Professional Documents
Culture Documents
السنة الدراسية2023/2022:
محاور المقياس:
/1مقدمة :نتناول فيها أهمية المال وفضله وخصائصه وكيفية المحافظة عليه.
/2مدخل مفاهيم مفهوم المال لغة واصطالحا ف ر
الشيعة والقانون.
/3المال وتقسيماته ف كل من النظريتي التقليدية والحديثة..
/5النظرية الحديثة لمفهوم المال وتقسيماته
/6التقسيمات الحديثة للمال.
/7الحقوق الذهبية أو حقوق االبتكار.
ومشوعيته واركانه واقسامه. /8تعريف البيع ر
/9التمويالت البنكية.
/10المراجع
2
فقال «وما ذاك؟» .قالوا :يصلون كما نصىل ويصومون كما نصوم ،ويتصدقون وال نتصدق،
ُ ُ ُ
ويعتقون وال نعتق .فقال رسول هللا صىل هللا عليه وسلم« :أفال أ َعلمكم شيئا تدركون به
ُ
َ
أفضل منكم إال من صنع مثل ما َمن سبقكم وتسبقون به َمن َبعدكم وال يكون أحد
وتكيون وتحمدون دبر كل صالة ثالثا صنعتم؟» .قالوا بىل يا رسول هللا .قال« :تسبحون ر
وثالثي مرة» .قال أبو صالح :فرجع فقراء المهاجرين إىل رسول هللا صىل هللا عليه وسلم
فقالوا :سمع إخواننا ُ
أهل األموال بما فعلنا ففعلوا مثله .فقال رسول هللا صىل هللا عليه
وسلم "ذلك فضل هللا يؤتيه من يشاء".
ْ َ ْ َ َ ُ َ َّ ُ ُ ْ َ َ َ َ ْ ُ َّ ُ ْ
اَّلل ذو الف ْض ِل ال َع ِظيم} [الحديد.]21 : يه من يشاء و اَّلل ي ِ ِ
تؤ وقول هللا تعاىل {ذ ِلك فضل ِ
ُ َ َ
وغيه من صنوف فضله — إنما يأب بالكد والسع{ :ف ِإذا ق ِض َي ِت َ ولكن فضل هللا هذا —
َ َ ُ َ َ ْ ُ َ َّ َ
ْ ْ ُ َ َْ َْ
األ ْ الص ََل ُة َف ْان َت رِ ُ
َّ
ضبون ِف ِ ي ونر آخو { ]، 10 : [الجمعة } اَّلل
ِ ل
ِ ض ف نم ِ واغ ت اب و ض
ِ ر فِ واش
َّ َ ْ َُ َ َْ
ض َي ْبتغون ِم ْن فض ِل اَّلل} المزمل20 : ِ راأل ْ
فبالسع وكسب المال الحالل وحسن تدبيه وإنفاقه ف الخي ،يتفوق األغنياء المتدينون
أفضل من الغن غي المتدين ،فإن الغن َ عىل الفقراء المتديني .وإذا كان الفقي المتدين
المتدين أفضل من الفقي المتدين .فاألفضل واألكمل من المؤمني هو َمن دخل ف قوله
ُّ ْ َ َ َ َ ً َ ْ َ َ َ َ ً َ َ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َ ُ َُ ْ َ ْ ُْ َ :
اب الن ِار أول ِئكول َرَّبنا ِآتنا ِف الدنيا حسنة و ِف اْل ِخر ِة حسنة و ِقنا عذتعاىل {و ِمنهم من يق
اب} البقرة202 ،201 : َ ْ يب م َّما َك َس ُبوا َواَّلل َ ُ
ُ َّ َل ُه ْم َنص ٌ
َسي ــع ال ِحس ِ
ِ ِ ِ
ومن فضائل أهل المال ،أن فضلهم وثوابهم يستمر حن بعد موتهم ،فينتفع ورثتهم بما
َّ
المحبسة. ورثوه لهم ،وينتفع أهل الوصايا والصدقات الجارية من وصاياهم وصدقاتهم َّ
ب َماوكل ذلك ف صحائفهم ،ألنه من آثارهم .قال هللا تعاىل{ :إ َّنا َن ْح ُن ُن ْح ا ْل َم ْو َب َو َن ْك ُت ُ
ِ ِ
َ ُ َ َّ
قد ُموا َوآث َاره ْم} يس12 :
وف الصحيح( :عن عامر بن سعد بن رأب وقاص ،عن أبيه رض هللا عنه قال كان رسول هللا
حجة الوداع من وجع اشتد رب ،فقلت إب قد بلغ رب من صىل هللا عليه وسلم يعودب َ
عام
ِ
بثلن ماىل؟ قال ال ،فقلت بالشطر؟ فقال الوجع وأنا ذو مال ،وال يرثن إال ابنة ،أفأتصدق َ ْ
َ َْ ََ
ال ،ثم قال :الثلث والثلث كبي أو كثي ،إنك أن تذر ورثتك أغنياء خي من أن تذرهم عالة
ُ َ
يتكففون الناس .وإنك لن تنفق نفقة تبتع بها وجه هللا إال أ ِج ْرت بها ،حن ما تجعل ف
…فـي امرأتك"
وتستفاد من الحديث جملة من مزايا المال وصاحبه
/1فهو يوض بجزء من مال ف حدود الثلث ،وله ف ذلك فضل وأجر
4
/2وييك الباف لورثته حن ال يكونوا من بعده فقراء يتكففون الناس ،وله ف إغنائهم
فضل وأجر
/3هو ال ينفق ف حياته نفقة إال كان له بها فضل وأجر
/4حن اللقمة الن يضعها ف فم زوجته يكون له بها فضل وأجر
ثانيا :المحافظة عىل المال
للمحافظة عىل المال يحتاج اىل عدة عوامل منها:
/1إحسان التدبي واجتناب التبذير
ون َعم هللا كلها تستحق منا التقدير واالحيام والعناية َ
المال نعمة من ِنعم هللا عىل عبادهِ ،
والرعاية.
الكيى ،الن عليها
وقد أجمع العلماء عىل أن “حفظ المال” هو أحد الضوريات الخمس ر
ومقاصدها ،وحفظ هذه الضوريات يكون من جانب الوجود ،ويكون من
ِ الشيعةمدار ر
جانب العدم.
قال اإلمام أبو إسحاق الشاط رن رحمه هللا :والحفظ لها يكون بأمرين:
َُ
ويث ِّبت قواعدها ،وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود. أحدهما :ما ُي ِقيم أركانها
والثاب :ما يدرأ عنها االختالل الواقع أو المتوقع فيها ،وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب
العدم.
َُ
ويث ِّبت قواعده ،هو اتخاذ األسباب لتنميته وحسن تدبيه. ا /والذي ُي ِقيم أركان المال
ُ
االدخار واالستثمار ،أو االستثمار المنطوي عىل االدخار. ووسائله: ومن أهم رَسوط ذلك
ِ
فاالدخار الرشيد للمال ال ينفك عن استثماره وتنميته.
َ َ
قرين االستثمار وحليفه. ولذلك فإن االدخار يجب أن يكون
وتعطيل لوظائفه التنموية
ٍ أما االدخار العقيم غي المنتج ،فهو مجرد تجميد للمال
النن صىل هللا واالجتماعية ،بل هو إضاعة له ،ألن التجميد هو نوع من التضييع ،وقد نه ر
عليه وسلم عن إضاعة المال ،كما ف الصحيحي وغيهما.
ُ
تحريم الشيعة اإلسالمية: ب /وأما حفظ المال من جانب العدم فمن أهم أحكامه ف ر
َ َ ُ َ ِّ ْ َ ْ ً َّ ْ ُ َ ِّ َ َ ُ ْ َ
ين كانوا ِإخ َوان
اف ف االستهالك .قال تعاىل {وَل تبذر تب ِذيرا ِإن المبذ ِر
التبذير واإلَس ِ
5
النن أن : البخاري صحيح وف . ] 27 ، 26 :اء
َس[اإل } ا
وران ل َر ِّبه َك ُف ً
َ َ َ َّ ْ َ ُ َّ َ
ر ي وكان الشيط ِ ِ اط ِ
الشي ِ
واَسبوا والبسوا وتصدقوا ف غي إَساف وال َم ِـخيلة". صىل هللا عليه وسلم قال" :كلوا ر
ٌ َ َ :
ف أو َم ِـخيلة". َ وقال ابن عباسْ ":
كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان َس
والمخيلة ه :حب الظهور بمظاهر الغن والتفوق واألفضلية ،سواء ف اللباس أو الطعام
ر
والشاب أو األثاث ،أو غيها من المظاهر والمقتنيات االستهالكية.
فه تدفع إىل اإلَساف والتباه ،ولو بشكل غي معلن
فهذه اْلفات ه أعداء االدخار واالستثمار والتنمية والتدبي الرشيد للمال ،فضال عما تجره
من أضار ومفاسد صحية ونفسية واجتماعية.
فاالستهالك بال حدود ،مفسدة بال حدود ،حن إن كثيا من األعمال والمجالس الدعوية
واليبوية أصبحت تتضر وتي تحت وطأة َّ َ
الشف والمخيلة والسلوك االستهالك المرهق
ألكي الناس
إننا نعيش اليوم ف مجتمع يوصف بالمجتمع االستهالك ،وتوصف حياتنا بـ "نمط الحياة
االستهالكية" ،أي أن االستهالك المفرط أصبح من سماتها البارزة .فاألقلية الرأسمالية
تراكم منتوجاتها وأرباحها ،عىل حساب األغلبية العظم ،الن ال تراكم سوى العبودية
ودورته المتحكمة المستحكمة.
ِ لالستهالك
الشع ،وال يجوز له ،أن يكون أسيا مستسلما فلذلك ال يليق بالمسلم المهتدي بنور ر
لالستهالك والسلبية ،ال يفعل سوى أن َيستهلك حن ُيستهلك ،وكأنما يتماه مع مقولة
عرب الجاهلية "ما ه إال أرحام تدفع ،وأرض تبلع ،وما يهلكنا إال الدهر".
وإغالق ما يجب إغالقه منها .وال بد —
ِ ال بد من التحكم العقالب ف أبواب االستهالك،
ُ َ
مقابل ذلك — من ط ْرق أبواب االستثمار والتنمية وسلوك ط ُرقها واتخاذ أسبابها .وليس
هذا خاصا بذوي المداخيل الكبية كما ُيظن ،بل هو ف حق غيهم — من ذوي المداخيل
الصغية والمتوسطة — أوىل وأ كد وأنفع .وما ال يمكن تحقيقه باالنفراد ،يمكن تحقيقه
وضم القليل إىل غيه .وقد قيل" :القليل من الكثي كثي" ،بمعن أن ِّ بالتعاون واالشياك
المبالغ القليلة من عدد كثي من الناس تعط ف مجموعها مبالغ كبية وقدرة كبية.
ثالثا :نظرة اإلسالم للمال
/1المال قوام الحياة
ينظر اإلسالم للمال عىل أنه قوام الحياة ،به تنتظم معايش الناس ،ويتبادلون عىل أساسه
ّ
ويقومون عىل أساسه ما يحتاجون إليه من أعمال ومنافع . تجاراتهم ومنتجاتهم،
6
ولقد أخي هللا تعاىل -بأنه أحد األمرين اللذين هما زينة الحياة الدنيا ف قوله تعاىلْ ﴿:ال َم ُ
ال ر
ُّ َْ ْ ُ َ ْ ُ َ
] َوال َبنون ِزينة الح َي ِاة الدنيا ﴾الكهف46 :
َ
وينظر اإلسالم للمال عىل أن حبه والرغبة ف اقتنائه دافع من الدوافع الفطرية الن تولد مع
َّ ُ ون ْال َم َ
ال ُح ًّبا َج ًّما﴾ [الفجر ،]20 :وقال -جل شأنه َ ﴿ :-و ِإنه
َ ُ ُّ َ
اإلنسان وتنمو معه ﴿وت ِحب
ْ َ َ َ ٌ
ِل ُح ِّب الخ ْ ِي لش ِديد ﴾ العاديات8 :
فاإلسالم ينظر إىل اإلنسان نظرة طبعية تساير فطرته وطبيعته ،وتقر خصائصه الن يتمي
بها عن الكائنات األخرى الموجودة ف محيط الحياة األرضية الن يعيشها ،وكلف بالقيادة
فيها.
كما يرى أن أقوى الغرائز فيه غريزتا "النسل واالقتناء"؛ إذ عليهما يقوم بقاء اإلنسان ف
شخصه ونوعه.
وغريزة التملك واالقتناء ه تلك الغريزة الن تدفع اإلنسان إىل المال بالسع إليه
وتحصيله ،وتنميته وادخاره1 .
