You are on page 1of 5

‫بسم هللا الرحمن الرحيم مولد النبى صلى هللا عليه وسلم لإلمام العالم السيد جعفر البرزنجي

رضى هللا عنه مولد البرزنجي أبتدىء اإلمالء‬


‫باسم الذات العلية مستدرا فيض البركات على ما أناله وأواله * وأثنى بحمد موارده سائغة هنية ممتطيا من الشكر الجميل مطاياه *‬
‫وأصلي وأسلم على النور الموصوف بالتقدم واألولية المتنقل في الغرر الكريمة والجباه * واستمنح هللا تعالى رضوانا يخص العترة‬
‫الطاهرة النبوية ويعم الصحابة واألتباع ومن وااله * وأستجديه هداية لسلوك السبل الواضحة الجلية وحفظا من الغواية في خطط الخطاء‬
‫وخطاه * وأنشر من قصة المولد النبوي برودا حسانا عبقرية ناظما من النسب الشريف عقدا تتحلى المسامع بحاله * وأستعين بحول هللا‬
‫تعالى وقوته القوية فإنه ال حول وال قوة إال باهلل عطر اللهم روضه الشريف بعرف شذي من صالة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك عليه‬
‫فأقول ‪ :‬هو سيدنا محمد بن عبد هللا بن عبد المطلب واسمه شيبة الحمد حمدت خصاله السنية ‪ ،‬ابن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف‬
‫واسمه المغيرة الذي ينتمي االرتقاء لعلياه * ابن قصي واسمه مجمع سمي بقصي لتقاصيه في بالد قضاعة القصية ‪ ،‬إلى أن أعاده هللا‬
‫تعالى إلى الحرم المحترم فحمى حماه * ابن كالب واسمه حكيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر واسمه قريش وإليه تنسب‬
‫البطون القرشية ‪ ،‬وما فوقه كناني كما جنح إليه الكثير وارتضاه * ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس وهو أول‬
‫من أهدى البدن إلى الرحاب الحرمية وسمع في صلبه النبي صلى هللا عليه وسلم ذكر هللا تعالى ولباه * ابن مضر بن نزار بن معد بن‬
‫عدنان ‪ ،‬وهذا سلك نظمت فرائده بنان السنة السنية ‪ ،‬ورفعه إلى الخليل إبراهيم عليه السالم أمسك عنه الشارع وأباه * وعدنان بال ريب‬
‫عند ذوي العلوم النسبية ‪ ،‬إلى الذبيح إسماعيل عليه السالم نسبته ومنتماه * فأعظم به من عقد تألقت كواكبه الدرية ‪ ،‬كيف ال والسيد‬
‫األكرم صلى هللا عليه وسلم واسطته المنتقاة نسب تحسب العال بحاله قلدتها نجومها الجوزاء حبذا عقد سؤدد وفخار أنت فيه اليتيمة‬
‫العصماء وأكرم به من نسب طهره هللا تعالى من سفاح الجاهلية ‪ ،‬أورد الزين العراقي وارده في مورده الهني ورواه حفظ اإلله كرامة‬
‫لمحمد آباءه األمجاد صونا السمه تركوا السفاح فلم يصبهم عاره من آدم وإلى أبيه وأمه سراة سرى نور النبوة في أسارير غررهم البهية‬
‫‪ ،‬وبدر بدره في جبين جده عبد المطلب وابنه عبد هللا عطر اللهم روضه الشريف ‪ ،‬بعرف شذي من صالة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك‬
‫عليه ولما أراد هللا تبارك وتعالى إبراز حقيقته المحمدية ‪ ،‬وإظهاره جسما وروحا بصورته ومعناه * نقله إلى مقره من صدفة آمنة‬
‫الزهرية ‪ ،‬وخصها القريب المجيب بأن تكون أما لمصطفاه * ونودي في السموات واألرض بحملها ألنواره الذاتية ‪ ،‬وصبا كل صب‬
‫لهبوب صباه * وكسيت األرض بعد طول جدبها من النبات حلال سندسية ‪ ،‬وأينعت الثمار وأدنى الشجر للجاني جناه * ونطقت بحمله كل‬
‫دابة لقريش بفصاح األلسن العربية ‪ ،‬وخرت األسرة واألصنام على الوجوه واألفواه * وتباشرت وحوش المشارق والمغارب ودوابها‬
‫البحرية ‪ ،‬واحتست العوالم من السرور كأس حمياه * وبشرت الجن بإظالل زمنه وانتهكت الكهانة ورهبت الرهبانية ‪ ،‬ولهج بخبره كل‬
