You are on page 1of 14

*

‫خادل زيغمي‬
‫الملخص‬
،‫ نحو االستفادة من جميع التراكمات المعرفية‬،‫توجهت العديد من االبحاث والدراسات الثقافية واالدبية في السنوات االخيرة‬
‫ غير‬،‫ وكانت تروم في ذلك ان تصل بالدراسة االدبية نحو افاق جديدة‬.‫معرفي‬ٍ ‫حقل‬
ٍ ‫ فلم تستثن من ذلك اي‬،‫النظرية منها والتطبيقية‬
‫ والتحليل‬،‫ تشييد النسق‬/‫وجت هذه الجهود بالدعوة إلى ما يسمى بتصور تعدد االنساق‬ َّ ‫ وقد ُت‬.‫معروفة وغير مالوفة في عالم النقد واالدب‬
.‫النسقي في دراسة الظاهرة االدبية والتاريخ االدبي‬
‫ ثم تصورات‬،‫ وكان من ذلك جهود الشكالنيين الروس‬،‫ البـدايـات النظريـة االولى التي امنت بالنـسق‬،‫تـعرض هـذه الدراسة‬
،‫ وعلم اجتماع االدب‬،‫ ثم وكنتيجة للجهود الطويلة التي ُبذلت في البنيوية والتفكيكية والسيميائية وجمالية التلقي‬،‫النظرية البنيوية‬
‫ فكان‬.‫ نمت وتطورت االبحاث التي تدعو إلى نظرة اشمل في دراسة الظاهرة االدبية وتاريخ االدب‬،‫وغيرها من الحقول البحثية والمعرفية‬
.‫ واشارت إلى مبادرات بعض الباحثين العرب الذين افادوا من هذه االبحاث االخيرة‬،‫منها نماذج َذكرْتها الدراسة‬
.‫ تاريخ االدب‬،‫ الظاهرة االدبية‬،‫ التحليل النسقي‬،‫ تشييد النسق‬،‫ تعدد االنساق‬،‫ النسق‬:‫الكلمات المفاتيح‬
Résumé
Au cours des dernières années, De nombreuses recherches culturelles et études littéraires se sont dirigés pour
profiter de toutes les accumulations de connaissances, à la fois théorique et pratique. Cependant l’intention était
d'atteindre l'étude littéraire sur un nouvel horizon d’étude littéraire dans le monde de la critique littéraire. Ces efforts
ont abouties à l'appel à la soi-disant « polysystème » et « édifice systémique », ainsi que « l’analyse systémique » dans
l'étude du phénomène littéraire et de l'histoire littéraire.
Cette étude expose les premiers vues théoriques qui a crues au système littéraire ; telle que les efforts des
formalistes russe, puis les points de vues théorique du structuralisme.
Et par conséquence aux efforts déployés dans la déconstruction et la sémiotique et l’esthétique de la
réception, et la socio littéraires et d’autres domaines de la recherche scientifique, La recherche a évolué dans le
domaine de l'étude du phénomène littéraire et de l'histoire littéraire. Cette étude a abordé certaines modèles, et a
souligné quelques-unes des initiatives de chercheurs arabes qui ont bénéficié de ces recherches récentes.

Mots-clés : Système, Polysystème, Analyse Systémique, Phénomène Littéraire, Histoire De La Littérature


Summary
During the recent years, researchers in cultural and literary studies have been increasingly making use of the
accumulated knowledge (both theoretical and practical), aiming at widening the scope of literary studies to reach new
horizons in the field of literary criticism. This led to the development of the polysytem theory and the polysystemic
analysis of the literary phenomenon and the history of literature.
This paper aims to present an overview of the historical and theoretical backdrop of the theory of polysystems
grounded in russian formalism and structuralism.
In addition, the efforts and advances made in the fields of deconstruction, semiotics, aesthetics of reception,
and sociological approaches to literature and other disciplines resulted in a broadening of the scope of the study of the
literary phenomenon and the history of literature.
In this paper, we discuss few models and highlight the initiatives made by Arab researchers who benefited
greatly from recent research advances.

Keywords: System, Polysystem, Systemic Analysis, Literary Phenomenon, Literary History

-2- ‫ سطيف‬،‫ جامعة محمد ملني دابغني‬،‫ قسم اللغة العربية وأآداهبا لكية الآداب واللغات‬،‫* أس تاذ حمارض ب‬

2016- ‫ ديسمرب‬25 ‫العدد‬ 262 ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫صحابها عن مدى الجدوى في‬ ‫ظهرت دراسات؛ َت َس َاء َل فيها ا ُ‬ ‫الم ق دمة‬
‫حصر معنى االدب في النصوص االدبية واال كـتفاء بها‪ ،‬دراسة‬ ‫تطمح هذه الدراسة إلى إبراز التحول النظري واإلجرائي‬
‫وتفسيرا‪ ،‬واثاروا قضايا لم تكن معهودة في عالم الدراسات‬ ‫الذي حدث في حقل النظرية االدبية الحديثة في مجال دراسة‬
‫االدبية‪.‬‬ ‫االدب والظاهرة االدبية والتاريخ االدبي‪ .‬وقد انطلقت من‬
‫ولعل ابرز هذه االعمال كـتابان احدهما عمل جماعي‬ ‫قناعة انه ما من تحول يعتمل في المدراس النقدية االدبية‬
‫اشرف على إنجازه واسهم فيه الباحث الفرنسي روبير‬ ‫الحديثة إال وتستوحي منه الدراسة االدبية من اال ليات‬
‫إسكاربيت‪ Robert Escarpit3‬ظهر سنة ‪ 1272‬تحت عنوان‪:‬‬ ‫واإلجراءات ما يدفعها إلى افاق جديدة تقوم على انقاض رؤى‬
‫((الحدث االدبي والحدث االجتماعي)) ( ‪Le Littéraire et le‬‬
‫وممارسات نقدية سابقة‪ .‬فلقد مست الدراسات االدبية في‬
‫يؤسسوا لعلم اجتماع ُيعني‬ ‫ُ‬
‫‪ ،)social‬حاول فيه كـتابه ان ِّ‬ ‫السنوات االخيرة سلسلة من التطورات بعضها ال وزن له‪،‬‬
‫باالدب‪ .‬من خصائص هذا االتجاه انه يدعو للخروج بدرس‬ ‫ومؤثرة‪ ،‬وال ادل على ذلك من كـثرة الدراسات‬ ‫واخرى فعالة ِّ‬
‫االدب من االقتصار على النظر في النصوص االدبية‪ ،‬إلى‬ ‫واالبحاث الثقافية االخيرة التي كانت لعدة باحثين اكاديميين‬
‫‪4‬‬
‫العناية بالظاهرة االدبية في شتى مظاهر تاثيرها واستعمالها‪.‬‬ ‫ال سيما في فرنسا والمانيا وكندا‪.‬‬
‫واما الدراسة اال كاديمية الثانية‪ ،‬فهي للباحثة الفرنسية‬ ‫والسؤال الذي فرض نفسه في الدوائر العلمية‬
‫((فرانس فيرنيــي)) (‪ )F.Vernier‬ظهرت سنة ‪ 1274‬تحت‬ ‫والمعرفية هو‪ :‬هل حصل فعال تغير ملموس في الدراسات‬
‫عنوان‪(( :‬الكـتابة والنصوص)) (‪.)L’écriture et Les Textes‬‬ ‫االدبية؟‪ ،‬هل هناك مقاربات جديدة‪ ،‬غيرت نظرة الباحثين‬
‫وكانت نتيجة هذه االبحاث وغيرها‪ ،‬ان دعت إلى ض ـ ــرورة‬ ‫االدبيين لموضوعات تخصصاتهم ومشاكلها ومناهجها‬
‫دراسـ ــة الظاهرة االدبية وتاريخها بالنظر إلى االنساق‬ ‫واهدافها؟‪ ،1‬وليس المقصود بالمقاربات الجديدة‪ ،‬تلك التي‬
‫الم ـ ــتعددة‪ 2‬الــتي ْتح ُكمها وتتعالق ضمنها‪ ،‬وقد انبثق هذا‬ ‫صارت معهودة مثل البنيوية‪ ،‬والتفكيكية‪ ،‬وجمالية التلقي‪،‬‬
‫المفهوم »تطويرا وتنويعا للمنظور النسقي الذي يظهر بانه ال‬ ‫بل المقصود هي الدراسات الثقافية االجتماعية‪ .‬فقد بات من‬
‫يقوى على اإلحاطة بالظاهرة االدبية في تعالقاتها المختلفة‬ ‫المؤكد في السنوات االخيرة ان هناك دعوات كـثيرة إلعادة‬
‫والتي لها نسقها الخاص‪ ،‬ويدعي هذا المنظور بانه يسعى إلى‬ ‫النظر في المنهج الذي ُتدرس به النصوص االدبية فضال عن‬
‫اإلمساك بكل المكونات االساسية والفرعية‪ ،‬والمركزية‪،‬‬ ‫الظاهرة االدبية وتاريخ االدب‪ .‬بالنسبة للنصوص فقد صار من‬
‫والهامشية‪ ،‬التي تكون االدب وتاريخيه « ‪.6‬غني عن البيان ان‬ ‫الجدد عزلها عن سياقاتها‬ ‫غير المالئم عند بعض الدارسين ُ‬
‫مصطلح "النسق" كان المحور الجوهري في نظرات ((دي‬ ‫الثقافية والمجتمعية وعن مجموع المتفاعلين معها‪ ،‬قبوال‪ ،‬او‬
‫سوسير)) اللغوية‪ » ،‬فاللغة ‪-‬في تصوره‪ -‬نسق ال يعرف إال‬ ‫رفضا‪ ،‬طباعة او نقال‪ ،‬قراءة او إهماال‪.‬‬
‫ٌّ‬
‫سيميائي يقوم على اعتباطية‬ ‫طبيعة نظامه الخاص‪ ،‬وهي نسق‬ ‫اما عن الظاهرة االدبية الثاوية ضمن دراسات التاريخ‬
‫العالمات‪ ،‬وال قيمة لالجزاء إال ضمن الكل‪ ،‬فجاراه كـثير من‬ ‫االدبي‪ ،‬فقد تراكمت العديد من الدراسات التي ُت ِّلح على ضرورة‬
‫البنيويين في هذا الشغف بالنسق حتى اطلق فوكو على جيله‬ ‫تناولها بالدراسة‪ ،‬بكل مكوناتها المتعالقة بدل التوجه إلى‬
‫اسم ((جيل النسق)) « ‪.7‬‬ ‫دراسة النصوص مفردة‪ .‬ال سيما بعد ان اصبح» يقال في درس‬
‫اوال‪:‬دور الشكلنيين الروس في تاسيس مفهوم‬ ‫النص االدبي الواحد المتناقضات‪ ،‬ويبدو ان هذا التناقض قد‬
‫النس‬ ‫كان من االسباب التي دعت بعض الباحثين المحدثين‪ ،‬إلى‬
‫غني عن البيان ان مفهوم تعدد االنساق‪ ،‬انبثق اصال‬ ‫ان يتجهوا بابحاثهم إلى نواح اخرى في درس االدب لم تلق‬
‫من مفهوم النسق‪ 3‬الذي طوره الشكالنيون الروس‪ ،‬فلقد‬ ‫حظها من العناية لدى اصحاب االتجاهات السابقة «‪ ،0‬ونعني‬
‫اخذوا» على عاتقهم وصف النسق‪ ،‬ثم تحليل عناصره‬ ‫باصحاب االتجاهات السابقة‪ ،‬االتجاه التاريخي‪ ،‬واالتجاه‬
‫تشكل نسقه‪ ،‬من خالل‬ ‫البنيوية‪ ،‬واستنباط القوانين التي ِّ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬واالتجاه النفسي‪ ،‬بل وحتى البنيوي‪ .‬ومن ثم‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪270‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫للتطور االدبي‪ ،‬ميز بين الواقعة‪ /‬الحادثة ‪/‬الظاهرة االدبية‬ ‫الوقوف على العالقات القائمة بين عناصره«‪ .2‬وقد قام‬
‫واالدب‪« ،‬وراى انه من الصعب وضع تعريف لالدب في حين‬ ‫الشكالنيون بدراسات نصية عديدة عبر تاريخ االدب‪،‬‬
‫يمكن وضع تعريف للحدث االدبي في كل عصر‪ ،‬ويقوم هذا‬ ‫وجعلتهم يقعون على مجموعة من العناصر التي تتكرر وتط ِّـرد‬
‫التمييز على ما هو وصفي وما هو وظيفي‪ ،‬فالوصفي هو الذي‬ ‫في العديـد من االعمـال االدبية مما دفعهم إلى القول بنسقية‬
‫يتطلب تجربة مباشرة‪ ،‬وإدراكا بسيطا‪ ،‬بينما يتجاوز الوظيفي‬ ‫االدب‪ ،‬وصار لهم مفهومهم الخـاص حول تطـور االدب‪،‬‬
‫ذلك اإلدراك البسيط»‪ ،17‬وعليه‪-‬حسب تينيانوف‪ -‬فإن‬ ‫قادحيـن بذلك فيما نعتـوه بالتاريخانية البيدائيـة‬
‫الظاهرة االدبية او الحدث االدبي مرتبط بالنسق االدبي‪ « ،‬اما‬ ‫‪ ،12 Historicisme primitife‬والتي تعتمد على المناهج»‬
‫االدب فال يمكن ان يشكل اي نسق‪ ،‬ولهذا يستبعد بعض‬ ‫التقليدية القائمة على النقد التاريخي والفيلولوجي للنصوص‪،‬‬
‫المفاهيم التي ظلت لصيقة بتاريخ االدب‪ ،‬مثل المؤثرات‬ ‫او على علم نفس الملكات اإلنسانية‪...‬واالقتباس من تاريخ‬
‫والتقاليد‪...‬فالتطور االدبي حسب تينيانوف‪ ،‬ال يرادف تلك‬ ‫الحركات االجتماعية ومن تاريخ االفكار«‪ ،11‬وكنتيجة لهذا‬
‫التحوالت التي تطرا على جملة من الوظائـف التي تشكل نسق‬ ‫المنظور فقد رفضوا البيوغرافيا‪10‬االدبية التقليدية كاساس‬
‫العمل االدبي‪ ،‬فمثل هذه التحوالت تحصل داخل النسق‬ ‫لتفسير العمل االدبي‪ ،‬والتي كان معموال بها بشدة في تواريخ‬
‫العام لالثر االدبي»‪ ،13‬ويرى الباحث احمد بوحسن ان‬ ‫االدب التي برزت للوجود في الربع االول من القرن العشرين‪،‬‬
‫تينيانوف بهذا التصور قد طبق على االدب ما طبقه دو سوسير‬ ‫كما رفضوا كل ميتافيزيقا ادبية؛ فهذا اديب ُ"ملهم" وهذا‬
‫على اللغة‪ ،12‬حيث ميز بين اللغة والكالم‪ ،‬وخلص إلى نسق‬ ‫ُ"موحى إليه" وهذا "عبقري فذ"‪ ،‬وما إلى ذلك من التفاسير‬
‫اللغة الذي يحكم فعلها‪ .‬وان مقاربته‪-‬اي تينيانوف‪-‬قريبة من‬ ‫الماوراء طبيعية‪ ،‬ورفضوا ايضا سلطة المرجع في التاويل‬
‫نظريات كوفكا الذي ميز بين المفاهيم الوصفية والوظيفية‪،‬‬ ‫وإعادة اإلنتاج‪ ،‬واخيرا رفضوا المدارس الرمزية وتاويلها‬
‫وإرنست ا‪ ،Ernst A.cassirer.‬الذي ميز بين المادة والوظيفة‪.‬‬ ‫لالعمال االدبية‪ .13‬ولعل هذا ما يطلع عليه الدارسون في‬
‫«كما يمكن ان يكون التقليد الهيجلي ‪ Hegelianism‬قد قاد‬ ‫النصوص التي ترجمها تزفيتان تودوروف‪Tzvetan Todorov‬‬
‫المثقفين الروس إلى إدراك االدب على انه تراتب دينامي‪،‬‬ ‫ضمن كـتابه ((نظرية االدب)) ‪Théorie de la littérature‬‬

