You are on page 1of 11

‫الربـــــــا ‪6‬‬

‫الربا يف اللغة‪ :‬مبعىن الزيادة‪ ،‬يقال ‪ :‬ربا الشيء إذا زاد‪ ،‬ومن ذلك قول اهلل تبارك وتعاىل ‪:‬‬
‫{ ميحق اهلل الربا ويريب الصدقات}‬
‫ويف الشرع‪ :‬الزيادة أو النسأ يف مبادلة أمو ٍال خمصوصة‪.‬‬

‫حكمه‪:‬‬
‫الربا حمرم بالكتاب والسنة واإلمجاع‪ .‬وهو من الكبائر ‪ ،‬ومن السبع? املوبقات‪ .‬ومل يؤذن‬
‫اهلل تعاىل يف كتابه عاصيا باحلرب سوى آكل الربا ‪ ،‬ومن استحله فقد كفر؛ إلنكاره‬
‫‪ .‬معلوما من الدين بالضرورة‪ .‬أما من تعامل بالربا من غري أن يكون مستحال له فهو فاسق‬

‫‪:‬أدلة التحريم‬

‫من الكتاب‪ :‬قول اهلل تبارك وتعاىل ‪ { :‬وأحل اهلل البيع وحرم الربا }‪.‬وقوله عز وجل ‪{ :‬يا‬
‫أيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنني‪ ،‬فإن مل تفعلوا فأذنوا‬
‫‪.‬حبرب من اهلل ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم ال تظلمون وال تظلمون}‬

‫قال السرخسي ‪ :‬ذكر اهلل تعاىل يف هذه اآليات آلكل الربا مخسا من العقوبات ‪ :‬إحداها ‪:‬‬
‫التخبط ‪ . .‬قال اهلل تعاىل ‪ { :‬ال يقومون إال كما يقوم الذي? يتخبطه الشيطان من‬
‫املس } ‪ .‬الثانية ‪ :‬احملق ‪ . .‬قال تعاىل ‪ { :‬ميحق اهلل الربا } واملراد اهلالك واالستئصال ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬ذهاب الربكة واالستمتاع حىت ال ينتفع به ‪ ،‬وال ولده بعده ‪ .‬الثالثة ‪ :‬احلرب ‪. .‬‬
‫قال اهلل تعاىل ‪ { :‬فأذنوا حبرب من اهلل ورسوله } ‪ .‬الرابعة ‪ :‬الكفر ‪ . .‬قال اهلل تعاىل ‪:‬‬
‫{ وذروا? ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنني } وقال سبحانه بعد ذكر الربا ‪ { :‬واهلل ال حيب‬
‫كل كفار أثيم } أي ‪ :‬كفار باستحالل الربا ‪ ،‬أثيم فاجر بأكل الربا ‪ .‬اخلامسة ‪ :‬اخللود يف‬
‫النار‪-‬أي ملن استحله‪ . -‬قال تعاىل ‪ { :‬ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها‬
‫‪.‬خالدون }‬
‫ومن السنة‪ :‬عن أيب هريرة رضي اهلل عنه عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال ‪ { :‬اجتنبوا‬
‫السبع املوبقات قالوا ‪ :‬يا رسول اهلل وما هن ؟ قال ‪ :‬الشرك باهلل ‪ ،‬والسحر ‪ ،‬وقتل النفس‬
‫اليت حرم اهلل إال باحلق ‪ ،‬وأكل الربا ‪ ،‬وأكل مال اليتيم ‪ ،‬والتويل يوم الزحف ‪ ،‬وقذف‬
‫احملصنات الغافالت املؤمنات}‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبد اهلل ‪-‬رضي اهلل تعاىل عنهما‪ -‬قال ‪ { :‬لعن رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ‪ ،‬وقال ‪ :‬هم سواء }‪.‬‬

‫وأما اإلجماع‪ ،‬فقد أمجعت األمة على حترمي الربا‪.‬‬


‫وجيب على من يقرض أو يقرتض أو يبيع أو يشرتي أن يبدأ بتعلم أحكام هذه املعامالت قبل‬
‫أن يباشرها؛ حىت تكون صحيحة وبعيدة عن احلرام والشبهات‪ ،‬وما ال يتم الواجب إال به فهو‬
‫واجب ‪ ،‬وتركه إمث وخطيئة‪ ،‬وهو إن مل يتعلم هذه األحكام قد خيوض يف الربا وهو جيهل أنه‬
‫تردى يف احلرام‪ ،‬وقد أثر عن السلف أهنم كانوا حيذرون من االجتار قبل تعلم ما يصون‬
‫املعامالت التجارية من التخبط يف الربا‪ ،‬ومن ذلك قول عمر رضي اهلل عنه‪ :‬ال يتجر يف سوقنا‬
‫إال من فقه و إال أكل الربا‪ .‬وقول علي رضي اهلل عنه‪ :‬من اجتر قبل أن يتفقه ارتطم يف الربا مث‬
‫ارتطم مث ارتطم ‪ ،‬أي ‪ :‬وقع وارتبك ونشب ‪.‬‬

