Professional Documents
Culture Documents
� إذا كان علم المخطوطات في �صورته العامة هو نوعا من الحفر عن الكتاب الم�صنوع
بطريقة تقليدية �أي المخطوط ،ف� إن الفهم الغائي للعلم � ،إذا �أردنا ذلك ،هو التما�س ال�شعور
المخطوط �أي الكوالي�س ال�صناعية غير الظاهرة في لحظة المعاينة �أو الفح�ص ،ولكنها
كامنة في بقايا ال�صناعة القديمة ،وبناء على ذلك ف� إن للن�ساخة ،باعتبارها لبنة جوهرية
في العلم ،مفهوما خا�صا مختلفا نوعيا عن ذلك الم�ألوف عند فقهاء المخطوطات،
هذا الأ خير الذي ين�صرف ،في غالب الأ حيان � ،إلى الكتابة �أو الن�سخ �أو النقل « :قال
ال�صولي� :أن ين�سخ ال�شيء فيجيء بمثله .وهو نقل الن�ص من الأ �صل )1(»..ويقابلها
باللغة الفرن�سية م�صطلح .transcriptionوالمعنى الثاني للن�ساخة ،كما قلنا ،هو النقل �أو
الن�سخ ،ويرتبط بالخط ب�شكل من الأ �شكال ،وقد �أ�شبع الخط العربي كتابة تفحم ال�سائل
عن �ضروب الخطوط وتاريخها ،وهي تعج بالثراء والتنوع( .)2بيد �أنها تبقى ف�ضاء خا�صا
�أقرب � إلى علم الخطوط القديمة والتاريخ الثقافي منه � إلى علم المخطوطات ..وقد عالج
الفيلولوجي «�ألفون�س دان» الن�ساخة فيلولوجيا من خالل باب « :المخطوطات وم�س�ألة
الن�ساخة» �ضمن كتاب «المخطوطات» ) ،Les manuscrits(3ورغم ذلك فما نريده من
201
202
203
204
205
ف�أ�شاد بمحتوى الن�صو�ص الوقفية ،و�أظهر �أنها ت�ساعد على تبيان معلومات جغرافية عن
المخطوط مادام �أنه و�ضع في هذه الم�ؤ�س�سة الدينية �أو تلك( .)8وجعل عبد ال�ستار
الحلوجي الوقف من روافد � إغناء الخزانة العربية دون �أن ينتبه � إلى �أهم فائدة يمكن
�أن ن�أخذها منه في الن�ساخة بمفهومها في علم المخطوطات � ..إن تتبع الوقف في معطياته
الن�صية وربطه بتقاييد �أخرى بغاية الحفر عن � إواليات قد تخطئها المالحظة المبا�شرة لم
يكن لي�شغل ه�ؤالء الباحثين ،فهم كانوا في الأ �صل م� ؤرخين ي�شغلهم الو�صف ،وربط
الظواهر الن�صية بالح�ضارة المعاينة في لحظة الدرا�سة.
خوارج الكتاب :
�أق�صد بخوارج الكتاب جملة من التقاييد التي تملأ المخطوطات والتي يعز علينا
في هذا المقام ح�صرها �أو تعدادها؛ من مثل بدايات الن�صو�ص ،ونهاياتها ،والقراءات،
والإجازات ،وفوائد �أخرى ..وتعد هذه المعطيات في ذاتها مادة هامة للحفريات الن�سقية
ت�ضاف � إلى نتائج الحفريات التقنية( .)9وت�أتي في طليعة هذه المعطيات الهام�شية الإجازة،
و«تعني توثيق ن�سخة المخطوط المجازة ،بمعنى �أنها بعد اختبارها بالإقراء �أو ال�سماع تعد
�سليمة ومطابقة لحقيقة م�ضامين الكتاب مبنى ومعنى كما و�ضعها و�أرادها الم�ؤلف»(،)10
وقد ي�ضاف � إلى � إجازة الن�سخة � إجازة راويها� .أما الإقراء �أو القراءة ،فيعني �أن يقر أ� الكتاب
على الم�ؤلف �أو غيره من دون �أن يكون هناك �شخ�ص �آخر ي�ستمع( .)11وال�سماع عك�س
الإقراء ،و�صيغته «�أنه ينبغي للطالب �أن يكتب بعد الب�سملة ا�سم ال�شيخ الذي �سمع الكتاب
منه ،وكنيته ،ون�سبه ،ثم ي�سوق ما �سمعه منه على لفظه ..و� إذا كتب الكتاب الم�سموع
فينبغي �أن يكتب فوق �سطر الت�سمية �أ�سماء من �سمع معه ،وت�أريخ وقت ال�سماع ،و� إن
206
207
208
209
210
211
(� )1أحمد �شوقي بنبين ،م�صطفى الطوبي« ،معجم م�صطلحات المخطوط العربي قامو�س
كوديكولوجي» ،ط� ،2005 ،3ص .359 :
( )2جاء تحديد الخط في كثير من الكتب منها «�أطل�س الخط والمخطوط» لحبيب اهلل
ف�ضائلي ترجمة محمد تونجي � ،إذ يتحدث الم�ؤلف في هذا الكتاب عن الخطوط
الكوفية ال�شرقية ،والخطوط الكوفية المغربية ،وت�شتمل الأ خيرة على عدة �أ�شكال منها
القيرواني (الأ ندل�سي ،والقطربي والفا�سي) والتون�سي ،والجزائري ،وال�سوداني.
