You are on page 1of 26

‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬

‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫)‪EISSN: 2637-0581 (online‬‬


‫‪Copyright © 2018 Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences. All Rights‬‬
‫‪Reserved.‬‬

‫الربا من منظور السنة النبوية المطهرة‪ :‬دراسة تحليلية نقدية‬


‫‪2‬‬
‫حبيب الله حسن بتورى‪ 1‬صالح سعيد السفران‬
‫ملخص البحث‪ :‬إن موضوع الربا من الموضوعات التي ينبغي لكل مسلم أن يولي اهتمامه‬
‫وقل اهتمام الناس في الفصل‬
‫بها‪ ،‬ال سيّما في الوقت الراهن الذي اختلط فيه الحالل بالحرام‪ّ ،‬‬
‫بينهما‪ ،‬بل انغمسوا في التحيّل على الربا‪ ،‬وغرقوا في شبهات شرعية‪ .‬ومع تعدد األحاديث‬
‫الواردة في تحريم الربا بنوعيه‪ ،‬ال زال المرابون في غيِّّهم وتحيُّلِّهم يعمهون‪ ،‬ولعلهم استظلوا‬
‫تحت تضعيف بعض العلماء أحاديث تعظيم الربا على الزنا‪ ،‬وغيرها من األحاديث الواردة في‬
‫الباب مما قد يؤدي إلى تقليل شأن الربا وتهوينه‪ ،‬وليس أمر الربا بهيّن بل هو عند الله عظيم‪.‬‬
‫أم ارتكنوا إلى دعاوى البعض بأن الربا المحرم هو الربا األصلي الوارد النهي عنه في القرآن‪،‬‬
‫ولعل دراسة الموضوع محل البحث في ضوء السنة النبوية ترفع تلك اإلشكاليات وتكشف‬
‫الحجب وتنير الطريق لفهم حقيقة الربا وصوره وآثاره وأحكامه‪ ،‬وإدراك خطورة التعامل به على‬
‫المجتمع‪ .‬وعليه‪ ،‬تحاول هذه الورقة اإلجابة على تساؤالت آتية‪ :‬ما مفهوم الربا؟ وما‬
‫األحاديث الواردة فيه؟ ما خالصة القول في جواز ربا الفضل من منظور السنة؟ وما أنواع الربا‬
‫وآثاره وأحكامه في ضوء السنة؟‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الربا‪ -‬آثار الربا ‪ -‬السنة النبوية‪ -‬األحكام الشرعية‪.‬‬

‫‪ 1‬باحث دكتوراه بمعهد التمويل والمصرفية اإلسالمية جامعة اإلسالمية العالمية بماليزيا‬
‫‪ 2‬ماجستير بقسم الفقه وأصوله الجامعة اإلسالمية العالمية بماليزيا‬
‫‪85‬‬
Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences
Volume 1, Issue 1, October 2018

ABSTRACT
The concept of Riba is one of the topics that every single Muslim should be concerned about, especially

in the present time when the permissible has mixed up with the prohibited, with inadequate interest in

distinguishing between them. Hence, the majority of people are deeply dealing in Riba without

consciousness. Despite a huge number of narrated Hadiths regarding Riba in its various forms, usurers

are still deluded by the opinion of some scholars who disproof the authenticity of the Hadiths that depict

Riba as higher in danger than adultery. This may have led to a negligent attitude towards the issue of

Riba. Indubitably, treating this issue in the light of Sunah will help to understand the fact about Riba, Its

forms and rulings. Moreover, this paper will provide answer to the questions regarding the concept of

Riba, the narrated Hadiths regarding it, and the main points of argument about Riba al-Fadl from the

perspective of Sunah.

:‫المقدمة‬
‫آمنُوا اتَّ ُقوا اللَّهَ َوذَ ُروا َما بَِق َي‬
َ ‫ين‬
ِ َّ
َ ‫الحمد لله رب العالمين القائل في محكم تنزيله ﴿يَاأَيُّ َها الذ‬
ِِ ِ ‫ِم َن‬
‫ والصالة والسالم على البشير النذير القائل فيما‬،]872:‫ين﴾ [البقرة‬ َ ‫الربَا إِن ُكن تُم ُمؤمن‬
.3"‫ "ما ظهر الربا والزنا في قوم إال أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز وجل‬:‫رواه عنه ابن مسعود‬
!‫ أما بعد‬.‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما‬
‫ أن الربا من‬،‫ وال يرتاب فيه ذو الطبائع السليمة‬،‫إن مما ال يختلف فيه أصحاب العقول النيرة‬
‫ وتسبب التدهور في‬،‫ وتفسد أخالقيات بنيه‬،‫الموبقات العظيمة التي تعرقل تقدم المجتمع‬
‫ فال مستقبل يُتوقع وال تقدم يُرجي لمجتمع الذي انغرق أهله في‬،‫ واألمن‬،‫النظام واالقتصاد‬
:‫ فال غرو في ذلك؛ ألن هذا وعيد الله على المرابين حيث قال جل في عاله‬،‫التعامل بالربا‬
﴾‫س‬ ِ ‫لشيطَا ُن ِم َن ال َم‬
َّ ‫وم الَّ ِذي يَتَ َخبَّطُهُ ا‬
ُ ‫ومو َن إَِّل َك َما يَ ُق‬ ِ ‫ين يَأ ُكلُو َن‬
ُ ‫الربَا َل يَ ُق‬
ِ َّ
َ ‫﴿الذ‬
‫ والربا من أعظم المنكرات‬،‫ وال يترتب وعيد الله إال على المنكر والمذموم‬،]872:‫[البقرة‬

.‫ كتاب غير مطبوع‬،)‫م‬8102( ،‫ أخرجه صهيب عبد الجبار في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد‬3

85
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫الص َدقَ ِ‬
‫ات﴾ [البقرة‪ ،]872:‬وذلك لما يتعلق به من‬ ‫قال تعالى‪﴿ :‬يَم َح ُق اللَّهُ ِ‬
‫الربَا َويُربِي َّ‬
‫أكل مال الغير بالباطل‪ ،‬مما يلحق الضرر بالناس في أنفسهم وأموالهم‪ ،‬وقد قال عليه السالم‬
‫«إنما أموال حرام عليكم كحرمة يومكم هذا»‪ ،‬ومن األسف الشديد أن نظام رأسمالي الذي‬
‫تأسس على الربا والذي يتعامل به الغرب ‪-‬ولم يبرح متمسكا به‪ -‬قد تسرب إلى عالم إسالمي‪،‬‬
‫بل تبنته بعض البلدان اإلسالمية ولم تتحاشي عنه‪ ،‬وزينوه بالعقود المركبة‪ ،‬وجعلوا له هيكالت‬
‫التي ال يُ ِّ‬
‫درك حقيقتَها إال من له ثبت ويملك القدرة الفذة في التمييز بين الحابل والنابل في‬
‫مجال التمويل‪ ،‬ومما ال شك فيه أن أضرار الربا وآثاره خطيرة على المجتمع؛ ألن التعامل به‬
‫إذن بمحاربة الله والرسول‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬فَِإن لَم تَف َعلُوا فَأ َذنُوا بِ َحرب ِم َن اللَّ ِه َوَر ُسولِ ِه﴾‬
‫فأي مجتمع يطيق محاربة الله‪ .‬من هنا تظهر أهية هذا الموضوع حيث إنه جدير بالعناية‬
‫والبحث الدقيق‪ ،‬لكى يدرك المسلمون خطورة التعامل بالربا‪ ،‬ويفهمون مقاصد الزجر عنه‪،‬‬
‫وذلك بتوضيح أحكامه وبيان أنواعه وصوره؛ ليبتعدوا عنه ويتجنبوه‪ ،‬ألجل هذا الغرض أتت‬
‫فكرة اختيار موضوع الربا وإفراده بالدراسة في ضوء السنة النبوية المطهرة‪ ،‬مستعينا بالله على‬
‫تحقيق ذلك‪ ،‬وسائال المولى عز وجل التيسير في بيانه ودراسته‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫مفهوم الربا‪.‬‬
‫الربا بكسر الراء اسم مقصور من َربا‪ ،‬واألصل في معناه الزيادة‪ 4،‬منه قوله تعالى‪﴿ :‬وما أَتيتُم‬ ‫ِّّ‬
‫َّاس فَلَ يَربُو ِعند الله﴾‪[ .‬الروم‪ ،]93 :‬يقال َربا ُ‬
‫المال يَربُو ُربُ ّواً‬ ‫ِمن ِربا لِيَ ربُ َو في أَموال الن ِ‬
‫ورباءً إذا زاد وارتفع ونما‪ ،‬وأربى الرجل أي دخل في الربا‪.‬‬
‫الربا في الصطلح الشرعي‪:‬‬
‫‪5‬‬ ‫أصل ِّ‬
‫المال من غير َع ْقد تبايُع‪.‬‬ ‫الزيادةُ على ْ‬
‫هو ّ‬
‫وذكر المناوي تعريفا البن الكمال يقول فيه بأن الربا‪" :‬فضل خال عن عوض شرط ألحد‬
‫العاقدين"‪.6‬‬
‫وللمذاهب الفقهية األربعة تعريفات أخري للربا نسردها فيما يلي‪:‬‬
‫عرف الحنفية الربا بأنه‪ :‬هو الفضل المستحق ألحد المتعاقدين في المعاوضة الخالي عن‬
‫عوض شرط في العقد‪.7‬‬
‫وأما المالكية فقد عرفوا الربا بأنه‪" :‬الزيادة في العدد أو الوزن محققة أو متوهمة‪ ،‬والتأخير"‪.8‬‬

