 950.5 774.6 926.6 824.8 600.9 434.2 320.1 public))Total
revenues
المصدر :من إعداد الباحثة ب اء على نشريات ص دوق ال قد الدولي لس وات .2011 ،2004 ،2001
الجدول رقم ( :)05- 03ال سبة المئوية لمساهمة قطاع المحروقات من إجمالي إيرادات الحكومية
بالمئة من إجمالي إيرادات الميزانية العامة ()budget revenue in percent of total
2010 2009 2008 2007 2006 2005 2004 2003 2002 2001 2000 1999 1998 1997 1996 1995 1994 1993 الس وات ()years
إيرادات ال فط والغاز
66.3 65.7 78.8 75.8 76.9 76.3 70.9 68.6 62.9 66.5 76.9 61.9 55 63.9 63 59.7 59.3 57.8 ( Hydrocarbon
)revenues
اإليرادات غير ال فطية
33.7 34.3 21.2 24.2 23.1 23.7 29.1 31.4 37.1 32.5 23.1 37.7 45 36.1 37 40.3 40.7 42.2 ( NonHydrocarbon
)revenues
إجمالي اإليرادات العامة (total
100 100 100 100 100 100 100 100 100 100 100 100 100 100 100 100 100 100
)public revenues
المصدر :من إعداد الباحثة ب اء على نشريات ص دوق ال قد الدولي لس وات .2011 ،2004 ،2001
67
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
الشكل رقم ( :)01-03ال سبة المئوية لمساهمة قطاع المحروقات من إجمالي إيرادات الحكومية
120
100
80
60
40
20
0
1993 1994 1995 1996 1997 1998 1999 2000 2001 2002 2003 2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010
يوضح كل من ا دولني رقم ( )04-03ورقم ( ،)05-03بأن الص اعة ال فطية تشكل أكثر من نصف
اإليرادات ا كومية م ذ بداية التسعي ات وح قبل ذلك ،لتصل نسبة أقصاها % 78.8س ة 2008وأدناها
س ة ،1998ذلك ألولوية الدولة وإعتمادها الكبري على تصدير وإنتاجه كما مت توضيحه سابقا. ب سبة %55
68
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
المصدر :ب ك الجزائر ،ال شرة اإلحصائية الثالثية رقم ،32الجزائر ،ديسمبر ،2015ص.26
متثل الص اعة ال فطية أكثر من %30من ال اتج احمللي اإلمجا ،و %95من الصادرات و %60من
اإليرادات ا كومية ويشكل إحتياطي ال فط ا ام ا زائر حوا 96مليار دوالر ،أي قرابة %10من اإلحتياطي
العاملي ،حيث يبقى االقتصاد ا زائري يعتمد بشكل كبري على قطاع ال فط ورهي ة تقلبات أسعار .
تكمن خطورة اإلعتماد الكبري لالقتصاد ا زائري على إنتاج ال فط وتصدير كأساس للحصول على إيراداهتا
ومواجهة نفقاهتا ،أنه إنتاج مورد غري متجدد وقابل لل فاذ ،بتعبري آخر حقيقة بيع وتصدير ال فط هو بيع وتصدير
مورد من ممتلكات الثروة العي ية للدولة مقابل مورد ما ،فالدولة اجة إ مصادر متويل عامة ومتجددة تت اسب
وطبيعة وظائفها .من ه ا تتضح خطورة االقتصاد الريعي على تقيق متطلبات الت مية املستدامة واإلستقرار
اإلجتماعي.
أوضحت املعطيات السابقة أن امل اخ االقتصادي والسياسي با زائر هش يفضي إ إصالح اسب
يستجيب ملصا أج بية بدال من تقيق م افع اقتصادية ،وأكدت حقيقة عدم قدرة األفراد التعبري عن آرائهم
بال ظام السياسي والسلطة وإ ختاذ قرارات مب ية على أساس تقيق الت مية والكفاءة االقتصادية ،كما تشري مؤشرات
الت مية والكفاءة االقتصادية واإلعتماد على االقتصاد الريعي با زائر إ ضعف دورها التفاوضي وجعلها أكثر عرضة
للتأثريات العوامل والقوى ا ارجية.
ثالثا :ص دوق ال قد الدولي وسياسات تدخله في فرض إصالح اقتصادي بالجزائر
ا زائر وما م عن أزمة ال فط م ذ س ة إزاء تفاقم املديونية ا ارجية وتدهور األوضاع االقتصادية
،1986أت ا زائر إ ص دوق ال قد الدو للحصول على قروض لسد عجزها ا ارجي .و اوجب املادة الرابعة
من نظامه األساسي ،قام الص دوق باإلتفاق مع ا كومة ا زائرية على متابعة ومساندة برنا ها لإلصالح االقتصادي
مقابل متويلها بشروط معي ة ،بدعوى أهنا جزء من جهود الص دوق لتعزيز الشفافية واملراقبة والوقاية من األزمات.
صياغة برامج الت مية واإلشراف على رغم خطورة هذ ا طوة ملا تؤديه عرب الزمن من زيادة التدخل األج ب
69
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
ت فيذها ،مل يكن للجزائر ا يار ذلك وهي تت ضغط عدد من عوامل حدت من قدرهتا على التفاوض وأكستها
طابعا نادرا من ا يوية ال كانت ميكن أن تشكل قاعدة جملهود اإلنطالق طريق الت مية .وقد شدد الص دوق
على موقفه جتا سياسات اإلصالح االقتصادي والت فيذ السريع لربامج اإلصالح.
متخض عن اإل تفاق العمل على عدة جوانب نذكر أمهها بشكل خاص إصالح القطاع العام وتقيق
ا صخصة ،قضايا زيادة الشفافية وتشجيع سالمة اإلدارة وا كم ،فضال عن اإلندماج االقتصاد العاملي بتطوير
األسواق املالية وضمان حرية التجارة والتجارة متعددة األطراف .وتبلور ذلك نتائج عملية اساندة الص دوق
بأشكال متعددة من م اقشات وإسداء للمشورة ،ومساعدات ف ية ،وتدريب ،باإلضافة إ اإلقراض.
وهكذا بدأ دور الص دوق يتعاظم توجيه االقتصاد الوط م ذ هناية الثماني يات ليزداد هذا الدور مع
دخول ا زائر أزمة نفط ثانية س ة 1998وما م ع ها من عجز متزايد املوازين ا ارية للجزائر ،إذ اضطرت
هذ األخرية مرة أخرى اللجوء إ القروض ا ارجية ال وفرها إ حد بعيد ص دوق ال قد الدو والب ك الدو ،
فقد وافق ص دوق ال قد الدو ( )FMIماي 1999م ح ا زائر قرض ابلغ 300مليون دوالر أمريكي إطار
التمويل التعويضي الطارئ للمساعدة تعويض ال قص املؤقت الصادرات من السلع وا دمات ،األمر الذي مل
يتح للجزائر فرصة اإلنفراد بقرارهتا وجت ب تأثري وضغوطات ص دوق ال قد الدو .59
الفرع الثاني :م اقشة وتحليل دوافع اإلصالح المحاسبي على ضوء مؤشرات الم اخ االقتصادي والسياسي
بالجزائر
يبني امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة أن إعتماد املعايري الدولية للتقارير املالية بالدول ال امية
هي بدافع اإلعرتاف والقبول باسم الشرعية ظل ضغوطات مباشرة وغري مباشرة بدال من تسني األداء وتقيق
الت مية االقتصادية ،ويستمر هذا االجتا بغض ال ظر أنه يؤدي بالضرورة إ جلب فوائد اقتصادية كما يروج هلا،
ونفس امل ظور يوضح بأن الشرعية مقابل الكفاءة ،ففي حني ترتبط الكفاءة بالبيئة التق ية ال تشري إ مجيع معايري
تقيق الفعالية والت مية االقتصادية ،ترتبط الشرعية بالبيئة املؤسسية ا ارجية ال تشري إ مجيع معايري القبول
واإلعرتاف .هذا ا زء سوف اول التحقق من فرضية أن دافع القبول واإلعرتاف الدو باسم الشرعية ظل
ضغوطات خارجية هو السبب الرئيسي وراء إختاذ قرار اإلصالح احملاسب بتب ِ املعايري الدولية للتقارير املالية با زائر
بغض ال ظر عن تقيق امل افع االقتصادية املرجوة من إعتمادها.
59
www.algeria-watch.org, 29/31/2015.
70
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
تشري نتائج السؤال البحثي األول ( )Q1جل املقابالت أن دوافع من قبيل :تقريب املمارسات احملاسبية
ا زائر من املمارسات الدولية؛ جلب املستثمر األج ب ؛ خفض تكاليف إعداد املعايري احملاسبية وإضفاء شرعية
الدولة كعضو كامل العضوية اجملتمع الدو ...إ ،هي أهم أسباب اإلصالح والتغيري احملاسب ،فال ميكن لدولة
تريد أن تشارك العصر أن ت عزل عما جيري فيه ،لكن نفس الوقت ،عملية تب ِ IFRSا زائر هلا العديد من
العقبات ،أسواق مالية شبه م عدمة ،مؤسسات إقتصادية هشة ومتويل معظم أنشطتها بشكل رئيسي من الب وك،
الوضع الذي يعرقل بدور إعتماد املعايري IFRSوال ترتكز املقام األول على أسواق رأس املال.