‫أنواع الربا‬
‫الربا نوعان‪:‬‬
‫النوع األول‪:‬ربا الديون‪:‬وهو الربا الذي يكون يف عقود املداينات‪ ،‬كالقروض‪ ،‬والبيوع اآلجلة‪.‬‬
‫وهو على نوعني‪:‬‬

‫‪-1‬الزيادة في الدين عند حلوله‪:‬‬


‫ٍ‬
‫شخص آلخر دين –سواء أكان منشؤه قرضاً أم بيعاً آجالً أم‬ ‫وصورة ذلك‪ :‬أن يكون يف ذمة‬
‫غري ذلك‪ -‬فإذا حل األجل ومل يكن عند املدين ما يويف به زاده الدائن يف املهلة يف مقابل أن‬
‫يزيد املدين يف قيمة الدين‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬أن يشرتي أمحد مجال من جوليد بأربعمائة دالر حتل بعد ثالث شهور‪ ،‬فلما جاء‬
‫موعد السداد ومل يتمكن أمحد من السداد قال له جوليد‪ :‬أعطيك مهلة شهر اخر ويصبح‬
‫الدين أربعمائة ومخسني دوالر‪.‬‬
‫فهذه الزيادة من الربا‪ ،‬بل هي أخطر أنواعه وأشدها حترمياً‪ ،‬وتسمى هذه الصورة ‪:‬زدني‬
‫أنظرك‪.‬‬

‫ودليل تحريمها‪ :‬قول اهلل تعاىل‪(:‬ياأيها الذين آمنوا التأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة)‪.‬‬
‫قال قتادة‪ :‬إن ربا اجلاهلية أن يبيع الرجل البيع إىل أجل مسمى فإذا حل األجل ومل يكن عند‬
‫صاحبه قضاء زاد وأخر عنه‪..‬‬