‫وصراع مستمر للهيمنة بين االفراد والجماعة‪ ،‬وقدشخص‬ ‫عام‪.14 1262‬‬


‫تينيانوف هذه الدينامية الداخلية للبنيات االدبية كمظهر مميز‬ ‫وم ــن اهم اعمال الشكالنيين الروس التي اهتمت‬
‫لالدب‪ ،‬فاالدب عنده تركيب كالمي ُيدرك كما ُيدرك البناء‬ ‫‪12‬‬
‫بدراسة النسق االدبي نجد اعمال يوري تينيانوف ‪Yuri‬‬
‫تماما‪ ،‬اي ان االدب هو بناء دينامي‪ .‬وقد اهتدى تينيانوف إلى‬ ‫‪ )tynyanove (1943-1894‬وبوريس إيخنباوم ‪Ejchenbaum‬‬
‫مفهوم يحرك هذه الدينامية كلها‪ ،‬وهو مفهوم ((المهيمن))‬ ‫‪« ،)Boris (1959-1886‬فالنسق في تصورهما اولية من‬
‫الذي يعطي لالدب تناغمه الخاص» ‪.02‬‬ ‫الذرية‪...‬بيد ان‬
‫اوليات النظرية االدبية‪ ،‬النه يجابه النزعة ِّ‬
‫ومن المفاهيم االساسية للشكالنيين عن "التطور‬ ‫تينيانوف كان يميز بين النسق من جهة وبين مبدا البناء او‬
‫االدبي"‪ ،‬مسالة التمييز بين "شكل" و"وظيفة" االدب‪،‬‬ ‫اإلجراء (‪ ،)Procedé‬وهو ما اضفى على مقاربته البعد النسقي‪،‬‬
‫فالدوال االدبية (االشكال) منبعها اللغة اليومية مثل (اكل‪،‬‬ ‫النه كان يعتقد بان النسق كـفيل بتطبيقه على العديد من‬
‫شرب‪ ،‬نام‪ ،‬درس‪ ،‬خرج‪..‬إلخ)‪ ،‬غير ان هذه االشكال‬ ‫انظمة الوقائع» ‪ ،16‬ومن ضمنها الظاهرة االدبية او الحوادث‬
‫المتداولة‪ ،‬تنتظم داخل إطار االدب فتحوز وظائـف ادبية‬ ‫سلمة‪ ،‬ان هناك "نس نموذج"‬ ‫االدبية‪ .‬وقد جابه تينيانوف ُم َّ‬
‫(مدلوالت ثانية)‪ ،‬وتتركب فيما بينها عبر مستويات مختلفة‪،‬‬ ‫لحقبة ادبية ما‪ُ ،‬ويطبق‪-‬اي النسق النموذج‪-‬اليا على بقية‬
‫و«ضمن هذا المنظور تتناوب االشكال وتتعاقب‪ ،‬ال من‬ ‫الحقب االدبية االخرى‪ ،‬دون مراعاة الوجه التباين بينها‪،‬‬
‫خالل ضرورة اإلحاطة بحقائق جديدة بل السباب مالزمة‬ ‫ولعل من مخاطر هذه النظرة‪ ،‬انها تهمل الخصوصيات‬
‫لالشكال ذاتها التي تنحط وتتالشى»‪ ،01‬ويصبح تاريخ االدب‬ ‫النسقية لكل حقبة ادبية‪ .‬وحرصا منه على إعطاء مفهوم خاص‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪271‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫فكرية او فنية تفترض مفهومين‪ :‬مفهوم له عالقة بالممارسة‬ ‫حسب تينيانوف هو »تاريخ لالشكال االدبية‪ ،‬والذي يسميه‬
‫ذاتها‪ ،‬ومفهوم اخر يتعلق بوضع تلك الممارسة في تعالق‬ ‫جيرار جنيت‪ Gérar Genette00‬تاريخ الشفرات االدبية‪،‬‬
‫معين‪ ،‬سواء فيما بينها او بين امور خارجة عنها‪ .‬لذلك ال بد‬ ‫ويدعوه ويليك‪ Wellek‬ووارين ‪ Warren‬تاريخا لالدب‬
‫من التمييز بين المفاهيم التي لها عالقة مباشرة بالممارسة‬ ‫باعتباره فنا‪ ،‬ويعرفه غولدمان ‪ Lucian Goldman‬باعتباره‬
‫االدبية‪ ،‬من خالل تجارب النصوص والممارسة التي ُتدخل‬ ‫تاريخا بنيويا تكوينيا‪ ،‬ويراه هانز روبير ياوس ‪Hans Robert‬‬

