Professional Documents
Culture Documents
1417984921.8761ملخص أصول الدعوة والحسبة
1417984921.8761ملخص أصول الدعوة والحسبة
والدعوة قد تكون إلى قضية يراد إثباتها أو الدفاع عنها حقاً كانت أم باطالً:
ب إِيَلَّ مِم َّا يَْ % %دعُونَيِن إِلَْي %ِ %ه} ،ومنه %%ا:
َح ُّ
ب ال ِّسْ % %ج ُن أ َ
%ال َر ِّ
فمن ال %%دعوة إىل الباط %%ل{ :قَ َ %
«أبدعوى اجلاهلية وأنا بني أظهركم ».
ومن الدعوة إىل احلق :قوله تعاىل{ :لَهُ َد ْع َوةُ احْلَ ِّق} ،وقول%ه يف كتاب%ه إىل هرق%%ل:
{ويَ%%ا َق%ْ %وِم َم%%ا يِل أ َْدعُ%%و ُك ْم إِىَل
(أدعوك بدعاية اإلسالم) أي دعوته ،وقال مؤمن آل فرعونَ :
َّج ِاة َوتَ ْدعُونَيِن إِىَل النَّا ِر}.
الن َ
وأما الدعوة إلى اهلل تعالى في االصطالح فلها عدة تعريفات ،منها:
أوالً /قيل هي( :تبليغ اإلسالم للناس ،وتعليمه إياهم ،وتطبيقه يف واقع احلياة).
ثانياً /وقيل هي( :البيان والتبليغ هلذا الدين ،أصوالً ،وأركاناً ،وتكاليف ،واحلث عليه ،
والرتغيب فيه ).
ثالثاً /وقيل الدعوة :هي ( العلم الذي تعرف به كافة احملاوالت الفنية املتعددة ،الرامية إىل
تبليغ الناس اإلسالم ،مما حوى عقيدةً ،وشريعة ،وأخالقاً ).
حكم الدعوة إلى اهلل:
السنّة النبوية %الشريفة ،حكم تَبليغ ال ّدعوة إىل اهلل؛ ِ
ومن لقد أوضح القرآن الكرمي ،وبيَّنت ُّ
ُ َ
قسم العلماء هذا احلُكم إىل قسمنْي : ِخالل نُصوص الكتاب ُّ
والسنةَّ ،
واملرسلني ،مث العلماء الذين ِفقهوا
َ القسم األول :إ ّن ال ّدعوة إىل اهلل َف ْرض َعنْي على األنبياء
عرفوا على َشرائعه.دين اهلل ،ووقفوا على أحكامه ،وتَ َّ
األمة فيما بَينهم على األمر باملعروف والنهي عن املنكر،
القسم الثاين :تعاون مَج يع أفراد ّ
حق َلدى مَج يع املسلمني ،و َف ْرض كِفاية إذا قام به البَعض َسقط اإلمث عن اجلَميعّ .أماوهو ّ
ميع مسؤولون ويأمثون عن هذا
َّناصح فيما بينها ،فإ ّن اجلَ َ
األمة عن الت ُ
إن تقاعست ّ
التقاعس%.