‫‪-2‬الزيادة المشروطة في أصل القرض‪:‬‬

‫شخص آخر مبلغاً من املال‪ ،‬ويشرتط املقرض على املقرتض أن يرد‬


‫ٌ‬ ‫وصورة ذلك‪ :‬أن يقرض‬
‫املبلغ بزيادة‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬احتاج صاحل مبلغاً من املال فأقرضه خالد مائة ألف شلن على أن يردها بعد‬
‫شهر مائة وعشرين ألف‪.‬‬
‫ودليل تحريم ربا القروض‪:‬قوله تعاىل‪(:‬ياأيها الذين آمنوا اتقوا اهلل وذروا ما بقي من الربا –إىل‬
‫قوله‪-‬وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم التظلمون وال تظلمون)‪.‬ووجه الداللة‪ :‬أن اجلملة األخرية‬
‫قد حصرت حق الدائن يف رأس املال الذي أقرضه وال جيوز إذا تاب إال اسرتجاع أصل ماله‬
‫وأن الزيادة عليه ظلم‪.‬‬
‫وقد أمجعت األمة على حترمي كل منفعة مشروطة للمقرض يف عقد القرض‪ ،‬وأهنا من الربا‪.‬‬
‫الحكمة من تحريم ربا الديون‬
‫حرم الربا ملا فيه من اآلثار السيئة على األفراد واجملتمعات‪:‬‬
‫فعلى مستوى األفراد‪ ،‬فإن قلب املرايب ينطبع باألنانية واجلشع والبخل والعبودية للمال حىت‬
‫يؤول به األمر إىل احلال اليت وصف اهلل هبا املرايب بقوله‪ " :‬الذين يأكلون الربا ال يقومون إال‬
‫كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من املس" فهو – يف هلثه وراء املال‪ -‬كاملصروع‪.‬‬
‫وعلى مستوى المجتمعات‪ ،‬فإن اجملتمع الذي ينتشر فيه الربا تظهر فيه آثاره السيئة اجتماعياً‬
‫واقتصادياً‪:‬‬
‫فمن الناحية االجتماعية ‪ ،‬تسود بني أفراد اجملتمع األثرة والتفكك واحلقد والبغضاء لتحل حمل‬
‫احملبة والوئام‪ ،‬وينقسم اجملتمع إىل طبقتني‪ ،‬األثرياء والفقراء‪ ،‬والنتيجة احلتمية أن األغنياء‬
‫غىن بينما الفقراء يزدادون فقراً‪.‬‬
‫يزدادون ً‬
‫ومن الناحية االقتصادية‪ ،‬فإن للربا آثاراً سيئة على اقتصاد البلدان‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الربا يؤدي إىل حرمان اجملتمع من املشروعات اإلنتاجية النافعة‪ ،‬ذلك أن أرباب‬
‫باح مضمونة دون أن تتعرض أمواهلم للخسارة فيقرضون هذه‬ ‫األموال يريدون احلصول على أر ٍ‬
‫األموال ويتقاضون فوائد عليها دون أن تشارك هذه األموال يف التنمية االقتصادية للبلد‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الربا يؤدي إىل ارتفاع أسعار السلع واخلدمات‪ ،‬ألن أصحاب املشروعات االنتاجية‬
‫عندما يقرتضون لتمويل مشروعاهتم فإهنم سيضطرون لرفع أسعار منتجاهتم على الناس لتغطية‬
‫تكاليف اإلنتاج املرتفعة بسبب الربا‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬ربا البيوع‪ :‬وهو الربا الذي يكون حمله عقود املعاوضات واملبادالت التجارية‪.‬‬
‫وهو قسمان‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬ربا الفضل‪ ،‬وهو بيع املال الربوي جبنسه متفاضالً‪.‬‬
‫شرح التعريف‪:‬‬
‫المال الربوي ‪ :‬هو املال الذي جيري فيه ربا البيوع‪ .‬وهو األمثان واألطعمة اليت تقتات وتدخر‪.‬‬
‫بجنسه ‪ :‬أي جنس املال الربوي‪ .‬فالذهب بأنواعه جنس‪ ،‬والتمر بأنواعه جنس‪ ،‬والعمالت‬
‫املختلفة (الورقية واملعدنية والقيدية ( أي املقيدة لدى البنك) والتجارية (كالشيكات)‪ -‬جنس‪،‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫متفاضالً‪ :‬أي من غري تسا ٍو يف املقدار‪.‬‬
‫من أمثلته‪:‬‬
‫صاع من التمر السكري بصاعني من التمر الربحي مع التقابض يف احلال‪.‬‬ ‫‪ -1‬مبادلة ٍ‬
‫ذهب قدمي مع التقابض يف احلال‪.‬‬ ‫ذهب جديد مبائيت جرام ٍ‬ ‫‪ -2‬مبادلة مائة جرام ٍ‬
‫‪ -3‬مبادلة مائة لاير سعودي ورق ٍي بثمانية وتسعني رياالً معدنياً مع التقابض يف احلال‪.‬‬
‫دليل تحريمه‬
‫حديث عبادة بن الصامت –رضي اهلل عنه‪ -‬عن النيب صلى اهلل عليه وسلم أنه قال ‪:‬‬
‫{ الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة‪ ،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والرب بالرب‪ ،،‬وامللح بامللح‪، ،‬والشعري‬
‫بالشعري‪ ،‬مثالً مبثل‪ ،‬سواء بسواء‪ ،‬يداً بيد‪ ،‬فإذا اختلفت هذه األصناف فبيعوا كيف شئتم إذا‬
‫كان يداًبيد }‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬ربا النسيئة‬
‫هو الربا الذي يكون سببه النسيئة – أي التأخري‪.-‬‬
‫تعريفه‬
‫هو بيع املال الربوي ٍ‬
‫مبال ربوي يتفق معه يف العلة مع عدم التقابض يف احلال‪.‬‬
‫شرح التعريف‪:‬‬
‫المال الربوي‪ :‬سبق شرحه‪.‬‬
‫يتفق معه في العلة‪ :‬أي أن يكون للعوضني العلة الربوية نفسها‪ ،‬بأن يكون كالمها من‬
‫األمثان‪ ،‬أو كالمها من األطعمة اليت تقتات وتدخر‪ ،‬سواء احتد جنسهما أو اختلف‪.‬‬
‫التقابض‪ :‬املراد به التسليم والتسلم الفوري يف جملس العقد نفسه‪.‬‬
‫من أمثلته‪:‬‬
‫‪ -1‬مبادلة صاع مت ٍر بصاع ب ٍر مع عدم التقابض يف احلال‪.‬‬
‫‪ -2‬مبادلة مائة جرٍام من الذهب مبائة جرٍام من الذهب مع عدم التقابض‪.‬‬
‫‪ -3‬مبادلة مائة ٍ‬
‫لاير سعودي مبائة دره ٍم إمارايت مع عدم التقابض‪.‬‬
‫أدلة تحريمه‬
‫حديث عمر بن اخلطاب –رضي اهلل عنه‪ -‬أن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ " :‬الذهب‬
‫بالذهب ربا إال هاء وهاء‪ ،‬والرب بالرب ربا إال هاء وهاء‪ ،‬والشعري بالشعري ربا إال هاء وهاء‪،‬‬
‫والتمر بالتمر ربا إال هاء وهاء" فهذا احلديث يدل على وجوب التقابض يف مبادلة الربوي‬
‫جبنسه‪ .‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم يف حديث عبادة املتقدم‪ " :‬فإذا اختلفت هذه األصناف‬
‫فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداًبيد" يدل على وجوب التقابض يف مبادلة الربوي بغري جنسه إذا‬
‫كان متفقاً معه يف العلة الربوية‪.‬‬

