Professional Documents
Culture Documents
الفرقة الثالثة
اإلجمال و البيان
الباب األول
في المجمل واألحكام المتعلقة به
الفصل األول :قي تعريف اجململ
لغة :هو املبهم ,من أمجل األمر إذا أهبم .أما يف اإلصطالح جبدها بنقسم إىل قسمني:
قسم سلم من اإلعرتتضات قسم وردت عليه اعرتاضات
مامل تتضح داللته ,أي ما له داللة غري واضحة( .ابن احلاجب ,واتج الدين السبكي) .1 اللفظ الذي ال يفهم منه عند اإلطالق شيئ .1
قول أو فعل له داللة غري واضحة( .أليب بكر بن عبد الرمحن بن شهاب الدين) اللفظ الصاحل ألحد معنيني ,الذي ال يتعيمن معناه ال بوضع اللغة وال بعرف االستعمال.2 . .2
ما ال ينبين عن املراد بنفسه ,وحيتاج إىل قرينة تفسره( .أبو يعلى احلنبلي) .3 ما ال يعقل معناه من لفظه ويفتقر يف معرقة املراد إىل غريه. .3
ما اذدمحت فيه املعاين ,فاستبه املراد استباها ال يدرك إال ببيان من جهة اجململ( .جلالل .4 ما ال يفهم املراد به من لفظه ,ويفتقر يف البيان إيل غريه. .4
الدين اخلبازي) الذي ال بعرف معناه من لفظه. .5
ما تردد بني حمتملني فأكثر على السواء( .ابن النجار احلنبلي) .5 ماال يفهم منه عند اإلطالق معىن. .6
الفصل الثاين :يف أقسام اجململ
جممل بني جمازاته ,وذالك إذا انتفت احلقيقة ,أي :ثبتت عدم جممل بني أفراد حقيقة واحدة معلومة ,واملراد فرد معني من جممل بني معانيه احلقيقة اليت وضع اللفظ لكل منها.
إرادهتا ,وتكافأت اجملازات ,أي :مل يرتجه بعضها على يعض. أفرادها ,مع عدم وجود قرينة على تعيني هذا الفرد املعني.
ِ
َْبُ ْوا بَ َق َرةً) .لفظ "َبر" يف قولنا :رأيت َبرا يف الفصل. ص َن ِبَنْ ُف ِس ِه َّن ثَ ٰلثَةَ لفظ "بقرة" يف قوله تعاىل( :ا َّن ٰٰ
اّللَ ََي ُْم ُرُك ْم اَ ْن تَذ َ رتبَّ ْ لفظ "قرء" يف قوله تعاىلَ ( :وال ُْمطَلَّ ٰق ُ
ت يَ ََ
ْۤ
أن لفظ "حبر" له جمزات منها :العامل والكرمي .ألن اجملزات البقرة67 : قُ ُرْو ٍۗء) .البقرة228 :
فإن لفظ "قرء" مرتدد بني الطهر و احليض ,ومل تكن قرينة على فإن لفظ "بقرة" موضوع حلقيقة واحدة ,وهلا أفراد ,واملراد واحد متساوية ليس هناك ما يرجح أحدمها على اآلخر ,فحكنا على
اللفظ ابإلمجال بينهما ,وال حيمل على واحد منها. منها معني. املراد.
الفصل الثالث :يف أسباب اإلمجال
تردد اللفظ بني جمازاته املتعددة املتساوية الرتدد يف مرجع الصفة الرتدد يف مرجع الضمي اإلسرتاك اللفظ
عند تعذر محله على حقيقته
ِ لفظ "قرء" يف قوله تعاىلَ ( :وال ُْمطَلَّ ٰق ُ
ْن َعلَيْ ُك ْم قولنا" :خالد طبيب ماهر" فيحتمل عود – قولنا" :رأيت َبرا يف الفصل" ت قال تعاىل( :فَ ُكل ُْوا ِمَّآ اَ ْم َ
سك َ
ماهر – إىل ذات خالد ,وحيتمل أن يعود إىل أن لفظ "حبر" له جمزات منها :العامل والكرمي. ي َرتبَّصن ِبَنْ ُف ِس ِه َّن ثَ ٰلثَةَ قُر ْۤو ٍۗء) .البقرة 228 :واذْ ُكروا اسم ِٰٰ
اّلل َعلَيْ ِه) .املائدة4 : َ ُ َْ ُْ ََ َْ
فإن لفظ "قرء" مرتدد بني الطهر و احليض ,فالضمري يف قوله "واذكروا" حيتمل عوده إىل وصفه املذكور وهو طبيب.
اإلمساك ,يعين مسوا إذا أدركتم ذكاته ,وحيتمل ومل تكن قرينة على املراد.
عوده إىل اإلرسال واألكل.
تردد الواو بني العطف واحلال إرادة فرد معني من أفراد احلقيقة ,مع عدم الوقف واإلبتداء العام إذا خص مبجهول
القرينة على التعيني
ِ ِ
اف هٰ
اّللُ َعْن ُك ْم َو َعل َم اَ ان َْبُ ْوا بَ َق َرًة) .قوله تعاىل( :اَلْه َن َخف َ كما يف قوله تعاىلَ (:وَما يَ ْعلَ ُم ََتْ ِويْلَهِ اال قوله تعاىل( :ا َّن ٰٰ
اّللَ ََي ُْم ُرُك ْم اَ ْن تَذ َ حنو" :اقتلوا املشركني إال بعضهم"
ۗ ِ
ض ْع ًفا) .األنفال66 :فْي ُك ْم َ البقرة67 : خ ْو َن ِِف الْعِْل ِم) .آل عمران7 : ِ
العام إذا خص مبجهول صار الباقي حمتمال هٰ
اّللُ َۘوالاراس ُ
خ ْو َن) مرتددة بني العطف فإن لفظ "بقرة" موضوع حلقيقة واحدة ,وهلا ألهنا لو كانت عاطفة أوهم أن علم هللا ِ
(والاراس ُ
فا "الواو" يف َ فكان جممال.
بضعفهم حدث اآلن. أفراد ,واملراد واحد منها معني. واإلبتداء ,وال شك أن املعىن خيتلف.
الفصل الرابع :ورود اجململ يف القرآن والسنة
ذهب مجهور العلماء إىل القول أبن إلمجال واقع يف الكتاب والسنة ,قال أبو بكر الصريايف رمحه هللا :النيب ﷺ عريب خباطب كما خياطب العرب ,والعرب جتمل كالمها ,مثا تفسره ,فيكون كالكلمة
واحدة.
فوائد ومصاجل اخلطاب بجململ
إن يف اإلمجال توطئة للنفس على قبول ما يتعقبه من البيان. .1
إذا ورد اجململ وورد بعده البيان ,اذداد شرف العبد بكثرة خماطبة سيده له. .2
امتحان العبد حىت يظهر تثبته وفحصه عن البيان فيعظم أجره ,أو اعراضه فيظهر ختلفه وعصيانه. .3
إن هللا تعاىل جعل من األحكام حليا ,وجعل منها خفيا ,ليتفاضل الناس يف العمل هبا ,وبثابوا على االستنباط هلا. .4
ابلتساعه قابال جملاراة املصاحل الزمنية ,وتنزيل حكمه على مقتضياهتا مبا ال خيرج عن أسس الشريعة ومقاصدها. .5
1
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
الفصل اخلامس:موقيف العلماء إزاء بقاء اجململ جممال بعد وفاته -ﷺ -
اتفق العلماء على أن اجململ يتوقف يف فهم املراد منه ,إىل أن أييت البيان من الشارع؛ ألنه هو الذي أمجله وأهبمه ,لكن هل جيوز أن يبقى اجململ على حاله بدون بيان بعد وفاته سيدان حممد ﷺ:
يفارق بني اجململ املتعلق َبكم التكليفي أم ال. جيوز بقاء اجململ بدون بيانه بعد وفاته -ﷺ - ال جيوز بقاء اجململ بعد وفاته -ﷺ -
إن كان اجململ يتعلق به حكم تكليفي ,استحال استمرار اإلمجال فيه؛ ألن أنه ال ميتنع اشتمال القرآن على جممالت اليعالم ْت لَ ُك ْم ِديْ نَ ُك ْم
وقد استدل بقوله تعاىل( :اَلْيَ ْوَم اَ ْك َمل ُ
ذلك جير إىل تكليف احملال ,ملا فيه من َتخري للبيان عن وقت احلاجة وهو معناها إال هللا؛ ألنه ال يرتتب على جواز ذلك حمال ِ
يت) .املائدة .5 :فاآلية بدل على ت َعل َْي ُك ْم ن ْع َم ِ ْ
َواَ ْْتَ ْم ُ
املمتنع.
عقال .فأصحاب هذا القول يقولون :أبه جائز عقال اكمال الشرائع واألحكام ,وهذا إشارة إىل أن كل شيء قد
وإن مل يتعلق به حكم تكليفي فال يبعد استمرار اإلمجال فيه ,واستئثار هللا بسر
وإن كان مل يقع ألن كل شيء قد بني قبل وفاته - بني للناس وفصل ,ولو جاز اشتمال القرآن على ألفاظ
فيه ,وليس يف العقل ما حيال ذلك ,ومل يرد الشرع مبا يناقضه( .قول املختار) ﷺ- جمملة بعج وفاته -ﷺ -لتطرق إليه وجوه من املطاعن.
