You are on page 1of 60

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫أقدم لكم‬
‫{{ مذكـــرة البـالغـــةـ }}‬
‫الثانـــوية األزهــريـــة ‪ 2018‬م‬
‫القــســم األدبــــيـ‬
‫إعداد‬
‫أ ‪ :‬أحمد حسنين‬
‫مدرس العلومـ العربية واإلسالمية‬
‫‪01069035104 – 01204980965‬‬

‫موضـــــوعــــــات المقـــــــرر‬
‫‪ -3‬الوحدة الثانية ‪ :‬الكناية‬ ‫‪ -1‬الوحدة األولي ‪ :‬المجاز اللغوي‬
‫‪ -4‬الوحدة الرابعة ‪ :‬أنواع المحسنات‬ ‫‪ -2‬الوحدة الثالثة ‪ :‬علم البديع‬
‫اللفظية‬
‫الوحدة األولي ‪ ( :‬المجاز اللغوي )‬
‫‪ -1‬الدرس األول ‪ :‬الحقيقة والمجاز اللغويين ( المجاز المرسل )‬
‫‪ - 2‬الدرس الثاني ‪ :‬االستعارة ( تعريفها وأركانها وأنواعها والفروق بينهم )‬

‫‪1‬‬
‫( الحقيقة والمجاز اللغويان )‬
‫* الكالم الذي نستخدمه في اللغة العربية إما أن يكون حقيقة أو مجازا‬
‫‪ -1‬تعريف الحقيقة اللغوية ‪:‬‬
‫هي استعمال اللفظ أو األلفاظ في معانيها الحقيقية الموضوعة لها في اصطالح التخاطب فمثال عندما‬
‫تقول ‪ ( :‬أمسكت القلم ‪ ،‬قرأت الكتاب ‪ ،‬قطفت ثمرة ) فإننا قد استخدمنا هذه األلفاظ في معانيها‬
‫الموضوعة لها في اللغة أو في داللتها الحقيقية األصلية‬
‫‪ -2‬تعريف المجاز اللغوي ‪:‬‬
‫المجاز اللغوي هو الكلمة المستعملة في غير معناه الحقيقي الموضوع له في اللغة لعالقة وقرينة مانعة‬
‫من إرادة المعني األصلي‬
‫فمثال ‪ :‬عندما تقول رأيت أسدا يحمل السيف في المعركة ‪ :‬فإن الحقيقة أنك لم تر أسدا في المعركة‬
‫بالمعني الحقيقي وإنما رأيت جنديا مشبها في هذه الحالة باألسد إذن اللفظ استعمل في غير ما وضع‪ L‬له‬
‫لقرينة مانعة وهي‪ L‬استحالة أن يمسك األسد سيفا إذا تكون في هذه الحالة قد شبهت الجندي في‬
‫المعركة باألسد في الشجاعة فنقول في هذه الحالة تشبيه فهو مجاز ( غير حقيقي )‬
‫أما إذا قلت ‪ :‬رأيت أسدا في حديقة الحيوان فهذا التعبير حقيقة لغوية ألن األسد ليس له مكان إال‬
‫حديقة الحيوان‬
‫فمثال عندما تقول ‪ ( :‬عصرت خمرا ) فإن لفظ الخمر لم تستعمل في معناها الحقيقي وذلك ألن الخمر‬
‫سائل معصور من العنب فالمعصور ال يعصر بطبيعته فالمقصود عصرت العنب الذي سيتحول بطبيعة‬
‫الحال في المستقبل إلي الخمر‬
‫مثال عندما تقول ‪ :‬شربت‪ L‬ماء النيل ‪ ،‬كلمة ماء هنا لم تستعمل في معناها الحقيقي ألنه ال يعقل أن‬
‫يشرب اإلنسان ماء النيل كله وإنما المقصود شربت جزءا من ماء النيل‬
‫حينما تقول ‪ :‬رأيت بحرا في المعهد ‪ ،‬كلمة بحر هنا لم تستعمل في معناها الحقيقي لماذا ؟ ألنه من‬
‫المستحيل أن ينتقل البحر من مكانه إلي المعهد فالمراد من البحر في هذا المثال ‪ :‬العالم الذي يشبه‬
‫علمه البحر في الغزارة والكثرة‬
‫أيضا حينما تقول ‪ :‬شاهدت بدرا يسير في الطريق كلمة بدر لم تستعمل في معناها الحقيقي الستحالة أن يكون‬
‫البدر سائرا في الطريق ألن البدر مكانه الحقيقي السماء وال يسير في األرض أبد فأنا في هذه الحالة أقصد أنني رأيت‬
‫رجال أو امرأة مشبهة بالبدر كان أو كانت تسير في الطريق ففي هذه الحالة يكون التعبير تشبيه ‪.‬‬
‫إذن التعبير المجازي يحتمل أن يكون واحد من أربعة ‪-:‬‬
‫‪ -1‬التشبيه ‪ :‬مثل محمد كالبحر في الكرم‬
‫‪ -2‬االستعارة ‪ :‬مثل قولك رأيت أسدا يفترس األعداء في المعركة‬
‫‪ -3‬الكناية ‪ :‬فالن يحدثني بلغة المدفع ‪ :‬كناية عن التهديد‬
‫‪ -4‬المجاز المرسل ‪ :‬أرسلت عينا إلي بالد العدو ‪ ،‬والمراد ( الجاسوس )‬
‫من خالل ما سبق ‪ ( :‬أجب )‬
‫عرف كالً من الحقيقة و المجاز اللغوي ومثل لكل منهما بمثال ؟‬
‫۩ تدريبات ۩‬
‫‪2‬‬
‫س‪ : 1‬يستعمل اللغويون والشرعيون الصالة بمعنى الدعاء فأيهما حقيقة وأيهما مجاز ؟ علل لما تقول‬
‫س‪ :2‬ما المجاز المرسل وما الفرق بينه وبين االستعارة وما سر بالغته ؟‬
‫س‪ :3‬متى تكون الكلمة حقيقة ومتى تكون المجاز؟‬
‫‪ ،‬مجاز لغوى‬ ‫‪ ،‬مجاز مرسل‬ ‫س‪ : 4‬اذكر مثال لكالً من ‪ :‬حقيقة لغوية‬
‫س‪ :5‬عرف المجاز اللغوي مع شرح التعريف ؟‬
‫المجاز اللغوي ‪ :‬الكلمة المستعملة في غير ما وضعت‪ L‬له في اصطالح التخاطب لعالقة بين المعني‬
‫الحقيقي والمعني المجازي وقرينة مانعة من أرادة المعنى األصلي‬
‫الشرح‬ ‫التعريف‬
‫ألن الكلمة قبل االستعمال ال حقيقة وال مجاز‬ ‫المستعملة‬
‫لتخرج الحقيقة التي تستعمل فيما وضعت له‬ ‫في غير ما وضعت له‬
‫ليخرج بذلك الغلط‬ ‫لعالقة‬
‫وإال كان استعمال الكلمة من قبل الحقيقة‬ ‫قرينة‬
‫ألن القرينة نوعان ‪ :‬مانعة من إرادة المعنى األصلي ( إعجاز ) و غير مانعة ( الكناية )‬ ‫مانعة‬

‫۩ أوال المجاز المرسل ۩‬


‫تعريف المجاز المرسل ‪-:‬‬
‫التعريف األول ‪ :‬المجاز المرسل هو اللفظ المستخدم في غير ما وضع له لعالقة غير المشابهة مع قرينه مانعة من إرادة المعني الحقيقي‬
‫لي‬
‫األص ِّ‬
‫ْ‬ ‫ستُ ْع ِملَتْ في َغ ْير َمعناها األَ ْ‬
‫صلي لعالقة غير المشابه ِة َم َع قرين ٍة مانع ٍة من إِراد ِة المعنَى‬ ‫التعريف الثاني ‪ :‬هو كلمة ا ْ‬
‫مثال ‪ :‬تقول ‪ ( :‬قبضنا على عين من عيون األعداء ) فلفظ عين هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما‬
‫المقصود منها الجاسوس ‪ ،‬و القرينة التي تمنع المعنى األصلي للفظ هنا أنه ال يمكن القبض على العين فقط دون بقية‬
‫جسد الجاسوس إذن نقول ‪ :‬أن في كلمة ( عين ) مجاز مرسل عن الجاسوس عالقته الجزئية ‪.‬‬
‫ولكن السؤال اآلن ‪ :‬لماذا سمي المجاز بالمجاز المرسل ؟‬
‫قيل ألنه غير مقيد بعالقة واحدة ‪ ،‬كما هو الحال في االستعارة المقيدة بعالقة المشابهة فقط ‪ ،‬وألن عالقاته كثيرة‬
‫وقيل ألنه أطلق ولم يبن علي التشبيه بخالف االستعارة المبنية علي التشبيه‬
‫وهنا نقول ‪ :‬ما الفرق بين المجاز المرسل و االستعارة ؟‬
‫‪ -1‬االستعارة ‪ :‬استعمال اللفظ في غير ما وضع له في اصطالح التخاطب لعالقة المشابهة مثال ‪ :‬رأيت أسداً في حديقة الحيوان فاللفظ‬
‫المنطوق أسداً و اللفظ المقصود الشجاعة و العالقة الجامعة بينهما هي الجرأة و الشجاعة وهى عالقة مشابهة‬
‫‪ -2‬أما المجاز المرسل ‪ :‬استعمال اللفظ في غير ما وضع له في اصطالح التخاطب لعالقة غير المشابهة وسمى مرسل لتعدد عالقاته‬
‫وكثرتها‬
‫۩ عالقات المجاز المرسل ۩‬
‫عالقات المجاز المرسل كثيرة والمشهور منها تسع عالقات سنكتفي بذكرها هنا ألن بقيتها تندرج في هذه‬
‫التسعة وهي علي النحو التالي بيانه ‪:‬‬
‫۞ العالقة األولي ‪ :‬السببية ۞‬
‫التعريف ‪ :‬وهي أن يطلق المتكلم السبب ويريد المسبب ‪ :‬بمعني أن يطلق المتكلم ( سبب الشيء ) ويريد الشيء الناتج عنه‬
‫‪ -1‬فمثال ‪ :‬عندما نقول ‪ ( :‬رعت الماشية الغيث )‬

‫‪3‬‬
‫فالمجاز في كلمة ‪ :‬الغيث ‪ ،‬فهي في غير معناها األصلي ؛ ألن الغيث ال يرعى ‪ ،‬وإ نما الذي يرعى هو النبات حيث إن‬
‫فع ِّبر القائل بالسبب ( الغيث ) وأراد المسبَّب ( النبات ) إذن نقول ‪ :‬في هذا المثال مجاز مرسل في‬
‫الغيث سبب للنبات ُ‬
‫كلمة ( الغيث ) عن ( النبات ) عالقته ( السببية )‬
‫أع ُّد منها وال أعددها‬ ‫‪ -2‬قال المتنبي ‪ :‬له أيا ٍد عل َّي سابغةٌ‬
‫علي نعما شاملة تغمرني فوجودي في الحياة يعد نعمة من نعمه وال أستطيع أن احصر هذه النعم فالمجاز في‬
‫الشاعر يقول إن للممدوح َّ‬
‫كلمة ‪ ( :‬أياد ) حيث إن المقصود بها ‪ ( :‬له علي نعم وخيرات كثيرة ) والقرينة المانعة من إرادة المعني الحقيقي أن الشاعر ال يريد بها‬
‫األيادي الحقيقية بل يريد بها النعم والعطايا والعالقة بين األيادي والنعم هي السببية ألن اليد هي أبرز الجوارح في إظهار الفضل والنعمة‬
‫للغير إذن نقول ‪ :‬في المثال مجاز مرسل في كلمة ( ٍ‬
‫أياد ) عن ( النعم والخيرات ) عالقته السببية‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالي في كتابه العزيز ‪ (( :‬وجزاء سيئة سيئة مثلها ))‬
‫من المعلوم أن جزاء السيئة ال يمكن أن يكون بالسيئة وإ نما يكون بالعقاب فموضع المجاز كلمة (( سيئة الثانية )) فهي تعني العقوبة‬
‫والقرينة المانعة من إرادة المعني الحقيقي هي أن العقل يعتبر من المستحيل أن تكون العقوبة سيئة وأصل الكالم في غير القرآن الكريم ‪:‬‬
‫( وجزاء سيئة عقوبة مثلها ) فالعالقة بين كلمة ( السيئة ) و ( العقوبة ) هي السببية وذلك ألن السيئة هي السبب في إحداث العقوبة إذن‬
‫نقول ‪ :‬في اآلية الكريمة مجاز مرسل في كلمة ( سيئة ) الثانية عن ( العقوبة ) لعالقة السببية‬
‫‪ -4‬قال هللا تعالي في كتابه العزيز ‪ (( :‬فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم ))‬
‫فموضع المجاز كلمة (( اعتدوا )) فهي تعني العقوبة والقرينة المانعة من إرادة المعني الحقيقي هي أن العقل يعتبر من المستحيل أن‬
‫يكون االعتداء عقوبة وأصل الكالم في غير القرآن الكريم ‪ ( :‬فمن اعتدي عليكم فعاقبوه بمثل ما اعتدي عليكم ) فالعالقة بين كلمة‬
‫( اعتدوا ) و ( العقوبة ) هي السببية وذلك ألن االعتداء هو السبب في إحداث العقوبة إذن نقول ‪ :‬في اآلية الكريمة مجاز مرسل في كلمة‬
‫( اعتدوا ) الثانية عن ( العقوبة ) لعالقة السببية‬
‫‪ -5‬قال هللا تعالي في كتابه العزيز ‪ (( :‬إن الذين يبايعونك إنما يبايعون هللا يد هللا فوق أيديهم ))‬
‫فموضع المجاز في كلمة ( يد اهلل ) والمقصود بها ‪ ( :‬قدرة اهلل ) والقرينة المانعة من إرادة المعني األصلي هي استحالة أن يكون هلل يد‬
‫مثل البشر والعالقة بين اليد والقدرة هي السببية حيث إن اليد هي أبرز الجوارح في إظهار القدرة إذن نقول في اآلية الكريمة ‪ :‬مجاز‬
‫مرسل في كلمة ( يد ) عن ( القدرة ) لعالقة السببية‬
‫يد سلفت ودم مستحق‬ ‫‪ -6‬يقول أحمد شوقي ‪ :‬ولألوطان في دم كل حر‬
‫أحمد شوقي ذكر اليد سبب الفضل وأراد الفضل فالعالقة السببية بين ما ذكر وما أراد ‪.‬‬
‫۞ العالقة الثانية ‪ :‬المسببية ۞‬
‫التعريف ‪ :‬وهي أن يطلق المتكلم المسبب ويريد السبب ‪ :‬بمعني أن يطلق المتكلم ( المسبب عن الشيء وهو‬
‫الناتج ) ويريد السبب‬
‫‪ -1‬فمثال ‪ :‬عندما نقول ‪ ( :‬أمطرت السماء نباتا )‬
‫فالمجاز في كلمة ‪ :‬النبات ‪ ،‬فهي في غير معناها األصلي ؛ ألن السماء ال تمطر نباتا وإ نما تمطر ماءا ‪ ،‬ولكن النبات هو المسبب عن‬
‫السبب ( الماء ) إذن نقول ‪ :‬في هذا المثال مجاز مرسل في كلمة ( النبات ) عن ( الماء )‬
‫فع ِّبر القائل بالمسبب ( النبات ) وأراد َ‬
‫الماء ُ‬
‫عالقته ( المسببية )‬
‫س َماء ِر ْزقًا ))‬
‫‪ -2‬قال هللا تعالي ‪(( :‬ه َُو الَّ ِذي يُ ِري ُك ْم آيَاتِ ِه َويُنَ ِّز ُل لَ ُكم ِّمنَ ال َّ‬
‫المجاز في كلمة ‪ :‬رزقًا ‪ ،‬فهي في غير معناها األصلي ؛ ألن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق ‪ ،‬وعبر بالرزق عن المطر؛ ألن‬
‫األول (الرزق) متسبب عن الثاني ( المطر ) إذن نقول ‪ :‬في هذا المثال مجاز مرسل في كلمة ( رزقا ) عن ( الماء ) عالقته‬
‫( المسببية )‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو هللا وعدوكم )‬

‫‪4‬‬
‫المراد من اآلية الكريمة أعدوا لهم ما استطعتم من السالح والعتاد فموضع المجاز في كلمة (( قوة )) والقرينة هي أن القوة أمر معنوي‬
‫ال يمكن أن يعد وإ نما الذي يعد هو السالح والعتاد الذي هو سبب في قوة الجيش ومنعته ففي كلمة (( قوة )) مجاز مرسل عن‬
‫(( السالح والعتاد )) عالقته (( المسببية )) حيث أطلق المسبب وهو ( القوة ) وأراد السبب وهو (( السالح والعتاد ))‬
‫‪ -4‬قال هللا تعالي ‪ (( :‬إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ))‬
‫فالمجاز في كلمة ‪ (( :‬نارا )) عن (( المال الحرام أو السحت )) والقرينة أن النار ال تؤكل ففي كلمة ‪ ( :‬نارا ) مجاز مرسل عن‬
‫( المال الحرام ) عالقته المسببية حيث أطلق المسبب الناتج وهو ( النار ) وأراد السبب وهو ‪ ( :‬أكل المال الحرام )‬
‫‪ -5‬قال هللا تعالي ‪ (( :‬ذلك ومن عاقب بمثل ما عُوقِب به ثم بُ ِغ َي عليه لينصرنَّه هللا ))‬
‫فموضع المجاز كلمة ‪ ( :‬ما عوقب ) والمراد ( المجازاة ) والقرينة أن المجازاة تؤدي للعقوبة ففي كلمة عوقب مجاز مرسل عن‬
‫المجازاة لعالقة المسببية‬
‫۞ العالقة الثالثة ‪ :‬الجزئية ۞‬
‫التعريف ‪ :‬وهي أن يطلق المتكلم الجزء ويريد الكل ‪ :‬بمعني أن يطلق المتكلم جزء من الشيء الذي يقصده‬
‫وهو يريد به الكل كالً ومن األمثلة الدالة علي ذلك ‪:‬‬
‫‪ -1‬تقول ‪ ( :‬قبضنا على عين من عيون األعداء )‬
‫فلفظ عين هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإ نما المقصود منها الجاسوس ‪ ،‬و القرينة التي تمنع المعنى األصلي للفظ هنا أنه ال‬
‫يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس إذن نقول ‪ :‬أن في كلمة ( عين ) مجاز مرسل عن الجاسوس عالقته الجزئية‬
‫وأرسلنــــــــــا العيــــــــــــونــــا‬ ‫‪ -2‬قال الشاعر ‪ :‬كـــــــم بعثنا الجيش جرارا‬
‫المجاز في كلمة ( العيونا ) فلفظ ‪ ( :‬العيونا ) هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإ نما المقصود منها الجاسوس ‪ ،‬و القرينة التي‬
‫تمنع المعنى األصلي للفظ هنا أنه ال يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس إذن نقول ‪ :‬أن في كلمة ( عين ) مجاز مرسل‬
‫عن الجاسوس عالقته الجزئية‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالى ‪ ( :‬ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة )‬
‫فكلمة (رقبة ) مجاز مرسل عالقته الجزئية ؛ ألنه عبر بالجزء ( الرقبة ) وأراد الكل ( اإلنسان المؤمن ) والقرينة العقلية هي استحالة‬
‫أن يحرر جزء الرقبة من العبد وإ نما يحرر كله‬
‫‪ -4‬تقول ‪ ( :‬ألقي الخطيب كلمة كان لها األثر البالغ في النفوس )‬
‫المعني المقصود ‪ :‬خطبة كاملة ففي كلمة ( كلمة ) مجاز مرسل عن ( الخطبة ) عالقته الجزئية‬
‫‪ -5‬قال هللا تعالي ‪ (( :‬يا أيها المزمل قم الليل إال قليال ))‬
‫ففي كلمة (( قم )) مجاز مرسل عن (( الصالة )) ‪ :‬عالقته الجزئية حيث إن القيام جزء من الصالة‬
‫* ويشترط في الجزء المعبر به عن الكل شرطان هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الجزء المذكور له زيادة اختصاص بالمعني المراد من الكالم كإطالق األذن علي الذي يستمع ألخبار اآلخرين وكإطالق العين‬
‫علي الجاسوس ومن ثم ال يجوز في هذا المقام إطالق اليد أو اإلصبع علي الجاسوس لما ليس لهما من زيادة اختصاص‬
‫‪ -2‬أن يكون الجزء المذكور ال يتحقق الكل إال به كإطالق الرقبة علي العبد‬
‫۞ العالقة الرابعة ‪ :‬الكلية ۞‬
‫التعريف ‪ :‬وهي أن يطلق المتكلم الكل ويريد الجزء ‪ :‬بمعني أن يطلق المتكلم كل الشيء الذي يقصده وهو‬
‫يريد به الجزء كالً ومن األمثلة الدالة علي ذلك ‪:‬‬
‫ت )‬‫ق َح َذ َر ا ْل َم ْو ِ‬ ‫‪ -1‬قال تعالى ‪( :‬يَ ْج َعلُونَ أَ َ‬
‫صابِ َع ُه ْم فِي آَ َذانِ ِه ْم ِمنَ ال َّ‬
‫ص َوا ِع ِ‬
‫وقوله تعالي ‪ ( :‬وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا‬
‫استكبارا )‬
‫فــ ( أصابعهم ) مجاز مرسل عالقته الكلية ؛ ألنه عبر بالكل ( أصابعهم ) وأراد الجزء ( أناملهم أي أطراف أصابعهم ) والقرين ُة (حالي ٌة)‬
‫األصبع كلِّه في ِ‬
‫األذن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫إدخال‬ ‫وهي استحال ُة‬

‫‪5‬‬
‫‪ -2‬شربتُ ماء زمزم ‪ :‬فـ ( ماء زمزم ) مجاز مرسل عالقته الكلية ؛ ألنه عبر بالكل ( ماء زمزم ) وأراد الجزء ( زجاجة‬
‫ماء مثالً )‬
‫شربت‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بقرينة‬ ‫بعض ُه‪،‬‬
‫والمراد ُ‬
‫ُ‬ ‫‪ -3‬ونحو‪ ( :‬شربتُ ما َء النيل ) ‪،‬‬
‫۞ العالقة الخامسة ‪ :‬اعتبار ما كان ۞‬
‫التعريف ‪ :‬وهي أن يطلق المتكلم الشيء باسم ما كان عليه في الماضي ومن األمثلة الدالة علي ذلك ‪-:‬‬
‫‪ -1‬قال هللا تعالى ‪ (( :‬وآتوا اليتامى أموالهم ))‬
‫المجاز في كلمة ‪ :‬اليتامى ‪ ،‬فهي في غير معناها األصلي ؛ ألن اليتيم وهو ‪ :‬من فقد والده قبل الرشد ال يأخذ ماله ‪ ،‬وإ نما يأخذ المال عندما‬
‫اليتْم ويبلغ سن الرشد ‪ ،‬فاستعملت كلمة يتامى وأريد بها الذين كانوا يتامى ‪ ،‬بالنظر إلى حالتهم السابقة ففي كلمة اليتامى‬
‫يتجاوز سن ُ‬
‫مجاز مرسل عن الراشدين عالقته اعتبار ما كان عليه الشيء في الماضي‬
‫‪ -2‬تقول ‪ :‬شربت اليوم بنا الحقيقة أنك لم تشرب بنا وإ نما شربت قهوة والقرينة المانعة من إرادة المعني األصلي أن البن وهو‬
‫مسحوق ال يشرب فالقرينة عقلية والمراد شربت قهوة والعالقة هي اعتبار ما كان ألن القهوة قبل أن تعد كانت بنا ففي كلمة ( بنا ) مجاز‬
‫مرسل عن ( القهوة ) عالقته ( اعتبار ما كان )‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالي ‪ (( :‬والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ))‬
‫فمن المعروف أن الزوجة بعدما يموت زوجها تسمي أرملة وليست زوجة فموضع المجاز كلمة ‪ ( :‬أزواجا ) عن ( األرملة ) والعالقة هي‬
‫كن أزواجا‬
‫يكن أرامل َّ‬
‫‪ ( :‬اعتبار ما كان الشيء عليه في الماضي ) فهن قبل أن َّ‬
‫‪ -4‬تقول ‪ ( :‬يلبس المصريون القطن الذي تنتجه بالدهم )‬
‫موضع المجاز كلمة ( القطن ) والقرينة المانعة استحالة أن يرتدي المصريون القطن وإ نما يرتدي المصريون المالبس التي تصنع من‬
‫القطن ففي كلمة ( القطن ) مجاز مرسل عن ( المالبس ) عالقته ( اعتبار ما كان )‬
‫۞ العالقة السادسة ‪ :‬اعتبار ما سيكون ۞‬
‫التعريف ‪ :‬وهي أن يطلق المتكلم الشيء باسم ما سيكون عليه في المستقبل ومن األمثلة الدالة علي ذلك ‪:‬‬
‫‪ -1‬قال تعالى ‪ ( :‬ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إنّي أراني أعصر خمراً )‬
‫فموضع المجاز كلمة ( خمرا ) والقرينة أن الخمر ال يعصر ألنها معصورة بطبيعتها ويستحيل عصر المعصور وكان المقصود في غير‬
‫القرآن إني أراني أعصر عنبا وقد سماه خمرا ألن العنب سيصير بعد عصره خمرا ففي كلمة خمرا مجاز مرسل عن العنب عالقته اعتبار‬
‫ما سيكون عليه الشيء في المستقبل‬
‫‪ -2‬قال هللا تعالى ‪ ( :‬إنَّ َك ميتٌ وإنهم ميتون )‬
‫ميت ‪ ،‬فهي في غير معناها األصلي ؛ ألن المخاطب بهذا هو الرسول وقد خوطب بالنظر إلى ما سيصير إليه أي‬
‫المجاز في كلمة ‪ٌ :‬‬
‫باعتبار ما سيكون عليه أمره في المستقبل وهو الموت‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالى ‪ (( :‬فأوجس منهم خيفة قالوا ال تخف وبشروه بغالم عليم ))‬
‫المجاز في كلمة ‪ :‬غالم عليم ‪ ،‬فهي في غير معناها األصلي ؛ ألن الطفل عندما يولد ال يوصف بأنه غالم وال عليم وإ نما عبر القرآن‬
‫ِّ‬
‫المبشر به ففي كلمة ( غالم ) مجاز مرسل عن ( الطفل ) عالقته‬ ‫باعتبار ما سيئول إليه أمره في المستقبل للبشارة وإ عالء من شأن‬
‫اعتبار ما سيكون‬
‫‪ -4‬قال هللا تعالي علي لسان سيدنا نوح ‪ ( :‬إنك إن تذرهم يضلوا عبادك وال يلدوا إال فاجرا كفارا )‬
‫فالمجاز في كلمتي ‪ ( :‬فاجرا وفاجرا ) والقرينة هي أن المولود حين يولد ال يكون فاجرا وال كفرا بل يولد علي الفطرة واإلسالم ولكنه في‬
‫المستقبل سيكون فاجرا وكفارا‬
‫‪ -5‬قال النبي صلي هللا عليه وسلم ‪ ( :‬من قتل قتيال فله سلبه ) ‪ :‬في كلمة قتيال مجاز مرسل عالقته اعتبار ما‬
‫سيكون فالقرينة أنه لم يقتل بعد‬
‫۞ العالقة السابعة ‪ :‬عالقة المحلية ۞‬

‫‪6‬‬
‫التعريف ‪ :‬وذلك ‪ :‬عندما نعبر بلفظ المحل ونريد الموجود فيه ( ذكرنا المحل وأردنا من بالمحل ) بمعني ‪:‬‬
‫أن يطلق المتكلم المحل ويريد الحال الذي بداخله ومن األمثلة الدالة علي ذلك ‪:‬‬
‫وقومي وإن ضنوا عل ّي كراما‬ ‫‪ -1‬قال الشاعر ‪ :‬بالدي وإن جارت عل ّي عزيزة‬
‫فــ ( بالدي ) مجاز مرسل عالقته المحلّية ؛ ألنه ذكر البالد وأراد أهلها فالعالقة المحلية‬
‫‪ -2‬قال تعالى ‪( :‬وأسال القرية التي كنا فيها )‬
‫فالمعني المراد ‪ :‬أهل القرية فــ ( القرية ) مجاز مرسل عالقته المحلّية ؛ ألنه ذكر القرية وأراد أهلها الذين محلهم ومكانهم القرية ‪،‬‬
‫فالعالقة المحلية والقرينة هي أن القرية ال تسأل‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬فليدعوا نادية سندعو الزبانية)‬
‫المعني المراد ‪ :‬أهل النادي فموضع المجاز كلمة ( ناديه ) والقرينة هي أن النادي مكان االجتماع ال يصح دعوته وال يتأتي منه تلبية‬
‫الدعوة فهو مجاز أطلق فيه المحل وأريد الحال من عشيرته وأهله ونصرائه ففي كلمة ( ناديه ) مجاز مرسل عن ( أهله وعشيرته )‬
‫عالقته ( المحلية )‬
‫‪ -4‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬وإذا تتلي عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذي آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن‬
‫نديا ) فموضع المجاز كلمة ( خير مقاما وأحسن نديا ) فقد أطلق المكان وأراد األشخاص علي سبيل المجاز المرسل لعالقة المحلية‬
‫۞ العالقة الثامنة ‪ :‬عالقة الحالية ۞‬
‫التعريف ‪ :‬وذلك ‪ :‬عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المحل ( ذكرنا المحل وأردنا من بالمحل ) بمعني ‪ :‬أن يطلق‬
‫المتكلم الحال ويريد المحل الذي يشمله ومن األمثلة الدالة علي ذلك ‪:‬‬
‫يم ) فقد استعمل ( نعيم ) وهو دال على حالهم ‪ ،‬وأراد محل ومكان النعيم‬
‫‪ -1‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬إِنَّ اأْل ْب َرا َر لَفِي نَ ِع ٍ‬
‫وهو الجنة ففي كلمة نعيم مجاز مرسل عن مكان النعيم عالقته الحالية‬
‫ِ‬
‫(الرحمة) الجن ُة‬ ‫فالمراد من‬
‫ُ‬ ‫‪ -2‬نحو قوله تعالى ‪َ ( :‬وأَ َّما الَّ ِذينَ ا ْبيَ َّ‬
‫ضتْ ُو ُجو ُه ُه ْم فَفِي َر ْح َم ِة هَّللا ِ ُه ْم فِي َها َخالِدُونَ )‬
‫مجاز مرس ُل‪ ،‬عالقتُه (الحاليةُ)‬ ‫ٌ‬ ‫تحل فيها رحم ُة اهلل‪ ،‬ففيه‬ ‫جنة ُّ‬ ‫تحل فيها الرحمةُ‪ ،‬فهم في ٍ‬ ‫التي ُّ‬
‫۞ العالقة التاسعة ‪ :‬عالقة اآللية۞‬
‫تعريف اآلليةُ ‪ :‬هي كونُ الشيء واسطةً إليصالِ أثر شيءٍ إلى آخر‪ ،‬وذلك فيما إذا ذكرَ اسمُ اآللةِ‪ ،‬وأريدَ‬
‫األثرُ الذي ينتجُ عنه ومن األمثلة الدالة علي ذلك ‪:‬‬
‫ْق ِفي اآْل َ ِخ ِرينَ ) أي ذكراً حسناً ‪ ( ،‬فلسانٌ ) بمعنى ذكرٍ حسنٍ‬
‫صد ٍ‬
‫سانَ ِ‬
‫اج َع ْل لِي لِ َ‬
‫‪ -1‬نحو قوله تعالى ‪َ ( :‬و ْ‬
‫فهي مجازٌ مرسلٌ‪ ،‬عالقتُه ( اآلليةُ ) ألنَّ اللسانَ آلةٌ في الذكرِ الحسنِ‬
‫‪ -2‬قال هللا تعالي ‪ (:‬ومن آياته خلق السموات واألرض واختالف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك آليات للعالمين )‬
‫فقد ذكر اآللة اللسان وأراد أثرها علي سبيل المجاز المرسل ففي كلمة ( ألسنتكمـ ) مجاز مرسل عن ( اللغة )‬
‫عالقته اآللية‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬وما أرسلنا من رسول إال بلسان قومه ليبين لهم )‬
‫ففي كلمة ( بلسان ) مجاز مرسل عن ( اللغة ) عالقته اآللية‬
‫۞ بالغة المجاز المرسل ۞‬
‫تتمثل بالغة المجاز المرسل في ثالثة أشياء وهي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬اإليجاز ‪ :‬فمثال إذا قلت ‪ ( :‬هزم القائد الجيش ) وأنت تريد الجنود فإن ذلك يكون أوجز من قولك ‪ ( :‬هزم جنود القائد الجيش )‬
‫واإليجاز كما هو معلوم ركن أصيل من أركان البالغة بل إن البالغة هي اإليجاز‬
‫أنف‬
‫فم ‪ ،‬فالن ٌ‬
‫‪ -2‬المبالغة ‪ :‬فمثال إطالق الكل علي الجزء مبالغة مثل ‪ :‬شربت ماء زمزم ‪ ،‬وإ طالق الجزء علي الكل مبالغة مثل ‪ :‬فالن ٌ‬
‫‪ -3‬التأكيد‬

‫‪7‬‬
‫۞ المجاز المرسل المركب ۞‬
‫س ‪ :‬ما تعريف المجاز المرسل المركب ؟ وأين يقع هذا النوع من المجاز ؟ مع التمثيل‬
‫المجاز المرسل المركب ‪ :‬هو كل تركيب استعمل في غير ما وضع له لعالقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من‬
‫إرادة المعني األصلي‬
‫وهذا النوع من المجاز ‪ :‬يأتي في الجمل الخبرية المستعملة في اإلنشاء للتحسر وإظهار الحزن‬
‫كما في األمثلة التالية ‪-:‬‬
‫وانبت بيني وبينه نسبه‬ ‫‪ -1‬قال ابن الرومي ‪ :‬بان شبابي فعز مطلبه‬
‫موضع المجاز ‪ :‬الجمل الخبرية ( بان شبابي ‪ -‬فعز مطلبه – وانبت ) فهي ليست علي حقيقتها بل خرجت عن الخبرية إلي التحسر‬
‫وإ ظهار الحزن واأللم والقرينة حالية‬
‫جنيب وجثماني بمكة موثق‬ ‫‪ -2‬قول الشاعر ‪ :‬هواي مع الركب اليمانيين مصعد‬
‫موضع المجاز ‪ :‬هواي مع الركب اليمانيين مصعد ‪ ،‬وجثماني بمكة موثق ‪ :‬فهي ليست علي حقيقتها بل خرجت عن الخبرية إلي التحسر‬
‫وإ ظهار الحزن واأللم والقرينة حالية‬
‫وتولي الصبا عليه السالم‬ ‫‪ -3‬قال الشاعر ‪ :‬أخذت من شبابي األيام‬
‫موضع المجاز الجمل الخبرية ‪ :‬أخذت من شبابي األيام ‪ -‬وتولي الصبا عليه السالم ‪ :‬فهي ليست علي حقيقتها بل خرجت عن الخبرية‬
‫إلي التحسر وإ ظهار الحزن واأللم والقرينة حالية‬
‫ملحوظة هامة ‪:‬‬
‫الجمل الخبرية في األمثلة السابقة خرجت عن معانيها الحقيقية لعالقة غير المشابهة ألغراض تستمد من سياقتها ولذا فهي من المجاز‬
‫المرسل المركب‬
‫تم بحمد هللا المجاز المرسل‬
‫بحمد هللا‬
‫۩ ثانيا ‪ :‬االستعـــارة وأنواعهـــا ۩‬
‫* عندما تطلب من صديقك كتابا مثال لتطلع عليه وعلي ما فيه من علوم ومعارف ثم ترده إليه فإن‬
‫هذا الشيء يسمي‬
‫( استعارة ) وصديقك صاحب الكتاب يسمي ( ُم ِعير ) وأنت تسمي ‪ ( :‬المست ِعير ) والكتاب يسمي ‪:‬‬
‫( الشيء المستعار ) وهذا ما تدور حوله مادة االستعارة في اللغة‬
‫* ما تعريف االستعارة لغة واصطالحا ؟ مع التمثيل‬
‫طلبه عاري ًة فاالستعارة مصدر‬‫استعار فالن الشيء ) ‪ :‬إذا َ‬
‫َ‬ ‫‪ -1‬االستعارة لغ ًة مصدر من قول ِهم ‪( :‬‬
‫ِ‬
‫المنقول عنه ( الحقيقي )‬ ‫ِ‬
‫المشابهة ) بين المع َنى‬ ‫ِ‬
‫لعالقة (‬ ‫وضع له‬ ‫‪ -2‬واصطالحاً ‪ :‬هي عبارة عن استعما ُل اللفظُ في غير ما‬
‫َ‬
‫األصلي‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫إرادة المع َنى‬ ‫ٍ‬
‫قرينة ) مانعة من‬ ‫فيه ( المجازي ) ‪ ،‬مع (‬ ‫المستعمل ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والمعنى‬
‫أحد‬
‫ف َ‬ ‫بيه ُح ِذ َ‬
‫ش ٌ‬ ‫وهي تَ ْ‬
‫‪ -3‬إذن ‪ :‬هي اللفظ المستخدم في غير ما وضع له لعالقة المشابهة مع قرينه مانعة من إرادة المعني الحقيقي َ‬
‫طرفَ ْي ِه ‪ ،‬فَعالقتها المشابه ُة دائماً‬
‫َ‬
‫‪ -1‬مثال ‪ :‬عندما تقول ‪ ( :‬رأيت أسدا يرمي األعداء في المعركة ) ‪:‬‬
‫نجد أن كلمة ( األسد ) استعملت في غير معناها الحقيقي ألن المتكلم لم يقصد أسد علي الوجه الحقيقي إنما كان يقصد رجال شجاعا مشبها‬
‫باألسد في هذه الحالة التي رآه عليها ونالحظ أن هناك عالقة بين المعني المجازي ‪ ( :‬األسد ) وهو الحيوان المفترس وبين المعني‬
‫األصلي ‪ ( :‬الرجل الشجاع ) وهذه العالقة هي عالقة المشابهة بينهما ألن الشخص الشجاع يشبه األسد في الجسارة والجرأة والقرينة‬
‫التي منعت من إرادة المعني األصلي ( األسد ) هي كلمة ( يرمي ) ألن األسد الحقيقي ال يرمي األعداء بالسهام ‪ :‬إذن نقول في كلمة األسد‬
‫استعارة حيث شبه القائل الجندي في المعركة باألسد في الشجاعة والجسارة ‪.‬‬
‫فقلت ‪ :‬إليك فإن معي السحاب‬ ‫‪ -2‬قال الشاعر ‪ :‬تعرض لي السحاب وقد قفلنا‬

‫‪8‬‬
‫نجد أن كلمة السحاب تكررت في البيت مرتين المرة األولي كانت بمعني السحاب الحقيقي والثانية كانت مجازا ألن الشاعر كان يمدح‬
‫فالممدوح كان يمشي معه فلما رأي سحابة حقيقية أرادت أن تظلله قال لها إنني لست في حاجة إليك ألن السحاب يمشي معي وهو‬
‫الممدوح ومن هنا أن نجد أن الشاعر استعمل كلمة السحاب في غير معناها الحقيقي وكان يقصد بها الممدوح حيث شبه الممدوح‬
‫بالسحابة في الكرم فالشاعر هو ( المستعير ) والممدوح هو ‪ ( :‬المستعار له ) ولفظ السحاب هو ‪ ( :‬المستعار ) ومعني السحاب هو ‪:‬‬
‫( المستعار منه )‬
‫* ومن هذا المثال تبين لنا أن أركان االستعارة هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬المستعير ‪ :‬وهو الشخص الذي ينقل اللفظ من المعني الحقيقي إلي المعني المجازي‬
‫‪ -2‬المستعار منه ‪ :‬وهو المعني األصلي للفظ‬
‫‪ -3‬المستعار له ‪ :‬وهو المعني المراد‬
‫‪ -4‬المستعار ‪ :‬وهو اللفظ المنقول‬
‫قال ابنُ ال َع ِميد في الغزل ‪:‬‬
‫سي‬‫س أَع َُّز َعلَ َّي ِمــــنْ نَ ْف ِ‬
‫نَ ْف ٌ‬ ‫س‬
‫ش ْم ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫قَا َمـــــتْ تُظللنِي ِمنَ ال َّ‬
‫س‬
‫ش ْمــ ِ‬ ‫س تُظَلِّلُنِي ِمنَ ال َّ‬ ‫ش ْم ٌ‬
‫َ‬ ‫ب‬ ‫قا َمــــــتْ تُظَلِّلُنِي و ِمنْ َ‬
‫عج ٍ‬
‫انظر إِلى الشطر األَخير في البيتين تجد َّ‬
‫أن كلمة "الشمسِ " استعملت في معنيين ‪ :‬أحدُهما المعنى الحقيقي للشمس التي تعرفها ‪ ،‬وهي‬
‫الشمس في التألْلؤ‪ ،‬وهذا المعنى غير‬ ‫َ‬ ‫وضاء الوجه يشبه‬
‫ُ‬ ‫مساء ‪ ،‬والثاني إنسانٌ‬
‫ً‬ ‫التي تظهر في المشرق صبحاً وتختفي عند الغروب‬
‫استُ ْع ِملَ ْت فيه وهذه العالقة هي‬
‫العارض الذي ْ‬
‫ِ‬ ‫األصلي للشمس والمعنى‬
‫ِّ‬ ‫صلَ ًة وعالقةً بين المعنى‬‫أن هناك ِ‬
‫رأيت َّ‬
‫تأملت َ‬ ‫َ‬ ‫حقيقي‪ ،‬وإِذا‬
‫من "شمس تظللني" المعنى‬ ‫اإلشراق‪ ،‬وال يمكن أن يلتبس عليك األَمر فتَ ْف َهم ْ‬‫ش ِبه الشمس في ِ‬ ‫يء الوجه ُي ْ‬
‫المشابهة‪ ،‬ألَنَّ الشخص الوض َ‬
‫ُ‬
‫دالة على أَنَّ المعنى‬ ‫ظلِّل‪ ،‬فكلمة تظللني إِذا تمنع من إِرادة المعنى الحقيقي‪ ،‬ولهذا َّ‬
‫تسمى قرينةً ً‬ ‫الحقيقي للشمس‪ ،‬ألَنَّ الشمس الحقيقية ال تُ َ‬
‫ُ‬
‫العارض‬ ‫ُ‬
‫الجديد‬ ‫المقصودَ هو المعنى‬
‫بكل بساطة نقول ‪ :‬في تعريف االستعارة أنها عبارة عن تشبيه حذف أحد ركنيه المشبه أو المشبه به‬
‫فهي من هذه الناحية قسمان ‪:‬‬
‫ما أقسام االستعارة باعتبار الطرفين ؟ مع التمثيل لكل ما تقول‬
‫‪ -1‬تصريحيه ‪ :‬وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به‬
‫كقوله تعالى ‪  :‬لتخرج الناس من الظلمات إلى النور‪ ‬فيقصد بالظلمات الضالل لتشابههما في عدم اهتداء صاحبهما‪ ،‬وبالنور اإليمان‬
‫لتشابههما في اهتداء صاحبيهما ‪ ،‬وكقوله تعالى‪ :‬وأنزلنا إليكم نورا مبينا ‪ ‬و ‪‬أهدنا الصراط المستقيم ‪ ‬أي الدين الحق لتشابههما في‬
‫أن كال يوصل إلى المطلوب‬
‫‪ -2‬مكنية ‪ :‬وهي ما حذف فيها المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه‬
‫كقوله تعالى ‪ :‬واشتعل الرأس شيبا ‪ ‬طوي ذكر المشبه به وهو النار ودل عليه بالزمه وهو االشتعال‬
‫وقوله تعالى ‪  :‬فأذاقها اهلل ‪ ‬فقد شبه ما يدرك من أثر الضرر واأللم بما يدرك من طعم المر فأوقع عليه اإلذاقة ‪.‬‬
‫من خالل ما سبق أجب أنت ‪ :‬ما الفرق بين التشبيه واالستعارة ؟ مع التمثيل‬
‫۩ أركان االستعارة ۩‬
‫االستعارة لها أربعة أركان وهي ‪:‬‬
‫( ‪ ) 2‬و المستعار له وهو المشبه‬ ‫( ‪ ) 1‬المستعار منه وهو معني المشبه به‬
‫( ‪ ) 4‬والجامع وهو وجه الشبه بين المعنيين‬ ‫( ‪ ) 3‬والمستعار وهو اللفظ المنقول‬
‫‪ -1‬مثال ‪ :‬قال هللا تعالي ‪ ﴿ :‬واشتعل الرأس شيبا ﴾‬
‫فالتشبيه ‪ :‬الشيب يشبه النار ‪ ،‬المشبه ‪ :‬الشيب ‪ ،‬المشبه به ‪ :‬النار فالمستعار هو الفعل ( اشتعل ) ‪ ،‬والمستعار منه ( النار ) وهي‬
‫المشبه به ‪ ،‬و المستعار له ( الشيب ) وهو المشبه ‪.‬‬
‫ضتْ على ال ُعنَّا ِ‬
‫ب بالبر ِد‬ ‫َور َداً و َع َّ‬ ‫‪ -2‬قال الشاعر‪ :‬فأمطرت لؤلؤاً من نرج ٍ‬
‫س وسقتْ‬
‫االستعارات هي ‪ :‬هي دموع كاللؤلؤـ ‪ ،‬حذف المشبه‪ ،‬وأبقى المشبه به ( اللؤلؤ ) فهي تصريحيه ‪ ،‬والعيون النرجس ‪ ،‬حذف المشبه‬

