Professional Documents
Culture Documents
مذكرة ماستر التحكيم التجاري الدولي
مذكرة ماستر التحكيم التجاري الدولي
قسم الحقوق
مذكـرة ماستـر
التخصص :إدارة األعـمـال
2
شكر وتقدير
روى الترمذي عن أبي هريرة رض ي هللا عنه قال،
قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
"من اليشكر الناس ال يشكر هللا"
وتطبيقا لهذا الحديث الشريف وهذا األدب الرفيع
اتوجه بخالص شكري وتقديري وامتناني الى استاذتي
الدكتورة بوحية وسيلة،استاذة بكلية الحقوق جامعة خميس مليانة
التي لم تبخل علي بنصائحها وتوجيهاتها القيمة ،والتي سعدت وتشرفت
بمعرفتها لقاء هذا العمل
كما اتوجه بخالص شكري الى األستاذ يعقر الطاهر ،أستاذ بكلية الحقوق
جامعة خميس مليانة الذي لم يتردد بمساعدته لي بهذا العمل
كما أتوجه بشكري كذلك الى كل زمالئي وزميالتي
2
مــقـدمــة
التحكيم مؤسسة عريقة ترجع جذورها إلى بداية تواجد اإلنسان على وجه األرض فعرفته مختلف
الحضارات القديمة كالحضارة اإلسالمية واليونانية والرومانية ،حيث كان محال لالقرار واالعتراف به من
كافة هذه األنظمة القانونية األساسية المعروفة منذ البداية البشرية،فقد مر بمراحل وأتت عليه حقب من
الزمن فقد قيمته وكادت تنطفيء شعلته ،خصوصا بعدما أصبح قضاء الدولة هو القضاء الرسمي والطريق
االكثر شيوعا لحل اي نزاع ،لكن تسارع النمو االقتصادي وتطور العالقات الدولية خاصة في المجال
التجاري ،جعل التحكيم التجاري محط اهتمام الدول والمؤسسات الدولية واالقليمية التي سارعت لتنفيذه
وتنظيمه ،وأصبح االقبال عليه من قبل األطراف المتعاقدة ،في المجال الدولي خاصة لحل نزاعاتهم ،وفي
الوقت الذي ظهرت فيه النظم القضائية الوطنية عاجزة وقاصرة عن بلوغ حد الكفاية لمواجهة عقود التجارة
الدولية والتصدي لما ينشا عنها من منازعات انتشرت وكثرت مؤسسات التحكيم الدولية وازداد االقبال على
فعلى المستوى الدولي تم ابرام العديد من االتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم وكذا الهيئات
التحكيمية ،كما وضعت لجنة االمم المحدة قانونا نموذجيا للتحكيم التجاري الدولي في 12جوان .2891
أما على المستوى الداخلي فقد تطرقت تشريعات مختلف الدول لتنظيم التحكيم وأصدرت تعديالت
على قوانينها لما يتوا فق ودور هذا القضاء الخاص ومن بينها الجزائر التي تبنت احكام جديدة تخص هذا
النظام في حل المنازعات الناتجة عن العالقات التجارية الدولية وتجسدت في تعديل قانون االجراءات
المدنية لسنة 2811واصدار المرسوم الشريعي رقم 98-89المتعلق به وهذا نظ ار للتحوالت االقتصادية و
التجارية وتوجه الجزائر نحو اقتصاد السوق االمر الذي جعلها تغير الكثير من مواقفها الرسمية فبعدما
كانت تعارض فكرة التحكيم التجاري الدولي واعطاء االختصاص للمحاكم الوطنية والقانون الجزائري
اصبحت تسمح اليوم باللجوء الى التحكيم التجاري الدولي بنصوص صريحة منصوص عليها في القانون،
1
فتجد قانون االجراءات المدنية و االدارية 98-99المؤرخ في 11فبراير 1999خص التحكيم التجاري
كذلك تغير موقف الجزائر من التحكيم ،وهذا نظ ار للضغوط والحتمية التجارية الدولة التي فرضت
على الجزائر خاصة وانها على مشارف االنضمام الى المنظمة العالمية للتجارة وكذا موقف الدول النامية
في اختصاص التحكيم فابرام عقود تجارية متوقف على شرط التحكيم الذي تمليه المؤسسات االجنبية،
فالمستثمر األ جنبي يتردد كثي ار في المجازفة باستثماراته اذا لم يكن مسموحا له بوضع شرط التحكيم وابرام
اتفاقية التحكيم لمواجهة ما قد يثور من خالفات ،لذا نجد ان معظم قوانين االستثمار في الدول النامية
تنص صراحة على تبني التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات مع المستثمرين لزرع الطمأنينة وتشجيعهم على
استثمار أموالهم خاصة فيما يتعلق بالشركات متعددة الجنسيات التي تحرص دائما على تجنب حسم
النزاعات الناجمة عن طريق تطبيق القوانين الداخلية وفقا لمنهج قواعد اإلسناد في القانون الدولي الخاص
وحتى تتمكن من اإلفالت من القواعد الداخلية اآلمرة تلجا الى االتفاق المسبق على عرض النزاع على
المحكمين.
ونظ ار ألهمية التحكيم التجاري الدولي نجده قد حظي باهتمام كبير في الفقه الغربي وحتى العربي
لكن ليس بنفس القدر من االهتمام وربما هذا راجع لحداثة انتهاج هذه الدول للتحكيم مؤخ ار وحديثا حيث
نجد الدراسات المتخصصة والمعمقة المتعلقة بهذا الموضوع نادرة خاصة في الفقه الجزائري.
3
فأهمية الموضوع تتضح من خالل التسليم ايضا بفعالياته في وقت بلغ التحكيم مداه في
المعامالت التجارية الدولية تحت سيطرة الدول القوية اقتصاديا وتحت سيطرة هيئات تحكيمية في ظل
تنظيم قضاء خاص فكان من الواجب على الباحثين في الدول النامية دراسة آليات التحكيم التجاري الدولي
من أجل سد الفراغات الموجودة في قوانينهم وكذا ا ازح ة الغموض الذي يجتاح احكام التحكيم التجاري
الدولي لدى هذه الدول من أجل تفعيله بدال من التراجع والتخوف و التردد من تطبيقه.
ونتيجة لهذا كان الدافع والمبرر الى دراسة موضوع التحكيم التجاري الدولي هو انه ما نالحظه في
الوقت الراهن ال يكاد يخلوا عقد من عقود التجارة الدولية من شرط التحكيم ،وبالتالي جائت دراستنا لهذا
ومن هذا يطرح موضوع بحثنا عدة اشكاليات تحتاج الى البحث واالجابة عنها وتتمثل في البحث
عن مفهوم التحكم التجاري الدولي واجراءات سير الخصومة التحكيمية على المستوى الدولي واالقليمي،
وكيف عالج المشرع الجزائري موضوع التحكيم التجاري الدولي ؟ وكيفية تنفيذ وطرق الطعن في األحكام
الصادرة عنه ؟
ولدراسةهذا الموضوع استخدمنا منهجين بحث ،حيث استعملنا المنهج الوصفي في تحديد مفهومه
وابراز مميزاته و المبادىء التي يقوم عليها وتحديد انواعه ،والمنهج الثاني هو المنهج التحليلي الذي
استخدمناه من خالل تحليل مختلف أحكام وقواعد التحكيم التجاري الدولي التي نظمها المشرع الجزائري
ومختلف القوانين الوضعية االخرى ،كون هذه الدراسة ال يمكن ان تقتصر على نظام قانوني معين أو
على القانون الجزائري فقط بل وجب االستعانة بخبرة القوانين الوضعية واالسترشاد باهم القوانين االجنبية
وسنجيب على هذه التساؤالت في موضوعنا الذي ارتاينا تقسيمه الى فصلين وهما :
2
الفـصل األول :مفهوم التحكيم التجاري الدولي والذي يحتوي على مبحثين:
المبحث الثاني :الطابع الدولي و التجاري للتحكيم وأنواعه وتمييزه عن باقي الوسائل االخرى لفض
النزاعات الدولية.
الفـصل الثاني :سير الخصومة التحكيمية واألحكام الصادرة بشأنها والذي يحتوي على مبحثين:
المبحث األول :محكمة التحكيم والقانون الواجب التطبيق على سير الخصومة التحكيمية.
2
5
الفـصـل األول
حظي موضوع التحكيم باهتمام على كافة المستويات ،فعلى المستوى الدولي ،تم إبرام العديد من
االتفاقيات الدولية المتعلقة به ،وعلى الصعيد الفقهي حظي موضوع التحكيم باهتمام من جانب الفقه وتربع
على قمة الموضوعات التي شغلت أذهان الباحثين وجذبت االنظارولذا كثرت فيه المؤلفات ،وعنيت به
1
المعاهد العلمية.
فقد ساهمت المنظمات الدولية ،والمؤسسات المعنية بالتحكيم ،بوضع قواعد خاصة باالجراءات
التي تتبع في سير عملية التحكيم ،كما اصدرت دول عديدة قوانين حديثة تعالج مسائل التحكيم الدولي بعد
ان كانت قوانينها ،تقتصر على معالجة قضايا التحكم الداخلي،ونتيجة الهمية التحكيم في المجتمع الدولي
2
،وضعت لجنة القانون الدولي التابعة لالمم المتحدة ،قواعد خاصة بالتحكيم .
والذي تبلورت قواعده واجراءاته بشكل مكتمل نسبيا كما يالحظ في الوقت الحالي ،لذا يتعين علينا
تحديد المفهوم الذي ينطوي عليه مصطلح التحكيم التجاري الدولي حتى يتسنى لنا اإلحاطة الكاملة
والدقيقة بهذا المدلول وبناءا لهذا المدخل سوف نتطرق في هذا الفصل إلى تعريف التحكيم التجاري الدولي
مع ذكر اهم الهيئات التحكيمية في العالم واساسه القانوني في المبحث االول وفي المبحث الثاني نتطرق
إلى دولية التحكيم وأنواعه وتميزه عن باقي وسائل فض النزاع الدولية األخرى.
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبوزيد ،التحكيم في عقود البترول ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية،القاهرة،1999 ،
ص .22
-2انظر ،د.فوزي محمد سامي ،التحكيم التجاري الدولي ،دراسة مقارنة ألحكام التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة األولى،
دار الثقافة للنشر والتوزيع ،االردن ،1999،ص.1
5
المبحث األول
إلبراز وتبيان مدلول ومفهوم مصطلح التحكيم التجاري الدولي نجد انه تعددت فيه التعاريف
الفقهية والتشريعية وحتى القضائية ،ولما كان اللجوء إلى التحكيم لحسم المنازعات الناشئة في مجال
التجارة الدولية يلقى قبوال أكثر من قبل المتعاملين في الوسط الدولي ،وأصبح في الوقت الحاضر الطريقة
الشائعة لفض المنازعات ،ونتيجة لهذا اإلقبال اختصت العديد من الفرق التجارية في هذا المجال ،وأنشأت
فيها هيئات للتحكيم ومراكز عديدة للتحكيم على الصعيدين الوطني والدولي 1والذي سنوجز هذا في
المطلب األول تعريف التحكيم التجاري الدولي مع ذكر الهيئات التحكيمية في العالم ،وفي المطلب الثاني
األساس القانوني للتحكيم التجاري الدولي والذي نجده يتمثل في االتفاقيات الدولية واإلقليمية وكذا
المطلب األول
لقد تعددت تعاريف التحكيم كما اسلفنا الذكر لكن سنوجز اهمها من خالل هذا المطلب ،وكذا ذكر
اهم الهيئات التحكيمية في العالم التي نشطت في مجال التحكيم التجاري الدولي.
الفـرع األول :تعريف التحكيم لغة واصطالحا :سنتناول في هذا الفرع الى التعريف اللغوي وكذا
أوال :التعريف اللغوي :بداية كلمة “التحكيم في اللغة العربية ترد إلى أن أصل الكلمة هي من مصدر
الفعل وهو “حكم“ وهي من الحكمة ،التي تعني معرفة األشياء بأفضل العلوم ومنها كذلك الحكم بمعنى
العلم و الفقه وهي كذلك الحكم الحكم والحاكم والحكومة ،وقيل حكموه بينهم ،أمروه أن يحكم وحكمه في
1
هي العدل.
ثانيا :التعريف االصطالحي :ان التعريف االصطالحي ال يخرج فحواه عن التعريف اللغوي ،فنجد الكثير
ان التحكيم نظام خاص للتقاضي ينظمه القانون ،يسمح بمقتضاه للخصوم في منازعات معينة بان يتفقوا
على اخراج منازعة قائمة أو مستقبلية عن والية القضاء العام في الدولة ،وذلك لتحل هذه المنزعة بواسطة
2
شخص أو أشخاص عاديين يختارهم الخصوم ،ويستندون اليهمالفصل في النزاع
كما عرفه اخرون" التحكيم هو طريقة لحل النزاع يعتمد على اختيار االط ار ف لقضاتهم بدال من االعتماد
3
على التنظيم القضائي
الفرع الثاني :التعريف القانوني :والذي سنتطرق الى تعريف اتفاقية الهاي وكذا مختلف التشريعات
التعريف السائد للتحكيم هو ذلك الذي سبق وتضمنته المادة 93من اتفاقية الهاي للتسوية السلمية
للمنازعات الدولية التي توصل إليها مؤتمر السالم الدولي الثاني الذي عقد في الهاي عام ،2893حيث
-1أنظر ،محمد وليد العبادي ،أهمية الت حكيم وجواز اللجوء إليه في منازعات العقود اإلدارية دراسة مقارنة ،مقال،دراسات
علوم الشريعة والقانون ،المجلد ،93العدد ، 1كلية الدراسات الفقهية والقانونية ،جامعة آل البيت ،المفرق ،األردن1993 ،
ص 913نقال عن ابن منظور .لسان العرب المحيط األولى ،ص .198-193
-2انظر،كروم نسرين ،إجراءات التحكيم التجاري الدولي في القانون المقارن والقانون الجزائري،رسالة ماجستير كلية
الحقوق ،جامعة سعد دحلب البليدة ،مارس ،1993ص .1
-3المرجع نفسه ،ص .3
7
قررت هذه المادة أن موضوع التحكيم الدولي هو تسوية المنازعات بين الدول بواسطة قضاة من اختيارهما
1
وعلى أساس احترام القانون وان اللجوء إلى التحكيم ينطوي على تعهد بالخضوع بحسن نية للحكم.
ثانيا :تعريف التشريعات الوطنية :نجد أنه لم تنص التشريعات الوطنية الحديثة المنظمة للتحكيم لتحديد
ما هو المقصود بالتحكيم بشكل مباشر ،ولعل ذلك راجع إلى أن أغلبية هذه التشريعات استوحي من
القانون النموذ جي للتحكيم والذي جعل عدم تعريف التحكيم احتراما منه للخالفات الوطنية بشان تحديد
2
مفهوم التحكيم.
ومع هذا نجد أن القانون المصري رقم 13لسنة 2883وعلى الرغم من انه مستوحى من القانون
النموذجي للتحكيم حيث نجد انه تعرض لتحديد المقصود بالتحكيم،فنصت المادة الرابعة فقرة األولى من
قانون التحكيم المصري على أنه :ينصرف لفظ التحكيم في حكم هذه القانون إلى التحكيم الذي يتفق عليه
طرفا النزاع بإرادتهما الحرة سواء كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم بمقتضىاتفاق الطرفين منظمة
3
أو مركز دائم للتحكيم أو لم يكن كذلك.
4
كما نجد أن المشرع األردني لم يتطرق إلى تعريف التحكيم في قانون التحكيم الجديد لسنة 1992
لكن ورد تعريف التحكيم في القانون القديم رقم ( )29سنة ، 2819حيث نصت المادة الثانية منه بقولها:
-1أنظر ،د .إبراهيم محمد العناني ،اللجوء إلى التحكيم الدولي (العام – الخاص -التجاري) ،الطبعة الثانية ،دار النهضة
العربية 19عبد الخالق ثروت ،1991ص .19
-2راجع ،د .حفيظة السيد الحداد ،الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة األولى .منشورات،
الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،1993 ،ص .39
-3من المعروف أن القانون المصري ل لتحكيم مستوحى من القانون النموذجي الذي وضعته لجنة األمم المتحدة للقانون
التجاري الدولي ،وهذا األخير في صيغته المعتمدة في 12يونيو سنة 2891لم يضع تعريفا للتحكيم بشكل مباشر .إذ
اكتفت المادة الثانية فقرة (أ) من القانون النموذجي بذكر“أن لفظ التحكيم يقصد به (كل تحكيم سواء تم تنظيمه من خالل
مؤسسة تحكيمية دائمة أم ال) وتعريف التح كيم على النحو المتقدم يعد تعريفا بتحديد أنواع التحكيم وليس بتعريف التحكيم
ذاته ،المرجع نفسه ،ص .39
ص -4قانون التحكيم األردني ،رقم 92لسنة 1992المنشور في الجريدة الرسمية رقم 3381تاريخ 1992/3/21
.1912نقال عن ،محمد وليد العبادي ،المرجع السابق ،ص .919
8
وتعني عبارة (اتفاق التحكيم) االتفاق الخطي المتضمن إحالة الخالفات القائمة أو المقبلة على التحكيم
1
سواء أكان اسم المحكم أو المحكمين مذكو ار في االتفاق أم لم يكن.
وهناك تعريف آخر للمشرع الفرنسي،و الذي عرفه بأنه إجراء خاص لتسوية بعض أنواع الخالفات
2
بواسطة محكمة تحكيم يعهد إليها األطراف بمهمة القضاء فيه بمقتضى اتفاق تحكيم.
كما ال نجد تعريف واضح ودقيق من طرف المشرع الجزائري رغم انه تناول مختلف أحكام التحكيم
المدنية 4الذي نظم فيه المشرع الجزائري التحكيم بنوعيه الداخلي والدولي.
الفرع الثالث :تعريف الفقه والقضاء :ففي هذا الفرع سنورد تعاريف الفقهاء الناشطين في
أوال :التعريف الفقهي :اهتم الفقه المشتغل بالتحكيم فنجد عدة تعاريف مختلفة لكنها متشابهة في
مضامينها وغاياتها فنجد الفقه المقارن عرفه “ بأنه نوع من العدالة الخاصة الذي يتم وفقا له إخراج بعض
5
المنازعات من والية القضاء العادي ليعهد بها إلى أشخاص يختارون للفصل فيها.
1
أشخاص يتم اختيارهم ،كأصل عام بواسطة أشخاص آخرين وذلك بموجب اتفاق".
كما عرفته الدكتورة حفيظة السيد الحداد بأنه “ نظام خاص للتقاضي ينشا من االتفاق بين األطراف المعنية
على العهدة إلى شخص أو أشخاص من الغير بمهمة الفصل في المنازعات القائمة بينهم بحكم يتمتع
2
بحجية األمر المقضي.
وبالرغم من تنوع هذه التعاريف الفقهية للتحكيم وتعددها فإنها تصب في معين واحد ،وتدور حول جوهر
أساسي يتبلور بأن التحكيم هو أسلوب خاص مبتكر للوقوف على النزاعات وتسويتها بعرضها على
3
محكمين يتفق عليهم دون االلجوء إلى سلطة القضاء سواء كان قضاءا عاديا أو قضاءا إداريا.
ثانيا :التعريف القضائي :كما هو معروف فان وظيفة القضاء هو تطبيق حكم القانون للوصول إلى
تحقيق العدالة والحكم القضائي هو عنوان الحقيقة ،وحجية مطلقة تجاه الكافة ،ومن هنا نجد أن تصدي
القضاء لتعريف التحكيم يصيب فيما أسلفنا ويعزز من قوة التحكيم باعتباره وسيلة اقرها القضاء دون
4
اللجوء إليه
حيث عرفت المحكمة الدستورية العليا المصرية التحكيم بكونه" عرض نزاع معين بين طرفين على محكم
من االغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ،ليفصل هذا المحكم في
ذلك النزاع بقرار نائيا من شبهة المماألة ،مجردا من التحامل وقاطعا لدابر الخصومة في جوانبها التي
5
أحالها الطرفان إليه ،بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيال من خالل ضمانات التقاضي الرئيسي".
-1أنظر ،د .حفيظة السيد الحداد ،المرجع السابق ،ص 31نقال عن - Motulsky : Ecrits , Etudes et notes sur
« Le jugement d’une contestation par des particuliers choisis. En l’arbitrage Dalloz 1974
» princip.par d’autres particuliers au moyen d’une convention
-2المرحع نفسه ،ص .33
-3أنظر ،محمد وليد العبادي ،المرجع السابق ،ص .919
-4المرجع نفسه ،ص .918
-5حكم المحكمة الدستورية العليا 23 ،ديسمبر ،2883القضية رقم 29لسنة 21قضائية دستورية ،منشور في الجريدة
الرسمية ديسمبر 2883وهو الحكم الذي صدر بعدم دستورية نص المادة 29من القانون رقم 39لسنة 2833المنشيء
11
كذلك نجد محكمة التمييز األردنية تعرضت لتعريف التحكيم ،وعرفته بقولها بأنه "طريق استثنائي
لفض الخصومات قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ،وهو مقصور إلى ما
1
تنصرف إليه إرادة الفريقين إلى عرضه على المحكم.
اهتم الفقه المشتغل بالتحكيم فنجد عدة تعاريف مختلفة لكنها متشابهة في مضامينها وغاياتها فنجد
الفقه المقارن عرفه “ بأنه نوع من العدالة ال خاصة الذي يتم وفقا له إخراج بعض المنازعات من والية
2
القضاء العادي ليعهد بها إلى أشخاص يختارون للفصل فيها.
كما ذهب األستاذ الفرنسي Motulskyإلى تعريف التحكيم بأنه “الحكم في منازعة بواسطة
3
أشخاص يتم اختيارهم ،كأصل عام بواسطة أشخاص آخرين وذلك بموجب اتفاق".
ومن هذه التعاريف نستخلص ان للتحكيم التجاري الدولي مميزات يتميز بهاوهي أنه تسوية للنزاع بواسطة
هذه العناصر الثالث التي تسمح ببيان مكان التحكيم في وسط الوسائل التسوية السلمية األخرى
التي يلجا إليها لفض المنازعات الدولية ،فالتحكيم على المستوى الدولي ليس بوسيلة سياسية أو دبلوماسية
للتسوية مثل المساعي الحميدة أو الوساطة أو التوفيق مع المالحظة أن التوفيق من وسائل التسوية
المختلطة سياسية و قانونية معا و أن كان ذكرها مع الوسائل السياسية راجع إلى غلبة الجانب السياسي
لبنك فيصل اإلسالمي والتي كانت تجعل التحكيم الطريق الوحيد لحل أي نزاع بين البنك ومن يتعاملون معه ،نقال عن د،
حفيظة السيد الحداد ،المرجع السابق ،ص .32
-1تمييز حقوق رقم ،81/938مجلة نقابة المحامين ،2883 ،ص ،2213نقال عن ،محمد وليد العبادي ،المرجع السابق،
ص .918
-2المرجع نفسه ،ص .919
-3أنظر ،د .حفيظة السيد الحداد ،المرجع السابق ،ص 31نقال عن - Motulsky : Ecrits , Etudes et notes sur
« Le jugement d’une contestation par des particuliers choisis. En l’arbitrage Dalloz 1974
» princip.par d’autres particuliers au moyen d’une convention
11
لألسلوب باإلضافة إلى النتائج التي تنتهي إليها الغير الملزمة1.و التي سنتطرق بالتفصيل فيما يخص
إن اللجوء إلى التحكيم لحسم النزاعات الناشئة في مجال التجارة الدولية يلقى قبوال حيث أصبح
الطريقة الشائعة والمثلى في الوقت الحاضر لفض النزاعات نتيجة لتطور المعامالت التجارية والخدماتية
والعولمة ،والتي هي في العالم الثالث مازالت تحوالتها بطيئة ال تتناسب مع المعطيات الجديدة لذا فقد برز
ظهور مراكز تحكيم تجاري دولي وهنالك إحصائيات لغرفة التجارة الدولية ICCفي باريس تبرهن على
تعاضم دور التحكيم التجاري الدولي في مجال تسوية المنازعات والتي يكون أحد أطرافها من دول العالم
الثالث وفي هذه اإلحصائية يأتي على رأس الدول اآلخذة بهذا األسلوب :الجزائر – نيجيريا – ليبيا –
سوريا – مص ر حين قامت غرفة التجارة الدولية بتنصيب محكمين من الدول النامية خصوصا من مصر
ولبنان واألردن وتونس وكولومبيا وكوريا باإلضافة إلى اتخاذ الغرفة العديد من الدول النامية مق ار لهيئاتها
التحكيمية كما هو الحال في القاهرة وبانكوك وتونس وأبيدجان (األهرام - 1992/92/99التحكيم الدولي
( ))2لهذا نجد عدة هيئات ومراكز تحكيمية على الصعيد الدولي ومن أهمها:
محكمة التحكيم للغرفة التجارية الدولية في باريس ،معهد التحكيم الدولي انجلت ار ،محكمة لندن للتحكيم
والتوفيق ،المركز الدولي لفض منازعات االستثمار (واشنطن)،معهد التحكيم الدولي انجلت ار (لندن) ،جمعية
التحكيم األمريكية (نيويورك) ،المحكمة الدائمة للتحكيم بهولندا (الهاي) ،المجلس المتوسط للتحكيم
والخاص بدول البحر المتوسط (تونس) ،المركز اإلسالمي للتحكيم التجاري (القاهرة).
المطلب الثاني
مختلف االتفاقيات الدولية قواعد التحكيم الدولية وكذااالتفاقيات االقليمية ومختلف التشريعات الوطنية التي
كرست التحكيم كوسيلة لحل نزاعات عقود التجارة الدولية القائمة بين اطراف النزاع وفي االخير نتطرق
الى اساسه في اتفاق التحكيم كما سنوضحه من خالل الفروع الثالث التالية:
الفرع األول :أ ساسه في االتفاقيات الدولية و قواعد التحكيم الخاص بلجنة االمم المتحدة
للقانون التجاري الدولي :UNCITRALسنورد من خالل هذا افرع الى اهم التفاقيات الدولية
التي اسست قواعد التحكيم التجاري الدولي ونظمت مختلف احكامه ،حيث سنتطرق اوال الى الى
أوال :اتفاقية نيويورك عـام :1958وهي اتفاقية خاصة باالعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين األجنبية والتي
أقرها مؤتمر األ مم المتحدة الخاص بالتحكيم الدولي المنعقد في نيويورك في الفترة 19مايو 29 -يونيو
عام 2819وهي تنص على تطبيق االتفاقية لالعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين واألحكام الصادرة من
هيئات تحكيم دائمة يحتكم إليها األفراد والمؤسسات ،حيث تطبق على أحكام محكمين والتي ال تعتبر
ثانيا :اتفاقية واشنطن عام : 1973وهي اتفاقية دولية خاصة بتسوية النزاعات الناشئة من االستثمار
بين الدول األخرى والموقعة في واشنطن في 2831/1/22والتي أ قرت فيها التحكيم التجاري الدولي حيث
الغرض من المركز هو توفير الوسائل الالزمة للتوفيق والتحكيم لفض المنازعات الخاصة -1
باالستثمار بين الدول المتعاقدة ورعايا الدول المتعاقدة و رعايا الدول المتعاقدة األخرى طبقا ألحكام هذه
12
االتفاقية ،غير أ ن االتفاقية لم تنتقص من حق الدول المتعاقدة في الدفع بعدم التنفيذ على أساس
1
اعتبارات السيادة.
ثالثا :قواعـد التحكيم الخاص بلجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (اليونسيترال) لسنة
UNCITRAL 1976وكذا قانون االونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1985لقد
أقرته الجمعية العامة لألمم المتحدة في 5791/2/51وهو المعمول به في مركز القاهرة اإلقليمي
للتحكيم الدولي وهو أيضا مقر مؤقت للمركز العرب للتحكيم التجاري وقد نصت المادة األولى من
اليونسيترال على:
عندما يتفق طرفا ع قد ما كتابة على أن تحال المنازعات التي تتعلق بذلك العقد إلى التحكيم وفقا
لقواعد (اليونسترال) للتحكيم ،فان تلك المنازعات ستسوى وفقا لهذه القواعد مع مراعاة التعديالت التي قد
تحكم هذه القواعد التحكيم ،إال إذا كان أي منها يتعارض مع نص في القانون الواجب التطبيق
2
على التحكيم و الذي ال يمكن للطرفين مخالفته ،فعندئذ يغلب النص
-1التعريف بلجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (االونسيترال) :هي هيئة قانونية ذات عضوية
عالمية متخصصة في أصالح القانون التجاري على النطاق العالمي منذ ما يزيد عن 99سنة ،وهي
الهيئة القانونية الرئيسية التابعة لمنظومة األمم المتحدة في مجال القانون التجاري الدولي ،ومهمتها
عصرنة و مواءمة القواعد المتعلقة باأل عمال التجارية الدولية و بغية زيادة الفرص لتحقيق النمو للتبادل
التجاري على نطاق عالمي عملت االونسيترال على صوغ قواعد عصرية وعادلة ومتوائمة وهي تشمل ما
يلي:
-1راجع ،محمد شهاب،أساسيات التحكيم التجاري الدولي“و القوانين و االتفاقيات المنظمة للتحكيم عربيا
و عالميا“،الطبعة األولى ،مكتبة الوفاء القانونية ، .1998،ص .39-98
-2المرجع نفسه.
12
اتفاقيات و قوانين نموذجية و قواعد مقبولة عالمي ،أدلة قانونية و تشريعية و توصيلت ذات قيمة عملية
كبيرة ،معلومات محكمة عن السوابق القضائية و سن قوانين تجارية موحدة،مساعدة تقنية في مشاريع
إصالح القوانين،حلقات دراسية إقليمية ووطنية في مجال القوانين التجارية الموحدة ،بيع البضائع ،التحكيم،
التجارة االلكترونية....الخ حيث أنشأت الجمعية العامة لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي
العامة با ن التفاوتات في القوانين الوطنية التي تنظم التجارة الدولية تضع عوائق أمام تدفق التجارة
واعتبرت أن اللجنة هي الوسيلة التي تستطيع بها األمم المتحدة القيام بدور أنشط في تقليل هذه العوائق،
تتكون اللجنة من 19دولة عضوا تنتخبها الجمعية العامة والتي من بينها الج ازئر وينتخب أعضاء اللجنة
لفترة والية مدتها ست ( )91سنوات وتنتهي فترة والية نصف األعضاء الثالث سنوات .حيث يقع مقر
-3األعمال التي تضطلع بها االونسيترال :المجاالت التي عملت فيها اللجنة والنتائج الرئيسية نجد من
بينها:
البيع الدولي للبضائع والمعامالت المتصلة به والتي تندرج ضمنها اتفاقية األمم المتحدة بشان فترة
التقادم واتفاقية األ مم المتحدة بشان عقود البيع الدولي للبضائع وكما نجد من بين األعمال اتفاقية األمم
المتحدة لنقل البحري للبضائع ،المدفوعات الدولية واتفاقية األمم المتحدة بشأن إحالة المستحقات في
التجارة الدولية ( )1992وكذا قانون االونسيترال النموذجي بشان التجارة االلكترونية ،وما يهمنا من بين
هذه األعمال التي تضطلع بها هي قواعد التحكيم و الذي نجد في هذا الخصوص:
أ -قـواعد االونسيترال للتحكيم لسنة :1976والتي تتضمن مجموعة شاملة من القواعد اإلجرائية
التي يجوز لألطراف أ ن تتفق عليها لتنفيذ إجراءات التحكيم ،وتستخدم القواعد على نطاق واسع
15
ب -قانون االونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة :1985وهو مصمم لمساعدة الدول
في إصالح وتحديث قوانينها المتعلقة بإجراءات التحكيم ،وقد اعتمدت االونسيترال القانون
والنامية ،حيث ترجع نشأة القانون النموذجي إلى طلب اللجنة االستشارية القانونية اإلفريقية
اآلسيوية عام 2833من لجنة األ مم المتحدة لقانون التجارة الدولي (اليونسيترال) إلى إعادة النظر
في قواعد اتفاقية نيويورك لعام 2819و اقترحت اللجنة المذكورة تعديل اتفاقية نيويورك بحيث
تتناول مسائل إضافية مثل الرقابة القضائية على سير العدالة والمحاكمة العادلة وحصانات الدولة
وبعد أن بدأت سكريتارية لجنة األمم المتحدة لقانون التجارة الدولي (اليونسيترال) دراسة الموضوع
وجدت أن األمر يحتاج إلى وضع قانون نموذجي شامل للتحكيم التجاري الدولي ،األهداف التي
-2قيام التحكيم التجاري على مبدأ سلطان اإلرادة والحد من دور المحاكم.