‫‪ 4‬انظر‪ :‬أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري‪ ،‬النهاية في غريب الحديث واألثر‪ ،‬تحقيق‪ :‬طاهر أحمد الزاوي –‬
‫محمود محمد الطناجي‪( ،‬بيروت‪ :‬المكتبة العلمية‪0373 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪227‬؛ محمد عبد الرؤوف المناوي‪،‬‬
‫التعاريف‪ ،‬تحقيق محمد رضوان الداية‪( ،‬بيروت‪-‬دمشق‪ :‬دار الفكر المعاصر؛ دار الفكر‪ ،‬ط‪0201 ،0‬ه)‪.‬‬
‫‪ 5‬انظر‪ :‬ابن األثير‪ ،‬النهاية في غريب األثر‪ .‬ج‪ ،8‬ص‪227‬؛ ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،02‬ص‪.912‬‬
‫‪ 6‬المناوي‪ ،‬التعاريف‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.922‬‬
‫‪ 7‬انظر‪ :‬علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني‪ ،‬الهداية في شرح بداية المبتدي‪ ،‬تحقيق‪ :‬طالل يوسف‪.‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار احياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪20‬؛ كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي‪ ،‬شرح‬
‫فتح القدير‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.2‬‬
‫‪ 8‬أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخرشي المالكية‪ ،‬شرح مختصر خليل للخرشي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.22‬‬
‫‪06‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫وعرفه الشافعية فقالوا بأن الربا هو‪" :‬عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار‬
‫الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما"‪ .9‬والمقصود بالعوض المخصوص‬
‫هنا أنواع الربويات‪ 10،‬فيشمل التعريف بذلك ربا الفضل وربا اليد وربا النساء‪.‬‬
‫الزيادة في أشياء مخصوصة"‪.11‬‬‫أما تعريف الحنابلة للربا هو أنه " ّ‬
‫ومن خالل العرض السابق يتبن أن تعريف الشافعية للربا هو األوضح ولهذا يكون هو المختار‬
‫لدى الباحث بين التعريفات السالفة الذكر؛ حيث يستحق أن يتصف بالجامع المانع الشتماله‬
‫جميع خصائص الربا ومنعه دخول ما ال يدخل فيه‪.‬‬

‫األحاديث الواردة في الربا‬


‫قد وردت في شأن الربا أحاديث كثيرة منها ما اتفق على صحتها ومنها ما اختلف في‬
‫صحتها‪ ،‬ونحاول في هذا الصدد أن نجمع تلك األحاديث وذكر مواطن الشاهد منها ثم‬
‫شرح ما تيسر من مصطلحاتها وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪« :‬اجتنبوا السبع الموبقات»‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول الله وما هن؟ قال‪« :‬الشرك بالله‪ ،‬والسحر‪ ،‬وقتل النفس التي حرم الله إال‬
‫بالحق‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬والتولي يوم الزحف‪ ،‬وقذف المحصنات المؤمنات‬
‫الغافالت»‪.12‬‬
‫موطن الشاهد من الحديث المذكور هو (أكل الربا)‪ ،‬حيث ع ّد الرسول عليه السالم الربا من‬
‫الموبقات السبع‪ ،‬ومن أكله فقد وقع في الكبيرة ‪-‬والعياذ بالله‪ -‬لذلك حذر النبي عليه السالم‬
‫منه بأبلغ ألفاظ النهي فقال‪( :‬اجتنبوا) بمعنى ابتعدوا‪ ،‬بدال من دعوا واتركوا‪ .‬فاستخدام كلمة‬

‫‪ 9‬محمد بن أحمد الرملي األنصاري‪ ،‬غاية البيان شرح زبد ابن رسلن‪( ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ص‪022‬؛‬
‫زكريا األنصاري‪ ،‬أسنى المطالب في شرح روض الطالب‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محمد تامر‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪8111‬م)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪80‬؛ محمد الخطيب الشربيني‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.80‬‬
‫‪ 10‬انظر‪ :‬شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سالمة القليوبي‪ ،‬حاشية قليوبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب البحوث والدراسات‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الفكر‪0332 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ,‬ج‪ ،8‬ص‪.812‬‬
‫‪ 11‬عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي‪ ،‬المغني‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة القاهرة‪0322 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.9‬‬
‫‪ 12‬أخرجه محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه‪( ،‬دار طوق النجاة‪0288 ،‬ﮬ‪ ،‬ط‪ ،)0‬ج‪ ،2‬ص‪ ،01‬باب قوله‬
‫تعالى‪( :‬إن الذين يأكلون الربا)‪ ،‬رقم‪.8722:‬‬
‫‪06‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫الموبقات أيضاً ليبلغ الزجر أقصاه‪ ،‬فيدرك المرابي خطورة ما يرتكبه وأثاره عليه في الدنيا‬
‫واآلخرة‪.‬‬
‫عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪« :‬لعن الله آكل الربا‪ ،‬وموكله‪،‬‬
‫وشاهده‪ ،‬وكاتبه»‪.13‬‬
‫موطن الشاهد من الحديث أن الله تعالى سوى بين من يأخذ الربا ومعطيه وشاهدين عليه‬
‫وكذا كاتبه‪ ،‬ألنهم جميعا تعاونوا على اإلثم‪ ،‬وقد نهى الشارع عنه وأمر بالتعاون على البر‬
‫والتقوى‪ .‬وسبب التسوية بينهم كما قال ابن قيم رحمه الله تعالى أنهم تحيلوا على الربا بعقد‬
‫ظاهره جائز الكتابة والشهادة‪ ،‬فلعن المعقود له والمعين على العقد‪ ،‬فالمرابي هنا هو المعان‬
‫على أكل الربا بإظهار صورة العقد المكتوب المشهود به‪ ،14‬وال ينجي الشاهدين والكاتب‬
‫من هذا الوعيد إال جهلُهم بحقيقة العقد‪ ،‬وقد ورد هذا االستثناء في لفظ النسائي‪" :‬آكل‬
‫الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه إذا علموا ذلك والواشمة والموشومة للحسن وآلوي الصدقة والمرتد‬
‫أعرابيا بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه و سلم يوم القيامة"‪ ،15‬أي كل‬
‫منهم شريك فى إثم الربا بقدر سعيه وعمله إذا علمه‪ ،‬واللعن ابتعاد من رحمة الله تعالى‪ ،‬فهو‬
‫عذاب كما في حديث ابن مسعود‪" :‬ما ظهر الربا والزنا في قوم إال أحلوا بأنفسهم عقاب‬
‫الله عز وجل"‪ .16‬وال يترتب وعيد الله إال على المنكر‪.‬‬
‫عن سمرة بن جندب رضي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬رأيت الليلة رجلين‬
‫إلى أتياني‪ ،‬فأخرجاني أرض مقدسة‪ ،‬فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى‬
‫وسط النهر رجل بين يديه حجارة‪ ،‬فأقبل الرجل الذي في النهر‪ ،‬فإذا أراد الرجل أن يخرج‬

‫أخرجه أحمد بن حنبل الشيباني في مسنده‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط؛ عادل مرشد وآخرون (بيروت‪ :‬مؤسسة‬ ‫‪13‬‬

‫الرسالة‪8110 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،)0‬باب مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.823‬‬
‫‪ 14‬انظر‪ :‬ابن القيم الجوزية‪ ،‬تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلته‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.028‬‬
‫‪ 15‬أخرجه أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي في المجتبي من السنن‪ .‬تحقيق ‪ :‬عبدالفتاح أبو غدة‪،‬‬
‫(حلب‪ :‬مكتب المطبوعات اإلسالمية‪0322 ،‬م) ج‪ ،2‬ص‪ ،027‬رقم‪.2018‬‬
‫‪ 16‬أخرجه صهيب عبد الجبار في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد‪8102( ،‬م)‪ ،‬كتاب غير مطبوع‪.‬‬

‫‪06‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫رمى الرجل بحجر في فيه‪ ،‬فرده حيث كان‪ ،‬فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر‪،‬‬
‫فيرجع كما كان‪ ،‬فقلت ما هذا؟ فقال‪ :‬الذي رأيته في النهر آكل الربا"‪.17‬‬
‫اعد بالمحق في الدنيا واآلخرة‬ ‫يبين لنا هذا الحديث عظمة أمر الربا وأثره على المرابي‪ ،‬ألنه متو َ‬
‫كما هو مستفاد من اآلية‪( :‬يمحق الله الربا) ألنها على العموم‪ ،‬وقد ذكر ابن بطال ما رواه‬
‫عبد الرزاق عن معمر قال‪" :‬سمعنا أنه ال يأتى على صاحب الربا أربعون سنه حتى يمحق"‪.18‬‬
‫عن أنس بن مالك قال‪ :‬خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر الربا و عظم شأنه‬
‫فقال‪« :‬إن الرجل يصيب من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست و ثالئين زنية يزنيها‬
‫الرجل و إن أربى الربا عرض الرجل المسلم»‪.19‬‬
‫هذا الحديث علق عليه اإلمام البيهقي بالمنكر لتفرد أبي مجاهد‪ ،20‬بروايته عن ثابت‪ ،‬وإن‬
‫كان ضعيفا فال ينافي ضعفه فظيعة الربا‪ ،‬ومن ثم هناك رواية أخرى يتقوى بها هذا الحديث‬
‫منها ما رواه البراء‪ ،‬وهو كما يأتي‪.‬‬

