Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
تهتم العالقات االقتصادية الدولية بدراسية مختلف أوجه النشاط االقتصادي بين الدول
المختلفة و تحتوي هذه العالقات على حركة األشخاص الممثلة في الهجرة الدولية
حركة السلع ورؤوس األموال التي تعرف اصطالحا بالمعامالت االقتصادية الدولية
هذه األخيرة التي يترتب عليها نقل الحق على سلعة أو أداء خدمة أو نقل الحق على صك مالي من
شخص مقيم في بلد إلى شخص غير مقيم والعكس.
كما يترتب عنها استحقاقات مالية متبادلة يتعين عليها تسويتها عاجال " أم آجال" هذه
المعامالت االقتصادية التي تربط بين الدول العالم من اإليرادات والمدفوعات ليست من طبيعة
واحدة.
فعلى كل دولة أن تعرف حقوقها قبل العالم الخارجي والتزاماتها نحوه ،لذا يعد بيانا
تسجل فيه الحقوق وااللتزامات يسمى هذا البيان بميزان المدفوعات.
هذا األخير الذي يعتبر واحد من أكثر المؤشرات االقتصادية التي تهتم بها رجال
السياسة واالقتصاد في البلد ،الذي سنتطرق فيه في هذا الفصل ونلم بكل جوانبه.
حيث تم تجزئته إلى 03مباحث :
المبحث األول :مفاهيم حول ميزان المدفوعات أهمية تركيبه والمؤشرات
االقتصادية
المبحث الثاني :االحتالل االقتصادي لميزان المدفوعات.
المبحث الثالث :كيفية معالجة الخلل في الميزان المدفوعات.
()35
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
معرفة مركز الدولة من حيث المدفوعات التي يتعين عليها دفعها إلى العالم الخارج أو ما على هذا
األخير إن يدفعه إلى الدولة.
ونظرا الرتفاع حجم المبادالت الخارجية الدولة أصبح لميزان المدفوعات أهمية كبيرة
ولذا سوف نتطرق في هذا المبحث إلى ما يلي:
مطلب-1تعريف الميزان المدفوعات
-مطلب-2أهمية الميزان المدفوعات
-مطلب-3تركيب ميزان المدفوعات
مطلب-4المؤشرات اإلقتصادية
-مطلب-1تعريف الميزان المدفوعات:
هناك تعاريف عديدة لميزان المدفوعات لكنها متقاربة أهمها:
هو سجل منظم تسجيل فيه كافة المعامالت األقتصادية لبلد ما مع بقية العالم خالل فترة
زمنية معينة عادة ما تكون سنة.
هو سجل محاسبي منظم لكافة المبادالت االقتصادية التي تمت بين المقيمين في هذه
1
الدولة وغير مقيمين في الدول األخرى في فترة زمنية عادة سنة
يعرف ميزان المدفوعات لبلد ما عن وجود كشف يشمل ويظم فيه كل السلع والهبات
والمساعدات الخارجية وكذلك القروض في المدى القصير والطويل والذهب والمعامالت الرئيسية
لتغطية الداخلية إلى البلد والخارجية منه.
ويتألف ميزان المدفوعات من جانبين:
جانب الدائن (إيجابي) :تظهر فيه كل العمليات التي تحصل من خالل الدولة على إيرادات
()36
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
إن من المعروف أن العالقات االقتصادية الدولية تنطوي على عدد غير محدد من
المعامالت االقتصادية بين مختلف دول العالم والواردات Qالسلعية والخدماتية وحركة رؤوس
األموال ،إضافة إلى تحويالت رأسمالية من جانب واحد...إلخ.
أن تطور حجم وقيمة هيكل هذه المعامالت إنما تعكس بالنتيجة المشاكل األساسية
1
ومعطيات االقتصادية الوطني سواء من جهة نظرة محلية أو دولية.
ثم أن هذه المعامالت هي الوليد الطبيعي لدرجة اندماج االقتصاد الوطني مع االقتصاد
الدولي وبتالي فهي تقيس الموقف الدولي للبلد.
أما مكونات هذه المعامالت فهي تعكس قوة االقتصادية الوطني وقابلية التنافس ودرجة
استجابة للتغيرات الحاصلة في االقتصاد الدولي ،ألنه يعكس حجم كل من اإلنتاج والتصدير Qبما فيه
العوامل المؤثرة عليه مثل حجم االستثمارات ،ودرجة التوظيف ،مستوى األسعار والتكاليف
والمستوى العلمي والتكنولوجي...إلخ.