َ ِّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ وإذا نحن نقرأ قول هللا -تعاىل ِّ ُ ﴿ :-زي َن ل َّلناس ُح ُّ َّ َ َ
اط ِي ات ِمن النس ِاء والب ِني والقن ِ ب الشهو ِ ِ
ْ ُ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ْ َّ َ ْ َ ْ ْ ُ َ َّ َِ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ
اع ْال َح َياة ال ُّد ْنياَ
ِ المقنطر ِة ِمن الذه ِب وال ِفض ِة والخي ِل المسوم ِة واألنع ِام والحر ِث ذ ِلك مت
آب ﴾ [آل عمران ،]14 :نرى أن اإلسالم يقر وجود هاتي الغريزتي ف ماَّلل ع ْن َد ُه ُح ْس ُن ْال َ
َو َّ ُ
ِ ِ
.اإلنسان
ً ً
والمال ف حقيقة أمره ليس ملكا خالصا لمالكه ،وإنما هو ملك هلل ،قال -تعاىل ﴿ :-
َ ُ َّ َّ َ ُ ُ ْ ْ َ
اَّلل ال ِذي آتاك ْم ﴾ النور33 : ال ِ ]وآتوهم ِمن م ِ
يويد المالك يد وديعة ،استودعها هللا إياه ،قال -تعاىل َ ﴿ :-و َأ ْنف ُقوا م َّما َج َع َل ُك ْم ُم ْس َت ْخ َلف َ
ِ ِ ِ
يه ﴾ الحديد7 : ِف ِ
وعىل اإلنسان أن يضعه مواضعه ،وينفقه ف الوجوه الن رَسعها هللا ،فيأخذ منه ضوراته
وحاجاته ،ويوزع الفضل منه عىل من هم أحق به من الضعفاء والعجزة والمساكي.
/2المال فتنة واختبار:
المشوعة نجاح ف االختبار ،إذ إن المال المودع /1فالمال فتنة ،وإنفاق المال ف وجوهه ر
َ ُُ ٌَْ َ ُُ َ َّ َ َ َْ
اعل ُموا أن َما أ ْم َوالك ْم َوأ ْوَلدك ْم ِفتنة ﴾ [األنفال،]28 :لدى المالك فتنة ،قال هللا تعاىل ﴿ :-و
.أي اختبار وامتحان
/2وسيحاسب الناس عن المال من أين وكيف اكتسبوه؟ وفيم انفقوه؟ قال هللا تعاىل :-
َّ ُ َ ُ َُ
﴿ ث َّم لت ْسأل َّن َي ْو َم ِئ ٍذ َع ِن الن ِع ِيم ﴾ [التكاثر ،]8 :وقال -صىل هللا عليه وسلم (( :-لن تزول
قدما عبد يوم القيامة حن يسأل عن أربــع خصال :عن عمره فيما أفناه ،وعن شبابه فيما
7
اليار
أباله ،وعن ماله من أن اكتسبه وفيما أنفقه ،وعن علمه ماذا عمل فيه)) رواه ر
والطياب بإسناد صحيح واللفظ له ،وروى اليمذي ً
قريبا منه بإسناد حسن صحيح2 ر
رابعا :خصائص النظام الماىل ف اإلسالم وممياته
/1النظام الماىل ،أو االقتصاد اإلسالم :جزء من النظام اإلسالم الشامل للحياة؛ لذا ينبع
وَسيعته ،فلو وضع هذا النظام ف بيئة غريبة عن أن يدرس ويطبق ف إطار عقيدة اإلسالم ر
كثيا من جوانبه ال يمكن تطبيقها ،كما أن التقصي ف تطبيق جوانب أخرى من اإلسالم فإن ً
.اإلسالم ف الحياة تؤثر عىل سالمة تطبيق النظام الماىل اإلسالم
/2النشاط الماىل ف اإلسالم له طابع تعبدي ف المكسب ،وف اإلنفاق عىل السواء :حيث
يرغب المؤمن ف الثواب ويحذر من العقاب ،فيحرص عىل كسب الحالل وضف ما
يكسبه ف األوجه ر
الشعية دون إَساف وال تقتي
/3النشاط االقتصادي ف اإلسالم له طابع أخالف.
/4المال ف اإلسالم وسيلة ال غاية ،فهو وسيلة إىل مرضاة هللا -عز وجل -وليس هو غاية
ف حد ذاته.
/5إن المال مال هللا واإلنسان متضف فيه ،وعىل المتضف أن يسي حسب رضا المالك
َ ُ َّ َّ َ ُ ُ
وه ْم م ْن َ
اَّلل ال ِذي آتاك ْم﴾ النور33 :
ال ِ ِ م ِ ﴿وآت
/6الرقابة عىل ممارسة النشاط االقتصادي للمسلم ه رقابة ذاتية ف المقام األول ألنه
ََُْ َ ََ َْ
األ ْع ُي َو َما ُت ْخف ُّ
الص ُد ُ
ور﴾ [غافر ،19 :والواقع يشهد عىل أن ِ ِ يعلم أن هللا ﴿يعلم خ ِائنة
األمر ال يستقيم إال بالرقابة الذاتية.
/6يهدف النظام الماىل إىل تحقيق مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة ،فال ينحاز إىل
مصلحة الفرد عىل حساب الجماعة ،وال إىل مصلحة الجماعة عىل حساب الفرد؛ بل
يحفظ حقوق الجميع بال انحياز وال إفراط وال تفريط.
َ َْ ُ
/7يهدف االقتصاد اإلسالم إىل تلبية مهمة االستخالف ف األرض وفق رَسع هللا «وأن ِفقوا
يه" الحديد7 : ف يم َّما َج َع َل ُك ْم ُم ْس َت ْخ َلف َ
ِ ِ ِ ِ
ُُ َ َ ُ
البشية "ف ْامشوا ِف َمن ِاك ِب َها َوكلوا ِم ْن
المشوع للطاقات ر /8النظام الماىل يرم إىل التوظيف ر
ْ
ِرزِق ِه" الملك15 :
/9ويرم االقتصاد اإلسالم إىل تحقيق التكافل الحقيف للمجتمع وضمان العيش الكريم
وتوفي الرزق الحالل لجميع أفراد األمة
8
ً
/10كما أن االقتصاد اإلسالم نظام إنساب ر
يعتي مصلحة غي المسلم أيضا ف طموحاته
ويؤمن لهم حقوقهم.
ثانيا :مدخل مفاهيم
أوال :تعريف المال لغة واصطالحا
ً
/1ف اللغة :هو كل ما يقتن ويملك من كل رىسء سواء كان عينا أو منفعة ،فكل ما يستوىل
ً ً
عليه اإلنسان فعال ويملكه من ذهب أو فضة أو حيوان أو نبات يسم ماال ،أما ما ال يحوزه
اإلنسان وال يملكه كالطي ف الهواء والصيد ف الصحراء والسمك ف الماء والمعدن ف
ً
ماال ف اللغة. جوف األرض فال يسم
/2أما ف االصطالح الفقه :فلقد اختلف العلماء ف تحديد معناه عىل رأيي
أ – فقد عرفه الجمهور بأنه :كل ما له قيمة يلزم متلفه بضمانه ،فيدخل فيه األموال العينية
والحقوق والمنافع إلمكان حيازتها بحيازة أصلها.
ب -وعرفه الحنفية بقولهم :هو كل ما يمكن حيازته وإحرازه وينتفع به عادة ،فكل ما ال
يمكن االنتفاع به كلحم الميتة وما ال يمكن إحرازه من األمور المعنوية والحقوق والمنافع
ً
مثل العلم والسكن فال يسم ماال عندهم؛ ألنهم حضوا المال ف األشياء المادية الن لها
مادة وجرم محسوس.
ثمرة الخالف :ييتب عىل هذا الخالف بعض النتائج أو الثمرات ف الغصب والمياث
واإلجارة.
ً
فمن غصب شيئا وانتفع به مدة ثم رده إىل صاحبه فإنه يضمن قيمة المنفعة عند
ًّ ً ً
الجمهور ،وال يضمنها عند الحنفية إال إذا كان المغصوب موقوفا أو مملوكا ليتيم أو معدا
لالستغالل واالستثمار كعقار معد لإليجار كمطعم أو دكان.
ً
اإلجارة تنته بموت المستأجر عند الحنفية؛ ألن اإلجارة (المنفعة) ليست ماال
عندهم حن تورث ،وعند الجمهور تظل اإلجارة باقية حن تنته مدتها.
المال ف القانون :يكاد القانون يتفق مع إطالق المتأخرين من فقهاء الحنفية ويتقارب
كثيا من اصطالح جمهور الفقهاء .ذلك أن المال ف الفكر القانوب هو الحق ذو القيمة
يعتي ف النظر القانوب ماال ،عينا كان أو منفعة
المالية ،وبعبارة أخرى كل ما له قيمة مادية ر
أو حقا من الحقوق العينية أو الشخصية وذلك كحق االمتياز وحق استعمال عناوين
المحالت التجارية وحقوق االبتكار.
ثالثا :المال وتقسيماته بي النظريتي التقليدية والحديثة
9
الشء أساسا هناك نظريتان أساسيتان تتنازعان مفهوم المال ،نظرية تقليدية وتجعل من ر
لتعريف المال ،فللمال تعريف واسع يشمل الحقوق واألشياء عىل السواء ونظرية حديثة
تجعل مفهوم المال يقتض فقط عىل المنافع المتقدمة والمتحصلة من األشياء وبالتاىل
تجعل مفهوم المال ييكز ف الحقوق فقط ألن األشياء ما ه سوى محل لهذه الحقوق.
رابعا :النظرية التقليدية لمفهوم المال وتقسيماته
كان ينظر إىل األموال ف ظل النظرية التقليدية ،والن تأخذ بالحقوق واألشياء
بالمفهوم الواسع ،عىل أنها نوع من األشياء بحيث كانت تقتض عىل األشياء القابلة للحيازة
والتملك ،والتعامل فيها ومن ثم فقد كانوا يعرفون المال بأنه كل رىسء نافع لإلنسان ويصح
أن يستأثر به دون غيه ويكون محال للحق.
وبالتاىل كانت األموال قديما محصورة ف العقار بالدرجة األوىل يليه المنقول إضافة
إىل الحقوق العينية.
ر
التشيعات بالعقار وهوكل ىسء قار وثابت أي األرض وما اتصلولقد اهتمت مختلف ر
يعتي موردا اقتصاديا ال ينضب
بها لكونه ر
فضال عىل أن العقارات المادية تؤلف عنض اليوة األساسية ولم تكن المنقوالت غال
من التوافه الرخيصة ولهذا لقيت وحدها اهتماما خاصا ف ر
التشي ــع .إال أنه مع تطور الحياة
اعتيت
االجتماعية واالقتصادية ظهر إىل جانب المعيار المادي للعقارات معيار معنوي ر
بمقتضاه المنقوالت والحقوق الملحقة بالعقارات المادية من العقارات تعامل معاملتها
لتتمتع بالحماية المعنوية لألموال غي المنقولة
وبالتالـي دأب فقـهاء الشـريعة اإلسالمية وعلماء القانون المـدب عىل تقسيم المال أو
األشياء ذات القيمة االقتصادية إىل عقار ومنقول.
أوال :العقار
إذا كانت بعض ر
التشيعات المدنية قد قسمت العقار إىل عقار بالطبيعة وعقار
بالتخصيص ف ،وعقار بحسب المحل الذي ينسحب عليه ،فالعقار إذن هو عىل ثالثة
أنواع:
/1العقار
المشع العقار بطبيعته بل اقتض عىل تعداد أهم ر أ -العقار بالطبيعة :لم يعرف
أنواعها وي األراض الطبيعية ،والدينية" الوقفية"
ب-المنشآت المتممة للبناء ،والنباتات ومن ثم يمكن تعريف العقار بطبيعته وف
ضوء حاجات المجتمع المعاض بأنه :كل رىسء يعد ف األصل ألن يبف مستقرا ف
حيه ،ثابتا فيه ،بحيث ال ينقل منه إال استثناء ،ويتطلب نقله ف بعض األحيان
إىل وسائل تقنية خاصة ال تتوافر إال لدى االختصاصيي وتأسيسا عىل ما تقدم
تعتي عقارات بطبيعتها األشياء التالية:
ر
10
-1األراض :ذلك أنها ه األصل وعىل سطحها أو ف باطنها تتواجد باف العقارات،
تعتي عقارا بالنظر إىل ذاتها ،وأينما كان مكان وجودها وأيا كانت وجهة ر ومن ثم ،فه
استعمالها واستخدامها ،فسواء أكانت داخل المدن أو خارجها ،وسواء استعملت للزراعة أو
الصناعة فإنها تظل عقارا بطبيعته ف كل حال.