‫حبر خبير وفي حال حسنه تاه * وأوتيت أمه في المنام فقيل لها ‪ :‬إنك قد حملت بسيد العالمين وخير البرية ‪ ،‬فسميه إذا وضعته محمدا ألنه‬
‫ستحمد عقباه عطر اللهم روضه الشريف ‪ ،‬بعرف شذي من صالة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك عليه ولما تم من حمله شهران على‬
‫مشهور األقوال المروية ‪ ،‬توفي بالمدينة المنورة أبوه عبد هللا * وكان قد اجتاز بأخواله بني عدي من الطائفة النجارية ‪ ،‬ومكث فيهم شهرا‬
‫سقيما يعانون سقمه وشكواه * ولما تم من حمله على الراجح تسعة أشهر قمرية ‪ ،‬وآن للزمان أن ينجلي عنه صداه * حضر أمه ليلة مولده‬
‫الشريف آسية ومريم في نسوة من الحظيرة القدسية ‪ ،‬فأخذها المخاض فوضعته صلى هللا عليه وسلم نورا يتألأل سناه ومحيا كالشمس منك‬
‫مضيء أسفرت عنه ليلة غراء ليلة المولد الذي كان للدين سرور بيومه وازدهاء مولد كان منه في طالع الكفر وبال عليهم ووباء يوم نالت‬
‫بوضعه إبنت وهب من فخار ما لم تنله النساء وأتت قومها بأفضل مما حملت قبل مريم العذراء وتوالت بشرى الهواتف أن قد ولد‬
‫المصطفى وحق الهناء هذا وقد استحسن القيام عند ذكر مولده الشريف أئمة ذوو رواية وروية فطوبى لمن كان تعظيمه صلى هللا عليه‬
‫وسلم غاية مرامه ومرماه عطر اللهم روضه الشريف ‪ ،‬بعرف شذي من صالة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك عليه وبرز صلى هللا عليه‬
‫وسلم واضعا يديه على األرض رافعا رأسه إلى السماء العلية موميا بذلك الرفع إلى سؤدده وعاله * ومشيرا إلى رفعة قدره على سائر‬
‫البرية وأنه الحبيب الذي حسنت طباعه وسجاياه * ودعت أمه عبد المطلب وهو يطوف بهاتيك البنية فأقبل مسرعا ونظر إليه وبلغ من‬
‫السرور مناه * وأدخله الكعبة الغراء وقام يدعو بخلوص النية ويشكر هللا تعالى على ما من به عليه وأعطاه * وولد صلى هللا عليه وسلم‬
‫نظيفا مختونا مقطوع السر بيد القدرة اإللهية طيبا دهينا مكحولة بكحل العناية عيناه * وقيل ختنه جده عبد المطلب بعد سبع ليال سوية‬
‫وأولم وأطعم وسماه محمدا وأكرم مثواه عطر اللهم قبره الكريم ‪ ،‬بعرف شذي من صالة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك عليه وظهر عند‬
‫والدته خوارق وغرائب غيبية إرهاصا لنبوته وإعالما بأنه مختار هللا تعالى ومجتباه * فزيدت السماء حفظا ورد عنها المردة وذوو‬
‫النفوس الشيطانية ورجمت نجوم النيران كل رجيم في حال مرقاه * وتدلت إليه صلى هللا عليه وسلم األنجم الزهرية ‪ ،‬واستنارت بنورها‬
‫وهاد الحرم ورباه * وخرج معه صلى هللا عليه وسلم نور أضاءت له قصور الشام القيصرية فرآها من بطاح مكة داره ومغناه * وانصدع‬
‫اإليوان بالمدائن الكسروية الذي رفع أنوشروان سمكاه وسواه * وسقط أربع وعشر من شرفاته العلوية ‪ ،‬وكسر ملك كسرى لهول ما‬
‫أصابه وعراه * وخمدت النيران المعبودة بالممالك الفارسية لطلوع بدره المنير وإشراق محياه * وغاضت بحيرة ساوة وكانت بين همذان‬
‫وقم من البالد العجمية وجفت إذ كف واكف موجها الثجاج ينابيع هاتيك المياه * وفاض وادي سماوة وهي مفازة في فالة وبرية لم يكن بها‬
‫قبل ماء ينقع للظمآن اللهاه * وكان مولده صلى هللا عليه وسلم بالموضع المعروف بالعراص المكية والبلد الذي ال يعضد شجره وال يختلى‬
‫خاله * واختلف في عام والدته صلى هللا عليه وسلم وفي شهرها وفي يومها على أقوال للعلماء مروية والراجح أنها صبيحة يوم االثنين‬
‫ثاني عشر شهر ربيع األول من عام الفيل الذي صده هللا تعالى عن الحرم وحماه عطر اللهم روضه الشريف ‪ ،‬بعرف شذي من صالة‬