في ضوء ذلك ،فإن الميزان يشكل أداء هامة تساعد السلطات العامة على تخطيط
العالقات االقتصادية الخارجية للبلد بسبب تركيب الجامع مثل:
تخطيط التجارة الخارجية من الناحية السلعية والجغرافية
()37
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
ويضم هذا الحساب كافة البنود المتعلقة بالصادرات والواردات Qمن السلع التي ترى
وتعد عند مرورها بالحدود الجمركية للدولة وتقيم بطريقة ( )FoBأي ال تتضمن قيمتها مصاريف
النقل والتأمين والمصاريف المتعلقة بهما ،فهذه المصاريف يدرج في حساب خاص بها.
كما أننا نجد ضمن هذه الحساب بند التفاوض الدولي ويضم العمليات المتعلقة بشراء
السلع في الخارج ،هذه السلع تكون غير متبوعة بعملية استيراد بل يعاد بيعها في الخارج ،وكذا
عملية بيع السلع محلية ألجانب دون أن تغادر هذه السلع التراب الوطني (ال تمر على مصلحة
الجمارك).
وعموما فإن السلع التي هي محل العمليات التي تتم بين المقيمين وغير المقيمين والتي
ال تغادر وال تدخل التراب الوطني حسب الحالة لتسجل في هذا البند.
ثانيا-ميزان الخدمات:
ويضم كافة البنود المتعلقة بالخدمات المتبادلة بين الدول والخارج كخدمات النقل
التأمين ،السياحة ،الخدمات الحكومية والخدمات المتنوعة ،إضافة إلى دخل االستشارات الذي يمثل
خدمات أداها رأس المال األجنبي الى الدولة أو خدمات أداها رأس المال المحلي للخارج.
ثالثا-حساب التحويالت األحداية :
ويضم كافة المبادالت التي تتم بين الدولة والخارج دون مقابل ،فهي عمليات غير
متبادلة أي تكون من جانب واحد ،وال يترتب عنها حق أو دين.
ويشمل هذا الحساب بندين ،األول يتعلق بالعمليات والتعويضات Qخاصة والثاني يتعلق
بالهيبات والتعويضات العامة.
فالخاصة نجد فيها تحويالت األفراد (بما فيها التحويالت المهاجرين إلى بالدهم
األصلية).
والمنظمات ،النقدية منها و العينية ،والعامة وتندرج فيها كل التعويضات التي يعتبرها
صندوق النقد الدولي إجبارية وكذا الهدايا على أنواعها.1
رابعا-حساب رأس مال:
ويضم كافة التغيرات التي تطرأ على أصول المقيمين وخصومهم أتجاه غير المقيمين،
ويشمل حسابين ،حساب رأس مال طويل األجل وآخر قصير األجل.
-1حساب رأس المال الطويل األجل:
1زينب حسين عوض هللا مرجع سابق ص 103
()38
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
ويضم كافة التغيرات التي تطرأ على اصول المقمين وخصوصهم أتجاه غير المقيمين
والتي يزيد عمرها من عام ويشمل أربعة فروع وهي:
أ-القروض التجارية:
وهي نوعان:
*القروض التجارية عند التصدير :تمنح من المقيمين إلى غير المقيمين ،تنقسم إلى قروض
المشترين والقروض الموردين األول تقدم من طرف البنوك المحلية لغير المقيمين من الزبائن
المصدرين المحليين ،وثانية تقدم من طرف المصدرين مباشرة ،كلها تمثل خروجا لرأس
المال.
*القروض التجارية عند االستيراد :تمنح المقيمين إلى غير المقيمين إلى المقيمين ،وهي تمثل
دخوال لرأس المال.
ب -االستثمارات المباشر:
وتتمثل أساسا في دخول وخروج رؤوس األموال بغرض اإلستثمار وتسجيل بالبالغ
األصلية دون دخل االستثمارات.
ج -القروض األخرى :ويتعلق األمر بالقرض الطويلة األجل التي ليست لها صفة
القروض التجارية أي أنها ال تتعلق بعملية تصدير واستيراد،و نميز هنا بين قروض القطاع
الخاص الالبنكي والقطاع الرسمي وتسجيل بالمبالغ الصافية
فال يتم تسجيل الرصيد الناتج عن الفرق بين القروض الجديدة والتسديدات.