-2األبنية :وه كل ما جمع من مواد البناء فنشد بعضه إىل بعض بصورة ثابتة ،سواء
أكان ذلك عىل ظهر األرض أو ف باطنها.
-3النبات :ويدخل ف نطاقه كافة أنواع األعشاب والشجيات واألشجار ال فرق بي
كبيها وصغيها ،كما يتدخل ف هذا النطاق كافة الثمار المعلقة عىل أغصان األشجار .فإذا
اعتي النبات
كان النبات متصال بجذوره ف األرض وكانت الثمار متصلة بأغصان األشجار ر
عندئذ عقارا بطبيعته نظرا لهذا االتصال.
يعتي شيئا
يعتي عقارا بل ر وييتب عىل هذا أن النبات الموضوع ف األوعية الخاصة ال ر
منقوال حن ولو كانت هذه األوعية مدفونة وثابتة ف األرض ،طالما أن جذور النبات تتصل
بيبة األوعية ال بيبة األرض.
/2العقار بالتخصيص
ر
هذه التسمية لم تكن معروفة ف كل من الشيعتي الرومانية واإلسالمية ألنهما لم
يكونا يعرفان إال التقسيم األصىل لألشياء إىل عقارات ومنقوالت بطبيعتها.
وأول من ابتدع نظرية العقارات بالتخصيص هو الفقيه الفرنش بوتيه عندما رأى
تشيعات قديمة ف فرنسا قضت بمعاملة كل منقوال مرتبط بعقار معاملة هذا وجود بعض ر
العقار.
ويقصد بالعقارات بالتخصيص المنقوالت المادية الن تدمج أو تثبت ف عقارات
بالطبيعة ،فتفقد صحتها كمنقوالت.
يعتي ف نظر القانون عقارا بالتخصيص فيما إذا ر وهكذا نستخلص أن المنقول
خصصه صاحبه لخدمة أرضه ومنفعتها ،وفيما إذا ألحقه ربه بعقاره بصفة دائمة.
وال يشيط ف الحالة األوىل أن يقصد بذلك التخصيص الدوام واالستمرار .كما ال
يشيط ف الحالة الثانية أن يثبت أن ذلك المنقول معد لمنفعة العقار ،ألن إلحاقه به بصفة
دائمة يع رتي ف حد ذاته دليال عىل أن له دورا ف استغالل ذلك العقار.
الحقوق العينية:
تعتي الحقوق العينية الن ترد عىل العقارات حسب الوصف الذي كان يطلق عليها ر
تعتي من األموال.
ف القانون الروماب هو أنها حقوق ذات قيمة مالية لذلك ر
وهذه الحقوق منها ما هو مستقل بنفسه ،ومنها ما هو تابع لحق آخر ،فالنوع األول
يسم بالحق العين األصىل ،هذا النوع يشمل الملكية واالنتفاع واالستعمال والسكن
واالرتفاق والسطحية والوقف ،والكراء الطويل األمد ،والجلسة والجزاء والزينة والهواء بينما
يسم النوع الثاب باسم الحق العين التبع ،ويشمل حق الرهن الرسم والحيازي واالمتياز.
ثانيا :المنقول
11
الشء الذي يمكن نقله من مكان إىل آخر بدون أن يصيبه تلف ،سواء يعتي منقوال ر
ر
كان هذا االنتقال انتقاال ذاتيا ،كما تتيه الحيوانات ،أو كان بفعل قوة خارجية تدفعه وتحركه،
تشيعات أحجمت عن تعريف المنقول، ونظرا التساع ما يمكن اعتباره منقوال فإن بعض ال ر
المغرب ومن تم ،يمكن أن نكتف بالتمثيل عليها ف نطاق وعىل نفس السياق ذهب ر
المشع
ر
األمثلة التالية:
تعتي بطبيعتها
أ -كل أنواع النقود والعروض والحيوانات والمكيالت والموزونات ر
أشياء منقولة .وتشمل العروض مختلف أنواع السلع والمتاع واألقمشة ،كما يدخل ف نطاقها
أثاث البيوت واألشياء المعدة الستعماالت الزينة كالبسط والسجاجيد والمقاعد والمرايا
والموائد ومختلف أنواع الخزفيات والتماثيل واللوحات الفنية وما شبه ذلك:
ب -وكل أنواع السفن البحرية.
ج -وكل أنواع المركبات األرضية منها والهوائية.
د -وكافة أنواع األدوات والمعدات المخصصة إلنشاء البناء مادامت ال ترتبط
بطبيعتها ف نفس البناء.
يعتيان أشياء منقولة بطبيعتها ويحتفظان بهذه الصفة هـ -الغاز والكهرباء ،ذلك أنهما ر
بالرغم من نقل الغاز ف األنابيب الخاصة به ونقل الكهرباء ف الخطوط الثابتة.
يلن كل إال أن التطور الحاصل ف الحياة أدى إىل انتقاد هذا التقسيم ألنه لم يعد ر
الحاجيات ،كما أن هذا المفهوم للمال قد أدى إىل نتائج ال تستقيم مع المنطق ،ويتجىل ذلك
يعتي بطبيعته
والشء الذي ر بضم مفهومي مختلفي ف تعريف واحد يجمع كل من الحق ر
محال لهذا الحق ف نفس الوقت ،فهو بذلك ما بي الحق بذاته وبي ركن من أركان الحق
وهذا مخالف لطبائع األشياء ومنطق األمور.
فكان البد من تغيي هذا التقسيم حن يتسن إدخال كثي من األشياء ف دائرة المال.
يعتي ر
الخارج ،باستثناء اإلنسان الذي ر أوال :كل ماله وجودا ماديا محسوسا ف العالم
بطبيعته شخصا ال شيئا.
ثانيا :بعض األمور الن يمكن تصورها بشكل تجريدي عقىل فهذه األمور بالرغم من
أنها ال تدخل ف نطاق الوجود الحش الملموس فإن لها وجودا قائما بذاته يجعلها محال
تعتي كافة أنواع الجماد
صالحا للحقوق الن تقع عليها وه حقوق االبتكار فاستنادا لذلك ر
تعتي األفكار والمخيعات واالبتكارات جميعاوالحيوان والنبات من قبيل األشياء المادية ،كما ر
من قبيل األشياء المعنوية.
ثالثا :أقسام المال
ُيقسم المال إىل عدة تقسيمات ييتب عليها أحكام مختلفة بحسب كل قسم ،وسوف
نذكر أهم تقسيمات المال وما ييتب عىل كل قسم من فوائد وآثار
/1المال المتقوم :هو ما كان ف حيازة اإلنسان وأباح ر
الشع االنتفاع به ،كالدور
والسيارات والثياب والكتب والمطعومات وغيها.
/2المال غي المتقوم :هو ما لم يحرز بالفعل كالطي ف السماء والمعادن ف األرض،
أو ما ال يباح االنتفاع به رَس ًعا مثل الخمر والخيير بالنسبة للمسلم.
رابعا :فوائد وآثار هذا التقسيم
أوال :المال المتقوم وغي المتقوم
/1إن المال المتقوم هو الذي يصح التعاقد عليه ،وتجوز التضفات فيه من بيع وهبة
وَسكة ونحوها. وإجارة وإعارة ووصية ر
أما غي المتقوم فال يصح فيه رىسء من تلك التضفات ،فلو باع مسلم ً
خمرا لم يصح
لتقوم الخمر ف حقهما. البيع ،ولكن لو باعها ذم من ذم صح البيع ُّ
متقوما لغيه وجب عليه ضمان مثله إن كان ًّ ً ً
مثليا ،وقيمته إن كان /2من أتلف ماال
قيميا؛ ألن الشارع منحه حماية وحرمة. ًّ
خمرا لمسلم فال ضمان عليه؛ /3أما غي المتقوم فال يضمن باإلتالف ،فلو أراق أحد ً
ألن الخمر غي متقومه ف حق المسلم.
ً
ثانيا :العقار والمنقول باعتبار استقراره ف محله وعدم استقراره
ا -العقار :هو ما ال يمكن نقله بحال من األحوال :كالدور واألراض
ب-المنقول :ما يمكن نقله وتحويله من مكان إىل مكان سواء تغيت هيئته عند النقل
أم لم تتغي :مثل العروض التجارية وأنواع الحيوان والمكيل والموزون ونحوها
وعند المالكية المنقول ما أمكن نقله مع بقاء هيئته ،وصورته دون تغيي :كالمالبس
ً
والسيارات .والعقار عندهم ما ال يمكن نقله وتحويله أصال كاألرض
فوائد هذا التقسيم:
/1الشفعة تجري ف العقار دون المنقول إال عند بعض الفقهاء.
/2حقوق الجوار واالرتفاق تتعلق بالعقار دون المنقول.
ً
أوال فإن لم يف بيع عقاره. /3عند بيع أموال المدين وفاء لدينه يبدأ بالمنقول
13
/2الضمان ف إتالف المثىل يكون بمثله ،وف القيم يكون بقيمته ،فمن أتلف كمية
من السكر وجب عليه ضمان مثله ،أما القيم فيضمن المتعدي قيمته ألنه تعذر إيجاد مثله
صورة.
/3تدخل القسمة ر ً
جيا ف المال المثىل المشيك ،أما القيم فال تدخل فيه القسمة
الجيية
ر
ر ً
ابعا :المال االستهالك واالستعماىل :باعتبار بقاء عينه باالستهالك وعدمها
/1المال االستهالك :هو الذي ال يمكن االنتفاع به إال باستهالك عينه ،كأنواع الطعام
والشاب والحطب والنفط والورق والنقود ،فال يمكن االنتفاع بهذه األموال ما عدا النقود ر
14
إال باستئصال عينها ،وأما النقود فاستهالكها يكون بخروجها من يد مالكها ،وإن كانت أعيانها
باقية بالفعل.
/2والمال االستعماىل :هو ما يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه ،كالعقارات والمفروشات
والثياب والكتب ونحوها
وينظر إىل االنتفاع الممي بي النوعي ألول مرة ،ال إىل حاالت االستعمال المتكررة،
ً ًّ ً فإن زالت عي ر
استهالكيا ،وإن بقيت عينه حينئذ كان ماال الشء من أول انتفاع كان ماال
ًّ
استعماليا
وتظهر فائدة التقسيم فيما يأب:
ً ً
يقبل كل نوع من هذين المالي نوعا معينا من العقود ،فالمال االستهالك يقبل العقود
الن غرضها االستهالك ال االستعمال كالقرض وإعارة الطعام
والمال االستعماىل يقبل العقود الن هدفها االستعمال دون االستهالك كاإلجارة
واإلعارة
فإن لم يكن الغرض من العقد هو االستعمال وحده أو االستهالك وحده ،صح أن يرد
العقد عىل كال النوعي :االستعماىل واالستهالك كالبيع واإليداع ،فيصح ورودهما عىل كل من
النوعي عىل السواء.
ويظهر من تقسيم الحنفية للمال إىل متقوم وغي متقوم أنهم لم يجعلوا إباحة االنتفاع
عنضا من عناض المالية.
المعتي ف التقويم إنما هو مراعاة المنفعة الن أذن الشارع ر وف هذا يقول المالكية :إن
تعتي قيمته ألن المعدوم رَسعا كالمعدوم حسا. بها وما ال يؤذن فيه فال ر
-2كما ينقسم المال من حيث تباته وحركته إىل عقار ومنقول ،وقد تم إدراج مجموعة
من األشياء ضمن المنقوالت كاألصل التجاري وبراءة االخياع وكل الحقوق العينية ذات
القيمة االقتصادية.
وقيم:
ُ -3كذلك ينقسم المال من حيث تماثل أو تفاوت أحاده إىل مثىل
َ
المال المثىل :هو ما يوجد له مثل ف األسواق بال تفاوت يعتد به بي أح ِاد ِه ويتمثل
ف الكيىل والوزب غي المصوغ كالنحاس والقصدير ،والعددي المتقارب.
المال القيم :هو ما تتفاوت أحاده تفاوت يعتد به ومن القيم أيضا العددي إذا
تفاوت أحاده ،وسائر المنقوالت الن تتفاوت أحاده تفاوت يعتد به.
-4تقسيم المال بحسب النماء واالستهالك وف هذا اإلطار يقسم المال إىل مال نام
وغي نام.
ثانيا :وهناك تقسيم آخر يقوم عىل أساس التفرقة بي أموال الدولة وبي أموال
الخواص:
تعتي أمـواال عامـة العقارات والمنقـوالت الن للـدولة أو األشخاص األمـوال العامة :ر
االعتبارية العامة والن تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتض قانون أو مرسوم
وهذه األموال ال يجوز التضف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم.
أما األموال الخاصة :فه األموال غي المخصصة لمنفعة عامة سواء أكانت مملوكة
للدولة أو إلحدى إداراتها أو إلحدى المؤسسات العامة أو كانت مملوكة ألفراد.