تؤكد نتائج مقابلة مع مسؤول بوزارة املالية ،أن زيادة الثقة والشفافية لب املستثمرين األجانب هي أحد
األسباب الرئيسية لإلصالح احملاسب ا زائر ،فعلى سبيل املثال ،أشار ذات املسؤول أن إعتماد IFRSضروري
لت مية سوق رأس املال ا زائر وجذب اإلستثمارات األج بية ،خاصة ظل تغيري سياسة ا كومة و اقتصاد
السوق ورغبتها زيادة عدد الشركات املدرجة ،ورغم ذلك ،شككت نتائج تسع ( )09مقابالت (أربع ()04
واضعوا السياسات ،واث ني ( )02من امله يني وثالثة ( )03أكادمييون) دوافع املستثمرين األجانب لإلستثمار
ا زائر وراء ا اجة إ إصالح اسب ،حسبهم ،املستثمرون األجانب ليسوا اجة إ أنظمة اسبية فعالة
لتحسني الشفافية تقاريرهم ،بل الفرص املتاحة لإلستثمار ،اليد العاملة الرخيصة وا ات الضريبية هي شرط
أساسي لب اإلستثمار األج ب للجزائر.
عرب رئيس الغرفة الوط ية حملافظي ا سابات ا ا أن تب ِ املعايري الدولية للتقارير املالية كان من أجل متكني
وتزويد صانعوا القرارات الوط ية والدولية اعلومات متجانسة وقابلة للمقارنة وموثوق فيها ،إذ أن املستثمرين
71
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
نشر وإعداد القوائم املالية على معايري األسواق الدولية ال ي ظرون دية لإلستثمار دولة إال إذا كانت تعتمد
معرتف هبا دوليا ،فنعتماد IFRSخطوة جيدة و جتسيد ذلك.
إضافة إ ما توضحه املعطيات السابقة من هشاشة امل اخ االقتصادي والسياسي با زائر الذي يفضي إ
إصالح اسب يستجيب ملصا أج بية بدال من تقيق م افع إقتصادية ،وال أكدت حقيقة عدم قدرة األفراد
التعبري عن آرائهم بال ظام السياسي والسلطة وإختاذ قرارات مب ية على أساس تقيق الت مية والكفاءة االقتصادية،
تبني نتائج السؤال البحثي الثا ( )Q2مقابلة مع اث عشرة ( )12باحثا أكادمييا مزاول للمه ة ،أن ضعف
وهشاشة امل ظومة السياسية واالقتصادية للجزائر ظل زيادة العالقة واإلعتماد بشكل أكرب على البيئة املؤسسية
ا ارجية أثرت سلبا على اإلهتمام ا اد للسلطة اشروع اإلصالح احملاسب ،بل أن مؤسسات الدولة توظف نفوذها
لتعجيل إستجابتها لضغوطات خارجية ومواءمة ممارساهتا احملاسبية مع تلك الغربية من أجل أن ي ظر إليها كمشارك
شرعي واإلعرتاف هبا ،بدال من الرتكيز على تقيق متطلبات الت مية والكفاءة االقتصادية إل اح مسار اإلصالح
احملاسب .
تؤكد نتائج السؤال البحثي الثالث ( )Q3من وجهة نظر الدولة املمثلة اجمللس الوط للمحاسبة ،CNC
أن إعتماد IFRSضمان إستمرار دعم املؤسسات الدولية وأمر ضروري إلكتساب الشرعية واملصداقية سياق
دو ،كما أنه سيكون خطوة اإلجتا الصحيح لتحقيق الثقة الالزمة للمجتمع الدو ،وعالوة على ذلك ،إعتماد
IFRSيسهل ويعزز دور كل دولة تسعى ا إقتصاد السوق الت افسي واملفتوح على االقتصاد الدو .يؤيد أغلب
املستجوبني من أصحاب امله ة بشدة الدعوة إ تب ِ IFRSعلى أساس ا اجة إ تعزيز ترتيبات املساءلة على
مجيع مستويات القطاع ا اص والعام على ٍ
حد سواء ،وح البعض اآلخر الذين كانوا ي تقدون بشدة تب ِ املعايري
IFRSنظرا للمشاكل الرئيسية ال سوف ت جم ع ها بسبب عدم مالءمتها مع البيئة االقتصادية والثقافية
واإلجتماعية للدول ال امية ،يرون بأن قرار اإلصالح احملاسب جاء لق نظام معرتف به ومقبول على املستوى الدو .
وقد أيد هذا الرأي رئيس ا معية االقتصادية "شبايكي سعدان" بقوله أن هشاشة الوضع االقتصادي
والسياسي با زائر عجل ممارسة ضغوط خارجية عليها جاءت املقام األول من طرف الب ك الدو وص دوق
ال قد الدو ،ففي س ة 2001تلقت ا زائر م حة من الب ك الدو لتسهيل عملية التب ِ غضون العامني املقبلني،
وبالتأكيد ،جيب أن يك ِون هؤالء مؤسسات اإلقراض /ا هات املا ة هلا مصلحة ذلك.
و هذا الشأن ،دعم الب ك الدو فكرة ضرورة اإلصالح على نطاق واسع كم أن قواعد احملاسبة
والتدقيق ا زائر ضعيفة وت ظيمها امله متخلِف ،فقد نصح ا كومة ا زائرية عل اإلصالح هذا اجملال
72
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
أولوية .وباإلضافة إ موارد ص دوق ال قد الدو ،أيِد برنامج ا زائر من قبل غريها من ا هات املا ة املتعددة
األطراف والث ائية اا ذلك ص دوق ال قد العريب والب ك الدو .
مسار اإلصالح املضي قدما و تاريخ الحق لإلصالح مثن ص دوق ال قد الدو جهود ا كومة
احملاسب ،ليس ألهنا على صواب باملع التق ،وإمنا ألهنا جسدت مصا ها ومصا املستثمرين األجانب ،فسيطرته
على أموال املساعدات أعطت له نفوذ هائل للضغط على ا كومات ،وخاصة أوقات األزمات االقتصادية،
وه اك إدراك ساحق بني أفراد العي ة أن القوة الرئيسية الدافعة ملشروع اإلصالح احملاسب هي املؤسسات املا ة
واملقرضة ،وجاء ذلك العديد من التصرققات الرمسية نذكر م ها على سبيل املثال ،مداخلة ألحد ال واب ا اسبة
م اقشة مشروع القانون املتعلق اهن ا بري احملاسب و افظ ا سابات واحملاسب املعتمد يوم األربعاء 28أفريل
.." 2010أن األزمات ال مرت هبا البالد العقدين األخريين من القرن املاضي ،األزمة االقتصادية وما عانت
م ها البالد من ضغوط أج بية وإمالءات ص دوق ال قد الدو إ حد تالشي السيادة الوط ية.60"...،
أكد املستجوبون أن ه اك فوائد أساسية لالقتصاد ا زائري ككل على الرغم من عدم الشرعية ال تكمن
وراء إعتماد املعايري الدولية للتقارير املالية ،أهم هذ الفوائد زيادة الثقة والشفافية ضرورية للمستثمرين األجانب،
فهذ اجملموعة من مستخدمي التقارير الس وية تزداد قوة بسبب الزيادة الكبرية اإلستثمارات األج بية املباشرة،
حني أن مصداقية وموثوقية القوائم املالية املعدة من طرف الشركات ا زائرية م خفضة مقارنة مع الدول املتقدمة،
وبالتا زيادة املخاطر املرتبطة باإلستثمار ا زائر ،وهلذا وجب على ا زائر تطبيق قواعد أكثر صرامة عرض
القوائم املالية ومواءمة ممارساهتا احملاسبية مع تلك الغربية .
ع د ا ديث عن شرعية إصالح اسب ما ،ن اجة إ إفرتاض وجود أطراف فاعلة إدارة التغيري
واإلصالح ،األمر الذي ميك ا بسهولة تصور الشرعية بأهنا دافع قبول وإعرتاف هؤالء اشروع ونتائج اإلصالح .و
هذا الشأن ،إرتبط تقيق القبول واإلعرتاف بتحقيق مبادئ الشرعية ال تؤهلها لذلك ،هلذا سوف نقوم بوصف
إسرتاتيجية اإلصالح املعتمدة ا زائر ودور األطراف الفاعلة إدارة التغيري ليتم بعدها تقييم وقياس مستوى رضى
وقبول هذ األطراف اشروع االصالح.