-9وضع إطار إلدارة التحكيم التجاري بحيث يكون من الممكن استكمال التحكيم حتى إذا لم تستطيع
األطراف االتفاق على المسائل اإلجرائية حتى ال يستطيع أي طرف عرقلة اإلجراءات.
1
-3وضع بعض القواعد اإلضافية التي تساعد على تنفيذ أحكام التحكيم.
كماجاء قانون االونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي مع التعديالت الي اعتمدت في عام
،1991حيث يهدف هذا القانون النموذجي لمساعدة الدول على اصالح وتحديث قوانينها المتعلقة
باجراءات التحكيم لمراعاة السمالت وااحتياجات الخاصةللتحكيم للتحكيم التجاري الدولي فاعتمدت
االونسيترال ،في 3تموز/يوليه ،1991تعديالت على المواد )1(2و 3و ،)1(91كما اعتمدت الفصل
الرابع ألف الجديد لكي يحل محل المادة ،23والمادة 1ألف الجديدة ،ويقصد بالصيغة المنقحة للمادة 3
ويرسي الفصل الرابع ألف المستحدث نظاما قانونيا اشمل للتعامل مع التدابير المؤقتة التي تتخذ دعما
للتحكيم ،واعتبا ار من عام ،1991أصبحت الصيغة المعيارية للقانون النموذجي هي صيغته المعدلة،
ويستنسخ أيضا النص األصلي لعام 2891نظ ار إلى وجود العديد من التشريعات الوطنية التي سنت
1
استنادا إلى هذه الصيغة األصلية.
رابعا :جولة أورجواي الوثيقة الختامية في 1992/2/15بالمغرب المنظمة من طرف منظمة التجارة
العالمية
لقد أصبحت جوالت أورجواي والتي نظمتها منظمة الجات (االتفاقية العامة للتجارة والتعريفات)
بعد جولتها الختامية هي منظمة التجارة العالمية ) (WTOوفيها نصت على إنشاء جهاز تسوية
المنازعات المنشأ حسب االتفاقية له وساطة إنشاء فرق التحكيم وسمى ) (DSBوغير أن من النصوص
الهامة في جولة أورجواي األخيرة في مراكش النص التالي "يجب أن تتوافق جميع حلول المسائل التي
تطرح رسميا استنادا إلى األحكام المتعلقة بالتشاور وتسوية المنازعات في االتفاقية المشمولة بما فيها
ق اررات التحكيم مع تلك االتفاقيات" ،كما أن صالح عبد البديع شلبي ذكر في كتابة (العضوية في منظمة
التجارة العالمية وتنفيذ االتفاقيات التجارية الدولية) أن أحد النصوص التي ال يجب إغفالها نص (يعمل
كل عضو على مطابقة قوانينه ولوائحه واجراءاته اإلدارية مع التزاماته المنصوص عليها في االتفاقيات
الملحقة ،غير انه يجب مالحظة أنه في نص أخر اتفاقية من اتفاقات التجارة المتعددة األطراف التي
تضمنها المالحق األولى التفاقية ( )WTOفي الوثيقة الختامية لنتائج جولة أورجواي ملحق 1لم يذكر
99 -1األمم المتحدة A/RES/61/الجمعية العامة Distr. : Genral 18 December 2006الدورة الحادية والستون
البند 33من جدول األعمال WWW.uncitral.org ،91-89183
17
غير كلمة مذكرة تفاهم وهي وثيقة تفاهم بشأن القواعد واإلجراءات التي تحكم تسوية المنازعات لتكون آلية
1
متكاملة لفض المنازعات.
كما نجد كذلك اساسه في االتفاقيات االقليمية التي اقرت التحكيم واتي تبعتها التشريعات الوطنية لمختلف
الدول كما سنرى في هذا الفرع والتي سنتطرق اوال الى االتفاقيات االقليمية ثم التشريعات الوطنية.
نجد أن هناك اتفاقيات عديدة عقدت على المستوى اإلقليمي ،منها ما تم بين الدول األوروبية
والخاصة بالقانون الموحد للتحكيم والتي أعدها المجلس األوروبي عام 2811وكذا ما تم بين دول أمريكا
الالتينية ،كذلك هناك اتفاقية موسكو لعام 2831والخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن عالقة التعاون
االقتصادي والعلمي والفني بين الدول األعضاء في مجلس التعاون االقتصادي المتبادل (الكوميكون)،
وفي نطاق الوطن العربي هناك اتفاقيات عديدة نصت على اتخاذ التحكيم وسيلة لحل الخالفات الناشئة
بين الدول المتعاقدة أو مواطني تلك الدول ومنه سوف نتطرق إلى أهم االتفاقيات التي عقدت على مستوى
2
الوطن العربي
-1اتفاقية تنفيذ األحكام لجامعة الدول العربية لعام :1953حيث وافق مجلس الجامعة العربية على
هذه االتفاقية 3في دورته السادسة عشر بتاريخ 23أيلول 2811وأصبحت نافذة المفعول منذ 19حزيران
2813حيث تتسم بطابعها اإلقليمي ال مجال لدولة غير عربية وأهم أحكامها تعالج مسالة تنفيذ األحكام
القضائية الصادرة في إحدى الدول العربية وكذا أحكام التحكيم الصادرة عن إحدى الدول العربية ويراد
-3االتفاقية الموحدة الستثمار رؤوس األموال العربية لعام :1981التي اصبحت نافذة المفعول منذ
السابع من ايلول 2892والتي صادقت عليها خمسة عشرة دولة عربية،1في الدول العربية المنضمة إلى
جامعة الدول العربية ،وموضوعها ينصب على استثمار المال العربي في الدول العربية ،حيث انضمت
-2اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي لعام :1982حيث عالجت هذه االتفاقية بشكل رئيسي
األمور المتعلقة باألحكام واإلنابة القضائية ،كما أنها أفردت المادة 93منها األمور التي تتعلق بأحكام
2
التحكيم وأطلقت على ذلك مصطلح أحكام المحكمين.
ثانيا :أساسه في التشريعـات الوطنية :صدرت العديد من التشريعات الحديثة بشأن التحكيم من اهمها
القانون الفرنسي للتحكيم الدولي الصادر في 21مايو سنة ،32892والقانون االيرلندي للتحكيم الصادر
سنة ،42891والقانون االسباني لسنة 52899و القانون المصري رقم 13لسنة ،2883وكذا القانون
سنة مضت ا لخضوع للتحكيم التجاري الدولي وذلك ألسباب عدة ،حيث تم تقنين التحكيم التجاري الدولي
في قانون اإلجراءات المدنية الجزائري ألول مرة في تاريخ الجزائر يكرس التحكيم التجاري الدولي صراحة
وبوضوح ،من خالل المرسوم التشريعي 98-89الذي أدخل الجزائر ميدان التحكيم التجاري الدولي من
بابه الواسع ،حيث أن الحلول التي تبناها تتجاوز الحلول المعمول بها في الدول الغربية كفرنسا وسويسرا،
1
لقد أخذ من القانونين الفرنسي والسويسري.
إن المرسوم التشريعي 98-89هو قانون عام يسمح لألشخاص المعنوية التابعة للقانون العام أن
2
تطلب التحكيم في عالقاتها التجارية الدولية.
وبصدور القانون رقم 98-99المتضمن قانون االجراءات المدنية واالدارية الذي جاء بأحكام
جديدة عالج فيها التحكيم بنوعيه الداخلي والدولي في الباب الثاني بعنوان "في التحكيم" من الكتاب
الخامس المعنون بـ "الطرق البديلة لحل النزاع" ،في المواد من 2991إلى 2912أي في 11مادة حيث
تناول التحكيم الداخلي في خمس فصول من المواد 2991إلى غاية 2999كما تناول في الفصل
السادس التحكيم التجاري الدولي الذي هو موضوع دراستنا تحت عنوان “ في األحكام الخاصة بالتحكيم
أساس التحكيم ،بطبيعة الحال ،رضاء طرفي االتفاق ،إال أن التحكيم يصبح إجباريا بعد االتفاق
عليه ،واذن يكون اإلختيار متعلقا بحرية االتفاق على التحكيم أو عدم االتفاق عليه وهكذا يكون التحكيم
1
متمي از عن القضاء إذ أن أساس األول رضائي أما أساس الثاني فيوجد في القانون.
-1راجع ،عليوش قربوع كمال ،التحكيم التجاري الدولي في الجزائر ،الطبعة الثانية ،1993 .ديوان المطبوعات الجامعية،
الساحة المركزية ،بن عكنون،الجزائر ،ص .11-12
-2المرجع نفسه.
31
يعد اتفاق التحكيم نقطة البداية في عملية التحكيم ،ومصدر تميزه عن غيره من طرف تحقيق الوظيفة
القضائية ،وخاصة القضاء الرسمي ،لذا ركزالفقه القانوني على دراسته باعتباره حجر الزاوية في انظمة
2
التحكيم.
فسنتعرض لتحديد مفهوم اتفاق التحكيم باكثر تفصيل من خالل هذا الفرع.
-1تعريفه :عرف اتفاق التحكيم الدولي بأنه ذلك االتفاق الذي بمقتضاه تتعهد األطراف بأن يتم الفصل
في المنازعات الناشئة بينها أو المحتمل نشوؤها بينها من خالل التحكيم ،وذلك إذا كانت هذه المنازعات
3
تتعلق بمصالح التجارة الدولية.
كما يعرف كذلك اتفاق التحكيم هو ذلك التصرف القانوني الذي يتفق بمقتضاه الفرقاء على حل
النزاع الناشئ أو المحتمل نشوئه بواسطة التحكيم ويمنح المحكم سلطة الفصل فيه بقرار ملزم ،يحصل من
محاكم الدولة غير مختصة لنظر فيه ،كما يعرف اتفاق التحكيم على شكل أكثر توسعا وتفصيال بأنه:
" ...تصرف قانوني يتخذ شكل اتفاق مكتوب ،ويحدد فيه الطرفان موضوع النزاع وأسماء المحكمين ومكان
إجراءات التحكيم ،وقد يحدد كذلك القانون الذي يطبقه المحكومون ،وعادة ما يكون،اتفاق التحكيم الحقا
4
على نشوء النزاع.
إال أنه بالرجوع إلى التشريعات المقارنة الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي نجد أنها لم تعرف
اتفاق والتحكيم ،بل أكدت في مجملها على أن االتفاق التحكيمي قد يبرم حين نشوب النزاع أو قبله أو
-1أنظر ،د.قادري عبد العزيز،االستثمارات الدولية،التحكيم التجاري الدولي ضمان االستثمارات،الطبعة الثانية،دار هومه
للطباعة و النشر و التوزيع،93،حي اليروبار ،بوزريعة ،الجزائر،1991،ص .119
-انظر ،رضوان عبيدات،اآل ثار االيجابية التفاق التحكيم التجاري وفق احكام القانون االردني والمقارن،مقال،،دراسات 2
الشريعة والقانون،المجلد ،99العدد ،1كلية الحقوق،عمادة البحث العلمي ،الجامعة االردنية،االردن،1922،ص .133
-3أنظر ،د .حفيظة السيد ،الحداد ،المرجع السابق ،ص .223
-4أنظر ،د .عبد الحميد عشوش ،التحكيم كوسيلة لفض النزاعات في مجال االستثمار ،دراسة مقارنة مؤسسة شهاب
القاهرة ،2889ص .23-21
31
يكون اتفاق قائما أو مستقبليا ،وهذا ما سنستقرنه بالقانون الفرنسي لسنة 1891في المادتين - 1881
1881والمادة 1/8من القانون المصري رقم 72لسنة 1881وكذا المادة 1/2من القانون النموذجي
لألونيسترال التي نصت على أن" :اتفاق التحكيم هو اتفاق بين الطرفين على أن يقبال إلى التحكيم جميع
أو بعض المنازعات المحددة التي نشأة أو قد تنشأ بينهما بشأن عالقة قانونية محددة تعاقدية أو غير
1
تعاقدية ويجوز أنم يكون اتفاق التحكيم وارد في عقد أو في صورة اتفاق منفصل.
وحسب نص المادة 159مكرر من المرسوم التشريعي 98-81التي اكتفت بالنص على أن
"اتفاق التحكيم سواء شرط التحكيم أو اتفاق مستقل يسري على النزاعات القائمة والمستقبلية بشرط أن
يكون مكتوبا" من خالل التعريف نجد أن المشرع الجزائري لم يعطي تعريفا واضحا دقيقا بل اكتفى
بتوضيح صوره باإلضافة إلى شرط الكتابة ،أما في المادة 1911من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية
الجزائري الصادر بموجب القانون ( 98/99في االتفاق األصلي) فنعرفه كما يلي :
'اتفاق التحكيم هو االتفاق الذي يقبل األطراف بموجبه عرض نزاع سبق نشوءه على التحكيم"،
فإن المشرع الجزائري بهذا النص قد اقتصر على التحكيم باالتفاق على نزاع سابق ولم يتطرق إلى النزاع
2
الالحق.
أما في المادة 1919في األحكام الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي من نفس القانون " 98/99
وحسب هذه المادة في هذه الفقرة (الفقرة )1نجد المشرع الجزائري كذلك لم يعرف اتفاق التحكيم وانما ذكر
كما يشمل تعبير "اتفاق التحكيم" الصورتين التقليديتين المعروفتين وهما: صوره كما سنبين ذلك الحقا.
-1انظر ،أحمد بوخلخال ،نظام تسوية منازعات االستثمارات االجنبية في القانون الدولي وتطبيقاته في الجزائر ،رسالة
ماجستير ،كلية الحقوق بن عكنون،جامعة الجزائر ،السنة ،1929-1921ص .88
-2راجع،احمد بوخلخال،المرجع السابق،ص .88
33
ا -شرط التحكيم :وهو شرط في العقد يضعه الطرفان وينص في هذا الشرط عادة على أنه إذا حدث
خالف أو نزاع في العقد أو في مسألة معينة يصار إلى حلها بالتحكيم حول العقد أو تنفيذه.
ويتميز شرط التحكيم بكونه له فائدة وقائية إذ يستبعد االختالف والتعطيل في مسار عرض،
النزاع الذي نشأ من إبرام مشارطة التحكيم ،ألنه يرد قبل نشوء النزاع وينقسم شرط التحكيم إلى
شرط تحكيم عام حيث يحال إلى التحكيم جميع المنازعات التي ستنشأ في المستقبل دون استثناء والمتعلقة
بتفسير أو تنفيذ العقد،وشرط تحكيم خاص وذلك مع يظهر من خالل النص على إحاالت بعض النزاعات
ولقد أخذت األنظمة القانونية المختلفة بشرط التحكيم ،حيث اعترف المشرع الفرنسي بشرط
كما نجد المشرع الجزائري نص على شرط التحكيم في المادة 1919من نفس القاون السالف اذكر في
فقرتها االولى "بنصها "تسري اتفاقية التحكيم على النزاعات القائمة و المستقبلية"
فنجده انه تبنى و تطرق الى صورتي اتفاق التحكيم وهما شرط التحكيم ومشارطة التحكيم من خالل العبارة
كذلك اعترف المشرع المصري بشرط التحكيم ،حيث أورد في قانون 72لسنة 1881بالمادة 7/19
وكذلك األمر بالنسبة للمشرع األردني ،فال شك أن جميع التشريعات العربية المذكورة ،قد اشتقت ذلك مما
أورده القانون النموذجي من أحكام الذي أجاز التحكيم بواسطة شرط التحكيم ،لكن أن يرد قبل شوء القرار
الجدير بالذكر أن شرط التحكيم أكثر انتشا ار من مشارطة التحكيم حيث أن حوالي %99من عقود التجارة
1
الدولية تتضمن شرط التحكيم
-1راجع،احمد بوخلخال،المرجع السابق ،ص ،291-292نقال عن ،د .محمود المواجدة ،التحكيم في عقود الدولة ذات
الطابع الدولي دراسة مقارنة ،دار الثقافة العامة للنشر والتوزيع ،1929ص .13
32
الصيغة التي يريد فيها شرط التحكيم فليس هناك صيغة معينة وانما يجب ان الصيغة واضحة ومحددة
1
المعالم.
ب -مشارطة التحكيم :هو عبارة عن اتفاق يبرمه األطراف استقالل عن العقد األصلي بعد نشوء نزاع
2
فعلي بينهما بهدف اللجوء إلى طريق التحكيم لفض هذا النزاع.
فهي تكون في حالة مجيء العقد المبرم بين األطراف طالبا عند نشوء النزاع من شرط التحكيم
فيتم إبرام مشارطة تحكيم من أجل عرض هذا النزاع عن التحكيم لحله ،ولذلك فهي اتفاق بينهم بمثابة
3
نزاع قائم فعال.
-2طبيعته :يعد اتفاق التحكيم ،شرطا كان أو مشارطة ،تصرفا قانونيا اراديا ،وعقدا حقيقيا يتوفر له اركانه
كسائر العقود التي ينظمها القانون المدني ،فالبد من توافر ارادة اطرافه بايجاب و قبول متطابقتين جوهرها
االتفاق على احالة نزاعاتهم الحالية أو المستقبلية لتسويتها بطريق التحكيم وتنازلهم عن حق اللجوء الى
القضاء الرسمي ،كونه اتفاقا ملزماالطرافه تطبيقا لمبدا العقد شريعة المتعاقدين فهو يرتيب بالمقابل
4
التزامات على االطراف
إن تلك الخصوصية التي يتميز بها اتفاق التحكيم ،هي التي أدت إلى الحديث عن الطبيعة غير
المتجانسة التفاق التحكيم ما دام ذلك التحكيم يبدأ باتفاق خاص بين الطرفين ويظل خاصا أثناء
اإلجراءات التي يحددانها باتفاق بينهما أيضا ثم ينتهي بحكم له قوة ملزمة قانونا ،ثم أن ذلك الحكم ينفذ
من طرف مختلف الدول ،شريطة أن تكون الشروط الالزمة لصحته قد توفرت ،ودور االرادة رئيسي إذن
32
في التحكيم إذ أنها هي التي تحدد أيضا موضوع النزاع وتعيين المحكمين وتحديد اإلجراءات التي تتبع في
1
التحكيم وقد تحدد القانون القابل للتطبيق.
ثانيا :شروط صحة اتفـاق التحكيم :سنتناول في هذه النقطة الشروط الشكلية والموضوعية لصحة اتفاق
التحكيم في القانون الجزائري وكذ التشريعات الوطنية االخرى وموقف االتفاقيا ت الدولية
-1شكل اتفاق التحكيم :إذا كان االتفاق على التحكيم يتم برضاء األطراف المتعاقدة فهل يلغي هذا
الرضاء قيام التحكيم أم يجب أن يتم إف ارغـه في شكل معين أي هل يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ؟
وان كان كذلك فما نوعية هذه الكتابة ؟ ولإلجابة على هذه التساؤالت ينبغي أن نعرض موقف االتفاقيات
الدولية المتعلقة بالتحكيم وقواعده وكذا التشريعات الوطنية ،فنبدا اوالبموقف االتفاقيات الدولية وقواعد
نصت الفقرة 2من المادة الثانية من اتفاقية نيويورك بشأن االعتراف باألحكام التحكيم األجنبية
وتنفيذها سنة 2819فملخص هذه المادة أن هذه االتفاقية قد تطلبت أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا حتى
تقره الدول األعضاء وتعترف به ،بمعنى أن الدول األعضاء ال تكون ملزمة باالعتراف باتفاق التحكيم إذا
لم يكن هذا االتفاق مكتوبا ،مع ذلك فقد أضفت االتفاقية مرونة كبيرة على الكتابة المطلوبة حيث أنها ال
وبالنسبة التفاقية البنك الدولي لتسوية منازعات االستعمار والمبرمة في واشنطن عام 2891فقد
اكتفت بالنص في إعادة ( ) 2/11على أن يكون اتفاق األطراف على الخضوع للتحكيم لدى المركز الدولي
مكتوبا دون بيان بشكل الكتابة المطلوبة،فقد تطلبت الئحة التحكيم الصادر عن لجنة األمم المتحدة
-1أنظر ،د.قادري عبد العزيز ،المرجع السابق ،ص ،112نقال عن د ،عبد الحميد عشوش ،التحكيم كوسيلة لفض
المنازعات في االستثمار ،دراسة مقارنة ،اإلسكندرية ،مؤسسة شباب الجامعة ،2889،ص.11
35
للقانون التجاري الدولي عام 2831أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ،دون أن تشترط شكال معينا للتحكيم
كما نجد موقف القـوانين الوطنيـة اشترطت معظم القوانين الوطنية أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا
لكن اختلفت فيما بينها حول شكل الكتابة المطلوبة وما إذا كانت رسمية أو عرفية أم إذا كانت الكتابة
بيد أن غالبية القوانين الوطنية لم تتطلب أن تكون الكتابة رسمية اكتفت بأن تكون عرضية كما هو الحال
في بريطانيا وأمريكا وروسيا وبقية الدول االشتراكية وهنا لم يشترط الكتابة كما هو الحال في ألمانيا حيث
يجوز التحكيم الشفوي ،ومن ناحية أخرى معظم القوانين اشترطت كتابة اتفاق التحكيم كشرط إثبات وليس
شرطا لصحة اتفاق التحكيم كما هو الحال في الواليات المتحدة األمريكية.وفي القـانـون الفـرنسـي نص
المادة 2339من قانون المرافعات بالنسبة للتحكيم الداخلي على أنه :يجب أن يكون شرط التحكيم مكتوبا
في العقد األصلي أو في مستند يحيل إليه هذا العقد ،واال كان باطال ،ولم يتضمن هذا القانون أي نص
بخصوص اتفاق التحكيم الدولي فالتساؤل المطروح هو هل هذا النص بتطبيق على اتفاق التحكيم في
فإلجابة على هذا التساؤل المادة 2321من هذا القانون تنص على أنه « عندما يكون التحكيم
الدولي خاضعا للقانون الفرنسي ،ال تطبق نصوص الباب األول والثاني والثالث من هذا الكتاب إال إذا
اتفق األطراف على خالف ذلك وفيما عدا المادتين » ...2383 ،2389أنه لصحة شرط التحكيم في
مجال التحكيم الداخلي ال يسري على التحكيم الدولي إال إذا اتفق األطراف على خالف ذلك.
في القانون المصري كان يتطلب الكتابة كشرط إلثبات حسب نص المادة 192من قانون
المرافعات ،لكن المشرع في القانون الجديد رقم 13لسنة 2883حيث رتب على تخلف الكتابة بطالن هذا
36
االتفاق ...،في القوانين العربية التي تشترط الكتابة لإلثبات ما هو الحال في القانون الكويتي البحريني،
أما المشرع الجزائري فكان موقفه حسب نص المادة 2939السالفة الذكرفي فقرتها الثانيةعلى انه:
"يجب من حيث الشكل ،وتحت طائلة البطالن ،أن تبرم اتفاقية التحكيم كتابة ،أو بأي وسيلة اتصال أخرى
تجيز اإلثبات بالكتابة" ،فنجد من خالل هذه المادة في فقرتها الثانية بالتحديد أنها اشترطت شرط الكتابة
لصحة اتفاق التحكيم وليس لإلثبات فقط ،كما أضافت وأجازت أن تبرم االتفاقية كتابة أو بأي طريقة
اتصال أخرى تجيز اإلثبات بالكتابة ،فنجد ان المشرع الجزائري في هذه النقطة تبنى نفس الموقف في
2
القانون المدني بخصوص طرق االثبات في المادتين919مكررو919مكرر2
فنيته مواكبة التطور الواسع لوسائل االتصال وتوسع شيكاتها ومدى تأثيرها على التجارة الخارجية ،بحيث
أصبحت تبرم الصفقات عبر االنترنت وهي ما يسمى بالتجارة الكترونية لما ظهر التوقيع اإللكتروني الذي
وخالصة القول أن االتفاقيات الدولية ،وكذا قواعد التحكيم ذات الطبيعة الدولية تتطلب أن يكون
التحكيم مكتوبا ،بيد أنها ال تشترط أن تتم كتابة اتفاق التحكيم ،في شكل معين ،إذ أنها أجـازت أن يتخذ
اتفـاق التحكيم صورة شرط تحكيم وارد في العقـد ،أو أن يتخـذ صورة اتفاق موقـع عليه من األطراف أو أن
3
يرد اتفـاق التحكيم في رسائل أو برقيات أو فاكسات أو تلكسات متبادلة بينهم.
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص 132وما بعدهـا
-2القانون رقم 29-91المؤرخ في 19يونيو 1991المتضمن القانون المدني.
-3انظر ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .192
37
-3القانـون الواجب التطبيق على شكل اتفـاق التحكيم ونطاق تطبيقه :تبدو أهمية تحديد القانون الواجب
التطبيق على شكل اتفاق الت حكيم إزاء اختالف القوانين الوطنية ،حول الشكل الذي يجب يفرغ فيه إنفاق
التحكيم ،وتثور مسألة القانون واجب التطبيق على شكل اتفاق التحكيم عندما يتعلق األمر باتفاق التحكيم
ذي طابع دولي ،كما هو الحال بالنسبة التفاق التحكيم المتعلق بعقود البترول المبرمة بين الدول المنتجة
فمن الصعب ومن المستحيل تحقيق قواعد موضوعية موجودة تطبق في جميع الدول األعضاء،
فاالتفاقيات الدولية لم توفق في هذا من أجل اختفاء مشكلة تنازع القوانين ،فاالتفاقيات الدولية ذاتها تركت
الباب مفتوحا لحدوث النزاع بين القوانين حيث أن المادة السابقة من اتفاقية نيويورك ،قد أجازت التمسك
بالقوانين الوطنية ،األقل تشددا من حيث الشروط الشكلية الواجب توافرها في اتفاق التحكيم.
فقد أخذت أغلبية التشريعات الوطنية بقاعدة خضوع شكل العقد لقانون محل اإلبراموباعتبارها
قاعدة اختيارية وليسن ملزمة ،وعلى سبيل المثال القانون المدني المصري في المادة (.)19
فالدكتور سراج حسين محمد أبوزيد حسب رأيه فإنه يفضل األخذ في االعتبار الشروط الشكلية
التي يتطلبها قانون الدولة محل اإلبرام ،وذلك العتبارات تتطلب بتنفيذ حكم التحكيم بعد صدوره ،إذ أن
القانون الدولي الخاص في الدولة مقر التحكيم أو في الدولة القاضي المطلوب منه التنفيذ غالبا على
1
خضوع الشكل لقانون الدولة نحل اإلبرام.
-1أنظر ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .193
38
يشترط لصحة اتفاق التحكيم أن يكون محله مشروعا وأهم ما يلزم لتوافر مشروعيته هو أن
يكون النزاع الذي اتفق األطراف على اللجوء إلى التحكيم بشأنه ،من المنازعات التي يجوز تسويتها
بطريق التحكيم1.
فالمسلم به أن كل دولة تتولى وبحرية تحديد المسائل التي يجوز أو ال يجوز االتفاق على تسويتها
بطريق على التحكيم ،وال أدل على هذه الحرية المعترف بها للدول في هذا الخصوص ،من أن االتفاقيات
الدولية المتعلقة بالتحكيم قد ربطت التزام الدول باالعتراف باتفاقات التحكيم يكون النزاع محل اتفاق
التحكيم متعلقا بمسالة تقبل التسوية بطريق التحكيم وذلك دون أدنى تحديد ودون ان تحاول وضع قاعدة
موضوعية تلتزم بها كل الدول األعضاء ولما كانت كل دولة هي التي تتولى بنفسها تحديد هذه المسائل
التي يجوز فيها التحكيم ،فكان وال بد أن تختلف الدول فيما بينها في هذا الشأن ،ولكن فإن هذه األنظمة
تكاد تجمع على أن المسائل التي ال يجوز فيها التحكيم هي التي ال يجوز فيها الصلح وهي المسائل
المتعلقة باألحوال الشخصية مثل النسب ،الزواج ،الطالق واألهلية والمسائل الجنائية وهناك مسائل أخرى
2
تختلف فيها األنظمة القانونية األخرى.
ا-أهلية االتفاق على التحكيم :لقد تم توسيع دائرة المسائل التي يجوز فيها اللجوء إلى شرط
التحكيم سنة 2899بتعديل قانون المرافعات الفرنسي ،بحيث امتد التوسيع إلى كافة المسائل التي يوجد
3
بشأنها نص يتيح اللجوء إلى التحكيم ،وبذلك أصبح قبول شرط التحكيم قاعدة وحظره استثناء.
يتعين لصحة اتفاق التحكيم أن تتوافر لدى األطراف األهلية الالزمة إلبرام هذا االتفاق وتتطلب
مختلف النظم القانونية أن تتوافر في األطراف أهلية التصرف في الحقوق التي أتفق على اللجوء على
جزءا من نظام األهلية عموما وليست من مسائل التصرف اإلداري ذاته ،ومن هذا المنطلق اختصت
األهلية في مختلف الدول بقاعدة إنشاء مؤدوها خضوع األهلية للقانون الشخصي ومنه ثار خالف بين
الفقهاء لتحديد المقصود بالقانون الشخصي ويتضح من استعراض تشريعات مختلف الدول أن فريقا من
الدول يأخذ بقانون المواطن باعتباره القانون الشخصي كما هو الحال في الدول األنجلو أمريكية وغالبية
الدول االسكندنافية ،وفريق آخر يأخذ بقانون الجنسية كما هو الحال بالنسبة لكثير من دول القارو
األوروبية وبعض دول أمريكا الالتينية وكذلك معظم تشريعات الدول العربية وفي العراق فالقانون
1
الشخصي هو قانون الجنسية حسب نص المادة 2/9من القانون المدني العراقي.
وحسب رأي الدكتور سراج حسين محمد ابو زيد األخذ بقاعدة إسناد موحدة تطبق في جميع
األحوال سواء أمام المحكم أو القاضي الوطني ويرى األخذ بقانون الجنسية بإعتباره قانون شخصي ليكون
2
هو الواجب التطبيق على أهلية األطراف كما يتميز به بأنه أكثر ثباتا وأقل عرضة للتغيير من غيره.
ب-أهلية الدول واألشخاص العامة في االتفاق على التحكيم :في إطار االتفاقيات الدولية لم يتضمن
بروتوكول جنيف لسنة 2819واتفاقية جنيف لسنة 2813واتفاقية نيويورك لسنة ،2819أي نص
يتعلق بأهلية الدول واألشخاص المعنوية العامة في اتفاق على التحكيم ومع ذلك فقد ذهب جانب من
الفقه إلى نطاق تطبيق اتفاقية نيويورك يتسع ليشمل اتفاقات التحكيم التي تكون األشخاص العامة
طرفا فيها مستندين في ذلك إلى الفقرة األولى من المادة الخامسة والتي حددت مجال تطبيق االتفاقية
1
وقد جاء اصطالح األشخاص المعنوية مطلقا من كل قيد.
كما نجد أن االتفاقية األوروبية لسنة 2812بشأن التحكيم التجاري الدولي قد أكدت صراحة على
أهلية األشخاص المعنوية العامة من االتفاق على اللجوء إلى التحكيم حسب نص المادة الثانية الفقرة
األولى ،كما أنها نصت كذلك في الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه « يجوز لكل دولة عند التوقيع أو
2
التصديق على االتفاقية أو االنضمام إليها أن تقيد من هذه القدرة وفق الشروط المبينة في إعالنها».