.2أدلة وجوب الدعوة إلى هللا تعالى:
وردت عدة أدلة على وجوب الدعوة إىل اهلل تعاىل يف كتاب اهلل وسنة رسوله ،
وذلك على النحو اآليت:
أوالً /األدلة من الكتاب :
ونذكر منها:
-1قال تعاىل :ولتكن منكم أمة يدعون %إىل اخلري ويأمرون باملعروف وينهون %عن
املنكر وأولئك هم املفلحون .ويف قوله :ولتكن أمر ظاهره الوجوب
بعض يأمرون باملعروف - 2قال تعاىل :واملؤمنون واملؤمنات %بعضهم أولياء ٍ
وينهون %عن املنكر ويقيمون الصالة %ويف اآلية :أطلق مسمى اإلميان على من قام باألمر
باملعروف والنهي عن املنكر ،فمن مل يقم به ال يستحق أن يكون %من املؤمنني
- 3قال تعاىل :لُعن الذين كفروا من بين إسرائيل على لسان داود وعيسى بن
مرمي ذلك مبا عصوا %وكانوا يعتدون كانوا ال يتناهون %عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا
يفعلون وهذه اآلية شددت على املقصرين بشأن %الدعوة %إىل اهلل ،وعللت
استحقاقهم اللعنة برتكهم النهي عن املنكر
- 4قال تعاىل :فلما نسوا ما ذكروا به أجنينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا
الذين ظلموا بعذاب بئيس مبا كانوا يفسقون وهذه اآلية بينت %أن الناجني ما حتققت
هلم النجاة إال بالنهي عن السوء ،وهو ما يؤكد أمر الوجوب
- 5قال تعاىل :وتعاونوا على الرب والتقوى %وال تعاونوا على اإلمث والعدوان ،
واألمر الوارد يف هذه اآلية يفيد وجوب احلث على التعاون %،وما قيام الداعية %بواجبه جتاه
املدعو مادياً ومعنوياً %إال صورة واضحة للتعاون الذي حثت عليه اآلية .
ثانياً :األدلة من السنة
استدل العلماء على وجوب الدعوة إىل اهلل بأحاديث كثرية نذكر منها:
X -2-
- 1عن حذيفة بن اليمان أن النيب قال « :والذي نفسي بيده لتَ ُأم ُر َّن
باملعروف ولَتَنهو َّن عن املنكر أو لّي ِ
وش َك َّن اهلل أن يبعث عليكم عقاباً من عنده مث لَتَدعُنَّه فالُ َُ
يستجيب لكم » رواه اإلمام أمحد بإسناد صحيح
-2عن أنس قال :قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « جاهدوا الكفار بأيديكم
وألسنتكم %وأموالكم » رواه النسائي وصححه األلباين.
ويالحظ أن صيغة األمر الواردة يف األحاديث السابقة تدل على الوجوب .
- 3أهداف الدعوة إلى هللا :
أهداف الدعوة إىل كثرية منها:
.1بيان الحق والبالغ المبين:
َنزلْنَ%%ا
{وأ َ
ك} ،وق%%ال تع%%اىل َ : %ك ِمن َّربِّ َ
ول َبلِّ ْغ َم%%ا أُنِ %ز َل إِلَْيَ % ق%%ال تع%%اىل { :يَ%%ا أَيُّ َ%ه%ا َّ
الر ُسُ %
َّاس َما نُِّز َل إِلَْي ِه ْم َولَ َعلَّ ُه ْم َيَت َف َّك ُرو َن} ،وقال (: بلغوا عين ولو آية). الذ ْكَر لِتَُبنِّي َ لِلن ِ إِلَْي َ
ك ِّ
.2الدعوة إلى االستجابة للدعوة وامتثالها قوالً وعمالً:
%ل أ َُّم ٍة َّرس %والً أ َِن ْاعب %ُ %دواْ اللّ%%ه و ِ
{ولََقْ %د َب َع ْثنَ%%ا يِف ُكِّ %
وت} ،مفت%%اح دع%%وة اجتَنبُ%%واْ %الطَّاغُ َ
ََ ْ ُ ُ َ
ون}. %َطيع ِ ِ {اعبُ ُدواْ اللَّهَ َما لَ ُكم ِّم ْن إِلٍَه َغْيُرهُ}َّ ،
{ات ُقوا %اللَّهَ َوأ ُ األنبياءْ %:
.3التبشير واإلنذار:
ه %%و مفت %%اح النفس %اإلنس %%انية فهي جمبول %%ة على طلب اخلري ل %%ذاهتا ،ودف %%ع الش %%ر عنه %%ا،
ين} ،ق %%ال ( :مثلي ومث %%ل م %%ا بعث %%ين اهلل ب %%ه، ِِ {وم%%ا نُر ِس %ل الْمرس %لِ َ ِ
ني إالَّ ُمبَ ِّش ِ %ر َ
ين َو ُمن %%ذر َ َ َ ْ ُ ُْ َ
كمث%% %ل رج %%ل أتى قوم % %اً ،فق%% %ال :ي%% %ا ق%% %وم إين رأيت اجليش بعي%% %ين ،وإين أن%% %ا الن%% %ذير العري %%ان،
فالنج %%اء النج %%اء ،فأطاع% %ه %طائف %%ة من قوم %%ه ،ف %%أدجلوا وانطلق %%وا على مهلهم فنج %%وا ،وكذبت %%ه
طائفة منهم فأصبحوا مكاهنم فصبّحهم اجليش فأهلكهم واجتاحهم ،فذلك مثل من أطاعين
فاتبع ما جئت به ،ومثل من عصاين وكذب مبا جئت به من احلق) متفق عليه.
