You are on page 1of 34

‫‪1‬‬

‫المقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫تقتضي القواعد العامة لعقد اإلجيار أن "يتم الكراء برتاضي املتعاقدين على املكرى‬
‫وقيمة الكراء وغري ذلك مما عسى أن يشرتط يف العقد" (‪.)1‬‬

‫ويعترب شرط املدة من أهم شروط عقد اإلجيار ضرورة أنه بانتهاء مدته املشروطة‬
‫بني املتعاقدين يتوجب على املستأجر التخلي عن احملل وإرجاعه لصاحبه ‪ ،‬و ال حق له‬
‫يف طلب جتديد اإلجيار قانونا بأي وجه‪.‬‬

‫غري أن هذه القاعدة ولئن كانت نتيجة حتمية حلق املالك يف أن يتصرف باإلجيار‬
‫ألي مدة شاء وأن يسرتجع حمله يف هناية املدة بدون اهتمام مبصلحة املستأجر ‪ ،‬إال أن‬
‫عواقب ممارسة هذا احلق أحلقت مضرة بالتجـار الذين ميارسون نشاطا جتاريا باملكرى‬
‫والذين بذلوا جهدا يف استقطاب حرفائهم وتكوين مسعة جتارية مبحالهتم‪.‬‬

‫وأمام عدم وجود قانون حيمي هؤالء التجار فقد برزت منذ أواخر القرن التاسع‬
‫عشر فكرة امللكية التجارية اليت تقررت على مرحلتني‪:‬‬

‫املرحلة األوىل ‪ :‬متيزت بتحصل التجار على االعرتاف مبلكية معنوية على مجيع‬
‫العناصر املادية اليت تكون منها األصل التجاري وبالتايل فإن االستقرار باحملل أصبح ركنا‬
‫أساسيا لبقاء األصل التجاري ‪ ،‬فإذا كان التاجر ال ميلك احملل ولكن يتصرف فيه باإلجيار‬
‫فإن ملكيته لألصل تكون مهددة بالزوال عند هناية اإلجيار‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬الفصل ‪ 791‬من مجلةـ اإللتزامات والعقود‪.‬‬
‫لذلك كان ال بد يف املرحلة الثانية من ضمان احلفاظ على األصل التجاري‬
‫ومحاية حق التاجر يف امللكية املعنوية اليت تقررت له عليه (‪.)2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫املرحلة الثانية‪ :‬مل تكن هذه املرحلة يسرية على التجار باعتبار أن إقرار حقهم يف‬
‫امللكية التجارية يتوقف على ضمان استمرارهم يف اإلجيار وهو أمر يتعارض مع حق‬
‫امللكية العقارية باعتباره يفرض عليها قيدا ال تتحمله‪.‬‬

‫ولقد متيزت هذه املرحلة بصراع بني امللكية العقارية و امللكية التجارية نتج عنه‬
‫يف األخري حل وسط حيقق التوازن بني امللكيتني وذلك بإقرار نظام جديد لعقد إجيار‬
‫احملالت املعدة للتجارة ‪ ،‬أطلق عليه العموم قانون امللكية التجارية‪.‬‬

‫مضى اليوم مخسة ومثانون سنة عن صدور أول أمر تشريعي بإنشاء امللكية‬
‫التجارية بتونس وهو أمر ‪ 26‬أكتوبر ‪.1926‬‬

‫وقد تتالت التعديالت على هذا األمر حىت بلغت األوامر اليت نقحته أو متمته‬
‫مخسة وعشرين أمرا إىل حدود صدور أمر ‪ 27‬ديسمرب ‪ 1954‬الذي متيز جبمع األحكام‬
‫اليت اشتملت عليها األوامر السابقة وقننها من جديد يف نص موحد ومتكامل (‪.)3‬‬

‫وتواصل العمل بأمر ‪ 27‬ديسمرب ‪ 1954‬إىل أن وقع نسخه بالقانون عـدد ‪37‬‬
‫لسنة ‪ 1977‬املؤرخ يف ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬والذي أطلق عليه واضعوه "القانون املتعلق‬
‫بتنظيم العالقات بني املسوغني واملتسوغني فيما خيص جتديد كراء العقارات أو احملالت‬
‫ذات االستعمال التجاري أو الصناعي أو املستعملة يف احلرف" وهي تسمية طويلة ومملة‬
‫وكان من األجدر االقتصار على تسمية هذا القانون بقانون األكرية التجارية ال غري‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )2‬رشيد الصباغ " الملكية التجارية " ص ‪.9‬‬
‫(‪ )3‬رشيد الصباغ " الملكية التجارية " ص ‪.11‬‬
‫لكن وبالرغم من مرور أربعة وثالثني سنة على صدور قانون األكرية التجارية‬
‫فإنه مل يتم تنقيحه أو إمتامه مبا يتماشى مع الظروف االقتصادية الراهنة وذلك خالفا‬
‫للمشرع الفرنسي الذي أدخل عدة تعديالت على أمر ‪ 30‬سبتمر ‪ 1953‬املنظم‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫لألكرية التجارية كما توىل إثراءه بعدة أحكام إضافية وضعها باجمللة التجارية اجلديدة (‬
‫‪.)4‬‬

‫وعقد الكراء التجاري خيضع يف تنظيمه إىل القواعد العامة لاللتزامات وكذلك‬
‫إىل القواعد اخلاصة الواردة بقانون األكرية التجارية‪.‬‬

‫والعقد التجاري املعين بالقانون املؤرخ يف ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬هو عقد تسويغ‬


‫العقارات واحملالت اليت يستغل فيها أصل جتاري طيلة عامني متتاليني على األقل سواء‬
‫كانت على ملك تاجر أو صاحب صناعة أو حرفة (‪ .)5‬كما خيضع عقد الكراء‬
‫التجاري كسائر العقود األخرى إىل املبدأ األصويل القائل بأن العقد شريعة الطرفني‪.‬‬

‫وتقتضي القوة امللزمة يف العقود أن حتديد األجرة يف عقد اإلجيار جيري العمل به‬
‫حىت هناية العقد وال ميكن مراجعتها ولو تغريت الظروف(‪.)6‬‬

‫غري أن أخطارا عدة هتدد هذا الوضع وقد متس أحيانا باملسوغ يف عقد التسويغ‬
‫إذ تضطره إىل اإلبقاء على احلالة اليت كان عليها عند التعاقد فيبحث عن خمرج للمأزق‬
‫الذي تردى فيه كالسعي حنو تقصري مدة اإلجيار‪ ،‬غري أن ذلك قد يكون سببا يف حرمان‬
‫املستأجر من بعض منافعه كضمان االستقرار والتواصل وهلذا االعتبار خول املشرع‬
‫للمتعاقدين إمكانية طلب تعديل األجرة ولو كان ذلك يف املدة اليت ينص عليها العقد‬
‫بصورة مباشرة أو حبكم احملكمة الفردية ( قاضي امللك التجاري) (‪.)7‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫‪(4) G.Ripert / R.Roblot « Traité de Droit Commercial » Tome1 Volume 1 p‬‬
‫‪435.‬‬

‫(‪ )5‬بلقاسم القروي الشابي" الملكية التجارية " ص ‪.19‬‬


‫(‪ )6‬رشيد الصباغ " الملكية التجارية " ص ‪.58‬‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫فماهي طرق تعديل معني الكراء التجاري وفقا ألحكام القانون عـدد ‪ 37‬لسنة‬
‫‪ ، 1977‬وماهي إجراءاتــه ؟‬

‫إن أحكام تعديل معني الكراء يف مادة امللك التجاري متثل مثلما سبق بيانه‬
‫استثناء لقاعدة القوة امللزمة يف العقود ضرورة أن القاعدة العامة هي بقاء معني الكراء‬
‫املتفق عليه ساري املفعول بني الطرفني ببقاء وتواصل العالقة التسويغية بينهما‪.‬‬

‫وبالت ـايل فان هذه القاعدة االستثنائية يف قانون األكرية التجارية تدعم خصوصية‬
‫هذا القانون وال أدل على ذلك أن حق تعديل الكراء خمول للمسوغ وللمتسوغ على‬
‫حد السواء مىت رغب أحدمها يف ذلك مع مراعاة الشروط اليت نص عليها القانون وميكن‬
‫تعديل معني الكراء سواء يف اجتاه ترفيعه أو ختفيضه‪.‬‬

‫إن دراسة مسألة تعديل معني الكراء التجاري تفرض التعرض يف مبحث أول إىل‬
‫طرق التعديل ( ‪ ) I‬ويف مبحث ثان إىل اإلجراءات الواجب إتباعها (‪.) II‬‬

‫المبحث األول‪ :‬طرق تعديل معين الكراء التجاري‪:‬‬

‫إن تعديل الكراء التجاري بأنواعه املختلفة ميكن أن يكون اتفاقيا وهو املبدأ العام‬
‫الذي يعتمده املشرع سواء كان ذلك يتعلق مبعني الكراء يف العقد األصلي أو عند‬
‫التعديل مبناسبة جتديد العقد ( الفقرة األوىل ) كما ميكن أن يكون قانونيا اعتمادا على‬
‫قانون األكرية التجارية لسنة ‪ 1977‬وهو مفتوح للمتعاقدين إذا مل حيتاطا لذلك يف‬
‫( الفقرة الثانية) فضال على احلالة اخلاصة من التعديل اليت نص عليها‬ ‫العق ـد‬
‫الفصل ‪ 20‬من نفس القانون ( الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التعديل االتفاقي لمعين الكراء‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫يضبط معني الكراء باالتفاق احلر وكذلك األمر بالنسبة لبقية شروط عقد الكراء‬
‫‪ ،‬وال لزوم إلقامة الدليل بالنسبة للعقد االبتدائي املوقع بني الطرفني ألن القاعدة يف ذلك‬
‫تعتمد سلطان اإلرادة وما دام االتفاق سائدا بني الطرفني فان احلاكم ال يتدخل (‪.)8‬‬

