You are on page 1of 42

‫‪1‬‬

‫المعهد العال للعلوم بالجزائر العاصمة‬

‫مقياس فقه المعامالت‬

‫إعداد الدكتور‪ :‬موىس عبدالالوي‬

‫السنة الدراسية‪2023/2022:‬‬

‫محاور المقياس‪:‬‬
‫‪ /1‬مقدمة‪ :‬نتناول فيها أهمية المال وفضله وخصائصه وكيفية المحافظة عليه‪.‬‬
‫‪ /2‬مدخل مفاهيم مفهوم المال لغة واصطالحا ف ر‬
‫الشيعة والقانون‪.‬‬
‫‪ /3‬المال وتقسيماته ف كل من النظريتي التقليدية والحديثة‪..‬‬
‫‪ /5‬النظرية الحديثة لمفهوم المال وتقسيماته‬
‫‪ /6‬التقسيمات الحديثة للمال‪.‬‬
‫‪/7‬الحقوق الذهبية أو حقوق االبتكار‪.‬‬
‫ومشوعيته واركانه واقسامه‪.‬‬‫‪ /8‬تعريف البيع ر‬
‫‪ /9‬التمويالت البنكية‪.‬‬
‫‪ /10‬المراجع‬
‫‪2‬‬

‫مقدمة‪ :‬نتناول فيها أهمية المال وفضله‬


‫أوال‪ :‬أهمية المال وفضله ف اإلسالم‬
‫المال ف اإلسالم ركن من أركان الدين‪ ،‬كما هو ركن من أركان الدنيا‪.‬‬
‫أما كونه من أركان الدنيا فأمر يعرفه الجميع وال يجادل فيه أحد‪ ،‬وقد قالوا‪ :‬المال ِقوام‬
‫َ َُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ََ ُُْ‬
‫السف َه َاء أ ْم َوالك ُم‬ ‫{وَل تؤتوا‬ ‫األعمال‪ ،‬والمال قوام الحياة‪ .‬وهو معن مذكور ف قوله تعاىل‬
‫َّ َ َ َ َّ ُ َ ُ‬
‫اَّلل لك ْم ِق َي ًما} النساء‪5 :‬‬ ‫ال ِن جعل‬
‫وأما كونه من أركان الدين فيتجىل أوال ف الركن الثالث من أركان اإلسالم‪ ،‬وهو ركن الزكاة‪.‬‬
‫فالزكاة مال وعبادة مالية‪ ،‬وركن مال ٌّـي من أركان اإلسالم‪.‬‬
‫ُ‬
‫ثم إن أركانا أخرى ف اإلسالم تتوقف إقامتها عىل المال‪ .‬فالصالة تحتاج إىل بناء المساجد‬
‫وتجهيها والقيام عىل خدمتها‪ ،‬وكل هذا يحتاج إىل المال‪ .‬وفريضة الحج تتوقف كثيا عىل‬
‫الي واإلحسان والصلة والصدقة والوقف… كلها مال ف مال‪ .‬والعلم والتعليم‬ ‫المال‪ .‬وأعمال ر‬
‫والدعوة إىل هللا تحتاج إىل المال‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بحاجة إىل المال‪ .‬ومعظم أنواع الجهاد‬
‫تنتش وتنجح بقدر ما ألهلها من وسائل وأدوات‪ ،‬يتوقف‬ ‫فاألفكار والدعوات والحركات ر‬
‫تحصيلها وتشغيلها عىل المال‪.‬‬
‫حبس الميسورون من المسلمي عىل مر التاري ــخ أموالهم العظيمة‪ ،‬فكانت رافده‬ ‫ولذلك َّ‬
‫ورافعة لكل الخدمات واإلنجازات الحضارية‪ ،‬الدينية والدنيوية‪.‬‬
‫ِّ‬
‫صاحبه من العيش بكرامة وعفة‪ُ :‬يعط وال َيطلب‪ ،‬وينفق وال‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫المال فضال أنه يمكن‬ ‫ويكف‬
‫النن صىل هللا عليه وسلم أنه قال‪" :‬اليد العليا خي من‬ ‫َ‬
‫يسأل‪ .‬وف صحيح البخاري عن ر‬
‫َّ‬
‫اليد السفىل‪ ،‬وابدأ بمن تعول‪ .‬وخي الصدقة عن ظهر غن‪ ،‬ومن يستعفف ُي ِعفه هللا‪ ،‬ومن‬
‫ْ‬
‫يستغن ُيغ ِنه هللا"‬
‫ِ‬
‫النن صىل هللا عليه وسلم‪:‬‬ ‫وف الحديث المتفق عليه عن عبد هللا بن مسعود قال‪ :‬قال ر‬
‫"ال حسد إال ف اثنتي‪ :‬رجل آتاه هللا ماال فسلط عىل هلكته ف الحق‪ ،‬ورجل آتاه هللا‬
‫الحكمة فهو يقض بها ويعلمها"‬
‫ُ‬
‫جمع هذا الحديث بي نعمة المال ونعمة العلم والحكمة‪ ،‬وكيف عظمهما وعظم‬
‫استعمالهما ف الحق والعدل ونفعه العباد‬
‫َ‬
‫وف الحديث المتفق عليه أيضا عن رأب صالح‪ ،‬عن رأب هريرة‪( :‬أن فقراء المهاجرين أت ْوا‬
‫رسول هللا صىل هللا عليه وسلم فقالوا‪ :‬ذهب أهل الدثور بالدرجات العىل والنعيم المقيم‪.‬‬‫َ‬
‫‪3‬‬

‫فقال «وما ذاك؟»‪ .‬قالوا‪ :‬يصلون كما نصىل ويصومون كما نصوم‪ ،‬ويتصدقون وال نتصدق‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ويعتقون وال نعتق‪ .‬فقال رسول هللا صىل هللا عليه وسلم‪« :‬أفال أ َعلمكم شيئا تدركون به‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫أفضل منكم إال من صنع مثل ما‬ ‫َمن سبقكم وتسبقون به َمن َبعدكم وال يكون أحد‬
‫وتكيون وتحمدون دبر كل صالة ثالثا‬ ‫صنعتم؟»‪ .‬قالوا بىل يا رسول هللا‪ .‬قال‪« :‬تسبحون ر‬
‫وثالثي مرة»‪ .‬قال أبو صالح‪ :‬فرجع فقراء المهاجرين إىل رسول هللا صىل هللا عليه وسلم‬
‫فقالوا‪ :‬سمع إخواننا ُ‬
‫أهل األموال بما فعلنا ففعلوا مثله‪ .‬فقال رسول هللا صىل هللا عليه‬
‫وسلم "ذلك فضل هللا يؤتيه من يشاء"‪.‬‬

‫ْ‬ ‫َ ْ َ َ ُ َ َّ ُ ُ ْ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َّ ُ ْ‬
‫اَّلل ذو الف ْض ِل ال َع ِظيم} [الحديد‪.]21 :‬‬ ‫يه من يشاء و‬ ‫اَّلل ي ِ ِ‬
‫ت‬‫ؤ‬ ‫وقول هللا تعاىل {ذ ِلك فضل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وغيه من صنوف فضله — إنما يأب بالكد والسع‪{ :‬ف ِإذا ق ِض َي ِت‬ ‫َ‬ ‫ولكن فضل هللا هذا —‬
‫َ َ ُ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫ْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ‬
‫األ ْ‬ ‫الص ََل ُة َف ْان َت رِ ُ‬
‫َّ‬
‫ضبون ِف‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ون‬‫ر‬ ‫آخ‬‫و‬ ‫{‬ ‫]‪،‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪:‬‬ ‫[الجمعة‬ ‫}‬ ‫اَّلل‬
‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ِ‬ ‫وا‬‫غ‬ ‫ت‬ ‫اب‬ ‫و‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ف‬‫ِ‬ ‫وا‬‫ش‬
‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َُ َ‬ ‫َْ‬
‫ض َي ْبتغون ِم ْن فض ِل اَّلل} المزمل‪20 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫األ ْ‬

‫فبالسع وكسب المال الحالل وحسن تدبيه وإنفاقه ف الخي‪ ،‬يتفوق األغنياء المتدينون‬
‫أفضل من الغن غي المتدين‪ ،‬فإن الغن‬ ‫َ‬ ‫عىل الفقراء المتديني‪ .‬وإذا كان الفقي المتدين‬
‫المتدين أفضل من الفقي المتدين‪ .‬فاألفضل واألكمل من المؤمني هو َمن دخل ف قوله‬
‫ُّ ْ َ َ َ َ ً َ ْ َ َ َ َ ً َ َ َ َ َ َّ ُ َ َ‬ ‫‪َ َ ُ َُ ْ َ ْ ُْ َ :‬‬
‫اب الن ِار أول ِئك‬‫ول َرَّبنا ِآتنا ِف الدنيا حسنة و ِف اْل ِخر ِة حسنة و ِقنا عذ‬‫تعاىل {و ِمنهم من يق‬
‫اب} البقرة‪202 ،201 :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يب م َّما َك َس ُبوا َواَّلل َ ُ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َل ُه ْم َنص ٌ‬
‫َسي ــع ال ِحس ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن فضائل أهل المال‪ ،‬أن فضلهم وثوابهم يستمر حن بعد موتهم‪ ،‬فينتفع ورثتهم بما‬
‫َّ‬
‫المحبسة‪.‬‬ ‫ورثوه لهم‪ ،‬وينتفع أهل الوصايا والصدقات الجارية من وصاياهم وصدقاتهم‬ ‫َّ‬

‫ب َما‬‫وكل ذلك ف صحائفهم‪ ،‬ألنه من آثارهم‪ .‬قال هللا تعاىل‪{ :‬إ َّنا َن ْح ُن ُن ْح ا ْل َم ْو َب َو َن ْك ُت ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫َ َّ‬
‫قد ُموا َوآث َاره ْم} يس‪12 :‬‬
‫وف الصحيح‪( :‬عن عامر بن سعد بن رأب وقاص‪ ،‬عن أبيه رض هللا عنه قال كان رسول هللا‬
‫حجة الوداع من وجع اشتد رب‪ ،‬فقلت إب قد بلغ رب من‬ ‫صىل هللا عليه وسلم يعودب َ‬
‫عام‬
‫ِ‬
‫بثلن ماىل؟ قال ال‪ ،‬فقلت بالشطر؟ فقال‬ ‫الوجع وأنا ذو مال‪ ،‬وال يرثن إال ابنة‪ ،‬أفأتصدق َ ْ‬
‫َ‬ ‫َْ ََ‬
‫ال‪ ،‬ثم قال‪ :‬الثلث والثلث كبي أو كثي‪ ،‬إنك أن تذر ورثتك أغنياء خي من أن تذرهم عالة‬
‫ُ َ‬
‫يتكففون الناس‪ .‬وإنك لن تنفق نفقة تبتع بها وجه هللا إال أ ِج ْرت بها‪ ،‬حن ما تجعل ف‬
‫…فـي امرأتك"‬
‫وتستفاد من الحديث جملة من مزايا المال وصاحبه‬
‫‪ /1‬فهو يوض بجزء من مال ف حدود الثلث‪ ،‬وله ف ذلك فضل وأجر‬
‫‪4‬‬

‫‪ /2‬وييك الباف لورثته حن ال يكونوا من بعده فقراء يتكففون الناس‪ ،‬وله ف إغنائهم‬
‫فضل وأجر‬
‫‪ /3‬هو ال ينفق ف حياته نفقة إال كان له بها فضل وأجر‬
‫‪ /4‬حن اللقمة الن يضعها ف فم زوجته يكون له بها فضل وأجر‬
‫ثانيا‪ :‬المحافظة عىل المال‬
‫للمحافظة عىل المال يحتاج اىل عدة عوامل منها‪:‬‬
‫‪ /1‬إحسان التدبي واجتناب التبذير‬
‫ون َعم هللا كلها تستحق منا التقدير واالحيام والعناية‬ ‫َ‬
‫المال نعمة من ِنعم هللا عىل عباده‪ِ ،‬‬
‫والرعاية‪.‬‬
‫الكيى‪ ،‬الن عليها‬
‫وقد أجمع العلماء عىل أن “حفظ المال” هو أحد الضوريات الخمس ر‬
‫ومقاصدها‪ ،‬وحفظ هذه الضوريات يكون من جانب الوجود‪ ،‬ويكون من‬
‫ِ‬ ‫الشيعة‬‫مدار ر‬
‫جانب العدم‪.‬‬
‫قال اإلمام أبو إسحاق الشاط رن رحمه هللا‪ :‬والحفظ لها يكون بأمرين‪:‬‬
‫َُ‬
‫ويث ِّبت قواعدها‪ ،‬وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود‪.‬‬ ‫أحدهما‪ :‬ما ُي ِقيم أركانها‬
‫والثاب‪ :‬ما يدرأ عنها االختالل الواقع أو المتوقع فيها‪ ،‬وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب‬
‫العدم‪.‬‬

‫َُ‬
‫ويث ِّبت قواعده‪ ،‬هو اتخاذ األسباب لتنميته وحسن تدبيه‪.‬‬ ‫ا‪ /‬والذي ُي ِقيم أركان المال‬
‫ُ‬
‫االدخار واالستثمار‪ ،‬أو االستثمار المنطوي عىل االدخار‪.‬‬ ‫ووسائله‪:‬‬ ‫ومن أهم رَسوط ذلك‬
‫ِ‬
‫فاالدخار الرشيد للمال ال ينفك عن استثماره وتنميته‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قرين االستثمار وحليفه‪.‬‬ ‫ولذلك فإن االدخار يجب أن يكون‬
‫وتعطيل لوظائفه التنموية‬
‫ٍ‬ ‫أما االدخار العقيم غي المنتج‪ ،‬فهو مجرد تجميد للمال‬
‫النن صىل هللا‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬بل هو إضاعة له‪ ،‬ألن التجميد هو نوع من التضييع‪ ،‬وقد نه ر‬
‫عليه وسلم عن إضاعة المال‪ ،‬كما ف الصحيحي وغيهما‪.‬‬
‫ُ‬
‫تحريم‬ ‫الشيعة اإلسالمية‪:‬‬ ‫ب‪ /‬وأما حفظ المال من جانب العدم فمن أهم أحكامه ف ر‬
‫َ َ ُ َ ِّ ْ َ ْ ً َّ ْ ُ َ ِّ َ َ ُ ْ َ‬
‫ين كانوا ِإخ َوان‬
‫اف ف االستهالك‪ .‬قال تعاىل {وَل تبذر تب ِذيرا ِإن المبذ ِر‬
‫التبذير واإلَس ِ‬
‫‪5‬‬

‫النن‬ ‫أن‬ ‫‪:‬‬ ‫البخاري‬ ‫صحيح‬ ‫وف‬ ‫‪.‬‬ ‫]‬ ‫‪27‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪:‬‬‫اء‬
‫َس‬‫[اإل‬ ‫}‬ ‫ا‬
‫ور‬‫ان ل َر ِّبه َك ُف ً‬
‫َ َ َ َّ ْ َ ُ‬ ‫َّ َ‬
‫ر‬ ‫ي وكان الشيط ِ ِ‬ ‫اط ِ‬
‫الشي ِ‬
‫واَسبوا والبسوا وتصدقوا ف غي إَساف وال َم ِـخيلة"‪.‬‬ ‫صىل هللا عليه وسلم قال‪" :‬كلوا ر‬
‫‪ٌ َ َ :‬‬
‫ف أو َم ِـخيلة"‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وقال ابن عباس‪ْ ":‬‬
‫كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان َس‬
‫والمخيلة ه‪ :‬حب الظهور بمظاهر الغن والتفوق واألفضلية‪ ،‬سواء ف اللباس أو الطعام‬
‫ر‬
‫والشاب أو األثاث‪ ،‬أو غيها من المظاهر والمقتنيات االستهالكية‪.‬‬
‫فه تدفع إىل اإلَساف والتباه‪ ،‬ولو بشكل غي معلن‬
‫فهذه اْلفات ه أعداء االدخار واالستثمار والتنمية والتدبي الرشيد للمال‪ ،‬فضال عما تجره‬
‫من أضار ومفاسد صحية ونفسية واجتماعية‪.‬‬
‫فاالستهالك بال حدود‪ ،‬مفسدة بال حدود‪ ،‬حن إن كثيا من األعمال والمجالس الدعوية‬
‫واليبوية أصبحت تتضر وتي تحت وطأة َّ َ‬
‫الشف والمخيلة والسلوك االستهالك المرهق‬
‫ألكي الناس‬
‫إننا نعيش اليوم ف مجتمع يوصف بالمجتمع االستهالك‪ ،‬وتوصف حياتنا بـ "نمط الحياة‬
‫االستهالكية"‪ ،‬أي أن االستهالك المفرط أصبح من سماتها البارزة‪ .‬فاألقلية الرأسمالية‬
‫تراكم منتوجاتها وأرباحها‪ ،‬عىل حساب األغلبية العظم‪ ،‬الن ال تراكم سوى العبودية‬
‫ودورته المتحكمة المستحكمة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫لالستهالك‬
‫الشع‪ ،‬وال يجوز له‪ ،‬أن يكون أسيا مستسلما‬ ‫فلذلك ال يليق بالمسلم المهتدي بنور ر‬
‫لالستهالك والسلبية‪ ،‬ال يفعل سوى أن َيستهلك حن ُيستهلك‪ ،‬وكأنما يتماه مع مقولة‬
‫عرب الجاهلية "ما ه إال أرحام تدفع‪ ،‬وأرض تبلع‪ ،‬وما يهلكنا إال الدهر"‪.‬‬
‫وإغالق ما يجب إغالقه منها‪ .‬وال بد —‬
‫ِ‬ ‫ال بد من التحكم العقالب ف أبواب االستهالك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫مقابل ذلك — من ط ْرق أبواب االستثمار والتنمية وسلوك ط ُرقها واتخاذ أسبابها‪ .‬وليس‬
‫هذا خاصا بذوي المداخيل الكبية كما ُيظن‪ ،‬بل هو ف حق غيهم — من ذوي المداخيل‬
‫الصغية والمتوسطة — أوىل وأ كد وأنفع‪ .‬وما ال يمكن تحقيقه باالنفراد‪ ،‬يمكن تحقيقه‬
‫وضم القليل إىل غيه‪ .‬وقد قيل‪" :‬القليل من الكثي كثي"‪ ،‬بمعن أن‬ ‫ِّ‬ ‫بالتعاون واالشياك‬
‫المبالغ القليلة من عدد كثي من الناس تعط ف مجموعها مبالغ كبية وقدرة كبية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرة اإلسالم للمال‬
‫‪ /1‬المال قوام الحياة‬
‫ينظر اإلسالم للمال عىل أنه قوام الحياة‪ ،‬به تنتظم معايش الناس‪ ،‬ويتبادلون عىل أساسه‬
‫ّ‬
‫ويقومون عىل أساسه ما يحتاجون إليه من أعمال ومنافع ‪.‬‬ ‫تجاراتهم ومنتجاتهم‪،‬‬
‫‪6‬‬

‫ولقد أخي هللا تعاىل ‪-‬بأنه أحد األمرين اللذين هما زينة الحياة الدنيا ف قوله تعاىل‪ْ ﴿:‬ال َم ُ‬
‫ال‬ ‫ر‬
‫ُّ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫] َوال َبنون ِزينة الح َي ِاة الدنيا ﴾الكهف‪46 :‬‬
‫َ‬