د-استثمارات الحافظة:
ويندرج ضمنها كل دخول وخروج لرؤوس األموال بغرض التوظيف كالعمليات التي
تتم على الصرف المعدالت الفائدة واألسهم بغرض الحصول على أو دفع فوائد.
-2حساب رأس المال قصير األجل:
ويضم كافة التغيرات التي تطرأ على أصول المقيمين وخصومهم اتجاه غير المقيمين
والتي ال تزيد أجلها عن عام ،ويشمل ثالثة حسابات فرعية وهي:
أ-حركات رأس المال قصيرة األجل للقطاع الخاص الالبنكي:
ويضم القروض والتسبيقات عند الطلبيات ،وكذا القروض األخرى (غير تجارية)
وتوظيف رؤوس األموال في المدى القصير ،وتتم عملية التسجيل هنا بالمبالغ الصافية.
ب -حركات رأس المال قصير األجل للقطاع البنكي:
()39
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
ويشمل حقوق وإ لتزامات القطاع البنكي مع غير المقيمين ،فقد تكون القطاع البنكي
حقوق على غير المقيمين في حالة ما إذا منح هذا القطاع قرضا لغير مقيم ،أو كان لدى هذا القطاع
حسابا في إحدى البنوك الغير مقيمة وله أصول في هذا الحساب ،والعكس فقد تكون له التزامات
اتجاه الغير المقيمينفي حالة ما إذا اقرض رؤوس أموال من غير المقيمين أو إذا كان لغير المقيمين
حسابا في إحدى بنود هذا القطاع وقام بتمويله.
ج-حركات رأس المال قصير األجل للقطاع الرسمي:
ويضم كهذا الحساب بندين أساسين هما:
االحتياطات الرسمية والتي تمثل األصول من العمالت الصعبة والذهب النقدي المطلوب
لأغراض نقدية.
الحقوق وااللتزامات الرسمية الناتجة من االتفاقيات الدولية وتشكل مساهمات القطاع
()40
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
إن التسجيالت في الجانب الدائن والمدين ال تكون متماثلة نظرا لكون مصادر
المعلومات المعتمدة عليها تختلف وتعدد ،ولهذا قد يحدث وأن يكون مجموع المبالغ الدائنة ال
يساوي مجموع المبالغ المدينة.
والفرق بينهما يمثل القيمة التي تسجل في حساب السهو والخطأ كي يصبح ميزان المدفوعات متزنا
حسابيا ،كما يعرف هذا الميزان أيضا بحساب التعديالت.
-مطلب-4المؤشرات االقتصادية لميزان المدفوعات:
يمكن معرفة الوضعية االقتصادية لبلد ما من طريق ميزان مدفوعاته ،وهذا يفضل
المؤشرات اقتصادية تستخرج أو تستنتج من ارصدة الموازين الفرعية التي رأيناها سابقا.
-فرع-1عالقة الميزان التجاري باالقتصاد الكلي:
لدينا العالقة التالية والتي تحقق المساواة بين الموارد واالستخدامات في اقتصاد ما:
)Y=C+I+(X-M)………………………(1
حيث:
االنتاج من السلع مقيما بالناتج الداخلي الخام ( )PIBبسعر السوق في فترة معينة Y
فإذا حقق البلد فائض في الناتج الداخلي ( )Y- EL <0فهذا يعني أن االستخدامات الداخلية مغطاة
كلها كجزء من الناتج الداخلي الخام ويوجه الباقي منه (الفائض) إلى التصدير وهو ما يفسر
1
الرصيد الموجب للميزان التجاري في هذا الحالة .>0X-M
()41
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
أما إذا كان هناك عجز في تغطية االستخدامات الداخلية ( )Y- EL > 0فإن البلد يلجأ
،إلى االستيراد مما يفسر الرصيد السلبي لميزان التجاري وفي هذه الحالة .X-M > 0
أوال-المعدل التغطية ( :1)TC
هو عبارة عن نسبة الصادرات ( )Xإلى الواردات ( )Mمن السلع
)TC = (X/M (×100..............)4
هذا المعدل وبين مدى قدرة اإليرادات األتية من الصادرات على تغطية المدفوعات
الناتجة عن الواردات ،فإذا كان المعدل أصغر من المائة ( )100فهذا يعني أن قيمة الصادرات.