‫تلك النصوص او التجارب‪ ،‬في عالقة غير مشروطة بها »‪.06‬‬ ‫‪ Jauss‬من زاوية تاريخ تلقي االعمال االدبية‪ ،‬فيما َيعتبره‬
‫تاسيسا على ما سبق‪ ،‬بدا ان الشكالنية الروسية‪ ،‬قد‬ ‫ميكائيل ريفاتير‪ Michael Reffatere‬تاريخا لقراءة االعمال‪.‬‬
‫فتحت الباب للتعاطي مع االدب من مبدا "النسق" وال سيما‬ ‫إن القاسم المشترك بين كل هذه المحاوالت التنظيرية هو‬
‫اعمال تينيانوف‪ ،‬وإيخنباوم وياكبسون‪ ،‬ثم تطور هذا التصور‬ ‫االهتمام بالعمل واالعمال االدبية‪ ،‬باعتبارها مكانا لتنظيم‬
‫عند البنيويين‪ ،‬السيما في اعمال مدرسة براغ‪ ،‬عند يان‬ ‫تاريخي ممكن«‪ .03‬وال يسع الدراسة ان تفصل رؤى كل‬
‫موكاروفسكي ‪ Jan Mokarofski‬وفيليكس فوديكا ‪Felixe‬‬
‫هؤالء‪ ،‬فيما يتعلق بدراسة الظاهرة االدبية وتاريخ االدب‪،‬‬
‫‪ ،Vodicka‬او في اعمال ميخائيل باختين ‪Mikhalil‬‬
‫وإنما يمكن القول إنها تسعى جميعا إلى نبذ النظرة الذرية‬
‫‪ Bakhtin‬ويوري لوتمان ‪ Yuri Lotman‬بالخصوص‪ .‬باإلضافة‬ ‫وتقدس البحث عن "الكل" ضمن النسق االدبي العام الذي‬
‫إلى ما سبق‪ ،‬نجد الدراسات الحديثة لالدب التي تدرس اساسا‬ ‫يكـتنف الظاهرة االدبية‪ ،‬إلى درجة ان حدد ريفاتير للتاريخ‬
‫((الحياة االجتماعية) او ((حقل االدب)) كمؤسسة مستقلة‪،‬‬ ‫االدبي ثالثة حقول‪« :‬العالقة مع بين النصوص‪ ،‬وبين‬
‫كما عند بيير بورديو ‪ Pierre Bourdieu‬وجاك دي بوا ‪Jaque‬‬ ‫النصوص واالنواع‪ ،‬وبين النصوص والحركات االدبية‪ ،‬ثم‬
‫‪ Dubois‬وبيير زيما ‪ V.Zima Pierre‬وغيرهم‪ .‬كما افادت‬ ‫الدالالت المتغيرة للنص‪ ،‬تبعا لالجيال المتعاقبة للقراء‪ ،‬ثم‬
‫داللة النص االصلية»‪ ،‬في حين ينحو روالن بارت ‪Roland.‬‬
‫الدراسات المهتمة بجمالية التلقي والقراءة من نظرات‬
‫ساسيين لالدب‪،‬‬‫‪ Barthes‬إلى التوفيق بين المظهرين اال ْ‬
‫الشكالنية‪ ،‬وبخاصة عند هانس روبرت ياوس‪ ،‬بل نجد لها‬
‫امتدادا متطورا في الدراسات التي تبحث في تاريخ االدب‪،‬‬ ‫(المؤسسة) و(اإلبداع)‪ .‬يكـتب بارت في هذا السياق‪ « :‬إذا ما‬
‫مثل اعمال إيثمار إيفن زوهار ‪ ، Etman Even Zohar‬كل‬ ‫ُرمنا كـتابة التاريخ االدبي‪ ،‬تنازلنا حتما عن ((راسين)) الفرد‪،‬‬
‫هذه الدراسات اهتمت بمفهوم "تعدد االنساق"‪.‬غني عن‬ ‫وانتقلنا طوعا إلى مستوى الطرائق الفنية والقواعد والطقوس‬
‫البيان ان الكـثير من المجاالت المعرفية‪ ،‬قد تناولها الدراسون‬ ‫والذهنيات الجماعية‪ ،‬اما إذا رمنا المكوث في ((راسين)) في‬
‫في السنوات االخيرة‪ « ،‬من منظور نسقي كالثقافة واللسانيات‬ ‫شكل من االشكال إن صح التعبير‪ ،‬وباختصار في االنا‬
‫واالنتروبولوجيا وعلم النفس والتاريخ وعلم االجتماع‪ ،‬كما ان‬ ‫الرسيني فإن علينا ان نقبل اكـثر المعارف تواضعا وقد صارت‬
‫الفنون مثل التشكيل والمعمار والرقص‪ ،‬نالت حظها من هذه‬ ‫نسقا‪ ،‬واكـثر النقد حذرا وقد اكـتشف نفسه كائنا ذاتيا وتاريخيا‬
‫الدراسة باشكال متفاوتة» ‪ ،07‬مما يؤكد على هيمنة مقولة‬ ‫تماما»ً‪. 04‬‬
‫((النسق))‪ ،‬و((تعدد االنساق)) ‪.‬‬ ‫وت ــعرف الدراسات البنيوية "النسق" بانه‪« :‬مجموعة‬
‫من العناصر المتفاعلة فيما بيـ ـن ــها» ‪ ،02‬وباعتبار ان هذا‬
‫ثانيا‪ :‬مقاربة نسقية للدراسات االدبية‬
‫التعريف مستوحى من الحياة المادية الفيزيائية‪ ،‬فإنه قد‬
‫اشارت الدراسة فيما سلف‪ ،‬ان كل التصورات التي‬ ‫ينسحب على انساق اخرى غير مادية‪ .‬ومن ثم شاع مفهوم‬
‫تعاملت مع الظاهرة االدبية من منظور النسق‪ ،‬قد تاسست‬ ‫النسق وتعدد االنساق في العديد من الحقول المعرفية التي‬
‫على منظومة المفاهيم الشكالنية‪ ،‬باإلضافة إلى ما استحدثته‬ ‫تتشكل من عناصر عديدة‪ ،‬بينها عالقات وتفاعالت‪ .‬ولقد‬
‫البنيوية فيما بعد‪.‬ثم انبنت مشاريع نقدية كـثيرة‪ ،‬استهدفت‬ ‫انتقل مفهوم النسق من الدراسات العلمية الدقيقة إلى‬
‫البحث فيما يسمى بــ((الكل النسقي))‪ ،‬وكل الفعاليات‬ ‫اللسانيات وإلى العلوم االجتماعية واإلنسانية بل انتشر اكـثر‬
‫اإلنسانية بما فيها االدب‪ ،‬الشك انها تشكل في ذاتها نسقا‬ ‫في الدراسات االدبية في العقود االخيرة‪ «،‬فكل ممارسة نظرية‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪272‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫واقتصادية وسياسية وعلمية‪ ،‬وان كل مكون يتفرع إلى‬ ‫فرعيا يتفاعل ويتعالق مع انساق مجتمعية اخرى‪ ،‬قد تكون‬
‫اجزاء‪ ،‬وان كل جزء يتشعب إلى عناصر‪ ،‬ومكونات النسق‬ ‫مشابهة له او مخالفة له‪ ،‬ضمن نسق كلي وينبثق هذا التصور‬
‫واجزاؤه وعناصره متفاعلة ومتعالقة وذات وظائـف‬ ‫من الفكرة القائلة إن «النظريات العلمية مثل النظريات‬
‫وغايات‪...‬كما تبنى المقاربة النسقية والعقدية واالجتماعية بما‬ ‫االدبية والثقافية تشييدات اجتماعية‪ ،‬وإن اإلبداالت العلمية ال‬
‫تعنيه من دعوة إلى اإلصالح بالحكمة والموعظة والحوار‬ ‫توجد في فضاء مثالي هو ما فوق الثقافة او ما بعدها‪ .‬إنها جزء‬
‫والمسامحة«‪ .36‬ويصل مفتاح إلى بيت القصيد من هذه‬ ‫من ثقافتها‪ ،‬وهي ُتضاعف منها ُوتعززها في ا ٍن واحد» ‪.03‬‬
‫القراءة النسقية قائال‪ »:‬إن هذا التوجه النسقي لدى عالل‬ ‫فاإلطار االوحد الذي يشمل كل هذه التفاعالت البشرية ا ًّيا‬
‫الفاسي‪ ،‬يفترض فهم شعره بفكره«‪.37‬‬ ‫كان شكلها‪ ،‬هو إطار الثقافة بكل ما تحمله الكلمة من دالالت‬
‫إذا هي قراءة نسقية شاملة‪ ،‬من اجل فهم بعض الجزء‬ ‫واسعة‪ ،‬يستحيل حصرها في جانب او فاعلية معينة‪.‬‬
‫من هذا الكل الشامل‪ ،‬إذ ال سبيل لفهم هذا الجزء االدبي‪/‬‬ ‫الواقع ان مفهوم تعدد االنساق‪ ،‬قد فرض نفسه‪،‬‬
‫الشعري إال ضمن نسق الكل‪ ،‬او ضمن تعدد االنساق‬ ‫وابان عن جدواه في الدراسات التي ال تتاسس على نسق‬
‫المتعالقة والمتفاعلة‪.‬‬ ‫واحد‪ ،‬او ان النسق الواحد ال يالئم هذا االتجاه في الكشف‬
‫ومن اال ليات االساسية للمقاربة النسقية انها تركز على‬ ‫عن ديناميته الكلية‪ ،‬الناتجة عن تفاعالت عناصره واجزائه‬
‫استكناه التفاعل ‪ Interaction‬الذي يحدث بين عناصر النسق‬ ‫التي تنتظم‪ ،‬ومن ثم ظهرت مفاهيم نسقية كـثيرة «مثل‬
‫المتعدد في ذاته‪ ،‬واالنساق المتعددة ايضا‪ ،‬هذا فضال عن‬ ‫التراتب والتدرج واالتصال واالنفصال‪ ،‬والتشعب‪ ،‬والتناظر ‪،‬‬
‫فكرة التعالق واالنتظام في تحليل الثقافة واالدب بما هو جزء‬ ‫والتشابه والقرابة‪ ،‬والتنظيم‪ ،‬والتنظيم الذاتي‪ ،‬والفوضى‬
‫ال يتجزا من الثقافة ككل‪ .‬ومن هذه الدراسات التي تبنت‬ ‫واالختالل‪ ...‬في تحليل النصوص االدب ــية والثق ـ ــافات‬
‫منظور االنساق المتعددة‪ ،‬نجد دراسة رائدة لسعيد يقطين‪،‬‬ ‫ال ـ ــمختلفة‪ ،‬مـ ـ ــن اج ـ ــل رص ـ ـ ــد ج ـ ــوانب ال ـ ــثبات وال ـ ـت ــحول‪،‬‬
‫بعنوان‪" :‬االدب والمؤسسة والسلطة"‪ ،‬درس فيها الظاهرة‬ ‫االستمرار والقطيعة‪02‬و كذا اكـتشاف اال ليات والقوانين‬
‫االدبية في تعالقاتها وتفاعالتها مع سائر االنساق الثقافية‬ ‫المتحكمة فيها»‪ .32‬وكنموذج عن هذا المسلك‪ ،‬تستوقفنا‬
‫االخرى‪ ،‬والباحث لم َي ِّس ْم دراسته في العنوان بانها "نسقية"‪،‬‬ ‫دراسة لمحمد مفتاح حينما درس الثقافية المغربية موظفا‬
‫لكن المطلع على الكـتاب يالحظ بجالء انها كرست مبدا‬ ‫مفاهيم شمولية‪ ،‬معتبرا انها اثبتت جدواها في مجاالت‬
‫النسق وتعدد االنساق في الدراسة‪ ،‬وقد فتح الباحث كـتابه‬ ‫اجتماعية وإنسانية كـثيرة‪ ،‬ومن ثم «امكن إيجاد صلة وصل‬
‫بتساؤالت تنم عن ذلك ضمن عنصر "التاريخي واالدبي"‪،‬‬ ‫بين مختلف المجاالت والنظر إلى االنسان وفعاليته في وحدة»‬
‫يقول‪» :‬كيف يمكن ان نتصور إنتاجا ادبيا ما دون ان يكون‬ ‫‪ .31‬وقد انطلق مفتاح من منظور ان» النسق عبارة عن عناصر‬
‫هذا االنتاج متصال اتصاال وثيقا بالمسالة الثقافية‪ ،‬ودون ان‬ ‫مترابطة متفاعلة متمايزة‪ ،‬وتبعا لهذا فإن كل ظاهرة او شيء ما‬
‫يكون على ارتباط بالمجتمع في مختلف صوره واشكاله‪ ،‬اي‬ ‫يعتبر نسقا ديناميا‪ ،‬والنسق الدينامي له دينامية داخلية‬
‫دون ان يكون (( مؤسسا)) على ما لإلنتاج الفني واالدبي او‬ ‫ودينامية خارجية‪ ،‬تحصل بتفاعله مع محيطه «‪ 30.‬كما نجده‬
‫على صلة بالمجتمع في واقعه وصيرورته؟ وكيف يمكن لنا ان‬ ‫يكرس هذا المنظور النسقي في قراءته لفكر وجهود عالل‬
‫نتخيل هذا التصور الفني او االدبي بدون ان يكون له تاريخه‬ ‫الفاسي(‪ ،33)1274-1212‬طمعا في فهم شعره‪ ،‬حيث انطلق‬
‫الذي هو جزء من تاريخ المجتمع الذي ينتمي إليه «‪ .33‬وذهب‬ ‫نسقي بامتياز‪ ،‬ويستدل على ذلك‬ ‫من فرضية ان فكره ٌّ‬
‫الكاتب إلى ضرورة ان تتكـفل مؤسسة ما باالدب‪ ،‬ترعاه ُوتمده‬ ‫بمجموعة من االقوال لعالل الفاسي‪34‬من كـتابه "النقد‬
‫بالقيم‪ ،‬وتوجه ماربه ومقاصده‪ ،‬بل وتنقده‪ ،‬وتنشره وتذيعه‬ ‫الذاتي"‪ ،‬ليخلص بعد مجموعة من المقوالت من كـتاب الفاسي‬
‫في اوساط الناس‪ ،‬وتهتم بالمبدعين والمتلقين على السواء‪.‬‬ ‫إلى »ان تفكير عالل الفاسي كان نسقيا‪ ،‬بل إنه كان يتبنى‬
‫بل وتتضافر هذه المؤسسة المجتمعية الثقافية مع السلطة‬ ‫المنهاجية النسقية بوعي وبقصد وإصرار‪...‬ما جاء في اقواله‬
‫السابقة‪ 32‬يفرع النسق إلى مكونات ثقافية واجتماعية‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪275‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫وبجمهور القراء‪ .‬غير انها تشهد اختالفا في مراعاتها بين‬ ‫ثقافي او ادبي‪ ،‬باالعتماد على الصحافة‬ ‫ٍ‬ ‫عام‬
‫لخلق راي ٍ‬
‫ْ‬
‫النسقين يحدد‪،‬‬ ‫الكـتاب‪ ،‬من عصر إلى اخر‪ .‬فالصراع بين‬ ‫والجامعة‪ ،‬وسائر المؤسسات اإلعالمية االخرى‪.32‬‬
‫باشكال متفاوتة‪ ،‬تراتبية الكـتاب واالجناس االدبية في حقبة‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬ومن اهم االطروحات الغربية التي‬
‫ادبية معينة‪ ،‬من خالل رصد انواع الصراعات والتعالقات‬ ‫انبثقت من منطلقات مجتمعية وثقافية‪ ،‬نجد اطروحة‬
‫الموجودة بينها‪ ،‬سواء على مستوى اإلنتاج او التلقي وهذا‬ ‫نيكالس لومان ()‪ ،1234 Niklas Luhmann‬الذي يؤكد انه‬
‫يفترض ايضا ان يتحول الكاتب إلى ناقد ومستهلك في الوقت‬ ‫على علم االجتماع ان يستند إلى نظرية للنسق من اجل تفسير‬
‫ذاته‪ ،‬او ان يكون النص ادبيا او غير ادبي‪ ،‬تخيليا ام ال«‪،44‬‬ ‫ظاهرة ما‪ 42.‬ويرى الباحث بوحسن ان من فوائد التعامل مع‬
‫وكان مفهوم تعدد االنساق يصدر عن التوتر الحاصل عبر كل‬ ‫االدب من منظور نسقي‪ ،‬انه» يجعل الباحث في االدب‬
‫االزمنة والعصور ‪ ،‬بين اإلطار الثقافي الرسمي لالدب واإلطار‬ ‫العربي وتاريخه بخاصة‪ ،‬قد ينتهي إلى االنساق االصلية االولى‬
‫غير الرسمي الذي ال تحكمه مؤسسة وال قانون وال ميثاق‬ ‫التي تحكم هذا االدب في الزمان والمكان‪ ،‬كما يمكن ان‬
‫مجتمعي‪ ،‬مما ُيحيلنا للحديث عن مسالة الهامش والمركز‪،‬‬ ‫تؤدي به إلى االنساق الفرعية او الثانوية التي تصاحب‬
‫االولي والثانوي‪ ،42‬االساسي وغير االساسي‪ ،‬النمط االول‬ ‫باستمرار ذلك النسق االولي‪ ،‬ولكنها تبقى دائما في‬
‫والنموذج االساس‪ ،‬واالنماط الفرعية التي تحوم حول هذا‬ ‫الهامش«‪ .41‬وهذا ما يتيح تقديم تاويالت اكـثر عمقا للدينامية‬
‫النمط‪ ،‬وتحتكم بقوانينه وضوابطه‪ ،‬بل وتقاليده‪ .‬ولعل هذا‬ ‫الفكرية والفنية التي امتازت بها مدونة تاريخ االدب العربي‪.‬‬
‫ما حصل لتواريخ االدب العربي كمدونة تاريخية ادبية‪ ،‬حينما‬ ‫ثالثا‪ :‬نماذج من نظرية االنساق في االدب‬
‫صار النمط االول الذي يحتكم بمنهجه وقوانينه هو نمط‬
‫من بين اهم االبحاث التي اشتغلت بعمق على منظور‬
‫التاليف االوربية التي ارتضت التحقيب السياسي والحضاري‪،‬‬
‫تعدد االنساق‪ ،‬نجد‪ ،‬النماذج (‪ )Modèles‬التالية ‪:‬‬
‫فسار على هذا النمط عديد المؤلفين العرب وقبلهم‬
‫‪Carl‬‬ ‫المستشرقين‪ ،‬وعلى راسهم "كارل بروكلمان"‬ ‫‪-1‬نموذج تعدد االنساق‪ :‬ايثمان ايفن نوهار‬
‫‪.Brockelmann‬‬ ‫‪Itamar Even-Zohar‬‬