‫وتسليم اللهم صل وسلم وبارك عليه وأرضعته صلى هللا عليه وسلم أمه أياما ثم أرضعته ثويبة األسلمية التي أعتقها أبو لهب حين وافته‬
‫عند ميالده عليه الصالة والسالم ببشراه * فأرضعته مع ابنها مسروح وأبي سلمة وهي به حفية وأرضعت قبله حمزة الذي حمد في نصرة‬
‫الدين سراه * وكان صلى هللا عليه وسلم يبعث إليها من المدينة بصلة وكسوة هي بها حرية إلى أن أورد هيكلها رائد المنون الضريح‬
‫وواراه * قيل على دين قومها الفئة الجاهلية وقيل أسلمت أثبت الخالف ابن مندة وحكاه * ثم أرضعته صلى هللا عليه وسلم الفتاة حليمة‬
‫السعدية وكان قد رد كل من القوم ثديها لفقرها وأباه * فأخصب عيشها بعد المحل قبل العشية ودر ثديها بدر در لبنه اليمين منهما ولبن‬
‫اآلخر أخاه * وأصبحت بعد الهزال والفقر غنية وسمنت الشارف لديها والشياه * وانجاب عن جانبها كل ملمة ورزية وطرز السعد برد‬
‫عيشها الهني ووشاه عطر اللهم قبره الكريم ‪ ،‬بعرف شذي من صالة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك عليه وكان يشب في اليوم شباب‬
‫الصبي في الشهر بعناية ربانية فقام على قدميه في ثالث ومشى في خمس ‪ ،‬وقويت في تسع من الشهور بفصيح النطق قواه * وشق‬
‫الملكان صدره الشريف لديها وأخرجا منه علقة دموية وأزاال منه حظ الشيطان وبالثلج غساله * ومآله حكمة ومعاني إيمانية ثم خاطاه‬
‫وبخاتم النبوة ختماه * ووزناه فرجح بألف من أمته أمة الخيرية ونشأ صلى هللا عليه وسلم على أكمل األوصاف من حال صباه * ثم ردته‬
‫إلى أمه وهي به غير سخية حذرا من أن يصاب بمصاب حادث تخشاه * ووفدت عليه حليمة السعدية في أيام خديجة السيدة الرضية‬
‫فحباها من حبائه الوافر بحياه * وقدمت عليه يوم حنين فقام إليها وأخذته األريحية وبسط لها من ردائه الشريف بساط بره ونداه *‬
‫والصحيح أنها أسلمت مع زوجها والبنين والذرية وقد عدهما في الصحابة جمع من ثقاة الرواة عطر اللهم قبره الكريم ‪ ،‬بعرف شذي من‬
‫صالة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك عليه ولما بلغ صلى هللا عليه وسلم أربع سنين خرجت به أمه إلى المدينة النبوية ثم عادت فوافتها‬
‫باألبواء أو بشعب الحجون الوفاة * وحملته حاضنته أم أيمن الحبشية التي زوجها بعد من زيد بن حارثة مواله * وأدخلته على عبد‬
‫المطلب فضمه إليه ورق إليه وأعال رقيه وقال إن البني هذا شأنا عظيما ‪ ،‬فبخ بخ لمن وقره ووااله * ولم تشك في صباه جوعا وال عطشا‬
‫قط نفسه األبية وكثيرا ما غدا فاغتذى بماء زمزم فكفاه * ولما أنيخت بفناء جده عبدالمطلب مطايا المنية كفله عمه أبو طالب شقيق أبيه‬
‫عبد هللا * فقام بكفالته بعزم قوي وهمة وحمية وقدمه على النفس والبنين ورباه * ولما بلغ صلى هللا عليه وسلم اثنتي عشرة سنة رحل به‬
‫عمه أبو طالب إلى البالد الشامية وعرفه الراهب بحيرا بما حازه من وصف النبوة وحواه * وقال إني أراه سيد العالمين ورسول هللا ونبيه‬
‫قد سجد له الشجر والحجر وال يسجدان إال لنبي أواه * وإنا لنجد نعته في الكتب القديمة السماوية وبين كتفيه خاتم النبوة قد عمه النور‬
‫وعاله * وأمر عمه برده إلى مكة تخوفا عليه من أهل دين اليهودية فرجع به ولم يجاوز من الشام المقدس بصراه عطر اللهم قبره الكريم‬
‫‪ ،‬بعرف شذي من صالة وتسليم اللهم صل وسلم وبارك عليه ولما بلغ صلى هللا عليه وسلم خمسا وعشرين سنة سافر إلى بصرى في‬
‫تجارة لخديجة الفتية ومعه غالمها ميسرة يخدمه ويقوم بما عناه * ونزل تحت شجرة لدى صومعة نسطورا راهب النصرانية فعرفه إذ‬
‫مال إليه ظلها الوارف وآواه * وقال ما نزل تحت هذه الشجرة قط إال نبي ذو صفات تقية ورسول قد خصه هللا بالفضائل وحباه * ثم قال‬