اجمللس الشعب الوط ،م اقشة مشروع القانون املتعلق اهن ا بري احملاسب و افظ ا سابات واحملاسب املعتمد ،ا زائر ،يوم األربعاء 28أفريل 60
،2010ص.8
73
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
مشلت الرتتيبات املؤسسية لص اعة قرار اإلصالح احملاسب ا زائر ص دوق ال قد الدو ووزارة املالية ،إذ
بدأت العملية بطلب من ص دوق ال قد الدو بضرورة تسني معايري احملاسبة كجزء من متطلبات تقيق الشفافية
وإختاذ خطوات لزيادة قدرهتا الرقابية واإلندماج االقتصاد الدو .مل يشر الص دوق إ ضرورة تب ِ املعايري الدولية
للتقارير املالية أو غريها صراحة ،لكن تقرير عن ا زائر املع ون بتقرير مراعاة املعايري والقواعد " Reports on The
( "Observance of Standards and Codesما يطلق عليه اختصارا اسم (ROSCsأشار إ ضرورة
مراعاة املعايري واملواثيق املقبولة دوليا لب الشركات لسوق األسهم ،ففي تصريح لذات التقرير ،أنه رغم ا هود
الكبرية املبذولة م ذ س ة 1993لتطوير سوق املال ه اك معلومات مالية مبهمة للغاية لذا نص التقرير على ضرورة
تسني معايري احملاسبة ال عرض وتليل الوضعيات املالية واحملاسبية القطاع العام وا اص على ٍ
حد سواء.61
باإلضافة لذلك ،تلقت ا زائر مساعدة مالية من الص دوق لتعجيل عملية اإلصالح احملاسب كجزء من حزم
املساعدات املم وحة هلا.
قبل الشروع عملية إعداد مشروع ال ظام احملاسب املا ،SCFقامت وزارة املالية بعقد مشاورات مكثفة
لكيفية التعامل مع املعايري الدولية املوصى هبا ،حول وجوب تب يها بشكل كامل وحي ها تواجه إشكالية عدم اإلستعداد
لتطبيقها وفهمها ،أو تب ِ جزئي هلا مع ا فاظ باملدونة وقواعد توظيفها .إنتهت هذ امل اقشات اساندة ا يار الثا
لسبب وجيه وهو اإل بتعاد التدرجيي على ال ظام القدمي لرتسخه العميق أذهان امله يني واألطراف ذوي العالقة
طوال 35س ة املاضية التطبيق ،األمر الذي أكد رئيس الغرفة الوط ية حملافظي ا سابات بقوله أن ا زائر تب ت
تطبيق املعايري بصفة جزئية من خالل إعداد ال ظام احملاسب املا SCFمع اإلحتفاظ ادونة ا سابات ال طرأت
عليها بعض التعديالت فقط ،وأضاف أن ذلك ملراعاة خصوصية االقتصاد ا زائري.
اجمللس الوط للمحاسبة CNCتت سلطة إنطلقت مبادرة التغيري احملاسب من إدارة الدولة املمثلة
الوزير املكلف باملالية والذي مت إنشاؤ اوجب املرسوم التشريعي رقم 318-96بتاريخ 25سبتمرب ،621996فقد
أوكل اجمللس الوط للمحاسبة CNCمهمة إعداد مشروع اإلصالح إ ة تصة من خرباء فرنسيني ي تمون إ
61
International Monetary Fund, Algeria: Financial System Stability Assessment, Washington, 1998, P14.
74
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
اجمللس الوط للمحاسبة الفرنسية ،لس امل ظمة الفرنسية للخرباء احملاسبني CSOECواهليئة الوط ية الفرنسية
حملافظي ا سابات CNCCإلعداد مشروع ال ظام احملاسب املا .63
الدولة آنذاك (اجمللس الوط للمحاسبة CNCواملصف على الرغم من وجود إث ني من اهليئات امله ية
الوط للخرباء احملاسبني و افظي ا سابات واحملاسبني املعتمدين) استفردت الوزارة بقراراهتا (من خالل لس الوط
للمحاسبة )CNCإعداد املشروع باعتبارها السلطة الوحيدة املخول هلا صالحية التوحيد احملاسب ،واكتفت
هذا الشأن ،بتب ِ إسرتاتيجية تعامل مع األطراف ذات العالقة املمثلني أساسا :مه يِي احملاسبة (ا رباء احملاسبني
و افظي ا سابات واحملاسبني املعتمدين) ،املستثمرين واملؤسسات ،نواب وأعضاء الربملان ،األساتذة والباحثني
اجملال احملاسب ،ذلك ،لتج ب قضايا قد تثريها املسألة ومقاومة التغيري ،فضال عن إضفاء طابع الشرعية على
اسرتاتيجية اإلصالح احملاسب ،وقد مشلت هذ االسرتاتيجية التعامل مع كل طرف كما يلي:
.1المه يُّون
لتحقيق مبدأ مشاركة امله يني ،سعى اجمللس الوط للمحاسبة CNCإ إشراك بة من امله يني احملاسبيني
وذوي اإلختصاص كل املسائل التق ية ال تضم ها اإلطار التشريعي الذي كرس ال ظام احملاسب املا ،SCF
ومتثيلهم مع ة املالية وامليزانية ال درست ال ص على مستوى اجمللس الشعب الوط اثابة ممثلني عن الفئات امله ية
احملاسبية .و مقابلة مع أحد أعضاء اجمللس ،CNCعرب عن أن مساعي اجمللس من خالل وضع إسرتاتيجية
ال مه ة احملاسبة ،ويضيف أنه بالفعل اإلصالح هذ هي تقيق أقصى حد من إشراك أصحاب اإلختصاص
كانت إقرتاحات وم اقشة جيدة وهذا يؤكد أمهية توسيع املشاركة بال قاش مع أصحاب اإلختصاص وعدم تضييق
املساحات ع د إعداد وم اقشة أي قانون.
تب خطاب سياسي يطغى عليه ا انب التق إلق اع نواب اجمللس الشعب الوط وأعضاء لس األمة
حول مشروع اإلصالح وأهدافه كأولوية تساهم ال هوض باالقتصاد الوط ،وكذا الرد على إنشغاالت ال واب ال
كانت تدور حول ا انب اإلسرتاتيجي هلذ املسألة ومل تركز على ا انب احملاسب التق ؛
.3الباحثون واألكاديميُّون
63بن بلغيث مدا ،أهمية إصالح ال ظام المحاسبي في ظل أعمال التوحيد المحاسبي ،أطروحة دكتورا (غري م شورة) ،كلية العلوم االقتصادية
وعلوم التسيري ،جامعة ا زائر ،2004 ،ص.172
75
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
ت ظيم اضرات وملتقيات ودورات تدريبية لفائدة أساتذة التكوين (التعليم العا ،الرتبية الوط ية ،التكوين
امله ) ،إطارات وزارة املالية (املديرية العامة للضرائب ،املديرية العامة للمحاسبة واملفتشية العامة للمالية) وكذا
املتخصصني تطوير أجهزة ا اسوب لتكييف الربامج املعلوماتية مع املسك ا ديد للمحاسبة وفق ال ظام احملاسب
.
املا
.4المؤسسات االقتصادية
تب إطار توعوي على نطاق واسع لفائدة املؤسسات التجارية واالقتصادية املع ية هبذا التغيري وكذا استفادهتم
من الدورات التكوي ية وا مالت التحسيسية امل ظمة هبذا الشأن وال استفاد م ها ما يزيد عن 1600مه وإطار
باملؤسسات الصغرية واملتوسطة ،كما صرح ل ا مسؤول بوزارة املالية.
تمل اجمللس الوط للمحاسبة CNCعلى عاتقه أعمال متابعة ت فيذ وتطبيق مشروع اإلصالح احملاسب
جانفي ،2010حيث اختذت وزارة املالية مجلة من التدابري إطار اإلنتقال األول إ ال ظام احملاسب املا
املرافقة من خالل إعداد دليل شامل يتضمن كل ال صوص القانونية املتعلقة به (تشريعية وت ظيمية) مت اول كل
املع يني ،ونشرها على املواقع اإللكرتونية لوزارة املالية واملديرية العامة للمحاسبة واجمللس الوط للمحاسبة.
كما مت إعداد دليل م هجي حول أول تطبيق لل ظام احملاسب املا SCFيتماشى مع املعايري الدولية
شكل تعليمة صادرة عن وزير املالية ،وحظيت ب فس ا يز من اإلشهار على أوسع نطاق ،وقد تضم ت هذ التعليمة
جدوال تفصيليا يوازي بني ا سابات ا ديدة ال تضم ها ال ظام احملاسب املا ،SCFوما يقابلها مدونة
حسابات املخطط احملاسب الوط ،PCNوذلك سعيا لتفادي األخطاء أث اء القيد احملاسب للعمليات.
يضاف إ هذ التعليمة ،صدور سبع ( )07مذكرات توجيهية تعا مسألة اإلنتقال من املخطط الوط
للمحاسبة PCNإ ال ظام احملاسب املا SCFوست ( )06مذكرات توجيهية أخرى خاصة اعا ة املسائل
التالية:
76
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
كما قامت وزارة املالية بتشكيل ة على مستوى اجمللس الوط للمحاسبة للتكفل بالصعوبات
واإلنشغاالت ال امجة عن تطبيق ال ظام احملاسب املا ،SCFوإ جانبها مت تشكيل ة متابعة يرأسها وزير املالية،
مهمتها ت سيق تطبيق ال ظام احملاسب املا ، SCFومت تقسيمها إ أربع ان فرعية كاآليت:
القيام اا يلي: وقد سامهت اللجان الفرعية املذكورة أعال وتت رقابة ة املتابعة
-إجراء تقيق يهدف إ ضمان مجع املعلومات الكمية والكيفية ال تسمح بتقييم وضعية ت فيذ ال ظام احملاسب
املا ع د 31مارس ،2011وذلك لتشخيص وتديد املشاكل ال تعيق املؤسسات ع د انتقاهلا إ ال ظام
احملاسب املا ،وكذا اقرتاح ا لول امل اسبة هذا الشأن.