ال تغطي القيمة الواردات ولذا يجب على البلد البحث من موارد أخرى لتمويل وارداته
2
ثانيا-بمعدل التبعية ()TD
وهو عبارة عن نسبة الواردات من السلع ( )Mالي ناتج الداخلي الخام ()PIB
(TD= (M/PIB)x100................. )S
وكلما كان هذا المعدل أصغر بكثير فإن ذلك يعني أن هذا البلد لست له تبعية وطيدة
للخارج.
3
ثالثا-معدل القدر على التصدير ()TE
هو عبارة عن نسبة الصادرات من السلع ( )Mإلى الناتج الداخلي الخام ()PIB
(TE=(X/PIB) x 100..................)6
وكلما كان هذا المعدل كبيرا فإن ذلك أن البلد له قدرات كبيرة االعتماد على قطاع
التصدير.
4
رابعا-معدل القدر على سواء الواردات ()CPM
هذا المعدل يقيم بعدد األيام ،حيث كلما كان عددها أكبر فإن ذلك يعني أن البلد قادر
على تسديد فاتورة وإ رادات في أقرب اآلجال ،ومن المستحسن أن ال يقل عن تسعين ( )90يوما (
إلى الواردات من السلع ()M (RC 3أشهر) وهو عبارة عن نسبة المخزون من احتياطي الصرف
(CPM=(RC/M) x 360 jours...............)7
()42
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
يمكن قياس العالقة بين رصيد ميزان العمليات الجارية والناتج الداخلي الخامبالعالقةالتلية:
Boc /PIB
وعموما إذا كان هذا المعدل يعادل ( )%5فهو يعتبر عاديا حسب ،أراء الخبراء ،أما إذا تجاوز
%5فإن الوضعية االقتصادية للبلد المعني تصبح حرجة نوعا ما ،حيث أن احتياطات التمويل في
هذا البلد تستدعي االستدانة.
()43
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
التوازن بين هاذين الجانبين ولتوضيح هذا الخلل وجب التميز بين نوعين من العمليات على ميزان
المدفوعات.
فرع-1العمليات التلقائية Iأو المستقلة:
وهي التي تنشأ من تلقاء نفسها وليس لظهور عجز أو فائض في ميزان المدفوعات،
وأساسا تظهر نتيجة االختالل في مستويات اإلنتاج ،المداخيل واالستهالك بين الدول وتتمثل في
العمليات الجارية وحركات رؤوس األموال طويلة األجل إضافة إلى حركات رؤوس األموال
قصيرة األجل التي تمت بغرض المضاربة أو تحقيق إيراد أو بدافع الحيطة والحذر ،ويستثني منها
الهبات والقروض طويلة األجل التي تمنح ألجل تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات .إذ ال يمكن
1
اعتبارها عمليات تلقائية.
()44
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
ثانيا-العجز :وهنا عندما يزيد الجانب المدين العمليات التلقائية أو المستقلة عن الجانب الدائن
ويمكن تصنيفه إلى:
-1العجز الجاري :ويعبر عن صافي مطالب القطاع الحكومي من الموارد والذي
يجب ت مويله باإلقتراض ويقاس الفرق اإلجمالي بين مجموعين أنواع النفقات واإليرادات
مطروحا منه االتفاق الحكومي المخصص لسداد الديون المتراكمة من السنوات السابقة.
-2العجز األساسي :وهو عبارة عن العجز الجاري مطروحا منه الفوائد على
القروض.
-3العجز التشغيلية :وهو عبارة عن العجز الجاري مضافا إله الفوائد على القروض
-4العجز الشامل :ويعبر عن مجموع العجز الشامل المتعلق بالحكومة المركزية من
النفقات واإليرادات
-5العجز الهيكلي :وهو عبارة العجز الشامل مطروحا منه العجز الظرفي
مطلب-2أنواع االختالل في ميزان المدفوعات
تتنوع اإلختالالت التي يمكن أن يتعرض لها ميزان المدفوعات بإختالف أسباب
1
حدوثها ونميز نوعين من االختالالت
فرع -1اإلختالل الدائم : هو ذلك االختالل التي يستمر لسنوات عديدة بسبب
الظروف االقتصادية السيئة التي تسيطر على النشاط االقتصاد بصفة دائمة.
فرع-2االختالل المؤقت :يحدث نتيجة بعض التغيرات االقتصادية قصيرة األجل وال
يتكرر في السنة الموالية أما فيما يليها من السنوات وال يستدعي هذا الوضع القيام بأي سياسة
للتخلص منه باعتبار أنه يزول بزوال األسباب المنشأة له.