‫‪ 17‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪ ،23‬باب آكل الربا وشاهده وكاتبه‪ ،‬رقم‪.8122:‬‬
‫‪ 18‬انظر‪ :‬أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري المالكي‪ ،‬شرح صحيح البخاري لبن بطال‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬أبو تميم ياسر بن إبراهيم‪( ،‬الرياض‪ :‬مكتبة الرشد‪ ،8119 ،‬ط‪ ،)8‬ج‪ ،2‬ص‪.880‬‬
‫‪ 19‬أخرجه أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي في شعب اإليمان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد السعيد بسيوني زغلول‪( ،‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪0201 ،‬ﮬ‪ ،‬ط‪ ،)0‬ج‪ ،2‬ص‪ ،932‬باب قبض اليد عن األموال المحرمة‪ ،‬رقم‪.2289 :‬‬
‫‪ 20‬هو عبد الله بن كيسان المروزي‪ ،‬يروي عن عكرمة والحسن وابن سيرين وثابت روى عنه الفضل بن موسى وابنه‬
‫إسحاق بن عبد الله بن كيسان‪ ،‬وهو صدوق لكنه يخطئ كثيرا‪ ،‬تركه عبد الله بن المبارك‪ ،‬وقال البخاري بأنه منكر‬
‫الحديث‪ ،‬وقد ضعفه غيرهما من األئمة في مواطن عديدة أمثال الطبراني‪ ،‬ينظر في ذلك‪ :‬محمد بن إسماعيل بن‬
‫إبراهيم بن المغيرة البخاري‪ ،‬التاريخ الكبير‪ ،‬طبع تحت مراقبة‪ :‬محمد عبد المعيد خان‪( ،‬الدكن‪ :‬دائرة المعارف‬
‫العثمانية‪ ،‬حيدر آباد‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪072‬؛ محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي‪ ،‬الثقات‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬شرف الدين أحمد‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪0372 ،0‬م)‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪99‬؛ أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل‬
‫العسقالني الشافعي‪ ،‬لسان الميزان‪ ،‬تحقيق‪ :‬دائرة المعرف النظامية – الهند‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة األعلمي للمطبوعات‪،‬‬
‫ط‪0322 ،9‬م)‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪922‬؛ ابن حجر العسقالني‪ ،‬تقريب التهذيب‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوامة‪( ،‬سوريا‪ :‬دار الرشيد‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪0322 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪903‬؛ محمد بن طاهر المقدسي‪ ،‬ذخيرة الحفاظ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن الفريوائي‪،‬‬
‫(الرياض‪ :‬دار السلف‪0332 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.220‬‬
‫‪06‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫عن البراء بن عازب قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬الربا اثنان وسبعون بابا‪،‬‬
‫أدناها مثل إتيان الرجل أمه‪ ،‬وأربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه»‪.21‬‬
‫وجه الداللة من هذا الحديث أن إثم الربا عظيم‪ ،‬وحتي يسهل إدراك عظمته قارنه عليه السالم‬
‫بما يستوحشه ويستقذره ذو فطرة سليمة وهو اتيان الرجل َأمه‪ ،‬ومع قبح الفعل المقرون به‬
‫عند الله سبحانه وتعالى فقد جعله النبي عليه الصالة والسالم بمثابة أدنى ضرب الربا‪ ،‬ولعل‬
‫سبب تكبير معصية الربا على الزنا هو تعلقه بحقوق العباد ‪-‬كما قال الهروي‪ -22‬والتي هي‬
‫مبنية على المشاحة‪ ،‬حيث أن الزنا في الغالب ال يكون إال برضا الزانية‪ .‬وقد يكون بسبب‬
‫أن الربا معصية تقع بتخطيط وتبين وإصرار خالف الزنا الذي يحدث بشهوة دافعة وغريزة‬
‫‪23‬‬
‫عارمة قاهرة قد ال يستطيع المرء السيطرة عليها‪.‬‬
‫‪ -‬عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأيت ليلة أسري بي لما انتهينا‬
‫إلى السماء السابعة فنظرت فوق قال عفان فوقي فإذا أنا برعد وبرق وصواعق قال فأتيت على‬
‫قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم قلت من هؤالء يا جبريل قال هؤالء‬
‫أكلة الربا فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت أسفل مني فإذا أنا برهج ودخان وأصوات فقلت‬
‫ما هذا يا جبريل قال هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم أن ال يتفكروا في ملكوت‬
‫السموات واألرض ولوال ذلك لرأوا العجائب»‪.24‬‬
‫‪ -‬عن ابن عباس أن النبي عليه السالم قال في خطبة خطبها بالمدينو منها‪« :‬ومن أكل الربا‬
‫مأل الله بطنه نارا بقدر ما أكل‪ ،‬وإن كسب منه ماال لم يقبل الله شيئا من عمله ‪ ،‬ولم يزل‬
‫في لعنة الله ومالئكته ما دام عنده منه قيراط»‪.25‬‬

‫‪ 21‬أخرجه سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬تحقيق‪ :‬طارق بن عوض الله بن‬
‫محمد؛ عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الحرمين‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،7‬ص‪.022‬‬
‫‪ 22‬انظر‪ :‬علي بن (سلطان) محمد‪ ،‬أبو الحسن نور الدين المال الهروي القاري‪ ،‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة‬
‫المصابيح‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪8118 ،0‬م)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.0382‬‬
‫‪ 23‬انظر‪:‬يوسف القرضاوي‪ ،‬فوائد البنوك هي الربا الحرام‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الصحوة‪ ،‬ط‪0332 ،9‬م)‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫‪ 24‬أخرجه أحمد في مسنده‪ ،‬ج‪ ,02‬ص‪.822‬‬
‫‪ 25‬أخرجه أحمد بن أبي بكر بن اسماعيل البوصيري‪ ،‬إتحاف الخيرة المهرة‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.837‬‬

‫‪08‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫‪ -‬عن بشر بن حرب الندبي ‪ ،‬قال‪« :‬سألت ابن عمر عن الصرف ‪ ،‬الدرهم بالدرهمين ‪،‬‬
‫فقال‪ :‬عين الربا عين الربا فال تقربه‪ ،‬هل سمعت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟‪:‬‬
‫خذوا المثل بالمثل»‪.26‬‬
‫عن ابن عمر‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة‬
‫مثال بمثل‪ ،‬إن زاد‪ ،‬فقد أربى‪ ،‬وإن استنظرك أن يدخل بيته فال تدعه»‪.27‬‬

‫أنواع الربا من منظور السنة‬


‫مفصلة ألنواعه‪ ،‬وشأنه في هذا شأن غيره من‬ ‫جاءت آيات الربا في القرآن الكريم جملة غير ِّ‬
‫األحكام التي وردت جملة أو مطلقة غير مفسرة ومقيدة‪ ،‬فكانت السنة النبوية المطهرة مبيّنة‬
‫ومفصلة لمجملها‪ .‬ففي هذا الصدد‪ ،‬مصداقا لما سبق بيانه نرى نوصوصاً‬ ‫لمتشابه هذه اآليات ّ‬
‫نبوية شريفة تُفصل وتُبين مجمل آيات الربا‪ ،‬ومن تلك النصوص قوله عليه السالم فيما رواه‬
‫عبادة بن الصامت قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪« :‬بيعوا الذهب‬
‫بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح سواء بسواء‬
‫مثال بمثل فمن زاد أو استزاد فقد أربى فإذا اختلف هذه األصناف فبيعوها يدا بيد كيف شئتم‬
‫ال بأس به الذهب بالفضة يدا بيد كيف شئتم والبر بالشعير يدا بيد كيف شئتم والملح بالتمر‬
‫يدا بيد كيف شئتم»‪ .28‬وقوله عليه الصالة السالم‪« :‬أال إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع‪،‬‬
‫لكم رءوس أموالكم ال تظلمون وال تظلمون»‪ ،29‬فيشمل هذان النصان نوعين من الربا‪ ،‬وهناك‬
‫حديث آخر بنفسه يبيّن نوعي الربا عن أبي سعيد الخدري‪« :‬أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫و سلم قال‪ :‬ال تبيعوا الذهب بالذهب إال مثال بمثل وال تشفوا بعضها على بعض وال تبيعوا‬

‫‪ 26‬أخرجه سليمان بن داود بن الجارود‪ ،‬مسند أبي داود الطياسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن عبد المحسن التركي‪( ،‬الرياض‪:‬‬
‫دار هجر‪0333 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،)0‬ج‪ ،9‬ص‪.922‬‬
‫‪ 27‬أخرجه البوصير في إتحافه‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.913‬‬
‫‪ 28‬أخرجه البيهقي في السنن الكبرى‪( ،‬حيدر آباد‪ :‬مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند ببلدة‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪ 0922‬ه )‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،828‬رقم‪.01201‬‬
‫‪ 29‬أخرجه البيهقي في السنن الكبرى‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.872‬‬

‫‪00‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫الورق بالورق إال مثال بمثل وال تشفوا بعضها على بعض وال تبيعوا منها شيئا غائبا بناجز»‪.30‬‬
‫‪31‬‬
‫وتوسع بعضهم‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬قسم الفقهاء الربا إلى نوعين ‪ :‬ربا النسيئة وربا الفضل‪ّ ،‬‬
‫وفرعوا منهما تقسيمات أخري‪ ،‬تواصلوا إليها من خالل كل ما ورد في السنة‬ ‫في تقسيم الربا ّ‬
‫من قضايا الربا‪ ،‬نذكر كلها بالتفصيل فيما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬ربا النسيئة‪:‬‬
‫أما ربا النسيئة أو النَّساء فهي الربا المتعارف عليه والمتعامل به في الجاهلية‪ ،‬والذي ورد‬
‫حديث حجة الوداع المذكور أعاله في نهيه‪ ،‬وهو في الديون؛ وذلك أن يكون عليه الدين‬
‫حل األجل ولم يقضي المدين ما عليه من الديون‪ ،‬يزيد له الدائن في األجل بمقابل‬ ‫وإذا ّ‬
‫الزيادة في مبلغ الدين‪ ،‬فيقول أتضي أم تربي‪ .‬وهذه الزيادة ظلم في حق المدين ألنها بدون‬
‫عوض‪ ،‬بخالف البيع الذي هو معاوضة بين شيئين‪ ،‬فلهذا يعتبر الربا كسبا غير طبيعي لذلك‬
‫حرمه اإلسالم درعاً لما تكتنفه من األمراض النفسية واالجتماعية‪ .‬وتتضمن النسيئة صورا‬
‫أخرى غير الصورة المذكورة آنفا ‪-‬أو بتعبير آخر‪ -‬يدخل ربا النسيئة في البيع كما يدخل في‬
‫الديون‪ ،‬وقد تقدم بيان صورته في الديون‪ ،‬حيث أنه هو األصل والذي يتبادر إلى الذهن‬
‫مباشرة إذا ذكر لفظ الربا‪ ،‬وهو المعروف في األمم من قديم الزمن‪ ،‬وال يزال معموال به إلى‬
‫اليوم‪ .‬وأما تضمنه البيع فذلك بتأجيل أحد العوضين أو تأجيلهما معاً بالزيادة‪ ،‬أو تأجيل‬
‫أحدهما بدون الزيادة؛ فهي على الثالث بيانه كالتالي‪:‬‬
‫‪ -0‬أن يباع رطل من القمح حاال برطل ونصف يدفع للبائع مؤجالً‪.‬‬
‫‪ -8‬أن يباع صاع من القمح بصاعين من الشعير يدفعان له بعد ثالثة أشهر‪.‬‬