‫وقد يطرأ التعديل االتفاقي مبناسبة تعبري أحد طريف العقد عن إرادته يف تعديل‬
‫معني الكراء وذلك مبوجب مطلب يقدمه بواسطة عدل منفذ ويف هذه الصورة فان‬
‫طالب التعديل يعرض على معاقده مبلغ ماليا معينا ويرتقب ثالثة أشهر ليتمكن الطرفان‬
‫من املفامهة يف شأن الكراء املعروض وقد يتفق املسوغ واملتسوغ خالل هذه املهلة الطويلة‬
‫نسبيا إىل اتفاق خبصوص معني الكراء اجلديد وال ترفع قضايا يف هـذا املوضوع‬
‫للمحاكم وبذلك يرتفع اخلالف ويستقر املوضوع على معلوم للكراء يتحدد مبوجب‬
‫الرضى واالتفاق (‪.)9‬‬

‫وباإلضافة إىل الصورتني املذكورتني قبله فقد أجاز قانون امللك التجاري إمكانية‬
‫التعديل وخول للطرفني ضبط شرط ضمن عقد اإلجيار يضبط سلما متغريا ملراجعة املبالغ‬
‫الكرائية تراجع فيها طبق شروط معينة وهو ما يصطلح عليه أيضا بالتعديل االتفاقي (‬
‫‪.)10‬‬

‫ويتجه التنبيه يف هذا اإلطار إىل أن الشرط املضمن بعقد التسويغ الذي ينص على‬
‫زيادة جديدة ال يعد شرطا يتعلق بالسلم املتغري طاملا مل يعتمد هذا الشرط يف تقديره‬
‫ملعني الكراء على األحوال االقتصادية سواء كان بالترفيع أو بالتخفيض‪.‬‬

‫ولقد دأب املتعاقدون على وضع هذا الشرط صلب عقد الكراء ويكون عادة‬
‫يف شكل نسبة مائوية كأن ينص املتعاقدان على الرتفيع من قيمته كل سنة أو سنتني‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )7‬جويدة قيقة " حق التجديد وحق التعديل" ص ‪.27‬‬
‫(‪ )8‬بلقاسم القروي الشابي" الملكية التجارية " ص ‪.168‬‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫لكن هل أن الشرط املتعلق بالتعديل االتفاقي بالتنصيص على نسبة مائوية يقع‬
‫تطبيقها بصفة دورية يعترب مقبوال قانونا يف غياب نص منظم له يف قانون األكرية‬
‫التجارية لسنة ‪1977‬؟‬

‫لقد أثار الرد على هذا السؤال اختالفا بني رجال القانون‪ ،‬بني شق أول يرى أن‬
‫معني الكراء خيضع تنظيمه إىل قواعد قانون ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬ومبا أن هذا التشريع‬
‫استثنائي ويهم النظام العام فال جيوز االتفاق على خمالفته وبني شق ثان يرى أن شرط‬
‫الزيادة االتفاقية شرط صحيح وغري خمالف ألحكام قانون األكرية التجارية‪.‬‬

‫ويستند أصحاب الرأي األول إىل الفصلني ‪ 24‬و ‪ 25‬من قانون ‪ 25‬ماي‬
‫‪ 1977‬للقول أن املشرع مل يرتك مسألة ضبط معلوم الكراء حرا وال ملشيئة املتعاقدين‬
‫بل تدخل لضبطها فأرسى نظاما خاصا بتعديل األكرية التجارية وحدد طريقة التعديل‬
‫كما حدد املدة الزمنية اليت ال يتم قبلها التعديل وضبط زيادة على ذلك اجلهة اليت تتوىل‬
‫التعديل إذ أوكل هذه املهمة إىل اخلرباء وأرشد إىل اجلوانب الفنية اليت جيب األخذ هبا‬
‫عند التعديل‪.‬‬

‫ويؤكد أصحاب هذا االجتاه أن حرص املشرع على اإلحاطة جبميع اجلوانب‬
‫املتعلقة بتعديل معني الكراء يدل داللة واضحة على اتصال هذا املوضوع بالنظام العام‬
‫وال ميكن تبعا لذلك لألطراف االتفاق على خالف ما قرره املشرع (‪.)11‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )9‬بلقاسم القروي الشابي " الملكية العقارية" ص ‪168‬‬
‫(‪ )10‬جويدة قيقة " حق التجديد وحق التعديل" ص ‪28‬‬
‫(‪ )11‬أنيس حريزي " بعض اإلشكاليات التطبيقية لقانون ‪ " 1977‬ص ‪ 28‬و‪.29‬‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫ونتيجة لذلك فان االتفاق املتعلق بالزيادة هو اتفاق ملغى وال عمل عليه وال‬
‫حيول دون تعديل الكراء قضائيا عن طريق أهل اخلربة‪.‬‬

‫ويف هذا املعىن أصدرت احملكمة االبتدائية بقرمبالية حكما بتاريخ ‪ 8‬سبتمرب‬
‫‪ 1989‬حتت عدد ‪ 12816‬جاء فيه ما يلي‪ ":‬إن الزيادةـ المشترطة بـ‪ % 10‬مخالفة‬
‫للقانون التجاري واالتفاق المضمن صلب العقد ال يمكن أن يتنافى أو يتعارض مع‬
‫قانون األكرية التجارية الذي يهم النظام العام"( ‪.)12‬‬

‫وعلى نقيض هذا الرأي يرى جانب غري قليل من الفقهاء أن شرط الزيادة‬
‫االتفاقية شرط صحيح وال يتعارض مع أحكام قانون ‪ 25‬ماي ‪ ،1977‬وذلك استنادا‬
‫إلى احلجج التالية‪:‬‬

‫‪ /1‬الحجة األولى‪:‬‬

‫إن القول بأن الزيادة االتفاقية يف معني الكراء باطلة لتعارضها مع النظام العام هو‬
‫قول غري صحيح ألن االتفاقات اليت أبطلها املشرع واملواضيع اليت حجر التعاقد يف شأهنا‬
‫مبينة بالفصلني ‪ 32‬و‪ 33‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪ ، 1977‬وال جند من بينها إىل ما يشري ال‬
‫من قريب وال من بعيد للزيادات االتفاقية وال خيفى أن االستثناء ال يتجاوز القدر‬
‫احملصور مدة وصورة‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫( ‪ )12‬جويدة قيقة " حق التجديد وحق التعديل" ص ‪.225‬‬

‫‪ /2‬الحجة الثانية‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫إن التمسك بأن قانون ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬توىل ضبط طريقة التعديل وتكفل‬
‫ببيان مجيع جوانبها‪ ،‬وال دخل لإلرادة يف هذا األمر‪ ،‬ال يستقيم ألن هذه الطريقة يف‬
‫التعديل واليت يسميها الفقهاء – التعديل القضائي‪ -‬ال يقع اللجوء إليها إال عند عدم‬
‫اتفاق األطراف حول مبلغ الكراء اجلديد ‪ ،‬ومن مثة فان اللجوء إىل هذه الطريقة ال يتم‬
‫بشكل آيل بل يف صور االختالف فقط‪.‬‬

‫‪ /3‬الحجة الثالثة‪:‬‬

‫لقد بني الفصل ‪ 24‬نفسه ما يلي‪ ":‬يجب أن يقدم مطلب التعديل بواسطة‬
‫عدل منفذ وفي صورة عدم االتفاق بين الطرفين خالل الثالثة أشهر الموالية فان‬
‫مطلب التعديلـ يقع الحكم في شأنه‪"...‬ـ‬

‫وهو ما يعين أن املشرع مينح صراحة لطريف العقد إمكانية االتفاق على مبلغ‬
‫الكراء اجلديد وحرية حتديد نسبة الزيادة اليت يرغبان فيها عن مدة الكراء اجلديدة‪.‬‬

‫وبناء على هذه العبارات الصرحية فان التفاهم يف شأن الكراء أمر مسموح به‬
‫ومباح بدليل أن املشرع منح الطرفني من أجل ذلك مهلة طويلة نسبيا قدرها ثالثة‬
‫أشهر حىت يتسىن هلما الوصول إىل اتفاق‪ ،‬يف خصوص معني الكراء اجلديد ‪ ،‬وخالل‬
‫هذه املهلة تكون اإلرادة حرة لتقرر ما تشاء من زيادة‪ ،‬يتجدد على ضوئها الكراء لفرتة‬
‫أخرى باملراضاة واالتفاق‪.‬‬

‫وإذا كان أمر حتديد معني الكراء املتجدد مرتوكا إلرادة األط راف‪ ،‬فانه ال شيء‬
‫مينع هذه اإلرادة من التنصيص مسبقا عند إبرام عقد الكراء على نسبة مائوية معينة يرتفع‬

‫‪8‬‬
‫‪9‬‬

‫به الك راء بص ورة دورية ( كل س نتني أو ثالث‪ )...‬وه ذا ال رأي هو ال ذي أقرته حمكمة‬
‫االس تئناف يف قرارها ع دد ‪ 13825‬املؤرخ يف ‪ 1987-12-16‬وال ذي تض من ما‬
‫" إن أحكـ ـ ــام الفصل ‪ 32‬من القـ ـ ــانون المـ ـ ــؤرخ في ‪ 25‬مـ ـ ــاي ‪1977‬‬ ‫يلي‪:‬‬
‫المتعلق بتنظيم العالقـ ــات بين المسـ ــوغين والمتسـ ــوغين ال يمنع من اتفـ ــاق المسـ ــوغ‬
‫والمتســوغ طبق أحكــامـ الفصل ‪ 242‬م ا ع على اشــتراطـ ســلم تصــاعدي في الزيــادةـ‬
‫في معين الكراء دون اللجوء إلى المحكمة "(‪.)13‬‬