.4إصالح النفوس وتزكيتها:
ني َر ُس% % %واًل ِّمْن ُه ْم َيْتلُ %% %و َعلَْي ِه ْم آيَاتِ %ِ % %ه َويُ َ% %ز ِّكي ِه ْم ِ
%اىل{:ه%َ % %و الَّذي َب َع َ
ث يِف اأْل ُِّميِّ َ ُ ق %% %ال تع % %
ضاَل ٍل ُّمبِ ٍ ِ ِ ِ ِ
ني}. ْمةَ َوإِن َكانُوا من َقْب ُل لَفي َ َويُ َعلِّ ُم ُه ُم الْكتَ َ
اب َواحْل ك َ
X -3-
.5إقامة الحجة واإلعذار إلى اهلل بأداء األمانة:
X -4-
أركان الدعوة إىل اهلل أربعة هي( :الداعية ،املدعو ،املدعو إليه).
الركن األول :الداعية:
تعريفه:
الداعية في اللغة :هو من يدعو إىل دين أو فكرة.
داع.
والدعاة :قوم يدعون إىل بيعة هدى أو ضاللة ،واحدهم ٍ
ورجل داعية :إذا كان يدعو الناس إىل دين ،أو بدعة ،وأدخلت اهلاء فيه للمبالغة.
وقيل :الداعية :صريخ اخليل يف احلروب ،لدعائه من يستصرخه .يقال :أجيبوا داعية
اخليل .
والداعية في االصطالح هو ( :املبلغ لإلسالم ،واملعلم له ،والساعي %إىل تطبيقه ).
فضله:
للداعية فضائل كثرية منها:
/1إنه خري هذه األمة منزلة ورفعة:
َّاس تَأْمرو َن بِالْمعر ِ وذلك لقوله تعاىلُ (( :كْنتم خير أ َُّم ٍة أُخ ِرج ِ
وف َوَتْن َه ْو َن َع ِن َ ُْ ت للن ِ ُ ُ ْ َ ْ ُ ْ ََْ
الْ ُمْن َك ِر َو ُت ْؤ ِمنُو َن بِاللَّ ِه )).
/2إنه من أهل الفالح يف الدنيا واآلخرة:
وذلك لقوله تعاىل (( :ولْت ُكن ِمْن ُكم أ َُّمةٌ ي ْدعو َن إِىَل اخْل ِ ويأْمرو َن بِالْمعر ِ
وف َو َيْن َه ْو َن َع ِن َ ُْ َرْي َ َ ُ ُ ََ ْ ْ َ ُ
ك ُه ُم الْ ُم ْفلِ ُحو َن)).الْ ُمْن َك ِر َوأُولَئِ َ
/3إن اهلل عز وجل يشمله برمحته وخيصه بنعمته:
ض يأْمرو َن بِالْمعر ِ ِ ِ ِ
وف َ ُْ ض ُه ْم أ َْوليَاءُ َب ْع ٍ َ ُ ُ ات َب ْع ُ
وذلك لقوله تعاىلَ (( :والْ ُم ْؤمنُو َن َوالْ ُم ْؤمنَ ُ
ِ
كالز َكا َة َويُ ِطيعُو َ%ن اللَّهَ َو َر ُسولَهُ أُولَئِ َ
الصال َة َويُ ْؤتُو َ%ن َّ
يمو َن َّ َو َيْن َه ْو َن َع ِن الْ ُمْن َك ِر َويُق ُ
ِ ِ
يم)).َسَي ْرمَحُ ُه ُم اللَّهُ إ َّن اللَّهَ َع ِز ٌيز َحك ٌ
/4إن أجره مستمر ومثوبته دائمة:
X -5-
لقولوه صلى اهلل عليه وسلم ":من دعا إىل هدى كان له من األجر مثل أجور من اتبعه ال
ينقص %ذلك من أجورهم شيئاً".