ثالثا :األحكام الميتبة عىل أقسام المال
ُيقسم المال إىل عدة تقسيمات ييتب عليها أحكام مختلفة بحسب كل قسم ،وسوف
نذكر أهم تقسيمات المال وما ييتب عىل كل قسم من فوائد وآثار
/1المال المتقوم :هو ما كان ف حيازة اإلنسان وأباح ر
الشع االنتفاع به ،كالدور والسيارات
والثياب والكتب والمطعومات وغيها.
/2المال غي المتقوم :هو ما لم يحرز بالفعل كالطي ف السماء والمعادن ف األرض ،أو ما
ال يباح االنتفاع به رَس ًعا مثل الخمر والخيير بالنسبة للمسلم.
رابعا :فوائد وآثار هذا التقسيم
أوال :المال المتقوم وغي المتقوم
/1إن المال المتقوم هو الذي يصح التعاقد عليه ،وتجوز التضفات فيه من بيع وهبة
وإجارة وإعارة ووصية ر
وَسكة ونحوها.
16
أما غي المتقوم فال يصح فيه رىسء من تلك التضفات ،فلو باع مسلم ً
خمرا لم يصح البيع،
ولكن لو باعها ذم من ذم صح البيع ُّ
لتقوم الخمر ف حقهما.
مثليا ،وقيمته إن كان ًّ ً
متقوما لغيه وجب عليه ضمان مثله إن كان ًّ ً
قيميا؛ /2من أتلف ماال
ألن الشارع منحه حماية وحرمة.
/3أما غي المتقوم فال يضمن باإلتالف ،فلو أراق أحد ً
خمرا لمسلم فال ضمان عليه؛ ألن
الخمر غي متقومه ف حق المسلم.
ً
ثانيا :العقار والمنقول باعتبار استقراره ف محله وعدم استقراره
ا -العقار :هو ما ال يمكن نقله بحال من األحوال :كالدور واألراض
ب-المنقول :ما يمكن نقله وتحويله من مكان إىل مكان سواء تغيت هيئته عند النقل أم
لم تتغي :مثل العروض التجارية وأنواع الحيوان والمكيل والموزون ونحوها
وعند المالكية المنقول ما أمكن نقله مع بقاء هيئته ،وصورته دون تغيي :كالمالبس
ً
والسيارات .والعقار عندهم ما ال يمكن نقله وتحويله أصال كاألرض
فوائد هذا التقسيم:
/1الشفعة تجري ف العقار دون المنقول إال عند بعض الفقهاء.
/2حقوق الجوار واالرتفاق تتعلق بالعقار دون المنقول.
ً
أوال فإن لم يف بيع عقاره. /3عند بيع أموال المدين وفاء لدينه يبدأ بالمنقول
/4يجوز للوض أن يبيع للصغار ما يملكون من منقول حسب ما يراه من وجود المصلحة
ً
مثال. وليس له أن يبيع عقارهم إال بمسوغ رَسع كزيادة نفقاته عىل غالته
وأب يوسف) ،وأما المنقول فيتصور غصبه /5ال يتصور غصب العقار (عند رأب حنيفة ر
باتفاق الفقهاء.
ً
وأب يوسف ،خالفا لجمهور العلماء ،بيع العقار قبل قبضه من /6يجوز عند رأب حنيفة ر
المشيي ،أما المنقول فال يجوز بيعه قبل القبض أو التسليم؛ ألن المنقول عرضة للهالك
أكي من العقار.
ً
ثالثا :المثىل والقيم :باعتبار تماثل آحاده وأجزائه وعدم تماثلها
المال المثىل :هو ما له نظي ومثل ف األسواق من غي تفاوت بي أجزائه أو آحاده يعتد به
ف التعامل
واألموال المثلية أربعة أنواع
17
/2الضمان ف إتالف المثىل يكون بمثله ،وف القيم يكون بقيمته ،فمن أتلف كمية من
السكر وجب عليه ضمان مثله ،أما القيم فيضمن المتعدي قيمته ألنه تعذر إيجاد مثله
صورة.
/3تدخل القسمة ر ً
جيا ف المال المثىل المشيك ،أما القيم فال تدخل فيه القسمة
الجيية
ر
ر ً
ابعا :المال االستهالك واالستعماىل :باعتبار بقاء عينه باالستهالك وعدمها
/1المال االستهالك :هو الذي ال يمكن االنتفاع به إال باستهالك عينه ،كأنواع الطعام
والشاب والحطب والنفط والورق والنقود ،فال يمكن االنتفاع بهذه األموال ما عدا النقود ر
إال باستئصال عينها ،وأما النقود فاستهالكها يكون بخروجها من يد مالكها ،وإن كانت أعيانها
باقية بالفعل.
/2والمال االستعماىل :هو ما يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه ،كالعقارات والمفروشات
والثياب والكتب ونحوها
وينظر إىل االنتفاع الممي بي النوعي ألول مرة ،ال إىل حاالت االستعمال المتكررة ،فإن
ًّ ً ًّ ً زالت عي ر
استعماليا استهالكيا ،وإن بقيت عينه حينئذ كان ماال الشء من أول انتفاع كان ماال
18
المرحلة الثانية :ه معالجة البيانات األولية بإجراء عملية أو أكي عىل البيانات من
تصنيف وتقسيم وفرز وترتيب حسب تسلسل منطف معي وإجراء عمليات حسابية
وضغط للبيانات.
ومهما كانت المعلومة سواء ف مرحلتها األوىل ،ف صورة بيان أو معط غي معالج أو
ف مرحلتها النهائية كمعرفة جاهزة لالستهالك ،فإنها تبف ذات طبيعة غي مادية ،مما يثي
التساؤل حول مدى كون المعلومات ماال قابال لالمتالك ،وعن مدى إمكانية نقل ملكيتها
اعتبارا لطبيعتها غي المادية؟
اعتي البعض أنه ال يمكن اعتبارها من األموال نظرا لطبيعتها الذهنية بل ال تقبل
فقد ر
حن فكرة الملكية الذهنية غي المادية للمعلومات.
ف حي أكد البعض اْلخر عىل اعتبارها من األموال باعتبار قيمتها االقتصادية.
ولعل الراجح من الرأي هو اعتبار المعلومات ماال من كانت ذات قيمة اقتصادية.
فمن المعلوم أن ف واقعنا الحاىل ،أصبح استغالل المعلومات من الوسائل المهمة ف تحقيق
المشوعات والصناعات المختلفة. عوائد مادية أو الزيادة من إنتاجية ر
ومن تم فالمعلومات شأنها شأن الكهرباء ،قد ال ترى بالحواس ولكن أثرها وقيمتها
االقتصادي ف اإلنتاج والمردودية ال يجادل فيها أحد ،رغم عدم تطرق بعض ر
التشيعات
العتبارها من األموال أم ال ،وعليه فالمعامالت الن محلها المعلومات أصبحت واقعا وجب
ر
والتشي ــع النظر ف األحكام المتعلقة بحمايتها. عىل القضاء والفقه
الخالصة
نستخلص مما سبق أن المال ظاهرة معنوية تتمثل ف المنفعة المتقدمة ،ومصادر هذه
المنفعة كما أنها تكون ف األشياء المادية فقد تكون من المعنويات الن ليس لها وجه مادي.
حن إن الحقوق المعنوية طغت بتأثي التطور االجتماع واالقتصادي عىل األشياء المادية.
واستدل الجمهور بقولهم :إن حيازة المنافع ممكنة وذلك بحيازة أصلها ومحلها ومصدرها،
وألن المنافع ه المقصودة من األعيان ولوالها لما صارت األعيان أمواال.
ً
ماال بدليل قوله -تعاىل: والشارع الحكيم أجاز أن تكون المنافع ً
مهرا ،والمهر ال يكون إال
ي﴾ [النساء،]24 : ﴿و ُأح َّل َل ُك ْم َما َو َر َاء َذل ُك ْم َأ ْن َت ْب َت ُغوا ب َأ ْم َوال ُك ْم ُم ْحصن َ
ي َغ ْ َي ُم َسافح َ َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
فالمنافع إذن من األموال.
والراجح قول الجمهور لقوة أدلتهم ولجريان العرف بذلك.
ثامنا :تعريف البيع ر
ومشوعيته وأركانه
تعريف البيع:
بشء؛ فمقابلة السلعة بالسلعة تسم ً
بيعا لغة كمقابلتها البيع ف اللغة :مقابلة رىسء ر
بالنقد ،ويقال ألحد المتقابلي :مبيع ،ولآلخر :ثمن.
وقال بعض الفقهاء :إن معناه ف اللغة تمليك المال بالمال ،وهو بمعن التعريف األول.
وقال آخرون :إنه ف اللغة إخراج ذات عن الملك ِبعوض ،وهو بمعن التعريف الثاب؛ ألن
إخراج الذات عن الملك هو معن تمليك الغي للمال ،فتمليك المنفعة باإلجارة ونحوها ال
يسم ً
بيعا.
الشاء فإنه إدخال ذات ف الملك ِبعوض ،أو تملك المال بالمال ،عىل أن اللغة تطلق أما ر
والشاء عىل معن اْلخر ،فيقال لفعل البائع :بيع ر كَل من البيع رً
وَساء ،كما يقال ذلك لفعل
َس ْو ُه ب َث َمن﴾ [يوسف ،]20 :فإن معن ﴿ ر َ َ
َس ْو ُه ﴾ ف اْلية: المشيي ،ومنه قوله تعاىلَ ﴿:و ر َ َ
ِ ٍ
باعوه ،وكذلك االشياء واالبتياع فإنهما يطلقان عىل فعل البائع والمشيي لغة.
العرف قد خص المبيع بفعل البائع ،وهو إخراج الذات ِمن الملك ،وخص ر
الشاء إال أن ُ
واالشياء واالبتياع بفعل المشيي ،وهو إدخال الذات ف الملك.
ر
مشوعية البيع:
مشوعية البيع ثابتة بالكتاب والسنة واإلجماع. إن ر
الر َبا ﴾[البقرة.]275 : اَّلل ْال َب ْي َع َو َح َّر َم ِّ ف الكتاب :ورد ف القرآن الكريمَ ﴿:و َأ َح َّل َّ ُ
ً َّ َ ْ َ ُ َ
اط ِل ِإَل أن تكون ِت َج َارة َع ْن آم ُنوا ََل َت ْأ ُك ُلوا َأ ْم َو َال ُك ْم َب ْي َن ُك ْم ب ْال َ
ب ﴿يا َأ ُّي َها َّالذ َ
ين َ وف سورة النساءَ :
ِ ِ ِ
ُْ َت َ
اض ِمنك ْم ﴾[النساء]29 : ٍ ر
ُ َ َ
﴿إذا ت َب َاي ْعت ْم ﴾[البقرة]282 : وقوله تعاىلِ :
21
فهذه اْليات ضيحة ف ِح ِّل البيع ،وإن كانت مسوقة ألغراض أخرى غي إفادة الحل؛ ألن
ً
اْلية األوىل مسوقة لتحريم الربا ،والثانية مسوقة لنه الناس عن أكل أموال بعضهم بعضا
بالباطل ،والثالثة مسوقة للفت الناس إىل ما يرفع الخصومة ،ويحسم الياع من االستشهاد
عند التبايع.
النن صىل هللا عليه وسلم قد ر
باَس البيع ،وشاهد الناس يتعاطون البيع ف السنة :أن ر
َ ر
والشاء ،فأقرهم ولم ينههم عنه.
ومنها قوله صىل هللا عليه وسلم(( :ألن يأخذ أحدكم حبله فيأب بحزمة حطب عىل ظهره،
فيبيعها فيكف بها وجهه ،خي له من أن يسأل الناس ،أعطوه أو منعوه))؛ رواه البخاري.
وف هذا الحديث إشارة إىل ما يجب عىل اإلنسان من العمل ف هذه الحياة ،فال يحل له أن
ً
يهمل طلب الرزق اعتمادا عىل سؤال الناس ،كما ال يحل له أن يستنكف عن العمل ،سواء
ً ً
حقيا ،بل عليه أن يعمل بما هو ميش له. كان جليَل أو
والي ُ
بالي ،والشعي ومنها قوله عليه الصالة والسالم(( :الذهب بالذهب ،والفضة بالفضةُ ،
ر ر
ً ً ً
سواء بسواء ،مثَل بمثل ،يدا بيد ،فمن زاد أو اسياد بالشعي ،والتمر بالتمر ،والملح بالملح
فبيعوا كيف شئتم))؛ رواه مسلم ،فقوله(( :فبيعوا أرب ،فإذا اختلفت هذه األجناس ِ فقد ر
كيف شئتم)) ضي ــح ف إباحة البيع.