‫األموال الربوية‬
‫األموال اليت جيري فيها ربا البيوع هي األصناف الستة املنصوص عليها يف حديث عبادة بن‬
‫الصامت املتقدم وما شاهبها يف العلة‪.‬‬
‫وهذه األموال الربوية قسمان‪:‬‬
‫األول‪ :‬النقدان‪ ،‬ومها الذهب والفضة‪ ،‬والعلة فيهما الثمنية؛ فيلحق هبما ما شاهبهما يف هذه‬
‫العلة‪ ،‬كاألوراق النقدية املعاصرة‪ .‬وكل عملة من هذه األوراق النقدية تعد جنساً خمتلفاً عن‬
‫العملة األخرى‪.‬فالريال السعودي جنس‪ ،‬والريال اليمين جنس‪ ،‬والذهب جنس‪ ،‬والشلن‬
‫الصومالندي جنس وهكذا‪ .‬أما ما ليس بأمثان فال جيري فيه ربا البيوع‪ ،‬مثل املعادن والبيوت‬
‫والسيارات واألجهزة الكهربائية واألثاث وغريها‪.‬‬
‫الثاني‪:‬األطعمة األربعة ‪ ،‬وهي الرب والتمر وامللح والشعري‪ ،‬واألقرب أن العلة فيها هي االقتيات‬
‫واالدخار‪ .‬فيلحق هبذه األصناف ما شاهبها يف هذه العلة‪ ،‬وهي األطعمة اليت يعتمد عليها‬
‫أهل البلد إذا كانت قابلة لالدخار كاألرز والذرة والفول وحنوها‪ .‬أما ما ليس قوتاً والمدخراً فال‬
‫جيري فيه ربا البيوع كالفواكه واخلضروات واأللبان واحللويات واألدوية‪.‬‬
‫قاعدة ربا البيوع‬
‫ٍ‬
‫حاالت مخس‪:‬‬ ‫ال ختلو أي مبادلة بني عوضني من إحدى‬
‫كذهب بذهب‪ ،‬أو ر ٍ‬
‫ياالت‬ ‫ٍ‬ ‫‪-1‬أن تكون املبادلة بني مالني ربويني من ٍ‬
‫جنس واحد‪.‬‬
‫برياالت‪.‬فيشرتط لصحة العقد شرطان‪:‬‬
‫األول‪ :‬التساوي بينهما يف املقدار‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬التقابض قبل التفرق‪.‬‬
‫فإن اختل الشرط األول فهو من ربا الفضل‪ ،‬وإن اختل الشرط الثاين فهو من ربا النسيئة‪ ،‬وإن‬
‫اختل الشرطان مجيعاً فهو من ربا الفضل والنسيئة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون املبادلة بني مالني ربويني خمتلفي اجلنس ومتحدي العلة‪ ،‬كرب بتمر‪ ،‬أو ٍ‬
‫ذهب‬
‫ذهب برياالت‪ ،‬أو رياالت بدوالرات‪ .‬فيشرتط لصحة العقد شرط واحد فقط وهو‬ ‫بفضة‪ ،‬أو ٍ‬
‫التقابض قبل التفرق‪ ،‬وال يشرتط التساوي بينهما‪.‬‬
‫فلو اختل شرط التقابض فهو من ربا النسيئة‪ ،‬وال يتصور يف هذه احلال ربا الفضل‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكون املبادلة بني مالني ربويني خمتلفي اجلنس والعلة‪ ،‬كتم ٍر بذهب‪ ،‬أو ب ٍر بدوالرات‪.‬‬
‫بيت بدوالرات‪.‬‬‫ومال غري ربوي‪ ،‬كسيارٍة برياالت‪ ،‬أو ٍ‬‫مال ربوي ٍ‬ ‫‪ -4‬أن تكون املبادلة بني ٍ‬
‫ٍ‬
‫كساعة جبوال‪ ،‬أو سيارة جديدة بسيارتني‬ ‫‪ -5‬أن تكون املبادلة بني مالني غري ربويني‪،‬‬
‫قدميتني‪.‬‬
‫ففي احلاالت الثالث األخرية ال يشرتط التساوي وال التقابض‪ ،‬بل جيوز التفاضل والتأخري يف‬
‫التسليم‪ ،‬فيصح مثالً شراء السيارة بدوالرات بالتقسيط‪ ،‬ويصح بيع اجلوال جبوالني على أن‬