الفصل السادس :يف مسائل اختلف يف كوهنا جمملة ,أو ليست مبجملة
املسألة الثانية :الكالم الذي يتوقف صدقه على اإلضمار املسألة األوىل :إضافة األحكام الشرعية إىل األعيان ,هل يوجب إمجاال أم ال؟
مثال ذلك :قوله تعاىلُ ( :ح ِٰرَم ْ
ت َعل َْي ُك ْم اَُّم ٰهتُ ُك ْم) أن حقيقة التحرمي يف هذه اآلية ،وهو حترمي مثاله :قوله -ﷺ " :-رفع عن أميت اخلطأ والنسيان " ،فالناظر يف هذا احلديث ،جيد أن
ذات األم ،غري مرادة هنا ،ألن التحرمي نوع من أنواع احلكم الشرعي التكليفي ،وهو ال يتعلق ظاهره يفيد رفع ذات اخلطأ والنسيان ،وهذا الظاهر غري مراد مطلقا؛ ألن نفس اخلطأ ،ونفس
إال ابألفعال .فالفعل الذي حيكم عليه ابحلل أو احلرمة -مثال -خبالف الذات ،فال حيكم النسيان واقعان يف األمة ،ومعلوم أن ما وقع ال ميكن أن يرتفع ،وعليه فال يصح محل اللفظ على
حقيقته ،وإال لزم الكذب يف اخلرب وهو مستحيل ؛ ألنه -ﷺ -صادق مصدوق .وقد اختلف عليها حبل أو حبرمة .وقد اختلف العلماء يف مثل هذا هل هو جممل أم ال ؟ على مذهبني:
العلماء يف هذا القول الكرمي ،هل هو جممل أم ال ؟ على مذهبني أيضا :
املذهب الثاين :أنه جممل املذهب األول :أنه ال إمجال فيه املذهب الثاين :يقتضي اإلمجال املذهب األول :ال إمجال فيه
إن رفع نفس اخلطأ ونفس النسيان ال يصح؛ إن حقيقة اللفظ ملا كانت غري مرادة ،تعني ملا استحال تعلق التحرمي ابألعيان ،وجب أن إن الذي يسبق إىل الفهم من قول القائل" هذه
ألنه واقع والواقع اليرتفع ،وعليه فال بد من احلمل على اجملاز ابإلضمار ووجدان للفظ يضمر يف الكالم مايصح أن يتعلق به التحرمي املرأة حرام " هو حترمي وطئها :وتبادر الفهم
تقدير شيء ،وهو مرتدد بني أمور ال حاجة جمازين :أحدمها :إمث اخلطأ .والثاين :حكم ،وإذا تعني اإلضمار :فإما أن يضمر اجلميع دليل احلقيقة ،وعليه فاملفهوم من قوله تعاىل
إىل مجيعها؛ ألن اإلضمار على خالف اخلطأ .وملا كان إمث اخلطأ أظهر عرفا لتبادره إىل
،وهو ابطل ؛ ألن اإلضمار على خالف ( ُح ِٰرَم ْ
ت َعلَيْ ُك ْم اَُّم ٰهتُ ُك ْم) ،هو حترمي الوطء؛
األصل ،فال يضمر إال بقدر ما تدعو احلاجة، الذهن ،ترجح على اجملاز اآلخر.
األصل ،فال يضمر إال بقدر ما تدعو إليه ألنه أعظم ما يقصد من النساء.
أو الضرورة إليه ،والضرورة ال تدعو إال إىل ما الضرورة ،والضرورة ال تدعو إال إىل ما ال يتم وما ذهب إليه اجلمهور هو الراجح ملا قالوه. وواضح أن مذهب اجلمهور هنا هو الراجح؛
ال يتم الكالم إال به ،وال تدعو إىل اجلميع، الكالم إال به ،وال تدعو إىل اجلميع وعليه فال ألن اجملازات الكثرية يرجح منها ما يكون أعظم
فال يضمر اجلميع وإمنا يضمر البعض .وهذا يضمر اجلميع ،وإمنا يضمر البعض .وهذا مقصودا ،وكالم املانعني يكون صوااب لو كانت
البعض املضمر ،إما معني أو غري معني .واألول البعض املضمر :إما معني ،أو غري معني . اجملازات كلها متساوية ،مل يرتجح واحد منها
ابطل؛ ألنه ترجيح بال مرجح .وإذا بطل أن وإذا بطل أن يكون الفعل املضمر معينا ، على األخر ،وال شك أن األعظم مقصودا يف
يكون الفعل املضمر معيا ،وجب أن يكون وجب أن يكون غري معني ،وحينئذ يكون هذه اآلية هو حترمي الوطء واالستمتاع.
غري معني ،وحينئذ يكون اللفظ جممال. اللفظ جممال وهو املطلوب.
املسألة الرابعة :اللفظ إذا كان حيتمل معنيني املسألة الثاثة :دخول النفي على احلقائق الشرعية
مثال ذلك :قوله -ﷺ " :-ال صالة ملن مل يقرأ بفاحتة الكتاب " وقد اختلف العلماء فيه قوله -ﷺ " :-ال ينكح احملرم وال ينكح " وذلك بناء على أن النكاح مشرتك بني العقد
والوطء .فإنه إن محل على الوطء استفيد منه معىن واحد ،وهو أن احملرم ال يطأ وال يوطأ ،ويوطأ على مذهبني:
أي :ال ميكن غريه من وطئه .وإن محل على العقد استفيد منه معنيان ،بينهما قدر مشرتك وهو
أن احملرم ال يعقد لنفسه وال لغريه.
القول الثالث :بلتفصيل القول الثاين :أنه جممل القول األول :ليس مبجمل املذهب الثاين :أنه من قبيل اجململ املذهب األول :أنه ال إمجال فيه
إن كان املعىن الواحد أحد وال يصح جعل تكثري الفائدة أن الكالم إمنا وضع لإلفادة، نفي الذات هنا غري مراد؛ وملا كان للفظ أنه من قبيل اجململ فال حيمل على شيء إال
املعنيني عمل به جزما؛ مرجحا وال رافعا لإلمجال فإن والسيما كالم الشارع ،وال الداخل على احلقيقة الشرعية جمازان مها :نفي بدليل .وقد اختلف هؤالء يف تقرير اإلمجال
لوجوده يف االستعمالني، أكثر األلفاظ ليس هلا ال معىن خيفي أن ما يفيد معنيني أكثر الصحة ,ونفي الكمال .وكان نفي الصحة على ثالثة وجوه :األول :أنه ظاهر يف نفي
ويوقف األخر للرتدد فيه ،أما
واحد ،فليس احلمل على كثرة يف الفائدة ،فيجب اعتقاد أقرب إىل نفي احلقيقة ،على أساس أن نفي الوجود وهو ال ميكن؛ ألنه واقع قطعا فاقتضى
إذا مل يكن أحد املعنيني كانالفائدة أبوىل من احلمل على كون اللفظ ظاهرا فيه. احلقيقة يقتضي نفي مجيع يقتضي كذلك نفي ذلك اإلمجال .الثاين :أنه ظاهر يف نفي الوجود
املعىن الواحد ،هلذه الكثرة اليت اللفظ جممال( .الراجح) ابقي الصفات ،فيصبح وجود الفعل مثل عدم ،ونفي احلكم ،فصار جممال .الثالث :أنه
ال خالف فيها. وجوده ،كان هو اجملاز الصفات ،ونفي الصحة مرتدد بني نفي اجلواز ،ونفي الوجوب ،فصار
جممال. الراجح( .الراجح)
2
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
املسألة السادسة :فيما إذا ورد لفظ الشارع وله مسمى لغوي ,ومسمى شرعي ,وأمكن محله املسألة اخلامسة :اللفظ الدائر بني إفادة حكم شرعي ,وإفادة وضع لغوي
على كل منهما وال قرينة تعني املراد.
قال رسول هللا -ﷺ " :-الطواف بلبيت صالة إال أن هللا أحل فيه املنطق ،فمن نطق فيه قوله -ﷺ " :-توضئوا ِما مست النار " .فإته حيتمل أن يكون -ﷺ -أراد ابلوصوء هنا
الوضوء الشرعي ,وحيتمل أيضا الوضوء اللغوي الذي هو غسل الكفني فقط. فال ينطق إال خبي " .فهذا احلديث الشريف ،حيتمل أن يكون إخبارا أبن الطواف ابلبيت يف
اللغة يسمى صالة ؛ ألن الصالة يف اللغة هي الدعاء ،ومن مث مسي الطواف صالة ملا فيه من
الدعاء ،وحيتمل أن يكون إخبارا منه أبنه كالصالة يف األحكام ،مبعىن أن حكمه حكم الصالة
يف الطهارة ،والنية وسرت العورة ...إخل
التفصيل التفصيل أنه جممل ليس فيها إمجال القول الثاين :أنه ليس مبجمل القول األول :أنه جممل
إن وقع اللفظ يف إن وقع اللفظ يف تردد اللفظ بني حممولة على املعاين أنه جممل لرتدده بني االحتمالني من غري مزية أن النيب -ﷺ -بعث لتعريف األحكام
اإلثبات محل على اإلثبات محل على اإلحتملني :الشرعي الشرعية هلا ,ألن - الشرعية اليت ال تعرف إال من جهته -ﷺ - ،وهذا القول للغزايل رمحه هللا.
املعاين الشرعي ,أما املعاين الشرعي ,أما واللغوي ,وال مرجح ﷺ -مبعوث لبيان ,ومل يبعث لتعريف ما هو معروف ألهل اللغة,
إن وقع يف جانب إن وقع يف النهي أو على ألحدمها الشرعيات ,ال لبيان وعليه فيجب محل اللفظ على احلكم الشرعي,
النهي محل على النفي فيحكم عليه اآلخر. املعاين اللعوي. ملا فيه من موافقة مقصود البعثة.