-ت ظيم دورات تكوي ية على مستوى املعهد العا للتخطيط والتسيري التابع لوزارة املالية.
-ت ظيم عدة جلسات مع مطوري نظم ا اسوب والربامج املعلوماتية لتوجيههم وتأطريهم ح يتمك وا من
التماشي مع أحكام املرسوم الت فيذي رقم 11-09املؤرخ 7أفريل 2009الذي ققدد شروط وكيفيات
مسك احملاسبة بواسطة أنظمة اإلعالم اآل .
الفرع الثاني :تقييم إستراتيجية اإلصالح ودور األطراف الفاعلة في إدارة التغيير "أدلة من الميدان"
أوال :مساعي لدعم دور األطراف الفاعلة لم ترق إلى مستوى القبول واإلعتراف
كبداية إقرتب ا من أصحاب اإلختصاص واألطراف الفاعلة إدارة التغيري لتقييم ردود أفعاهلم املعارضة
واملوافقة لإلصالح ومدى إشراكهم إسرتاتيجية إدارة التغيري ،األمر الذي من شأنه أن يعيق عمل ا هات الرمسية
املسؤولة عن اإلصالح وتكريسه على أرض الواقع وإدخاله حيز التطبيق .وجاء تقييم ا كما يلي:
77
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
عرب معظم امله يون الذين مت إستجواهبم خالل ا ولة الثانية عن خيبة أملهم بشأن عدم إشراكهم مشروع
اإلصالح وعن كيفية وضع ال ظام احملاسب املا SCFالذي ي بغي أن تكون عملية وضعه أكثر شفافية مما هو عليه
الوقت ا اضر ،وعن مساعي اجمللس إلشراك أصحاب امله ة ،علق رئيس املصف الوط للخرباء احملاسبني
و افظي ا سابات واحملاسبني املعتمدين سابقا إ جانب مه يني آخرين أن بعض ع اصر اإلدارة قامت بتمييز فئة
معي ة من امله يني وإ ستخدامهم ضد امله ة نفسها ،واألطراف الذين مت إشراكهم ال ميثلون امله ة (شرعية التمثيل)،
كما صرح البعض األخر ،بأن العملية كلها تشوهبا العديد من أوجه القصور بسبب الطبيعة غري الدميقراطية هلا ،و
هذا الشأن ،عرب بعض األكادمييني حقل احملاسبة أنه م ذ شعور "مجاعات املصا " بالقلق بشأن مشروع ال ظام،
فغري دميقراطي متاما للحكومة مالحقتهم التطبيق دون التشاور معهم.
وقد أعرب بعض أعضاء املصف الوط للخرباء احملاسبني و افظي ا سابات واحملاسبني املعتمدين عدم
الرضى بسبب جتاهل الوزارة هلم إعداد مشروع ال ظام ،وأن مسؤولية إعداد ي بغي أن تكون من خالل تفويض
ة وط ية مشرتكة وممثلة ميع األطراف املع ية وذات العالقة ،كما هو ا ال معظم الدول ،مع أعضاء من كل
اهليئات التمثيلية و موعات املصا األخرى مثل األكادمييني وقادة الشركات ،حني علق مسؤول بوزارة املالية عن
أن املصف الوط للخرباء احملاسبني و افظي ا سابات واحملاسبني املعتمدين سابقا مل ققظ باملستوى املطلوب من
الشفافية وال زاهة لتمثيل امله ة واستدل ببعض األمثلة ال تؤكد ذلك مثل :إحتكار مله ة ا بري احملاسب من طرف
موعة من امله يِني وغياب أي ت ظيم للمسابقة الوط ية للخرباء احملاسبني م ذ أكثر من عشر ( )10س وات ،فضال
هذا اجملال. عن غياب أي اولة جادة لتمثيل امله ة عرب العامل وسياسة تكوين حقيقية
ومل يقتصر جتاهل الوزارة للمه يِني على عدم إشراكهم اعداد مشروع اإلصالح احملاسب فقط ،بل أكد
رئيس املصف الوط للخرباء احملاسبني و افظي ا سابات واحملاسبني املعتمدين سابقا عدم إشراكهم أيضا إعادة
ت ظيم امله ة ذاهتا ،كما وصف ذات املسؤول العديد من امل اسبات وامللتقيات العلمية مثل امللتقى الوط حول
معايري احملاسبة الدولية واملؤسسة االقتصادية با زائر امل عقد يومي 25و 26ماي 2010باملركز ا امعي سوق
أهراس ،عالقة املصف اصا وزارة املالية عالقة كر وف ٍر .و السياق نفسه ،كشف نفس املسؤول عن وجود حديث
الكثري من امل اسبات عن مشروع إ از معهد للدراسات احملاسبية بدعم من م ظمات وهيئات أوروبية وعربية،
لكن عدم تمس اإلدارة الوصية هلذا املشروع وعدم إبداء رغبتها إمتام املشروع حال دون ذلك ،رغم كونه عامال
مهما تسريع وإ اح تطبيق ال ظام احملاسب املا ،SCFومهما يكن األمر ،ال ميكن إعداد قانون أي مه ة بعيدا
عن إشراك امله يِني ذاهتم.
78
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
ونتيجة ملا سبق ،شهدت عالقة أصحاب امله ة بوزارة املالية املمثلة اجمللس الوط للمحاسبة صراعا
طويال إنتهى ِل املصف وإسرتجاع الوزارة الوصاية ت ظيم وتسيري امله ة والصالحيات ال كانت مم وحة للمصف،
وهكذا ،بدال من أن يبادر أصحاب امله ة بن اح مسار اإلصالح وتركيز هوداهتم إدارة التغيري ،أضحى ت ظيم
وتسيري امله ة بشكلها ا ا عائق أمام مواكبة ودعم اإلصالح ،فالبد من إعادة هيكلتها اا يتفق مع الوضع ا ديد،
األمر الذي خلق ت اقضا بني إصالح ال ظام احملاسب واملعلومة املالية املراد م ها الشفافية من ناحية ،وإصالح امله ة
ال جعل هلا هامش أد من ا رية من خالل إنشاء ثالث م ظمات مه ية مستقلة مع توسيع للدور الرقايب للدولة.
ورغم كل هذ التجاهالت والصراعات ،حول أصحاب امله ة ،املشاركة إجراءات تكوين امله يِني من
خالل إستعمال عالقاهتم واإلستعانة رباء فرنسني لتكوين موعة من املؤطرين من أصحاب امله ة ليتو هؤالء
املكاسب املالية واملتاجرة لتحقيق بدورهم تكوين نظرائهم ،لكن ما كادت وأن أصبحت عملية التكوين فرصة
الربح.
رغم أن املؤسسات االقتصادية املع األول بتطبيقات ال ظام احملاسب املا ،SCFمل يكن هلا أي متثيل أو
تدخل للدفاع عن إحتياجاهتا من املعلومات املالية وما جيب أن يكون ضمن متطلبات التقييم واإلفصاح وفقا
صوصيتها وخصوصية البيئة ال تعمل فيها ،وإقتصر التفكري ع د مستوى املؤسسات بكيفية التكفل هبا من أجل
اإلنتقال السلس ل ظام SCFو علها تتقبل فكرة العمل وفقه ،و هذا الشأن ،رخص ال ظام احملاسب املا SCF
للمؤسسات املصغرة مسك اسبة مالية مبسطة ،64وذلك من خالل املادة 5من القانون رقم ،11-07كما صدر
بشأن ذلك القرار املؤرخ 26يوليو 2008الذي ققدد أسقف رقم األعمال وعدد املستخدمني وال شاط املطبق
على املؤسسات الصغرية بغرض مسك اسبة مالية مبسطة ،ونصت املادة 2م ه على ما يلي " :ميكن للكيانات
الصغرية ال ال يتعدى رقم أعماهلا وعدد مستخدميها ونشاطها أحد األسقف اآلتية ،خالل س تني ماليتني متتاليتني،
مسك اسبة مالية مبسطة:65
25نوفمرب 2007املتضمن ال ظام احملاسب املا ،ج ر ،العدد .74 64القانون رقم 11-07املؤرخ
26جويلية 2008احملدد ألسقف رقم األعمال وعدد املستخدمني وال شاط ،املطبقة على الكيانات الصغرية بغرض مسك 65القرار رقم 72املؤرخ
اسبة مالية مبسطة.
79
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
خطوة التكفل باملؤسسات الصغرية إطار إخضاعها للمحاسبة املبسطة ما هي إال تق ية لتخفيف إجراءات
التصريح ا بائي وليس هلا أي عالقة أو تأثري على تبسيط طرق التقييم واملعا ة ال ي ص عليها ال ظام احملاسب املا
.SCF
بال سبة لدور وتأثري الباحثني واألكادمييني إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب ،كاد أن يكون م عدما ،فلم يتم
إشراك ا امعة وباحثيها أي خطوة من خطوات إدارة التغيري وال األخذ بآرائها على إعتبار أهنا قاطرة لعملية
اإلنتقال والقاعدة األساسية لإلهتمام بالطلبة وتكييف امل اهج الدراسية دمة اإلصالح ،بل فرض عليها األمر
مباشرة من الوزارة املع ية ،فاملراسلة ال وجهتها الوزارة ملؤسسات التعليم العا بتاريخ 17نوفمرب 2009صرحت
بوجوب التقيد بربامج تدريس جديدة وفق ال ظام احملاسب املا SCFدون اإلشارة إ توى هذ الربامج.