‫‪9‬‬
‫( العيون ) والتصريح بالمشبه به على طريقة االستعارة التصريحية‪ ،‬والخدود كالورد ‪ ،‬فحذف المشبه وصرح بالمشبه به ( ورداً )‬
‫ِ‬
‫كالبرد حذف األسنان وهي‬ ‫واألنامل أو الشفاه كالعناب ( ثمر أحمر ) حذف المشبه ( األنامل ) وصرح بالمشبه به ( العناب ) واألسنان‬
‫المشبه وصرح بالبرد ‪ ،‬على طريقة االستعارة التصريحية‬
‫‪ -3‬فمثال ‪ :‬عندما تقول ( رأيت أسدا يتكلم )‬
‫فالمستعار له وهو محذوف هنا وهو المشبه ( الجندي ) والمستعار منه المشبه به وهو األسد والمستعار وهو لفظ األسد للجندي والجامع‬
‫هو القوة والشجاعة ففي هذا المثال استعارة تصريحيه حيث شبه القائل الجندي بأسد يتكلم فصرح بالمشبه به وهو األسد وحذف المشبه‬
‫وهو الجندي علي سبيل االستعارة التصريحية‬
‫‪ -4‬فمثال ‪ :‬عندما تقول ( فال يتحدث بالدرر )‬
‫فإننا في هذه الحالة نشبه الكالم الذي يتحدث به بالدرر في الحسن والجمال وقوة التأثير فالمستعار له وهو المشبه ( الكالم ) والمستعار‬
‫منه وهو المشبه به ( الدرر ) والمستعار لفظ ( الدرر ) والجامع ‪ ( :‬الحسن وقوة التأثير ) ففي هذا المثال استعارة تصريحيه حيث شبه‬
‫القائل كالم الرجل الذي يخرج بالدرر في حسن التأثير والقوة والجمال فصرح بالمشبه به وهو الدر وحذف المشبه وهو الكالم علي سبيل‬
‫االستعارة التصريحية‬

‫۩ قرينة االستعارة ۩‬
‫من المعلوم أن كل مجاز لغوي ‪ ( :‬مرسل أو استعارة ) البد فيهما من قرينة تمنع من إرادة المعني األصلي‬
‫فالقرينة ‪ :‬هي األمرُ الذي ينصِّبُه المتكلمُ دليالً على أنه أراد باللفظِ غيرَ معناهُ الحقيقيِّ‬
‫وهذه القرينة أنواع فهي نوعانِ ‪ :‬لفظيةٌ وغير لفظية ‪-:‬‬
‫‪ - 1‬فاللفظيةُ ‪ :‬هي ما دل َّعليها بلفظٍ يذكَرُ في الكالم ليصرفَه عن معناهُ الحقيقيِّ‪ ،‬ويوجهَهُ إلى معناهُ‬
‫المجازيِّ كقولك ‪ :‬رأيت بحرا يقف علي المنبر ‪ ،‬فالقرينة اللفظية هي يقف التي دلت علي أن كلمة بحرا استعملت في غير ما وضعت‬
‫له وأن المقصود هو الرجل العالم وكقولك ‪ :‬شاهدت أسدا يقذف األعداء فالقرينة ( يقف ) ‪ ،‬وقولك ‪ :‬رأيت بحرا يعظ الناس فالقرينة (‬
‫يعظ ) وكقولك ‪ :‬تراءي لي بدر يسير في الطريق فالقرينة ( في الطريق )‬
‫‪ - 2‬وأما غيرُ اللفظيةِ ‪ :‬فهي التي دُلَّ عليها بأمرٍ خارجٍ عن اللفظِ ‪ ،‬وهذا النوعُ من القرينةِ يسمَّى‬
‫(قرينةً حاليةً ) ألنها أمرٌ عقليٌّ ال يدَلُّ عليه بلفظٍ من الكالمِ ‪ ،‬بل يدَلُّ عليه بالحالِ‬
‫القرينة غير اللفظية تنقسم إلي نوعين ‪:‬‬
‫‪ -1‬القرينة الحالية ‪ :‬وهي المفهومة من سياق الكالم والحالة التي قيل فيها‬
‫فمثال عندما تدخل المسجد وتجد الخطيب وقد أفاض في العلم وأجاد في األسلوب تقول ‪ :‬رأيت بحرا ‪ ،‬فالقرينة هنا هي الحال الذي قلت فيه‬
‫هذا الكالم هذا بالطبع يختلف عما إذا قلته وأنت تركب سفينة ‪ .‬كذلك تقول ‪ :‬رأيت أسدا وأنت تقف أمام بطل شجاع صنديد ‪ ،‬تقول رأيت‬
‫بدرا وأنت تقف أمام فتاة فائقة الحسن ذات طله بهية‬
‫‪ -2‬استحالة المعني ‪ :‬كقولك ‪ ( :‬نطقت حالي بالشكوى ) وأنت تريد دلت الستحالة النطق بمعناه الحقيقي من الحال وهو أمر معنوي‬
‫وكذلك ‪ :‬تكلم األسد ‪ ،‬الشمس تضحك‬
‫۩ الفرق بين الكذب و االستعارة ۩‬
‫هل وقع المجاز في القرآن الكريم ؟ وما الفرق بين الكذب واالستعارة ؟‬
‫نفي بعض العلماء ‪ ( :‬قديما وحديثا ) وقوع المجاز في القرآن الكريم بنوعيه ‪ ( :‬المرسل واالستعارة ) في القرآن الكريم معللين ذلك بأن‬
‫المجاز ومنه االستعارة قول كاذب والذي يدفع هذه الشبهة هو التفريق بين الكذب واالستعارة من ناحيتين ‪:‬‬
‫‪ -1‬الرد األول ‪ :‬أن االستعارة البد لها من قرينة تمنع من إرادة المعني األصلي والكذب ال قرينة له ألن الكاذب يحاول إخفاء أي قرينة‬
‫تكشف كذبه‬
‫‪ -2‬الرد الثاني ‪ :‬أن االستعارة مبنية علي التأويل بدعوي دخول المشبه في جنس المشبه به أما الكذب فال تأويل فيه‬
‫۩ أنواع االستعارة ۩‬
‫‪10‬‬
‫تنقسم االستعارة إلي عدة أنواع منها علي النحو التالي ‪-:‬‬
‫‪ -2‬االستعارة التمثيلية والتخيلية‬ ‫‪ -1‬االستعارة المكنية والتصريحية‬
‫‪ -4‬االستعارة األصلية والتبعية‬ ‫‪ -3‬االستعارة المطلقة والمرشحة والمجردة‬
‫‪ -6‬االستعارة العامية واالستعارة الخاصية‬ ‫‪ -5‬االستعارة الوفاقية واالستعارة العنادية‬
‫۩ أوال ‪ :‬االستعارة التصريحية ۩‬
‫س ‪ :‬ما تعريف االستعارة التصريحية ؟ ولم سميت بهذا االسم ؟ مع التمثيل لما تقول‬
‫تعريف االستعارة التصريحيه ‪ :‬هي تلك االستعارة التي صُرِحَ فيها بلفظ المشبه به ( المستعار منه ) وحذف‬
‫فيها المشبه ( المستعار له )‬
‫وقد سميت االستعارة التصريحية بهذا االسم ‪ :‬ألن المتكلم صرح فيها بالمشبه به وحذف المشبه كما اتفق علي‬
‫ذلك علماء البالغة قديما وحديثا‬
‫ومن األمثلة الدالة علي االستعارة التصريحية ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬قول هللا تعالى ‪ ( :‬كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور )‬
‫االستعارة هنا في كلمتي ‪ [ :‬النور والظلمات ] ألن القرآن الكريم حينما نزل لم ينزل ليخرج الناس من ظالم حقيقي إلي نور حقيقي وإ نما‬
‫نزل ليخرج الناس من الكفر إلي اإليمان فيقصد بالظلمات الضالل لتشابههما في عدم اهتداء صاحبهما‪ ،‬وبالنور اإليمان لتشابههما في‬
‫اهتداء صاحبيهما‬
‫ومن هنا نقول ‪ :‬أن اهلل سبحانه وتعالي شبه الكفر بالظلمات في جامع التخبط والضياع كما شبه اإليمان بالنور في جامع الهداية في كل‬
‫منهما ثم حذف المشبه وهو الكفر واإليمان وصرح بالمشبه به وهو ‪ :‬الظلمات والنور ثم تنوسي التشبيه وأدعي أن المشبه من جنس‬
‫المشبه به واستعيرت كلمة الظلمات للكفر وكلمة النور لإليمان علي سبيل االستعارة التصريحية والقرينة هنا هي الحالية‬
‫ببسااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااطة‬
‫في اآلية الكريمة استعارتان تصريحيتان ‪-:‬‬
‫‪ -1‬االستعارة األولي ‪ :‬في كلمة ( الظلمات ) فقد شبه الكفر بالظلمات ثم حذف المشبه وهو ( الكفر ) وذكر المشبه به وهو‬
‫( الظلمات ) لعالقة المشابهة‬
‫‪ -2‬االستعارة الثانية ‪ :‬في كلمة ‪ ( :‬النور ) فقد شبه اإليمان بالنور ثم حذف المشبه وهو ‪ ( :‬اإليمان ) وذكر المشبه به وهو ‪:‬‬
‫( النور ) لعالقة المشابهة ‪ .‬والقرينة حالية ‪ :‬وهي أن الناس لم يخرجوا من الظلمات إلي النور الحسي الحقيقي‬
‫وكقوله تعالى ‪ :‬وأنزلنا إليكم نورا مبينا ‪ ‬و ‪‬أهدنا الصراط المستقيم ‪ ‬أي الدين الحق لتشابههما في أن كال يوصل إلى المطلوب‬
‫‪ -2‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬في قلوبهم مرض فزادهم هللا مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )‬
‫فاآلية الكريمة تتحدث عن الكفار فالذي في قلوب الكفار ليس المرض وإ نما في قلوبهم كفر فاهلل سبحانه وتعالي شبه الكفر بالمرض‬
‫فصرح بالمشبه به وهو المرض وحذف المشبه وهو الكفر علي سبيل االستعارة التصريحية ‪.‬‬
‫ب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا )‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬قال ر ِ‬
‫فسيدنا نبي اهلل إبراهيم كان يقصد أنه ضعف عظمه وظهر بياض الشيب في رأسه ولكنه شبه بياض الشعر في رأسه باالشتعال فقد شبه‬
‫كثرة الشعر األبيض في شعره باالشتعال ثم حذف المشبه ‪ ( :‬كثرة الشعر األبيض ) وصرح بالمشبه به وهو ‪ ( :‬االشتعال ) علي سبيل‬
‫االستعارة التصريحية ‪.‬‬
‫‪ -4‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬إنا لما طغي الماء حملناكم في الجارية )‬
‫فالجارية هي السفينة وطغي الماء أي زاد وارتفع فاهلل سبحانه وتعالي شبه زيادة وارتفاع الماء بالطغيان في جامع مجاوزة الحد فحذف‬
‫المشبه وهو زيادة وارتفاع الماء وصرح بالمشبه به وهو الطغيان علي سبيل االستعارة التصريحية‬
‫‪ -5‬رأيت زهرة تحملها أمها ‪:‬‬
‫فاألصل ‪ :‬رأيت طفلة كالزهرة حيث حذف المشبه ( طفلة ) وصرح بالمشبه به ( زهرة ) ‪،‬فاالستعارة تصريحيه ‪.‬‬
‫‪ -6‬قال أعرابي ‪ :‬أولئك قوم يصومون عن المعروف‪ ،‬ويفطرون علي الفحشاء‬

‫‪11‬‬
‫القائل ‪ :‬شبه االمتناع عن العمل بالصيام‪ ،‬وحذف المشبه ( االمتناع ) ‪ ،‬وصرح بالمشبه به ( الصيام ) فاالستعارة تصريحيه كما شبه‬
‫االقتراف والفعل باإلفطار‪ ،‬وحذف المشبه ( الفعل )‪ ،‬وصرح بالمشبه به ( الفطر ) فاالستعارة تصريحيه ‪.‬‬
‫‪ -7‬قال المتنبي في مدح سيف الدولة ‪:‬‬
‫إلى البحر يسعى أَ ْم إلى البدر يرتقي‬ ‫وأقب َل يمشي في البساط فما درى‬
‫وصرح بلفظ المشبه به وهو البحر‪ ،‬فاالستعارة تصريحيه‬
‫ّ‬ ‫فقد شبه الشاعر سيف الدولة بالبحر ثم حذف المشبه وهو سيف الدولة‬
‫وصرح بلفظ المشبه به و هو البدر‪ ،‬فاالستعارة تصريحيه‬
‫ّ‬ ‫كما شبه الشاعر سيف الدولة بالبدر‪ ،‬وحذف المشبه وهو سيف الدولة‬
‫وال رجال قامت تعانقه االُ ْ‬
‫س ُد‬ ‫‪ -8‬قال المتنبي مخاطبا ً ممدوحه ‪ :‬لم َ‬
‫أر قبلي من مشى البحر نحوه‬
‫ثانيا باألسد على سبيل االستعارة التصريحية ‪ ،‬والقرينة المانعة من إرادة المعنى‬
‫فقد شبهه أوالً بالبحر بجامع العطاء والجود ‪ ،‬وشبهه ً‬
‫الحقيقي لفظية هي إسناد الفعل ( مشى ) إلى ( البحر ) ‪ ،‬وإ سناد الفعل ( عانق ) إلى ( األسد ) ‪.‬‬
‫ت لِيُ ْخ ِر َج ُكم ِّمنَ ال ُّ‬
‫ظلُ َما ِ‬
‫ت إِلَى النُّو ِر )‬ ‫‪ -9‬قال هللا تعالي ‪ُ ( :‬ه َو الَّ ِذي يُنَ ِّز ُل َعلَى َع ْب ِد ِه آيَا ٍ‬
‫ت بَيِّنَا ٍ‬
‫شبه اهلل الكفر بالظلمات بجامع انعدام الهداية ‪ ،‬وشبه اإليمان بالنور بجامع االهتداء‪ ،‬ثم حذف المشبه‪ ،‬الكفر واإليمان‪ ،‬وأبقى بدلهما‬
‫المشبه به‪ ،‬الظلمات والنور‪ ،‬على سبيل االستعارة التصريحية والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي هي القرينة الحالية ‪.‬‬
‫‪ -10‬وصف أعرابي أخا ً له فقال ‪ :‬كان أ ِخي يَ ْقرى العينَ َجماال واألُذنَ بيانا ً‬
‫القرى َي ْق ِرى بمعنى ُي ْم ِتع عل سبيل االستعارة التصريحية‪،‬‬
‫ق من ِ‬
‫شبه إمتاع العين بالجمال و إمتاع األُذن بالبيان بقرى الضيف‪ ،‬ثم اشتُ َّ‬‫ِّ‬
‫والقرينة جماال وبيانا ً‪.‬‬
‫ص َراطَ ا ْل ُم ْ‬
‫ستَقِي َم )‬ ‫‪ -11‬قوله تعالى ‪ ( :‬ا ْه ِدنَا ال ِّ‬
‫َّه ِ‬
‫به علي سبيل االستعارة‬ ‫اإلسالم وأبقى المشب َ‬ ‫وحذف المشبَّه وهو‬
‫َ‬ ‫كل منهما‬ ‫ِ‬
‫الهدف في ٍّ‬ ‫بجامع التوصيل إلى‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالصراط‬ ‫الدين‬
‫َ‬ ‫فقد شبَّه‬
‫ُ‬
‫التصريحية ‪.‬‬
‫ضحك المشيب برأسه فبكي‬ ‫‪ -12‬قال الشاعر ‪ :‬ال تعجبي يا سل ُم من رج ٍل‬
‫في هذا البيت استعارة تصريحية حيث شبه الشاعر ظهور الشيب والشعر األبيض في الرأس بالضحك ثم حذف المشبه وهو ‪ ( :‬ظهور‬
‫الشيب والشعر األبيض ) وصرح بالمشبه به وهو ‪ ( :‬الضحك ) علي سبيل االستعارة التصريحية وبما أن االستعارة واقعة في الفعل‬
‫( ضحك ) فهي استعارة تبعية في الفعل ‪.‬‬
‫إلي قمر من اإليوان با ٍد‬ ‫‪ -13‬قال الشاعر ‪ :‬يؤدون التحية من بعي ٍد‬
‫الشاعر يمدح فهو يقول إنهم يؤدون التحية علي إنسان مشبه بالقمر ٍ‬
‫باد ظاهر وهو الممدوح فقد شبه الشاعر الممدوح بالقمر البادي‬
‫من اإليوان في النور واإلضاءة والجمال فصرح بالمشبه به وهو ‪ ( :‬القمر البادي ) وحذف المشبه وهو ‪ ( :‬الممدوح ) علي سبيل‬
‫االستعارة التصريحية‬
‫‪ -14‬قال البحتري يصف مبارزة بين ( الفتح بن خاقان ) لألسد ‪:‬‬
‫عِراكا إذا الهيابـــة النكسُ كَذَّبا‬ ‫فلم أرَ ضرغامين أصدق منكما‬
‫من القوم يغشي باسل الوجد أغلبا‬ ‫هِزَبْرٌ مشي يبغي هِزَبْرًا وأغلبٌ‬
‫من الواضح أن الشاعر يمدح الفتح بن خاقان فهو قد شبه الممدوح بالهزبر وهو األسد في البيت الثاني فصرح بالمشبه به وهو ‪:‬‬
‫( الهزبر ) وحذف المشبه وهو ‪ ( :‬الممدوح ) علي سبيل االستعارة التصريحية ‪.‬‬
‫‪ -15‬تقول الحكمة ‪ ( :‬أُ ْح ِّي معروفك بإماتة ذكره )‬
‫شبهت الحكمة العربية بقاء ذكر المعروف بالحياة وترك ذكره باإلماتة فصرحت بالمشبه به وحذفت المشبه علي سبيل االستعارة‬
‫التصريحية‬
‫۩ ثانيا ‪ :‬االستعارة المكنية ( التخيلية ) ۩‬
‫‪ -1‬ما معني االستعارة المكنية ؟ ول َم سميت بذلك االسم ؟ مع التمثيل لما تقول‬
‫‪ -‬تعريفها ‪ :‬هي عبارة تشبيه حُذف منه المشبه به ‪ ،‬و رُمِزَ له بشيءٍ من لوازمه أَيْ ‪ :‬صفاته و معنى ذلك‬
‫‪ :‬ال نصرِّحُ بلفظ المشبه به‪ ،‬وإنما نحذفه‪ ،‬نكنِّي عنه أو نرمز له بشيءٍ من اللوازم أو الصفات التي تدلّ‬
‫عليه‬
‫‪12‬‬
‫‪ -‬تعريف آخر ‪ :‬وهي ما ذكر فيها لفظ المشبه وحذف منها لفظ المشبه به وأبقي شيء من لوازمه‬
‫‪ -‬وقد سميت االستعارة المكنية بهذا االسم ‪ :‬ألن المشبه به ( المستعار منه ) جاء مكنيا أي محتجبا ومختفيا‬
‫غير مصرح به بخالف ما كان عليه الحال في االستعارة التصريحية‬
‫ومن األمثلة الدالة علي االستعارة المكنية ‪-:‬‬
‫ار َح ْم ُه َما َك َما َربَّيَانِي َ‬
‫ص ِغي ًرا )‬ ‫اح ُّ‬
‫الذ ِّل ِمنَ ال َّر ْح َم ِة َوقُ ْل َر ِّب ْ‬ ‫ض لَ ُه َما َجنَ َ‬ ‫‪ -1‬قال هللا تعالي ‪َ ( :‬و ْ‬
‫اخفِ ْ‬
‫فقد استعار الجناح من الطائر‪ ،‬والمستعار له الذل‪ ،‬والمستعار الجناح‪ .‬والغرض الطاعة للوالدين واالستعارة مكنية ؛ ألنه ذكر المشبه‬
‫رمز إليه‬
‫ولكن َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫بالطائر ‪ ،‬وحذف المشبَّه به‬ ‫( الذل) وحذف المشبه به الطائر‪ ،‬وأبقى شيئاً من لوازمه ( جناح ) ليدل عليه فقد شبَّه َّ‬
‫الذل‬
‫َّه وذلك على سبيل االستعارة المكنية ‪.‬‬ ‫أركان التشبيه إال َّ‬
‫الذل وهو المشب ُ‬ ‫ِ‬ ‫الجناح ‪ ،‬فلم يذكر من‬ ‫ِ‬
‫لوازمه وهو‬ ‫ٍ‬
‫بشيء من‬
‫ُ‬
‫أبصـرتَ ك َّل تميمـ ٍة ال تنفـع‬
‫ْ‬ ‫‪ -2‬قال أبو خراش الهذلي ‪ :‬وإذا المنيّـةُ أنشـبت ْ أظفا َرهـا‬
‫الرقى والتمائم ال تنقذ اإلنسان من الموت فالمستعار ( أظفارها ) من الوحش المفترس ( المستعار منه ) وهو المشبه‬
‫أن ّ‬‫يريد الشاعر‪ّ :‬‬
‫به‪ ،‬والمنية ( المستعار له ) وهو المشبه فاالستعارة مكنية ألنه ذكر المشبه ( المنية ) فقد شبه المنية بحيوان مفترس بجامع اإلهالك‬
‫شيئا من لوازمه وهو ( األظفار ) ‪ ،‬والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي لفظية هي‬
‫وحذف المشبه به (الحيوان المفترس) وأبقى ً‬
‫إسناد الفعل ( أنشب ) إلى لفظ ( المنية ) ‪.‬‬
‫وحانَ قِطافُهـا وإِنّي لَ َ‬
‫صا ِحبُ َها )‬ ‫إحدى ُخطَبه في التهديد ‪ ( :‬أني أل َرى ُرؤ ُوسا ً قَ ْد أ ْينَ َعتْ َ‬
‫اج في ْ‬
‫الحج ُ‬
‫َّ‬ ‫‪ -3‬وقال‬
‫شيئا من لوازمه يد ّل عليه وهو القطاف واإليناع‪،‬‬
‫فقد شبه الرؤوس بالثمرات‪ ،‬فذكر المشبه‪ ،‬وحذف المشبه به وهو الثمرات‪ ،‬وأبقى ً‬
‫وذلك على سبيل االستعارة المكنية‬
‫‪ -4‬قال تعالي علي لسان زكريا عليه السالم ‪ ( :‬رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبًا )‬
‫ٍ‬
‫بشيء من لوازمه وهو " اشتعل " على سبيل االستعارة المكنية ‪ ،‬والقرينة إثبات‬ ‫مز إليه‬
‫ور َ‬ ‫ِ‬
‫ش ِّبه الرأس بالوقود ثم حذف المشبه به‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫االشتعال للرأس‬
‫ب أَ َخ َذ األَ ْل َو َ‬
‫اح )‬ ‫سى ا ْل َغ َ‬
‫ض ُ‬ ‫‪ -5‬قال تعالي ‪َ ( :‬ولَ َّما َ‬
‫س َكتَ عَن ُّمو َ‬
‫شبه الغضب بإنسان ثم حذف المشبه به وأبقى شيئا من خصائصه ‪ ،‬هو السكوت على سبيل االستعارة المكنية‪ ،‬وقرينتها المانعة من‬
‫إرادة المعنى الحقيقي هو إسناد الفعل ( سكت ) إلى لفظ ( الغضب ) ‪.‬‬
‫الخطُوبَا‬
‫سلَيْمانَ ُ‬
‫إلى اب ِن أبي ُ‬ ‫ت اإل ْب ُل ا ْمتَطَ ْينَا‬
‫‪ -6‬قال المتنبي ‪ :‬ول ّما قَلّ ِ‬
‫كانت مطايا لنا فقد شبه الشاعر الخطوب‬
‫الممدوح ‪ ،‬فكأنها ْ‬
‫ِ‬ ‫والشدائد إلى‬
‫ُ‬ ‫المحن‬
‫ُ‬ ‫لقلة ِ‬
‫ذات اليد أدتني‬ ‫أي لما أعوزتنا اإلب ُل وفقدناها ِ‬
‫باإلبل ثم حذف المشبه به ( اإلبل ) ورمز لها بشيء من لوازمها وصفة من صفاتها وهي ‪ ( :‬امتطينا ) علي سبيل االستعارة المكنية‬
‫ضالَلَةَ بِا ْل ُهدَى }‬ ‫‪ -7‬قال هللا تعالي ‪ { :‬أُ ْولَئِ َك الَّ ِذينَ ا ْ‬
‫شتَ ُر ُو ْا ال َّ‬
‫استعارة مكنية حيث شبه اهلل سبحانه وتعالي الضاللة بشيء مادي يشتري‬
‫نَ ْم فالمخا ِوفُ كلُّ ُهنَّ أَمانُ‬ ‫‪ -8‬قال الشاعر ‪ :‬وإِذا السعادةُ الحظ ْتك عيونُها‬
‫شبه الشاعر السعادة بإنسان يالحظ وينظر وحذف المشبه به ( اإلنسان ) ثم ذكر بعض لوازمه وهو قوله ‪ ( :‬الحظتك عيونها ) علي‬
‫سبيل االستعارة المكنية‬
‫ت ووحدانا‬
‫طاروا إليه زرافا ٍ‬ ‫الشر أبدى ناجذيه لهم‬
‫ُّ‬ ‫‪ -9‬قال الشاعر ‪ :‬قو ٌم إذا‬
‫فقد شبه الشاعر الشر بحيوان مفترس يظهر ناجذيه ثم ذكر بعض لوازمه وهو قوله أبدي ناجذيه علي سبيل االستعارة المكنية‬
‫‪ -10‬حدثني التاريخ عن أمجاد أمتي فشعرت بالفخر واالعتزاز‬
‫استعارة مكنية فقد صور القائل التاريخ بإنسان يتحدث ثم ذكر بعض لوازمه وهو قوله ‪ ( :‬حدثني ) علي سبيل االستعارة المكنية والقرينة‬
‫أن التاريخ ال يتكلم‬
‫‪ -11‬طار الخبر في المدينة ‪ :‬استعارة مكنية فقد صورنا الخبر بطائر يطير وحذفنا المشبه ( الطائر ) وأتينا بصفة من صفاته وهي‬
‫طار والقرينة أن الخبر ال يطير‬
‫‪ -12‬قولنا ‪ :‬فالن انتهز الفرصة ‪ :‬صور الفرصة بشيء مادي يتمسك به اإلنسان علي سبيل االستعارة المكنية‬

‫‪13‬‬
‫۩ القيمة الفنية االستعارة المكنية ( التخيلية ) ۩‬
‫قرينة االستعارة المكنية ‪ :‬تسمي القرينة التخيلية‬
‫القيمة الفنية لالستعارة تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -1‬التجسيم ‪ :‬إذا شبه الشيء المعنوي بالشيء المادي‬
‫ار َح ْم ُه َما َك َما َربَّيَانِي َ‬
‫ص ِغي ًرا )‬ ‫اح ُّ‬
‫الذ ِّل ِمنَ ال َّر ْح َم ِة َوقُ ْل َر ِّب ْ‬ ‫ض لَ ُه َما َجنَ َ‬ ‫قال هللا تعالي ‪َ ( :‬و ْ‬
‫اخفِ ْ‬
‫فقد استعار الجناح من الطائر‪ ،‬والمستعار له الذل‪ ،‬والمستعار الجناح والغرض من ذلك الطاعة للوالدين واالستعارة مكنية ؛ ألنه ذكر‬
‫ولكن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫بالطائر ‪ ،‬وحذف المشبَّه به‬ ‫المشبه ( الذل ) وحذف المشبه به الطائر‪ ،‬وأبقى شيئاً من لوازمه ( جناح ) ليدل عليه فقد شبَّه َّ‬
‫الذل‬
‫َّه وذلك على سبيل االستعارة المكنية ‪.‬‬ ‫أركان التشبيه إال َّ‬
‫الذل وهو المشب ُ‬ ‫ِ‬ ‫الجناح ‪ ،‬فلم يذكر من‬ ‫ِ‬
‫لوازمه وهو‬ ‫ٍ‬
‫بشيء من‬ ‫رمز إليه‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫اإلنسان مثل ‪ :‬رأيت أسدا يضحك‬ ‫‪ -2‬التشخيص ‪ :‬وذلك إذا شبه أي شيء بصفة من صفات‬
‫{{ الفرق بين االستعارة التصريحية والمكنية }}‬
‫االستعارة التصريحية ‪ :‬يحذف فيها المشبه ( المستعار له ) ويصرح بالمشبه به ‪ ( :‬المستعار منه ) أما المكنية ‪ :‬فيحذف فيها المشبه به‬
‫ويذكر المشبه وحده مع وجود الزم للمشبه به يرمز إليه وهذا الالزم يعد قرينة المكنية وهو ما يسمي باالستعارة التخيلية وهذا هو رأي‬
‫جمهور البالغيين‬
‫وهنا البد أن نطرح سؤاال ‪ :‬أيهما أبلغ ‪ ( :‬االستعارة المكنية أم االستعارة التصريحية ) ؟ ولماذا ؟‬
‫بالطبع االستعارة المكنية أبلغ ‪ :‬ألن االستعارة المكنية تفيد التشخيص والتجسيم وهما يعدان سمة من أهم سماتها وقيمة كبري من قيمها‬
‫الفنية وفيها من المحاسن والروعة والبراعة والمبالغة ما فيها‬
‫فلننظر مثال إلي قول الشاعر وهو يصف خيول قومه ‪:‬‬
‫خيال تَضِبُّ لثاتُهــا للمغنم‬ ‫وبنو نمير قد لقينـا منهم‬
‫ومقطع حلق الرحالة مِرْجَم‬ ‫فدهمناهم دهما بكلِّ طمرة‬
‫ففي قوله تضب لثاتها ‪ :‬استعارة مكنية فقد شبه الخيل باإلنسان الذي يفرح للمغنم ويري ذلك علي معالم وجهة وتقاسيمه ثم حذف المشبه‬
‫تضب لثاته ) وهذا الالزم هو قرينة المكنية وهو في الوقت ذاته استعارة تخيلية كما يري‬
‫ُّ‬ ‫به اإلنسان وترك شيئا من لوازمه وهو ‪( :‬‬
‫الجمهور في إجراء هذه االستعارة‬
‫* ونالحظ أن قيمة هذه االستعارة أنها شخصت تلك الخيول وأضفت عليها طبعا من طبائع اإلنسان فجعلتها تحب المغنم ويسيل له لعابها‬
‫كما يسيل له لعاب اإلنسان العارف بقيمة هذا المغنم وأهميته‬
‫{{ االستعارة التخيلية عند جمهور البالغيين }}‬
‫اتفق جمهور البالغيين على أن قرينة االستعارة المكنية تسمي استعار تخيلية مثال ‪:‬‬
‫ألفيت كل تميمة ال تنفع‬ ‫وإذا المنية أنشبت أظفارُها‬ ‫قال أبو ذؤيب الهذلي ‪:‬‬
‫فقد أسند إنشاب األظفار إلى المنية التي هي من لوازم المشبه به المحذوف حيث يخيل للمخاطب المنية بصورة خيالية علي غير‬
‫المعتاد والمعروف عنها مبالغة في شدة فتكها وسرعة إهالكها لإلنسان والقضاء عليه في طرفة عين أو أقل‬
‫ومثل ‪ :‬إسناد اإليناع إلى الرؤوس في قول الحجاج ‪ ( :‬إني ألري رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها )‬
‫حيث يخيل للمخاطب الرؤوس بصورة خيالية علي غير المعتاد والمعروف علي سبيل المبالغة ‪ ،‬ومثل إثبات الجناح لإلنسان كما في‬
‫قوله تعالي ‪ ( :‬واخفض لهما جناح الذل من الرحمة )‬
‫ٌّ‬
‫وكل من قرينة االستعارة المكنية والتخييلية كما يري جمهور البالغيين متالزمان‪ ،‬بمعنى أن المكنية ال تفارق التخيلية والتخيلية ال‬
‫تفارق المكنية ألنها قرينتها وال استعارة بدون قرينة‬
‫{{ تعريف االستعارة التمثيلية }}‬

‫‪14‬‬
‫علمت من قبل أنَّ االستعارة التصريحية والمكنية تكونان في اللفظة المفردة أما التمثيلية تكون في الكالم‬
‫المركب فاالستعارة التمثيلية هي ‪ :‬هي تركيب استعمل في غير ما وضع له لعالقة المشابهة مع قرينة مانعة من‬
‫إرادة معناه األصلي مثل قول المتنبي ‪:‬‬
‫مثل قوله تعالى ‪ ( :‬وال تجعل يدك مغلولة إلي عنقك وال تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا )‬
‫ففي اآلية الكريمة نهيان ‪ :‬األول‪ :‬نهى عن البخل ‪ ،‬وقد جاء في صورة تحذير لإلنسان أن يجمع يده ‪ ،‬وعنقه في غل أما ‪ :‬الثاني‪:‬‬
‫نهي عن اإلسراف ‪ ،‬وجاء في صورة تحذير لإلنسان أن يمد يديه مدا متناهيا‪ ،‬فقد شبهت هيئة البخيل بهيئة المغلول الذي ال يستطيع‬
‫أن يمد يده إلى شيء‪ ،‬ثم حذف المشبه ‪ ،‬وتنوسي التشبيه‪ ،‬وادعي أن المشبه صار فردا من أفراد المشبه به‪ ،‬ثم استعير المركب الدال‬
‫على هيئة المشبه به لهيئة المشبه على طريق االستعارة التمثيلية التصريحية‬
‫يجد مرا به الماء الزالال‬ ‫ومثله قول المتنبي ‪ :‬ومن يك ذا فم مر مريض‬
‫بذمه ممن لم يرزق الذوق لفهم شعره بسبب ضعف في إدراكه بحال المريض الذي يجد الماء الزالل‬
‫حيث شبَّه المتنبي حال المولعين ِّ‬
‫مرا لمرارة أصيب بها في فمه ثم حذف المشبه وتنوسي التشبيه‪ ،‬وادعي أن المشبه صار فردا من أفراد المشبه به ‪ ،‬ثم استعير‬
‫المركب الدال على هيئة المشبه به لهيئة المشبه على طريق االستعارة التمثيلية التصريحية‪ ،‬والقرينة حالية‬
‫(( الفرق بين االستعارة التصريحية والمكنية والتمثيلية ))‬
‫‪ -1‬اتضح لك من أمثلة االستعارة التصريحية‪ ،‬وكذلك االستعارة المكنية أنها تقع في اللفظة المفردة‪ ،‬وهاتان االستعارتان عند المقارنة‬
‫ُ تشاكالن التشبيه المفرد الذي يتأتى في اللفظة المفردة أما االستعارة التمثيلية فهي على عكس ما سبق تماما ؛ ألنها تأتي في‬
‫المركبات‪ ،‬أو بعبارة أخري هي على غرار التشبيه المركب الطرفين الذي يتشكل من صورتين منتزعتين من أمرين أو عدة أمور‬
‫اندمج بعضها في بعض وتكونت منها هيئة أو صورة‬
‫ثم فهي تعد من قبيل المجاز المركب ؛ ألنها ترتكز على تشبيه صورة مركبة حسية أو عقلية بصورة أخري مركبة حسية‬
‫‪ -2‬ومن َ َّ‬
‫أو عقلية ‪ ،‬ثم تحذف الصورة األولى‪ ،‬وهي المستعار له ( المشبه ) ويبقي المستعار منه ( المشبه به )‬
‫‪ -3‬وعلى ذلك فإن هذه االستعارة التمثيلية تعد من االستعارة التصريحية؛ ألن المشبه به ( المستعار منه ) هو المصرح به فيها‬
‫‪ -4‬وقد كثر ورود هذه االستعارة في الشعر بوجه عام ومنه الشعر الجاهلي‪ ،‬من ذلك قول خداش بن زهير ‪:‬‬

‫ال أنا منكم وال حسي وال جرسي‬ ‫ال تدعوني فإني غير تابعكم‬
‫علي الحمار وخلَّي صهوة الفرس‬ ‫ولن أكون كمن ألقي ِرحـالته‬
‫* ففي البيت الثاني استعارة تمثيلية مستمدة من مجموع التراكيب فيه‪ ،‬وليس من لفظة واحدة فحسب‪ ،‬حيث استعار الشاعر صورة‬
‫من يترك امتطاء صهوة الفرس‪ ،‬ويستبدل بها ركوب ظهر الحمار لشخص يترك معالي األمور وعظائمها ‪ ،‬ويقبل على الدنايا منها‪،‬‬
‫بجامع ترك األفضل‪ ،‬واالنغماس في األخس األدون‪ ،‬فصرح بالمشبه به ( المستعار منه ) وطوي المشبه ( المستعار له ) بعد أن‬
‫ادَّعى أن صورة المشبه من جنس صورة المشبه به فأطلق على الصورة المشبهة التركيب الدال على المشبه به على طريق‬
‫االستعارة التمثيلية‬
‫* والغرض منها التأكيد عن طريق هذا التصوير الرائع على أنه ليس من هذا اللون من الرجال التابعين الذين ال همة لهم ‪ ،‬وال‬
‫مصوب إليها فاتخذ من هذه‬
‫َّ‬ ‫رأي عندهم بل هو شجاع مقدام مغوار ال يرهب اإلقدام على المعالي‪ ،‬وال يخشى ركوبها‪ ،‬بل نظره دوما‬
‫الصورة الحسية مثال لحالة ال يرضاها لنفسه‪ ،‬وهي استعارة هيئة محسوسة لهيئة معقولة وهي من روائع االستعارات التمثيلية‬
‫المستمدة من صهوة الفرس الذي يرمز بها للمعالي هنا والحمار الذي يرمز لسفاسف األمور ومحقَّراتها‬
‫‪ -5‬ولكن ينبغي التأكيد على أن هذا النوع من االستعارات إنما يأتي بكثرة كاثرة في األمثال السائرة عندما ُ‬
‫نشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيل فيه هذا المثل‬
‫‪ -1‬من ذلك قولهم في األمثال ‪ ( :‬قَطَعَت جَهيزة قول كل خطيب )‬

‫‪15‬‬
‫أن قوما اجتمعوا للتشاور والخطابة في الصلح بين حيين قتل رج ٌل من أحدهما رجال من الحي اآلخر وإ نهم لكذلك إذ‬ ‫وأصل المثل َّ‬
‫ط َعت َجهيزة قول كل خطيب ‪ ،‬وهو‬ ‫بجارية تدعي جهيزة أقبلت فأنبأتهم أن أولياء المقتول ظفروا بالقاتل فقتلوه فقال قائل منهم ‪ :‬قَ َ‬
‫تركيب يتمثل به في كل موطن يؤتي فيه بالقول الفصل‬
‫‪ - 2‬ومن ذلك قولهم في األمثال ‪ ( :‬إني أراك تقدم رجال وتؤخر أخري )‬
‫حيث شبهت صورة ‪ ،‬المتردد في رأيه بصورة من قام ليذهب فتردد‪ ،‬فتارة يريد الذهاب فيقدم رجال وتارة ال يريد فيؤخر أخري‬
‫واستعير المركب الدال علي التردد في المشي للداللة علي معني التردد في الرأي ثم حذف المشبه به وتنوسي التشبيه وأدعي أن‬
‫المشبه صار فردا من أفراد المشبه به ثم استعير المركب الدال علي هيئة المشبه به علي طريق االستعارة التمثيلية التصريحية ووجه‬
‫الشبه ‪ :‬اإلقدام تارة واإلحجام تارة أخري منتزع من عدة أمور والقرينة حالية والعالقة المشابهة‬
‫‪ - 3‬ومن ذلك قولهم أيضا ‪ ( :‬عاد السيف إلي قِرابه ) و ( حلَّ الليث منيع غابة )‬
‫يضرب هذا القول للذي عاد إلي موطنه بعد سفر واغتراب فحينما عاد الرجل إلي وطنه لم يعد سيف~ٌ حقيقي إلي قرابه ولم ينزل أسد‬
‫حقيقي إلي عرينه فكل تركيب من هذين لم يستعمل في حقيقته فيكون استعماله في عودة الرجل العامل إلي بلده مجازا والقرينة حالية‬
‫والعالقة المشابهة‬
‫ومن هنا نقول ‪ ( :‬أنَّ كل مثل عربي أو شعبي يصلح أن يكون استعارة تمثيلية )‬
‫أقسام االستعارة باعتبار اللفظ المستعار ۩‬ ‫۩‬
‫تنقسم االستعارة باعتبار اللفظ المستعار إلي قسمين فما هما ؟‬
‫۩ االستعـــــــارة األصليــــــــة ۩‬
‫ما أقسام االستعارة من حيث اللفظ المستعار ؟ مع التمثيل لكل قسم مما تذكر‬
‫تنقسم االستعارة باعتبار اللفظ المستعار إلي قسمين فما هما ‪:‬‬
‫‪ - 1‬االستعارة األصلية ‪ :‬هي ما كان الفظ المستعار فيها اسم جنس يدل علي واحد غير معين من جنسه سواء كان‬
‫اسم الجنس يدل علي اسم ذات مثل ‪ ( :‬أسد – ثعلب – سيف – نجم – بحر – شمس – قمر – غمام ) أو يدل‬
‫علي اسم معني وهو المصادر مثل ‪ ( :‬فهم – قتل – كرم – إيمان – ضرب – خياطة – سياحة – نوم – يقظة )‬
‫وقد سميت االستعارة التبعية بهذا االسم ‪ :‬ألنها جرت في األصل ولم تحتج لغيرها ‪.‬‬
‫ومن األمثلة التي توضح االستعارة األصلية سواء كانت تصريحية أو مكنية ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬رأيت أسدا في الميدان ‪:‬‬
‫فقد شبهنا الرجل الشجاع باألسد فحذف المشبه وهو الرجل الشجاع وصرح بالمشبه به ثم تنوسي التشبيه وأدعي أن المشبه من جنس‬
‫المشبه به علي سبيل االستعارة التصريحية وبما أن االستعارة في كلمة ( أسدا ) وهو اسم ذات فهي استعارة تصريحية أصلية‬
‫‪ -2‬تعلمت من بحر ‪:‬‬
‫نجد أن المتكلم شبه الرجل العالم الذي تعلم منه بالبحر في الغزارة في العلم علي سبيل االستعارة التصريحية ونجد أن اللفظ المستعار هو‬
‫كلمة بحر وهو اسم ذات فاالستعارة أصلية تصريحية ‪.‬‬
‫‪ -3‬تكلمت مع سيف ‪:‬‬
‫نجد أن المتكلم شبه الرجل الذي تكلم وكان حاسما في كالمه بالسيف في الحزم والصرامة علي سبيل االستعارة التصريحية ونجد أن اللفظ‬
‫المستعار هو كلمة سيف وهو اسم ذات فاالستعارة أصلية تصريحية ‪.‬‬
‫‪ -4‬تقول قتلت الرجل قتال شديدا ( وأنت تريد ضربته ضربا شديدا )‬
‫نجد أن القائل شبه الضرب الشديد بالقتل في الشدة والقوة ثم تناسي التشبيه وأدعي أن المشبه من جنس المشبه به علي سبيل االستعارة‬
‫التصريحية وبما أن االستعارة في كلمة ( ضرب ) وهو اسم معني ( مصدر ) فهي استعارة تصريحية أصلية ‪.‬‬
‫س َهى والفَراقِ ُد‬
‫َوإنْ ال َمني فيكَ ال ُّ‬ ‫يخاطب سيف الدولة ‪ :‬أُ ِحبّكَ يا ش َ‬
‫َمس ال ّزما ِن وبَ ْد َرهُ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -5‬قال المتنبي‬

