Professional Documents
Culture Documents
هذه شخصية
غريبة في األمة اإلسالمية إنه طراز عجيب في أقطاب األمة المحمدية ،ال نعلم له مثيالً في وضعه وشكله .وسيدي عبد العزيز هذا من
الشرفاء األطهار الدباغين المشهورين بفاس ،ولد سنة 1095هـ .ونشأ في حجر أبويه وكان في صغره قد دخل الكتاب وتعلّم وحفظ بعض
سور حزب سبح ولم يقدر له استمرار في القراءة وال جلس بين يدي عالم قط .وألمر أراده هللا عز وجل بهذا الرجل العظيم على عاميته
وأميته ،وبعده عن الميادين العلمية حفه هللا عز وجل بعنايته وأحاطه بكامل رعايته واختار له أبوين كريمين :أبوه شريف نسيب حسيب من
الساللة الطاهرة النبوية ينتمي نسبه إلى سيدي عيسى بن موالي إدريس؛ أما والدته فهي بنت أخت العارف الكبير سيدي العربي الفشتالي
رضي هللا عنه .توفي والدها وهي صغيرة وتزوجت والدتها رجالً ثانيا ً وبقيت البنت تحت كفالة خالها سيدي العربي فوجه إليها عنايته
ورعايته ،ولما بلغت الحلم زوجها من سيدي مسعود الدباغ والد سيدي عبد العزيز ،وكان من جملة أصحابه الذين يقرؤون القرآن ويجودونه
.ويصححونه عليه
وكان سيدي العربي الفشتالي يقول :رأيت النبي صلى هللا عليه وسلم فقال لي إنه سيولد ولي كبير عند ابنة أختك .فقلت :يا رسول هللا صلى
هللا عليك وسلم ،ومن أبوه؟ فقال صلى هللا عليه وسلم :أبوه مسعود الدباغ .وقالت والدة سيدي عبد العزيز كان سيدي العربي يقول سيولد لكم
ولد اسمه عبد العزيز له شأن عظيم في الوالية ،وكان سيدي العربي يتمنى إدراك والدته ولكنه فاجأه أجله سنة تسعين وألف قبل والدته
بخمس سنوات .ولما حضرته الوفاة أوصى لسيدي عبد العزيز بطاقية وحذاء تركهماـ عند والديه ،وقال لهما هذه أمانة هللا عندكما حتى يولد
.لكما عبد العزيز فأعطوه هذه األمانة
ولما ولد وبلغ من العمر نحواً من أربعة عشر عاما ً ألهم هللا عز وجل والدته فجاءتـ باألمانة وقالت له :يا ولدي إن سيدي العربي الفشتالي
أوصى إليك بهذه األمانة ،فأخذها ولبس الطاقية في رأسه والحذاء في رجليه فتغيرت أحواله وانقلبت عوالمه ونزلت به حالة وعرف لحينه
.ما قال له سيدي العربي الفشتالي وما أشار به إليه
وعقب هذا توفيت والدته فارحة رضي هللا تعالى عنها ،فتزوج والده امرأة أخرى فكانت تسيء إلى سيدي عبد العزيز ،وكانت بجانبها أيضا ً
أمة لوالده فكان يقاسي شدائدهما معاً ،وبمناسبة ذلك يذكر لنا حادثة عجيبة ومشهداً غريبا ً حصل له في ذلك اإلبان فيقول :وقد وقع لي عام
أحد عشر بعد موت أمي ما يستغرب ،وذلك أن أبي تزوج امرأة أخرى واستجور أمة له فجاءتـ فضربتني فقلت أي هم أقاسيه هم األمة أم
هم المرأة! فتكدرت وتغيرت ثم جرت لي سِ نة فرأيت جميع ما يقع لي إلى انصرام أجلي فرأيت من التقى معي من األشياخ ورأيت المرأة
التي أتزوجها ومضت المدة إلى والدة ولدي محمد وذبحت له وسبعت ،ثم رأيت جميع ما يقع لي بعده إلى والدة ابنتي فاطمة ،ورأيت الفتح
الذي وقع لي بعد والدتها وجميع ما أدركته ال يغيب عني شيء منه ،ومن جميع ما وقع لي في عمري وهذا كله في سويعة ولست بنائم حتى
.يكون رؤيا منام .اهـ
لقد حدّث عن نفسه أنه منذ لبس تلك األمانة تاقت نفسه للعبودية الخالصة ،فجعل يبحث عن الوارث المحمدي فكان ال يسمع بشيخ مشهور إال
شيّخه وأخذ عنه ،ثم يتركه ويأخذ عن غيره؛ لما كان يجده في صدره من ضيق .وبقي على حالته تلك متحيراً في أمره مدة من ثالثة عشر
عاما ً من سنة تسع إلى إحدى وعشرين ،وكان يعتاد المبيت بضريح العارف سيدي علي بن حرازم رضي هللا تعالى عنه كل ليلة جمعة مع
جماعة لقراءة بردة المديح ،فخرج ليلة من الضريح وإذا به برجل جالس حذاء الروضة تحت شجرة ،فجعل يكلمه ويكاشفه بأموره ،ولما
تحقق منه أنه ولي هللا عز وجل استأذنه في تلقين الورد فتغافل عنه مدة إلى أن برق الفجر ،ثم أذن له بعد أن أخذ عليه العهد أن ال يتركه.
وكان فيما لقنه أنه يذكر يوميا ً سبعة آالف اللهم يا رب بجاه سيدنا محمد بن عبد هللا صلى هللا عليه وسلم اجمع بيني وبين محمد بن عبد هللا
في الدنيا قبل اآلخرة .ثم خرج عليهما العارف سيدي عمر بن محمد الهواري رضي هللا تعالى عنه وكان قيما ً لروضة سيدي علي فأوصاه
به خيراً ،فكان هذا آخر عهده بالرجل؛ ولم يدر من هو وال أين توجه .ثم يحدثنا أنه عرف بعد الفتح أنه سيدنا الخضر عليه السالم كما أخبره
أيضا ً به سيدي عمر الهواري عند وفاته ،ويصرح لنا سيدي عبد العزيز بأن سيدي الهواري أخبره عند وفاته بأن شيخه هو سيدي العربي
.الفشتالي وانه كان حامالً لبعض أسراره ،ثم ينتقل الجميع لسيدي عبد العزيز بواسطة الهواري
لكل شيء سبب و للفتح عند الصوفية أسباب وطرق البد للسالك من قطعهاـ وهي تختلف باختالف األشخاص ،فقد تكون على بعض القوم
وعرة شاقة وقد تكون على آخرين ميسرة سهلة ،وذلك حسب األوعية واالستعداد الواقع من النفوس .وقد مر على سيدي عبد العزيز الدباغ
رضي هللا تعالى عن