واجباته:
واجبات الداعية %إىل اهلل كثرية منها:
/1أن يتحلى بالعلم والعمل معاً ،ليكون من الداعيني إىل اهلل على بصرية :لقوله تعاىل:
((قُل ه ِذ ِه سبِيلِي أ َْدعو إِىَل اللَّ ِه علَى ب ِ
ص َري ٍة %أَنَا َو َم ِن اتََّب َعيِن َو ُسْب َحا َن اللَّ ِه َو َما أَنَا ِم َن َ َ ُ َْ َ
ِ
الْ ُم ْش ِرك َ
ني)).
/2أن يعرف األصول الثابتة للدعوة :لئال ينحرف عنها نتيجة ملا قد يقابله من عقبات
أثناء دعوته.
/3أن يكون %عارفاً بأحوال الناس خبرياً مبا يدور يف جمتمعه ،ألن الدواء حُي دد بناءً على
معرفة الداء.
/4أنه ال جيوز له استخدام الوسائل املمنوعة يف دعوته :ألنه ال ميكن أن يصل الداعية %إىل
احلق عن طريق الباطل مهما كان مزيناً ومزخرفاً ،وقد كان بعض الناس ممن ينسب %للدعاة
يف الزمن املاضي يكذبون على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ويضعون عليه األحاديث
بقصد ترغيب الناس يف العبادة ،فإذا اعرتض %عليهم أح ٌد قالوا :حنن نكذب له ال عليه.
والعلماء مل جيوزوا هذا النوع من الكذب حبال ،مع ما فيه من ترغيب العوام %يف العمل
بالسنة.
/5خمالطة الناس يف جمتمعه والتعرف على أحواهلم :ألنه كلما كان الداعية %حمبوباً لدى
اصرِب ْ َن ْف َس َ
ك تعاىل((:و ْ
َ الناس كانت استجابتهم لدعوته أكرب واجتماعهم حوله أكثر قال
َّ ِ
اك َعْن ُه ْم)) ،وقال صلى ين يَ ْدعُو َن َربَّ ُهم بِالْغَ َد ِاة َوالْ َع ِش ِّي يُِر ُ
يدو َن َو ْج َههُ َواَل َت ْع ُد َعْينَ َ% َم َع الذ َ
اهلل عليه وسلم ":املسلم الذي خيالط الناس ويصرب على أذاهم خري من املسلم الذي ال
X -6-
خيالط الناس وال يصرب على أذاهم " رواه أمحد.
