Professional Documents
Culture Documents
القواعد المادية في فض منازعات عقود التجارة الدولية
القواعد المادية في فض منازعات عقود التجارة الدولية
مقدمة
أضحت المعامالت التجارة الدولية تؤدي دورا أساسيا في العالقات الحديثة ذات طابع دولي ،إذ تكاد تشكل
المحور األساسي لها ،خاصة في ظل تسارع وثيرة العولمة بأبعادها االقتصادية واالجتماعية ،وال خالف
اليوم أن هذا التزايد قد رافقته حاجة ماسة إلى ضرورة إحداث ترسانة قانونية لضبط وتقعيد صيغ
التعامالت التجارية الدولية ،ووضع قواعد قانونية جديدة مواكبة لكل التطورات العلمية والتكنولوجية التي
شهدها حقل التعامل التجاري،و حيث أصبح المجتمع الدولي للتجار حقيقة يتعذر إنكارها والذي يحتكم
المتعاملون داخله إلى قواعد تراعي عامل السرعة والثقة واالئتمان وتقوم على أساس حماية توقعات
.األطراف
وإن هذا التطور الذي عرفته الحياة االقتصادية ونمو التجارة الدولية عبر الحدود قد الزمها الحاجة إلى
حلول موضوعية تالءم المعطيات الجديدة لمظاهر ذلك التطور والنمو،ألن هذا التطور أوجد أنواعا جديدة
من العقود الدولية ،ال تشتمل النظم القانونية الوطنية على قواعد تالءم خصوصيتها وما تثير من إشكاالت
ذاتية خاصة على مستوى تنازع القوانين في تحديد القانون الواجب التطبيق على العالقة التعاقدية محل
..النزاع
وتاريخيا فان فض هذه المشاكل منذ القدم كان يتم بواسطة منهج قاعدة اإلسناد الموروث على
الفقيه“ سافيني ” الذي ظل مهيمنا فترة طويلة من الزمن في فض المنازعات التي تثيرها العالقات
.الخاصة ذات الطابع دولي بصفة عامة ومنازعات عقود التجارة الدولية بصفة خاصة
وبسبب عدم توافق القوانين الوطنية التي يسند لها االختصاص في نهاية المسلسل ألتنازعي مع حاجة
منازعات عقود التجارة الدولية[ ، ]1دعى الفقه إلى هجر منهج قاعدة اإلسناد لصالح مناهج أخرى ،وفي
.مقدمتها منهج القواعد المادية أو القواعد المباشرة التطبيق في حقل التجارة الدولية
و قد برزت القواعد المادية في بدايتها مع تكون مدن الفينيقيين على شواطئ البحر المتوسط ،حيث وسعت
اتفاقاتها مع المدن والدول األخرى Pالحصول على امتيازات تجارية توحد بمقتضاها قواعد تنظيم نشاطها
التجاري عبر الحدود ،بما فيها القواعد القانونية الممثلة في االتفاقيات التي أبرمها القرطاجيون مع روما
أثناء حرب البونيك ،ومع ذلك لم يعرف قانون التجارة كقانون مستقل إال في العصور الوسطى عندما
أصبحت التجارة الدولية تعبر حدود أقوام مختلفة وقد تطور وتبلور عبر العصور إلى أن أصبح نظام
.قانوني قائم في ذاته في مجال التجارة الدولية[]2
وعلى هذا النحو تبرز أهمية دراسة هذا الموضوع من الناحية النظرية في كشف اللبس عن مكانة منهج
القواعد المادية في حل مشاكل عقود التجارة الدولية ومدى قدرته على الوقوف في وجه منهج
.ألتنازعي واالستقالل عليه
ومن الناحية العملية في ارتباط هذا الموضوع بعقود تتنامى وتزداد يوما بعد يوم بصورة مطردة ،ألن األمر
يتعلق بعقود تتميز في مجملها بقيمتها المالية الضخمة ويؤثر تنفيذها في الحياة االقتصادية للدول وفي
.ميزانها التجاري
في ظل االنتقادات التي وجهت إلى المنهج ألتنازعي في عدم مالءمته لفض منازعات «
عقود التجارة الدولية ،فهل منهج القواعد المادية قادر على حكم واقع نزاعات عقود
» التجارة الدولية دون الحاجة إلى التكامل والتعايش مع المنهج ألتنازعي ؟
وال شك أن دراسة هذه اإلشكالية تتطلب إعمال المنهج التحليلي في إطار تقسيم ثنائي نتناول فيه ماهية
قواعد المادية(المبحث األول) ،تقييم دور القواعد المادية في فض منازعات عقود التجارة
.الدولية(المبحث الثاني)
وفي هذا الصدد برزت اتجاهات جديدة تنادي بتحرير العقود من حكم القوانين الداخلية ،و جعلها خاضعة
لقواعد مادية تبلورت خارج اإلطار القانوني الداخلي ،وهذا ما تبنته بعض التشريعات و أرست تنظيم
مباشر للعقود الدولية يتضمن قواعد مادية تالئم طبيعة هذه العقود و تساير متطلبات التجارة الدولية ،كما
ساهم القضاء بدوره في وضع قواعد مادية تطبق بصفة مباشرة على المنازعات المتعلقة بالعقود الدولية[
]7.