املعىن اللغي. ابإلمجال.
املسألة الثامنة :اختلف العماء يف قوله تعاىل( :والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) هل هو املسألة السابعة :اختلف العماء يف قوله تعاىل( :وامسحوا برؤوسكم) هل هو جممل أم مبني؟
جممل أم مبني؟
ال إمجال يف اآلية إنه جممل يف القطع واليد ليس يف اآلية إمجاال أنه جممل
إن القطع موضوع حقيقة يف اإلابنة فقط, أن لفظ الرأس يف األية حمتمل للكل ,وحمتمل فريق يرى أنه مبني يف الكل يقول :إن اللفظ إن لفظ "القطع" يطلق على اإلابنة واالنفصال
وهذه اإلابنة تطلق على -1 :إابنة بعض للبعض ,واإلحتماالن متساواين ,وليس بوضع حكم اللغة ظاهر يف مسح مجيع ويطلق أيضا على اجلرح والشق .و لفظ "اليد"
األجزاء اللحم عن بعض ,وهو اجلرح والشق. تطلق على اليد كلها من رؤوس األصابع إىل أحدمها أوىل من اآلخر ,فكان جممال ,ومن مث الرأسح؛ ألن الباء حقيقة يف اإللصاق.
-2إابنة بعض األجزاء اجلسم عن بعض. فريق يرى أنه مبني يف البعض يقول :أن الباء املنكب أو بعضها من رؤوس األصابع إىل وجب التوقف حىت أييت البيان.
فاجلرح والشق نوع من اإلابنة ,وبذلك يتضح املرفق أو الكوع. ليس لإللصاق ,بل للتبعيض.
أن القطع غري جممل. واألصل يف االستعمال احلقيقة ,وال توجد قرينة
تبني املراد ,كان اللفظ جممال.
3
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
الباب الثاني
في تعريف البيان ,وما يقع به ,ومن يكون له البيان
الفصل األول :يف تعريف البيان
البيان يف اللغة :اإلظهار .وأما يف االصطالح :فلم تتفق كلمة األصوليني على تعريف واحد له ,ألنه يطلق على كل واحد من أمور الثالثة التالية -1 :فعل املبني ,وهو اإلعالم والتبيني -2 .ما
حيصل به اإلعالم ,وهو الدليل -3 .متعلق اإلعالم وحمله ,وهو العلم احلاصل عن الدليل.
قال الصييف :البيان هو إخراج الشيء من حيز اإلشكال قال القاضي أبو بكر الباقيالين ,وإمام احلرمني ,والغزايل ,قال أبو بكر الدقاق ,و أبو عبد هللا البصري :البيان هو
والرازي ,واآلمدي :البيان هو الدليل الذي حصل به اإليضاح العلم احلاصل من الدليل. إىل حيز الوضوح والتجلي.
و يتضح لنا أن تعريف القاضي أيب بكر الباقالين هو أحسن ,مث تعريف الصيايف ,فيصح إطالق البيان على الدليل الذي زال به اإلمجال ,كما يصح إطالقه على فعل املبني.
الفصل الثاين :مايقع به البيان
ابإلمجاع والقياس البيان ابلرتك البيان ابلتقرير البيان ابملفهوم البيان ابلتنبيه البيان ابإلشارة البيان ابلكتابة البيان ابلفعل البيان ابلقول
املبحث األول :البيان بلقول
املراد بلبيان بلقول :أن يقول املتكلم ,أو من علم مراد املتكلم ,ألن القول ملا كان بينا يف نفسه جاز أن يبني غريه .والبيان ابلقول اترة يكون من هللا و من الرسول -ﷺ :-
اثنيا :بيان النيب -ﷺ - أوال :البيان من هللا تعاىل
س ُّر ال ٰنٰ ِظ ِريْ َن) البقرة ,69 :عن ابن عمر رضي هللا عنهما عن النيب -ﷺ :-سئل عن السبيل إىل احلج؟ فقال " :الزاد والراحلة " فهذا القول الكرمي قال هللا تعاىلَّ ِ ْۤ َ ( :
ص ْف َراءُ فَاق ٌع ل ْو ُهنَا تَ ُ
َاع اِلَيْ ِه َسبِيْ ًل ) آل عمران .97 :وهو بيان بلفطني مفردين. َّاس ِح ُّج الْب يْ ِ
ت َم ِن ْ
استَط َ َ
َْبوا ب َقرةً) البقرة .67 :بيان لقوله تعاىل ( :وِِٰٰ
ّلل َعلَى الن ِ َ فإنه بيان لقوله( :اِ َّن ٰٰ
اّللَ ََي ُْم ُرُك ْم اَ ْن تَذ َُ ْ َ َ
أنواع البيان يف القرآن الكرمي
بيان مفهوم مبفهوم بيان منطوق مبفهوم بيان مفهوم مبنطوق بيان منطوق مبنطوق
ِ ِ ن ِ
ٰت ِم َن الَّ ِذيْ َن اُْوتُوا
صن ُ
كقوله تعاىلَ ( :وال ُْم ْح َ َّم ) قوله تعاىلُ ( :ح ِٰرَم ْ
ت َعل َْي ُك ُم ال َْميْ تَةُ َوالد ُ ني ) قوله تعاىل ( :ا َّال َما يُتْ ٰلى َعل َْي ُك ْم ) املائدة :كبيان مفهوم قوله تعاىلُ ( :ه ًدى لٰل ُ
ْمتَّق َْ
ٰب ِم ْن قَ بْ ِل ُك ْم ) املائدة .5 :على القول ِ
الْكت َ املائدة ,3 :مبفهوم قوله تعاىل ( :اَ ْو َد ًما ت َعل َْي ُك ُم ال َْميْ تَةُ ) البقرة ,2 :مبنطوق قوله سبحانهَ ( :والَّ ِذيْ َن َال
,1بقوله سبحانهُ ( :ح ِٰرَم ْ
أبن املراد ابحملصنات احلرائر كما روي عن َّم ْس ُف ْو ًحا ) األنعام .145 :حيث يدل يف ٰاذَاهنِِ ْم َوق ٌْر َّو ُه َو َعل َْي ِه ْم َع ًم ٍۗى )
يُ ْؤِمنُ ْو َن ِ ْٓ املائدة.3 :
ِ
ني ا َّال ِ ِ ٰ
جماهد ,فإنه يدل مبفهومه على أن األمة مبفهومه املخالف على أن غري مسفوح ليس فصلت ,44 :وقولهَ ( :وَال يَ ِزيْ ُد الظٰلم َْ
الكتابية ال جيوز نكاحها. كذلك ,فبني هذا املفهوم أن املراد ابلدم يف ارا ) اآلسراء82 : سً َخ َ
اآلية األوىل غري املسفوح.
املبحث الثاين :البيان بلفعل
املطلب األول :املراد بلبيان بلفعل ,وأقوال العلماء فيه
املراد بلبيان بلفعل :أن يكون فعل الرسول -ﷺ -مبينا اجململ ورد يف القرآن الكرمي ،أو السنة املطهرة.
أقوال العلماء يف البيان بلفعل :اتفق العلماء على أنه -ﷺ -إذا علق البيان بفعله ،أبن قال :القصد مبا كلفتم به من هذه اآلية ما أفعله ،مث فعله ،فال خالف يف أن هذا الفعل يكون بياان.
وإمنا اخلالف بينهم فيما إذا مل يعلق البيان بفعله .وقد اختلف العلماء يف ذلك على قولني :
القول الثاين :ال جيوز البيان ابلفعل. القول األول :جيوز البيان ابلفعل ،فالبيان يقع به كما يقع ابلقول.
َّاس َما نُ ِٰز َل اِل َْي ِه ْم ) النحل .44 :والتبيني يف اآلية عام يشمل القول أن الفعل وإن كان مشاهدا ،إال أن البيان به أطول من البيان ابلقول ،فلو
ني لِلن ِ قال هللا تعاىل ( :واَنْزلْنَآ اِلَي َ ِ ِ
ك ال ٰذ ْك َر لتُ بَِٰ َ َ َ ْ
والفعل .و أن النيب -ﷺ -بني الصالة بفعله ،وقال " :صلوا كما رأيتموين أصلي " ،فتكون صالته -ﷺ -بني اجململ به للزم من ذلك َتخري البيان مع إمكان تعجيله ابلقول ،ومن
مث فال جيوز البيان به. بياان لقوله تعاىل ( :وأقيموا الصالة ) البقرة ( .43 :الراجح)
املطلب الثاين :املعرف لبيان الفعل أبحد طريقني
الثاين :قرائن األحوال األول :أن يفعل -ﷺ -فعال ,فيقول إنه بياان لكذا.
كقوله -ﷺ -بعد إحدى صلواته " :صلوا كما رأيتموين أصلي " ,وقوله يف حجه الوداع " :إذا ورد خطاب جممل ,مل يبينه -ﷺ -بقوله إىل وقت احلاجة ,مث فعل عند احلاجة فعال صاحلا
للبيان ,فإن فعله هذا يكون بياان لذلك اجململ؛ ألنه إذا مل يكن بياان يلزم عليه َتخري البيان عن لتأخذوا عين مناسككم ".