و إطار برنامج الوزارة للتأطري والتكوين ،إستفاد عدد دود جدا من أساتذة احملاسبة من الدورات
التكوي ية ا هوية ال نضمها اجمللس الوط للمحاسبة SCFخالل س ة 2008بت شيط موعة من امله يني
اللذين تلقوا تكوي ا سابقا على يد ا رباء الفرنسيني ،لتشرع بعدها ا امعات عقد ملتقيات علمية وط ية ودولية،
فضال عن ندوات لطرح أبعاد ومالمح هذا اإلصالح.
جاء ال ظام احملاسب املا SCFكثمرة جملهود اإلصالح من خالل القانون رقم 11-07ليدخل حيز الت فيذ
فرتة وجيزة نسبيا ابتداء من جانفي 2010غري أنه مل يسلم من إنتقاد ذوي اإلختصاص ،فخالل مقابلة مع أحد
إطارات املديرية العامة للمحاسبة بوزارة املالية ،أكد هذا األخري ،بأن أحد املسائل القانونية ال يثريها القانون رقم
11-07هي كثرة اإلحالة على الت ظيم ا زئيات ال هي من صميم إختصاص املشرع .ويوضح بأن اإلحالة على
80
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
الت ظيم هي األصل آلية تستخدم للتفصيل املبادئ العامة ال يتضم ها ال ص التشريعي ،غري أن سوء
ختل صريح للمشرع عن إستخدامها واإلفراط فيها من شأنه أن يفرغ هذا األخري من توا ،ما يشكل بالتا ٍ
إختصاصه املكرس الدستور لصا السلطة الت فيذية ال تتدخل عن طريق الت ظيم هذ اجملاالت .وتزداد
خطورة األمر حي ما يتعلق اسائل هامة.
وقد أثري هذا املوضوع من طرف العديد من ال واب حي ما مت عرض مشروع القانون للم اقشة على مستوى
اجمللس الشعب الوط ،وقد وردت صوصه العديد من املداخالت ،نذكر م ها ما يلي:
املداخلة األو ....." :أما املالحظة الثانية املوضوع فتتمحور حول ال التشريع ،أي ال اجمللس الشعب الوط
و ال الت ظيم أي السلطة الت فيذية :املشروع ققتوي على 43مادة ،حيث تتعلق الثالث مواد األخرية بال شر و
إلغاء ال صوص املخالفة ،وتبقى 40مادة 10 ،م ها أي ربع املشروع ققال كله على الت ظيم ،و هذا كثري جدا أن
ققال الربع على الت ظيم ،حيث يستوجب ذلك أن ن تظر عشر ( )10مراسيم لت فيذ أربعني مادة .هذا أوال ،أما
ثانيا ،فنن اجملاالت ال أحيل فيها ال ص على الت ظيم هي من صميم سلطة اجمللس الشعب الوط ،من سلطة
التشريع وال ميكن وضع القانون حسب مزاج ا ،ف جعل أمور للقانون وأخرى نرتكها للمرسوم .فهذا دد الدستور
املادة 122وما أحال فيه املشروع على الت ظيم يعد كله من صميم التشريع ،فلماذا نرتكه للت ظيم؟.....ونقدم
مثاال على ذلك واألمثلة كثرية وهو ما ورد الفصل الثالث املع ون " تصور احملاسبة و املبادئ احملاسبية ومعايري
احملاسبة" مث تليها املواد 7و 8و 9من هذا الفصل تال كلها على الت ظيم ،أي كل الع اوين الواردة الفصل متت
إحالتها على الت ظيم إذ أن معايري احملاسبة ال ترتك للت ظيم أو للمرسوم ألهنا من صميم احملاسبة ،والبد من وضعها
من قبل املشرع حيث تتم دراستها داخل اجمللس الشعب الوط .66".......
املداخلة الثانية... " :فنذا كانت األمور تسري هبذ الطريقة ،فلماذا ال تشرعون ألنفسكم ،هذ من صالحيات ا،
والبد للعبة أن تكون مفهومة ،وميك ا تقدمي بعض األمثلة م ها أن القانون الذي صادق ا عليه تغري مفهومه متاما بعد
تديد املراسيم التطبيقية ا اصة به ،لذا نرجو أن تكون اإلحالة ا االت املعقولة".67
و نفس السياق ،قام أحد ال واب بتربير هذ املسألة القانونية وم حها بعض القدر من اإلجيابية من خالل
ما يلي " :وإذا أردنا أن لل هذا امللف من ا انب التق ،س دخل تق يات احملاسبة ال ال يقدر عليها إال ا بري
احملاسبة أو ا ر الذي مارس 20أو 30س ة هذ امله ة ،وهلذا أعتقد أن املبادرة ال إختذهتا ا كومة ووزارة
66اجمللس الشعب الوط ،م اقشة مشروع القانون املتضمن ال ظام احملاسب املا ،الفرتة التشريعية السادسة ،ا زائر ،االث ني 03سبتمرب ،2007ص.9
67نفسه
81
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
املالية عل تطبيق ك ل التدابري عن طريق الت ظيم والتوقف على مستوى هذا املشروع على املبادئ العامة والقواعد
العامة أحسن شيء ألن التطبيق سيصبح دائم.68".....
و رد وزير املالية حول هذ املسألة ،ورد ما يلي...." :احملور الثالث يتعلق بنحالة ال صوص التطبيقية ال
ختص بعض األحكام قصد اإلشارة إ قانون ققدد األحكام والقواعد العامة ،كما متليه جوانب تق ية يستحسن
إرجاعها إ الت ظيم ألهنا ل توالت يصعب التكفل هبا إطار قانو .69"......ويضيف ذات املسؤول "
إعتقادنا الشخصي إن مسألة اإلحالة على الت ظيم جيب على العموم أن ختضع لضوابط دستورية وقانونية وال تكون
بطريقة مبالغ فيها حفاظا على اإلختصاص الدستوري للمشرع".70
ولعل املسألة القانونية الثالثة ال أثارها ل ا مسؤول باجمللس الوط احملاسبة بوزارة املالية ،هي التحديد القانو
ألجل سريان مفعول القانون الوارد ضمن األحكام ا تامية من باب تقييد ا كومة وإلزامها بالت فيذ السريع اللتزاماهتا
من خالل إعتماد الصياغة القانونية التالية" :املادة :41يدخل ال ظام احملاسب املا SCFاحملدد اوجب هذا القانون
حيز الت فيذ ابتداء من أول ي اير س ة ."2009وحسب ذات املسؤول أن هذا التحديد الزم صارم إ حد أنه
إستحال معه اإللتزام ا ر باملادة .لذا من املستحب قانونا إعتماد الصياغة القانونية ال تؤكد عادة على أن دخول
أي نص قانو ال يكون إال بعد صدور كل نصوصه التطبيقية.
وإن كان العديد من رجال القانون يرون هذ الصياغة بابا لرتاخي ا كومة السيما وأن دور الربملان
ا زائر يتوقف ع د م اقشة ال صوص التشريعية وال ميتد إ رقابة ال صوص التطبيقية هلا كما هو مأخوذ به القانون
الفرنسي ،إال أهنا صياغة مقبولة تسمح بالت فيذ السليم ألي مشروع إصالح ققدث تغيريا القواعد واملفاهيم كما
هو حال ال ظام احملاسب املا .SCF
و هذا الشأن ،إ نتقد رئيس املصف الوط للخرباء احملاسبني و افظي ا سابات واحملاسبني املعتمدين
سابقا الوزارة املكلفة من حيث اإلهتمام ا اد اشروع اإلصالح وإستبعد دخول ال ظام احملاسب املا حيز الت فيذ
بداية جانفي 2009لعدم إستعداد وزارة املالية وتوفريها للوسائل الضرورية لذلك ،م ها عدم تكوين وتأهيل مه يوا
68نفسه
69نفسه
70نفسه
82
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
احملاسبة ملا يتجاوز 250ألف مؤسسة اقتصادية ،كما أوضح ذات املسؤول أن ال ظام احملاسب املا الذي يفرض
إنفتاح أكثر وشفافية أكرب للمؤسسات لن يرى ال ور مادامت وزارة املالية ال تدعم أصحاب امله ة.