‫وينظر اإلسالم للمال عىل أن حبه والرغبة ف اقتنائه دافع من الدوافع الفطرية الن تولد مع‬
‫َّ ُ‬ ‫ون ْال َم َ‬
‫ال ُح ًّبا َج ًّما﴾ [الفجر‪ ،]20 :‬وقال ‪ -‬جل شأنه ‪َ ﴿ :-‬و ِإنه‬
‫َ ُ ُّ َ‬
‫اإلنسان وتنمو معه ﴿وت ِحب‬
‫ْ َ َ َ ٌ‬
‫ِل ُح ِّب الخ ْ ِي لش ِديد ﴾ العاديات‪8 :‬‬
‫فاإلسالم ينظر إىل اإلنسان نظرة طبعية تساير فطرته وطبيعته‪ ،‬وتقر خصائصه الن يتمي‬
‫بها عن الكائنات األخرى الموجودة ف محيط الحياة األرضية الن يعيشها‪ ،‬وكلف بالقيادة‬
‫فيها‪.‬‬
‫كما يرى أن أقوى الغرائز فيه غريزتا "النسل واالقتناء"؛ إذ عليهما يقوم بقاء اإلنسان ف‬
‫شخصه ونوعه‪.‬‬
‫وغريزة التملك واالقتناء ه تلك الغريزة الن تدفع اإلنسان إىل المال بالسع إليه‬
‫وتحصيله‪ ،‬وتنميته وادخاره‪1 .‬‬
‫َ ِّ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫وإذا نحن نقرأ قول هللا ‪ -‬تعاىل ‪ِّ ُ ﴿ :-‬زي َن ل َّلناس ُح ُّ َّ َ َ‬
‫اط ِي‬ ‫ات ِمن النس ِاء والب ِني والقن ِ‬ ‫ب الشهو ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ْ َّ َ ْ َ ْ ْ ُ َ َّ َِ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ُ‬
‫اع ْال َح َياة ال ُّد ْنياَ‬
‫ِ‬ ‫المقنطر ِة ِمن الذه ِب وال ِفض ِة والخي ِل المسوم ِة واألنع ِام والحر ِث ذ ِلك مت‬
‫آب ﴾ [آل عمران‪ ،]14 :‬نرى أن اإلسالم يقر وجود هاتي الغريزتي ف‬ ‫م‬‫اَّلل ع ْن َد ُه ُح ْس ُن ْال َ‬
‫َو َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪.‬اإلنسان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والمال ف حقيقة أمره ليس ملكا خالصا لمالكه‪ ،‬وإنما هو ملك هلل‪ ،‬قال ‪ -‬تعاىل ‪﴿ :-‬‬
‫َ ُ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ ُ ُ ْ ْ َ‬
‫اَّلل ال ِذي آتاك ْم ﴾ النور‪33 :‬‬ ‫ال ِ‬ ‫]وآتوهم ِمن م ِ‬
‫ي‬‫ويد المالك يد وديعة‪ ،‬استودعها هللا إياه‪ ،‬قال ‪ -‬تعاىل ‪َ ﴿ :-‬و َأ ْنف ُقوا م َّما َج َع َل ُك ْم ُم ْس َت ْخ َلف َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يه ﴾ الحديد‪7 :‬‬ ‫ِف ِ‬
‫وعىل اإلنسان أن يضعه مواضعه‪ ،‬وينفقه ف الوجوه الن رَسعها هللا‪ ،‬فيأخذ منه ضوراته‬
‫وحاجاته‪ ،‬ويوزع الفضل منه عىل من هم أحق به من الضعفاء والعجزة والمساكي‪.‬‬
‫‪ /2‬المال فتنة واختبار‪:‬‬
‫المشوعة نجاح ف االختبار‪ ،‬إذ إن المال المودع‬ ‫‪ /1‬فالمال فتنة‪ ،‬وإنفاق المال ف وجوهه ر‬
‫َ ُُ ٌَْ‬ ‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫اعل ُموا أن َما أ ْم َوالك ْم َوأ ْوَلدك ْم ِفتنة ﴾ [األنفال‪،]28 :‬‬‫لدى المالك فتنة‪ ،‬قال هللا تعاىل ‪﴿ :-‬و‬
‫‪.‬أي اختبار وامتحان‬
‫‪ /2‬وسيحاسب الناس عن المال من أين وكيف اكتسبوه؟ وفيم انفقوه؟ قال هللا تعاىل ‪:-‬‬
‫َّ‬ ‫ُ َ ُ َُ‬
‫﴿ ث َّم لت ْسأل َّن َي ْو َم ِئ ٍذ َع ِن الن ِع ِيم ﴾ [التكاثر‪ ،]8 :‬وقال ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم ‪(( :-‬لن تزول‬
‫قدما عبد يوم القيامة حن يسأل عن أربــع خصال‪ :‬عن عمره فيما أفناه‪ ،‬وعن شبابه فيما‬
‫‪7‬‬

‫اليار‬
‫أباله‪ ،‬وعن ماله من أن اكتسبه وفيما أنفقه‪ ،‬وعن علمه ماذا عمل فيه)) رواه ر‬
‫والطياب بإسناد صحيح واللفظ له‪ ،‬وروى اليمذي ً‬
‫قريبا منه بإسناد حسن صحيح‪2‬‬ ‫ر‬
‫رابعا‪ :‬خصائص النظام الماىل ف اإلسالم وممياته‬
‫‪ /1‬النظام الماىل‪ ،‬أو االقتصاد اإلسالم‪ :‬جزء من النظام اإلسالم الشامل للحياة؛ لذا ينبع‬
‫وَسيعته‪ ،‬فلو وضع هذا النظام ف بيئة غريبة عن‬ ‫أن يدرس ويطبق ف إطار عقيدة اإلسالم ر‬
‫كثيا من جوانبه ال يمكن تطبيقها‪ ،‬كما أن التقصي ف تطبيق جوانب أخرى من‬ ‫اإلسالم فإن ً‬
‫‪.‬اإلسالم ف الحياة تؤثر عىل سالمة تطبيق النظام الماىل اإلسالم‬
‫‪ /2‬النشاط الماىل ف اإلسالم له طابع تعبدي ف المكسب‪ ،‬وف اإلنفاق عىل السواء‪ :‬حيث‬
‫يرغب المؤمن ف الثواب ويحذر من العقاب‪ ،‬فيحرص عىل كسب الحالل وضف ما‬
‫يكسبه ف األوجه ر‬
‫الشعية دون إَساف وال تقتي‬
‫‪ /3‬النشاط االقتصادي ف اإلسالم له طابع أخالف‪.‬‬
‫‪ /4‬المال ف اإلسالم وسيلة ال غاية‪ ،‬فهو وسيلة إىل مرضاة هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬وليس هو غاية‬
‫ف حد ذاته‪.‬‬
‫‪ /5‬إن المال مال هللا واإلنسان متضف فيه‪ ،‬وعىل المتضف أن يسي حسب رضا المالك‬
‫َ ُ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫وه ْم م ْن َ‬
‫اَّلل ال ِذي آتاك ْم﴾ النور‪33 :‬‬
‫ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫﴿وآت‬
‫‪ /6‬الرقابة عىل ممارسة النشاط االقتصادي للمسلم ه رقابة ذاتية ف المقام األول ألنه‬
‫ََُْ َ ََ َْ‬
‫األ ْع ُي َو َما ُت ْخف ُّ‬
‫الص ُد ُ‬
‫ور﴾ [غافر‪ ،19 :‬والواقع يشهد عىل أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يعلم أن هللا ﴿يعلم خ ِائنة‬
‫األمر ال يستقيم إال بالرقابة الذاتية‪.‬‬
‫‪ /6‬يهدف النظام الماىل إىل تحقيق مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة‪ ،‬فال ينحاز إىل‬
‫مصلحة الفرد عىل حساب الجماعة‪ ،‬وال إىل مصلحة الجماعة عىل حساب الفرد؛ بل‬
‫يحفظ حقوق الجميع بال انحياز وال إفراط وال تفريط‪.‬‬
‫َ َْ ُ‬
‫‪ /7‬يهدف االقتصاد اإلسالم إىل تلبية مهمة االستخالف ف األرض وفق رَسع هللا «وأن ِفقوا‬
‫يه" الحديد‪7 :‬‬ ‫ف‬ ‫ي‬‫م َّما َج َع َل ُك ْم ُم ْس َت ْخ َلف َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫البشية "ف ْامشوا ِف َمن ِاك ِب َها َوكلوا ِم ْن‬
‫المشوع للطاقات ر‬ ‫‪ /8‬النظام الماىل يرم إىل التوظيف ر‬
‫ْ‬
‫ِرزِق ِه" الملك‪15 :‬‬
‫‪ /9‬ويرم االقتصاد اإلسالم إىل تحقيق التكافل الحقيف للمجتمع وضمان العيش الكريم‬
‫وتوفي الرزق الحالل لجميع أفراد األمة‬
‫‪8‬‬

‫ً‬
‫‪ /10‬كما أن االقتصاد اإلسالم نظام إنساب ر‬
‫يعتي مصلحة غي المسلم أيضا ف طموحاته‬
‫ويؤمن لهم حقوقهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدخل مفاهيم‬
‫أوال‪ :‬تعريف المال لغة واصطالحا‬
‫ً‬
‫‪ /1‬ف اللغة‪ :‬هو كل ما يقتن ويملك من كل رىسء سواء كان عينا أو منفعة‪ ،‬فكل ما يستوىل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عليه اإلنسان فعال ويملكه من ذهب أو فضة أو حيوان أو نبات يسم ماال‪ ،‬أما ما ال يحوزه‬
‫اإلنسان وال يملكه كالطي ف الهواء والصيد ف الصحراء والسمك ف الماء والمعدن ف‬
‫ً‬
‫ماال ف اللغة‪.‬‬ ‫جوف األرض فال يسم‬

‫‪ /2‬أما ف االصطالح الفقه‪ :‬فلقد اختلف العلماء ف تحديد معناه عىل رأيي‬
‫أ – فقد عرفه الجمهور بأنه‪ :‬كل ما له قيمة يلزم متلفه بضمانه‪ ،‬فيدخل فيه األموال العينية‬
‫والحقوق والمنافع إلمكان حيازتها بحيازة أصلها‪.‬‬
‫ب ‪ -‬وعرفه الحنفية بقولهم‪ :‬هو كل ما يمكن حيازته وإحرازه وينتفع به عادة‪ ،‬فكل ما ال‬
‫يمكن االنتفاع به كلحم الميتة وما ال يمكن إحرازه من األمور المعنوية والحقوق والمنافع‬
‫ً‬
‫مثل العلم والسكن فال يسم ماال عندهم؛ ألنهم حضوا المال ف األشياء المادية الن لها‬
‫مادة وجرم محسوس‪.‬‬
‫ثمرة الخالف‪ :‬ييتب عىل هذا الخالف بعض النتائج أو الثمرات ف الغصب والمياث‬
‫واإلجارة‪.‬‬
‫ً‬
‫فمن غصب شيئا وانتفع به مدة ثم رده إىل صاحبه فإنه يضمن قيمة المنفعة عند‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الجمهور‪ ،‬وال يضمنها عند الحنفية إال إذا كان المغصوب موقوفا أو مملوكا ليتيم أو معدا‬
‫لالستغالل واالستثمار كعقار معد لإليجار كمطعم أو دكان‪.‬‬
‫ً‬
‫اإلجارة تنته بموت المستأجر عند الحنفية؛ ألن اإلجارة (المنفعة) ليست ماال‬
‫عندهم حن تورث‪ ،‬وعند الجمهور تظل اإلجارة باقية حن تنته مدتها‪.‬‬
‫المال ف القانون‪ :‬يكاد القانون يتفق مع إطالق المتأخرين من فقهاء الحنفية ويتقارب‬
‫كثيا من اصطالح جمهور الفقهاء‪ .‬ذلك أن المال ف الفكر القانوب هو الحق ذو القيمة‬
‫يعتي ف النظر القانوب ماال‪ ،‬عينا كان أو منفعة‬
‫المالية‪ ،‬وبعبارة أخرى كل ما له قيمة مادية ر‬
‫أو حقا من الحقوق العينية أو الشخصية وذلك كحق االمتياز وحق استعمال عناوين‬
‫المحالت التجارية وحقوق االبتكار‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬المال وتقسيماته بي النظريتي التقليدية والحديثة‬
‫‪9‬‬

‫الشء أساسا‬ ‫هناك نظريتان أساسيتان تتنازعان مفهوم المال‪ ،‬نظرية تقليدية وتجعل من ر‬
‫لتعريف المال‪ ،‬فللمال تعريف واسع يشمل الحقوق واألشياء عىل السواء ونظرية حديثة‬
‫تجعل مفهوم المال يقتض فقط عىل المنافع المتقدمة والمتحصلة من األشياء وبالتاىل‬
‫تجعل مفهوم المال ييكز ف الحقوق فقط ألن األشياء ما ه سوى محل لهذه الحقوق‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬النظرية التقليدية لمفهوم المال وتقسيماته‬
‫كان ينظر إىل األموال ف ظل النظرية التقليدية‪ ،‬والن تأخذ بالحقوق واألشياء‬
‫بالمفهوم الواسع‪ ،‬عىل أنها نوع من األشياء بحيث كانت تقتض عىل األشياء القابلة للحيازة‬
‫والتملك‪ ،‬والتعامل فيها ومن ثم فقد كانوا يعرفون المال بأنه كل رىسء نافع لإلنسان ويصح‬
‫أن يستأثر به دون غيه ويكون محال للحق‪.‬‬
‫وبالتاىل كانت األموال قديما محصورة ف العقار بالدرجة األوىل يليه المنقول إضافة‬
‫إىل الحقوق العينية‪.‬‬
‫ر‬
‫التشيعات بالعقار وهوكل ىسء قار وثابت أي األرض وما اتصل‬‫ولقد اهتمت مختلف ر‬
‫يعتي موردا اقتصاديا ال ينضب‬
‫بها لكونه ر‬
‫فضال عىل أن العقارات المادية تؤلف عنض اليوة األساسية ولم تكن المنقوالت غال‬
‫من التوافه الرخيصة ولهذا لقيت وحدها اهتماما خاصا ف ر‬
‫التشي ــع‪ .‬إال أنه مع تطور الحياة‬
‫اعتيت‬
‫االجتماعية واالقتصادية ظهر إىل جانب المعيار المادي للعقارات معيار معنوي ر‬
‫بمقتضاه المنقوالت والحقوق الملحقة بالعقارات المادية من العقارات تعامل معاملتها‬
‫لتتمتع بالحماية المعنوية لألموال غي المنقولة‬
‫وبالتالـي دأب فقـهاء الشـريعة اإلسالمية وعلماء القانون المـدب عىل تقسيم المال أو‬
‫األشياء ذات القيمة االقتصادية إىل عقار ومنقول‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العقار‬
‫إذا كانت بعض ر‬
‫التشيعات المدنية قد قسمت العقار إىل عقار بالطبيعة وعقار‬
‫بالتخصيص ف‪ ،‬وعقار بحسب المحل الذي ينسحب عليه‪ ،‬فالعقار إذن هو عىل ثالثة‬
‫أنواع‪:‬‬
‫‪ /1‬العقار‬

‫المشع العقار بطبيعته بل اقتض عىل تعداد أهم‬ ‫ر‬ ‫أ‪ -‬العقار بالطبيعة‪ :‬لم يعرف‬
‫أنواعها وي األراض الطبيعية‪ ،‬والدينية" الوقفية"‬
‫ب‪-‬المنشآت المتممة للبناء‪ ،‬والنباتات ومن ثم يمكن تعريف العقار بطبيعته وف‬
‫ضوء حاجات المجتمع المعاض بأنه‪ :‬كل رىسء يعد ف األصل ألن يبف مستقرا ف‬
‫حيه‪ ،‬ثابتا فيه‪ ،‬بحيث ال ينقل منه إال استثناء‪ ،‬ويتطلب نقله ف بعض األحيان‬
‫إىل وسائل تقنية خاصة ال تتوافر إال لدى االختصاصيي وتأسيسا عىل ما تقدم‬
‫تعتي عقارات بطبيعتها األشياء التالية‪:‬‬
‫ر‬
‫‪10‬‬

‫‪ -1‬األراض‪ :‬ذلك أنها ه األصل وعىل سطحها أو ف باطنها تتواجد باف العقارات‪،‬‬
‫تعتي عقارا بالنظر إىل ذاتها‪ ،‬وأينما كان مكان وجودها وأيا كانت وجهة‬ ‫ر‬ ‫ومن ثم‪ ،‬فه‬
‫استعمالها واستخدامها‪ ،‬فسواء أكانت داخل المدن أو خارجها‪ ،‬وسواء استعملت للزراعة أو‬
‫الصناعة فإنها تظل عقارا بطبيعته ف كل حال‪.‬‬
‫‪ -2‬األبنية‪ :‬وه كل ما جمع من مواد البناء فنشد بعضه إىل بعض بصورة ثابتة‪ ،‬سواء‬
‫أكان ذلك عىل ظهر األرض أو ف باطنها‪.‬‬
‫‪ -3‬النبات‪ :‬ويدخل ف نطاقه كافة أنواع األعشاب والشجيات واألشجار ال فرق بي‬
‫كبيها وصغيها‪ ،‬كما يتدخل ف هذا النطاق كافة الثمار المعلقة عىل أغصان األشجار‪ .‬فإذا‬
‫اعتي النبات‬
‫كان النبات متصال بجذوره ف األرض وكانت الثمار متصلة بأغصان األشجار ر‬
‫عندئذ عقارا بطبيعته نظرا لهذا االتصال‪.‬‬
‫يعتي شيئا‬
‫يعتي عقارا بل ر‬ ‫وييتب عىل هذا أن النبات الموضوع ف األوعية الخاصة ال ر‬
‫منقوال حن ولو كانت هذه األوعية مدفونة وثابتة ف األرض‪ ،‬طالما أن جذور النبات تتصل‬
‫بيبة األوعية ال بيبة األرض‪.‬‬
‫‪ /2‬العقار بالتخصيص‬
‫ر‬
‫هذه التسمية لم تكن معروفة ف كل من الشيعتي الرومانية واإلسالمية ألنهما لم‬
‫يكونا يعرفان إال التقسيم األصىل لألشياء إىل عقارات ومنقوالت بطبيعتها‪.‬‬
‫وأول من ابتدع نظرية العقارات بالتخصيص هو الفقيه الفرنش بوتيه عندما رأى‬
‫تشيعات قديمة ف فرنسا قضت بمعاملة كل منقوال مرتبط بعقار معاملة هذا‬ ‫وجود بعض ر‬
‫العقار‪.‬‬
‫ويقصد بالعقارات بالتخصيص المنقوالت المادية الن تدمج أو تثبت ف عقارات‬
‫بالطبيعة‪ ،‬فتفقد صحتها كمنقوالت‪.‬‬
‫يعتي ف نظر القانون عقارا بالتخصيص فيما إذا‬ ‫ر‬ ‫وهكذا نستخلص أن المنقول‬
‫خصصه صاحبه لخدمة أرضه ومنفعتها‪ ،‬وفيما إذا ألحقه ربه بعقاره بصفة دائمة‪.‬‬
‫وال يشيط ف الحالة األوىل أن يقصد بذلك التخصيص الدوام واالستمرار‪ .‬كما ال‬
‫يشيط ف الحالة الثانية أن يثبت أن ذلك المنقول معد لمنفعة العقار‪ ،‬ألن إلحاقه به بصفة‬
‫دائمة يع رتي ف حد ذاته دليال عىل أن له دورا ف استغالل ذلك العقار‪.‬‬
‫الحقوق العينية‪:‬‬
‫تعتي الحقوق العينية الن ترد عىل العقارات حسب الوصف الذي كان يطلق عليها‬ ‫ر‬
‫تعتي من األموال‪.‬‬
‫ف القانون الروماب هو أنها حقوق ذات قيمة مالية لذلك ر‬
‫وهذه الحقوق منها ما هو مستقل بنفسه‪ ،‬ومنها ما هو تابع لحق آخر‪ ،‬فالنوع األول‬
‫يسم بالحق العين األصىل‪ ،‬هذا النوع يشمل الملكية واالنتفاع واالستعمال والسكن‬
‫واالرتفاق والسطحية والوقف‪ ،‬والكراء الطويل األمد‪ ،‬والجلسة والجزاء والزينة والهواء بينما‬
‫يسم النوع الثاب باسم الحق العين التبع‪ ،‬ويشمل حق الرهن الرسم والحيازي واالمتياز‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المنقول‬
‫‪11‬‬