‫وعلى خالف االجتاهني السابقني فقد رفضت حمكمة التعقيب بأحد قراراهتا طلب‬
‫التعديل لوجود شرط ينظم هذه املسألة بعقد الكراء وعللت قضاءها مبقولتهــا التاليــة‪:‬‬
‫" وحيث اتضح من أوراق الملف أن الطرفين قد اتفقا على كيفية الترفيع في ثمن‬
‫الكراء وأن ما اتفق عليه الطرفين يقوم مقام القانون‪...‬‬
‫وحيث أن التنبيه المؤرخ في ‪ 22‬أكتوبر ‪ 1997‬المتضمن رغبة المالكـ في الترفيع‬
‫في معين الكراء إلى ‪10.000،000‬دينارا يتعارض مع ما اتفق عليه الطرفان على‬
‫الوجه الصحيح ويهدف إلى نقض ما وقع االتفاق عليه بصورة أحاديةـ خالفا لما نص‬
‫عليه الفصل ‪ 242‬م ا ع من أن ما انعقدـ على الوجه الصحيح بين المتعاقدين ال‬
‫ينقضي إال برضائهما‪ ...‬وقد نازعت الطاعنة في ذلك التنبيه وأعربت عن عدم‬
‫رضائهاـ به صلب القضية المرفوعة لدى دائرة الملك التجاري ‪)14( "...‬‬

‫وإذا كان حيق لألطراف االتفاق مسبقا على الزيادة يف معني الكراء‪ ،‬فهل ميكن‬
‫هلما كذلك االتفاق على عدم الزيادة يف الكراء مهما طالت املدة؟‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )13‬م ق ت عدد ‪ 4‬لسنة ‪ 1990‬ص ‪.127‬‬
‫(‪ )14‬قرار تعقيـبي مدني عدد ‪ 2004/ 2251‬مؤرخ في ‪ ( 8/10/2004‬غير منشور)‪.‬‬

‫ال يتعلق األمر بتساؤل نظري حمض‪ ،‬بل عرضت هذه املسألة بصورة فعلية على‬
‫حمكمة االستئناف بتونس‪ ،‬ومتثلت وقائع هذا النزاع يف أن مالكا وجه ملتسوغ حمله‬

‫‪9‬‬
‫‪10‬‬

‫حمضر تنبيه يف تعديل معني الكراء يطلب فيه الرتفيع يف الكراء‪ ،‬فعارضه املتسوغ بوجود‬
‫شرط بعقد التسويغ يقتضي عدم الزيادة يف معاليم الكراء مهما طال الكراء‪ ،‬فقضت‬
‫حمكمة االستئناف مبا يلي‪" :‬إن الشرط التعاقديـ المتمثل في عدم الزيادةـ في معين‬
‫الكراء مهما طالت مدة التسويغ يعد الغيا عمال بالفصل ‪ 32‬من قانون األكرية‬
‫التجارية" (‪.)15‬‬

‫أما بالنسبة للتعديل االتفاقي الذي نظمه قانون األك ـرية التجارية فانه يتمثل يف‬
‫التعديـل املبـين على السلم املتغيـر أو مـا يعرب عن ـه يف القانون الفرنـسي ب ـ‪La " :‬‬
‫‪ ، " clause de l'échelle mobile‬ولئن مل يعرف املشرع شرط السلم‬
‫املتغري فقد توىل الفقه وفقه القضاء هذه املهمة‪.‬‬

‫ويف هذا اجملال نورد التعريف الذي نقله السيد ‪ Jacques L’assier‬يف‬
‫كتابه العقود التجارية معتمدا يف ذلك عدة كتب قبله وهو " الشرط الذي مبقتضاه يربط‬
‫الطرفان تغيري معني الكراء برقم قياسي يتفقان عليه"‪.‬‬

‫ويضيف التعريف أن أهم عنصر يف هذا االتفاق هو جعل مقدار الكراء مرتبطا هبذا ال رقم‬
‫القياسي مما ينفي ت داخل إرادة الط رفني أو الغري يف التط بيق وتع يني الك راء‪ .‬وتس مية‬
‫التع ديل االتف اقي بالس لم املتغري تس مية اص طالحية ال تتفق ألفاظها مع معانيها فال وج ود‬
‫يف حقيقة األمر ألي س لم يف املوض وع وإمنا قصد بكلمة الس لم ذلك التسلسل ال ذي قد‬
‫ينشأ عن تعاقب التغيريات اليت قد حتصل يف الكراء يف آماد متفاوتة طوال وقصرا وبدون‬
‫أجل حمدود وفق دان األجل هو خاص ية التغيري االتف اقي فال وج ود لش رط الثالثة أع وام‬
‫املشروطة يف املراجعة‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )15‬جويدة قيقة " حق التجديد وحق التعديل " القرار االستئنافي عدد ‪ 34760‬بتاريخ ‪1991-12-18‬‬

‫‪10‬‬
‫‪11‬‬

‫احلكمية وال وج ود لش رط تغيري األح وال االقتص ادية لكن املش رع مل ي رتك احلبل على‬
‫الغ ارب يف ه ذا املوضوع وقد أحاطه بش روط أقل ش دة من ش روط املراجعة احلكمية إال‬
‫أهنا شروط ال بد من توفرها كي ينطبق شرط السلم املتغري (‪.)16‬‬

‫ويف هذا املعىن اقتضى الفصل ‪ 26‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬أنه إذا كان عقد‬
‫التسويغ يتضمن شرطا يتعلق بالسلم املتغري ( ‪ )L’echelle mobile‬فإن التعديل‬
‫ميكن أن يطلب كلما اعرتى معني الكراء من جراء ذلك الشرط زيادة أو نقص يتجاوز‬
‫الربع بالنس بة للقيمة الكرائية احملددة س ابقا بوجه التعاقد أو مبوجب حكم ع ديل‪ ،‬ول ذلك‬
‫فإن التعديل يف هذه الصورة يستلزم توفر شرطني‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أن يك ون ش رط الس لم املتغري متفقا عليه يف عقد الك راء األص لي أو اجملدد (‬
‫الفصل ‪ 24‬من قانون ‪ )1977‬أي من ضمن شروطه التعاقدية وليس اتفاقا الحقا عنه‪.‬‬

‫الثــانيـ ‪ :‬أن يك ون الك راء املعم ول به بني املتعاق دين قد ت أثر مبفع ول ش رط الس لم املتغري‬
‫املدرج بالعقد بأن حصلت له من جرائه زيادة إذا كان مطلب التعديل مقدما من املالك‬
‫أو نقص إذا ك ان ه ذا املطلب مق دما من املتس وغ وذلك بنس بة تتج اوز الربع من مثن‬
‫الكراء احلايل‪.‬‬

‫وإذا حتقق ه ذان الش رطان ج از لكل من ط ريف العالقة التس ويغية أن يط الب‬
‫بالتعديل حبسب أثر شرط السلم املتغري عليه ودون أن يكــون مقيــداـ بأجل الثالثة أعــوام‬
‫املنصوص عليه بالفصل ‪ 25‬من قانون األكرية التجارية‪.‬‬

‫كما ميكن للط رف اآلخر أن يرفع دع وى قض ائية لتع ديل معني الك راء املط الب‬
‫مبراجعته وإقرار القيمة الكرائية العادلة‪ .‬أما إذا مل يتحقق الشرطان املذكوران قضي برفض‬
‫مطلب التعديل‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )16‬بلقاسم القروي الشابي " الملكية التجارية " ص ‪.177‬‬

‫‪11‬‬
‫‪12‬‬

‫وجتدر اإلش ارة يف ه ذا الس ياق أنه مهما ك ان أس اس مطلب التع ديل‬
‫(الظ روف االقتص ادية أو السلم املتغري) ف إن دع وى تع ديل القيمة الكرائية تتوافق مع‬
‫دع وى التجديد بش رط جديد خبص وص احملكمة املختصـة ب النظر حكميا وترابيا ‪،‬‬
‫ووجوبية استمرار املتسوغ على دفع معاليم الكراء اليت حل أجلها حبساب املقدار القدمي‬
‫أو عند االقتض اء حسب املق دار الواقع تعيينه بص فة وقتية من احملكمة املتعه دة بإح دى‬
‫الدعويني وذلك ما دامت القضية منشـورة ( يراجع الفصل ‪ 29‬الفقرة األوىل من ق انون‬
‫غري أن دعوى التعديل ختتلف عن دعوى التجديد يف‬ ‫‪.)1977‬‬
‫مسائل ثالث ‪:‬‬

‫األولى – أن املتعاقد ( مالكا كان أو متسوغا ) الذي يعرض عليه تعديل القيمة الكرائية‬
‫يتمتع مبهلة قدرها ثالثة أشهر من اليوم املوايل لتبليغه اإلعالم مبطلب التعديل حملاولة إجياد‬
‫حل ت وفيقي مع معاق ده اآلخر ح ول القيمة الكرائية املراد تع ديلها (‪ )17‬وإن فشال يف‬
‫ذلك حق لألحرص منهما القيام قضائيا للمنازعة يف التعديل املعروض فإن مل يفعال تظل‬
‫العالقة الكرائية مستمرة بنفس معني الكراء املعمول به بينهما (‪.)18‬‬

‫وليس ه ذا يف دع وى التجديد ألن ع دم قي ام املتس وغ هبا يف األجل املض روب له‬


‫يصريه ملتزما قانونا بالشرط اجلديد‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪)17‬قرار تعقيبي عدد ‪ 45950‬في ‪" : 18/10/1995‬حيث من المعلوم فقها وقانونا أن أجل الثالثــة أشــهر‬
‫الموالية لتاريخ إبالغ اإلعالم بالتعديل هو أجل جعـل إليجــاد حـل تـوفيقي بين الطـرفين مراكنــة في شــأن الزيــادة‬
‫المعروض ـةـ وبعــد انصــرام هــذا األجــل وفي صــورة ع ــدم حص ــول هــذا االتفــاق يح ــق لمن عن ل ــه القي ــام قضــائيا‬
‫للمنازعة في الترفيع المعروض‪ .‬ولما حاد الحكم المنتقد عن هذا االتجاه يكون خارقا لمقتضــيات الفصــل ‪24‬‬
‫من قانون ‪."1977‬‬
‫(‪)18‬ق ــرار تعقي ــبي ع ــدد ‪ 35413‬في ‪ ": 15/4/1995‬وحيث ض ــبط المش ــرع في الفص ــل ‪ 24‬من قـ ـانون‬
‫‪ 1977‬وعلى عكس حالـــة التجديـــد مهلـــة للتفـــاهم وبمضـــيها يمكن لمن تقتض ــي مص ــلحته ذل ــك القيـــام طبـــق‬
‫الفصـ ــلين ‪ 28‬و ‪ 29‬من القـ ــانون ذاتـ ــه وإن لم يفعـ ــل فالعالقـ ــة مسـ ــتمرة بنفس المعين القـ ــديم وال تـ ــأثير لهاتـ ــه‬
‫الوضعية على أية قاعدة قانونية أو حقيقة تجارية أو اقتصادية"‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪13‬‬