‫‪16‬‬
‫الشمس والبرد‬
‫ُ‬ ‫الدال على المشبَّه به وهو‬
‫اللفظ ُّ‬
‫ُ‬ ‫ومرةً بالبدر بجامعِ الرفعة والظهور‪ ،‬ثم استعيرَ‬
‫بالشمس؛ ّ‬
‫ِ‬ ‫شب َه سيفَ الدولة مرةً‬
‫في البيت ِّ‬
‫ُ‬
‫اللفظ‬ ‫استعير‬
‫َ‬ ‫الص َغر والخفاء‪ ،‬ثم‬
‫ومرة بالنجومِ يجامعِ ِّ‬
‫بالسها َّ‬
‫مرة ُّ‬
‫وشبهَ َم ْن دونه َّ‬
‫للمشبه على سبيل االستعارة التصريحية في الكلمتين‪ِّ ،‬‬
‫َّ‬
‫للمشبه على سبيل االستعارة التصريحية األصلية في الكلمتين ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫السها والفراقد‬
‫المشبه به وهو ُّ‬
‫َّ‬ ‫الدا ّلُ على‬
‫ليْتَ ما ح َّل بِناب ْه‬ ‫ضنا الده ُر بِناب ْه‬
‫‪ -6‬قال الشاعر ‪ :‬ع َّ‬
‫ٌ‬
‫أصلية‬ ‫ٌ‬
‫مكنية‬ ‫"عض" فاالستعارة‬
‫َّ‬ ‫ٍ‬
‫بشيء من لوازمه وهو‬ ‫مز إِليه‬
‫ور َ‬ ‫الدهر بحيوان م ْفترسٍ بجامع اإليذاء في ٍّ‬
‫المشبه به ُ‬
‫َّ‬ ‫كل‪ ،‬ثم ُحذفَ‬ ‫ُ‬ ‫ش ِّبهَ‬
‫ُ‬
‫في كلمة ( الدهر ) ‪.‬‬
‫ب‬
‫سحائ ِ‬
‫ض ال َّ‬
‫قي ال ِّريا ِ‬
‫س َ‬‫سقاها ال ِح َجى َ‬ ‫سانِي ح ِديقَةً‬
‫‪ -7‬وقال المتنبي ‪َ :‬ح َم ْلتُ إلَ ْي ِه ِمنْ لِ َ‬
‫الحجا وهو‬
‫ش ِّبهَ ِ‬
‫أصلية‪ ،‬و ُ‬
‫ٌ‬ ‫فاالستعارة تصريحيه‬
‫ُ‬ ‫للمشبه‬
‫َّ‬ ‫المشبه به‬
‫َّ‬ ‫الجمال في ٍّ‬
‫كل ‪ ،‬ثم استعير اللفظ الدا ّل على‬ ‫ِ‬ ‫بحديقة بجامع‬
‫ٍ‬ ‫ُ‬
‫الشعر‬ ‫ش ِّبه‬
‫ُ‬
‫ٌ‬
‫أصلية‬ ‫ٌ‬
‫مكنية‬ ‫ٍ‬
‫بشيء من لوازمه وهو "سقَى" فاالستعارة‬ ‫المشبه به ورمز إِليه‬
‫َّ‬ ‫العقل بالسحاب بجامع التأثير الحسن في ك ّلٍ وحذف‬
‫وت ْطلُع بَ ْين َع ْينَ ْي ِه الثُّريا‬ ‫‪ -8‬قال ابن نُباتةَ ال َّ‬
‫س ْع ِدى في وصف ُم ْه ِر أ َغ َّر ‪ :‬وأدْه َم يَ ْ‬
‫ستَ ِم ُّد الل ْي ُل ِم ْنه‬
‫فقد استعار الشاعر الثريا لغرة المهر واالستعارة في كلمة الثريا وهي اسم جنس جامد فاالستعارة أصلية تصريحية‬
‫سحار‬ ‫و َكذاكَ ُع ْم ُر َكوا ِك ِ‬
‫ب األ ْ‬ ‫ّهامي في رثاء ابنه ‪ :‬يا َك ْوكبا ً ما كانَ أَ ْقص َر ُع ْم َرهُ‬
‫ُّ‬ ‫‪ -9‬وقال الت‬
‫االستعارة في كلمة كوكبا حيث شبه المرثي بالكوكب في جامع العلو والوضاءة فصرح بالمشبه به وهو كوكب وطوي ذكر المشبه علي‬
‫سبيل االستعارة األصلية التصريحية ‪.‬‬
‫إلى البَ ْح ِر يس َعى أ ْم إلَى الب ْد ِر يرتقِي‬ ‫سا ِط ف َما َد َرى‬
‫شي في البِ َ‬
‫‪ -10‬قال الشاعر ‪ :‬أقب َل يم ِ‬
‫فقد شبه سيف الدولة بالبحر وحذف المشبه وصرح بالمشبه به علي سبيل االستعارة التصريحية كما نري أن االستعارة جاءت في كلمة‬
‫البحر وهو اسم جنس جامد فاالستعارة تصريحية أصلية ‪.‬‬
‫العيس نور والخدور كمائمه‬ ‫‪ -11‬قال أبو الطيب المتنبي ‪ :‬سقاك وحيانا بك هللا إنما علي‬
‫فقد شبه الشاعر محبوبته بالنور أي الزهرة فاالستعارة هنا تصريحية أصلية ‪.‬‬
‫‪ -12‬وصف أعرابي أخا ً له فقال ‪ :‬كان أ ِخي يَ ْقرى العينَ َجماال واألُذنَ بيانا ً‬
‫القرى َي ْق ِرى بمعنى ُي ْم ِتع عل سبيل االستعارة التصريحية‬
‫ق من ِ‬
‫شبه إمتاع العين بالجمال و إمتاع األُذن بالبيان بقرى الضيف‪ ،‬ثم اشتُ َّ‬
‫ِّ‬
‫األصلية ‪ ،‬والقرينة جماال وبيانا ً‬
‫۩ هل تدخل االستعارة في األعالم ( أسماء األشخاص ) ۩‬
‫األصل في االستعارة أنها ال تدخل في األعالم علل ؟‬
‫وذلك ألن االستعارة تقتضي إدخال المشبه في جنس المشبه به بجعل أفراد المشبه به قسمين متعارف وغير متعارف وال يمكن ذلك‬
‫في العلم لمنافاته الجنسية ألن العلم ‪ ( :‬محمد وخالد وعلي وهند وزينب ) يقتضي التشخص ومنع االشتراك والجنسية تقتضي العموم‬
‫ولكن يستثني من ذلك األعالم التي اشتهرت بوصف من األوصاف مثل ‪ :‬حاتم المشهور بالكرم ومادر المشهور بالبخل وسحبان‬
‫المشهور بالفصاحة وباقل المشهور بالفهاهة والفهاهة هي مشهور بكثرة زالته وعجزه وأبو رغال المشهور بالخيانة وعمر بن‬
‫الخطاب المشهور بالعدل في هذه الحالة يجوز أن نشبه شخص بحاتم الطائي في الكرم والجود‬
‫فحينما تقول ‪ :‬رأيت اليوم حاتما وتقصد به رجال كريما معطاءا‬
‫فإننا في هذه الحالة نشبه الرجل الكريم بحاتم الطائي الجاهلي المعروف بالكرم ثم حذف المشبه وهو الرجل الكريم وصرح بالمشبه به‬
‫وهو حاتم ثم تنوسي التشبيه وأدعي أن المشبه من جنس المشبه به علي سبيل االستعارة التصريحية وبما أن االستعارة في كلمة‬
‫حاتم فاالستعارة أصلية تصريحية والقرينة هي كلمة ( اليوم ) ألن حاتم الطائي الحقيقي كان في العصر الجاهلي وقد مات ‪.‬‬

‫۩ االستعــــارة التبعيــــة ۩‬
‫عرف االستعارة التبعية ؟ وبين لم سميت بهذا االسم ؟ وما أنواعها ؟ مع التمثيل لما تقول‬
‫االستعارة التبعية ‪ :‬هي تلك االستعارة التي يكون فيها اللفظ المستعار فعال أو اسما مشتقا أو حرفا ‪.‬‬
‫وقد سميت االستعارة بهذا االسم ‪ :‬ألنها مبنية علي استعارة أخري تابعة لها في إجرائها ألن ألفاظ االستعارة‬
‫فيها مشتقة ال جامدة وجريانها في المشتق كان تابعا لجريانها في المصدر ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ومن األمثلة التي تدل علي االستعارة التبعية بأنواعها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬االستعارة التبعية في الفعل ‪-:‬‬
‫س َختِ َها ُهدًى َو َر ْح َمةٌ لِّلَّ ِذينَ ُه ْم لِ َربِّ ِه ْم )‬ ‫ب أَ َخ َذ األَ ْل َو َ‬
‫اح َوفِي نُ ْ‬ ‫سى ا ْل َغ َ‬
‫ض ُ‬ ‫‪ -1‬قال تعالى ( َولَ َّما َ‬
‫س َكتَ عَن ُّمو َ‬
‫استعير‬
‫َ‬ ‫الغضب بالسكوتِ بجامع الهدوءِ في ًّ‬
‫كل‪ ،‬ثم‬ ‫ِ‬ ‫انتهاء‬
‫ُ‬ ‫شب َه‬
‫استعارة تصريحيه‪ ،‬وفي إجرائها نقول‪ِّ :‬‬
‫ً‬ ‫انظر إِ ًذا إِلى المثال تجد أن به‬
‫سكت بمعنى انتهى‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫انتهاء الغضب‬ ‫الغضب ثم اشتقَّ من السكوتِ بمعنى‬
‫ِ‬ ‫انتهاء‬ ‫للمشبه وهو‬
‫َّ‬ ‫المشبه به وهو السكوتُ‬
‫َّ‬ ‫اللفظ ُّ‬
‫الدال على‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫َو َر َد الفُراتَ زَ ئِي ُرهُ والنّيال‬ ‫‪ -2‬وقال المتنبي في وصف األَسد ‪َ :‬و ْر ٌد إذا َو َر َد البُ َحي َرةَ شا ِربا ً‬
‫المشبه به وهو الورود‬
‫َّ‬ ‫استعير اللفظ الدا ّلُ على‬
‫َ‬ ‫أن كالًّ ينتهي إلى غايةٍ ثم‬ ‫ِ‬
‫الماء بجامعِ َّ‬ ‫وصول صوت األَسد إِلى الفرات بوصولِ‬
‫ُ‬ ‫ش ِّب َه‬
‫فقد ُ‬
‫من الورود بمعنى وصول الصوت ورد بمعنى وصل‬
‫ق َ‬‫الصوت ثم اشتُ َّ‬
‫ِ‬ ‫للمشبه وهو وصول‬
‫َّ‬
‫لنتعلم منهما شيئا ً جديدًا ‪:‬‬
‫َّ‬ ‫ارجع بنا ثانيا ً إلى المثالين السابقين‬
‫ٍ‬
‫بشيء من لوازمه وهو‬ ‫ويرمز إليه‬
‫المشبه به ْ‬
‫َّ‬ ‫الغضب بإنسان ثم يحذفُ‬
‫ُ‬ ‫يشبه‬
‫أن َّ‬
‫ب " يجوز ْ‬ ‫ضُ‬
‫وسى ا ْل َغ َ‬
‫س َك َت َعن ُّم َ‬
‫ففي األول وهو " َولَ َّما َ‬
‫الزئير بحيوان ثم يحذف ويرمز إليه بشيء‬
‫ُ‬ ‫يشبه‬
‫الفرات زئيره" يجوز أن َّ‬
‫َ‬ ‫مكنية‪ .‬وفي الثاني وهو "ورد‬‫ٌ‬ ‫"الغضب" استعارةٌ‬
‫ِ‬ ‫سكت فتكون في‬
‫َ‬
‫مكنية غيرَ أنه ال‬
‫ٌ‬ ‫أن يكون في قرينتها استعارةٌ‬
‫يصح ْ‬
‫ُّ‬ ‫ٍ‬
‫تبعية‬ ‫ٍ‬
‫استعارة‬ ‫مكنية‪ ،‬وهكذا كلُّ‬
‫ٌ‬ ‫من لوازمه وهو ورد فيكون في "زئيره" استعارةٌ‬
‫واحدة منهما ال في كلتيهما معاً ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫إجراء االستعارة إِال في‬
‫َ‬ ‫يجوز لك‬
‫والقلوب‬
‫ُ‬ ‫ضمائ ُر‬
‫ت ال َّ‬
‫س َم ِ‬
‫تب َّ‬ ‫صافح األسما َع يوما ً‬
‫َ‬ ‫ش ْع َرهُ ‪ :‬إذا ما‬
‫صف ِ‬
‫ري ال ّرفا ُء يَ ِ‬
‫س ُّ‬
‫‪ -3‬قال ال َّ‬
‫فقد شبه الشاعر سماع أبيات شعره بقادم زائر خفيف الظل محبوب يزور األسماع وحذف المشبه به ورمز إليه بشيء من صفات قدومه‬
‫زائرا وهي المصافحة وأطلق فعل صافح علي طريقة االستعارة المكنية التبعية في الفعل ‪.‬‬
‫‪ -4‬قال تعالي علي لسان زكريا عليه السالم ‪ ( :‬رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبًا )‬
‫فقد شبه اهلل كثرة الشعر األبيض باالشتعال ثم حذف المشبه وذكر المشبه به علي سبيل االستعارة التصريحية ونالحظ أن اللفظ‬
‫المستعار هو اشتعل وهو فعل ولذلك فإن االستعارة تصريحية تبعية ‪.‬‬
‫فال يضيء لها نجم وال قمر‬ ‫‪ -5‬قال الشاعر ‪ :‬وليلة مرضت من كل ناحية‬
‫االستعارة في كلمة مرضت حيث إن الليلة ال تمرض فشبه اللفظ أظلمت بمرضت وحذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به علي سبيل‬
‫االستعارة التبعية التصريحية ألنها في الفعل ‪ ( :‬مرضت ) ‪.‬‬
‫‪ 2‬االستعارة التبعية في االسم المشتق ‪-:‬‬
‫‪ -1‬قولنا ‪ :‬الحال ناطقة بكذا ‪ :‬فقد شبه القائل الحال بأنها إنسان ينطق وبما أن اللفظ المستعار اسم مشتق وهو اسم الفاعل‬
‫( ناطقة ) علي سبيل االستعارة التبعية المكنية ‪.‬‬
‫‪ -2‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬فأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ) ‪ :‬فقد شبه اهلل سبحانه وتعالي الريح بالعتو بجامع مجاوزة‬
‫الحد في كل منهما ثم حذف المشبه به ‪ :‬شدة الريح وتنوسي التشبيه وادعي أن المشبه من جنس المشبه به ثم اشتق من العتو كلمة ‪:‬‬
‫عاتية وهي اسم مشتق ( اسم فاعل ) علي سبيل االستعارة التبعية التصريحية في االسم المشتق‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالي ‪ ( :‬وفي عاد إذا أرسلنا عليهم الريح العقيم ) ‪ :‬فقد شبه شدة الريح بالعقم ثم حذف المشبه به ‪ :‬شدة‬
‫الريح وتنوسي التشبيه وادعي أن المشبه من جنس المشبه به ثم اشتق من العقم كلمة ‪ :‬عقيم وهي اسم مشتق‬
‫( صيغة مبالغة ) علي سبيل االستعارة التبعية التصريحية في االسم المشتق‬
‫ِمنْ بكا ِء العارض الهتِن‬ ‫ضاحك ٍة‬
‫ِ‬ ‫خضرا َء‬
‫ْ‬ ‫(‪ )4‬وقال آخر يخاطب طائ ًرا ‪ :‬أَ ْنت في‬
‫اإلزهار‬
‫ق من الضحك بمعنى ْ‬ ‫للمشبه‪ ،‬ثم اشتُ َّ‬
‫َّ‬ ‫كل‪ ،‬ثم استعير اللفظ الدال على المشبَّه ِ‬
‫به‬ ‫البياض في ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالضحك بجامع ظهور‬ ‫ش ِّب َه اإلزهارُ‬
‫فقد ُ‬
‫ٌ‬
‫تبعية‬ ‫ٌ‬
‫تصريحية‬ ‫ُ‬
‫فاالستعارة‬ ‫ضاحكةً بمعنى ُمز ِهرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫باآلدمي‪ ،‬ثم حذف المشبَّه به ورمز‬
‫ِّ‬ ‫األرض الخضراء‬
‫ُ‬ ‫شبهتِ‬
‫نجريها في قرينتها فنقول ‪ِّ :‬‬ ‫أن نضرب ص ْفحاً عن هذه االستعارة‪ ،‬وأَنْ ْ‬ ‫ويجوز ْ‬
‫ً‬
‫مكنية‬ ‫بشيء من لوازمه وهو ضاحكةٌ فتكون االستعارة ُ‬ ‫ٍ‬ ‫إِليه‬
‫أصلية‪ ،‬ويجوز‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫تصريحية‬ ‫ُ‬
‫فاالستعارة‬ ‫للمشبه‪،‬‬
‫َّ‬ ‫المشبه به‬
‫َّ‬ ‫المطر بالبكاء بجامع سقوط الماء في ٍّ‬
‫كل ‪ ،‬ثم استعير اللفظ الدالُّ َعلى‬ ‫ِ‬ ‫ش ِّبه نزول‬
‫وُ‬
‫أن تُ ْج َرى االستعارةُ مكني ًة في العارض‬
‫‪ 3‬االستعارة التبعية في الحرف ‪-:‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ -1‬مثل قول هللا تعالي ‪ ( :‬فألقطعنَّ أيديكم وأرجلكم من خالف وألصلبنَّكم في جذوع النخل ) ‪:‬‬
‫حرف الجر في لم يستعمل في معناه الحقيقي وهو الظرفية والقرينة عقلية ألن جذوع النخل ال تصلح ظرفا حقيقيا وسر التعبير بفي هنا‬
‫‪ :‬الداللة علي شدة تمكينهم وإ حكام تصليبهم في هذه الجذوع مما يدل علي شدة تعذيبهم‬
‫‪ -2‬مثل ‪ :‬قول هللا تعالي ‪ ( :‬فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) ‪:‬‬
‫فالالم في قوله ‪ ( :‬ليكون ) ليست مستعملة في معناها الحقيقي ألن الم التعليل موضوعة لتدل علي أن ما بعدها مترتب علي ما قبلها‬
‫ولكنها هنا في اآلية لم تستعمل في هذا المعني ألن ما بعدها ليس مترتبا علي ما قبلها والقرينة هنا ‪ :‬أن آل فرعون لم يلتقطوه ليكون‬
‫لهم عدوا بل ليكون لهم قرة أعين ففي الالم استعارة حيث شبه العلة بالعاقبة وبما أن اللفظ المستعار حرف فاالستعارة تصريحية تبعية‬
‫في الحرف‬
‫۩ أقسام االستعارة باعتبار الطرفين وباعتبار الجامع ۩‬
‫{{{ أقسام االستعارة باعتبار الطرفين والجامع وباعتبار الخارج عنهما }}}‬
‫تنقسم االستعارة باعتبار الطرفين والجامع إلي ستة أقسام ‪:‬‬
‫‪ -1‬استعارة محسوس لمحسوس والجامع حسي ‪:‬‬
‫سي )‬ ‫مثل قول هللا تعالي ‪ ( :‬فأخرج لهم عجال جسدا له ُخوا ٌر فقالوا هذا إلهكم وإله موسي فنَ ِ‬
‫فالمشبه به ‪ ( :‬المستعار منه ) هنا هو ولد البقرة وهو أمر مدرك بحاسة البصر والمشبه ( المستعار له ) هو الحيوان الذي صنعه‬
‫السامري علي شكل العجل وهو أمر مدرك أيضا بحاسة البصر والجامع ‪ ( :‬وجه الشبه ) وهو الشكل وهو أمر محسوس مدرك بحاسة‬
‫البصر أيضا‬
‫‪ -2‬استعارة محسوس لمحسوس والجامع عقلي ‪:‬‬
‫مثل قول هللا تعالي ‪ ( :‬وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون )‬
‫جاء في هذه اآلية استعارة الفعل نسلخ من عملية سلخ الجلد من الحيوان بعد ذبحه وهو أمر مدرك بحاسة البصر للداللة علي عملية‬
‫إزالة ضوء النهار شيئا فشيئا عن مواطن ظهوره علي األرض في حركات وأحداث متتابعة وهذا أمر مدرك بحاسة البصر أيضا فحركة‬
‫ذهاب النهار عن المشارق وظهور الليل بالتدرج تشبه حركة سلخ الجلد شيئا فشيئا عن الحيوان المذبوح فاستعير هذا لهذا بفنية‬
‫دقيقة والجامع بينهما ما يعقل من ترتب أمر علي آخر كترتب ظهور اللحم علي كشط الجلد وإ زالته وترتب ظهور الظلمة علي كشف‬
‫الضوء عن مكان الليل وهذا الترتب أمر عقلي‬
‫‪ -3‬استعارة محسوس لمحسوس والجامع مختلف ‪ :‬بعضه حسي وبعضه عقلي ‪:‬‬
‫كما تقول رأيت شمسا وأنت تريد أنسانا كالشمس في حسن الطلعة وهو حسي ونباهة الشأن ورفعة القدر وهو عقلي‬
‫‪ -4‬استعارة معقول لمعقول والجامع عقلي ‪:‬‬
‫مثل قول هللا تعالي ‪ ( :‬قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون )‬
‫فقد استعير الرقاد وهو النوم للموت وكالهما عقليان والجامع عدم ظهور الفعل والجميع عقلي ومثله قول هللا تعالي ‪ ( :‬تكاد تميز من‬
‫الغيظ ) فقد استعير الغيظ وهو عقلي للحالة المتوهمة للنار وهو عقلي إلرادة االنتقام من العصاه وهو عقلي‬
‫‪ -5‬استعارة محسوس لمعقول والجامع عقلي ‪:‬‬
‫مثل قول هللا تعالي ‪ ( :‬فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) فقد استعير صدع الزجاجة وهو كسرها وهذا حسي‬
‫لتبليغ الرسالة بجامع التأثير وهما عقليان ومعني اآلية ‪ :‬أبن األمر يا محمد إبانة ال تنمحي كما ال يلتئم صدع الزجاجة وهذا هو سر‬
‫بالغة االستعارة التي أفادت اإليجاز في األسلوب والتوكيد للمعني والمبالغة في الوعد والوعيد والترغيب والترهيب‬
‫‪ -6‬استعارة معقول لمحسوس والجامع عقلي ‪:‬‬
‫مثل قول هللا تعالي ‪ ( :‬إنَّا لما طغي الماء حملناكم في الجارية ) فقد استعير الطغيان وهو التكبر والعلو لظهور الماء وكثرته والجامع‬
‫الخروج عن حد االعتدال واالستعالء المفرط فالمستعار منه والجامع عقليان‬
‫{{ أقسام االستعارة باعتبار الخارج }}‬
‫تنقسم االستعارة باعتبار الخارج إلى مرشحة ومجردة ومطلقة ‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -1‬االستعارة المطلقة ‪ :‬وهي التي ال تقترن بشيء يالءم المستعار له أو المستعار منه ‪:‬‬
‫مثل قولك ‪ :‬رأيت أسدا وأنت تريد رجال شجاعا فالمستعار له والمستعار منه لم يرد في هذه الجملة أي صفة تتالءم مع طرف منهما‬
‫أو هي التي اقترنت بصفة تتالءم مع كل واحد منهما مثل ‪ :‬رأيت أسدا يخطب ويزأر ‪ :‬فكلمة يزأر تتالءم مع المستعار منه المشبه به‬
‫وهو كلمة أسد وكلمة يخطب تتالءم مع المستعار له المشبه وهو الرجل الشجاع‬
‫ُمقَ َّذف له لِبَ ٌد أظفاره لم تقلَّ ِم‬ ‫لدي أسد شاكي السالح‬ ‫مثل قول زهير بن أبي سلمي ‪:‬‬
‫فقوله ‪ :‬شاكي السالح وصف يالءم المستعار له وهو الرجل الشجاع وقوله ‪ :‬له لبد أظفاره لم تقلم وصف يالءم المستعار منه األسد‬
‫الحقيقي حيث اقترن بكل طرف ما يتالءم معه فصارت االستعارة مطلقة أيضا القترانها بصفة تتالءم مع كل واحد منهما‬
‫‪ -2‬االستعارة المجردة ‪ :‬وهي التي تقترن بما يالءم المستعار له ومن أمثلتها ‪:‬‬
‫َغلِقَت لضحكته رقاب المال‬ ‫‪ -1‬قال كثير عزة يمدح عبد العزيز بن مروان ‪ُ :‬غ ْم ُر الرداء إذا تبسم ضاحكا‬
‫المعني ‪ :‬يريد أنه كثير العطاء سخي والمعني أنه إذا ضحك وسر وهب وماله وفرقه وعني برقاب األموال نفسها وعبر عنها بالرقاب‬
‫كقولهم اعتق رقبة أي عبدا فقد استعار الشاعر الرداء وهو المستعار منه للعطاء وهو المستعار له بجامع الستر والصيانة ألن‬
‫العطاء يصون ويستر عرض صاحبه كما يستر ويصون الرداء الجسد الذي يلقي عليه واالستعارة هنا مجردة ألن المستعار له العطاء‬
‫ورد له صفة تتالءم معه فالغمر وهو الكثير يناسب العطاء المستعار له دون الرداء والقرينة مستمدة من سياق الكالم في قوله إذا‬
‫تبسم أي شارعا في الضحك آخذا فيه‬
‫إلي قمر من اإليوان با ٍد‬ ‫‪ -2‬قال البحتري ‪ :‬يؤدون التحية من بعيد‬
‫فقد استعار القمر وهو المستعار منه للممدوح وهو المستعار له بجامع التأللؤ والضياء والقرينة لفظية في قوله ‪ :‬يؤدون التحية‬
‫واالستعارة هنا مجردة ألن المستعار له الممدوح وردت له صفة في العبارة تتالءم معه وهي قوله من اإليوان ٍ‬
‫باد فهذه الصفة تناسب‬
‫المستعار له دون المستعار منه‬
‫وقد سميت االستعارة المجردة بهذا االسم ‪ :‬لتجريدها عن بعض المبالغة لبعد المشبه حينئذ عن المشبه به لذكر ما يتالءم معه وذلك‬
‫يبعد دعوي االتحاد الذي هو مبني االستعارة‬
‫‪ -3‬االستعارة المرشحة ‪ :‬وهي التي تقترن بما يالءم المستعار منه ومن أمثلتها ‪:‬‬
‫ضالَلَةَ بِا ْل ُهدَى فَ َما َربِ َحت تِّ َجا َرتُ ُه ْم‪‬‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪ :‬أُ ْولَـئِ َك الَّ ِذينَ ا ْ‬
‫شتَ ُر ُو ْا ال َّ‬
‫فقد استعير االشتراء وهو المستعار منه لالستبدال واالختيار وهو المستعار له والقرينة الضاللة ألن الضاللة أمر معنوي ال يباع وال‬
‫يشتري ثم ذكر في اآلية صفة تالءم المستعار منه وهي الربح والتجارة في قوله ‪ :‬فما ربحت تجارتهم فإن هذا مما يتالءم مع‬
‫المستعار منه ( المشبه به ) ال المستعار له ( المشبه )‬
‫ظواهر جلدي وهو للقلب جارح‬ ‫‪ -2‬قال الشاعر ‪ :‬رمتني بسهم ريشه الكحل لم يضر‬
‫فالمعني ‪ :‬أنه رمته بسهم نظرها الفاتك الذي ريشه الكحل فجرحت قلبه ولم تجرح ظواهر جلده فقد استعار السهم للنظر بجامع‬
‫التأثير في كل ثم رشح االستعارة بذكر الريش المالئم للسهم‬
‫وال يتم الترشيح أو التجريد إال بعد أن تتم االستعارة باستيفائها قرينتها لفظية أو حالية‪ ،‬ولهذا ال تسمى قرينة التصريحية تجريدا وال‬
‫قرينة المكنية ترشيحا‬
‫أي قسم من هذه األقسام الثالثة أبلغ ‪ ( :‬المطلقة أم المرشحة أم المجردة ) ؟‬
‫والسؤال اآلن ‪ُّ :‬‬
‫واإلجابة هي أن الترشيح أبلغ من اإلطالق والتجريد؛ الشتمال الترشيح على تحقيق المبالغة في تناسي التشبيه‪ ،‬وادعاء أن المستعار‬
‫له (المشبه) صار هو المستعار منه نفسه ال شيء يشبهه‪ ،‬وكأن االستعارة غير موجودة أصال‬
‫واإلطالق يعد أبلغ من التجريد ‪ :‬فالتجريد على ذلك هو أضعف الجميع؛ ألن ذكر ما يالءم المشبه المستعار له يضعف دعوي االتحاد‬
‫بين الطرفين ‪.‬‬
‫المبحث األخير في االستعارة‬
‫(( بالغة االستعارة وشرائط حسنها ))‬

‫‪20‬‬
‫مضى بنا الوقوف على مفهوم االستعارة‪ ،‬وأركانها‪ ،‬وقرينتها‪ ،‬والفرق بينها وبين الكذب‪ ،‬كما مضى الكشف عن‬
‫ماهية االستعارة التصريحية والمكنية والتمثيلية‪ ،‬كما كشفنا لك عن أقسام االستعارة باعتباراتها المختلفة‪،‬‬
‫وهنا نأتي لبيان السر في بالغة االستعارة‪ ،‬وشرائط حسنها‬
‫{{ أوال ‪ :‬بالغة االستعارة }}‬
‫تتمثل بالغة االستعارة في عدة جوانب ‪:‬‬
‫الجانب األول ‪ :‬طريقة نظمها‪ ،‬وتأليفَ ألفاظها‪ ،‬فتركيبها يدل على تناسي التشبيه‪ ،‬ويحملك عمدا على تخيُّل‬
‫صورة جديدة ُ تنْسيك روعتها ما تضمَّنه الكالم من تشبيه خفي مستور‬
‫وطرف إلي‬
‫ٍ‬ ‫تَهمي‬ ‫بكف علي العافين حانية‬
‫ٍ‬ ‫ي في الفتح بن خاقان ‪ :‬يسمو‬‫انظر إِلى قول البحتر ِّ‬
‫اح‬
‫العلياء ط َّم ِ‬
‫ألست تري كفه وقد تمثلت في صورة سحابة هتانة تصب وبلها علي العافين السائلين وأن هذه الصورة قد تملكت عليك مشاعرك‬
‫فأذهلتك عما اختبأ في الكالم من تشبيه ؟‬
‫وانظر إلي قول البحتري في رثاء المتوكل وقد قتل غيلة ‪:‬‬
‫يجود بها والموت حمر أظافره‬ ‫صريع تقاضاه السيوف حشاشة‬
‫هل تستطيع أن تبعد خيالك عن هذه الصورة المخيفة للموت وهي صورة حيوان مفترس ضرجت أظافره بدماء قتاله ؟‬
‫لهذا كانت االستعارة أبلغ من التشبيه البليغ؛ ألن التشبيه البليغ وإِ ن بني على ادعاء أن المشبه والمشبه به سواء ال يزال التشبيه فيه‬
‫ملحوظا بخالف االستعارة فالتشبيه فيها منسي ومن ذلك يظهر ال أن االستعارة المرشحة أبلغ من المطلقة والمطلقة أبلغ من المجردة‬

‫الجانب الثاني ‪ :‬االبتكار وروعة الخيال‪ ،‬وما يحدثه ذلك من أثر في نفوس سامعيها‪ ،‬يجعلهم يحلقون في‬
‫سماوات الخيال‪ ،‬وهذا المجال من المجاالت الفسيحة لإلبداع اإلنساني‪ ،‬وهو ميدان لتسابق المجيدين من صناديد‬
‫الكالم‪ ،‬وأمرائه‬
‫إليه تجر‬ ‫‪ -1‬انظر إلي قول أبي العتاهية في تهنئة المهدي بالخالفة ‪ :‬أتته الخالفة منقادة‬
‫أذيالها‬
‫تجد أن الشاعر هنا قد صور لك الخالفة غادة هيفاء مدهلل فتن الناس جميعها بها وهي تأبي عليهم وتصد إعراضا عنهم ولكنها تأتي‬
‫للمهدي طائعة في دالل وجمال تجر أذيالها تيها وخفرا وهذه صورة ال شك رائعة أبدع أبو العتاهية تصويرها وستبقي حلوة ما بقي‬
‫الزمان‬
‫تفزعت األفالك والتفت الدهر‬ ‫‪ -2‬انظر مثال إلي قول البارودي ‪ :‬إذا استل منهم سي ٌد غرب سيفه‬
‫فقد صور األجرام السماوية العظيمة حية حساسة ترتعد فزعا ووهال كما صور الدهر بإنسان يلتفت دهشا وذهوال‬
‫طاروا إليه زرافات ووحدانا‬ ‫قوم إذا الشر أبدي ناجذيه لهم‬ ‫‪ -3‬انظر مثال إلي قول الشاعر ‪:‬‬
‫صور القوم الذين يعينهم بصور طيور تطير إلي‬
‫فقد صور الشاعر الشر بحيوان مفترس مكشر عن أنيابه مما يمأل قلبك رعبا ثم َّ‬
‫مصادمة األعداء طيرانا مما يستثير إعجابك بنجدتهم ويدعوك إلي إكبار حميتهم وشجاعتهم‬
‫واألمثلة السابقة توضح لك أن التراكيب المشتملة علي االستعارة أبلغ من تراكيب التشبيه وأشد وقعا في نفس المخاطب ألنه كلما‬
‫كانت داعية إلي التحليق في سماء الخيال كان وقعها في النفس أشد ومنزلتها في البالغة أعلي‬

‫الجانب الثالث ‪ :‬ومن بالغة االستعارة أيضا أن يعمد الشاعر إلى الصورة التي يرسمها ‪ ،‬فيفصلُّ أجزاءها‪،‬‬
‫ويبين لكل جزء مزيته الخاصة التي ينفرد بها ومن ذلك قول امرئ القيس في وصف الليل بالطول ‪:‬‬
‫وأردف إعجازا ونـــــاء بكلكل‬ ‫فقلت له لما تمطي بصلبــــــه‬
‫بصبح وما اإلصباح منك بأمثل‬ ‫أال أيها الليل الطويل أال انجلي‬
‫فالشاعر لم يكتف بتمثيل الليل بصورة شخص طويل القامة بل استوفي له جملة أركان الشخص فاستعار صلبا يتمطى به إذ كان كل‬
‫ذي صلب يزيد في طوله تمطيه وبالغ في ذلك بأن جعل له أعجازا يردف بعضها بعض ثم أراد أن يصفه بالثقل علي قلب ساهره‬
‫فاستعار له كلكال ينوء به أي يثقل به وال يخفي عليك ما يتركه هذا التفصيل البديع في قلب سامعه من األثر العظيم واالرتياح الجميل‬

‫‪21‬‬
‫الجانب الرابع‪ :‬ومن بالغتها أيضا أن الشاعر ال يكتفي بالصورة التي يرسمها بل ينظر إلي ما يترتب علي‬
‫الشيء فيعقب تلك الصورة بصورة أخري أشد وأوقع ومن ذلك قول أبي الطيب المتنبي ‪:‬‬
‫فؤادي في غشـــاء من نبـــال‬ ‫رماني الدهــــــــر باألرزاء حتى‬
‫تكسرت النصال علي النصال‬ ‫فصرت إذا أصابتـــني سهام‬
‫فالشاعر لم يكتف بتصويره المصائب سهاما في سرعة انصبابها وشدة إيالمها وال بالمبالغة في وصف كثرتها بأن جعل منها غشاءا‬
‫محيطا بفؤاده حتى جعل ذلك الغشاء من المتانة والكثافة بحيث إن تلك النصال مع استمرار انصبابها عليه ال تجد منفذا إلي فؤاده‬
‫ألنها تتكسر علي النصال التي سبقتها فانظر إلي هذا التمثيل الرائع وقل لي ‪ :‬هل رأيت تصويرا أشد منه لتراكم المصائب واآلالم‬
‫الجانب الخامس ‪ :‬إبراز المعقول في صورة المحسوس وذلك أن األمر المعقول إذا صور في شيء حسي فإن العقل‬
‫يكون مستوعبا له أكثر مما لو كان مجردا عن الحس فمثال ‪:‬‬
‫استعارة الليل للباطل في قولنا ‪ ( :‬أطل علينا ليل بهيم ) واستعارة النهار النتصار الحق علي الباطل في قولك ‪ ( :‬بدد النهار الليل )‬
‫فيه تثبيت لهذا المعني المجرد في األفئدة وترسيخ له في النفس اإلنسانية مما لو جاء التعبير عنه مجردا دون استعارة‬
‫الجانب السادس ‪ :‬التجسيد والتشخيص‪ ،‬ومن بالغة االستعارة كذلك وبخاصة المكنية أنها تعمد إلى تشخيص‬
‫المعنويات وتجسيدها‪،‬‬
‫فالتجسيم والتشخيص يعدان من أهم سماتها وقيمها الفنية‪ ،‬وقد أدرك ذلك القدماء ونصوا عليه‪ ،‬يقول اإلمام عبد القاهر ‪ :‬إنك لتري‬
‫بها الجماد حيا ناطقا واألعجم فصيحا واألجسام الخرس مبينة والمعاني الخفية بادية جميلة وإ ذا نظرت في أمر المقاييس وجدتها وال‬
‫ناصر لها أعز منها وال رونق لها ما لم تزنها وتجد التشبيهات علي الجملة غير معجبة ما لم تكنها إن شئت أرتك المعاني اللطيفة‬
‫التي هي من خبايا العقل كأنها قد جسمت حتى رأتها العيون وإ ن شئت لطَّفت األوصاف الجسمانية حتى تعود روحانية ال تنالها إال‬
‫الظنون‬
‫جسد الشعراء المعنويات‪ ،‬و َ َّ‬
‫شخصوا الحيوانات‪،‬‬ ‫ولو دققنا النظر في كثير من صور االستعارات لوجدنا هذا األمر واضحا جدا حيث َّ‬
‫إنسي عاقل تخاطبهم ويخاطبونها‪ ،‬وتجاوبهم ويجاوبونها‪ ،‬ويتسمعون أنينها‪ ،‬وتشتكي إليهم‪ ،‬ويشتكون إليها‪ ،‬كل‬
‫ٌّ‬ ‫وعاملوها على أنها‬
‫هذا كائن في أشعارهم بوضوح‬

‫الجانب السابع‪ :‬المبالغة والتأكيد واإليجاز‬


‫فإن أي أسلوب من أساليب االستعارة التي مرت بك ال تخلو من واحدة منها ناهيك عن األسرار األخرى المستمدة من طيات االستعارة‬
‫والتي يرشد إليها السياق ‪ ،‬ويستخرجها األلمعي الفطن الشغوف بتذوق البيان‬
‫(( شرائط حسن االستعارة ))‬
‫وضع علماء البالغة أربعة شروط إذا توفرت في االستعارة كانت حسنة معجبة وهذه الشروط هي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يثبت وجه الشبه بين المستعار منه والمستعار له ويتقرر فإذا كان وجه الشبه ضعيف بين الطرفين لم تحسن االستعارة وقد‬
‫تقرر في العقول الشبه بين العلم والنور وبين الرجل واألسد وبين الجهل والموت وبين الفتاة الحسناء والبدر وهكذا دواليك ولكن وجه‬
‫الشبه لم يتقرر بين اإلنسان األبخر واألسد‬
‫‪ - 2‬أال تبعد االستعارة جدا فتصعب علي الفهم وال تقرب جدا فتكون باردة وكل االستعارات البليغة وسط بين البعد الشديد والقرب‬
‫الشديد‬
‫‪ - 3‬أال تشتم رائحة التشبيه ألن ذلك يبطل الغرض من االستعارة وهو ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به لما في التشبيه من‬
‫الداللة علي أن المشبه به أقوي في وجه الشبه ومن ثم يجب أن يكون وجه الشبه بين الطرفين واضحا جليا لئال تصير االستعارة‬
‫تعمية وألغازا كما لو قيل في االستعارة المفردة ‪ :‬رأيت أسدا وأنت تريد إنسان أبخر فوجه الشبه بين الطرفين خفي ‪ ،‬وكما في‬
‫االستعارة التمثيلية ‪ ( :‬رأيت إبال مائة ال تجد فيها راحلة ) وأريد الناس من قوله ‪ ( :‬الناس كإبل مائة ال تجد فيها راحلة ) فالنبي‬
‫المرضي المصطفي من الناس في عزة وجوده كالناقة النجيبة المصطفاة التي ال توجد في‬
‫ّ‬ ‫أن‬
‫صلي اهلل عليه وسلم يريد أن يقول ‪َّ :‬‬
‫كثير من اإلبل‬
‫‪22‬‬
‫‪ - 4‬أن يكون الجامع في االستعارة شامال الطرفين وأن يكون التشبيه المبني عليه االستعارة وافيا بالغرض المنوط به‬
‫تمت بحمد اهلل االستعارة‬
‫مع تمنياتي‬
‫۩ الكناية خصائصها وبالغتها ۩‬
‫اإلنسان‪ ،‬ويريد به غيره‪ ،‬وهي ‪ :‬مصدر كنيت ‪ ،‬أو كنوت بكذا ‪ ،‬عن كذا ‪ ،‬إذا تركت‬
‫ُ‬ ‫تعريف الكناية لغة ‪ :‬ما يتكلمُ به‬
‫التصريح به وكني عن األمر بغيره يكني كناية أي ‪ :‬تكلم بغيره مما يستدل به عليه‬
‫قرينة مانعة من‬
‫ٍ‬ ‫األصلي ‪ ،‬لعدم وجود‬
‫ِّ‬ ‫إرادة المعنى‬
‫ِ‬ ‫وضع له‪ ،‬مع جواز‬
‫َ‬ ‫غير معناهُ الذي‬
‫لفظ أريد به ُ‬
‫واصطالحا ً ‪ٌ :‬‬
‫إرادته فالكناية ‪ :‬لفظ أطلق وأريد به الزم معناه مع جواز إرادة المعنى األصلي لهذا اللفظ‬
‫ٍ‬
‫بشيء‬ ‫شجاع عظيم ‪ ،‬فعدلت عن التصريح بهذه الصفة ‪ ،‬إلى اإلشارة إليها‬
‫ٌ‬ ‫نحو ‪ « :‬زيدٌ طويل ُالنجادُ » تريد بهذا التركيب أنه‬
‫طول قامته‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن‬ ‫عادة ‪ ،‬فإذاً ‪ :‬المراد ُ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫الشجاعة‬ ‫طول صاحبه‪ ،‬ويلزم من طول الجسمِ‬
‫تترتب عليه وتلزمه‪ ،‬ألنه يلزم من طول حمالةِ السيف ُ‬
‫الحقيقي‬
‫َّ‬ ‫يصح أن يراد المعنى‬
‫ُّ‬ ‫نجاد ‪ ،‬ومع ذلك‬
‫لم يكن له ٌ‬
‫ومن هنا يعلَ ُم أنَّ الفر َ‬
‫ق بين الكناية والمجاز‬
‫األصلي في الكناية ‪ ،‬لخصوصِ‬
‫ِّ‬ ‫المجاز ‪ ،‬فإنه ينافي ذلك ‪ ،‬نعم ‪ :‬قد تمتنعُ إرادة ُالمعنى‬ ‫ِ‬ ‫إرادة المعنى األصليِّ في الكناية ‪ ،‬دون‬
‫ِ‬ ‫صحةُ‬
‫ِ‬
‫وقوة‬ ‫استََوى ) كنايةٌ عن تمام القدرةِ ‪،‬‬
‫ش ْ‬ ‫ين ِه ) ‪ ،‬وكقوله تعالى ‪َّ ( :‬‬
‫الر ْح َم ُن َعلَى ا ْل َع ْر ِ‬ ‫َّات ِبي ِم ِ‬
‫ات َم ْط ِوي ٌ َ‬
‫ماو ُ‬
‫الس َ‬
‫الموضوع كقوله تعالى ‪َ ( :‬و َّ‬
‫ِ‬
‫ن واالستيالءِ ‪.‬‬
‫التمكُّ ِ‬
‫فمثال ‪ :‬عندما تقول ( محمد واسع الصدر )‬
‫فهذه العبارة كناية عن أن محمدا حليم فتركت التصريح إلي الكناية عنه ألنه يلزم من سعة الصدر أن يكون حليما ويجوز أن يكون محمد‬
‫واسع الصدر حقيقة ألن قرينة الكناية غير مانعة من إرادة المعني األصلي ‪.‬‬
‫الموصوف‪ :‬ملفوظاً أو ملحوظاً من سياق الكالم‬
‫ِ‬ ‫واألمانة ‪،‬وتعرف كنايةُ الصفة بذكر‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العفة‬ ‫وعندما تقول فالن نظيف اليد ‪ :‬تكني عن‬
‫فالمعني الحقيقي ليس مقصودا وهو نظافة اليد وغسلها من األقذار وإ نما المقصود المعني الالزم لذكر العبارة في العرف والعادة من العفة‬
‫واألمانة أو النزاهة أو الترفع ويجوز مع ذلك أن يكون نظيف اليد حقا ألن قرينة الكناية غير مانعة من إرادة المعني األصلي‬
‫الضحى ( كناية عن الترف والنعيم ) ويجوز أن تكون نؤوم الضحى فعال ألن قرينة الكناية غير‬ ‫وعندما تقول ‪ :‬فالنة نؤوم‬
‫مانعة من إرادة المعني األصلي‬
‫قال هللا تعالي ‪ ( :‬ويوم يعض الظالم علي يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيال )‬
‫فع ِدل عن التصريح بها إلي الكناية عنها ألنه يلزم من عض الظالم علي يديه يوم القيامة الندم الشديد‬
‫فاآلية كناية عن صفة وهي الندم ُ‬
‫علي ما كان من تفريط منه في حياته الدنيا في وقت ال ينفع الندم فالمقصود في اآلية ليس المعني الحقيقي وهو عض اليدين فعال وإ نما‬
‫يقصد به المعني الكنائي ‪ ( :‬الندم ) والقرينة هنا ال تمنع من المعني الحقيقي كذلك‬
‫مثال ‪ ( :‬فالن طويل اليد ) فإن هذا التعبير يحتمل ‪:‬‬
‫‪ -1‬إنك أردت التعبير عن سرقة لكن دون التصريح بها‪ ,‬وإ نما ذكرت لفظاً مالزماً لهذه الصفة وهو ( طويل اليد )‬
‫‪ -2‬بما أن هذا التعبير يحتمل أن يكون هذا الشخص يده من حيث الطول أطول من أيدي اآلخرين فهو تعبير حقيقي‬
‫مثال ‪ :‬واجهت صديقي بالحق فاحمر وجهه ‪ :‬فأطلق لفظ (حمرة الوجه) وأريد به معنى مالزماً وهو الخجل وال يمتنع معه إرادة‬
‫المعنى الحقيقي للفظ ‪ ,‬فالخجل ال يمتنع معه حمرة الوجه‬
‫وهي ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫( كناية عن صفة الكرم )‬ ‫ِ‬
‫العماد كثيُر الرما ِد إذا ما شتا‬ ‫ِ‬
‫(‪ )1‬كناية عن صفة ‪ :‬طوي ُل النجاد رفيعُ‬
‫( كناية عن موصوف وهو اللغة العربية )‬ ‫ِ‬
‫األعراب‬ ‫فيك بنتُ عدنانَ داراً َّ‬
‫ذك َرتها بداوةَ‬ ‫وجدت ِ‬
‫ُ‬ ‫(‪ )2‬كناية عن موصوف ‪:‬‬
‫كناية عن نسبة المجد والكرم للممدوح‬ ‫ملء ُبردي َك‬
‫والكرم َ‬
‫ُ‬ ‫المجد بين ثوبي َك‬
‫ُ‬ ‫(‪ )3‬كناية عن نسبة ‪:‬‬