‫لميسرة أفي عينيه حمرة استظهارا للعالمة الخفية فأجابه بنعم فحق لديه ما ظنه وتوخاه * ثم قال لميسرة ال تفارقه وكن معه بصدق وعزم‬
‫وحسن طوية فإنه ممن أكرمه هللا تعالى بالنبوة واجتباه * ثم عاد إلى مكة فرأته خديجة مقبال وهي بين نسوة في علية وملكان على رأسه‬
‫الشريف من ضح الشمس قد أظاله * وأخبرها ميسرة بأنه رأى ذلك في السفر كله وبما قاله الراهب وأودعه إليه من الوصية وضاعف هللا‬
‫في تلك التجارة ربحها ونماه * فبان لخديجة بما رأت وما سمعت أنه رسول هللا إلى البرية فَ َخ َ‬
‫طبَتْه لنفسها لتشم من اإليمان به طِ يب َرياه *‬
‫َطب أبو‬
‫هواه * وخ َ‬ ‫فَأَخبَ َر أَعمامه بما َدعته إليه هذه البَرة النقية ‪ ،‬فَرغِبوا فيها ِلفَضْل ودِين و َجمال ومال و َحسب ونسب كل من القَ ِ‬
‫وم يَ َ‬
‫طالب وأثنى عليه صلى هللا عليه وسلم بعد أن َحمِ َد هللا بمحامِ َد سنية ‪ ،‬وقال ‪ :‬وهو وهللا بَ ْعد له نَبأ ٌعظي ٌم ‪ ،‬يح َمد فيه س َراه * فزوجها منه‬
‫سماه عطر‬‫وأو َل َدها كل أوالدِه إال الذي باسم الخليل َ‬ ‫عليه الصالة والسالم أبوها ‪ ،‬وقيل ‪ :‬عمها ‪ ،‬وقيل ‪ :‬أخوها لسابق سعادتها األزلية ‪ْ ،‬‬
‫صالَة و ت َسلِيم اللهم ص ِل و س ِلم و بارك عليه ولما بلغ صلى هللا عليه وسلم خمسا وثالثين سنة بَنَت‬
‫اللهم قَب َْره الكَريم بعَ ْرف شذِي مِ ن َ‬
‫عظ َم القِيل والقَال ‪ ،‬وتحالفوا‬
‫إلنصدا ِع َها بالسيول األبطحية ‪ ،‬وتَنَازَ عوا في َرفِع الحجر األسود ‪ ،‬فكل أراد َرفعَه ورجاه * و َ‬
‫ِ‬ ‫ريش الكعبة‬
‫ق ٌ‬
‫صائِب وأَنَاه ‪ ،‬فَ َحكَم بتحكيم أَو ِل َداخل من باب‬
‫على ال ِقت َال ‪ ،‬وقَ ِويَتْ العصبية ثم تداعوا إلى اإلنصاف ‪ ،‬و فوضوا األمر إلى ذِي َرأي َ‬
‫ضاه * وأخبروه بأنهم َرضوه أن يكون‬ ‫السدنة الشيبية ‪ ،‬فكان النبي صلى هللا عليه وسلم أَو َل َداخل ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬هذا األمين ‪ ،‬وكلنا ي ْقبله ْ‬
‫وير َ‬
‫ب الح ْكم في هذا المل ِِم َو َوليه ‪ ،‬فوضع الحجر في ثَوب ‪ ،‬ثم أ َ َمر أَن ت َرفَعه القبائل جميعا إلى مرت َقاه * فَ َرفعوه إلى َم َقر ِه من ر ِ‬
‫كن‬ ‫صاحِ َ‬
‫َ‬
‫صالَة و ت َسلِيم‬
‫هاتيك البَنِية ‪ ،‬ووضعه صلى هللا عليه وسلم بيده الشريفة في موضعه اآلن وبَنَاه عطر اللهم قَب َْره الكَريم بعَ ْرف شذِي مِن َ‬
‫سنة على أوفق األقوال المروية ‪َ ،‬بعثَه هللا ت َعالى للعالمين بشيرا‬
‫اللهم ص ِل و س ِلم و بارك عليه ولما كَمل صلى هللا عليه وسلم أربعون َ‬
‫سناه *‬
‫ضاء َ‬
‫ق صبح َ‬ ‫ونذيرا فَ َعمهم ِبرحْ َماه * َوبدِى َء إلى تمام ستة أشهر بالرؤيا الصادقة الجلية ‪ ،‬فكان ال يَرى رؤيا إال جاءت مثل فَلَ ِ‬
‫ب إليه الخَالء ‪ ،‬فكان يَتَعَبد بحراء‬ ‫وإنما ابتدى َء بالرؤيا تمرينا للقوى البشرية ‪ ،‬لئال يَ ْف َجأَه ال َم َلك بِ َ‬
‫صريحِ النبوةِ ‪ ،‬فال ت َ ْقواه ق َواه * َوحبِ َ‬
‫درية ‪ ،‬وثَم أقوا ٌل ‪:‬لسبع ‪،‬‬
‫ووافَاه * وذلك في يوم االثنين لسب َع عشرة َخلت من شهر الليلة ال َق ِ‬ ‫ق َ‬ ‫الليالي الع َددِية ‪ ،‬إلى أن أَتاه فيه َ‬
‫ص ِريح الح ِ‬
‫أو ألربع وعشرين منه ‪ ،‬أو لثمان خلت من شهر مولده الذي بدا فيه َبدر م َحياه * فقال له ‪ :‬اقرأ ‪ ،‬فأبى فَغَطه غطة قَوية‪ ،‬ثم قال له ‪ :‬اقرأ‬
‫سي ْلقى إليه ِب َج ْمعيه ‪َ ،‬ويقَابله ِب ِجد واجتهاد‬
‫‪ ،‬فأبى َفغطه ثانية حتى بلغ منه الجهد وغطاه ثم قال له اقرأ فأبى فغطه ثالثة ليتوجه إلى ما َ‬