‫الثانية ‪ :‬إن دع وى التع ديل ال تس توجب القي ام هبا يف أجل حمدد ( كما هو احلال يف‬
‫دع وى التجديد يف الثالثة أش هر املوالية لت اريخ اإلعالم بالتجديد بش روط جدي دة) ألن‬
‫األجل املفقد حلق االلتجاء إىل احملكمة املنصوص عليه بالفصل ‪ 27‬من ق انون ‪ 1977‬ال‬
‫يهم دع وى التع ديل (‪ )19‬يف شيء وإمنا خيص منازعة الش روط املعروضة يف شأن العقد‬
‫اجلديد يف حني أن مطلب التعديل يتعلق بعقد مستمر‪.‬‬

‫الثالثة ‪ :‬أنه بعد تعديل القيمة الكرائية يكون معني الكراء اجلديد واجب الدفع من تاريخ‬
‫تقدمي مطلب التعديل إال إذا اتفق الطرفان سواء قبل رفع الدعوى أو أثناءها على تاريخ‬
‫أق دم أو أح دث من ذلك ( الفصل ‪ 24‬من ق انون ‪ )1977‬أما يف دع وى التجديد ف إن‬
‫الش روط اجلدي دة تس ري ابت داء من ت اريخ الك راء اجلديد أي بعد انقض اء أجل الك راء‬
‫السالـ ـف ( الفصل ‪ 6‬من قانون ‪.)1977‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التعديل القانوني لمعين الكراء ‪:‬‬

‫تش تمل ه ذه الص ورة على ن وعني من التع ديل ومها تع ديل املؤجر الع ادي (‪)1‬‬
‫وتع ديل املالك ال ذي أحيل عق اره عند بيع األصل التج اري من ط رف مالكه إىل الغري (‬
‫‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )19‬حكم استئنافي عدد ‪ 1259‬في ‪ ( ،24/10/2000‬نابل – دائرة الرئيس األول) ‪ ":‬وحيث طالمـا ثبت‬
‫تعلق محضر التنبيه بطلب في تعديل معين الكراء فإن المستأنف بوصفه متسوغا غير مطــالب قانونــا بــاالعتراض‬
‫على محتــواه في ظــرف ثالثــة أشــهر لخــروج هــذه الصــورة عن صــور الفصــل ‪ 27‬ق ‪ 77‬وعــدم انضــوائها تحت‬
‫جزاء فقدان حق القيام وآثاره المنصوص عليهما‪".‬‬

‫‪13‬‬
‫‪14‬‬

‫‪ .1‬التعديلـ الثالثي ‪:‬‬

‫قد يلوح للمالك أن معني عقد الكراء اجلاري زهيد جدا أو يرتاءى للمتسوغ أن هذا‬
‫املعني مشط فيس ارع بالتنبيه على معاق ده بض رورة العمل على ال رتفيع يف القيمة الكرائية‬
‫احلالية أو التنقيص منها إىل الق در املع روض عليه وذلك ض من مطلب يف التع ديل يوجه‬
‫إليه طبقا للصيغ القانونية بقطع النظر عن كون عقد الكراء أصليا أو جمددا مثلما يسرتوح‬
‫من نص الفصل ‪ 24‬من قانون ‪ .1977‬على أنه ولئن كان باإلمكان طلب التعديل عند‬
‫طروئ تغيريات على األحوال االقتصادية فإن االستجابة لتعديل القيمة الكرائية ترفيعا أو‬
‫ختفيضا تس تلزم على األقل ت وفر ش رطني متالزمني ( يراجع الفصل ‪ 25‬من ق انون‬
‫‪: )1977‬‬

‫‪ -1‬الشرط األول‪ :‬تغيير الظروف االقتصادية‪:‬‬

‫جيب أن تك ون الظ روف االقتص ادية اليت ط رأت من ش أهنا أن تبلغ حد إدخ ال‬
‫تغي ريات تتج اوز ربع (‪ )4/1‬القيمة الكرائية املعم ول هبا بني ط ريف التس ويغ اتفاقا أو‬
‫قض اء وذلك إما بالزي ادة يف ه ذه القيمة إذا ك ان مطلب التع ديل مق دما من املالك أو‬
‫بالتخفيض إذا كان مقدما من املسوغ‪.‬‬

‫وجتدر اإلشارة يف هذا اإلطار إىل أن شرط تغيري األحوال االقتصادية يعترب شرطا غامضا‬
‫خللوه من ضابط يقاس به هذا التغيري وبالتايل فإنه يبقى رهني اجتهاد اخلرباء والقضاة مما‬
‫قد جيعل منه مصدر خطأ أو تشوش وذلك الختالف مقاييس االجتهاد (‪.)20‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )20‬بلقاسم القروي الشابي " الملكية التجارية ص ‪." 173‬‬

‫‪14‬‬
‫‪15‬‬

‫وحيث اس تقر فقه القض اء على اعتم اد مؤشر ارتف اع األس عار من خالل اجلدول‬
‫الرمسي الص ادر عن املص احل الفنية املختصة للتحقق من ت وفر ش رط تغيري األح وال‬
‫االقتص ادية من عدمه ك احلكم ب رفض مطلب التع ديل أو قبوله بن اء على نتيجة االختب ار‬
‫من قبل احملكمة‪.‬‬ ‫املأذون بـ ـه‬

‫وقد عللت حمكمة االس تئناف بت ونس بأحد قراراهتا رفض ها مطلب التع ديل بن اء‬
‫على عدم حتقق شروط تغيري األحوال االقتصادية مبقولتها التالية ‪:‬‬

‫" وحيث يتبين بــالرجوع إل الجــدول الرســميـ الصــادر عن وزارة االقتصــادـ الوطــني أن‬
‫مؤشر ارتفــاع األســعار كــان في مــاي ‪ 1987‬تــاريخ بدايــة العمــل بمعين الكــراء الحــالي‬
‫البالغ ‪ 1.620 ،000‬د في مستوى رقم ‪ 7،219‬ثم ارتفع في تاريخ عرض التعديل‬
‫وهــو شــهر مــاي ‪ 1990‬إلى مســتوى رقم ‪ 3،268‬أي بفــارق (‪ )6،48‬واعتمــادا على‬
‫ما تقدم تكون النسبة المئوية الرتفاع األسعار‪:‬‬

‫‪% 1،22‬‬
‫= ‪6،48‬‬ ‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪7،219‬‬

‫وحيث أن نسـ ــبة ارتفـ ــاع األسـ ــعار والحال ـ ـةـ مـ ــا ذكـ ــر لم تتجـ ــاوز ربـ ــع قيمـ ــة األمـ ــاكنـ‬
‫المسوغة وبذلك فلم يتحقق الشرط الثاني التعديلي‪.‬‬

‫حيث بات الحكم االبتدائيـ تبعــا لـذلكـ في طريقـه النبنائــه على أســانيدـ واقعيــة وقانونيــة‬
‫صحيحة لم تأتـ المستأنفة بما يوهنها واتجه إقراره وإجراء العمل به”(‪. )21‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )21‬قرار استئنافي عدد ‪ 94983‬صادر بتاريخ ‪ 6‬نوفمبر ‪.1991‬‬

‫‪15‬‬
‫‪16‬‬

‫أما املشرع الفرنسي فقد عدل عن إتباع قاعدة تغيري األحوال االقتصادية مبقدار‬
‫الربع لقب ول مطلب التع ديل واعتمد ش رط تغيري أس عار البن اء اليت تنشر كل ثالثة أش هر‬
‫من طرف املؤسسة املختصة بذلك‪.‬‬

‫ويف ه ذه احلالة ال ميكن أن يقبل مطلب تع ديل الك راء س واء ب الرتفيع أو‬
‫ب التخفيض فيه إال إذا ط رأ تغيري على مؤشر أس عار البن اء وهو رقم قياسي يص دره املعهد‬
‫القومي لإلحصاء والدراسات االقتصادية فيما يتعلق بالتغيريات احلاصلة يف قيمة البناءات‬
‫(‪. )22‬‬

‫غري أنه ط رح إش كال أم ام القض اء الفرنسي يف خص وص إمكانية تع ديل معني‬


‫الك راء ب التخفيض فيه ليص بح أدىن من معني الك راء األص لي املتفق عليه بعقد التس ويغ‬
‫وهي مسألة أنتجت اختالفا بني حماكم االستئناف الفرنسية ‪.‬‬

‫فلئن قبلت حمكمة االس تئناف مبدينة ‪ Rouen‬مب دأ اعتم اد قيمة كرائية أدىن‬
‫من القيمة احملددة اتفاقا بعقد الك راء ف إن حمكمة االس تئناف بب اريس " ‪" PARIS‬‬
‫اعت ربت أنه ال ميكن ب أي ح ال من األح وال أن تك ون القيمة الكرائية اجلدي دة أدىن من‬
‫القيمة املعمول هبا يف تاريخ صدور مطلب التعديل (‪.)23‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )22‬بلقاسم القروي الشابي " الملكية التجارية" ص ‪.174‬‬

‫‪(23) G.Ripert / R.Roblot « Traité de Droit Commercial » Tome1‬‬


‫‪Volume 1 p 435.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪17‬‬

‫أما املش رع التونسي فب الرغم من أن قانون ‪ 25‬م اي ‪ 1977‬مت أخر عن صدور‬


‫وأصر على أن مطلب التعديل ال يقبل إال‬
‫القانون الفرنسي فإنه بقي أمينا للطريقة القدمية ّ‬
‫إذا ت وفر ش رطان أساس يان أوهلما م رور ثالثة أع وام عن آخر تع ديل وثانيهما تغيري‬
‫األح وال االقتص ادية مبا حيدث تغي ريا على األكرية بق در الربع من قيمتها الس ابقة س واء‬
‫كانت معينة باالتفاق أو حبكم احملاكم‪.‬‬