/6أن يكون %حريصاً على هداية من يدعوه ،حريصاً على إميانه ساعياً يف ذلك بكل سبيل:
وقد وصف اهلل سبحانه وتعاىل نبيه باحلرص على هداية الناس ،قال تعاىل(( :لََق ْد َجاء ُك ْم
وف َّر ِحيم)). ِِ
يص َعلَْي ُكم بِالْ ُم ْؤمن َ
ني َر ُؤ ٌ ُّم َح ِر ٌ
ِ ِ ِ
ول ِّم ْن أَن ُفس ُك ْم َع ِز ٌيز َعلَْيه َما َعنت ْ
َر ُس ٌ
/7الص %% % %رب على حتم %% % %ل األذى يف ال %% % %دعوة إىل اهلل :فطري %% % %ق ال %% % %دعوة إىل اهلل ليس مفروش% % %اً
بالري%%احني ،والب%%د في%%ه من االبتالء ،ل%%ذلك ك%%ان من أوائ%%ل م%%ا ن%%زل على الن%%يب ص%%لى اهلل علي%%ه
وس %%لم األم %%ر بالص %%رب مقرون% %اً بال %%دعوة إىل اهلل كم %%ا يف قول %%ه تع %%اىل ((:يَ %%ا أَيُّ َه%%ا الْ ُم%%دَّثُِّر* قُ ْم
ِ ِ
ص %رِب ْ))
ك فَا ْ %اه ُج ْر* َواَل مَتْنُن تَ ْس %تَكْثُِر* َولَربِّ َ
الر ْ%ج َ%ز فَ ْ % ك فَ َكِّب ْر* َوثِيَابََ %
%ك فَطَ ِّه ْر* َو ُّ فَأَن %%ذ ْر* َو َربَّ َ
املدثر ،7-1فال ب %%د لل %%داعي إىل اهلل من التحلي بالص %%رب ألن %%ه ال ب %%د وأن ي %%ؤذى يف دعوت %%ه
فك%%ل الرس%ل ق%د ع%%ودوا ،وق%%د ق%ال ورق%ة بن نوف%%ل للن%يب ص%لى اهلل علي%ه وس%لم":مل ي%أيت رج%ل
مبث %%ل م %%ا جئت ب %%ه إال ع %%ودي" ،وق %%ال ص %%لى اهلل علي %%ه وس %%لم " :أش %%د الن %%اس بالءً األنبي %%اء مث
األمثل فاألمثل ".
/8احتس%% %اب أج%% %ر ال%% %دعوة إىل اهلل :جيب على ال%% %داعي إىل اهلل أن يك%% %ون حمتس%% %باً ال يطلب
ِ ِ على دعوته أجراً قال تعاىل((:قُ ْ%ل َم%ا أَ ْس%أَلُ ُك ْم َعلَْي ِ%ه ِم ْن أ ْ%
ني)) ،وح%ىت َج ٍر َو َم%ا أَنَ%ا م َن الْ ُمتَ َكلِّف َ
%وا((:و َم % %ا%
ال يتهم يف دعوت%% %ه وأن%% %ه مل ي%% %دع إال لل%% %دنيا ول%% %ذلك أم%% %ر اهلل مجي%% %ع رس%% %له أن يقولَ % %
ني)) ،وأتب%%اع الرس%%ل واألنبي%اء %جيب أن ِ ي إِاَّل َعلَى َر ِّ
ب الْ َع%%الَم َ أَ ْس%أَلُ ُك ْم َعلَْي ِ%ه ِم ْن أ ْ%
َج ٍر إِ ْن أ ْ%
َج ِر َ
يتأسوا هبم يف دعوهتم إىل اهلل فتكون %دعوهتم إىل اهلل من أج%%ل دين%%ه واحتس%%اباً هلل ،وهبذا جتد
دعوهتم القبول وتنتفي عنهم الظنة ويكونون بعيدين عن الشبهة.
/9الدعوة إىل اهلل يف كل وقت ويف مجيع أحواله وظروفه :وهذا كان منهج مجيع رسل اهلل
عز وجل ،كما قال اهلل تعاىل حاكياً عن نوح عليه السالم((:قال ريب إين دعوت قومي ليالً
وهناراً ،))....وق %%ال عن يوس %%ف علي %%ه الس %%الم (( :ي %%ا ص %%احيب الس %%جن)) ،كم %%ا ك %%ان الن %%يب
X -7-
صلى اهلل عليه وسلم داعياً إىل اهلل عز وجل يف مجيع أوقاته.
/10االس %%تمرار على ال %%دعوة %إىل اهلل وإن مل يس %%تجب أح %%د :ق %%ال الن %%ووي :ال يس %%قط عن
املكل%%ف األم%%ر ب%%املعروف والنهي عن املنك%%ر لكون%%ه ال يفي%%د يف ظن%%ه ،ب%%ل جيب علي%%ه فعل%%ه ف%%إن
مسلم . الذكرى تنفع املؤمنني فإن الذي عليه األمر والنهي %ال القبول " شرح
صفاته:
من أهم الصفات اليت ينبغي أن يتحلى هبا الداعية إىل اهلل تعاىل :
X -8-
.12فصاحة اللسان.