و الواقع ،اإلطالع على الرتسانة القانونية " "Arsenal juridiqueال تكم احملاسبة املالية جيعل ا
نرى بوضوح ترتيب األولويات املعتمد من طرف ا هات الرمسية ال قادت التغيري احملاسب ،وهو ما يربز من خالل
ما يلي:
واملالحظة األخرى ال يثريها القانون ،ترمجته إ اللغة العربية ،فالعديد من املصطلحات يشوهبا الكثري من
الغموض وعدم الوضوح ومن أمثلة ذلك مصطلح "التثبيتات" الذي يعترب ترمجة حرفية للمصطلح الفرنسي
" ."Immobilisation corporelleوقد برر الرئيس السابق للمصف الوط للخرباء احملاسبني و افظي
ا سابات واحملاسبني املعتمدين أسباب أخطاء الرتمجة ،ذلك قوله أن "القوانني التشريعية بشكل عام ،وقوانني
املتعلقة باملالية واحملاسبة بشكل خاص يتم إصدارها باللغة الفرنسية مث تتم عملية ترمجتها إ اللغة العربية ،واألسوأ
من ذلك أن الرتمجة ال مت ح ألهل اإلختصاص بل إ مكاتب دراسات تقوم بالرتمجة ا رفية األدبية ،لذا نالحظ
دقة ال سخة الفرنسية عن ال سخة العربية" .وقد أشار ذات املسؤول إ ضرورة الرجوع ألهل اإلختصاص القضية
ظل غياب مرتمجني تصني على مستوى الوزارة. ولبس الرتمجة خاصة
و نفس الشأن ،أوضح ل ا مسؤول وزارة املالية ،أن كل نص مت إعداد بشكل م فرد من حيث الشكل
مع الت سيق املضمون .وهو ما يتأكد من خالل املرسوم الت فيذي رقم 110-09الذي ققدد شروط وكيفيات
مسك احملاسبة ب ظام اإلعالم اآل ،الذي كان قد أضاف ضمن تأشرياته نصا مل يست د عليه القانون رقم 11-07
هذا ا صوص. وهو القانون املتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته ،ملا رائم املعلوماتية من تطور
ثالثا :نظام محاسبي مالي لتلبية إحتياجات مستخدميه أثبت الواقع العملي محدوديته وقصور
أعيب على املخطط احملاسب الوط PCNاملعتمد م ذ 1975بأنه يعا من قصور خدمة كل
مستعملي القوائم املالية ،لذا جاء اإلصالح احملاسب بتب املعايري الدولية للتقارير املالية لتدارك ذلك ،فقد أولت هيئة
83
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
التوحيد CNCأمهية كبرية للخيار الثالث جملموعة ا رباء الفرنسني املتمثل إعداد ووضع نسخة جديدة للمخطط
احملاسب الوط مع عصرنة شكله ووضع إطار تصوري واملبادئ والقواعد مع األخذ بعني اإلعتبار متطلبات املعايري
،IFRSفيفرتض من هذا ا يار أنه لتلبية إحتياجات مجيع مستخدمي القوائم واملعلومات املالية واملتمثلني أساسا
( :املستثمرين ،املسامهني ،املقرضني ،مصا الضرائب ،اهليئات وا هات ا كومية مثل :ووزارة التجارة املمثلة
مصلحة السجل التجاري ،)...لكن رغم ذلك ،أمهل إستخدام رجات ال ظام احملاسب املا SCFمن أهم
مستخدميه ليلجؤوا بذلك ا صول على إحتياجاهتم من املعلومات من مصادر وبدائل أخرى .و هذا الشأن
د:
ا زائر واألنظمة احملاسبية باقي الدول مصدر تديد الربح لطاملا كان املخطط احملاسب الوط PCN
ا اضع للضريبة ،لكن مع ال ظام احملاسب املا SCFأصبح األمر تلفا ،فرغم أن ال ظام احملاسب املا SCF
جاء ليقدم صورة حقيقية عن الذمة املالية ال تعكس الواقع االقتصادي للمؤسسة ،إال أن املادة ( )06السادسة
من قانون املالية التكميلي لس ة 2009نصت على إلزامية تطبيق ال ظام احملاسب املا وكذا إستقاللية القانون
احملاسب عن الضريب شريطة أن ال تت ا مع القواعد ا بائية املطبقة تديد الوعاء الضريب .و هذا الشأن د
العديد من اإلختالفات ا وهرية نذكر م ها على سبيل املثال مايلي:
ال ظام ا بائي املطبق حاليا ا زائر يعتمد على طرق اإلهتالك املتمثلة اإلهتالك ا طي ،اإلهتالك املت اقص
واإلهتالك املتزايد وذلك على أساس التكلفة التارخيية ومعدالت إهتالك مق ة ،حني أن ال ظام احملاسب
املا SCFققتوي على مفاهيم جديدة حساب اإلهتالك ،نذكر م ها :إحتساب اإلهتالك على أساس
القيمة العادلة " "la juste valeurخاصة حالة االقتصاد ا زائري الذي يعا من حالة تضخم ،وكذا،
مدة اإلهتالك ال تسب على أساس املدة ا قيقية الستعمال األصل (مدة امل فعة االقتصادية)؛ يتم حساب
قسط إهتالك األصل مع األخذ بعني اإلعتبار القيمة املتبقية احملتملة هلذا األصل ع د إنقضاء مدة م فعته (وذلك
إذا كانت معتربة وقابلة للتحديد بصفة موثوقة)؛ إعادة ال ظر الدورية طريقة ومدة اإلهتالك؛ يشرع حساب
إهتالك أصل ما إبتداء من بداية إستهالك امل افع االقتصادية امل تظرة لألصل املع .71
71
Fiscalité et normes internationales IAS/IFRS, CNCC, Séminaire des 15 & 16 décembre. Paris .2007 .P 06.
84
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
ضرورة إجراء إختبار حول إ فاض قيمة األصول ،وإثبات خسارة القيمة (ال متثل فائض القيمة احملاسبية
حني ال تعرتف القواعد الصافية ألصل ما على قيمته القابلة للتحصيل) ا سابات حالة وجودها،
ا بائية بالقيمة املتبقية كأحد الع اصر الداخلة تديد قسط االهتالك.72
إخضاع ال تيجة اإلستث ائية ( /77إيرادات إستث ائية /66 ،أعباء إستث ائية) الحتساب الربح ا اضع للضريبة،
حني عدم إخضاعها للضريبة وفق ال ظام احملاسب املا ،SCFو هذا الشأن ،أثريت بعض األقاويل إثر صدور
رجات ال ظام ال ظام بوجود خطأ ،على إعتبار ال تيجة اإلستث ائية جيب أن تكون قبل إحتساب الضريبة
احملاسب املا .SCF
حني القانون تديد تكلفة األصل ذات العالقة، تدرج تكاليف اإلقرتاض املولدة مل افع اقتصادية مستقبلية
ا بائي يعتربها كمصاريف مالية ختفض من الوعاء ا اضع للضريبة مهما كانت.
هذ اإل ختالفات تع أن مصلحة الضرائب ال تو أمهية ملخرجات ال ظام تديد وعائها الضريب بل
تتحفظ إستخدام متطلبات التقييم وفق ال ظام احملاسب املا SCFما قد يهدد بتقليص اإليرادات الضريبية
بشكل واضح.
ت ص املادة 73 716من القانون التجاري على أنه يتم اإلفصاح فقط على جدول حسابات ال تائج وامليزانية
دون القوائم املالية األخرى ا ديدة ال تضم ها ال ظام احملاسب املا ( SCFجدول تدفقات ا زي ة وجدول
تغريات األموال ا اصة) لدى مصا السجل التجاري ،وكمتعاملني اقتصاديني صرحوا بأهنم مل يالحظوا أي تغيري
خاصة وأن وزارة التجارة املمثلة مصا السجل التجاري مل تطلب أي معلومات إضافية عما كان سائد
السابق.
ويعترب القانون التجاري املؤسسة ال فقدت ثالثة أرباع ( )3/4من رأمساهلا هي حالة إفالس وجيب
تصفيتها ،حني املعايري الدولية للتقارير املالية تعترب رأس املال رد قيمة هامشية ناتج عن الفرق بني قيمة األصول
وقيمة ا صوم وهو فرق غري ثابت.74
72
Idem
العلوم 74صا ي بوعالم ،أ عمال اإلصالح المحاسبي في الجزائر وآفاق تب ي وتطبيق ال ظام المحاسبي المالي ،مذكرة ل يل شهادة املاجستري
التجارية( ،غري م شورة) ،جامعة ا زائر ،2010/2009 ،3ص .115
85
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
يفتقر ال ظام احملاسب املا SCFإ اإلتساق بني ا انب ال ظري واملمارسة ،مبادئ وقواعد تقييم أج بية
مع عدم وجود صلة لية ،العديد من مالمح االقتصاد الوط وبيئة عمل املؤسسات حال دون إمكانية التطبيق
السليم ملتطلبات تطبيق ال ظام واملعايري ،نوجز أمهها فيما يلي:
غياب أسواق متخصصة تستعمل أسعارها كمرجعية للتقييم :األمر الذي حال دون إمكانية تطبيق العديد من
متطلبات التقييم واإلفصاح نذكر م ها على سبيل املثال :التقييم وفق القيمة العادلة ،إجراء التقييم الس وي سائر
إ فاض القيمة... ،ا ،فا زائر ال متلك مؤشرات حقيقة متعلقة بضبط وتقييم قيم السوق لعدة اسباب متثلت
أساسا التضخم ،املضاربة األسعار ،التهرب والغش الضريبيني ،السوق املوازية...؛
ضعف التكوين والتأطري يفضي امارسات اسبية خاطئة :إذا كانت املؤسسات الكبرية املع ية بتطبيق قواعد
ال ظام احملاسب املا SCFهلا اإلمكانيات املالية والبشرية الكافية مثل سوناطراك ،أت السترياد حلول جاهزة
من خالل اإل ستعانة ربات أج بية (فرنسية) والتعاقد مع مؤسسات متخصصة إل از برامج إعالم آ قوية
وجيدة وإرسال موعة من املوظفني لتتلقى تكوي ا خاصا فرنسا ،فما هو حال باقي املؤسسات ،حيث إكتفى
معظمها لضمان عملية اإلنتقال و ال ظام SCFباإلعتماد على نفس قواعد التقييم السابقة للمخطط الوط
للمحاسبة مع تويل حسابات من املدونة القدمية مع ما يقابلها من املدونة ا ديدة وتغيري شكل القوائم املالية
لتج ب أي صعوبات قد تواجهها التطبيق؛
غموض ا د األد من متطلبات اإلفصاح والتقييم :صرح العديد من امله يِني أن غموض ال ظام وتطبيقاته
جعلهم يتعاملون معه كما كان تعاملهم السابق مع ال ظام القدمي وقد فسروا هذا السلوك من حيث عدم
اإلملام ال سب اتطلبات املعايري الدولية للتقارير املالية وعدم توفر ترمجة سليمة .كما أرجع البعض هذا السلوك
ألسباب ثقافية ،وخاصة السرية ،األمر الذي يقلل من إمكانية تلبية اإلحتياجات من املعلومة املالية ،حني
ال ظام احملاسب املا SCFيتطلب مستوى عا من اإلفصاح والشفافية نشر املعلومات ،بي ما غالبية
املؤسسات االقتصادية با زائر اعتادت على ثقافة السرية والتحفظ وا ساسية نشر معلوماهتا؛
يبقى اإلعتبار ا بائي حاضر بقوة على حساب تقدمي معلومات مالية ذات مصداقية وشفافية.