‫‪ 30‬أخرجه مالك بن أنس األصبحي في الموطأ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪ ،298‬باب بيع الذهب بالفضة‪ ،‬رقم‪.0833 :‬‬
‫‪ 31‬انظر‪ :‬عالء الدين السمرقندي‪ ،‬تحفة الفقهاء‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪0322 ،‬م)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪82‬؛ شهاب‬
‫الدين أحمد بن محمد بن أحمد الشلبي‪ ،‬حاشية َّ‬
‫الشلبي على تبيين الحقائق‪( ،‬القاهرة‪ :‬المطبعة الكبرى األميرية‪،‬‬
‫‪0909‬ه‪ ،‬ط‪ ،)0‬ج‪ ،2‬ص‪22‬؛ أحمد الصاوي‪ ،‬بلغة السالك ألقرب المسالك‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم شاهين‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪0332 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪21‬؛ علي الصعيدي العدوي المالكي‪ ،‬حاشية العدوي على‬
‫شرح كفاية الطالب الرباني‪ ،‬تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ محمد البقاعي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪0208 ،‬ﮬ‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪،8‬‬
‫ص‪.031‬‬
‫‪06‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫فهاتان صورتان تحرم بسبب الزيادة المتفق عليها في العوض‪ .‬وقد يكون بدون زيادة وهو‬
‫حرام بسبب النسيئة‪.‬‬
‫‪ -9‬أن يباع رطل من التمر ناجز تسليمه برطل آخر من التمر مؤجل التسليم‪.‬‬
‫فهذه الصورة وإن لم تكن فيها الزيادة فإنها محرمة مثل الصورتين السابقتين؛ وذلك أن هذا‬
‫الرطل الحالي أكثر قيمة في الواقع من المؤخر تسليمه ألن‬ ‫البيع يلجأ إليه عادة بسبب كون ّ‬
‫المؤجل‪ .32‬وإدخال هذه الصور‬
‫المعجل أكثر قيمة من ّ‬ ‫المعيّن خير من ال ّدين في ال ّذمة‪ ،‬و ّ‬
‫في الربا المحرم باعتبار (ال) الوارد في أية ﴿‪َ ..‬و َح َّرَم ِ‬
‫الربا‪ ﴾..‬للجنس‪ ،‬فال يقتصر النهي على‬
‫النوع المتعامل به في الجاهلية فحسب‪ ،‬بل يشمل كل ما يتوصل به إلى الربا‪ ،‬فقد تحرى‬
‫عمر رضي الله عنه هذا حينما قال‪" :‬فدعوا الربا والريبة"‪33‬؛ فترك مباح أهون من ارتكاب‬
‫حرام‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ربا الفضل‪ :‬أما ربا الفضل فهو‪" :‬فضل عين مال على المعيار الشرعي وهو الكيل والوزن‬
‫عند اتحاد الجنس"‪34‬؛ أي فضل أحد العوضين المتحدين الجنس على اآلخر‪ ،‬فيباع أحدهما‬
‫مع الزيادة على اآلخر؛ كبيع رطل من القمح برطلين من قمح آخر‪ ،‬أو رطل من العسل أو‬
‫التّمر الحجازي برطلين من التمر المصري‪ ،‬وبيع دينار بدينارين‪ ،‬أو درهم بدهمين‪.‬‬
‫فال يختص ربا الفضل بالمكيالت والموزونات فحسب‪ ،‬بل يدخل في الديون أيضاً‪ ،‬وإن‬
‫كان األصل فيه كونه في الموزونات والمكيالت‪ .‬وحقيقة ربا الفضل في الديون هي تلك‬
‫الزيادة المشروطة على المدين‪ ،‬والتي يلزمه دفعها لصاحب المال‪ .35‬وأجمل العالمة األجهوري‬
‫هذه الصور في بيتين فقال‪:36‬‬

‫‪ 32‬وهبة بن مصطفى الزحيلي‪ ،‬التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج‪( ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر المعاصر‪0202 ،‬ﮬ‪،‬‬
‫ط‪ ،)8‬ج‪ ،9‬ص‪.39‬‬
‫َّ ِّ‬
‫أخرجه أحمد في مسنده‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪ ،921‬رقم‪ .8872‬يشير في هذا إلى قوله تعالى‪﴿ :‬يَاأَيُّ َها الذ َ‬
‫ين َآمنُوا اتَّ ُقوا‬ ‫‪33‬‬

‫ين﴾ [البقرة‪ .]872:‬لكونه آخر ما نزل في آيات الربا‪.‬‬‫ِّ ِّ‬ ‫اللَّهَ وذَروا ما ب ِّقي ِّمن ِّ ِّ‬
‫الربَا إ ْن ُكْن تُ ْم ُم ْؤمن َ‬
‫َُ َ َ َ َ ّ‬
‫‪ 34‬عالء الدين السمرقندي‪ ،‬تحفة الفقهاء‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪0322 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ 35‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.32‬‬
‫‪ 36‬محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪،‬‬
‫د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.83‬‬
‫‪05‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫ِّ‬ ‫ِّربا نَسا فِّي النَّ ْق ِّد ِّ ِّ‬


‫َّدا‬ ‫حرْم َومثْ لَهُ ‪ ...‬طَ َعام َوإِّ ْن جْن َس ُ‬
‫اه َما قَ ْد تَ َعد َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ً‬
‫س ُك ّل تَ َو َّح َدا‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ص ِّربا فَ ْ ِّ ِّ‬
‫ضل بنَ ْقد َومثْ لُهُ ‪ ...‬طَ َع ُام ربًا إ ْن جْن ُ‬ ‫َو ُخ َّ َ‬
‫وقد أضاف الدكتور الزحيلي رحمه الله تعالى بيع الدين بالدين في أنواع الربا للنهي الوارد على‬
‫صح عن ابن عمر أن النبي عليه السالم‪« :‬نهى عن بيع الكالئ بالكالئ»‪،38‬‬ ‫‪37‬‬
‫تحريمه ‪ ،‬حيث ّ‬
‫باإلضافة إلى أن اآليات الواردة في تحريم الربا أتت مجملة ومطلقة دون التقييد‪ ،‬فيدخل فيه‬
‫كل بيوع ربوية‪ ،‬وهذا ما نحى أغلب الفقهاء نحوه في دراستهم البيوع‪ ،‬حيث بعد فراغهم من‬
‫بيان البيوع الصحيحة‪ ،‬يردفونها بالربا‪ ،‬باعتبارها بيعا فاسدا‪ ،‬نرى ذلك كثيرا في الكتب الحنفية‬
‫والمالكية‪.‬‬

‫مضار الربا وآثاره من منظور السنة‬


‫للربا مضرات جسمية وآثار خطيرة على نفس المرابي في دنياه وآخرته ‪-‬سيأتي تفصيل ذلك‬
‫الحقا‪ -‬ولم تقتصر تلك اآلثار السيئة والمضرات الجليلة عليه فحسب‪ ،‬بل تتعداه إلى‬
‫المجتمع‪ ،‬وخطره على المجتمع عظيم‪ ،‬ألنه يمثل آفات كبيرة التي تمنع تقدم المجتمع روحيا‬
‫وسلوكيا وماديا‪ ،‬ونبيّن هنا خطره على المرابين ثم على المجتمع‪:‬‬

‫مضار الربا وآثاره على المرابي من منظور السنة‬


‫أول‪ :‬مضار الربا على المرابي في الدنيا‪ :‬لكي يتبين لنا مضار الربا على المرابي ال بد من‬
‫معرفة األسباب التي دهته إلى التعامل به مع علمه بحرمته‪ ،‬حيث إذا تي ّقن المرء العاقل بحرمة‬
‫عما نُهي عنه‪ ،‬لكن صعب على المرابي التراجع ألجل الزيادة‬ ‫شيء هل بقي له إال االنتهاء ّ‬
‫الموجودة في الربا والتي هي غايته المقصودة‪ ،‬وقد وفّر له الشرع الزيادة المباحة؛ والتي يحصل‬
‫عليها من البيع الصحيح‪ ،‬ألن األصل في البيع أو التجارة الربح‪ ،‬وهو زيادة على رأس المال‪،‬‬
‫وإذا التزم التاجر بالضوابط الشرعية في البيوع‪ ،‬فحصل على الزيادة‪ ،‬فهي مرابحة حالل أكلها‪،‬‬
‫فطوعت للمرابين أنفسهم تبديل الزيادة المباحة بالزيادة المحرمة‪ ،‬ليصبحوا‬ ‫ومع هذا كله‪ّ ،‬‬
‫متخبَّطين‪ ،‬فقاسوا البيع بالربا قياسا مع الفارق‪ ،‬قال الله تعالى مخبرا عنهم‪﴿ :‬ذَلِ َ‬
‫ك بِأَنَّ ُهم‬