‫۩ أركـــان الكنـــــأيــــة ۩‬
‫‪23‬‬
‫من خالل األمثلة السابقة يتبين لنا أن الكناية البد فيها من توافر أربعة أركان وهي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬المكني به ‪ :‬وهو المعني الحقيقي المتلفظ به المذكور في العبارة‬
‫‪ -2‬المكني عنه ‪ :‬وهو المعني الكنائي المستشف من المعني الحقيقي‬
‫‪ -3‬العالقة التي تكون بين المكني والمكني به وهي ال تكون إال ( اللزوم )‬
‫‪ -4‬القرينة ‪ :‬وهي غير مانعة من إرادة المعني األصلي ( الحقيقي )‬
‫الفرق بين الكناية والمجاز‬
‫عالقة االستعارة ( المشابهة ) وعالقة المجاز المرسل ( غير المشابهة ) أما العالقة التي تربط بين المعني الكنائي وبين المعني األصلي‬
‫هي ( التالزم ) سواء نشأ هذا التالزم من عادة مشتهرة كعادة إيقاد النار إلرشاد الضيوف عند كرماء العرب أو نشأ هذا التالزم من طبيعة‬
‫مستقرة في اإلنسان أو الحيوان كطبيعة تقطيب الوجه عند اإلنسان إذا غضب وطبيعة النباح في الكلب إذا لم يأنس وتركه النباح إذا أنس‬
‫كيف أفرق بين الكناية واالستعارة ؟‬
‫الفرق أن في االستعارة هناك قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي ‪ ،‬فحين أقول‪ :‬رأيت أسداً يحكي بطوالته ‪ ،‬فأسد هنا استعارة‪ ،‬والقرينة‬
‫يحكي وهذه القرينة مانعة إلرادة المعنى الحقيقي ‪ ،‬فال يوجد أسد يحكي أو يتكلم ‪ ،‬بينما في الكناية ال توجد قرينة تمنع وجود المعنى‬
‫الحقيقي‪ ،‬فحين أقول ‪ :‬عتريس يده طويلة فيجوز إرادة المعنى الحقيقي وهو طول اليد ‪ ،‬كما يجوز إرادة المعنى الخيالي الذي يختفي خلف‬
‫المعنى الحقيقي و هو أنه لص‬

‫۩ أقســـــــام الكنايــــــة ۩‬
‫تنقسم الكناية باعتبار المكني عنه إلي ثالثة أقسام هي علي النحو التالي ‪-:‬‬
‫لموصوف مذكور في الكالم أو‬
‫ٍ‬ ‫مالزمة‬
‫ً‬ ‫المكنى عنه فيها صفةً‬
‫َّ‬ ‫وهو الكنايةُ التي يطلب بها صفةً‪ :‬هي ما كان‬ ‫‪ -1‬كناية عن صفة ‪:‬‬
‫قل هي التي ُيذكر فيها الموصوف و فُ ِهمت صفته‬
‫ساد عشيرته أمردا‬ ‫مثل قول الشاعر ‪ :‬طويل النجاد رفيع العماد‬
‫في البيت ثالث كنايات ‪:‬‬
‫‪ " -1‬طويل النجاد " ‪ :‬كناية عن صفة وهي ‪ :‬طول القامة ؛ حيث أن طول حمائل السيف يتناسب مع طول القامة‬
‫‪ " -2‬رفيع العماد " ‪ :‬كناية عن صفة وهي الكرم ؛ حيث أن المعروف في ذلك الوقت أن أعلى خيمة في القبيلة هي خيمة الكرماء‬
‫‪ -3‬الشطر الثاني من البيت كناية عن صفة وهي علو منزلته و سيادته و شرفه ؛ حيث أنه قاد عشيرته قبل أن تنبت لحيته‬
‫و مثل قوله تعالى ‪ { :‬و ال تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ‪ ،‬و ال تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا }‬
‫نجد في اآلية عبارتين ؛ كل عبارة تدل على معنى مختلف عن األخرى ‪ ،‬فاألولى ( و ال تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ) تدل على البخل إ ًذا‬
‫هي كناية عن صفة وهي البخل و التقتير و الثانية كناية عن صفة وهي اإلسراف و التبذير ‪.‬‬
‫{{ أضرب الكناية عن صفة }}‬
‫ب بغير واسطة بين المعنى المنتقَل عنه‪ ،‬والمعنى المنتقَل‬
‫كناية قريبةٌ ‪ :‬وهي ما يكون االنتقال فيها إلى المطلو ِ‬
‫ٌ‬ ‫‪-1‬‬
‫إليه‬
‫والكناية القريبة قسمان‬
‫‪ -1‬كناية قريبة واضحة ‪:‬‬
‫وهي التي يكون االنتقال من المعني المكني به إلي المعني المكني عنه واضحا ظاهرا ال تحتاج ألناة وطول تفكير في استخراجه لوضوحها‬
‫وسهولة استنتاجها ومن أمثلتها ‪ ( :‬فالن ثوبه طويل ) و ( قلنسوته كبيرة ) و ( حذاءه يتسع لقدمين ) فهي كنايات عن‬
‫( طول قامته ‪ ،‬عظم رأسه وكبر قدمه ) وهي كنايات سهلة ال يصعب إدراكها علي معظم الناس‬
‫سطُ ُه ُم ت َُر ُ‬
‫اب‬ ‫صبّ َح ُه ْم َوبُ ْ‬
‫َو َ‬ ‫سطُ ُه ُم َحري ٌر‬ ‫وكقول المتنب ِّي ‪ :‬فَ َم ّ‬
‫سا ُه ْم َوبُ ْ‬
‫فالشطر األول ‪ :‬كناية عن صفة العز والسيادة والشطر الثاني ‪ :‬كناية عن صفة الفقر والحاجة وبين البيتين مقابلة بالتضاد ( علم البديع )‬
‫وهي كناية سهلة ال يصعب إدراكها علي معظم الناس‬
‫يصان وهو ليوم الروع مبذول‬ ‫وكقول طفيل الغنوي يصف جواده ‪ :‬بساهم الوجه لم تقطع أباجله‬

‫‪24‬‬
‫فبساهم الوجه ‪ :‬كناية عن ضمور وجه الجواد وخفته ألن قلة اللحم في الوجه تعني أنه جواد ضامر رشيق غير مترهل وهي كناية سهلة‬
‫ال يصعب إدراكها علي معظم الناس‬
‫‪ -2‬كناية قريبة خفية ‪:‬‬
‫وهي التي تكون مع قربها خفية بمعني أن اللزوم فيها بين المكني به والمكني عنه يكون أمرا خفيا‬
‫مثل قولك فالن عينه فارغة ‪ :‬فهذا المثال هو كناية عن حبه لمشاهدة كل شيء ونظره إلي كل شيء فهذه الكناية يتوصل إلي المراد بها‬
‫عن طريق الزم واحد فهي قريبة إذ يلزم من العين التي هي أداة النظر رغبة صاحبها بملئها وملء العين إنما يكون بالنظر إلي األشياء‬
‫التي تستحسنها ونالحظ أن استعمال فراغ العين للكناية عن هذا المعني غير متداول فهي مع قربها في هذا المثال كناية خفية ومثله قولهم‬
‫‪ :‬فالن عريض القفا وعظيم الرأس ‪ :‬كناية عن الغباء والبالهة‬
‫ومنه قول النبي صلي هللا عليه وسلم ‪ ( :‬المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء )‬
‫المؤمن يأكل في معي واحد ‪ :‬كناية عن صفة وهي القناعة ‪ ،‬والكافر يأكل في سبعة أمعاء‪ :‬كناية عن صفة وهي النهم والجشع ‪.‬‬
‫بعيدة ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وكناية‬ ‫‪-2‬‬
‫وهي ما يكون االنتقال فيها إلى المطلوب بواسطةِ‪ ،‬أو بوسائطَ ‪ ،‬وسميت بعيدة ألنها تحتاج في إدراكها إلي تأمل وتمعن في التفكير وال‬
‫يصل إليها إال من يغوص ويتأمل في أساليب اللغة‬
‫والخبز‪،‬‬
‫ِ‬ ‫كثرة الطبخِ‬
‫الرماد إلى كثرة اإلحراقِ‪ ،‬ومنها إلى ِ‬
‫ِ‬ ‫االنتقال من كثرة‬
‫ُ‬ ‫الوسائط ‪ :‬هي‬
‫ُ‬ ‫كناية عن المضياف‪ ،‬و‬
‫ٌ‬ ‫كثير الرمادِ‬
‫نحو‪ :‬فالنٌ ُ‬
‫ُ‬
‫الكريم‬ ‫كثرة الضيوفِ‪ ،‬ومنها إلى المطلوب وهو ِ‬
‫المضيافُ‬ ‫ومنها إلى ِ‬
‫‪ -2‬كناية عن موصوف ‪:‬‬
‫وهي التي يكون المكني به داال علي صفة أو صفتين أو صفات لها اختصاص ظاهر بموصوفـ معين ويكون المقصود‬
‫من ذكرها الداللة عليه وهي تنقسم إلي ثالثة أقسام ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون المكني به داال علي صفة واحدة لها اختصاص ظاهر بموصوفـ معين ومن أمثلتها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬قولهم في الكناية عن الخمر ‪ ( :‬بنت العنب ‪ ،‬أم المصائب )‬
‫‪ -2‬قولهم في الكناية عن الحمى ‪ ( :‬بنت الدهر )‬
‫ما له مولعا بمنع و حبس‬ ‫‪ -3‬قولهم في الكناية عن السفينة ( ابنة اليم ) قال الشاعر ‪ :‬يا ابنة اليم ؛ ما أبوك بخيل‬
‫( ابنة اليم ) ‪ :‬كناية عن السفينة ( أبوك ) ‪ :‬كناية عن البحر‬
‫و مثله أيضا قولنا " الذهب األسود عماد الصناعة " ‪ :‬كناية عن البترول و مثله أيضا قولنا " نحن نعتني بالضاد " كناية عن اللغة العربية‬
‫ِ‬
‫المدينة المنور ِة و قولهم‬ ‫بغداد وقولهم ( طيب ُة ) كناي ٌة عن‬ ‫السالم ) تكني عن‬
‫دار َّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫العرب و قولهم ( ُ‬ ‫(الناطقين بالضادِ) تكني عن‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫تقول‬ ‫كما‬
‫في الكناية عن اللغة العربية ‪ ( :‬لغة الضاد ‪ ،‬بنت عدنان ) كما الكناية عن المصريين القدماء بكونهم " بناة األهرام "‬
‫قولهم في الكناية عن القلب بموطن الكتمان ‪ ،‬موطن األسرار ومجامع األضغان وموطن الحلم‬
‫في كفه منهم خضاب‬ ‫وقال المتنبي ‪ :‬ومن في كفه منهم قناة كمن‬
‫كناية عن الرجال في الشطر األول‪ ،‬وهو موصوف وأما الشطر الثاني فهو كناية عن النساء وهو موصوف كذلك‬
‫قولهم في الكناية عن سيدنا يونس ‪ ( :‬صاحب الحوت ) كما في قول اهلل تعالي ‪ ( :‬وال تكن كصاحب الحوت )‬
‫‪ -2‬أن يكون المكني به داال علي صفتين لهما اختصاص ظاهر بموصوف معين ‪:‬‬
‫كما في قول اهلل تعالي ‪ ( :‬وحملناه علي ذات ألواح ودسر ) ‪ :‬كناية عن السفينة‬
‫ين ) كناية عن موصوف وهو ‪ ( :‬البنات )‬‫ص ِام َغ ْي ُر ُم ِب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫قال تعالى ‪ ( :‬أَومن ي َن َّ ِ‬
‫شأُ في ا ْلح ْل َية َو ُه َو في ا ْلخ َ‬ ‫ََ ُ‬
‫‪ -3‬أن يكون المكني به ‪ :‬داال علي صفات لها اختصاص ظاهر بموصوفـ معين ‪:‬‬
‫الثالثة به‬
‫ِ‬ ‫اإلنسان الختصاص مجموع هذه األوصاف‬
‫ِ‬ ‫األظفار ‪ ،‬كنايةٌ عن‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫عريض‬ ‫القامة ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫حي مستوي‬
‫كقولكَ ‪ :‬جاءني ُّ‬
‫ــا الواهي الذي ثكل الشباب‬ ‫كقول شوقي ‪ :‬ولي بين الضلوع دم ولحم همـ‬
‫فقوله ‪ :‬بين الضلوع دم ولحم ‪ ،‬كناية عن موصوف وهو القلب ولعلك تلحظ أن الموصوف لم يذكر وإ نما ذكرت الصفة الدالة عليه وهي‬
‫الدم واللحم والنسبة وهي كونه بين الضلوع‬

‫‪25‬‬
‫أحوال الكناية عن موصوف‬
‫الكناية عن موصوف لها حالتان هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون قريبة سهلة التناول واإلدراك وغالبا ما تكون في النوع األول‬
‫‪ -2‬أن تكون بعيدة الحتياجها إلي تأمل وفكر وغالبا ما تكون في النوع الثاني والثالث‬
‫وأنا أقول لكم‬
‫إن إدراك الكناية في األنواع الثالثة سهال يسيرا ويؤيد ذلك قول أمية بن أبي الصلت ‪:‬‬
‫واألعنة والحوافرـ‬ ‫قومـ حصونهمـ األسنة‬
‫ففي قوله ‪ ( :‬األسنة واألعنة والحوافر ) كنايات عن أن هؤالء القوم الذين يمدحهم هم أصحاب خيل وحرب فكني عن الحرب وهي كناية‬
‫عن موصوف بقوله ‪ :‬األسنة وكني عن الخيل وهي موصوف أيضا باألعنة والحوافر والذي جعل الكناية سهلة مستساغة علي األلسنة‬
‫هي وجود التالزم بين األسنة للحرب والحوافر واألعنة للخيل مما جعل العقل ينتقل إليها بسرعة‬
‫‪ -3‬الكناية عن نسبة ‪:‬‬
‫وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شئ متصل بالموصوف ‪ :‬كنسبته إلى الفصاحة‪ -‬البالغة – الخير حيث نأتي فيها‬
‫بصفة ال تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه‬
‫وضابطها أن نذكر الصفة والموصوف لكننا هنا لن ننسب الصفة إلى صاحبها بل إلى شيء له تعلق بصاحبها‬
‫فنقول مثالً ‪ :‬فالن الكرم بين برديه ‪ :‬كناية عن الكرم ‪ ،‬وذلك بنسبة الكرم إلى ثيابه وهذا يعني بالضرورة ثبوتها للممدوح نحو قولنا عن‬
‫ِ‬
‫للشخص وليس للبيت‬ ‫ينسب‬ ‫العز‬ ‫العز في ِ‬
‫بيته ) فإن َّ‬ ‫شخص ‪ُّ ( :‬‬
‫ُ‬
‫مثل ‪ :‬المجد بين ثوبيك و الكرم ملء برديك ‪ :‬حيث نسب المجد للثوبين ‪ ،‬و الكرم للبردين ‪ ،‬و هو ما له اتصال بالممدوح‬
‫ولكن يسير الجود حيث يسير‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬أبو نواس في مدح والي مصر ‪ :‬فما جازه جود وال حل دونه‬
‫فقد نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح ‪.‬‬
‫قبة ضربت على ابن الحشرج‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬إن السماحة والمروءة والندى في‬
‫فالسماحة وما بعدها نسبت للقبة ‪ ،‬والمراد صاحبها فهي هنا كناية عن إثبات هذه الصفات للممدوح‬
‫والمج ُد يمشي في ركابه‬ ‫مثال قول الشاعر ‪ :‬الُي ْمنُ يتب ُع َّ‬
‫ظلُه‬
‫كناية عن نسبة المجد واليمن إلي الممدوح ألن اليمن يتبع ظله والمجد يمشي في ركابه ويالزمه‬
‫خاتمةٌ في بالغة الكناية‬
‫والتصريح‬
‫ِ‬ ‫‪ -1‬الكنايةُ من ألطف أسالي ِ‬
‫ب البالغة وأدقِّها‪ ،‬وهي أبل ُغ من الحقيق ِة‬
‫ِ‬
‫الرماد ‪ ،‬وكثرتُه‬ ‫كثير‬ ‫ِ‬ ‫زيد ِ‬‫ببينة‪ ،‬فكأن َك تقو ُل في ٍ‬
‫الالزم فهو كالدعوى ٍ‬ ‫ِ‬
‫ألنه ُ‬
‫كريم‪ُ ،‬‬‫زيد ٌ‬ ‫الرماد ٌ‬ ‫كثير‬ ‫َ‬ ‫ألن االنتقا َل فيها يكون من الملزوم إلى‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫لإلبهام على‬ ‫ط ِب أو‬
‫إما احتراماً للمخا َ‬
‫اإلفصاح بذكرها‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫شى‬ ‫التعبير عن أمور كثير ٍة‪ ،‬يتحا َ‬
‫ِ‬ ‫اإلنسان من‬
‫َ‬ ‫تستلزم كذا الخ‪ ،‬كيف ال وأنها ِّ‬
‫تمك ُن‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫واللطائف‬ ‫ِ‬
‫األغراض‬ ‫سماعه ونحو ذلك من‬ ‫ِ‬ ‫عما تنبو عن‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫األذن‬ ‫ِ‬
‫لتنزيه‬ ‫أو‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ال‬
‫ً‬ ‫سبي‬ ‫له‬ ‫يدع‬ ‫أن‬
‫َ ْ َ‬ ‫دون‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خصمه‬ ‫من‬ ‫ِ‬
‫للنيل‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬‫السامعين‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫البالغية‬
‫‪ -2‬الكنايةُ َمظه ٌر من مظاهر البالغ ِة‪ ،‬وغايةٌ ال يصل إليها إال من لطف طب ُعه‪ ،‬وصفتْ قريحتُه‬
‫والسر في بالغتها أنها في صور كثير ٍة تعطيك الحقيقةَ‪ ،‬مصحوب ًة بدليلها ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫لك المعاني في صورة المحسوساتِ‬
‫بالغة الكنايات أنها تضعُ َ‬
‫ِ‬ ‫‪ -3‬ومن أسباب‬
‫تعجز عن التعبير عنه‬ ‫كنت‬
‫بهر َك وجعل َك ترى ما َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وال َّ‬
‫ُ‬ ‫لليأس‪َ ،‬‬ ‫لألمل أو‬ ‫المصور إذا رسم لك صورةً‬
‫َ‬ ‫فإن‬
‫شك أن َهذه خاص ُة الفنون‪َّ ،‬‬
‫المزاح ُّ‬
‫كل أولئك يبرز لك المعاني في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكناية عن‬ ‫ُالشر ‪ ،‬في‬ ‫ِ‬
‫الكرم ‪ ،‬ورسول ِّ‬ ‫ِ‬
‫الرماد في الكناية عن‬ ‫واضحاً ملموساً ‪ ،‬فمث ُل ِ‬
‫كثير‬
‫نفسك إليها‬
‫وترتاح ُ‬
‫ُ‬ ‫تشاهد‪،‬‬
‫ُ‬ ‫صورة ٍ‬
‫‪ -4‬الكناية تعمل علي التعبير عن المعني في لطف وبراعة‬
‫وال ننسي في ذلك المرأة العربية التي عبرت عن فقرها بقولها ‪ ( :‬أشكو إليك قلة الفأر في بيتي ) قالتها لقيس بن سعد فهو كناية‬
‫ورت به هذه‬
‫عن فقرها المدقع حيث أشارت إلي فقرها بلطف وبراعة حتى نال قولها إعجاب قيس بن سعد فقال ‪ :‬ما أحسن ما َّ‬
‫المرأة عن حاجتها املئوا لها بيتها خبزا وسمنا ولحما‬
‫‪26‬‬
‫‪ -5‬تعمل الكناية علي االبتعاد عن اللفظ المفحش المبتذل التي ال تسيغ األذن سماعه إلي ما يدل عليه‬
‫بلفظ عفيف لكون هذا اللفظ من المستقبحات أو العورات أو المستقذرات‬
‫ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم وكالم العرب كثيرة منها ‪ :‬الكناية عن الجماع بقوله ‪ ( :‬أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلي نسائكم )‬
‫وقوله ‪ ( :‬أو المستم النساء ) والكناية عن قضاء الحاجة بقوله ‪ ( :‬أو جاء أحد منكم الغائط ) الكناية عن العورة المغلظة في قول‬
‫السيدة عائشة رضي اهلل عنها ‪ ( :‬ما رأيت منه وال رأي مني )‬
‫تم بحمد هللا باب الكناية‬
‫مع تمنياتي‬
‫الوحــــــدة الثــــالثـــــــــة ( علـــــــم البــــديـــــــع )‬
‫الفصل األول ‪ :‬مفهم علم البديع ومنزلته وأقسامه ونشأته‬
‫‪ -1‬البديعُ‪ :‬لغةً ‪ :‬الُمخْتَرعُ المُوجَدُ على غير مِثَال سابق وهو مأخوذ ومُشْتَقٌّ من قولهم‪ :‬بَدَع الشيء‬
‫وأبْدَعه‪ ،‬اخترعَه عَلَى غير مِثال ومنه قوله تعالي ‪ ( :‬بديع السماوات واألرض ) أي موجدها علي غير مثال‬
‫ومن معانيه في اللغة أيضا ‪ :‬الجديد المبتكر تقول ‪ :‬جئت بأمر بديع لم يعرف من قبل ‪.‬‬
‫‪ -2‬و اصطالحاً ‪ :‬هو علمٌ يُعْرفُ به الوجوه والمزايا التي تزيد الكالم حسْناً وطالوةً‪ ،‬وتكسوه بهاءً‬
‫ورونقاً‪ ،‬بعدَ مُطابقته لمقتضى الحال مع وُضوح داللته على المراد لفظاً ومعنى‬
‫أ‪ -‬شرح التعريف ‪ :‬المراد بالوجوه ‪ :‬األساليب التي تزين الكالم وهي الفنون البديعية ‪ ،‬بعد رعاية مطابقة مقتضي الحال ‪ :‬بعد معرفة‬
‫علم المعاني ‪ ،‬ووضوح الداللة علي المعني المراد ‪ :‬بعد معرفة علم البيان‬
‫ب‪ -‬من خالل التعريف السابق يتبين لنا أن ‪:‬‬
‫‪ -1‬علم تابع لعلمي المعاني والبديع‬
‫‪ -2‬حلية لفظية وزينة شكلية يمكن االستغناء عنها‬
‫بن المعتز العبَّاسي ( الخليفة العباسي ) المتوفى سنة ‪ 274‬هجرية ثم اقتفى أثره في عصره قُ َدام ُة بن جعفر الكاتب‬ ‫‪ -3‬وواضعه عبد اهللُ ُ‬
‫الحلّي ‪ ،‬وابن ِحجَّة الحموي ‪ ،‬وغيرهم َّ‬
‫ممن‬ ‫وصفى الدين ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ير َواني ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫كري وابن رشيق الق َ‬ ‫س ِ‬‫الع ْ‬
‫كثيرون كأبي هالل َ‬
‫َ‬ ‫فزاد عليها ثم ألّف فيه‬
‫ادوا في أنواعه‪ ،‬ونظموا فيها قصائد تُعرف ( بالبديعيَّات ) وفي هذا العلم بابان ‪ :‬وخاتمة‬ ‫َز ُ‬
‫ٍ‬
‫بديعة من الجمال اللفظي أو المعنوي‬ ‫ٍ‬
‫بألوان‬ ‫أثر علم البديع في الكالم ‪ :‬ال يتعدَّى تزيين األلفاظ أو المعاني‬
‫‪ُ -4‬‬
‫‪ -5‬تنقسم المحسنات في علم البديع إلي ‪ ( :‬محسنات معنوية – محسنات لفظية )‬
‫‪ -6‬منزلة علم البديع ‪ :‬له منزلة عالية عند بعض القدماء وكثير من المحدثين فهو علم ذاتي شأنه شأن علمي المعاني والبديع وليس‬
‫حلية لفظية أو معنوية وهذا هو الرأي السديد‬

‫{ تعريف المحسنات البديعية وأنواعها }‬


‫المحسنات البديعية هي من الوسائل التي يستعين بها األديب إلظهار مشاعره وعواطفه ‪ ،‬وللتأثير في النفس ‪ ،‬وهذه المحسنات تكون‬
‫رائعة إذا كانت قليلة و مؤدية المعنى الذي يقصده األديب ‪ ،‬أما إذا جاءت كثيرة ومتكلفة فقدت جمالها و تأثيرها و أصبحت دليل ضعف‬
‫األسلوب ‪ ،‬وعجز األديب المحسنات تسمى أيضاً " الزينة اللفظية ‪ -‬الزخرف البديعي ‪ -‬اللون البديعي ‪ -‬التحسين اللفظي "‬
‫۩ المحسنات المعنوية ۩‬
‫التعريف ‪ :‬هي عبارة عن أساليب تكسب المعني لونا من الجمال يزيده روعة وتأثيرا في النفس أوهي التي يكون التحسين بها راجعا‬
‫إلى المعنى ‪ ،‬وإ ن كان بعضها قد يفيد تحسين اللفظ أيضا ‪.‬‬
‫عالمتها ‪ :‬تظل باقية علي حالها من حيث الروعة والتأثير مع تغيير اللفظ ألن المعني يكون فيها منصبا علي المعني وليس اللفظ‬
‫وتزيينه أوال لذا سمي معنويا‬
‫أنواعها ‪ :‬والمحسنات المعنوية كثيرة قد تصل إلي أكثر من ثالثين فنا ‪ ،‬من بينها ‪ ( :‬الطباق – المقابلة – التورية – حسن التعليل –‬
‫المبالغة – تأكيد المدح بما يشبه الذم وعكسه والمشاكلة وغيرها الكثير ‪.....‬ـ )‬

‫‪27‬‬
‫۩ المحسنات اللفظية ۩‬
‫التعريف ‪ :‬هي األساليب التي تكسب اللفظ حسنا يزيده روعة ورقة وعذوبة ويعلي من قدره ويفخم من شأنه أوهي التي يكون التحسين‬
‫بها راجعاً إلى اللفظ أصالة‪ ،‬وإ ن حسنت المعنى تبعاً لتحسين اللفظ مثال قول اهلل تعالي ‪﴿ :‬ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا‬
‫غير ساعة﴾ ففي اآلية لون واضح من ألوان المحسنات البديعية اللفظية ( الجناس التام ) وهو ما اتفق فيه اللفظان في أمور أربعة هي‪:‬‬
‫نوع الحروف‪ ،‬وشكلها ‪ ،‬وعددها ‪ ،‬وترتيبها فلو قال اهلل تعالي ‪ :‬ويوم تقوم القيامة لذهب الرونق وفاتت البالغة وتالشي الحسن والدقة‬
‫عالمتها ‪ :‬ال تظل باقية علي حالها من حيث الرونق والروعة والتأثير مع تغيير اللفظ فلو تم تغيير اللفظ الختل المعني المقصود فمثال‬
‫أنظر إلي قول اهلل تعالي ‪ ( :‬وجئتك من سبأ بنبأ يقين )‬
‫أنواعها ‪ :‬ومن المحسنات اللفظية ‪ ( :‬الجناس – رد العجز علي الصدر – السجع ) وهناك من الفنون الكثير والكثير في هذا القسم‬

‫۩ الطباق تعريفه وأنواعه ۩‬


‫‪ -1‬تعريفُ الطباق لغة واصطالحا ‪:‬‬
‫‪ - 1‬في اللغة ‪ :‬مأخوذ من طابقت بين الشيئين طباقا أي جمعت بينهما علي حذو واحد ‪ ،‬ويقولون طابق فالن‬
‫بين ثوبين أي جمعهما معا ويقال ‪ :‬طابق البعير في سيره ‪ :‬إذا وضع رجله موضع يده وكل هذا مردود إلي‬
‫الجمع بين الشيئين ومنه في القرآن الكريم ‪ ( :‬الذي خلق سبع سموات طباقا )‬
‫‪ - 2‬في اصطالح البالغيين ‪ :‬هو الجمعُ بين لفظين متقابلينِ في المعنى‬
‫‪ - 3‬الغرض من الطباق ‪ :‬إبراز المعاني المتقابلة بصورة جلية لتكون آكد في النفس اإلنسانية وأكثر تثبيتا‬
‫وتمكينا فيها إذ بضدها تظهر األشياء ( وقالت العرب وبضدها تتميز األشياء )‬

‫۩ صور التقابل في اللغة العربية ۩‬


‫‪ -2‬التقابل في اللغة العربية له صور عديدة يأتي عليها ومنها ‪:‬‬
‫َض َح َك َوأ َْب َكى ) ( وال يملكون ألنفسهم ضرا وال نفعا وال يملكون موتا وال حياة وال نشورا‬ ‫تضاد ‪ ،‬نحو قوله تعالى ‪َ ( :‬وأ ََّن ُه ُه َو أ ْ‬ ‫ٍّ‬ ‫‪ -1‬تقاب ُل‬
‫) ‪ ( ،‬فأولئك يبدل اهلل سيئاتهم حسنات وكان اهلل غفورا رحيما )‬
‫ون إِ َّنما َيتَ َذ َّك ُر أ ُْولُوا اأْل َْل َب ِ‬
‫اب ) ‪ ،‬قوله تعالى ‪:‬‬ ‫ين ال َي ْعلَ ُم َ َ‬‫ون َوالَّ ِذ َ‬ ‫ستَ ِوي الَّ ِذ َ‬
‫ين َي ْعلَ ُم َ‬ ‫وسلب‪ ،‬نحو قوله تعالى ‪ُ ( :‬ق ْل َه ْل َي ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إيجاب‬ ‫‪ -2‬تقاب ُل‬
‫ون ِم َن اللّ ِه )‬
‫ستَ ْخفُ َ‬
‫اس َوالَ َي ْ‬ ‫ون ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ستَ ْخفُ َ‬
‫( َي ْ‬
‫ير )‬ ‫ِ‬ ‫ستَ ِوي اأْل ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫َع َمى َوا ْل َبص ُ‬ ‫‪ -3‬تقاب ُل عدم وملكة ‪ ،‬كقوله تعالى ‪َ ( :‬و َما َي ْ‬
‫حبيبه )‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم واب ُن ُه ُ‬ ‫صفي‬
‫ُّ‬ ‫الحسن‬ ‫تضايف كقولك ‪ ( :‬أبو‬ ‫‪ -4‬تقاب ُل‬
‫َح َيا )‬
‫ات َوأ ْ‬‫َم َ‬ ‫َّ‬ ‫ًّ‬
‫‪ -5‬تقابالً اعتباريا ‪ ،‬كقوله تعالى ‪َ ( :‬وأَن ُه ُه َو أ َ‬
‫۩ أقســـــام الطبـــــاق من حيث اإليجاب والسلب ۩‬
‫‪ -1‬طبـــاق اإليجــــاب‬
‫تعريف الطباق اإليجاب ‪ :‬هو أن يكون اللفظان المتقابالن معناهما موجب أي مثبت سواء كان اللفظان مثبتين معا أو منفيين معا ألن نفي‬
‫النفي إثبات أو باختصار ‪ :‬هو الذي يقع بين لفظين متضادين مثبتين معا أو منفيين‬
‫‪ -1‬مثال ما كان فيه اللفظين مثبتين معا ‪-:‬‬
‫اط ُن و ُهو ِب ُك ِّل َ ٍ ِ‬ ‫اهر وا ْلب ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ود } قوله‬ ‫ظا َو ُه ْم ُرقُ ٌ‬ ‫س ُب ُه ْم أ َْيقَا ً‬
‫يم } ‪ ،‬وكقوله تعالى ‪َ { :‬وتَ ْح َ‬ ‫ش ْيء َعل ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫األو ُل َواآْل خ ُر َوالظَّ ُ َ َ‬ ‫نحو قوله تعالى ‪ُ { :‬ه َو َّ‬
‫َض َح َك َوأ َْب َكى ‪ ،‬وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر واألنثى } ‪ ،‬قوله تعالى ‪ُ { :‬ق ِل اللَّ ُه َّم َم ِال َك ا ْل ُم ْل ِك تُ ْؤ ِتي‬ ‫تعالى ‪َ { :‬وأ ََّن ُه ُه َو أ ْ‬
‫ش ْي ٍء قَ ِديرٌ}‪ ،‬قوله تعالي ‪:‬‬ ‫شاء ِب َي ِد َك ا ْل َخ ْي ُر إِ َّن َك َعلَ َى ُك ِّل َ‬
‫شاء َوتُِذ ُّل َمن تَ َ‬‫شاء َوتُِع ّزُ َمن تَ َ‬
‫نزعُ ا ْل ُم ْل َك ِم َّمن تَ َ‬
‫شاء َوتَ ِ‬ ‫ا ْل ُم ْل َك َمن تَ َ‬
‫( وما يستوي األعمى والبصير وال الظلمات وال النور وال الظل وال الحرور ) ‪ ،‬قوله تعالي ‪ ( :‬باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب‬
‫)‪.‬‬
‫إنما الميت ميت األحياء‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬ليس من مات فاستراح بميت‬
‫‪28‬‬
‫فتى من بني العباس ليس بطائل‬ ‫زوجت من غير خبرة‬
‫فاطم قد ِّ‬
‫قال الشاعر ‪ :‬أ ُ‬
‫وإ ن كان حر األصل عبد الشمائل‬ ‫فإن قلت من آل النبي فإنـــه‬
‫ورد وجوههن البيض سودا‬ ‫قال الشاعر ‪َّ :‬‬
‫فرد شعورهن السود بيضا‬
‫يحمي الذمار صبيحة اإلرهاق‬ ‫مر باسل‬
‫قال الشاعر ‪ :‬حلو الشمائل وهو ٌ‬
‫ذليل بإجمــــاع الرجال ملهد‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬بطيء عن الجلي سريع إلي الخنا‬
‫سراع إلي داعي الصباح المثوب‬
‫َ‬ ‫بطاء عن الفحشاء ال يحضرونها‬
‫ٌ‬ ‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫جهالء يوم عجاجة ولقاء‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬حلماء في النادي إذا ما جئتهم‬
‫خوفك حتى تبلغ األمن خير ممن آمنك حتى تبلغ الخوف )‬
‫إن من َّ‬
‫قال الحسن بن علي رضي اهلل عنه ‪َّ :‬‬
‫قال الحسن ‪ ( :‬كثرة النظر إلي الباطل تذهب بمعرفة الحق من القلب )‬
‫شتم رجل الشعبي فقال له ‪ ( :‬إن كنت كاذبا فغفر اهلل لك وإ ن كنت صادقا فغفر اهلل لي ) ‪.‬‬
‫قال آخر ‪ ( :‬إنا ال نكافئ من عصي اهلل فينا بأكثر من أن نطيع اهلل فيه ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬مثال ما كان فيه اللفظين منفيين معا ‪-:‬‬
‫ال يغدرون وال يوفون لجار‬ ‫لعن اإلله بني كليـــب إنهم‬ ‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫وتنام أعينهم عـن األوتار‬ ‫يستيقظون إلي نهيق حمارهم‬
‫قال تعالي ‪ ( :‬والذين يدعون من دون اهلل اليخلقون شيئا وهم يخلقون )‬
‫{{ أنواع طباق اإليجاب }}‬
‫يتنوع طباق اإليجاب من حيث نوع الكلمة إلي نوعين هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬طباق بين معنيي لفظين من نوع واحد بمعني ‪ :‬أن يكون اللفظان اللذان وقع بين معنييهما‬
‫الطباق من نوع واحد ( اسمين أو فعلين أو حرفين ) ‪.‬‬
‫فمن الطباق بين اسمين ‪:‬‬
‫اط ُن و ُهو ِب ُك ِّل َ ٍ ِ‬
‫اهر وا ْلب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم }‬
‫ش ْيء َعل ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫األو ُل َواآْل خ ُر َوالظَّ ُ َ َ‬
‫ود } ‪ ،‬قوله تعالى ‪ُ { :‬ه َو َّ‬
‫ظا َو ُه ْم ُرقُ ٌ‬
‫س ُب ُه ْم أ َْيقَا ً‬
‫كقوله تعالى ‪َ { :‬وتَ ْح َ‬
‫قال اهلل تعالي ‪ ( :‬الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عمال وهو العزيز الغفور ) ‪ ،‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬عالم الغيب والشهادة وهو‬
‫الحكيم الخبير ) ‪ ،‬قول اهلل تعالي ‪ ( :‬ليميز اهلل الخبيث من الطيب )‬
‫ومن أمثلة التطابق بين فعلين ‪:‬‬
‫يها َواَل َي ْح َيى } ‪ ،‬قوله تعالى ‪ُ { :‬ق ِل اللَّ ُه َّم َم ِال َك ا ْل ُم ْل ِك تُ ْؤ ِتي‬ ‫َضح َك وأ َْب َكى } وكقوله تعالى ‪ { :‬ثُ َّم اَل يم ُ ِ‬
‫وت ف َ‬ ‫َُ‬ ‫قوله تعالى ‪َ { :‬وأ ََّن ُه ُه َو أ ْ َ َ‬
‫شاء ِبي ِد َك ا ْل َخ ْير إِ َّن َك علَى ُك ِّل َ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫شاء َوتُِع ُّز َمن تَ َ‬
‫نزعُ ا ْل ُم ْل َك ِم َّمن تَ َ‬
‫ير} ‪ ،‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬قال فيها‬ ‫ش ْيء قَد ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫شاء َوتُذ ُّل َمن تَ َ َ‬ ‫شاء َوتَ ِ‬
‫ا ْل ُم ْل َك َمن تَ َ‬
‫تحيون وفيها تموتون ) ‪ ،‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وإ ن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ) ‪ ،‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وأخي هارون هو أفصح‬
‫مني لسانا فأرسله معي رداء يصدقني إني أخاف أن يكذبون ) ‪ ،‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬اهلل يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن اهلل‬
‫بكل شيء عليم ) ‪ ،‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬اهلل يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون ) ‪ ،‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فسبحان اهلل حين تمسون وحين‬
‫تصبحون )‬
‫ومن أمثلة الطباق بين حرفين ‪:‬‬
‫نحو قوله تعالى ‪ ( :‬ولَه َّن ِمثْ ُل الَّ ِذي علَ ْي ِه َّن ِبا ْلمعر ِ‬
‫سا إِالَّ ُو ْ‬
‫س َع َها لَ َها َما‬ ‫ف اللّ ُه َن ْف ً‬ ‫وف َوِل ِّلر َج ِ‬
‫ال َعلَ ْي ِه َّن َد َر َج ٌة ) ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ ( :‬الَ ُي َكلِّ ُ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫وأخلص منه ال عليا وال ليا‬ ‫راض بأن أحمل الهوى‬ ‫ٍ‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬علي أنني‬ ‫س َب ْت )‬
‫َعلَ ْي َها َما ا ْكتَ َ‬
‫س َب ْت و َ‬
‫َك َ‬
‫‪ -2‬طباق بين معنيي لفظين من نوعين مختلفين ‪ :‬بمعني ‪ :‬أن يكون اللفظان اللذان وقع بين‬
‫معنييهماـ الطباق من نوعين مختلفين كأن يكون الطباق بين ‪:‬‬
‫ضِل ِل اللَّ ُه فَ َما لَ ُه ِم ْن َه ٍاد}‬
‫‪ -1‬بين فعل واسم مثل ‪ :‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وأبرئ األكمه واألبرص وأحي الموتي ) ‪ ،‬قال تعالى ‪َ { :‬و َمن ُي ْ‬
‫‪29‬‬
‫َح َي ْي َناه )‬
‫ان َم ْيتًا فَأ ْ‬
‫‪ -2‬بين اسم وفعل ‪ :‬مثل قوله تعالى ‪ { :‬أ ََو َمن َك َ‬
‫وإليكم بعض الشواهد من الطباق اإليجاب‬
‫ولتجدن أقربهم مودة للذين )‬
‫َّ‬ ‫لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا‬
‫َّ‬ ‫‪ -1‬قال اهلل تعالي ‪( :‬‬
‫‪ -2‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬الحمد هلل الذي خلق السموات واألرض وجعل الظلمات والنور )‬
‫‪ -3‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ثم بدلنا مكان الحسنة السيئة )‬
‫‪ -4‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما )‬
‫‪ -5‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وهو اهلل ال إله إال هو له الحمد في األولي واآلخرة وله الحكم وإ ليه ترجعون )‬
‫‪ -6‬قال تعالي ‪ ( :‬ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا )‬
‫‪ -7‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس )‬ ‫من‬
‫‪ -8‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬اهلل الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة )‬
‫شواهد‬
‫‪ -9‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ألم تروا أن اهلل سخر لكم ما في السموات وما في األرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة )‬
‫‪ -10‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون )‬ ‫طباق‬
‫‪ -11‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وباركنا عليه وعلي إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين )‬ ‫اإليجاب‬
‫‪ -12‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون )‬
‫بين‬
‫‪ -13‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجال أن يقول ربي اهلل وقد جاءكم بالبينات‬
‫من ربكم وإ ن يك كذبا فعليه كذبه وإ ن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن اهلل ال يهدي من هو مسرف كذاب )‬ ‫اسمين‬
‫‪ -14‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وقال لها ولألرض ائتيا طوعا أوكرها قالتا أتينا طائعين )‬
‫‪ -15‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم )‬
‫‪ -16‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لوال فصلت آياته أأعجمي وعربي )‬
‫‪ -17‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬أو يزوجهم ذكرانا وإ ناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير )‬
‫‪ -18‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين )‬
‫‪ -19‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة )‬
‫‪ -20‬قال اهلل تعالي ‪ :‬تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى )‬
‫ليخرجن منها األعز األذل )‬
‫َّ‬ ‫‪ -21‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬يقولون لئن رجعنا إلي المدينة‬
‫‪ -22‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬سيجعل اهلل بعد عسر يسرا )‬
‫‪ -23‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا )‬
‫‪ -24‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فال أقسم برب المشرق والمغرب إنا لقادرون )‬
‫‪ -25‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬إليالف قريش إيالفهم رحلة الشتاء والصيف )‬
‫ويد الشتاء جديدة ال تنكر‬ ‫‪ -26‬قال الشاعر ‪ :‬نزلت مقدمة المصيف حميدة‬

‫‪ -1‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬والذي يميتني ثم يحيين )‬


‫‪ -2‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإني ربي غني كريم )‬
‫‪ -3‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان اهلل غفورا رحيما )‬ ‫ومن‬
‫‪ -4‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ترجي من تشاء منهن وتئوي إليك من تشاء )‬
‫شواهد‬
‫‪ -5‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن اهلل كان بكل شيء عليم )‬
‫‪ -6‬يعلم ما يلج في األرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الغفور الرحيم )‬ ‫طباق‬
‫‪ -7‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أ نحن صددناكم عن الهدي بعد إذ جاءكم بل كنتم )‬ ‫اإليجاب‬
‫‪ -8‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ما يفتح اهلل للناس من رحمة فال ممسك لها وما يمسك فال مرسل له من بعده وهو العزيز )‬