‫الشء الذي يمكن نقله من مكان إىل آخر بدون أن يصيبه تلف‪ ،‬سواء‬ ‫يعتي منقوال ر‬
‫ر‬
‫كان هذا االنتقال انتقاال ذاتيا‪ ،‬كما تتيه الحيوانات‪ ،‬أو كان بفعل قوة خارجية تدفعه وتحركه‪،‬‬
‫تشيعات أحجمت عن تعريف المنقول‪،‬‬ ‫ونظرا التساع ما يمكن اعتباره منقوال فإن بعض ال ر‬
‫المغرب ومن تم‪ ،‬يمكن أن نكتف بالتمثيل عليها ف نطاق‬ ‫وعىل نفس السياق ذهب ر‬
‫المشع‬
‫ر‬
‫األمثلة التالية‪:‬‬
‫تعتي بطبيعتها‬
‫أ‪ -‬كل أنواع النقود والعروض والحيوانات والمكيالت والموزونات ر‬
‫أشياء منقولة‪ .‬وتشمل العروض مختلف أنواع السلع والمتاع واألقمشة‪ ،‬كما يدخل ف نطاقها‬
‫أثاث البيوت واألشياء المعدة الستعماالت الزينة كالبسط والسجاجيد والمقاعد والمرايا‬
‫والموائد ومختلف أنواع الخزفيات والتماثيل واللوحات الفنية وما شبه ذلك‪:‬‬
‫ب‪ -‬وكل أنواع السفن البحرية‪.‬‬
‫ج‪ -‬وكل أنواع المركبات األرضية منها والهوائية‪.‬‬
‫د‪ -‬وكافة أنواع األدوات والمعدات المخصصة إلنشاء البناء مادامت ال ترتبط‬
‫بطبيعتها ف نفس البناء‪.‬‬
‫يعتيان أشياء منقولة بطبيعتها ويحتفظان بهذه الصفة‬ ‫هـ‪ -‬الغاز والكهرباء‪ ،‬ذلك أنهما ر‬
‫بالرغم من نقل الغاز ف األنابيب الخاصة به ونقل الكهرباء ف الخطوط الثابتة‪.‬‬
‫يلن كل‬ ‫إال أن التطور الحاصل ف الحياة أدى إىل انتقاد هذا التقسيم ألنه لم يعد ر‬
‫الحاجيات‪ ،‬كما أن هذا المفهوم للمال قد أدى إىل نتائج ال تستقيم مع المنطق‪ ،‬ويتجىل ذلك‬
‫يعتي بطبيعته‬
‫والشء الذي ر‬ ‫بضم مفهومي مختلفي ف تعريف واحد يجمع كل من الحق ر‬
‫محال لهذا الحق ف نفس الوقت‪ ،‬فهو بذلك ما بي الحق بذاته وبي ركن من أركان الحق‬
‫وهذا مخالف لطبائع األشياء ومنطق األمور‪.‬‬
‫فكان البد من تغيي هذا التقسيم حن يتسن إدخال كثي من األشياء ف دائرة المال‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬النظرية الحديثة لمفهوم المال وتقسيماته‬


‫ر‬
‫والتشيعات‬ ‫أمام هذه النتائج الن أدى إليها مفهوم المال ف منظور الفقه التقليدي‬
‫المتأثرة به كان البد من فصل أحد هذين العنضين من مفهوم المال‪ .‬فأما أن تخرج الحقوق‬
‫المالية ويبف المال قاضا ف مفهومه عىل مفهوم األشياء كما كان عليه الحال ف بادئ األمـر‬
‫أو أن تخرج األشياء وتبف الحقوق المالية‪ ،‬وقد لوحظ أن الحل الثاب هو األصح واألقرب‬
‫إىل الواقع‪ ،‬ومن تم أخرجت األشياء من نطاق األموال وأصبحت مفهوما مستقال متميا عنها‪،‬‬
‫تعتي بطبيعتها‬
‫وبف مفهوم المال مقتضا فقط عىل الحقوق المالية وحدها دون األشياء الن ر‬
‫والتشي ــع الحديث‪ ،‬وبالتاىل أصبح يمي بي‬‫ر‬ ‫محال لهذه الحقوق وعىل هذا استقر الفقه‬
‫مفهوم المال ومفهوم األشياء‪:‬‬
‫‪ -‬فاألموال‪ :‬ه كل حق ذي قيمة مالية‪ ،‬سواء كان عينيا أو حقا شخصيا أو حقا من‬
‫حقوق االبتكار‪ ،‬وسواء كان واقعا عىل األشياء أو األعمال‪.‬‬
‫ر‬
‫والتشي ــع الحديث األمور التالية‪:‬‬ ‫‪ -‬أما األشياء‪ :‬فتشمل ف نظر الفقه‬
‫‪12‬‬

‫يعتي‬ ‫ر‬
‫الخارج‪ ،‬باستثناء اإلنسان الذي ر‬ ‫أوال‪ :‬كل ماله وجودا ماديا محسوسا ف العالم‬
‫بطبيعته شخصا ال شيئا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬بعض األمور الن يمكن تصورها بشكل تجريدي عقىل فهذه األمور بالرغم من‬
‫أنها ال تدخل ف نطاق الوجود الحش الملموس فإن لها وجودا قائما بذاته يجعلها محال‬
‫تعتي كافة أنواع الجماد‬
‫صالحا للحقوق الن تقع عليها وه حقوق االبتكار فاستنادا لذلك ر‬
‫تعتي األفكار والمخيعات واالبتكارات جميعا‬‫والحيوان والنبات من قبيل األشياء المادية‪ ،‬كما ر‬
‫من قبيل األشياء المعنوية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أقسام المال‬
‫ُيقسم المال إىل عدة تقسيمات ييتب عليها أحكام مختلفة بحسب كل قسم‪ ،‬وسوف‬
‫نذكر أهم تقسيمات المال وما ييتب عىل كل قسم من فوائد وآثار‬
‫‪ /1‬المال المتقوم‪ :‬هو ما كان ف حيازة اإلنسان وأباح ر‬
‫الشع االنتفاع به‪ ،‬كالدور‬
‫والسيارات والثياب والكتب والمطعومات وغيها‪.‬‬
‫‪ /2‬المال غي المتقوم‪ :‬هو ما لم يحرز بالفعل كالطي ف السماء والمعادن ف األرض‪،‬‬
‫أو ما ال يباح االنتفاع به رَس ًعا مثل الخمر والخيير بالنسبة للمسلم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬فوائد وآثار هذا التقسيم‬
‫أوال‪ :‬المال المتقوم وغي المتقوم‬
‫‪ /1‬إن المال المتقوم هو الذي يصح التعاقد عليه‪ ،‬وتجوز التضفات فيه من بيع وهبة‬
‫وَسكة ونحوها‪.‬‬ ‫وإجارة وإعارة ووصية ر‬
‫أما غي المتقوم فال يصح فيه رىسء من تلك التضفات‪ ،‬فلو باع مسلم ً‬
‫خمرا لم يصح‬
‫لتقوم الخمر ف حقهما‪.‬‬ ‫البيع‪ ،‬ولكن لو باعها ذم من ذم صح البيع ُّ‬
‫متقوما لغيه وجب عليه ضمان مثله إن كان ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مثليا‪ ،‬وقيمته إن كان‬ ‫‪ /2‬من أتلف ماال‬
‫قيميا؛ ألن الشارع منحه حماية وحرمة‪.‬‬ ‫ًّ‬
‫خمرا لمسلم فال ضمان عليه؛‬ ‫‪ /3‬أما غي المتقوم فال يضمن باإلتالف‪ ،‬فلو أراق أحد ً‬
‫ألن الخمر غي متقومه ف حق المسلم‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬العقار والمنقول باعتبار استقراره ف محله وعدم استقراره‬
‫ا‪ -‬العقار‪ :‬هو ما ال يمكن نقله بحال من األحوال‪ :‬كالدور واألراض‬
‫ب‪-‬المنقول‪ :‬ما يمكن نقله وتحويله من مكان إىل مكان سواء تغيت هيئته عند النقل‬
‫أم لم تتغي‪ :‬مثل العروض التجارية وأنواع الحيوان والمكيل والموزون ونحوها‬
‫وعند المالكية المنقول ما أمكن نقله مع بقاء هيئته‪ ،‬وصورته دون تغيي‪ :‬كالمالبس‬
‫ً‬
‫والسيارات‪ .‬والعقار عندهم ما ال يمكن نقله وتحويله أصال كاألرض‬
‫فوائد هذا التقسيم‪:‬‬
‫‪/1‬الشفعة تجري ف العقار دون المنقول إال عند بعض الفقهاء‪.‬‬
‫‪ /2‬حقوق الجوار واالرتفاق تتعلق بالعقار دون المنقول‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال فإن لم يف بيع عقاره‪.‬‬ ‫‪ /3‬عند بيع أموال المدين وفاء لدينه يبدأ بالمنقول‬
‫‪13‬‬

‫‪ /4‬يجوز للوض أن يبيع للصغار ما يملكون من منقول حسب ما يراه من وجود‬


‫ً‬
‫مثال‪.‬‬ ‫المصلحة وليس له أن يبيع عقارهم إال بمسوغ رَسع كزيادة نفقاته عىل غالته‬
‫وأب يوسف)‪ ،‬وأما المنقول فيتصور‬ ‫‪ /5‬ال يتصور غصب العقار (عند رأب حنيفة ر‬
‫غصبه باتفاق الفقهاء‪.‬‬
‫ً‬
‫وأب يوسف‪ ،‬خالفا لجمهور العلماء‪ ،‬بيع العقار قبل قبضه‬ ‫‪ /6‬يجوز عند رأب حنيفة ر‬
‫من المشيي‪ ،‬أما المنقول فال يجوز بيعه قبل القبض أو التسليم؛ ألن المنقول عرضة للهالك‬
‫أكي من العقار‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬المثىل والقيم‪ :‬باعتبار تماثل آحاده وأجزائه وعدم تماثلها‬
‫المال المثىل‪ :‬هو ما له نظي ومثل ف األسواق من غي تفاوت بي أجزائه أو آحاده‬
‫يعتد به ف التعامل‬
‫واألموال المثلية أربعة أنواع‬
‫‪ /1‬المكيل‪ :‬يعن ما تقدر بالكيل‪ ،‬كالقمح والشعي والزيوت‬
‫‪ /2‬الموزونات‪ :‬والن تقدر بالوزن‪ ،‬مثل الذهب والحديد‬
‫‪ /3‬العدديات المتقاربة ف الحجم‪ :‬مثل البيض والجوز ر‬
‫واليتقال‬
‫ُ‬
‫‪ /4‬الذرعيات‪ :‬والن تباع بالذراع أو المي ونحوها‪ ،‬مثل األقمشة‬
‫وأما المال القيم‪ :‬هو ما ال مثل له ف األسواق أو له نظي ولكن بتفاوت كبي ال يتسامح‬
‫به عادة‪ ،‬كالدور والحيوانات واألحجار الكريمة‪...‬‬
‫قيميا وبالعكس‪ ،‬مثل ما إذا انقطع وجود المثىل من‬ ‫ًّ‬ ‫مالحظة‪ :‬قد ينقلب المثىل‬
‫قيميا‪ ،‬وإذا كان المال نادر الوجود ف السوق ثم أصبح كثي الوجود صار مثلياًّ‬ ‫األسواق انقلب ًّ‬
‫بعد أن كان له قيمة خاصة‬
‫آثار وفوائد التقسيم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ /1‬المثىل يثبت دينا ف الذمة‪ ،‬وذلك بأن يكون ثمنا ف البيع عن طريق تعيي جنسه‬
‫ً‬
‫دينا ف الذمة‪.‬‬ ‫وصفته‪ ،‬بخالف القيم فإنه ال يثبت‬

‫‪ /2‬الضمان ف إتالف المثىل يكون بمثله‪ ،‬وف القيم يكون بقيمته‪ ،‬فمن أتلف كمية‬
‫من السكر وجب عليه ضمان مثله‪ ،‬أما القيم فيضمن المتعدي قيمته ألنه تعذر إيجاد مثله‬
‫صورة‪.‬‬

‫‪ /3‬تدخل القسمة ر ً‬
‫جيا ف المال المثىل المشيك‪ ،‬أما القيم فال تدخل فيه القسمة‬
‫الجيية‬
‫ر‬
‫ر ً‬
‫ابعا‪ :‬المال االستهالك واالستعماىل‪ :‬باعتبار بقاء عينه باالستهالك وعدمها‬
‫‪ /1‬المال االستهالك‪ :‬هو الذي ال يمكن االنتفاع به إال باستهالك عينه‪ ،‬كأنواع الطعام‬
‫والشاب والحطب والنفط والورق والنقود‪ ،‬فال يمكن االنتفاع بهذه األموال ما عدا النقود‬ ‫ر‬
‫‪14‬‬

‫إال باستئصال عينها‪ ،‬وأما النقود فاستهالكها يكون بخروجها من يد مالكها‪ ،‬وإن كانت أعيانها‬
‫باقية بالفعل‪.‬‬
‫‪ /2‬والمال االستعماىل‪ :‬هو ما يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه‪ ،‬كالعقارات والمفروشات‬
‫والثياب والكتب ونحوها‬
‫وينظر إىل االنتفاع الممي بي النوعي ألول مرة‪ ،‬ال إىل حاالت االستعمال المتكررة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫فإن زالت عي ر‬
‫استهالكيا‪ ،‬وإن بقيت عينه حينئذ كان ماال‬ ‫الشء من أول انتفاع كان ماال‬
‫ًّ‬
‫استعماليا‬
‫وتظهر فائدة التقسيم فيما يأب‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يقبل كل نوع من هذين المالي نوعا معينا من العقود‪ ،‬فالمال االستهالك يقبل العقود‬
‫الن غرضها االستهالك ال االستعمال كالقرض وإعارة الطعام‬
‫والمال االستعماىل يقبل العقود الن هدفها االستعمال دون االستهالك كاإلجارة‬
‫واإلعارة‬
‫فإن لم يكن الغرض من العقد هو االستعمال وحده أو االستهالك وحده‪ ،‬صح أن يرد‬
‫العقد عىل كال النوعي‪ :‬االستعماىل واالستهالك كالبيع واإليداع‪ ،‬فيصح ورودهما عىل كل من‬
‫النوعي عىل السواء‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬التقسيمات الحديثة للمال‬


‫بعد التطورات الن أصابت مختلف ميادين الحياة اليومية بدأ التفكي ف البحث عن‬
‫تقسيمات أخرى للمال حن يتسع الستيعاب مختلف األشياء الن أصبحت لها قيمة مالية‬
‫لم تكن لها ذي قبل‪.‬‬
‫فبعد ما كان التقسيم ف ظل النظرية التقليدية بي العقار والمنقول العتبارات‬
‫اقتصادية واجتماعية أضح اْلن التقسيم الحديث يضم ما يىل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ينقسم المال باعتبار ماله من حماية وحرمة وصالحية لالنتفاع وعدم إىل ُم َت َق ِّومْ‬
‫َ‬
‫وغي ُم َتق ِّو ْم‪.‬‬
‫الشيعة‬ ‫يعتي ف االصطالح الحنف إذا كان له قيمة ف نظر ر‬ ‫‪ -/1‬المال المتقوم‪ :‬ر‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وه تتحقق بأمرين‪.‬‬
‫األمر األول‪ :‬أن يكون الشارع اإلسالم قد أباح االنتفاع بالمال ف حالة السعة‬
‫واالختيار‪.‬‬
‫األمر الثاب‪ :‬الحيازة الفعلية‬
‫أما المال الغي المتقوم‬
‫يعتي المال غي المتقوم إذا كان محوزا بال إباحة انتفاع ف حالة السعة واالختيار أو‬ ‫ر‬
‫كان مباحا بال حيازة‪.‬‬
‫‪15‬‬

‫ويظهر من تقسيم الحنفية للمال إىل متقوم وغي متقوم أنهم لم يجعلوا إباحة االنتفاع‬
‫عنضا من عناض المالية‪.‬‬
‫المعتي ف التقويم إنما هو مراعاة المنفعة الن أذن الشارع‬ ‫ر‬ ‫وف هذا يقول المالكية‪ :‬إن‬
‫تعتي قيمته ألن المعدوم رَسعا كالمعدوم حسا‪.‬‬ ‫بها وما ال يؤذن فيه فال ر‬
‫‪ -2‬كما ينقسم المال من حيث تباته وحركته إىل عقار ومنقول‪ ،‬وقد تم إدراج مجموعة‬
‫من األشياء ضمن المنقوالت كاألصل التجاري وبراءة االخياع وكل الحقوق العينية ذات‬
‫القيمة االقتصادية‪.‬‬
‫وقيم‪:‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -3‬كذلك ينقسم المال من حيث تماثل أو تفاوت أحاده إىل مثىل‬
‫َ‬
‫المال المثىل‪ :‬هو ما يوجد له مثل ف األسواق بال تفاوت يعتد به بي أح ِاد ِه ويتمثل‬
‫ف الكيىل والوزب غي المصوغ كالنحاس والقصدير‪ ،‬والعددي المتقارب‪.‬‬
‫المال القيم‪ :‬هو ما تتفاوت أحاده تفاوت يعتد به ومن القيم أيضا العددي إذا‬
‫تفاوت أحاده‪ ،‬وسائر المنقوالت الن تتفاوت أحاده تفاوت يعتد به‪.‬‬
‫‪ -4‬تقسيم المال بحسب النماء واالستهالك وف هذا اإلطار يقسم المال إىل مال نام‬
‫وغي نام‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وهناك تقسيم آخر يقوم عىل أساس التفرقة بي أموال الدولة وبي أموال‬
‫الخواص‪:‬‬
‫تعتي أمـواال عامـة العقارات والمنقـوالت الن للـدولة أو األشخاص‬ ‫األمـوال العامة‪ :‬ر‬
‫االعتبارية العامة والن تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتض قانون أو مرسوم‬
‫وهذه األموال ال يجوز التضف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم‪.‬‬
‫أما األموال الخاصة‪ :‬فه األموال غي المخصصة لمنفعة عامة سواء أكانت مملوكة‬
‫للدولة أو إلحدى إداراتها أو إلحدى المؤسسات العامة أو كانت مملوكة ألفراد‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬األحكام الميتبة عىل أقسام المال‬
‫ُيقسم المال إىل عدة تقسيمات ييتب عليها أحكام مختلفة بحسب كل قسم‪ ،‬وسوف‬
‫نذكر أهم تقسيمات المال وما ييتب عىل كل قسم من فوائد وآثار‬
‫‪ /1‬المال المتقوم‪ :‬هو ما كان ف حيازة اإلنسان وأباح ر‬
‫الشع االنتفاع به‪ ،‬كالدور والسيارات‬
‫والثياب والكتب والمطعومات وغيها‪.‬‬
‫‪ /2‬المال غي المتقوم‪ :‬هو ما لم يحرز بالفعل كالطي ف السماء والمعادن ف األرض‪ ،‬أو ما‬
‫ال يباح االنتفاع به رَس ًعا مثل الخمر والخيير بالنسبة للمسلم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬فوائد وآثار هذا التقسيم‬
‫أوال‪ :‬المال المتقوم وغي المتقوم‬
‫‪ /1‬إن المال المتقوم هو الذي يصح التعاقد عليه‪ ،‬وتجوز التضفات فيه من بيع وهبة‬
‫وإجارة وإعارة ووصية ر‬
‫وَسكة ونحوها‪.‬‬
‫‪16‬‬

‫أما غي المتقوم فال يصح فيه رىسء من تلك التضفات‪ ،‬فلو باع مسلم ً‬
‫خمرا لم يصح البيع‪،‬‬
‫ولكن لو باعها ذم من ذم صح البيع ُّ‬
‫لتقوم الخمر ف حقهما‪.‬‬
‫مثليا‪ ،‬وقيمته إن كان ًّ‬ ‫ً‬
‫متقوما لغيه وجب عليه ضمان مثله إن كان ًّ‬ ‫ً‬
‫قيميا؛‬ ‫‪ /2‬من أتلف ماال‬
‫ألن الشارع منحه حماية وحرمة‪.‬‬
‫‪ /3‬أما غي المتقوم فال يضمن باإلتالف‪ ،‬فلو أراق أحد ً‬
‫خمرا لمسلم فال ضمان عليه؛ ألن‬
‫الخمر غي متقومه ف حق المسلم‪.‬‬

‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬العقار والمنقول باعتبار استقراره ف محله وعدم استقراره‬
‫ا‪ -‬العقار‪ :‬هو ما ال يمكن نقله بحال من األحوال‪ :‬كالدور واألراض‬
‫ب‪-‬المنقول‪ :‬ما يمكن نقله وتحويله من مكان إىل مكان سواء تغيت هيئته عند النقل أم‬
‫لم تتغي‪ :‬مثل العروض التجارية وأنواع الحيوان والمكيل والموزون ونحوها‬
‫وعند المالكية المنقول ما أمكن نقله مع بقاء هيئته‪ ،‬وصورته دون تغيي‪ :‬كالمالبس‬
‫ً‬
‫والسيارات‪ .‬والعقار عندهم ما ال يمكن نقله وتحويله أصال كاألرض‬
‫فوائد هذا التقسيم‪:‬‬
‫‪/1‬الشفعة تجري ف العقار دون المنقول إال عند بعض الفقهاء‪.‬‬
‫‪ /2‬حقوق الجوار واالرتفاق تتعلق بالعقار دون المنقول‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال فإن لم يف بيع عقاره‪.‬‬ ‫‪ /3‬عند بيع أموال المدين وفاء لدينه يبدأ بالمنقول‬
‫‪ /4‬يجوز للوض أن يبيع للصغار ما يملكون من منقول حسب ما يراه من وجود المصلحة‬
‫ً‬
‫مثال‪.‬‬ ‫وليس له أن يبيع عقارهم إال بمسوغ رَسع كزيادة نفقاته عىل غالته‬
‫وأب يوسف)‪ ،‬وأما المنقول فيتصور غصبه‬ ‫‪ /5‬ال يتصور غصب العقار (عند رأب حنيفة ر‬
‫باتفاق الفقهاء‪.‬‬
‫ً‬
‫وأب يوسف‪ ،‬خالفا لجمهور العلماء‪ ،‬بيع العقار قبل قبضه من‬ ‫‪ /6‬يجوز عند رأب حنيفة ر‬
‫المشيي‪ ،‬أما المنقول فال يجوز بيعه قبل القبض أو التسليم؛ ألن المنقول عرضة للهالك‬
‫أكي من العقار‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬المثىل والقيم‪ :‬باعتبار تماثل آحاده وأجزائه وعدم تماثلها‬
‫المال المثىل‪ :‬هو ما له نظي ومثل ف األسواق من غي تفاوت بي أجزائه أو آحاده يعتد به‬
‫ف التعامل‬
‫واألموال المثلية أربعة أنواع‬
‫‪17‬‬

‫‪ /1‬المكيل‪ :‬يعن ما تقدر بالكيل‪ ،‬كالقمح والشعي والزيوت‬


‫‪ /2‬الموزونات‪ :‬والن تقدر بالوزن‪ ،‬مثل الذهب والحديد‬
‫‪ /3‬العدديات المتقاربة ف الحجم‪ :‬مثل البيض والجوز ر‬
‫واليتقال‬
‫ُ‬
‫‪ /4‬الذرعيات‪ :‬والن تباع بالذراع أو المي ونحوها‪ ،‬مثل األقمشة‬
‫وأما المال القيم‪ :‬هو ما ال مثل له ف األسواق أو له نظي ولكن بتفاوت كبي ال يتسامح به‬
‫عادة‪ ،‬كالدور والحيوانات واألحجار الكريمة‪...‬‬
‫ًّ‬
‫قيميا وبالعكس‪ ،‬مثل ما إذا انقطع وجود المثىل من األسواق‬ ‫مالحظة‪ :‬قد ينقلب المثىل‬
‫قيميا‪ ،‬وإذا كان المال نادر الوجود ف السوق ثم أصبح كثي الوجود صار ًّ‬
‫مثليا بعد أن‬ ‫ًّ‬ ‫انقلب‬
‫كان له قيمة خاصة‬
‫آثار وفوائد التقسيم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ /1‬المثىل يثبت دينا ف الذمة‪ ،‬وذلك بأن يكون ثمنا ف البيع عن طريق تعيي جنسه‬
‫ً‬
‫دينا ف الذمة‪.‬‬ ‫وصفته‪ ،‬بخالف القيم فإنه ال يثبت‬

‫‪ /2‬الضمان ف إتالف المثىل يكون بمثله‪ ،‬وف القيم يكون بقيمته‪ ،‬فمن أتلف كمية من‬
‫السكر وجب عليه ضمان مثله‪ ،‬أما القيم فيضمن المتعدي قيمته ألنه تعذر إيجاد مثله‬
‫صورة‪.‬‬

‫‪ /3‬تدخل القسمة ر ً‬
‫جيا ف المال المثىل المشيك‪ ،‬أما القيم فال تدخل فيه القسمة‬
‫الجيية‬
‫ر‬

‫ر ً‬
‫ابعا‪ :‬المال االستهالك واالستعماىل‪ :‬باعتبار بقاء عينه باالستهالك وعدمها‬
‫‪ /1‬المال االستهالك‪ :‬هو الذي ال يمكن االنتفاع به إال باستهالك عينه‪ ،‬كأنواع الطعام‬
‫والشاب والحطب والنفط والورق والنقود‪ ،‬فال يمكن االنتفاع بهذه األموال ما عدا النقود‬ ‫ر‬
‫إال باستئصال عينها‪ ،‬وأما النقود فاستهالكها يكون بخروجها من يد مالكها‪ ،‬وإن كانت أعيانها‬
‫باقية بالفعل‪.‬‬
‫‪ /2‬والمال االستعماىل‪ :‬هو ما يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه‪ ،‬كالعقارات والمفروشات‬
‫والثياب والكتب ونحوها‬
‫وينظر إىل االنتفاع الممي بي النوعي ألول مرة‪ ،‬ال إىل حاالت االستعمال المتكررة‪ ،‬فإن‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫زالت عي ر‬
‫استعماليا‬ ‫استهالكيا‪ ،‬وإن بقيت عينه حينئذ كان ماال‬ ‫الشء من أول انتفاع كان ماال‬
‫‪18‬‬

‫وتظهر فائدة التقسيم فيما يأب‪:‬‬


‫ً‬ ‫يقبل كل نوع من هذين المالي ً‬
‫نوعا معينا من العقود‪ ،‬فالمال االستهالك يقبل العقود الن‬
‫غرضها االستهالك ال االستعمال كالقرض وإعارة الطعام‬
‫والمال االستعماىل يقبل العقود الن هدفها االستعمال دون االستهالك كاإلجارة واإلعارة‬
‫فإن لم يكن الغرض من العقد هو االستعمال وحده أو االستهالك وحده‪ ،‬صح أن يرد العقد‬
‫عىل كال النوعي‪ :‬االستعماىل واالستهالك كالبيع واإليداع‪ ،‬فيصح ورودهما عىل كل من‬
‫النوعي عىل السواء‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬الحقوق الذهبية أو حقوق االبتكار‬
‫أوال‪ :‬يالحظ ف هذه الحقوق أنها من الحقوق المالية الن أوجدتها أوضاع الحياة‬
‫المدنية واالقتصادية والثقافية الحديثة‪ ،‬ونظمتها القواني العضية واالتفاقيات الدولية‬
‫ومنها الجزائر‪.‬‬
‫الشائع القديمة وقد كان القصد من‬ ‫ويالحظ أن هذه الحقوق لم تكن معروفة ف ر‬
‫إقرارها ف القواني الحديثة هو تشجيع االخياع‪ ،‬واإلبداع واالبتكار والتأليف داخل الحياة‬
‫الحضارية للمجتمع اإلنساب حيث تشكل الحماية القانونية لهذه الحقوق حافزا منشطا للفرد‬
‫لك يبذل جهده ويساهم ف تطوير الحياة االجتماعية‪ ،‬ودفع عجلة التقدم والرف ف المجتمع‬
‫اإلنساب فقد احتار الفقه ف تكييف هذه الحقوق وف تصنيفها ف موضعها بي أنواع الحقوق‬
‫وفقا لمقاييسه التقليدية حية ظهرت حن ف نطاق تسميتها فقد عرفت تارة باسم الملكية‬
‫األدبية أو الفنية أو الصناعية‪ ،‬كما عرفت باسم الحقوق المعنوية أو األدبية‪ ،‬وعرفت أخيا‬
‫باسم "الحقوق الذهنية" وباسم حقوق االبتكار‪ ،‬ويبدو أن التسميتان األخيتان هما أدق نظرا‬
‫وأكي رواجا ف الفقه الحديث‪.‬‬
‫ر‬
‫ويمكن تعريفه "بأنه اختصاص قانوب حاجز يمنح صاحبه سلطة مباَسة عىل نتاجه‬
‫المبتكر ويمكنه من االحتفاظ بنسبة هذا النتاج إليه‪ ،‬واالستثمار بالمنفعة المالية الناتجة‬
‫عن استغالله‪.‬‬
‫ومن خالل هذا التعريف يتضح أن للحق الذهن خصائص وه أنه‪:‬‬
‫اختصاص قانوب حاجز‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يمنح صاحبه سلطة ر‬
‫مباَسة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وأنه ذو طابع ماىل‪ :‬ألنه يخول صاحبه استئثار باستثمار نتاجه المبتكر‪ ،‬وف هذا الصدد‬ ‫‪-‬‬
‫المشع؟ وهل خصها بتنظيم‬ ‫يمكن التساؤل هل يمكن اعتبار المعلومات ماال ف نظر ر‬
‫خاص؟‬
‫والمعلومة ه معرفة وفائدة ناتجة عن تنظيم ومعالجة للبيانات‪ ،‬فالمعلومة‬
‫المستخرجة من قاعدة البيانات تمر بمرحلتي قبل أن تصبح معرفة جاهزة لالستهالك‪:‬‬
‫المرحلة األوىل‪ :‬تتجىل ف اختيار البيانات األولية من مصادرها وجمعها وترتيبها‬
‫وتهيئتها بقصد إدخالها وتخزينها عىل مي قاعدة البيانات‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫المرحلة الثانية‪ :‬ه معالجة البيانات األولية بإجراء عملية أو أكي عىل البيانات من‬
‫تصنيف وتقسيم وفرز وترتيب حسب تسلسل منطف معي وإجراء عمليات حسابية‬
‫وضغط للبيانات‪.‬‬
‫ومهما كانت المعلومة سواء ف مرحلتها األوىل‪ ،‬ف صورة بيان أو معط غي معالج أو‬
‫ف مرحلتها النهائية كمعرفة جاهزة لالستهالك‪ ،‬فإنها تبف ذات طبيعة غي مادية‪ ،‬مما يثي‬
‫التساؤل حول مدى كون المعلومات ماال قابال لالمتالك‪ ،‬وعن مدى إمكانية نقل ملكيتها‬
‫اعتبارا لطبيعتها غي المادية؟‬
‫اعتي البعض أنه ال يمكن اعتبارها من األموال نظرا لطبيعتها الذهنية بل ال تقبل‬
‫فقد ر‬
‫حن فكرة الملكية الذهنية غي المادية للمعلومات‪.‬‬
‫ف حي أكد البعض اْلخر عىل اعتبارها من األموال باعتبار قيمتها االقتصادية‪.‬‬
‫ولعل الراجح من الرأي هو اعتبار المعلومات ماال من كانت ذات قيمة اقتصادية‪.‬‬
‫فمن المعلوم أن ف واقعنا الحاىل‪ ،‬أصبح استغالل المعلومات من الوسائل المهمة ف تحقيق‬
‫المشوعات والصناعات المختلفة‪.‬‬ ‫عوائد مادية أو الزيادة من إنتاجية ر‬
‫ومن تم فالمعلومات شأنها شأن الكهرباء‪ ،‬قد ال ترى بالحواس ولكن أثرها وقيمتها‬
‫االقتصادي ف اإلنتاج والمردودية ال يجادل فيها أحد‪ ،‬رغم عدم تطرق بعض ر‬
‫التشيعات‬
‫العتبارها من األموال أم ال‪ ،‬وعليه فالمعامالت الن محلها المعلومات أصبحت واقعا وجب‬
‫ر‬
‫والتشي ــع النظر ف األحكام المتعلقة بحمايتها‪.‬‬ ‫عىل القضاء والفقه‬

‫الخالصة‬
‫نستخلص مما سبق أن المال ظاهرة معنوية تتمثل ف المنفعة المتقدمة‪ ،‬ومصادر هذه‬
‫المنفعة كما أنها تكون ف األشياء المادية فقد تكون من المعنويات الن ليس لها وجه مادي‪.‬‬
‫حن إن الحقوق المعنوية طغت بتأثي التطور االجتماع واالقتصادي عىل األشياء المادية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحقوق والمنافع‬


‫ً‬
‫تعتي ماال عىل النحو الذي‬
‫ال خالف ف أن األشياء المادية الن يمكن إحرازها واالنتفاع بها ر‬
‫ذكرناه ً‬
‫قريبا‪.‬‬
‫لكن الحقوق مثل حق ر‬
‫الشب وحق الحضانة‪ ،‬والمنافع مثل سكن الدار واستعمال السيارة‬
‫ً‬
‫فبناء عىل تعريف المال الذي سبق ذكره والخالف فيه فإن الجمهور يرون‬ ‫ولبس الثياب‪،‬‬
‫ً‬
‫بأن الحقوق والمنافع أموال‪ ،‬وه ليست ماال عند الحنفية‪.‬‬
‫واستدل األحناف بقولهم‪ :‬إن المال ما يمكن إحرازه وحيازته وادخاره لوقت الحاجة‬
‫ً‬
‫والمنافع ال تقبل الحيازة واالدخار ألنها معنوية وه تحدث آنا بعد آن‪ ،‬وه قبل أن‬
‫تحدث معدومة والمعدوم ليس بمال‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫واستدل الجمهور بقولهم‪ :‬إن حيازة المنافع ممكنة وذلك بحيازة أصلها ومحلها ومصدرها‪،‬‬
‫وألن المنافع ه المقصودة من األعيان ولوالها لما صارت األعيان أمواال‪.‬‬
‫ً‬
‫ماال بدليل قوله ‪ -‬تعاىل‪:‬‬ ‫والشارع الحكيم أجاز أن تكون المنافع ً‬
‫مهرا‪ ،‬والمهر ال يكون إال‬
‫ي﴾ [النساء‪،]24 :‬‬ ‫﴿و ُأح َّل َل ُك ْم َما َو َر َاء َذل ُك ْم َأ ْن َت ْب َت ُغوا ب َأ ْم َوال ُك ْم ُم ْحصن َ‬
‫ي َغ ْ َي ُم َسافح َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالمنافع إذن من األموال‪.‬‬
‫والراجح قول الجمهور لقوة أدلتهم ولجريان العرف بذلك‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬تعريف البيع ر‬
‫ومشوعيته وأركانه‬
‫تعريف البيع‪:‬‬
‫بشء؛ فمقابلة السلعة بالسلعة تسم ً‬
‫بيعا لغة كمقابلتها‬ ‫البيع ف اللغة‪ :‬مقابلة رىسء ر‬
‫بالنقد‪ ،‬ويقال ألحد المتقابلي‪ :‬مبيع‪ ،‬ولآلخر‪ :‬ثمن‪.‬‬
‫وقال بعض الفقهاء‪ :‬إن معناه ف اللغة تمليك المال بالمال‪ ،‬وهو بمعن التعريف األول‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬إنه ف اللغة إخراج ذات عن الملك ِبعوض‪ ،‬وهو بمعن التعريف الثاب؛ ألن‬
‫إخراج الذات عن الملك هو معن تمليك الغي للمال‪ ،‬فتمليك المنفعة باإلجارة ونحوها ال‬
‫يسم ً‬
‫بيعا‪.‬‬
‫الشاء فإنه إدخال ذات ف الملك ِبعوض‪ ،‬أو تملك المال بالمال‪ ،‬عىل أن اللغة تطلق‬ ‫أما ر‬
‫والشاء عىل معن اْلخر‪ ،‬فيقال لفعل البائع‪ :‬بيع ر‬ ‫كَل من البيع ر‬‫ً‬
‫وَساء‪ ،‬كما يقال ذلك لفعل‬
‫َس ْو ُه ب َث َمن﴾ [يوسف‪ ،]20 :‬فإن معن ﴿ ر َ َ‬
‫َس ْو ُه ﴾ ف اْلية‪:‬‬ ‫المشيي‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪َ ﴿:‬و ر َ َ‬
‫ِ ٍ‬
‫باعوه‪ ،‬وكذلك االشياء واالبتياع فإنهما يطلقان عىل فعل البائع والمشيي لغة‪.‬‬
‫العرف قد خص المبيع بفعل البائع‪ ،‬وهو إخراج الذات ِمن الملك‪ ،‬وخص ر‬
‫الشاء‬ ‫إال أن ُ‬
‫واالشياء واالبتياع بفعل المشيي‪ ،‬وهو إدخال الذات ف الملك‪.‬‬
‫ر‬
‫مشوعية البيع‪:‬‬
‫مشوعية البيع ثابتة بالكتاب والسنة واإلجماع‪.‬‬ ‫إن ر‬

‫الر َبا ﴾[البقرة‪.]275 :‬‬ ‫اَّلل ْال َب ْي َع َو َح َّر َم ِّ‬ ‫ف الكتاب‪ :‬ورد ف القرآن الكريم‪َ ﴿:‬و َأ َح َّل َّ ُ‬
‫ً‬ ‫َّ َ ْ َ ُ َ‬
‫اط ِل ِإَل أن تكون ِت َج َارة َع ْن‬ ‫آم ُنوا ََل َت ْأ ُك ُلوا َأ ْم َو َال ُك ْم َب ْي َن ُك ْم ب ْال َ‬
‫ب‬ ‫﴿يا َأ ُّي َها َّالذ َ‬
‫ين َ‬ ‫وف سورة النساء‪َ :‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُْ‬ ‫َت َ‬
‫اض ِمنك ْم ﴾[النساء‪]29 :‬‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫﴿إذا ت َب َاي ْعت ْم ﴾[البقرة‪]282 :‬‬ ‫وقوله تعاىل‪ِ :‬‬
‫‪21‬‬

‫فهذه اْليات ضيحة ف ِح ِّل البيع‪ ،‬وإن كانت مسوقة ألغراض أخرى غي إفادة الحل؛ ألن‬
‫ً‬
‫اْلية األوىل مسوقة لتحريم الربا‪ ،‬والثانية مسوقة لنه الناس عن أكل أموال بعضهم بعضا‬
‫بالباطل‪ ،‬والثالثة مسوقة للفت الناس إىل ما يرفع الخصومة‪ ،‬ويحسم الياع من االستشهاد‬
‫عند التبايع‪.‬‬
‫النن صىل هللا عليه وسلم قد ر‬
‫باَس البيع‪ ،‬وشاهد الناس يتعاطون البيع‬ ‫ف السنة‪ :‬أن ر‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫والشاء‪ ،‬فأقرهم ولم ينههم عنه‪.‬‬
‫ومنها قوله صىل هللا عليه وسلم‪(( :‬ألن يأخذ أحدكم حبله فيأب بحزمة حطب عىل ظهره‪،‬‬
‫فيبيعها فيكف بها وجهه‪ ،‬خي له من أن يسأل الناس‪ ،‬أعطوه أو منعوه))؛ رواه البخاري‪.‬‬
‫وف هذا الحديث إشارة إىل ما يجب عىل اإلنسان من العمل ف هذه الحياة‪ ،‬فال يحل له أن‬
‫ً‬
‫يهمل طلب الرزق اعتمادا عىل سؤال الناس‪ ،‬كما ال يحل له أن يستنكف عن العمل‪ ،‬سواء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حقيا‪ ،‬بل عليه أن يعمل بما هو ميش له‪.‬‬ ‫كان جليَل أو‬