الفقرة الثانية:خصائص القواعد المادية
يتميز المنهج القائم على القواعد المادية ببعض الخصائص التي تميزه عن باقي المناهج التي تنشط في
:مجال القانون الدولي الخاص ،والتي تعطي لهاته القواعد طبيعة خاصة ومن بينها
قواعد مباشرة وموضوعية – :على عكس قواعد التنازع التقليدية – وهذا ألنها تعطي حلوال مباشرة 1-
للنزاع المعروض دون االستناد إلى قانون معين ،و بالتالي يمكن للقاضي تطبيق هذه القواعد مباشرة دون
المرور بقواعد التنازع لتحديد القانون الواجب التطبيق ،وبالتالي يسهل تطبيقها والعلم بها سلفا لقوة صلتها
المباشرة بالقاضي أو المحكم .و قد أدي تطور و نمو التجارة الدولية في العقود األخيرة إلى اتساع و تعقيد
العالقات التجارية التي تتخطى الحدود اإلقليمية ،األمر الذي تعذر معه على المشرع الوطني مالحقة هذه
المعامالت بالتنظيم ،األمر الذي حذا برجال التجارة الدولية أنفسهم للقيام بهذه المهمة ،عن طريق
.استخالص قواعد موضوعية مباشرة تكون أكثر قابلية للتالؤم مع حاجاتهم ومصالحهم التجارية
قواعد عامة تتالئم والعالقات التجارية الدولية الخاصة :فنظرا للتضامن والتعاون بين رجال التجارة 2-
الدولية ،الذين يظهرون كوحدة متماسكة بدرجة كافية تجعلهم يشكلون مجتمع دولي حقيقي ،يتولى وضع
القواعد السلوكية التي تحكم المعامالت التي تجري في هذا الوسط الدولي عن طريق السلطة التي تتمثل في
التنظيمات المهنية والمنظمات الخاصة والدولية ،فإن القواعد المادية موضوعة خصيصا لكي تناسب
العالقات التجارية الدولية الخاصة ،وألنها تطورت حصرا في قطاع التجارة الدولية الذي يتالءم بصعوبة
مع النطاق الضيق للقانون الداخلي والعدالة الوطنية ،وما يؤكد هذا الفرض أن هناك مجموعة من
االتفاقيات الدولية تكرس هذه القواعد في مواضيع مختلفة كالبيع الدولي لألشياء المادية المنقولة ،السندات
التجارية ،و االلتزامات التعاقدية …إلخ ،زد على ذلك أن القواعد المادية أو الموضوعية للتجارة الدولية ال
تهتم بصفة أساسية وال تجد ضالتها إال بمناسبة منازعات عقود التجارة الدولية ،خاصة مع وجود أجهزة
في نطاق التجارة الدولية تعمل على احترام القواعد القانونية التي تحكمها – وهي قواعد مستقلة عن
أطراف العالقة ،تتجسد خصوصا في هيئات التحكيم التي تعد كسلطة قضائية حقيقة تساعد على استقالل
المجتمع الدولي للتجار وتعمل على احترام قواعده ،يقابلها القضاء في التشريعات الوطنية ،وعلى حد
.تعبير البعض فإن هذا األخير يمثل بدوره سلطة قضائية للمجتمع الدولي التجاري[]8
إذن فالقواعد المادية تعد قواعد عامة ومصنفة لكي تتعامل مع حقل التجارة الدولية ،ومع ما يتخلله من
أنواع وفئات مختلفة من الصفقات التجارية ،وبذلك تكون كقواعد أساسية مناسبة ومالئمة ألنواع العالقات
.التجارية التي وضعت من أجلها[]9
قواعد تستجيب الحتياجات األطراف في التجارة الدولية :باعتبارها تالئم وتستجيب الحتياجات 3-
األطراف في التجارة الدولية ،فالقواعد التي تحكم المبادالت الدولية تستمد مصدرها في أغلب األحيان من
.عادات وأعراف مهنية تطبق على المنازعات التجارية الدولية ،فتكتسب تبعا لذلك قوة ملزمة
قواعد سهلة التطبيق :بحيث يكون المتعاملون في ميدان التجارة الدولية ملمون بكيفية عملها ،مما 4-
يسهل معه تطبيقها ،و في نفس الوقت يحافظ على توقعاتهم المشروعة و يوفر لهم األمان القانوني المنشود
من وراء تعاقداتهم وتوفير البيئة المالئمة التي تبلغهم المقاصد التي يربون إليها ،فالقواعد المادية
باستطاعتها خلق بيئة قانونية آمنة موثوق بها و يمكن التنبؤ بنتائجها ،وهذين المقصدين يعتبران من
.الخصائص المهمة التي تشكل اإلطار القانوني للعالقات التجارية[]10