2
أوال-أنواع االختالل المؤقتة يمكن تميز األنواع التالية:
-1االختالل العارض (الطارئ) :ناتج عن خلل طارئ أو عارض كحدوث كوارث
طبيعة تصيب المحاصيل الزراعية لبلد معين.
فتقل صادراتها مما يسبب عجزا ويزداد الطلب العالمي على نفس المنتجات في بلد
آخر فيحقق فائض.
()45
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
-2االختالل الموسمي :يحدث هذا النوع من االختالل في البلدان التي تعتمد صادراتها
على منتجات موسمية في فترة معينة من السنة كأن ترتفع صادرات الغاز الطبيعي الجزائري
خالل فصل الشتاء وال يتطلب عالج هنا االختالل سياسة اقتصادية معينة.
-3االختالل الدوري :عادة يصيب هذا النوع من االختالل البلدان الرأسمالية إذ يرتبط
بفترات الرخاء والكساد في االقتصاد حدوث العجز أو الفائض يعكس اختالل دوريا فاالختالل
الدوري ينسب إلى الدورة االقتصادية بدأت الدول الرأسمالية تعرف ظاهرة الدورات االقتصادية
تاريخيا منذ عام 1802إذ لوحظ أنه كل 8سنوات إلى 12سنة تحدث دورة رواج وانتعاش
تليها.
دورة ركود في دورة أخرى ففي حالة الرواج يزداد اإلنتاج في الدول الرأسمالية
ويزداد الطلب على المواد األولية التي تستوردها من الدول النامية لضمان تدفقها إلى دولهم.
وينعكس هذا على موازين المدفوعات الدول النامية فتحقق فائضا أما في الحالة الكساد
نجد اإلنتاج في الدول الرأسمالية يتجه نحو التناقص فيقل الطلب على المواد األولية باألمر الذي
يؤدي إلى انخفاض أسعارها.
فانخفاض حصيلة الصادرات مع تراجع أصحاب رؤوس األموال عن االستثمار في
أنشطة المواد األولية المنتجة في الدول النامية ،فتصاب موازين مدفوعاتها بالعجز.
-4االختالل االتجاهي:
هو ذلك االختالل الذي يظهر في الميزان التجاري خصوصا يصيب عادة موازين
مدفوعات الدول النامية بصدد االنتقال من مرحلة التخلف إلى مرحلة النمو ألنه خالل الفترة األولى
من التنمية يزداد الطلب على الواردات من المواد األولية والتجهيزات اإلنتاجية والسلع الوسيطية.
دون أن يقابل ذلك نفس الوتيرة من الصادرات.
-مطلب-3أسباب االختالل في ميزان المدفوعات
هناك مجموعة من األسباب التي تؤدي إلى اختالل في الميزان المدفوعات وهي:
فرع-1التقييم الخاطيء لسعر صرف العملة المحلية:
وذلك وجود عالقة وثيقة بين موقف ميزان المدفوعات والسعر الصرف المعتمد لدى البلد ،فإذا كان
سعر الصرف فالعملة الدولة أكبر من قيمتها الحقيقية ،فيؤدي ذلك إلى ارتفاع اسعار سلع الدولة
ذاته من وجه نظر الدول األخرى مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الخارجي تلك السلع وبالتالي
()46
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
حدوث اختالل في ميزان مدفوعاته .ويحدث العكس في حالة تحديد سعر صرف العملة بأقل مما
يجب ،إذ يؤدي ذلك إلى توسيع الصادرات مقابل تقليص االستيرادات مما يؤدي بالنتيجة إلى
حدوث اختالل في ميزان مدفوعاته تختلف عما إذا كان الميزان في حالة عجز أو فائض إذ غالبا ما
تؤدي في حالة العجز في الميزان إلى بروز ضغوط تضخمية التي تؤدي إلى حدوث اختالالت
مستمرة في الميزان.
فرع-2االضرابات العمالية :هي التي تمس بعض األنشطة التصديرية أو المتعلقة بها
تؤدي إلى اإلضرار بالصادرات حيث تميل إلى االنخفاض بينما تزداد الواردات لذا أصبحت هذه
األنشطة ال تكفي لسد الحاجيات المحلية.
فرع-3األحوال الجوية :هي األخرى قد تؤثر على أنشطة الزراعية حيث تؤدي إلى
تدهور االنتاج الزراعي وبالتالي الصادرات من هذا القطاع.