الصلوةَ ) ,كما أن وقت احلاجة ,وذلك حمال عقال عند بعض العلماء, ٰ ِ
فاحلديث األول يفيد أن صالته -ﷺ -بياان لقوله تعاىلَ ( :واَق ْي ُموا َّ
َّاس ح ُّج ومن أمثلة ذلك :قطعه -ﷺ -يد السارق من الكوع ,فإنه بياان حململ القطع يف قو له تعاىل: ِ احلديث الثاين يدل على أن أفعاله يف حجته بيان و شرح لقوله تعاىل ( :وِِٰٰ
ّلل َعلَى الن ِ َ
السا ِرقَةُ فَاقْطَعُ ْوٓا اَيْ ِديَ ُه َما ) املائدة.38 :
السا ِر ُق َو َّ
( َو َّ َاع اِل َْي ِه َسبِْي ًل ). الْب ْي ِ
ت َم ِن ْ
استَط َ َ
املطلب الثالث :إجتماع البيان القويل والفعلي يف حمل واحد
اتفق العلماء مجيعا على أن القول عند انفراده يكون بياائ للمجمل ،وكذلك الفعل عند مجهور العلماء خالفا أليب إسحاق اإلسفراييين ،وأيب احلسن الكرخي ،كما تقدم .
4
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
أما إذا ورد القول والفعل بعد جممل ،وكان كل منهما صاحلا للبيان ففي هذه احلالة ننظر :فإما أن يتفقا يف احلكم ،أو خيتلفا فيه.
القول والفعل مل يتفقا يف احلكم ،أبن كان ما يفيده القول خيالف ما يفيده الفعل فإن اتفقا يف احلكم ننظر:
َّاس ِح ُّج الْب ْي ِ
ت َم ِن مثل أن يقول رسول هللا -ﷺ -بعد نزول قوله تعاىل ( :وِِٰٰ
ّلل َعلَى الن ِ .1فإن علم أن أحدمها بعينه متقدم ،واآلخر بعينه متأخر ،كان املتقدم املعني هو املبني
َ َ
َاع اِل َْي ِه َسبِْي ًل ) آل عمران .97 :من قرن احلج إىل العمرة فليطف هلما طوافا واحدا ،
استَط َ
ْ للمجمل ،سواء أكان املتقدم قوة أم فعال ،ويكون املتأخر مؤكدا له.
وليسع هلما سعيا واحدا ،مث يقرن احلج إىل العمرة ،ويطوف طوافني ويسعى سعيني . .2إن علم أن أحدمها ال بعينه متقدم ،واآلخر ال بعينه متأخر ،يكون املتقدم هو املبني ،
فالقول يدل على أن املشروع للقارن طواف واحد ،وسعي واحد ،والفعل يدل على أن 1
ويكون املتأخر مؤكدا له.
املشروع يف حقه طوافان وسعيان ،فكاان خمتلفني يف احلكم .وقد اختلف العلماء يف املبني .3أما إذا مل يعلم تقدم أحدمها وَتخر األخر ،فإن القول حينئذ يكون هو املبني دون الفعل،
منهما على ثالثة أقوال: ألن القول يستقل يف إفادته البيان ،خبالف الفعل ،فإنه ال يعرف كونه مبينا إال بواحد
القول األول :املبني هو القول ،سواء علم تقدمه ،وَتخر الفعل ،أو العكس ،أو مل يعلم من ثالثة أمور هي:
شيء من ذلك. األول :قصده -ﷺ -البيان ابلفعل .ويعلم ذلك القصد ابلضرورة.
الدليل :أن القول أظهر وأدل يف تعيني املراد؛ ألن الفعل قد يشتمل على الزوائد من الثاين :أن يقول بعد الفعل هذا الفعل مبني للمجمل.
املندوابت ،والفعل الزائد حيتمل أن يكون مما اختص به الرسول -ﷺ -على وجه الندب الثالث :ابلدليل العقلي :وذلك أبن يذكر رسول هللا -ﷺ -اجململ يف وقت احلاجة
أو الوجوب ،وكذا حال نقصان الفعل عن القول حيتمل أن يكون من ابب التخفيف يف إىل العمل ،مث يفعل فعال يصلح أن يكون مبينا لذلك اجململ ،وال يفعل شيئا بعد ذلك،
حقه -ﷺ ( -القول الراجح) فإن هذا الفعل يكون هو املبني لذلك اجململ؛ إذ لو مل جيعل مبينا له لتأخر البيان عن وقت
القول الثاين :املبني هو املتقدم إن علم ،سواء أكان قوال أم فعال. احلاجة ،وَتخر البيان عن وقت احلاجة ال جيوز.
وعند عدم العلم جيعل القول هو املبني لرجحانه ؛ حيث إنه ال يفتقر يف إفادته البيان إىل
غريه ،خبالف الفعل فإنه يفتقر إىل واحد من األمور الثالثة السابقة
القول الثالث :إن علم تقدم القول على الفعل ،كان القول مبينا .وإن علم تقدم الفعل،
كان الفعل مبينا للمجمل يف حقه حقه -ﷺ -دون األمة.
إن علم تقدم القول على الفعل ،كان القول مبيئا ،وكان الفعل داال على استحباب
الطواف الثاين -يف املثال السابق .وإن علم تقدم الفعل ،كان الفعل مبينا للمجمل يف
حقه حقه -ﷺ -دون األمة ،وكان القول مبيئا يف حق األمة ،وبذلك جيب على
القارن األمة طواف واحد ،وسعي واحد ،وجيب طوافان وسعيان يف حقه.
ويف ذلك عمل ابلدليلني -القول والفعل -واجلمع بني الدليلني أرجح من العمل أبحدمها
وترك اآلخر ؛ ألن األصل يف األدلة هو اإلعمال ال اإلمهال .
املبحث الثالث :البيان بلكتابة
اتفق العلماء على أن الكتابة يقع هبا البيان .واخلالف بينهم إمنا هو يف كوهنا من قبيل البيان ابلقول ،أو الفعل ،أو هي قسيم هلما ؟ فذهب بعضهم إىل أهنا من قبيل القول ابعتبارها أمارة على
الكالم .وذهب بعضهم إىل أهنا من قبيل الفعل ،ابعتبار فعل الكتابة نفسه وجعلها بعض العلماء قسيما لكل منهما .والكتابة يقع هبا البيان من هللا تعاىل ،فقد بني ملالئكته مبا كتبه يف اللوح
احملفوظ ،كما بني -ﷺ -بكتابته الكثري من األحكام الشرعية ،ومن ذلك مايلي:
كتابه -ﷺ -الذي كتبه أليب بكر الصديق يف الصدقات ،وقد كتبه أبو بكر بعد رسول هللا -ﷺ -ألنس بن مالك حني وجهه إىل البحرين.
املبحث الرابع :البيان بإلشارة
اإلشارة :هي التلويح بشيء يفهم منه النطق .فهي ترادف النطق يف فهم املعىن ،وعند إطالقها تكون حقيقة احلسية ،وتقوم مقام العبارة إذا كانت معهودة ،وذلك كما يف األخرس .وقد وقع
البيان ابإلشارة من الرسول -ﷺ -يف مواطن كثرية ،منها:
عن ابن عمر رضي هللا عنهما قال :مسعت رسول هللا -ﷺ -يقول " :الشهر هكذا وهكذا وهكذا " وقبض إهبامه يف الثالثة .ويف رواية عنه أيضا " :الشهر هكذا وهكذا وهكذا " يعين متام
ثالثني .فالرواية األوىل أفادت أن الشهر قد يكون تسعة وعشرين يوما ،كما أفادت الرواية الثانية أن الشهر قد يكون ثالثني يوما .وهذه اإلفادة حصلت إبشارته -ﷺ .-
املبحث اخلامس :البيان بلتنبيه على احلكم من غي نص
املراد به :املعاين والعلل اليت نبه هبا على بيان األحكام.
قال عمر بن اخلطاب :هششت ،فقبلت وأان صائم ،فقلت :اي رسول هللا ،صنعت اليوم أمرا عظيما ،قبلت وأان صائم ،قال " :أرأيت لو مضمضت من املاء وأنت صائم ؟ " قلت :ال أبس،
قال " :فمه"
ويف هذا احلديث الشريف فقه بديع ،وهو أن املضمضة ال تفسد الصوم ،وهي أول الشرب ومفتاحه ،فكذلك القبلة ال تفسده ،وهي من دواعي اجلماع ،وأوائله اليت تكون مفتاحا له.
1
Belum diketahui secara pasti mana di antara al-qoul atau al-fi’il yang mutaqodim, namun diantara keduanya sudah bisa dipastikan bahwa ada yang mutaqodim. Dalam kasus ini jumhur ulama
memilih tawaquf dengan tidak menentukan mana yang Mubayan li al-Mujmal dan mana yang Mu’akidan li al-Mujmal. Pendapat ini berbeda dengan pendapat imam Amidi yang memakai kaidah
tarjih; dimana menjadikan Marjuh sebagai Mubayan dan Rojih sebagai Muakidnya.
5
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
2
Saimah: adalah binatang ternak yang digembalakan pada sebagian besar hari dalam setahun. Maksudnya, sepanjang tahun binatang ternak tersebut diberi makan dengan cara digembalakan
dilahan umum atau lahan sendiri, tidak dengan dicarikan rumput. Ma’lufah: adalah binatang ternak yang tidak digembalakan, akan tetapi diberi makan sendiri.