‫‪30‬‬
‫‪ -9‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن اهلل يضل من يشاء ويهدي من يشاء )‬ ‫من نوع‬
‫‪ -10‬قال اهلل تعالي ‪ :‬واهلل خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلناكم أزواجا وما تحمل من أنثي وال يضع إال بعلمه‬ ‫واحد‬
‫‪ -11‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد )‬
‫فعلين‬
‫‪ -12‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وإ ذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم اهلل قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء اهلل أطعمه إن‬
‫أنتم إال في ضالل مبين )‬ ‫مثبتين‬
‫‪ -13‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فال يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون )‬
‫‪ -14‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب )‬
‫‪ -15‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلي خروج من سبيل )‬
‫‪ -16‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬له مقاليد السموات واألرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم )‬
‫‪ -17‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ليغفر لك اهلل ما تقدم من ذنبك وما تأخر )‬
‫‪ -18‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فمن نكث فإنما ينكث علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه اهلل فسيؤتيه أجرا عظيما )‬
‫‪ -19‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف )‬
‫‪ -20‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اهلل لك )‬

‫‪ -1‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فمن يرد اهلل أن يهديه يشرح صدره لإلسالم ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا )‬
‫بين‬
‫‪ -2‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين )‬
‫فعل‬
‫‪ -3‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وتخفي في نفسك ما اهلل مبديه )‬ ‫واسم‬
‫‪ -4‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وهذا كتاب مصداق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشري للمحسنين )‬
‫‪ -5‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن اهلل الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين )‬

‫‪ -1‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وآية لهم األرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون )‬ ‫بين‬
‫اسم‬
‫‪ -2‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ولو نشاء لمسخناهم علي مكانتهم فما استطاعوا مضيا وال يرجعون )‬ ‫وفعل‬
‫‪ -3‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬أو لم يروا إلي الطير فوقهم صافات ويقبضن )‬

‫‪ -2‬طبــــــاق الســــلــــــب‬
‫طباقُ السَّلبِ ‪ :‬هو ما اختلف فيه الضدانِ إيجاباً وسلباً‪ ،‬بحيثُ يجمعُ بين فعلينِ من مصدرٍ‬
‫واحدِ‬
‫ولــــــــه صورتــــــــــــــان‬
‫منفي تارةً أخرى‪ ،‬في ٍ‬
‫كالم واح ٍد‬ ‫ٌّ‬ ‫‪ -1‬الصورة األولي ‪ :‬أن يكون أحدهُما مثبتٌ مرةً ‪ ،‬واآلخ ُر‬
‫ون ِم َن اللّ ِه }‬
‫ستَ ْخفُ َ‬
‫اس َوالَ َي ْ‬ ‫ون ِم َن َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ستَ ْخفُ َ‬
‫‪ -1‬نحو قوله تعالى ‪َ { :‬ي ْ‬
‫الد ْن َيا َو ُه ْم َع ِن اآْل ِخ َر ِة )‬
‫اة ُّ‬ ‫اهرا ِّم َن ا ْلحي ِ‬
‫ََ‬
‫ون َ ِ‬
‫ظ ً‬ ‫‪ -2‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وعد اهلل ال يخلف اهلل وعده ولكن أكثر الناس ال يعلمون َي ْعلَ ُم َ‬
‫ون َوالَّ ِذ َ‬
‫ين اَل‬ ‫ين َي ْعلَ ُم َ‬‫ستَ ِوي الَّ ِذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سا ِج ًدا َوقَائ ًما َي ْح َذ ُر اآْل خَرةَ َو َي ْر ُجو َر ْح َم َة َر ِّبه ُق ْل َه ْل َي ْ‬ ‫َم ْن ُه َو قَ ِان ٌ‬
‫ت آ َناء اللَّ ْي ِل َ‬ ‫‪ -3‬ونحو قوله تعالى ‪ { :‬أ َّ‬
‫ون إِ َّنما َيتَ َذ َّك ُر أ ُْولُوا اأْل َْل َب ِ‬
‫اب}‬ ‫َي ْعلَ ُم َ َ‬
‫‪ -4‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فمكث غير بعيد قال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين )‬
‫‪ -5‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬إنك ال تهدي من أحببت ولكن اهلل يهدي من يشاء )‬
‫‪ -6‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬الذين يبلغون رساالت اهلل ويخشونه وال يخشون أحدا إال اهلل وكفي باهلل حسيبا )‬
‫‪ -7‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم واهلل ال يستحي من الحق )‬
‫‪ -8‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ال يؤمنون ) ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -9‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ولقد أرسلنا رسال من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك )‬
‫‪ -10‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬يستعجل بها الذين ال يؤمنون والذين آمنوا مشفقون منها )‬
‫‪ -11‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا )‬
‫‪ -12‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ال ينهاكم اهلل عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن اهلل يحب‬
‫المقسطين إنما ينهاكم عن الذين قاتلوكم في الدين )‬
‫‪ -13‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر فلن يغفر اهلل لهم ‪) ..‬‬
‫‪ -14‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا )‬
‫‪ -15‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فال أقسم بما تبصرون وما ال تبصرون )‬
‫‪ -16‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬علم اإلنسان ما لم يعلم )‬
‫‪ -17‬قال اله تعالي ‪ ( :‬قل يا أيها الكافرون ال أعبد ما تعبدون )‬
‫ومن أمثلة هذا النوع في الشعر العربي ‪:‬‬
‫وال ينكرون القول حين نقول‬ ‫‪ -1‬قال الشاعر ‪ :‬وننكر إن شئنا علي الناس قولهم‬
‫ويعجبان بما قاال وما سمعا‬ ‫ٍ‬
‫عرض‬ ‫‪ -2‬قال الشاعر ‪ :‬ال يعجبان بقول الناس عن‬
‫خوفه وما نجا‬ ‫‪ -3‬قال الشاعر ‪ :‬حتى نجا من‬
‫أني وإ ن كنت ال ألقاه ألقاه‬ ‫‪ -4‬قال الشاعر ‪ :‬أبلغ أخانا تولي اهلل صحبته‬
‫وكالدر منظوما إذا لم تكلم‬ ‫‪ -5‬قال الشاعر ‪ :‬هي الدر منثورا إذا ما تكلمت‬
‫يث أعلَ ُم‬
‫ق من َح ُ‬
‫ش ْو ُ‬
‫إلي ال ّ‬ ‫َو َي ْ ِ‬
‫سري ّ‬ ‫حيث ال أعلَ ُم ال ّن َوى‬
‫ض لي من ُ‬
‫البحتري ‪ :‬تُقَ ّي ُ‬
‫ُّ‬ ‫‪ -6‬وقال‬
‫‪ -2‬الصورة الثانية ‪ :‬أن يكون أحدهُما أمرٌ‪ ،‬واآلخ ُر نه ٌى‬

‫ُنز َل إِلَ ْي ُكم ِّمن َّر ِّب ُك ْم َوالَ تَتَِّب ُعواْ ِمن ُدو ِن ِه أ َْوِل َياء َقِليالً َّما تَ َذ َّك ُر َ‬
‫ون }‬ ‫‪ -1‬نحو قوله تعالى { اتَِّب ُعواْ َما أ ِ‬
‫ش ْو ِن }‬
‫اخ َ‬
‫اس َو ْ‬ ‫ش ُواْ َّ‬
‫الن َ‬ ‫‪ -2‬ونحو قوله تعالى ‪ { :‬فَالَ تَ ْخ َ‬
‫أف وال تنهرهما وقل لهما قوال كريما )‬ ‫‪ -3‬قال تعالي ‪ ( :‬فال تقل لهما ٍ‬
‫‪ -4‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن ال تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم )‬
‫‪ -5‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬ثم جعلناك علي شريعة من األمر فاتبعها وال تتبع أهواء الذين ال يعلمون )‬
‫‪ -6‬قول اهلل تعالي ‪ ( :‬أصلوها فاصبروا أو ال تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون )‬
‫وال تثقي بالصبر مني علي الغدر‬ ‫‪ -7‬قال الشاعر ‪ :‬ثقي بجميل الصبر مني علي الدهر‬
‫وال تقفا فيض الدموع السواجم‬ ‫‪ -8‬قال الشاعر ‪ :‬خليلي من بعد الجوي واألسى قفا‬
‫ومن أمثلة وروده في النثر ‪:‬‬
‫‪ -1‬قول رجل ليزيد بن المهلب ‪ :‬ليس العجب من أن تفعل وإ نما العجب من أال تفعل‬
‫‪ -2‬قال بعض األوائل ‪ :‬ليس معي من فضيلة العلم إال أني أعلم أني ال أعلم‬
‫‪ -3‬قال الشعبي للحجاج ‪ :‬ال تعجب من المخطئ كيف أخطأ واعجب من المصيب كيف أصاب‬

‫استدراك مهم جدا جدا‬


‫التعريف الذي أورده العلماء للطباق السلبي تعريف قاصر ألنه انخرم ولم يطرد أمام كثير من آيات القرآن الكريم ومن أمثلته ‪:‬‬
‫‪ -1‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في األرض وال يصلحون ) قال تعالي ‪ ( :‬وأنهم يقولون ما ال يفعلون )‬
‫‪ -3‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬كبر مقتا عند اهلل أن تقولوا ما ال تفعلون )‬
‫‪ -4‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬قالت األعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا )‬
‫‪ -5‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون وال تبكون )‬
‫{{ أقسام الطباق من حيث الحقيقة والمجاز }}‬
‫‪32‬‬
‫ينقسم الطباق بهذا االعتبار إلي قسمين ‪-:‬‬
‫الحقيقة مثل قوله تعالى ‪:‬‬ ‫‪ -1‬الطباق الحقيقي ‪ :‬وهو أن يكون الطباق واقعا بين لفظين مستعملين علي سبيل‬
‫{ َوأ ََّن ُه ُه َو أ ْ‬
‫َض َح َك َوأ َْب َكى ‪ ،‬وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر واألنثى } ومنه قول اهلل تعالي ‪ ( :‬ولقد فتنا الذين من قبلهم‬
‫فليعلمن اهلل الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين )‬
‫َّ‬
‫ومن أمثلته ‪:‬‬ ‫‪ -2‬الطباق المجازي ‪ :‬وهو أن يكون الطباق واقعا بين لفظين مستعملين علي سبيل المجاز‬
‫َح َي ْي َناهُ } فالمعني ‪ :‬أو من كان ضاال فهديناه حيث استعار الميت للضال والحياة للمهتدي علي سبيل‬
‫ان َم ْيتًا َفأ ْ‬
‫قوله تعالى ‪ { :‬أ ََو َمن َك َ‬
‫االستعارة كما مر في االستعارة فالطباق واقع بين لفظين مجازيين‬
‫محي القريض إلي مميت المال‬ ‫ومنه قول الشاعر ‪ :‬وتنظري خبب الركاب ينصها‬
‫تضحك األرض من بكاء السماء‬ ‫ومنه قول الشاعر ‪ :‬كل يوم بأقحــــوان جديد‬
‫وله بكــي من ودقه المتسرب‬ ‫ومنه قول الشاعر ‪ :‬فله ابتسام في لوامــع برقه‬
‫{{ أقسام الطباق من حيث الظهور والخفاء }}‬
‫ينقسم الطباق بهذا االعتبار إلي قسمين ‪:‬‬
‫‪ -1‬الطباق الظاهر ‪ :‬وهو أن يكون التضاد المفهوم من الكالم تضادا صريحا مباشر يدرك بسرعة وسهولة مثل ‪ :‬التضاد بين‬
‫الحياة والموت والضحك والبكاء والحي والميت والخير والشر والحسنة والسيئة وقد سمي الطباق الظاهر بهذا االسم ‪ :‬لوضوحه‬
‫وانكشافه وسهولة إدراكه‬
‫وهو أن يكون التضاد المفهوم من الكالم تضادا غير مباشر ال يدرك بسرعة وال بسهولة وقد سمي‬ ‫‪ -2‬الطباق الخفي ‪:‬‬
‫الطباق الخفي بهذا االسم ألنه ‪ :‬يخفي علي ذهن العامة ويحتاج إلي تأمل وإمعان نظر في الوصول إليه ومن أمثلته في األسلوب‬
‫القرآني‬
‫‪ -1‬قوله تعالى ‪ ( :‬محمد رسول هللا والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )‬
‫فالمطابقة هنا بين " أشداء " و" رحماء " والرحمة ليست ضدا في المعنى لـ "أشداء " ولكن الرحمة تستلزم "اللين " الذي يتقابل ويتضاد‬
‫مع " الشدة " ‪ ،‬ألن من رحم الن قلبه ورق فالتضاد كما رأيت ليس واضحا ‪ ،‬بل فيه خفاء‬
‫‪ -2‬ومنه أيضا قوله تعالى ‪ ( :‬مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا )‬
‫فالمطابقة بين " الغرق " و" دخول النار " ‪ ،‬فإن من دخل النار احترق واالحتراق ضد الغرق ‪ ،‬واإلغراق ليس ضد النار في المعنى ‪،‬‬
‫ولكن اإلغراق يستلزم " الماء " و "الماء " ضد النار‬
‫‪ -3‬ومن األمثلة التي ترد فيه المفردات على غير ما هو معهود من التقابل ‪ ،‬فالمعلوم أن ضد العلم الجهل ‪ ،‬وضد العمى‬
‫اإلبصار ‪ ،‬ولكن التعبير القرآني يجيء على هذه الشاكلة ( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ؟ )‬
‫حيث يقابل بين "يعلم " ‪ ،‬وأعمى " أي ‪ :‬بين العلم والعمى ‪ ،‬وما هما بمتضادتين لفظا ‪ ،‬ولكن الجهل الذي هو ضد العلم يشبَّه صاحبه‬
‫باألعمى ‪ ،‬ألنه ال يقوى على التمييز بين الحقائق ‪ ،‬وال شك أن العمى هنا منظور إليه بمعناه غير الحسي إذ المراد به الجهل أو الضالل ‪،‬‬
‫وهما ضدان لعلم والهدى‬
‫‪ -4‬ومنه قول هللا تعالي ‪ ( :‬ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم‬
‫تشكرون )‬
‫فالطباق هنا خفي بين ألن السكون ضد الحركة ولكن لما كانت الحركة تكون في الخير والشر والمقام مقام الخير عبر عن الحركة بالزمها‬
‫وهو االبتغاء‬
‫‪ -5‬ومنه قول اهلل تعالي ‪ ( :‬أفنجعل المسلمين كالمجرمين ) ومنه قول اهلل تعالي ‪ ( :‬وإ نا ال ندري أ شر أريد بمن في األرض أم أراد بهم‬
‫ربهم رشدا ) ومنه قول اهلل تعالي ‪ ( :‬أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر اآلخرة ويرجو رحمة ربك )‬
‫شتما يضر وال مديحا ينفع‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬وأخذت أطراف الكالم فلم تدع‬
‫ومن إساءة أهل السوء إحسانا‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة‬
‫{{ طبـــــــاق التـــــدبــــيــــج }}‬
‫‪33‬‬
‫التعريف ‪ :‬طباق التدبيج هو أن يذكر في معني من المدح أو غيره ألوانا علي سبيل الكناية أو التورية‬
‫فمن المعلوم أن األلوان تحمل معني التضاد فاألبيض ضد األسود واألحمر ضد األخضر وهكذا وقد أطلق علماء البالغة علي األلوان التي‬
‫تأتي في الكالم علي سبيل الكناية أو التورية طباق التدبيج واختاروا لفظ التدبيج ألن التدبيج مأخوذ من دبَّج المطر األرض أي ‪ :‬زينها‬
‫بالخضرة‬
‫وقد سمي طباق التدبيج بهذا االسم ‪ :‬ألن األلوان التي وقع فيها التضاد زينت العبارة ودبَّجتها وأضفت علي‬
‫المعني حسن وبهاء ويشترط في هذه األلوان أن تكون مستعملة علي سبيل الكناية أو التورية‬
‫‪ -1‬فمثال األلوان المتضادة علي طريق الكناية ‪:‬‬
‫وانظرنا نخبـــرك اليقينا‬ ‫أبا هند فال تعجل علينا‬ ‫‪ -1‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫ونصـدرهن حمرا قد روينا‬ ‫بأنا نورد الرايات بيضا‬
‫فبين ( بيضا وحمرا ) طباق تدبيج وبيضا ‪ :‬كناية عن النقاء وحمرا كناية عن كثرة الدم‬
‫لها الليل إال وهي سندس خضر‬ ‫‪ -2‬قال الشاعر ‪ :‬تردي ثياب الموت حمرا فما أتي‬
‫معني البيت ‪ :‬أنه ارتدي الثياب الملطخة بالدماء فلم ينقض يوم قتله ولم يدخل في ليلته إال وقد صارت الثياب خضرا من سندس الجنة‬
‫فبين حمرا وخضرا طباق تدبيج علي سبيل الكناية‬
‫حمراء وهي تعود خضراء‬ ‫‪ -3‬قال الشاعر ‪ :‬متكفن بمالبس‬
‫فبين حمراء وخضراء ‪ :‬طباق تدبيج علي سبيل الكناية فاألولي كناية عن القتل والثانية كناية عن دخول الجنة‬
‫وأصدرَها بالريّ ألوانُها حَمْرَا‬ ‫‪ -4‬قال الشاعر ‪ :‬فأورَدها بِيضاً ظماءً صدورُها‬
‫فبين بيضا وحمرا ‪ :‬طباق تدبيج علي سبيل الكناية‬
‫خضر األكناف حمر النصال‬ ‫‪ -5‬قال الشاعر ‪ :‬تلق بيض الوجوه سود مثار النقع‬
‫فبين ( بياض الوجوه ‪ ،‬سود مثار النقع ) ‪ :‬طباق تدبيج علي سبيل الكناية فاألولي كناية عن الشرف والرفعة والثانية كناية عن‬
‫الشجاعة وبين خضر األكناف وحمر النصال ‪ :‬طباق تدبيج علي سبيل الكناية فاألولي كناية عن العزة وطيب العيش والثانية كناية عن‬
‫كثرة القتل في األعداء‬
‫قال الحريري ‪ ( :‬فمذ ازور المحبوب األصفر واغبر العيش األخضر واسود‬ ‫‪ -2‬ومن أمثلة طباق التدبيج في التورية ‪:‬‬
‫يومي األبيض وابيض فودي األسود حتى رثي لي العدو األزرق فيا حبذا الموت األحمر ) قوله ‪ :‬المحبوب األصفر ( تورية عن‬
‫الدينار ) ‪ :‬فلفظ األصفر يطلق علي المرأة وهو المعني القريب ويطلق علي الذهب وهو المعني البعيد المراد هنا‬
‫وإلي هنا تم باب الطباق بحمد هللا تعالي‬
‫۩ المقابلة تعريفها وأنواعها ۩‬
‫تعريفُ المقابلة عند البالغيين ‪:‬‬
‫تعد المقابلة من المحسنات البديعية المعنوية التي ترجع إلى تحسين المعنى ‪ ،‬وقد جعلها بعض علماء البالغة مستقلة بذاتها ‪،‬‬
‫بعدما كانت عند بعضهم مختلطة مع الطباق ‪ ،‬وكان قدامه بن جعفر أول من تكلم عنها‬
‫المقابلة باختصار ‪ :‬هي أن يؤتي بمعنيين متوافقين أو أكثر ثم يؤتي بما يقابل ذلك علي الترتيب‬
‫وال يشترط في المقابلة التضاد الصريح المباشر بين المعاني المتقابلة بل قد يكون بينهما تضاد صريح وغير صريح‬
‫وخالصة القول من التعريفات السابقة لها أن المقابلة ‪:‬‬
‫هي أن يأتي المتكلم في كالمه بمعنيين متوافقين أو أكثر ليس بينهما تضاد ‪ ،‬ثم يأتي بما يقابل ذلك على الترتيب‪ .‬على شاكلة‬
‫قوله تعالى ‪ ( :‬فليضحكوا قليال ‪ ،‬وليبكوا كثيرا جزاءا بما كانوا يكسبون ) فقد أتى اهلل سبحانه وتعالى في هذه اآلية بمعنيين‬
‫هما " يضحكوا " و "قليال " وهما معنيان متوافقان أي ليس بينهما تضاد ‪ ،‬ثم أتى بعد ذلك بما يقابلهما على الترتيب بقوله "‬
‫وليبكوا " و " كثيرا "‬

‫۩ صور المقـــــابــلــــةـ ۩‬
‫‪34‬‬
‫استقصي علماء البالغة صور المقابلة في اللسان العربي قرآنا كريما وسنة نبوية مطهرة وشعرا ونثرا فوجدوها‬
‫ال تزيد عن خمس صور وهي ‪:‬‬

‫األمثلة‬ ‫الصورة‬
‫‪ - 1‬قال تعالي ‪ ( :‬فليضحكوا كثير وليبكوا كثيرا جزاءا بما كانوا يكسبون )‬
‫‪ -2‬وقوله تعالى ‪ :‬تؤتي الملك من تشاء ‪ ،‬وتنزع الملك ممن تشاء‬ ‫مقابلة اثنين‬
‫‪ -3‬وقوله تعالى ‪ :‬تخرج الحي من الميت ‪ ،‬وتخرج الميت من الحي‬ ‫باثنين ومن ذلك‬
‫‪ -4‬وقوله تعالى ‪ :‬وجعلنا الليل لباسا ‪ ،‬وجعلنا النهار معاشا‬ ‫في األسلوب‬
‫‪ - 5‬وقوله تعالي ‪ :‬ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه ‪ ،‬والنهار مبصرا إن في ذلك آليات لقوم يؤمنون‬ ‫القرآني والنثر‬
‫‪ - 6‬ومنه أيضا قول الحبيب محمد صلى اهلل عليه وسلّم ‪ :‬ما كان الرفق في شيء إلّا زانه ‪ ،‬وال كان الحزق‬ ‫والشعر‬
‫في شيء إلّا شانه‬
‫‪ - 7‬وقوله أيضا ألم المؤمنين ‪ :‬عليك بالرفق يا عائشة ‪ ،‬فإنه ما كان في شيء إال زانه ‪ ،‬وال نزع من‬
‫شيء إال شانه ‪.‬‬
‫‪ -8‬وقوله أيضا ‪ :‬إنّ هلل عبادا جعلهم مفاتيح الخير ‪ ،‬مغاليق الشر‬
‫‪ -9‬وقوله أيضا لألنصار ‪ :‬إنكم لتكثرون عند الفزع ‪ ،‬وتقلون عند الطمع‬
‫‪ - 10‬قال اهلل تعالي ‪ :‬وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج‬
‫‪ -11‬قال تعالي ‪ :‬ويضيق صدري وال ينطلق لساني فأرسل إليَّ هارون ‪.‬‬
‫‪ - 12‬قال تعالي ‪ :‬يا بني أقم الصالة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك‬
‫‪ - 13‬قال تعالي ‪ :‬وإذا ذكر اهلل وحده اشمأزت قلوب الذين ال يؤمنون باآلخرة وإذا ذكر الذين من دونه‬ ‫مقابلة اثنين‬
‫إذا هم يستبشرون‬ ‫باثنين ومن ذلك‬
‫‪ - 14‬قال اهلل تعالي ‪ :‬ذلكم بأنه إذا دعي اهلل وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم هلل العلي الكبير‬ ‫في األسلوب‬
‫‪ - 15‬قال اهلل تعالي ‪ :‬يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن اآلخرة هي دار القرار‬ ‫القرآني والنثر‬
‫‪ -16‬قال اهلل تعالي ‪ :‬ويمح اهلل الباطل ويحق الحق بكلماته ‪.‬‬ ‫والشعر‬
‫‪ - 17‬قال اهلل تعالي ‪ :‬ولكن اهلل حبب إليكم اإليمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق‬
‫والعصيان أولئك هم الراشدون‬
‫‪ - 18‬قال اهلل تعالي ‪ :‬وهلل ما في السموات وما في األرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين‬
‫أحسنوا بالحسنى‬
‫‪ - 19‬قال تعالي ‪ :‬خلق اإلنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار‬
‫‪ -20‬قال اهلل تعالي ‪ :‬إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا‬
‫‪ -21‬قال اهلل تعالي ‪ :‬والليل إذا أدبر والصبح إذا أسفر‬
‫‪ -22‬قال تعالي ‪ :‬وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا‬
‫‪ -23‬قال تعالي ‪ :‬إن األبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم‬
‫‪ - 24‬قال اهلل تعالي ‪ :‬فأما اإلنسان إذا ما ابتاله ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وإذا ما ابتاله فقدر‬
‫عليه رزقه فيقول ربي أهانن ‪.‬‬
‫‪ -25‬قال تعالي ‪ :‬والنهار إذا جالها والليل إذا يغشاها‬ ‫مقابلة اثنين‬
‫‪ - 26‬قال اهلل تعالي ‪ :‬إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم‬ ‫باثنين ومن ذلك‬
‫شر البرية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية‬ ‫في األسلوب‬
‫‪ - 27‬قال تعالي ‪ :‬فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية‬ ‫القرآني والنثر‬
‫جوادٌ يبقي من المال باقــيا‬ ‫فتي كملت أخالقـــ ه غير أنه‬ ‫‪ -28‬قال الشاعر ‪:‬‬ ‫والشعر‬

‫‪35‬‬
‫علي أنَّ فيه ما يسوء األعاديا‬ ‫فتي تمَّ فيه ما يسرُّ صديقه‬
‫ومطوي علي الغل غادر‬ ‫‪ - 29‬قال الشاعر ‪ :‬فوا عجبا كيف اتَّفقنا فناصح وفيٌ‬
‫‪ -30‬قالت العرب ‪ :‬كدرُ الجماعة خير من صفو الفرقة‬

‫‪ -1‬قوله تعالى ‪ :‬ويحل لهم الطيبات ‪ ،‬ويحرم عليهم الخبائث‬


‫‪ - 2‬ومنه أيضا قول الرسول صلى اهلل عليه وسلّم ‪ ،‬من خطبـة له ‪ :‬أال وإن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ‪،‬‬
‫وإن اآلخرة قد ارتجلت مقبلة‬
‫‪ -3‬وقول نبيّنا الكريم ‪ :‬المؤمن غرّ كريم ‪ ،‬والفاجر خبٌّ لئيم‬
‫‪ - 4‬وقال علي رضي اهلل عنه لعثمان بن عفان رضي اهلل عنه ‪ :‬إنّ الحق ثقيل وبيء ‪ ،‬والباطل خفيف‬
‫مريء‬
‫‪ -5‬ومنه في القريض ‪ ،‬قول أبي دالمة ‪:‬‬
‫مقابلة ثالثة‬
‫وأقبح الكفر واإلفالس بالرجل‬ ‫ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا‬
‫بثالثة ومن أمثلة‬
‫فالشاعر قابل بين أحسن وأقبح " وبين " الدين والكفر " وبين " الدنيا واإلفالس "‬
‫ذلك في األسلوب‬
‫‪ -6‬قال تعالي ‪ :‬وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين‬
‫القرآني والنثر‬
‫‪ - 7‬قال تعالي ‪ :‬الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير ‪.‬‬
‫والشعر‬
‫‪ - 8‬قال تعالي ‪ :‬الذين كفروا وصدوا عن سبيل اهلل أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا‬
‫بما أنزل علي محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم‬
‫‪ - 9‬قال اهلل تعالي ‪ :‬فأما من طغي وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوي وأما من خاف مقام ربه‬
‫ونهي النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوي‬
‫وال البخل يبقي المال والجد مدبر‬ ‫‪ -10‬قال الشاعر ‪ :‬فال الجود يفني المال والجد مقبل‬

‫‪ -1‬قوله تعالى ‪ ( :‬فأما من أعطى واتقى ‪ ،‬وصدق بالحسنى فسنيسرهـ لليسرى ‪ ،‬وأما من بخل واستغنى‬
‫وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى )‬
‫‪ - 2‬قول أبي بكر الصديق رضي اهلل عنه في وصيته عند الموت ‪ :‬هذا ما أوصى به أبو بكر عند آخر‬
‫عهده بالدنيا خارجا منها ‪ ،‬وأول عهده باآلخرة داخال فيها‬
‫مقابلة أربعة‬
‫فأصبـــــــح حسن العدل يرضيها‬ ‫‪ -3‬قول أبي تمام ‪ :‬يا أمة كان قبح الجود يسخطها دهرا‬
‫بأربعة ومن أمثلة‬
‫‪ - 4‬قال اهلل تعالي ‪ :‬فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا بآياتنا‬
‫ذلك في األسلوب‬
‫ولقاء اآلخرة فأولئك هم في العذاب محضرون ‪.‬‬
‫القرآني والنثر‬
‫‪ - 5‬قال اهلل تعالي ‪ :‬ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها ويكفر عنهم‬
‫والشعر‬
‫سيئاتهم وكان ذلك عند اهلل فوزا عظيما ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين باهلل‬
‫ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب اهلل عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا‬
‫وقابض شر عنكم بشماليا‬ ‫‪ -6‬قال الشاعر ‪ :‬وباسط خير فيكم بيمينه‬

‫قال علماء البالغة كلما كثر عدد المقابلة كانت أبلغ ‪ ،‬ومن أمثلته ‪:‬‬ ‫مقابلة خمسة‬
‫وأنثني وبياض الصبح يغري بي‬ ‫قول أبي الطيب المتنبي ‪ :‬أزورهم وسواد الليل يشفع لي‬ ‫بخمسة‬

‫وفي رِجْلِ حرّ قيدُ ذُلٍّ يَشينهُ‬ ‫قال عنترةُ العبسيُّ ‪ :‬على رأسِ عبدٍ تاجُ عِزٍّ يزينهُ‬ ‫مقابلة ستة بستة‬

‫۩ الفرق بين الطباق و المقـــــابــلــــة ۩‬


‫‪ - 1‬أن الطباق ال يكون إال بين الضدين غالبا أي بين اللفظ وضده ‪ ،‬والمقابلة تكون ألكثر من ذلك ‪ ،‬كأن تكون مثال بين أربعة‬
‫أضداد ‪ :‬ضدين في صدر الكالم ‪ ،‬وضدين في عجزه ‪ .‬وقد تصل المقابلة إلى الجمع بين عشرة أضداد ‪ :‬خمسة في الصدر ‪ ،‬وخمسة‬

‫‪36‬‬
‫في العجز كما أن الطباق ال يكون إال باألضداد ‪ ،‬أما المقابلة باألضداد وغير األضداد‬
‫‪ - 3‬الطباقُ ‪ :‬حصولُ التوافقِ بعد التنافي‪ ،‬كالجمعِ بينَ أضحكَ وأبكَى بعد تنافيهما في قوله تعالى ‪ ( :‬وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ‬
‫وَأَبْكَى ) أما المقابلةُ ‪ :‬حصولُ التنافي بعد التوافقِ ‪ ،‬كالجمع بين الضحكِ والقِلَّة ‪ ،‬ثم إحداثُ التنافي حيثُ تقابلَ األولُ‬
‫باألولِ والثاني بالثاني في قوله تعالى ‪ { :‬فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيالً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا }‬
‫۩ شروط حسن الطباق و المقـــــابــلــــة ۩‬
‫‪ -1‬أن يأتيا عفوا دون الخاطر دون تكلف أو مشقة أو معاناة‬
‫‪ -2‬أن يكون المعني هو الذي استدعاهما‬
‫‪ - 3‬أن يؤديا دورهما في الكالم علي حسب مقتضي الحال وال يأتيان لزينة لفظية أو حلية شكلية‬
‫‪ - 4‬ومن جمال الطباق والمقابلة أنهما يعمالن علي تداعي األفكار في األذهان سريعا وجعلها أقرب خطورا علي البال فتتمكن‬
‫المعاني في النفوس وتثبت في الصدور‬
‫{{ تنبيهــــــــات هامـــــة }}‬
‫‪ - 1‬الطباق يكون بين معني من جهة ومعني آخر من جهة أخري فحسب أما المقابلة فهي تبدأ من معنيين من جهة وما يقابلهما‬
‫أن ‪ :‬المقابلة أوسع وأعم من الطباق ألنها تكون بين المعني المتضاد وبين غير المتضاد‬
‫وتنتهي بين ستة وما يقابلهما كما َّ‬
‫‪ -2‬المقابلة والطباق صنوان يلتقيان في األساس علي التضاد ولكنهما يختلفان فيما بعد ذلك‬
‫‪ -3‬الطباق والمقابلة ليسا حلية لفظية وال طالء خارجيا بل هما من أعمدة البالغة‬
‫أن المقابلة تأتي بين كلمة وكلمة أو كلمة وجملة أو جملة‬
‫‪ -4‬المقابلة أوسع من الطباق ألنها تبدأ من اثنين وتنتهي بستة كما َّ‬
‫وجملة أو جملة وجملتين‬
‫وإلي هنا تم باب المقابلة بحمد هللا تعالي‬
‫۩ مراعاة النظير تعريفه وأنواعه ۩‬
‫مقدمة‬
‫من جمال اللغة العربية ودقتها الفائقة أنها تحتوي على ألفاظ متضادة يتداعى لها الذهن سريعا كما سبق لك‬
‫توضيحه في الطباق والمقابلة‪ ،‬ومن جمالها وحسنها كذلك أنها تحتوي على ألفاظ متناسبة تطرأ على الذهن‪،‬‬
‫وتخطر على البال بسرعة كما يقول علماء النفس‪ ،‬فالتناسب بين األلفاظ أسرع خطورا على الذهن من األلفاظ‬
‫غير المتناسبة‪ ،‬وكذلك التضاد بين اللفظ أسرع خطورا من غير المتضاد‪ ،‬فإذ ذكرت الليل جاء على بالك النهار‪،‬‬
‫وإذا تذكرت البياض ورد على خاطرك السواد‪ ،‬وكذلك التناسب فإذا تذكرت الشمس ورد على ذهنك القمر‪،‬‬
‫وهكذا فإن العربية لديها القدرة على التعبير عن كل ما يجول في النفس اإلنسانية متضادا أو متناسبا‪ ،‬ومضى‬
‫لك الحديث عن التضاد‪ ،‬وهنا نتحدث لك عن التناسب‬
‫‪ -1‬تعريف مراعاة النظير في البالغة ‪-:‬‬
‫تعريف مراعاة النظير ‪ :‬هو أن يجمع المتكلم في الكالم بين أمر وما يناسبه ‪ ،‬أو بين أمور متناسبه ال على جهة التضاد بل على جهة‬
‫االتفاق واالتساق والتناسب ‪ .‬مثل ‪ - :‬الجمع بين ) الشمس والقمر والنجوم ( ألنها من واد واحد وهو العوالم العلوية فبينها توافق‬
‫وليس تضاد ‪ :‬وكما تجمع بين الظل والشجر فهاتان الكلمتان ليس بينهما تضاد بل جمعنا بينهما علي جهة االتفاق واالتساق والتناسب‬
‫ومثل الجمع بين ‪ ( :‬الزهر والثمر ) ( اإلبل والبقر ) ( الضأن والمعز ) ( العلم والكتاب ) ( القلم والمحبرة ) ( القلم والورقة )‬
‫والسيف والرمح والقرطاس والقلم‬ ‫ومن ذلك قول الشاعر ‪ :‬فالخيل والليل والبيداء تعرفني‬
‫ففيه مراعاة نظير بين ‪ ( :‬الخيل والليل والبيداء ) وبين ( السيف والرمح ) وبين ( القرطاس والقلم )‬
‫‪ -2‬صور مراعاة النظير في البالغة ‪-:‬‬
‫‪ -1‬الجمع بين أمرين متناسبين ‪:‬‬
‫‪37‬‬
‫مثل قول اهلل تعالي ‪ ( :‬الشمس والقمر بحسبان ) فهما من الكواكب وكذلك ‪ (( :‬والذين يكنزون الذهب والفضة (( من المعادن‬
‫والمرجان (( من األحجار الكريمة وكذلك ‪ )) :‬كأنهن الياقوت والمرجان (( من األحجار الكريمة‬
‫وكذلك ‪َ (( :‬يخرج منهما اللؤلؤ َ‬
‫‪ -2‬الجمع بين ثالثة أمور متناسبة ‪:‬‬
‫قال النبي صلي اهلل عليه وسلم ‪ )) :‬آية المنافق ثالث ‪ :‬إذا حدث كذب وإ ذا وعد أخلف وإ ذا اؤتمن خان (( من الصفات الذميمة‬
‫له سيمياء ال تشق علي البصر‬ ‫ومن ذلك قول الشاعر ‪ :‬غالم رماه اهلل بالخير يافعـا‬
‫خده الشَّعري وفي وجهه القمر‬ ‫كأن الثريا علقت بجبينه وفي‬
‫حيث جمع الشاعر بين ( الثريا – الشعري – القمر ) وكلها من الكواكب العلوية في السماء وجمع كذلك بين ‪ ( :‬الجبين – الخد –‬
‫الوجه ) وكلها من أعضاء اإلنسان‬
‫قال البحتري يصف اإلبل بالضمور والنحافة الشديدة ‪:‬‬
‫غمارا من السراب الجاري‬ ‫يترقرقن كالسراب وقد خضن‬
‫ـــ هم مبرية بل األوتار‬ ‫كالقسي المعطفات بل األســــ‬
‫حيث جمع الشاعر بين ( القسي – األسهم – األوتار ) وكلها من باب واحد وهي آالت الحرب‬
‫غداة كأن النبل في صدره وبل‬ ‫قال المتنبي يصف فرسا ‪ :‬علي سابحٍ موجُ المنايا بنحره‬
‫حيث جمع الشاعر بين ( السابح – الموج – الوبل ) وكلها من واد واحد وهو المياه‬
‫‪ -3‬الجمع بين أربعة أمور متناسبة ‪:‬‬
‫مثل قول بعض الناس في مدح الوزير المهلبي ‪ ( :‬إنك أيها الوزير إسماعيلي الوعد شعيبي التوفيق يوسفي العفو محمدي الخلق ) ‪:‬‬
‫كلها نسبة إلى أسماء األنبياء‬
‫‪ - 4‬الصورة الرابعة ‪ :‬أن يجمع بين أكثر من أربعة أمور متناسبة ومنها ‪:‬‬
‫قال ابن رشيق صاحب كتاب العمدة في مدح األمير تميم بن المعز ‪:‬‬
‫من الخبر المأثور منــذ قديم‬ ‫أصح وأقوي ما سمعناه في الندي‬
‫عن البحر عن كف األمير تميم‬ ‫أحاديث ترويها السيول عن الحيا‬
‫جمع الشاعر بين ستة أمور متناسبة وهي ( الصحة والقوة ) والسماع والخبر والمأثور واألحاديث والرواية وكلها من باب واحد وهو‬
‫علم مصطلح الحديث ‪ ،‬ثم جمع بين السيول والحيا وهو المطر والبحر وكف األمير علي سبيل مراعاة النظير‬
‫وهنا البد من طرح هذا السؤال ‪ :‬هل هناك فرق بين الطباق ومراعاة النظير ؟‬
‫نعم هناك فرق وهو أن الطباق يجمع فيه بين معني الكلمتين المتضادتين أما مراعاة النظير فيجمع فيه بين معني الكلمتين المتناسبتين‬
‫هل هناك فرق بين مراعاة النظير والمقابلة ؟‬
‫نعم هناك فرق بينهما من جهة أن المقابلة تكون بين األمور المتضادة وغير المتضادة أما مراعاة النظير فيكون بين الكلمات المتناسبة‬
‫فحسب‬
‫{{ أنواع مراعاة النظير }}‬
‫‪ - 1‬تشابه األطراف ‪ :‬عرفه البالغيون بقولهم ‪ :‬هو أن يختم الكالم بما يناسب أوله في المعني وسمي بذلك‬
‫لتشابه أطراف الكالم بداية ونهاية في التناغم والتناسب‬
‫* مثل قول اهلل تعالي ‪ ( :‬ال تدركه األبصار وهو يدرك األبصار وهو اللطيف الخبير (‬
‫ففي قوله وهو اللطيف الخبير ورد في ختام اآلية ولو تأملت في لفظة اللطيف لوجدتها تتالءم مع ما جاء في مطلع اآلية في قوله ‪:‬‬
‫( ال تدركه األبصار ) فإن اللطف يناسب ما ال يدرك بالبصر ولو تأملت لفظة ( الخبير ) في نهاية اآلية الكريمة لوجدت أنها تتناسب‬
‫مع قوله ‪ ( :‬يدرك األبصار ) فإن من يدرك شيئا يكون حتما خبيرا به من خالل ما سبق اعلم أن ‪ :‬كل كالم في النهاية يتناسب مع ما‬
‫ورد في البداية يطلق عليه البالغيون ‪ ( :‬تشابه األطراف )‬

‫‪38‬‬
‫ومن ذلك أيضا قول اهلل تعالي ‪ ( :‬له ما في السموات وما في األرض وإن اهلل لهو الغني الحميد ) ‪:‬‬
‫فقوله ‪ ( :‬الغني الحميد ) ورد في ختام اآلية؛ وهو يتناسب بشدة مع ما ورد في أولها في قوله تعالى ‪ ( :‬له ما في السموات وما في‬
‫األرض ) وقد آثر التعبير بالغني ‪ :‬لينبه على أن ما يملكه سبحانه وتعالى من ملكوت السموات واألرض ليس في حاجة إليه‪ ،‬بل هو‬
‫غني عنه جواد به‪ ،‬فإذا جاد به حمده المنعم عليهم من العباد‪ ،‬وهذا هو سر التعبير بالحميد بعد الغني‬
‫* ومن خفي هذا الضرب ‪ ( :‬تشابه األطراف ) قول اهلل تعالي ‪ ( :‬إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم‬
‫فإنك أنت العزيز الحكيم ) ‪:‬‬
‫ففي قوله ( وإ ن تغفر لهم ) قد يوهم أن الفاصلة في نهاية اآلية ستكون ‪ ( :‬الغفور الرحيم ) ولكن من ينعم النظر يتيقن أن الفاصلة‬
‫المتناسبة هي ‪ ( :‬العزيز الحكيم ) ألنه ال يغفر لمن يستحق العذاب إال الذي ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز؛ ألن العزيز‬
‫في صفات اهلل هو الغالب من قولهم‪ :‬عزه يعزه عزا إذا غلبه ووجب كذلك أن يوصف بالحكيم؛ ألن الحكيم من يضع الشيء في محله‬
‫واهلل تعالى أحكم الحكماء‪ ،‬إال أنه قد يخفي وجه الحكمة في بعض أفعاله‪ ،‬فيتوهم الضعفاء من الناس أن هذه األفعال خارجة عن‬
‫الحكمة‪ ،‬فكان في الوصف بالحكيم احتراس حسن أي‪ :‬وإ ن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فال اعتراض ألحد عليك في ذلك‪ ،‬والحكمة‬
‫فيما فعلته‪ ،‬وهكذا كان آخر اآلية أشد تالؤما مع أولها لمن يتدبر فيها بدقة‬
‫‪ -2‬التفويف ‪:‬‬
‫‪ -1‬التفويف في اللغة مأخوذ من الثياب المفوفة أي المزركشة المزينة‬
‫‪ -2‬عند البالغيين ‪ :‬هو أن يؤتى في الكالم بمعان متالئمة في جمل مستوية المقادير أو متقاربة أي على وزن‬
‫وهو خاص بالشعر ولم يأت في القرآن الكريم‬ ‫عروضي واحد أو متقاربة‬
‫ودمع بال عين ‪ ،‬وضحك بال ثغر‬ ‫فوشي بال رقم ‪ ،‬ونقش بال يد‬ ‫مثل قول الشاعر ‪:‬‬
‫في هذا البيت نجد ثالث جمل طويلة مستوية في مقاديرها أي جاءت علي وزن عروضي وصرفي واحد وكل جملة فيها معانيها‬
‫متالئمة متناسبة ومن ثم سمي هذا النوع من التناسب التفويف أي زيادة في جماله وإ يقاعه ألن التفويف في اللغة مأخوذ من الثياب‬
‫المفوفة أي المزركشة المزينة فهو من مراعاة النظير ولكنه لما جاء علي هذا المنوال كان نوعا معينا منه استحق أن يخص ويذكر‬
‫بهذا االسم‬
‫إذن ‪ :‬التفويف هو نوع من أنواع مراعاة النظير ولكنه يتمحور حول الجمل المتالئمة في المعني المستوية في اإليقاع الموسيقي‬
‫والصرفي أو المتقاربة‬
‫أشدد وإن يلفوا بضنك أنزل‬ ‫ومنه قول عنترة ‪ :‬إن يُلْحَقوا أكرر وإن يستلحموا‬
‫فكل جملة من الجمل التي تحتها خط ألفاظ متناسبة ومتالحمة ومتقاربة من حيث اإليقاع الصوتي والوزن العروضي والصرفي مع ما‬
‫قبلها وعليه فالتفويف نوع من أنواع مراعاة النظير ولكنه يتمحور حول الجمل المتالئمة في المعني المستوية في اإليقاع العروضي‬
‫والصرفي أو المتقاربة‬
‫ودِلَّ أخضع وقل أسمع ومُر أطع‬ ‫ومنه قول ابن زيدون ‪ :‬تِهْ أَحتمل واستطل أصبر وعِز أهُن‬
‫فالجمل التي في البيت متقاربة مع بعضها في اإليقاع الصوتي والعروضي والصرفي وهي جمل متوسطة في المقدار وهذا ما يسمي‬
‫بالتفويف‬
‫ورش وابر وانتدب للمعالي‬ ‫ومنه قول الشاعر ‪ :‬أُحلَ وأمرر وضرَّ وانفع ولِن واخشن‬
‫فالجمل التي في البيت متقاربة مع بعضها في اإليقاع الصوتي والعروضي والصرفي وهي جمل متوسطة في المقدار وهذا ما يسمي‬
‫بالتفويف‬
‫والسؤال اآلن ‪ :‬هل يجوز الجمع بين التفويف والتضاد ؟‬
‫نعم يجوز الجمع بينهما فلو الحظنا البيت السابق نجد بين كل جملة تضاد وكل جملة فيها تضاد فهي من قبيل التضاد إذن قد يجتمع‬
‫التفويف وهو نوع من مراعاة النظير مع الطباق من هذه الجهة والتفويف لم يأت في القرآن الكريم علي اإلطالق‬
‫(( إيهام التناسب ))‬