‫إذا وحسب المنظور النسقي‪ ،‬قد» يكون لنمط ادبي‬ ‫ً‬ ‫يعد نموذج ((إيثمان إيفن زهر)) من ابرز النماذج في‬
‫مقنن واحد‪ ،‬ولتقاليده الغلبة على االنماط االدبية االخرى‪،‬‬ ‫دراسة االدب من وجهة نظر نسقية‪ ،‬حيث تناول هذا المنظور‬
‫وهذا ما يفكر فيه تاريخ االدب من منظور تعدد االنساق‪ ،‬كما‬ ‫في كـتابه "مقاالت في الشعرية التاريخية" سنة ‪ ،1272‬فقد‬
‫تفترض العالقة المركزية والهامشية‪ ،‬سواء في المستوى‬ ‫فكر إيثمان إيفن زوهار في االدب وتاريخه وكذلك الترجمة‬
‫المقنن او غير المقنن‪ .‬وهذه العالقة تسمح بمالحظة اكـثر من‬ ‫واالدب المقارن‪ ،‬ال من منظور النسق الواحد فقط‪ ،‬وإنما من‬
‫مركز واحد‪ ،‬او هامش واحد داخل كل نسق«‪ ،46‬من ذلك‬ ‫منظور االنساق المتعددة ‪( )Polysystème‬او تعدد‬
‫مثال االدب العربي‪ ،‬الذي كان له عدة مراكز واحد في المشرق‬ ‫االنساق‪. 40‬وقد استند إيفن زوهار إلى »الشكالنيين الروس‬
‫واخر في المغرب‪ ،‬واخر في االندلس‪ ،‬غير ان نمط المشرق‬ ‫ليطرح ان فرضية اإلنتاج االدبي‪ ،‬هي تعدد انساق ونسق‬
‫كان هو المهيمن‪ ،‬وكانت بقية المراكز تتعالق معه وتتفاعل‪،‬‬ ‫انساق«‪ .43‬ومن اهم القضايا التي تناولها في كـتابه‪ ،‬ذات‬
‫في دينامية ثقافية وادبية واسعة الحدود والمجاالت‪ .‬وتبقى‬ ‫العالقة بموضوع تعدد االنساق‪ ،‬قضية العالقة بين االنساق‬
‫اهم مسالة عند إيفن زوهار ضمن مسالة ثنائية المستوى‬ ‫االولية‪ ،‬والثانوية‪ْ ،‬‬
‫ووجه النزاع‪/‬التعارض بينها‪ ،‬بين االدب‬
‫االولي والثانوي هي» مدى المقبولية للعناصر الجديدة في‬ ‫شرع الموافق لالصول ‪ Canonique‬واالدب غير المشروع‬ ‫ال ُـم َّ‬
‫السجل المغلق المحافظ«‪ ،47‬اي السجل المركز‪ /‬النمط‬ ‫وكل من ا ْ‬
‫لنسقين‬ ‫المخالف لالصول ‪ٌّ ،non canonique‬‬
‫االول ‪ /‬االساس‪ .‬ويرى الدارسون‪ 43‬ان منظور إيفن زوهار‪،‬‬ ‫يحتوي على» انساق فرعية‪ .‬إن هذا التمييز يكشف عن وجود‬
‫يدعو إلى مبدا تداخل االختصاصات ‪Interdisciplinarités‬‬ ‫عدد من القوانين والقوالب التي تتحكم في تداول االدب في‬
‫باعتبار انه يدعو لإلحاطة بالكيفية التي تتفاعل وتترابط بها‬ ‫عالقته بالمؤسسات (الدولة‪ /‬القانون‪ /‬االعراف‪ ،‬الدين)‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪271‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫تتطابق العناصر الخالقة االولية والعناصر المحافظة جدا‬ ‫هذه االنساق‪ ،‬وهذه ال تتاح للدارس إال باالعتماد على مبدا‬
‫والعناصر الثانوية؟ ويبقى االساس الذي يحكم مثل هذه‬ ‫تعدد االختصاصات‪ .42‬وحسب كليمان موزان‪ ،‬فإن العمل‬
‫االسئلة الدقيقة هو البحث عن نسق االنساق الذي يتحكم في‬ ‫بمنظور تداخل االختصاصات يستوجب على الباحث النسقي‪،‬‬
‫‪22‬‬
‫الظاهرة االدبية‪ ،‬عبر سيرورتها داخل حقبة زمنية مؤطرة بذلك‬ ‫إحاطة شاملة بحالة النسق االدبي في تاريخية معينة‪.‬‬
‫النسق المتعدد«‪.24‬‬ ‫بمعنى النظر إلى النسق بوصفه ظاهرة فريدة مقارنة مع بقية‬
‫وباعتبار ان هذه النظرية إليفن زوهار قد استفادت من‬ ‫االنساق الثقافية واالجتماعية االخرى‪ ،‬ومن ثم تبين هل‬
‫العديد من االختصاصات والنظريات‪ ،‬فهي ً‬
‫إذا تركيبة من عدة‬ ‫النسق مركز (‪ )centre‬او على الهامش (‪.21)périphérie‬‬
‫انساق معرفية في إطار ما يسمى ب ـ ((نسق االنساق))‪ ،‬فهي‬ ‫ومن اهم الجوانب التي استرعت انتباه الدارسيـن‪،‬‬
‫ليست اصيلة بل هي تركيب من تصورات الشكالنية والبنيوية‬ ‫((السجل))‪ ،‬وهي فكرة‬
‫عن نظرة إيــفن زوهار‪ ،‬هو تبنــيه فـكرة ِّ‬
‫والسيميائية والثقافية واالجتماعية‪ .‬وقد اعترض بعض النقاد‬ ‫جديدة اعتمدت عليها العديد من الدراسات النسقية‪ ،‬سواء‬
‫على هذه النظرية بسبب هذا التعدد النظري واإلجرائي‬ ‫اتعلق االمر في حقل السيميائة ام في حقل جمالية التلقي‪ ،‬ام‬
‫ولبوسها هذا الطابع التكاملي‪ ،‬حيث تساءل‬ ‫الترجمة ام الدراسات المقارنة‪ .‬والسجل هو ما تنصهر فيه ذاكرة‬
‫"ويسغربر"‪ :Weisgerber Jean‬اال يمكن يؤدي هذا التعدد‬ ‫الفرد والجماعة‪ ،‬به يتواصل الفرد مع جماعته‪ ،‬سواء اسبقته‬
‫من المناهج إلى التناقض؟ وما العمل إذا تجمعت داخل‬ ‫ام عاصرته‪ ،‬وبه تتواصل الجماعة مع افرادها في اي مكان او‬
‫العمل الواحد‪ ،‬تقنيات متعارضة في مبادئها؟‪ 22‬ويجيب‬ ‫زمان كانوا‪ .‬ويخضع هذا ال ِّسجل إلى االنغالق او االنفتاح‪ ،‬إلى‬
‫حسن الطالب على هذا االنشغال قائال‪ »:‬لكن الباحث سرعان‬ ‫اال كـتمال والنمو‪ ،20‬وهو نوعان‪ :‬سجل إستاتيكي‪ ،‬محافظ‪،‬‬
‫ما يخفف من حدة االعتراض إذا ما قيم‪ ،‬في نظره‪ ،‬بخلق‬ ‫ثابت وقار‪ ،‬وسجل متجدد يسعى دائما للبحث عن وضع‬
‫جدلية بين المستويات المتعارضة (المظهران التعاقبي‬ ‫سجل جديد له‪ .‬وقد رات النظرية ان االدب االولي الرسمي‪،‬‬
‫والتزامني مثال) فضال عن ان النظرية تتوقع دوما ان يتزامن‬ ‫سجل متجدد على الدوام‪ ،‬يفرض مصطلحاته ورؤاه ونمطيته‬ ‫ِّ‬
‫داخل النسق الواحد‪ ،‬وجود مظاهر متعددة كالنظام‬ ‫على بقية االنساق‪ ،‬في حين ان السجل الثانوي هامشي‪،‬‬
‫والفوضى‪ ،‬الثبات والتحول‪ ،‬والتنوع والوحدة‪ ،‬والكشف عن‬ ‫جامد ال ينتج سجال جديدا للنسق‪ .‬وبالتالي ابعد» دوره في‬
‫الوظائـف الدينامية التي تحدد تراتبية هذه المستويات في‬ ‫الدروة النسقية التي تصوغ التاريخ االدبي وقوانينه‬
‫فهما افضل الستغالل النسق وسيرورته‬ ‫النسق هو الذي يتيح ً‬ ‫وجماليته«‪ ،23‬ومن ثم تم التوجه إلى التعامل مع النص‬
‫داخل مجتمع ادب معين«‪ .26‬وحينئذ يمكن القول‪ ،‬إن‬ ‫االدبي بناء على قيمته ضمن نسق تاريخ االدب‪ ،‬وبالنظر إلى‬
‫االستغالل التركيبي لعديد اإلجراءات‪ ،‬بات السمة الجلية في‬ ‫المكانة التي يحوزها في خلق دينامية ضمن النسق العام‪» .‬‬
‫الدراسات االدبية النسقية الحديثة‪ ،‬طمعا في استكشاف‬ ‫وهكذا لم يتم التعامل مع النصوص كانساق مغلقة بل تم‬
‫((نسق االنساق)) في كل ظاهرة ادبية‪.‬‬ ‫التوجه إلى تطوير مفاهيم السجل االدبي نفسه‪ ،‬فظهرت بعض‬
‫‪-2‬نموذج تشييد النس ‪ :‬سيغفريد شميدت‬ ‫االسئلة الدقيقة التي يمكنها ان تستوعب المفاهيم السابقة في‬
‫(‪)Siegfried Schmidt‬‬ ‫دراسة مرحلة تاريخية ادبية خاصة‪ ،‬او انواع من النصوص‪،‬‬
‫تعتمد اساسا على مفاهيم النسق وتعدد االنساق من قبيل‪:‬‬
‫لعله من اهم تمخضات نظريـ ـ ــة ((تعدد االنساق)) في‬
‫ماهي المعايير المهيمنة والمُــهيمن عليها؟ ماهي االنساق‬
‫دراسة الظاهرة االدبية‪ ،‬هـ ـ ــو بروز مفهوم التواصل االدبي‬
‫المهيمنة والمهيمن عليها؟ ماهي تراتبيات المعايير واالنساق‬
‫ضمن نموذج "تش ــييد النسق" ال ـ ـ ــذي ط ـ ــوره سيغـ ـ ــفريـ ــد‬
‫التي يمكن استخراجها؟ ماهي الظاهرة ((المؤلفون‪،‬‬
‫شميدت‪ ،)Siegfried Schmidt(27‬مع انه قبل ظهور‬
‫النصوص‪ ،‬االساليب‪ ،‬االماكن ‪ ))...‬التي تحتل وضعية مركزية‬
‫نموذجه كانت قد ظهرت عدة نظريات منها »نظرية االنساق‬
‫او هامشية؟ ماهو دور منظومة النصوص الوضعية‪-‬الميتانص‪-‬‬
‫وتعدد االنساق التي ستدمج تاريخ االدب في إطار النسق‬
‫في عالقتها بالخصوص‪ ،‬مع النصوص االدبية الخالصة؟ كيف‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪273‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫‪-1‬يجب ان يعبر عن بنية داخلية‪.‬‬ ‫االجتماعي العام‪ ،‬ونظرية التلقي التي اعترفت بتاريخية التلقي‬
‫‪-0‬يجب ان تكون له حدود قارة معترف بها من طرف‬ ‫والوقائع‪.‬كل هذه التوجهات وجدت صداها عند شميدت الذي‬
‫الفاعلين‪.‬‬ ‫يؤلف بينها‪ ،‬ويعود بالتالي بتاريخ االدب إلى المفهوم‬
‫حاول ان ِّ‬
‫‪-3‬يجب ان يكون مقبوال من طرف المجتمع‪ ،‬ويؤدي‬ ‫النسقي ويرسخ البعد التواصلي«‪.23‬‬
‫خدمة للمجتمع ال يؤديها نسق اخر‪.‬‬ ‫تجمع عديد الدراسات ان سيغفريد شميدت قد‬
‫وفضال عن نظرية االنساق العامة التي استفاد منها‪،‬‬ ‫استفاد كـثيرا من نظرية تعدد االنساق من جهة‪ ،‬كما استفاد‬
‫فإنه اخذ ايضا» من نظريات رياضية وفلسفية واجتماعية‬ ‫من الدراسات النسقية االجتماعية والسياسية من جهة‬
‫ولسانية‪ ،‬وجمالية‪...‬وانطلق من مفاهيم نظرية العمل‬ ‫اخرى‪ ،‬وقد توالت اهم ابحاثه منذ السبعينيات‪ ،‬ولعل اهمها‬
‫لسببين اثنين ذكرهما‪ :‬اولهما انه ال يمكن البحث في‬ ‫بحثه عن كـتابة (تاريخ االدب)‪ ،‬فقد ناقش فيه جل االراء‬
‫النصوص االدبية بمعزل عن االرتباط الضروري باالعمال‬ ‫الراهنة حول تاريخ االدب‪ 22‬وتندرج جهود سيغفريد شميدت‬
‫اإلنسانية وباالوضاع العامة التي انشئت فيها تلك النصوص‪.‬‬ ‫في إطار إبستيمي‪ ،‬ضمن التحوالت السياسية واإليديولوجية‬
‫وثانيهما ان نظرية العمل (‪ )Théorie de l’action‬تتجذر في‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية والعلمية‪ ،‬التي ادت »إلى إعادة‬
‫العوامل المعرفية والبيولوجية للذات اإلنسانية‪...‬واستند إلى‬ ‫النظر في الممارسة االدبية‪ ،‬واالفتراضات المسبقة للمفاهيم‬
‫نظرية االنساق العامة حيث صادر على ان المجتمع بمثابة‬ ‫االساسية عن (( االدب)) و(( التاريخ))‪ ،‬وكذلك اعيد النظر‬
‫نسق االنساق التواصلية‪...‬وباإلضافة إلى ما سبق فقد‬ ‫في المفاهيم الوسيطة بين االدب والمجتمع‪ ،‬مثل مفاهيم‬
‫استعان بنظريات تجريبية وعلمية مثل البيولوجيا والتحكم‬ ‫السببية والغائية‪ ،‬واإلبداع واالستمرار واالنقطاع والتاثير‬
‫الذاتي والذكاء االصطناعي‪ ،‬وناقش نظريات لسانية‬ ‫والتاثر‪ ،‬والبنية والتطور‪...‬هذه المفاهيم التي تحكم العالقة‬
‫وسيميائية وجمالية «‪ً .63‬إذا‪ ،‬هو نسق اجتماعي ٌّ‬
‫كلي‪،‬‬ ‫بين االدب والتاريخ والمجتمع‪ ،‬التي كانت تستمد تصوراتها‬
‫تندرج تحته مجموعة من االنساق المتباينة‪ ،‬تباين وضعها‬ ‫من مفاهيم نظرية خاصة‪ ،‬بكل مفهوم‪ ،‬ومدى تحكمه في‬
‫في المجتمع‪ ،‬وقد قام شميدت بالكشف عن فروع معمار هذه‬ ‫توجيه الممارسة االدبية«‪.62‬بيد ان من اهم كـتبه المتعلقة‬
‫االنساق‪ ،‬بما في ذلك نسق االدب‪ .‬فالنسق االجتماعي يتفرع‬ ‫بهذا الموضوع هو كـتابه" ا ُسس لدراسة تجريبية لالدب‪،‬‬
‫إلى اربعة انساق تواصلية كبرى‪ :‬هي‪ :‬نسق الثقافة‪ ،‬نسق‬ ‫مكونات النظرية االساسية" صدر سنة ‪ ،1230‬وقد قام‬
‫العلوم‪ .‬نسق االقتصاد‪ ،‬ونسق السياسة‪.‬ويتفرع نس‬ ‫شميدت بدراسة كل التصورات السابقة للنسق‪ ،‬واكـتشف ان‬
‫الثقافة إلى انساق فرعية هي‪ :‬نسق الدين‪ ،‬نسق الفن‪،‬‬ ‫معظم هذه التصورات ترجع إلى» نظرية االنساق‬
‫نسق التربية‪ .‬ويتفرع نس الفن إلى انساق فرعية اساسية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وخاصة إلى نظرية تالكوت بارسنر‪ ،‬ونيكالس‬
‫هي‪ :‬نسق الرقص (الحركة) ونسق االدب (الكـتابة)‪ .‬ونسق‬ ‫لومان ( ‪، )Talcot Parson and Niklas lumann‬‬
‫التشكيل (الرسم) ونسق الصوت (الموسيقى) ويتفرع عن‬ ‫والمحاوالت االخرى تستعير جهازها النظري عن النسق من‬
‫نس االدب‪- :‬نسق الشعر‪- .‬نسق الرواية –نسق المسرح‪.‬‬ ‫نظرية االنساق العامة«‪.61‬بداية راى شميت ان مفهوم‬
‫النسق يتالءم والنسق االجتماعي الذي تبناه نيكالس‬
‫وعن هذه االجناس ‪ /‬االنساق‪ ،‬تتفرع انساق ادبية‬
‫لومان‪ ،‬وبعد ان ناقش تصورات نيكالس لومان ذهب إلى ان‬
‫فرعية اخرى‪.‬‬
‫النسق االجتماعي الذي يعتقده " يجب ان تتوافر فيه ثالثة‬
‫‪60‬‬
‫شروط هي‪:‬‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪276‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫والخطاطة التالية كـفيلة بإعطاء صورة شاملة لهذا التصنيف‪.‬‬