6
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
األول :أن يراد منه فهم اخلطاب والعمل مبقتضاه ،كآية الصالة الثاين :أن يراد الفهم دون عمل الفاهم ،بل عمل الثالث :أال يراد منه الفهم ،وال الرابع :أن يراد منه العمل مبقتضاه
ابلنسبة إىل العلماء ،فإهنم يكلفون بفهم املراد هبا ،وهو غري غريه بتعليمه إايه ،كآية احليض ابلنسبة للعلماء ،العمل به ككتب األنبياء السابقني دون فهمه ،كآية احليض ابلنسبة
للنساء. ابلنسبة إلينا. فهم خماطبون بفهم اخلطاب فقط. مدلوهلا اللغوي والعمل مبقتضاه.
تنبيهان:
.1ال يشرتط يف البيان أن يعلمه مجيع املكلفني املوجودين يف وقته ،بل جيوز أن يكون بعضهم جاهال به .ودليل ذلك الوقوع :فقد جاءت السيدة فاطمة الزهراء ،رضي هللا عنها أاب بكر تطلب
مرياثها من النيب -ﷺ -متمسكة بعموم قوله تعاىل :يوصيكم هللا يف أوالدكمه ( النساء ، ) 11 :ومل تعلم أنه -ﷺ -بني أن هذا العموم ال يتناول األنبياء صلوات هللا وسالمه عليهم
حيث خص بقوله -ﷺ " :-إان ال نورث ما تركناه صدقة ".
.2جيوز أن يتقدم املبني على اجململ ،وجيوز أن يرد مقرتان ومرتبا.
الباب الثالث
في أنواع البيان
بيان التبديل بيان الضرورة بيان التغيري بيان التفسري بيان التقرير
ْتهيد :يف موقف األصوليني من أنواع البيان
مل تتفق كلمة األصوليني على أنواع البيان ،بل وجدانهم يتفقون على بعضها وخيتلفون يف البعض اآلخر.
فأكثر احلنفية على أن أنواع البيان مخسة :بيان التقرير ،وبيان وذهب أبو زيد الدبوسي إىل أهنا أربعة فقط ،حيث مل يذكر ويرى ابن حزم الظاهري أن البيان ثالثة أنواع :بيان التوكيد،
وبيان التخصيص ،وبيان االستثناء التفسري ،وبيان التغيري ،وبيان الضرورة وبيان التبديل (الراجح) بيان الضرورة ومل يعدها من البيان
الفصل األول :بيان التقرير
بيان التقرير :هو توكيد الكالم املعلوم املعىن مبا يقطع احتمال اجملاز إن كان املؤكد حقيقة ،أو احتمال اخلصوص إن كان املؤكد عاما .وبعبارة أخرى :أن يكون معىن اللفظ ظاهرا ،لكنه حيتمل غريه:
أبن يكون اللفظ حقيقة حيتمل اجملاز ،أو عاما حيتمل التخصيص.
الذي هو توكيد الكالم مبا يقطع احتمال اخلصوص الذي هو توكيد الكالم مبا يقطع احتمال اجملاز
قال تعاىل :وما من دابة يف األرض وال طائر يطي جبناحيه إال أمم أمثالكم (األنعام .)38 :فلفظ (طائر) يف اآلية حيتمل قوله تعاىل :فسجد املالئة َّلم أمجعون .فلفظ املالئكة مجع عام
أن يكون مستعمال يف غري حقيقته استعماال جمازا ،ذلك أن العرب قد استعملت الطريان لغري الطائر .وحيتمل أن يكون شامل جلميع املالئكة ،وحيتمل اخلصوص أبن يراد به بعضهم
املراد ابلطري حقيقته ،فإن الطريان يكون ابجلناح حقيقة ،لكن قوله تعاىل ( :يطي جبناحيها ) قطع االحتمال األول ،وهو فقطع هذا االحتمال بقوله كلهم أمجعون فالتأكيد مانع من
التخصيص مقرر معىن العموم. احتمال اجملاز ،وأكد االحتمال الثاين وهو احلقيقة ،فكان بيان تقرير املوجب احلقيقة ،وقطعا الحتمال اجملاز.
ومن نظائر بيان التقرير من الفروع الفقهية :إذا قال الرجل لزوجه :أنت طالق ،مث قال :قصدت املعنی الشرعي الذي هو حلت قيد النكاح فهو بيان تقرير للحكم الثابت بظاهر الكالم ،حيث
إن الطالق يف األصل غري خمتص برفع قيد النكاح ،بل هو رفع القيد مطلقا ،مث صار خمتصا برفع قيد النكاح شرعا وعرفا فصار حقيقة شرعية ،واحتمل رفع كل قيد ابعتبار الوضع.
فائداتن:
.1وهو النص اجللي الذي ال يتطرق إليه َتويل ،كقوله تعاىل :فصيام ثالثة أايم يف احلج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة (البقرة .)196 :قال الزجاج :ملا جاز أن يتوهم متوهم التخيري بني
ثالثة أايم ،أو سبعة إذا رجع بدال منها -ألنه مل يقل :وسبعة أخري -أذيل ذلك ابجلملة من قوله( :تلك عشر) ،مث قال( :كامله)
.2هذا النوع من البيان جييء موصوط ومفصوال؛ ألنه مقرر للحكم الثابت بظاهر الكالم ،فال يضيف له معىن جديدا ،فيتغري به مفهوم الكالم يف حال الوصل أو الرتاخي.
الفصل الثاين :بيان التفسي
بيان التفسري :هو توضيح الكالم مبا يرفع اخلفاء .أو هو :بيان ما فيه خفاء من اجململ واملشرتك واملشكل واخلفي.
اخلفي ملشكل املشرتك اجململ
هو اللفظ الذي خفي املراد منه َبيث ال ْيكن إدراكه هو :اللفظ الذي يدل على معناه داللة ظاهرة ،ولكن يف لفظ" :الصالة" يف قوله تعاىل :هو اللفظ الذي وضع
وأقيموا الصالة (البقرة )43 :ملعنيني خمتلفني أو معان إال بالجتهاد والبحث فيما حييط به من القرائن انطباق معناه على بعض األفراد نوع غموض وخفاء حتتاج إزالته
إىل نظر وأتمل ،فيعترب اللفظ خفيا بلنسبة إىل هذا البعض. واألدلة. يف اللغة :الدعاء ،ومل يعلم أي خمتلفة أبوضاع متعددة.
كقوله تعاىل :نساؤكم حرث لكم فأتوا خزئة أي مث لفظ" :السارق" يف قوله تعاىل :والسارق والسارقة فاقطعوا دعاء يراد؟ فاستفسران ،فبينها كلفظ" :الصوم" يف قوله -
(البقرة )۲۲۳ :فأشكل املراد هبا هنا :أهي مبعىن أيديهما (املائدة)38 :؛ فهذا النص الكرمي معناه واضح .ومن -ﷺ -بياان شافيا من أوهلا ﷺ " :-من نسي وهو
(كيف)؟ فتكون اآلية دالة على إابحة املخالطة أبي أفراد السارق :النباش؛ من يسرق األكفان من القبور .الطرار؛ إىل آخره أبقواله وأفعاله .مث صائم فأكل أو شرب فليتم
كيفية .أم هي مبعىن (من أين) فتكون اآلية دالة على من يسرق الناس يف يقظتهم بقطع احلوافظ واجليوب .وقد عرض طلبنا معرفة ما تشتمل عليه صومه فإمنا أطعمه هللا
إابحة خمالطة الزوجة يف أي موضع يشاؤه الزوج .أم هي هلذين الفردين عارض جعل اللفظ خفيا ابلنسبة إليهما وحيتاج الصالة ،فوجدانها مشتملة وسقاه " فإنه مشرتك بني
7
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
إدراك أهنما من أفراد السارق إىل شيء من النظر والتأمل .فقد مبعىن (متی) أي :يف أي وقت يريده الزوج حىت ولو املعىن اللغوي وهو مطلق على :القيام والركوع والسجود
اتفقوا العلماء على أن الطرار يطلق عليه اسم السارق لكن اختلفوا كانت حمرمة أو صائمة ،أو حائضا .فلما َتملنا يف اآلية اإلمساك ،واملعىن الشرعي والقعود وغريها ،ووجدان أن
يف النباش .منهم من ال يطلق عليه اسم السارق وال أيخذ حكم ونظران إىل كلمة (حرثكم) علمنا أهنا مبعنی كيف؟ ألن وهو اإلمساك ومن عن مجيع بعض ما تشتمل عليه الصالة
القطع بل يعزره احلاكم .واآلخر ذهب إىل اعترب النباس سارقا, احلرث هو موضع طلب الولد ،والسبيل اآلخر ليس حمال املفطرات من طلوع الفجر فرض ،والبعض اآلخر سنة،
ألن أخذ أكفان املوتی نوع من السرقة ،والقرب يعترب حرا ابلنسبة لذلك .ويؤيد كوهنا مبعىن (كيف) :سبب النزول؛ حيث إىل غروب الشمس ،فيتعني وبذا اتضح لنا لفظ" :الصالة"
للكفن ,فالكفن مال على حكم ملك امليت ،وله مطالب من إن اليهود كانوا يقولون من أيت املرأة من دبرها يف قبلها املعىن الثاين -الشرعي- وصار مفسرا بعد أن كان
جهة العباد وهم أولياء امليت. جاء الولد أحول ،فأنزل هللا تعاىل اآلية لتكذيب قوهلم. لورود اللفظ يف نص شرعي. جممال".
الفصل الثالث :يف بيان التغيي
بيان التغيي :هو ما يغري الكالم عن املعىن احلقيقي الظاهر ,وهذا النوع من البيان يكون ابملستقل وبغري املستقل.
املستقل :واملراد به :الكالم املبتدأ املفيد بنفسه الذي ال تتوقف إفادته على تعلقه بصدر الكالم غي املستقل :وهو الذي ال يكون مفيدا بنفسه وإمنا تتوقف إفادته على تعلقه بصدر الكالم.
