You are on page 1of 8

‫محاضرات في مادة مناهج‬

‫العلوم القانونية واالجتماعية‬


‫‪-‬المحاضرة الثانية‪-‬‬

‫االفواج ‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪3‬‬

‫ذ‪ .‬عبد اللطيف اهادي‬

‫‪1‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مناهج البحث االجتماعي والقانوني‬

‫ال جرم ان التعرف على مختلف مناهج البحث في العلوم االنسانية هو مسالة من االهمية‬
‫بمكان‪ ،‬ال سيما وان الظواهر االنسانية تتميز بديناميتها وتطورها وتعدد ابعادها‪ ،‬خالفا للظواهر‬
‫الطبيعية‪ ،‬فاإللمام بأكثر من منهج من مناهج البحث العلمي للتحليل لمختلف األوضاع االنسانية او‬
‫الظواهر االجتماعية يساعد الباحث على التسلح بخلفية معرفية تؤهله لفهم مختلف هذه الظواهر‬
‫وبالتالي الوصول لنتائج ذات قيمة‪ ،‬لذا فان الباحثين في مختلف العلوم االنسانية‪ ،‬بما فيها العلوم‬
‫القانونية‪ ،‬في حاجة ماسة للتعرف على مختلف المناهج العلمية وتوظيفها بالشكل السليم والمالئم‪ .‬ال‬
‫سيما وان البحث الواحد قد يستلزم اعتماد أكثر من منهج‪ ،‬وهو ما يصطلح عليه بالتعددية المنهجية‪،‬‬
‫التي تقتضيها الدراسات واألبحاث في مجال العلوم االنسانية بصفة عامة واالجتماعية والقانونية بصفة‬
‫خاصة‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس سوف نحاول أن نتطرق لجملة من المناهج المستعملة في البحوث‬
‫االجتماعية والقانونية (المبحث الثاني)‪ ،‬لكن قبل ذلك يستحسن تحديد المفاهيم المرتبطة بالموضوع او‬
‫باألحرى التأصيل المفاهيمي لمناهج البحث العلمي وتصنيفاتها (المبحث األول)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬التأصيل المفاهيمي لمناهج البحث العلمي وتصنيفاتها‬

‫يشكل استشفاف مغزى ومضمون المصطلحات التي ينطوي عليها الموضوع خطوة اساسية‬
‫يتسنى بموجبها للدارس الوقوف على الداللة اللفظية للمفهوم بصفة عامة‪ ،‬النها تعتبر نقطة االنطالق‬
‫في فهمه للموضوع‪ ،‬ووضع تصور اولي بشأنه‪ ،‬وهو ما يحتم ابراز او تحديد داللة مناهج البحث‬
‫العلمي (المطلب األول)‪ ،‬في مرحلة اولى قبل ان نقف في اخرى على تصنيفات مناهج البحث العلمي‬
‫وتعددها (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تحديد داللة مناهج البحث العلمي‬

‫حتى تكتمل الصورة حول داللة مناهج البحث العلمي فان األمر يستدعي منا في البداية تحديد‬
‫معنى المنهج ( الفقرة االولى)‪ ،‬قبل الوقوف في محطة موالية على داللة علم المناهج ( الفقرة الثانية)‬

‫‪2‬‬
‫على ان نترك تحديد مفهوم البحث العلمي الى الفصل الثاني والذي سنخصصه للحديث عن خطوات‬
‫وأدوات البحث العلمي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬معنى المنهج‬

‫لغـة‪ :‬المنهج مصدر مشتق من الفعل (نهج) بمعنى‪ :‬سلك أو اتبع‪ ،‬والنهج والمنهج‪ ،‬والمنهاج‬
‫تعني ‪ :‬الطريق الواضح‪.‬‬

‫ويرجع اصل مصطلح منهج الذي يقابله في اللغة الالتينية مصطلح ‪،Method ،Methode‬‬
‫الى العهد اليوناني‪ ،‬حيث كان يتداول لفظ ‪ Methodos‬وكان أفالطون يستعملها بمعنى البحث او‬
‫النظر او المعرفة‪ ،‬كما كان يستعملها ارسطو احيانا كثيرة بمعنى "بحث"‪.‬‬