قواعد ذات مضمون دولي ( أو عالمي ) :تتمتع القواعد المادية بمضمون عالمي ،إذ أنها موجودة أصال 5-
في النظم القانونية الوطنية أو الدولية كقواعد أو مبادئ ذات انطباق دولي ،أعدت خصيصا لتحكم هذه
العالقات الدولية وتتالءم معها ،ألن المضمون الدولي لهذه القواعد يدل على أنها تحكم العالقات الخاصة
ذات الطابع الدولي حتى لو كانت بعض عناصرها وطنية مادام الطابع لهذه العالقات دوليا ،بل أبعد من ذلك
.حتى لو كان أحد أطرافها دولة أو أحد أشخاص القانون العام[]11
قواعد ذات وظيفة وقائية وعالجية في نفس الوقت :فمن حيث كونها ذات وظيفة وقائية ،فذلك راجع 6-
إلى أنها تمنع نشوء النزاع والتنازع بين القوانين لمعرفة حكم القانون أو توحيده ،كما تساعد األطراف في
مرحلة التفاوض بشأن إبرام العقود ،وهو ما يقلل – إلى حد كبير – من فرص نشوء النزاع في المستقبل ،
وال شك أن الوظيفة الوقائية تعد ّا ألولى لوظائف القانون بوجه عام .أما الوظيفة العالجية ،فعند حدوث
النزاع قد تساعد األطراف على حسن التفاهم وإعادة التنفيذ السليم لاللتزامات التعاقدية ،و قد يتم عن
طريق التوفيق والوساطة اللذين يؤديان إلى تسوية ودية وعادلة للنزاع ،وقد يكون العالج عن طريق
القضاء الذي يفضي إلى حكم ملزم في النزاع ،وحتى في هذه المرحلة فالقواعد المادية قد تدفع المحكوم
عليه بالتنفيذ للحكم إجباريا دون األمر بالتنفيذ وذلك مراعاة لألحكام الموضوعية في القانون التجاري الدول
.
المطلب الثاني:مصادر القواعد المادية
انقسمت مصادر القواعد المادية إلى مصادر ذات أصل داخلي تتخذ من الطابع التشريعي و الطابع
القضائي أساسا لها (الفقرة األولى) ،و أخرى ذات أصل دولي اتخذت من االتفاقيات الدولية ومن العادات و
.األعراف الدولية مصدرا لها(الفقرة الثانية)
المبحث الثاني :تقييم دور القواعد المادية في فض منازعات عقود التجارة الدولية
لقد أظهر المنهج ألتنازعي قصوره و عجزه على اإللمام بمتطلبات التجارة الدولية ،و بعد اتجاه الفكر
القانوني نحو خلق قواعد مادية تعطي حلول مباشرة للنزاعات المرتبطة بهذه التجارة ،كثرت التساؤالت
حول الدور الذي يمكن أن تلعبه القواعد المادية في حل منازعات عقود التجارة الدولية ،رغم أنها كذلك
وجهت لها عدة انتقادات (المطلب األول) إال أن هناك مجموعة من األسباب تشكل سندا قويا بضرورة
.تغليب القواعد المادية في فض المنازعات عقود التجارة الدولية (المطلب الثاني)
من ناحية :أن النظام القانوني ال يقوم إال بوجود القواعد اآلمرة ،بينما جميع قواعد المنهج الموضوعي
قواعد مكملة يتم تفعيلها بإرادة األطراف في التجارة الدولية .ولألفراد حق التعديل في هذه القواعد أو
اإلضافة إليها كما هو حال العقود النمطية .والشروط العامة وبهذا الشأن ال يمكن أن ينشأ عنها نظام
قانوني ،كما أن جوهر أي نظام قانوني يتمثل في وجود الجماعة أو التنظيم أي أن لكل مجموعة اجتماعية
نظام قانوني ،ومثل هذا التنظيم ال يمكن االدعاء بوجوده في ظل جماعات التجار المتعددة وغير المتجانسة
.والمتعارضة المصالح .وهذا كله ال يتفق وفكرة التنظيم ،الالزمة لوجود النظام القانوني[]27
سابعا:العادات واألعراف الدولية ال ترقى إلى درجة قانون
إن األعراف والعادات التجارة الدولية وان استطاعت تنظيم بعض المجاالت فإنها ال ترقى لدرجة قانون
برغم أنها تشكل مصدر من مصادر قواعده ،إال أنها نشأت بعيد عن سلطان الدولة ،حيث إن عدم تقنيين
الكثير منها ،وعدم نشر أحكام المحكمين التي تطبق هذه األعراف والعادات حفاظا على سرية
المنازعات ،أدى إلى صعوبة الكشف عن مضمونه وتطبيقاتها،مما ساهم في الحد من انتشارها وتطبيقها[
]28.