‫الن س االجتماعي‬

‫نسق السياسة‬ ‫نسق االقتصاد‬ ‫نسق العلوم‬ ‫نسق الثقافة‬

‫نسق الفــن‬ ‫نسق التّـربية‬ ‫نسق الدين‬

‫الصوت‬
‫نسق ّ‬ ‫نسق التشكيل‬ ‫نسق الرقص‬ ‫نسق األدب‬
‫(الموسيقى)‬ ‫(الرسم)‬ ‫(الحركة)‬ ‫(الكتابة)‬

‫أنساق أخرى‬ ‫نسق المسرح‬ ‫نسق الرواية‬ ‫نسق الشعر‬

‫التشييدية)) ‪ Constructivisme‬وانتقل الهدف االساسي »من‬ ‫من خالل هذه الخطاطة‪ ،‬يتبين ان دراسة االدب‪،‬‬
‫الموضوعات إلى السيرورات‪ ،‬ومن الهوية إلى االختالف‪ ،‬ومن‬ ‫إنما تتم على اعتبار انه نسق فرعي‪» ،‬نستطيع تحديد مكوناته‬
‫الحقيقة إلى المحتمل‪ ،‬ومن ماذا نعرف؟ إلى كيف نعرف؟‬ ‫الداخلية بطريقة بنيوية‪ ،‬وتحديد عالقة هذه المكونات بعضها‬
‫«‪ ،66‬فهي دعوة إلى التركيز على كيفية انبناء االنساق وكيف‬ ‫ببعض وعالقة النسق برمته بانساق اخرى بطريقة نسقية‪،‬‬
‫تتولد الظاهرة االدبية في إطار الكل‪ /‬النسق االجتماعي العام‪،‬‬ ‫ومن ثم ينتفي التعارض المفتعل بين المقاربة البنيوية‬
‫وهذه في الحقيقية هي عين النسبية التي يسلم بها شميدت‪،‬‬ ‫والنظرية النسقية«‪.64‬‬
‫‪67‬‬
‫ويراها واقعا فرض نفسه وسيفرض نفسه اكـثر في المستقبل‪.‬‬ ‫كما تبرز الخطاطة انه ُينظر إلى المجتمع ‪-‬من منظور‬
‫شميدت‪ ،-‬على اساس انه مجموع من ُالبنى َّ‬
‫المركبة‪ ،‬والتي‬
‫‪-3‬نموذج "التحليل النسقي " كليمان مونان‬
‫ال يختلف كليمان موزان في نموذجه عن ْ‬ ‫تتفاعل فيما بينها تواصليا‪ ،‬وان بعض البنى قد اتيح لها الباب‬
‫سابقيه‪ ،‬فقد‬
‫ان تستقر ضمن المعمار العام للنسق االجتماعي‪ ،‬وهذا كله‬
‫افاد هو ايضا من عدة نظريات ادبية‪ ،‬في مقدمتها التصور‬
‫بفضل المواضعات القومية والعالمية‪ ،‬اما غيرها فلم ُيتح له‬
‫الشكالني‪ ،‬الذي َيعد الظاهرة االدبية نسقا‪ ،‬وارتكز اكـثر على‬
‫ذلك الن المواضعات هي التي لفظتها خارج إطار النسق‬
‫منظورات تينيانوف؛ الدينامية‪ ،‬اإلوالية‪ ،‬الوظيفة‪،‬‬
‫االجتماعي الكل‪.‬‬
‫والمتوالية‪ .‬كما استلهم مفاهيم كـثيرة من بارت وتودوروف ‪،‬‬
‫وباعتبار ان شميدت قد اعطى اعتبارا كبيرا للمفهوم‬
‫»اخذ عن االول مفهوم (( القرائن)) و(( الخبرات)) و(( الكـتابة‬
‫االجتماعي كـتفاعل تواصلي‪ ،‬فإنه بذلك قد فتح الباب واسعا‬
‫)) ووظيفتها في تحديد الخطاب االدبي للتاريخ االدبي‪ .‬واخذ‬
‫للعوامل البعيدة عن عالم النصوص في عملية التواصل‬
‫عن الثاني فكرة القوانين العلمية العامة للظاهرة االدبية‬ ‫والتلقي‪ .‬ومن ثم ُ‬
‫سيولي هذا المنظور بعين النظر الطريقة التي‬
‫وتحديد خصوصية التطور االدبي‪ ،‬من خالل التركيز على‬
‫نشيد بها تصورنا للظاهرة االدبية‪ .62‬وقد حفر الباحث احمد‬
‫مفهوم المتوالية واالستبدال‪ .63« .‬كما افاد من تصورات بول‬
‫بوحسن في الخلفية النظرية لتصور شميدت الذي ادمج في‬
‫فاليري (‪ )Paul Valéry‬حول االدب‪ ،‬فعدل من بعض‬
‫تصوره ((السلوك االجتماعي))‪ ،‬ووجد ان الجذور االولى في‬
‫مفاهيمه وافكاره كمفهوم الحياة النصية‪ ،‬وفكرة التعميمات‬
‫تصور النسق الثقافي تمتد إلى مدرسة طارتو ‪Tartu‬‬
‫والتبادالت داخل النسق االدبي الواحد‪ .‬كما لم يبتعد كـثيرا‬
‫للسيميائيات الثقافية‪ ،‬وال سيما نظرات يوري لوتمان ‪Yuri‬‬
‫عن نظرية جمالية التلقي عند ياوس وإيزر‪ ،‬السيما مفهوم افق‬
‫‪ ، Lotman‬كما لها امتدادات في التصورات الظاهراتية وفي‬
‫االنتظار وتعاقب القراءات‪ ،‬ونسق اإلنتاج االدبي‪ ،‬والمتعة‬
‫نظرية التلقي‪ .‬وقد تبلور عن االتجاهات السابقة مفاهيم ((‬
‫الجمالية ‪ ،‬وتعدد القراءات وتداخلها‪ ،‬كما اقتبس من تنظيرات‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪277‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫وتتحرك العناصر بالقياس إلى بعضها بعضا ويحد ُد موقعها‬ ‫نيكالس لوما‪ ،‬في كـتابه النسق االجتماعي‪ ،‬واعتمد على‬
‫نظاما داخل هذا النسق المسمى حركة المرور‪ .‬ضمن هذا‬ ‫نظرية تعدد االنساق عند إيفن زوهار في مسالة التفريق بين‬
‫المنظور ليس هناك تقدم‪ ،‬اوج‪ ،‬انحطاط‪ .‬ليس هناك غير‬ ‫النسق الشرعي وغير الشرعي‪ ،‬وافاد من قريماس واستعار منه‬
‫الحركة‪ .‬وتنظيمات مختلفة بحسب الموقع االستراتيجي او‬ ‫والبنينة والصياغة الصورية‬ ‫مفاهيم الكـفاءة المعرفية َ‬
‫الدينامي للعناصر المتواجهة «‪ .70‬ففي السابق كانت الرؤية‬ ‫وغيرها‪.‬كما افاد من نظريات علم االجتماع وبعض رموزه‪ ،‬ال‬
‫المتاحة في التاريخ االدبي تسمح برؤية تقدم الخطوط التي‬ ‫سيما بيير بورديو وشارل بوعزيز‪ ،‬وروبير إسكاربيت‪.62‬‬
‫تعلو وتستقل‪ ،‬وايضا رؤية لكل الخطوط الممكنة‪.‬‬ ‫غني عن البيان اننا ال نستطيع اإلحاطة بكل الجوانب‬
‫حينئذ فإن الرؤية النسقية تجمع بين رؤيتين‪ :‬صعود‬ ‫المتعلقة بنظرية موزان في هذه الدراسة‪ ،‬لكن حسبنا ان نشير‬
‫‪/‬نزول التاريخ المؤرخ‪ ،‬تزامن ‪/‬تطور» اي تنظيم االنساق‬ ‫إلى بعض االفكار االساسية ضمن نظريته النسقية ‪ ...‬وحسبنا‬
‫َّ‬
‫المكونة من عناصر ُمنظ َمة‪ ،‬داخل عالقات وتعالقات ِّ‬
‫مؤلفة‬ ‫َّ‬ ‫بلوغ الفائدة في هذا الموضوع الحساس‪ ،‬السيما وان هذا‬
‫لكل معين«‪ ،73‬اي إنه التحليل البنيوي داخل رؤية واحدة‬ ‫الموضوع نادر التناول لدى الدارسين‪.‬‬
‫وشاملة لكل البنى المسطحة‪ ،‬واالفقية‪ ،‬العمودية والخطية‪.‬‬ ‫يذهب كليمان موزان‪ ،‬إلى ان الظاهرة االدبية ‪/‬التاريخ‬
‫وقد تتضح مقوالت موزان اكـثر إذا سلمنا ان الظاهرة‬ ‫االدبي‪ ،‬مجرد نسق فرعي ضمن نسق كلي‪ ،‬هو "الثقافة" على‬
‫االدبية عنده تتجاوب اكـثر مع مفاهيم النظرية النسقية‪ ،‬ذلك‬ ‫اعتبار انها نسق اجتماعي ‪ٌّ /‬كل‪ ،‬يكـتنف انساق فرعية اخرى‬
‫النه وبهذا االعتبار سوف» يجعل منها (الظاهرة االدبية) نسقا‬ ‫كالفن والقانون والسياسية واللغة‪ .‬وهو يرى انه يستوجب في‬
‫منفتحا بامتياز‪ ،‬تتداخل في تكوينه عدة عناصر متداخلة‬ ‫التناول النسقي‪ ،‬ان يتم التعامل مع موضوعات مجال معين‬
‫ومتعالقة‪ ،‬تلقى بظالل كـثيفة تحول دون معرفة البنيات‬ ‫(نسق) ما‪ ،‬على اساس انها » مرجعيات مكـتفية بذاتها وبناء‬
‫الحفية الثاوية وراء الصناعة االدبية‪ ،‬بوصفها صناعة مشوبة‬ ‫عليه‪ ،‬فهي ال يمكنها ان تتحدد إال بالقياس إلى موضوعات‬
‫بكـثير من الغموض واللبس‪ .‬وإن تاريخ التاويل والتفسير‬ ‫مجال اخر (نسق اخر)‪ .‬ما يؤسس الموضوعات‪ ،‬إذن‪،‬‬
‫االدبي (تواريخ االدب‪ ،‬النقد‪ ،‬الشروح‪ ،‬المحاوالت‪،‬‬ ‫مجالين بالقياس إلى بعضها بعضا‪ .‬ومن ثم فإن للتعالق او‬
‫ليولدان انطباعا باستحالة‬‫التعليقات‪ ،‬الحواشي‪ ...‬إلخ) ِّ‬ ‫التنظيم‪ ،‬هنا‪ ،‬دورا تاسيسيا «‪ ،72‬في خلق الدينامية التي‬
‫الوصول إلى قوانين عامة‪/‬موحدة في التعامل مع الظاهرة‬ ‫يجب ان تحدثها مختلف االنساق المتعددة‪.‬‬
‫االدبية‪ .‬ولن يكشف التاريخ المذكور سوى عن االختالف‬ ‫ومن ثم فإن تصور كليمان موزان النسقي يدعو إلى‬
‫والتباين المفرط في طرح التصورات والنظريات والمناهج‪،‬‬ ‫التخلي عن فكرة التطور‪ ،‬التي لطالما هيمنت على المقوالت‬
‫التي عجزت عن الوصول إلى منهج شمولي !؟ مجهز بمنظومة‬ ‫تفسر الظاهرة االدبية وتاريخ االدب‪ :‬نشاة ‪ /‬تقدم‪،‬‬ ‫التي ِّ‬
‫مفاهيمية مصطلحية متكاملة«‪.74‬‬ ‫انحطاط‪ /‬بداية‪ ،‬اوج‪ /‬اضمحالل فالتحليل النسقي –حسب‬
‫فحسب موزان فإن على محللي االنساق ان يميزوا بين‬ ‫كليمان‪-‬يفضي بنا» إلى فكرة التقدم‪ ،‬بل إلى فكرة الحركة التي‬
‫ثالثة انواع من االنساق‪ :‬النسق المنعزل ‪ isolé‬والمنغلق ‪clos‬‬ ‫تتصل بها فكرة السكون‪ ،‬ومجمل القول إلى فكرة للدينامية‬
‫والمنفتح ‪.ouvert‬‬ ‫والسكونية اللتين تعتبران خاصية االنساق«‪.71‬‬
‫اما النسق المنعزل‪ :‬فهو فال وجود له في عالم الواقع‬ ‫يعتبر كليمان موزان ان افضل سبيل لفهم مفهوم‬
‫والفيزياء‪ ،‬بل هو مفهوم فكري محض‪ .‬اما النسق المنغلق‪:‬‬ ‫التعالق والتنظيم بين االنساق‪ ،‬هو التامل من فوق –كما‬
‫فهو الذي ُيختزل فيه الكل في قليل من اجزائه‪.‬‬ ‫سماه‪-‬فلناخذ مثال منعطفات الطرق السيارة عند مدخل مدينة‬
‫اما النسق المنفتح‪ :‬فهو تنظيم حي ونسق فكري‬ ‫لوس انجلس االمريكية‪ » ،‬تلك المنعطفات المثيرة للدهشة‪،‬‬
‫وواقعي في ان‪ ،‬فيه الحياة‪ ،‬والحركة والتبادل وحتى‬ ‫عندما نكون على سطح االرض ما نراه هو سطح البنيات‬
‫العالقات‪ .‬فهو يتلقى ويمنح‪ ،‬فيه طاقة تاخذ وتعطي‬ ‫فقط‪:‬االعمدة اإلسمنتية‪ُ ،‬‬
‫الفرج‪ ،‬االعمدة الواقية‪ ،‬اجهزة اإلنارة‬
‫ينظم الكيفية التي‬
‫باستمرار‪ »،‬ويوفر التواصل القانون َ الذي ِّ‬ ‫الضخمة‪ ،‬وهلم جرا‪ .‬اما ما نراه من االجواء العالية فهو‬