‫والي ُ‬
‫بالي‪ ،‬والشعي‬ ‫ومنها قوله عليه الصالة والسالم‪(( :‬الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة‪ُ ،‬‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سواء بسواء‪ ،‬مثَل بمثل‪ ،‬يدا بيد‪ ،‬فمن زاد أو اسياد‬ ‫بالشعي‪ ،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والملح بالملح‬
‫فبيعوا كيف شئتم))؛ رواه مسلم‪ ،‬فقوله‪(( :‬فبيعوا‬ ‫أرب‪ ،‬فإذا اختلفت هذه األجناس ِ‬ ‫فقد ر‬
‫كيف شئتم)) ضي ــح ف إباحة البيع‪.‬‬
‫ومنها قوله عليه الصالة والسالم‪(( :‬أفضل الكسب بيع ر‬
‫ميور‪ ،‬وعمل الرجل بيده))؛ رواه‬
‫ُ‬
‫يغش ولم يخ ْن ولم‬
‫َّ‬ ‫الميور هو الذي ريي فيه صاحبه فلم‬
‫والطياب وغيهما‪ ،‬والبيع ر‬
‫ر‬ ‫أحمد‬
‫ُّ‬
‫يعص هللا فيه‪ ،‬وحكمه ِحل ما ييتب عليه من تبادل المنافع بي الناس‪ ،‬وتحقيق التعاون‬
‫ِ‬
‫بينهم‪.‬‬
‫فينتظم بذلك معاشهم‪ ،‬وينبعث كل واحد إىل ما يستطيع الحصول عليه من وسائل‬
‫العيش‪ ،‬فهذا يغرس األرض بما منحه هللا من قوة بدنية‪ ،‬وألهمه من علم بأحوال الزرع‪،‬‬
‫ويبيع ثمرها لمن ال يقدر عىل الزرع ولكنه يستطيع الحصول عىل الثمن من طريق أخرى‪،‬‬
‫وهذا يحض السلعة من الجهات الثانية ويبيعها لمن ينتفع بها‪ ،‬وهذا يجيد ما يحتاج إليه‬
‫أكي الوسائل الباعثة عىل‬
‫والشاء من ر‬‫الناس من صناعة ليبيع عليهم مصنوعاته؛ فالبيع ر‬
‫ِّ‬
‫وأجل أسباب الحضارة والعمران‪.‬‬ ‫العمل ف هذه الحياة الدنيا‪،‬‬
‫اإلجماع‪ :‬وقد أجمع األئمة عىل ر‬
‫مشوعية البيع‪ ،‬وأنه أحد أسباب التملك‪.‬‬
‫كما أن الحكمة تقتضيه؛ ألن الحاجة ماسة إىل رَسعيته؛ إذ الناس محتاجون إىل األعواض‬
‫والشاب الذي ف أيدي بعضهم‪ ،‬وال طريق لهم إليه إال بالبيع ر‬
‫والشاء‬ ‫والسلع‪ ،‬والطعام ر‬
‫‪22‬‬

‫ف القانون الوضع‪ :‬البيع تمليك مال‪ ،‬أو حق ماىل لقاء عوض‪ ،‬البيع عقد يليم به البائع أن‬
‫حقا ًّ‬‫ًّ‬
‫ماليا آخر ف مقابل ثمن نقدي‪.‬‬ ‫ينقل للمشيي ملكية رىسء‪ ،‬أو‬
‫أركان البيع‪:‬‬
‫أركان البيع ستة‪ ،‬وه الصيغة‪ ،‬والعاقد والمعقود عليه‪ ،‬وكل منهما قسمان؛ ألن العاقد إما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بائعا أو مشيًيا‪ ،‬والمعقود عليه إما أن يكون ثمنا أو مثمنا‪ ،‬والصيغة إما أن تكون‬
‫أن يكون ً‬
‫ً‬
‫قبوَل؛ فاألركان ستة‪ ،‬والمراد بالركن هنا ما يتوقف عليه وجود ر‬ ‫ً‬
‫الشء‪ ،‬وإن كان غي‬ ‫إيجابا أو‬
‫الشء الحقيف هو أصله الداخل فيه‪،‬‬ ‫داخل ف حقيقته‪ ،‬وهذا مجرد اصطالح؛ ألن ركن ر‬
‫وأصل البيع هو الصيغة‪ ،‬الن لوالها ما اتصف العاقدان بالبائع والمشيي‪ ،‬ولكل ركن من‬
‫وَسوط سنذكرها عىل اليتيب الذي يىل‪:‬‬ ‫األركان أحكام ر‬

‫الركن األول‪ :‬الصيغة‪:‬‬


‫الصيغة ف البيع‪ :‬ه كل ما يدل عىل رضاء الجانبي‪ ،‬البائع والمشيي‪ ،‬وه أمران‪:‬‬
‫األول‪ :‬القول وما يقوم مقامه من رسول أو كتاب‪ ،‬فإذا كتب لغائب يقول له‪ :‬بعتك داري‬
‫ً‬
‫بكذا‪ ،‬أو أرسل له رسوَل فقبل البيع ف المجلس‪ ،‬فإنه يصح وال يغتفر له الفصل إال بما‬
‫يغتفر ف القول حال حضور المبيع‪.‬‬
‫ً‬
‫الثاب‪ :‬المعاطاة‪ ،‬وه األخذ واإلعطاء بدون كالم؛ كأن يشيي شيئا ثمنه معلوم له‪ ،‬فأخذه‬
‫كالخي‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫يسيا؛‬ ‫من البائع‪ ،‬ويعطيه الثمن‪ ،‬وهو يملك بالقبض‪ ،‬وال فرق بي أن يكون المبيع‬
‫ً‬
‫متفرقا أو ً‬ ‫والبيض ونحوهما‪ ،‬مما جرت العادة ر‬
‫كثيا‪ ،‬كالثياب القيمة‪.‬‬ ‫بشائه‬

‫وأما القول‪ :‬فهو اللفظ الذي يدل عىل التمليك والتملك‪ ،‬كـ‪ :‬بعت واشييت‪ ،‬ويسم ما يقع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إيجابا‪ ،‬وما يقع من المشيي قبوَل‪ ،‬وقد يتقدم القبول عىل اإليجاب‪ ،‬كما إذا قال‬ ‫من البائع‬
‫المشيي‪ِ :‬ب ْعن هذه السلعة بكذا‪.‬‬
‫ً‬
‫ويشيط لاليجاب والقبول رَسوط‪ ،‬منها‪ :‬أن يكون اإليجاب موافقا للقبول ف القدر‬
‫والوصف والنقد‪ ،‬والحلول واألجل‪ ،‬فإذا قال البائع‪ِ :‬بعت هذه الدار بألف‪ ،‬فقال المشيي‪:‬‬
‫قبلتها بخمسمائة ‪ -‬لم ينعقد البيع‪ ،‬وكذا إذا قال‪ :‬بعتها بألف جنيه ً‬
‫ذهبا‪ ،‬فقال اْلخر‪:‬‬
‫ً‬
‫قبلتها بألف جنيه َو ِرقا‪ ،‬فإن البيع ال ينعقد إال إذا كانت األلف الثانية مثل األوىل ف المعن‬
‫من جميع الوجوه‪ ،‬فإن البيع ينعقد ف هذه الحالة‬
‫ومنها‪ :‬أن يكون اإليجاب والقبول ف مجلس واحد‪ ،‬فإذا قال أحدهما‪ :‬بعتك هذا بألف‪ ،‬ثم‬
‫تفرقا قبل أن يقبل اْلخر‪ ،‬فإن البيع ال ينعقد‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫ومنها‪ :‬أن ال يفصل بي اإليجاب والقبول فاصل يدل عىل اإلعراض‪ ،‬أما الفاصل اليسي‪،‬‬
‫وهو الذي ال يدل عىل اإلعراض بحسب العرف‪ ،‬فإنه ال يض‬
‫ومنها‪ :‬سماع المتعاقدين كالم بعضهما البعض‪ ،‬فإذا كان البيع بحضة شهود‪ ،‬فإنه يكف‬
‫سماع الشهود‪ ،‬بحيث لو أنكر أحدهما السماع لم يصدق‪ ،‬فإذا قال‪ِ :‬بعت هذه السلعة‬
‫بكذا‪ ،‬وقال اْلخر‪ :‬قبلت‪ ،‬ثم تفرقا‪ ،‬فادع البائع أنه لم يسمع القبول أو ادع المشيي بأنه‬
‫ً‬
‫لم يسمع الثمن مثَل‪ ،‬فإن دعواهما ال تسمع إال بالشهود‪.‬‬
‫الركن الثاب‪ :‬العاقدان‪:‬‬
‫بائعا أو مشيًيا ‪-‬فإنه يشيط له رَسوط‪ ،‬منها‪ :‬أن يكون ً‬
‫مميا‪ ،‬فال‬ ‫وأما العاقدان ‪-‬سواء كان ً‬
‫ِّ‬
‫الممي والمعتوه اللذان يعرفان‬ ‫الصن‬
‫الصن الذي ال يمي‪ ،‬وكذلك المجنون‪ ،‬أما ر‬ ‫ينعقد بيع ر‬
‫البيع وما ييتب عليه من األثر‪ ،‬ويدركان مقاصد العقالء من الكالم‪ ،‬ويحسنان اإلجابة عنها‬
‫الشء الذي‬ ‫‪-‬فإن بيعهما ر‬
‫وَساءهما ينعقد‪ ،‬ولكنه ال ينفذ إال إذا كان بإذن من الوىل ف هذا ر‬
‫باعه واشياه بخصوصه‪ ،‬وال يكف اإلذن العام‪.‬‬

‫فإذا اشيى الصن الممي السلعة الن أذن له وليه ف رَسائها‪ ،‬انعقد البيع ً‬
‫الزما‪ ،‬وليس للوىل‬ ‫ر‬
‫الصن الممي من تلقاء نفسه فإن بيعه ينعقد‪ ،‬ولكن ال يلزم إال‬ ‫رده‪ ،‬أما إذا لم يأذن وتضف ر‬
‫الصن بعد البلوغ‪.‬‬
‫ر‬ ‫إذا أجازه الوىل‪ ،‬أو أجازه‬
‫ً‬
‫رشيدا‪ ،‬وهذا رَسط لنفاذ البيع‪ ،‬فال ينعقد بيع الصن‪ً ،‬‬
‫مميا كان أو غيه‪ ،‬وال‬ ‫ر‬ ‫ومنها‪ :‬أن يكون‬
‫بيع المجنون والمعتوه والسفيه‪ ،‬إال إذا أجاز الوىل بيع الممي منهم‪ ،‬أما بيع غي الممي فإنه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مبضا‪.‬‬ ‫يقع باطَل‪ ،‬وال فرق ف الممي بي أن يكون أعم أو‬
‫َّ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ً‬
‫مختارا‪ ،‬فال ينعقد بيع المكره وال رَساؤه؛ لقوله تعاىل‪ِ ﴿:‬إَل أن تكون‬ ‫ومنها‪ :‬أن يكون العاقد‬
‫ُ‬ ‫ِت َج َار ًة َع ْن َت َ‬
‫اض ِم ْنك ْم ﴾[النساء‪.]29 :‬‬
‫ٍ‬ ‫ر‬
‫اض))؛ رواه ابن حبان‪.‬‬‫وقوله عليه الصالة والسالم‪(( :‬إنما البيع عن تر ٍ‬
‫الركن الثالث‪ :‬المعقود عليه‪:‬‬
‫ً‬
‫مثمنا‪ ،‬رَسوط‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ً‬
‫يشيط ف المعقود عليه‪ ،‬ثمنا كان أو‬
‫ً‬
‫شيئا ً‬ ‫ً‬ ‫طاهرا‪ ،‬فال يصح أن يكون النجس ً‬ ‫ً‬
‫نجسا أو‬ ‫مبيعا وال ثمنا‪ ،‬فإذا باع‬ ‫أ ‪-‬أن يكون‬
‫متنجسا ال يمكن تطهيه‪ ،‬فإن بيعه ال ينعقد‪ ،‬وكذلك ال يصح أن يكون النجس أو‬ ‫ً‬
‫عينا طاهرة‪ ،‬وجعل ثمنها ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫خمرا أو‬ ‫المتنجس الذي ال يمكن تطهيه ثمنا‪ ،‬فإذا اشيى أحد‬
‫ً‬
‫خي ًيرا مثَل‪ ،‬فإن بيعه ال ينعقد‪.‬‬
‫‪24‬‬

‫ر‬
‫الحشات الن ال نفع فيها‪.‬‬ ‫عيا‪ ،‬فال ينعقد بيع‬ ‫ً‬
‫انتفاعا رَس ًّ‬ ‫ً‬
‫منتفعا به‬ ‫ب ‪-‬أن يكون‬
‫َّ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫السلم‪،‬‬ ‫ج ‪-‬أن يكون المبيع مملوكا للبائع حال البيع‪ ،‬فال ينعقد بيع ما ليس مملوكا إال ف‬
‫فإنه ينعقد بيع العي الن ستملك بعد‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مقدورا عىل تسليمه‪ ،‬فال ينعقد بيع المغصوب؛ ألنه وإن كان مملوكا‬ ‫د ‪-‬أن يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للمغصوب منه‪ ،‬فإنه ليس قادرا عىل تسليمه‪ ،‬إال إذا كان المشيي قادرا عىل نزعه من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأيضا ال يصح أن يبيعه الغاصب؛ ألنه ليس مملوكا‪.‬‬ ‫الغاصب‪ ،‬وإال صح‪،‬‬
‫علما يمنع من المنازعة‪ ،‬فبيع المجهول جهالة‬ ‫ً‬
‫معلوما ً‬ ‫ً‬
‫معلوما والثمن‬ ‫ه ‪-‬أن يكون المبيع‬
‫تفض إىل المنازعة غي صحيح‪ ،‬كما إذا قال للمشيي‪ِ :‬‬
‫اشي شاة من قطيع الغنم الن‬
‫اشي من هذه السلعة بالثمن الذي يحكم به‬ ‫ر‬
‫اشي من هذا الشء بقيمته‪ ،‬أو ِ‬ ‫أملكها‪ ،‬أو ِ‬
‫فالن‪ ،‬فإن البيع ف كل هذا ال يصح‪.‬‬
‫ً‬
‫مؤقتا‪ ،‬كأن يقول له‪ :‬بعتك هذا البعي بكذا لمدة سنة‪.‬‬ ‫و ‪-‬أال يكون‬
‫وَسوط عقد البيع‬ ‫ومن الجدير بالمالحظة أنه ف النظام االقتصادي اإلسالم تخضع أركان ر‬
‫ف تنظيمها لقواعد الفقه اإلسالم المتعلق بالمعامالت‪.‬‬
‫وعند تطبيق هذه العقود لدى البنوك اإلسالمية ف عمليات التمويل‪ ،‬فإن هذه العقود‬
‫تخضع كذلك ف تنظيمها للقواعد العامة للقانون الوضع ف الدولة الن يتم فيها التعاقد‬
‫أنواع البيوع‪:‬‬
‫ً‬
‫أوَل‪ :‬تقسيم البيع باعتبار المبيع‪:‬‬
‫ينقسم البيع باعتبار موضوع المبادلة فيه إىل أربعة أقسام‪:‬‬
‫‪- 1‬البيع المطلق‪ :‬هو مبادلة العي بالنقد‪ ،‬وهو أشهر األنواع‪ ،‬ويتيح لإلنسان المبادلة‬
‫بنقوده عىل كل ما يحتاج إليه من األعيان‪ ،‬وينضف إليه البيع عند اإلطالق‪ ،‬فال يحتاج‬
‫كغيه إىل تقييد‪.‬‬
‫َّ َ‬ ‫َّ َ‬
‫السلف‪ ،‬هو مبادلة الدين بالعي‪ ،‬أو بيع رىسء مؤجل بثمن معجل‪.‬‬ ‫السلم‪ :‬ويسم‬ ‫‪- 2‬بيع‬
‫‪- 3‬بيع الضف‪ :‬وهو بيع جنس األثمان بعضه ببعض‪ ،‬وعرف بأنه بيع النقد بالنقد ً‬
‫جنسا‬
‫بجنس‪ ،‬أو بغي جنس؛ أي‪ :‬بيع الذهب بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة‪ ،‬وكذلك بيع أحدهما‬
‫باْلخر‪.‬‬
‫ً‬
‫وإنما يسم ضفا‪ :‬لوجوب دفع ما ف يد كل واحد من المتعاقدين إىل صاحبه ف المجلس‪.‬‬
‫ر‬
‫وَسوطه أربعة‪:‬‬
‫‪25‬‬

‫أ ‪-‬التقابض قبل االفياق باألبدان بي المتعاقدين؛ ً‬


‫منعا من الوقوع ف ربا النسيئة؛ لقوله‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صىل هللا عليه وسلم‪(( :‬الذهب بالذهب ِمثَل بمثل‪ ،‬يدا بيد‪ ،‬والفضة بالفضة ِمثَل بمثل‪،‬‬
‫ً‬
‫يدا بيد))‪.‬‬
‫ب ‪-‬التماثل عند اتحاد الجنس‪ :‬إذا ِبيع الجنس بالجنس‪ ،‬كفضة بفضة أو ذهب بذهب‪،‬‬
‫فال بد فيه من التماثل؛ أي‪ :‬التساوي ف الوزن والمقدار دون النظر إىل الجودة والصياغة‬
‫ًّ‬
‫الشط؛ ألن القبض ف هذا العقد رَسط‪ ،‬وخيار‬ ‫باتا‪ ،‬وأال يكون فيه خيار ر‬ ‫ج ‪-‬أن يكون العقد‬
‫الشط يمنع ثبوت الملك أو تمامه‪ ،‬كما عرفنا‪.‬‬‫ر‬

‫د ‪-‬التنجي ف العقد‪ ،‬وأال يكون فيه أجل؛ ألن قبض البدلي مستحق قبل االفياق‪ ،‬واألجل‬
‫يؤخر القبض‪.‬‬
‫الشوط‪ ،‬فسد الضف‪.‬‬ ‫فإذا اختل رَسط من هذه ر‬

‫‪- 4‬بيع المقايضة‪ :‬وهو مبادلة مال بمال سوى النقدين‪ ،‬ويشيط لصحته التساوي ف‬
‫وقدرا‪ ،‬فيجوز بيع لحم بشاة حية؛ ألنه بيع موزون بما ليس‬ ‫ً‬ ‫التقابض إن اتفقا ً‬
‫جنسا‬
‫ً‬
‫وخي بدقيق متفاضَل؛ ألنه بيع مكيل بموزون‪.‬‬ ‫بموزون‪ ،‬ر‬
‫ً‬
‫وال يجوز بيع التي الرطب بالتي اليابس إال تماثَل‪ ،‬وال يجوز بيع الحنطة بالدقيق أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اليغل مطلقا ولو متساويي؛ النكباس األخيين ف المكيال أكي من األول‪ ،‬أما إذا بيع موزونا‬ ‫ر‬
‫فالتماثل واجب‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬تقسيم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن‪:‬‬
‫ينقسم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن إىل ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪- 1‬بيع المساومة‪ :‬هو البيع الذي ال يظهر فيه رأس ماله؛ أي‪ :‬البيع بدون ذكر ثمنه األول‪.‬‬
‫‪- 2‬بيع المزايدة‪ :‬هو أن يعرض البائع سلعته ف السوق‪ ،‬وييايد المشيون فيها‪ ،‬فتباع لمن‬
‫يدفع الثمن أكي‪.‬‬
‫الشاء بالمناقصة‪ ،‬وه أن يعرض المشيي رَساء سلعة موصوفة بأوصاف‬ ‫ويقارب المزايدة ر‬
‫معينة‪ ،‬فيتنافس الباعة ف عرض البيع بثمن أقل‪ ،‬ويرسو البيع عىل من رض بأقل سعر‪،‬‬
‫ً‬
‫قديما عن مثل هذا البيع‪ ،‬ولكنه يشي عليه ما يشي عىل المزايدة مع‬ ‫ولم يتحدث الفقهاء‬
‫مراعاة التقابل‪.‬‬
‫‪- 3‬بيوع األمانة‪ :‬ه الن يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال‪ ،‬أو أزيد أو أنقص‪ ،‬وسميت بيوع‬
‫األمانة؛ ألنه يؤمن فيها البائع ف إخباره برأس المال‪ ،‬وه ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪26‬‬