في إطـار القوانين الوطنيةهناك قوانين وطنية قررت أهلية الدولة واألشخاص العامة في إبرام اتفاقات
التحكيم خاصة في مجال المعامالت الدولية الخاصة ،فقد اعترفت بذلك معظم قوانين الدول األوروبية مثل
النمسا واسبانيا وايطاليا وسويس ار والدول اإلسكندنافية (الدانمرك وفنلندا والسويد والنرويج) وألمانيا وكذلك
القانون المصري الجديد للتحكيم رقم 13لسنة 2883في مادته األولى وهناك قوانين وطنية حظرت على
الدولة واألشخاص العامة اللجوء إلى التحكيم ،فحظرت بعض الدول العربية كذلك نذكر من بينها
3
السعودية وليبيا والجزائر.
لكن المشرع الجزائري في نص المادة 2991من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية من قانون
98-99في فقرتها الثالثة ينصها « ...وال يجوز لألشخاص المعنوية العامة أن تطلب التحكيم ،ماعدا
نجد أن المشرع الجزائري أورد هذه المادة في أحكام ونصوص التحكيم الداخلي وال نجدها في
لألشخاص المعنوية العامة باستثناء فيما يخص عالقاتها االقتصادية الدولية وفي إطار الصفقات
في إطـار أحكـام التحكيم باإلطالع على العديد من أحكام التحكيم التي صدرت في منازعات التي ثارت
بين الدول أو األشخاص العامة التابعة لها و الشركات الخاصة األجنبية بمثابة العقود ذات الطابع الدولي
المبرمة بينهم ،نجد أن هذه األحكام تؤكد بدون تحفظ على أهلية الدولة واألشخاص العامة التابعة لها في
1
إبرام اتفاقات التحكيم.
كما نجد أن الجزائر في إطار عقود البترول المبرمة مع الشركات األجنبية تتضمن شروطا
للتحكيم ،ويمكن أن نذكر على سبيل المثال في العقود التي أبرمتها شركة سوناطراك الجزائرية مع شركات
البترول األجنبية ونذكر من ذلك العقد التكميلي المبرم في 13مايو سنة 2831بين شركة جيتي
2
وسوناطراك ،فقد نصت المادة ( )21من هذا العقد على األخذ بالتحكيم.
-2القانون الواجب التطبيق على موضوع اتفاق التحكيم :إن مسألة القانون واجب التطبيق على موضوع
اتفاق التحكيم قد تثور أمام المحكم أو أمام القاضي الوطني ،فالقاضي الوطني ال يجد أية صعوبة في
معرفة هذا القانون ،إذ أن قواعد القانون الدولي الخاص في دولته هي التي تتولى تحرير هذا القانون ،فإن
الصعوبة تثور أمام المحكم ،ألن هذا األخير ليس لديه قواعد إسناد يستعين بها في تحديد القانون واجب
التطبيق.
1
االتجاه األول يأخذ بقانون الدولة مقر التحكيم ،أما االتجاه الثاني فيأخذ بقانون اإلرادة المستقلة.
ا -موقف االتفاقيات الدولية :التي تعرضت لمسألة القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم،
اتفاقية نيويورك في 29يونيه سنة 2891وكذلك االتفاقية األوروبية المبرمة في جنيف في 12أفريل سنة
2812تحمل القول قد أخذت باالتجاه السائد لدى الفقه وهو اختصار اتفاق التحكيم لقانون اإلرادة وفي
حالة تخلف قانون اإلرادة لقانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم غالبا ما يكون هو نفسه قانون الدولة
كما تجدر اإلشارة إليه أن هذا الحل قد تبناه القانون النموذجي الصادر في لجنة األمم المتحدة
للقانون التجاري الدولي عام 2891فقد نصت المادة ( /1/93من هذا القانون على أنه ال يجوز لمحاكم
الدولة التي تتبنى هذا القانون إبطال حكم التحكيم إال إذا أثبت الطرف المدعي أن "اتفاق التحكيم غير
صحيح وفقا للقانون على أنه ال يجوز رفض االعتراف بحكم التحكيم أو تنفيذه إال إذا أثبت الطرف
المتمسك ضده بالحكم"" ،إن اتفاق التحكيم غير صحيح وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه حكم التحكيم".
فكما هو واضح من هذين النصين فإن القانون النموذجي قد أخذ في المقام األول بقانون اإلرادة المستقلة،
2
كما أخذ في المقام الثاني بقانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم.
ب-موقف القوانين الوطنية :تعرضت بعض التشريعات الحديثة المتعلقة بالتحكيم لمسألة القانون
الواجب التطبي ق على اتفاق التحكيم فإنها التحكيم فإنها لما تتخذ موقفا موحدا في هذا الخصوص فنجد
« يكون اتفاق التحكيم صحيحا من حيث الموضوع إذا توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون
المختار من قبل األطراف أو القانون الذي يحكم موضوع النزاع (وخصوصا القانون الذي يحكم العقد
األصلي) أو القانون السويسري ،ويستفاد من هذا النص أنه يكفي لصحة اتفاق التحكيم أن تتوافر فيه
.1القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع (وخصوصا العقد األصلي) سواء أكان هذا
اما المشرع المصري حرص على األخذ بالحلول التي أقرتها االتفاقيات الدولية التي انضمت غليها
مصر وقد سبق وأن رأينا أن اتفاقية نيويورك لعام 2819التي انضمت إليها مصر تأخذ في المقام
األول بمبدأ سلطان اإلرادة في تحرير القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم وفي المقام الثاني
1
بقانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم وهو غالبا قانون الدولة مكان التحكيم.
التشريع الجزائري الجديد الصادر بقانون 98 -99ضمن احكام قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية
حيث تنص المادة 2939في فقرتها الثالثة تنص على أنه " ...تكون اتفاقية التحكيم صحيحة من حيث
الموضوع ،إذا استجابت للشروط التي يضعها إما القانون الذي اتفق األطراف على اختياره أو القانون
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق،ص .119
22
فما نالحظه على نص هذه المادة تظهر نية المشرع الجزائري باختيار القانون الذي اختاره
األطراف ،أي تكريس مبدأ سلطان اإلرادة أو القانون المنظم لموضوع النزاع (المنظم للعقد األصلي) أو
القانون الذي يراه المحكم مالئما ،أي استبعد قانون البلد هنا واستبدله بالقانون الذي يراه المحكم مالئما،
وفي رأينا هو أن المشرع أعطى مرونة أكبر للتحكيم تدعيما لفعاليته وتحقيقا لغايته .
ثالثا :استقاللية اتفاق التحكيم و اآلثار المترتبة عليه :ان استقاللية اتفاق التحكيم مسالة قانونية في
غاية االهمية نظ ار لما ينجم عنها من اثار ،كما ان التفاق التحكيم اثار فسندرس هذه المسائل باالستعانة
الى مختلف القوانين القوانين الوطنية واحكام التحكيم ،كما سياتي توضيح هذا من خال ل الفرعين التاليين:
-1استقاللية اتفاق التحكيم :سنتطرق الى نطاق اعمال هذه القاعدة كما سياتي:
ا -استقاللية اتفاق التحكيم بالنسبة للعقد األصلي :يعد مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن العقد األصلي
من المبادئ المستقرة ماليا سواء في إطار القوانين الوصفية أو المعاهدات الدولية ولوائح العقد األصلي
واالتفاق على التحكيم ،فاالتفاق على التحكيم هو مجرد عقد يرد على اإلجراءات وال يهدف إلى تحديد
حقوق والنزاعات األطراف الموضوعية ولكن ينصب محله على الفصل في المنازعات الناشئة عن الشروط
1
الموضوعية التي يتضمنها العقد األصلي.
فإن هذا المبدأ من المبادئ المستقرة في بعض القوانين الوضعية ،قد كرس هذا المبدأ إما عن
طريق أحكام القضاء أو بنصوص تشريعية ،ففي فرنسا مثال ذهبت محكمة النقض الفرنسية في حكمها
الصادر في 2مايو 1891في قضية Gossetإلى أنه في "إطار التحكيم التجاري الدولي ،فإن اتفاق
فإنه يتمتع دائما ،إال إذا ظهرت ظروف استثنائية ،باستقالل قانوني كامل ،يستبعد معه أن يتأثر اتفاق
1
التحكيم بأي بطالن محتمل يلحق بهذا التصرف.
ونجد هذا ما كرسه أيضا المشرع الجزائري من خالل نص المادة 1/59 159فقرة 1من
المرسوم التشريعي ، 98-81يكون بهذا المشرع الجزائري قد أخذ بالقانون السويسري المادة 129فـقـرة ،1
وبالقضاء الفرنسي في مسألة استقاللية اتفاق التحكيم بالنسبة للعقد األساسي أو األصلي ،وهو كذلك الحل
الذي أخذ به معهد القانون الدولي في دورة Saint jacques de Compostelleفي 17سبتمبر
1898في الئحة حول التحكيم بين الدول ،مؤسسات أو كيانات تابعة لها ،والشركات األجنبية حيث
قضت المادة ، 1يكون اتفاق التحكيم مستقال بالنسبة للعالقة القانونية التي تربط بها" .يطلق على هذا
2
الوضع مبدأ الفصل بين اتفاق التحكيم والعقد األساسي أو األصلي وهذا ما كرسه القضاء الفرنسي.
7999/97/75التي تنص فقرتها الرابعة ( ..." )91ال يمكن االحتجاج بعدم صحة اتفاقية التحكيم،
ب-اآلثار المترتبة على مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم :يقصد بمبدأ استقاللية التحكيم عن العقد األصلي
المعنى القانوني وليس المادي ،فهو ال يعني مطلقا أن اتفاق التحكيم يجب أن يكون محال إرضاء و قبول
مستقل عن الرضا المقبول بشأن العقد األصلي ،كما ال يمكنه أن أي شرط التحكيم أن يلقي ذات المصير
الذي يلقاه العقد األصلي في حالة انتقال الحقوق الناجمة عن هذا العقد وبالتالي فإن هذا المبدأ.
ينجم فيه أثرين مهمين وهما :عدم ارتباط اتفاق التحكيم بمصير العقد األصلي ،واألثر الثاني
واألثر الثاني هو إمكانية خضوع اتفاق التحكيم لقانون آخر غير ذلك الذي يخضع له العقد األصلي.
استقاللية شرط التحكيم ومعنى هذا المبدأ أن وجود وصحة وسريان اتفاق التحكيم ال يتوقف وال يتأثر
بمصير العقد األصلي الذي يشير إليه االتفاق فمثال إدعاء أن العقد األصلي لم يتم إبرامه في الغرض
الذي يكون فيه العقد الذي يتضمن شر ط التحكيم تم توقيعه ولكن لم يدخل في مرحلة النفاذ أو أنه
باطل أو تم فسخه أو االلتزامات الناشئة عن العقد األصلي تم تجديدها ،ال يؤدي إلى عدم فعالية
فهذه المسألة بشان عدم ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد األصلي قد أثار الكثير من
الجدل ،حيث أن فكرة بطالن العقد وانعدامه هي من األمور الشائكة فبمجرد االدعاء بانعدام العقد األصلي
ال يكفي في حد ذاته إلى استبعاد اختصاص المحكمة ،إذ أن للمحكم أن يقدر مدى صحة هذا االدعاء
واذا الحظ فعال أن العقد األصلي غير قائم وال وجود له قانونا ،وذلك في خالة االنعدام الكامل لرضا
المتبادل بين أطراف العقد ،فإنه يتعين أن يستخلص من هذا االنعدام اآلثار المتعلقة بموضوع النزاع ،فإذا
اتضح له أن االنعدام المدعى به يسري أبطأ على اتفاق التحكيم ليس لمجرد استخالص هذه النتيجة وانما
ألن سبب االنعدام الذي لحق بالعقد األصلي لحق أيضا باتفاق التحكيم ،ومنه في هذا الغرض يجب على
1
أن يرتب النتيجة الحتمية على ذلك االنعدام ويقضي بعدم االختصاص.
فمبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن العقد األصلي سيسمح باإلبقاء على اتفاق التحكيم طالما لم يكن
هذا االتفاق في حد ذاته قد لحق به أي عيب من عيوب اإلدارة التي لحقت بالعقد األصلي وطالما لم يكن
محله أو سببه مخالفا للنظام العام الدولي ،أما انعدام التعبير عن رضا األطراف بالعقد األصلي فإنه يؤدي
2
إلى عدم وجود اتفاق مستقل في عالقته باتفاق آخر إذ ال يوجد أي اتفاق.
-2خضوع اتفاق التحكيم لقانون آخر غير ذلك الذي يخضع له العقد األصلي.
بالضرورة إلى ذات القواعد التي تحكم العقد األصلي ،سواء تم إخضاع اتفاق التحكيم إلى قانون محدد
باألعمال لقواعد اإلسناد التقليدية أو تم إخضاع اتفاق التحكيم ،على نحو ما ذهب إليه القضاء الحديث
في فرنسا ،سواء من حيث الفصل في مسألة وجود ذاته أو صحته ،إلى قواعد مادية تتماشى مع الطابع
1
الدولي للتحكيم.
فشرط التحكيم يعد جزءا مستقال Partie distincteعن العقد األصلي ،ولألطراف وأيضا
للقضاء الذي قد يفوض إليه األمر للفصل في مسألة وجوده وصحته ،إخضاعه لقانون مختلف عن ذلك
2
الذي يخضع له باقي العقد.
رابعا:آثار اتفاق التحكيم :يترتب على اتفاق التحكيم أين كانت صورته ،سواء أكان في صورة شرط
تحكيم وارد في العقد األصلي أو في صورة اتفاق تحكيم مستقل أثران جوهريان أحدهما إيجابي l’effet
positifويتمثل في التزام األطراف بعرض النزاع أو المنازعات التي أنشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم على
التحكيم ،وتوليه المحكمين سلطة الفصل في هذه المنازعات ،واآلخر سلبي l’effet négatifويتمثل
امتناع هؤالء األطراف عن عرض هذه المنازعات على القضاء الوطني،ومنع هذا القضاء من الفصل
3
فيها.
فاتفاق التحكيم الدولي بوصفه العقد الذي تتعهد األطراف فيه بأن يتم الفصل في المنازعات
الناشئة بينهم أو التي قد تنشأ بينهم بواسطة محكمين وليس بواسطة قضاء الدولة أثران مختلفان وسوف
-1
المرجع نفسه ،ص .239
-2المرجع نفسه ،ص .238
-3أنظر ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .918
28
-1األثر اإليجابي التفاق التحكيم :والذي يتمثل في التزام االطراف بالعهدة للمحكم للمنازعة لحلها
ا -وهو التزام األطراف بالعهدة إلى المحكم بالمنازعة المتفق على حلها بواسطة التحكيم.
إن األثر اإليجابي التفاق التحكيم ال يثير أية صعوبات في التطبيق عندما يمتثل األطراف
بإخضاع النزاع للمحكمين طبقا التفاقهم التحكيمي لكن عندما يثور نزاع بين األطراف ويطلب أحدهم
اللجوء إلى التحكيم قد يح اول الطرف اآلخر عرقلة إجراءات التحكيم ويدفع بعدم اختصاص محكمة
التحكيم بالفصل في النزاع مستندا في ذلك على العديد من األسباب وان هذا الفرض ليس نظريا وانما
الواقع العملي يبين لنا أن هناك العديد من الحاالت التي رفض فيها بعض األطراف المشاركة في إجراءات
التحكيم1.
التزام األطراف بالعهدة بالمنازعة موضوع اتفاق التحكيم إلى المحكم وهذا االلتزام يجب تنفيذه
عينيا ،وينجم عن هذا االلتزام تطبيق مبدأ القوة الملزمة لهذا االتفاق ومن المعروف أن مبدأ القوة الملزمة
2
للعقود أو أن العقد شريعة المتعاقدين من المبادئ المستقرة في القانون الدولي للعقود.
والواقع من هذا األمر أن هذا االلتزام الواقع على عاتق األطراف بالعهدة إلى المحكم أو المحكمين
بالمنازعة المتفق على حلها من خالل التحكيم ،يتطلب من أجل ضمان فعاليته واحترامه أن يكون أحد
3
األطراف عن القيام بهذا االلتزام ،مقترنا بإمكانية إلزامه على التنفيذ العيني لهذا االلتزام.
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .912
-2راجع ،د .حفيظة ،السيد الحداد ،المرجع السابق ،ص 123نقال عن:
- Convention d’arbitrage effets, droit commun et droit conventionnel, J.C dr inter, fax 586
5,1994.
-3المرجع نفسه،ص .123
29
وفي هذا الشأن نذكر موقف الشركة الوطنية اإليرانية للبترول (نيوك) عندما رفض المشاركة في
إجراءات التحكيم على أثر النزاع المثار بينها وبين الشركة الفرنسية EIP-Qauitqineمستندة في ذلك
على أن العقد األصلي المبرم بينهما قد اعت بر باطال وكأن لم يكن من قبل اللجنة الخاصة ،التي تم
تشكيلها وفقا للقانون اإليراني ذات المادة الواحدة الصادر من مجلس قيادة الثورة اإلسالمية في سنة 2899
ومن ذلك أيضا موقف الحكومة الليبية عندما رفضت المشاركة في إجراءات التحكيم في قضية ليامكو
ونازعت في اختصاص المحكم بحجة تعارض التحكيم مع سيادتها الوطنية كدولة وفي هذه األحوال يطرح
السؤال عن الجهة التي تملك سلطة الفصل في اختصاص محكمة التحكيم ،فهل ينعقد االختصاص
للمحكمة القضائية المختصة لكي تفصل في مسألة اختصاص المحكمين وفي هذا الغرض يجب على
المحكمين إيقاف إجراءات التحكيم لحين فصل الجهة القضائية المختصة ،إما ينعقد االختصاص
للمحكمين أنفسهم للفصل في اختصاصهم وفي هذه الحالة إذ ارتئ المحكمون أن لهم االختصاص كان
لهم مواصلة إجراءات التحكيم واالستمرار في النظر في النزاع المعروض والفصل فيه مع مراعاة الرقابة
القضائية الالحقة على صدور حكم التحكيم واحتمال صدور حكم قضائي يقضي بعدم اختصاصهم
1
بالنظر في النزاع والفصل فيه.
ومن هذا فإنه تحدث وتظهر عدة إشكاالت ذلك أن الطرف الذي ينازع في اختصاص المحكمين
غالبا ال تتوافر فيه حسن نية فإنه يستهدف من وراء هذا المماطلة وتفضيل إجراءات التحكيم واطالة النزاع
كما نجد كذلك تثور تنازع االختصاص القضائي ،وتنازع القوانين األمر الذي من شأنه عرقلة إجراءات
التحكيم وفيه إهدار للوقت عكس ما هو في االعتراف للمحكمين بالفعل في اختصاصهم ذلك أن التحكيم
له ميزة واضحة ومؤكدة وهي الوصول بأقصى سرعة ممكنة إلى حل النزاع ذلك أن األطراف وصفو ثقتهم
-1راجع د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .911
21
في المحكمين للفصل في النزاع المثار وأن تمتد هذه الثقة إلى القرار الخاص في مسألة اختصاصهم
وهكذا يمكن أن تتضاعف إمكانيات استخدام الوسائل االحتيالية للطرف الذي ال يرغب في التحكيم.
ومن أجل ذلك كله كان من الضروري االعتراف للمحكمين باالختصاص في الفصل في
اختصاصهم وهو ما حدث فعال ،فقد أقرت معظم القوانين الوطنية واالتفاقات الدولية وقواعد التحكيمات
الطبيعة الدولية وكذلك أحكام التحكيم ،مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه عندما يدفع أحد
1
األطراف أمامه بعدم االختصاص.
ب -تقرير مبدأ االختصاص باالختصاص :فالمعترف في معظم القوانين الوطنية أن للمحكمين
االختصاص بالفصل في اختصاصهم عند المنازعة فيه .سواء كان الدفع بعدم االختصاص مبينا على
عدم وجود العقد األصلي أو بطالنه أو عدم وجود اتفاق التحكيم ذاته أو بطالنه أو تجاوز المسالة محل
النزاع لنطاق اتفاق التحكيم ،هذا مع مراعاة أن القوانين الوطنية لم تمنح المحكم سلطة الفصل في
اختصاصه بصفة نهائية ،بل متمة إياها بصفة مؤقتة ،حيث يخضع الحكم الذي يتخذه المحكم في مسألة
اختصاصه للرقابة القضائية الالحقة وذلك من خالل دعوى بطالن حكم التحكيم أو أثناء إجراءات منح
2
القوة التنفيذية لحكم التحكيم.
وأساس مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه،حيث ذهبت بعض األحكام
القضائية الصادرة في فرنسا إلى رد مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه إلى مبدأ آخر
ساهم هذا القضاء في إرساء قواعده وهو "مبدأ استقاللية اتفاق التحكيم عن العقد األصلي" كما تجد
مصادره حيث يشهد مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه أساسه من العديد من
1
المعاصرة للعديد من الدول وكذلك الغالبية العظمى من لوائح التحكيم.
فنجد االتفاقية األوروبية لسنة 2812قد أقرت مبدأ اختصاص المحكم بالفصل في اختصاصه
عندما يكون متنازعا فيه أمامه من قبل أحد األطراف بل قد اعتبرته التزاما على المحكم حيث أوجبت على
المحكم عدم التخلي عن الدعوى عند المنازعة في اختصاصه وبهذا تكون االتفاقية األوروبية قد وصفت
المحكم على نفس مستوى القاضي الوطني والذي يعد دائما هو القاضي في الفصل في اختصاصه واألمر
كذلك بالنسبة للقانون النموذجي الصادر عن نفس اللجنة عام 2891في المادة ( )2/21على أنه"يجوز
لمحكمة التحكيم أن تفصل في اختصاصها بما في ذلك الدفوع المتعلقة بوجود أو صحة اتفاق التحكيم
"...
2
نفس االتجاه بالنسبة لالئحة التحكيم المعمول بها لدى غرفة التجارة الدولية بباريس.
أما إذا جئنا إلى موقف التشريع الوطني الجزائري نجد خصائص المادة 2933من قانون
اإلجراءات المدنية و االدارية التي تنص على أنه" :تفصل محكمة التحكيم في االختصاص الخاص بها.
تفصل محكمة التحكيم في اختصاصها بحكم أولي إال إذا كان الدفع بعدم االختصاص مرتبطا بموضوع
النزاع.
وما نستخلصه من هذه المادة نجد أن المشرع الجزائري ساير القوانين الوضعية األخرى واالتفاقيات الدولية
في تقرير مبدأ االختصاص باالختصاص التي تظهر في األثر اإليجابي التفاق التحكيم.
ا -سلب النزاع من والية القضاء الوطني ونقله إلى والية المحكمين :ويحدث هذا األثر سواء
كان إنفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم أو في صورة إنفاق تحكيم مستقل ،ويعتبر هذا األثر بديهيا ،فمن
أجل تطبيق وضمان واحترام إنفاق التحكيم فإنه من الضروري أن يقابل األثر اإليجابي والمتمثل في
اختصاص محكمة التحكيم أثر سلبي أال وهو عدم اختصاص المحاكم القضائية بالفصل في النزاع الذي
1
اتفق األطراف على إخضاعه للتحكيم.
فنجد أن هذه القاعدة تبنتها وقررتها الغالبية العظمى من التشريعات الوطنية والتفاقيات الدولة
ويمكن أن نذكر من ذلك القانون السويسري الجديد لتحكيم الدولي الخاص سنة 2893وكذلك القانون
االيرلندي والقانون اإلسباني والقانون الفرنسي على الصعيد البلدان العربية نجد قانون دولة اإلمارات
العربية المتحدة وكذلك القانون المصري ومن بينها كذلك القانون الجزائري وكذلك نجذ االتفاقيات الدولية
المتعلقة بتحكيم قد نص صراحة على قاعدة عدم اختصاص القاضي الوطني فنجد من بين هذه االتفاقيات
بروتوكول جنيف لسنة ،2819اتفاقية نيويورك ،االتفاقية األوروبية السابقتان الذكر ،وإلعمال هذه القاعدة
يجب توفر شروط معينة وقيود تزد عليها وبعبارة أخرى تحديد نطاق عدم االختصاص القضائي الذي
كالتالي:
بشأنها على تحكيم ،نص عليها مبدأ عدم اختصاص المحاكم الوطنية بالمنازعات المتفق
صراحة التشريعات الوطنية المتعلقة بالتحكيم وكذا االتفاقيات الدولية والسؤال الذي يمكن أن يثور عما إذا
كان يشترط العمال هذه القاعدة أن تكون إجراءات التحكيم قد بدأت قبل رفع النزاع أمام المحكمة
القضائية ،أم أنه يجب إعمال هذه القاعدة حتى قبل البدء في إجراءات التحكيم ؟
أنه يجوز لقاضي أيقضي بعدم اختصاصه من تلقاء نفسه ؟ ،وأخي ار هل يشترط إلعمال هذه القاعدة أن
فيمكن اإلجابة على التساؤل األول بالقول بأنه ال يشترط إلعمال هذه القاعدة أن تكون إجراءات
التحكيم قد بدأت بالفعل واتصلت محكمة التحكيم بالنزاع ،إذ أن هذه القاعدة تعد أثر من آثار اتفاق
التحكيم وبالتالي تترتب على هذا اتفاق بمجرد إبرام وهدا الذي جاء من خالل نصوص القوانين الوطنية
واتفاقيات الدولية فجاءت نصوصها بعبارات مطلقة ،يستفاد منها أن على القاضي الوطني أن يقرر عدم
اختصاص سواء أكان النزاع قد عرض عليه قبل أو بعد البدء في إجراءات التحكيم.
وفيما يتعلق بالتساؤل الثاني فيمكن القول بأن كافة التشريعات المتعلقة بالتحكيم قد ؟ إلعمال هذه
القاعدة أن يتمسك المدعى عليه باتفاق التحكيم قبل الدخول أو الكالم في الموضوع وهذا الشرط بديهيا
حيث أنه لو حضر المدعي عليه أمام الحكمة القضائية وبدأ بالكالم حول الموضوع دون أنة يتمسك
بوجود اتفاق تحكيم فإن ذلك يعتبر تنازال منه عن اللجوء إلى التحكيم ومن ثم يكون لحق المحكمة
القضائية استمرار في نظر النزاع والفصل فيه وهذا ما أخذ به القانون السويسري وكذا اإلسباني وقانون
دولة اإلمارات العربية وكذا القانون النموذجي لهيئة األمم المتحدة لقانون التجاري الدولي عام 2891في
المادة ( )2/9التي تنص على "المحكمة المطروح عليها نزاع في مسألة أبرم بشأنها اتفاق تحكيم أن تجعل
األطراف إلى التحكيم إذا طلب منه ذلك أم األطراف في الموعد أقصاه تقديم طلباته األولى حول
الموضوع ".1..
فنجد فيما يخص إقرار المشرع الجزائري لمبدأ األثر السلبي وهو عدم اختصاص المحكمة الوطنية
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .199
22
التي تنص" يكون القاضي غير مختص بالفصل في موضوع النزاع ،إذا كانت الخصومة التحكيمية قائمة،
تحكيم على أن تثار من أحد األطراف" نجد أن المشرع ربط عدم أو إذا تبين له وجود اتفاقية
أ ما اإلجابة على التساؤل الثالث بخصوص إلعمال هذه القاعدة عدم اختصاص القضاء الوطني
أن يكون اتفاق التحكيم صحيحا وقابال للتطبيق وهنا نميز بين اتجاهين:
-االتجاه األول يخول للمحكمة القضائية سلطة فحص اتفاق التحكيم للتأكد من مدى صحته أو بطالنه
وما إذا كان قابال لل تطبيق من عدمه ويعفي المحكمة القضائية من االلتزام بتقرير عدم اختصاصها بنظر
-االتجاه الثاني ويفرق بين فرضين :األول عندما يكون النزاع معروض على محكمة التحكيم ثم يرفع أحد
الطرفين دعوى أمام المحكمة القضائية منصبة على نفس النزاع ،والثاني عندما يرفع أحد الطرفين النزاع
أمام المحكمة القضائية قبل أن محكمة التحكيم قد شكلت واتصلت بالنزاع وفي كل من الفرضين يجب
على القاضي الوطني أن يقرر عدم اختصاصه ،بيد أنه يجوز للقاضي في الفرض الثاني فحسب عدم
تقرير اختصاصه إذ أثبت البطالن الظاهر التفاق التحكيم ،فصاحب هذا االتجاه هو المشرع الفرنسي.
ومجمل القول أنه يترتب على اتفاق التحكيم كقاعدة عدم اختصاص القضاء الوطني بنظر
منازعات التي اتفق بشأنها على اللجوء إلى التحكيم وان معظم التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية قد
نصت على عدم اختصاص القضاء الوطني بنظر المنازعات التي إتفق بشأنها على اللجوء إلى التحكيم
وأن معظم التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية قد نصت على عدم اختصاص القاضي الوطني بنظر
المنازعات التي اتفق األطراف بشأنها على اللجوء إلى التحكيم سواء أكان النزاع قد رفع إليه قبل البدء في
إجراءات التحكيم أو بعد ذلك ،ولم تشترط إلعمال هذه القاعدة سوى توافر شرطين :األول أن يتمسك
25
المدعي عليه بإتقان التحكيم قبل الدخول في الموضوع ،والثاني أن يكون إتقان التحكيم صحيحا وقائما
1
ومنتجا آلثاره ،وينسحب ذلك بالطبع على التحكيم.
ب-االستثناءات الواردة على مبدأ عدم اختصاص المحاكم الوطنية بنظر المنازعات المتفق بشأنها
على التحكيم :القاعدة العامة التي تحكم مسلك القضاء الوطني فيما يخص أو يتعلق بالمنازعات الخاصة
الدولية ،المتفق بشأنها على التحكيم تتعلق في عدم اختصاص هذا القضاء بالفعل في هذه المنازعات إال
أن هذه القاعدة ترد عليها قيود واستثناءات :أبرزها انعقاد االختصاص للمحاكم الوطنية بشأن اتخاذ
اإلجراءات الوطنية والتحفظية المتصلة بالمنازعات المتفق بشأنها على التحكيم ،تدخل القضاء الوطني من
أجل تكوين محكمة التحكيم في حالة تعذر تشكيلها ،وأخي ار الرقابة التي تباشر من قبل القضاء الوطني
على حكم التحكيم سواء كانت هذه الرقابة من خالل طعن بالبطالن على حكم التحكيم ،أو في إطار
فنجد أن المشرع المصري في القانون رقم 13لسنة 2883حرص على تأكيد اختصاص القضاء
المصري على الرغم من وجود اتفاق على التحكيم بشأن العديد من المسائل ،2إن تدخل القضاء المصري
في نظام التحكيم بصورة مختلفة يشكل نوعا من المساعدة من قبل القضاء المصري لنظام التحكيم في
الفترة السابقة على قيام هيئة التحكيم بأداء وظيفتها كما يتدخل أيضا أثناء قيام هيئة التحكيم بأداء وظيفتها
في صور األمر باتخاذ اإلجراءات الوقتية والتحفيظية على نحو ما نصت عليه المادة 23من قانون
3
التحكيم.