المطلب الثاني :مؤيدات ترجيح القواعد المادية في فض منازعات
عقود التجارة الدولية
ففي قصور قواعد التنازع التقليدية في إيجاد الحلول لمناسبة لمنازعات العقود التجارية المتطورة
باستمرار ،وبالنظر لما يؤدي إليه ذلك من تطبيق أحد القوانين الوطنية التي وضعت أساسا لحكم العالقات
والمبادالت الداخلية ،األمر الذي ال يستجيب وطبيعة هذه العقود التي تقتضي تعدد روابط اإلسناد ،على نحو
يصعب معه أن يدعي نظام قانوني واحد كفايته لحكمها ،ويعود السبب الرئيسي التجاه الفكر القانوني نحو
خلق قواعد مادية ،إلى الرغبة في تجاوز القوانين الوطنية التي ال تتالءم بطبيعتها مع هذه العالقات،
والحيلولة بينها وبين حكم منازعات عقود التجارة الدولية ،هذا فضال على االستجابة ألماني ورغبات
.األطراف المسيطرة على حركة تلك التجارة وتطبيق ما استقرت عليه من قواعد وأحكام]29[
أوال – عدم مالئمة القوانين الوطنية لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية
وغني عن البيان أن القواعد الوطنية التي تشكل جانبا من قانون التجارة الدولية تفتقر إلى صفة
الدولية ،وعليه فإنه ليس من المستبعد أن تعاني عقود التجارة الدولية من عدم مالئمة بعض هذه القواعد
لحكم ما تثيره من مشاكل ،فافتقار هذه األخيرة للدولية أصدق مدلوال على عدم استجابتها لما تتميز به هذه
العقود من خصوصية وما تتمتع به من ذاتية ،األمر الذي يستدعي في بعض األحيان تجاوزها وإخضاع
المسائل التي تثيرها لقواعد وضعت خصيصا من أجلها ،ومن هنا كانت أهمية عادات وأعراف التجارة
.الدولية ،والتي استقر عليها العمل في نطاق األسواق الدولية[]30
تشكل العادات واألعراف الدولية رقما مهما ضمن معادلة القواعد المادية ،بحيث تتضمن تنظيما مباشرا
للروابط العقدية الدولية ينطوي على قواعد دولية عابرة للحدود ،يؤدي إعمالها خاصة أمام قضاء التحكيم
التجاري الدولي إلى تحرير Pهذه الروابط من قبضة القوانين الداخلية ،لتخضع لهذه األعراف التي درج
عليها العمل في مجال المعامالت التجارية الدولية فهي ال تعد قانون داخليا ألنها نشأت بعيدا عن الدولة
ومؤسساتها ،ما يخرجها من مجال تنازع القوانين وفقا للمفهوم السائد أمام القضاء الداخلي فحينما تشير
قاعدة التنازع بتطبيق قانون معين ،قد تأتي أحكام هذا القانون على غير توقعاتهم ،ما من شأنه إشاعة القلق
في التعامل التجاري الدولي ،وذلك بعكس لوتم اختيار قواعد معلومة سلفا ومعروفة لهم تجنبهم تبعة هذه
.المفاجئات[]31
إذن فالقواعد المادية على هذا النحو ال تحتاج النطباقها على الروابط العقدية ذات الطابع الدولي – وفقا لما
يراه البعض – لمنهج التنازع ،بما يتضمنه من حلول لمشكلة اختيار القانون واجب التطبيق ،وإنما تطبق
تطبيقا مباشرا على العالقات القانونية التي تدخل في نطاق سريانها بصرف النظر عن القانون المختص
وفقا لقواعد تنازع القوانين – وهذا ما يميز القواعد المادية عن قواعد التنازع غير المباشرة – ،وبالتالي ال
يلجأ القاضي لمنهج التنازع إال في الفروض التي ال يجد فيها قاعدة مادية تقدم الحل المباشر للمسألة