‫أ ‪-‬بيع المرابحة‪ :‬وهو بيع السلعة بمثل الثمن األول الذي اشياها البائع‪ ،‬مع زيادة ربــح‬
‫معلوم متفق عليه‪.‬‬
‫ب ‪-‬بيع التولية‪ :‬وهو بيع السلعة بمثل ثمنها األول الذي اشياها البائع به‪ ،‬من غي نقص‬
‫وال زيادة‬
‫ج ‪-‬بيع الوضيعة‪ :‬وهو بيع السلعة بمثل ثمنها األول الذي اشياها البائع به‪ ،‬مع وضع‬
‫(حط) مبلغ معلوم من الثمن؛ أي‪ :‬بخسارة محددة‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وف حالة كون البيع يتم لجزء من المبيع‪ ،‬فإنه يسم بيع (االشياك)‪ ،‬وهو ال يخرج‬
‫عن األنواع المتقدمة المذكورة من البيوع‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ :‬تقسيم البيع باعتبار طريقة تسليم الثمن‪:‬‬
‫‪- 1‬بيع منجز الثمن‪ :‬وهو ما يشيط فيه تعجيل الثمن‪ ،‬ويسم بيع النقد‪ ،‬أو البيع بالثمن‬
‫الحال‪.‬‬
‫‪- 2‬بيع مؤجل الثمن‪ :‬وهو ما يشيك فيه تأجيل الثمن‪.‬‬
‫‪ - 3‬بيع مؤجل المثمن‪ :‬وهو مثل بيع َّ‬
‫السلم وبيع االستصناع‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫العوضي‪ :‬أي بيع الدين بالدين‪ ،‬وهو ممنوع ف الجملة‪.‬‬
‫‪ - 4‬بيع مؤجل ِ‬

‫ر ً‬
‫ابعا‪ :‬تقسيم البيع باعتبار الحكم ر‬
‫الشع‪:‬‬
‫ينقسم البيع باعتبار الحكم ر‬
‫الشع إىل أنواع كثية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪- 1‬البيع المنعقد‪ ،‬ويقابله البيع الباطل‪.‬‬
‫‪- 2‬البيع الصحيح‪ ،‬ويقابله البيع الفاسد‪.‬‬
‫‪- 3‬البيع النافذ‪ ،‬ويقابله البيع الموقوف‪.‬‬
‫‪- 4‬البيع الالزم‪ ،‬ويقابله البيع غي الالزم‪( ،‬ويسم الجائز أو المخي)‪.‬‬
‫ًّ‬
‫باتا إذا عري عن الخيارات‪ ،‬كـ‪ :‬بعتك هذا الثوب ر‬
‫بعشة‬ ‫أ ‪-‬فالبيع الالزم‪ :‬هو البيع الذي يقع‬
‫وقبل المشيي‪.‬‬‫قروش‪ِ ،‬‬
‫ب ‪-‬والبيع غي الالزم‪ :‬وهو ما كان فيه إحدى الخيارات‪ ،‬كـ‪ :‬بعتك هذا الثوب ر‬
‫بعشة قروش‪،‬‬
‫فقال المشيي‪ :‬قبلت عىل أب بالخيار ثالثة أيام‬
‫ج ‪-‬والبيع الموقوف‪ :‬ما تعلق به حق الغي؛ كبيع إنسان مال غيه بغي إذنه‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫مش ً‬
‫وعا بأصله ووصفه‪ ،‬ولم يتعلق به حق‬ ‫د ‪-‬أما البيع الصحيح النافذ الالزم‪ :‬فهو ما كان ر‬
‫الغي‪ ،‬وال خيار فيه‪ ،‬وحكمه أنه يثبت أثره ف الحال‪.‬‬
‫مش ً‬
‫وعا بأصله‪ ،‬وال بوصفه‪،‬‬ ‫ه ‪-‬أما البيع الباطل‪ :‬فهو ما اختل ركنه أو محله‪ ،‬أو ال يكون ر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يعتي منعقدا فعَل‪.‬‬
‫وحكمه أنه ال ر‬
‫وعا بأصله دون وصفه‪ ،‬كمن عرض له أمر أو وصف غي‬ ‫مش ً‬ ‫و ‪-‬والبيع الفاسد‪ :‬هو ما كان ر‬
‫مشوع‪ ،‬مثل بيع المجهول جهالة تؤدي للياع؛ كبيع دار من الدور‪ ،‬أو سيارة من السيارات‬‫ر‬
‫المملوكة لشخص دون تعيي‪ ،‬وكإبرام صفقتي ف صفقة‪ ،‬وحكمه أنه يثبت فيه الملك‬
‫بالقبض بإذن المالك‪ ،‬ضاحة أو داللة‪.‬‬
‫الضابط الذي يمي الفاسد عن الباطل‪:‬‬
‫‪ - 1‬إذا كان الفساد يرجع للمبيع‪ ،‬فالبيع باطل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪- 2‬أما إذا كان الفساد يرجع للثمن‪ ،‬فإن البيع يكون فاسدا؛ أي‪ :‬إنه ينعقد بقيمة المبيع‪.‬‬
‫أنواع البيع الباطل‪:‬‬
‫وه ستة أنواع كاْلب‪:‬‬
‫‪- 1‬بيع المعدوم‪.‬‬
‫‪- 2‬بيع معجوز التسليم‪.‬‬
‫‪- 3‬بيع الغرر‪.‬‬
‫‪- 4‬بيع النجس والمتجنس‪.‬‬
‫‪ - 5‬بيع العربون‪.‬‬
‫‪- 6‬بيع الماء‬
‫تاسعا‪ :‬التمويالت البنكية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تمويل المرابحة‪.‬‬
‫بيع المرابحة‬
‫المرابحة ه نشاط ورد ف فقه المعامالت اإلسالمية وقام الباحثون بتطويره لمقابلة‬
‫وسوف يتناول هذا الجزء اْلب‪ :‬احتياجات توظيف األموال ف البنك اإلسالم‬
‫أوال‪ :‬تعريف المرابحة‪:‬‬
‫‪28‬‬

‫المرابحة ف اللغة‪ :‬مصدر من الربــح وه الزيادة‪.‬‬


‫و يعرفها الفقهاء واالقتصاديون‪:‬‬
‫عقد بيع سلعة معينة موجودة أو تحت التشغيل وبمواصفات محددة ويتفق المشيي مع‬
‫ً‬
‫البائع عىل أن يدفع المشيي قيمة تكلفتها الفعلية والمحددة بمعرفة البائع مضافا إليه‬
‫الشاء عىل أقساط‪ ،‬والبنوك‬ ‫نسبة مئوية من الربــح متفق عليها‪ ،‬ويجوز تسديد قيمة ر‬
‫اإلسالمية عادة تزاول هذه العملية للعمالء ف السلع التامة سواء من سوق محلية (مرابحة‬
‫ر‬
‫الخارج (مرابحة خارجية) وأجاز الفقهاء أن تكون الزيادة متمثلة ف‬ ‫محلية) أو السوق‬
‫نسبة مئوية من الربــح مع عدم ثبات هذه النسبة لكل السلع وهذا ما تقوم به البنوك‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حكم المرابحة‪:‬‬
‫يعتي هذا النوع من البيع جائز ف المذاهب األربعة‪.‬‬
‫ر‬
‫رم َ‬
‫الربا "‬ ‫ومما يدل عىل صحة المرابحة قوله تعاىل‪َ ":‬و َأ َحل ُ‬
‫هللا ْال َب ْي َع َو َح َ‬

‫[سورة البقرة‪ :‬آية ‪]275‬‬


‫فه تدخل ضمن العقود المباحة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬صور عقد المرابحة‪:‬‬
‫أن بيع المرابحة يتمي بصورتي‪:‬‬
‫الصورة األوىل‪:‬‬
‫ً‬
‫بالشاء مقابل أجر‪ ،‬فمثال يطلب العميل من المضف اإلسالم رَساء سلعة‬
‫وه الوكالة ر‬
‫ً‬
‫معينة ذات أوصاف محددة‪ ،‬بحيث يدفع ثمنها إىل المضف مضافا إلية أجر معي‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪:‬‬
‫يطلب العميل من المضف اإلسالم رَساء سلعة معينة محددة األوصاف‪ ،‬بعد االتفاق مع‬
‫المضف عىل تكلفة رَسائها ثم إضافة ربــح معلوم عليها‪.‬‬
‫بشاء السلعة حسب ر‬
‫الشوط المتفق‬ ‫ويتضمن هذا النوع من التعامل وعدا من العميل ر‬
‫ً‬
‫ووعدا آخر من المضف بإتمام هذا البيع ر‬
‫بالشوط المتفق عليها‪.‬‬ ‫عليها‪،‬‬
‫رابعا‪ :‬رَسوط عقد المرابحة‪:‬‬
‫‪29‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ /1‬أن يكون الثمن معلوما للطرفي (الثمن الذي اشيى به البائع السلعة معلوما للمشيي)‪،‬‬
‫وكذلك ما يحمل عليه من تكاليف أخرى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ /2‬أن يكون الربــح معلوما‪ ،‬ويكون مقدارا أو نسبة من ثمن السلعة‪.‬‬
‫‪/3‬أن يكون رأس المال من ذوات األمثال‪ ،‬بمعن أن يكون له مثيل كالمكيالت والموزونات‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ /4‬أال يكون الثمن ف العقد األول مقابال بجنسه من أموال الربا‪ ،‬فإن كان كذلك بأن اشيى‬
‫ً‬
‫المكيل‪ ،‬أو الموزون بجنسه مثال بمثل لم يجز أن يبيعه مرابحة ألن المرابحة بيع الثمن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫األول والزيادة ف أموال الربا تكون ربا ال ربحا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪.5‬أن يكون العقد األول صحيحا؛ ألن بيع المرابحة مرتبط بالعقد األول‪ ،‬فإن كان فاسدا لم‬
‫يجز البيع‪.‬‬
‫‪ .6‬أن تكون السلعة موجودة عند البائع حي إبرام عقد البيع‪ ،‬أي أن يكون حائزا للبضاعة‬
‫ومالكا لها وقادرا عىل تسليمها إىل المشيي؛ ألن عقد بيع المرابحة يقوم عىل البيع‬
‫الحاض‪.‬‬
‫المحاسبة عن بيع المرابحة‪:‬‬
‫يقوم البنك بفتح حـساب خاص لكل عملية مرابحة عىل حده ترحل إليه كافة األحداث‬
‫المالية الخاصة بالعملية‪.‬‬
‫ويجب إدراج عناض التكلفة اْلتية‪- :‬‬
‫أ‪ /‬ثمن ر‬
‫الشاء األصىل للسلعة‪.‬‬
‫ر‬
‫المباَسة الخاصة بالسلعة (صناعية – تسويقية‪ -‬إدارية)‪.‬‬ ‫ب‪ /‬المضوفات‬
‫ر‬
‫المباَسة الخاصة بالسلعة‪.‬‬ ‫ج‪ /‬المضوفات غي‬
‫وتتمثل إيرادات المرابحة‪- :‬‬
‫بقيمة العربون والمبيعات الناتجة من هذه العملية وبمقارنتها بتكلفة المشييات يكون‬
‫الفرق هو العائد المتحقق من النشاط وهو ما يسم (ربــح المرابحة)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تمويل السلم‬
‫تمويل السلم‪ :‬هو صيغة التمويل عن طريق بيع السلم‬

‫أوال‪ :‬تعريف بيع السلم‪:‬‬


‫‪30‬‬

‫السلم والسلف بمعن واحد وهو بيع رىسء موصوف ف الذمة بثمن معجل‪.‬‬
‫والسلم لغة‪ :‬قال اإلمام النووي رحمه هللا السلم هو نوع من البيوع ويقال فيه السلف‬
‫وقال األزهري ف رَسح ألفاظ المختض السلم بمعن واحد‪ ،‬ويقال سلم وأسلم وسلف‬
‫وأسلف بمعن واحد هذا قول جميع أهل اللغة‪.‬‬
‫الشع‪ :‬فهو كما عرفه اإلمام النووي أنه عقد عل موصوف ف الذمة ببذل يعط‬ ‫أما ف ر‬
‫ً‬
‫عاجال‪ ،‬أي أن البضاعة المشياة دين ف الذمة ليست موجودة أمام المشيي ومع ذلك فإنه‬
‫ً‬
‫يدفع الثمن عاجال للبائع‪ ،‬والفقهاء تسمية بيع المحاوي ــج ألنه بيع غائب تدعو إليه ضورة‬
‫كل واحد من المتابعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ر‬
‫مشوعية السلم‬
‫ر‬
‫ومشوعيته جاءت بالكتاب والسنة واإلجماع‪ ،‬يقول تعاىل‪ " :‬يأيها الذين آمنوا إذا تدانيتم‬
‫بدين إىل أجل مسم فاكتبوه " البقرة (آية ‪.... )282‬‬
‫ومن السنة ما ثبت عن ابن عباس رض هللا عنهما قال قدم رسول هللا صىل هللا عليه‬
‫وسلم المدينة والناس يسلفون ف التمر العام والعامي فقال‪ »:‬من سلف فليسلف ف كيل‬
‫معلوم ووزن معلوم" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫أما اإلجماع فقد نقل بن قدامه عن ابن المنذر قوله‪ ،‬أجمع كل من نحفظ من أ÷ل العلم‬
‫عىل أن السلم جائز ألن المثمن ف البيع أحد عوض العقد فيما زان يثبت ف الذمة كالثمن‬
‫وألن الناس ف حاجة إليه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أركان السلم‬
‫أركان السلم ه‪:‬‬
‫ا‪ /1‬العاقدان‪ :‬البائع والمشيي‬
‫‪ /2‬الصيغة ‪ " :‬اإليجاب والقبول‪.‬‬
‫‪ /3‬المعقود عليه‪ :‬السلعة‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬ضوابط االستثمار عن طريق بيع السلم ‪:‬‬
‫وضع بعض الفقهاء مجموعة من القواعد الن تضبط االستثمار عن طريق بيع السلم منها‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -1‬أن يكون منضبطا‪ :‬بمعن أن كل ما يمكن انضباطه فإنه جائز فيه السلم ألنه ما تدعوا‬
‫إليه حاج‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫‪ -2‬أن يصفه بما يختلف فيه الثمن‪ ،‬فيذكر جنسه ونوعه‪ ،‬وقدره وبلده‪ ،‬وحداثته وقدمه‪،‬‬
‫وجودته ورداءته‪ ،‬وماال يختلف به الثمن ال يحتاج إىل ذكره‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬أن يكون األجل معلوم كالشهر ونحوه فإن أسلم حاال أو عىل أجل قريب كاليوم ونحوه‬
‫لم يصح‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن يكون المسلم فيه ف الذمة فإن أسلم ف عي لم يصح‪.‬‬
‫‪ - 5‬أن يكون المسلم فيه عام الوجود ف محله فال يجوز فيما يندر كالسلم ف العنب‬
‫والرطب ف غي وقته‪.‬‬
‫‪ - 6‬أن يقض رأس المال ف المجلس وذلك لئال يدخل تحته بيع الكاىلء المنه عنه وأجاز‬
‫االمام مالك اليوم واليومي الستالم رأس المال‪.‬‬
‫‪ -‬وهذه ر‬
‫الشوط متفق عليها األئمة األربعة‪.‬‬
‫دب عام ‪ 79‬هذا النوع من البيوع إذا كان المضف‬ ‫وقد أقر مؤتمر المضف اإلسالم ف ر‬
‫بالشوط الن ذكرها الفقهاء ومراعاة ذلك ف كافة عقود السلم‪ .‬وال يشيط أن تكون‬ ‫يتقيد ر‬
‫البضاعة المشياة من إنتاج البائع كما هو الحال ف المصارف اإلسالمية فإنها تستورد‬
‫البضائع من بلدان أخرى وال تقوم بإنتاجها والفرق بي السلم وبيع المرابحة أن بيع السلم‬
‫ً‬
‫حاال أما بيع المرابحة فهناك وعد ر‬
‫بالشاء‪ ،‬وف كلتا الحالتي يكون المشيي من‬ ‫يتم الثمن‬
‫المنتج األساىس هو المضف اإلسالم ال المتعامل‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تطبيق بيع السلم بالمصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫ً‬
‫يمكن أن يكون عقد السلم طريقا للتمويل يغن عن القرض بفائدة‪ ،‬فمن عنده سلعة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫حاال‪.‬‬ ‫مشوعة ينتجها يمكنه أن يبيع كمية منها‪ ،‬تسلم ف المستقبل‪ ،‬ويحصل عىل ثمنها‬
‫ولذلك يكون عقد السلم أحد الوسائل الن يستخدمها المضف اإلسالم ف الحصول عىل‬
‫ً‬
‫السلع موضوع تجارته‪ ،‬كما يستخدمه أيضا ف بيع ما تنتجه رَسكاته ومؤسساته‪.‬‬
‫ولقد تبي من الواقع العمىل أن العديد من المصارف اإلسالمية تطبق هذه الصيغة ف‬
‫الشكات الصناعية‪ .‬ويمكن استخدام بيع السلم ف اإلنشاءات العقارية‬ ‫تمويل العديد من ر‬
‫ً‬
‫عن طريق بيع الوحدات قبل إنشائها وتسليمها بعد االنتهاء منها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تمويل االستصناع‬
‫أوال‪ :‬تعريف االستصناع لغة واصطالحا‬
‫وعمله ألنه غي موجود‪ ،‬وفعله الماض‪َ :‬ص َنع‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الشء‬‫طلب ُص ْنع ر‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫االستصناع ف اللغة‪:‬‬
‫‪32‬‬