.13احلرص على طلب العلم ،والتحلي بآدابه ،وطلب العلم له آداب ينبغي على الداعي%ة%
احملافظة عليها والتمسك هبا ومراعاهتا.
.14حس%%ن اخلل%%ق ،ألن%%ه من أعظم م%%ا جيذب املدعوين إىل الداعي%%ة ،وإىل العم%%ل مبا ي%%دعو
إليه ،وحسن اخللق يشمل عدة فروع ،منها:
أ -الصرب.
ب -اجلود .
ج -التواضع.
د -احللم واألناة. %
هـ -العفو%.
و -الرفق واللني .
ز -الوفاء.
ح -احلياء.
ط -احرتام الكبري.
ي -الرمحة.
ك -احلرص على النظافة .
X -9-
الركن الثاني :المدعو:
تعريفه:
إن كلمة ( المدعو ) ،مشتقة من دعاه يدعوه ،فهو مدعو .إذن فهو اسم مفعول،
مشتق من أصل الكلمة ( دعا ).
والمدعو في االصطالح( :هو اإلنسان %املخاطب %بدعوة اإلسالم)%.
وعلى ضوء ذلك التعريف نستطيع نذكر جمموعة من القواعد العامة اليت تتعلق
باملدعو على النحو اآليت:
أوالً /املدعوون %إىل اهلل ، هم الناس مجيعاً ،إذ يقول اهلل { : وما أرسلناك إال
كافة للناس بشيراً ونذيراً } ،إذن فينبغي %للداعية إىل اهلل ، أن يتوجه بدعوته للناس
مجيعاً ويعرضها عليهم ويبلغهم إياها من غري استثناء ألحد منهم .
ثانياً /يدخل ضمن املدعوين :اجلن ،إذ جند أن رسول اهلل ، توجه هلم بالدعوة،
وخاطبهم هبا ،وذلك ألهنم مطالبون باإلميان باهلل ، وبرسوله ،والعمل بشريعته ،
يقول اهلل {: وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون } ،ويقول {:يا معشر
الجن واإلنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا
} ،ويقول {:وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا
أنصتوا ،فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من
بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا
داعي اهلل وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم }
حقوقه:
للمدعو حقوق كثرية منها:
/1أن ي%%ؤتى %وي%%دعى :أي أن ال%%داعي %يأتي%%ه وي%%دعوه إىل اهلل تع%%اىل وال جيلس ال%%داعي %يف بيت%%ه
وينتظر جميء الناس إليه ،وهكذا كان يفعل الداعي %األول نبينا الكرمي صلى اهلل عليه وس%لم،
يأيت جمالس قريش ويدعوهم وخيرج إىل القبائل يف منازهلا يف موسم قدومها مك%%ة وي%%دعوهم
ويذهب إىل مالقاة من يقدم إىل مك%%ة ي%%دعوه .فق%%د ج%%اء يف س%%رية ابن هش%%ام" :فك%%ان رس%%ول
اهلل ص%%لى اهلل علي%%ه وس%%لم يع%%رض نفس%%ه يف املواس%%م ،إذا ك%%انت ،على قبائ%%ل الع%%رب ي%%دعوهم
إىل اهلل ،وخيربهم ان%%ه ن%%يب مرس%%ل ويس%%أهلم أن يص%%دقوه ومينع%%وه ح%%ىت ي%%بني عن اهلل م%%ا بعث%%ه ب%%ه
الن اإلميان يتبعه %العمل قال تعاىل ....(( :إال الذين امنوا وعملوا الصاحلات .))....