ومنها قوله عليه الصالة والسالم(( :أفضل الكسب بيع ر
ميور ،وعمل الرجل بيده))؛ رواه
ُ
يغش ولم يخ ْن ولم
َّ الميور هو الذي ريي فيه صاحبه فلم
والطياب وغيهما ،والبيع ر
ر أحمد
ُّ
يعص هللا فيه ،وحكمه ِحل ما ييتب عليه من تبادل المنافع بي الناس ،وتحقيق التعاون
ِ
بينهم.
فينتظم بذلك معاشهم ،وينبعث كل واحد إىل ما يستطيع الحصول عليه من وسائل
العيش ،فهذا يغرس األرض بما منحه هللا من قوة بدنية ،وألهمه من علم بأحوال الزرع،
ويبيع ثمرها لمن ال يقدر عىل الزرع ولكنه يستطيع الحصول عىل الثمن من طريق أخرى،
وهذا يحض السلعة من الجهات الثانية ويبيعها لمن ينتفع بها ،وهذا يجيد ما يحتاج إليه
أكي الوسائل الباعثة عىل
والشاء من رالناس من صناعة ليبيع عليهم مصنوعاته؛ فالبيع ر
ِّ
وأجل أسباب الحضارة والعمران. العمل ف هذه الحياة الدنيا،
اإلجماع :وقد أجمع األئمة عىل ر
مشوعية البيع ،وأنه أحد أسباب التملك.
كما أن الحكمة تقتضيه؛ ألن الحاجة ماسة إىل رَسعيته؛ إذ الناس محتاجون إىل األعواض
والشاب الذي ف أيدي بعضهم ،وال طريق لهم إليه إال بالبيع ر
والشاء والسلع ،والطعام ر
22
ف القانون الوضع :البيع تمليك مال ،أو حق ماىل لقاء عوض ،البيع عقد يليم به البائع أن
حقا ًًّّ
ماليا آخر ف مقابل ثمن نقدي. ينقل للمشيي ملكية رىسء ،أو
أركان البيع:
أركان البيع ستة ،وه الصيغة ،والعاقد والمعقود عليه ،وكل منهما قسمان؛ ألن العاقد إما
ً ً
بائعا أو مشيًيا ،والمعقود عليه إما أن يكون ثمنا أو مثمنا ،والصيغة إما أن تكون
أن يكون ً
ً
قبوَل؛ فاألركان ستة ،والمراد بالركن هنا ما يتوقف عليه وجود ر ً
الشء ،وإن كان غي إيجابا أو
الشء الحقيف هو أصله الداخل فيه، داخل ف حقيقته ،وهذا مجرد اصطالح؛ ألن ركن ر
وأصل البيع هو الصيغة ،الن لوالها ما اتصف العاقدان بالبائع والمشيي ،ولكل ركن من
وَسوط سنذكرها عىل اليتيب الذي يىل: األركان أحكام ر
وأما القول :فهو اللفظ الذي يدل عىل التمليك والتملك ،كـ :بعت واشييت ،ويسم ما يقع
ً ً
إيجابا ،وما يقع من المشيي قبوَل ،وقد يتقدم القبول عىل اإليجاب ،كما إذا قال من البائع
المشييِ :ب ْعن هذه السلعة بكذا.
ً
ويشيط لاليجاب والقبول رَسوط ،منها :أن يكون اإليجاب موافقا للقبول ف القدر
والوصف والنقد ،والحلول واألجل ،فإذا قال البائعِ :بعت هذه الدار بألف ،فقال المشيي:
قبلتها بخمسمائة -لم ينعقد البيع ،وكذا إذا قال :بعتها بألف جنيه ً
ذهبا ،فقال اْلخر:
ً
قبلتها بألف جنيه َو ِرقا ،فإن البيع ال ينعقد إال إذا كانت األلف الثانية مثل األوىل ف المعن
من جميع الوجوه ،فإن البيع ينعقد ف هذه الحالة
ومنها :أن يكون اإليجاب والقبول ف مجلس واحد ،فإذا قال أحدهما :بعتك هذا بألف ،ثم
تفرقا قبل أن يقبل اْلخر ،فإن البيع ال ينعقد.
23
ومنها :أن ال يفصل بي اإليجاب والقبول فاصل يدل عىل اإلعراض ،أما الفاصل اليسي،
وهو الذي ال يدل عىل اإلعراض بحسب العرف ،فإنه ال يض
ومنها :سماع المتعاقدين كالم بعضهما البعض ،فإذا كان البيع بحضة شهود ،فإنه يكف
سماع الشهود ،بحيث لو أنكر أحدهما السماع لم يصدق ،فإذا قالِ :بعت هذه السلعة
بكذا ،وقال اْلخر :قبلت ،ثم تفرقا ،فادع البائع أنه لم يسمع القبول أو ادع المشيي بأنه
ً
لم يسمع الثمن مثَل ،فإن دعواهما ال تسمع إال بالشهود.
الركن الثاب :العاقدان:
بائعا أو مشيًيا -فإنه يشيط له رَسوط ،منها :أن يكون ً
مميا ،فال وأما العاقدان -سواء كان ً
ِّ
الممي والمعتوه اللذان يعرفان الصن
الصن الذي ال يمي ،وكذلك المجنون ،أما ر ينعقد بيع ر
البيع وما ييتب عليه من األثر ،ويدركان مقاصد العقالء من الكالم ،ويحسنان اإلجابة عنها
الشء الذي -فإن بيعهما ر
وَساءهما ينعقد ،ولكنه ال ينفذ إال إذا كان بإذن من الوىل ف هذا ر
باعه واشياه بخصوصه ،وال يكف اإلذن العام.
فإذا اشيى الصن الممي السلعة الن أذن له وليه ف رَسائها ،انعقد البيع ً
الزما ،وليس للوىل ر
الصن الممي من تلقاء نفسه فإن بيعه ينعقد ،ولكن ال يلزم إال رده ،أما إذا لم يأذن وتضف ر
الصن بعد البلوغ.
ر إذا أجازه الوىل ،أو أجازه
ً
رشيدا ،وهذا رَسط لنفاذ البيع ،فال ينعقد بيع الصنً ،
مميا كان أو غيه ،وال ر ومنها :أن يكون
بيع المجنون والمعتوه والسفيه ،إال إذا أجاز الوىل بيع الممي منهم ،أما بيع غي الممي فإنه
ً ً
مبضا. يقع باطَل ،وال فرق ف الممي بي أن يكون أعم أو
َّ َ ْ َ ُ َ ً
مختارا ،فال ينعقد بيع المكره وال رَساؤه؛ لقوله تعاىلِ ﴿:إَل أن تكون ومنها :أن يكون العاقد
ُ ِت َج َار ًة َع ْن َت َ
اض ِم ْنك ْم ﴾[النساء.]29 :
ٍ ر
اض))؛ رواه ابن حبان.وقوله عليه الصالة والسالم(( :إنما البيع عن تر ٍ
الركن الثالث :المعقود عليه:
ً
مثمنا ،رَسوط ،منها: ً
يشيط ف المعقود عليه ،ثمنا كان أو
ً
شيئا ً ً طاهرا ،فال يصح أن يكون النجس ً ً
نجسا أو مبيعا وال ثمنا ،فإذا باع أ -أن يكون
متنجسا ال يمكن تطهيه ،فإن بيعه ال ينعقد ،وكذلك ال يصح أن يكون النجس أو ً
عينا طاهرة ،وجعل ثمنها ً ً ً
خمرا أو المتنجس الذي ال يمكن تطهيه ثمنا ،فإذا اشيى أحد
ً
خي ًيرا مثَل ،فإن بيعه ال ينعقد.
24
ر
الحشات الن ال نفع فيها. عيا ،فال ينعقد بيع ً
انتفاعا رَس ًّ ً
منتفعا به ب -أن يكون
َّ َ ً ً
السلم، ج -أن يكون المبيع مملوكا للبائع حال البيع ،فال ينعقد بيع ما ليس مملوكا إال ف
فإنه ينعقد بيع العي الن ستملك بعد.
ً ً
مقدورا عىل تسليمه ،فال ينعقد بيع المغصوب؛ ألنه وإن كان مملوكا د -أن يكون
ً ً
للمغصوب منه ،فإنه ليس قادرا عىل تسليمه ،إال إذا كان المشيي قادرا عىل نزعه من
ً ً
وأيضا ال يصح أن يبيعه الغاصب؛ ألنه ليس مملوكا. الغاصب ،وإال صح،
علما يمنع من المنازعة ،فبيع المجهول جهالة ً
معلوما ً ً
معلوما والثمن ه -أن يكون المبيع
تفض إىل المنازعة غي صحيح ،كما إذا قال للمشييِ :
اشي شاة من قطيع الغنم الن
اشي من هذه السلعة بالثمن الذي يحكم به ر
اشي من هذا الشء بقيمته ،أو ِ أملكها ،أو ِ
فالن ،فإن البيع ف كل هذا ال يصح.
ً
مؤقتا ،كأن يقول له :بعتك هذا البعي بكذا لمدة سنة. و -أال يكون
وَسوط عقد البيع ومن الجدير بالمالحظة أنه ف النظام االقتصادي اإلسالم تخضع أركان ر
ف تنظيمها لقواعد الفقه اإلسالم المتعلق بالمعامالت.
وعند تطبيق هذه العقود لدى البنوك اإلسالمية ف عمليات التمويل ،فإن هذه العقود
تخضع كذلك ف تنظيمها للقواعد العامة للقانون الوضع ف الدولة الن يتم فيها التعاقد
أنواع البيوع:
ً
أوَل :تقسيم البيع باعتبار المبيع:
ينقسم البيع باعتبار موضوع المبادلة فيه إىل أربعة أقسام:
- 1البيع المطلق :هو مبادلة العي بالنقد ،وهو أشهر األنواع ،ويتيح لإلنسان المبادلة
بنقوده عىل كل ما يحتاج إليه من األعيان ،وينضف إليه البيع عند اإلطالق ،فال يحتاج
كغيه إىل تقييد.
َّ َ َّ َ
السلف ،هو مبادلة الدين بالعي ،أو بيع رىسء مؤجل بثمن معجل. السلم :ويسم - 2بيع
- 3بيع الضف :وهو بيع جنس األثمان بعضه ببعض ،وعرف بأنه بيع النقد بالنقد ً
جنسا
بجنس ،أو بغي جنس؛ أي :بيع الذهب بالذهب ،والفضة بالفضة ،وكذلك بيع أحدهما
باْلخر.
ً
وإنما يسم ضفا :لوجوب دفع ما ف يد كل واحد من المتعاقدين إىل صاحبه ف المجلس.
ر
وَسوطه أربعة:
25
د -التنجي ف العقد ،وأال يكون فيه أجل؛ ألن قبض البدلي مستحق قبل االفياق ،واألجل
يؤخر القبض.
الشوط ،فسد الضف. فإذا اختل رَسط من هذه ر
- 4بيع المقايضة :وهو مبادلة مال بمال سوى النقدين ،ويشيط لصحته التساوي ف
وقدرا ،فيجوز بيع لحم بشاة حية؛ ألنه بيع موزون بما ليس ً التقابض إن اتفقا ً
جنسا
ً
وخي بدقيق متفاضَل؛ ألنه بيع مكيل بموزون. بموزون ،ر
ً
وال يجوز بيع التي الرطب بالتي اليابس إال تماثَل ،وال يجوز بيع الحنطة بالدقيق أو
ً ً
اليغل مطلقا ولو متساويي؛ النكباس األخيين ف المكيال أكي من األول ،أما إذا بيع موزونا ر
فالتماثل واجب.
ً
ثانيا :تقسيم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن:
ينقسم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن إىل ثالثة أنواع:
- 1بيع المساومة :هو البيع الذي ال يظهر فيه رأس ماله؛ أي :البيع بدون ذكر ثمنه األول.
- 2بيع المزايدة :هو أن يعرض البائع سلعته ف السوق ،وييايد المشيون فيها ،فتباع لمن
يدفع الثمن أكي.
الشاء بالمناقصة ،وه أن يعرض المشيي رَساء سلعة موصوفة بأوصاف ويقارب المزايدة ر
معينة ،فيتنافس الباعة ف عرض البيع بثمن أقل ،ويرسو البيع عىل من رض بأقل سعر،
ً
قديما عن مثل هذا البيع ،ولكنه يشي عليه ما يشي عىل المزايدة مع ولم يتحدث الفقهاء
مراعاة التقابل.
- 3بيوع األمانة :ه الن يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال ،أو أزيد أو أنقص ،وسميت بيوع
األمانة؛ ألنه يؤمن فيها البائع ف إخباره برأس المال ،وه ثالثة أنواع:
26
أ -بيع المرابحة :وهو بيع السلعة بمثل الثمن األول الذي اشياها البائع ،مع زيادة ربــح
معلوم متفق عليه.