فرع-4أذواق المستهلكين :حيث التغير في أذواق المستهلكين والتقدم التكنولوجي فقد
يؤديان إلى انخفاض الطلب األجنبي على السلع المحلية (انخفاض الصادرات المحلية).
فرع-5الظروف السياسية :التي تؤدي إلى ظهور عجز مؤقت لتدهور معدالت
الصادرات نتيجة الحروب الحصار االقتصادي.
فرع-6الظروف االقتصادية :فقد يحدث الفائض المؤقت نتيجة انتعاش أقتصادي
داخلي مؤقت أو نتيجة ظروف اقتصادية مالئمة قصيرة األجل في األسواق الدولية كما قد ينتج عن
سياسة تجارية حمائية تهدف إلى خفض الواردات أو تشجيع الصادرات كالرقابة على الصرف
وتقديم إعانات للتصدير بصفة مؤقتة.
أما بالنسبة للعجز الدائم فإن خبراء صندوق النقد الدولي يرجعون هذا النوع من العجز
إلى اإلفراط في مستويات الطلب الداخلي الذي يمتلك موارد البلد من احتياطاته الخارجية لتسديد
قيمة وارداته ،أو بسبب مستويات التضخم العالية الناشئة عن االرتفاع المتواصل في األسعار
الداخلية مقارنة باألسعار األجنبية وهو ما يطلق عليه اسم (االختالل الأساسي).1
1محمد خالد الحريدي االقتصاد الدولي المطبعة الجديدة دمشق سنة 1977ص 94
()47
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
()48
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
غير أن استمرار حالة االختالل قد يؤدي إلى حالة اعسار أو التوقف عن الدفع نتيجة
األسواق في االقتراض وكذا استنفاذ االحتياطات الخارجية في حالة العجز.
فحين ال يمكن للفائض أن يستمر طويال قبل أن يؤدي إلى تراكم احتياطات من العمالت
األجنبية تزيد عن حاجة الدولة ومن ثم وجب إعادة التوازن الخارجي قصد تعديل مسار التوازن
الديناميكي الداخلي.
ومن طبيعة تحقيق التوازن (الداخلي وخارجي) ويبين المجموعة األهداف الداخلية كان
البد من تحديد فترات التسوية والتغيرات Qفي األبعاد الرئيسية القتصادية دولية.
وفي نفس الوقت يعتبر الترابط اإلجمالي للتوازن الخارجي الداخلي حقيقة واقعة تتضح
على األقل في اقتصاديات السكون.
مطلب -2آليات التسوية IالتلقائيةI
يرى معظم االقتصاديون في النظام التقدي الدولي أن غالبية الدول ال تقبل بوسائل
الموازنة (التخفيض ،التعويم...إلخ) التي يقضي بها النظام ،إذ تعمل على التجميد أو التقليل من
تنفيذ البرامج المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي ،مما يؤدي إلى استمرار االختالل إضافة إلى
تأثير على مستوى احتياطات الصرف والعمالت الصعبة الدولية وفي حالة ما إذا كانت الدولة
تعمل بنظام سعر الصرف الثابت ،فهناك آليات تلقائية تتجة بميزان المدفوعات نحو التوازن.
فرع-1المنهج الكالسيكي في توازن ميزان المدفوعات
يرى الكالسيك أن التغير في األسعار الداخلية والذي يحدث نتيجة اختالل ميزان
المدفوعات من شأنه أن يحدث آثارا تدفع لتصحيح هذا االختالل وتعود بالتوازن إلى ما كان عليه
تلقائيا.
ولما كان نظام الصرف السائد آنذاك وقائم على قاعدة الذهب حيث كان يسود الثبات
واالستقرار بين أسعار الصرف ولذا فقد كان اهتمام الكالسيكي ينصرف إلى بيان أثر اختالل
ميزان المدفوعات على حجم أرصدة الدولة من الذهب وبالتالي على المستوى العام لألسعار وما
يترتب عليه من تغير في قيمة الصادرات تتجة بميزان المدفوعات في االتجاه التلقائي للتوازن،
واستنادا لما سبق لنفرض أن دولة ما تسير على قاعدة الذهب بمعنى أن نظمها النقدي يعمل في
إطار االنتقال الدولي للذهب وعلى ذلك فإن توازن في ظل نظام الذهب يحدث عن طريق التغيرات
التي تطرأ على أسعار السلع والخدمات.