‫يجب على المادة ان تنظم بها‪ ،‬وما هي الوظائـف التي يجب‬ ‫االنساق ال غير‪ ،‬وطرق يتشابك بعضها ببعض‪ ،‬وتسير‬
‫تمفصالتها في جميع االتجاهات‪ ،‬من نقطة إلى اخرى‪،‬‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪275‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫ظواهر (اإلنتاج والتشفير‪ ،‬وتلقي النصوص) إلحقاق جمهورية‬ ‫ان ُتفرض (المقررة) حتى تحافظ على نفسها‪ ،«72‬الن عدم‬
‫االداب بدل جمهورية السياسات‪ ،‬وقيم الجمالية بدل قيم‬ ‫التوازن شيء ممكن حتى في االنساق المادية الصارمة‪.‬‬
‫التبعية «‪.72‬‬ ‫انطالقا من هذا التمييز بين االنساق‪ُ ،‬ي ِّفرف موزان في‬
‫إن دراسة الظاهرة االدبية من منظور نسقي هو جزء‬ ‫تاريخ االدب بين نسقين‪:‬‬
‫كبير» يسميه إدغار موران بالراسمال المعرفي‬
‫إبستيمي ٍ‬
‫ٍ‬ ‫هم‬
‫من ٍ‬ ‫هناك التاريخ االدبي التقليدي ذو النسق المغلق‪ ،‬النه‬
‫‪ Capital coghnitifc‬الذي هو حصيلة وعي جمعي بالمعرفة‬ ‫تنظيم يختزل الكل إلى مجموع اجزاء مكوناته‪ :‬قليل من‬
‫المكـتسبة والمهارات المعرفية المحصلة‪ ،‬والتجارب المعيشة‪،‬‬ ‫التاريخ العام‪ ،‬وقدر من بيوغرافيات االدباء واعمالهم‪ ،‬وتجميع‬
‫والذاكرة التاريخية‪ ،‬والمعتقدات االسطورية‪ ،‬ويخضع االدب‬ ‫لهذه العناصر في تفسيرات سببية‪ ،‬وإذا وصل النسق إلى ما‬
‫شانه شان باقي اشكال الوعي‪ ،‬لتنظيم يفرضه المجتمع نسقا‬ ‫يسميه المؤرخون "االوج" حدثت مرحلة االنحطاط‬
‫كليا «‪.32‬‬ ‫واالضمحالل‪ ،‬عندئذ يغدو التاريخ االدبي الة ثابتة يمكن ان‬
‫تاسيسا على ما سبق‪ ،‬يمكن القول إنه بهذا التصور‬ ‫يتكهن فيها بالتطورات‪ .76‬وما من شك ان مثل هذا الفهم‬
‫النسقي‪ ،‬قد توسع مفهوم االدب وتاريخه كـثيرا‪ ،‬وصار يصدر‬ ‫للتاريخ يعد سطحيا‪ ،‬النه في حدود تاريخ المشاهير والعباقرة‬
‫عن انساق تتفاوت في» صرامتها ووضوحها‪ ،‬واختالف‬ ‫واالحداث السياسية البارزة والمتعاقبة‪.‬‬
‫عناصرها وطبيعة عالقاتها وتقاليدها‪ ،‬فكـثيرا ما نتعامل مع‬ ‫بيد ان النسق المنفتح عند كليمان موزان‪ ،‬فإنه يعتبر‬
‫ادبنا وتاريخ ادبنا‪ ،‬على انه غير محكوم بنسق خاص به‪ ،‬وإن‬ ‫نسقي معقد‪ ،‬الن موضوعه االدب»‬ ‫التاريخ االدبي الجديد‪ ،‬كل ٌّ‬
‫كان له نسق او انساق فهي غير موصوفة وكانه نسق غير‬ ‫باعتباره موضوعا غير متجانس (االدب والمجتمع) ومنظم‬
‫معروف‪ ،‬ال يحتاج إلى المساءلة والبحث عنه «‪.31‬‬ ‫(نظام‪ ،‬تراتبية‪ ،‬عالقات العناصر‪ ،‬باإلضافة إلى المراقبة‬
‫فال باس ً‬
‫إذا باستعارة هذه المناهج الدراسية للظاهرة‬ ‫والقواعد) في الوقت ذاته «‪ .77‬ويبقى الدور االساسي للمحلل‬
‫االدبية وتاريخها‪ ،‬السيما إذا كانت سوف تضيف جديدا نظريا‬ ‫النسقي هو استكناه العالقات التبادلية بين عناصر النسق‬
‫وإجرائيا للنظرية االدبية الحديثة‪ .‬وهذا ما دفع الباحث احمد‬ ‫ضمن الكل‪ .‬كي يستجلي النظام من الفوضى التي تبطن على‬
‫بوحسن إلى تطبيق هذا المنهج في دراسته لكـتاب االغاني‪،‬‬ ‫المستوى العميق» نسقا ضمنيا كامنا في ال وعي المثقف او‬
‫منطلقا من مسلمة» ان كل كـتابة او تفكير إال ويخضع‬ ‫الكاتب الشيء الذي يجعل منه ((نسق انساق)) اي نسقا‬
‫لمجموعة من القوانين تختلف من حيث الصرامة والضبط‪،‬‬ ‫موحدا لالنساق المعرفية المختلفة «‪.73‬‬
‫ولكنها مع ذلك ما دامت تنتج معنى او معرفة إال ويكون ذلك‬ ‫إذا‪ ،‬هي بعض النبذ من تصورات كليمان موزان‪ ،‬وال‬ ‫ً‬
‫اإلنتاج محكوما بنسق معين‪ ،‬يختلف بدوره قوة وإحكاما‪ .‬فقد‬ ‫يسع الدراسة ان تتطرق إلى جميع تصوراته النظرية‪ ،‬غير انها‬
‫يكون نسقا مغلقا او مفتوحا او نسقا خطيا او ديناميا وقد يكون‬ ‫اكـتفت بما يالمس موضوعها‪.‬‬
‫متعدد االنساق«‪.30‬‬ ‫ات مة‬ ‫خ‬
‫في ختام هذه الدراسة‪ ،‬يصدح الباحث‪ ،‬ان خط‬
‫جدير بالذكر انه لم تكن غاية هذه الدراسة تقديم‬
‫السير المعرفي نحو هذه االفاق البحثية الجديدة‪ ،‬قد كان‬
‫تفاصيل موسعة عن مختلف النظريات التي تبنت مفهوم‬
‫طويال وشاقا‪ ،‬بدا بالتصورات اللسانية االولى لسوسير‪،‬‬
‫النسق او تعدد االنساق او التحليلي النسق‪ ،‬بقدر ما كان‬
‫وبجهود الشكالنيين الروس‪ ،‬ثم تصورات البنيوية ثم‬
‫غرضها هو إظهار قيمة هذه التصورات في إدخال التعامل مع‬
‫تواشجت المناهج النظرية االخرى مع العديد من الحقول‬
‫الظاهرة االدبية وتاريخ االدب‪ ،‬ضمن ممارسة جديدة‬
‫المعرفية‪ ،‬حتى وصلت ابحاث الدارسين إلى هذه االفاق‬
‫((نسقية))‪ ،‬قد تسمح له بدراسة وتحليل مختلف العالقات‬
‫الجديدة‪ .‬ولعله في قابل االيام سوف تطل علينا دراسات اكـثر‬
‫التي تحكم العناصر التي تنتظم ضمن الظاهرة االدبية بعامة‪.‬‬
‫استثمارا للرصيد النقدي والمعرفي الذي ابدعته البشرية وما‬
‫ولعله كما يقول سعيد علوش» قد ان االوان لوضع خريطة‬
‫زالت تبدعه‪.‬‬
‫االفكار والتاريخ الثقافي إلى جانب تاريخ االدب‪ ،‬تتوجه إلى‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪272‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫الهوامش‬
‫‪ .1‬ينظر المقال المترجم لـلباحث اال لماني ((شميت)) ‪، S.J.Sehmidt‬عنوانه‪:‬مقاربة نسقية موجهة للدراسات االدبية‪ ،‬ترجمه ‪ ،‬احمد‬
‫بوحسن‪.‬ضمن كـتاب‪ ،‬نظرية االدب‪ :‬القراءة‪-‬الفهم‪-‬التاويل‪ ،‬دار االمان‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص‪.129‬‬
‫‪ .2‬حسين الواد‪ ،‬في تاريخ االدب مفاهيم ومناهج‪ ،‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪.‬ط‪ ،1773 ،2‬ص ‪.18‬‬
‫‪ .3‬روبير إسكاربيت (‪ )R.Escarpit‬هو استاذ بجامعة بوردو ‪ ،3‬عرف بابحاثه في ((علم اجتماع يعني باالدب)) وهو احد منشطي حلقة بوردو‬
‫في البحث‪ ،‬له اعمال اسهم فيها جمع من زمالئه سواء بالجامعة التي يدرس بها او بحلقة البحث التي ينتمي إليها‪ ،‬نذكر منهم على سبيل المثال‪:‬روبير‬
‫استيفال(‪ )R.Estivals‬وبيار اورشيوني(‪ )P.Orechioni‬وشارل بوازيز(‪ )Ch.Bouazis‬ومن االعمال التي انجزتها هذه الحلقة ‪ :‬الحدث االدبي والحدث‬
‫اإلجتماعي )) و(( وتحليل مفهوم التداول الزمني في تاريخ االدب)) ‪.‬‬
‫‪ .4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫وتفعل وتشيد الظاهرة االدبية‪.‬بل وتتفاعل اي االنساق العديدة‬ ‫ِّ‬ ‫ك‬ ‫وتحر‬ ‫ف‬ ‫فتول‬ ‫بينها‪،‬‬ ‫فيما‬ ‫تعتمل‬ ‫التي‬ ‫نساق‬ ‫اال‬ ‫به‪:‬‬ ‫‪ .5‬مصطلح جديد يقصد‬
‫ضمن الظاهرة االدبية المجتمعية‪ .‬بما في ذلك النصوص‪.‬ومن خاللها اي االنساق توجهت بعض الدراسات لدراسة تاريخ االدب‪ .‬ينظر‪ :‬كليمان موزان‪ ،‬ما‬
‫التاريخ االدبي‪ ،‬ترجمة حسن الطالب‪ ،‬دار الكـتاب الجديد المتحدة‪ ،‬ط‪.2010 ،1‬‬
‫‪ .6‬احمد يوسف‪ ،‬القراءة النسقية‪ ،‬سلطة البنية ووهم المحايثة‪ ،‬منشورات اإلختالف‪ ،‬ط ‪ ،2009 ،1‬ص‪.119‬‬
‫‪ .9‬المرجع نفسه الصفحة نفسهه‪.‬‬
‫‪ .8‬عادة ما يعرف النسق في المعاجم العربية القديمة بالنظام‪ ،‬وما يجمع بين النسق والنظام‪ ،‬هو الصفات العامة التي تفيد الضم‪ ،‬والجمع‬
‫والعطف‪ .‬وفي اللغة ايضا ما جاء من الكالم على نظام واحد‪ ،‬والنسق يمتد في اللغة وفي وضعيتها في اي خطاب كان‪ ،‬بينما النظام يكاد يختص بشكل‬
‫او مادة معينة‪ .‬ينظر احمد بوحسن‪ :‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ .7‬المرجع نفسه ص‪.125‬‬
‫‪ : historicisme .10‬نزعة فلسفية تبحث في تفسير ظاهرة ما(خصوصا في العلوم اإلنسانية) تبعا لموقعها من التاريخ‪.‬‬
‫ينظر‪Petit Larousse illustré 1984,Librairie Larousse, Paris ,1980,p.495-496:‬‬
‫‪ .11‬كليمان موزان‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬ص ص‪.93 ،92 ،‬‬
‫‪ .12‬مصطلح يقصد به العناية بحياة ونشاة وعوامل التاثير في شخصية االديب‪ ،‬وغيرها من العوامل الخارجية التي تعين على فهم مؤلفات‬
‫االديب‪.‬‬
‫‪ .13‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬هامش الصفحة ‪ ،93‬الشرح للمترجم حسن الطالب‪.‬‬
‫‪ .14‬قبل هذا التاريخ لم يكن للحركة الشكالنية اي صدى في االوساط الثقافية االوروبية‪ ،‬فيما كانت امريكا سباقة إلى االهتمام بها وبتنظيراتها‪،‬‬
‫فقد نشرت اول دراسة عنها عام ‪ 1755‬بعنوان‪ :‬الشكالنيون الروس (‪ .)Russian Formalism‬بعد ذلك نشر نيكوال ريفيت اول ترجمة لكـتاب رومان‬
‫ياكبسون ((دراسات في اللسانيات العامة)) عام ‪.1763‬وفي عام ‪ 1765‬ترجم تودوروف معظم طروحات الحركة في كـتابه المعروف ((نظرية االدب‪ :‬نصوص‬
‫الشكالنيين الروس)) واعتبر منذئذ فصاعدا اهم مرجع يعتمد عليه في دراسة طروحاتهم االدبية‪ .‬وفي عام ‪ 1771‬نشرت الباحثة كاترين دو بريطو جونتي‬