ومن أمثلته :قال هللا تعاىل :وأحل هللا البيع وحرم الرب (البقرة ،)275 :فإن لفظ :البيع عام وهو مخسة أشياء :االستثناء ،والشرط ،والصفة ،والغاية ،وبدل البعض من الكل.
يشمل مجيع املبادالت املالية ،سواء أكانت ربوية أم غري ربوية ،وقد خص منه الراب بكالم
مستقل وهو قوله تعاىل :وحرم الرب.
الفصل الرابع :يف بيان الضرورة
بيان الضرورة :هو نوع من التوضيح يقع بسبب الضرورة؛ أو هو إظهار املراد مبا مل يوضع للبيان .وهو أربعة أنواع:
ما ثبت ضرورة اختصار الكالم البيان لضرورة دفع الغرر ،والضرر البيان بداللة حال املتكلم البيان بداللة املنطوق
مثاله قول القائل :لفالن علي مائة هو السكوت الذي يعترب كالداللة منعا للغرر وهو أن يسكت من عليه البيان على أمر لو ويتحقق فيما إذا دل اللفظ املنطوق به على حكم
ودرهم .فاحلنفية يقولون :إن العطف هنا والضرر. كان يريد خالفه البينه. املسكوت عنه ،لكون املسكوت الزما للمنطوق.
بيان للمائة أبهنا من جنس املعطوف وهو ومثاله :سكوت الويل حني يرى حمجوره يبيع وذلك كسكوته -ﷺ -على عدم األذان ومن أمثلته :قال تعاىل :فإن مل يكن له ولد وورثة
الدرهم ،فكأنه قال :لفالن علي مائة ويشرتي فإن سكوته حينئذ حيمل على أنه أذن واإلقامة الصالة العيد ،وعلى عدم إخراج أبواه فألمه الثلث (النساء ،)11 :فإن صدر
درهم ودرهم وإمنا حذف لفظ -درهم - له يف التصرف والتجارة؛ ألن الظاهر من حاله الزكاة من اخلضروات ،وعلى من أكل الكالم وهو قوله ( :وورثه أبواه ) أوجب الشركة
يف األول حىت ال يطول الكالم ،أو لكثرة هنيه إذا مل يرض بتصرفه دفعا للضرر عمن الضب على مائدته .فهذا السكوت منه - يف املرياث ،من غري بيان نصيب كل منهما ،وعليه
استعماله ،فإهنم كثريا ما يقولون :مائة يتعامل احملجور عليه معهم؛ إذ لو مل جيعل إذن ﷺ -وعدم إنكاره دليل على مشروعية فتخصيص األم ابلثلث صار بياان لكون األب
وعشرة دراهم ،ويريدون به أن الكل الكان تغريرا ابلناس وإضرارا هبم؛ ألهنم ما شاهده ورآه .ويف حكمه سكوت يستحق الباقي وهو الثلثان؛ ألن نصيب أحد
دراهم .أما إذا مل يكن من املقدرات, يستدلون بسكوته وعدم إنكاره على إذنه له الصحابة رضي هللا عنه بشرط القدرة على الشريكني بيان نصيب األخر ابلضرورة.
كالثياب فليس كذلك. يف التصرف والتجارة اإلنكار ,وكون الفاعل مسلما.
الفصل اخلامس :بيان التبديل وهو النسخ
عرف النسخ بتعريفات كثرية أشهرها تعريفان:
قال ابن احلاجب ،والشاطيب وغيُها :النسخ هو رفع حكم شرعي بدليل شرعي مرتاخ عنه. قال البيضاوي وغيه :النسخ هو بيان انتهاء حكم شرعي بطريق شرعي مرتاخ عنه.
ومل يتفق العلماء على رأي واحد ابلنسبة للنسخ :هل هو نوع من أنواع البيان أو ال:
أن النسخ بيان أن النسخ ليس بيان
وذلك ابعتبار أنه وإن كان بيان انتهاء مدة احلكم ،إن النسخ له جهتان :جهة ابلنسبة حلق هللا تعاىل ،وجهة ابلنسبة للبشر .فهو يف حق هللا تعالی بيان حمض النتهاء مدة احلكم األول،
لكنه يف حق صاحب الشرع ،فأما يف حق العباد فهو فليس فيه معىن التبديل والرفع من هذه اجلهة؛ ألنه كان معلوما عنده سبحانه أن ينتهي إىل وقت كذا ابلناسخ .أما النسخ يف حق
رفع احلكم الثابت .كما أن البيان يقع يف األخبار البشر فبيان تبديل؛ ألن هللا - -ملا مل يبني توقيت احلكم املنسوخ حني شرعه ،كان ظاهره البقاء يف حق البشر؛ ألن إطالق األمر
بشيء يوهم بقاء هذا األمر على وجه التأبيد من غري أن نقطع بذلك مدة نزول الوحي. احملضة ،ويقع موصوال ،خبالف النسخ.
8
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
النسخ
الفصل األول :وموقيف العلماء منه
املبحث األول :يف مدلول النسخ
يطلق لفظ النسخ يف لغة العرب على معنيني اثنني مها:
ِ ِ ِ ِ
خ ٰٰ
اّللُ سُ الش ْيطٰن ِ ٓ ِ ِ
ّن اَلْ َقى َّ ُ ْ
يف اُْمنيَّته فَ يَ ْن َ يب ا َّالٓ ا َذا ْتََ ٰٰٓ .1إبطال الشيء وإعدامه وإزالته ،يقال :نسخت الريح أثر القدم أي أزالته ،ومنه قوله تعاىل َ :وَمآ اَ ْر َسلْنَا م ْن قَ ْب ِل َ
ك م ْن َّر ُس ْول َّوَال نَِ ٰ
اّللُ َع ِل ْي ٌم َح ِك ْي ٌم ۙ(احلج.)52 : الش ْيطٰ ُن ُمثَّ ُْحي ِك ُم ٰٰ
اّللُ ٰايٰتِه َو ٰٰ َما يُل ِْقى َّ
ِ
.2نقل الشيء وحتويله مع بقائه يف نفسه ،ومنه تناسخ املواريث ابنتقاهلا من قوم إىل قوم ،ومنه نسخ الكتاب ملا فيه من مشاهبة النقل ،وإليه اإلشارة بقوله تعاىل :ا َّان ُكنَّا نَ ْستَ نْ ِس ُ
خ َما ُكنْ تُ ْم
تَ ْع َمل ُْو َن (اجلاثية .)29 :واملراد به نقل األعمال إىل الصحف ومن الصحف إىل غري.
النسخ يف االصطالح :هو رفع احلكم الشرعي بدليل شرعي متأخر.
أُهية معرفة الناسخ واملنسوخ على العموم يؤخذ من التعريف
موضوع النسخ موضوع تشعبت مسالكه وكثرت تفاريعه وقد تناول الكثري من املسائل .1 أوال :التعبري برفع احلكم يفيد أن النسخ ال ميكن أن يتحقق إال أبمرين مها -1 :أن يكون
الدقيقة اليت كانت مثارا خلالف الباحثني من علماء األصول. هذا الدليل الشرعي مرتاخيا عن دليل ذلك احلكم الشرعي املرفوع -2 .أن يكون بني هذين
أن معرفة الناسخ واملنسوخ ركن عظيم يف فهم اإلسالم ويف االهتداء إىل صحيح األحكام. .2 الدليلني تعارض حقيقي حبيث ال ميكن اجلمع بينهما وإعماهلما معا.
أن اإلملام مبعرفة الناسخ واملنسوخ يكشف النقاب عن سري التشريع اإلسالمي ويطلع .3 اثنيا :أن هذا التعريف يشمل النسخ الواقع يف القرآن ويف السنة مجيعا.
اإلنسان على حكمة هللا يف تربيته للخلق وسياسته للبشر وابتالئه للناس. اثلثا :أن اإلضافة يف كلمة "رفع احلكم الشرعي" الواردة يف تعريف النسخ من قبيل إضافة
أن أعداء اإلسالم اختذوا من النسخ يف الشريعة اإلسالمية أسلحة مسمومة طعنوا هبا يف .4 املصدر إىل مفعوله ،والفاعل مضمر ،هو هللا تعاىل ،وذلك يرشد إىل أن الناسخ يف احلقيقة
صدر الدين احلنيف. هو هللا تعاىل ,ويرشد أيضا إىل أن املنسوخ يف احلقيقة هو احلكم املرتفع.
حكمة هللا تعاىل يف النسخ:
.1وقد اتفق العلماء مجيعا على أن الشريعة اإلسالمية نسخت كل شريعة قبلها ،ويف هذا بيان شرف نبينا حممد -ﷺ ، -فإن هللا نسخ بشريعته شريعتهم ،وشريعته ال انسخ هلا.
.2كما اتفق العلماء على نسخ بعض أحكام هذا الدين ببعض ،ولعل احلكمة من وراء هذا النسخ ترجع إىل سياسة األمة وتعهدها مبا يرقيها ويطهرها.
.3وأما احلكمة يف نسخ احلكم مبا يساويه فهي االبتالء واالختبار اليميز هللا اخلبيث من الطيب.
.4أما احلكمة من بقاء التالوة مع نسخ احلكم هو ظاهرة سياسة اإلسالم للناس حىت يشهدوا أنه الدين احلق ،وأن نبيه -ﷺ -نيب الصدق .يضاف إىل ذلك ما يكتسبونه من الثواب على
هذه التالوة ،ومن االستمتاع مبا حوته تلك اآلايت املنسوخة من بالغة ،ومن قيام معجزات بيانية أو علمية أو سياسية هبا.