()49
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
فإذا حدث اختالل في ميزان المدفوعات الدولية بين دولتين قد يؤدي إلى حدوث فائض
في أحداهما وعجز في الدولة األخرى.
فرع-2آلية تسوية في ظل النظرية الكنزية:
تعتمد النظرية الكنزية في التحليلها التوازن ميزان المدفوعات على فكرة أساسية وهي
أن االختالل يؤدي إلى تغير الدخل الوطني ومستوى التشغيل معتمدة في ذلك على الميل الحدى
الستراد ومضاعف التجارة الخارجية فعن طريق المضاعف تؤثر الصادرات على المستوى الدخل
،وهذا األخير يؤثر على مستوى الواردات عن طريق الميل الحدى لالستراد وترتكز هذا النظرية
1
على الفرضيات التالية:
الدخل الوطني يستقر عند مستوى أقل من التشغيل الكامل للموارد.
ففي حالة الفائض لما تكون الصادرات أكبر من الواردات فإن االتفاق على السلع
والخدمات المنتجة محليا يزداد ،مما يؤدي إلى زيادة الدخل الوطني بمقدار الزيادة في الصادرات
مرجحة لمضاعف التجارة الخارجية ،هذا االرتفاع في الدخل يؤدي إلى زيادة الواردات عن طريق
أثر الميل الحدى لالستيراد وهكذا يميل الفائض إلى الزوال.
أما في حالة العجز فإن االتفاق على السلع والخدمات المنتجة محليا ينخفض مما يؤدي
إلى انخفاض الدخل الوطني بمقدار االنخفاض في الصادرات مرجحا بمضاعف التجارة الخارجية،
هذا االنخفاض في الدخل وبفضل الميل الحدى لالستراد يؤدي إلى انخفاض الواردات وهكذا يميل
العجز إلى الزوال ولكن هذه النظرية تجعل العالقة بين التغير االتفاق وتغير الدخل دورا أساسيا في
إحداث التوازن وتتجاهل العوامل األخرى .ومن جملة االنتقادات الموجهة لها:
ال يوجد ضمان لتحقيق التوازن تلقائيا بسبب تغيرات في الدخل الوطني ،إذ يمكن أن
يمتص االدخار جزءا من الزيادة التي حدثت في الدخل.
إمكانية وجود تناقص بين تحقيق مستوى التشغيل الكامل وتحقيق توازن الميزان
المدفوعات
تعتمد على التحليل الساكن إذ تغض النظر عن الزيادة الطاقة اإلنتاجية وتكتفي بالطاقة
العاطلة التي افترض كينز وجودها.
()50
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
2
فرع-3آلية التسوية عن طريق التدفقات النقدية الدولية:
تعمل التدفقات المالية في المحافظة على توازن ميزان المدفوعات الدولية بنفس
المستوى التي تسهم بها تدفقات السلع والخدمات وبداية التوازن في دول ما البد من أخذ حالتين في
االعتبار األولى احتمال حدوث تغير تلقائي في التدفقات المالية المصححة لهذا التغير وتعويض
بحركة مماثلة ورصيد العمليات الجارية.
الثانية احتمال أن يعقب التغير المستقل في رصيد المعامالت الجارية تغيرات معوضة
في التدفقات المالية.
وتغير التلقائي في التدفقات المالية قد تكون نتيجة استثمارات خارجية طارئة
والمعونات للدول النامية أو نتيجة االئتمان المصرفي.
ومن الواضح Qأن التدفقات المتصلة بسوق األوراق المالية الذي يتم التحويل بغرض
المضاربة ال تحدث بنفس الوتيرة لتدفقات األرصدة النقدية والتي يتم فيها التدفق منتظم لرؤوس
األموال من الحكومات والمؤسسات المالية التي تسعي وراء االستثمار.
حيث آلية التصحيح هنا تؤثر في نفس الوقت في سوق النقد وسوق األوراق المالية،
فتحويل األموال عن طريق سوق الصرف يؤول إلى تخصيص االمكانات المتاحة للمتعاملين
المصدرون ألموال و ينقص السيولة في الجهاز المصرفي ،ويترتب عليها نتيجة انكماشية أما
نتيجة خفض االستهالك وزيادة االدخار أو خفض االستثمار نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة في سوق
األوراق المالية والذي ينتعج عن انخفاض في الدخل فترتفع بذلك أسعار الفائدة ويظهر فائض في
ميزان العمليات الجارية بسبب إتاحة الموارد للتصدير.