‫أسبوع مثالً‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫يكون التسليم بعد ٍ‬
‫الحكمة من تحريم ربا البيوع‬
‫حترمي ربا البيوع ‪ -‬بنوعيه الفضل والنسيئة‪ -‬من باب سد الذرائع‪ ،‬ذلك أن ربا الفضل فيه‬
‫زيادة من غري تأخري‪ ،‬وربا النسيئة فيه تأخري من دون زيادة‪ ،‬فقد يكونان ذريعة إىل الوقوع يف‬
‫الربا األعظم وهو ربا الديون الذي كان يتعامل به أهل اجلاهلية‪،‬ألن الربا اجلاهلي مركب من‬
‫ربا الفضل والنسيئة معا ففيه تأجيل وزيادة فمن يدفع ألفاً ليسرتدها ألفاً ومائة بعد سنة‪ ،‬فقد‬
‫مجع حقيقة بني الفضل والنسأ‪،‬وهلذا حرم كل واحد منهما على انفراده لئال يؤدي إىل الربا‬
‫املستبشع‪.‬‬
‫قال ابن القيم‪ :‬إنه حرم التفريق يف الصرف وبيع الربوي مبثله قبل القبض‪ ،‬لئال يتخذ ذريعة إىل‬
‫التأجيل الذي هو أصل باب الربا‪ ،‬فحماهم من قربانه باشرتاط التقابض يف احلال ‪ ،‬مث أوجب‬
‫عليهم فيهم التماثل ‪ ،‬وأن ال يزيد أحد العوضني على اآلخر إذا كانا من جنس واحد حىت ال‬
‫يباع مد جيد مبدين رديئني وإن كانا يساويانه‪ ،‬سدا لذريعة ربا النساء الذي هو حقيقة الربا‪،‬‬
‫وأنه إذا منعهم من الزيادة مع احللول حيث تكون الزيادة يف مقابلة جودة أو صفة أو سكة أو‬
‫حنومها‪ ،‬فمنعهم منها حيث ال مقابل هلا إال جمرد األجل أوىل ‪ ،‬فهذه هي حكمة حترمي ربا‬
‫الفضل اليت خفيت على كثري من الناس ‪ ،‬حىت قال بعض املتأخرين ‪ :‬ال يتبني يل حكمة حترمي‬
‫ربا الفضل ‪ ،‬وقد ذكر الشارع هذه احلكمة بعينها ‪ ،‬فإنه حرمه سدا لذريعة ربا النساء‬
‫‪...‬فتحرمي الربا نوعان ‪ :‬نوع حرم ملا فيه من املفسدة وهو ربا النسيئة ‪ ،‬ونوع حرم حترمي‬
‫الوسائل وسدا للذرائع ‪ ،‬فظهرت حكمة الشارع احلكيم وكمال شريعته الباهرة يف حترمي النوعني‬
‫‪ ،‬ويلزم من مل يعترب الذرائع ومل يأمر بسدها أن جيعل حترمي ربا الفضل تعبدا حمضا ال يعقل‬
‫معناه كما صرح بذلك كثري منهم‪.‬اهـ وظاهر من كالمه –رمحه اهلل‪ -‬أنه يقصد بربا النسأ هنا‬
‫ربا الديون‪.‬‬
‫الفروق بين ربا الديون وربا البيوع‬
‫خيتلف ربا البيوع عن ربا الديون يف أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن ربا البيوع حمرم حترمي وسائل‪ ،‬أما ربا الديون فإنه حمرم حترمي مقاصد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ربا البيوع الجيري إال يف األصناف الستة السابقة وما أحلق هبا‪ ،‬أما ربا الديون فإنه‬
‫جيري يف مجيع األموال بإمجاع العلماء‪ .‬يدل على ذلك أن الربا اجلاهلي الذي نزل القرآن‬
‫بتحرميه كان يف اإلبل‪ ،‬واإلبل ليست من األموال الربوية املنصوصة يف حديث عبادة السابق‬
‫وال هي يف معناها‪.‬‬

You might also like