‫ت الشذية ‪ ،‬ثم أ ْن ِزلت عليه { يَا أَي َها المدثِر } فجاءه‬
‫ويتلقاه * ثم فَت ََر الوحي ثالث سنين ‪ ،‬أو ثالثين شهرا ‪ ،‬ليشتاق إلى انتشاق هَاتِيكَ النفَ َحا ِ‬
‫ِجبْريل بها ونَا َداه * فكان لنبوته في تقدم { ا ْق َرأْ بِاس ِْم َربِكَ } شَا ِه ٌد على أن لها السابقية ‪ ،‬والتقدم على رسالته بالبشارة والن َ‬
‫ذارةِ لمن َدعاه‬
‫صاحب‬ ‫صالَة و ت َسلِيم اللهم ص ِل و س ِلم و بارك عليه وأول من آمن به من ِ‬
‫الرجال ‪ :‬أبو بكر َ‬ ‫عطر اللهم قَب َْره الكَريم ب َع ْرف شذِي مِن َ‬
‫علي ‪ ،‬و من النِساء ‪ :‬خديجة التي ثبت هللا بها قَلبه َو َو َقاه * ومن الموالي ‪ :‬زيد ابن حارثة ‪ ،‬ومن‬ ‫الصبيان ‪َ :‬‬‫والص ِديقية ‪ ،‬ومن ِ‬‫ِ‬ ‫الغَار‬
‫سعي ٌد ‪ ،‬و َ‬
‫طلحة ٌ‪ ،‬وابن‬ ‫ق ما أواله * ثم أَسلَ َم ‪ :‬عثمان ‪ ،‬و َ‬
‫سع ٌد ‪ ،‬و َ‬ ‫عذبه في هللا أمية ‪ ،‬وأَوالَه َمواله أبو بكر من ال ِعتْ ِ‬
‫األرقاء ‪ :‬بِالَ ٌل الذي َ‬
‫صفِية ‪ ،‬وغيرهم ممن أ َ ْنهلَه الص ِديق َرحِ يق التصديق َو َ‬
‫سقاه * وما زَ الت عِبادته صلى هللا عليه وسلم وأصحابه َم ْخفِية‬ ‫عوف ‪ ،‬وابن العمة َ‬
‫َ‬
‫اب آلهتهم وأ َ َم َر ِب َر ِ‬
‫فض ما سِوى الوحدانية ‪،‬‬ ‫ع َ‬ ‫ع ِبما تؤْ َمر } فَ َج َه َر ِبدعاء الخ َْل ِ‬
‫ق إلى هللا * ولم َيبْع ْد منه قَومه حتى َ‬ ‫نز َل عليه { فَا ْ‬
‫ص َد ْ‬ ‫حتى أ ِ‬
‫ِب عليه عمه أبو‬ ‫فَت َجرؤا على مبَارزَ ت ِه بال َع َداوةِ و أذاه * واشتد البَالء على المسلمين ‪ ،‬فهاجروا في سنة خمس إلى الناحية النجاشية ‪َ ،‬و َحد َ‬
‫ض عليه قيام بعض الساعات الليلية ‪ ،‬ثم ن ِس َخ بقوله تعالى ‪ { :‬فَا ْق َرءواْ َما تَيَس َر مِ ْنه َوأَقِيموا‬ ‫طالب ‪ ،‬فَ َهابَه كل من القَ ِ‬
‫وم وت َحا َماه * وف ِر َ‬
‫وركعتان بالعَشِية ‪ ،‬ثم نسِخ بإيجاب الصلوات ال َخ ْم ِس في ليل ِة َمسْراه * ومات أبو طالب في‬
‫ِ‬ ‫ركعتان بالغَدا ِة‬
‫ِ‬ ‫الصالَة َ } * وف ِر َ‬
‫ض عليه‬
‫عظمت بموته الرزية ‪َ ،‬وت َلته خديجة بعد ثالث ‪ ،‬وشد البالء على المسلمين َوثِيقَ عراه ‪ ،‬وأَوقَعتْ ق ٌ‬
‫ريش به‬ ‫نصف شوال من العاشرة َو َ‬
‫صلى هللا عليه وسلم كل أذية ‪ ،‬وأَم الطائف يَدْعو ثَقِيفا ‪ ،‬فلم يحْ سِنوا باإل َجاب ِة ق َِراه * فأ َ ْغروا به السفهاء والعَبيد فسبوه بألسنة بَذية ‪َ ،‬و َر َم َوه‬
‫صبية ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬إنِي أرجو أن‬ ‫سأله َملَك ِ‬
‫الجبَال في إهالك أهلها ذوي العَ َ‬ ‫ضبت بال ِدماء نَ ْعاله * ثم عاد إلى مكة َحزينا ‪ ،‬فَ َ‬
‫بالحجارة حتى خ ِ‬
‫سري‬
‫َ‬ ‫صالَة و ت َسلِيم اللهم ص ِل و س ِلم و بارك عليه ثم أ‬
‫يخرج هللا من أصالبهم من يَت َواله ) عطر اللهم قَب َْره الكَريم بعَ ْرف شذِي مِ ن َ‬
‫ور َحاب ِه القدسية ‪ ،‬وع ِر َج به إلى السموات ‪ ،‬فرأى آدم في األولى وقد َجللَه‬
‫بِروحِ ه و َجسد ِه يَقظة من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى ِ‬
‫الص ِديق‬
‫صباه * وفي الثالثة يوسف ِ‬ ‫وتي الح ْك َم في ِ‬
‫الوقَار وعاله * وفي الثانية عيسى ابن البَتو ِل البرةِ النقية ‪ ،‬وابن خَالتِ ِه يَحيى الذي أ َ‬
‫َ‬
‫ب في األم ِة اإلسرائيلية ‪ ،‬وفي السادسة‬ ‫بصورته الجمالية ‪ ،‬وفي الرابعة إدريس الذي َرفع هللا َمكانه وأعاله * وفي الخامسة هارون الم َحب َ‬
‫عافاه * ثم‬ ‫سالم ِة القلب وحس ِْن الطوية ‪ ،‬و َح ِف َ‬
‫ظه هللا من نار النمرو ِذ و َ‬ ‫موسى الذي كَلمه هللا ونَا َجاه * وفي السابعة إبراهيم الذي جاء َربه ب َ‬