وعليه مما سبق يؤدي بنا إلى ا شار موضوع ما إذا كانت استعادة التوازن عن طريق
سوق النقد أو سوق األوراق المالية.
ففي سوق النقد عند وجود فائض في الميزان المدفوعات يؤدي إلى توسيع في االئتمان
و السيولة المصرفية نتيجة وجود فائض في العمالت في سوق الصرف ،ويتبع عنه انخفاض
فائض المعامالت الجارية ،وفي الوقت نفسه في سوق االئتمان تدفق السيولة يؤدي إلى خفض
أسعار الفائدة قصيرة األجل األمر الذي يلجأ فيه إلى تصدير رؤوس األموال لالستفادة من أسعار
الفائدة العالية نسببيا في الخارج.
()51
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
كما تؤدي زيادة السيولة في سوق األوراق المالية إلى زيادة عرض األموال المتاحة
ألقراض ،وبالتالي إلى انخفاض سعر الفائدة طويل األجل ،وحتى يتم التوازن في هذا السوق شرط
عدم تدخل السلطات النقدية واستعمال وسائل مضادة بقصد زيادة السيولة النقدية لتعويض العجز
قي ميزان المدفوعات أو االمتصاص في حالة فائض.
وكخالصة لتحليننا يمكن القول أن حركات رؤوس األموال وتحويالت الموارد الحقيقية
عن طريق العمليات التجارية تؤثر كل منهما في اآلخرين في األجل الطويل.
مطلب -3آلية التسوية Iعن طريق تدخل السلطات العامة:
غالبا ما تتدخل السلطات العامة بصورة مباشرة ،وغير مباشرة لمعالجة الخلل الحاصل
في ميزان المدفوعات تجنبا الستمرارمن ناحية وللحد من آثار االقتصادية من ناحية أخرى.
1
فرع-1السياسة النقدية
من بين السياسات لمحاربة التضخم والتقليل العجز في ميزان المدفوعات ،هو أن
نخفض االنفاق الكلي والسياسة النقدية يمكن أن تساعد في خفض الضغط على الطلب باختصار
تعمل السياسة النقدية عن طريق التحكم في تكلفة إتاحة االئتمان ،فأثناء التضخم يستطيع البنك
المركزي أن يرفع تكلفة االقتراض وأن يخفض مقدرة البنوك التجارية على خلق االئتمان مما
يجعل الطلب على األموال ينخفض.
فرع-2السياسة المالية:
أن جناحي السياسة المالية هما اإليرادات الحكومية واالتفاق الحكومي ،والسياسة
المالية الحكومة يمكن أن تسهم في السيطرة على التضخم عن طريق خفض االتفاق الحكومي،
فرض الضرائب الجديدة ،أو الزيادة في الضرائب القديمة ،تشجيع االدخار أو إدخال مشروعات
االدخار اإلجباري ،إدارة الدين العام بحيث يخفض عرض النقود.
خالصة الفصل
إن وجود التبادل الدولي بين مختلف الشعوب والدول شيء ضروري تفرضه متطلبات
الحياة الدولة بشتى مكوناتها وخاصة االقتصادية منها وعليه فإن الدول تلجأ لتنظيم اقتصادها
1كامل بكري االقتصاد الدولي التجارة الخارجية والتمويل الدار الجامعين االسكندرية 2001ص 390- 387
()52
الفصل الثاني :ماهية الميزان المدفوعات
الداخلي وتحاول إيجاد السياسات التجارية المالئمة تحد من نزيف ثرواتها وهذا من خالل التحكم
في تدفق مختلف الصادرات والواردات Qالتي يمكن قياسها بمؤشرات تستنبطها من ميزان
وعليه توصلنا لمعرفة بعض المفاهيم المتعلقة بميزان المدفوعات والبنود التي يشملها
وطريقة القيد ومعنى التوازن واالختالل فيه من خالل معرفة أسبابه وأنواعه .وحاولنا معرفة
آليات تسوية هذا االختالل وذلك عن طريق آليات السوق التلقائية أو عن طريق تدخل السلطات
الدولة وعليه من الواجب النظر لمختلف أنواع السياسات التي يمكن إتباعها في محاوالت مختلفة
لتصحيح الخلل الذي ال يخلو منه ميزان المدفوعات وخاصة تلك السياسات المتعلقة بسعر
الصرف.
()53