‫ُ‬ ‫َ‬
‫وهو ف االصطالح الفقه‪ :‬عقد عىل مبيع ف الذمة ُيطلب عمله‪.‬‬
‫ً‬
‫كشكة تجارية َّتتفق مع مصنع عىل أن يصنع لها عددا من السيارات‪ ،‬بأوصاف محددة‪...‬‬ ‫ر‬
‫فإن االستصناع ف اصطالح الفقهاء‪ :‬أن يطلب إنسان من آخر شيئا لم يصنع بعد ليصنع‬
‫له طبق مواصفات محددة ‪ ،‬بمواد من عند الصانع ‪ ،‬مقابل عوض ماىل‬
‫َّ َ‬
‫وبالسلم ‪ ،‬والبيع بالمعن الخاص ‪ ،‬أما شبهه باإلجارة فألن العمل فيه‬ ‫وهو شبيه باإلجارة ‪،‬‬
‫جزء من المعقود عليه ‪ ،‬وأما شبهه بالبيع من حيث أن الصانع يقدم المواد من عنده‬
‫ً‬
‫مقابل عوض ‪ ،‬لكن تعريف الفقهاء المتقدم له يخرجه عن كونه واحدا من الثالثة ‪،‬‬
‫ويوضح أنه عقد مغاير لهذه العقود ‪ ،‬وهو من المعامالت الجائزة عند العلماء ف الجملة ‪،‬‬
‫وإن كانوا اختلفوا ف النوع الجائز منه ‪ ،‬فاألئمة الثالثة‪ :‬مالك والشافع وأحمد جعلوه سلما‬
‫‪ ،‬واشيطوا لصحته رَسوط السلم‪ .‬الن من أهمها تقديم رأس المال ف مجلس العقد‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما الحنفية فقد أجمعوا ‪-‬أو أكيهم‪ -‬عىل جوازه طبقا للتعريف المتقدم‪ ،‬وجعلوه عقدا‬
‫ً‬
‫مغايرا للسلم فال تجب فيه مراعاة رَسوطه‪ ،‬لكن منهم من قال‪ :‬إنه مواعدة غي ملزمة ألحد‬
‫ً‬
‫الطرفي‪ ،‬وليست بيعا إال عند الفراغ من العمل وتسليم المصنوع إىل المستصنع وقبض‬
‫الثمن‪ ،‬فإنه يلزم حينئذ‪ .‬وهذا قول مرجوح عندهم‪ ،‬والذي عليه أكيهم أنه عقد‪ ،‬وليس‬
‫مجرد وعد‪.‬‬
‫والذي نرى ‪ -‬وهللا أعلم‪-‬أن الصحيح ف تكييف عقد االستصناع أنه عقد مستقل‪ ،‬ليس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بيعا‪ ،‬وال إجارة‪ ،‬وال سلما ‪-‬كما قدمنا‪ -‬وهذا هو رأي مجمع الفقه اإلسالم‪ ،‬وذلك لمغايرته‬
‫لكل الثالثة‪.‬‬
‫وقد استدل من أجازه بقوله تعاىل‪( :‬قالوا ياذا القرني إن يأجوج ومأجوج مفسدون ف‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫رب خي‬ ‫ر‬ ‫األرض فهل نجعل لك خرجا عىل أن تجعل بيننا وبينهم سدا * قال ما مكن فيه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فأعينوب بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) [الكهف‪ ]94،95:‬قال ابن عباس‪ :‬خرجا‪ :‬أجرا‬
‫ً‬
‫عظيما‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا مع ما فيه من الرفق والتيسي عىل الصانع والمستصنع معا ‪ ،‬وال شك أن جلب ما ييش‬
‫الشع الن بن عليها ‪ ،‬فتنبع مراعاته حيث لم يرد نص‬ ‫عىل الناس مقصد من مقاصد ر‬
‫ً‬
‫يقض بعدم ذلك ‪ ،‬وإنما كان فيه تيسي عليهما ألن الصانع يكون قد باع مصنوعه مسبقا‬
‫وتحقق الربــح فيه ‪ ،‬فهو يعمل عىل هدى وبصية ‪ ،‬ولوال عقد االستصناع الحتاج إىل‬
‫ً‬ ‫البحث بعد صناعة ر‬
‫الشء عن فرصة لتسويقه ‪ ،‬فقد يبيعه فورا ‪ ،‬وقد يتأخر بيعه ‪ ،‬بل قد‬
‫يكش عنده فيتحمل نفقاته وصيانته وغي ذلك مما يمكن تجنبه وتفاديه بعقد االستصناع‬
‫ً‬
‫وهناك أيضا سلع يتعذر صنعها قبل وجود مشيي لها كبناء ميل بمواصفات معينة ‪ ،‬وف‬
‫مكان معي ونحو ذلك‪.‬‬
‫الشوط ويحدد المواصفات المرغوبة عنده ‪،‬‬ ‫وأما المستصنع فألنه يستطيع أن يضع ر‬
‫ً‬
‫والمالئمة لذوقه وغي ذلك مما ال يحصل غالبا إال ف هذا النوع من العقود‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫ثانيا‪ :‬الغاية من ر‬
‫تشي ع عقد االستصناع‬
‫ً‬
‫رَسع هللا تعاىل عقد االستصناع ـ مع أنه بيع معدوم ـ تيسيا عىل الناس ف تحصيل أرزاقهم‪،‬‬
‫ً‬
‫بعضا‪ ،‬واستثمار أموالهم وتنميتها‪ ،‬ويزيد َ‬
‫األمر‬ ‫وتحقيق مصالحهم‪ ،‬وتمويل بعضهم‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫يتخرج عليه ف عضنا من حاجات الناس ومصالحهم‪.‬‬ ‫وضوحا ما‬
‫وشوطه‬ ‫ثالثا‪ :‬أركان عقد االستصناع ر‬

‫تتشـابه أركـان عقـد االسـتصناع مـع أركـان العقـود عامـة‪ ،‬وهـي هنا ثالثة‪:‬‬
‫‪ /1‬الصيغـة (اإليجاب والقبول)‪.‬‬
‫المستصنع ـ أي‪ :‬المشيي صاحب الحاجة ـ والصانع ـ أي‪ :‬البائع ـ )‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‪ /2‬والعاقدان (‬
‫ُّ‬
‫والمحل (السلعة‪ ،‬والثمن)‪.‬‬ ‫‪/3‬‬
‫رابعا‪ :‬رَسوط صحته‬
‫ً‬ ‫‪ ./1‬تحديد مواصفات ر‬
‫الشء المطلوب تحديدا يمنع التنازع والخصام عند التسليم‬
‫‪ /2‬عدم ذكر األجل عند العقد‪ ،‬فإن ذكر أجل انقلب إىل عقد سلم تراع فيه رَسوط السلم‬
‫وأحكامه‪ ،‬وهذا عند اإلمام رأب حنيفة‪.‬‬
‫ويتماىس مع المعامالت المعاضة هو أنه يجوز ذكر‬ ‫ر‬ ‫لكن الذي قرره مجمع الفقه اإلسالم‬
‫ً‬
‫األجل‪ ،‬بل يجب حسما للياع‪ ،‬عىل أن األجل الذي يجوز ضبه هو ما يحتاج إليه إلتمام‬
‫العمل وليس أكي من ذلك‪ ،‬وال يشيط ف صحة هذا العقد تعجيل الثمن بل يجوز تأخيه‬
‫كله أو بعضه‪ .‬ألنه ليس سلما‪ ،‬كما ال يشيط أن يكون ما يأب به العامل من صنعه هو إال إذا‬
‫اشيط المستصنع ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ /3‬وأخيا‪ ،‬إذا اكتملت رَسوط صحة عقد االستصناع وانتفت عنه الموانع فإن الصحيح أنه‬
‫يلزم كال من الطرفي‪ ،‬فال يحق ألحدهما فسخه إال برض الطرف اْلخر‪ ،‬هذا هو الذي‬
‫تقتضيه المصلحة‪ ،‬وتنتف معه المضة‪ ،‬وهو الذي أخذ به مجمع الفقه اإلسالم‪ ،‬وهو‬
‫قول عند بعض األحناف‪.‬‬
‫ً ً‬
‫‪ /4‬بيان المصنوع بيانا تاما من حيث الجنس‪ ،‬والنوع‪ ،‬والقدر‪ ،‬واألوصاف‪ ،‬الن ال تدع‬
‫ً‬
‫مجاال لالختالف بي العاقدين‪.‬‬
‫أي‪ :‬مما يصنعه اإلنسان كالطاوالت‪،‬‬‫‪ /5‬كون المصنوع مما يجري التعامل باستصناعه ـ ْ‬
‫َّ‬
‫والجواالت‪ ،‬والسيارات‪ ،‬ال مما يخلقه هللا تعاىل كالحبوب‪ ،‬والفواكه‪ ،‬والثمار‪،‬‬ ‫والكراىس‪،‬‬
‫َ ً‬
‫والبيض‪ ،‬وإال كان سلما‪.‬‬
‫َ ً‬ ‫َّ‬
‫‪ /6‬أال يكون العقد محدد األجل‪ ،‬وإال كان سـلما عند اإلمام رأب حنيفة رحمه هللا؛ ألنه صـار‬
‫بمعناه بمقتض الحديث النبوي ـ السـابق ذكره ف السلم ـ ف قوله‪ - :‬صىل هللا عليه وسلم‬
‫‪34‬‬

‫ُ ْ‬
‫النن – صىل هللا عليه وسلم – العقد‬ ‫– " فليسلم‪ ...‬إىل أجل معلوم "‪ .‬حيث جعل ر‬
‫ً‬
‫ويشيط فيه حينئذ ما ُيشيط ف السلم‪ ،‬كقبض الثمن ف المجلس‪ ...‬ولم‬ ‫سلما‪ُ ،‬‬ ‫المؤقت‬
‫الشط وقاال‪ :‬إن العادة جارية بضب‬ ‫يشيط أبو يوسف ومحمد رحمهما هللا تعاىل هذا ر‬
‫ً‬
‫األجل ف االستصناع بقصد تعجيل العمل‪ ،‬وإنه بضب األجل ال يصي سلما؛ ألنه استصناع‬
‫ً‬
‫حقيقة‪ ،‬كما أن السلم ال يصي استصناعا بحذف األجل‪ .‬وهذا هو األوىل باالعتبار‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬لزوم عقد االستصناع‬
‫ذكر بعض الحنفية‪ :‬أن عقد االستصناع غي الزم ف حق الصانع (البائع)‪ ،‬وله أن يفسخ‬
‫ً‬
‫العقد وال يمض فيه؛ ألن ف إلزامه بالمض فيه ضرا‪ ،‬وهو إتالف ماله ف عمل المطلوب‪.‬‬
‫وأتمه‪ ،‬كان له أن يفسخ العقد ويبيع ما صنعه لغي‬ ‫وقالوا‪ :‬إنه إذا رَسع ف العمل َّ‬
‫ُ‬
‫لكه ـ ْ‬
‫أي‪ :‬ملك الصانع ـ والعقد لم يقع عىل هذا بعينه‪ ،‬وكان للمستصنع‬ ‫المستصنع؛ ألنه ِم‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫(المشيي) أن يفسخ العقد أيضا قبل أن يراه؛ ألن من له خيار الرؤيـة يثبت له الفسـخ‬
‫ً‬
‫جيا عن الصانع (البائع)‪ ،‬ألنه َّ‬
‫تعي له‪ ،‬وله مع ذلك تركه‬ ‫قبلها‪ ،‬فإذا رآه ورضيه‪ ،‬فيأخذه ر‬
‫ً‬
‫بخيار الرؤية أيضا‪ ،‬إن جاء عىل غي المتفق عليه‪.‬‬
‫دفع الضر‬
‫وروي عن ُ رأب حنيفة رحمه هللا تعاىل‪ ،‬أن لكل واحد منهما الخيار؛ لما فيه من ِ‬
‫عنه‪ ،‬ودفع الضر واجب‪ .‬وروي عن رأب يوسـف رحمه هللا تعاىل‪ ،‬أنه ال خيار لواحد من‬
‫ـتصنع فلما ييتب‬
‫الطرفي‪ ،‬أما الصانع فألنه بائع ويجب عليه المض ف العقد‪ ،‬وأما المس ِ‬
‫من ضر عىل الصانع‪..‬‬
‫ً‬ ‫وأرى أن ما ذهب إليه أبو يوسف رحمه هللا هو ْ‬
‫األوىل؛ مادام مطابقا للمواصفات المتفق‬
‫عليها‪ ،‬ألنه األقرب إىل قواعد العدل واإلنصاف‪ ،‬واألعون عىل استقرار التعامل ف األسواق‬
‫والم َص ِّدرين‪ُ ،‬‬
‫والم َو ِّردين‪ ،‬سواء كان هذا عىل الصعيد‬ ‫والشكات‪ُ ،‬‬
‫بي التجار‪ ،‬والمصانع‪ ،‬ر‬
‫المحىل‪ ،‬أو الصعيد اإلقليم‪ ،‬أو الصعيد العالم‪.‬‬
‫طبيعة (تكييف) العالقة بي المستثمرين والمضف فيما يخص صندوق االستصناع‪:‬‬
‫َّ ً‬ ‫ً‬ ‫طريقة البيع باالستصناع‪ ،‬بصفة ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُت َّ‬
‫مفوضا من خالل التمويل الذي‬ ‫المضف (مضاربا)‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫كي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقيامه من خالل‬ ‫ِ‬ ‫حصل عليه بهذا الخصوص ـ من المستثمرين ـ وإنشائه صندوقا اعتباريا‪،‬‬
‫لعمليات ومشاري ـ َـع‬
‫ٍ‬
‫َ‬
‫متدرج ف مواعيد محددة‬ ‫أو‬ ‫ٍّ‬
‫جزب‬ ‫أو‬ ‫كىل‬‫عقد االستصناع بتمويل ِّ ٍّ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫صناعية‪ ،‬وإنشائية‪ ،‬وإعمارية‪ ،‬يقوم بها أصحاب المصانع‪ ،‬والورشـات الصغية والكبية‪،‬‬
‫ُ ِّ‬
‫فيقدم لهم المضف بهذا التمويل‬ ‫ومقاولـو البناء وأصحاب ورشات " الديكور " ونحوهم‪،‬‬
‫خدمات جليلة‪ ،‬ويدفع عنهم كل مشقة لتحقيق احتياجاتهم والمض ف إنتاجهم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ِّ‬
‫ومن خالل هذا التمويل يحقق المضف المضارب بأموال المستثمرين أرباحا‪ ،‬حيث يبيع‬
‫َّ‬
‫المصنوعات والمشاري ــع المسلمة إليه ف حينها ـ ولو عىل دفعات ـ بأسعار أعىل من الن‬
‫‪35‬‬

‫الشاء المنخفض‪ ،‬وسعر البيع المرتفـع ف حينه‪ ،‬مع‬ ‫اشياها بها‪ ،‬ويكسب الفارق بي سعر ر‬
‫َّ‬
‫توفر ضمانات محددة السـتيفاء هذه المصنوعات والمشاري ــع ف مواعيدها‪ ،‬ثم توزي ــع‬
‫األرباح بي الصندوق المضارب والمودعي بحسب العقود المتفق عليها‪..‬‬
‫سادسا‪ :‬تطبيق المصارف اإلسالمية لعقد االستصناع‬
‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬
‫تأكد للمصارف اإلسالمية مدى المنافع الن تحققها عقود االستصناع لها وللمسـتثمرين‪،‬‬
‫وللتجـار‪ ،‬وأصحاب المصـانع‪ ،‬والمقاوليـن‪ ،‬وأصحاب الورشـات الصغية والكبية‪ ،‬الذين‬
‫يحتاجون إىل المبالغ االئتمانية متوسطة األجل أو طويلة األجل‪ ،‬كما أدركت مدى المنافع‬
‫الن تتحقق لخاصة الناس وعامتهم من خالل توفي متطلباتهم من هذه المصنوعات‪،‬‬
‫والمنتجات‪ ،‬والسلع‪ ،‬والمباب‪ ،‬والخدمات‪ ،‬فقامت باقتحام مجاالت عقود االستصناع‬
‫وتطبيقها‪ ،‬باعتبارها وسائل وأدوات ذات كفاءة عالية للوفاء بحاجاتها وحاجات المنتجي‬
‫والمستهلكي‪ ،‬وألن من الوظائف األساسية للمضف ه‪ :‬تقديم خدمة االئتمان‪،‬‬
‫واالستفادة من عوض األجل المتعلق بتقديم هذه الخدمة‪ ،‬وكان ذلك ضمن االعتبارات‬
‫والتطبيقات التالية‪:‬‬
‫‪1‬ـ البائع‪ :‬وهو هنا (الصانع) الذي يحصل عىل ما يريده من ثمن المصنوع أو بعض ثمنه‪،‬‬
‫بالتدرج‪ ،‬مقابل اليامه بالوفاء بتسليم المصنوع ف مواعيد الحقة متفق عليها‪ ،‬فهو‬ ‫ُّ‬ ‫ولو‬
‫تخص نفقاته الشخصية والعائلية‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫يستفيد من ذلك بتغطية احتياجاته المالية‪،‬سواء كانت‬
‫أو كانت لغرض اإلنفاق عىل مشاريعه ونشاطاته التجارية واإلنتاجية وأجور عماله‪...‬‬
‫يحصل عىل المصنوعات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫الممول) الذي‬ ‫ْ‬
‫المستص ِنع (المضف‬ ‫‪2‬ـ المشيي‪ :‬وهو هنا‬
‫والسلع‪ ،‬والمنتجات‪ ،‬والمشاري ــع‪ ،‬الن يريد المتاجرة بها‪ ،‬ف الوقت الذي يريده‪ ،‬فتنشغل‬
‫ويالحظ هنا أن المضف يستفيد من‬ ‫َ‬ ‫بها ذمة البائع الذي يجب عليه الوفاء بما اليم به‪،‬‬
‫ً‬
‫رخص السعر‪ ،‬إذ إن " بيع االستصناع " أرخص من بيع الحاض غالبا‪ ،‬فيأمن بذلك من‬
‫يتحول ف هذا الصدد إىل بائع‪ ،‬ويعقد‬ ‫َّ‬ ‫تقلب األسعار‪ .‬وبناء عىل هذا يستطيع المضف أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫استصناعا موازيا بسعر أعىل‪ ،‬يبيع فيه سلعا ومصنوعات ومشاري ــع من نفس النوع الذي‬
‫َّ‬ ‫اشياه باالستصناع األول‪ ،‬دون ربط ر‬
‫مباَس بي العقدين‪ ،‬كما يستطيع االنتظار حن يتسلم‬
‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬
‫المنتج‪ ،‬فيبيعه بثمن ٍّ‬
‫مؤجل‪ ،‬أعىل مما اشياه به‪ ،‬ويحقق بذلك أرباحا ممية‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫حال‬
‫ُّ‬
‫‪3‬ـ تسليم وتسلم السلع والمنتجات والمشاري ــع المصنوعة ف األجل المحدد‪ :‬توجد أمام‬
‫المضف اإلسالم حاالت عدة يمكن اختيار أحدها‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫أ ـ يتسلم المضف السلع‪ ،‬والمنتجات‪ ،‬والمشاري ــع المصنوعة‪ ،‬ف األجل المحدد‪ ،‬ويتوىل‬
‫تضيفها بمعرفته ببيع ٍّ‬
‫حال‪ ،‬أو آجل‪ ،‬بالثمن الذي يريده‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬
‫(الصانع) ببيع السلعة نيابة عنه نظي أجر إن شاء‪.‬‬ ‫البائع‬ ‫ب ـ يوكل المضف‬
‫‪36‬‬