المطروحة ،وبذلك تتجنب القواعد المادية تعقيد منهج التنازع وما قد يؤدي إليه من إخالل بتوقعات
.األطراف ،السيما عند سكوتهم عن اختيار قانون العقد
أن طبيعة االنترنيت والعالم االفتراضي ككل غير محسوس وال يمكن حصره في إقليم دولة معينة وال
منطقة جغرافية واحدة ،مما أدى إلى صعوبة تركيز العالقات العقدية فيما إذا تمت داخل أو خارج اإلقليم
الواحد وتركيز العالقة العقدية هو أساس المنهج تنازع القوانين إلسناد العقد لنظام قانون معين سواء في
.داخل اإلقليم أو خارجه،وبالتالي يجب البحث عن قواعد موضوعية تحكم هذا العالم االفتراض
كما أن االنترنيت أحد الوسائل العولمة االقتصادية التي تعتمد على تجاوز الحدود،وذلك يستتبع بالضرورةP
عولمة القواعد القانونية التي تحسم النزاعات الناجمة عن هذه العالقات االقتصادية والتي يجب أن تكون
مرنة وذات طبيعة دولية وتقدم حلول مباشرة للنزاع وكل هذا ال يمكن أن يتم إال في إطار إعمال القواعد
.المادية في فض مثل هذه النزاعات[]36
خاتمة
لقد تطرقنا في هذه الدراسة للخطوط
العريضة حول مكانة القواعد المادية في فض
منازعات عقود التجارية الدولية ومدى قدرته
على حكم واقع العقود الدولية واالستغناء عن
منهج قاعدة اإلسناد ،و حيث توصلنا إلى
:مجموعة من االستنتاجات التالية
حيث إن قواعد المادية ال زالت حديثة النشأة وفي تطور المستمر فانها تبقى قاصرة وال تغطي جميع –
األنشطة التجارية الدولية،وال تتضمن تنظيما شامال لكافة المسائل التي تنطوي عليها عقود التجارة الدولية
.
وحيث إن غالبية هذه القواعد ال تتمتع بالقوة الملزمة وتبقى فقط اختيارية ومكملة ،مما يزل عنها صفة -
.النظام القانوني قائم بذاته ومتكامل
فان منهج قواعد المادية ال يمكنه إن يغطي فض جميع منازعات عقود التجارة الدولية في مختلف
األنشطة ،مما يعني انه منهج قاعدة اإلسناد سيظل المنهج األم في حكم واقع منازعات عقود التجارة
.الدولية وخاصة فيما لم يشمله التنظيم من طرف القواعد المادية
كما أن تطبيق القواعد المادية الواردة في القوانين الوطنية أو العمل القضائي لن تجد لها تطبيق دون إعمال
ضابط اإلسناد ،فالقاضي إذا ما عرض عليه نزاع بخصوص مسالة معينة في العملية التعاقدية لن يطبق
قواعد مادية الواردة في قانون دولة معينة دون اختيار األطراف لها ونفس الحكم ينطبق على أعراف
.وعادات التجارة الدولية
وباستقرائنا لموقف المشرع المغربي من تنظيم القواعد المادية ،يتضح أن هنا تقصير ومحدودية النص
القانوني و خاصة أن هناك فراغ كبير في تنظيم المشرع المغربي للعقود الدولية الحديثة كعقد نقل
التكنولوجية وعقد المساعدة الفنية وعقود أخرى أنتجها التطور الذي شهده العالم في اآلونة الخير،بل
.أصبحت في حاجة إلى قواعد مادية مستقلة نظرا للخصوصية التي تتميز بها
كما أن العمل القضائي المغربي في أعماله للقواعد المادية سواء ذات طابع دولي او وطني ال زالت ضئيلة
ومحتشمة ،وسبب يرجع إلى التقييد بمقتضيات ظهير وضعية المدنية لألجانب والفرنسيين بالمغرب لسنة
1913الموروث عن عهد االستعمار والذي يظل قاصرا وال يساير التطور الذي عرفته العالقات الدولية
.الخاصة بصفة عامة والعقود الدولية بصفة خاصة