‫وقد اعترب بعض الفقهاء أن التشريع التونسي يعرتيه نقص لعدم ضبطه للمؤشرات‬
‫االقتص ادية اليت ميكن للمص احل املختصة أن حتسب على أساس ها نس بة التغيري يف العوامل‬
‫االقتص ادية وتأثريها عل قيمة األكرية التجارية مبا يس هل عمل اخلبري والقاضي وجيعل‬
‫عملية التعديل أكثر مصداقية مثلما هو احلال يف القانون الفرنسي‪.‬‬

‫ب ‪ :‬الشرط الثاني ‪ :‬المــــدة ‪:‬‬


‫يهمه األمر بعد مضي ثالثة‬
‫لقد أوجب املشرع تقدمي مطلب التعديل من قبل من ّ‬
‫أعوام على األقل من تاريخ استغالل احملل أو بعد الشروع يف التجديد‪.‬‬

‫وحيث يتجه معرفة بداية األعوام الثالثة ففي صورة العقد األصلي املطلوب‬
‫تعديل كرائه ألول مرة تكون بداية املدة إما بداية استغالل املتسوغ للمحل أو تاريخ‬
‫عقد التسويغ أو تاريخ تسجيله‪.‬‬

‫ويف صورة حصول جتديد العقد فإن بداية األعوام الثالثة تكون بداية اإلجيار‬
‫اجلديد لكن إذا وقع بني األطراف تعديل سابق ملعني اإلجيار فإن بداية الثالثة أعوام هي‬
‫بداية تنفيذ القرار الصادر بالتعديل‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪18‬‬

‫وحيث جتدر اإلشارة إىل أن مدة التسويغ قد تكون يف بعض العقود ذات أمد‬
‫واحد معني ومثال ذلك تأجري حمل ملدة أربعة أعوام وقد تكون ذات آجال أو آماد‬
‫متعاقبة مثل تأجري عقار ملدة ‪ 3‬أعوام وبعدها ملدة ثالثة أعوام أخرى وبعدها ملدة ثالثة‬
‫أعوام أخرى أي ملدة ستة أو تسعة أعوام فإن هذا التعاقب ال يغرّي شيئا يف قاعدة بداية‬
‫األعوام الثالثة اليت تفتح باب التعديل (‪. )24‬‬

‫غري أن شقا من الفقهاء اعترب أن اعتماد مدة الثالثة أعوام لطلب التعديل ال مربر‬
‫هلا ضرورة أن القانون م ّكن املتسوغ من اكتساب حق التجديد يف الكراء بعد مرور‬
‫سنتني فحسب ميكن بعدها جتديد الكراء بشروط جديدة منها معني الكراء وهذا ما‬
‫جيعل عملية التعديل الثالثي فاقدة لكثري من اجلدوى على املستوى التطبيقي وال أدل على‬
‫ذلك قلة القرارات الصادرة من احملاكم يف هذا الشأن ‪ ،‬األمر الذي يستوجب تدخل‬
‫املشرع مع األخذ بعني االعتبار للجانب العملي والواقعي لتعديل الكراء التجاري خاصة‬
‫بعد مرور ما يناهز الثالثني عاما من صدور قانون األكرية التجارية‪.‬‬

‫‪ -2‬التعديل عند إحالة الملك التجاري‪:‬‬


‫لقد خ ّول الفصل ‪ 25‬من ق انون األكرية التجارية يف فقرته األخ رية ملالك احملل‬
‫طلب تعديل الكراء عند إحالة امللك التجاري إىل الغري‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )24‬بلقاسم القروي الشابي ‪ " :‬الملكية التجارية " ص ب ‪. 172‬‬

‫‪18‬‬
‫‪19‬‬

‫خمول ملالك اجلدران دون‬


‫ومبراجعة الفصل املتقدم يتبني أن إمكانية التعديل حق ّ‬
‫غريه وهذا النوع من التعديل غري خاضع لشروط التعديل الثالثي أي مدة الثالث سنوات‬
‫وحصول تغيريات يف األحوال االقتصادية مبقدار الربع ضرورة أن طلب التعديل يصبح‬
‫ممكنا مبجرد انتقال ملكية األصل التجاري إل طرف ثالث‪.‬‬

‫وتكون ممارسة التعديل عن طريق اللجوء للقضاء طبقا ألحكام الفصل ‪ 25‬من‬
‫قانون األكرية التجارية‪.‬‬

‫وإن هذه اإلحالة ال تثبت بالنسبة ملالك احملل إال إذا وقع إعالمه أو صدر منه‬
‫رضا بكتب ثابت التاريخ‪.‬‬

‫وتنتقل مبوجب هذا اإلعالم أو الرضا مجيع التزامات املستأجر حنو مالك اجلدران‬
‫إىل احملال له ‪ ،‬لكن هذا االنتقال خيتلف باختالف ما إذا وقع جمرد إعالم املالك ومل‬
‫يصرح برضاه وبني الصورة اليت يصرح فيها املالك بأنه رضي باإلحالة ويعفي املستأجر‬
‫كل تبعية (‪.)25‬‬ ‫األول من‬

‫ــــــــــــــــــ‬

‫(‪ )25‬بلقاسم القروي الشابي " الملكية التجارية" ص ‪.185‬‬

‫‪19‬‬
‫‪20‬‬

‫وصرح بإعفاء املستأجر من كل تبعية فإنه يصبح‬


‫فإن رضي املالك باإلحالة ّ‬
‫مرتبطا ارتباطا كامال باحملال له وهذا األخري حيل حمل احمليل يف أداء معني الكراء وااللتزام‬
‫باحملافظة على احملل حمافظة رب العائلة‪.‬‬

‫يصرح املالك برضاه باإلحالة بقي املستأجر ضامنا يف أداء كراء احملل‬
‫وإن مل ّ‬
‫احملال أما احمليل فإنه يضمن للمحال له سالمة عقد اإلجيار من كل عيب كما يضمن له‬
‫استمرار املدة القانونية ويضمن أن املالك لن يصدر منه تنبيه باسرتجاع احملل أو تنهية‬
‫وقوع اإلحالة‪.‬‬ ‫املدة قبل‬

‫وجتدر اإلشارة يف هذا اجملال إىل أن أحكام الفصل ‪ 33‬من قانون األكرية‬
‫التجارية لسنة ‪ 1977‬املؤرخ يف ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬اقتضت ما يلي ‪:‬‬

‫" تلغى أيضا االتفاقيات – مهما كان شكلها – التي ترميـ إلى ا لتحجير على‬
‫المكتري إحالةـ تسويغه لمشتري ملكه التجاري أو مشروعه "‪.‬‬

‫إن هذا النص الذي يبطل كل حتجري ومنع إحالة عقد اإلجيار جعل من بيع‬
‫األصل التجاري شرطا صرحيا جلواز إحالة عقد اإلجيار فإذا مل مي ّكن من بيع األصل‬
‫التجاري تصبح اإلحالة غري جائزة‪.‬‬

‫وإن السؤال املطروح يف هذا اإلطار هو ما هو حكم املشرع فيما يتعلق بإحالة‬
‫عقد الكراء عندما يكون األمر متعلقا هببة أو بإرث أو مبسامهة يف شركة ؟‬

‫‪ ‬إحالة عقد اإليجار بموجب اإلرث ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫‪21‬‬

‫قد ينتقل عقد الكراء للوارث كما ينتقل إليه األصل التجاري املستغل باملكرى‬
‫ألن اإلرث أمر طبيعي النتقال املخلّف من املالك إىل ورثته فليس فيه تصرف أو تفويت‬
‫بعوض أو غري ذلك‪.‬‬
‫ويف هذه الصورة فإن الورثة يتمتعون حبق جتديد العقد مبوجب حلوهلم حمل‬
‫مورثهم وكذا جبميع احلقوق املرتتبة عن عقد التسويغ ‪.‬‬

‫‪ ‬إحالة عقد اإليجار بموجب المساهمة العينية ‪:‬‬

‫اجتمع رأي الفقهاء على القول بأن املسامهة العينية بأصل جتاري يف شركة جتارية‬
‫جائزة ذلك أن املسامهة يف مثل هذا املوضوع مثل البيع إذ فيها خروج األصل التجاري‬
‫من ملك صاحبه وجعله على ذمة مؤسسة أخرى هلا ذاتيتها واستقالهلا وعقد اإلجيار‬
‫تابع لألصل التجاري‪.‬‬

‫‪ ‬إحالة عقد اإليجار بموجب الهبة‪:‬‬


‫يرى أحد الفقهاء أنه يف صورة اهلبة فان األقرب للمعقول منع اإلحالة ألن املشرع‬
‫بفصله ‪ 33‬من قانون األكرية التجارية مل يبح إحالة عقد الكراء إال يف صورة بيع‬
‫األصل التجاري وقد يلحق بالبيع ما يشبهه من إرث ومسامهة يف شركة أخرى أما اهلبة‬
‫فبعيدة كل البعد عن البيع (‪.)26‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )26‬بلقاسم القروي الشابي " الملكية التجارية " ص ‪.184‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬التعديل الخاص المنصوص عليه في الفصل ‪ 20‬من القانون‪6‬‬


‫عدد ‪ 37‬لسنة ‪:1977‬‬

‫‪21‬‬
‫‪22‬‬

‫إن القانون عدد ‪ 37‬لسنة ‪ 1977‬املؤرخ يف ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬بفصوله ‪24‬‬


‫و ‪ 25‬و‪ 26‬اليت مشلت حاليت التعديل القانوين واالتفاقي‪ ،‬أفرد الفصل ‪ 20‬حبالة خاصة‬
‫من التعديل تتعلق بصورة أجرة ثانية لتسويغ احملل أرفع من التسويغ األصلي الوارد يف‬
‫العقدة املربمة بني الطرفني ويف هذه احلالة فان للمؤجر األصلي حق طلب تسوية الفارق‬
‫(‪. )27‬‬

‫على أن املشرع وضع شروطا خاصة جلواز التسويغ الثاين وذلك مثلما يستشف‬
‫من منطوق الفصل املذكور الذي نص على ما يلي‪:‬‬