‫‪39‬‬
‫تعريف إيهام التناسب ‪ :‬هو أن يأتي اللفظ يوهم أنه يتناسب في المعنى مع ما سبقه ‪ ،‬وهو عند إمعان النظر يتضح أنه ال يتناسب معه‬
‫وسمي بذلك ألن من لم يمعن النظر ‪ ،‬يتوهم التناسب وهو ليس بمتناسب‬
‫مثل قول اهلل تعالي ‪ ( :‬الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان (‬
‫التوضيح ‪ :‬من المعلوم أنه بين القمر والشمس مراعاة نظير لتناسبهما وهذا ال خالف فيه بين العلماء ولكن قد يظن المتعجل أن كلمة‬
‫النجم متناسبة مع ما قبلها من الشمس والقمر لكن األمر في الحقيقة ليس كذلك ألن النجم هنا هو النبات الذي ينجم أي يظهر علي‬
‫سطح األرض وال ساق له مثل ‪ :‬القثاء والجرجير وغيرهما من النباتات فأوهم اللفظ التناسب ولكنه ليس من قبيل التناسب‬
‫ملحوظة ‪ :‬إيهام التناسب يلحق بمراعاة النظير ألنه قد يأتي اللفظ يوهم أنه يتناسب في المعني مع ما سبقه وهو عند إمعان النظر‬
‫يتضح أنه ال يتناسب معه‬
‫تنبيهات هامة‬
‫‪ -1‬مراعاة النظير يكون بين األمور المتناسبة ال على وجه التضاد بخالف الطباق فيكون على وجه التضاد‬
‫‪ -2‬مراعاة النظير يكون بين أمرين متناسبين إلى ستة‪ ،‬وكذلك المقابلة تكون بين أمرين متقابلين إلى ستة فهما يتفقان من هذه‬
‫الجهة من حيث العدد‬
‫‪ -3‬المقابلة تكون بين معنيين من جهة‪ ،‬ومعنيين من جهة أخر وثالثة من جهة وثالثة من جهة أخري وهكذا إلى ستة من جهة وستة‬
‫من جهة أخري ‪ ،‬بخالف مراعاة النظير فقد يكون بين اثنين متناسبين إلى ستة‪ ،‬وال يشترط فيه النظر للجهة المقابلة لها‬
‫‪ -4‬مراعاة النظير وتشابه األطراف وردا في القرآن الكريم بخالف التفويف‬

‫۩ المشاكلة تعريفها وأنواعها ۩‬


‫فالمشاكلة في اللغة ‪ :‬معناها الموافقة والمماثلة‪ ،‬والشاكلة الناحية‬
‫أما معناها في اصطالح البالغيين ‪ :‬هو ذكر الشيء بلفظ غيره‪ ،‬لوقوعه في صحبته تحقيقًا أو تقديرًا‪ ،‬والمراد‬
‫بالشيء في التعريف المعنى ‪ ،‬فالمشاكلة‪ ،‬ذكر المعنى بلفظ غير لفظه الموضوع له‪ ،‬بل بلفظ موضوع لمعنًى‬
‫آخر‪ ،‬والمس وغ لذكر المعنى بلفظ غيره هو وقوع ذلك المعنى في صحبة معنى آخر مدلولٍ عليه بلفظه الحقيقي‬
‫* ومثال ذلك‪ ،‬قوله تعالى ‪ { :‬وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره علي هللا إنه ال يحب ‪} 00‬‬
‫مقصودا بها حقيقة السيئة التي ُيعاقب المرء على فعلها ‪ ،‬وإ نما المقصود بها الجزاء‬
‫ً‬ ‫ففي اآلية ‪ :‬وقعت لفظ سيئة الثانية‪ ،‬وليس‬
‫سوغ وقوع الجزاء بلفظ السيئة وقوعه في صحبة السيئة األولى في اآلية؛‬ ‫الواقع بالمعتدي ‪ ،‬فقد ذكر الجزاء هنا بلفظ السيئة‪ ،‬والذي َّ‬
‫حيث قصد بها معناها الحقيقي وهو الفعل المنهي عنه‬
‫أني بنيت الجار قبل المنزل‬ ‫* ومنه قول الشاعر ‪ :‬من مبلغ أفناء يعرب كلها‬
‫في البيت‪ ،‬جاءت كلمة بنيت إلى جانب الجار‪ ،‬وهو ال يقصد بها حقيقة البناء؛ ألن الجار ال ُيبنى‪ ،‬والذي يبنى هو الجدار أو المنزل‪،‬‬
‫بلفظ غير لفظه الموضوع له والذي سوغ ذلك هو وقوع هذا المعنى بصحبة البناء الحقيقي‪ ،‬وهو‬ ‫ومن ثم جاء هذا المعنى مذكورا ٍ‬
‫ً‬
‫بناء المنزل‬
‫فنجهل فوق جهل الجاهلينا‬ ‫* ومنه قول الشاعر ‪ :‬أال ال يجهلنَّ أحد علينا‬
‫فقوله في الشطر الثاني ( فنجهل ) من باب المشاكلة ألن تأديب الجاهل علي جهله ومجازاته عليه ال يسمي جهال وإ نما يسمي عقابا‬
‫وردعا وزجرا ولكن لما وقع اللفظ الثاني فنجهل في صحبة األول ( ال يجهلن ) ساغ للشاعر أن يعبر عن رد الجهل والمعاقبة عليه‬
‫باللفظ نفسه مشاكله والغرض من ذلك ‪ :‬هو لفت نظر السامع وشد انتباهه واستمالة سمعه وإ ظهار مقدرة قوم الشاعر علي رد‬
‫الصاع صاعين وهذا أسرع في تثبيت المعني في النفس وتمكينه في القلب فالمشاكلة تهدف إلي التأثير علي المخاطب وتوكيد المعني‬
‫وتقريره في نفسه‬
‫والسؤال اآلن ‪ :‬هل وردت المشاكلة في القرآن الكريم والسنة النبوية ؟‬
‫نعم هذا اللون من الكالم حسبما أوضحنا مفهومه فيما سبق ورد في الذكر الحكيم بكثرة وفي السنة النبوية كذلك ومن أمثلة ورود‬
‫المشاكلة في القرآن الكريم ‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ - 1‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلي شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن‬
‫مستهزئون اهلل يستهزيء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون )‬
‫التوضيح ‪ :‬حيث سمي الجزاء علي االستهزاء استهزاء بطريق المشاكلة فجاء اللفظ الثاني يستهزيء مشاكال لألول مستهزئون‬
‫لوقوعه في صحبته‬
‫‪ - 2‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم )‬
‫حيث سمي الجزاء علي العدوان ومقابلته بمثله اعتداء من قبيل المشاكلة والذي سوغ ذلك هو وقوع اللفظ الثاني فاعتدوا عليه في‬
‫صحبة اللفظ األول فمن اعتدي والسر البالغي لذلك ‪ :‬هو التنفير من رد االعتداء والترغيب في العفو والدعوة للصفح ألن اإلنسان‬
‫الذي يرد االعتداء قد يتجاوز الحد المطلوب فيصير عندئذ معتديا وهذا من شيم السماحة في اإلسالم دين العفو والغفران‬
‫‪ - 3‬قال تعالي ‪ ( :‬وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر اهلل واهلل‬
‫خير الماكرين )‬
‫حيث سمى إحباط ما دبروا من كيد ومكر مكرا على طريق المشاكلة‪ ،‬والذي سوغ ذلك هو وقوع لفظ المكر الثاني في قوله ‪ :‬ويمكر‬
‫اهلل في صحبة اللفظ األول ويمكرون والغرض من ذلك هو تحذير الكافرين من المكر بنبينا الكريم؛ ألنهم سيالقون جزاء كيدهم‬
‫ومكرهم مكرا بمكر‪ ،‬وكيدا بكيد ال يستطيعون مواجهته بعقولهم القاصرة‬
‫‪ - 4‬قوله تعالي ‪ ( :‬ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم ال يشعرون )‬
‫حيث أطلق سبحانه وتعالى على إهالكهم وتدميرهم مكرا على سبيل المشاكلة‪ ،‬لوقوع المكر الثاني في صحبة األول‬
‫‪ - 5‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعلمون )‬
‫حيث أطلق على جزاء النسيان نسيانا على سبيل المشاكلة والذي سوغ التعبير عن جزاء النسيان بالنسيان هو وقوع اللفظ الثاني في‬
‫قوله ‪ ( :‬إنا نسيناكم ) في صحبة اللفظ األول وهو قوله بما نسيتم واهلل عز وجل ال ينسي وإ نما المراد نترككم في العذاب ترك الشيء‬
‫المنسي‬
‫‪ - 6‬قال اهلل تعالي ‪ ( :‬وال تكونوا كالذين نسوا اهلل فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون )‬
‫أي أهملهم حيث ذكر اإلهمال هنا بلفظ النسيان في قوله فأنساهم أنفسهم لوقوعه في صحبته في قوله نسوا اهلل‬
‫‪ -7‬قال اهلل تعالي ‪ { :‬وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره علي اهلل إنه ال يحب الظالمين }‬
‫مقصودا بها حقيقة السيئة التي ُيعاقب المرء على فعلها ‪ ،‬وإ نما المقصود بها الجزاء الواقع‬
‫ً‬ ‫ففي اآلية‪ :‬وقعت لفظ سيئة الثانية‪ ،‬وليس‬
‫سوغ وقوع الجزاء بلفظ السـيئة وقوعــه في صـحبة السـيئة األولى في اآليــة؛ حيث‬‫بالمعتدي ‪ ،‬فقد ذكر الجزاء هنا بلفظ السيئة‪ ،‬والذي َّ‬
‫قصد بها معناها الحقيقي وهو الفعل المنهي عنه‬

‫* ومن أمثلة ورود المشاكلة في السنة النبوية ‪ ( :‬عن عائشة رضي اهلل عنها قالت ‪ :‬قال رسول اهلل صــلي اهلل‬
‫عليه وسلم ‪ ( :‬خذوا من العمل ما تطيقون فإن اهلل ال يمل حتى تملوا )‬
‫فقد جاء اللفظ األول مشاكال للفظ الثاني لوقوع األول في صحبة الثاني ويالحظ هنا أن اللفظ األول هو الذي شاكل الثاني بعكس األمثلــة‬
‫السابقة كلها ‪ ،‬ملحوظة ‪ :‬مشاكله اللفظ الثاني لألول كثيرة بينما مشاكله األول للثاني قليلة‬

‫{{ أنواع المشاكلة }}‬

‫المشاكلة نوعان ‪ ( :‬تحقيقية وتقديرية )‬


‫‪ -1‬المشاكلة التحقيقية ‪ :‬وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا ومن أمثلتها ‪:‬‬
‫فنجهل فوق جهل الجاهلينا‬ ‫* ومنه قول الشاعر ‪ :‬أال ال يجهلنَّ أحد علينا‬

‫‪41‬‬
‫فقوله في الشطر الثاني ( فنجهل ) من باب المشاكلة ألن تأديب الجاهل علي جهله ومجازاته عليه ال يسمي جهال وإ نما يسمي عقابا‬
‫وردعا وزجرا ولكن لما وقع اللفظ الثاني فنجهل في صحبة األول ( ال يجهلن ) ساغ للشاعر أن يعبر عن رد الجهل والمعاقبة عليه‬
‫باللفظ نفسه مشاكله والغرض من ذلك ‪ :‬هو لفت نظر السامع وشد انتباهه واستمالة سمعه وإ ظهار مقدرة قوم الشاعر علي رد‬
‫الصاع صاعين وهذا أسرع في تثبيت المعني في النفس وتمكينه في القلب فالمشاكلة تهدف إلي التأثير علي المخاطب وتوكيد المعني‬
‫وتقريره في نفسه‬
‫* ومن ذلك ما هو معروف ومشهور‪ ،‬من قول أبي الرقعمق األنطاكي ‪:‬‬
‫قلت اطبخوا لي جبة وقميصا‬ ‫قالوا اقترح شيئًا نجد لك طبخه‬
‫ـاحبا لــه في‬
‫فالجبــة والقميص ال يطبخــان‪ ،‬وإ نمــا يخاطــان‪ ،‬والــذي ســوغ الطبخ في جــانب الجبــة والقميص‪ ،‬وقــوع الطبخ الحقيقي مصـ ً‬
‫البيت‪ ،‬وهي مصاحبة حقيقية في اللفظ‬

‫قلت ادهنوه بخدها المتورد‬ ‫* قال ابن جابر األندلسي ‪ :‬قالوا اتخذ دهنًا لقلبك يشفه‬
‫فقد عـبر بالــدهن في الشــطر الثـاني في قولـه ( ادهنـوه ) ليشـاكل بـه الـدهن المـذكور في الشـطر األول في قولـه ‪ ( :‬دهنــا ) علي سـبيل‬
‫المشاكلة التحقيقية‬

‫‪ -2‬المشاكلة التقديرية ‪ :‬هي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تقديرا ومن أمثلتها ‪:‬‬
‫* قال اهلل تعالي في كتابه الكريم ‪ ( :‬وقالوا كونوا هودا أو نصاري تهتدوا بل ملة إبراهيم حنيفا ومــا كــان‬
‫من المشركين ‪ ،‬قولوا آمنا باهلل وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب واألسباط وما‬
‫أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم ال نفرق بين أحد منهم ونحن له مســلمون فــإن آمنــوا بمثــل مــا‬
‫آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم اهلل وهو السميع العليم صــبغة اهلل ومن أحســن من‬
‫اهلل صبغة ونحن له عابدون )‬
‫أوالدهم في مــاء أصــفر يســمونه المعموديــة‪ ،‬ويقولــون ‪ :‬إن ذلــك تطهــير لهم‪ ،‬فــإذا فعــل الواحــد منهم ذلــك‬
‫َ‬ ‫فقــد كــان النصــارى‪ ،‬يغمســون‬
‫ـودا إلى يومنـا هــذا‪ ،‬فكــانوا يســمون ذلـك الفعـل صـبغة‪ ،‬وهـو مصـدر على‬ ‫بولده‪ ،‬قال‪ :‬اآلن صار نصرانيًّا حقًّا‪ ،‬وال يزال هــذا العمــل موجـ ً‬
‫وزن ِفعلة بكسر الفاء وسكون العين‪ ،‬فهو اسم هيئة‪ ،‬والشاهد في اآلية الكريمــة قولــه‪ { :‬صــبغة اهلل } أي‪ :‬تطهــير‪ ،‬فــالمؤمنون أمــروا‬
‫تطهــيرا ال كتطه ــير النص ــارى ال ــذي يس ــمونه صــب ًغا‪ ،‬فاإليم ــان ُيطه ــر النف ــوس ويزكيه ــا من ْأدرانه ــا‬
‫ً‬ ‫أن يقول ــوا ‪ :‬طهرن ــا اهلل باإليم ــان‬
‫مقصودا به التطهير باإليمان على سبيل المشاكلة‪ ،‬وإ ن لم يكن قد تقــدَّم لفــظ الصــبغة؛ ألن قرينــة الحــال‬ ‫ً‬ ‫وأوساخها‪ ،‬فجيء بلفظ الصبغة‬
‫التي هي سبب الغمس‪ ،‬من غمس النصارى أوالدهم في الماء األصفر‪ ،‬دلت على ذلك‬

‫أني بنيت الجار قبل المنزل‬ ‫* قال أبو تمام ‪ :‬من مبلغ أفناء يعرب كلها‬
‫في البيت‪ ،‬جاءت كلمة بنيت إلى جانب الجار‪ ،‬وهو ال يقصد بها حقيقــة البنــاء؛ ألن الجـار ال ُيبـنى‪ ،‬والــذي يبـنى هــو الجــدار أو المـنزل‪،‬‬
‫بلفظ غير لفظـه الموضـوع لـه والـذي سـوغ ذلـك هـو وقـوع هـذا المعـنى بصـحبة البنـاء الحقيقي‪ ،‬وهـو‬ ‫ومن ثم جاء هذا المعنى مذكورا ٍ‬
‫ً‬
‫بناء المنزل‬

‫والسؤال ‪ :‬هل تجتمع المشاكلة مع الطباق ؟‬


‫‪ -1‬المشاكلة لغة ‪ :‬المشابهة والمماثلة‬
‫‪ -2‬المشاكلة اصطالحا ‪ :‬هي أن يذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته‬
‫فنجهل فوق جهل الجاهلينا‬ ‫أال ال يجهلنَّ أحد علينا‬
‫أما الطباق ‪ -1 :‬في اللغة ‪ :‬مردود إلي الجمع بين الشيئين ومنه في القرآن الكريم ‪ ( :‬الذي خلق سبع سموات طباقا )‬
‫‪ -2‬في اصطالح البالغيين ‪ :‬هو الجم ُع بين لفظين متقابلي ِن في المعنى ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ويجوز الجمع بينهما ‪ :‬ومن ذلك أن القاضي شريح قد شهد عنده رجل بشهادة أعجبته ‪ ،‬فقال له شريح ‪ :‬إنك لبسط الشهادة ) سهل ناعم‬
‫كالشعر ( فقال له الرجل ‪ :‬إنها لم تجعد عني ) لم تصعب علي ( حيث جاء اللفظ الثاني ) لم تجعد ( في صحبة األول ( سبط ( على سبيل‬
‫المشاكلة ‪ ،‬كما أن بين اللفظين تضاد ‪.‬‬
‫والسؤال ‪ :‬هل تجتمع المشاكلة مع الجناس ؟‬
‫‪ -1‬المشاكلة لغة ‪ :‬المشابهة والمماثلة‬
‫‪ -2‬المشاكلة اصطالحا ‪ :‬هي أن يذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته‬
‫فنجهل فوق جهل الجاهلينا‬ ‫أال ال يجهلنَّ أحد علينا‬
‫النطق ‪ ،‬واختالف ُهما في المعنَى وهو ينقسم إلى نوعين هما ‪ ( :‬الجناس التام ‪ ،‬الجناس‬ ‫ِ‬ ‫أما الجناس ‪ :‬هو عبارة عن تشابهُ اللفظي ِن في‬
‫غير التام ) ‪.‬‬
‫ت‬
‫ق فيه اللفظا ِن المتجانسا ِن في أربعة أشيا َء ‪ :‬نو ُع الحروف‪ ،‬وعددُها‪ ،‬وهيئات ُها الحاصلة ُ منَ الحركا ِ‬ ‫الجناس التا ُّم ‪ :‬هو ما اتف َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -1‬تعريف‬
‫سا َع ٍة َك َذلِكَ َكانُوا يُؤْ فَ ُكونَ‬ ‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫غ‬ ‫وا‬‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ب‬‫َ‬
‫َ ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ونَ‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ل‬
‫ُ ِ ُ ُ ِ ُ‬ ‫ا‬ ‫م‬‫س‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫ال‬
‫ُ َّ‬ ‫م‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫و‬‫ي‬
‫ََْ َ‬ ‫و‬ ‫{‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالي‬ ‫هللا‬ ‫قول‬ ‫مثل‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫المع‬ ‫اختالف‬ ‫مع‬ ‫ها‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫وترتي‬ ‫‪،‬‬ ‫ت‬
‫والسكنا ِ‬
‫الزمان ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫} فالمرا ُد بالساعة ِاألولى يوم ُالقيامة‪ ،‬وبالساع ِة الثانية المدة ُمن‬
‫ت‪ ،‬وترتيبُها مع‬ ‫ت والسكنا ِ‬ ‫وقد سمي الجناس التام بهذا االسم ‪ :‬التفاق الكلمتين في نو ُع الحروف‪ ،‬وعددُها‪ ،‬وهيئات ُها الحاصلة ُ منَ الحركا ِ‬
‫اختالف المعنَى ‪.‬‬
‫س‬
‫يجب توافرها في الجنا ِ‬ ‫ُ‬ ‫الجناس غي ُر التا ِّم ( الناقص ) ‪ :‬هو ما اختلفَ فيه اللفظا ِن في واح ٍد من األمور األربع ِة السابقة التي‬ ‫ُ‬ ‫‪ -2‬تعريف‬
‫َ‬
‫ت ‪ ،‬وترتيبُها مع اختالف المعنى ‪.‬‬ ‫ت والسكنا ِ‬ ‫ُ‬
‫ُالحروف ‪ ،‬وعددُها ‪ ،‬وهيئاتُها الحاصلة من الحركا ِ‬ ‫ِ‬ ‫التا ِّم وهي ‪ :‬نوع‬
‫طامس » ومنه نحو قوله‬ ‫ٌ‬ ‫ق‬
‫دامس ‪ ،‬وطري ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ومنه قولنا ‪ ( :‬دوام الحال من المحال ) ومنه نحو قول الحريري ‪ « :‬بيني وبينَ كنِّي لي ٌل‬
‫تعالى ‪َ { :‬ذلِ ُكم ِب َما ُكنتُ ْم تَ ْف َر ُحونَ فِي اأْل َ ْر ِ‬
‫ض ِب َغ ْي ِر ا ْل َح ِّ‬
‫ق َوبِ َما ُكنتُ ْم تَ ْم َر ُحونَ } ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫ويجوز الجمع بينهما ‪ :‬مثل قول هللا تعالي ‪ ( :‬وجزاء سيئ ٍة سيئة مثلها ) المشاكلة في ) سيئة ( حيث سمي جزاء السيئة سيئة لوقوعه‬ ‫ٌ‬
‫في صحبته كما أن بين اللفظين جناس تام ‪ ،‬ألن اللفظين اتفقا في اللفظ واختلفا في المعنى فاألول بمعنى السيئة والثاني بمعنى رد السيئة‬
‫{{ تنبيهات هامة }}‬
‫‪ -1‬المشاكلة من المحسنات المعنوية ‪ ،‬ولكنها تجتمع مع الطباق وهو من المحسنات المعنوية أيضا‬
‫‪ -2‬المشاكلة من المحسنات المعنوية‪ ،‬ولكنها تجتمع مع الجناس وهو من المحسنات اللفظية‬
‫‪ -3‬المشاكلة وردت في القرآن والحديث الشريف والشعر الجاهلي وغيره‬
‫‪ -4‬المشاكلة يشاكل فيها اللفظ الثاني اللفظ األول غالبا‪ ،‬ولكن في بعض األمثلة قد يشاكل اللفظ األول اللفظ‬
‫الثاني المذكور أو المقدر المحذوف‬
‫۩ المبالغة تعريفها وأنواعها ۩‬
‫تعريفُ المبالغة عند البالغيين ‪:‬‬
‫المبالغةُ ‪ :‬هي أن يدَّعيَ المتكلّمُ ( الشاعر أو الناثر ) لوصف من األوصاف ‪ ،‬بُلوغُهُ في الشدةِ أو الضعف حداًّ مستبعداً‪ ،‬أو‬
‫مستحيالً دفعا لتوهم أن هذا الوصف غير متناه في الشدة أو الضعف ‪ ،‬والمراد باألمر المستحيل ‪ :‬األمر الذي ال يمكن حدوثه‬
‫مطلقا علي أيدي البشر العاديين والمراد باألمر المستبعد ‪ :‬األمر النادر القليل الوقوع‬
‫والغرض من المبالغة ‪ :‬يلجأ الشاعر أو الناثر للمبالغة لكي يرفع الظن والتوهم عن المخاطب أن الوصف المدعي فيه لم يبلغ من‬
‫الشدة أو الضعف مبلغا كبيرا‬

‫۩ أقسام المبالغة ۩‬
‫و تنحص ُر المبالغةُ في ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫النوع األول ‪ ( :‬التبلي ٌغ ) ‪ :‬إن كان ذلك اال ّدعاء للوصف من الشدة أو الضعف ممكنا ً عقالً وعادةً ‪:‬‬
‫اها )‬ ‫ض إِ َذا أ ْ‬
‫َخ َر َج َي َدهُ لَ ْم َي َك ْد َي َر َ‬ ‫ق َب ْع ٍ‬
‫ض َها فَ ْو َ‬
‫ات َب ْع ُ‬
‫نحو قوله تعالى ‪ ( :‬ظُلُ َم ٌ‬
‫الريح التّرابا‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وأبقَ ْت في يد ّ‬ ‫فر ْت‬
‫يح ّ‬
‫الر ُ‬
‫فرس ‪ :‬إذا ما سابقَتها ّ‬ ‫وكقول الشاعر في وصف‬
‫دِرَاكاً ولَمْ يَنْضَحْ‬ ‫‪ -1‬وكقول امرئ القيس يصف فرساً ‪ :‬فَعَادَى عِداءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ‬
‫بِمَاءٍ فَيُغْسَلِ‬
‫يعرق وهذا الوصف المدعي هنا أمر نادر ولكنه ممكن عقال‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫وحشيين في مضمار واحد ولم‬ ‫أدرك ثوراً وبقرة‬
‫الفرس بأنه َ‬
‫َ‬ ‫فقد وصف هذا‬
‫وعادة‬

‫‪43‬‬
‫وَأنْزِلْ عنهُ مثلَهُ حينَ‬ ‫‪ - 2‬وقال أبو الطيب يصف فرساً ‪ :‬وأصْرَعُ أيَّ الوحشِ قَفَّيتُهُ بِهِ‬
‫أركَبُ‬
‫يقول الشاعر إن حصانه قوي جدا وهو يدرك به جميع أنواع الصيد الوحشي فيصرعها ويطرحها أرضا ويظل الفرس مع ذلك في أوج‬
‫نشاطه وقوته محتفظا برشاقته وحيويته التي كان عليها قبل أن يركبه فارسه وهذا أمر ليس ببعيد بل هو ممكن عقال وعادة‬
‫الضعف ممكنا ً عقالً ‪ ،‬ال عادةً‬
‫ِ‬ ‫للوصف من الش ّدة أو‬
‫ِ‬ ‫ق)‪ْ :‬‬
‫إن كانَ اال ّدعا ُء‬ ‫النوع الثاني ‪ ( :‬اإلغرا ٌ‬
‫ونُتْبعُهُ الكرامَة َ حَيْثُ ماال‬ ‫‪ -1‬كقول الشاعر ‪ :‬ونُكْرمُ جارَنا ما دامَ فينا‬
‫ِ‬
‫مقبوالن‬ ‫ممتنع عقالً ‪ ،‬وهما‬ ‫كان ِ‬
‫غير‬ ‫يتبعه الكرام َة ‪ ،‬وهذا ممتنعٌ عادةً وإ ْن َ‬ ‫ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أن جاره ال يمي ُل عنه إلى جهة إال وهو ُ‬
‫فإنه ادَّعى َّ‬
‫بيثرب أدني دارها نظرٌ عال‬ ‫‪ -2‬قال الشاعر ‪ :‬تنورتها من أذرعات وأهلها‬
‫الشاعر يقول ‪ :‬إنه أبصر نار محبوبته وهو في أذرعات في الشام وهي في يثرب في الحجاز وهو أمر ممكن عقال وإ ن كان غير ممكن في‬
‫العادة‬
‫من الذَّرِّ فوق اإلِتب منها ألثَّرا‬ ‫‪ - 3‬قال الشاعر ‪ :‬من القاصرات الطرف لو دب محول‬
‫الشاعر يصف امرأة برقة جسدها ونعومة جلدها لدرجة أن أي نملة صغيرة لو مرت فوق قميصها ألثرت علي جلدها وهذا أمر ممكن عقال‬
‫وإ ن كان غير ممكن عادة‬
‫لوال مخاطبتي إياك لم ترني‬ ‫‪ - 4‬قال المتنبي ‪ :‬كفي بجسمي نحوال أنني رجلٌ‬
‫الشاعر يعني أن جسمه بلغ من الضعف والهزال مبلغا كبيرا جدا لوال كالمه مع من يخاطبه لم يره من شدة ضعفه وهزاله وهذا أمر ممكن‬
‫عقال وإ ن كان غير ممكن عادة‬
‫للوصف من الشد ِة أو الضعف مستحيالً عقالً وعادةً‬
‫ِ‬ ‫الثالث ‪ ( :‬ال ُغل ٌّو ) ‪ :‬وذلك ْ‬
‫إن كانَ االدعا ُء‬
‫والغلو ينقسم إلي قسمين هما‬
‫‪ -1‬الغلو غير المقبول ‪ :‬ومن أمثلة هذا النوع ‪:‬‬
‫لتخافك النطف التي لم تخلق‬ ‫* قال الشاعر ‪ :‬وأخفت أهل الشرك حتى إنه‬
‫الشاعر يمدح الخليفة فيقول في الشطر األول إن أهل الشرك يخافون من الخليفة حيث دخل الرعب منه في قلوبهم واستولي علي نفوسهم‬
‫وهذا أمر ممكن عقال وعادة ولكنه في بقية البيت أتي بمعني فيه غلو مردود مرفوض حيث ادعي أن النطف التي لم تخلق ولم تر الحياة‬
‫بعد تخاف من الخليفة وخوف النطف ممكن عقال وغير ممكن عادة ألن شرط الخوف الحياة‬
‫فاحكم فأنت الواحد القهار‬ ‫* قال الشاعر ‪ :‬ما شئت ال ما شاءت األقدار‬
‫في هذا البيت غلو مردود مرفوض ألنه وصل إلي حد الكفر باهلل حيث خلع الشاعر علي ممدوحه صفات األلوهية الحقة التي ال تكون إال‬
‫للمولي سبحانه وتعالي‬
‫‪ -2‬الغلو المقبول ‪ :‬وهنا نقول متى يكون الغلو مقبوال ؟‬
‫يكون الغلو مقبوال في ثالث حاالت وهي ‪:‬‬
‫اد َز ْيتُ َها‬
‫‪ - 1‬ما اقترنَ به ما يقربُّه للصحَّة ‪ ( ،‬كفعلِ مقاربةٍ ) ( يكاد – لو – لوال ) نحو قوله تعالى ‪َ { :‬ي َك ُ‬
‫س ُه َن ٌار } ومنه قول اهلل تعالي ‪ ( :‬يكاد سنا برقه يذهب األبصار )‬ ‫ِ‬
‫سْ‬‫يء َولَ ْو لَ ْم تَ ْم َ‬
‫ُيض ُ‬
‫لو كان يرغب في فراق رفيق‬ ‫ومنه قول الشاعر ‪ :‬ويكاد يخرج سرعة من ظله‬
‫ش َي ِة اللَّ ِه }‬
‫ِّعا ِّم ْن َخ ْ‬
‫صد ً‬
‫ِ‬
‫آن َعلَى َجَب ٍل لََّرأ َْيتَ ُه َخاش ًعا ُّمتَ َ‬
‫َنز ْل َنا َه َذا ا ْلقُْر َ‬
‫ض ‪ ،‬نحو قوله تعالى ‪ { :‬لَ ْو أ َ‬
‫فر ٍ‬
‫أو أداةُ َ‬
‫في وسعه لسعي إليك المنبر‬ ‫وفي قول الشاعر ‪ :‬ولو أن مشتاقا تكلف فوق ما‬
‫صليل البيض تقرع بالذكور‬ ‫ومنه قول المهلهل بن أبي ربيعة ‪ :‬فلوال الريح أسمع من بجحر‬

‫‪ -2‬ما تضمَّنَ نوعا حسنَ تخييلٍٍ‬


‫لوْ تَبتَغي عَنَقاً عَلَيْهِ ألمْكَنَا‬ ‫كقول المتنبي (‪ : ) 5‬عَقَدَتْ سَنابِكُها عَلَيْها عِثْيَراً‬

‫‪44‬‬
‫حيث يقول الشاعر إن سنابك الخيل من شدة وقعها علي األرض كونت طبقة كثيفة من الغبار أعالها ولو طلب من الخيل أن تسير عليها‬
‫لتمكنت من ذلك لكثافة الغبار حتى صار مثل األرض وهذا أمر غير ممكن ال عقال وال عادة ولكن لما خيله إلي السامع قربه من الصحة‬
‫واإلمكان ‪.‬‬
‫وشُدَّتْ بأهْدابي إليهنّ‬ ‫وكقول الشاعر يصفُ الليلَ بالطول ‪ :‬يُخَيَّلُ لي أن سُمِّرَ الشهبُ في الدّجى‬
‫أجْفاني‬
‫حيث تخيل الشاعر أن الشهب قد شدت بمسامير في ظالم الليل فهي ال تتحرك ثم شدت أجفانه بأهدابه إلي هذه الشهب فأجفانه ال تغتمض‬
‫وال تتحرك أيضا وهذا المعني غير ممكن ال عقال وال عادة ولكن لما خيله إلي السامع قربه من الصحة واإلمكان ‪.‬‬

‫‪ -3‬ما أخرجَ مخرجَ الهزلِ‬


‫الشرب غدا إن ذا من العجب‬ ‫كقول الشاعر ‪ :‬أسكرُ باألمس إن عزمت علي‬
‫فالشاعر يقول إنه يسكر باألمس إن عقد النية علي شرب الخمر في الغد وهذا المعني غير ممكن ال عقال وال عادة ولكن لما خيله إلي‬
‫السامع قربه من الصحة واإلمكان‬

‫{{ تنبيهــــــــات هامـــــة }}‬


‫‪ -1‬المبالغة علي قسمين ‪ :‬مبالغة ممجوجة مرذولة ومبالغة مستحبة مقبولة‬
‫‪ -2‬المبالغة المرذولة تتمثل في الغلو غير المقبول الذي يتجاوز فيه الشاعر حدوده عن الذات اإللهية وكل ما يتصل بالعقيدة اإلسالمية‬
‫‪ -3‬التبليغ واإلغراق يعتبران من المبالغة المقبولة أما الغلو فهو من المبالغة غير المقبولة‬
‫‪ -4‬الغلو المرذول قد يتحول لغلو مقبول إذا قربه الشاعر من الصحة أو ضمنه تخييال حسنا أو أخرجه الشاعر مخرج الهزل والخالعة‬
‫‪ -5‬المبالغة نوع من أنواع المحسنات المعنوية ال اللفظية‬
‫۩ التورية تعريفها وأنواعها ۩‬
‫تعريفُ التورية عند البالغيين ‪:‬‬
‫وأظهرت غيره‬
‫ُ‬ ‫الخبر توري ًة ‪ :‬إذا سترتُه ‪،‬‬
‫َ‬ ‫يت‬
‫ور ُ‬
‫مصدر‪ّ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫تعريفُها‪ :‬لغ ًة ‪:‬‬
‫مقصود ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫بعيد‬
‫واآلخر ٌ‬ ‫أحدهما قريب غير مقصو ٍد ودالل ُة ِ‬
‫اللفظ عليه ظاهرةُ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المتكلم لفظاً مفرداً له معنيان ;‬ ‫واصطالحاً ‪ :‬هي أن يذ ُك َر‬
‫ُ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ُ‬
‫وتستره‬ ‫ظهره‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫القريب ‪ ،‬وهو َّإنما ُي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫تشير إليه وال تُ ُ‬‫البعيد بقرينة ُ‬
‫َ‬ ‫ريد المعنى‬ ‫َ‬ ‫ريد المع َنى‬
‫السامعُ ‪ :‬أنه ُي ُ‬‫َّم َّ‬
‫ودالل ُة اللفظ عليه َخف َّي ٌة ‪ ،‬فيتوه ُ‬
‫البعيد ‪ ،‬وهو‬ ‫باللي ِل َو َي ْعلَم ما َج َر ْحتُ ْم َّ‬
‫بالن َه ِ‬ ‫الفط ِن ‪ ،‬كقوله تعالى ‪َ ( :‬و ُه َو الذي َيتََوفّا ُكم ْ‬ ‫المتيقظ ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ار ) أراد بقوله جرحتم معناهُ‬ ‫ُ َ‬ ‫عن غير‬
‫يت التَّوري ُة إيهاماً وتخييال‬ ‫وألجل هذا س ِّم ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الذنوب ‪،‬‬ ‫ارتكاب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إذا التورية باختصار ‪ :‬هي عبارة عن لفظ له معنيان قريب ظاهر لكنه غير مراد وبعيد خفي وهو المراد‬
‫والبد معها من قرينة تشير إلي أن اللفظ المراد هو البعيد‬
‫وصحائف األبرار في إشراق‬ ‫وا خجلتي وصحائفي مسودة‬ ‫قال سراج الدين الورَّاق ‪:‬‬
‫أ كذا تكون صحائف الوراق ؟‬ ‫وتوقفي لموبخ لي قائـــل‬
‫التورية في كلمة ‪ ( :‬الورَّاق ) لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( بائع الكتب ) والذي‬
‫يرشح لذلك كلمة ( الصحائف وتكرارها ) أما المعني البعيد المقصود ( وهو اسم الشاعر ) وهو المراد‬
‫۩ أقسام التورية ۩‬
‫‪ -1‬التورية المرشحة ‪ :‬وهي التي ذكر معها مالئم يالءم المعني القريب ومن أمثلتها ‪:‬‬
‫وصحائف األبرار في إشراق‬ ‫وا خجلتي وصحائفي مسودة‬ ‫‪ -1‬قال سراج الدين الورَّاق ‪:‬‬
‫أ كذا تكون صحائف الوراق ؟‬ ‫وتوقفي لموبخ لي قائـــل‬
‫التورية في كلمة ‪ ( :‬الورَّاق ) لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( بائع الكتب ) والذي يرشح لذلك كلمة‬
‫( الصحائف وتكرارها ) أما المعني البعيد المقصود ( وهو اسم الشاعر ) وهو المراد‬

‫‪45‬‬
‫دعوني فإني آكلُ العيشَ بالجبْنِ‬ ‫‪ - 2‬قال الشاعر ‪ :‬أقولُ وقد شنوّا إلى الحربِ غارةً‬
‫ِ‬
‫الشجاعة‬ ‫عكس‬ ‫الخو ُر‬
‫ُ‬ ‫والجبن يعني المصنوع من اللبن ‪ ،‬ويعني َ‬
‫ُ‬ ‫فالعيش يعني الخبز ويعني الحياة ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والجبن ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫العيش‬
‫ُ‬ ‫الشاهد فيه ‪:‬‬
‫ُ‬
‫فالتورية في كلمة الجبن حيث إن لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( الطعام المصنوع من اللبن ) والذي يرشح لذلك‬
‫كلمة ( آكل ) أما المعني البعيد المقصود ( وهو الجبن الذي ضد الشجاعة ) وهو المراد فهي تورية مرشحة‬
‫وال قصــــور بها يعــــوق‬ ‫‪ -3‬قال الشاعر ‪ :‬أبيات شعــــــرك كالقصــور‬
‫حر ومعناهـــــا رقيــــــق‬ ‫ومن العجـــــــائب لفظـهـــا‬
‫التورية في كلمة ‪ ( :‬رقيق ) حيث إن لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( العبد ) والذي يرشح لذلك كلمة ( كلمة حر )‬
‫أما المعني البعيد المقصود ( وهو الرقة ) وهو المراد فهي تورية مرشحة‬
‫وهناك تورية أخري في كلمة ‪ ( :‬القصور ) حيث إن لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( القصر المشيد للبناء ) أما‬
‫المعني البعيد المقصود ( وهو النقص في األمور ) وهو المراد فهي تورية مرشحة‬
‫بأحرفه الالتي حوتها الكواكب‬ ‫‪ -4‬ومن ذلك قول الشاعر ‪ :‬فديتك من ملك يكاتب عبـده‬
‫مكـاتب‬ ‫فها أنا ذا عبد رقيق‬ ‫ملكت بها رقي فأنحلنـي اآلسي‬
‫التورية في كلمة ( مكاتب ) حيث إن لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( المعني المعروف في علم الفقه ) والذي يرشح‬
‫لذلك كلمة ( كلمة عبد ) أما المعني البعيد المقصود ( وهو المكتوب إليه وهو الشاعر ) وهو المراد فهي تورية مرشحة‬
‫ال تري عن أبي الصالح بديال‬ ‫يا صالح العال صفاء ودادي‬ ‫‪ -5‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫ال يراعـون في األنــام خليال‬ ‫فدع العتب إنني لسـت ممن‬
‫التورية في كلمة ( خليال ) حيث إن لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( صديق ) والذي يرشح لذلك كلمة ( صفاء‬
‫ودادي ) أما المعني البعيد المقصود ( اسم الشاعر ) وهو المراد فهي تورية مرشحة‬
‫يتعاطون له حســن الصفات‬ ‫أطنبوا في عرفـات وغدوا‬ ‫‪ -6‬قال ابن نباته ‪:‬‬
‫قلت عندي وقفة في عرفات‬ ‫ثم قالوا لي هــل وافقتنا‬
‫التورية في كلمة ‪ ( :‬عرفات ) حيث إن لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( اسم غالم جميل يسمي عرفات ) والذي‬
‫يرشح لذلك كلمة ( الحديث عن صفات الغالم في البيت األول ) أما المعني البعيد المقصود ( وهو جبل عرفات في مكة ) وهو المراد فهي‬
‫تورية مرشحة‬
‫‪ -2‬التورية المجردة ‪ :‬وهي التي لم يذكر معها مالئم يالءم المعني القريب سواء أذكر ما يالءم المعني‬
‫البعيد أم لم يذكر‬
‫ومن أمثلتها ‪-:‬‬
‫أن ابن عبــاد باق وابن زيدونا‬ ‫قال ابن نباته ‪ :‬من مبلغ العرب عن شعري ودولته‬
‫أعلي وأنفس ما يهدي المجيدونا‬ ‫حبَّرتها فيه زهراء المعاطــف من‬
‫فقد رأت مقلتاك البحر والنونــا‬ ‫إذا رأيـــت قوافيهـــا وطلعتـــه‬
‫في هذا البيت توريتان مجردتان هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬األولي في كلمة ‪ ( :‬البحر ) حيث إن لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( الماء الغزير الواسع بين شاطئين ) أما‬
‫المعني البعيد المقصود ( وهو البحر العروضي ) وهو المراد فهي تورية مجردة‬
‫‪ -2‬الثانية في كلمة ‪ ( :‬النون ) حيث إن لها معنيان معني قريب ظاهر وهو الغير المراد وهو ( الحوت ) أما المعني البعيد المقصود‬
‫( وهو حرف الهجاء المعروف ) وهو المراد فهي تورية مجردة‬

‫{{ تنبيهــــــــات هامـــــة }}‬


‫‪ -1‬التورية كثر ورودها بدءا من الشعر العباسي ألنها تحتاج لثقافة فلسفية ظهرت في هذا العصر لم يتثقف بها شعراء العصور السابقة ‪.‬‬
‫‪ -2‬التورية وردت في الشعر كثيرا ولم ترد في القرآن والسنة علي الرأي الراجح‬
‫‪46‬‬
‫‪ -3‬االستعارة تشترك مع التورية في مصطلحين هما ‪ :‬الترشيح والتجريد ولكن الترشيح والتجريد لهما معني مخالف لما في االستعارة‬
‫‪ -4‬التورية من المحسنات المعنوية التي تحتاج لتأمل وفطنة في استخراجها‬