‫‪ Catherine Depretto Genty‬ترجمة شبه كاملة لنصوص تينيانوف في مؤرف بعنوان‪ :‬الشكالنية والتاريخ االدبي‪ .‬وصدرت عن دار ‪،L’age d’homme‬‬
‫وهوما يؤكد استمرار صدى الحركة في المشهد الثقافي االوربي عامة‪ ،‬واالدبي منه بصفة خاصة‪.‬‬
‫‪ .15‬يوري تينيانوف‪:‬احد رواد الشكالنية الروسية ِّ‬
‫ومنظريها‪.‬‬
‫‪ .16‬احد يوسف‪ ،‬القراءة النسقية‪ ،‬سلطة البنية ووهم المحايثة‪ ،‬ص‪.126‬‬
‫‪ .19‬احمد بوحسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص‪.33‬‬
‫‪ .18‬احمد يوسف‪ ،‬القراءة النسقية‪ ،‬ص ص ‪.129 ،126‬‬
‫‪ .17‬اإلشارة هنا إلى كـتاب‪ ،‬ف‪ ،‬دي سوسير‪ ،‬دروس في اللسانيات العامة ‪ ،1716‬وقد تاثر بهذا الكـتاب الشكالنيون الروس‪،‬كما اشار إلى ذلك‬
‫اهم الذين درسوه‪ :‬بيتر شتاينر‪ ،Steiner Peter‬في كـتابه ( الشكالنيون الروس)‪، Russian Formalism‬وكـتاب فيكـتور إرليتش ‪ ، Erlich Victor‬في‬
‫اهم دراسة مبكرة عن الشكالنيين الروس‪ ،‬بعنوان الشكالنيون الروس‪:‬التاريخ‪-‬العقيدة‪Russian Formalism :Histoire-Doctrine.‬‬
‫‪ .20‬احمد بوحسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص ص‪.35 ،34 ،‬‬
‫‪ .21‬كليمان موزان‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬ص‪.94‬‬
‫ٌّ‬
‫‪ .22‬جينيت جيرار (‪ :)1730‬كاتب مقاالت‪ ،‬واديب فرنسي مبرز في االداب‪ ،‬متخرج في دار المعلمين‪ ،‬نشر اهم ابحاثه في اشهر المجالت‬
‫النقدية‪":‬النقد و"تيل كيل"‪ ،‬و"المجلة الفرنسية الجديدة"‪ .‬جمعها سنة ‪ 1766‬في كـتاب ‪.Figures 1‬و‪ )Figyres2 (1969‬و ‪ ،)Figures 3 (1972‬من اهم‬
‫مؤلفاته‪ :‬إيحائيات (‪ ،)1796‬عتبات ‪. 1789‬‬
‫‪ .23‬كليمان موزان‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬ص ص ‪.99 ،96‬‬
‫‪24. Barthes.R (1963).Discours sur l’histoire.op.cit.p.166.‬‬
‫‪ .25‬احمد بو حسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪ .26‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ .29‬ينظر دراسة حسن الطالب‪ ،‬ضمن كـتاب‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬لكليمان موزان‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ .28‬محمد مفتاح‪ ،‬التشابه واالختالف‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،)1776( ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.24‬‬
‫‪ .27‬ينظر دارسة محمد مفتاح بعنوان‪ :‬االتصال واالنفصال في التاريخ الثقافي‪ ،‬ضمن منشورات كلية االداب الرباط‪ ،‬بعنوان‪ :‬التحقيب مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدر البيضاء‪ ،‬ط‪ .1779 ،1‬ص‪.66‬‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪250‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫‪ .30‬ينظر دراسة حسن الطالب‪ ،‬ضمن كـتاب‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬لكليمان موزان‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ .31‬محمد مفتاح‪ ،‬التحقيب (التقليد‪ ،‬القطيعة السيرورة)‪ ،‬دراسته بعنوان‪ :‬االتصال واالنفصال في التاريخ الثقافي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ط‪ ،1799 ،1‬ص‪63‬‬
‫‪ .32‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ .33‬مفكر مغربي‪ ،‬وزعيم سياسي‪ ،‬ومقاوم لالستعمار‪.‬‬
‫‪ .34‬ينظر عرضه لهذه االقوال‪ ،‬ضمن كـتابه‪ ،‬مشكاة المفاهيم‪ ،‬النقد المعرفي والمثاقفة‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،2000 ،1‬ص ‪.154‬‬
‫‪ .35‬لالطالع على اقوال عالل الفاسي ينظر‪ :‬محمد مفتاح‪ ،‬مشكاة المفاهيم‪ ،‬النقد المعرفي والمثاقفة‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،2000 ،1‬ص‪،‬‬
‫‪.154‬‬
‫‪ .36‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.155 .154 ،‬‬
‫‪ .39‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.155‬‬
‫‪ .38‬سعيد يقطين‪ ،‬االدب والمؤسسة والسلطة‪ ،‬نحو ممارسة ادبية جديدة‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬ط ‪ ،2002 ،1‬ص ‪.13‬‬
‫‪ .37‬ينظر المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.26 ،25‬‬
‫‪ .40‬ينظر دراسة حسن الطالب‪ ،‬ضمن كـتاب ما التاريخ االدبي‪ ،‬لكليمان موزان‪ ،‬ص ‪.29‬‬
‫‪ .41‬احمد بوحسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص‪ ،‬ص‪.40 ،37 ،‬‬
‫‪.‬نقال عن احمد بوحسن ‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪.‬ص‪42. Barthes.R (1963).Discours sur l’histoire.op.cit.p.166. 40‬‬
‫‪ .43‬كليمان موزان‪ ،‬ما التاريخ االدبي؟ ص ‪.263‬‬
‫‪ .44‬حسن الطالب‪ ،‬مفهوم التاريخ االدبي (مجاالت التوسع وافاق التجديد)‪ ،‬دار ابي قراقر‪ ،‬ط‪ ،1،2008‬ص ‪.117‬‬
‫‪ .45‬النسق االولي هو نسق االعمال الموافقة لالصول‪ ،‬اما لنسق الثانوي فهو نسق االعمال الشعبية او المخالفة لالصول‪:‬االدب الشعبي‪ ،‬ادب‬
‫الجمهور ‪ ،‬االدب العادي‪ ،‬ينظر كليمان موزان‪ ،‬ما التاريخ االدبي ‪ ،‬ص ‪262‬‬
‫‪ .46‬احمد بوحسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ .49‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪ .48‬منهم حسن الطالب‪ ،‬في كـتابه الموسوم‪ ،‬بـ مفهوم التاريخ االدبي (مجاالت التوسع وافاق التجديد)‪.‬‬
‫‪49. Weisgerber (Jean) (1989), Ecrire L’histoire, in : Théorie Littéraire.op.cit.p.365‬‬
‫‪ .50‬ينظر كليمان موزان‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬ص ‪.262‬‬
‫‪ .51‬حسن الطالب‪ ،‬مفهوم التاريخ االدبي (مجاالت التوسع وافاق التجديد)‪ ،‬ص ص‪117،120،‬‬
‫نقال عن احمد بوحسن ‪ ،‬العرب وتاريخ ‪52. Itmar Even-Zohar. Plysystem theory,in poetics toay,VI.n :1-2 (1979)P.287-310.‬‬
‫‪.‬االدب‪.‬ص‪.43‬‬
‫‪ .53‬احمد بوحسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص ‪.43‬‬
‫‪ .54‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص‪.44 ،43 ،‬‬
‫‪55. Weisrgerber J.op.cit.p365.‬‬
‫‪ .56‬حسن الطالب‪ ،‬مفهوم التاريخ االدبي (مجاالت التوسع وافاق التجديد)‪ ،‬ص ‪.120،‬‬
‫‪ .59‬باحث الماني‪ ،‬من معهد لوميس‪ ،‬جامعة ك‪.‬ه‪ .‬يسن‪.‬المانيا‪.‬له مؤلفات كـثيرة في الدراسات التجريبية في االدب‪ ،‬والتشييدية‪ ،‬والتواصل‬
‫االدبي‪.‬وقد كـتب اهم اعماله باال لمانية واإلنجليزية‪.‬اهم دراسة له خاصة بالدراسات النسقية هي‪Foundation : the components of a basic theorie, :‬‬
‫‪for the empirical study of literature ,Translated by Robert de Beaugrand, Helmut. Buske Verlag.Hamburg.1982‬‬
‫‪ .58‬احمد بوحسن‪ ،‬ضمن كـتاب‪ ،‬كـتابة التواريخ‪ ،‬مقال احمد بوحسن‪ :‬تاريخ االدب‪ ،‬منشورات كلية االداب والعلوم االنسانية‪ ،‬الرباط ط‪،1 ،‬‬
‫ص ‪.154‬‬
‫‪59. On writing Histories of literature: some remarks from a constructivist Point of view,in Poitics,n°14,1985.‬‬
‫‪ .60‬احمد بوحسن‪ ،‬كـتابة التواريخ‪ ،‬ضمن مقاله‪ ،‬تاريخ االدب‪ ،‬منشورات كلية االداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬ص ‪.151‬‬
‫‪ .61‬شميدت ضمن المقال المترجم‪ .‬نظرية االدب احمد بوحسن ص ‪.127‬‬
‫‪ .62‬احمد بوحسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪ .63‬محمد مفتاح‪ ،‬التشابه واالختالف‪ ،‬ص ‪.190‬‬
‫‪ .64‬حسن الطالب‪ ،‬مفهوم التاريخ االدبي (مجاالت التوسع وافاق التجديد)‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪ .65‬احمد بوحسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ .66‬سيغفريد شميدت‪ ،‬المقال المترجم‪ .‬ضمن كـتاب‪ ،‬نظرية االدب‪ ،‬احمد بوحسن‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪ .69‬ينظر المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ .68‬حسن الطالب‪ ،‬مفهوم التاريخ االدبي (مجاالت التوسع وافاق التجديد)‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ .67‬ينظر المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.137 ،‬‬
‫‪ .90‬كليمان موزان‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬ترجمة حسن الطالب‪ ،‬ص‪.222‬‬
‫‪ .91‬المرجع نفسه‪.226 ،‬‬
‫‪ .92‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ص ‪.229 ،226‬‬
‫‪ .93‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.229‬‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪251‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬


‫خادل زيغمي‬ ‫حنو أفق دراسة نسقيّة للظاهرة الدبيّة واترخي الدب‬

‫‪ .94‬حسن الطالب‪ ،‬ضمن دراسته في مقدمة كـتاب ما التاريخ االدبي‪ ،‬لكليمان موزان‪ ،‬ص ص‪.38 ،39‬‬
‫‪ .95‬كليمان موزان‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬ص ‪.236‬‬
‫‪ .96‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.239‬‬
‫‪ .99‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.293‬‬
‫‪ .98‬محمد مفتاح‪ ،‬التشابه واالختالف‪ ،‬ص ‪10‬‬
‫‪ .97‬سعيد علوش‪ ،‬ضمن مقدمة كـتاب‪ ،‬ما التاريخ االدبي‪ ،‬لكليمان موزان‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ .80‬حسن الطالب‪ ،‬ضمن الدراسة في مقدمة كـتاب ما التاريخ االدبي لكليمان موزان‪ ،‬ص ص ‪.29 ،26‬‬
‫‪ .81‬احمد بوحسن‪ ،‬العرب وتاريخ االدب‪ ،‬ص ص ‪.48 ،49‬‬
‫‪ .82‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.48‬‬

‫العدد ‪ 25‬ديسمرب ‪2016-‬‬ ‫‪252‬‬ ‫جمةل العلوم الاجامتعية‬

You might also like