‫" يحجر كل كراء ثان كامل أو جزئي إال إذا تضمنت عقدة الكراء شرطا‬
‫مخالفا أو باتفاق مع المسوغ‪.‬‬
‫وفي صورة كراء ثان مرخص فيه يطلب من المالك المشاركة في العملية‬
‫وإذا كان مبلغ الكراء الثاني يفوق ثمن الكراء األصلي فان للمالك الخيار في طلب‬
‫زيادة موافقة لكراء العقدةـ األصلية وفي صورة عدم االتفاق بين الطرفين تضبط هذه‬
‫الزيادةـ حسب الفصل ‪ 28‬من هذا القانون‪.‬‬
‫يجب على المتسوغ أن يشعر المالكـ بعزمه على إبرام كراء ثان بواسطة‬
‫عدل منفذ ويجب على المالك أن يعرف في اجل خمسة عشر يوما من تاريخ‬
‫اإلعالم بما إذا كان يعتزم المشاركة في انجاز العملية المذكورة‪.‬‬
‫وإذا امتنع المسوغ من المشاركة أو غفل عن الجواب بالرغم عن‬
‫الترخيص المنصوص عليه بالمادة األولىـ فانه يستغني عنه"‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )27‬جويدة قيقة نفس المؤلف ص ‪.29‬‬

‫وجتدر اإلشارة يف هذا السياق إىل أنه خالفا للتعديل االتفاقي والتعديل القانوين‬
‫فان التعديل اخلاص املنصوص عليه بالفصل املتقدم ال يتوقف على شروط وآجال إذ‬

‫‪22‬‬
‫‪23‬‬

‫ميكن للمالك أن يطلب من املتسوغ الرتفيع يف معني الكراء بعد موافقته على الكراء‬
‫الثاين وقد يتم ذلك التعديل إما باالتفاق مع املتسوغ وإما باللجوء إىل احملكمة وفقا‬
‫ألحكام الفصل ‪ 28‬من قانون األكرية التجارية وذلك دون التوقف على توفر شرط‬
‫تغيري الظروف االقتصادية وشرط مرور ثالث سنوات على العمل بعقد الكراء كما ال‬
‫يلزم التنبيه املسبق على املتسوغ لطلب التعديل وهو املبدأ الذي أكدته القرارات‬
‫االستئنافية التالية‪:‬‬
‫‪ -‬القرار االستئنافي عدد ‪ 43253‬الصادر بتاريخ ‪1978-11-8‬‬
‫‪ -‬القرار االستئنافي عدد ‪ 58560‬الصادر بتاريخ ‪.)28( 1983-12-28‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إجراءات تعديل معين الكراء التجاري‪:‬‬

‫إن تعديل معني الكراء التجاري يفرض أن يوجه طالب التعديل مطلبا يف ذلك إىل‬
‫الطرف الثاين ( الفقرة األوىل) ويف صورة عدم االتفاق يف ظرف الثالثة أشهر املوالية فان‬
‫التعديل يصبح من مشموالت القضاء ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التنبيه التجاري‪:‬‬


‫إن التنبيــه التجــاري وثيــقة هلا شروطهــا فلــه أجله (‪ )1‬وصيغتــه (‪ )2‬وله حمتــواه (‬
‫‪ )3‬ومفعوله (‪.)4‬‬
‫‪ /1‬أجل التنبيه‪:‬‬
‫إن أجل توجيه التنبيه التجاري املتعلق بتعديل معني الكراء خيتلف باختالف‬
‫موضوعه فان كان مطلبا للتعديل الثالثي فيكون توجيه هذا املطلب مرتبطا وجوبا بشرط‬
‫املدة أي مضي ثالثة أعوام على األقل من تاريخ استغالل املتسوغ للمحل أو بعد‬
‫الشروع يف التسويغ اجملدد أو ابتداء من اليوم الذي يصري فيه معني الكراء اجلديد‬
‫معموال به‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )28‬جويدة قيقة نفس المؤلف ص‪.30‬‬

‫‪23‬‬
‫‪24‬‬

‫أما بالنسبة ملطلب التعديل املبىن على السلم املتغري فانه غري مقيد بأجل الثالثة‬
‫أعوام املنصوص عليه بالفصل ‪ 25‬من قانون ‪ 1977‬وميكن لكل طرف أن يرفع دعوى‬
‫يف تعديل معني الكراء للمطالبة مبراجعته و إقرار القيمة الكرائية العادلة ويتوجب على‬
‫احملكمة يف هذه احلالة أن تتخذ من يوم تقدمي مطلب التعديل تارخيا للتنسيق بني مفعول‬
‫السلم املتغري والقيمة الكرائية العادلة املراد بلوغها ( الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 26‬من قانون‬
‫‪.)1977‬‬

‫لكن يبدو أن املشرع أعفى املالك من هذا األجل يف صورة إحالة املتسوغ أصله‬
‫التجاري إىل الغري وكذا يف صورة الكراء الثاين ‪ ،‬ضرورة أن تقدمي مطلب التعديل يبقى‬
‫مرتبطا حبدوث اإلحالة‪.‬‬

‫‪ /2‬صيغة التنبيه‪:‬‬
‫إن صيغة التنبيه اختلفت حسب التشريع القدمي والتشريع اجلديد فقد كان الفصل‬
‫‪ 26‬من األمر العلي املؤرخ يف ‪ 27‬ديسمرب ‪ 1954‬ينص بفقرته الثانية على ما يلي‪":‬‬
‫ويجب أن يقدم المطلب ضمن حجة غير عادلة أو بواسطة مكتوب مضمون‬
‫الوصول مع مطلب في اإلعالم بالوصول‪ " ،‬واملقصود بعبارة احلجة غري العادلة أن‬
‫يكون التنبيه بواسطة عدل منفذ‪.‬‬
‫أما اليوم ويف ظل القانون عدد ‪ 37‬لسنة ‪ 1977‬فقد أوجب املشرع صلب‬
‫الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 24‬أن يقدم املطلب بواسطة عدل منفذ وإال بطل‪.‬‬

‫وهنا جتدر اإلشارة إىل وجوب احرتام رقيم العدل املنفذ للشروط الشكلية‬
‫والتنصيصات الوجوبية اليت وردت بالفصل ‪ 6‬من م م م ت وقانون مهنة عدول التنفيذ‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 1995-3-13‬باعتبارها شكليات هتم اإلجراءات األساسية الواردة‬
‫بالفصل ‪ 14‬م م م ت وتثريها احملكمة من تلقاء نفسها فضال عن كوهنا موجبة‬
‫للبطالن‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪25‬‬

‫كما قد يبطل التنبيه التجاري خلرقه إحدى القواعد اإلجـرائية املتعلقة بعمليــة‬
‫التبليغ ( الفصول ‪ 7‬و ‪ 8‬و ‪ 9‬و ‪ 10‬و‪ 11‬م م م ت ) أو بصفة مصدره أو املوجـه‬
‫( الفصل ‪ 19‬م م م ت) أو توجيهه ألحد املالكني أو املتسوغني دون الباقي‬ ‫إليــه‬
‫عند تعددهم خاصة إذا حتقق سبق تعودهم التنبيه بكافتهم وانعدام التوكيل واشرتاط‬
‫االقتصار على أحدهم فقط‪.‬‬

‫كما جيب أن يكون التنبيه موجها لشخص متمتع بأهلية كاملة وان كان قاصرا‬
‫فان مثل ذلك التصرف ينجزه املقدم عنه قانونا بإذن من قاضي التقادمي‪.‬‬

‫‪ /3‬محتوى التنبيه‪:‬‬

‫إن قانون األكرية التجارية مل يوجب ذكر تنصيصات خاصة صلب مطلب تعديل‬
‫معني الكراء بل يكفي أن يقدم بواسطة عدل تنفيذ وأن يتضمن عرضا ملعني الكراء‬
‫اجلديد ال غري ‪ ،‬ضرورة أن املوضوع البحت لتعديل معني الكراء أي الذي ال يكون‬
‫مقرتنا مبوضوع أو مبطلب آخر مثل طلب اخلروج من املكرى أو عدم التجديد أو‬
‫التجديد بشروط إمنا خيضع إىل أحكام الفصل ‪ 24‬من القانون عدد ‪ 37‬لسنة ‪ 1977‬و‬
‫ال تنطبق عليه باملرة أحكام الفصل ‪ 27‬من القانون املذكور‪.‬‬

‫وفعال فانه ب الرجوع إىل أحك ام الفصل ‪ 24‬واليت هتم مس ألة تع ديل معني الك راء‬
‫البحتة فإننا جند أهنا تنص بص ورة ص رحية على أن ه ذه املس ألة يقع حلها طبق احك ام‬
‫الفص لني ‪ 28‬و‪ 29‬من ق انون ‪ 1977‬ومع مراع اة االحتياطي ات املنص وص عليها‬
‫بالفصلني ‪ 25‬و‪ 26‬من نفس القانون‪.‬‬
‫مع املالحظ أن فقه القض اء قد اس تقر على مب دأ التفريق بني التنبيه التج اري‬
‫املؤسس على الفص لني ‪ 4‬و‪ 27‬من الق انون ع دد ‪ 37‬لس نة ‪ 1977‬والتنبيه التج اري‬
‫املؤسس على الفص ول ‪ 24‬و‪ 25‬و‪ 26‬من نفس القان ـــون و ن ذكر على سبيــل املث ال‬
‫القــرار االستئنايف املدين عدد ‪ 94718‬املؤرخ يف ‪ 16‬أكتوبر ‪ 1991‬والذي ج ـ ـ ـ ـ ـــاء فيه‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪25‬‬
‫‪26‬‬

‫" الفـ ــرق بين التنبيه التجـ ــاري المؤسس على معـ ــنى الفصـ ــلين ‪ 4‬و‪ 27‬من القـ ــانون‬
‫عــدد ‪ 37‬لســنة ‪ 1977‬والتنبيه التجــاري المؤسس على معــنى الفصــول ‪ 24‬و ‪ 25‬و‬
‫‪ 26‬من نفس القـ ـ ـ ـ ـ ــانون هو أن األولـ يتعلق بتجديد العالقة الكرائية والثـ ـ ـ ـ ـ ــانيـ يتعلق‬
‫بتعديلها"‪.‬ـ‬