‫‪ 37‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 38‬أخرجه البيهقي في سننه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،831‬باب ما جاء في النهي عن بيع‪ ،‬رقم‪.01228 :‬‬

‫‪05‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫الربَا﴾‪[ .‬البقرة‪ ،]872:‬ومن هنا تبيّن أن من األسباب التي دهت‬ ‫قَالُوا إِنَّ َما البَ ي ُع ِمث ُل ِ‬
‫جما مع‬
‫المرابي إلى التعامل بالربا‪ :‬الجشع واألنانية‪ ،‬وكراهية الضعفاء‪ ،‬وحب المال حبا ّ‬
‫تقديسه‪ .‬فمن آثار الربا ومضاره عليه‪:‬‬
‫‪ -0‬أن عامله الشرع بنقيض قصده؛ حيث يجب عليه إراقة الفوائد الربوبة تطهيرا لرأس‬
‫وس أ َْم َوالِّ ُك ْم﴾‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫المال‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬وإ ْن تُْب تُ ْم فَلَ ُك ْم ُرءُ ُ‬
‫أصر يحق لإلمام أن يرتصف في أمر‬ ‫‪ -8‬أنه يستتاب‪ ،‬فإن تاب له رأس ماله‪ ،‬فإن ّ‬
‫حسب ما يبدو له صالحا لردعه‪.‬‬
‫‪ -9‬ال يستجاب دعاء آكل الربا؛ ثبت هذا في حديث أبي هريرة أن النبي عليه السالم‬
‫ذكر‪« :‬الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء‪ :‬يا رب يا رب‪،‬‬
‫ومطعمه حرام‪ ،‬ومشربه حرام‪ ،‬وملبسه حرام‪ ،‬وغذي بالحرام‪ ،‬فأنى يستجاب‬
‫لذلك»‪.39‬‬
‫‪ -2‬أن مال الربا ال يدوم في يد المرابي ألنه حرام‪ ،‬فإن دام ال ينتفع به‪ ،‬حيث إن‬
‫ات﴾‬‫الص َدقَ ِ‬ ‫البركة نزعت منه‪ .‬قال تعالى‪﴿ :‬يَم َح ُق اللَّهُ ِ‬
‫الربَا َويُربِي َّ‬
‫[البقرة‪ ،]872:‬وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن مسعود أنه‬
‫قال‪" :‬الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل"‪ .40‬وذلك "أن المرابي يطلب الربا‬
‫زيادة المال‪ ،‬ومانع الصدقة إنما يمنعها لطلب زيادة المال‪ ،‬فبين الله سبحانه‬
‫وتعالى أن الربا سبب النقصان دون النماء‪ ،‬وأن الصدقة سبب النماء دون النقصان‬
‫والزيادة والنقصان إنما يكونان باعتبار العاقبة والنفع في الدارين"‪.41‬‬
‫ثانيا‪ :‬مضار الربا على المرابي في اآلخرة منها‪:‬‬

‫محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي‪ ،‬الجامع الصحيح سنن الترمذي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر وآخرون‪،‬‬ ‫‪39‬‬

‫(بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،881‬رقم‪.8323:‬‬
‫‪ 40‬أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون‪( ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪0333 ،‬م‪ ،‬ط‪،)8‬‬
‫ج‪ ،2‬ص‪ ،837‬رقم‪.9722 :‬‬
‫‪ 41‬محمد علي الصابوني‪ ،‬روائع البيان تفسير آيات األحكام‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الصابوني‪8117 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،)0‬ج‪،0‬‬
‫ص‪.877‬‬
‫‪66‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫أنه يقوم يوم القيامة متخبطاً في المشي‪ ،‬أي يبعث في صورة المجنون؛ وذلك أن‬ ‫‪-0‬‬
‫الله سبحانه وتعالى يثقل بطون المرابين بما أكلوا من الربا‪ ،‬كما ثبت في حديث‬
‫سمرة بن جندب السالف الذكر‪.42‬‬
‫أن الربا يوقع المتعامل به في اللعنة حيث ثبت أن النبي عليه السالم «لعن آكل‬ ‫‪-8‬‬
‫الربا‪ ،‬وموكله‪ ،‬وكاتبه‪ ،‬وشاهديه»‪.43‬‬
‫أن الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم في محاربته مادم يتعامل بالربا‪ ،‬وقد روي‬ ‫‪-9‬‬
‫عن ابن عباس أنه قال‪" :‬يقال يوم القيامة آلكل الربا‪ :‬خذ سالحك للحرب"‪.44‬‬
‫أن المرابي مغضوب عليه‪ ،‬ألنه كثير اإلثم‪ ،‬حيث أن الله سبحانه وتعالى ختم أية‬ ‫‪-2‬‬
‫الربا بقوله‪َ ﴿ :‬واللَّهُ َل يُ ِح ُّ‬
‫ب ُك َّل َك َّفار أَثِيم﴾‪ ،‬وصيغة "كفار" و "أثيم" من صيغ‬
‫المبالغة‪ ،‬بمعني كثير الكفر واإلثم‪ 45،‬فيدل ذلك على أن الربا من فعل الكفار‪،‬‬
‫واليهود الذين غضب الله عليهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مضار الربا على المجتمع‪:‬‬
‫خطر الربا على المجتمع كبير جدا؛ وذلك أنه يفسده من جميع نواحي‪ ،‬وينبذه سلوكيا وروحيا‬
‫يمه المشيدة‪ ،‬وأي تقدم يُتوقع لمجتمع‬ ‫ِّ‬
‫واقتصاديا من حيث الجذور‪ ،‬فال يبقي للمجتمع ق ُ‬
‫الذي تخلى عن قيمه؟ إذن فالربا جريمة اجتماعية ودينية معا‪ .‬ومن مضاره على المجتمع ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫‪ -0‬أنه يورث الكسل ويعطل الطاقة البشرية للكسب الطبيعي‪ ،‬فبذلك تنتشر البطالة‬
‫وال يبقي أحد في المجتمع يعتمد على نفسه بل على ظلم الضعفاء‪ ،‬ويكثر‬
‫التخضم بدون عمل‪ ،‬وهذا يؤدي حتماً إلى انهيار المجتمع‪.‬‬

‫‪ 42‬ينظر صفحة ‪ ،2‬من هذا البحث‪.‬‬


‫‪ 43‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫أخرجه أبوبكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي‪ ،‬في المجالس وجواهر العلم‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن‬ ‫‪44‬‬

‫حسن آل سلمان‪( ،‬الحرين‪-‬بيروت‪ :‬جمعية التربية اإلسالمية؛ دار ابن حزم‪0203 ،‬ﮬ‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،927‬رقم‪:‬‬
‫‪.8727‬‬
‫‪ 45‬انظر‪ :‬الصابوني‪ ،‬روائع البيان تفسير آيات األحكام‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.877‬‬

‫‪66‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫إذا انتشر الربا في المجتمع يؤدي إلى حلول غضب الله وعذابه‪ ،‬وإذا نزل ال‬ ‫‪-8‬‬
‫يخص فئة دون غيرها بل يغشاهم جميعاً‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬واتَّ ُقوا فِت نَة َل تُ ِ‬
‫صيبَ َّن‬ ‫َ‬
‫اصة﴾‪[ ،‬األنفال‪ ،]82:‬فقد روى ابن مسعود أنه عليه‬ ‫ين ظَلَ ُموا ِمن ُكم َخ َّ‬ ‫َّ ِ‬
‫الذ َ‬
‫السالم قال‪« :‬ما ظهر الربا والزنا في قوم إال أحلوا بأنفسهم عقاب الله عز‬
‫وجل»‪.46‬‬
‫الربا يقتل مشاعر الشفقة عند اإلنسان‪ ،‬وذلك أن المرابي ال يضره أن يجرد المدين‬ ‫‪-9‬‬
‫من جميع أمواله إذا قدر على فعله‪ 47،‬وهذا يحدث انعكاسات سيئة على‬
‫المجتمع حيث ال يبقي من يحمل هموم الفقراء ويولي اهتمامه بقضاء حوائج‬
‫المساكين‪ ،‬ومن هذه الناحية تعد الربا جريمة ضد اإلنسانية‪ ،‬قال النبي فيما رواه‬
‫أبو هريرة‪« :‬من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا‪ ،‬نفس الله عنه كربة من كرب‬
‫يوم القيامة‪ ،‬ومن ستر مسلما‪ ،‬ستره الله في الدنيا واآلخرة‪ ،‬ومن يسر على معسر‪،‬‬
‫يسر الله عليه في الدنيا واآلخرة‪ ،‬والله في عون العبد ما كان العبد في عون‬
‫أخيه»‪.48‬‬
‫ومنها أن الربا يثير العداوة والبغضاء بين األفراد والمجتمعات‪ ،‬ويحدث التقاطع‬ ‫‪-2‬‬
‫والفتنة‪.49‬‬
‫الربا ال يساعد االقتصاد بالنهوض بل يدفعه إلى الهبوط‪ ،‬حيث يوجهه توجيها‬ ‫‪-2‬‬
‫منحرفا‪ ،‬فاعتماد الدولة عليه مغامرة؛ ألن نتيجته إذا أتت بغير ما هو متوقع ينهار‬
‫االقتصاد‪.‬‬