و حني أن بعض من املخاوف املذكورة أعال حرجة وتتطلب دراسة متأنية ،فهي تقتضي تغيري جذري
الثقافة واملمارسة احملاسبية السائدة م ذ أكثر من ثالثة عقود من الزمن ،فضال عن إستثمار حقيقي الوسائل
البشرية واملادية ،فمن الصعب مقارنة وتقييم البيانات والقوائم املالية ،وب اء ميزانيات فعالة وقياس كفاءة وأداء
املؤسسات وتصميم خطط اقتصادية وط ية موثوقة.
86
ا زائر الفصل الثالث :تقييم إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
كثري من األحيان ،تكون كمية املعلومات املفيدة إقتصاديا وال اجتة عن ال ظام احملاسب SCFغري كافية
لص ع القرار وال ميكن اإلعتماد عليها .ونتيجة لذلك ،فنن املستثمرين والدائ ني واملؤسسات ا كومية وا ارجية ال
تعتمد على التقارير املالية للشركات املعدة وفق ال ظام احملاسب املا ،SCFكما ميكن لل قص البيانات واملعلومات
احملاسبية املوثوق فيها ردع الت مية االقتصادية.
87
ا امتة
.1الخالصة العامة
وضعت قضية شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية نواة إطار فكري جديد لتحقيق أهداف التوحيد والتوافق
الدوليني ،خاصة إزاء ما واجهته عديد الدول من مشاكل اإلصالح احملاسب املتعددة وال امجة عن سعيها قدما و
ضمان القراءة املوحدة للقوائم املالية ا تامية .وفقا هلذ الرؤيا ،سعى رواد الفكر احملاسب من خالل مفهوم الشرعية
للبحث فيما هو مطلوب لفهم صحيح من أجل تقيق القبول واإلعرتاف الدوليني للمعايري وبالتا تقيق أهداف
التوحيد والتوافق ،و هذا الشأن ،تعددت وإختلفت وجهات نظرهم حول ت اول موضوع الشرعية ،فراح البعض
يطرحها من وجهة نظر ت ظيمية من خالل جتسيد مبادئ الشرعية ع د مستوييها (املؤسسي واإلجرائي) ،حني
طرحها البعض اآلخر من وجهة نظر إجتماعية إستخدم فيها تفسري امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة.
متثل ال ظرية املؤسسية ا ديدة إطار تفسريي ميكن اإلست اد إليه ملراقبة تطور ظاهرة تب ِ وإنتشار املعايري
الدولية للتقارير املالية الدول ال امية واملتقدمة على حد سواء ،فهي هتدف إ شرح الدور الذي تلعبه العالقات
االقتصادية واملؤسسات املالية الدولية فرض معايري وممارسات ميكن قبوهلا على املدى القصري ،لكن تؤدي إ
مقاومة التغيري على املدى الطويل .و هذا الشأن ،ص فت إسرتاتيجيات اإلصالح احملاسب بالدول ال امية على وجه
ا صوص ،ضمن تفسري التماثل القسري لل ظرية املؤسسية ا ديدة لعدة إعتبارات كان أمهها ضعف وهشاشة امل اخ
االقتصادي والسياسي الذي تعمل فيه.
ضمن هذا السياق ،و عمق اإلنتقادات املوجهة لشرعية املعايري الدولية للتقارير املالية ،قامت ا زائر ،على
غرار العديد من الدول ال امية ،بتب ِ إسرتاتيجية توحيد تأخذ باملعايري IFRSبدعوى تقيق الشرعية ومتطلبات
الت مية والكفاءة االقتصادية ،مل تسلم هذ اإلسرتاتيجية من نقد ومساءلة األطراف الفاعلة إدارة التغيري ،فقد عرب
العديد من هؤالء وعلى وجه ا صوص ،امله يون عن إستيائهم لعدم إشراكهم إجراءات وضع ومتابعة مشروع
اإلصالح ،األمر الذي زاد من حدة التوتر والصراع بني هذ األطراف ،حني إدارة التغيري احملاسب ي بغي أن تب
على أساس تظافر جهود تلف األطراف الفاعلة اا يضمن مستوى كاف من قبول وإعرتاف هؤالء ملشروع اإلصالح
ومن مث ا ديث عن جدوا وتقيق امل افع االقتصادية وال جاعة املرجوة م ه.
89
ا امتة
ظل السياق العام للبحث ،أظهرت الدراسة العديد من ال تائج ال تفسر ل ا على ضوء ما مت إستعراضه
خصوصية إسرتاتيجيات اإلصالح احملاسب معظم الدول ال امية اا ذلك ا زائر والغموض الذي يكت فها،
األمر الذي يفضي إ إصالحات جذرية ع د عدة مستويات ،وفيما يلي عرض هلذ ال تائج على ضوء ما توصل
إليه رواد الفكر احملاسب هذا املوضوع:
ا ديث عن توسع وانتشار املعايري الدولية للتقارير املالية جاء بدعوى تقيق الشرعية ،حني الشرعية ه ا هي
مفهوم يرتبط بامل طق املؤسسي العاملي القائم على ممارسة الضغوطات واستغالل ال فوذ ،األمر الذي أخل
باملفهوم ا قيقي للشرعية ،ولتوضيح أكثر ،ميكن إلقاء الضوء على مفهوم ( )1978 Weberللشرعية د
حني مفهوم بأنه قائم على دافع القبول واإلعرتاف الذي يسعى املهيمن للحصول عليه من املهيمن عليه،
الشرعية من م طلق امل طق املؤسسي العاملي الذي توظفه ال ظرية املؤسسية ا ديدة NISميثل عكس ذلك،
أي أن "دافع القبول واإلعرتاف" يسعى املهيمن عليه للحصول عليه من املهيمن تت تأثري ضغوطات ،وب اء
عليه ،مفهوم الشرعية من م ظور ال ظرية املؤسسية ا ديدة ،NISأخل باملفهوم ا قيقي للشرعية املب على
دافع القبول واإلعرتاف.
باستخدام تفسري امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة ،د الدول ال امية سعيها لتحقيق الشرعية،
تتخذ قرار اإلصالح احملاسب بتب ِ املعايري الدولية للتقارير املالية بطرق غري شرعية ،ذلك ألن مفهوم الشرعية
ال ظرية املؤسسية ا ديدة NISخيل باملفهوم ا قيقي للشرعية القائم على القبول الذي مت إستخدامه
واإلعرتاف.