‫وقد حنت حمكمة التعقيب نفس املنحى بقرارها التعقيبـي املدين عدد ‪24869‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2003-10-14‬والذي جاء فيه ما يلي‪ " :‬حيث أن الفصل ‪ 25‬من‬
‫قانون ‪ 1977‬يهم طلب تعديلـ الكراء وهو طلب ينبغي أن تراعى فيه الشروط التي‬
‫تعرض إليها وال يهم إطالقا طلب تجديد الكراء الذي تعرض إليه الفصل ‪ 5‬من نفس‬
‫القانون"‪.‬‬

‫وحيث أن تعديل معين الكراء وتجديد العالقة التسويغية أمران مختلفان‬


‫لكليهما إجراءاتهـ الخاصة وإن قضاء محكمة القرار بتجديد الكراء مع اإلبقاء على‬
‫المعين المعمول به بين الطرفين لعدم توفر أحد شرطي الفصل ‪ 25‬من قانون‬
‫‪ 1977‬غير مستقيم باعتبار خلط الوقائع من طرفها بين المطالبة بالتعديل على معنى‬
‫الفصول ‪ 24‬و‪ 25‬و ‪ 26‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬وطلب التجديد على معنى‬
‫الفصلين ‪ 5‬و‪ 27‬من نفس القانون‪.‬‬

‫وحيث يترتب على ذلك أن محكمة القرار المطعون فيه لما طبقت أحكامـ‬
‫الفصل ‪ 25‬من قانون األكريةـ التجارية والحال أن التنبيه سند القيام لم يتضمن‬
‫تعديل الكراء وإنما تضمن إنهاء العالقة الكرائيةـ مع عرض التجديد تكون قد‬
‫أساءت فهم القانون وخلطت بين مؤسستي التعديل والتجديد وعرضت بالتاليـ‬
‫قضاءها للنقض"‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪27‬‬

‫وقد أثريت إشكالية تطبيقية خبصوص صياغة التنبيه التجاري الذي موضوعه‬
‫تعديل معني الكراء فهل ميكن التنصيص فيه على أحكام الفصل ‪ 27‬من قانون ‪1977‬‬
‫حىت جيرب الشخص املوجه إليه التنبيه باالعرتاض عليه يف أجل الثالثة أشهر أم يكفي أن‬
‫يكون التنبيه موجها بواسطة عدل التنفيذ ومتضمنا ملعني الكراء اجلديد املقرتح‪.‬‬

‫إن إقحام الفصل ‪ 27‬من قانون األكرية التجارية يف حماضر التنبيه بتعديل معني‬
‫الكراء حسب رأينا ال يغري صفة التنبيه وال طبيعته القانونية إذ يعترب ذلك اإلنذار موجه‬
‫على معىن الفصل ‪ 24‬من قانون ‪ 1977‬الذي ينص على أن مطلب التعديل يوجه من‬
‫أحد الطرفني إىل اآلخر بواسطة عدل تنفيذ ومل حيدد أجال للمتسوغ للقيام‪.‬‬

‫وعليه فان ما أضيف للتنبيه من فقرات تعد الغية وال يعتد هبا ألن العربة جبوهر‬
‫احملضر وهو ما أدخله حتما ضمن مقتضيات الفصل املنطبق يف باب التعديل والذي ال‬
‫يوجب التنصيص على أحكام الفصل ‪ 27‬من قانون ‪ 1977‬فضال على أن التنصيص‬
‫عليه ال يعلق أجل القيام مبرور ثالثة أشهر عن توجيه التنبيه‪.‬‬

‫ويف هذا السياق فان حمكمة التعقيب أكدت بقرارها التعقييب املدين عدد ‪1795‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 31‬أكتوبر ‪ 2005‬على أن أجل القيام باالعرتاض على تنبيه بتعديل‬
‫الكراء التجاري يبقى قائما ومفتوحا بعد مرور اجل الثالثة اشهر على توجيه ذلك‬
‫التنبيه‪.‬‬
‫إذ جاء حبيثيات هذا القرار التعقييب ما يلي ‪:‬‬
‫" حيث يؤخذ من ذلك ( من الفقرةـ ‪ 2‬من الفصل ‪ 24‬من قانون ‪) 1977‬ـ أن تعهدـ‬
‫قاضي األكريةـ التجارية في دع ــوى التع ــديلـ على مع ــنى الفص ــلين ‪ 28‬و ‪ 29‬يك ــون‬
‫ممكنا بعد انقضاء أجل الثالثة أشهر المرصودة للتفاهمـ بين مالكـ الجدران وصـاحب‬
‫الحق التجـ ــاري عسى أن يتوفقـ ـ ـ ـا إلى صـ ــلح كما يكـ ــون رفع الـ ــدعوى جائ ـ ـ ـزا قبـ ـ ـل‬
‫انصـرام‬

‫‪27‬‬
‫‪28‬‬

‫ذلك األجل إذا رأى أحـ ـ ــدهماـ أو كالهما عـ ـ ــدم الجـ ـ ــدوى من الصـ ـ ــلح ويكـ ـ ــون رفع‬
‫الـ ــدعوى أمـ ــام قاضي األكريةـ إعالنا وتخليا عن األخذـ بهـ ــذه الوسـ ــيلة لحسم الـ ــنزاع‬
‫القائمـ بينهما حول تعديل الكراء‪.‬‬

‫ويحق لألح ــرص من الط ــرفين على ذلك األس ــاسـ تعهيد قاضي الملكية التجارية وفق‬
‫أحكام وضوابط الفصلين من القانون عــدد ‪ 37‬لسـنة ‪ 1977‬سـواء في خالل الثالثة‬
‫أشهر الموالية للتنبيه أوبعده‪.‬‬

‫وحيث خالفا لما ذهبت إليه محكمة القـ ــرار المطعـ ــون فيه فـ ــإن أجل القيـ ــام ال يـ ــزال‬
‫قائما ومفتوحا ألن األمر ال يتعلق بتجديد الكـ ــراء على معـ ــنى الفصل ‪ 27‬و إنما هو‬
‫تعــديلـ للكــراء ولكل من التجديد والتعــديل وجهة على مع ــنى الفصل ‪ 24‬من قــانون‬
‫األكرية التجارية (‪".)29‬‬

‫‪ /4‬مفعول التنبيه التجاري الموجه على معنى‬


‫الفصل ‪ 24‬من قانون ‪: 1977‬‬

‫إن طلب تعديل معني الكراء يفتح أوال اجملال إىل إجياد حلول اتفاقية أي بالرتاضي‬
‫بني طريف عقد التسويغ وذلك يف أجل ثالثة أشهر من تاريخ توجيه التنبيه التجاري‬
‫للطرف اآلخر وإذا مل يقع التوصل إىل اتفاق بينهما فعلى األحرص من الطرفني عرض‬
‫األمر على احملكمة املختصة للبت يف شأنه طبق أحكام الفصلني ‪ 28‬و ‪ 29‬من قانون‬
‫األكرية التجارية‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )29‬بوابة وزارة العدل وحقوق االنسان ‪www.e-justice.tn.com‬‬

‫‪28‬‬
‫‪29‬‬

‫وجتدر اإلشارة يف هذا اجملال إىل أن املشرع التونسي ولئن م ّكن املسوغ واملتسوغ‬
‫على حد السواء من أجل الثالثة أشهر إلجياد اتفاق خبصوص تعديل معني الكراء على‬
‫أساس السلم املتغري وكذلك فيما يتعلق بالتعديل الثالثي فإنه مل يتعرض إىل حالة طلب ا‬
‫لتعديل عند الكراء الثاين أو عند إحالة امللك التجاري وبالتايل فإن السؤال الذي يطرح‬
‫هو مدى جواز إعمال هذا احلل االتفاقي من عدمه‪.‬‬

‫لقد وردت أحكام التعديل عند إحالة امللك التجاري صلب الفقرة األخرية من‬
‫الفصل ‪ 25‬من قانون ‪ 1977‬وهو كما سبق التعرض إليه فصل ينظم مسألة التعديل‬
‫الثالثي وتأسيسا على ذلك فإنه يتجه إعمال نفسه األجل االتفاقي املنصوص عليه صلب‬
‫ذلك الفصل وبالتايل فبعد توجيه مطلب التعديل يكون للمالك واملتسوغ احملال إليه امللك‬
‫التجاري أجل ثالثة أشهر لالتفاق على معني كراء جديد‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بصورة التعديل عند الكراء الثاين للأصل التجاري الذي نظمته‬
‫أحكام الفصل ‪ 20‬من قانون األكرية التجارية فإنه ال يوجد يف هذا الفصل وال يف غريه‬
‫ما يفيد حتديد أجل معني لالتفاق بني الطرفني‪.‬‬

‫وقد ذهب البعض إىل القول بأنه يتجه اللجوء إىل إعمال القياس على نفس‬
‫األجل املمنوح لألطراف املتعاقدة عند طلب التعديل يف سائر الصور األخرى‪.‬‬

‫غيـر أن مرور الثالثة أشهر دون جلوء أي طرف إىل القضاء للنزاع يف خصوص‬
‫معني الكراء اجلديد جيعلنا نتساءل عن مصري مطلب التعديل ‪ ،‬فهل يبقى معني الكراء‬
‫القدمي سائر املفعول أم يصبح معني الكراء اجلديد نافذا بني الطرفني ؟‬

‫‪29‬‬
‫‪30‬‬

‫إن اإلجابة عن هذا السؤال ليس باألمر اهلنّي وذلك لقلة القرارات واألحكام‬
‫الصادرة يف مادة تعديل معني الكراء التجاري لكن البحث يف فقه القضاء أوصلنا إىل‬
‫موقفني متباينني‪:‬‬

‫الموقف األول ‪ :‬بقاء معين الكراء القديم ساري المفعول ‪:‬‬

‫لقد أقرت حمكمة التعقيب بقرارها املدين عدد ‪ 35413‬الصادر بتاريخ‬


‫‪ 15/4/1995‬موقف بقاء معني الكراء القدمي باستمرار العالقة ا لتعاقدية إذ جاء هبذا‬
‫القرار ما يلي ‪:‬‬