‫أحكام الربا من منظور السنة النبوية‪:‬‬

‫‪ 46‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪ 47‬انظر‪ :‬سعيد بن علي بن وهب القحطاني‪ ،‬الربا أضراره وآثاره في ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ 48‬أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده‪ ،‬ج‪ ،08‬ص‪.939‬‬
‫‪ 49‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪66‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫اتفق العلماء القدامى وأغلب الفقهاء المعاصرين على تحريم الربا بنوعيه‪ ،‬وإن اختلفوا في علة‬
‫تحريمهما وفي تعدية علة األصناف الستة إلى غيرها‪ ،‬وخالف ابن عباس وابن عمر الجمهور‬
‫في تحريم ربا الفضل‪ ،‬ولبعض المتالعبين بالنصوص من العلماء المعاصرين رأي شاذ في ربا‬
‫معتمد كل منهم‪:‬‬
‫النسيئة نورد كلها هنا بالتفصيل مع َ‬
‫أول‪ :‬رأي جمهور الفقهاء والمحدثين في الربا‪ :‬ال خالف بين الجمهور من المتقدمين‬
‫والمعاصرين في تحريم الربا بنوعيه‪ ،‬واعتمادهم في ذلك الكتاب والسنة واإلجماع‪ ،‬منها ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫الكتاب‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫آمنُوا اتَّ ُقوا اللَّهَ َو َذ ُروا َما بَِقي ِم َن ِ‬
‫الربَا إِن ُكن تُم‬ ‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫قال سبحانه وتعالى‪﴿ :‬يَاأَيُّ َها الذ َ‬
‫َ‬
‫وم الَّ ِذي‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ومو َن إَِّل َك َما يَ ُق ُ‬ ‫ين يَأ ُكلُو َن ِ‬
‫الربَا َل يَ ُق ُ‬ ‫ين﴾ [البقرة‪ ،]872:‬وقال أيضاً ﴿الذ َ‬ ‫ُمؤمن َ‬
‫ات﴾‬ ‫ص َدقَ ِ‬
‫الربَا َويُربِي ال َّ‬‫س﴾ [البقرة‪ ،]872:‬وقال‪﴿ :‬يَم َح ُق اللَّهُ ِ‬ ‫الشيطَا ُن ِم َن ال َم ِ‬
‫يَتَ َخبَّطُهُ َّ‬
‫آمنُوا َل تَأ ُكلُوا ِ‬
‫الربَا أَض َعافا‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َ‬ ‫[البقرة‪ ،]872:‬ومنه قوله سبحانه وتعالى‪﴿ :‬يَاأَيُّ َها الذ َ‬
‫اع َفة َواتَّ ُقوا اللَّهَ لَ َعلَّ ُكم تُفلِ ُحو َن﴾‪[ ،‬آل عمران‪.]091:‬‬‫ضَ‬ ‫ُم َ‬
‫ب‪ -‬السنة‬
‫‪-0‬عن أبي سعسد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله وعليه وسلم‪:‬‬
‫«الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم وزن بوزن ال فضل بينهما وال يباع عاجل بآجل»‪.50‬‬
‫‪ -8‬عن أسامة بن زيد‪ ،‬أن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬ال ربا إال في‬
‫النسيئة»‪.51‬‬
‫‪ -9‬عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬الذهب بالذهب‪،‬‬
‫والفضة بالفضة‪ ،‬والبر بالبر‪ ،‬والشعير بالشعير‪ ،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والملح بالملح‪ ،‬مثال بمثل‪ ،‬يدا‬
‫بيد‪ ،‬فمن زاد‪ ،‬أو استزاد‪ ،‬فقد أربى‪ ،‬اآلخذ والمعطي فيه سواء»‪.52‬‬

‫‪ 50‬أخرجه أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي‪ ،‬في السنن الكبرى‪( ،‬حيدر آباد‪ :‬مجلس دائرة المعارف‬
‫النظامية‪0922 ،‬ﮬ‪ ،‬ط‪ ،)0‬ج‪ ،2‬ص‪ ،873‬باب تحريم الربا التفاضل في الجنس‪ ،‬رقم‪.01732:‬‬
‫‪ 51‬أخرجه أحمد في مسنده‪ ،‬ج‪ ،92‬ص‪ ،32‬رقم‪.80728:‬‬
‫‪ 52‬أخرجه مسلم بن الحجاج أبو الحسن النيسابوري‪ ،‬في صحيحه‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار‬
‫إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪ ،0800‬باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا‪ ،‬رقم‪.0228:‬‬
‫‪66‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫‪ -2‬عن أبي سعيد‪ ،‬يقول‪ :‬جاء بالل بتمر برني‪ ،‬فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫«من أين هذا؟» فقال بالل‪ " :‬تمر كان عندنا رديء‪ ،‬فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال رسول الله عند ذلك‪« :‬أوه عين الربا‪ ،‬ال تفعل‪ ،‬ولكن إذا أردت‬
‫أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر‪ ،‬ثم اشتر به»‪.53‬‬
‫ج‪ -‬اإلجماع‬
‫أجمع العلماء قديما وحديثاً على تحريم الربا‪ ،‬وما روي عن ابن عباس وغيره من الصحابة من‬
‫إباحة ربا الفضل‪ ،‬فقد ثبت رجوعهم‪ ،‬وسوف نبيّن هذا الحقاً‪ ،‬قال اإلمام النووي رحمة الله‬
‫عليه‪" :‬أجمع المسلمون على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في ضابطه وتفاريعه"‪.54‬‬
‫وممن حكى اإلجماع على تحريم الربا الزيلعي الحنفي قال‪" :‬وأجمعت األمة على تحريمه‬
‫حتى يكفر جاحده"‪ .55‬وابن عرفه المالكي‪ ،‬فقال‪" :‬أجمع علماء ْاأل َّمة على حرمته"‪.56‬‬
‫ثانيا‪ :‬قول من رأى جواز ربا الفضل‪ :‬خالف جماعة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم‬
‫مهور‬
‫أجمعين‪ ،‬وهم عبد الله بن عمر وابن عباس وأسامة بن زيد وابن الزبير وغيرهم‪ ،‬ج َ‬
‫الصحابة في تحريم ربا الفضل بحجة أن ربا النسيئة هو المتعارف عليه بين العرب قبل اإلسالم‬
‫والذي ورد النهي بخصوصه في القرآن‪ ،‬ومما اعتمد عليه أصحاب هذا االتجاه حديث أسامة‬
‫بن زيد‪ ،‬أن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬ال ربا إال في النسيئة»‪ ،57‬وغيرها‬
‫الروايات التي تفيد ظاهرها حصر الربا في النسيئة‪ .‬ويمكن الجواب على هذا بما يأتي‪:‬‬ ‫من ّ‬
‫صت بالذكر في هذه الروايات لكونها أكثر انتشاراً بين الناس‪،‬‬ ‫‪ -0‬أن النسيئة ُخ ّ‬
‫ولوضوح الظلم فيها وضوح الشمس؛ فكان المعنى أن أعظم أنواع الربا وأخطرها‬

‫‪ 53‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪ ،0802‬باب بيع الطعام مثال بمثل‪ ،‬رقم‪.0232:‬‬
‫‪ 54‬أبو زكريا يحي بن شرف بن مري النووي‪ ،‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪( ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪0938 ،‬ﮬ‪ ،‬ط‪ ،)8‬ج‪ ،00‬ص‪.3‬‬
‫‪ 55‬فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي‪ ،‬تبيين الحقائق‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الكتب اإلسالمي‪ 0909 ،‬ﮬ‪ ،‬د‪.‬ط)‪،‬‬
‫ج‪ ،2‬ص‪22‬؛‬
‫‪ 56‬محمد ابن عرفه المالكي‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.82‬‬
‫‪ 57‬سبق تخريجه‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫ربا النسيئة‪ .‬وباإلضافة‪ ،‬فإن هذه الروايات متقدمة والروايات التي تشمل ربا الفضل‬
‫في التحريم متأخرة فتقتضي الترجيح؛ أخذاً باألحدث فاألحدث‪.‬‬
‫أن المراد بجواز الفضل في رواية أسامة‪ ،‬إنما هو في جنسين مختلفين‪ ،‬بدليل‬ ‫‪-8‬‬
‫المصرحة بأن ذلك هو محل جواز التفاضل‪ ،‬وأنه في الجنس‬ ‫ّ‬ ‫الروايات الصحيحة‬
‫الواحد ممنوع‪ .‬وقد ذهب إلى هذا القول جملة من العلماء‪ ،‬وهو ما اختاره اإلمام‬
‫البيهقي‪ ،58‬ويعضد هذا روايةُ أبي المنهال‪« :‬ما كان منه يدا بيد فال بأس‪ ،‬وما‬
‫كان منه نسيئة فال»‪59‬؛ حيث إن كونهما جنسيين مختلفين ال يمنع من‬
‫تحريمهما إذا كان نسيئةً‪ .‬ومما يؤيد حمل رواية أسامة على اختالف الجنس‪،‬‬
‫رواية أخرى عن أبي المنهال‪ ،‬قال‪ :‬سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن‬
‫الصرف فكالهما يقول‪« :‬نهى رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬عن بيع‬
‫الذهب بالورق ديناً»‪.60‬‬
‫هناك روايات أخرى صرحت بتحريم ربا الفضل منها‪ :‬حديث فضالة بن عبيد‬ ‫‪-9‬‬
‫األنصاري ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬أتي رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫وهو بخيبر بقالدة فيها خرز وذهب‪ ،‬وهي من المغانم تباع‪ ،‬فأمر رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بالذهب الذي في القالدة فنزع وحده‪ ،‬ثم قال لهم رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬الذهب بالذهب وزنا بوزن»‪ .61‬وعن أبي هريرة وأبي‬
‫سعيد أيضا أن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬استعمل رجال على خيبر‬
‫فجاء بتمر جنيب‪ ،‬فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬أكل تمر خيبر‬
‫هكذا؟» قال‪ :‬ال والله يا رسول الله‪ ،‬إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين‪،‬‬
‫والصاعين بالثالثة‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬فال تفعل بع الجمع‬

‫محمد األمين بن محمد المختار الجكنبي الشنقيطي‪ ،‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪( ،‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫‪58‬‬