‫يوعز المضف إىل البائع (الصانع) بتسليم المصنوعات إىل طرف ثالث‪ ،‬سواء كان هو‬
‫جـ ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المشيي ف عقد االستصناع الموازي‪ ،‬أو كان مشييا طارئا‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬مجاالت تطبيق المصارف اإلسالمية لعقد االستصناع‪:‬‬
‫يصلح عقد االستصناع للقيام بتمويل ورشات‪ ،‬وصناعات‪ ،‬ومشاري ــع‪ ،‬حيث يتعامل‬
‫ِّ‬ ‫ُْ‬
‫المن ِتجي‪ ،‬ويتوقع أن يوفروا له هذه السلع والمصنوعات والمشاري ــع‬ ‫المضف مع أصحابها‬
‫ِّ‬
‫ف المواسم والمواعيد الن يحددها‪ ،‬سواء من صناعتهم وجهودهم الذاتية‪ ،‬أو مما يمكن‬
‫ِّ‬
‫أن يحصلوا عليه من األسواق‪ ،‬ويسلموه إىل المضف‪ ،‬أو إىل الجهة الن يحددها‪ ،‬عىل‬
‫ً ً‬
‫دفعة واحدة أو عىل دفعات متالحقة‪ ،‬وهو يقدم لهم مقابل هذا االتفاق تمويال كليا أو‬
‫ِّ ً ُّ‬ ‫ً‬
‫متدرجا يسد احتياجاتهم‪ ،‬ويحقق طموحاتهم ف مشاريعهم‪...‬‬ ‫جزئيا‬
‫ُ‬
‫وت َ‬
‫مارس عىل نطاق واسع من‬ ‫ومن الصور الن تصلح فيها عمليات التمويل باالستصناع‪،‬‬
‫والشكات‪ ،‬والمؤسسات‪ ،‬والمصارف اإلسالمية وغيها‪ ،‬ما له صلة‬ ‫جهات من التجار‪ ،‬ر‬‫ٍ‬ ‫ِق َبل‬
‫بمجاالت التنمية التجارية‪ ،‬والصناعية‪ ،‬والزراعية‪ ،‬والغذائية‪ ،‬والسياحية والتعليمية‪،‬‬
‫ُ‬
‫ونحوها‪ ...‬وذلك كاستصناع األلبسة‪ ،‬واألغذية وتعليبها‪ ،‬واستصناع المفروشـات‪ ،‬ول َعب‬
‫األطفال‪ ،‬واألدوات الكهربائيـة والميلية‪ ،‬وطبـع الكتب والصحـف‪ ،‬وعمل " الديكورات "‪،‬‬
‫َّ‬
‫وتعبيد الطرقات‪ ،‬واستصناع المعدات الصناعية‪ ،‬والزراعية‪ ،‬والسيارات‪ ،‬والقطارات‬
‫ومحطاتها‪ ،‬والسفن وأحواضها‪ ،‬والطائرات ومطاراتها‪ ،‬وكإقامة المباب المتنوعة من‬
‫المجمعات السكنية‪ ،‬والفنادق‪ ،‬والمنتجعات السياحية‪ ،‬والمستشفيات‪ ،‬والمساجد‪،‬‬
‫واألسواق‪ ،‬والمدارس‪ ،‬والجامعات‪ ،‬وإنشاء المصانع‪...‬‬
‫نحو ذلك فيما تحتاجه الشعوب والدول‪ ،‬وبخاصة ف عضنا هذا الذي توسعت فيه‬ ‫وقل َ‬
‫ْ‬
‫شبكة الحياة المعاضة المتطورة‪ ،‬وصار ال يستغن عن كثي من األشياء‪ ،‬ونشطت فيه‬
‫الصناعات العالمية عىل مستوى التجارة الخارجية الدولية‪ ،‬مع ارتفاع مستمر ف األسعار‪،‬‬
‫مما يتطلب ازدياد اهتمام المصارف اإلسالمية بعقود االستصناع ف مثل هذه المنتجات‬
‫والمصنوعات والمشاري ــع‪ ،‬ثم إعادة تسويقها وبيعها والربــح فيها‪ ،‬سواء كان هذا ف المدى‬
‫القصي‪ ،‬أو المتوسط‪ ،‬أو الطويل‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وال يخف أن بعض المصارف اإلسالمية والمراكز المالية األخرى‪ ،‬قد أنشأت صناديق‬
‫تمويل استثمارية ف مجاالت االستصناع اْلنفة‪ ،‬استفاد منها كثي من المساهمي‬
‫والمستثمرين فوائد مالية َّ‬
‫جمة‪.‬‬
‫وترى بعض الجهات أن عقد االستصناع من الوسائل الحيوية‪ ،‬الن تتيح بأمان اقتحام‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫األسواق الن تتسم المنافسة فيها بالمرونة والسعة‪ ،‬مع وجود ضمانات كافية ضد‬
‫المخاطر المعتادة‪.‬‬
‫‪37‬‬

‫ثامنا‪ :‬حكم تعامل المصارف اإلسالمية بعقد االستصناع‬


‫وَسوطه‪ ،‬وأحكامه‪ ،‬يمكن إجمال القول بأنه‬ ‫من خالل ما تقدم عن االستصناع‪ ،‬وأطرافه‪ ،‬ر‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫من العقود المالية الجائزة رَسعا‪ ،‬ليس عند الحنفية وحدهم‪ ،‬بل عند الجمهور أيضا‪ ،‬الذين‬
‫َ‬ ‫يخصوه بالذكر ولم ُّ‬ ‫ُّ‬
‫يسموه بهذا االسم‪ ،‬بل أدخلوه ف السلم وضبوا له األمثلة والنماذج‬ ‫لم‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫العملية الن تعامل بها الناس منذ العهد النبوي‪ ،‬والن تلتف مآال ف مجملها مع ما ذكره‬
‫الحنفية‪ ،‬وإن كان هناك فرق يسي ف بعض األحكام‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا‪ ،‬ونظرا لما لعقد االستصناع من أهمية ال يمكن التغاض عنها ف عضنا هذا‪ ،‬الذي‬
‫نشط فيه االستثمار عىل نطاق واسع‪ ،‬فقد قامت المصارف اإلسالمية بممارسة هذا العقد‬
‫الممول من أموال المودعي والمستثمرين ف صناديق اعتبارية خاصة‪ ،‬مراعية ف ذلك ما‬ ‫َّ‬
‫وَسوطه وأحكامه السابق ذكرها‪.‬‬ ‫ذكره الفقهاء ف مجمل أركانه ر‬

‫وليس من مانع رَسع فيما تتخذه المصارف اإلسالمية من إجراءات احتياطية‪ ،‬كوجود‬
‫ً‬ ‫ُّ َّ‬
‫الصناع القائمي بالمشاري ــع ونحوها‪ ،‬وذلك ضمانا لحقوقها‬ ‫رَسوط جزائية تضعها عىل‬
‫ً‬ ‫ولحقوق المودعي والمستثمرين‪ ،‬الذين َّ‬
‫فوضوها بالمضاربة عنهم‪ ،‬وتأكيدا عىل الطرف‬
‫َ‬
‫اْلخر ( الصانـع ) بوجـوب وفائه بالعقـد ومقتضياته‪ ،‬ووجوب اليامه بتسليم المتعاقد عليه‬
‫َّ‬
‫ف وقته المحـدد‪،‬وهو ما يتوافق مع ما صـدر ف قرار مجمـع الفقه اإلسالم برقم ( ‪ )109‬ف‬
‫ر ُ‬ ‫َ‬
‫الشط الجزاب ف جميع العقود المالية ما عدا‬ ‫دورته (‪ ،)12‬ونصه‪ " :‬يجوز أن ُيشيط‬
‫ْ ً َّ‬
‫دينا‪،‬فإن هذا من الربا الضي ــح‪ ،‬وبناء عىل هذا يجوز‬ ‫العقود الن يكون االليام األصىل فيها‬
‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫هذا ر‬
‫للمورد‪،‬‬ ‫الشط ـ مثال ـ ف عقود المقاوالت بالنسبة للمقاول‪ ،‬وعقد التوريد بالنسبة‬
‫ِّ‬
‫وعقد االستصناع بالنسبة للصانع إذا لم ينفذ ما اليم به‪،‬أو تأخر ف تنفيذه‪ ...‬وال يجوز ف‬
‫للمستصنع إذا تأخر ف أداء ما عليه "‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عقد االستصناع بالنسبة‬
‫وبنحو هذا جاء قرار هيئة كبار العلماء ف المملكة العربية السعودية ف دورتها الخامسة‬
‫ً‬
‫المنعقدة ما بي ‪ 5‬ـ ‪1394/8/22‬ه [‪ .]19‬وبنحوهما أيضا جاء قرار دار اإلفتاء المضية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تمويل المضاربة‬
‫صيغة التمويل عن طريق المضاربة‬
‫تعتي المضاربة من أهم صيغ استثمار األموال ف الفقه اإلسالم‪ ،‬وه نوع من المشاركة‬
‫ر‬
‫بي رأس المال والعمل‪ ،‬وسوف يتم تناولها من حيث تعريفها ومدى ر‬
‫مشوعيتها وأركانها‬
‫وَسوطها وأنواعها ومجاالت تطبيقها ف المصارف اإلسالمية‪.‬‬‫ر‬

‫أوال‪ :‬تعريف المضاربة‪.‬‬


‫المضاربة لغة‪ :‬ه مفاعلة من الضب ف األرض وهو السي فيها‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫ً‬
‫والمضاربة رَسعا‪ :‬عقد رَسكة ف الربــح بمال من جانب وعمل من جانب آخر‪.‬‬
‫وركنها اإليجاب والقبول‪ ،‬وحكمها إيداع ابتداء‪ ،‬وتوكيل مع العمل ر‬
‫وَسكة إن ربــح‪ ،‬وغصب‬
‫إن خالف‪ ،‬وإجارة إن فسدت‪ ،‬فال ربــح حينئذ‪ ،‬بل له أجر عمله‪ ،‬بال زيادة عىل ر‬
‫المشوط‪.‬‬
‫والمضاربة ه أن يعط الرجل الرجل المال ليتجر به عىل جزء معلوم يأخذه العامل من‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ربــح المال أي جزء كان مما يتفقان عليه ثلثا أو ربعا أو نصفا وتسم مضاربة أو قراضا‪.‬‬
‫والقراض بلغة أهل الحجاز أو المضاربة كما تسم ف العراق عقد من عقود الجاهلية‪ ،‬شاع‬
‫التعامل به قبل اإلسالم‪.‬‬
‫وقد عرف ابن رشد المضاربة " بقوله أن يدفع الرجل إىل الرجل المال عىل أن يعمل فيه‬
‫عىل جزء من الربــح "‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ر‬
‫مشوعية المضاربة‬
‫كانت المضاربة شائعة بي العرب زمن الجاهلية وكانت قريش أهل تجارة يعطون المال‬
‫مضاربة لمن يتجر بجزء مسم من الربــح‪ ،‬وأقر الرسول صىل هللا عليه وسلم ذلك ف‬
‫اإلسالم‪ ،‬ومن األمثلة عىل ذلك خروج الرسول صىل هللا عليه وسلم قبل البعثة للتجارة ف‬
‫أموال السيدة خديجة رض هللا عنها عىل أن يكون له نصيب ف الربــح‪ ،‬فهو عقد مضاربة‬
‫مشوعية عقد المضاربة إىل السنة‪،‬‬ ‫وقد استمر العمل به بعد البعثة‪ ،‬وبذلك تستند ر‬
‫العملية الثابتة بإقرار الرسول صىل هللا عليه وسلم وإجماع الصحابة عىل العمل بها‪.‬‬
‫وقد أجمع العلماء عىل جواز عقد المضاربة وأنها مستثناة من اإلجارة المجهولة وأن هذه‬
‫ً‬
‫الرخصة للرفق بالناس‪ .‬وقد ورد أن العباس ابن عبد المطلب كان إذا دفع ماال مضاربة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اشيط عىل صاحبه أال يسلك طريقا به بحرا وال ييل به واديا وال يشيي به ذات كبد رطبه‬
‫فإن فعل فهو ضامن فرفع رَسطه عىل رسول هللا صىل هللا عليه وسلم فاجازه‪ ،‬وقد روي‬
‫عن صهيب رض هللا عنه أن رسول هللا صىل هللا عليه وسلم قال‪ (:‬ثالث فيهن ر‬
‫اليكة‬
‫الي بالشعي للبيت ال للبيع)‪ .‬وقد ذكر الفقهاء أن عموم‬
‫البيع إىل أجل والمقارضة وخلط ر‬
‫اْليات اْلتية واطالقها يقتض العمل بالمضاربة يقول هللا تعاىل‪:‬‬
‫وآخرون يضبون ف األرض يبتغون من فضل هللا‪ " ..‬وقوله تعاىل" ليس عليكم جناح أن‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫فانتشوا ف االرض وابتغوا من فضل هللا"‬ ‫تبتغوا فضال من ربكم‪ ..‬فإذا قضيت الصالة‬
‫ثالثا‪ :‬أكان المضاربة‬
‫أما أركانها كما ذكرها النووي خمسة‪:‬‬
‫‪ /1‬الركن األول ‪ :‬رأس المال‪.‬‬
‫‪ /2‬ا لركن الثاب ‪ :‬العمل‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫‪ /3‬ا لركن الثالث ‪ :‬الربــح‪.‬‬


‫‪/4‬ا لركن الرابع‪ :‬الصيغة‪.‬‬
‫‪ / 5‬ا لركن الخامس‪ :‬العاقدان‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬رَسوط المضاربة‬
‫من ر‬
‫الشوط الن ذكرها الفقهاء للمضاربة ما يىل‪:‬‬
‫رَسوط متعلقة برأس المال‪.‬‬
‫رَسوط متعلقة بالربــح‪.‬‬
‫رَسوط متعلقة بالعمل‪.‬‬
‫أ‪ /‬ر‬
‫الشوط المتعلقة برأس المال‬
‫‪ /1‬أن يكون رأس المال من النقود المضوبة من الدراهم والدناني وهو اشياط عامة‬
‫الفقهاء‪.‬‬
‫‪ / 2‬أن ال يكون رأس المال دينا ف ذمة المضارب‪.‬‬
‫‪ /3‬أن يتم تسليم رأس المال للمضارب ( إما أن يكون التسليم بالمناولة أو بالتمكي من‬
‫المال‪.‬‬
‫ب‪ /‬ر‬
‫الشوط المتعلقة بالربــح‪:‬‬
‫‪ / 1‬أن تكون حصة كل منهما من الربــح معلوم‬
‫ً‬
‫‪ / 2‬أن تكون حصة كل منهما من الربــح شائعة كالنصف أو الثلث مثال‬
‫ج‪ /‬ر‬
‫الشوط المتعلقة بالعمل‬
‫‪ /1‬اختصاص العامل بالعمل دون رب الما ‪-‬‬
‫‪ / 2‬أن ال يضيق رب المال عىل العامل بتعيي رىسء يند ‪-‬‬
‫‪ /3‬أن ال يضب له أجل يمنعه من التضف ‪-‬‬
‫‪ / 4‬كما يشيط ف المضاربة أهمية التوكيل والوكالة وال يشيط اسالمه‪ ،‬وال يشيط أهلية‬
‫التوكيل والوكالة لرب المال ويتضح ذلك من حديث رسول هللا صىل هللا عىل وسلم‪ :‬من‬
‫ً‬
‫وىل يتيما فليتجر له وال ييكه حن تأكله الصدقة "‪...‬‬
‫رواه اليمذي حيث أن رب المال (اليتيم) لم يبلغ بعد أهلية التوكيل والوكالة‬
‫‪40‬‬

‫خامسا‪ :‬نواع المضاربة‬


‫المضاربة رَسكة بي إثني أحدهما يسم رب المال واْلخر يسم المضارب واألول له‬
‫نصيب ف الربــح مقابل رأس المال والثاب ربحه مقابل عمله الذي يؤديه‪.‬‬
‫والمضاربة نوعان وهما‬
‫‪ /1‬المضاربة المطلقة‪ :‬وه أن تدفع المال مضاربة من غي تعيي العمل والمكان والزمان‬
‫وصفة العمل‪ ،‬فالمضاربة المطلقة يكون للمضارب فيها حرية التضف كيفما شاء دون‬
‫الرجوع لرب المال إال عند نهاية المضاربة‪.‬‬
‫الشوط‬‫‪ /2‬المضاربة المقيدة‪ :‬وه الن يشيط فيها رب المال عىل المضارب بعض ر‬
‫لضمان ماله كما ورد ف رواية العباس بن عبد المطلب‪ ،‬وهذا النوع من المضاربة جائز وقد‬
‫قال اإلمام أبو حنيفة وأحمد إن المضاربة كما تصح مطلقة فإنها تجوز كذلك مقيدة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬تطبيق صيغة المضاربة بالمصارف اإلسالمية‬
‫تبي من الواقع العمىل إن كال النوعي من المضاربة مالئم لمعامالت المصارف اإلسالمية‬
‫غي أن المضاربة المطلقة ه األصل ف التعامل بي المضف وأصحاب ودائع االستثمار‪،‬‬
‫ً‬
‫ولهذا فقد تضمنت استثمار وديعة االستثمار ف بنك فيصل اإلسالم السوداب رَسطا ينص‬
‫عىل اْلب‪ :‬ويتم االستثمار عىل أساس المضاربة المطلقة ويأذن العميل للبنك ف كل تضف‬
‫فيه المصلحة‪.‬‬
‫فهذه الصيغة تجي للمضف أن ر‬
‫يباَس جميع التضفات الن يرى فيها المصلحة ويعده‬
‫ً‬
‫مضاربا ف مال صاحب الوديعة فيخلطها بأموال أصحاب األسهم والودائع األخرى‪ ،‬وتجي‬
‫ً‬
‫له أيضا أن يدفعها لغيه ليضارب بها‪.‬‬
‫فالمضف عندما يكون هو المضارب كما ف الصناديق االستثمارية تالئمه المضاربة‬
‫ً‬
‫المطلقة وعندما يكون هو رب المال أو نائبا عنه كما ف تمويل المستثمرين تالئمه المضاربة‬
‫المقيدة‪.‬‬
‫والمضاربة ف المصارف اإلسالمية مع المتعاملي قد تكون قصية األجل أو متوسطة‬
‫األجل أو طويلة األجل‪ ،‬فقد يضارب المضف عىل صفقة واحدة فه مضاربة قصية‬
‫األجل‪ ،‬وقد يضارب ف سلعة تشيى ثم تباع عىل فيات فه مضاربة متوسطة األجل‪ ،‬وقد‬
‫يشيك مع آخرين ف تمويل رأس مال ر‬
‫مشوع بالكامل لفية طويلة فه مضاربة طويلة‬
‫األجل‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫والمجال المناسب للمضاربة بالنسبة للنشاط التجاري‪ ،‬المضاربة ف السلع الن يمكن‬
‫رَساؤها من مصادر انتاجها وبيعها باألسواق المحلية‪ ،‬ويتطلب هذا أن يكون لدى المتعامل‬
‫الخية بهذه األنواع من السلع‪.‬‬
‫ر‬
‫ولقد تبي أن بعض المصارف اإلسالمية تحجم عن التعامل بصيغة المضاربة ويرجع ذلك‬
‫إىل عدة أسباب منها‪:‬‬
‫‪/1‬عدم استيعاب المتعاملي ألسلوب تطبيق هذه الصيغة لعدم توافر نوعية المتعاملي‬
‫من ذي األمانة والثقة العالية‪.‬‬
‫‪ /2‬باإلضافة إىل المخاطر الميتبة عىل قيام المضف بتمويل كافة العملية دون أن يدفع‬
‫العميل حصة ف التمويل‪.‬‬

‫المراجع المساعدة‬
‫‪ /1‬أ‪ .‬د عىل مح الدين القره داع المقدمة ف المال واالقتصاد والملكية والعقد الطبعة األوىل ‪ 1427‬ه ‪2006‬م‪.‬‬
‫‪ /2‬أحمد فرج حسي "الملكية ونظرية العقد ف ر‬
‫الشيعة اإلسالمية" الدار الجامعية ‪ ،1986‬ص ‪10/9‬‬
‫‪ /3‬المعامالت ر‬
‫الشعية المالية‪ ،‬أحمد إبراهيم بك‪..‬‬

‫‪/4‬تاري ــخ الفقه اإلسالم ونظرية الملكية والعقود‪ ،‬بدران أبو العيني بدران‬
‫‪ /5‬المدخل لدراسة ر‬
‫الشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬عبد الكريم زيدان‪.‬‬
‫‪ /6‬الفقه اإلسالم وأدلته للدكتور وهبة الزحىل‪.‬‬
‫‪ /7‬الملكية ف ر‬
‫الشيعة اإلسالمية‪ ،‬د‪ .‬عبد السالم داود العباد‪.‬‬
‫‪ /8‬المال والحكم ف اإلسالم‪ ،‬عبد القادر عودة‪.‬‬
‫‪ /9‬ضوابط الملكية ف الفقه اإلسالم‪ ،‬د‪ .‬عدنان اليكماب‪.‬‬
‫‪ /10‬أحمد فرج حسي "الملكية ونظرية العقد ف ر‬
‫الشيعة اإلسالمية" الدار الجامعية ‪ ،1986‬ص‪[2] –10 ،9 .‬‬
‫‪ /11‬الفكر اإلسالم والمجتمع المعاض‪ ،‬مشكالت الحكم والتوجيه محمد البه ص (]‪[1‬‬
‫اليغيب واليهيب ]‪[2‬‬
‫‪ /12‬لسان العرب مادة مول (‪[3]223/13‬‬
‫‪ /13‬األشباه والنظائر للسيوط (‪ ، )258‬والفقه اإلسالم وأدلته (‪[4] 42/4‬‬
‫)حاشية ابن عابدين (‪ ، )3/4‬والبحر الرائق (‪[5] 227/2‬‬
‫‪42‬‬

‫‪ /14‬نظر‪ :‬ف تقسيمات المال المراجع التالية‪ :‬الفقه اإلسالم وأدلته (‪ ،)55-43/4‬والمدخل لدراسة ر‬
‫الشيعة اإلسالمية‬

You might also like