�أما الخطوط الكوفية ال�شرقية ففيها المب�سط ،والتزيني ،والبنائي .وبعد ذلك
يتحدث الم�ؤلف عن الخط المحقق والريحان ،والمحقق هو �أقرب الخطوط � إلى
الخط الكوفي وي�أتي بعده الريحان ،والخطان ترقيا في زمن ابن البواب ،ثم الثلث
وفروعه ،ثم خط الن�سخ ،والتعليق ،والديواني ،والرقعة ،وال�سنبلي ،والن�ستعليق،
وال�شك�سته .ويف�صل الم� ؤلف في كل خط من هذه الخطوط المذكورة كما يذكر
�أ�ساتذته والبارزين فيه .وو�ضع علي راوي كتابا في هذا الفن بعنوان «الخط العربي
ن�ش�أته ،تطوره ،قواعده» وهو � إنما يتق�صى فيه الخطوط العربية ،ويتحدث عن
الخطاطين في نوع من التف�صيل ال�شجري مبتدئا بعلي بن �أبي طالب dثم الح�سن
الب�صري ..ويتحدث عن ابن مقلة وتالمذته ،وعن ابن البواب ومن �أخذ عنه ،من
مثل من�صور بن مالك وياقوت الم�ستع�صمي ،وحمد اهلل الأ مامي ،والحافظ عثمان،
وحامد الأ مدي وغيرهم � ..أما عفيف البهن�سي فيتميز كتابه « :الخط العربي� :أ�صوله،
نه�ضته انت�شاره» بالإ�ضافة � إلى تق�صيه لأ �ساليب الخط ببحثه في عالقة الخط مع الرق�ش
وال�شروط التي تفر�ض على الخطاط لو�ضع خط جميل ..فم�س�ألة التداخل ما بين
الخط والرق�ش هي ما يميز كتاب «الفن في الخط العربي» ،ليو�سف محمود غالم،
� إذ يحاول هذا الباحث �أن يربط ما بين الخط والفنون الإ�سالمية معتبرا �أن الخط
عن�صر �ضمن فن الزخرفة � ..أما كتاب «درا�سات في تاريخ الخط العربي منذ بدايته
212
213
( )16يظهر «بي�شوف» �أن ترقيم الخطوط كان محددا في � إنجلترا وخا�صة في �أك�سفورد،
وعرف ذلك تاريخيا منذ �أوا�سط القرن � 13إلى بداية القرن الموالي يراجع:
Paléographie de l’antiquité romaine et du moyen âge occidental p. 30 et
31.
(17) Introduction à la codicologie, p. 64
Albertفي كتابه «علم المخطوطات الرقية Derolez ( )18قام «�ألبيرت دورلز»
Codicologie des manuscrits en écriture 53 المكتوبة بخط �آن�سي» �ص
humanistique sur parcheminبدرا�سة � إح�صائية لتوزع �أنواع التعقيبات في
المخطوطات الإن�سية الإيطالية في القرن الخام�س ع�شر .وانتهى � إلى فرز ن�سب
مائوية من خالل المتن المدرو�س .فهناك مخطوطات بدون تعقيبات وعددها 172
بمعدل % 14,3من المتن .وهناك تعقيبات عمودية متوزعة على مواطن مختلفة من
214
215