‫" حيث ضبط المشرع في الفصل ‪ 24‬من قانون ‪ 1977‬وعلى عكس حالةـ‬
‫التجديد مهلة للتفاهم وبمضيها يمكن لمن تقتضي مصلحته ذلك القيام طبق‬
‫الفصلين ‪ 28‬و ‪ 29‬من القانون ذاته وإن لم يفعل فالعالقة مستمرة بنفس المعين‬
‫القديمـ وال تأثير لهاتهـ الوضعية على أية قاعدة قانونية أو حقيقة تجارية أو اقتصادية‬
‫" (‪.)30‬‬

‫الموقف الثاني ‪ :‬بقاء معين الكراء الجديد المعروض في التنبيه فاعال ‪:‬‬

‫أقرت حمكمة التعقيب مسألة بقاء معني الكراء اجلديد املعروض صلب مطلب‬
‫التعديل فاعال ونافذا عند سكوت الطرف اآلخر وعدم متابعة دعوى االعرتاض على‬
‫طلب التعديل إذ جاء بقرارها املدين عدد ‪ 3016‬الصادر يف غرة فيفري ‪ 2005‬ما يلي‬
‫‪:‬‬

‫" ال يكفيـ القي ـ ـ ــام ب ـ ـ ــدعوى في التع ـ ـ ــديل وإنما يجب التوصل من خاللها إلى حكم‬
‫يضبط معين التسوي ـ ـغ فإذا اختلت تلك الـدعوى شك ـ ـال أو مضمـ ـونا أو ع ـدل القـ ـائم‬
‫بها عن‬
‫ــــــــــــــــــ‬

‫‪30‬‬
‫‪31‬‬

‫(‪ )30‬قرار مدني تعقيبي عدد ‪ 35413‬بتاريخ ‪ ( 15/4/1995‬غير منشور)‪.‬‬

‫متابعتهاـ وأدى ذلك إلى ص ــدور الحكم برفض ــها أو ع ــدم س ــماعها فإنه ال من ــاص من‬
‫تـ ــرتيب النتيجة الحتمية وهي بقـ ــاء الشـ ــروط المعروضة في التنبيه فاعلة لعـ ــدم توصل‬
‫المتسوغ إلى إلغائهاـ أو تعديلها"‪)31(.‬‬

‫ولعل غموض مسألة بقاء الكراء املعمول به ساري املفعول من عدمه يف صورة‬ ‫ّ‬
‫عدم االعرتاض على التنبيه املتضمن لطلب تعديل الكراء التجاري هو ما دفع احملامني‬
‫وأهل االختصاص يف مادة الكراء التجاري بصفة عامة إىل التنصيص على أحكام الفصل‬
‫‪ 27‬من قانون ‪ 1977‬بآخر حمضر التنبيه املوجه بواسطة عدل تنفيذ وذلك درءا لوضعية‬
‫سكوت الطرف املوجه إليه مطلب التعديل عن اإلدالء مبوقفه خبصوص قبول معني الكراء‬
‫املعروض عليه من عدمه بعد مرور أجل الثالثة أشهر وكذا عزوفه عن االعرتاض على‬
‫ذلك التنبيه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬إجراءات التقاضي في خصوص مطلب التعديل ‪:‬‬

‫إن دعوى التعديل ال تستوجب القيام هبا يف أجل حمدد خالفا لدعوى التجديد‬
‫اليت أوجب املشرع القيام هبا يف "الثالثة أشهر املوالية لتاريخ االعالم باخلروج أو جلواب‬
‫صاحب امللك املنبه عليه مبقتضى الفصل اخلامس من هذا القانون"‪.‬‬

‫وقد أقر فقه قضاء حمكمة التعقيب (والذي سبق التعرض إليه مبحاضرة احلال) مبدأ‬
‫عدم تقييد القيام بدعوى التعديل بأجل حمدد‪.‬‬

‫أما يف صورة اللجوء إىل القضاء فإن املتسوغ يبقى ملزما بدفع معني الكراء كما‬
‫هو ريثما يتم حتديد املعني اجلديد وهو ما اقتضاه الفصل ‪ 29‬من قانون ‪ ، 1977‬وميكن‬
‫للمحكمة أن تعني بصفة وقتية معني كراء وقيت يدفعه املكرتي للمالك إىل حني البت‬
‫هنائيا يف النزاع‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪32‬‬

‫إن دراسة إجراءات التقاضي يف خصوص تعديل معني الكراء تستوجب النظر يف‬
‫كيفية حتديد االختصاص احلكمي وكذا االختصاص الرتايب‪.‬‬

‫‪ /1‬االختصاصـ الحكمي ‪:‬‬

‫ختتص احملكمة الفردية للملك التجاري املتألفة من رئيس احملكمة االبتدائية أو من‬
‫ينوبه من القضاة بدعاوى تعديل معني الكراء التجاري سواء تعلق األمر بالتعديل الثالثي‬
‫أو بالتعديل املؤسس على السلم املتغري أو بالتعديل مبناسبة إحالة األصل التجاري أو‬
‫بالكراء الثاين‪.‬‬

‫إذ نصت الفقرة األوىل من الفصل ‪ 28‬من القانون املذكور على ما يلي ‪":‬إذا‬
‫قبل المسوغ التجديد وكان النزاع يتعلق بالثمن أو بالمدة أو بالشروطـ الثانوية أو‬
‫بجملة هذه العناصر فإن الطرفين يحضران مهما كان مبلغ الكراء أمام رئيس‬
‫المحكمة االبتدائيةـ بالجهة الكائنـ بها العقار أو أمام الحاكم الذي ينوبه"‪.‬‬

‫كما نصت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 24‬من قانون ‪ 1977‬أنه يف "صورة عدم‬
‫االتفاق بين الطرفين خالل الثالثة أشهرـ الموالية فإن مطلب التعديلـ يقع الحكم فيه‬
‫في شأنهـ طبق أحكام الفصلين ‪ 28‬و‪ 29‬من هذا القانون"‪.‬‬

‫وقد اقتضى الفصل ‪ 20‬من قانون ‪ 1977‬أنه ‪":‬في صورة كراء ثان مرخص‬
‫فيه يطلب من المالكـ المشاركة في العملية ‪ ،‬وإذا كان مبلغ الكراء الثانيـ يفوق‬
‫ثمن الكراء األصلي فإن للمالك الخيار في طلب زيادة موافقة لكراء العقدة األصلية‬
‫وفي صورة عدم االتفاق بين الطرفين تضبط هذه الزيادة حسب الفصل ‪ 28‬من هذا‬
‫القانون"‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪33‬‬

‫‪ /2‬االختصاص الترابي‪:‬‬

‫يتعني االختصاص الرتايب مبدئيا باملكان اجلغرايف الذي يوجد به مقر املطلوب أو‬
‫مكان إقامته ويف بعض األحيان عندما يتعلق األمر بالقانون الدويل اخلاص فمكان تكوين‬
‫العقد وتنفيذه ميكن أن يتعني هبما مرجع النظر الرتايب ( ‪.)32‬‬

‫غري أن االختصاص الرتايب يف دعاوى تعديل معني الكراء التجاري يتحدد طبقا‬
‫لقاعدة استثنائية أوردها الفصل ‪ 28‬من قانون ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬الذي عهد بذلك إىل‬
‫"رئيس احملكمة االبتدائية باجلهة الكائن هبا العقار"‪.‬‬

‫ويربر البعض من شراح القانون إسناد املشرع التونسي االختصاص الرتايب إىل‬
‫رئيس احملكمة االبتدائية اليت بدائرهتا يوجد احملل التجاري موضوع التسويغ يف أن ذلك‬
‫جيعل مهمة القاضي أيسر يف حتديد معني الكراء اجلديد وحفاظا على حقوق األطراف‪.‬‬

‫واعتبارا للصبغة اآلمرة لقانون األكرية التجارية لسنة ‪ 1977‬فإنه ال ميكن االتفاق‬
‫على ختصيص جهة ترابية معينة للنظر يف النزاعات اليت قد تطرأ مبناسبة تنفيذ عقد الكراء‬
‫ومثال ذلــك دعاوى التعديل‪.‬‬

‫ويف صورة وجود شرط تعاقدي حيدد االختصاص الرتايب فإن ذلك الشرط يعترب باطال‬
‫و ال عمل عليه‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )31‬بوابة وزارة العدل وحقوق االنسان ‪www.e-justice.tn.com‬‬
‫(‪ )32‬بلقاسم القروي الشابي " الملكية التجارية " ص ‪.241‬‬

‫‪33‬‬
‫‪34‬‬

‫الخ ـ ـ ـ ــات ـ ـ ـم ـ ـةـ‬


‫إنه بعد مرور أربعة وثالثني سنة عن صدور قانون امللك التجاري عدد ‪ 37‬لسنة ‪1977‬‬
‫املؤرخ يف ‪ 25‬ماي ‪ 1977‬فإن االختالف حول أحكامه ال يزال على أشده وهو ليس‬
‫اختالف اجتهاد بقدر كونه اختالف فهم ‪ ،‬حىت كاد يسلب ذلك القانون يف بعض‬
‫احلاالت روحه وفلسفته االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬

‫ولعل طريقة صياغته خاصة يف نصه العريب سبب من أسباب ذلك االختالف لغموض‬
‫العبارات أحيانا وقصورها عن تبليغ املعىن الصحيح للنص و ال أدل على ذلك أن دعوى‬
‫تبدأ يف التجديد مث ما يلبث أن تصبح يف التعديل‪.‬‬

‫ولعل احلد من االختالف الفقه قضائي يف مادة الكراء التجاري والذي أضر بعدد غري قليل‬
‫من مالكي األصول التجارية الذين اكتسبوا حق امللك التجاري بعد استيفائهم لشروطه‬
‫أمــر يستوجب تنقيح قانون امللك التجاري بصياغة عربية واضحة جيتنب فيها غريب‬
‫الرتاكيب وعدم دقة العبارات مع اعتماد رؤيا حديثة تتماشى مع الوضعية االقتصادية‬
‫الراهنة‪.‬‬

‫‪34‬‬

You might also like