هذه كانت إطاللة %سريعة على خصائص اإلسالم الذي هو موضوع الدعوة ،والواجب%
على الدعاة أن يبينوا للناس هذه اجلوانب %من عظمة هذا الدين ،وجيعلوا ذلك أصل دعوهتم
فإن أكثر اخللق غافلون عن معرفة اإلسالم جاهلون به ،ولو عرف الناس اإلسالم %حق
معرفته لدخلوا فيه أفواجا كما خرجوا منه ـ
مصادر الدعوة إلى اهلل:
مصادر الدعوة إىل اهلل مخسة وهي :
-1القرآن الكرمي
-2السنة النبوية الشريفة
-3السرية النبوية %املطهرة
-4سرية اخللفاء الراشدين
-5وقائع العلماء والدعاة يف ضوء تلك املصادر
المصدر األول :القرآن الكريم:
تعريفه :يف اللغة :القرآن :مصدر َقرأ يقرأ ،وقيل يف أصول اشتقاقه غري ذلك .
كالعلم ،كما أن
وقد ُ خص بالكتاب املنزل على حممد –صلى اهلل عليه وسلم -فصار له َ
واإلجنيل على عيسى صلى اهلل عليهما وسلم .
َ التوراَة %ملا أنزل على موسى ،
أيضا ،وأصله مصدر كذلك ،مث مسي به النظم الكرمي تسمية ويقال للقرآن :فرقان ً
مفروق بعضه
ٌ للمفعول أو الفاعل باملصدر ،باعتبار أنه كالم فارق بني احلق والباطل ،أو
عن بعض يف النزول ،أو يف السور واآليات.
وفي االصطالح
تعريف الوسائل:
يف اللغة هي :ما يُتوصل ويُتقرب به إىل الشيء ،توسل إىل ربه بوسيلة أي تقرب
إليه بعمل ،وهي الواسلة ،والواصلة ،و القرىب ،ومجعها وسائل و ُو ُسل ،يقول اهلل :
{أولئـك الـذيـن يدعـون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيـهم أقرب}.
ويف االصطالح :ما يتوصل به الداعية %إىل تطبيق مناهج الدعوة من أمور معنوية أو
مادية).
وقيل :هي ما يستعني به الداعية على تبليغ الدعوة من أشياء وأمور.
أنواع وسائل الدعوة إلى هللا تعالى :
نستطيع أن نقسم الوسائل إلى نوعين ،هما:
- 1الوسائل املادية :وهي مجيع األدوات احملسوسة ،كالقول ،والعمل.
- 2الوسائل املعنوية :كالصالة ،والدعاء ،والتخطيط ،والتنظيم .
وأيضاً للوسائل تقسيم آخر ،وهو :
- 1الوسائل األصلية :كالقول ،والعمل .
- 2الوسائل املساعدة :كاملنرب ،ومكرب الصوت .واللباس ،واستغالل املواقف
والفرص ،والنظر للمدعو أثناء احلديث معه ،ووسائل اإلعالم بأنواعها%.
ومما ينبغي %التنبيه عليه أن استخدام الوسائل ،والسعي يف حتصيلها وإتقاهنا ،ال
يتعارض مع التوكل على اهلل .
وينبغي للداعية إلى اهلل ، عند اختيار الوسيلة مراعاة القواعد اآلتية :
- 1أن الوسائل هلا حكم الغايات ،فلذا ال بد من مشروعية الوسيلة.
- 2درء املفاسد مقدم على جلب املصاحل .
- 3دفع أعظم املفسدتني باحتمال أدنامها.
- 4اإلتيان بأعظم املصلحتني إذا مل ميكنا معاً.
موضوعات الدعوة إلى هللا تعالى:
() انظر :احلسبة ( تعريفها ،ومشروعيتها ،وحكمها ، ) ،الدكتور /فضل إهلي ،ص ، 7-5الطبعة األوىل 1
() األحكام السلطانية ،لإلمام املاوردي ،ص ، 240الطبعة األوىل 1327هـ ،ط شركة ومطبعة مصطفى البايب احلليب ، 3
القاهرة .واألحكام السلطانية ،للقاضي أيب يعلى %احلنبلي ،ص ،284طبعة 1403هـ ،ط دار الكتب العلمية %،بريوت.
الشبهة الثانية (( :ترك األمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث ال يضرنا ضالل
الضالين))
يقول بعض الناس :ال جيب علينا األمر باملعروف والنهي %عن املنكر حيث أمرنا اهلل
تعاىل باالهتمام بأنفسنا وبّني أنه ال يضرنا ضالل اآلخرين واستدلوا على ذلك بقوله تعاىل:
يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ال يضركم من ضل إذا اهتديتم .