.5وأما نسخ التالوة مع بقاء احلكم فحكمته تظهر يف كل آية مبا يناسبها .كآية " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارمجها البته " نسخ هللا تالواته حلكمة أخرى وهي اإلشارة إىل شتاعة هذه
الفاحشة.
املبحث الثاين :يف شروط النسخ
ذكر العلماء للنسخ شروطا البد منها أُهها ما يلي:
.1أن يكون املنسوخ حكما شرعا ممكنا ال واجبا لذاته (كاإلميان) وال ممتنعا لذاته ( كالكفر) فإن وجوب اإلميان وحرمة الكفر ال ينسخ يف دين من األداين.
.2أن يكون النسخ بشرع فال يكون ارتفاع احلكم ابملوت نسا ألنه حاصل ابلعقل.
.3أن يكون الناسخ منفصال عن املنسوخ متأخرا عنه ،فإن املقرتن كالشرط والصفة واالستثناء ال يسمى نسخا بل ختصيصا.
.4أال يكون املنسوخ مقيدا بوقت معلوم .كقوله تعاىل :وكلوا واشربوا حىت يتبني لكم اخليط األبيض من اخليط األسود من الفجر (البقرة)۱۸۷ :
أهم الفروق بني النسخ والتخصيص
التخصيص النسخ
هو قصر العام على بعض أفراده هو رفع احلكم الشرعي بدليل شرعي متأخر
يكون هبما وبغريمها كدليل احلس والعقل ال يكون إال ابلكتاب والسنة
التخصيص فال يرد على األمر ملأمور واحد وال على النهي ملنهي واحد. النسخ جيوز وروده على األمر ملأمور واحد کنسخ بعض األحكام اخلاصة به -ﷺ .-
التخصيص فإنه يدل على أن املخرج غري مراد ابحلكم ابتداء ،وإن دل عليه اللفظ وضعا. النسخ يدل على أن املنسوخ كان مرادا ابحلكم ابتداء.
العام بعد ختصيصه جماز. النص املنسوخ ما زال كما كان مستعمال فيما وضع له.
الفصل الثاين :يف أنواع النسخ
نسخ السنة ابلسنة نسخ السنة ابلقرآن نسخ القرآن ابلسنة نسخ القرآن ابلقرآن
املبحث األول :يف نسخ القرآن بلقرآن
9
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
نسخ القرآن ابلقرآن :أي نسخ بعض القرآن ببعضه؛ ألن القرآن مجيعه ال جيوز نسخه ،ألنه من حيث لفظه معجزة مستمرة على التأبيد ،ومن حيث اشتماله على أحكام الشريعة ذاات أو استدالال
كحجية السنة واإلمجاع ،والقياس يكون رفعه رفعا لتلك الشريعة ورفع الشريعة كلها يتناِف مع كوهنا أخر الشرائع والناس ال يرتكون بغري شريعة .وهذا القسم يتنوع إىل ما يلي:
نسخ احلكم فقط دون التالوة نسخ التالوة فقط دون احلكم نسخ التالوة واحلكم معا
ب َعلَيْ ُك ْم إِذَا َح َ ِ
ت (الْبَ َقَرة:
َح َد ُك ُم ال َْم ْو ُ
ض َر أ َ روي عن أيب بن كعب عنه -أنه قال :كانت سورة األحزاب قَ ْولُهُ تَ َع َاىلُ :كت َ كتحرمي الرضاع کان بعشر رضعات وكان مما يتلي فنسخ
اّللُ ِيف يث ( ي ِ
وصي ُك ُم َّ توازي سورة النور فكان فيها "الشيخ والشيخة إذا زنيا )180مْنسوخةٌ ،قِيلِِ :بي ِة الْموا ِر ِ الرسم واحلكم معا .ما روت هللا عنها أهنا قالت " :كان فيما
ُ َ َ ََ َ ُ َ
يلِ :حبَ ِديث ( :أََال ظ ْاألُنْ ثَ ي ْنيِ ) ،وقِ ٰلذَك ِر ِمثْل ح ِ
أ َْوَال ِد ُك ْم ۖ لِ َّ فارمجومها" أنزل عشر رضعات حمرمات فنسخت خبمس وليس يف
َ َ َ ُ َ
يلِ :اب ِْإل ْمجَ ِاع. ِ ِ ِ ِ املصحف عشر رضعات حمرمات وال حكمها فهما
َال َوصياةَ ل َوارث )َ ،وق َ
منسوخان".
وقد اختلف العلماء يف نسخ احلكم دون التالوة بني جميز له ومانع:
أما املانعون َّلذا الضرب فيقولون :ال ميكن أن توجد يف القرآن رأى اجمليزون َّلذا الضرب :أن هناك حكما وراء هذا النوع منها:
.1أن القرآن الكرمي كما يتلى ليعرف احلكم منه والعمل به ،يتلى لكونه كالم هللا تعاىل فيثاب عليه فرتكت التالوة الكرمي آايت معطلة األحكام بقيت يف املصحف للذكرى والتاريخ،
تقرأ التماسا ألجر التالوة فحسب وينظر إليها كما ينظر إىل التحف هلذه احلكمة.
الثمينة يف دور اآلاثر. .2أن النسخ غالبا يكون للتخفيف فأبقيت التالوة تذكريا ابلنعمة ورفع املشقة.
املبحث الثاين :يف نسخ القرآن بلسنة
نسخ القرآن ابلسنة اختلف فيه العلماء بني جموز ومانع ،مث اختلف اجملوزون بني قائل ابلوقوع الشرعي وقائل بعدمه وإليك البيان بشيء من التفصيل:
أوال :مقام اجلواز:
أن نسخ القرآن بلسنة ِمتنع عقال جائز عقال ،وليس مستحيال لذاته وال لغيه.
ك ال ِٰذ ْك َر ِ
قال هللا تعاىل خماطبا حبيبه -ﷺ َ :-واَنْ َزلْنَآ ال َْي َ وحجة هؤالء اجمليزين أن نسخ القرآن ابلسنة ليس مستحيال الذاته وال لغريه ،أما األول فألنه ال يرتتب على فرض وقوعه
َّاس َما نُ ِٰز َل اِل َْي ِه ْم (النحل )44 :وجه الداللة :أن ني لِلن ِ ِ
لتُ بَِٰ َ حمال .وأما الثاين :فألن السنة وحي من هللا تعاىل كالقرآن .قال تعاىل منزها نطق حبيبه عن اهلوى َ :وَما يَ ْن ِط ُق َع ِن ا َّْلَٰوى
هذه اآلية الكرمية تدل على أن وظيفة الرسول -ﷺ - اِ ْن ُه َو اَِّال َو ْح ٌي يُّ ْو ٰح نى (النجم( )3,4 :النجم .) 4 ،3 :والفارق بينهما أن ألفاظ القرآن من ترتيب هللا تعاىل وإنشائه،
منحصرة يف بيان القرآن .فلو نسخت السنة القرآن ملا كانت وألفاظ السنة من ترتيب الرسول -ﷺ -وإنشائه ،والقرآن له خصائصه وللسنة خصائصها وهذه الفوارق ال أثر هلا فيما
بياان له .بل كانت رافعة له. حنن بسبيله ما دام أن هللا هو الذي ينسخ وحيه بوحيه .وحيث ال أثر هلا فنسخ أحد هذين الوحيني ابآلخر ال مانع مينعه
عقال وال شرعا فتعني القول جبوازه.
اثنيا :مقام الوقوع:
القائلون جبواز نسخ القرآن ابلسنة عقال اختلفوا يف الوقوع الشرعي بني مثبت له وانف .وبعد ذكر املذاهب يف نسخ القرآن ابلسنة ،يتضح لنا جليا أن نسخ القرآن ابلسنة ليس هناك مانع مينعه
عقال غاية األمر أنه مل يقع شرعا وما استدل به على الوقوع رد وهللا أعلم.
املبحث الثالث :يف نسخ السنة بلقرآن
يف نسخ السنة ابلقرآن مذهبان مها:
أن النسخ السنة بلقرآن الجيوز جائز عقال و واقع شرعا
َّاس َما نُ ِٰز َل اِلَيْ ِه ْم (النحل:
ني لِلن ِ وقد استدل أصحاب هذا املذهب على اجلواز العقلي مبا يلي :أن الكتاب والسنة وحي من هللا تعاىل ،كما قال جل قال تعاىل :واَنْزلْنَآ اِلَي َ ِ ِ
ك ال ٰذ ْك َر لتُ بَِٰ َ َ َ ْ
.)44وهذا يدل على أن كالمه بيان للقرآن والناسخ بيان للمنسوخ، شأنهَ :وَما يَنْ ِط ُق َع ِن ا َّْلَٰوى اِ ْن ُه َو اَِّال َو ْح ٌي يُّ ْو ٰح نى (النجم )3,4 :ووجه الداللة كما تقدم ذكره.