ب -بيع التولية :وهو بيع السلعة بمثل ثمنها األول الذي اشياها البائع به ،من غي نقص
وال زيادة
ج -بيع الوضيعة :وهو بيع السلعة بمثل ثمنها األول الذي اشياها البائع به ،مع وضع
(حط) مبلغ معلوم من الثمن؛ أي :بخسارة محددة.
هذا ،وف حالة كون البيع يتم لجزء من المبيع ،فإنه يسم بيع (االشياك) ،وهو ال يخرج
عن األنواع المتقدمة المذكورة من البيوع.
ً
ثالثا :تقسيم البيع باعتبار طريقة تسليم الثمن:
- 1بيع منجز الثمن :وهو ما يشيط فيه تعجيل الثمن ،ويسم بيع النقد ،أو البيع بالثمن
الحال.
- 2بيع مؤجل الثمن :وهو ما يشيك فيه تأجيل الثمن.
- 3بيع مؤجل المثمن :وهو مثل بيع َّ
السلم وبيع االستصناع.
َّ َّ
العوضي :أي بيع الدين بالدين ،وهو ممنوع ف الجملة.
- 4بيع مؤجل ِ
ر ً
ابعا :تقسيم البيع باعتبار الحكم ر
الشع:
ينقسم البيع باعتبار الحكم ر
الشع إىل أنواع كثية ،منها:
- 1البيع المنعقد ،ويقابله البيع الباطل.
- 2البيع الصحيح ،ويقابله البيع الفاسد.
- 3البيع النافذ ،ويقابله البيع الموقوف.
- 4البيع الالزم ،ويقابله البيع غي الالزم( ،ويسم الجائز أو المخي).
ًّ
باتا إذا عري عن الخيارات ،كـ :بعتك هذا الثوب ر
بعشة أ -فالبيع الالزم :هو البيع الذي يقع
وقبل المشيي.قروشِ ،
ب -والبيع غي الالزم :وهو ما كان فيه إحدى الخيارات ،كـ :بعتك هذا الثوب ر
بعشة قروش،
فقال المشيي :قبلت عىل أب بالخيار ثالثة أيام
ج -والبيع الموقوف :ما تعلق به حق الغي؛ كبيع إنسان مال غيه بغي إذنه.
27
مش ً
وعا بأصله ووصفه ،ولم يتعلق به حق د -أما البيع الصحيح النافذ الالزم :فهو ما كان ر
الغي ،وال خيار فيه ،وحكمه أنه يثبت أثره ف الحال.
مش ً
وعا بأصله ،وال بوصفه، ه -أما البيع الباطل :فهو ما اختل ركنه أو محله ،أو ال يكون ر
ً ً
يعتي منعقدا فعَل.
وحكمه أنه ال ر
وعا بأصله دون وصفه ،كمن عرض له أمر أو وصف غي مش ً و -والبيع الفاسد :هو ما كان ر
مشوع ،مثل بيع المجهول جهالة تؤدي للياع؛ كبيع دار من الدور ،أو سيارة من السياراتر
المملوكة لشخص دون تعيي ،وكإبرام صفقتي ف صفقة ،وحكمه أنه يثبت فيه الملك
بالقبض بإذن المالك ،ضاحة أو داللة.
الضابط الذي يمي الفاسد عن الباطل:
- 1إذا كان الفساد يرجع للمبيع ،فالبيع باطل.
ً
- 2أما إذا كان الفساد يرجع للثمن ،فإن البيع يكون فاسدا؛ أي :إنه ينعقد بقيمة المبيع.
أنواع البيع الباطل:
وه ستة أنواع كاْلب:
- 1بيع المعدوم.
- 2بيع معجوز التسليم.
- 3بيع الغرر.
- 4بيع النجس والمتجنس.
- 5بيع العربون.
- 6بيع الماء
تاسعا :التمويالت البنكية.
أوال :تمويل المرابحة.
بيع المرابحة
المرابحة ه نشاط ورد ف فقه المعامالت اإلسالمية وقام الباحثون بتطويره لمقابلة
وسوف يتناول هذا الجزء اْلب :احتياجات توظيف األموال ف البنك اإلسالم
أوال :تعريف المرابحة:
28
ً ً
/1أن يكون الثمن معلوما للطرفي (الثمن الذي اشيى به البائع السلعة معلوما للمشيي)،
وكذلك ما يحمل عليه من تكاليف أخرى.
ً ً
/2أن يكون الربــح معلوما ،ويكون مقدارا أو نسبة من ثمن السلعة.
/3أن يكون رأس المال من ذوات األمثال ،بمعن أن يكون له مثيل كالمكيالت والموزونات.
ً
/4أال يكون الثمن ف العقد األول مقابال بجنسه من أموال الربا ،فإن كان كذلك بأن اشيى
ً
المكيل ،أو الموزون بجنسه مثال بمثل لم يجز أن يبيعه مرابحة ألن المرابحة بيع الثمن
ً ً
األول والزيادة ف أموال الربا تكون ربا ال ربحا.
ً
.5أن يكون العقد األول صحيحا؛ ألن بيع المرابحة مرتبط بالعقد األول ،فإن كان فاسدا لم
يجز البيع.
.6أن تكون السلعة موجودة عند البائع حي إبرام عقد البيع ،أي أن يكون حائزا للبضاعة
ومالكا لها وقادرا عىل تسليمها إىل المشيي؛ ألن عقد بيع المرابحة يقوم عىل البيع
الحاض.
المحاسبة عن بيع المرابحة:
يقوم البنك بفتح حـساب خاص لكل عملية مرابحة عىل حده ترحل إليه كافة األحداث
المالية الخاصة بالعملية.
ويجب إدراج عناض التكلفة اْلتية- :
أ /ثمن ر
الشاء األصىل للسلعة.
ر
المباَسة الخاصة بالسلعة (صناعية – تسويقية -إدارية). ب /المضوفات
ر
المباَسة الخاصة بالسلعة. ج /المضوفات غي
وتتمثل إيرادات المرابحة- :
بقيمة العربون والمبيعات الناتجة من هذه العملية وبمقارنتها بتكلفة المشييات يكون
الفرق هو العائد المتحقق من النشاط وهو ما يسم (ربــح المرابحة).
ثانيا :تمويل السلم
تمويل السلم :هو صيغة التمويل عن طريق بيع السلم
السلم والسلف بمعن واحد وهو بيع رىسء موصوف ف الذمة بثمن معجل.
والسلم لغة :قال اإلمام النووي رحمه هللا السلم هو نوع من البيوع ويقال فيه السلف
وقال األزهري ف رَسح ألفاظ المختض السلم بمعن واحد ،ويقال سلم وأسلم وسلف
وأسلف بمعن واحد هذا قول جميع أهل اللغة.
الشع :فهو كما عرفه اإلمام النووي أنه عقد عل موصوف ف الذمة ببذل يعط أما ف ر
ً
عاجال ،أي أن البضاعة المشياة دين ف الذمة ليست موجودة أمام المشيي ومع ذلك فإنه
ً
يدفع الثمن عاجال للبائع ،والفقهاء تسمية بيع المحاوي ــج ألنه بيع غائب تدعو إليه ضورة
كل واحد من المتابعي.
ثانيا :ر
مشوعية السلم
ر
ومشوعيته جاءت بالكتاب والسنة واإلجماع ،يقول تعاىل " :يأيها الذين آمنوا إذا تدانيتم
بدين إىل أجل مسم فاكتبوه " البقرة (آية .... )282
ومن السنة ما ثبت عن ابن عباس رض هللا عنهما قال قدم رسول هللا صىل هللا عليه
وسلم المدينة والناس يسلفون ف التمر العام والعامي فقال »:من سلف فليسلف ف كيل
معلوم ووزن معلوم" رواه البخاري ومسلم.
أما اإلجماع فقد نقل بن قدامه عن ابن المنذر قوله ،أجمع كل من نحفظ من أ÷ل العلم
عىل أن السلم جائز ألن المثمن ف البيع أحد عوض العقد فيما زان يثبت ف الذمة كالثمن
وألن الناس ف حاجة إليه.
ثالثا :أركان السلم
أركان السلم ه:
ا /1العاقدان :البائع والمشيي
/2الصيغة " :اإليجاب والقبول.
/3المعقود عليه :السلعة.
رابعا :ضوابط االستثمار عن طريق بيع السلم :
وضع بعض الفقهاء مجموعة من القواعد الن تضبط االستثمار عن طريق بيع السلم منها:
ً
-1أن يكون منضبطا :بمعن أن كل ما يمكن انضباطه فإنه جائز فيه السلم ألنه ما تدعوا
إليه حاج.
31
-2أن يصفه بما يختلف فيه الثمن ،فيذكر جنسه ونوعه ،وقدره وبلده ،وحداثته وقدمه،
وجودته ورداءته ،وماال يختلف به الثمن ال يحتاج إىل ذكره.
ً
-3أن يكون األجل معلوم كالشهر ونحوه فإن أسلم حاال أو عىل أجل قريب كاليوم ونحوه
لم يصح.
- 4أن يكون المسلم فيه ف الذمة فإن أسلم ف عي لم يصح.
- 5أن يكون المسلم فيه عام الوجود ف محله فال يجوز فيما يندر كالسلم ف العنب
والرطب ف غي وقته.
- 6أن يقض رأس المال ف المجلس وذلك لئال يدخل تحته بيع الكاىلء المنه عنه وأجاز
االمام مالك اليوم واليومي الستالم رأس المال.
-وهذه ر
الشوط متفق عليها األئمة األربعة.
دب عام 79هذا النوع من البيوع إذا كان المضف وقد أقر مؤتمر المضف اإلسالم ف ر
بالشوط الن ذكرها الفقهاء ومراعاة ذلك ف كافة عقود السلم .وال يشيط أن تكون يتقيد ر
البضاعة المشياة من إنتاج البائع كما هو الحال ف المصارف اإلسالمية فإنها تستورد
البضائع من بلدان أخرى وال تقوم بإنتاجها والفرق بي السلم وبيع المرابحة أن بيع السلم
ً
حاال أما بيع المرابحة فهناك وعد ر
بالشاء ،وف كلتا الحالتي يكون المشيي من يتم الثمن
المنتج األساىس هو المضف اإلسالم ال المتعامل.
خامسا :تطبيق بيع السلم بالمصارف اإلسالمية.
ً
يمكن أن يكون عقد السلم طريقا للتمويل يغن عن القرض بفائدة ،فمن عنده سلعة
ً ً ر
حاال. مشوعة ينتجها يمكنه أن يبيع كمية منها ،تسلم ف المستقبل ،ويحصل عىل ثمنها
ولذلك يكون عقد السلم أحد الوسائل الن يستخدمها المضف اإلسالم ف الحصول عىل
ً
السلع موضوع تجارته ،كما يستخدمه أيضا ف بيع ما تنتجه رَسكاته ومؤسساته.
ولقد تبي من الواقع العمىل أن العديد من المصارف اإلسالمية تطبق هذه الصيغة ف
الشكات الصناعية .ويمكن استخدام بيع السلم ف اإلنشاءات العقارية تمويل العديد من ر
ً
عن طريق بيع الوحدات قبل إنشائها وتسليمها بعد االنتهاء منها.
ثالثا :تمويل االستصناع
أوال :تعريف االستصناع لغة واصطالحا
وعمله ألنه غي موجود ،وفعله الماضَ :ص َنع.
ِ الشءطلب ُص ْنع ر
ِ
ُ االستصناع ف اللغة:
32
ُ َ
وهو ف االصطالح الفقه :عقد عىل مبيع ف الذمة ُيطلب عمله.
ً
كشكة تجارية َّتتفق مع مصنع عىل أن يصنع لها عددا من السيارات ،بأوصاف محددة... ر
فإن االستصناع ف اصطالح الفقهاء :أن يطلب إنسان من آخر شيئا لم يصنع بعد ليصنع
له طبق مواصفات محددة ،بمواد من عند الصانع ،مقابل عوض ماىل
َّ َ
وبالسلم ،والبيع بالمعن الخاص ،أما شبهه باإلجارة فألن العمل فيه وهو شبيه باإلجارة ،
جزء من المعقود عليه ،وأما شبهه بالبيع من حيث أن الصانع يقدم المواد من عنده
ً
مقابل عوض ،لكن تعريف الفقهاء المتقدم له يخرجه عن كونه واحدا من الثالثة ،
ويوضح أنه عقد مغاير لهذه العقود ،وهو من المعامالت الجائزة عند العلماء ف الجملة ،
وإن كانوا اختلفوا ف النوع الجائز منه ،فاألئمة الثالثة :مالك والشافع وأحمد جعلوه سلما
،واشيطوا لصحته رَسوط السلم .الن من أهمها تقديم رأس المال ف مجلس العقد.