تكافئ فرص املشاركة ،ومن خالل تقييم الشرعية هي التوازن العادل للمصا وت ص على حقوق متساوية
اإلطار املؤسسي واإلجرائي هليئة املعايري الدولية للتقارير املالية ،اتضح غياب توافر فرص متكافئة للمشاركة
شرعيتها؛ والتأثري على إجراءات وضع وتطوير املعايري ،IFRSاألمر الذي شكل مصدر التشكيك
مستوى ا ديث عن شرعية املعايري الدولية للتقارير املالية خيتلف عن مستوى ا ديث عن شرعية إعتماد املعايري
الدولية للتقارير املالية؛
ا زائر بتب إسرتاتيجية تقارب من امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة ،قرار اإلصالح احملاسب
تأخذ باملعايري الدولية للتقارير املالية جاء إستجابة لضغوطات خارجية من طرف مصا أج بية متارس كل
90
ا امتة
إمكانات الضغط لصا ها مستغلة بذلك كل ألوان القصور والتقصري ال تعزز موقفها "متاثل قسري" ،وليس
نتاج خيارات عقالنية على أساس إعتبارات تقيق الت مية والكفاءة االقتصادية ظل حتمية التعاون االقتصادي
ظل درجة عدم الدو .بل أكثر من ذلك ،أكدت نتائج الدراسة امليدانية أن الدول ال امية تتخذ قرارات
يقني عالية وأهداف غامضة؛
ا زائر والظروف ال توصلت بغض ال ظر عن الغموض الذي يكت ف إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب ككل
اجمللس الوط فيها إ إرساء ال ظام احملاسب املا ا ديد ،تبقى ا هود ال بذلتها الدولة املمثلة
الواقع ،نتيجة للقطيعة القائمة للمحاسبة CNCلضمان إ نتقال ناجح وسليم تكاد تكون عدمية التأثري
بي ها وبني أصحاب امله ة ،وكذلك غياب عالقة متثيل والدفاع عن مصا وإحتياجات املؤسسات االقتصادية
املع األول بتطبيق ال ظام احملاسب املا SCF؛
هيم ة سلطة الدولة على باقي األطراف الفاعلة إدارة التغيري وجتاهلهم إدارة إسرتاتيجية اإلصالح احملاسب
با زائر ،كان سبب شعور هؤالء بعدم الرضى والقبول (اإلعرتاف) باسرتاتيجية اإلصالح ،األمر الذي أخل
بتحقيق شرعية اإلصالح احملاسب ،وقد بي ت نتائج التحِري واإلستقصاء امليدانيني لردود فعل تلف األطراف
الفاعلة اإلصالح جتا إسرتاتيجية إدارة التغيري عدم شرعية اإلصالح نتيجة عدم إشراك هذ األطراف وغياب
متثيل حقيقي للدفاع عن مصا هم وإحتياجاهتم ،فضال عن عدم تلبية ال ظام احملاسب املا SCFإلحتياجات
قت عملية اإلصالح. مستخدميه ،واستشهدنا بذلك ببعض ال تائج واألثار السلبية ال
تقسم تديات شرعية اإلصالح احملاسب بالدول ال امية إ تديات داخلية وأخرى خارجية .التحديات الداخلية
ت بع من التوفيق كسب قبول وإعرتاف تلف األطراف الفاعلة واملع ية بندارة التغيري ،ذلك بتحقيق مبادئ
الشرعية املمثلة :مبدأ املشاركة ،مبدأ التمثيل ومبدأ تلبية إحتياجات املستخدمني ،والتحديات ا ارجية هي
وضع وإختاذ قرارات على أساس تلبية متطلبات الت مية والكفاءة االقتصادية. مسؤولية الدولة
.3التوصيات
يبدو أن اإلشكالية املرتبطة بنعتماد املعايري IFRSبا زائر تكمن طريقة وكيفية إعتمادها حد ذاهتا أكثر
من توى املعايري ،ذلك أن إدارة اإلصالح والتغيري جترى ظروف قصرية وغامضة إ حد ما أصبحت غري
دميقراطية ،ويرجع السبب ذلك إ تلبية رضى مؤسسات اإلقراض واملا ة للمال على حساب متطلبات الت مية
إعتماد IFRSكحل قصري األجل ،كما ي بغي إنشاء ان والكفاءة االقتصادية ،ومع ذلك ،ي بغي أن ي ظر
91
ا امتة
وضع املعايري احملاسبية مع ممثلني من تلف األطراف الفاعلة واملع ية بندارة التغيري ،مت ح هلا مسؤولية وضع املعايري
احملاسبية ال تعكس إحتياجات مواط يها ،حني ي بغي أن تستهدف املساعدة اإلمنائية املستقبلية توفري الب ية
التحتية امل اسبة لتطوير املعايري احمللية بدال من فرض معايري أج بية.
.4أفاق الدراسة
ت اولت دراست ا ،موضوع شرعية اإلصالح احملاسب بدراسة حالة ا زائر ،وقد توصل ا إ طابع عدم الشرعية
الذي ميز إدارة إسرتاتيجية اإلصالح والتغيري ظل األوضاع االقتصادية والسياسية السائدة فيها وبتوظيف تفسري
امل ظور السوسيولوجي لل ظرية املؤسسية ا ديدة .NISمن هذا امل طلق ،و ظل ال تائج ال ظرية وامليدانية ال
توصل ا إليها ،مت طرح أفاق للدراسة كما يلي:
أوال :تقييم شرعية التماثل ( ،)Isomorphisme Legitimacyالشرعية ال اجتة عن التماثل ،ميكن أن تكون
ل دراسة تساهم تأكيد حقيقة عدم شرعية املمارسات القائمة عن التماثل وهبدف الوصول إ مستوى التماثل
املطلوب لتحقيق الشرعية.
ثانيا :على ضوء خصوصية الدول ال امية ،دراسة تقييم مدى قدرة الدول ال امية على وضع إسرتاتيجية إصالح
بنعتماد املعايري الدولية للتقارير املالية IFRSمن أجل إعطاء مستوى السلطة الالزمة لتوليد الثقة ومعا ة اوف
الشرعية ،ميكن أن يكون ل دراسات وأ اث مستقبلية هبدف إرساء منوذج لشرعية ال ماذج احملاسبية الوط ية هبذ
الدول ،وعلى أن يتضمن التقييم أيضا توافر فرص متكافئة لألطراف الفاعلة واملع ية للمشاركة والتأثري تطوير
معايري اسبية وط ية.
92
املراجع
أطروحة دكتورا، أهمية إصالح ال ظام المحاسبي في ظل أعمال التوحيد المحاسبي، بن بلغيث مدا -1
، أعمال اإلصالح المحاسبي في الجزائر وآفاق تب ي وتطبيق ال ظام المحاسبي المالي،صا ي بوعالم -2
94
املراجع
14 - Franck, T.M., Why a quest for legitimacy?, California Davis Law Review,
without country,1988.
95
املراجع
96
املراجع
41 - FCAG, Report of the Financial Crisis Advisory Group, London, July 28,
2009.
42 - IFRS Foundation (IFRSF), Annual Report, London, 2013.
46 - IFRS Foundation, Who we are and what we do, London, January 2014.
47 - International Monetary Fund, Algeria: Financial System Stability
Assessment, Washington, 1998.
48 - World Bank, The Worldwide Governance Indicators (WGI), Washington
2014.
97
املراجع
.4مواقع األنرتنت
.5القوانني والتشريعات
25نوفمرب 2007املتضمن ال ظام احملاسب املا ،ج ر ،العدد .74 - 53القانون رقم 11-07املؤرخ
املرسوم التشريعي رقم 318-96بتاريخ 25سبتمرب ،1996ج ر ،العدد .55 - 54
- 55اجمللس الشعب الوط ،م اقشة مشروع القانون املتضمن ال ظام احملاسب املا ،الفرتة التشريعية السادسة،
ا زائر ،االث ني 03سبتمرب .2007
- 56اجمللس الشعب الوط ،م اقشة مشروع القانون املتعلق اهن ا بري احملاسب و افظ ا سابات واحملاسب
املعتمد ،ا زائر ،يوم األربعاء 28أفريل .2010
98
100
املالحق
أنثى /العمر..............عاما ذكر - اإلسم (إختياري) .....................:ا س- :
100
املالحق
المصف الوط ي للخبراء المحاسبين ،ومحافظي الحسابات والمحاسبين المعتمدين سابقا
املصف الوط للخرباء احملاسبني ،و افظي ا سابات واحملاسبني بصفتك مه مزاول مله ة احملاسبة وعضوا
املعتمدين السابق:
ا زائر؟ وإذا كان األمر كذلك ،ما هي طبيعة -13هل مت إشراككم إدارة ومتابعة التغيري احملاسب
هذ املشاركة؟
ما هي ا هود املبذولة من طرفكم هذا السياق؟ وع د أي مستوى؟ -14
حسب رأيكم ،ما هي أسباب حل املصف الوط للخرباء احملاسبني ،و افظي ا سابات واحملاسبني -15
101
املالحق
فهرس المحتويات
I اإلهداء....................................................................................................
شكر وتقديرII ................................................................................................
امللخصIII ....................................................................................................
قائمة احملتوياتIV ..............................................................................................
قائمة األشكال البيانيةVI ........................................................................................
قائمة ا داولVII ...............................................................................................
قائمة املالحقVIII ...............................................................................................
قائمة اإلختصارات والرموزIX ....................................................................................
المقدمة 01 ..................................................................................................
الفصل التمهيدي :تطور الفكر المحاسبي في ت اول قضايا شرعية اإلصالح المحاسبي 08 ..........................
المبحث األول :شرعية المعايير الدولية للتقارير المالية10 ........................................................
المبحث الثاني :شرعية إستراتيجيات اإلصالح المحاسبي بالدول ال امية 14 .......................................
المبحث الثالث :ملخص الرؤى وم اقشة ال تائج17 ..............................................................
الفصل الثاني :األدبيات ال ظرية حول شرعية اإلصالح المحاسبي24 .....................................
102
املالحق
الفصل الثالث :عرض تجربة الجزائر في إدارة التغيير واإلصالح المحاسبي دراسة ميدانية 53 ...........
103