-1أنظر ،د .سراج ،حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .989-981
-2أنظر ،د .حفيظة السيد الحداد ،المرجع السابق ،ص .191-193
-3المرجع نفسه ،ص .191
26
أما إذا جئنا إلى مواد التشريع الجزائري أنه سار على نفس النهج الذي سار عليه التشريع
المصري ومختلف القوانين الحديثة وهذا حسب ما نصت عليه مختلف نصوصه فتجد في المادة 2931
من قانون اإلجراءات المدنية واالدارية 98-99التي تنص "يمكن لمحكمة التحكيم أن تأمر بتدابير مؤقتة
أو تحفظية بناء على طلب أحد األطراف ،ما لم ينص اتفاق التحكيم على خالف ذلك إذا لم يقم الطرف
المعني بتنفيذ هذا التدبير إداريا ،جاز لمحكمة التحكيم أن تطلب تدخل القاضي المختص ،ويطبق في هذا
يمكن لمحكمة التحكيم أو القاضي أن يخضع التدابير المؤقتة أو التحفظية لتقديم الضمانات
كذلك نجد نص المادة 2939من نفس القانون أشترط المشرع الجزائري في تدخل القاضي
الوطني فيما يخص مساعدة السلطة القضائية في تقديم األدلة أو التمديد مهمة المحكمين أو تثبيت
اإلجراءات أو في حاالت أخرى كما جاء في نص هذه المادة باالتفاق مع محكمة التحكيم أو األطراف أو
الطرف الذي يهمه تعجيل بعد الترخيص من طرف محكمة التحكيم أن يطلبوا بموجب عريضة تدخل
القاضي المختص وكذا تطبيق قانون بلد القاضي في هذا الشأن ومما نالحظ من خالل هذه المواد أن
القاضي الوطني ال يتدخل من تلقاء نفسه بل دائما بطلب من محكمة التحكيم أو األطراف.
27
المبحث الثاني
الطابع الدولي والتجاري للتحكيم واهم أنواعه وتمييزه عن باقي الوسائل األخرى
كانت الفكرة السائدة في الفقه تذهب إلى عدم التفرقة بين التحكيم األجنبي ،كما هو الحال في عدم
التفرقة بين العقود الوطنية والعقود األجنبية ،وبما أن التحكيم يستند إلى إرادة األفراد وأن حكم التحكيم
يصدر من أشخاص يعينون بموجب إتفاق أي يستند إلى إرادة األط ارف المتنازعة ،وبما أن التحكيم ال
يعتبر عمال من أعمال السلطة فهو غير مرتبط بدولة معينة ،وبالتالي فال يمكن إسباغ جنسية معينة عليه
وانما يكون وصفه محايدا وال يوصف بصفة الوطنية أو األجنبية .يالحظ رغم أن التحكيم يقوم على إرادة
األشخاص وبسماح من القانون ،إال أن الرأي الراجح في الوقت الحاضر ،يذهب إلى اعتبار التحكيم عمال
قضائيا مستقال عن القضاء الذي تمارسه الدولة وهناك رأي آخر يعتبر التحكيم ذا طبيعة مختلطة Mixte
فيه سمات العقد وسمات العمل القضائي أما الفقه والقضاء والنصوص الدولية تذهب في الوقت الحاضر
إلى استعمال مصطلح التحكيم الوطني والتحكيم األجنبي والتحكيم الدولي والتحكيم شبه الدولي 1.ومن هذا
نجد أنه ظهرت عدة معايير لتحديد دولية التحكيم حيث تعددت وتطورت عبر مختلف األنظمة واألزمنة
كما تعددت أنواع التحكيم التجاري الدولي وتميز عن باقي الوسائل األخرى لفض النزاعات الدولية وهذا ما
نعطي أهم أنواع التحكيم التجاري الدولي وكذا تميزه عن باقي الوسائل األخرى لفض النزاعات الدولية.
المطلب األول
إن الوقوف على دولية التحكيم من المسائل الشائكة والتي أثارت جدال فقهيا ترددت أصدائه في
أحكام القضاء وكذا أحكام التحكيم ومنه حرصت المعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية من أجل وضع
حدا للجدل المشار بشان هذه المسالة،حيث ظهرت عدة معاييرلتحديد دولية التحكيم و التي سنتطرق اليها
لقد ظهرت عدة معايير لتحديد الطاع الدولي للتحكيم و التي تطورت عبر الزمن والتي سنتناول من خالل
هذا الفرع مبرزين مواقف االتفاقيات الدولية وكذا التشريعات الوطنية من بينها موقف المشرع الجزائري.
اوال :المعيار القانوني :يعتبر القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته لجنة األمم
المتحدة للقانون التجاري الدولي بصيغته التي اعتمدتها اللجنة في 12حزيران يونيه 2891من القوانين
1
التي تبنت المعيار القانوني كأساس لتدويل التحكيم
-حسب نص المادة األولى الفقرة األولى حددت نطاق تطبيق القانون النموذجي والذي يفي بأنه ينطبق
على التحكيم التجاري الدولي ،نصت ذات المادة في الفقرة الثالثة منها على أن:
أ -إذا كان مق ار عمل طرفي اتفاق التحكيم ،وقت عقد ذلك االتفاق واقعين في دولتين مختلفتين.
-1أ ي مكان ينفذ فيه جزء هام من االلتزامات الناشئة عن العالقات التجارية ،أو المكان الذي
ج -إذا اتفق الطرفان صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم متعلق بأكثر من دولة واحدة.
أ -إذا كان ألحد الطرفين أكثر من مقر عمل ،فتكون العبرة بمقر العمل األوثق صلة باتفاق التحكيم.
ب -إذا لم يكن ألحد الطرفين مقر عمل فتكون العبرة بمحل إقامته المعتاد.
ويتضح مما تقدم أن القانون النموذجي حدد المجاالت التي يعد فيها التحكيم دوليا وهي كالتالي:
الحالة األ ولى :إ ذا كان مق ار عمل طرفي التحكيم واقعا في دولتين مختلفتين فإذا كان مق ار عمل طرفي
التحكيم في دولة واحدة يعد التحكيم وطنيا ال يخضع للقانون النموذجي فمثال إذا اتفقت شركة مصرية مع
شركة مصرية أ خرى في العقد على التحكيم فان االتفاق على التحكيم يعد وطنيا ال ينظمه القانون
النموذجي ألنه يخرج عن نطاق الدولية أما في حالة اتفاق شركة مصرية مع أخرى فرنسية على التحكيم
فهنا نكون أمام تحكيم دولي يخضع ألحكام القانون النموذجي ،فالعبرة هنا بمكان أو مقر أعمال طرفي
1
التحكيم واقعا في دولتين مختلفتين أو دولة واحدة وقت االتفاق على التحكيم.
أما في حالة وجود أكثر من مقر عمل لطرفي التحكيم فتكون العبرة هنا بمقر العمل األوثق صلة
2
واذا لم يكن ألحد طرفي التحكيم مركز أعمال فالعبرة بمحل إقامته المعتاد.
الحالة الثانية :إذا كان أحد األماكن التالية واقعا خارج الدولة التي يقع فيها مقر عمل الطرفين:
حيث نجد أن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي اعتمد على معيار مكاني من أجل تحديد
دولية التحكيم ،فبمجرد اتفاق األطراف على إجراء التحكيم في مكان خارج الدولة التي يقع مقر عمل
ب -أي مكان ينفذ فيه جزء هام من االلتزامات الناشئة عن العالقة التجارية .أو المكان الذي يكون
-تستند المادة األولى فقرة “ -99ب “1-من القانون النموذجي للتحكيم على معيار موضوعي من أجل
-الفرض األول :أن يكون المكان الموجود خارج الدولة التي يوجد فيها مقر عمل الطرفين ينفذ فيه جزء
-الفرض الثاني :الذي تواجهه المادة ( 99فقرة ب )1فهو يتعلق بالحالة التي يكون المكان موضوع
1
النزاع األوثق الصلة به واقعا خارج الدولة التي يوجد فيها مقر عمل الطرفين.
الحالة الثالثة :دولية التحكيم المستندة إلى إرادة األطراف :حيث تنص المادة األولى الفقرة الثالثة في
الجملة "ج" أن التحكيم يعد دوليا إذا اتفق الطرفان صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم متعلق بأكثر
-أن إطالق العنان إلرادة األطراف في االتفاق على أن موضوع اتفاق التحكيم يتعلق بأكثر
من دولة لخلع الدولية عليه مسالة ال تخلو من االنتفاء ذلك أن هذه اإلرادة تستطيع أن تحول التحكيم
الداخلي إلى تحكيم دولي ،وهو أمر ال يجوز تركه إلرادة األطراف لما قد يترتب عليه من تهرب
وافالت األفراد من القواعد اآلمرة الواردة في شان التحكيم ،وهذا الحل الذي يتبناه القانون النموذجي
للتحكيم هدفه أساسا توسيع نطاق تطبيق القانون على أكبر عدد من الحاالت فانه لم يكن يهدف إلى
معيار إرادي خالص ولعل هذا ما جعل ودفع البعض إلى فقد دولية التحكيم في القانون النموذجي
1
ووصفها أحيانا بأنها وهمية أو دولية مجاملة.
ثانيا :المعيار االقتصادي :يعتبر التحكيم دوليا في ظل هذا المعيار والذي يفي بأنه إذا كان العقد يتصل
بمصالح التجارة الدولية ،كما أن لمصطلح التجارة الدولية لتعريف والفضل ال يرجع لمحكمة النقض
الفرنسية في تدشين المعيار االقتصادي حيث حرصت في العديد من أحكامها على إبراز ما المقصود
بمصالح التجارة الدولية حيث إشارة على ضرورة أن يكون العقد منطويا على رابطة تتجاوز االقتصاد
الداخلي لدولة معينة ،فلكي يكون العقد دوليا ينبغي أن يؤدي العقد إلى حركة مد وجزر عبر الحدود مثال
استيراد بضائع من الخارج أو تصدير منتجات وطنية إلى دولة أجنبية أو بصفة عامة يترتب عليه حركة
2
ذهاب واياب البضائع واألموال عبر الحدود.
فالمعيار االقتصادي يعد المعيار الحديث لدولية التحكيم في الفقه الحديث والذي أخذ به القضاء
الفرنسي وهذا المعيار يتعلق بطبيعة النزاع ومن ثم يكون إضفاء الصفة الدولية على التحكيم مستندا إلى
الطبيعة الدولية لذلك النزاع ،حيث اخذ القانون الفرنسي للمرافعات بالمعيار االقتصادي في نطاق التجارة
3
الدولية.
حيث يعتبر الحكم الصادر في قضية Pélissier du Bessetعن محكمة النقض الفرنسية من
أول األحكام التي وضعت معالم فكرة المعيار االقتصادي كأساس لتدويل العقد ،4وتتعلق وقائع هذا الحكم
بالنزاع حول مشروعية االتفاق على الوفاء باألجرة بالجنيه اإلسترليني بمناسبة عقد إيجار عقار في
الجزائر وعلى الرغم من اختالف جنسية األطراف واختالف مكان الوفاء عن مكان التنفيذ ،فان محكمة
النقض متأ ثرة في ذلك برايا لمحام العام في الدعوى وهو السيد » « Matterلم تر في هذه العناصر
الكافية لتدويل العقد ،انطالقا من المعيار القانوني ،عناصر مقبولة وانتهت لما قرره المحامي العام
» « Matterبعدم مشروعية ذلك الشرط الن المنازعة ليست دولية حيث أن استئجار العقـار “لم يؤد إلى
1
دخول بضائع أو نقود إلى فرنسا فلقد كانت العملية عملية وطنية بحتة“
كما نجد المشرع الجزائري بموجب القانون رقم 98-99المتضمن قانون اإلجراءات المدنية
واإلدارية 2حيث نصت المادة 2998على أنه "يعد التحكيم دوليا ،بمفهوم هذا القانون ،التحكيم الذي
يخص النزاعات المتعلقة بالمصالح االقتصادية لدولتين على األقل “بهذا يكون المشرع قد عرف الطابع
الدولي للتحكيم على أ ساس طبيعة النزاع ،أي لكي يكون التحكيم دوليا يجب أن يتعلق بنزاع دولي والنزاع
الدولي بمفهوم هذا القانون هو النزاع الذي يتعلق بعملية اقتصادية تمس اقتصاد أكثر من دولة ،ما يمكن
مالحظته من هذا التعريف أن المشرع قد تخلى عن المعيار القانوني وبالتالي وسع من مفهوم دولية
التحكيم ،ولعل السبب في ذلك يعود إلى عم حرمان المؤسسات المقيمة بالجزائر من اللجوء إلى التحكيم
ولكن قد يتبادر إلى الذهن التساؤل حول سبب عدم احتفاظ المشرع بالمعيار االقتصادي منفردا
فلكي يكون التحكيم دوليا يكفي أن يكون متعلقا بنزاع يمس بمصالح التجارة الدولية أي أن يكون متصال
بالمصالح االقتصادية ألكثر من دولة ،ولو أن هذا التعريف في نظرنا هو تعريف مطاطي حيث أن
مصطلح المصلحة االقتصادية للدولة ذاته يحتاج إلى تعريف ،كما أن المساس باقتصاد الدولة هو أمر
نسبي حيث قد تعتبر بعض العمليات االقتصادية ماسة باقتصاد الدولة عند بعض الدول وال تعتبر كذلك
عند دول أخرى ،كما قد يؤدي هذا التعريف أيضا إلى الخلط بين مفهوم دولية التحكيم ومفهوم الدولة ذاته
خاصة أن االقتصاد العالمي في يومنا هذا تتحكم فيه الشركات المتعددة الجنسيات بدرجة أولى وليس
1
الدول.
فالمشرع الجزائري اعتمد معيا ار أوسع وهو المصالح االقتصادية لدولتين ،وما يعنيه المشرع هنا
ليس ما انصرف إليه البعض من أن االتفاقية تعني دولتين مباشرة ولكن ما تعنيه هو اقتصادها ككل،
2
حسب نص المادة 2998من هذا القانون وهو ما يقارب التشريع الفرنسي.
ثالثا :المعيار المزدوج :نجد االتفاقية األوروبية المنظمة للتحكيم التجاري الدولي والموقعة في جنيف
،2812بتعريف ما هو المقصود بالتحكيم الدولي لم تكتف هذه المعاهدة باالرتكاز على المعيار
االقتصادي وحده بل أنها أضافت إليه العنصر القانوني المنصب على ضرورة أن يكون لألطراف في
اتفاق التحكيم محل إقامة معتادة أو مركز إدارة في دولتين مختلفتين ،حيث يعتبر القانون المصري الجديد
3
للتحكيم رقم 13لسنة 2883من القوانين التي تتبنى المعيار المزدوج إلضفاء الدولية على التحكيم.
-1أنظر ،بودودة سعاد ،التحكيم التجاري الدولي كضمان من ضمانات االستثمار ،رسالة ماجستير،في الحقوق ،كلية
الحقوق ،بن يوسف بن خدة ،جامعة الجزائر ،2011،ص .1
-2راجع،أحمد بوخلخال ،المرجع السابق،ص. 83
-3راجع ،د .حفيظة السيد الحداد المرجع السابق ،ص .293-291
52
لقد كان المشرع الجزائري يأخذ في تحديده لدولية التحكيم بمعيارين المعيار االقتصادي والمعيار
القانوني حيث نصت المادة 319مكرر من المرسوم التشريعي 198-89على أنه" :يعتبر دوليا بمفهوم
هذا الفص ل التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بمصالح التجارة الدولية ،والذي يكون فيه مقر أو
موطن أحد الطرفين على األقل في الخارج" ،وبهذا يكون المشرع قد مزج بين المادة 2381من ق.ا.ج.م
الفرنسي 2التي تنص على أنه "يعتبر دوليا التحكيم المتعلق بمصالح التجارة الدولية" وهو المعيار
االقتصادي ،والمادة 231من القانون السويسري المتعلق بالقانون الدولي الخاص التي تنص على أنه:
أن يكون مقر أو موطن أحد الطرفين على األقل في الخارج وقت إبرام مشارطة التحكيم “وهو
المعيار القانوني ولم يحدد المشرع الجزائري الوقت الذي يتم فيه تحديد العنصر األجنبي كما فعل المشرع
السويسري الذي أخذ بمعيار "وقت إبرام العقد" لكن ألغي هذا بموجب القانون الجديد 98-99المتضمن
3
قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية السالف ذكره.
نشير فيما يتعلق بهذا النعت عند الحديث عن التحكيم التجاري الدولي ،الى انه نعت ال تقتصر
على المسائل التجارية العادية كما هي مبنية في القوانين التجارية العادية بل ياخذ مفهوما موسعا يشمل
و لتوضيح هذا نعتمد على ماجاء في القانون النموذجي للجة االمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ،اذ
نجد ان المادة االولى من ذلك القانون ،تحتوي في هامش خاص ،تعريفا واسعا للمعنى " بحيث يشمل
-1المرسوم التشريعي 98-89المؤرخ في 11أفريل ،2889يعدل ويتمم األمر رقم 213-11المؤرخ في 9جوان 2811
والمتضمن قانون اإلجراءات المدنية ،الجريدة الرسمية رقم ،13مؤرخة في 13أفريل ،2889ص ،19نقال عن بودودة
سعاد،المرجع السابق ،ص .1
-2مرسوم رقم 199-92المؤرخ في 21ماي ،2892ج ر فرنسية مؤرخة في 23ماي .2892نقال عن ،بودودة
سعاد،المرجع السابق ،ص .1
-3المرج نفسه.
55
العالقات التجارية التعاقدية و غير التعاقدية دون االقتصار عليها لتشمل كل معاملة تجارية متعلقة بتوريد
أو تبادل البضائع و الخدمات ،وكذا اتفاقات التوزيع و التمثيل التجاري و التحصيل( أو شراء أو خصم
الديون ) و اعتماد التاجير ،وتشييد المصانع و الخدمات االستشارية و االعمال الهندسية و التراخيص و
المشروعات المشتركة و اشكال التعاون الصناعي و التجاري االخرى ونقل البضائع و المسافرين جوا أو
1
بح ار أو ب ار أو بالسكك الحديدية أو الطرق
المطلب الثاني
أنواع التحكيم التجاري الدولي و تمييزه عن باقي الوسائل االخرى لفض النزاعات الدولية
نظ ار التساع نطاق التحكيم كوسيلة لفض النزاعت الدولية والداخلية تعددت انواعه وتداخلت مفاهيمه
مع مختلف الوسائل االخرى لفض النزاعات على المستوى الدولي في اطار القانون الدولي العام و
الخاص،فكان البد من تحديد مميزاته واوجه التفرقة بين هذه الوسائل والتي سنتطرق اليها من خالل هذا
تتعدد انواع التحكيم تبعا للمعيار المتخذ في التفرقة والذي سنتطرق الى هذا من خالل هذا الفرع لتوضح
ذلك فهو يتعدد و يختلف من حيث مدى وجود منظمة اومؤسسة تحكيمية
و كذا من حيث سلطة المحكم في تطبيق القانون،وكذا من حيث عدد المحكمين ومن حيث االتفاق ذاته
كما سياتي:
أوال :من حيث التنظيم :ينقسم التحكيم من حيث مدى وجود منظمة تديره إلى التحكيم الحر وما يصطلح
النزاع فيختارون بأنفسهم المحكم أو المحكمين ،كما يتولون في الوقت ذاته تحديد اإلجراءات والقواعد التي
1
تطبق بشأنه.
فالتحكيم الحر يتميز بعدم وجود إشراف من منظمة تحكيم فاألطراف تشتغل بوضع نظام
إلجراءات التحكيم أو تحيل األطراف لتحديد نظام إجراءات التحكيم إلى قواعد تحكيم أعدت خصيصا لهذا
الغرض كما هو الحال في الالئحة التي وضعتها لجنة األمم المتحدة لتنظيم التحكيم التجاري الدولي عام
،2831كما يذهب جانب من الفقه إلى اإلشارة بأن هذا النوع من التحكيم األكثر وفاء لخصيصة سرية
التحكيم والذي يترتب عن هذا أنه يعد األنواع األكثر مالئمة للعالقات االقتصادية التي تتطلب السرية كما
هو الحال في عقود نقل التكنولوجيا والعقود التي تكون الدولة أحد أطرافها كما يقال أنه أكثر مرونة و
2
سرعة و أقل تكلفة.
-3التحكيم المؤسسي :تقوم به مؤسسة تحكيمية متخصصة في التحكيم مثل مركز تحكيم مجلس التعاون
3
الخليجي أو مركز تحكيم غرفة تجارة باريس.
ويعتبر التحكيم تحكيما مؤسسيا متى جرى في ظل منظمة لم تكتف بوضع الئحتها أو قواعدها
التنظيمية أو وضع دورها ومكاتبها وخدماتها اإلدارية تحت تصرف أطراف النزاع ،بل احتفظت لنفسها
باختصاص معين في تطبيق الئحة التحكيم المذكورة ،وال يهم حينئذ كون المنظمة تتناول مهمة نظر
4
النزاع والفصل فيه.
-1أنظر ،د .حفيظة السيد الحداد .المرجع السابق ،ص .89نقال عن .أنظر د .مصطفى الجمال د .عكاشة عبد العال:
التحكيم في العالقات الخاصة الدولية والداخلية ،الطبعة األولى 2899ص 211وما بعدها.
-2المرجع نفسه ،ص .82-89
-3أنظر محمد شهاب ،المرجع السابق ،ص .21
-4أنظر ،د .حفيظة السيد الحداد ،المرجع السابق ،ص 82نقال عن د/ثروت حبيب :دراسة في قانون التجارة الدولية،
منشاة المعارف اإلسكندرية 229 ،2831مشار إليه في مؤلف د .نادر محمد إبراهيم ،المذكور سلفا .ص .11
57
ثانيا :من حيث مدى سلطة المحكم في تطبيق القانون
-1التحكيم بالقانون :هو التحكيم الذي تلتزم فيه هيئة التحكيم بإنزال حكم القانون على المسائل القانونية
المعروضة عليهم ،واألصل في التحكيم أن يكون تحكيما بالقانون فبناءا على هذا إذا لم يتفق األطراف
على تفويض هيئة التحكيم تلتزم بالفصل في المنازعة وفقا لمبادئ العدالة واإلنصاف فإن هيئة التحكيم
تلتزم بالفصل في المنازعة وفقا للقانون ،واال عدت مغتصبة لسلطة الفصل في المنازعة كمحكم مصالح
وهو األمر الذي ال يجوز إال بناءا على اتفاق صريح من األطراف.
-3التحكيم بالصلح :هو ذلك التحكيم الذي تخول فيه األطراف لهيئة التحكيم صالحية الفصل في
المنازعة وفقا لمبادئ العدالة واإلنصاف دون التقيد بالقواعد القانونية ،وتنص القوانين الوطنية المنظمة
للتحكيم على وجود نوعين من التحكيم ،على سبيل المثال نص المادة 2333و المادة 2338من قانون
المرافعات الفرنسي على آلية التحكيم بالصلح وكذا في القانون المصري م 3/98من قانون التحكيم
المصري رقم 13لسنة ،2883وكذا نص المعاهدات الدولية النص على هذا النوع حيث أجازة المادة 31
1
من معاهدة واشنطن.
ثالثا :من حيث عدد المحكمين :نجدالتحكيم عدد المحكمين فردي وهو الشائع في أغلب أنواع التحكيم
والتحكيم عدد المحكمين زوجيا اوثنائي وهو عكس السابق وغالبا يتواجد في انجلترا.
-1تحكيم منصوص عليه فيما يسمى بشرط التحكيم ويقصد به الشرط الذي يرد في العقد بإحالة
المنازعات المستقبلة وهو الغالب في الحياة العملية كما ال يمنع أ ن يرد شرط التحكيم في اتفاق مستقل أو
بعد العقد األصلي مثال العقد األصلي الخالي من شرط التحكيم وعقد آخر خاص بتسوية المنازعات عن
طريق التحكيم.
األصلي بعد وقوع النزاع الخاص بذلك العقد ،والفرق بين األمرين هو األول يتعلق بنزاع مستقبلي غير
محدد أما الثاني يتعلق بنزاع وقع فعال وأصبح محددا و واضحا ،فأهمية التفرقة تبرز بشكل خاص في أن
بعض القوانين الوطنية تتطلب في مشاركة التحكيم ،تحديد طبيعة النزاع الذي وقع فعال تحت طائلة
1
بطالن االتفاق ،بخالف شرط التحكيم.
كذلك يوجد نوع آخر من التحكيم يسمى التحكيم بالمستندات كما ظهر في السنوات األخيرة التحكيم
2
االلكتروني باستخدام االنترنيت أو الفاكس أو التلفون أو أي وسيلة الكترونية أخرى.
خامسا :التحكيم الدولي و التحكيم الداخلي :يجب أن نعرج ونوضح أهمية التفرقة بين التحكيم الدولي
والتحكيم الداخلي ،أن التفرقة بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي أهمية قصوى ،إذ المتفق عليه أن
التحكيم التجاري الدولي هو وحده الذي يثير المشاكل المعروفة في إطار القانون الدولي الخاص المتعلقة
بتحديد القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم ذاته وعلى إجراءاته وكذا موضوع المنازعة كما أن
لهذه التفرقة آثار أ خرى تتعلق بالمواد المادية ذات الطبيعة الخاصة والتي ينحصر مجال أعمالها على
التحكيم التجاري الدولي دون الداخلي ،كما تظهر كذلك أهميتها بخصوص الرقابة التي يمارسها قضاء
الدولة على حكم التحكيم حيث تختلف األنظمة القانونية بشان هذه الرقابة من زاويتين.
الزاوية األولى تتعلق بنطاق الرقابة فبعض األنظمة ال تهتم بالرقابة على أحكام التحكيم ذات
العنصر األجنبي عكس أحكام التحكيم ذات العنصر الوطني ،أما الزاوية الثانية تتعلق بنوع الرقابة حيث
تسمح بعض األنظمة القانونية بإمكانية الرجوع على حكم التحكيم الداخلي بأوجه رجوع تختلف عن تلك
1
المعاهدات الدولية المنظمة لمسالة االعتراف ة تنفيذ األحكام األجنبية.
سادسا :التحكيم االلكتروني :ان هذا النوع من التحكيم جاء نتيجة التطور التكنولوجي وكمحاولة استغالل
شبكة االنترنيت من اجل حل النزاعات الناتجة عن العقود الدولية في المجال االقتصادي،حيث تم انشاء
عدة مواقع الكترونية تدعو المؤسسات لعرض نزاعاتهم على محاكم الشبكة )،(Des Cyber tribunaux
ومن ذلك مثال الموقع الذي اوجده مركز االبحاث في القانون العام والتابع لجامعة "مونتلاير" ،ويقدم
مساعدته للمؤسسات اليجاد حلول لخالفاتهم خصوصا في مجال التجارة االلكترونية ،وفي مجال المنافسة
حيث انه يضمن السرية في االجراءات ،ال تكون المعلومات و الوثائق المقدمة من طرف
االطراف عرضة للنشر اال باذنهم،كما ان الطابع التخصصصي لهذا المشروع يجعل المشرفين عليه
يقدمون خدمات التعريف بالوساطة و بالتحكيم و االستشارات مجانا لمشتركي االنترنيت،ويذكر ذات
(la الموقع ان كل االجراءات المتعلقة بالتحكيم أو الوساطة ،بسطت و اصبحت تتم بصفة الية
)procédure a été outomatiséبطريقة تسهل معالجة القضايا بالنسبة لالط ارف و بالنسبة لمحكمة
التحكيم.
ومن هذا فاننا نجد في هذا النوع من التحكيم عدة مزايا لكن ما تجدر االشارة اليه ان هذه التقنية
مازالت جديدة وغير معروفة خاصة على مستوى الدول النامية بسبب تاخرها في التطور التكنولوجي
2
لوسائل االتصال مقارنة بالدول الغربية.
61
الفرع الثاني :تمييز التحكيم التجاري الدولي عن باقـي الوسائل األخـرى لفـض النزاعـات الدولية
أوال :تمييز التحكيم عن الوساطة والتوفيق :تعتبر الوساطة والتوفيق وسيلتان لحل المنازعات التي تنشا
بين اإلفراد وتتطلب الوساطة والتوفيق شأنها شان التحكيم تدخل طرف من الغير يعهد له ألداء هذه
المهمة والذي يطلق على هذا الغير المختار لفظ الوسيط أو الموفق ،وأهمية التفرقة بين كل من الوساطة
والتحكيم أهمية بالغة تكمن في نطاق تطبيق محل من هاتين اآلليتين من ناحية واألخذ باالعتبار القوة
فمن الناحية األولى تتمتع آلية الوساطة كوسيلة سلمية لفض المنازعات بين األفراد بنطاق أوسع
كأصل عام من ذلك الذي يتمتع به نظام التحكيم ،أما من الناحية الثانية فإن الحكم الصادر عن المحكم
يتميز بحجية األمر المقضي فيه منذ صدوره بينما العكس في القرار الصادر عن انتهاء الوساطة حيث ال
يتمتع بأية حجية وذلك رغم أن كل من المحكم والوسيط والمفاوض منوط به حسم النزاع إذ يظل الفارق
األساسي هو أن المحكم يفصل في النزاع المعروض عليه بحكم ملزم أما ما صدر عن الوسيط أو
المفاوض هو مجرد حل للمسالة المعروضة والذي ال يعد ملزم لهما إال إذا قبلوه وبالتالي فهما آليتين
1
مستقلتين كل منهما من األخرى.
ثانيا :تمييز بين التحكيم و القضاء على المستوى الدولي :يعد التحكيم على المستوى الدولي كوسيلة
من حيث المبدأ يقوم التحكيم و القضاء بتأدية ذات الوظيفة ،فكالهما موضوعه تسوية الخالفات بين
األطراف المتنازعة على أساس من القانون .أن األحكام التي يصدرها القاضي والمحكم هي أحكام ملزمة
التي لجأت إليه لكنه دور األطراف يتضح أكثر في التحكيم عنه في القضاء (اختيار المحكمين وتحديد
على خالف الوضع أمام القضاء المنظم مثل محكمة العدل الدولية فان اختيار المباشر للمحكمين
من جانب األطراف مناظر إلى حد كبير لقبول المثول أمام مثل هذه المحكمة المنظمة وخالصة القول إذا
كان مفهوم "القضاء" يتضمن حقيقة سلطة مفروضة على المتقاضين ،فإنه يجب استبعاده من مجال
القانون الدولي إذ يتوقف كل قضاء في حقيقته في المجتمع الدولي على إرضاء المتقاضين كقاعدة عامة.
يمكن أن نقرر أن التحكيم في مفهومه الضيق ال يتميز عن القضاء بمعناه المألوف سوى بالنظر
انه يتحقق بواسطة محكمة خاصة بينما القضاء قضاء دائم و منظم وفي ذات االتجاه رأي البعض خالل
مناقشات مجمع القانون الدولي للموضوع عام 2831أن التحكيم في معنى اتفاقية الهاي 2893أي
التحكيم في معناه الضيق يتحقق إ ما بواسطة محكمة عرضية و إما بواسطة محكمة عدل دولية دائمة،
فينظر البعض اآلخر إلى محكمة العدل الدولية على أنها محكمة تحكيم دائمة بالمعنى الحقيقي للكلمة
1
(الكتاب السنوي لمجمع القانون الدولي - 2813الجزء الثاني ،مجلد 99ص .)919
ومن هذا كله نستخلص أن للتحكيم التجاري الدولي طابعه الخاص به الذي يتميز به عن سائر
الطرق األخرى لفض النزاعات الدولية ،كما جاء في تعريفه لمختلف الفقهاء ،كمايجب توفر الطابع الدولي
والتجاري حتى نقول أننا بصدد التحكيم التجاري الدولي والذي أكدته االتفاقيات الدولية ومختلف
التشريعات الوطنية من خالل تحديد معاييره كما أسلفنا الذكروبعد التطرق الى كل هذه العناصرباالضافة
الى ذكر أنواعه يمكن أن نقول أن مفهوم التحكيم التجاري الدولي تحددت معالمه ومفهومه من خالل هذا
الفصل.