واستدلوا على الوقوع الشرعي أبدلة منها :أن التوجه إىل بيت املقدس مل يعرف إال من السنة ،وقد نسخ بقوله تعاىل :فلو كان القرآن انسا للسنة لكان القرآن بياان للسنة ،فيلزم كون كل
واحد منهما بياان لآلخر. ك َشط َْر ال َْم ْس ِج ِد ا ْحلََر ِام (البقرة)144 : فَ َو ِٰل َو ْج َه َ
املبحث الرابع :يف نسخ السنة بلسنة
واحلق أن نسخ السنة ابلسنة يتنوع إىل أربعة أنواع هي -1 :نسخ سنة متواترة بسنة متواترة -2 .نسخ سنة أحادية بسنة أحادية -3 .نسخ سنة أحادية بسنة متواترة -4 .نسخ سنة متواترة بسنة
أحادية .ويالحظ أن الثالثة األول حمل اتفاق فهي جائزة عقال وشرعا ,وأما الرابع وهو نسخ السنة املتواترة ابلسنة األحادية فاتفق العلماء على جوازه عقال واختلفوا يف وقوعه شرعا.
الفصل الثالث :يف طرق معرفة النسخ
فإن علم َتخري أحدمها عن اآلخر فهو انسخ ،واملتقدم منسوخ ،وذلك قد يعرف بواحد مما يلي:
.1أن يكون يف أحد النصني ما يدل على تعيني املتأخر منهما ،وذلك كحديث جابر" :كان آخر األمرين من رسول هللا -ﷺ -ترك الوضوء ِما مست النار"
.2أن ينعقد إمجاع األمة يف أي عصر من العصور على تعيني املتقدم من النصني واملتأخر منهما.
.3معرفة أن أحد األمرين املتعارضني بعينه متأخر عن األمر اآلخر وعليه فيكون املتأخر هو الناسخ للمتقدم.
.4أن يكون أحد النصني موافقا للرباءة األصلية دون اآلخر.
10
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
السنة
الباب األول
السنة وموقيف العلماء من االحتجاج بها
الفصل األول :تعريف السنة
السنة يف اللغة :هي الطريقة املسلوكة .السنة يف االصطالح :تطلق السنة اترة على ما يقابل القرآن الكرمي ,وتطلق السنة اترة على ما يقابل الفرض وغريه من األحكام اخلمسة وهي هبذا اإلطالق
ترادف املندوب ،وتقابل الواجب ،واحملرم ،واملكروه ،واملباح ,كما تطلق السنة أيضا على ما يقابل البدعة.
واملشهور يف تعريفها عند األصوليني :ما صدر عن النيب -ﷺ -من غري القرآن من قول أو فعل أو تقرير.
وهذا التعريف األصويل للسنة يستفاد منه ما يلي:
أوال :أن السنة دليل من أدلة األحكام ،ألهنا عبارة عن قول ،أو فعل ،أو تقرير من ال ينطق عن اهلوى -ﷺ .-
اثنيا :تنقسم السنة من حيث ماهيتها وذاهتا إىل ثالثة أقسام هي:
السنة القولية :وهي أقواله اليت نطق السنة الفعلية :وهي ما صدر عن النيب السنة التقريرية :وهي عبارة عن سكوته -ﷺ -عن إنكار قول ،أو فعل ،صدر من أحد أصحابه يف
حضرته ،أو غيبته ،وعلم به -ﷺ .- هبا :وقاهلا تبعا ملقتضيات األحوال - .ﷺ -من أفعال ليست جبلية.
قال رسول هللا -ﷺ " :-من حسن كأداء الصالة هبيئاهتا املعروفة ،وكيفية عن عمرو بن العاص أنه ملا بعث يف غزوة ذات السالسل قال :احتلمت يف ليلة ابردة ،شديدة الربد،
الوضوء ،وقطع يد السارق من الرسغ ،فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ،فتيممت ،مث صليت أبصحايب صالة الصبح ،فلما قدمنا على رسول إسالم املرء تركه ما ال يعنيه"
وقضائه -ﷺ -بشاهده وميني إىل هللا -ﷺ -ذكروا ذلك له ،فقال :اي عمرو ،صليت أبصحابك وأنت جنب؟" فقلت :ذكرت قول
يما (النساء ،)29 :فتيممت ،مث صليت ،فضحك ِ ِ س ُك ْم إِ َّن َّ غري ذلك.
اّللَ َكا َن ب ُك ْم َرح ً هللا تعاىلَ :وَال تَ ْقتُ لُوا أَنْ ُف َ
رسول هللا ،-ومل يقل شيئا.
الفصل الثاين :االحتجاج بلسنة النبوية
مذهب القائلني بعدم االحتجاج بلسنة ,أصحاب هذا املذهب هم الزاندقة ،وطائفة من غالة ذهب اجلمهور إىل القول بالحتجاج بلسنة ،وأهنا املصدر الثاين للتشريع بعد القرآن الكرمي،
الرافضة. وأنه ال يستغين عنها مطلقا ،ألهنا املفصحة عن معاين القرآن الكرمي ،الكاشفة عن أسراره.
اب تِبْ يَ ًاان لِ ُك ِٰل َش ْيء (النحل .)89 :وقال الشبهة األوىل :قال هللا تعالی :ونَ َّزلْنَا َعلَي َ ِ
ك الْكتَ َْ َ اّللُ َويَغْ ِف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم ٍۗ أوال :الكتاب :قال هللا تعاىل :قُ ْل إِ ْن ُكنْ تُ ْم ُِحتبُّو َن َّ
اّللَ فَاتَّبِعُ ِوين ُْحيبِبْ ُك ُم َّ
اب ِم ْن َش ْيء (األنعام. )38 : سبحانه :ما فَ َّرطْنَا ِيف ال ِ
ْكتَ ِ َ يم (آل عمران)31 : اّلل غَ ُف ِ
َو َُّ ٌ
ور َرح ٌ
فقد فهموا من هاتني اآليتني أن القرآن الكرمي اشتمل على كل شيء ،وعليه فال يرجع إال إليه، اثنيا :السنة :قال رسول هللا -ﷺ " :-تركت فيكم اثنتني لن تضلوا ما ْتسكتم هبما:
إذ لو جاز الرجوع إىل السنة ،لكان معىن ذلك أننا نشك يف اشتمال القرآن على كل شيء ، كتاب هللا وسنيت "
وهو خالف ما أخربت به اآليتان.
اثلثا :اإلمجاع :أمجع صحابة سيدان رسول هللا -ﷺ -على وجوب التمسك بسنته -ﷺ
-يف حال حياته وبعد مماته ،ومل يفرقوا أبدا بني االحتجاج ابلقرآن واالحتجاج ابلسنة ،فكالمها اجلواب عن هذه الشبهة:
أوال :ما يتعلق ابآلية األوىل :إن املراد هو أن القرآن الكرمي بيان ألمور الدين ،إما بطريق النص، حجة ملزمة.
رابعا :املعقول :إن الدليل القطعي دلت على أن سيدان حممدا -ﷺ -رسول هللا إىل خلقه ،وإما بطريق اإلحالة على السنة .فهو إما أن ينص على حكم الشيء صراحة ،وإما أن حييل إىل
وأنه خامت النبيني ،وما دام -ﷺ -رسوال من قبل هللا إىل خلقه فبدهي أنه على اجلميع أن السنة املطهرة.
اثنيا :ما يتعلق ابآلية الثانية : :ال نسلم لكم أبن املراد ابلكتاب يف اآلية هو القرآن ،وإمنا املراد يتبعوه ،وينقادوا له ،ويتمسكوا مبا جاء به
به عند أكثر العلماء هو اللوح احملفوظ.
الفصل الثالث :الصلة بني القرآن الكرمي والسنة
املبحث األول :املقدار الذي بينه الرسول -ﷺ -من القرآن
وقد اختلف العلماء يف املقدار الذي بينه الرسول -ﷺ -من القرآن ألصحابه على مذهبني اثنني:
املذهب الثاين :أن أن رسول هللا -ﷺ -مل يبني املذهب األول :أن رسول هللا -ﷺ -بني ألصحابه كل معاين القرآن الكرمي ،كما بني هلم ألفاظه.
ألصحابه كل معاين القرآن ,وإمنا بني قليل فقط.
أن رسول هللا -ﷺ -دعا البن عمه عبد عباس رضي ني لِلن ِ
َّاس َما نُ ِٰز َل إِل َْي ِه ْم َول ََعلَّ ُه ْم يَتَ َف َّك ُرو َن (النحل.)44 : واستدلوا على هذا بقوله تعاىل :وأَنْزلْنَا إِلَي َ ِ ِ
ك ال ٰذ ْك َر لتُ بَِٰ َ َ َ ْ
وجه الداللة :إن البيان املذكور يف اآلية يتناول بيان معاين القرآن ،كما يتناول بيان ألفاظه ،ومما ال شك فيه أن الرسول -ﷺ -هللا عنهما فقال" :اللهم فقهه يف الدين ،وعلمه التأويل "،
بني األصحابه ألفاظه كلها ،والبد وأن يكون قد بني هلم أيضا كل معانيه ،وإال كان مقصرا يف البيان الذي كلف به من هللا تعاىل ،فلو كان التأويل مسموعا كالتنزيل فما فائدة ختصيصه هللا
بن بذلك ؟ وحاشاه -ﷺ -أن يقصر يف شيء.
واحلق أن املتأمل والناظر بعني اإلنصاف جيد أن النيب -ﷺ -مل يفسر كل معاين القرآن ألصحابه ،وإال ملا اختلفوا يف معىن بعض اآلايت ،ولو كان عندهم من الرسول -ﷺ -فيه نص
ما وقع هذا االختالف ،أو ألرتفع بعد الوقوف على النص ،وجيد أيضا أنه -ﷺ -مل يفسر هلم ما يرجع فهمه إىل معرفة كالم العرب ألن القرآن نزل بلغتهم.
11
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
12
دراسات أصولية في اإلجمال والبيان ,والنسخ ,والسنة
الفرقة الثالثة
13