‫۩ تأكيد المدح بما يشبه الذم ۩‬


‫تأكيد المدح بما يشبه الذم له ضربان ‪:‬‬
‫وإ نما‬ ‫الضرب األول ‪ :‬أنْ يستثنَى من صفةِ ذمٍّ منفيةٍ عن الشيءِ صفةَ مدحٍ بتقدير دخولها فيهِ‬
‫وصفهم بما فيهم على‬ ‫يقصد إال‬ ‫لذكره‪ ،‬وأنه لم‬ ‫ِ‬
‫المبالغة في المدح ِ ‪،‬ألنه قد َّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫عيب غيره َ‬
‫دل به على أنه لو كان فيهم ٌ‬ ‫االستثناء من‬
‫ُ‬ ‫كان هذا‬
‫ِ‬
‫الحقيقة‬
‫ب ِه َّن فُلُو ٌل ِمن قِ ِ‬
‫راع ال َكتائِب‬ ‫ْب فِي ِه ْم َغي َْر أَ َّن ُسيُوفَهُ ْم‬
‫‪ -1‬كقول النابغة ‪ :‬وال َعي َ‬
‫ال تقع العين علي مثله‬ ‫‪ -2‬كقول الشاعر ‪ :‬ليس به عيب سوي أنه‬
‫يسلو عن األهل واألوطان والحشم‬ ‫‪ -3‬ومنه قول الشاعر ‪ :‬ال عيب فيهم سوي أن النزيل بهم‬
‫وموطنَا‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فأ ْنس ْتنِ َي األيَّا ُم أهالً‬ ‫غير أنِّي قص ْدتُهُ‬ ‫ْب في ِه َ‬ ‫‪ -4‬كقول الشاعر ‪ :‬وال َعي َ‬
‫وال ذنب لي إال العال والفضائل‬ ‫‪ -5‬كقول الشاعر ‪ :‬تعد ذنوبي عند قومـ كثيرة‬
‫يُبَيِّنُ َعجْ زَ ال َّشاكرينَ عن ال ُّش ْك ِر‬ ‫ْب في معروفِه ْـم غي َر أنَّهُ‬ ‫‪ -6‬قال الشاعر ‪ :‬وال َعي َ‬
‫ُ‬
‫غاب عنها بعلها ال أزورُهاـ‬ ‫َ‬ ‫إذا‬ ‫‪ -7‬قال الشاعر ‪ :‬وما تشتكينيـ جارتي غي َر أنَّني‬
‫سر الجمال في هذا الضرب ‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه كدعوي الشيء ببينة‬
‫‪ -2‬أن األصل في االستثناء أن يكون متصال فإذا نطق المتكلم بغال أو نحوها توهم السامع قبل أن ينطق بما بعدها أن ما يأتي بعدها مخرج‬
‫مما قبلها فيكون شيء من صفة الذم ثابتا فإذا أتت بعدها صفة مدح علي خالف التوقع تأكد المدح لكونه مدحا علي مدح وفي ذلك نوع من‬
‫الخالبة والبراعة‬
‫فقوله تعالي ‪ ( :‬ال يسمعون فيها لغوا وال تأثيما إال قيال سالما سالما ) فهذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم ألن السالم ليس من جنس اللغو‬
‫والتأثيم فهو مدح لهم بإفشاء السالم وهذا كقول القائل ‪ :‬ال ذنب لي غال محبتك‬
‫وقوله تعالي ‪ ( :‬وما نقموا منهم إال أن يؤمنوا باهلل العزيز الحميد شهود ) وهو تأكيد المدح بما يشبه الذم كأنه يقول ‪ :‬ليس لهم جريمة إال‬
‫إيمانهم باهلل وهذا من أعظم المفاخر والمآثر‬

‫الضرب الثاني ‪ :‬أنْ يثبتَ للشيءِ صفةَ مدحٍ ‪ ،‬ويأتيَ بعدها بأداةِ استثناءٍ تليها صفةُ مدحٍ‬
‫أخرى والنوع األول أبلغ‬
‫المال باقِيا‬
‫ِ‬ ‫ت أَخالقُهُ غي َر أَنّه جوا ٌد فما يُبقي من‬ ‫‪ -1‬قال الشاعر ‪ :‬فَتًى َكملَ ْ‬
‫‪ -2‬قول النبي صلي هللا عليه وسلم ‪ :‬أنا أفصح العرب بيد أني من قريش‬
‫ِس َوى أَنَّهُ الضِّرْ غا ُم لكنَّهُ َ‬
‫الو ْب ُل‬ ‫‪ -3‬قول الشاعر ‪ :‬هو البدر إالَّ أَنَّهُ البَحْ ُر زَا ِخراً‬
‫ص ُخو ُر‬ ‫ولكنَّها يو َم الهيَ ِ‬
‫اج ُ‬ ‫‪ -4‬وكقول الشاعر ‪ :‬وجوهٌ كأزهارـ الرياض نضارة‬
‫۩ تأكيد الذم بما يشبه المدح ۩‬
‫المدح ضربان أيضا وهما ‪:‬‬
‫َ‬ ‫تأكي ُد ّ‬
‫الذم بما يُشبهُ‬
‫الضرب األول ‪ :‬أن يُستثنَى من صفةِ مدحٍ منفيةٍ عن الشيء ‪ ،‬صفةَ ذمٍّ بتقدير دخولها فيها‬
‫يجارى‬
‫ِ‬ ‫الحمق ال‬
‫ِ‬ ‫أراه ُفي‬ ‫غير أنِّي‬
‫‪ -1‬كقول الشاعر ‪ :‬خال منَ الفضل َ‬
‫‪ -2‬ونحوـ ‪ :‬ال فض َل للقوم إال أنهم ال يعرفونَ للجار حقَّهُ‬
‫ق السفها ِء‬‫عدو نفس ِه إال أنه صدي ُ‬
‫‪ -3‬ونحو‪:‬ـ الجاه ُل ُّ‬
‫من يحسنُ إلي ِه‬‫للمعروف ‪ ،‬إال أنه يُسي ُء إلى ْ‬
‫ِ‬ ‫ليس أهال‬ ‫ٌ‬
‫فالن َ‬ ‫‪ -4‬ونحو‪:‬ـ‬

‫‪47‬‬
‫‪ -5‬ونحوـ ‪ :‬فالن ال خير فيه إال أنه يتصدقـ بما يسرقـ‬
‫الضرب الثاني ‪ :‬أن يثبتَ لشيء صفةَ ذمٍّ‪ ،‬ثم يؤتَى بعدها بأداة ِاستثناءٍ ‪ ،‬تليها صفةُ ذمٍّ‬
‫أخرى‬
‫‪ -1‬نحو‪ :‬فالنٌ حسو ٌد إال أنه ن ّمام‬
‫سو َء ُم َراعا ٍة وما َذاكَ في ال َك ْل ِ‬
‫ب‬ ‫و ُ‬ ‫ب ‪ ،‬إال أن فيه ماللةً‬ ‫‪ -2‬وكقول الشاعر ‪ :‬هو ال َك ْل ُ‬
‫جبانٌ يهونُ عليه الهوانُ‬ ‫الطباع سوى أنهُ‬‫ِ‬ ‫‪ -3‬وكقول الشاعر ‪ :‬لئي ُم‬
‫‪ -4‬وما أحسنَ قو َل بعضهم يصفُ قوما ً بالبخل الشديد ‪:‬‬
‫المناديل‬
‫ِ‬ ‫س َل‬‫طَ ْب َخ القُدُو ِر وال َغ ْ‬ ‫خ ال تَشْكو والئد ُه ْم‬ ‫يض ال َمطابِ ِ‬ ‫بِ ُ‬
‫ــــــــرج أو قَنَا ِد ِ‬
‫يل‬ ‫ٍ‬ ‫إالَّ فَتائِ َل ُ‬
‫س‬ ‫ال تأ ُك ُل النَّا ُر في مغنى بُيُوت ُهـ ُم‬
‫‪ -5‬نحو ‪ :‬فالن فاسق إال أنه جاهل‬
‫{{ تنبيهــــــــات هامـــــة }}‬
‫‪ -1‬هذا اللون البديعي جاء في القرآن والسنة النبوية والشعر العربي‬
‫‪ -2‬هذا اللون يعد من المحسنات البديعية الخالبة التي تستميل السماع وتجذب انتباهه لتثبيت المعني في نفسه وتمكينه في‬
‫فؤاده‬
‫‪ -3‬تأكيد المدح بما يشبه الذم أكثر ورودا في الكالم العربي من تأكيد الذم بما يشبه المدح‬
‫{{ حسن التعليل ‪ :‬تعريفه وأنواعه }}‬
‫تعريف حسن التعليل عند البالغيين ‪ :‬هو أن يدعي الشاعر أو األديب لوصف ما علة مناسبة له باعتبار لطيف‬
‫غير حقيقي يزيد بها المعني رقة ودقة وجماال‬
‫الوصف الذي تدعى له العلة‬
‫وصف غير ثابت‬ ‫وصف ثابت‬
‫غير ممكن‬ ‫ممكن‬ ‫قد تظهر له علة غير‬ ‫قد ال تظهر له علة في العادة‬
‫العلة المدعاة‬
‫أوال ‪ :‬الوصف الثابت ‪ :‬من يتأمل مليا في أمثلة الوصف الثابت التالية يلحظ أنَّ هذا الوصف الثابت ينقسم إلي‬
‫‪ -1‬وصف ثابت ال يظهر له علة في العادة‬ ‫قسمين ‪:‬‬
‫‪ -2‬وصف ثابت له علة ولكنها علة غير المذكورة في الكالم‬
‫‪ -1‬الوصف الثابت الذي ال يظهر له في العادة علة‬
‫ومن أمثلة هذا النوع ‪:‬‬
‫حُسنًا فَسَلُّوا من قفاهُ لِسانَهُ‬ ‫‪ - 1‬قال أبو هالل العسكري ‪ :‬زَعِمَ البنفسج أَنَّهُ كَعِذارهِ‬
‫أن علَّته‬
‫فزهرة البنفسج تتميز بوجود نبتة زائدة خلفها‪ ،‬وخروج ورقة البنفسج إلي الخلف ال علَّة له في العادة‪ ،‬لكنه الشاعر ادَّعى َّ‬
‫هي عقاب وتأديب وقع على زهرة البنفسج حين زعم أن حسنه كحسن المحبوب فعاقبوه بأن انتزعوا لسانه من قفاه‪ ،‬وكل هذا ال شك‬
‫على سبيل التخييل‬
‫وإنَّما حُمَّتْ به فصبيبها‬ ‫‪ -2‬قال المتنبي يمدح هارون بن عبد العزيز ‪ :‬لم تَحْكِ نَائِلَكَ السحابُ‬
‫الرُّحضاءُ‬
‫يقول المتنبي مخاطبا ممدوحه ‪ :‬إن السحاب ال يشابهك في العطاء‪ ،‬وإ نه يئس أن يكون مثلك في عطائك ‪ ،‬فليست كثرة أمطاره ؛‬
‫لمحاولته مشابهتك‪ ،‬وإ نما أصابته الحمى حين شهد عطاياك‪ ،‬فمطره هو الرحضاء عرق الحمى ليأسه من المشابهة ونزول المطر‬
‫ليس له في العادة علة محددة وقد حاول الشاعر أن يستخرج لنا علة مناسبة غير حقيقية‪ ،‬وهي أن المطر النازل من السحاب هو‬
‫عرق الحمى الذي أصاب السحاب من شدة حسده للممدوح وغيرته منه‪ ،‬وهذه العلة المدعاة فيها لطف وجمال‬
‫فالسيل حرب للمكان العالي‬ ‫‪ -3‬قال أبي تمام ‪ :‬ال تنكري عطل الكريم من الغنى‬
‫‪48‬‬
‫حيث استخرج أبو تمام علة مناسبة غير حقيقية لظاهرة فقر الكرماء بهذه الصورة القياسية‪ ،‬فالسيل ال يستقر‪ ،‬وال يقيم في المكان‬
‫العالي كالجبال‪ ،‬وكذلك الكريم في اتصافه بعلو القدر‪ ،‬يشبه المكان العالي فال يستقر لديه المال‪ ،‬وهذه العلة غير الحقيقية التي‬
‫أن أبا تمام في هذا البيت يشبه أهل الكرم بالمكان العالي الذي ال يستقر‬
‫استخرجها أبو تمام بذلك القياس فيها لطف وجمال فنالحظ َّ‬
‫عليه المطر فالكريم عالي المكانة ال يستقر لديه مال ولذلك فهو فقير ‪.‬‬
‫والحبيب لدي حاضر‬ ‫‪ -4‬قال الشاعر ‪ :‬ال تنكروا خفقان قلبي‬
‫بت له فيهــا البشائر‬ ‫ما القلــــب إال دارة ضر‬
‫خفقان القلب ودقاته أمر طبيعي لكل حي ولكن الشاعر ذكر لخفقان قلبه والحبيب حاضر عنده علة أخري وهي أن هذه الدقات دقات‬
‫البشائر بحضور الحبيب ألن قلب الشاعر داره وحق الدار التي عاد إليها صاحبها أن تدق له بشائر الفرح وهذا ]غير ممكن [‬
‫ولكنها في وجهه أثر اللطم‬ ‫‪ -5‬وقال المعرى في الرثاء ‪ :‬وما كلفة البدر المنير قديمة‬
‫‪ :‬ما يظهر على البدر من كدر ‪ ،‬وهو أمر طبيعي والعلة ‪ :‬شدة حزن البدر على فراق المرثي التي جعلته يلطم وجهه ]وصف ممكن [‬
‫إلي المزن حتى جادها وهو هامع‬ ‫ُرب ًى شفعت ريح الصبا لرياضها‬ ‫‪ -6‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫حبيبا فما ت َْرقـــــــا لهنَّ مدامع‬ ‫كأنَّ السحب الغ َّر َغيبن تحتها‬
‫معني البيتين ‪ :‬إن هذه الربي تولت ريح الصبا الشفاعة لرياضها عند المزن وجاد بمطره الغزير وكأنما السحب البيض قد غيبت تحت‬
‫الربي حبيبا عزيزا فهي تبكي عليه وال تكف لها المدافع ومثل هذا ألحق بحسن التعليل ألنه مبني علي الشك‬
‫أن السحب غيبت حبيبا تحت الربي فهي‬
‫ولم يكن منه ألن في حسن التعليل ادعاء تحقق العلة وكأن الشاعر يقول ‪ :‬إني أظن أو أشك َّ‬
‫لذلك ال ينقطع بكاؤها فبكاؤها صفة عللت بدفن حبيبا لها تحت الربي‬
‫ولما أتي بكأن أفاد أنه غير جازم بأن ذلك البكاء لذلك التغيب فعلل البكاء علي سبيل الظن أو الشك ومن أجل ذلك كان هذا ليس من حسن‬
‫التعليل وإ نما ألحق به وهذا وصف غير ممكن‬
‫إال لِفُ ْرقَ ِة َذاكَ ا ْل َم ْنظَر الحسن‬ ‫َصفَ َّر ْإذ َجنَ َحتْ‬
‫‪ -7‬قال ابن الرومي في المدح ‪ :‬أَما ُذكا ُء فَل ْم ت ْ‬
‫تفارق‬
‫َ‬ ‫أن‬
‫اصفر ْت مخاف َة ْ‬
‫َّ‬ ‫ولكنها‬ ‫ِ‬
‫العلماء‪َّ ،‬‬ ‫عند‬ ‫ِ‬
‫المعروف َ‬ ‫الكوني‬ ‫للس ِ‬
‫بب‬ ‫ِ‬
‫المغيب َّ‬ ‫الجنوح إلَى‬
‫ِ‬ ‫عند‬
‫الشمس لم تَصفََّر َ‬ ‫َن‬
‫الرومي َيَرى أ َّ‬ ‫فابن‬
‫ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫وجه الممدوح وهذا ]وصف ممكن [ الوصف المعلل هو ‪:‬أن الشمس لم تصفر في الغروب و العلة هي ‪:‬إنها تصفر مخافة أن تفارق‬ ‫َ‬
‫وجه الممدوح‬
‫‪ - 2‬الوصف الثابت الذي له علة ولكنها علة غير المذكورة في الكالم ‪ :‬ومعناه أن األديب في هذا القسم يستبعد‬
‫صراحة أو ضمنا هذه العلة المعروفة ويأتي بعلة أدبية طريفة مستلمحة تناسب الغرض الذي يقصد إليه ومن‬
‫أمثلته ‪:‬‬
‫يتقي إخالف ما ترجو الذئاب‬ ‫‪ -1‬قال المتنبي ‪ :‬ما به قتل أعاديه ولكن‬
‫فمن العلوم أن قتل الملوك ألعدائهم في العادة له علة ظاهرة وهي إرادة هالكهم ودفع مضارهم عن أنفسهم حتى يصفو لهم ملكهم من‬
‫المنازعة ولكن المتنبي رفض هذا الوصف الثابت ذي العلة الظاهرة وقال ليس بالممدوح غيظ أو خوف أوجب قتل أعاديه ليشفي‬
‫غيظه أو يريح نفسه من ترقبهم ولكن الذي دفعه إلي قتلهم هو خوفه من أن يخلف ما ترجوه الذئاب من أكل لحومهم حينما يقتلهم‬
‫والصفة المعللة ‪ :‬هي قتل األعادي والعلة الظاهرة للقتل هي دفع المضرة ولكن الشاعر أتي بعلة أخري وهي أن طبيعة الكرم مالزمة‬
‫له فالعلة الباعثة علي القتل حبه لصدق رجاء اآلملين ومنهم الذئاب التي عودها إطعام لحوم األعداء فهو يتقي بالقتل إخالف رجائها‬
‫فيه لقد بالغ فتخيل فادعي هذه الدعوى لكنها تشتمل علي فكرة جميلة ال يلتقطها إال ذو حس مرهف وفطنة ولماحية‬
‫فأهــال بها وبتأنيبها‬ ‫أتتني تـــــؤنبني بالبكا‬ ‫‪ -2‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫أتبكي بعين تراني بها‬ ‫تقول وفي قولهــا حشمة‬
‫أمرت الدموع بتأديبها‬ ‫فقلت إذا استحسنت غيركم‬
‫فالعادة في تساقط دموع العين أن يكون السبب في ذلك إعراض الحبيب أو اعتراض الرقيب ونحو ذلك من األسباب الموجبة لالكتئاب‬
‫وهي علة ظاهرة معروفة‪ ،‬فترك هذه العلة الظاهرة وتخيل علة أخري النسيال الدمع وهو تأديبها على اإلساءة الستحسانها النظر إلى‬
‫غير الحبيب‬
‫‪49‬‬
‫فكان لها في سالف الدهر طوفان‬ ‫‪ -3‬قال الشاعر ‪ :‬بكت فقدك الدنيا قديما بدمعها‬
‫هذا الطوفان الذي فتح اهلل له أبواب السماء جاء منهمرا وفجر األرض عيونا ليهلك الخارجين علي دعوة نوح عليه السالم جعل له‬
‫الشاعر له علة أخري تناسب موضوع قصيدة الرثاء حيث جعل الطوفان دموعا قديمة للدنيا بكت بها مقدما فقد ذلك العزيز وفي هذا إلي‬
‫جانب حسن التعليل غلو وهذا ممكن‬
‫فمن أجل ذا أصبح العود يضرب‬ ‫‪ -4‬قال الشاعر ‪ :‬تجاسر عود اللهو يشبه صوتها‬
‫عود اللهو يضرب علي أوتاره ليطرب السامعين ولكن الشاعر ذكر له علة أخري مناسبة وهي أنه تجرأ وتجاسر حين أراد محاكاته‬
‫لصوت تلك المغنية فأرادت تأديبه علي هذا التجاسر فضربت أوتاره وفي ذلك حسن تعليل له جماله وهذا ]وصف ممكن [‬
‫{{ ثانيا الوصف غير الثابت }}‬
‫من يمعن النظر في أمثلة الوصف غير الثابت التالية يلحظ أن هذا الوصف ينقسم إلي قسمين أيضا وهما ‪:‬‬
‫‪ -1‬وصف غير ثابت يكون ممكن الوقوع ومن أمثلته ‪:‬‬
‫نجى حذارك إنساني من الغرق‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬يا واشيا حسنت فينا إساءته‬
‫فالوصف الذي ليس ثابتا هنا هو استحسان وشاية الواشي فهذا الوصف مقطوع بنفيه ولكنه وصف ممكن ولما خالف الشاعر الناس‬
‫في ادعائه الوقوع ساق تعليال يقتضي وقوع زعمه ولو لم يقع وهو أن حذاره من الواشي جعله يتقي مكره وكيده فحمي بذلك إنسان‬
‫عينه من الغرق في الدمع الذي تسببه غفلته وعدم حذره من مكره وكيده لو أنه لم يطَّلع علي وشايته ويعرف عداوته له فنجاة إنسان‬
‫عينه من الغرق علة الستحسان إساءة الواشي غير مطابقة للواقع ‪.‬‬
‫‪ -2‬وصف غير ثابت ليس ممكن الوقوع ومن أمثلته ‪:‬‬
‫لما رأيت عليها عقد منتطق‬ ‫قول الشاعر ‪ :‬لو لم تكن نية الجوزاء خدمته‬
‫يقول الشاعر ‪ :‬إن الجوزاء لو لم تكن عازمة على خدمة الممدوح لما رأيت عليها نطاقا شدت به وسطها‪ ،‬فنية الجوزاء خدمة‬
‫الممدوح صفة غير ممكنة الوقوع قصد إثباتها له ؛ ألن النية بمعنى العزم‪ ،‬وذلك يكون فيمن له إدراك ‪ ،‬والجوزاء ال إدراك لها‪،‬‬
‫والعلة المناسبة كونها منتطقة أي‪ :‬شادة النطاق في وسطها ‪ ،‬فاالنتطاق دليل على كون الجوزاء عازمة على خدمة الممدوح وهو‬
‫ادعاء ال أصل له‪ ،‬وهو غير ممكن في الواقع‪ ،‬لك ّنه لطيف مستلمح‬
‫{{ تنبيهات هامة }}‬
‫الحظ أن‪ :‬حسن التعليل من األلوان البديعية التي تحتاج في استخراجها إلى رهافة حس‪ ،‬وفطنة ولماحية في‬
‫استخراج السبب المؤثر المقنع‬
‫تمت بحمد هللا تعالي ‪ :‬الوحدة الثالثة‬
‫الوحدة الرابعة { أنواع المحسنات اللفظية }‬
‫{{ الجناس ‪ :‬تعريفه وأنواعه }}‬
‫تعريف الجناسُ ‪ :‬هو عبارة عن تشابهُ اللفظينِ في النطقِ ‪ ،‬واختالفهُما في المعنَى وهو ينقسم إلى نوعين‬
‫هما ‪ ( :‬الجناس التام ‪ ،‬الجناس غير التام )‬
‫۩ أوال ‪ :‬الجنــــاس التـــام ۩‬
‫تعريف الجناسُ التامُّ ‪ :‬هو ما اتفقَ فيه اللفظانِ المتجانسانِ في أربعة أشياءَ ‪ :‬نوعُ الحروف‪ ،‬وعددُها‪،‬‬
‫وهيئاتهُا الحاصلة ُ منَ الحركاتِ والسكناتِ‪ ،‬وترتيبُها مع اختالف المعنَى‬
‫فالمراد بالساعة ِاألولى يوم ُالقيامة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اع ٍة َك َذِل َك َكا ُنوا ُي ْؤفَ ُك َ‬
‫ون }‬ ‫س َ‬ ‫اع ُة ُي ْق ِس ُم ا ْل ُم ْج ِر ُم َ‬
‫ون َما لَ ِبثُوا َغ ْي َر َ‬ ‫الس َ‬
‫وم َّ‬
‫مثل قول اهلل تعالي ‪َ { :‬و َي ْو َم تَقُ ُ‬
‫الدار ‪ ،‬ورحب ٌة الثانية ‪ :‬بمع َنى واسع ٌة‬ ‫فناء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزمان ونحو ‪ :‬رحب ٌة رحب ٌة ‪ ،‬فرحب ٌة األولى ‪ُ :‬‬ ‫وبالساعة الثانية المدة ُمن‬
‫وقد سمي الجناس التام بهذا االسم ‪ :‬التفاق الكلمتين في نوعُ الحروف‪ ،‬وعددُها‪ ،‬وهيئاتهُا الحاصلة ُ منَ‬
‫الحركاتِ والسكناتِ‪ ،‬وترتيبُها مع اختالف المعنَى‬
‫والجناس التام له عدة صور وهي علي النحو التالي‬

‫‪50‬‬
‫الجناس التام المماث ُل‬
‫ُ‬ ‫‪-1‬‬
‫وهو ما كان ركناهُ من نوع ٍواحدٍ من أنواعِ الكلمة اسمينِ أو فعلينِ أو حرفين ِوقد سمي الجناس التام المماثل‬
‫بهذا االسم ‪ :‬ألن الكلمة الثانية ماثلت األولي في نوعها من حيث االسمية والفعلية والحرفية ‪.‬‬
‫‪ -1‬فمن أمثلة الجناسُ بينَ اسمين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬مثل قول اهلل تعالي ‪ { :‬وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَـ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ‬
‫كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ }‬
‫ِ‬
‫الزمان‬ ‫ِ‬
‫وبالساعة الثانية المدة ُمن‬ ‫فالمراد بالساعة ِاألولى يوم ُالقيامة‪،‬‬
‫ُ‬
‫فناء ِ‬
‫الدار ‪ ،‬ورحب ٌة الثانية ‪ :‬بمع َنى واسع ٌة‬ ‫‪ -2‬ونحو ‪ :‬رحب ٌة رحب ٌة ‪ ،‬فرحب ٌة األولى ‪ُ :‬‬
‫‪ -3‬قال تعالي ‪ ( :‬يكاد سنا برقه يذهب األبصار يقلب اهلل الليل والنهار إن في ذلك لعبرة ألولي األبصار )‬
‫فاألبصار األولي بمعني ‪ ( :‬العيون ) والثانية بمعني ‪ ( :‬العقول )‬
‫والفضل فضلٌ والربيع ربيعٌ‬ ‫‪ -4‬قال الشاعر ‪ :‬عبَّاسٌ عبَّاسٌ إذا احتدم الوغى‬
‫وعباس ) فاألولي علم والثانية من عبوس الوجه ‪ ،‬وبين كلمتي ( الفضل وفضل ) فاألولي علم والثانية‬
‫ٌ‬ ‫عباس‬
‫ٌ‬ ‫الجناس بين كلمتي ‪( :‬‬
‫بمعني الزيادة ‪ ،‬وبين كلمتي ( الربيع وربيع ) فاألولي بمعني علم والثانية من فصل الربيع وهو جناس تام مماثل بين اسمين‬
‫والهوى للمرء قتَّال‬ ‫‪ - 5‬قال الشاعر ‪ :‬حدق اآلجالِ أجالٌ‬
‫الجناس بين كلمتي ‪ ( :‬اآلجال و آجال ) فاألولي جمع إجل وهو القطيع من البقر الوحشي والثانية من جمع أجل وهو األعمار المنتهية ‪،‬‬
‫وهو جناس تام مماثل بين اسمين‬
‫بهوجل عيرانة عنتريس‬ ‫‪ - 6‬قال الشاعر ‪ :‬وأقطع الهوجل مستأنسا‬
‫الجناس بين كلمتي ‪ ( :‬الهوجل وهوجل ) فاألولي بمعني الصحراء والثانية بمعني الناقة ‪ ،‬وهو جناس تام مماثل بين اسمين‬
‫وآال علي الماء يحملن آال‬ ‫‪ - 7‬قال الشاعر ‪ :‬عهدت لها منزال دائرا‬
‫الجناس بين كلمتي ‪ ( :‬آال وآال ) فاألولي بمعني أعمدة الخيام والثانية بمعني السراب ‪ ،‬وهو جناس تام مماثل بين اسمين‬
‫وعامرُ ساد بني عامر‬ ‫‪ - 8‬قال األعشي ‪ :‬إن تسُدِ الحوص فلم تعدهم‬
‫الجناس بين كلمتي ‪ ( :‬عامر وعامر ) فاألولي اسم رجل والثانية قبيلة بني عامر ‪ ،‬وهو جناس تام مماثل بين اسمين‬
‫الجناس بينَ فعلي ِن ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -2‬ومن أمثلة‬
‫أَو أنَّهم شَعروا بالنَّقصِ ما شعرَوا‬ ‫مثلُ قول أبي محمد الخازن ‪ :‬قومٌ لَوَ أَنَّهمُ ارتاضوا لمَا قرَضوا‬
‫عر وهو جناس تام مماثل بين فعلين‬ ‫أحسوا وشعروا الثانية بمعنى نظموا ِّ‬
‫الش َ‬ ‫فشعروا األولى بمعنى ُّ‬
‫الجناس بين حرفي ِن ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -3‬ومن أمثلة‬
‫‪ -1‬نحو قولك ‪ «:‬فالنٌ يعيشُ بالقلمِ الحرِّ الجريءِ‪ ،‬فتفتحُ لهُ أبوابُ النجاحِ ِبهِ ِ »‬
‫أن‬ ‫ِ‬
‫السببية ‪،‬بمعنى َّ‬ ‫باء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالقلم هي الداخلة ُعلى ِ‬
‫والباء في به هي ُ‬
‫ُ‬ ‫العيش‪،‬‬ ‫يستعين بالقلم على‬
‫ُ‬ ‫االستعانة‪ ،‬أي أنه‬ ‫فتفيد معنى‬
‫ُ‬ ‫اآللة‬ ‫َ‬ ‫فالباء في‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جناس لتماثلهما لفظاً واختالفهما مع َنى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِالحر الجريء‪ ،‬ففي البائين‬
‫له بسبب ِقلمه ِّ‬
‫تفتح ُ‬
‫ٌ‬ ‫النجاح ُ‬
‫ِ‬ ‫أبواب‬
‫َ‬
‫‪ -2‬نحو قولنا ‪ :‬قد ينزل المطر شتاء وقد ينزل المطر صيفا‬
‫فقد األولى بمعنى التكثير وقد الثانية بمعنى التقليل وهو جناس تام مماثل بين حرفين ‪.‬‬
‫الجناس التام المستوفي‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫وهو ما كانَ ركناه ُمن نوعين مختلفينِ من أنواع الكلمةِ بأنْ يكون أحدُهما اسماً واآلخرُ فعالً ‪ ،‬أو بأنْ يكونَ‬
‫أحدُهما حرفاً واآلخرُ اسماً أو فعالً‬
‫والفعل ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫االسم‬
‫ِ‬ ‫‪ -1‬فمن أمثلة الجناس بين‬
‫‪ -1‬قولك ‪ « :‬ارعَ الجارَ ولو جارَ » فالجارُ األولُ اسم ‪ ،‬والجارُ الثاني فعل ٌ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫إلي رد أمر اهلل فيه سبيل‬ ‫‪ -2‬ومنه قول الشاعر ‪ :‬فسميته يحي ليحيا فلم يكن‬
‫يحيا لدى يحيى بن عبد اهلل‬ ‫‪ -3‬ومنه قول أبي تمام ‪ :‬ما ماتَ من كرم الزَّمان فإنَّه‬
‫الممدوح‬
‫ِ‬ ‫اسم‬
‫فيحيا األو ُل فع ٌل مضارعٌ ‪ ،‬ويحيى الثاني ُ‬
‫قدْ أجمعوا فيكَ على بُغضهمْ‬ ‫‪ -4‬ونحو قول الشاعر ‪ :‬إنْ تُلقكَ الغُرْبةُ في معشرٍ‬
‫وأرْضِهمْ ما دُمتَ في أرضِهمْ‬ ‫فدارِهمْ ما دُمتَ في دارِهمْ‬
‫ِهي‬ ‫ِ‬ ‫وأرضهم األولى فع ُل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فدارهم األولى فع ُل ٍ‬
‫وأرضهم الثانية َ‬
‫ُ‬ ‫اإلرضاء ‪،‬‬ ‫أمر من‬ ‫ُ‬ ‫للبيت‪،‬‬ ‫اسم‬
‫ودارهم الثانية ٌ‬
‫ُ‬ ‫أمر من المدارة ِ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫اسم‬
‫األرض ٌ‬
‫ُ‬
‫‪ -5‬ومنه قول اهلل تعالي ‪ ( :‬والنجم إذا هوي ما ضل صاحبكم وما غوي وما ينطق عن الهوي )‬
‫فهوي األولي بمعني سقط وخر وهي فعل والثانية بمعني هوي النفس‬
‫‪ -2‬ومن أمثلة الجناس بين الفعل والحرف ‪:‬‬
‫قولك ‪ :‬قاتل فالن علي جواده فعال ‪ :‬فعلي األولي حرف جر وعال الثانية فعل من العلو‬
‫والسؤال اآلن ‪ :‬ما سر جمال الجناس ؟ أو ‪ :‬ما وجه حسن صور الجناس ؟‬
‫‪ -1‬حسن اإلفادة مع أن الصورة صورة اإلعادة‬
‫‪ -2‬فيه إيقاع صوتي لذيذ يجذب إنصات السامع‬
‫‪ - 3‬يجعل للمعني المراد التعبير عنه أثرا لطيفا في النفوس يدفعها دفعا لإلقبال عليه والتذاذه‬
‫{{ تنبيهــــــــات هامـــــة }}‬
‫‪ -1‬الجناس من المحسنات اللفظية التي تعتمد علي التأثير واإليقاع الصوتيـ‬
‫‪ -2‬الجناس التام تشتركـ ألفاظه في أربعة حروفـ وتختلف في المعني‬
‫‪ -3‬الجناس التام له قسمان ‪ :‬التام المماثل والتام المستوفيـ‬
‫۩ ثانيا ‪ :‬الجنــــاس غير التـــام وأنواعـــه ۩‬
‫تعريف الجناسُ غيرُـ التامِّ ( الناقص ) ‪:‬‬
‫هو ما اختلفَ فيه اللفظانِ في واحدٍ من األمور األربعةِ السابقة التي يجبُ توافرها في الجناسِ التامِّ وهي ‪:‬‬
‫نوع ُالحروفِ ‪ ،‬وعددُها ‪ ،‬وهيئاتُها الحاصلةُ من الحركاتِ والسكناتِ ‪ ،‬وترتيبُها مع اختالف المعنَى‬
‫۩‬ ‫۩ أنواع الجنــــاس غير التـــام‬
‫الشرح‬ ‫الصورة‬
‫التعريف ‪ :‬وهي التي اختلف فيها اللفظان في عدد الحروف بأن يكون أحدهما زائدا عن اآلخر‬
‫يشترط في الزيادة ‪ :‬أال تزيد عن حرفين وله عدة صور وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الجناس الناقص المختلف في حرف واحد ‪ :‬وهو من هذه الجهة ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الجناس المردوف ‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف في األول‬
‫ومنه قولنا ‪ ( :‬دوام الحال من المحال )‬
‫ونحو قوله تعالى ‪ { :‬وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ‪ ،‬إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ }‬
‫‪ -1‬الجناس الناقص ب‪ -‬الجناس المكتنف ‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف في الوسط نحو ‪:‬‬
‫جَدَّي جَهْدِي ‪،‬‬
‫قطعت بسامٍ ساهم الوجه حُسَّانِ‬ ‫ونحو قول الشاعر ‪ :‬وخرقٍ كجوف العير قفرٍ مضلَّة‬
‫ومنه قول أعرابي وذكر عُبًَّـًَادا ‪ :‬فقال فيهم ( ما تراهم إال في وجه وجيه )‬

‫‪52‬‬
‫ج‪ -‬الجناس المطرف ‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف في اآلخر‬
‫‪ -‬نحو ‪ :‬الهوَى مطيةُ الهوانِ ‪ ،‬ومنه قول أبي تمام ‪:‬‬
‫تصُولُ بأسيافٍ قواضٍ قواضبِ‬ ‫‪ -‬يَمُدُّونَ مِنْ أَيْدٍ عَوَاصٍ عَواصِمٍ‬
‫‪ -‬ومنه قول البحتري ‪ :‬لئن صدفت عنا فرُبَّت أنفسٍ صوادٍ إلي تلك الوجوه الصوادف‬
‫‪ -2‬الجناس الناقص المختلف في حرفين ‪ :‬وربما س ِّم َي هذا النوع ُ ُمذيالً‬
‫( أو جناس التذييل ) وقد سمي هذا الضرب مذيال ‪ :‬ألن االختالف فيه وقع في ذيل الكلمة‬
‫ومن أمثلة ذلك قولُ النابغة الذبياني ‪:‬‬
‫جديدُ الردَى تحت الصفا والصفائحِ‬ ‫‪ -‬فيا لكَ مِنْ حَزْم وعزمٍ طواهما‬
‫ءُ منَ الجوَى بينَ الجَوانِحْ‬ ‫‪ -‬وكقول الخنساء ‪ :‬إنَّ البكاءَ هوَ الشِّفا‬
‫إذا الكواكب كانت في الدجي سرجا‬ ‫‪ -‬ومنه قول الشاعر ‪ :‬وأقطع الخرقَ بالخرقاء الهية‬
‫بعد الكالل تشكي األين والسأما‬ ‫‪ -‬ومنه قول الشاعر ‪ :‬وأقطع الخرقَ بالخرقاء قد جعلت‬
‫لهم حد إذا لُبس الحديد‬ ‫‪ -‬قال الشاعر ‪ :‬لقد علم القبائل أن قومي‬
‫من بعض إخوان ودهم نفروا‬ ‫‪ -‬قول الشاعر ‪ :‬وكنت لي مألفا إذا نفرُ‬

‫أوال ‪ :‬الجناس المضارع ‪:‬‬


‫وهو ما اختلف فيه اللفظان في نوع الحروف وكان الحرفين متقاربين في المخرج وهذا‬
‫االختالف إما أن يكون ‪-:‬‬
‫‪ -1‬في أولِ اللفظِ ‪-:‬‬
‫‪ -2‬الجناس‬
‫‪ -‬نحو قول الحريري ‪ « :‬بيني وبينَ كنِّي ليلٌ دامسٌ ‪ ،‬وطريقٌ طامسٌ »‬
‫وبفضل علمك أعترف‬ ‫‪ -‬قول الشاعر ‪ :‬من بحر شعرك أغترف‬ ‫المضارع‬
‫‪ -2‬أو في الوسطِ ‪-:‬‬ ‫والجناس‬
‫‪ -‬نحو قوله تعالى ‪ { :‬وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِالَّ أَنفُسَهُمْ‬
‫الالحق‬
‫وَمَا يَشْعُرُونَـ }‬
‫‪ -‬وقوله تعالى ‪ ( :‬وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )‬
‫‪ -‬ومنه قول اهلل تعالي ‪ ( :‬ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك ألجرا غير ممنون )‬
‫‪ -‬ومنه قولهم ‪ ( :‬البرايا أهداف الباليا )‬
‫‪ -3‬أو في اآلخرِ ‪-:‬‬
‫‪ -‬نحو قول النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ « : -‬الْخَيْلُ مَعْقُودٌ في نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ‬
‫الْقِيَامَةِ »‬
‫مطاعيم في القري‬ ‫‪ -‬ومنه قول الشاعر ‪ :‬مطاعين في الهيجا‬
‫ثانيا ‪ :‬الجناس الالحق ‪-:‬‬
‫وهو ما اختلف فيه اللفظان في نوع الحروف و كان الحرفانِ فيه متباعدينِ في‬
‫المخرج ِوهذا االختالف إما أن يكون ‪-:‬‬ ‫تابع ‪ :‬الجناس‬
‫‪ -1‬في أولِ اللفظ ‪-:‬‬ ‫المضارع‬
‫‪ -‬نحو قوله تعالى ‪ ( :‬وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ )‬ ‫والجناس الالحق‬
‫‪ -‬قول بعضهم ‪ :‬رُبَّ وضيٍّ غير رضيٍّ‬
‫‪ -‬قول الحريري ‪ :‬ال أعطي زمامي لمن يخفر ذمامي‬
‫‪ -‬قال تعالي ‪ :‬فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬قال تعالي ‪ :‬وقال قرينه هذا ما لدي عتيد ألقيا في جهنم كل كفار عنيد‬
‫‪ -‬قال تعالي ‪ :‬وأنه هو أغني وأقفي‬
‫‪ -‬قال تعالي ‪ :‬فال أقسم بالخنس الجوار الكنس‬
‫‪ -‬قال تعالي ‪ :‬فإن مع العسر يسرا‬
‫‪ -‬قال تعالي ‪ :‬اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق اإلنسان من علق‬
‫‪ -‬ما جاء في الخبر ‪ :‬المؤمنون هينون لينون‬
‫إن الذي بيننا قد مات أو دنِفا‬ ‫أبلغ لديك بني سعد مغلغلة‬ ‫‪ -‬قال رجل من بني عبس ‪:‬‬
‫وأن أنفكم ال يعـــرف األنفــا‬ ‫وذاكُمُ أن ذلَّ الجار حالفكم‬
‫كسونك شجوا هنَّ منه عوار‬ ‫‪ -‬قال الشاعر ‪ :‬ديار نوار ما ديار نوار‬
‫وأني بها ثاوٍ وأنهم سفر‬ ‫‪ -‬قال الشاعر ‪ :‬هي الدار إال أنها منهم قفر‬
‫عمائم لم يذلن بالخرق‬ ‫‪ -‬قال الشاعر ‪ :‬غمائم هن فوق أرؤسنا‬
‫‪ -2‬أن يكون في الوسط ‪-:‬‬
‫‪ -‬نحو قوله تعالى ‪ { :‬ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ‬
‫تَمْرَحُونَ }‬
‫‪ -‬وكقوله تعالى ‪ { :‬وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) ‪.‬‬
‫وإنْ رحلوا فليسَ لهمْ مقرُّ‬ ‫‪ -‬وكقول الشاعر ‪ :‬فإنْ حلُّوا فليسَ لهمْ مفرٌّ‬
‫‪ -‬قال اهلل تعالي ‪ :‬ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين‬
‫تابع ‪ :‬الجناس‬
‫‪ -‬قال اهلل تعالي ‪ :‬فأما اليتيم فال تقهر وأما السائل فال تنهر‬
‫‪ -‬قال اهلل تعالي ‪ :‬يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربه‬ ‫المضارع‬
‫ويسوء الدهر من قد يسر‬ ‫‪ -‬قال ابن المعتز ‪ :‬لألماني حديث قد يقر‬ ‫والجناس الالحق‬
‫وأدعو لها بالساكنين وبالقطر‬ ‫‪ -‬قال الشاعر ‪ :‬سأثني علي عهد المطيرة والقصر‬
‫فلن تكرم الصهباء حتى تهينها‬ ‫‪ -‬قال أبو نواس ‪ :‬أال دارها بالماء حتى تلينها‬
‫وقد أراني المشي الروح في بدلي‬ ‫‪ -‬قال المتنبي ‪ :‬وقد أراني المشيب الروح في بدني‬
‫وصوب المزن في راح شمول‬ ‫‪ -‬قال البحتري ‪ :‬نسيم الروض في ريح شمال‬
‫‪ -‬كتب عبد الحميد قائال ‪ :‬الناس أخياف مختلفون وأطوار متباينون منهم علق مضنَّه ال يباع ومنهم‬
‫غل مظنَّة ال يبتاع‬
‫‪ -‬قال المأمون لرجل رفع صوته ‪ :‬ال ترفعنَّ صوتك يا عبد الصمد إن الصواب في األسدِّ ال األشدِّ‬
‫‪ -3‬أو يكون واقعا في اآلخر ‪-:‬‬
‫‪ - 1‬نحو قوله تعالى ‪ ( :‬وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ األَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ )‬
‫أم لشاكٍ من الصبابة شافٍ‬ ‫‪ -2‬قال البحتري ‪ :‬هل لما فات من تالقٍ تالفٍ‬
‫ينهال حينا وينهاه الثري حينا‬ ‫‪ - 3‬قال ابن مقبل ‪ :‬يمشين مثل النقا مالت جوانبه‬
‫لواء منعنا والسيوف شوارع‬ ‫‪ -4‬قال الشاعر ‪ :‬وحامي لواءٍ قد قتلنا وحاملٍ‬

‫وهو ما اختلف فيه اللفظان في هيئات الحروف وهو أنواع منها ‪-:‬‬
‫‪ -3‬الجناس المحرف ‪ -1‬االختالف في الحركة فقط ‪ :‬مثل نحو ‪ :‬إذا زلَّ العالِمُ‪ ،‬زلَّ بزلتِه ِالعالَمُ ‪،‬‬
‫كالبُرد‪ ،‬والبَرد في قولهم جُبَّة ُالبُردِ جَنَّة ُالبَردِ‬
‫ومنه قوله تعالى ‪ ( :‬وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ‬
‫عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ) ومنه قول اهلل تعالي ‪ ( :‬خلق السماوات واألرض بالحق‬

‫‪54‬‬
‫وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير )‬
‫‪ -2‬وقد يكونُ في الحركةِ والسُّكونِ ‪ ،‬كقولهم ‪ « :‬البدعةُ شَرَكُ الشِّركِ »‬
‫وقول أبي العالء المعري ‪:‬‬
‫بيتٍ مِنَ الشِّعْر أو بيتٍ مِنَ الشَّعَرِ‬ ‫والحسْنُ يظهرُ في شيئينِ رونقُهُ‬
‫وهو ما اختلف فيه اللفظان في ترتيب الحروف وهو يأتي علي نوعين ‪-:‬‬
‫‪ -1‬قلب الكل ‪ :‬نحو ‪ « :‬حسامُهُ فتحٌ ألوليائهِ‪ ،‬وحتفٌ ألعدائِه»‬
‫ورمحُكَ فيهِ لألعداءِ حتفُ‬ ‫ذلك قولُ الشاعر ‪ :‬حُسامُكَ فيهِ لألحبابِ فتحٌ‬
‫ويسمَّى قلبَ كُلٍّ ‪ ،‬النعكاسِ الترتيبِ ‪.‬‬
‫‪ -2‬قلب البعض ‪ :‬نحو قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ « :‬اللَّهُمَّ اسْتُرْ‬ ‫‪ -4‬جناس القلب‬