‫الفكر‪0332 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.020‬‬


‫‪ 59‬أخرجه البيهقي في سننه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.01219 ،821‬‬
‫‪ 60‬أخرجه أحمد في مسنده‪ ،‬ج‪ ،91‬ص‪ ،209‬رقم ‪.02228‬‬
‫‪ 61‬أخرجه البيهقي في سننه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،838‬رقم‪.01222 :‬‬

‫‪68‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫بالدراهم‪ ،‬ثم ابتع بالدراهم جنيبا»‪ .62‬ومما يعضد هذا االتجاه قاعدة فقهية التي‬
‫حل‬
‫تقول‪" :‬إذا اتحد الجنسان حرم الزيادة والنساء‪ ،‬وإذا اختلف الجنسان ّ‬
‫التفاضل دون النساء"‪.63‬‬
‫صح رجوع ابن عمر عن القول بجواز ربا الفضل‪ ،‬أما ابن عباس فقد اختُلف في رجوعه‬ ‫فقد ّ‬
‫لكن األصح أنه تراجع ونزع بعد أن بلغه الخبر الناهي عن ربا الفضل‪ ،‬مصداق هذا حديث‬
‫عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال‪" :‬قلت البن عباس‪ :‬أرأيت الذي تقول‪ :‬الدينارين بالدينار‬
‫والدرهمين بالدرهم أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬الدينار بالدينار‬
‫والدرهم بالدرهم ال فضل بينهما فقال ابن عباس‪ :‬أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم؟ فقلت‪ :‬نعم قال‪ :‬فإني لم أسمع هذا إنما أخبرنيه أسامة بن زيد‪ ،‬قال أبو سعيد‪:‬‬
‫ونزع عنها ابن عباس"‪ .64‬و عن أبي الجوزاء قال‪" :‬سألت ابن عباس عن الصرف يدا بيد‬
‫فقال‪ :‬ال بأس بذلك اثنين بواحد أكثر من ذلك وأقل قال‪ :‬ثم حججت مرة أخرى والشيخ‬
‫حي فأتيت فسألته عن الصرف؟ فقال‪ :‬وزنا بوزن قال‪ :‬فقلت‪ :‬إنك قد أفتيتني اثنين بواحد‬
‫فلم أزل أفتي به منذ أفتيتني! فقال‪ :‬إن ذلك كان عن رأيي وهذا أبو سعيد الخدري يحدث‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركت رأيي إلى حديث رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم"‪.65‬‬
‫ثالثا‪ :‬رأي من قال بجواز النسبة القليلة من الربا‪ :‬شذ فريق من العلماء فقالوا بإباحة نسبة‬
‫آمنُوا َل تَأ ُكلُوا ِ‬
‫الربَا أَض َعافا‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َ‬‫يسيرة من الربا‪ ،‬محتجا في ذلك بقوله تعالى‪﴿ :‬يَاأَيُّ َها الذ َ‬
‫فأولوا األية بأن الربا المنهي عنه‬ ‫اع َفة َواتَّ ُقوا اللَّهَ لَ َعلَّ ُكم تُفلِ ُحو َن﴾‪[ ،‬آل عمران‪َّ ،]091:‬‬
‫ضَ‬ ‫ُم َ‬
‫هو الربا الفاحش‪ ،‬والذي هو استغالل حاجات الناس‪.‬‬
‫يرد على هؤالء بما يأتي‪:‬‬

‫‪ 62‬أخرجه البيهقي في سننه‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪ ،830‬رقم‪.01223 :‬‬


‫‪ 63‬الصابوني علي ‪ ،‬روائع البيان تفسير آيات األحكام‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.873‬‬
‫‪ 64‬أخرجه أحمد بن محمد بن سالمة بن عبدالملك بن سلمة أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني اآلثار‪ ،‬تحقيق ‪:‬‬
‫محمد زهري النجار‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ ،)0933 ،0‬ج‪ ،2‬ص‪ ،22‬رقم‪.2902:‬‬
‫‪ 65‬أخرجه أحمد في مسنده‪ ،‬ج‪ ،02‬ص‪ ،27‬رقم‪.00273‬‬

‫‪60‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫اع َفة﴾‬
‫ضَ‬ ‫‪ -0‬أنه ليس هناك شرطا وال قيدا في اآلية‪ ،‬وإنما المراد بقوله تعالى‪﴿ :‬أَض َعافا ُم َ‬
‫بيان للواقع الذي كان التعامل عليه أيام الجاهلية‪ ،‬ولتقبيح فعلهم على ما يأخذون من الربا‬
‫أضعافا مضاعفة‪.66‬‬
‫أن اإلجماع حاصل على تحريم قليل الربا وكثيره‪ ،‬فليس هناك مستند في اآلية على جواز نسبة‬
‫معينة‪ ،‬سوى التالعبون بالنصوص‪ ،‬فمن المقرر أن ما كان كثيره حرام يحرم قليله‪.‬‬

‫علة الربا عند الفقهاء والمحدثين‬


‫اختلف األئمة األربعة في علة تحريم الربا‪ ،‬فيرى الحنفية أن العلة فيه الوزن مع الجنس‪.67‬‬
‫وعند المالكية علة الربا في النقود الثمنية‪ ،68،‬وفي الطعام االقتيات واالدخار‪ ،69‬وعند الشافعية‬

‫‪ 66‬انظر‪ :‬الصابوني‪ ،‬روائع البيان تفسير آيات األحكام‪ ،‬ج‪ ،0‬ص‪.821‬‬


‫‪ 67‬انظر‪ :‬عالء الدين الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‪0328 ،‬م‪ ،‬د‪.‬ط)‪،‬‬
‫ج‪ ،2‬ص‪022‬؛ ابن عابدين‪ ،‬حاشية رد المختار عل الدر المختار شرح تنوير األبصار‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪،‬‬
‫‪8111‬م‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.070‬‬
‫‪ 68‬انظر‪ :‬أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي‪ ،‬الفواكه الداني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني‪( ،‬بيروت‪ :‬دارالفكر‪،‬‬
‫‪0332‬م‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.72‬‬
‫‪ 69‬انظر‪ :‬محمد عرفة الدسوقي‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عليش‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.23‬‬
‫‪66‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫علة الربا مطعوم ِّ‬


‫جنس‪70‬؛ أي جنس األثمان‪ .‬والحنابلة قالوا بأن علة الربا في الذهب والفضة‬
‫الوزن والجنس‪ ،‬وفي غيرهما الكيل والجنس‪ .71‬ويرى البحث رجحان القول بالثمنية في النقود‬
‫واالقتيات في الطعام‪.‬‬

‫نتائج البحث‪:‬‬
‫بعد دراسة الموضوع دراسة معمقة توصل البحث إلى نتائج من أهمها‪:‬‬
‫أن الربا في اللسان بمعنى الزيادة‪ .‬وأن معناه في االصطالح أخذ نصيبه من المعنى اللغوي‪،‬‬
‫وورد له تعريفات عديدة عند الفقهاء‪ ،‬بعضها متقاربة في المعنى أما الذي اختاره الباحث هو‬
‫تعريف الشافعية‪ ،‬وهو أن الربا عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع‬
‫حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما‪ .‬وحصل االختيار عليه لكونه جامعا مانعا‪.‬‬
‫وأنه ورد في السنة أحاديث كثيرة عن الربا بعضها متواترة وبعضها أحادية‪ ،‬وكلها في العموم‬
‫تفيد أن الربا جريمة دينية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬بل جريمة ضد اإلنسانية‪ .‬وأن الربا من حيث األصل‬
‫نوعان ربا نسيئة وربا فضل‪ ،‬وبينهما تداخل حيث قد يؤدي األول إلى الثاني وبالعكس‪ّ ،‬تم‬
‫توصل إلى هذا باستقراء األحاديث الواردة في الربا‪ ،‬وتتفرع منهما أنواع أخرى‪ ،‬أوصلها بعض‬
‫ال ّ‬
‫الفقهاء إلى أربعة‪ ،‬وأطلقها البعض‪ ،‬فيدخل فيها كل قضايا ليست الربا في األساس لكن‬
‫يمكن أن تؤول إلى الربا‪ ،‬وضابط لمثل هذه المسألة أنه كلما وجدت علة الربا في مسألة‬
‫تدخل في الربا المحرم‪ .‬وأن للربا أضرار نفسية واجتماعية وله انعكاسات سيئة على االقتصاد‪.‬‬
‫وأن العلماء قديماً وحديثاً أجمعوا على تحريم الربا‪ ،‬ومستندهم في ذلك الكتاب والسنة النبوية‬
‫المطهرة واإلجماع‪ ،‬ومع هذا فالبن عباس وغيره من الصحابة رأي آخر يفيد حصر الربا في‬
‫النسيئة فقط دون الفضل‪ ،‬ونقل العلماء رجوعهم عن تخصيص النَّساء بالحرمة‪ ،‬وأن هناك‬
‫ينص على إباحة نِّسب معينة في المائة من الربا‪ ،‬بيد أنهم ال‬
‫رأي نُسب لبعض المتأخرين ّ‬
‫‪ 70‬انظر‪ :‬أبو الحسن علي بن محمد الماوردي‪ ،‬الحاوي الكبير في فقه مذهب الشافعي‪( ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪0332 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،)0‬ج‪ ،2‬ص‪,29‬‬
‫‪ 71‬انظر‪ :‬عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي‪ ،‬العدة شرح العمدة‪ ،‬تحقيق‪ :‬صالح بن محمد عويضة‪،‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪8112 ،‬م‪ ،‬ط‪ ،)8‬ج‪ ،0‬ص‪813‬؛ أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي‪ ،‬الكافي في‬
‫فقه ابن حنبل‪( ،‬د‪.‬ن‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.90‬‬