‫ويعني المنهج لغة ايضا الطريقة او النظام كما يعني كيفية او فعل او تعليم شيء وفقا لبعض‬
‫المبادئ بصورة مرتبة ومنسقة ومنظمة‪.‬‬

‫واصطالحا او في التحديد االصطالحي‪ ،‬فقد تعددت تعريفات المنهج وتنوعت‪ ،‬حيث عرف‬
‫المنهج معاني كثيرة‪ :‬توحدت في مجملها حول اعتبار المنهج هو الكيفية او السيرورة المتمثلة في‬
‫مجموع الخطوات التي يتبعها العقل البشري الكتشاف الحقيقة واالستدالل عليها‪.‬‬

‫وقد ترسخ المعنى االصطالحي لهذا اللفظ بداية القرن السابع عشر وهو يفيد‪ ":‬الطريق المؤدي‬
‫إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل‬
‫وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة"‪ .‬وهو ايضا "فن التنظيم الصحيح لسلسلة من االفكار‬
‫العديدة‪ ،‬اما من اجل الكشف عن الحقيقة حين نكون بها جاهلين‪ ،‬او من اجل البرهنة عليها‬
‫لآلخرين حين نكون بها عارفين"‪.‬‬

‫فالمنهج بشكل عام هو الطريقة التي يسلكها الباحث لإلجابة عن االسئلة التي تثيرها المشكلة‬
‫موضوع البحث‪ ،‬فعندما يواجه الباحث او االنسان بصفة عامة مشكلة ما فانه يبدأ في التفكير كيف‬
‫سيحل هذه المشكلة‪ ،‬والمنهج هو طريقة الحل‪ ،‬فاما ان تكون طريقة الحل غير علمية اي تستند الى‬
‫االساطير واألفكار المسبقة غير المبرهن عنها‪ ،‬ودون الرجوع الى واقع الظاهرة بالمالحظة والتجربة‬
‫والمقارنة‪ ،‬واما على العكس من ذلك تنطلق من المالحظة والتجريب وتستعمل ادوات البحث العلمي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ومن دون شك تكتسي المناهج أهمية كبيرة في البحث العلمي‪ ،‬فمهما كان موضوع البحث‪،‬‬
‫فإن قيمة النتائج المتوصل اليها تتوقف على قيمة المناهج المستخدمة فيه‪.‬‬

‫واذا نظرنا إلى القانون كعلم من العلوم االجتماعية أو كفن يتجسد في تطبيق معارف علمية‬
‫مكتسبة‪ ،‬فإنه في الحالتين يخضع لمنهجية تفكير تتمثل في عدد من الطرق العلمية التي ترعاها قواعد‬
‫المنطق‪ ،‬ألن التفكير المنطقي هو تنظيم األفكار وتسلسلها وترابطها بطريقة تؤدي إلى معنى واضح‪ ،‬أو‬
‫نتيجة مترتبة على حجج معقولة‪ .‬وبالتالي فالمنهج في العلوم القانونية او المنهجية القانونية‪ :‬هي وسيلة‬
‫إلكساب الطالب األسلوب والطريقة العلمية والمنطقية في التعامل مع المواضيع القانونية رغم تعددها‬
‫وتشعباتها المتنوعة‪ .‬وبلغة بسيطة تعليم الطالب كيف يفتش عن المعلومات‪ ،‬وكيف يعرضها‪ ،‬وكيف‬
‫يناقشها أو كيف يكتبها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬داللة علم المناهج‬

‫علم المناهج او ‪ La Méthodologie‬عبارة تتألف من شطرين االول) ‪ ( Methode‬اي‬


‫منهج أو طريقة والثاني ) ‪ ( Logie‬ويعني علم‪ ،‬اي بمعنى علم المناهج الذي يعتبر فرعا من فروع‬
‫المنطق‪ ،‬يبحث في مناهج العلوم المختلفة وفي الطرق واألدوات التي تستخدمها هذه العلوم للوصول‬
‫إلى نتائجها‪.‬‬