السير ف ي الخصومة التحكيمية يعني بدء االجراءات الخاصة بعملية التحكيم منذ طلب التحكيم
لحين اصدار القرار ،وقيام المحكمين بالممارسة الفعلية للمهمة التي تم اختيارهم النجازها ،والتاكد من توفر
شروط تعيينهم واهليتهم للقيام بهاته المهمة ،ومنه سنتكلم الى كيفية انعقاد محكمة التحكيم ،ثم الذهاب الى
كيفية تحديد القانون الواجب التطبيق على الخصومة التحكيمية مع التعرض الى التفرقة بين اجراءات سير
الخصومة التحكيمية في حالة التحكيم الخاص وكذا في ظل االتفاقيات الدولية وفي حالة التحكيم المنظم
اما في المبحث الثاني سنتطرق الى صدور حكم التحكيم وكيفية تنفيذه واالعتراف به وانتهاءا الى
62
المبحث األول
ان البدء في اجراءات التحكيم كما اسلفتا الذكر تبدا اوال بطلب التحكيم وعند االتفاق على ذلك
من قبل اطراف عقد اللجوء الى التحكيم يجب بعد هاذا االتفاق على اختيار المحكمين االكفاء والمؤهلين
لهذه الخصومة ،فعند تعيين المحكمين يتم انعقاد محكمة التحكيم التي ستتولى اللى الخصومة التحكيمية
بتطبيق القانون المتفق عليه االطراف أو وفقا لسلطة المحكم على اجراءا ت التحكيم وكذا البحث في
القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع للوصول الى الهدف المبتغى من هذا التحكيم ،وكل هذا
سنحاول دراسته من خالل هذا المبحث الذي تم تقسيمه الى مطلبين في المطلب االول نتطرق انعقاد
محكمة التحكيم ،وفي المطلب الثاني سنتناول القانون الواجب التطبيق على سير الخصومة التحكيمية
المــطلب األول
أ ول اجراء يتصدى له اطراف الخصومة التحكيمية بعد االتفاق على اللجوء الى التحكيم هي مسالة
اختيار المحكمين وتحديد عدد المحكمين التي ستخول لهم مهمة التحكيم ،فسنتعرض الى هذه المسالة من
خالل توضيح مختلف االتفاقيات الدولية للتحكيم والتشريعات الوطنية بخصوص تشكيل محكمة التحكيم
وكذا انتهاء هذه المهمة التي تبنى على اساس عقد تحكيم بين المحكم و اطراف الخصومة التحكيمية
65
الفرع األول :تشكيل محكمة التحكيم
ت تشكل محكمة التحكيم عادة من ثالثة محكمين ،كما نشير لمزيد من التجسيد إلى تشكيل هيئة
التحكيم في ظل قواعد لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي والقانون النموذجي حيث نجد أن المادة
الخامسة تنص على ترك تحديد عدد المحكمين الرادة األطراف ،فإذا لم يكن هناك اتفاق مسبق ولم يتم
االتفاق خالل خمسة عشر يوما من تلقي المدعى عليه إعالن التحكيم على أن يكون المحكم واحدا ،يتم
تشكيل المحكمة من ثالثة محكمين ،أماعلى مستوى غرفة التجارة الدولية فيجوز أن يكون المحكم فردا أو
أما موقف محكمة لندن ،فيمكن تشكيل المحكمة من محكم واحد أو عدة محكمين ويقترح أطراف
1
النزاع أسماء المحكمين ،غير أن المحكمة التي يتولى رئيسها أو احد نواب إصدار ذلك القرار.
وفي التشريعات الوطنية نجد التشريع الجزائري فيما يخص تشكيل محكمة التحكيم تنص المادة
2923من قانون االجراءات المدنية و االدارية على أنه" :تتشكل محكمة التحكيم من محكم أو عدة
كما جاء في قانون التحكيم التونسي قانون عدد 31مؤرخ في 11ابريل 2889يتعلق باصدار
مجلة التحكيم ( الرائد الرسمي عدد 99بتاريخ 3مايو 2889صفحة )199في تشكيل هيئة التحكيم في
الفصل":11
-2لالطراف حرية تحديد عدد المحكمين لكن يجب ان يكون العدد وت ار
يجب ان تتوفر في المحكم شروط من اجل بلوغ الهدف المنشود من التحكيم ذلك ان دور المحكم
هام في العملية التحكيمية كما سنتطرق الى شروط تعيينه ورده وعزله من خالل ما يسمى بعقد التحكيم
أوال :شروط تتعلق بالمحكم :حيث يجب توفر شروط متعلقة بالمحكم و التي سندرجها من خالل
نصوص مختلف التشريعات فمثال في قانون التحكيم االردن برقم 92لسنة ،1992المنشور على
الصفحة 1912من عدد الجريدة الرسمية رقم 3381تاريخ 1992/3/21في المادة " 21
ا-ال يجوز ان يكون المحكم قاص ار أو محجو ار عليه اومحروما من حقوقه المدنية بسبب الحكم
ب-ال يشترط ان يكون المحكم من جنس محدد أو جنسية معينة اال اذا اتفق طرفا التحكيم أو
2
نص القانون على غير ذلك"
نستخلص من هذين الفقرتين انه اشترط في المحكم ان يكون متمتعا بحقوقه المدنية كما ترك مسالة تحديد
1
-انظر،محمد شهاب،المرجع السابق،ص .212
2
-المرجع نفسه،ص .221
67
واذا جئنا الى القانون الجزائري نجد نص المادة 2923من قانون االجراءات المدنية واالدارية
98-99المؤرخ بتاريخ 11فبراير 1999التي تنص على انه" :ال يسند مهمة التحكيم لشخص طبيعي ،إال
اذا عينت اتفاقية التحكيم شخصا معنويا ،تولى هذا االخيرتعيين عضو أو اكثر من اعضائه
بصفة محكم " ،فانه يشترط نفس الشروط التي امالها المشرع االردني وهي تمتع الشخص الطبيعي
المسندة اليه مهمة التحكيم ان يكون متمتعا بحقوقه المدنية.اما المشرع الجزائري نجده قد اضافة حكم
ثانيا :شروط تعيين واستبدال وعزل ورد المحكم :فموقف المشرع الجزائري فيما يخص تعيين المحكمين
وعزلهم واستبدالهم حسب نص المادة 2932من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية 98-99المؤرخ بتاريخ
11فبراير 1999على أنه "يمكن لألطراف مباشرة أو بالرجوع إلى نظام التحكيم ،تعيين المحكم أو
في غياب التعيين ،وفي حالة صعوبة تعيين المحكمين أو عزلهم أو استبدالهم يجوز للطرف الذي بهمه
.2رفع األم ر إلى رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها التحكيم ،إذا كان التحكيم يجري في
الجزائر.
.1رفع األمر إلى رئيس محكمة الجزائر ،إذا كان التحكيم يجري في الخارج واختار األطراف تطبيق
فبموجب هذه المادة يكون تعيين المحكمين مباشرة من األطراف أو ثانيا إلى نظام التحكيم أما
التحكيم.
الحالة الثانية :إذا كان التحكيم يجرى في الخارج :رفع األمر إلى رئيس محكمة الجزائر في حالة اختيار
وفي حالة عدم تحديد الجهة القضائية المختصة في اتفاقية التحكيم يؤول االختصاص إلى
المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان إبرام العقد أو مكان التنفيذ وهذا حسب نص المادة 2931
ثالثا :عقد التحكيم :سنتناول في هذه النقطة على اركان عقد التحكيم بين المحكم و االطراف وكذا كيفية
-1أركان عقد التحكيم :نجد أنه بعد تعيين المحكم أو المحكمين من الضروري أن يقبل المحكم المهمة
التي عهد إليه بها ،وفي حالة رفضه ،فإن عملية التحكيم لن تتم إال إذا تم تعيين محكم آخر بدال
عنه.ويجب أن ال ننسى أن المحكم هو شخص طبيعي واذ قيامه بالمهمة من عدمها مسألة تعود إلى
تقديره الشخصي وبالتالي يعبر عن قبوله لتلك المهمة أو رفضها وهذا بخالف مهمة القاضي الذي ال
يستطيع رفض القيام بمهمته حيث انه ملزم بالنظر في الدعوى واصدار الحكم إذا كان ذلك ضمن
اختصاص محكمته وضمن صالحيته ولكن لكي يصبح المحكم ملزما بالنظر في النزاع عليه أن يعرب
صراحة أو ضمنا عن قبوله للمهمة ،وهكذا نكون أمام عقد يسمى بعقد التحكيم واألمر يختلف باختالف
نوعية التحكيم ففي التحكيم الخاص ،فعقد التحكيم يقوم بين أطراف النزاع من جهة وبين المحكم من جهة
أخرى عكس ما هو في التحكيم المنظم فعقد التحكيم يكون بين المؤسسة التي تنظم التحكيم وأطراف
69
النزاع .والمحكومون ليسوا طرفا في عقد التحكيم بل أطراف عقد آخر مع المؤسسة التي تنظم عملية
1
التحكيم.
ومنه نستخلص أن رضا المحكم أو المؤسسة التحكيمية ركن من أركان عقد التحكيم يجب أن
يتحقق صراحة أو ضمنا وكذلك رضا أطراف النزاع ،ويرد قبول المحكم بصيغة توقيع على عقد التحكيم
فكان موقف المشرع الجزائري في هذه النقطة حسب نص المادة2921التي تنص على انه"ال يعد
تشكيل محكمة التحكيم صحيحا ،اال اذا قبل المحكم أو المحكمون بالمهمة المسندة اليهم.
أما محل عقد التحكيم فهو إجراء التحكيم لتسوية النزاع الناشئ عن عقد معين بين أطرافه.
و السبب فهو رغبة األطراف في تسوية النزاع بالتحكيم والنزاع يجب أن يكون مشروعا وغير
2
مخالف للنظام العام واآلداب العامة.
وبالتالي ب عد توافر أركان العقد ينتج عقد التحكيم آثاره بين األطراف ويرتب التزامات وحقوق لكل
طرف ،من أهم التزامات المحكم هو النظر في النزاع واصدار القرار النهائي بشأنه كذلك يمكن أن يشترط
في بعض القوانين وكذلك القواعد الدولية إصدار قرار التحكيم خالل مدة معينة وهذا حسب اتفاق األطراف
كذلك ،ومن حقوقه أيضا (حقوق المحكم) اتجاه األطراف المتنازعة منحه سلطة اتخاذ القرار ،كذلك
سلطته في تحديد إجراءات التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بين طرفي النزاع على تحديد أو القانون
الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم كذلك له الحق في طلب الوثائق بين أطراف النزاع ،مصاريف
التحكيم ،عل ما أن هذا القبول ال يمنع من الطعن في الحكم المذكور إذا توافرت فيه أسباب تدعوا إلى
1
الطعن ،أما حقوقهم فهي تتمثل في التزامات المحكم.
-3انقضاء عقد التحكيم :في انقضاء عقد التحكيم يكون بإحدى األسباب التالية:
انجاز المهمة الموكلة إلى المحكم أو إلى المحكمين،إنهاء العقد من طرف واحد أي عندما يتفق جميع
الخصوم في االلتزام على إنهاء عقد التحكيم بعزل المحكم،رد المحكم عند طلب أحد األطراف رد المحكم
وصدور قرار بالرد،وفاة المحكم ،عند عدم توصل المحكمين إلى اتخاذ قرار لحسم النزاع .وسنتناول هذه
النقاط تباعا مع عرض معالجة مختلف التشريعات الوطنية واالتفاقيات الدولية لكل حالة.
ا-انجاز المهمة الموكلة إلى المحكم أو إلى المحكمين :يقصد به سند االنتهاء من اإلجراءات الخاصة
بالنظر في النزاع وحسمه وصدور القرار وبالشكل الذي يقتضيه القانون أو القواعد اإلجرائية ،فبالمقابل ال
يجوز للمحكم ال ذي قبل القيام بمهمة التحكيم التنحي عن مهمته بدون سبب مشروع وغال التزام بالتفويض،
فهذا الحكم نجده في معظم التشريعات الوطنية نذكر منها قانون المرافعات اللبناني ،القانون العراقي ،كذلك
قانون المرافعات المصري في المادة ،199عدم إمكانية تنحي المحكم بعد قبوله التحكيم بغير سبب جدي
واال جاز الحكم عليه للخصوم بالتعويض عن الضرر ،كذلك نفس الشيء في قانون المرافعات الفرنسي
2
(.)2311
كذلك عالجت هذه المسألة القواعد الدولية نجد المادة 29من قواعد التحكيم UNCITRALفي
فقرتها الثانية وكذا القانون النموذجي في المادتين ( )23و ( )21لمعالجة هذه الحالة أي تنحي المحكم فقد
-1أنظر ،د .فوزي محمد سامي ،المرجع السابق ،ص 199وما بعدها.
-2المرجع نفسه ،ص .191
71
ب-انقضاء عقد التحكيم يعزل المحكم :إن عزل المحكم يمكن أن يكون في أية مرحلة من مراحل
1
التحكيم حتى وان كان ذلك بعد صدور الحكم في شق معين من موضوع النزاع الذي ينظره المحكم.
كما نجد أن موقف المشرع الجزائري نجده أن عزل واستعداد المحكمين تخضع لنفس شروط
التعيين وذلك حسب نص المادة 2932السالفة الذكر أما فيما يخص رد المحكم فقد خص له المشرع
لكن هناك نقطة بخصوص عزل المحكم حسب نص المادة 2929جاءت ضمن األحكام
"ال يجوز عزل المحكمين خالل هذا األجل إال باتفاق جميع األطراف واألجل هنا أجل إنهاء مدة
مهمة التحكيم أي في حالة عدم االتفاق على مدة إنهاء مهمة المحكمين من قبل األطراف.
ج-انقضاء عقد التحكيم عند رد المحكم وصدور قرار الرد :رد المحكم حق أعطي ألي واحد من
الخصوم في المنازعات ويقدم الطلب عندما تكون لديه أسباب تجعله ال يطمئن إلى حياد المحكم وعدالته
وعلى هذا األساس تنص التشريعات المختلفة على رد المحكم إذا ما توافرت نفس األسباب الخاصة برد
2
الحكام والقضاء تلك األسباب التي يصبح فيها الشخص غير صالح إلصدار الحكم.
فعلى صعيد النصوص الدولية للتحكيم فقد رفضت الفقرة األولى من المادة العاشرة من قواعد
تحكيم األونسترال UNCITRALأن المحكم يكون معرضا للرد إذا كانت هناك ظروف تغير شكوكا
حول حياده أو استقالليته ،وأضافت الفقرة الثانية من المادة المذكورة بأن أيا من األطراف ال يمكنه رد
المحكم الذي سبق وأن اختاره إال ألسباب علم بها بعد إتمام تعيين المحكم المذكور.
فيها "في حالة رد المحكم من قبل أحد األطراف ،تفصل المحكمة بذلك حسب تقديرها بقرار غير قابل
للطعن" ،أي أن محكمة التحكيم التابعة للغرفة التجارية الدولية لها سلطة تقديرية في إصدار قرار رد
المحكم من عدمه وليس هناك أية سلطة يمكن اللجوء إليها من قبل الطرف الذي قد ال يقتنع بقرار
المحكمة المذكورة .فمن الطبيعي أن ي تنحى المحكم عن مهمته عندما يقرر رده ،وهذا ما هو متبع في
فقد جاء في المادة 112من قانون المرافقات المدنية العراقي جواز رد المحكمة لنفس األسباب
1
التي يرد بها الحاكم ،كذلك هذا ما نجده في القانون المصري.
وفي القانون الجزائري نجد أن المشرع الجزائري تناول أحكام ردالمحكم في المادة 2921من قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية 98-99السالف الذكر بنصها" :يجوز رد المحكم في الحاالت اآلتية:
.1عندما يوجد سبب رد منصوص عليه في نظام التحكيم الموافق عليه من قبل األطراف.
.9عندما تبين من الظروف شبهة مشروعة في استقالليته ،السيما بسبب وجود مصلحة أو عالقة
اقتصادية أو عائلية مع أحد األطراف مباشرة أو عن طريق وسيط ال يجوز طلب المحكم من
الطرف الذي كان قد عينه ،أو شارك في تعيينه ،إال لسبب علم به بعد التعيين.
في حالة النزاع ،إذا لم يتضمن نظام التحكيم كيفيات تسويته أو لم يسع األطراف لتسوية إجراءات
الرد ،يفصل القاضي في ذلك بأمر بناء على طلب من يهمه التعجيل ،هذا األمر غير قابل ألي طعن.
تسوية إجراءات الرد ،كما نجد موقف المشرع الجزائري ال يختلف عن باقي التشريعات والقوانين الوطنية
والدولية األخرى.
د -وفاة المحكم أو لسبب قانوني :ينتهي عقد التحكيم بوفاة المحكم أو عندما يكون هناك سبب قانوني
أو فعلي يحول دون قيام المحكم بمهمته ومثال السبب القانوني ،تعيين المحكم قاضيا عندما ال يجيز
القانون الواجب التطبيق على اإلجراءات أن يكون المحكم من بين القضاة ،أو عندما يفقد المحكم أهليته
أما السبب الفعلي فهو لحالة المرض أو القوة القاهرة التي تحول دون القيام المحكم بمهمته األمر الذي
وحسب نصل المادة 2913من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية 98-99المؤرخ بتاريخ 11
.2وفاة أحد المحكمين أو رفضه القيام بمهمته بمبرر أو تنحية أو حصول مانع له ،ما لم يوجد شرط
مخالف أو إذا اتفق األطراف على استبداله أو استبداله من قبل المحكم أو المحكمين الباقين،
.1بانتهاء المدة المقررة للتحكيم ،فإذا لم يشترط المدة فبانتهاء مدة أربعة ( )3أشهر.
النزاع وهذا يحدث عند وجود هيئة تحكيم مكونة من ثالثة محكمين أو أكثر وانقسمت آرائهم دون
المطلب الثاني
لقد ظهرت عدة اتجاهات فقهية وابرمت عدة اتفاقيات دولية بخصوص موضوع القانون الواجب
التطبيق على اجراءات سير الخصومة أو القانون الذي يحكم موضوع النزاع نظ ار للصعوبات التي طرحتها
هذه المسالة وان لم نقل ان مختلف الزاعات تقوم على طرح هذه المسالة ،فمن خالل هذا المطلب
سنتطرق مختلف االتجاهات الفقهية و الدولية و مختلف اتشريعات الوطنية التي عالجت مسالة تحديد
القانون الذي يخضع له التحكيم سواء في ناحيته االجرائية أو الموضوعية منخالل فرعين كما سياتي
ان مسالة القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم ليست مسالة نظرية محضة ،بل تعتبر
ذات اهمية حيوية من نواح عدة ،فمن ناحية ان هذا القانون يزود االطراف والمحكمين بمجموعة القواعد
القانونية الالزمة لحسم المسائل ذات الطبيعة االجرائية التي تثور اثناء خصومة التحكيم ،مثل تبادل
ومن ناحية ثانية ان معظم االنظمة القانونية تعلق تدخل المحاكم القضائية للمساعدة في تشكيل محكمة
التحكيم على مقر التحكيم فحسب ،فان بعض القوانين الوطنية تعلق ذلك التدخل على القانون لواجب
القاضي الوطني ،مثال عند طلب االعتراف بالحكم وتنفيذه أو الطعن فبه.
أوال :موقف الفقه والقوانين الدولية والداخلية في تحديد القانون الواجب التطبيق على اجراءات سير
الخصومة التحكيمية:
لقد حظيت مسالة القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم باهتمام الفقه ،واالتفاقيات
الدولية المتعلقة بالتحكيم وقواعد التحكيم ذات الطبيعة الدولية و القوانين الوطنية الحديثة 1والتي سنتعرض
اليها كاالتي:
-1موقف الفقه :يجب التفريق في هذا المجال بين امرين انقسمت حولهما اراء الفقهاء بمناسبة البحث
عن القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم ،فهذه االجراءلت تبدا منذ ابداء احد اطراف النزاع
رغبته في تسوية النزاع بالتحكيم اي منذ طلب التحكيم لحين اصدار قرار التحكيم بصيغته النهائية
حيث يذهب الرأي األول الى ربط التحكيم و اجراءاته بمكان التحكيم ،اي قانون االجراءات لذلك
المكان ،بمعنى اخر للدولة التي يوج د على اقليمها مكان التحكيم هو الذي يطبق بالنسبة لسير اإلجراءات.
2
ا-موقف االتفاقيات الدولية :ان دراسة االتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم ،بدءا من بروتوكول جنبف
لسنة 2819بشان االعتراف بشروط التحكيم ،واتفاقية جنيف لسنة 2813بشان تنفيذ احكام التحكيم
-راجع ،د.سراج حسين محمد ابو زيد ،المرجع السابق ،ص 311وما بعدها.
1
-2انظر ،بوكريطة موسى ،القانون الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي وفق القانون الجزائري ،رسالة ماجستير،
كلية الحقوق ،جامعة سعد دحلب بالبليدة ،نوفمبر ،1921ص 292نقال عن سامي فوزي محمد ،التحكيم التجاري الدولي،
الجزء الخامس ،الطبعة االولى ،دار الثقافة للنشر ،و التوزيع ،عمان ،2883 ،ص .211
76
االجنبية ،ثم اتفاقية نيويورك لسنة 2819بشان التحكيم التجاري الدولي وحتى اتفاقية البنك الدولي لسنة
2811لتسوية منازعات االستثمار وبين الدول ورعايا الدول األخرى ،تكشف عن التطور الكبير الذي
حدث بصدد مسالة القانون واجب التطبيق على اجراءات التحكيم ويمكننا ان نميز بين ثالث مراحل لهذا
التطور.
-1المرحلة االولى :خضوعه لقانون االرادة وقانون مكان التحكيم " بروتوكول جنيف لسنة 2819واتفاقية
-3المرحلة الثانية :خضوعه لقانون االرادة المستقلة و الدور االحتياطي لقانون مكان التحكيم "اتفاقية
-2المرحلة الثالثة :خضوعه لقانون االرادة المستقلة أو القانون المختار بواسطة المحكمين "االتفاقية
ب -موقف قواعد التحكيم ذات الطبيعة الدولية :فهي تعتمد في المقام االول بارادة االطراف في تحديد
القواعد االجرائية واجبة التطبيق ،وفي حالة عدم وجود قواعد اجرائية مختارة بواسطة االطراف تمنح
المحكمين سلطة تحديد هذه اقواعد كما نجد ان هذه القواعد تختلف فما بينهامن حيث مدى الحرية المقررة
لالطراف و المحكمين في هذا الشان فقواعد التحكيم النافذة لدى غرفة التجارة الدولية تمنح االطراف
والمحكمين على سبيل االحتياط الحرية الكاملة في تنظيم اجراءات التحكيم ،فان قواعد التحكيم االخرى
تمنح االطراف والمحكمين حرية مشروطة بمراعاة اقواعد االمرة في القانون الواجب التطبيق.
-2موقف القوانين الوطنية :كذلك نجد ان هناك اختالف عل صعيد القوانين الوطنية فنجد القانون
الفرنسي والسويسري و الجزائري يعترف لألطراف و احتياطيا للمحكمين بالحرية الكاملة في تحديد القواعد
اإلجرائية واجبة التطبيق ،بينما البعض األخر القانون االيرلندي و االسباني يقيد من حرية األطراف و
كذلك المحكمين بشرط مراعاة القواعد اآلمرة التي ال يجوز لهم مخالفتهما،وهناك فريق ثالث من هذه
77
القوانين على سبيل المثال القانون المصري يعطي لألطراف الحرية الكاملة في اختيار القواعد اإلجرائية
و بايجاز شديد يمكن القول من حيث المبدا بان االتجاه السائد لدى الفقه و االتفاقيات الدولية و قواعد
التحكيم ذات الطبيعة الدولية و القوانين الوطنية يتمثل في االعتداد أوال بارادة االطراف ،في تحديد القانون
الواجب التطبيق على االجراءات .وال يستثنى من ذلك سوى اتفاقية نيويورك و التي نصت على تطبيق
1
قانون الدولة مقر التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق بين األطراف ،ولم تعط اي سلطة في هذا الشأن
-2موقف قواعد تنازع القوانين على صعيد التعامل الدولي فيجب الرجوع الى التكييف القانوني للتحكيم،
فاذا اعتبر تصرفا اتفاقيا ،فالقانون الواجب التطبيق يكون القانون الذي اختاره الطرفان المتنازعان ،اما اذا
اعتبر التحكيم تصرفا قضائيا أو اجرائيا ففي هذه الحالة من الضروري خضوع التحكيم الى قانون المكان
2
الذي يجري فيه التحكيم
وسنتناول في هذا الفرع اجراءات سير المنازعة امام الهيئات الدائمة للتحكيم التجاري الدولي وكذا وفق
ثانيا :اجراءات سير الخصومة التحكيمية :ان اجراءات سير الخصومة التحكيمية تختلف في حالة
التحكيم الحر المبني على اتفاق واختيار االطراف للقانون الواجب التطبيق ،وفي حالة التحكيم امام
الهيئات الدائمة للتحكيم كما سنرى ،كما سنتعرض لهذه االجراءات وفق القانون الجزائري.
ان التحكيم وان كان أساسه ارادة الطرفين اال أن طبيعته عمل قضائي و بالتالي فان الق اررات التي
تصدر نتيجة للتحكيم هي ق اررات قضائية هدفها تطبيق العدالة بين اطراف النزاع ،ونظ ار الن التحكيم أو
-1راجع ،سراج حسين محمد ابو زيد ،المرجع السابق ،ص 391وما بعدها.
-2انظر ،بوكريطة موسى ،المرجع السابق ،ص .292
78
هيئة التحكيم هي جهة قضائية و مكان القاضي هو اقليم الدولة التي يمارس فيها سلطته ،فالمحكم طبقا
لذلك يجب ان يطبق قانون المكان الذي يجري فيه التحكيم .
وتبعا لذلك فانه في حالة اتفاق اطراف النزاع على القانون أو القواعد القانونية الواجبة التطبيق على
االجراءات فهي التي سيتم تطبيقها ،وفي حال عدم االتفاق و لكن كانوا متفقين على المكان – مكان
التحكيم – فان قانون االجراءات ذلك المكان هو الذي سيطبق على اجراءات التحكيم ،وفي حال عدم
اتفاق االطراف على مكان التحكيم فانه يعين من قبل هيئة التحكيم ،وبالتالي يطبق قانون االجراءلت لهذا
1
المكان و بحدود ماتسمح به قواعد االسناد لهذا البلد
اما بالنسبة الجرءات سير المنازعة للتحكيم التجاري الدولي لدى هيئات التحكيم الدائمة يتسم بانه
تحكيم منظم تسري فيه احكامه الالئحية على اجراءات التقاضي امام هيئة التحكيم ،وقد اتسع مجال
التحكيم التجاري الدولي لدى هذه الهيئات حيث اصبح اجباريا في الكثير من العقود الدولية ذات الشكل
النموذجي و التي تعتبر الى حد ما محو ار في التجارة الدولية مثل عقود المنشات الصناعية و التوريدات
الدولية و عقود التجميع والتي تتضمن نصوصها ضرورة اللجوء لغرفة التجارة الدولية و الخضوع
الجراءاتها ،كذلك فان التحكيم امام هيئات و مراكز التحكيم الدائمة ووفقا للوائحها يصبح اجباريا ،تطبيقا
لنصوص االتفاقيات و الم عاهدات الدولية متعددة االطراف ،مثل التحكيم في المنازعات المتعلقة
باالتفاقيات الدولية الخالصة بنقل البضائع بالسكك الحديدية و الموقعة برن (سويسرا) في 11فبراير 2812
و السارية اعتبا ار من اول يناير ،2811ومما سبق نجد أن هناك انتشار واسع لمثل هذه الهيئات و التي
ل ها لوائحها الخاصة التي يتم التحكيم على ضوئها ،حيث يتميز اللجوء الى هذا النوع من التحكيم بانه تتم
اجراءات سير المنازعة ووفقا للمواعيد التي تحددها هذه اللوائح ،وغالبية لوائح هيئات التحكيم الدائمة تشير
الى قاعد أساسية وهي تطبيق القواعد المستمدة من نصوصها على اجراءات سير المنازعة وفي حاالت
1
يكون ذلك على ضوء قانون المرافعات في دولة هيئة أو محكمة التحكيم.
المادة في الجزائري المشرع نص لقد -3اجراءات سير الخصومة وفقا للقانون الجزائري :
2939على أنه "يمكن ان تضبط في اتفاقية التحكيم االجراءات الواجب اتباعها في الخصومة مباشرة أو
استنادا على نظام تحكيم ،كما يمكن اخضاع هذه االجراءات الى قانون االجراءات الذي يحدده االطراف
اذا لم تنص االتفاقية على ذلك ،تتولى محكمة التحكيم ضبط االجراءات ،عند الحاجة ،مباشرة أو استنادا
فموقف المشرع الجزائري واضح من خالل نص المادة هاته ،حيث جعل في المقام االول اخضاغ
اجراءات التحكيم الى القانون الذي يختاره االطراف وفي حال غياب االتفاق ترجع المسالة بين يدي
المح كمين،حتى انه لم يربط ولم يتكلم على قانون المكان التي يمكن ان تخضع له اجراءات التحكيم كما
ان البدء في اال جراءات الخاصة بعملية التحكيم منذ تقديم طلب التحكيم لحين اصدار الحكم وهذا
يعني ايضا دعوة الخصوم البداء ادعاءاتهم و دفوعهم و تقديم مستنداهم و ادلتهم الثبوتية ،كما يقتضي
التاكد من ان المحكمين مختصون للنظر في النزاع و ان موضوع النزاع يجب ان يكون من المواضيع
التي يمكن حسمها بالتحكيم ،وهي األمور التي سوف نتطرق اليها اانطالقا من بيان كيفية انطالق
-راجع ،بوكريطة موسى،المرجع السابق،ص،،299-291نقال عن الرفاعي اشرف عبد العليم،النظام العام و القانون 1
الواجب التطبيق على موضوع التحكيم في العالقات الخاصة الدولية،بدون طبعة،دار الفكر
الجامعي،االسكندرية،1999،ص .29-21
-راجع ،بوكريطة موسى،المرجع السابق،ص .293 2
81
ا-انطالق الخصومة التحكيمية :كما اشرنا سابقا تخضع قواعد االجراءات التحكيمية الرادة االطراف ،و
االصل ان اجراءات التحكيم تبدا من اليوم الذي يستلم فيه المدعى عليه ،و هو االمر الذي تسير عليه
معظم التشريعات على عكس نظام غرفة التجارة الدولية التي تجعل تاريخ تسليم الطلب الى االمانة العامة
بالغرفة هو التاريخ المعتمد النطالق الخصومة التحكيمية،اما لو رجعا الى احكام قانون االجراءات المدنية
و االدارية في القضايا العادية امام محاكم الموضوع فانه تاريخ التبليغ هو تاريخ انعقاد الخصومة.ومن
هذا سنتطرق الى تقديم االطراف لمذكراتهم ،ثم مسالة اعالم الخصم ،و اللغة المستعملة و مكان اجراء
التحكيم.
-1تقديم اطراف الخصومة لمذكراتهم :حيث البد من ذكر و االشارة الى الطلب الذي يتقدم به المدعي و
يسمى طلب التحكيم و المذكرة الجوابية للمدعى عليهم ذلك من خالل تقديم المدعى عليه لجوابه يمكن ان
يتقدم بدعوى مقابلة ،وليس بالضرورة وجود ارتباط بين الدعوى االصلية و الدعوى المقابلة ،لكن المهم
فالمشرع الجزائري سواء في تقديم الطلب االفتتاحي للخصومة و كيفية تقديم المدعى عليه لمذكرته الجوابية
تركها إلرادة االط ار ف فهي المسيطرة لتحديد انطالق خصومة التحكيم ،فيمكن ان يتفقا على الموعد من
-3كيفية اعالم الخصم التحكيمي و المواعيد المقررة لذلك :باعتبار ان الخصومة التحكيمية خصومة
حقيقية ،فانه يتعين على الخصوم اقامة دعواهم ،وتقديم دفوعهم و مذكراتهم وطلباتهم،كما يتعين اعالن
كل خصم باالجراء الذي تخذه صد الخصم االخر،لكن نجد انه احترام هذه االجراءات بالشكل الموجود في
الخصومة العادية من شانه ان يعطل خصومة التحكيم في حين رغبة االطراف في اللجوء الى التحكيم
هي الوصول الى حل عادل و سريع ،مما يتعين معه توفير المرونة الجراءات التحكيم ،من اجل ذلك
81
تحرص الكثير من القوانين على الموازنة بين ضرورة احترام مبدا المواجهة وبين مرونة التحكيم،كما
تحرص التشريعات المقارنة ومن بينهاالمشرع الجزائري الى عدم التدخل في وضع شكل معين أو طريقة
ومن حهة اخرى يجوز ان يتم اعالن المدعي أو محكمة التحكيم للمدعى عليه للحضور بالبريد العادي أو
فالمشرع ال جزائري ترك للخصوم حرية االتفاق على طريقة و شكل االعالن باعتباره قد مسالة تطبيق
القواعد االجرائية مسالة اختيارية،وهذا ما يتوافق مع الطابع الرضائي للتحكيم ،فاذا لم يكن هناك اتفاق
اصبح المحكم غير مقيد بالقواعد المقررة لصحة التبليغ في قانون االجراءات المدنية و االدارية بشرط
احترام لمبدا المزاجهة و لحقوق الدفاع ،كما يكون لالطراف حرية االاتفاق على المسائل االخرى
1
االجرائية.