‫‪65‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫يهتدون؛ ألنه ليس لهم مستند فيما ذهبوا إليه سوى التالعب بالنصوص‪ ،‬فهم في غيِّّهم‬
‫يعمهون‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬

‫ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك البكري المالكي‪8119( ،‬م)‪ ،‬شرح صحيح‬
‫البخاري لبن بطال‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو تميم ياسر بن إبراهيم‪ ،‬الرياض‪ :‬مكتبة الرشد‪ ،‬ط‪.8‬‬

‫ابن حجر أحمد بن علي أبو الفضل العسقالني الشافعي‪0322( ،‬م)‪ ،‬لسان الميزان‪ ،‬تحقيق‪ :‬دائرة‬
‫المعرف النظامية – الهند‪ ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة األعلمي للمطبوعات‪ ،‬ط‪.9‬‬

‫ابن حجر العسقالني‪0322( ،‬م)‪ ،‬تقريب التهذيب‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عوامة‪ ،‬سوريا‪ :‬دار الرشيد‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫ابن حنبل أحمد‪0333( ،‬م)‪ ،‬مسند ابن حنبل‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط وآخرون‪ ،‬بيروت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬ط‪.8‬‬

‫ابن عابدين‪8111( ،‬م)‪ ،‬حاشية رد المختار عل الدر المختار شرح تنوير األبصار‪ ،‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫ابن قدامة‪ ،‬أبو محمد عبد الله المقدسي‪( ،‬د‪.‬ط)‪ .‬الكافي في فقه ابن حنبل‪ ،‬د‪.‬ن‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫أحمد بن حنبل الشيباني‪ ،‬مسند ابن حنبل‪ ،‬تحقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط؛ عادل مرشد وآخرون (بيروت‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪8110 ،‬م‪ ،‬ط‪.)0‬‬

‫األصبحي‪ ،‬مالك بن أنس‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬الموطأ‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫األنصاري‪ ،‬زكريا‪8111( ،‬م)‪ ،‬أسنى المطالب في شرح روض الطالب‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد محمد تامر‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫األنصاري‪ ،‬محمد بن أحمد الرملي‪ ( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬غاية البيان شرح زبد ابن رسلن‪ ،‬بيروت‪ :‬دار المعرفة‪،‬‬
‫د‪ .‬ط‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة (د‪.‬ت)‪ ،‬التاريخ الكبير‪ ،‬طبع تحت مراقبة‪ :‬محمد‬
‫عبد المعيد خان‪ ،‬الدكن‪ :‬دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر آباد‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪0288( ،‬ﮬ)‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬دار طوق النجاة‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫البستي‪ ،‬محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي (‪0372‬م)‪ ،‬الثقات‪ ،‬تحقيق‪ :‬شرف الدين أحمد‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫البوصيري‪ ،‬أحمد بن أبي بكر بن اسماعيل (‪0333‬م)‪ ،‬إتحاف الخيرة المهرة‪ ،‬تحقيق‪ :‬دار المشكاة‬
‫للبحث العلمي بإشراف أبو تميم ياسر بن إبراهيم‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫البيهقي‪ ،‬أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (‪0922‬ﮬ)‪ ،‬السنن الكبرى‪ ،‬حيدر آباد‪ :‬مجلس دائرة‬
‫المعارف النظامية‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫البيهقي‪ ،‬أبوبكر أحمد بن الحسين (‪0201‬ﮬ)‪ ،‬شعب اإليمان‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد السعيد بسيوني زغلول‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى أبو عيسى (د‪.‬ت)‪ ،‬الجامع الصحيح سنن الترمذي‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد محمد‬
‫شاكر وآخرون‪ ،‬بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫الجارود‪ ،‬سليمان بن داود (‪0333‬م)‪،‬مسند أبي داود الطياسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد بن عبد المحسن‬
‫التركي‪ ،‬الرياض‪ :‬دار هجر‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫الجزري‪ ،‬أبو السعادات المبارك بن محمد‪0373( ،‬م)‪ ،‬النهاية في غريب الحديث واألثر‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫طاهر أحمد الزاوي – محمود محمد الطناجي‪ ،‬بيروت‪ :‬المكتبة العلمية‪*****،‬‬

‫الخرشي‪ ،‬أبو عبد الله محمد بن عبد الله المالكية‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬شرح مختصر خليل للخرشي‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫الدسوقي‪ ،‬محمد بن أحمد بن عرفة المالكي‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫الدينوري‪ ،‬أبوبكر أحمد بن مروان المالكي‪0203( ،‬ﮬ)‪ ،‬المجالس وجواهر العلم‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو عبيدة‬
‫مشهور بن حسن آل سلمان‪ ،‬الحرين‪-‬بيروت‪ :‬جمعية التربية اإلسالمية؛ دار ابن حزم‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫رشيد رضا‪ ،‬محمد بن علي‪0331( ،‬م)‪ ،‬تفسير المنار‪ ،‬القاهرة‪ :‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫الزحيلي‪ ،‬وهبة بن مصطفى‪0202( ،‬ﮬ)‪ ،‬التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج‪ ،‬دمشق‪ :‬دار‬
‫الفكر المعاصر‪ ،‬ط‪.8‬‬

‫الزيلعي‪ ،‬فخر الدين عثمان بن علي الحنفي‪0909( ،‬ﮬ)‪ ،‬تبيين الحقائق‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫د‪ .‬ط‪.‬‬

‫سعيد بن علي بن وهب القحطاني‪ ،‬الربا أضراره وآثاره في ضوء الكتاب والسنة‪.PDF ،‬‬

‫السمرقندي‪ ،‬عالء الدين (‪0322‬م)‪ ،‬تحفة الفقهاء‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫السيواسي‪ ،‬كمال الدين محمد بن عبد الواحد (د‪.‬ت)‪ ،‬شرح فتح القدير‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫الشربيني‪ ،‬محمد الخطيب‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬مغني المحتاج‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر د‪.‬ط‪.‬‬

‫الشلبي‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد (‪0909‬ه)‪ ،‬حاشية َّ‬


‫الشلبي على تبيين الحقائق‪،‬‬
‫القاهرة‪ :‬المطبعة الكبرى األميرية‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫الشنقيطي‪ ،‬محمد األمين بن محمد المختار الجكنبي (‪0332‬م)‪ ،‬أضواء البيان في إيضاح القرآن‬
‫بالقرآن‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫الصابوني‪ ،‬محمد علي‪8117( ،‬م)‪ ،‬روائع البيان تفسير آيات األحكام‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الصابوني‪،‬‬
‫ط‪.0‬‬

‫الصاوي‪ ،‬أحمد‪0332( ،‬م)‪ ،‬بلغة السالك ألقرب المسالك‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد السالم شاهين‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫صهيب عبد الجبار‪ ،‬الجامع الصحيح للسنن والمسانيد‪8102( ،‬م)‪ ،‬كتاب غير مطبوع‪.‬‬

‫الطبراني‪ ،‬سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي (د‪.‬ت)‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬تحقيق‪ :‬طارق بن‬
‫عوض الله بن محمد؛ عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الحرمين‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫العدوي‪ ،‬علي الصعيدي المالكي‪0208( ،‬ﮬ)‪ ،‬حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬يوسف الشيخ محمد البقاعي‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫القرضاوي‪ ،‬يوسف‪0332( ،‬م)‪ ،‬فوائد البنوك هي الربا الحرام‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الصحوة‪ ،‬ط‪.9‬‬

‫القليوبي‪ ،‬شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سالمة (‪0332‬م)‪ ،‬حاشية قليوبي‪ ،‬تحقيق‪ :‬مكتب البحوث‬
‫والدراسات‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫الكاساني‪ ،‬عالء الدين‪0328( ،‬م)‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫د‪.‬ط‪.‬‬

‫الماوردي‪ ،‬أبو الحسن علي بن محمد‪0332( ،‬م)‪ ،‬الحاوي الكبير في فقه مذهب الشافعي‪ ،‬بيروت‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫المرغيناني‪ ،‬علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬الهداية فيي شرح بداية المبتدئ‪،‬‬
‫تحقيق‪ :‬طالل يوسف‪ .‬بيروت‪ :‬دار احياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫المقدسي‪ ،‬عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد‪8112( ،‬م)‪ ،‬العدة شرح العمدة‪ ،‬تحقيق‪ :‬صالح بن‬
‫محمد عويضة‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪.8‬‬

‫المقدسي‪ ،‬عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة‪0322( ،‬م)‪ ،‬المغني‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة القاهرة‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫المقدسي‪ ،‬محمد بن طاهر (‪0332‬م)‪ ،‬ذخيرة الحفاظ‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد الرحمن الفريوائي‪ ،‬الرياض‪ :‬دار‬
‫السلف‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫المناوي‪ ،‬محمد عبد الرؤوف (‪0201‬ه)‪ ،‬التعاريف‪ ،‬تحقيق محمد رضوان الداية‪ ،‬بيروت‪-‬دمشق‪ :‬دار‬
‫الفكر المعاصر؛ دار الفكر‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫النفراوي‪ ،‬أحمد بن غنيم بن سالم (‪0332‬م)‪ ،‬الفواكه الداني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دارالفكر‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫النووي‪ ،‬أبو زكريا يحي بن شرف بن مري (‪0938‬ﮬ)‪ ،‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ط‪.8‬‬

‫النيسابوري‪ ،‬مسلم بن الحجاج أبو الحسن (د‪.‬ت)‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬
‫بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪Al Hikmah International Journal of Islamic Studies and Human Sciences‬‬
‫‪Volume 1, Issue 1, October 2018‬‬

‫الهروي‪ ،‬علي بن (سلطان) محمد‪ ،‬أبو الحسن نور الدين المال القاري‪8118( ،‬م)‪ ،‬مرقاة المفاتيح‬
‫شرح مشكاة المصابيح‪ ،‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ط‪.0‬‬

‫‪56‬‬

You might also like