‫ب األ ْن ِ‬
‫وار‬ ‫ضية ‪ ،‬إلى َمقَ ِام المكافَ َح ِة الذي قَربه هللا فيه وأدناه * وأَما َ‬
‫ط لَه حج َ‬ ‫يف األ ْق ِ‬
‫الم بِاألمور ال َم ْق ِ‬ ‫ص ِر َ‬ ‫إلى ِسد َْرةِ الم ْنت َهى إلى أن َ‬
‫سمِ َع َ‬
‫عليه وعلى أمتِ ِه خَمسينَ‬‫ض َ‬‫ط اإلدالل في الم َجالي الذاتية ‪ ،‬وفَ َر َ‬ ‫سا َ‬ ‫س َ‬
‫ط له ب َ‬ ‫أراه * وبَ َ‬ ‫ال َجاللِية ‪ ،‬و أ َ َراه بِعَ ْينَ ْي َرأ ِس ِه من َحض َْرةِ الربوبِية ما َ‬
‫صدقَه‬‫عا َد في لَ ْيلَته و َ‬ ‫عملية ‪ ،‬ولها أَجْ ر الخَمسين َك َما شَاءه في األزَ ِل وقَ َ‬
‫ضاه * ثم َ‬ ‫ض ِل فَردتْ إلى َخ ْمس َ‬ ‫صالة * ثم ا ْن َهل َ‬
‫س َحاب الفَ ْ‬
‫ضله الشيْطان و ْغواه عطر اللهم قَب َْره الكَريم ب َع ْرف شذِي مِ ن َ‬
‫صالَة‬ ‫ْش ‪ ،‬وارت َد َم ْن أ َ‬ ‫ع ْقل َ‬
‫وروية ‪ ،‬وكَذ َبتْه ق َري ٌ‬ ‫الص ِديق بمسراه * وكل ذِي َ‬ ‫ِ‬
‫اخت َصهم‬ ‫ض نفسه على القَبَائِل بأَنه َرسول هللا في األيام الموسِمية فآ َمنَ به سِتة ٌمِن األ ْن ِ‬
‫صار ْ‬ ‫ع َر َ‬
‫و ت َسلِيم اللهم ص ِل و س ِلم و بارك عليه ثم َ‬
‫ص َرفوا ‪ ،‬و َ‬
‫ظ َه َر اإلسالم بال َمدين ِة ‪ ،‬فكانت َم ْع ِقلَه و َم َأواه *‬ ‫عش ََر َرجال و بايعوه بَيعة َح ِقية ‪ ،‬ثم ا ْن َ‬
‫ضاه * و َحج مِ ْنه ْم في القَابِ ِل إثنَا َ‬
‫هللا بِ ِر َ‬
‫سراه *‬ ‫حاج َحة َ‬
‫َزرجية ‪ ،‬فبا َيعوه وأم َر عليهم إثنا عش ََر نقيبا َج ِ‬ ‫وامرأتان منَ القَبائ ِل األوسِي ِة والخ ِ‬
‫ِ‬ ‫سبْعونَ ‪ ،‬أوثالثة ٌ‪،‬‬ ‫و َقد َِم علي ِه في الثالث َ‬
‫ْش أن َي ْل َحقَ صلى هللا‬
‫وفارقوا األ َ ْوطان ‪َ ،‬ر ْغ َبة فيما أعِد لمن ه َج َر الك ْف َر ون ََاواه * وخافت ق َري ٌ‬
‫َ‬ ‫من مكة ذوو الملة اإلسالمية ‪،‬‬ ‫وها َج َر إليهم ْ‬
‫وردوه‬‫ظه هللا من َك ْي ِدهِم ونجاه * وقد أذِنَ له في الهجرةِ ‪ ،‬فَرقَبَه الم ْش ِركون لِي ِ‬ ‫ص َحابِ ِه على الف َْورية ‪ ،‬فَأْت َ َمروا بِقَتْ ِل ِه ‪ ،‬فح ِف َ‬‫عليه وسلم بِأ ْ‬
‫الص ِديق فيه بال َمعِية وأقاما فيه ثالثا تَحْ مي‬ ‫راب و َحثاه * وأَم َ‬
‫غار ث َ ْور وفازَ ِ‬ ‫ياض ال َمنِية ‪ ،‬فَخ ََر َج عليهم ونَث َ َر على رؤو ِس ِهم الت َ‬
‫َ‬ ‫بِزَ عْمِ ِهم حِ‬
‫ض له س َراقة ‪ ،‬فابت َه َل فيه إلى هللا و َدعاه *‬
‫ال َحمائِم والعناكِب حِ َماه * ثم خ ََر َجا منه وهو صلى هللا عليه وسلم على َخي ِْر َمطِ ية ‪ ،‬وتعر َ‬
‫صالَة و ت َسلِيم اللهم‬
‫سأله األمانَ ‪ ،‬فَ َمنَ َحه إياه عطر اللهم قَب َْره الكَريم ب َع ْرف شذِي مِ ن َ‬
‫ض الصلب ِة القَوية و َ‬ ‫فَساخَتْ قَوائم يَ ْعبو ِبه في ْ‬
‫األر ِ‬
‫ص ِل و س ِلم و بارك عليه و َمر صلى هللا عليه وسلم بق َديْد على ِأم َم ْعبَد الخزاعِية ‪ ،‬وأراد ابتياع َلحم لبن أو منها ‪ ،‬فلم يكن خِ باؤهَا لشيء‬
‫صبْناه *‬‫فنظر إلى شاة في البيت قد خَلفَها ال َج ْهد عن الرعية ‪ ،‬فا ْست َأذنها في َح ْل ِبها ‪ ،‬فأ ِذنَتْ وقالَتْ ‪ :‬لو كان بها َحلَبٌ أل َ‬ ‫َ‬ ‫من ذلك َحواه *‬
‫اإلنا َء وغادره َل َديها آية َجلِية ‪،‬‬‫ب و َمأل َ ِ‬‫وم وأ َ ْرواه * ثم َحلَ َ‬
‫سقى كالا من القَ ِ‬
‫ب‪،‬و َ‬‫وولِيه ‪ ،‬فَ َدرتْ و َحلَ َ‬
‫عا هللا َم ْواله َ‬
‫ع منها ود َ‬
‫الض ْر َ‬
‫س َح ِ‬ ‫فَ َم َ‬
‫ت ت َ ِبض ب َق ْ‬
‫ط َرة َل ِبنية ؟ !فقالت ‪َ :‬مر ِبنا‬ ‫وب بالبي ِ‬‫َب ِبه ال َع َجب إلى أقصاه * وقا َل ‪ :‬أنى َلكِ هذا ‪ ،‬وال َحل َ‬ ‫فجا َء أبو َم ْعبَد ورأى اللبنَ ‪ ،‬فَذه َ‬