الرد على الشبهة من جانبين :
أوالً :كشف النقاب عن حقيقة الشبهة من اآلية نفسها :
الشبهة الرابعة (( :ترك االحتساب بسبب عدم استجابة الناس ))
يقول بعض الناس ( :ينبغي أن ال نضيع جهودنا و أوقاتنا يف أمر الناس باملعروف
وهنيهم عن املنكر حيث إهنم ال يستجيبون.) %
الرد على الشبهة :
أوالً :ال يُشترط لوجوب االحتساب قبول الناس :
مل يشرتط اهلل تعاىل وال رسوله لوجوب األمر باملعروف والنهي عن املنكر استجابة
الناس ،بل أوجب اهلل تعاىل على نبيه الكرمي وعلى أمته تبليغ الناس أوامره ونواهيه %سواء
استجابوا %أم مل يستجيبوا .وقد وردت نصوص كثرية تبنّي هذا .منها على سبيل املثال
قوله تعاىل :فإن تولوا فإنما عليه ما ُح ّمل و عليكم ما ُح ّملتم وإن تطيعوه تهتدوا
وما على الرسول إال البالغ المبين .
ومنها قوله تعاىل :فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولّوا فإنما عليك البالغ .
ثانياً :الحكم على الناس بعدم االستجابة من األمور الغيبية :
إن احلكم على الناس بأهنم ال يستفيدون من األمر باملعروف والنهي عن املنكر من
األمور الغيبية %اليت ال يعرفها إال العليم اخلبري .إن قلوب العباد بني إصبعني من أصابع رب
العباد ،يقلّبها مىت شاء وكيف ما شاء .وما أسهل على اهلل تعاىل تقليبها .
فقد روى اإلمام مسلم عن عبداهلل بن عمرو بن العاص رضي اهلل عنهما قال :إنه
مسع رسول اهلل يقول (( :إن قلوب بين آدم كلها بني إصبعني من أصابع الرمحن كقلب
وأوضح النيب الكرمي أن القيام %به شر ٌط للنجاة ،وأن اإلعراض عنه ٌ
سبب
ض للعقوبة ،وحرما ٌن من إجابة الدعوة فقال « :مثل القائم على حدود
وتعر ٌ
للهالكُّ ،
اهلل والواقع فيها ،كمثل قوم استهموا %على سفينة ،فأصاب بعضهم أعالها وبعضهم
أسفلها ،فكان الذين يف أسفلها إذا استقوا من املاء مروا على من فوقهم ،فقالوا :لو أنَّا
خرقنا يف نصيبنا %خرقاً ومل ِ
نؤذ من فوقنا ،فإن يرتكوهم وما أرادوا هلكوا مجيعاً ،وإن
أخذوا على أيديهم جنوا وجنوا مجيعاً» ،وقال « :والذي نفسي بيده! لتأمرن باملعروف
ولتنهو َّن عن املنكر أو ليوشكن اهلل أن يبعث عليكم عقاباً منه ،مث تدعونه فال يستجاب
ُ
لكم».
وأمام ذلك الرتغيب %العظيم والتهديد الشديد بادر املصلحون على امتداد تاريخ األمة
الطويل على اختالف مواقعهم إىل االحتساب يف كافة مستويات اجملتمع وطبقاته %،ولكثرة
الشواهد وسعتها فسأكتفي %بذكر بعض ذلك من خالل سرية النيب وحياته العطرة ،من
خالل ما يلي:
.1احتساب النبي في محيطه األسري:
مل ُت ْل ِه املهام اجلسام اليت كانت موكلة بنبينا %الكرمي من تعليم الناس الكتاب%
واحلكمة ،وتدبري شؤون %األمة ،ومواجهة األخطار احملدقة هبا ،واالنكسار بني يدي ربه آناء
الليل وأطراف النهار ـ مل تلهه عن تربية أسرته الكبرية ،وتوجيهها إىل االبتعاد عما