-9لغة التحكيم :تطبيقا لحرية االطراف في التحكيم فان الطرفين اذا اتفقا على لغة معينة ففي هذه الحالة
على المحكم اتباع ماجاء في االتفاق ،و المشرع الجزائري سار على هذا النحو ،بخالف بعض التشريعات
من بينها التشريع المصري الذي جعل لغة التحكيم هي اللغة العربية اال اذا تم االتفاق على خالف
ذلك.وكان على المشرع الجزائري ان يكون له نفس الموقف بحيث يجعل لغة التحكيم هي اللغة العربية
كاصل ،اال اذا تم االتفاق على خالف ذلك و اللغة المستعملة تبقى هي المستخدمة على لغة البيانات و
المذكرات و المرفقات الشفهية وكذلك على كل قرار تتخذه هيئة التحكيم اال اذا كان اتفاق الطرفين بخالف
2
ذلك.
83
-3مكان التحكيم :حسب نص المادة 2931من قانون االجراءات المدنية و االدارية من قانون 98-99
المؤرخ في 11فبرايرسنة 1999التي تنص على انه "اذا لم تحدد الجهة القضائية المختصة في اتفاقية
التحكيم ،يؤول االختصاص الى المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان ابرام العقد أو مكان التنفيذ
"
نستخلص من هذا النص ان التحكيم يتحرر من القيود المحددة لالختصاص المحلي الواردة في القوانين
الداخلية ،فاالختصاص االقليمي يتحدد وفقا الرادة االطراف ،وفي حالة عدم وجود اتفاق يرجع
و ذلك على خالف بعض التشريعات المقارنة منها المشرع المصري الذي جعل هيئة التحكيم هي المكلفة
بتعين مكان التحكيم بعد ارادة االطراف وهذا الموقف هو االقرب الى الصواب،باعتبار انه كان على
المشرع الجزائري ان يدعم استقالل الهيئة التحكيمية بعدم تدخله في تحديد مكان االنعقاد بعد ارادة
1
االطراف
-1نظام الجلسات :يجوز في خصومة التحكيم عقد الجلسات في اي مكان يتفق عليه الخصوم سواء
داخل الدولة أو خارجها ،كذلك بالنسبة للجلسات يمكن عقد بعضها في مكان التحكيم و البعض في مكان
اخر،كما يجوز لمحكمة التحكيم االستعانة بكاتب الجلسة أو االستغناء عنه،كما يجوز لها ان تقرر عقد
الجلسات بصفة علنية أو بصفة سرية و سواء في اوقات العمل الرسمية أو في غير هذه االوقات ،كما
يجوز لهم كذلك ان تقرر عدم عقد اي جلسة للمرافعة الشفهية اكتفاء بمذكرات الخصوم و مستنداتهم ،وكل
2
ذلكمالم يتفق الطرفان على قواعد اجرائية اخرى ملزمة لمحكمة التحكيم
82
ب-سلطات محكمة التحكيم في تسيير الدعوى :ويكون ذلك من خالل الفصل في اختصاصها بنظر
الخصومة التحكيمية ،ثم دورها في اصدار االوامر الوقتية و التحفظية ،واخي ار البحث عن االدلة
-2الفصل في اختصاص الهيئة التحكيمية :يملك المحكم ومن تلقاء نفسه الفصل في مسالة اختصاصه
في النزاع المطروح عليه من عدمه ،فالمحكم كالقاضي يملك سلطة المبادرة في التحقق من اختصاصه
بموضوع النزاع ،وذلك قبل الخوض في اجراءات التحكيم حتى ال تنتهي هذه االجراءات بصدور حكم فيما
حيث ذهبت محكمة النقض الفرنسية الى ان المحكم ليس من سلطته فقط التحقق من تلقاء نفسه من
مسالة اختصاصه قبل التعرض لطلبات الخصوم بل ان ذلك واجب عليه ،فمن حق اطراف الخصومة
ال تحكيمية الدفع بعدم اختصاص المحكم بالفصل في المنازعة ،كما يجب اثارة هذا الدفع قبل اي دفاع في
الموضوع ،فاذا لم يثار اوال سقط الحق باثارته،وهذا مااشارة اليه المادة 2933من قانون االجراءات المدنية
و االدارية و التي تنص على انه" تفصل محكمة التحكيم في االختصاص الخاص بها ،ويجب اثارة الدفع
بعدم االختصاص قبل اي دفاع في الموضوع "وهذا ما هو معمول به ايضا في النزاعت المعروضة على
القضاء .
ويتم الفصل في االختصاص بقرار اولي اال اذا كان الدفع بعدم االختصاص مرتبطا بموضوع النزاع ،فاذا
كان الحال كذلك يفصل المحكم في الدفع وفي الموضوع بحكم تحكيمي واحد.
وفي حالة قضاء محكمة التحكيم بعدم اختصاصها فان حكمها يقتصر على ذلك و يتهي التحكيم ،واذا
قضت برفض الدفع فال يجوز التمسك ب هاال بطريق رفع دعوى بطالن حكم التحكيم المنهي للخصومة
82
كلها ،اي انها تستمر في نظر النزاع وعلى الخصم االنتظار حتى تفرغ محكمة التحكيم من النزاع بحكم
1
منهي له
-3اتخاذ التدابير المؤقتة و التحفظية :حيث انه يمكن لجهة التحكيم وبعد بدء سريان دعوى التحكيم ان
تتخذ بعض التدابير الوقتية أو التحفظية بناءا على طلب من احد اطراف الخصومة ،وذلك الى جانب
اختصاص هيئة التحكيم بتسيير الدعوى وفقا الرادة االط ار ف وهذا في حالة مقتضيات طبيعة موضوع
النزاع أو ظروف و مالبسات الدعوى المعروضة لسرعة اتخاذ بعض التدابير تجنبا الضرار بالغة تلحق
باحد الخصوم نتيجة االنتظار حتى صدور حكم التحكيم المنهي للخصومة.
وكان موقف المشرع الجزائري من هذا حسب نص المادة 2931من قانون االجراءات المدنية واالدارية ،
فالمحكم ال يملك سلطة القمع المخصصة للمحاكم فقط ،فاذا رفض احدهما االمتثال لها جاز للمحكم ان
يطلب مساعدة القاضي المختص وعندئذ يطبق القاضي المختص قانونه الخاص به ،ذلك ان التدابير
المؤقتة أو التحفظية المتخذة من طرف المحكم ال تحوز في حد ذلتها على القوة التنفيذية ،وفي المقابل
يمكن لمحكمة التحكيم أو للقاضي ان يخضع هذه التدابير الى الضمانات المالئمة من قبل الطرف الذي
طلب هذا التدبير ،ويقصد با لتدابير التي تنظم وقتيا حالة مستعجلة الى ان يصدر فيها قرار نهائي .فان
هذه االجراءات التحفظية هي تلك التي تتخذ لحماية اموال و لصون الحقوقمثل الحجز التحفظي أو
التامين البحري وحبس المنقول و غير المنقول حيث تتعدد اشكال الحماية التي توفرها هذه االجراءات
والتي ف ي مجملها و بصفة عامة تهدف الى حفظ االدلة الالزمة ،كا يجوز لالطراف اللجوء الى قاضي
االمور المستعجلة التخاذ اي اجراء من هذه االجراءات وذلك بغية االستفادة من الحماية القضائية الواسعة
2
التي يقررها له القانون في حاالت االستعجال
-راجع ،بوكريطة موسى،المرجع السابق،ص 293نقال عن احمد السيد صاوي،التحكيم طبقا للقانون رقم 13لسنة 1
2883و انظمة التحكيم الدولية،الطبعة الثانية،المؤسسة الفنية للطباعة و النشر،مصر 1993،ص .219
-راجع ،بوكريطة موسى،المرجع السابق،ص 299 2
85
-2البحث عن االدلة :يتفق اطراف الخصومة التحكيمية على طرق االثبات و ادلته ،ولهم ان يختارو
القانون الذي يحكم االثبات وفي حالة عدم االتفاق على ذلك ،تختار هيئة التحكيم القانون الذي تراه
مناسبا ،واكن نظ ار لمصدرها االتفاق ياي الهيئة فهي تفتقر الى سلطة االمر وهو مايعني انها تحتاج
ونفس الموقف نراه في التشريع الجزائري من خالل نص المادة 2933من قانون االجراءات المدنية
واالدارية التي تنص"تتولى محكمة التحكيم البحث عن االدلة " وفي نص المادة 2939من نفس القانون
التي تنص على " اذا اقتضت الضرورة مساعدة السلطة القضائية في تقديم االدلة أو تمديد مهمة
المحكمين أو تثبيت االجراءات أو في حاالت اخرى ،جاز لمحكمة التحكيم أو لالطراف باالتفاق مع هذه
االخيرة ،او للطرف الذي يهمه التعجيل بعد الترخيص له من طرف محكمة التحكيم ،ان يطلبوا بموجب
عريضة تدخل القاضي المختص ،ويطبق في هذا الشان قانون بلد القاضي "
كما تجدر االشارة اليه ان المشرع الجزائري سكت ولم يشر الى االستعانة بالخبراء فبالتبعية انه بامكان
1
االطراف أو هيئة التحكيم تعيين الخبراء اذا تطلب ذلك
ج-وقف وانهاء اجراءات التحكيم :يتم وقف و انهاء اجراءات التحكيم التجاري الدولي وفقا الجراءات
-1وقف اجراءات التحكيم :طبقا للقانون الجزائري وفيما يخص التحكيم الداخلي يتم توقيف الخصومة
التحكيمية ويحال االطراف الى الجهة القضائية المختصة في حالة الطعن بالتزوير مدنيا في ورقة تم
ايداعها بمناسبة الخصومة أو اذا حصل اي عارض جزائي وحال انتهاء النزاع الفرعي يعاد السير في
اجراءات الخصومة من جديد،لكن في التحكيم التجاري الدولي في الجزائر فال توجد اشلرة الى ذلك ،و
القاعدة المستقرة عليها في االجتهاد القضائي التحكيمي الدولي ال تؤثر فيه العوارض الجنائية و الطعن
86
بالتزوير ،بمعنى اليمكن تطبيق قاعدة الجزائي يوقف المدني في مجال التحكيم الدولي اال اذا اتفق
1
االطراف على خالف ذلك
-3انتهاء اجراءات التحكيم :تنتهي اجراءلت التحكيم بصورتها الطبيعية بصدور حكم التحكيم ،لكن
احيانا تنتهي هذه االجراءات قبل صدور التحكيم ،اي ترفع يد المحكمة وتنتهي واليتها رغم عدم صدور
الحكم المذكور
ففي قانون المرافعات الفرنسي يجب على محكمة التحكيم اذا انتهت مهلة التحكيم ،دون صدور حكم منهي
نفس الحكم بالنسبة للمشرع المصري اال انه يضيف اليها ان اتهاء الخصومة قد تكون باتفاق االطراف
على انهاء التحكيم ،او اذا ترك المدعى خصومة التحكيم ،او اذا رات هيئة التحكيم الي سبب اخر عدم
اما المشرع الجزائري فلم يحدد كيفية انتهاء التحكيم قبل وصوله لنهايته الطبيعية حيث ترك هذا االمر
الرادة االطراف ،واذا اختار اطراف النزاع تطبيق القانون الجزائري يمكن ان يجعل المحكم يطبق احكام
القانون الداخلي في ذلك وحسب نص المادة 2913من قانون االجراءات المدنية و االدارية التي تحدد
حاالت انهاء الخصومة التحكيمية ،بوفاة احد المحكمين ،او رفضه القيام بمهمته ،او تنحيته أو حصول
مانع له ،او بانتهاء لمدة التحكيم ،او بفقدان الشيء موضوع النزاع ،او انقضاء الدين المتنازع فيه أو بوفاة
2
احد اطراف العقد
ثالثا:النظام العام و اختصاص المحكم :يقصد به تلك القواعد االساسية و المباديء العامة لقانون
الشعوب و مباديء قانون التجارة ،فالنظام العام يعد من اهم الدفوع التي قد يستخدمها القاضي الوطني
-المرجع نفسه،،نقال عن،عبد الحميد االحدب،مجلة التحكيم،العدد الثاني،نيسان /افريل .1998 1
87
الستبعاد تطبيق القانون االجنبي المعين اذا ما كان تطبيقه يتعارض مع المباديء االساسية التي يقوم
عليها المجتمع في دولة القاضي ،سواء كانت هذه المباديء اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية .
فاألنظمة القانونية للدول تشتمل على قواعد خاصة تسمى قواعد النظام العام التي يراد منها تحقيق
المصلحة العامة و بالتالي فهي تشكل حاج از أو عائقا في تنفيذ اي قرار قضائي أو تحكيمي مخالف لهذه
القواعد ،فيجب ابتداءا ان يكون الحكم التحكيمي غير متعارض مع النظام العام في البلد المراد تنفيذ حكم
التحكيم فيه ،وهذا ما يدعوا المحكم الى ان ياخذ بعين االعتبار عند اصداره لق ارره بمبدا احترام النظام العام
الداخلي مع قواعد النظام العام السائدة في التعامل التجاري الدولي ،ذلك الن القواعد االولى نجد لها
اساسا في النظام السياسي و االجتماعي و االقتصادي للدولة ،وقد ال تتفق مع معطيات التبادل التجاري
على الصعيد الدولي حيث ياخذ عدم احترام قواعد النظام العام الى ذات االثر المترتب الى عدم
كفالةحقوق الدفاع.
-1كفالة حقوق الدفاع :وهو من اهم االسس التي تقوم عليها اجراءات التحكيم و الذي يقصد به اعطاء
الفرصة و ال حرية الكاملة لكال الطرفين حتى يتمكن من تقديم ما تحت ايديهم من ادلة و اقوال و شهود و
تبادل اللوائح و استدعاء الخبراء ...و غيرها من االمور التي تستلزم لبناء االدلة.
وبالتالي فان اخالل المحكمين بهذا المبدا يعرض الحكم التحكيمي للبطالن في حال ثبوت ذلك ،حيث
اشارت اليه االتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم و بعض النصوص الدولية التي وضعتها لجنة القانون
التجاري الدولي التابعة لالمم المتحدة في المادة ،21كما نصت المادة 29من القانون النموذجي للتحكيم
الذي اعدته اللجنة المذكورة على وجوب معاملة الطرفين على قدم المساواة وان تهيء لكل منهما الفرصة
88
كما نجد االتفاقية العربية للتحكيم التجاري لعام 2893لم تشر اليه صراحة أو ضمنا وانما سكتت عن
االشارة اليه ،حيث ان هذا المبدا معترف به و مستقر في مجال التحكيم الدولي وعدم النص عليه ال يعني
والمشرع الجزائري كذلك اخذ بهذا ال مبدا احترام حقوق الدفاع لكل الطرفين في النزاع و معاملتهما على قدم
المساواة،حيث يترتب على عدم االخذ به امكان ابطال حكم التحكيم ،فيجب على المحكمين و كذلك
1
االطراف احترام هذا المبدا
-3التزام المحكم باحترام النظام العام :يجب على المحكم ان ياخذ باالعتبار عند اصداره لحكم التحكيم
قواعد النظام العام للدولة التي سينفذ فيها هذا الحكم ،حيث ان مخالفة هذه القواعد ستؤدي بالضرورة الى
فقد نصت اتفاقية جنيف لعام 2813على انه اذا اريد الحصول على االعتراف و تنفيذ الحكم ،وفقا للمادة
االولى من االتفاقية المذكورة فمن الضروري ان ال يكون حكم التحكيم مخالفا للنظام العام أو لمباديء
القانون العام للبلد المراد تنفيذ الحكم فيه ،كذلك اعطت اتفاقية نيويورك لعام 2819الحق للدول المتعاقدة
ان ترفض االعتراف و تنفيذ حكم التحكيم اذا كان في الحكم ما يخالف النظام العام.
فنجد ان المشرع الجزائري تاثر بهذا المبدا وتبناه في قانون االجراءات المدنية و االدارية الصادر بتاريخ
11فبراير سنة 1999اي نفس القواعد فيما يخص التحكيم التجاري الدولي في المادة 22912والتي
-2التعاون بين التحكيم و السلطة القضائية في مسائل االجراءات :لقدعالجت القوانين الحديثة الصادرة
في العديد من الدول المنظمة للتحكيم سواء اكان تحكيما داخليا أو دوليا في مسالة اختصاص القضاء
89
الوطني وكيفية توزيع االختصاص باتخاذ هذه االجراءات ومن بينها المشرع الوطني على حد سواء
ويعتبرالتعاون بين التحكيم و السلطة القضائية في مسائل االجراءات ضرورة البد منها ويتجلى ذلك من
خالل طلب المحكم المساعدة في الحصول على االدلة ،باالضافة الى المسائل االولية و االجراءات
التحفظية و الوق تية التي تخرج من نطاق اختصاص هيئة التحكيم ،حيث يكون طلب المساعدة من هيئة
التحكيم أو آلي من الطرفين بموافقتهما وذلك بهدف الحصول الى الحقيقة ،ومن تلقاء انفسهم كما يجوز
لهم العدول على ذلك متى رات انها في غنى عن هذه المسالة ،وبغض النظر عن القانون الواجب
التطبيق على اجراءات التحكيم سواء كان القانون النموذجي أو قواعداالمم المتحدة ،او اي قانون اختاره
1
اما فيما يخص التقادم فانه يتم الرجوع فيه الى القانون الذي يحكم الموضوع
تعتبر مسألة القانون الواجب التطبيق على العقود بصفة عامة من المسائل الصعبة والشائكة في
القانون الدولي الخاص ،وتزداد هذه الصعوبة عندما تثور هذه المسألة أمام المحكم ،حيث أنه من
المعروف أن المحكم ليس له قانون اختصاص (أو ما يسمى بقانون القاضي )Lex Poriيحدد على
أساسه القانون الواج ب التطبيق على موضوع النزاع المطروح أمامه ،بل أن هذه المسألة تصبح أكثر
صعوبة وتعقيدا عندما يكون أحد طرفي العقد دولة ذات سيادة أو أحد األجهزة التابعة لها .إذ أن الدولة
أو الجهاز العام التابع لها ينفر من إخضاع العقد لقانون آخر غير قانونه الوطني .خاصة قانون الدولة
التي تنتمي إليها الشركة الخاصة الطرف في العقد هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الشركة األجنبية
المتعاقدة تسعى جاهدة إلى استبعاد تطبيق القانون الوطني للدولة الطرف في العقد ،الذي يؤدي بالمساس
بالتزاماتها القضائية وذلك عن طريق تغيير قانونها مما يحقق مصالحها ويضر بالتالي بالشركة المتعاقدة
91
معها ،ومنه نستوفي من دراسة االتجاهات السائدة بشان تحديد القانون الواجب التطبيق وأهم الحلول في
وباالطالع على االتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم ،وقواعد التحكيم ذات الطبيعة الدولية،
والتشريعات الوطنية الحديثة ،وكذلك أحكام التحكيم نجد أنها جميعا تأخذ بمبدأ استقالل اإلرادة في تحديد
القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع وفي حالة غياب قانون اإلرادة المستقلة تعطي سلطة تحديد
أوال :االتجاهات السائدة بشان تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع
ومنه سنتعرض أوال لقانون اإلرادة المستقلة ،ثم نعرض بعد ذلك لسلطة المحكمين في تحديد القانون واجب
1
التطبيق.
-1خضوع العقد لقانون اإلرادة المستقلة :يعتبر خضوع العقد لقانون إرادة األطراف مبدأ مسلما به في
مجال التحكيم الدولي الخاص ،وان هذا المبدأ أخذت به االتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم نذكر منها
االتفاقية األوروبية لسنة 2812والتي تنص في المادة ( ) 3منها على أنه "لألطراف حرية تحديد القانون
كما نجد كذلك أخذت بهذا المبدأ قواعد التحكيم ذات الطبيعة الدولية فقد نصت المادة ( )19من
القانون النموذجي الذي وصفته لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي سنة 2891على أنه" :تفصل
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .111-113
91
محكمة التحكيم في النزاع طبقا للقاعد القانونية المختارة من قبل األطراف بوصفها واجبة التطبيق على
موضوع النزاع وأي اختيار لقانون دولة ما أو لنظامها القانوني يجب أن يؤخذ على أنه اختيار لقانون دولة
ما أو لنظامها القانوني يجب أن يؤخذ على أنه اختيار مباشر للقواعد القانونية الموضوعية لهذه الدولة
وليس لقواعدها الخاصة بتنازع القوانين ،ما لم يتفق األطراف صراحة على خالف ذلك".
فنجد كذلك القوانين الوطنية الحديثة أخذت بمبدأ استقالل اإلرادة في تحديد القانون الواجب
التطبيق من بين هذه القوانين نذكر من بينها :القانون الفرنسي للتحكيم الدولي في نص المادة ()2381
من هذا القانون على أنه "يفصل المحكم في النزاع وفقا للقواعد القانونية المختارة من قبل األطراف"...
و يرى الفقه الغالب أن هذا النص باستخدامه تعبير "القواعد القانونية" بدال من تعبير "القانون"
يجيز لألطراف االتفاق على حسم النزاع ليس فقط بالتطبيق لقانون وطني معين بل أيضا تطبيق القواعد
المشتركة في القوانين المتصلة بموضوع النزاع أو المبادئ العامة للقانون أو القانون الدولي العام أو ما
1
يسمى اليوم بقانون التجارة الدولية.
كما انه هناك عدة قوانين أخذت بهذا المبدأ منها ،القانون االيرلندي ،السويسري والقانون المصري
وكذا التشريع الوطني الجزائري حسب أحكامه في مواد قانون اإلجراءات المدنية 98-99السالف
ذكره نجد المادة 2919من هذا القانون تنص على" تفصل محكمة التحكيم في النزاع عمال بقواعد القانون
الذي اختاره األطراف ،وفي غياب هذا االختيار نفصل حسب قواعد القانون واالعراف التي تراها مالئمة"
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .119-113
93
يتوضح لنا موقف المشرع الجزائري ،من خالل هذه المادة أنه سار على نفس النهج التي سارت
عليه أغلب االتفاقيات الدولية وكذا القوانين الوضعية كما أسلفنا الذكر ،حيث جعله في المقام األول إرادة
األطراف في اختيار القانون واجب التطبيق ،كما نجد أحكام التحكيم كذلك تثبت هذا المبدأ.
كما يجب اإل شارة كذلك عن تساؤل حول هل يمكن األخذ بهذا المبدأ في مجال العقود ذات
الطابع الدولي التي تكون الدولة أو احد األشخاص العامة طرفا فيها ،كما هو الشأن مثال في عقود
يرى جانب من الفقه الغالب أن الدولة واألشخاص العامة لها القدرة ،شأنها في ذلك شأن
األشخاص الخاصة على اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد التي تكون طرف فيه وهذا تطبيقا
في قضية تكساكو ضد الحكومة الليبية ،فإن المحكم الوحيد األستاذ ديبوى في الحكم الذي أصدره
في هذه القضية في 28يناير ، 2833أجاب على التساؤل عما إذا كان لألطراف الحق في تعيين القانون
إن اإلجابة على هذا التساؤل ،ليست محل شك ،حيث أن كل األنظمة القانونية ،أيا كانت تطبق
كما اعترفت اتفاقية واشنطن لعام 2811للدولة واألشخاص العامة عموما بالقدرة على اختيار
القانون واجب التطبيق على العقد موضوع النزاع الذي تكون طرفا فيه ،فقد نصت المادة ( )2131من هذه
االتفاقية على أنه "تفصل محكمة التحكيم في النزاع وفقا لقواعد القانون المختار بواسطة األطراف"...
92
وبهذا تكون االتفاقية قد قررت وبشكل صريح أن للدولة واألشخاص العامة القدرة على اختيار القانون
1
واجب التطبيق.
ولقد ذهب األستاذ P. Laliveفي هذا الصدد قائال :لماذا يكون أحد األطراف في العقد الدولي
محور ما بسبب كونه شخصا عاما من مكنة معترف بها عموما لألطراف األخرى المتعاقدة ،فكما أن
للدولة أو الشخص العام السلطة في أن يلتزم بموجب العقد ،يمكننا القول بأن الدولة الطرف في عالقة
تجارية دولية يجب أن يكون لها بالضرورة سلطة االتفاق على القانون واجب التطبيق ،واال ستكون الدولة
2
محرومة من االستفادة من بعض العقود التي تقدر أنها مفيدة أو ضرورية لتنميتها االقتصادية.
-3خضوع العقد لسلطة المحكمين في تحديد القانون الواجب التطبيق في حالة غياب قانون اإلرادة
تظهر الصعوبة في تحديد القانون واجب التطبيق على العقد في حالة عدم وجود اتفاق بين
األطراف في هذا الصدد ،فقد يحدث أن يأ تي العقد صامتا حول مسألة القانون واجب التطبيق ،وقد يرجع
ذلك ألسباب ،فقد يكون راجعا إلهمال األطراف أو جهل وتجاهل المفاوضين ،لكن في معظم الحيان ،قد
يكون مقصودا من قبل األطراف وذلك من أجل تفادي الدخول في مسألة خالفية un sujet frictionفي
لحظة قد يكون فيها األ طراف اتفقوا على كل الشروط الجوهرية للتعاقد ،فاألطراف اهتمامهم يكون
بالمسائل الفتية والمالية في عقدهم خاصة ونحن بصدد التحكيم التجاري الدولي الذي يكون فيها محال
للعقد دائما مصلحة مالية اقتصادية فهم يتفادون تعريض إتمام عقدهم للفشل بسب الخالف حول القانون
الواج ب التطبيق وبالتالي يفضلون تأجيل هذه المسألة إلى وقت آخر فيكتفون باإلشارة مثال :إلى مبدأ
3
حسن النية أو العدالة ويتركون هذه المسألة للمحكمين.
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص 131وما بعدها.
-2راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،،ص.133
-3المرجع نفسه ،ص .133
92
ومن هذا يطرح لنا سؤال عن مدى سلطة المحكمين في تحديد القانون الواجب التطبيق ،وهل
يتعين عليهم االستعانة بقاعدة تنازع قوانين معينة أم لهم سلطة التحديد المباشر؟
ثانيا :الكيفيات والطرق المستخدمة لتحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع
فبعد االطالع على االتفاقيات وقواعد التحكيم ذات الطبيعة الدولية ،والتشريعات الوطنية ،يمكن
أن نميز بين اتجاهين :اتجاه يلزم المحكمين بتحديد القانون واجب التطبيق من خالل قواعد التنازع،
واآلخر يعطي لهم سلطة التحديد المباشر لهذا القانون ،كما أن دراسة أحكام التحكيم تكشف عن تنوع
1
الطرق المستخدمة من قبل المحكمين.
-1كيفيات تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع :نقصد بها الكيفية التي يتم بها تحديد
القانون الواجب التطبيق من قبل محكمة التحكيم وهي تختلف كما سنوضحها .
ا -تحديد القانون واجب التطبيق بواسطة قواعد تنازع القوانين :أوال يجب تحديد ما هي قواعد تنازع
القوانين التي يمكن للمحكم اللجوء إليها ،حيث يمكن القول بأن المحكم يستطيع أن يلجأ إلى نظام تنازع
القوانين في الدولة التي يحمل جنسيتها أو التي يوجد بها محل إقامته ،كما يمكن القول بأن للمحكم اللجوء
إلى قواعد تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص التي يحمل األطراف جنسيتها أو التي يوجد بها
موطنهم المشترك ،غير أن هذا الحل من الصعب األخذ به في مجال التحكيم الدولي ومعامالت التجارة
الدولية حيث يمكن أال يكون لألطراف في الغالب جنسية مشتركة أو موطن مشترك.
كما يمكن القول كذلك بإمكانية لجوء المحكم إلى قواعد تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص
في الدولة التي كان من المفروض أن تختص محاكمها والى جانب الحلول السابقة ذكرها ذهب بعض
الفقهاء إلى أنه يجب على المحكمين تطبيق قواعد اإلسناد في قانون الدولة مقر التحكيم ،وقد تبنى مجمع
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص .139
95
القانون الدولي هذا الحل في التوصية التي أصدرها في دور انعقاده بمدينة أمستردام سنة ،2813فنجد أن
1
هذه الحلول كلها تعرضت للنقد.
وازاء االنتقادات التي وجهت إلى الحلول التي عرضت لها اتجه الفقه الغالب إلى االعتراف
للمحكمين بالحرية في اختيار قواعد تنازع القوانين التي يستعان بها في تحديد القانون واجب التطبيق على
العقد موضوع النزاع المعروض عليهم ،فالمحكم غير ملزم بإتباع قواعد تنازع القوانين في دولة معينة بدال
وقد اتخذت بهذا الحل االتفاقية األوروبية الخاصة بالتحكيم التجاري الدولي في المادة (،)2/3
وكذلك األمر بالنسبة للقانون النموذجي الذي وضعته لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي سنة
2891في المادة ( ،)19ونفس الشيء بالنسبة لقواعد التحكيم النافذة لدى غرفة التجارة الدولية بباريس في
المادة (.)1/21
وأخي ار حرصت العديد من أحكام التحكيم الصادرة تحت رعاية غرفة التجارة الدولية على التأكيد
على حرية المحكم في هذا الخصوص ،ويمكن أن نذكر من ذلك حكم التحكيم الصادر في القضية رقم
121في سنة 2899ففي هذا الحكم ،فإن المحكم الوحيد ،والذي اتخذ من باريس مق ار له ،بعد أن أثبت
عدم وجود اتفاق بين األطراف بخصوص القانون واجب التطبيق على العقد ،أكد أن من حقه تحديد هذا
2
القانون الذي تعينه هذه القاعدة.
ب -التحديد المباشر للقانون واجب التطبيق بدون االستعانة بقواعد تنازع القوانين
1
موضوع النزاع دون أن تلزمهم باللجوء إلى قواعد تنازع القوانين.
فنذكر في هذا الصدد القانون الفرنسي ،وكذا القانون السويسري للتحكيم الدولي الخاص حيث
وقد اخذ بنفس الحل المشرع الجزائري من خالل نص المادة 2919من قانون 98-99المؤرخ
في 1999/91/11المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،حيث نجد أن المشرع أعطى للمحكمين
الحق في أن يحددوا مباشرة القانون واجب التطبيق دون أن يلزمهم في ذلك باللجوء إلى تنازع القوانين،
وهذا ماكان معمول به في السابق في المادة 319مكرر من المرسوم التشريعي 98-89المعدل والمتمم
كما نجد أن بعض قواعد التحكيم ذات الطبيعة الدولية قد سارت على نفس النهج ونذكر في هذا
2
الصدد قواعد التحكيم السالفة لدى الجمعية األمريكية للتحكيم.
-3الطرق المستعملة في تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع :كما نجد أن هناك طرق
ا-الطريقة األولى :التحديد المباشر للقانون واجب التطبيق فوفقا لهذه الطريقة يحدد المحكم مباشرة القانون
بالنزاع ،فطبقا لهذه الطريقة ،يفحص المحكم قواعد تنازع القوانين في مختلف األنظمة القانونية الوطنية
تطبيق هذا القانون ،وتحقق هذه الطريقة ميزة مزدوجة ،ضمن ناحية تؤدي إلى تطبيق قانون معترف
باختصاصه دوليا ،حتى وان كان هذا االعتراف محدودا من الناحية الجغرافية ومن ناحية أخرى تؤدي إلى
االلتقاء كال من الطرفين عند حكم ال يمكن أن يوصف بالتحكيم arbitraireفيما يتعلق باختيار القانون
1
الذي يحكم موضوع النزاع.