‫باركٌ كَذا وكذا جثْمانه و َم ْعناه * فَقال هذا صاحِ ب ق َريْش ‪ ،‬وأ َ ْق َ‬
‫س َم بِك ِل آل ِهية بأنه لَو َرآه ‪ ،‬آل َمنَ به واتبَعَه و َدنَاه * وقَد َِم صلى هللا‬ ‫َرج ٌل م َ‬
‫س َمس ِْج َدها على‬‫أرجاؤها الزكِية وتَلَقاه األ ْنصار ‪ ،‬ونَزَ ل بِقبَاء وأس َ‬ ‫عشَر َربيع األول ‪ ،‬وأ ْش َرقَتْ به ْ‬ ‫عليه وسلم ال َمدينَة َيَ ْو َم االثنين ثاني َ‬
‫اس خ َْلقا‬
‫صالَة و ت َسلِيم اللهم ص ِل و س ِلم و بارك عليه وكان صلى هللا عليه وسلم أ ْكم َل الن ِ‬ ‫ت َ ْقواه عطِ ر اللهم قَب َْره الكَريم ب َع ْرف شذِي مِ ن َ‬
‫حاجباه *‬‫فار قَ ْد منِ َح الز َج َج ِ‬ ‫ض اللَ ْو ِن م ْش َربا ِبح ْم َرة وا ِس َع ال َع ْينَي ِْن أ َ ْك َحلَهما ‪ ،‬أ َ ْه َد َ‬
‫ب األ َ ْش ِ‬ ‫ع القا َم ِة ‪ ،‬أ ْبيَ َ‬
‫سنية ‪َ ،‬م ْرب ِو َ‬
‫وصفات َ‬
‫وخلقا ذا ذات ِ‬
‫سنَ الع ِْرنَي ِْن أ َ ْقناه * بَعِي َد ما‬
‫س ْه َل الخَدي ِْن يرى في أ َ ْن ِف ِه بَ ْعض احْ ديْداب ‪َ ،‬ح َ‬
‫بين ذا َج ْب َهة هِاللِية ‪َ ،‬‬
‫سنَه ‪ ،‬وا ِس َع ال َج ِ‬ ‫مفَل َج األَس ِ‬
‫ْنان ‪ ،‬وا ِس َع الف َِم َح َ‬
‫ش ْعره إلى الشحْم ِة األذنية ‪ ،‬وبَينَ َكتِف ْي ِه‬ ‫عظِ ي َْم الرأْ ِس ‪َ ،‬‬ ‫ض ْخ َم الكَرادِيس ‪ ،‬قلي َل ِ‬
‫لحم العَقِب ‪ ،‬كَث ال ِلحْ يَة ‪َ ،‬‬ ‫ط ال َكتِفَي ِْن ‪َ ،‬‬ ‫س ْب َ‬
‫بَيْنَ ال َم ْن َكبَي ِْن ‪َ ،‬‬
‫ت المِ سْكية ‪ ،‬و َيتَكَفأ ْ في مِشي ِت ِه ‪ ،‬كأَنما َي ْن َحط من َ‬
‫صبب ارتقاه‬ ‫ع ْرفه ْ‬
‫أطيَب من النفَحا ِ‬ ‫ع َرقه كاللؤلؤ ‪ ،‬و َ‬
‫خَات َم النبو ِة قد عمه النور وعاله * و َ‬
‫صبي ِ ‪ ،‬فَي ْعرف َمسه له من بين ِ‬
‫الصبْية ويدْراه‬ ‫رأس ال َ‬
‫ضعها على ِ‬
‫ع ْب َهرية ‪ ،‬ويَ َ‬
‫سائر اليوم َرائِحة َ‬
‫َ‬ ‫صافِح المصافِح بِيَ ِد ِه فَيَجد منها‬
‫* وكانَ ي َ‬
‫أر قبله وال بَع َده مِ ثله ‪ ،‬وال بَش ٌَر يَراه * وكان صلى هللا عليه وسلم‬ ‫القمر في الليل ِة البدرية ‪ ،‬يقول نَاعِته ‪ :‬لم َ‬
‫َ‬ ‫* يَت َألأل َوجْ هه الشريف تألل َؤ‬
‫س ِرية ‪ ،‬ويحب الفقراء والمساكين ويجلس‬ ‫صف نَعله ‪ ،‬ويَ ْرقع ثَوبه ‪ ،‬ويَحلِب شات َه ‪ ،‬ويسير في خِ د َم ِة أَهل ِه بِس َ‬
‫ِيرة َ‬ ‫شَدي َد الحياءِ والتواضع يَ ْخ ِ‬
‫معهم ‪َ ،‬ويعود َمرضاهم ويشَيع َجنائزَ هم ‪ ،‬وال يحقر فقيرا أ َدقعه الف ْقر وأ ْشواه * وي ْقبل ال َم ْعذ َِرةِ ‪ ،‬وال يقَا ِبل أحدا بما يكره ‪ ،‬ويمشي مع‬
‫َلف أصحابِه ويقول ‪ ( :‬خَلو َ‬
‫ظهري للمالئك ِة‬ ‫ضاه * ويَمشي خ َ‬ ‫األرمل ِة وذوي العبودية ‪ ،‬وال يَهاب الملوكَ ‪ ،‬ويغضب هلل تعالى ويَرضى ل ِِر َ‬
‫ِي‬
‫الحجر من الجوع ‪ ،‬وقد أوت َ‬
‫َ‬ ‫صب على بطنِ ِه‬ ‫َرس ‪ ،‬والبغلةَ ‪َ ،‬وحِ مارا بعض الملوكِ إليه إهداه * ويَع ِ‬
‫البعير ‪ ،‬والف َ‬
‫َ‬ ‫الروحانية ) ‪ ،‬ويَركب‬
‫غو ‪َ ،‬ويبدأ من لَقيه بالسالم ‪َ ،‬ويطيل‬ ‫الجبَال بأن تكون له ذهبا فَأباه * وكان صلى هللا عليه وسلم يقِل الل َ‬ ‫وراو َدتْه ِ‬
‫َ‬ ‫َزائن األرضية ‪،‬‬
‫َمفاتي َح الخ ِ‬
‫ض ِل ‪ ،‬ويَمزح وال يقول إال حقا يحِ به هللا تعالى ويَرضاه * وها هنا‬ ‫ب الج َمعِية ‪ ،‬ويتألف أه َل الشرفِ ‪ ،‬وي ْك ِرم أهل الفَ ْ‬ ‫قصر الخ َ‬
‫ط َ‬ ‫الصالة وي ِ‬
‫اإليضاح م ْنت َهاه عطِ ر اللهم قَب َْره الكَريم بعَ ْرف شذِي‬
‫ِ‬ ‫ف بِنَا َجواد ال َمقَا ِل عن االطِ را ِد في ال َح ْلب ِة البيانية ‪ ،‬وبَلَ َغ ظاعِن اإلمالءِ في فَدافِ ِد‬