ً ً
أما الحنفية فقد أجمعوا -أو أكيهم -عىل جوازه طبقا للتعريف المتقدم ،وجعلوه عقدا
ً
مغايرا للسلم فال تجب فيه مراعاة رَسوطه ،لكن منهم من قال :إنه مواعدة غي ملزمة ألحد
ً
الطرفي ،وليست بيعا إال عند الفراغ من العمل وتسليم المصنوع إىل المستصنع وقبض
الثمن ،فإنه يلزم حينئذ .وهذا قول مرجوح عندهم ،والذي عليه أكيهم أنه عقد ،وليس
مجرد وعد.
والذي نرى -وهللا أعلم-أن الصحيح ف تكييف عقد االستصناع أنه عقد مستقل ،ليس
ً ً
بيعا ،وال إجارة ،وال سلما -كما قدمنا -وهذا هو رأي مجمع الفقه اإلسالم ،وذلك لمغايرته
لكل الثالثة.
وقد استدل من أجازه بقوله تعاىل( :قالوا ياذا القرني إن يأجوج ومأجوج مفسدون ف
ًّ ً
رب خي ر األرض فهل نجعل لك خرجا عىل أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكن فيه
ً ً ً
فأعينوب بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) [الكهف ]94،95:قال ابن عباس :خرجا :أجرا
ً
عظيما.
ً
هذا مع ما فيه من الرفق والتيسي عىل الصانع والمستصنع معا ،وال شك أن جلب ما ييش
الشع الن بن عليها ،فتنبع مراعاته حيث لم يرد نص عىل الناس مقصد من مقاصد ر
ً
يقض بعدم ذلك ،وإنما كان فيه تيسي عليهما ألن الصانع يكون قد باع مصنوعه مسبقا
وتحقق الربــح فيه ،فهو يعمل عىل هدى وبصية ،ولوال عقد االستصناع الحتاج إىل
ً البحث بعد صناعة ر
الشء عن فرصة لتسويقه ،فقد يبيعه فورا ،وقد يتأخر بيعه ،بل قد
يكش عنده فيتحمل نفقاته وصيانته وغي ذلك مما يمكن تجنبه وتفاديه بعقد االستصناع
ً
وهناك أيضا سلع يتعذر صنعها قبل وجود مشيي لها كبناء ميل بمواصفات معينة ،وف
مكان معي ونحو ذلك.
الشوط ويحدد المواصفات المرغوبة عنده ، وأما المستصنع فألنه يستطيع أن يضع ر
ً
والمالئمة لذوقه وغي ذلك مما ال يحصل غالبا إال ف هذا النوع من العقود.
33
ثانيا :الغاية من ر
تشي ع عقد االستصناع
ً
رَسع هللا تعاىل عقد االستصناع ـ مع أنه بيع معدوم ـ تيسيا عىل الناس ف تحصيل أرزاقهم،
ً
بعضا ،واستثمار أموالهم وتنميتها ،ويزيد َ
األمر وتحقيق مصالحهم ،وتمويل بعضهم
َّ ً
يتخرج عليه ف عضنا من حاجات الناس ومصالحهم. وضوحا ما
وشوطه ثالثا :أركان عقد االستصناع ر
تتشـابه أركـان عقـد االسـتصناع مـع أركـان العقـود عامـة ،وهـي هنا ثالثة:
/1الصيغـة (اإليجاب والقبول).
المستصنع ـ أي :المشيي صاحب الحاجة ـ والصانع ـ أي :البائع ـ ).
ِ /2والعاقدان (
ُّ
والمحل (السلعة ،والثمن). /3
رابعا :رَسوط صحته
ً ./1تحديد مواصفات ر
الشء المطلوب تحديدا يمنع التنازع والخصام عند التسليم
/2عدم ذكر األجل عند العقد ،فإن ذكر أجل انقلب إىل عقد سلم تراع فيه رَسوط السلم
وأحكامه ،وهذا عند اإلمام رأب حنيفة.
ويتماىس مع المعامالت المعاضة هو أنه يجوز ذكر ر لكن الذي قرره مجمع الفقه اإلسالم
ً
األجل ،بل يجب حسما للياع ،عىل أن األجل الذي يجوز ضبه هو ما يحتاج إليه إلتمام
العمل وليس أكي من ذلك ،وال يشيط ف صحة هذا العقد تعجيل الثمن بل يجوز تأخيه
كله أو بعضه .ألنه ليس سلما ،كما ال يشيط أن يكون ما يأب به العامل من صنعه هو إال إذا
اشيط المستصنع ذلك.
ً
/3وأخيا ،إذا اكتملت رَسوط صحة عقد االستصناع وانتفت عنه الموانع فإن الصحيح أنه
يلزم كال من الطرفي ،فال يحق ألحدهما فسخه إال برض الطرف اْلخر ،هذا هو الذي
تقتضيه المصلحة ،وتنتف معه المضة ،وهو الذي أخذ به مجمع الفقه اإلسالم ،وهو
قول عند بعض األحناف.
ً ً
/4بيان المصنوع بيانا تاما من حيث الجنس ،والنوع ،والقدر ،واألوصاف ،الن ال تدع
ً
مجاال لالختالف بي العاقدين.
أي :مما يصنعه اإلنسان كالطاوالت، /5كون المصنوع مما يجري التعامل باستصناعه ـ ْ
َّ
والجواالت ،والسيارات ،ال مما يخلقه هللا تعاىل كالحبوب ،والفواكه ،والثمار، والكراىس،
َ ً
والبيض ،وإال كان سلما.
َ ً َّ
/6أال يكون العقد محدد األجل ،وإال كان سـلما عند اإلمام رأب حنيفة رحمه هللا؛ ألنه صـار
بمعناه بمقتض الحديث النبوي ـ السـابق ذكره ف السلم ـ ف قوله - :صىل هللا عليه وسلم
34
ُ ْ
النن – صىل هللا عليه وسلم – العقد – " فليسلم ...إىل أجل معلوم " .حيث جعل ر
ً
ويشيط فيه حينئذ ما ُيشيط ف السلم ،كقبض الثمن ف المجلس ...ولم سلماُ ، المؤقت
الشط وقاال :إن العادة جارية بضب يشيط أبو يوسف ومحمد رحمهما هللا تعاىل هذا ر
ً
األجل ف االستصناع بقصد تعجيل العمل ،وإنه بضب األجل ال يصي سلما؛ ألنه استصناع
ً
حقيقة ،كما أن السلم ال يصي استصناعا بحذف األجل .وهذا هو األوىل باالعتبار.
خامسا :لزوم عقد االستصناع
ذكر بعض الحنفية :أن عقد االستصناع غي الزم ف حق الصانع (البائع) ،وله أن يفسخ
ً
العقد وال يمض فيه؛ ألن ف إلزامه بالمض فيه ضرا ،وهو إتالف ماله ف عمل المطلوب.
وأتمه ،كان له أن يفسخ العقد ويبيع ما صنعه لغي وقالوا :إنه إذا رَسع ف العمل َّ
ُ
لكه ـ ْ
أي :ملك الصانع ـ والعقد لم يقع عىل هذا بعينه ،وكان للمستصنع المستصنع؛ ألنه ِم
ِ
ً
(المشيي) أن يفسخ العقد أيضا قبل أن يراه؛ ألن من له خيار الرؤيـة يثبت له الفسـخ
ً
جيا عن الصانع (البائع) ،ألنه َّ
تعي له ،وله مع ذلك تركه قبلها ،فإذا رآه ورضيه ،فيأخذه ر
ً
بخيار الرؤية أيضا ،إن جاء عىل غي المتفق عليه.
دفع الضر
وروي عن ُ رأب حنيفة رحمه هللا تعاىل ،أن لكل واحد منهما الخيار؛ لما فيه من ِ
عنه ،ودفع الضر واجب .وروي عن رأب يوسـف رحمه هللا تعاىل ،أنه ال خيار لواحد من
ـتصنع فلما ييتب
الطرفي ،أما الصانع فألنه بائع ويجب عليه المض ف العقد ،وأما المس ِ
من ضر عىل الصانع..
ً وأرى أن ما ذهب إليه أبو يوسف رحمه هللا هو ْ
األوىل؛ مادام مطابقا للمواصفات المتفق
عليها ،ألنه األقرب إىل قواعد العدل واإلنصاف ،واألعون عىل استقرار التعامل ف األسواق
والم َص ِّدرينُ ،
والم َو ِّردين ،سواء كان هذا عىل الصعيد والشكاتُ ،
بي التجار ،والمصانع ،ر
المحىل ،أو الصعيد اإلقليم ،أو الصعيد العالم.
طبيعة (تكييف) العالقة بي المستثمرين والمضف فيما يخص صندوق االستصناع:
َّ ً ً طريقة البيع باالستصناع ،بصفة ْ ُ ُت َّ
مفوضا من خالل التمويل الذي المضف (مضاربا)
ِ ف كي
ً ً
وقيامه من خالل ِ حصل عليه بهذا الخصوص ـ من المستثمرين ـ وإنشائه صندوقا اعتباريا،
لعمليات ومشاري ـ َـع
ٍ
َ
متدرج ف مواعيد محددة أو ٍّ
جزب أو كىلعقد االستصناع بتمويل ِّ ٍّ
ٍ ِ ٍ
صناعية ،وإنشائية ،وإعمارية ،يقوم بها أصحاب المصانع ،والورشـات الصغية والكبية،
ُ ِّ
فيقدم لهم المضف بهذا التمويل ومقاولـو البناء وأصحاب ورشات " الديكور " ونحوهم،
خدمات جليلة ،ويدفع عنهم كل مشقة لتحقيق احتياجاتهم والمض ف إنتاجهم.
ً ِّ
ومن خالل هذا التمويل يحقق المضف المضارب بأموال المستثمرين أرباحا ،حيث يبيع
َّ
المصنوعات والمشاري ــع المسلمة إليه ف حينها ـ ولو عىل دفعات ـ بأسعار أعىل من الن
35
الشاء المنخفض ،وسعر البيع المرتفـع ف حينه ،مع اشياها بها ،ويكسب الفارق بي سعر ر
َّ
توفر ضمانات محددة السـتيفاء هذه المصنوعات والمشاري ــع ف مواعيدها ،ثم توزي ــع
األرباح بي الصندوق المضارب والمودعي بحسب العقود المتفق عليها..
سادسا :تطبيق المصارف اإلسالمية لعقد االستصناع
ُ ُ ِّ
تأكد للمصارف اإلسالمية مدى المنافع الن تحققها عقود االستصناع لها وللمسـتثمرين،
وللتجـار ،وأصحاب المصـانع ،والمقاوليـن ،وأصحاب الورشـات الصغية والكبية ،الذين
يحتاجون إىل المبالغ االئتمانية متوسطة األجل أو طويلة األجل ،كما أدركت مدى المنافع
الن تتحقق لخاصة الناس وعامتهم من خالل توفي متطلباتهم من هذه المصنوعات،
والمنتجات ،والسلع ،والمباب ،والخدمات ،فقامت باقتحام مجاالت عقود االستصناع
وتطبيقها ،باعتبارها وسائل وأدوات ذات كفاءة عالية للوفاء بحاجاتها وحاجات المنتجي
والمستهلكي ،وألن من الوظائف األساسية للمضف ه :تقديم خدمة االئتمان،
واالستفادة من عوض األجل المتعلق بتقديم هذه الخدمة ،وكان ذلك ضمن االعتبارات
والتطبيقات التالية:
1ـ البائع :وهو هنا (الصانع) الذي يحصل عىل ما يريده من ثمن المصنوع أو بعض ثمنه،
بالتدرج ،مقابل اليامه بالوفاء بتسليم المصنوع ف مواعيد الحقة متفق عليها ،فهو ُّ ولو
تخص نفقاته الشخصية والعائلية، ُّ يستفيد من ذلك بتغطية احتياجاته المالية،سواء كانت
أو كانت لغرض اإلنفاق عىل مشاريعه ونشاطاته التجارية واإلنتاجية وأجور عماله...