ج -الطريقة الثالثة:اللجوء إلى المبادئ العامة في القانون الدولي الخاص ،فطبقا لهذه الطريقة ،يلجأ
المحكم في بحثه عن القانون الواجب التطبيق على العقد موضوع النزاع ليس إلى قواعد التنازع القوانين
في القانون الدولي الخاص لبلد معين وانما إلى قاعدة تنازع القوانين التي تحظى بقبول واسع من قبل
الجماعة الدولية .وبعبارة أخرى قاعدة تنازع القوانين المعترف بها من قبل أنظمة القانون الولي الخاص في
ولتوضيح هذه الطريقة نذكر الحكم الصادر في القضية رقم 2121لسنة 2832ففي هذا الحكم
أكدت محكمة التحكيم أن "مختلف أنظمة القانون الدولي الخاص التي يمكن تطبيقها تؤدي في هذه
القضية إلى نفس النتيجة ،حيث يوجد اتفاق بشأن مسألة القانون الواجب التطبيق على العقود بين مختلف
األنظمة الرئيسية لتنازع القوانين في العالم ،ففي مسائل العقود يمكن الحديث عن قانون دولي خاص
مشترك أو عالمي حيث يوجد مبدأ مسلم به عالميا في القانون الولي الخاص مفاده أن القانون يحكم العقد
هو ذلك المختار بواسطة األطراف ،صراحة أو ضمنيا كما يمكن مالحظته من اختالفات تتعلق فقط
2
بالقيود المفروض على حرية األطراف في االختيار وليس بالمبدأ ذاته.
-1راجع ،د .سراج حسين محمد أبو زيد ،المرجع السابق ،ص 193وما بعدها.
-2المرجع نفسه ،ص .181-181
98
المبحث الثاني
تنقضي الخصومة التحكيمية إما عن طريق حكم فاصل في النزاع أو بطرق أخرى،كما اسلفنا
الذ كر،ومنه سنبين ماهو الحكم التحكيمي وما طبيعته وهل يختلف في اجراءات تنفيذه وطرق الطعن عن
االحكام القضائية ،فمن خالل هذا المبحث سنتعرض الى تحديد طبيعة الحكم التحكيمي و كذا انواعه
وشكلياته التي يجب ان تتوفر فيه لكي يعتد به امام محكمة التحكيم أو امام القاضي عند الوقوف في
مسالة صحته لالعتراف به واصدار االمر بتنفيذه ،فنجد ان المشرع الجزائرب خص احكام التحكبم الدولي
بقواعد واحكام ففرق بين الحكم التحكيمي الصادر بالجزائر والحكم التحكيمي الصادر خارج الجزائر وهذا
ما سنضح احكامه كذلك ،وبالتالي قسمنا هذا المبحث الى مطلبين:
المطلب االول نتطرق الى الحكم التحكيمي تعريفه والشكليات التي يجب أن يتوفر عليها .
وفي المطلب الثاني الى تنفيذ حكم التحكيم وطرق الطعن فيها .
99
المــطلب األول
الحـكم التحـكيمي
يتقرر االختصاص بعد أن تتشكل محكمة التحكيم ويتحدد أعضائها المكونون لهاوبعد أن ثبت في
مسألة اختصاصها بصفة ايجابية مع ما يتبع من تحديد القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع وعلى
اإلجراءات ،تبدأ المحكمة في تفحص نقاط النزاع الموضوعية ،وتنهي عملها الموكل لها بإصدار حكم
قطعي في المنازعة المعروضة عليها ،يضع حدا نهائيا لها ،وهذا هو الهدف األول المسطر من طرف
فحكم التحكيم المنهي للخصومة هو النتيجة التي يرغب أطراف الخصومة في التوصل إليها على
النحو الذي يرتضيانه ،ولكن األمر ليس بهذه السهولة ،ألن خالل فترة الخصومة تط أر عدة منازعات تثار
من قبل األطراف ،وقبل أن تصل المحكمة إل ى حكم ينهي الخصومة يجب أن نتصدى لكل هذه الطلبات
والدفوع التي تكون من قبل األطراف ،كما انه يتضمن الحكم التحكيمي مجموعة من البيانات الواجب
توافرها حتى يكون صحيحا وقابال للتنفيذ في أي دولة حتى ولو لم تكن الدولة التي احتضنت المحكمة
1
التحكيمية.
فقبل دراسة البيا نات الالزمة لحكم التحكيم وكذا تحديد خصائصه يجب أن نعرج أوال إلى تعريف
حكم التحكيم.
واختلفت االراء شان تحديد طبيعته والتي سنتناولها من خالل هذاالفرع كما يلي:
أوال :تعريف الحكم التحكيمي :لم تضع النصوص القانونية الصادرة في العديد من الدول والمنظمة
للتحكيم التجاري الدولي تعريفا لما هو المقصود بحكم التحكيم ،كذلك فإن القانون النموذجي للتحكيم الذي
أعدته األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لم يضع أيضا تعريفا محددا لحكم التحكيم ،لكن قد تمت
يقصد بالحكم التحكيمي "كل حكم قطعي يفصل في جميع المسائل المعروضة على محكمة
التحكيم ،وأيضا كل قرار آخر صادر عن محكمة التحكيم يفصل بشكل نهائي في مسألة تتعلق بموضوع
النزاع أيا ما كانت طبيعتها أو الفصل في مسألة اختصاص محكمة التحكيم أو أي مسألة أخرى تتعلق
باإلجراءات ،ولكن في هذه الحالة األخيرة ،يعد قرار المحكمة حكما تحكيميا فقط إذا قامت محكمة
كما أن المعاهدات الدولية السابقة على هذه الوثيقة لم تضع تعريفا لما هو المقصود لحكم
التحكيم ،فمعاهدة نيويورك الموقعة في 29جويلية 2819والخاصة باالعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم
األجنبية تشير إلى أن المقصود بأحكام التحكيم ليس فقط أحكام التحكيم الصادرة من المحكمين المعنيين
للفصل في حاالت محددة ولكن أيضا يشمل هذا اللفظ أحكام التحكيم الصادرة في أجهزة التحكيم الدائمة
1
التي يخضع لها األطراف.
-1التعريف الموسع لحكم التحكيم :يذهب األستاذ E. Gaillardإلى تعريفه بأنه القرار الصادر عن
المحكم الذي يفصل بشكل قطعي ،على نحو كلي أو جزئي في المنازعة المعروضة عليه ،سواء تعلق هذا
-1راجع ،د .حفيظة السيد الحداد ،المرجع السابق ،ص 198وما بعدها.
111
القرار بموضوع المنازعة ذاتها أو باالختصاص أو بمسألة تتصل باإلجراءات أدت بالمحكم إلى الحكم
1
بإنهاء الخصومة.
-3التعريف المضيق لحكم التحكيم :يذهب جانب من الفقه السويسري إلى الدفاع عن اتجاه مخالف
لالتجاه السابق.
فلقد ذهب كل من األساتذة Poudret, laliveو Reymondإلى أن الق ار ارت الصادرة عن محكمة
التحكيم حتى تلك المتصلة بموضوع المنازعة والتي ال تفصل في طلب محدد ال تعد أحكاما تحكيمية إال
2
إذا انتهت بشكل كلي أو جزئي منازعة التحكيم.
أما الرأي الذي ترجحه الدكتورة حفيظة السيد الحداد في تعريف أحكام التحكيم بأنها تشمل جميع
الق اررات الصا درة عن المحكم والتي تفصل بشكل قطعي في المنازعة المعروضة على المحكم سواء كانت
أحكاما كلية تفصل في موضوع المنازعة ككل أم أحكاما جزئية تفصل في شق منها ،سواء تعلقت هذه
الق اررات بموضوع المنازعة ذاتها أو باالختصاص أو بمسألة تتعلق باإلجراءات أدت بالمحكم إلى الحكم
3
بانتهاء الخصومة.
ثانيا :طبيعة حكم التحكيم :اختلف الفقه في طبيعة حكم التحكيم منقسما إلى:
فريق يرى أنه ذا طابع قضائي ألنه يكتسي حجية الشيء المقضي فيه بمجرد صدوره ،كما أنه قابل
للنقض أمام محاكم القضاء العادي وفريق آخر يرى أن حكم التحكيم ذا طابع عقدي ألن أساسه هو اتفاق
إجرائية كون تحليل عملية التحكيم يقودنا إلى القول أنها تنقسم إلى قسمين:
الجانب اإلتفاقي والذي أساسه العقد (وهو مرحلة ما قبل حكم التحكيم).
الجانب اإلجرائي ،الذي تت بع فيه هيئة التحكيم واألطراف على السواء ،مجموعة من اإلجراءات لغاية
الوصول إلى الحكم التحفظي هي نفسها القواعد اإلجرائية التي يتبعها القاضي مع اختالف في بعض
1
المسائل بسبب الطبيعة الخاصة لخصومة التحكيم.
تقتضي دراسة هذا العنصر تناول المداولة ومقتضياتها وبعض المتطلبات فيه مثل التسبيب
أوال:المداولة :في الحقيقة ال توجد شكليات خاصة بمداولة المحكمين ،فهي مستمدة كلية من اتفاق
األطراف ومن قواعد التحكيم ،ومن أحكام قوانين اإلجراءات التي اختارها األطراف ،ونفترض أن
كما يشترط اجتماع المحكمين في بلد واحد نظ ار لخصوصية التحكيم التجاري لذا فال مانع من
إعداد مشروع الحكم التحكيمي من طرف الرئيس وارسال نسخة منه إلى محكم في البلد الذي يوجد فيه،
ويقوم كل منهم بإبداء رأيه بالمراسلة أو الفاكس ،أو عن طريق االنترنت ،لكن هناك من التشريعات مثل
يترك لألقلية فرصة إبداء رأيهم ولو على مسودة أو مشروع حكم يرسل عن طريق البريد.
ومن باب منطقي أن نقول يوجد إجراء المداوالت في سرية ،وأن يكون عدد المحكمين وت ار حتى
ولو سكنت النصوص عن توضيح ذلك ،لكن فصل المشرع الجزائري بالنسبة لهذا اإلجراء وكل إجراءات
المداولة شكل الخبراء أو المستشارين أو المحكمين أو األطراف ،واال كان الحكم التحكيمي معيبا ،ويصدر
الحكم التحكيمي باألغلبية أو باالجتماع ،ويصدر الحكم بعد المداولة قانونا ،وتجدر اإلشارة أن المشرع
الجزائري لم يأتي على تنظيم هذه المسالة ،بل تركها إلرادة األطراف عمال بنص المادة 2919من قانون
اإلجراءات المدنية واإلدارية والتي تنص :على أنه "تفصل محكمة التحكيم في النزاع عمال بقواعد القانون
الذي اختاره األطراف وفي غياب هذا االختيار تفصل حسب قواعد القانون واألعراف التي تراها مالئمة.
لكن تبقى المداولة الزمة في الحكم التحكيمي ،ألنه ال يتصور صدور حكم معين إال بعد تشاور فيه وذلك
من أجل فحص القضية ومناقشة مختلف جوانبها من قبل المحكمين وتبادل الرأي حولها والوصول إلى
االجتماع بحسب القانون الواجب التطبيق في حالة تعدد المحكمين فإذا كان المحكم فردا فال يمكن
1
الحديث عن المداولة.
ثانيا :تسبيب الحكم التحكيمي :تلتزم المحكمة التحكيمية ببيان األسباب التي جعلتها تأخذ اتجاها
معينا في حكمها ،فالمشرع الجزائري يعتبر عدم التسبيب سببا إلبطال الحكم طبقا لنص المادة 2911
من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية والتي تنص "ال يجوز استئناف األمر القاضي باالعتراف أو
بالتنفيذ إال في الحاالت اآلتية ...":إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها أو إذا وجد تناقض في
األسباب " ...وهذا على خالف المشرع الفرنسي الذي لم يفرض هذا الشرط حتى ال يصطدم بالنظام
1
المقارنة هو عدم تسبيب إال إذا األطراف تمسكوا بذلك.
ثالثا :محتويات الحكم التحكيمي :نجد أن المشرع الجزائري ترك فيما يخص التحكيم التجاري الدولي
حرية األطراف في تحديد محتويات الحكم التحكيمي وشكله وشروط إصداره ،ولكن ال يمكن تصور
صدور هذا الحكم إال كتابة حتى يتسنى االحتجاج به ،كما يجب أن يكون الحكم التحكيمي هو موقعا
ومؤرخا ومدونا بلغة معينة اتفق عليها األطراف ،ومنه يجب أن يتضمن الحكم التحكيمي :اسم الحكم
تحكيم ومكان إصدار الحكم التحكيمي،عرض لموضوع النزاع،اإلشارة إلى اتفاق التحكيم،أسباب
2
صدور الحكم التحكيمي.
فهذه البيانات الزمة لعدة أمور أهمها لمراقبة استقاللية المحكمين وحيادهم ،ومراقبة مهلة التحكيم
3
المحددة باتفاق األطراف ،وكذلك لحساب آجال الطعن.
أما في قواعد لجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي فإن المادة 91منها نضع الشروط
التالية:
كتابة الحكم وتوقيعه من طرف المحكمين ،واذا كانت المحكمة مشكلة من ثالثة أعضاء نقص
توقيع أحدهم يجب تبيان سبب ذلك في الحكم،تسبيب الحكم إال إذا اتفق الطرفان على غير ذلك ،بيان
أما في قواعد محكمة لندن للتحكيم الدولي فنجد في نص المادة 21والتي جاء في مضمونها
لنفس الشروط السالفة الذكر ،إال أن المالحظ هنا هو أن محكمة لندن ال توجب تسبيق الحكم ،خاصة وأن
من الممكن لطرفي النزاع االتفاق على عدم لزومه ،لما خلت قواعد محكمة لندن من اإلشارة إلى اآلراء
1
المختلفة.
رابعا :تفسير الحكم وتصحيحه واإلضافة إليه :عند النظر في المادة 99من القانون النموذجي للجنة
األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي نجد أنها تنص على أن لطرفي النزاع أو أحدهما تقديم طلب للهيئة
لتصحيح ما قد يعيب الحكم من أخطاء حسابية أو كتابية أو مطبعية أو أية أخطاء أخرى مشابهة،
ويشترط لذلك اختيار الطرف اآلخر بطلب يوجه لمحكمة التحكيم لتفسير ما غمض من الحكم ،واذا رأت
المحكمة أن هناك ما يبرر الطلب تقوم بإصدار قرار التصحيح أو التفسير في مدة ثالثين يوما التالية
لتلقي الطلب .ويعتبر التفسير الذي تقدمه المحكمة جزءا ال يتج أز من الحكم ،كما يجوز لها دون أن تتلقى
2
أي طلب ،القيام بتصحيح األخطاء المادية خالل مدة ثالثين يوما التالية لصدور الحكم.
كما نصت على إمكانية تصحيح الحكم وتفسيره الئحة التحكيم لمحكمة لندن لعام 3.2891
ففي التشريع الجزائري مثال نجد أن الحكم التحكيمي الذي يحتاج إلى تفسير أو تصحيح أو إضافة ،فإذا
كان صاد ار في الجزائر يتبع الطريق الذي يتبعه الحكم التحكيمي الداخلي ،وهو وجوب تقديم الطلب من
الطرف الذي يهمه التعجيل إلى هيئة التحكيم إذا كانت مهلة التحكيم لم تنقضي ،أما إذا كانت مهلة
التحكيم قد انقضت فيتوجه إلى القضاء لطلب تمديد المهلة بغرض الفصل في التصحيح أو السهو أو
-1راجع ،د .قادري عبد العزيز ،المرجع السابق ،ص .999 – 183
-2المرجع نفسه ،ص .992-999
-3أنظر ،كروم نسرين ،المرجع السابق ،ص .89
116
اإلضافة ،فإذا تم رفض التمديد ،ينتقل االختصاص إلى القضاء الوطني في أمر التفسير أو التصحيح أو
اإلضافة.
أما إذا صدر الحكم التحكيمي في الخارج وكان استنادا إلى نظام أو قانون غير القانون الجزائري
1
فإن هذا النظام أو هذا القانون هو الذي يحدد طريقة التصحيح أو التفسير أو اإلضافة التحكيمية.
الفرع الثالث :أنواع األحكام التحكيمية وآثارها :اوال سنحاول تحديد انواع االحكام التحكيمية
و ثانيا الى تحديد اثارها بالنسة الطراف النزاع واثارها بالنسبة للمحكم .
أوال :انواع األحكام التحكيمية :تتنوع وتختلف االحكام التحكيمية ،فنذكر من بينها:
-1أحكام التحكيم المنهية للخصومة أو القطيعة :يستخدم الفقه مصطلح الحكم التحكيمي النهائي للتعبير
عن معان مختلفة ،فمنهم من يستخدمه للتعبير عن الحكم التحكيمي الذي يفصل في كل المسائل المتنازع
عليها والذي يتضمن انتهاء المحكم من مهمته على نحو تام وبهذا المعنى يكون مقابال ألحكام التحكيم
الوقتية والتمهيدية أو الجزئية التي ال تضع نهاية لمهمة المحكم والذي ال ينهي أية مسألة ،كذلك جانب
من الفقه االنجليزي يستخدم تعبير Finalللداللة على الحكم النهائي الذي ينهي إجراءات التحكيم ،ومنهم
من يستعمل هذا التعبير عن حكم التحكيم الذي يفصل في المنازعة ككل أو في جزء منها.
ا-أحكام التحكيم الجزئية يمكن لألطراف أن تحدد أن للمحكمين سلطة الفصل في جزء من المنازعة
كالفصل في مسألة اختصاصها أو تحديد القانون الواجب التطبيق فلقد نص القانون المصري رقم 13
سنة 2883بشأن التحكيم على سلطة المحكم في إصدار أحكام جزئية وذلك في المادة 31منه.
إجراءات التحكيم ،إذ أنه يكفي تحقيق االعتبارات الخاصة باحترام المساواة بين األطراف وحقوق الدفاع،
1
فغياب أحد األطراف ال يحول دون صدور الحكم التحكيمي.
-3أحكام التحكيم االتفاقية :أثناء سير اإلجراءات التحكيمية ،قد يتوصل األطراف المتنازعة إلى نوع
من التسوية وفي مثل هذا الفرض فإنه يمكن لهم إفراغ هذه التسوية الذي تم التوصل إليها في شكل
عقد وانهاء إجراءات التحكيم ،أو أن يتوصلوا إلى اتفاق من خالل إصدار حكم تحكيمي يقرر الصلح،
هذا في القانون المصري المادة 32من القانون 13لسنة 2883وهناك أحكام التحكيم اإلضافية،
فالمشرع الجزائري أجاز للمحكمة التحكيمية أن تأمر بتدابير مؤقتة أو تحفظية إال إذا اختار
األط راف غير ذلك ،كما اعترف بالحكم األولي مثل الحكم الذي يصدر فاصال في اختصاص المحكمة
التحكيمية.
فالحكم الجزئي مثل الحكم األولي والحكم التحضيري هي أحكام مقبولة في التحكيم التجاري
الدولي وذلك إذا طبق المحكم القانون الجزائري ،أما إذا اختار أطراف الخصومة غير ذلك وحص ار الفصل
في النزاع بالحكم النهائي وحده تعين على المحكم التقيد بذلك.
مع اإلشارة إلى أن قانون 98/99ألغى اختصاص المحكم في القيام بالصلح بعكس ما كان
جاري العمل به في القانون السابق ،ومنه فالمشرع الجزائري قد تجاهل التحكيم بالصلح وترك المسألة بيد
أطراف الخصومة ،فإذا اتفقا على ذلك فال مانع من تطبيقه أي أن المشرع هنا قد تجاهله إال أنه لم يمنعه
1
والمساواة بين األطراف واحترام حقوق الدفاع.
ثانيا :آثار الحكم التحكيمي :عن آثار الحكم التحكيمي اختلفت التشريعات المقارنة حول تحديد الوقت
الذي ينتج فيه الحكم التحكيمي آلثاره ،فمنها من يعتبر أن آثار الحكم تبدأ بعد صدوره أي من تاريخ
إصداره المذكور في الحكم التحكيمي ومنها من يقول تبدأ منذ اكتساب الحكم الدرجة القطعية ،ومنه من
يجعل الحك م لدى المحكمة المختصة ،والرأي الراجح أن الحكم التحكيمي ينتج آثاره منذ صدوره أي من
و بالرجوع الى المشرع الجزائري نجد ان القانون اإلجراءات المدنية نص على ان الحكم التحكيمي وفور
صدوره يكتسب حجية الشيء المقضي فيه فيمل يتعلق بالنزاع الذي فصل فيه ،اما قانون اإلجراءات
المدنية و االدارية فلم يؤكد هذه الحجية وترك األمر إلرادة االطراف فان تم اختيار القانون الجزائري فان
هذه األحكام تحوز الحجية بمجرد صدورها وفقا لراي بعض الفقه ،أما اذا اختار قانون اخر أو نظام
وتقتضي حيازة الحكم التحكيمي لحجية الشيء المقضي فيه عدم جواز طرح النزاع من جديد امام القاضي
2
أو امام المحكم سواء في الجزائر أو في الخارج
نجد ان الحكم التحكيمي له آثار على اطراف الخصومة كما له اثار على محكمة التحكيم
-1آثار الحكم التحكيمي بالنسبة لطرفي النزاع :ان رغبة طرفي الخصومة التحكيم وبصدور الحكم يكون
النزاع قد وجد حالله ،وعلى هذا األساس فان اول اثر للحكم التحكيمي هو التزام الطرفين بتنفيذه فان عدم
تنفيذ هذه األحكام سوف لن يشجع إلى اللجوء الى التحكيم ويضعف الثقة في جدوى هذه الوسيلة ،وتدل
119
اإلحصائيات ان الطرف الخاسر في الخصومة التحكيمية يقوم في الغالب بتنفيذ حكم التحكيم بإرادته و
ان( )90%من األحكام التحكيمية الصادرة طبقا لقواعدالغرفة التجارية تنفذ بشكل إرادي من قبل الشخص
كما يصرح البعض ان هناك بعض اإلجراءات تتبعها بعض المنظمات المهنية ضد الذين ال ينفذون
األحكام التحكيمية التي صدرت ضدهم من تلك المنظمات ،فأول إجراء هو نشر خبر عدم تنفيذ الشخص
الذي صدر الحكم ضده ،و ثاني اجراء هو عدم السماح للطرف الذي يمتنع عن تنفيذ هذا الحكم
التحكيمي من االستفادة من التس هيالت التي تمنحها هذه المنظمة المهنية التي ينتمي اليها ،وثالث إجراء
وهو األكثر خطورة يتمثل في فصل الطرف الممتنع عن التنفيذ من المنظمة المهنية التي ينتمي إليها و
واكتساب الحكم لحجية االمر المقضي به بين الخصوم ال يعني اكتسابه القوة التنفيذية ،وذلك الن
الصيغة التنفيذية الحكام التحكيم تكون بموجب امر صادر من قبل رئيس المحكمة التي صدرفي دائرة
اختصاصها طبقا لنص المادة 2991و 2931من قانون االجراءات المدنية و االدارية من قانون 98-99
1
المؤرخ في 1999/91/11
-3آثار الحكم التحكيمي بالنسبة للمحكم :تنتهي والية المحكم عن النزاع بمجرد صدور الحكم التحكيمي
،و انتهاء الوالية تعني عدم امكانية الرجوع مرة ثانية للنظر في النزاع ،او اعادة النظر في الحكم الذي
اتخذه المحكم أو هيئة التحكيم ،اال ان هذا االمر ال يعني عدم امكانية المحكمة تصحيح االخطاء المادية
و المشرع الجزائري لم ياتي على االشارة على كل هذه االمور بل ترك األمر إلرادة االطراف يختارون
اي االجراءات يتبعونها أو اي قانون يصلح للتطبيق واذا اختاروا القانون الجزائري فانه يمكن القول انه
111
بإمكان محكمة التحكيم تصحيح األخطاء المادية أو إكمال النقص أو القيام بتفسير الحكم مادام ان المدة
1
القانونية للتحكيم لم تنته،اما اذا انتهت يتم الرجوع الى القاضي المختص
المطلب الثاني
يكتسي القرار التحكيمي فور صدوره حجية الشيء المقضي فيه ،وهذا يعني أن المسالة التي فصلت
فيها هيئة التحكيم ال يمكن طرحها مرة أخرى امام القاضي أو المحكم وتختلف شروط تنفيذ أحكام التحكيم
من دولة الى اخرى ومن الئحة الى اخرى ،فمنها من تعامل احكام التحكيم األجنبية كاالحكام القضائية
األجنبية ،وتشترط لتنفيذها عدة اجراءات ،وتستلزم ان تكون حكم التحكيم الدولي قد اصبح واجب النفاذ في
دولة اقليم المحكمة الصادر عنها كي يصبح نافذا في الدولة المراد تنفيذه فيها.
بينما تساوي دول اخرى كفرنسا بين حكم التحكيم األجنبي وبين حكم التحكيم الداخلي .
اما المشرع الجزائري ،فقد ميز بين القرارت التحكيمية الصادرة في مادة التحكيم الدولي بالجزائر و ذلك
بان جعل هذه االخيرة قابلة للطعن بالبطالن ،واكسبها حجية الشيء القضي فيه مباشرة بعد صدورها
2
عكس الق اررات الصادرة في الخارج التي تكتسي هذه الحجية اال بعد االعتراف بها و االمر بتنفيذها
تنص القواعد العامة على أنه يشترط لتنفيذ حكم التحكيم الدولي ان ال تكون المسالة التي صدر فيها حكم
التحكيم تدخل في االختصاص الوجوبي لقضاء الدولة المراد التنفيذ على اراضيها ،على سبيل المثال ان
تكون المسالة متعلقة باتخاذ اجراء وقتي أو تحفظي داخل اراضي الدولة ،ويخرج عن والية هيئة التحكيم
،حيث ينفرد القضاء وحده بالتصدي لهذه المسالة التي تعتبر من قوانين البوليس.
بين القضاء و التحكيم ،االصل انه يجوز تنفيذ حكم التحكيم الصادر في شانها متى توافرت سائر الشروط
1
االخرى
وتبعا لهذا ستقسم هذا الفرع الى :أوال :تنفيذ احكام التحكيم وثانيا :طرق الطعن في احكام التحكيم
فيما يتعلق بتنفيذ احكام التحكيم الوطنية فانها تختلف عن تنفيذ ق اررات التحكيم الدولية فالحكم
التحكيمي يعتبر وطنيا اذا صدر في البلد المراد تنفيذ الحكم فيه وهذا المعيار هو المعيار االكثر شيوعا
واتباعا في اغلب التشريعات ،حيث ان الصفة التنفيذية الحكام التحكيم الوطنية تنظم بموجب القوانين
اما االسلوب الشائع الذي اخذت به القوانين الالتنية وقوانين الدول العربية منها الجزائر في المادة2991
من قانون االجراءات المدنية و االدارية ،يتلخص في ان تقوم جهة قضائية باضفاء الصفة التنفيذية على
اما تنفيذ حكم التحكيم الدولي فان صدوره في دولة وتنفيذه في دولة اخرى يثيرصعوبة كبيرة في التنفيذ،
وذلك نظ ار الختالف األنظمة القانونية و اإلجراءات الواجب إتباعها لالعتراف وتنفيذ تلك الق اررات ،فعندما
يتعلق االمر بحكم اجنبي نجد أ ن الحديث يتطرق الى االعتراف والتنفيذ ،وهذا مانجده في نصوص
االتفاقيات الدولية التي تعالج هذا الموضوع كاتفاقية نيويورك لعام 2819واتفاقيات جنيف لسنة ،2813
فالفرق بين االعتراف بالحكم التحكيمي وبين تنفيذ الحكم التحكيمي متمثل في ان الحكم قد يعترف به
ولكن ال ينفذ ،وفي حال نفذ فمن الضروري ان يكون قد تم االعتراف به من الجهة التي اعطته القوة
التنفيذية .
الذي صدر الحكم ضده ان ينفذ ما جاء في الحكم التحكيمي ،وفي حال امتناعه عن التنفيذ يتم اجباره
على ذلك بموجب االجراءات التنفيذية لقانون البلد المراد تنفيذ الحكم فيه ،وهذه االجراءات قد تكون بحجز
االموال أو الحبس بالنسبة لألشخاص الطبيعية اما اذا كان المحكوم عليه شخصا معنويا فاجراءات التنفيذ
تشمل اموال الشخص المذكور وفي بعض االحيان يصار الى مسالة ممثل الشخص المعنوي كمدير
1
الشركة التي صدر القرار ضدها اذا ثبتت مسؤوليته
أوال :تنفيذ االحكام التحكيمية بموجب االتفاقيات الدولية الجماعية :لقد جرت محاوالت عديدة وحثيثة
يهدف توحيد القواعد الخاصة باالعتراف وتنفيذ االحكام االجنبية حيث تم عقد العديد من االتفاقيات الدولية
اهمها اتفاقية نيويورك لسنة،2819واتفاقية جنيف لسنة 2813و اتفاقية واشنطن لسنة 2811فجميع هذه
االتفاقيات تركت اجراء تنفيذ الحكم التحكيمي الى القواعد القانونية للبلد المراد تنفيذ الحكم فيه ،باالضافة
الى حصر رقابة المحكمة أو الجهة المختصة باضفاء الصفة التنفيذية للحكم على مراجعة الق ار ارت لمعرفة
ثانيا :تنفيذ االحكام التحكيمية بموجب االتفاقيات الثنائية :من اجل تسهيل عملية تنفيذ االحكام الصادرة
عن هيئات التحكيم واعماال لمبدا التعاون بين الدول تعمل الدولة على ابرام اتفاقية مع دولة اخرى بهدف
تنفيذ االحكام التحكيمية وغالبا ماتكون هذه االحكام الخاصة ضمن اتفاقيات التعاون القضائي
كما تركت االتفاقيات الدولية المسائل االجرائية لتنفيذ الحكم التحكيمي الى قانون الدولة المراد تنفيذ القرار
فيها ،وقد عينت بعض االتفاقيات المحكمة المختصة التي يتطلب اليها االمر بتنفيذ حكم التحكيم
112
،باالضافة الى ان بعض االتفاقيات ذكرت الوثائق و المستندات التي يجب ان ترفق مع الطلب المقدم من
1
الطرف الذي يطلب تنفيذ الحكم من الجهة المختصة في الدولة المراد التنفيذ فيها
ففي القانون المصري حسب نص المادة االولى من قانون التحكيم رقم 13لسنة ،2883حيث يتضح من
قراءة هذه المادة ان احكام التحكيم ،تخضع من حيث تنفيذها ،اما الى المعاهدات الدولية المعمول بها في
مصر اذا توافرت شروط اعمال هذه المعاهدات واما الى القواعد الواردة في قانون التحكيم المصري اذا
توافرت شروط تطبيقه بان كان التحكيم يجري في مصر اوكان تحكيما تجاريا دوليا يجري في الخارج
واتفقت االطراف على اخضاعه للقانون المصري.كم نشير الى ان كل من مصر ولبنان من الدول
المتعاقدة في معاهدة نيويورك المبرمة في 29يونيه 2819والخاصة باالعتراف وتنفيذ احكام المحكمين
2
االجنبية
ومن هذا سنتناول اجراءات تنفيذ احكام التحكيم في ظل القانون الجزائري .