‫َوقَ َ‬
‫صالَة و ت َسلِيم اللهم ص ِل و س ِلم و بارك عليه اللهم يا باسِط اليدين بالعَطِ ية ‪ ،‬يا من إذا رفِعتْ إليه أكف العَب ِد كَفاه * يا من تَنَزه في ذاتِه‬
‫مِ ن َ‬
‫وصفاتِه األ َحدِية عن أن يكون له فيها نظائِر وأ ْشباه * يا من تفَر َد بال َبقاءِ وال ِق َد ِم واألزَ لِية ‪ ،‬يا من ال ي َرجى َ‬
‫غيْره ‪ ،‬وال ي َعول على سِواه *‬ ‫ِ‬
‫ت الشكِ‬‫أنواركَ الق ْدسِية التي أزا َحتْ من ظلما ِ‬
‫ش َده واست َهداه * نَسْألكَ اللهم بِ ِ‬ ‫درتِه ال َقيومِ ية ‪ ،‬وأر َ‬
‫ش َد بِفضْله من است َْر َ‬ ‫يا من است َن َد األنام إلى ق َ‬
‫ورتِه وأولهم ب َم ْعناه * وبآلِه كَواكِب أ ْم ِن البَ ِرية ‪ ،‬وسفينَ ِة السال َم ِة‬ ‫ت الم َحمدِية ‪ ،‬ومن هو آخِ ر األنبِياءِ بص َ‬ ‫دجاه * ونَت ََوسل إليكَ بش ََرفِ الذا ِ‬
‫صوصية‬ ‫ِ‬ ‫ب والخ‬ ‫سه ْم هلل ي ْبت َغونَ فَضْال من هللا * وبِ َح َملَ ِة ش َِريعَتِ ِه أولي ال َمناقِ ِ‬ ‫صحابه أولِي ال ِهدايَ ِة واأل ْف َ‬
‫ضلِية ‪ ،‬الذينَ بَذلوا نفو َ‬ ‫والنجاةِ * وبأ ْ‬
‫طلَ َبه ومناه ‪،‬‬ ‫الحاضرينَ َم ْ‬‫ِ‬ ‫نجح لِكل من‬ ‫إلخالص النية ‪ ،‬وت ِ‬ ‫‪ ،‬الذين ا ْست َ ْبشَروا بن ْع َمة وفضل من هللا * أن ت َوفِقَنا في األ ْقوا ِل واألعْما ِل ْ‬
‫ظنَناه * وت َ ْكفينا كل م ْدلَ ِهمة وبَلِية ‪ ،‬وال تجْ عَ ْلنا مِ م ْن أ ْهواه هَواه *‬
‫ت واأل ْدواءِ القَ ْلبية ‪ ،‬وت َح ِققَ لنَا من اآلمال ما بِكَ َ‬
‫صنا من أَس ِْر الش َهوا ِ‬
‫وت َخ ِل َ‬
‫عنا كل ذ ْنب َجنَيْناه * وت َعم َج ْمعَنا هذا من خَزائ ِِن مِ نَحِ كَ السنِية ‪ ،‬بِ َرحْ َمة و َم ْغف َِرة ‪،‬‬
‫قين قطوفا دانِيَة َجنِية ‪ ،‬وت َ ْمحو َ‬
‫وتدني لنا من حس ِْن اليَ ِ‬
‫األجْر لِمن َجعَ َل هذا ال َخيْر في هذا ال َي ْو َم وأجْ راه * اللهم‬
‫َ‬ ‫ت ‪ ،‬وأ َ ْ‬
‫صلِح الرعاة َ والرعِية ‪ ،‬وأعْظِ ِم‬ ‫آمن الروعا ِ‬ ‫عم ْن سِواكَ غِناه * اللهم ِ‬
‫ديم َ‬
‫وت َ‬
‫ب ورباه * وا ْغف ِْر لِناسِج هذ ِه البرو ِد الم َحبرة ال َم ْولدية‬
‫س َ‬ ‫غيْثا َيعم ا ْنسِياب َ‬
‫سيْب ِه الس ْب َ‬ ‫وسائر ِبال ِد المسلِمين آمِ نَة َرخِ ية ‪ ،‬وا ْسقِنا َ‬
‫َ‬ ‫اجْ َع ْل َهذِا ال َب ْل َد َ‬
‫‪ ،‬سيدنا َج ْعف َِر من إلى البرزنجي نِ ْسبَت َه وم ْنت َماه ‪ ،‬و َح ِق ْق له الف َْوزَ بِق ْربِكَ والرجا َء واألمنية ‪ ،‬واجْ عَ ْل َم َع المقَربين َمقيلَه وسكناه * واسْت ْر له‬
‫ص ِل وس ِلم على أو ِل قابل للتجلي من ال َحقِي َق ِة‬
‫صغَاه * اللهم َ‬‫سمعه إليه وأ ْ‬ ‫صاخ َ‬ ‫وقارئها ‪ ،‬ومن أ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫صره ‪ ،‬وعيه ‪ ،‬وكاتِبها‬ ‫عجْ زَ ه ‪ ،‬و َح ْ‬‫عيْبه ‪ ،‬و َ‬
‫َ‬
‫ص َره ووااله ‪ ،‬ما ش ِنفتْ اآلذان مِن َوص ِف ِه الد ِري بأ ْقراط َج ْوه َِرية ‪ ،‬وت َ َحلتْ صدور ال َمحافِل المنِيفَ ِة ِبعقو ِد‬
‫صحْ ِب ِه ومن نَ َ‬
‫الكلية ‪ ،‬وعلى آله و َ‬
‫سال ٌم‬
‫صفون ‪ ،‬و َ‬ ‫عما يَ ِ‬‫ب العِزةِ َ‬
‫سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين سبحان ر ِبكَ ر ِ‬ ‫ضل الصالةِ والتسليم على َ‬ ‫حاله * وأ ْف َ‬
‫ب العالمين تم نثر مولد البرزنجي وبالخير عم ويليه بمشيئة هللا سبحانه نظم البرزنجي في المولد الشريف‬
‫سلينَ ‪ ،‬وال َحمد هلل ر ِ‬
‫على الم ْر َ‬

‫‪Source: http://www.fiqihmuslim.com/2016/12/teks-bacaan-kitab-maulid-al-barzanji.html‬‬

You might also like