Professional Documents
Culture Documents
ه 0928121645 /
ال يخفي علي الجميع تغير ظروف الحياة وصعوبتها ,وهو ما أدى الى ,أن بعض
أبناء المجتمع ال يعلم من أين يأتى ماله وفيما ينفقه ,هل يأتى على الوجه المشروع
الذي أقره الدين اإلسالمي ؟ وهل أنفقه في هذا االتجاه ذاته ؟
سؤال أطرحه على القارئ ولعلي فيما أعرضه من حديث فيه بعض الجواب :
بداية لم يغفل الدين االسالمي الحنيف موضوع الكسب الحالل واالنفاق المشروع ,
فمن أسس التنظيم المالي في اإلسالم أنه حارب الفقر والضعف والخمول وأقر
الكسب الحالل وحرم المال من طريق غير مشروع ,وفرض علي كل فرد من
أبنائه أن يعمل ليكسب بسعيه وجده ما يدبر به شؤون نفسه ,وجعل أبواب الرزق
ميسرة لكل فرد ,بحيث اليكون المسلم عبئا علي غيره بقعوده عن طلب الرزق ,
قال تعالي (( :هو الذي جعل لكم األرض ذلوال فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه
وإليه النشور ))
وعن جابر بن عبدهللا رضي هللا عنهما قال (( :قال رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم -:أيها الناس اتقوا هللا وأجملو في الطلب ,فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي
رزقها ,وإن أبطا عنها فاتقوا هللا وأجملو في الطلب خذوا ماح ّل ودعوا ما حرم ))
رواه ابن ماجه ( ) 2144وصححه االلباني .
أيها المسلمون إن هللا تعالى كما أمر باكتساب المال وأخذه من الحالل نهى كذلك عن
تناوله من الحرام كالسرقة والنهب والرشوة والقمار والمراهنات واالحتيال والغش
والتعامل بالربا بطرقه القديمة والحديثة ,والربا من أكثر طرق االكتساب المحرمة
التي ع ّم بالؤها في مجتمعاتنا اليوم .
قال تعالى ((يأيها الذين آمنوا اتقوا هللا وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين فان لم
تفعلوا فأذنوا بحرب من هللا ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ال تظلمون وال
تظلمون ))
وقال تعالي ((يا أيها الذين امنوا ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ))
(( يا سعد اطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف
باللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل هللا منه عمل أربعين يوما ً وأيما عبد نبت لحمه من
سحت فالنار أولى به ))
ومصادر الكسب حالل التي حرص اإلسالم على تحصيل المال عن طريقها متعددة
ومنها الزراعة والصناعة ومجال االنتاج والوظيفة ,وكما حرص االسالم على
كسب المال من طرقه المشروعة ,فقد حرص أيضا على تنظيم انفاقه فأمر بحسن
تدبيره وعدم تبذيره ,قال تعالى (( -:وال تجعل يدك مغلولة إلي عنقك وال تبسطها
كل البسط ))
وكذلك أمر اإلسالم بانفاقه في وجوهه المشروعة من توفير ضروريات المعيشة في
المأكل والمشرب والملبس والمسكن وقضاء المطالب التعليمية والصحية
واالجتماعية والترفيهية في نطاق الدين وفي حدود االعتدال ,قال تعالى (( يأيها
الذين آمنوا ال تحرموا طيبات ما أحل هللا لكم وال تعتدوا إن هللا ال يحب المعتدين ))
وعلى ذكر المال ينبغي أن يكون من أوجه الحالل ,فاالنسان ليس بكثرة ماله
وعياله ولكن بحسن أقواله و أفعاله .فهناك يعض الناس من أجل الحصول علي
المال يبيعون بعضهم ودينهم وكرامتهم ,والرسول عليه الصالة والسالم يقول :وهللا
مالفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم هذه الدنيا متنافسوه كما تنافسها الذين من
قبلكم فأهلكتهم .
فما كان من ضروب المعامالت بين الناس ما يحيد عن المصلحة ويجافي العدالة في
واقعنا فإن القوانين التي نظمها التشريع اإلسالمي كفيلة بتنظيم المعامالت المالية
بين الناس ,وراعى في تنظيمها أساسين هما المصلحة والعدالة ,ويمكنني القول بأن
كل ما أمربه اإلسالم من صور المعامالت ينتفي فيه الظلم وتتحقق فيه العدالة بين
المتعاملين ,وأقول إن كسب الحالل (الطيب ) وأكل الطيبات دليل على شرف
النفوس وعزتها ,وهو سبب للبركة في الجسم والعمر والمال واألهل واألوالد ,وهو
سبب لطيب أفعال صاحبه ,و تحسين أخالقه ومعامالته ,وهو بوابة لدخول واحات
الراحة واالطمئنان والعيش الهني ,كما إنه وراء محبة الناس ,وثقتهم لصاحبه
واحترامه و أئتمائه والثقة به وسالمة سمتعه بينهم .
إن الكسب الطيب وانفاقه في الوجوه الطيبة نجاة في الدنيا واآلخرة ,قال رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم (ال تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع :عن عمره
فيما أفناه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من اين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسده
فيما أباله ) (( صحيح الترمذي ))
ومن وجهة نظري فإنه يجب على صناع القرار في هذا البلد المسلم سن القوانين
التي تتوافق مع الشريعة االسالمية بخصوص المعامالت بين الناس وتطبيقها
وتوعية أبناء المجتمع بها .
بالتوفيق والسداد