ثالثا :تنفيذ أحكام التحكيم بموجب القانون الجزائري :يمكن ان نتناول تنفيذ حكم التحكيم وفقا للقانون
الجزائري من خالل ايداع حكم التحكيم وكذا تقديم طلب التنفيذ وحدود سلطات القاضي المختص في
اصدار االمر بالتنفيذ وطبيعة االمر بالتنفيذ وطرق الطعن فيه واالثار المترتبة عليه على النحو التالي :
-2ايداع حكم التحكيم :ان حكم التحكيم الدولي قد يصدر في الجزائر أو خارجهاوبعد صدوره والتوقيع
عليه من قبل المحكمين وجب ايداعه لدى السلطة المختصة وذلك ما تقضي به المادة 2919من قانون
االجراءات المدنية و االدارية اذ جاء فيها " تودع الوثائق المذكورة في المادة 2911اعاله بامانة ضبط
الجهة القضائية المختصة من طرف المعني بالتعجيل " وبغير ايداع حكم التحكيم امانة ضبط المحكمة
المختصة اليمكن اصدار االمر بالتنفيذ ،ومؤدى ذلك ان القاضي ال يستطيع ان يراقب حكم التحكيم
112
والتحقق من توافر الشروط االزمة الصدار االمر بالتنفيذ اال اذا تم ايداعه ،يعود ذلك الى خضوع حكم
التحكيم الى رقابة الدولة وال يمكن لها ان تقوم بتلك الرقابة اال اذا تم ايداعه لدى الجهة القضائية
المختصة ،ويقوم بااليداع الطرف المعني بالتعجيل ولن يكون هذا الطرف سوى من مصدر الحكم
مصلحته،ولكنه اليوجد ما يمنع ان يتم هذا االيداع من طرف المحكوم عليه ،ويتم ايداع اصل حكم
1
التحكيم أو نسخة منه باللغة العربيةالتي صدر بها مرفقا باتفاقية التحكيم أو نسخة منها
فاذا صدر حكم التحكيم أو اتفاقية التحكيم بغير اللغة العربية فيجب ان تكون الوثيقتين مصحوبتين
بالترجمة الى اللغة العربية وذلك ماتقضي به المادة 99من قانون االجراءات المدنية و االدارية وان تتم
المصادقة من الجهة المعتمدة ،وقد ساوى القانون بين االصل والنسخة ،ويجب على امين الضبط ان يقوم
بتحرير محضر عن هذا االيداع وهذا مااشارت اليه المادة 2991من نفس القانون على ان يتحمل
2
األطراف نفقات إيداع العرائض و الوثائق واصل حكم التحكيم
-3تقديم طلب التنفيذ :ال يكفي أن يكون حكم التحكيم قابال للتنفيذ الجبري بمجرد ايداع اصل حكم
التحكيم مصحوبا باتفاقية التحكيم بامانة ضبط المحكمة بل يجب الى ذلك ان يتبع اجراء اخر وهو تقديم
طلب التنفيذ على اعتبار أن اإليداع عمال ماديا في حين طلب نفيذ حكم التحكيم المقدم الى المحكمة فهو
عمل قانوني يتم بواسطته تحريك نشاط القاضي يلزم ان يقوم باصدار االمر بالتنفيذ ويجب على المحكوم
-اصل حكم التحكيم أو نسخة منه ،اصل اتفاقية التحكيم أو نسخة منها ،وان تكونا هاتين الوثيقتين
-انظر،،بوكريطة موسى،المرجع السابق،ص 213نقال عن انظر عمر زودة،اجراءات تنفيذ احكام التحكيم 1
االجنبية،مجلة المحكمة العليا ،عدد خاص باليومين الدراسيين عن الطرق البديلة لحل النزاعات،الصلح و الوساطة
والتحكيم 21،21،جوان ،1999الجزء االول ص 192و.112-119
-المرجع نفسه. 2
115
حيث يتعين على القاضي عندما يقدم اليه الطلب ان يبت فيه إما باصدار االمر بالتنفيذ واما باصدار
االمر بالرفض ،وقبل هذا يقوم بفحص الطلب فما هي سلطات القاضي وهو يفحص طلب التنفيذ؟
-2حدود وسلطات القاضي المختص في اصدار االمر بالتنفيذ :يختص رئيس المحكمة التي صدر حكم
التحكيم في دائرة اختصاصه أو رئيس محكمة محل التنفيذ اذا كان مقر التحكيم وقع خارج االقليم الوطني
باصدار االمر بالتنفيذ ،ويجب على القاضي االمر ان يتاكد من المسائل التالية:
ان طالب التنفيذ الذي قام بايداع اصل أو نسخة من حكم التحكيم واتفاقية التحكيم ،ان يقدم طلبا مرفقا
يجب ان يتحقق من توافر الشروط االساسية لمنح االمر بالتنفيذ وتقتضي تلك الشروط اال يتضمن حكم
1
التحكيم ما يخالف النظام العام في الجزائر
كما يجب االشارة ان سلطات القاضي االمر في التاكد من ان حكم التحكيم خال من العيوب االجرائية في
حين ليس من حقه ان يبحث في موضوع النزاع ،فهو مختص في مراقبة الشكل الذي يوجبه القانون،واذا
الحظ اية مخالفة تؤدي الى بطالن وجب عليه ان يمتنع عن اصدار االمر بالتنفيذ.
ذلك فان دور القاضي عند اصدار االمر بالتنفيذ يقتصر على الرقابة استنادا الى االسلوب الذي تبناه
المشرع الجزائري وهو اسلوب الرقابة ولم ياخذ باسلوب المراجعة أو الدعوى الجديدة عند اصدار االمر
بتنفيذ حكم التحكيم االجنبي ،وبالتالي تنحصر سلطات القاضي باصدار االمر بالتنفيذ أو الرفض دون
2
المساس بحكم التحكيم أو تعديله كما يجوز له ان يصدر االمر في شق من الحكم دون الشق االخر
-2طبيعة االمر بالتنفيذ :ال يجوز تنف يذ حكم التحكيم بدون امر بالتنفيذ فهو الذي يرفع من مقامه الى
مرتبة االحكام القضائية ،وحكم التحكيم ال يعد سندا تنفيذيا في ذاته ،بل هو جزء من السند التنفيذي ،حيث
-انظر ،بوكريطة موسى ،المرجع السابق،ص ،211نقال عن انظر عمر زودة ،المرجع السابق،ص .213 1
116
يقوم رئيس المحكمة المختصة باصدار االمر بالتنفيذ بتقديم الطلب في شكل عريضة طبقا للمادة 922
من قانون االجراءات المدنية و االدارية وهو يواجه عدم فعالية ارادته فال يمكن االعتراف له بمركز الدائن
في دولة التنفيذ اال بعد حصوله على تاشيرة من طرف السلطة المختصة ،تبعا لذلك يعد االمر بالتنفيذ
عمال والئيا وليس قضائيا وهو االمر الذي يتماشى مع دور القاضي الذي ينحصر في رقابة هذا الحكم اذا
اما فيما يخص شكل هذا االمر لم يبين قانون االجراءات المدنية واالدارية وانما سكت المشرع عن هذا،
هل يصدر على ذيل العريضة أو يوضع على ورقة التحكيم أو على هامشه كما نص في القانون
الفرنسي ،مما يعني انه يصدر وفق احكام القواعد العامة في االوامر الوالئية وبالتالي يصدر بذيل
العريضة ،وتبعا لذلك يقدم طلب التنفيذ الى القاضي المختص في شكل عريضة ويقوم باصداره من دون
اعالن االطراف للحضور ،وتخضع االوامر الوالئية الى نظام قانوني يختلف عن النظام القانوني الذي
تخضع له االحكام القضائية ،فاالوامر الوالئية تحوز كاصل عام على الحجية ويتظلم فيها بواسطة دعوى
كما يجب التمييز بين احكام التحكيم فهي احكام قضائية تحوز على حجية الشيء المقضي به ويستنفذ
القاضي سلطته بصدورها وبين االمر بالتنفيذ فهو يعد من قبيل االوامر الوالئية فال يجوز للقاضي العدول
عنه،ويجب ان ينفذ امر التنفيذ في خالل اجل ثالثة اشهر واذا لم ينفذ خالل هذا االجل الذي يبدا من
1
تاريخ صدوره تعرض للسقوط حسب نص المادة 922من نفس القانون
117
نجد ان المشرع الجزائري انتهج نهج المشرع الفرنسي فهو يفرق من حيث طرق الطعن بين احكام
التحكيم الدولي الصادرة في الجزائر واحكام التحكيم االدولي الصادرة خارج االقليم الوطني فيخضع كل
فاذا جئنا الى القانون الجزائري فالحكم التحكيمي يكون عادة محال للطعن مباشرة امام الهيئة التي
اما تقديم طلب فسخ حكم التحكيم في قانون االجراءات المدنية و االدارية فالحكم التحكيم الدولي الصادر
والقانون يسميها استئناف الحكم التحكيمي الدولي الصادر خارج الجزائر نهائي ولكن صيغته التنفيذية قابلة
للفسخ ،وهكذا فرق المشرع الجزائري بين الحكم التحكيمي الدولي الصادر خارج الجزائر و الحكم التحكيمي
1
الدولي الصادر في الجزائر
أوال :حكم التحكيم الدولي الصادر خارج الجزائر :الحكم التحكيمي الدولي الصادر خارج الجزائر ال يقبل
االبطال ولكن القرار القضائي الذي يرفض اعطاء هذا الحكم التحكيمي الصيغة التنفيذية أو برفض
االعتراف به أو يعطي صيغة التنفيذ لحكم تحكيمي دولي صادر خارج الجزائر أو االعتراف به فهو يقبل
االستئناف.
وهذا االمر القضائي برفض اعطاء صيغة التنفيذ أو رفض االعتراف بحكم تحكيمي دولي صادر خارج
الجزائر يقبل االستئناف ولكن هذا االستئناف ليست محددة اسبابه حص ار اما االمر القضائي باعطاء
صيغة التنفيذ لحكم تحكيمي دولي خارج الجزائر أو االعتراف به فهو يقبل االستئناف ضمن اسباب
االستئناف الستة المحددة حص ار في المادة 2911من قانون االجراءات المدنية واالدارية ،والمالحظ ان
118
قانون االجراءات المدنية و االدارية حدد احكاما لمراجعة الحكم التحكيمي الصادر خارج الجزائر وصيغته
1
التنفيذية في الجزائر مختلفة تماما عن احكام مراجعة الحكم التحكيمي الصادر في الجزائر
ثانيا :حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر :ان الحكم التحكيمي الدولي الصادر في الجزائر قابل
لالبطال ضمن شروط االبطال الستة ويؤدي الطعن ببطالن الحكم التحكيمي الصادر في الجزائر الى
طعن بقوة القانون في امر التنفيذ ويحول دون اعطائه صيغة التنفيذ لحين البت بطلب االبطال حسب
نص المادة 2919من نفس القانون و المادة 2911التي تحدداسباب االبطال الستة و هي:
-2اذا فصلت محكمة التحكيم بدون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة االتفاقية .
-1اذاكان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفا للقانون .
-1اذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها ،او اذا وجد تناقض في االسباب .
حيث يرفع االستئناف خالل شهر امام مجلس القضائي من تاريخ التبليغ الرسمي ألمر رئيس المحكمة
المادة 2931
والمالحظ ان قانون االجراءات المدنية و االدارية اعتمد فكرة النظام العام الدولي وليس النظام العام
الداخلي بالنسبة للحكم التحكيمي الدولي واالمر القضائي باعطائه صيغة التنفيذ سواء الحكم التحكيمي
2
الدولي الصادر خارج الجزائراو الحكم التحكيمي الدولي الصادر في الجزائر
119
كما نجد قانون المرافعات الفرنسي الجديد في المادة 2191نصت على نفس الشيء حيث تنص على
انه"يرفض االعتراف باالحكام التحكيمية أو تنفيذها اذا كانت مخالفة للنظام العام الدولي" فهي مصاغة
اصال لتنظيم الرقابة على اصدار االمر بتنفيذ الحكم التحكيمي،كما نصت المادة 1-19من قانون
التحكيم المصري التي نستخلص من نصها انها تعطي للمحكمة التي تنظر دعوى البطالن وهي محكمة
االستئناف في ان تقضي من تلقاء نفسها بالبطالن اذا كان الحكم يخالف النظام العام في جمهورية مصر
،فان عدم ذكر المشرع المصري للفظ الدولي بجانب فكرة النظام العام ترجع الى قانون التحكيم الجديد ال
يعالج فقط التحكيم التجاري الدولي لكنه يسري ايضا على التحكيم الداخلي دون التفرقة في النصوص التي
تخص كل من النوعين ،و الذي تجدر االشارة اليه ان مفهوم النظام العام الذي يتعين اخضاع الحكم
التحكيمي لرقابته هو ذلك القائم وقت ممارسة الرقابة على الحكم،والقاعدة المماثلة لهذا المبدا و التي
تنطبق على االحكام االجنبية يطلق عليها مبدا وقتية النظام العام ومن هذا فانه قد يكون الحكم التحكيمي
متوافقا مع المفهوم الوطني للنظام العام الدولي لحظة صدوره بينما يعتبر ضده عند طلب اصدار
1
االمربتنفيذه ،ومطابقة هذا الحكم التحكيمي للنظام العام الدولي من ناحية االجراءات ومن ناحية الموضوع
-اسباب االبطال الستة الستئناف االمر القضائي باعطاء صيغة التنفيذ أو االعتراف بالحكم التحكيمي
الدولي الصادر خارج الجزائر هي على سبيل الحصر لكن العكس بالنسبة البطال الحكم التحكيمي الدولي
الصادر في الجزائر انه يمكن االستناد الى االسباب الستة لالبطال كما يمكن االستناد الى غيرها وهذا
كما أن الطعن ببطالن حكم التحكيم يرتب بقوة القانون الطعن في امر التنفيذ...و بالتالي فان اعطاء
صيغة التنفيذ أو االعتراف بالحكم التحكيمي الصادر في الجزائر يعتبر محصنا من اي مراجعة قضائية
131
اال مراجعة ابطال الحكم التحكيمي الدولي ذاته التي تؤدي الى شل اثر الصيغة التنفيذية لحين بت القضاء
1
بطلب ابطال الحكم التحكيمي الدولي الصادر في الجزائر
في كل االحوال يوقف تقديم الطعون واجل ممارستها تنفيذ احكام التحكيم حسب نص المادة 2919من
نفس القانون ،كما تكون الق اررات القضائية االمرة برفض اعطاء صيغة التنفيذ أو رفض االعتراف بالحكم
االصل في التحكيم ا ن للطرفين المتنازعين الحرية التامة في االتفاق على الجهة التي يصار اليها تقديم
طلب الطعن في الحكم التحكيمي وبالتالي يعني هذا انهما يستطيعان االتفاق على امكانية الطعن في قرار
التحكيم امام هيئة اخرى تعين من قبلها غير تلك التي اصدرت الحكم ،وفي حال عدم اتفاقهما فاالمر في
هذه الحالة يترك الى احكام القواعد التحكيمية التي اختاراها لسير عملية التحكيم بموجبها على الرغم من
ان بعض القواعد التحكيمية الدولية المعروفة التنص على تعيين جهة معينة يصار امامها الى الطعن
بالحكم التحكيمي.
ثالثا :اآلثار المترتبة على الطعن ببطالن أحكام التحكيم و األمر بالتنفيذ
يترتب على الطعن في البطالن في حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر أو الطعن باالستئناف في
االمر الصادر بالتنفيذ وفقا لما تقضي به المادة 2919من قانون االجراءات المدنية و االدارية وهو نفس
الحكم الذي تقضي به المادة 2191من قانون االجراءات المدني الفرنسي ( ،)193( )291وقف
التنفيذ ،ومن ثمة اليبدا في التنفيذ الجبري اال ابتداءا من انقضاء مواعيد الطعن بالبطالن أو االستئناف
،ومادام مواعيد الطعن ما تزال جارية ولم تنقض بعد فيترتب عليها وقف التنفيذ،ولذلك ال يستطيع المحضر
القضائي ان يشرع في التنفيذ الحبري اال بعد لنقضاء مواعيد الطعن فيجب على المحكوم له ان يقوم
بتبليغ االمر باتنفيذ ،وباتقضاء مواعيد الطعن بابطالن أو باالستئناف التي يبدا سريانها من تاريخ تبليغ
131
بالتنفيذ وبذلك يصبح بين ايدي المكوم له السند التنفيذي الذي يمكنه من الشروع في التنفيذ الجبري وقد
تصدر احكام التحكيم بدرجة نهائية غير قابلة للطعن فيها باالستئناف طبقا التفاق االطراف وذلك ما
تنص عليه المادة 2999من قانون االجرءات المدنية و االدارية من ان حكم التحكيم قابل للطعن فيه
باالستئناف مالم يتنازل االطراف على حق االستئناف ،كذلك قد يصبح حكم التحكيم بالرغم من قابليته
للطعن فيه بالبطالن أو االستئناف قابال للتنفيذ الجبري اذاكان مشموال بالنفاذ المعجل وذلك طبقا للمادة
2993من نفس القانون ،باالضافة الى وجود بين يدي المحضر القضائي الوثائق التالية للتنفيذالجبري
وهي :
حكم التحكيم ممهور بالصيغة التنفيذية ،األمربالتنفذ ،محضرتبليغ االمر بالتنفيذ ،شهادة عدم الطعن
1
باالستئناف.
من خالل هذا الفصل نستخلص أن مسألة األمر بالتنفيذ و االعتراف باألحكام الدولية تتعلق بفكرة
السيادة الوطنية ،ذلك أن تنفيذ حكم أجنبي على األراضي الوطنية مسألة حساسة تتطلب الفحص و اليقظة
من قبل القاضي قبل اصدار األمر و األعتراف بهذه األحكام بما يتوافق والنظام العام الداخلي والدولي،
فهذا الموقف نجده قد تبنته مختلف األنظمة القانونية على المستوى الدولي والداخلي ،بما فيهم المشرع
الجزائري كما اسلفنا الذكر ،لذا جاءت اجراءات سير الخصومة التحكيمية تختلف وتتمز إلى حد ما عن
خــاتمــة
ان التطور الهائل في العالقات االقتصادية المبنية أساسا على العقود التجارية العابرة للحدود خلق
مايسمى بتنازع القوانين نظ ار الختالف التشريعات الوطنية و األحكام والمبادىء السائدة في مختلف الدول،
أدى الى ظهور التحكيم التجاري الدولي كوسيلة ناجعة وطريق بديل عن القضاء لحل النزاعات
التي قد تنشأعن هذه العالقات التجارية هذا نتيجة لما يحمل من مزايا وامتيازات يحققها من تبسيط في
اجراءات الفصل في النزاع والتحرر من الشكليات بغية الفصل في النزاع بأقصى سرعة ممكنة وفي سرية
تامة فهذه الم ازيا تدعم التجارة على نطاق واسع وتستجيب لرغبة االطراف المتعاقدة على مثل هذا
فلقد أثبت التحكيم التجاري الدولي وجوده وقدرته لحل النزاعات الدولية الناشئة عن عالقة تجارية
وتبنيه على المستوى الدولي وحتى الداخلي كنظام مستقل عن قضاء الدولة ومنافس له ذلك أن أطراف
العقود الدولية التجارية لها سلطة الخيار في اتباع نظام التحكيم أو الخضوع لنظام قضاء الدولة ،فنجد
كما نجد أن أحكام التحكيم بنوعيها الصادرة في الجزائر أو في خارج الجزائر فانها تخضع لرقابة
القاضي من خالل فحص القاضي لهذه األحكام قبل اصداره ألمر التنفيذ وكذا فيما يخص تاكده من خلو
الحكم التحكيمي من اسباب البطالن الواردة و المحددة في القانون ومن عدم مخالفتها للنظام العام الداخلي
132
و من خالل تحليل والتطرق الى األحكام التي جاء بها المشرع الجزائري في قانون الجراءات
الجديد 98-99المؤرخ في 11فبراير 1999حيث جاءت اغلبها مساير للقوانين المدنية واالدارية
االحنبية الدولية و الوطنية الفاعلة والناشطة في مجال التحكيم التجاري الدولي بل كانت اكثر تيسي ار في
بعض المسائل المتعلقة بحرية االطراف في تحديد القانون الواجب التطبيق ودور المحكم في ذلك .
كما ان منح االختصاص للقضاء التابع للدولة ام ار غير مرغوب فيه وغير مالئم ،كونه في الغالب يعمد
الى تطبيق المباديء القانونية السائدة في دولته على العالقات الدولية والتي قد ال تتالئم في عديد من
فالتحكيم التجاري الدولي بهذا فانه يناسب كل من البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء حسب
رأينا خاصة اذا كان فريق المفاوضين الذين اختارهم األطراف المتعاقدة على قدر كبير من الخبرة والكفاءة
عند ابرام هذه العقود وان يستعينوا برجل القانون المتخصص عند تحرير شرط التحكيم،وعلى المعنيين
بابرام هذه العقود مراعات االجراءات و األشكال التي يوجب القانون الداخلي اتباعها عند ابرام هذه العقود.
فعلى الدولة المتعاقدة و األجهزة التابعة لها ان تحترم تعهداتها والت ازماتها التعاقدية خصوصا فيما
يتعلق بشرط التحكيم ،وأال تتبع أساليب التسويف والمماطلة بان تدعي عدم صحة اتفاق التحكيم استنادا
الى عدم اهليتها في االتفاق على اللجوء اليه أوالى اي سبب آخر امام المحكمين أو القضاء الوطني اثناء
نظره لبعض المسائل المتصلة بالتحكيم ،فان هذه األساليب تفقد الدولة مصداقيتها في تعاملها مع
الشركات االجنبية المستثمرة ،وان توضع احكام التحكيم موضع التنفيذ وتعطي لها الصيغة التنفيذة لرد
المراجع المعتمدة
132
الكتب و المؤلفات المتخصصة. .I
-2د .ابراهيم محمد العناني ،اللجوء الى التحكيم الدولي (العام-الخاص -التجاري) ،الطبعة الثانية،
-1د .حفيظة السيد الحداد ،الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة األولى،
-9د.سراج حسين محمد ابوزيد ،التحكيم في عقود البترول ،الطبعة االولى ،دار النهضة العربية،
القاهرة.1999 ،
-3عليوش قربوع كمال ،التحكيم التجاري الدولي في الجزائر ،الطبعة الثانية ،ديوان المطبوعات
-1د .عبد الحميد عشوش ،التحكيم كوسيلة لفض النزاعات في مجال االستثمار ،دراسة مقارنة
-1د .فوزي محمد سامي ،التحكيم التجاري الدولي ،دراسة مقارنة الحكام التحكيم التجاري الدولي،
-3د.قادري عبد العزيز ،االستثمارات الدولية ،التحكيم التجاري الدولي ،ضمان االستثمارات ،الطبعة
الثانية ،دار هومه للطباعة والنشرو التوزيع 93 ،حي اليروبار ،الجزائر.1991 ،
-9محمد شهاب ،أساسيات التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة االولى ،مكتبة الوفاء القانونية.1998 ،
135
الرسـائـل. .II
-1أحمد بوخلخال ،نظـام تسـوية منازعـات االسـتثمارات االجنبيـة فـي القـانون الـدولي وتطبيقاتـه فـي
-3بوكريطة موسى ،القانون الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي وفق القانون
-2بودودة سعاد ،التحكيم التجاري الدولي كضمان من ضمانات االسـتثمار ،رسـالة ماجسـتير كليـة
-2كـ ــروم نسـ ـ ـرين ،اجـ ـ ـراءات التحكـ ــيم التجـ ــاري ال ـ ــدولي فـ ــي القـ ــانون المقـ ــارن الج ازئ ـ ــري ،رسـ ــالة
.IIIالمـقـاالت.
محمـد وليـد العبـادي ،أهميـة التحكــيم وجـواز اللجـوء اليـه فـي منازعــات العقـود االداريـة د ارسـة مقارنــة، -2
مقال ،دراسات علوم الشريعة والقـانون ،المجلـد ،93العـدد ،1كليـة الد ارسـات الفقهيـة والقانونيـة ،جامعـة
رض ـوان عبيــدات،االثار االيجابيــة التف ــاق التحكــيم التجــاري وفــق احك ــام القــانون االردنــي والمقــارن، -1
مق ــال ،د ارس ــات عل ــوم الشـ ـريعة والق ــانون ،المجل ــد ،99الع ــدد ،1كلي ــة الحق ــوق عم ــادة البح ــث العلم ــي،
136
.IVالقوانين والمراسيم.
-2قــانون رقــم 98-99المــؤرخ فــي 29صــفر عــام 2318الموافــق لـ ـ 11فب اريــر ،1999المتضــمن
-9المرســوم التشــريعي 98-89المــؤرخ فــي 9ذي القعــدة ع ــام 2321الموافــق لـ ـ 11افريــل ،2889
يعــدل و يــتمم االمــر رقــم ،213 -11المــؤرخ فــي 9يونيــو والمتضــمن قــانون االج ـراءات المدنيــة،
.Vالمواقع االلكترونية.
-1 www.uncitral.org
137
الفهرس
اإلهـداء
شكـر وتقـديـر
2 م ـقـدمــة ............................................................ ........
1 الفـصـل األول :مـفـهـوم التحـكيم التجـاري الـدولـي .....................
1 المبحث األول :تعريف التحكيم التجاري الدولي وأساسه القانوني ....................
1 المطلب األول :تعريف التحكيم التجاري الدولي .....................................
1 الفـرع األول :تعريف التحكيم لغة واصطالحا .....................................
1 أوال :التعريف اللغوي ..............................................................
3 ثانيا :التعريف االصطالحي ............................................. ...........
3 الفرع الثاني :التعريف القانوني .....................................................
3 أوال :تعريف اتفاقية الهاي للتسوية السلمية للمنازعات الدولية .......................
9 ثانيا :تعريف التشريعات الوطنية .................................................. .
8 الفرع الثالث :تعريف الفقه والقضاء ................................................
8 أوال:التعريف الفقهي ...............................................................
29 ثانيا :التعريف القضائي ..................................................... ......
29 المطلب الثاني :األساس القانوني للتحكيم التجاري الدولي ............................
الفرع األول :اساسه في االتفاقيات الدولية و قواعـد التحكـيم الخـاص بلجنـة األمـم المتحـدة
29 للقانون التجاري الدولي ....................................................
29 أوال :اتفاقية نيويورك عـام ................................................. 2819
14 ثانيا :اتفاقية واشنطن عام ................................................... 2831
ثالثا :قواعد التحكيم الخاص بلجنة األمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (اليونسيترال)
23 لسنة ....................................................................... 2831
138
رابعا :جولة أورجواي الوثيقة الختامية في 2883/3/21بالمغرب المنظمة من طرف
23 منظمة التجارة العالمية .............................................. ...............
29 الفرع الثاني :أساسه في االتفاقيات اإلقليمية والتشريعات الوطنية ...................
29 أوال :أساسه في االتفاقيات اإلقليمية ...............................................
19 ثانيا :أساسه في التشريعـات الوطنية .............................................
12 الفرع الثالث :أساسه في اتفـاق التحكـيـم .......................................
71 أوال :تعريف اتفاق التحكيم وطبيعته ................................................
11 ثانيا: :شروط صحة اتفـاق التحكيم ................................................
15 ثالثا :استقاللية اتفاق التحكيم و االثار المترتبة عليه .................................
98 رابعا:آثار اتفاق التحكيم ............................................................
المبحث الثاني :ا لطابع الدولي والتجاري للتحكيم واهم أنواعه وتمييزه عن باقي الوسائل
38 األخرى لفض النزاعات الدولية .............................................
19 المطلب األول :الطابع الدولي و التجاري للتحكيم ....................................
19 الفرع األول :الطابع الدولي للتحكيم .................................................
19 أوال :المعيار القانوني ...............................................................
19 ثانيا :المعيار االقتصادي ............................................................
11 ثالثا :المعيار المزدوج ..............................................................
11 الفرع الثاني:الطابع التجاري .......................................................
المطلب الثاني :أنواع التحكيم التجاري الدولي و تمييزه عن باقي الوسائل األخرى لفض
13 النزاعات الدولية ..............................................................
13 الفرع األول :أنواع التحكيم التجاري الدولي .........................................
13 أوال :من حيث التنظيم............................................................. .
18 ثانيا :من حيث مدى سلطة المحكم في تطبيق القانون ................................
18 ثالثا :من حيث عدد المحكمين .......................................................
18 رابعا :من حيث االتفاق ذاته........................................................ .
139
19 خامسا :التحكيم الدولي و التحكيم الداخلي ...........................................
12 سادسا :التحكيم االلكتروني .........................................................
الفرع الثاني :تمييز التحكيم التجاري الدولي عن باقـي الوسائل األخـرى لفـض النزاعات
11 الدولية ...................................................................
11 أوال :تمييز التحكيم عن الوساطة والتوفيق ..........................................
11 ثانيا :تمييز بين التحكيم و القضاء على المستوى الدولي ............................
13 ا لفصل الثاني :سير الخصومة التحكيمية واألحكام الصادرة بشأنها ...................
المبحث األول :محكمة التحكيم والقانون الواجب التطبيق على سير الخصومة التحكيمية
11 ..........................................................................
11 المطلب األول :انعقاد محكمة التحكيم ...............................................
11 الفرع األول :تشكيل محكمة التحكيم ................................................
13 الفرع الثاني :شروط تعيين المحكم ورده وعزله واستداله ...........................
13 أوال :شروط تتعلق بالمحكم ........................................................
19 ثانيا :شروط تعيين واستبدال وعزل ورد المحكم ....................................
18 ثالثا :عقد التحكيم ..................................................................
31 المطلب الثاني :القانون الواجب التطبيق على سير الخصومة التحكيمية ...............
31 الفرع األول :القانون الواجب التطبيق على إجراءات سير الخصومة التحكيمية ......
أوال :موقف الفقه والقوانين الدولية والداخلية في تحديد القانون الواجب التطبيق على
31 إجراءات سير الخصومة التحكيمية ..................................................
38 ثانيا :اجراءات سير الخصومة التحكيمية ............................................
99 ثالثا :النظام العام واختصاص المحكم ..............................................
82 الفرع الثاني:القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ..........................
81 أوال :االتجاهات السائدة بشان تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ...
ثانيا :الكيفيات والطرق المستخدمة لتحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع
81 .................................................... ..........................
121
299 المبحث الثاني :أحكام التحكيم الصادرة تنفيذها وطرق الطعن فيها ...................
292 المطلب األول :الحكم التحكيمي .....................................................
291 الفرع األول :تعريف الحكم التحكيمي وطبيعته ......................................
291 أوال :تعريف الحكم التحكيمي .......................................................
299 ثانيا :طبيعة حكم التحكيم ...........................................................
293 الفرع الثاني :الشكليات المطلوبة توافرها في األحكام التحكيمية ......................
293 أوال :المداولة ......................................................................
291 ثانيا :تسبيب الحكم التحكيمي .......................................................
291 ثالثا :محتويات الحكم التحكيمي .....................................................
293 رابعا :تفسير الحكم وتصحيحه واإلضافة إليه .......................................
299 الفرع الثالث :أنواع األحكام التحكيمية وآثارها ......................................
299 أوال :أنواع األحكام التحكيمية .......................................................
229 ثانيا :آثار الحكم التحكيمي ..........................................................
221 المطلب الثاني :تنفيذ أحكام التحكيم وطرق الطعن فيها ..............................
229 الفرع األول :تنفيذ أحكام التحكيم ...................................................
223 أوال :تنفيذ األحكام التحكيمية بموجب االتفاقيات الدولية الجماعية ...................
223 ثانيا :تنفيذ األحكام التحكيمية بموجب االتفاقيات الثنائية ..............................
221 ثالثا :تنفيذ أحكام التحكيم بموجب القانون الجزائري .................................
228 الفرع الثاني :طرق الطعن في احكام التحكيم واالثار المترتبة ........................
228 أوال :حكم التحكيم الدولي الصادر خارج الجزائر ....................................
219 ثانيا :حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر ......................................
211 ثالثا :اآلثار المترتبة على الطعن ببطالن أحكام التحكيم واألمر بالتنفيذ ..............
213 خاتمة ...................................................... ........................
211 المراجع ............................................................................
121