يحصل عىل المصنوعات، ُ ِّ
الممول) الذي ْ
المستص ِنع (المضف 2ـ المشيي :وهو هنا
والسلع ،والمنتجات ،والمشاري ــع ،الن يريد المتاجرة بها ،ف الوقت الذي يريده ،فتنشغل
ويالحظ هنا أن المضف يستفيد من َ بها ذمة البائع الذي يجب عليه الوفاء بما اليم به،
ً
رخص السعر ،إذ إن " بيع االستصناع " أرخص من بيع الحاض غالبا ،فيأمن بذلك من
يتحول ف هذا الصدد إىل بائع ،ويعقد َّ تقلب األسعار .وبناء عىل هذا يستطيع المضف أن
ً ً ً
استصناعا موازيا بسعر أعىل ،يبيع فيه سلعا ومصنوعات ومشاري ــع من نفس النوع الذي
َّ اشياه باالستصناع األول ،دون ربط ر
مباَس بي العقدين ،كما يستطيع االنتظار حن يتسلم
ً ِّ َ
المنتج ،فيبيعه بثمن ٍّ
مؤجل ،أعىل مما اشياه به ،ويحقق بذلك أرباحا ممية... ٍ أو ، حال
ُّ
3ـ تسليم وتسلم السلع والمنتجات والمشاري ــع المصنوعة ف األجل المحدد :توجد أمام
المضف اإلسالم حاالت عدة يمكن اختيار أحدها ،ومن ذلك:
أ ـ يتسلم المضف السلع ،والمنتجات ،والمشاري ــع المصنوعة ،ف األجل المحدد ،ويتوىل
تضيفها بمعرفته ببيع ٍّ
حال ،أو آجل ،بالثمن الذي يريده.
َ َ ُ ِّ
(الصانع) ببيع السلعة نيابة عنه نظي أجر إن شاء. البائع ب ـ يوكل المضف
36
يوعز المضف إىل البائع (الصانع) بتسليم المصنوعات إىل طرف ثالث ،سواء كان هو
جـ ِ
ً ً
المشيي ف عقد االستصناع الموازي ،أو كان مشييا طارئا.
سابعا :مجاالت تطبيق المصارف اإلسالمية لعقد االستصناع:
يصلح عقد االستصناع للقيام بتمويل ورشات ،وصناعات ،ومشاري ــع ،حيث يتعامل
ِّ ُْ
المن ِتجي ،ويتوقع أن يوفروا له هذه السلع والمصنوعات والمشاري ــع المضف مع أصحابها
ِّ
ف المواسم والمواعيد الن يحددها ،سواء من صناعتهم وجهودهم الذاتية ،أو مما يمكن
ِّ
أن يحصلوا عليه من األسواق ،ويسلموه إىل المضف ،أو إىل الجهة الن يحددها ،عىل
ً ً
دفعة واحدة أو عىل دفعات متالحقة ،وهو يقدم لهم مقابل هذا االتفاق تمويال كليا أو
ِّ ً ُّ ً
متدرجا يسد احتياجاتهم ،ويحقق طموحاتهم ف مشاريعهم... جزئيا
ُ
وت َ
مارس عىل نطاق واسع من ومن الصور الن تصلح فيها عمليات التمويل باالستصناع،
والشكات ،والمؤسسات ،والمصارف اإلسالمية وغيها ،ما له صلة جهات من التجار ،رٍ ِق َبل
بمجاالت التنمية التجارية ،والصناعية ،والزراعية ،والغذائية ،والسياحية والتعليمية،
ُ
ونحوها ...وذلك كاستصناع األلبسة ،واألغذية وتعليبها ،واستصناع المفروشـات ،ول َعب
األطفال ،واألدوات الكهربائيـة والميلية ،وطبـع الكتب والصحـف ،وعمل " الديكورات "،
َّ
وتعبيد الطرقات ،واستصناع المعدات الصناعية ،والزراعية ،والسيارات ،والقطارات
ومحطاتها ،والسفن وأحواضها ،والطائرات ومطاراتها ،وكإقامة المباب المتنوعة من
المجمعات السكنية ،والفنادق ،والمنتجعات السياحية ،والمستشفيات ،والمساجد،
واألسواق ،والمدارس ،والجامعات ،وإنشاء المصانع...
نحو ذلك فيما تحتاجه الشعوب والدول ،وبخاصة ف عضنا هذا الذي توسعت فيه وقل َ
ْ
شبكة الحياة المعاضة المتطورة ،وصار ال يستغن عن كثي من األشياء ،ونشطت فيه
الصناعات العالمية عىل مستوى التجارة الخارجية الدولية ،مع ارتفاع مستمر ف األسعار،
مما يتطلب ازدياد اهتمام المصارف اإلسالمية بعقود االستصناع ف مثل هذه المنتجات
والمصنوعات والمشاري ــع ،ثم إعادة تسويقها وبيعها والربــح فيها ،سواء كان هذا ف المدى
القصي ،أو المتوسط ،أو الطويل.
هذا ،وال يخف أن بعض المصارف اإلسالمية والمراكز المالية األخرى ،قد أنشأت صناديق
تمويل استثمارية ف مجاالت االستصناع اْلنفة ،استفاد منها كثي من المساهمي
والمستثمرين فوائد مالية َّ
جمة.
وترى بعض الجهات أن عقد االستصناع من الوسائل الحيوية ،الن تتيح بأمان اقتحام
ُ َّ
األسواق الن تتسم المنافسة فيها بالمرونة والسعة ،مع وجود ضمانات كافية ضد
المخاطر المعتادة.
37
وليس من مانع رَسع فيما تتخذه المصارف اإلسالمية من إجراءات احتياطية ،كوجود
ً ُّ َّ
الصناع القائمي بالمشاري ــع ونحوها ،وذلك ضمانا لحقوقها رَسوط جزائية تضعها عىل
ً ولحقوق المودعي والمستثمرين ،الذين َّ
فوضوها بالمضاربة عنهم ،وتأكيدا عىل الطرف
َ
اْلخر ( الصانـع ) بوجـوب وفائه بالعقـد ومقتضياته ،ووجوب اليامه بتسليم المتعاقد عليه
َّ
ف وقته المحـدد،وهو ما يتوافق مع ما صـدر ف قرار مجمـع الفقه اإلسالم برقم ( )109ف
ر ُ َ
الشط الجزاب ف جميع العقود المالية ما عدا دورته ( ،)12ونصه " :يجوز أن ُيشيط
ْ ً َّ
دينا،فإن هذا من الربا الضي ــح ،وبناء عىل هذا يجوز العقود الن يكون االليام األصىل فيها
ِّ ً هذا ر
للمورد، الشط ـ مثال ـ ف عقود المقاوالت بالنسبة للمقاول ،وعقد التوريد بالنسبة
ِّ
وعقد االستصناع بالنسبة للصانع إذا لم ينفذ ما اليم به،أو تأخر ف تنفيذه ...وال يجوز ف
للمستصنع إذا تأخر ف أداء ما عليه ".
ِ عقد االستصناع بالنسبة
وبنحو هذا جاء قرار هيئة كبار العلماء ف المملكة العربية السعودية ف دورتها الخامسة
ً
المنعقدة ما بي 5ـ 1394/8/22ه [ .]19وبنحوهما أيضا جاء قرار دار اإلفتاء المضية.
رابعا :تمويل المضاربة
صيغة التمويل عن طريق المضاربة
تعتي المضاربة من أهم صيغ استثمار األموال ف الفقه اإلسالم ،وه نوع من المشاركة
ر
بي رأس المال والعمل ،وسوف يتم تناولها من حيث تعريفها ومدى ر
مشوعيتها وأركانها
وَسوطها وأنواعها ومجاالت تطبيقها ف المصارف اإلسالمية.ر
ً
والمضاربة رَسعا :عقد رَسكة ف الربــح بمال من جانب وعمل من جانب آخر.
وركنها اإليجاب والقبول ،وحكمها إيداع ابتداء ،وتوكيل مع العمل ر
وَسكة إن ربــح ،وغصب
إن خالف ،وإجارة إن فسدت ،فال ربــح حينئذ ،بل له أجر عمله ،بال زيادة عىل ر
المشوط.
والمضاربة ه أن يعط الرجل الرجل المال ليتجر به عىل جزء معلوم يأخذه العامل من
ً ً ً ً
ربــح المال أي جزء كان مما يتفقان عليه ثلثا أو ربعا أو نصفا وتسم مضاربة أو قراضا.
والقراض بلغة أهل الحجاز أو المضاربة كما تسم ف العراق عقد من عقود الجاهلية ،شاع
التعامل به قبل اإلسالم.
وقد عرف ابن رشد المضاربة " بقوله أن يدفع الرجل إىل الرجل المال عىل أن يعمل فيه
عىل جزء من الربــح ".
ثانيا :ر
مشوعية المضاربة
كانت المضاربة شائعة بي العرب زمن الجاهلية وكانت قريش أهل تجارة يعطون المال
مضاربة لمن يتجر بجزء مسم من الربــح ،وأقر الرسول صىل هللا عليه وسلم ذلك ف
اإلسالم ،ومن األمثلة عىل ذلك خروج الرسول صىل هللا عليه وسلم قبل البعثة للتجارة ف
أموال السيدة خديجة رض هللا عنها عىل أن يكون له نصيب ف الربــح ،فهو عقد مضاربة
مشوعية عقد المضاربة إىل السنة، وقد استمر العمل به بعد البعثة ،وبذلك تستند ر
العملية الثابتة بإقرار الرسول صىل هللا عليه وسلم وإجماع الصحابة عىل العمل بها.
وقد أجمع العلماء عىل جواز عقد المضاربة وأنها مستثناة من اإلجارة المجهولة وأن هذه
ً
الرخصة للرفق بالناس .وقد ورد أن العباس ابن عبد المطلب كان إذا دفع ماال مضاربة
ً ً
اشيط عىل صاحبه أال يسلك طريقا به بحرا وال ييل به واديا وال يشيي به ذات كبد رطبه
فإن فعل فهو ضامن فرفع رَسطه عىل رسول هللا صىل هللا عليه وسلم فاجازه ،وقد روي
عن صهيب رض هللا عنه أن رسول هللا صىل هللا عليه وسلم قال (:ثالث فيهن ر
اليكة
الي بالشعي للبيت ال للبيع) .وقد ذكر الفقهاء أن عموم
البيع إىل أجل والمقارضة وخلط ر
اْليات اْلتية واطالقها يقتض العمل بالمضاربة يقول هللا تعاىل:
وآخرون يضبون ف األرض يبتغون من فضل هللا " ..وقوله تعاىل" ليس عليكم جناح أن
ر ً
فانتشوا ف االرض وابتغوا من فضل هللا" تبتغوا فضال من ربكم ..فإذا قضيت الصالة
ثالثا :أكان المضاربة
أما أركانها كما ذكرها النووي خمسة:
/1الركن األول :رأس المال.
/2ا لركن الثاب :العمل.
39
والمجال المناسب للمضاربة بالنسبة للنشاط التجاري ،المضاربة ف السلع الن يمكن
رَساؤها من مصادر انتاجها وبيعها باألسواق المحلية ،ويتطلب هذا أن يكون لدى المتعامل
الخية بهذه األنواع من السلع.
ر
ولقد تبي أن بعض المصارف اإلسالمية تحجم عن التعامل بصيغة المضاربة ويرجع ذلك
إىل عدة أسباب منها:
/1عدم استيعاب المتعاملي ألسلوب تطبيق هذه الصيغة لعدم توافر نوعية المتعاملي
من ذي األمانة والثقة العالية.
/2باإلضافة إىل المخاطر الميتبة عىل قيام المضف بتمويل كافة العملية دون أن يدفع
العميل حصة ف التمويل.
المراجع المساعدة
/1أ .د عىل مح الدين القره داع المقدمة ف المال واالقتصاد والملكية والعقد الطبعة األوىل 1427ه 2006م.
/2أحمد فرج حسي "الملكية ونظرية العقد ف ر
الشيعة اإلسالمية" الدار الجامعية ،1986ص 10/9
/3المعامالت ر
الشعية المالية ،أحمد إبراهيم بك..
/4تاري ــخ الفقه اإلسالم ونظرية الملكية والعقود ،بدران أبو العيني بدران
/5المدخل لدراسة ر
الشيعة اإلسالمية ،د .عبد الكريم زيدان.
/6الفقه اإلسالم وأدلته للدكتور وهبة الزحىل.
/7الملكية ف ر
الشيعة اإلسالمية ،د .عبد السالم داود العباد.
/8المال والحكم ف اإلسالم ،عبد القادر عودة.
/9ضوابط الملكية ف الفقه اإلسالم ،د .عدنان اليكماب.
/10أحمد فرج حسي "الملكية ونظرية العقد ف ر
الشيعة اإلسالمية" الدار الجامعية ،1986ص[2] –10 ،9 .
/11الفكر اإلسالم والمجتمع المعاض ،مشكالت الحكم والتوجيه محمد البه ص (][1
اليغيب واليهيب ][2
/12لسان العرب مادة مول ([3]223/13
/13األشباه والنظائر للسيوط ( ، )258والفقه اإلسالم وأدلته ([4] 42/4
)حاشية ابن عابدين ( ، )3/4والبحر الرائق ([5] 227/2
42
/14نظر :ف تقسيمات المال المراجع التالية :الفقه اإلسالم وأدلته ( ،)55-43/4والمدخل لدراسة ر
الشيعة اإلسالمية