‫عَوْرَاتِنَا وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا »‬


‫و نحو ‪ « :‬رحمَ اهللُ امرأ‪ ،‬أمسكَ ما بينَ فكيهِ‪ ،‬وأطلقَ ما بين كفيهِ »‪.‬‬
‫متونهن جالء الشك والريب‬ ‫ومنه قول الشاعر ‪ :‬بيض الصفائح ال سود الصحائف‬

‫{{ تنبيهــــــــات هامـــــة }}‬


‫‪ - 1‬الجناس بكل صوره ورد في القرآن الكريم وفي كالم العرب نثرا وشعرا‬
‫‪- 2‬الجناس يكون مقبوال إذا جاء بدون تكلف وكان اللفظ فيه تابعا للمعني المراد‬
‫‪ - 3‬أقل أنواع الجناس ورودا في البالغة هو الجناس الواقع في هيئات الحروف والجنس القلب‬
‫تم بحمد هللا تعالي باب الجناس‬
‫مع تمنياتي‬
‫{{ السجع ‪ :‬تعريفه وأنواعه }}‬
‫تعريفُه السجع لغة واصطالحا ‪:‬‬
‫‪ - 1‬في اللغة ‪ :‬مأخوذ من سجعت الحمامة أو الناقة سجعا إذا رددت صوتها علي طريقة واحدة‬
‫‪ - 2‬وعند علماء البالغة ‪ :‬هو توافقُ الفاصلتينِ في الحرفِ األخيرِ منَ ( النثرِ )‪ ،‬وأفضلهُ ‪ :‬ما تساوتْ‬
‫فِقرهُ‬
‫مثاله قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪ « :‬مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِالَّ مَلَكَانِ يَنْزِالَنِ فَيَقُولُ‬
‫أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ‪ ،‬وَيَقُولُ اآلخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا »‬
‫ولكي نفهم هذا المصطلح والمصطلحات التالية في هذا الموضوع البد من معرفة المصطلحات التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬الفقرة ‪ :‬هي قطعة من الكالم مزاوجة ألخرى وقدـ تسمي القرينة لمقارنتها ألختها‬
‫‪ -3‬السجعة ‪ :‬وهي الجزء الواحد من السجع‬ ‫‪ -2‬الفاصلة ‪ :‬وهي الكلمة األخيرة من الفقرة الواحدة‬
‫فمثال ‪ :‬عندما نقول ( الحر إذا وعد وفي وإذا أعان كفي وإذا ملك عفا ) فكل جملة من الجمل الثالثة يطلق عليها فقرة‬
‫واحدة والفاصلة هي‬
‫‪ ( :‬وفيـ ‪ ،‬كفي ‪ ،‬عفي ) والسجعة تطلق علي الفقرة الواحدة‬
‫۩ أنواع السجع من حيث الطول والقصر ۩‬
‫النوع األول ‪ :‬السجعٌ القصيرٌ ‪ :‬كقوله تعالى ‪ ( :‬يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (‪ )1‬قُمْ فَأَنْذِرْ (‪ )2‬وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (‪)3‬‬
‫وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (‪ )4‬وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْـ (‪ )5‬وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (‪ )6‬وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (‪ ) )7‬ومنه قول اهلل‬
‫تعالي ‪ ( :‬والمرسالت عرفا فالعاصفات عصفا )‬

‫‪55‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬السجعٌ المتوسطٌ ‪ :‬كقوله تعالى ‪ ( :‬اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (‪ )1‬وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً‬
‫يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (‪) )2‬‬
‫النوع الثالث ‪ :‬السجعٌ الطويلٌ ‪ :‬كقوله تعالى ‪ ( :‬إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا‬
‫لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (‪ )43‬وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ‬
‫الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْـ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ‬
‫الْأُمُورُ (‪) )44‬‬
‫أقسام ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫وينقس ُم كذلكَ إلى ثالث ِة‬
‫النوع األول ‪ ( :‬السَّجعُ المطرَّفُ ) ‪ :‬وهو ما اختلفتْ فاصلتاهُ في الوزنِ‪ ،‬واتفقنا في الحرفِ األخيرِ‬
‫( القافية )‬
‫نحو قوله تعالى ‪َ ( :‬ما لَ ُك ْم اَل ت َْر ُجونَ هَّلِل ِ َوقَا ًرا (‪َ )13‬وقَ ْد َخلَقَ ُك ْم أَ ْط َوا ًرا (‪ - )14‬ونحو قوله تعالى ‪ ( :‬أَلَ ْم نَ ْج َع ِل‬
‫ض ِم َهادًا (‪َ )6‬وا ْل ِجبَا َل أَ ْوتَادًا (‪)7‬‬
‫اأْل َ ْر َ‬
‫النوع الثاني ‪ ( :‬السَّجَعُ المُرصَّعُـ ) ‪ :‬وهو ما اتفقتْ فيه ألفاظ ُإحدَى الفِقرتين ِأو أكثرُها في الوزنِ‬
‫والتّقفيةِ‬
‫ع األسماع َبزواج ِر وعظ ِه» وكقول الهمذاني ‪ « :‬إنَّ‬ ‫‪ -‬كقول الحريري ‪ « :‬هو يطب ُع األسجا َع بجواه ِر لفظ ِه‪ ،‬ويقر ُ‬
‫صحواً » ومنه قول أبي الفتح البستاني ‪ ( :‬ليكن إقدامك توكال وإحجامك تأمال ) ومنه‬ ‫بع َد الكد ِر ص ْفواً‪ ،‬وبع َد المط ِر ْ‬
‫قول هللا تعالي ‪ ( :‬إنَّا إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم )‬
‫النوع الثالث ‪ ( :‬السَّجَعُ المتوازي ) ‪ :‬وهو ما كان االتفاقُ فيه في الكلمتينِ األخيرتينِ فقط‬
‫سرر ‪ ،‬وأكواب‪ ،‬وزنا ً وتقفيةً‬ ‫ضو َعةٌ (‪ : )14‬الختالف ُ‬ ‫س ُر ٌر َم ْرفُو َعةٌ (‪َ )13‬وأَ ْك َو ٌ‬
‫اب َم ْو ُ‬ ‫‪ -‬نحو قوله تعالى ‪ ( :‬فِي َها ُ‬
‫ت وزنا ً فقطْ‬ ‫َصفًا (‪ : )2‬الختالف المرسال ِ‬
‫ت ‪ ،‬والعاصفا ِ‬ ‫تع ْ‬ ‫صفَا ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ت ع ُْرفا (‪ )1‬فا ْل َعا ِ‬
‫ساَل ِ‬ ‫‪ -‬ونحو قوله تعالى ‪َ ( :‬وا ْل ُم ْر َ‬
‫ت ‪ :‬تقفيةً فقط‬‫ت ‪ ،‬والشام ِ‬
‫صام ِ‬
‫الختالف ما عدا ال َّ‬
‫ِ‬ ‫ق والصامتُ ‪ ،‬وهل َك الحاس ُد والشامتُ )‬ ‫س َد الناط ُ‬
‫‪ -‬ونحو ‪ُ ( :‬ح ِ‬
‫‪ -‬ومنه ما ورد في دعاء النبي صلي هللا عليه وسلم ‪ ( :‬اللهم إني أدرأ بك في نحورهم وأعوذ بك من شرورهم )‬
‫‪ -‬ومنه قول أبي منصور الثعالبي ‪ ( :‬الحقد صدا القلوب واللجاج سبب الحروب )‬
‫‪ -‬ومنه قول أعرابي لرجل سأل رجال لئيما فلم يعطه ‪ :‬نزلت بواد غير ممطور وفناء غير معمور ورجل غير ميسور‬
‫فأقدم بندم وارتحل بعدم )‬
‫۩ األسجاع مبنية علي أواخر سكونها ۩‬
‫واألسجاعُ مبنيةٌ على سُكونِ أواخرِها وقد نظر علماء البالغة في الفقرات المسجوعةـ من الشواهد واألمثلة‬
‫التي طالعوها فوجدوا أن هذه الفقرات تأتي في الكالم العربي علي ثالث درجات وهي ‪-:‬‬
‫الدرجة األولي ‪ :‬أحسنُ السجعِ ما تساوتْ فِقراته أي السجعات ومن أمثلته ‪-:‬‬
‫وع ٍة‬
‫ير ٍة (‪ )32‬اَل َم ْقطُ َ‬
‫ِ ٍ ِ‬ ‫س ُك ٍ‬
‫وب (‪َ )31‬وفَاك َهة َكث َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ضو ٍد (‪َ )29‬وظ ٍّل َم ْم ُدو ٍد (‪َ )30‬و َماء َم ْ‬ ‫نحو قوله تعالى‪ِ ( :‬في ِس ْد ٍر َم ْخ ُ‬
‫ضو ٍد (‪َ )28‬و َ‬
‫ط ْل ٍح َم ْن ُ‬
‫وع ٍة (‪)34‬‬
‫ش َم ْرفُ َ‬ ‫وع ٍة (‪َ )33‬وفُُر ٍ‬
‫َواَل َم ْم ُن َ‬
‫َع ِط ُم ْن ِفقًا َخلَفًا ‪َ ،‬و َيقُو ُل َ‬
‫اآلخ ُر اللَّ ُه َّم‬ ‫َح ُد ُه َما اللَّ ُه َّم أ ْ‬ ‫اد ِف ِ‬
‫يه إِالَّ َملَ َك ِ‬
‫ان َي ْن ِزالَ ِن فَ َيقُو ُل أ َ‬ ‫ص ِب ُح ا ْل ِع َب ُ‬ ‫ِ‬
‫ومنه قوله صلى اهلل عليه وسلم ‪َ « :‬ما م ْن َي ْوٍم ُي ْ‬
‫َع ِط ُم ْم ِس ًكا تَلَفًا »‬
‫أْ‬
‫الدرجة الثانية ‪ :‬ثم ما طالتْ فقرتهُ الثانيةُ‬
‫اح ُب ُك ْم َو َما َغ َوى (‪َ )2‬و َما َي ْن ِط ُ‬
‫ق َع ِن ا ْل َه َوى (‪ )3‬إِ ْن ُه َو إِاَّل َو ْح ٌي ُي َ‬
‫وحى (‪)4‬‬ ‫ض َّل ص ِ‬ ‫نحو قوله تعالى ‪ ( :‬و َّ ِ‬
‫الن ْجم إِ َذا َه َوى (‪َ )1‬ما َ َ‬ ‫َ‬
‫الدرجة الثالثة ‪ :‬ثم ما طالتْ ثالثتهُ‬
‫ود (‪ )7‬ومنه قوله تعالي ‪ ( :‬خذوه فغلوه ثم‬
‫ش ُه ٌ‬ ‫ون ِبا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫ين ُ‬ ‫ود (‪ )5‬إِ ْذ ُه ْم َعلَ ْي َها قُ ُع ٌ‬
‫ود (‪َ )6‬و ُه ْم َعلَى َما َي ْف َعلُ َ‬ ‫ار َذ ِ‬
‫ات ا ْل َوقُ ِ‬ ‫نحو قوله تعالى ‪َّ ( :‬‬
‫الن ِ‬
‫الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه )‬

‫۩ شروط السجع المستحسن ۩‬


‫‪56‬‬
‫القرينتين على معنًى َ‬
‫غير ما‬ ‫ِ‬ ‫ت كلٌّ منَ‬ ‫المفردات رشيقةً‪ ،‬واأللفاظ ُخد َم المعاني‪ ،‬ودلّ ْ‬
‫ُ‬ ‫‪ -1‬وال يحسنُ السج ُع إال إذا كان ِ‬
‫ت‬
‫الكالم‬
‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت عليه األخرى‪ ،‬وحينئ ٍـذ يكونُ حلية ظاهرة في‬ ‫دلّ ْ‬
‫لبليغ كالما ً يخلو منه‪ ،‬كما ال‬
‫ٍ‬ ‫والتصنع‪ ،‬ومن ث َّم ال تج ُد‬
‫ِ‬ ‫‪ -2‬وال يستحسنُ السج ُع أيضا ً إال إذا جا َء عفواً‪ ،‬خاليا ً من التكلُّ ِ‬
‫ف‬
‫وإن قَص ْـ‬
‫ُرت‬ ‫تخلو منه سورةٌ ْ‬
‫الحمام ونحوها; بل يقالُ‪« :‬فواص ُل»ـ‬ ‫ِ‬ ‫ألن السج َع في األصل هدي ُر‬ ‫ع» َّ‬‫‪ -3‬وال يقا ُل في القرآن «أسجا ٌ‬
‫‪ -4‬أن تكون كل فقرة من السجع تدل علي معني مختلف عما دلت عليه الفقرة السابقة‬
‫‪ -5‬أن تكون السجعة الثانية أقصرـ بكثير من األولي‬
‫۩ ورود السجع في القرآن الكريم ۩‬
‫ما رأي علماء البالغة في ورود السجع في القرآن الكريم ؟‬
‫اختلف العلماء في ذلك علي رأيين هما ‪:‬‬
‫‪ - 1‬األول ‪ :‬إنكار السجع مطلقا في القرآن الكريم ومن هؤالء اإلمام الباقالني حيث يقول ‪:‬‬
‫( ذهب أصحابنا كلهم إلي نفي السجع من القرآن )‬
‫‪ - 2‬إجازة السجع مطلقا في القرآن الكريم ولكن أصحاب هذا الرأي رفضوا إطالق كلمة سجع تأدبا مع القرآن‬
‫وإنما يقال فواصل‬
‫والرأي الثاني أوفق حيث اتفق البالغيونـ علي تسمية ما ورد في القرآن الكريم من السجع بالفواصل أخذا من‬
‫قوله تعالي ‪ ( :‬آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) تأدبا مع مقام القرآن الكريم‬
‫ولكن السؤال اآلن ‪ :‬لماذا تجنب علماء البالغة إطالق السجع علي القرآن الكريم ؟‬
‫‪ -1‬ألن أصل اللفظ مأخوذ من سجعت الحمامة أو الناقة سجعا إذا رددت صوتهاـ علي طريقة واحدة فيشرفـ القرآن الكريم‬
‫أن يكون مستعارا‬
‫‪ -2‬اتفق البالغيون علي تسمية ما ورد في القرآن الكريم من السجع بالفواصل أخذا من قوله تعالي ‪ ( :‬آلر كتاب أحكمت‬
‫آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) تأدبا مع مقام القرآن الكريم‬
‫ولكن سؤال هام جدا ‪ :‬هل يرد السجع في الشعر ؟‬
‫األصل في السجع أن يكون في الكالم المنثور لكنه قد يأتي داخل فقرات البيت الشعري فيزيده رونقا وحسنا إذا كان‬
‫مستوفيا شروطه غير وارد علي سبيل التصنع والتكلف فإذا ورد متكلفا فهو ممجوج مذموم‬
‫وجرائم ألفيتها متورعا‬ ‫كقول الشاعر ‪ :‬ومكارم أوليتها متبرعا‬
‫س َج ُع موطنُه النث ُر‪ ،‬وقد يجي ُء في الشِّعر نادرا ً‪ :‬كقول المتنبي ‪:‬‬
‫وال َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫شغ ٍل والبَح ُر في خ َج ِل‬ ‫َوالبَ ُّر في ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فنحنُ في َجذ ٍل وال ّرو ُم في َو َج ٍل‬
‫ولكن ‪ :‬ما هي أقسام السجع في الشعر ؟‬
‫السجع في الشعر قد يأتي علي وجوه السجع في النثر إال أنه يختص بقسمين ال يوجدان في النثر هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬التصريع ‪ :‬وهو أن يجعل العروض مقفاه تقفية مع الضرب ومن أمثلته ما يلي ‪:‬‬
‫تفردنا بأوساط المعالي‬ ‫‪ -1‬قال أبو فراس الحمداني ‪ :‬بأطراف المثقفة العوالي‬
‫وإ ن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي‬ ‫‪ -2‬قال امرؤ القيس ‪ :‬أ فاطم مهال بعض هذا التدلل‬
‫بسقط اللوي بين الدخول فحومل‬ ‫‪ -3‬قال امرؤ القيس ‪ :‬قفا نبكي من ذكري حبيب ومنزل‬
‫بمنزلة الربيع من الزمان‬ ‫‪ -4‬قال المتنبي ‪ :‬مغاني الشعب طيبا في المغاني‬
‫حر في َخ َج ِل‬ ‫ش ُغ ٍل َ‬
‫والب ُ‬ ‫الب ُّر في ُ‬
‫َو َ‬ ‫وم في َو َج ٍل‬
‫والر ُ‬
‫ٍ‬
‫حن في َج َذل ّ‬
‫‪ -5‬قال المتنبي ‪ :‬ف َن ُ‬
‫‪ -2‬التشطير ‪ :‬وهو أن يجعل كل من شطري البيت سجعة مخالفة ألختها كقول أبي تمام ‪:‬‬
‫هلل مرتغب في اهلل مرتقب‬ ‫تدبير معتصم باهلل منتقم‬
‫{{ تنبيهــــــــات هامـــــة }}‬
‫‪ -1‬السجع ال يحسن إال إذا جاء عفويا خاليا من التكلف والتعمل رصين التركيب‬
‫‪ -2‬السجع في النثر ثالث أقسام هي المطرف والمرصعـ والمتوازيـ وفي الشعر قسمان هما ‪ :‬التصريع والتشطيرـ‬

‫‪57‬‬
‫‪ -3‬العلماء أطلقوا علي السجع في القرآن فواصل تأدبا مع مقام القرآن الكريم‬
‫‪ -4‬كثر السجع في القرآن الكريم وال تكاد تخلو منه سورة طويلة أو قصيرة‬
‫{{ المصطلحات الواردة في المقرر }}‬
‫‪ -1‬الحقيقة اللغوية ‪ :‬هي استعمال اللفظ أو األلفاظ في معانيها الحقيقية الموضوعة لها في اصطالح التخاطب مثل تقول ‪ ( :‬أمسكت القلم ‪،‬‬
‫قرأت الكتاب ‪ ،‬قطفت ثمرة ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬المجاز‪ :‬هو الكلمة المستعملة في غير معناها الموضوع لها في اللغة ؛ لعالقة‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي‬
‫فمثال ‪ :‬عندما تقول رأيت أسدا يحمل السيف في المعركة فإن الحقيقة أنك لم تر أسدا في المعركة بالمعني الحقيقي وإنما رأيت جنديا مشبها‬
‫في هذه الحالة باألسد إذن اللفظ استعمل في غير ما وضع له لقرينة مانعة وهي استحالة أن يمسك األسد سيفا إذا تكون في هذه الحالة قد‬
‫شبهت الجندي في المعركة باألسد في الشجاعة فنقول في هذه الحالة تشبيه فهو مجاز ( غير حقيقي ) ‪.‬‬
‫‪ -3‬المجاز المرسل المفرد‪ :‬هو اللفظ المستعمل في غير معناه الموضوع له في اللغة ؛ لعالقة غير المشابهة ‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة‬
‫معناه األصلي‬
‫مثال ‪ :‬تقول ‪ ( :‬قبضنا على عين من عيون األعداء ) فلفظ عين هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ‪،‬‬
‫و القرينة التي تمنع المعنى األصلي للفظ هنا أنه ال يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس إذن نقول ‪ :‬أن في كلمة‬
‫( عين ) مجاز مرسل عن الجاسوس عالقته الجزئية ‪.‬‬
‫‪ -4‬المجاز المرسل المركب ‪ :‬هو التركيب المستعمل في غير معناه الموضوع له في اللغة ؛ لعالقة غير المشابهة ‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة‬
‫معناه األصلي‬
‫وتولي الصبا عليه السالم‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬أخذت من شبابي األيام‬
‫موضع المجاز الجمل الخبرية ‪ :‬أخذت من شبابي األيام ‪ -‬وتولي الصبا عليه السالم ‪ :‬فهي ليست علي حقيقتها بل خرجت عن الخبرية إلي‬
‫التحسر وإظهار الحزن واأللم والقرينة حالية ‪.‬‬
‫‪ -5‬االستعارة‪ :‬هي اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعالقة المشابهة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي‪ ،‬مع قرينة مانعة من إرادة‬
‫المعنى الحقيقي فمثال ‪ :‬عندما تقول ( رأيت أسدا يتكلم ) ففي هذا المثال استعارة تصريحيه حيث شبه القائل الجندي بأسد يتكلم فصرح‬
‫بالمشبه به وهو األسد وحذف المشبه وهو الجندي علي سبيل االستعارة التصريحية ‪.‬‬
‫‪ -6‬االستعارة التصريحية‪ :‬هي ما صرح فيها بلفظ المشبه به ‪ ،‬وحذفـ المشبه ‪.‬‬
‫قول هللا تعالى ‪ { :‬كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور‪ ‬في اآلية الكريمة استعارتان تصريحيتان ‪-:‬‬
‫‪ - 1‬االستعارة األولي ‪ :‬في كلمة ( الظلمات ) فقد شبه الكفر بالظلمات ثم حذف المشبه وهو ( الكفر ) وذكر المشبه به وهو ( الظلمات )‬
‫لعالقة المشابهة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬االستعارة الثانية ‪ :‬في كلمة ‪ ( :‬النور ) فقد شبه اإليمان بالنور ثم حذف المشبه وهو ‪ ( :‬اإليمان ) وذكر المشبه به وهو ‪ ( :‬النور )‬
‫لعالقة المشابهة ‪ .‬والقرينة حالية ‪ :‬وهي أن الناس لم يخرجوا من الظلمات إلي النور الحسي الحقيقي ‪.‬‬
‫حذف فيها المشبه به ‪ ،‬ورمز له بشيء من لوازمه ‪.‬‬
‫‪ -7‬االستعارة المكنية‪ :‬هي التي ُ‬
‫أبصـرتَ ك َّل تميمـ ٍة ال تنفـع‬
‫ْ‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬وإذا المنيّـةُ أنشـبت ْ أظفا َرهـا‬
‫يريد الشاعر‪ :‬أنّ ال ّر قى والتمائم ال تنقذ اإلنسان من الموت فالمستعار ( أظفارها ) من الوحش المفترس ( المستعار منه ) وهو المشبه به‪،‬‬
‫والمنية ( المستعار له ) وهو المشبه فاالستعارة مكنية ألنه ذكر المشبه ( المنية ) فقد شبه المنية بحيوان مفترس بجامع اإلهالك وحذف‬
‫المشبه به (الحيوان المفترس) وأبقى شيئا ً من لوازمه وهو ( األظفار )‪ ،‬والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي لفظية هي إسناد الفعل‬
‫( أنشب ) إلى لفظ ( المنية ) ‪.‬‬
‫‪ -8‬االستعارة األصلية‪ :‬هي إذا كان اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس سواء كان اسم ذات ‪ ،‬كلفظة أسد أو بحر ‪ ،‬أو‬
‫وانحني الشرق عليها فبكاها‬ ‫اسم معنى مصدراـ كلفظة قتل أو ضرب ‪ .‬قال الشاعر ‪ :‬شيعوا الشمس ومالوا بضحاها‬
‫نجد أن الشاعر شبه سعد زغلول في هذا البيت بلفظ الشمس في جامع العلو واالرتفاع وعظم الشأن والنفع ثم حذف المشبه‬
‫( سعد زغلول ) وصرح بالمشبه به وهو ( الشمس ) علي سبيل االستعارة التصريحية وبما أن االستعارة في كلمة‬
‫( الشمس ) وهي اسم ذات فهي استعارة تصريحية أصلية ‪.‬‬
‫‪ -9‬االستعارة التبعية‪ :‬وهي إذا لم يكن اللفظ الذي جرت فيه االستعارة اسم جنس سواء كان فعال أو مشتقا أو حرفاـ ‪.‬‬
‫قال هللا تعالي في كتابه العزيز ‪ ( :‬سنفرغ لكم أيها الثقالن ) هللا سبحانه وتعالي يقول سنقصد لكم أيها الثقالن فقد شبه هللا سبحانه وتعالي‬
‫القصد في هذه اآلية بالفراغ ثم حذف المشبه وهو القصد وصرح بالمشبه به وهو الفراغ ثم تنوسي التشبيه وأدعي أن المشبه من جنس‬
‫المشبه به ثم اشتق من الفراغ فعل ( سنفرغ ) وبما أن االستعارة في الفعل وهو ‪ ( :‬نفرغ ) فاالستعارة تبعية في الفعل وبما أن المصرح‬
‫به المشبه به والمحذوف هو المشبه فاالستعارة تصريحية تبعية في الفعل ‪.‬‬
‫‪ -١0‬الكناية ‪ :‬لفظ أطلق‪ ،‬وأريد به الزم معناه‪ ،‬مع قرينة غير مانعة من إرادة المعنى األصلي ‪.‬‬
‫قال هللا تعالي ‪ ( :‬ويوم يعض الظالم علي يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيال ) فاآلية كناية عن صفة وهي الندم ف ُع ِدل عن‬
‫التصريح بها إلي الكناية عنها ألنه يلزم من عض الظالم علي يديه يوم القيامة الندم الشديد علي ما كان من تفريط منه في حياته الدنيا في‬
‫وقت ال ينفع الندم فالمقصود في اآلية ليس المعني الحقيقي وهو عض اليدين فعال وإنما يقصد به المعني الكنائي ‪ ( :‬الندم ) والقرينة هنا‬
‫ال تمنع من المعني الحقيقي كذلك ‪.‬‬
‫‪ -11‬الكناية عن صفة‪ :‬وهي أن يصرح بالموصوفـ ‪ ،‬وبالنسبة إليه ‪ ،‬وال يصرح بالصفة المرادة مثل قوله تعالى ‪ { :‬و ال‬
‫تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ‪ ،‬و ال تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } نجد في اآلية عبارتين ؛ كل عبارة تدل على معنى مختلف‬
‫‪58‬‬
‫عن األخرى ‪ ،‬فاألولى ( و ال تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ) تدل على البخل إ ًذا هي كناية عن صفة وهي البخل و التقتير و الثانية كناية عن‬
‫صفة وهي اإلسراف و التبذير ‪.‬‬
‫‪ -12‬الكناية عن موصوف ‪ :‬وهي ذكر الصفة ‪ ،‬وحذفـ الموصوف مثل ‪ :‬قولهم في الكناية عن الخمر ‪ ( :‬بنت العنب ‪ ،‬أم‬
‫المصائب ) و قولهم في الكناية عن الحمى ‪ ( :‬بنت الدهر ) وقولهم في الكناية عن السفينة ( ابنة اليم ) ‪.‬‬
‫‪ -13‬الكناية عن النسبة ‪ :‬وهي أن يصرح بالموصوف والصفة‪ ،‬وال يصرح بالنسبة بينهما ‪.‬‬
‫والمج ُد يمشي في ركابه‬ ‫مثال قول الشاعر ‪ :‬الُي ْمنُ يتب ُع ظلَّهُ‬
‫كناية عن نسبة المجد واليمن إلي الممدوح ألن اليمن يتبع ظله والمجد يمشي في ركابه ويالزمه‬
‫‪ -14‬علم البديع ‪ :‬هو علم يعرف به الوجوه التي تزيد الكالم حسنا‪ ،‬وطالوة‪ ،‬وتكسوه بهاء ورونقا‪ ،‬بعد مطابقته لمقتضى‬
‫الحال‪ ،‬ووضوح داللته على المراد ‪ .‬مثال قول هللا تعالي ‪﴿ :‬ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة﴾ ففي اآلية لون‬
‫واضح من ألوان المحسنات البديعية اللفظية ( الجناس التام ) وهو ما اتفق فيه اللفظان في أمور أربعة هي‪ :‬نوع الحروف‪ ،‬وشكلها ‪،‬‬
‫وعددها ‪ ،‬وترتيبها فلو قال هللا تعالي ‪ :‬ويوم تقوم القيامة لذهب الرونق وفاتت البالغة وتالشي الحسن والدقة ‪.‬‬
‫‪ -15‬المحسنات المعنوية‪ :‬وهي التي يتجه التحسين فيها إلى المعنى أوال وهذه المحسنات كثيرة‪ ،‬حصرهاـ القزوينيـ في‬
‫اثنين وثالثين محسنا مثل ‪ :‬الطباق ‪ :‬وهو إما طباق سلبي وإما ايجابي الجمع بين الشيء وضده في الكالم ‪ ،‬مثل قوله تعالى ﴿ وتحسبهم‬
‫أيقاظا وهم رقود ﴾ وكذلك ‪ :‬المقابلة ‪ :‬هي أن يؤتى بمعنيين غير متقابلين أو أكثر‪ ،‬ثم يؤتى بما يقابـل ذلك على الترتيـب ‪ ،‬مثـل قوله تعـالى‬
‫‪:‬‬
‫﴿ فليضحكوا قليال وليبكوا كثيرا ﴾ ‪.‬‬
‫‪ -16‬المحسنات اللفظية‪ :‬وهي التي يتجه التحسين فيه إلى اللفظ أوال وهذه المحسنات قليلة حصرها الخطيب القزويني في‬
‫سبعة محسنات مثال قول هللا تعالي ‪﴿ :‬ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة﴾ ففي اآلية لون واضح من ألوان‬
‫المحسنات البديعية اللفظية ( الجناس التام ) وهو ما اتفق فيه اللفظان في أمور أربعة هي‪ :‬نوع الحروف‪ ،‬وشكلها ‪ ،‬وعددها ‪ ،‬وترتيبها‬
‫فلو قال هللا تعالي ‪ :‬ويوم تقوم القيامة لذهب الرونق وفاتت البالغة وتالشي الحسن والدقة ‪.‬‬
‫سبُ ُه ْم أَ ْيقَاظًا َو ُه ْم ُرقُو ٌد } قوله تعالى ‪ { :‬ه َُو األ َّو ُل َواآْل ِخ ُر َوالظَّا ِه ُر‬
‫‪ -17‬الطباقـ‪ :‬هو الجمع بين معنيين متقابلين كقوله تعالى ‪َ { :‬وت َْح َ‬
‫َوا ْلبَ ِ‬
‫اطنُ َو ُه َو بِ ُك ِّل ش َْي ٍء َعلِي ٌم }‬
‫‪ -18‬صور التقابل أربعة ‪ :‬تقابل تضاد ‪ ،‬تقابل عدم وملكة ‪ ،‬تقابل اعتباري ‪ ،‬تقابل تضايف ‪.‬‬
‫‪ -19‬طباق اإليجاب‪ :‬وهو أن يكون اللفظان المتقابالن فيه معناهما موجب‪ ،‬وهذا القسم يكون الطباق فيه بين لفظين من نوع‬
‫واحد اسمين أو فعلين أو حرفين‪ ،‬أو بين لفظين من نوعين مختلفين اسم وفعل ‪ ،‬أو فعل واسم ‪.‬‬
‫سبُ ُه ْم أَ ْيقَاظًا َو ُه ْم ُرقُو ٌد } ومن أمثلة التطابق بين فعلين ‪ :‬قوله تعالى ‪َ { :‬وأَنَّهُ ه َُو أَ ْ‬
‫ض َحكَ‬ ‫فمن الطباق بين اسمين ‪ :‬كقوله تعالى ‪َ { :‬وت َْح َ‬
‫وف }و بين فعل واسم مثل ‪ :‬قال هللا تعالي ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ا‬
‫ِ ِ َ‬‫ب‬ ‫نَّ‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬‫َ‬ ‫ي‬‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬
‫ِ ُ ِ‬‫ا‬ ‫ل‬‫ث‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫نَّ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫و‬‫َ‬ ‫{‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫َوأَ ْب َكى } ومن أمثلة الطباق بين حرفين ‪ :‬نحو‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫( وأبرئ األكمه واألبرص وأحي الموتى ) و بين اسم وفعل ‪ :‬مثل قوله تعالى ‪ { :‬أ َو َمن َكانَ َم ْيتًا فأ ْحيَ ْيناهُ } ‪.‬‬
‫‪ -20‬طباق السلب ‪ :‬وهو أن يكون اللفظان المتقابالن فيه أحدهما أمر‪ ،‬واآلخر نهي‪ ،‬أو أحدهما مثبت‪ ،‬واآلخر منفي ‪.‬‬
‫ست َْخفُونَ ِمنَ هّللا ِ } قال هللا تعالي ‪ ( :‬وعد هللا ال يخلف هللا وعده ولكن أكثر الناس ال يعلمون‬ ‫س َوالَ يَ ْ‬ ‫ست َْخفُونَ ِمنَ النَّا ِ‬ ‫نحو قوله تعالى ‪ { :‬يَ ْ‬
‫سا ِجدًا َوقَائِ ًما يَ ْح َذ ُر اآْل ِخ َرةَ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يَ ْعلَ ُمونَ ظَا ِه ًرا ِّمنَ ا ْل َحيَا ِة ال ُّدنيَا َو ُه ْم َع ِن اآْل ِخ َر ِة ُه ْم غافِلونَ } ونحو قوله تعالى ‪ { :‬أ َّمنْ ُه َو قانِتٌ آناء الل ْي ِل َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب} ‪.‬‬ ‫ستَ ِوي الَّ ِذينَ يَ ْعلَ ُمونَ َوالَّ ِذينَ اَل يَ ْعلَ ُمونَ إِنَّ َما يَتَ َذ َّك ُر أُ ْولُوا اأْل َ ْلبَا ِ‬ ‫َويَ ْر ُجو َر ْح َمةَ َربِّ ِه قُ ْل َه ْل يَ ْ‬
‫‪ -21‬الطباق الظاهر‪ :‬وهو الذي يدرك بسرعة ويسرـ وسهولة ؛ ألن التضاد فيه صريح مباشرـ ال يحتاج لتأمل ‪ ،‬وإمعان‬
‫نظر‬
‫مثل ‪ :‬التضاد بين الحياة والموت والضحك والبكاء والحي والميت والخير والشر والحسنة والسيئة وقد سمي الطباق الظاهر بهذا االسم ‪:‬‬
‫لوضوحه وانكشافه وسهولة إدراكه ‪.‬‬
‫‪ -22‬الطباقـ المجازيـ ‪ :‬وهو أن يكون الطباق واقعاـ بين لفظين مستعملين علي سبيل المجاز ومن أمثلته ‪ :‬قوله تعالى ‪ { :‬أ َوَ‬
‫َمن َكانَ َم ْيتًا فَأ َ ْحيَ ْينَاهُ } فالمعني ‪ :‬أو من كان ضاال فهديناه حيث استعار الميت للضال والحياة للمهتدي علي سبيل االستعارة كما مر في‬
‫االستعارة فالطباق واقع بين لفظين مجازيين ‪.‬‬
‫ض َح َك‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ -23‬الطباق الحقيقي‪ :‬وهو الذي تستعمل فيه األلفاظ على حقيقتها الموضوعة لها في اللغة ‪.‬مثل قوله تعالى ‪َ { :‬وأنَّهُ ه َُو أ ْ‬
‫َوأَ ْب َكى ‪ ،‬وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر واألنثى } ‪.‬‬
‫‪ -24‬الطباق المجازي‪ :‬وهو الذي ال تستعمل فيه األلفاظ على حقيقتها الموضوعة لها في اللغة بل تستعمل على سبيل‬
‫االستعارة‬
‫ومن أمثلته في األسلوب القرآني قوله تعالى ‪ ( :‬محمد رسول هللا والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) فالمطابقة هنا بين "‬
‫أشداء " و" رحماء " ‪ .‬والرحمة ليست ضدا في المعنى لـ "أشداء " ولكن الرحمة تستلزم "اللين " الذي يتقابل ويتضاد مع " الشدة‬
‫" ‪ ،‬ألن من رحم الن قلبه ورق فالتضاد كما رأيت ليس واضحا ‪ ،‬بل فيه خفاء‬
‫‪ -25‬طباق التدبيج ‪ :‬وهو أن يذكر الشاعر أو الناثر في معنى المدح وغيره ألوان على سبيل الكناية أو التورية ‪.‬‬
‫لها الليل إال وهي سندس خضر‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬تردي ثياب الموت حمرا فما أتي‬
‫فبين حمرا وخضرا طباق تدبيج علي سبيل الكناية ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫قال الحريري ‪ ( :‬فمذ ازور المحبوب األصفر واغبر العيش األخضر واسود يومي األبيض وابيض فودي األسود حتى رثي لي العدو‬
‫األزرق فيا حبذا الموت األحمر ) قوله ‪ :‬المحبوب األصفر ( تورية عن الدينار ) ‪ :‬فلفظ األصفر يطلق علي المرأة وهو المعني القريب‬
‫ويطلق علي الذهب وهو المعني البعيد المراد هنا ‪.‬‬
‫‪ -26‬التورية‪ :‬هي لفظ له معنيان قريب ظاهر‪ ،‬لكنه غير مراد‪ ،‬وبعيدـ خفي‪ ،‬وهو المراد ‪ ،‬والبد معها من قرينة تشير إلى‬
‫فما بال شوقـي أصبـح اليوم باردا‬ ‫أن المراد هو البعيد ‪ .‬قال الشاعر ‪ :‬يقولون ّ‬
‫إن الشـــوق نـــار ولوعة‬
‫الحب الشديد ‪ ,‬والحنين ‪ ،‬وهذا المعنى القريب غير المقصود والمعنى الثاني ‪ :‬هو (شوق ّي )‬
‫ّ‬ ‫كلمة ( شوقي ) لها معنيان ‪ :‬المعنى األول هو‬
‫الشاعر ‪ ،‬وهو المعنى البعيد الذي يقصده حافظ إبراهيم ‪ ،‬ألنّه يداعبه ‪.‬‬
‫‪ -27‬التورية المرشحة‪ :‬هي ما ذكر معها ما يالءم المعنى القريب ‪.‬‬
‫وال قصور بها يعوق‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬أبيات شعرك كالقصور‬
‫حر ومعنــــاها رقيــق‬ ‫ومن العجــــائب لفظـها‬
‫‪ -28‬التورية المجردة‪ :‬وهي التي لم يذكر معها ما يالءم المعنى القريب‪ ،‬سواء أذكر ما يالءم المعنى البعيد ‪ ،‬أم لم يذكر ‪.‬‬
‫فقد رأت مقلتاك البحر والنونــا‬ ‫إذا رأيت قوافيهـــا وطلعتـــــــــــــه‬ ‫قال ابن نباته ‪:‬‬
‫‪ -29‬المبالغة‪ :‬هي أن يدعي الشاعر‪ ،‬أو الناثر لوصفـ ما بلوغه في الضعف‪ ،‬أو الشدة حدا مستحيال‪ ،‬أو مستبعدا ‪ ،‬وذلك‬
‫دفعا لتوهم أنه غير متناه في الشدة ‪ ،‬أو الضعف ‪.‬‬
‫‪ -30‬التبليغ ‪ :‬وهو ما كان الوصفـ المدعى فيه ممكنا عقال‪،‬وعادة ‪.‬‬
‫َوأ ْن ِز ْل عنهُ مثلَهُ حينَ أر َك ُ‬
‫ب‬ ‫ش قَفَّيتُهُ بِ ِه‬
‫ي الوح ِ‬
‫وأص َر ُع أ َّ‬
‫ْ‬ ‫وقال أبو الطيب يصف فرسا ً ‪:‬‬
‫يقول الشاعر إن حصانه قوي جدا وهو يدرك به جميع أنواع الصيد الوحشي فيصرعها ويطرحها أرضا ويظل الفرس مع ذلك في أوج‬
‫نشاطه وقوته محتفظا برشاقته وحيويته التي كان عليها قبل أن يركبه فارسه وهذا أمر ليس ببعيد بل هو ممكن عقال وعادة ‪.‬‬
‫‪ -31‬اإلغراق‪ :‬وهو ما كان الوصف المدعى فيه ممكنا عقال غير ممكن عادة ‪.‬‬
‫بيثرب أدني دارها نظ ٌر عال‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬تنورتها من أذرعات وأهلها‬
‫الشاعر يقول ‪ :‬إنه أبصر نار محبوبته وهو في أذرعات في الشام وهي في يثرب في الحجاز وهو أمر ممكن عقال وإن كان غير ممكن في‬
‫العادة ‪.‬‬
‫‪ -32‬الغلو ‪ :‬وهو ما كان الوصفـ المدعى فيه غير ممكن عقال‪ ،‬وال عادة ‪.‬‬
‫لتخافك النطف التي لم تخلق‬ ‫قال الشاعر ‪ :‬وأخفت أهل الشرك حتى إنه‬
‫‪ -33‬الجناس غير التام‪ :‬هو ما اختلف فيه اللفظان في واحد من أمور أربعة ‪ ،‬عدد الحروف‪ ،‬نوع الحروف‪ ،‬هيئة الحروف‪،‬‬
‫ترتيب الحروفـ ولهذا النوع من الجناس صور عديدة ‪ ،‬وقدـ خص علماء البالغة كل صورة بمصطلح يخصها يميزها عن‬
‫غيره وهذه الصور هي ‪:-‬‬
‫‪ -34‬الجناس الناقص‪ :‬وهو ما اختلف فيه اللفظان في عدد الحروف ‪ .‬من أنواع الجناس الناقص ‪-:‬‬
‫‪ -35‬الجناس المردوف‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف في األول‬
‫َّاق ‪ ،‬إِلَى َربِّكَ يَوْ َمئِ ٍـذ ْال َم َسا ُ‬
‫ق}‪.‬‬ ‫‪.‬نحو قوله تعالى ‪َ { :‬و ْالتَفَّ ِ‬
‫ت السَّا ُ‬
‫ق بِالس ِ‬
‫‪ -36‬الجناس المكتنف‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف في الوسط ‪.‬‬
‫سا ِن‬
‫بسام ساهم الوجه ُح َّ‬
‫ٍ‬ ‫قطعت‬ ‫وخرق كجوف العير قف ٍر مضلَّة‬
‫ٍ‬ ‫نحو قول الشاعر ‪:‬‬
‫‪ -37‬الجناس المطرفـ‪ :‬وهو ما اختلفت فيه الكلمتان بزيادة حرف في اآلخر ‪.‬‬
‫ب‬‫ض قواض ِ‬ ‫بأسياف قوا ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صو ُل‬
‫ت ُ‬ ‫ص ٍم‬ ‫منه قول أبي تمام ‪ :‬يَ ُمدُّونَ ِمنْ أَ ْي ٍد َع َوا ٍ‬
‫ص عَوا ِ‬
‫‪ -38‬الجناس المضارعـ‪ :‬وهو ما اختلف ركناه في حرفين لم يتباعدا مخرجا ‪.‬نحو قوله تعالى ‪َ { :‬و ُه ْم يَ ْن َه ْونَ َع ْنهُ َويَ ْنأ َ ْونَ َع ْنهُ‬
‫ض َرةٌ إِلَى َربِّ َها نَ ِ‬
‫اظ َرةٌ )‬ ‫ش ُعرُونَ } وقوله تعالى ‪ُ ( :‬و ُجوهٌ يَ ْو َمئِ ٍذ نَا ِ‬ ‫َوإِن يُ ْهلِ ُكونَ إِالَّ أَنفُ َ‬
‫س ُه ْم َو َما يَ ْ‬
‫‪ -39‬الجناس الالحق‪ :‬هو أن يختلف طرفاـ الجناس في حرف من حروفهما‪،‬ـ مع عدم التقارب في المخرج بين الحرفين ‪.‬‬
‫ق َوبِ َما ُكنتُ ْم تَ ْم َر ُحونَ } وكقوله تعالى ‪َ { :‬وإِنَّهُ َعلَى َذلِ َك لَ َ‬
‫ش ِهي ٌد َوإِنَّهُ لِ ُح ِّب‬ ‫نحو قوله تعالى ‪َ { :‬ذلِ ُكم بِ َما ُكنتُ ْم تَ ْف َر ُحونَ فِي اأْل َ ْر ِ‬
‫ض بِ َغ ْي ِر ا ْل َح ِّ‬
‫ش ِدي ٌد )‬ ‫ا ْل َخ ْي ِر لَ َ‬
‫س ْلنَا فِي ِه ْم ُم ْن ِذ ِرينَ فَا ْنظُ ْر َكيْفَ َكانَ‬ ‫َ‬
‫‪ -40‬الجناس المحرف ‪ :‬ويكون باالختالفـ في هيئات الحروف ‪.‬منه قوله تعالى‪َ ( :‬ولَقَ ْد أ ْر َ‬
‫عَاقِبَةُ ا ْل ُم ْن َذ ِرينَ‬
‫‪ -41‬جناس القلب ‪ :‬ويكون باالختالف في ترتيب الحروف ‪.‬‬
‫ورمح َك في ِه لألعدا ِء حتفُ‬
‫ُ‬ ‫فتح‬
‫ب ٌ‬ ‫قو ُل الشاعر ‪ُ :‬حسا ُم َك في ِه لألحبا ِ‬
‫وبهذا تم بحمد هللا تعالي منهج البالغة للثانوية األزهرية‬
‫القسم األدبي ‪ 2018‬م‬
‫مع تمنياتي ‪ :‬أحمد حسنين‬

‫‪60‬‬

You might also like