‫وقد استخدم مصطلح "‪ " Méthodologie‬أي "علم المناهج" ألول مرة على يد الفيلسوف‬
‫‪ Kant‬عندما قسم المنطق إلى قسمين مذهب المبادئ وموضوعه شروط المعرفة الصحيحة‪ ،‬وعلم‬
‫المناهج الذي يحدد الشكل العام لكل علم والطريقة التي تكون بها أي علم كان‪.‬‬

‫واذا كان الفضل يعود الوجست كونت مؤسس علم االجتماع في ادخال المنهج العلمي في‬
‫البحث االجتماعي‪ ،‬فتجدر االشارة الى ان االخذ بالمنهج العلمي قد توسع او تطور مع اميل دوركايم‪،‬‬
‫ويعد مؤلفه (قواعد المنهج في علم االجتماع) جامعا ألفكاره االساسية في علم االجتماع وللمناهج التي‬
‫ينبغي استخدامها في الدراسات االجتماعية‪.‬‬

‫علم المناهج اذن هو العلم الذي يبحث في أساليب البحث العلمي‪ ،‬والطرق العلمية التي يكتشفها‬
‫ويستخدمها العلماء والباحثون من أجل الوصول إلى الحقيقة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ويبحث علم المناهج في تاريخ المناهج وطرائق البحث العلمي من حيث األسباب التي أدت‬
‫إلى نشوء المناهج وطرق البحث العلمي‪ ،‬كما يبحث في الشروط المتعلقة بإمكانية استخدام هذه‬
‫المناهج والطرق في الحصول على نتائج علمية‪ ،‬كما يستعمل علم المناهج التحقق الفعلي من كفاية‬
‫المناهج والطرق في الحصول على مجمل األهداف المرجوة من البحث العلمي في واقعه االجتماعي‪.‬‬

‫والبحث القانوني هو أحد أشكال البحث العلمي ويعتمد العديد من منهجياته لذلك يمكن إخضاع‬
‫القواعد القانونية لنوع من منهجية التفكير العلمي‪ ،‬ويفترض في هذه الحال أن نلجأ إلى مناهج البحث‬
‫العلمي التي سنتحدث عنها في المبحث الثاني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تصنيفات مناهج البحث العلمي وإشكالية التعدد‬


‫ال يكاد علماء االجتماع يتفقون على تصنيف محدد لمناهج البحث العلمي (الفقرة االولى)‪ ،‬ال‬
‫سيما امام تعدد وتنوع هذه المناهج وامتدادا مجاالتها الى درجة انه يمكن ان نصادف في البحث‬
‫الواحد استخدام مجموعة من المناهج (الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة االولى‪ :‬تصنيف مناهج البحث العلمي‬

‫في الحقيقة هناك نوع من الفوضى في المناهج ‪ ،‬فهناك من يقسم المناهج إلى مناهج فلسفية‬
‫ومناهج تفسيرية‪ .‬وهناك من يقسمها إلى مناهج تأملية ومناهج شبه تأملية ومناهج علمية‪ .‬وهناك م‬
‫يضع تقسيما مختلفا فيستخدم المناهج االستنباطية والمناهج االستقرائية والمناهج التحليلية‪ ،‬وهناك من‬
‫يصنفها حسب األسلوب اإلجرائي ومناهج حسب أسلوب التفكير‪.‬‬

‫وتتحدد اهم التصنيفات المعتبرة في هذا المجال في االتي‪:‬‬

‫ـ تصنيف ويثني‬

‫ـ تصنيف ماركيز‬

‫ـ تصنيف جود وسكيتش‬

‫‪ 1‬ــ تصنيف ويثني‬

‫يصنف الباحث االمريكي ‪ Whitney‬ويثني مناهج البحث الى‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫المنهج الوصفي‪ :‬الذي يعتمد على تجميع الحقائق والمعلومات ثم مقارنتها وتحليلها وتفسيرها‬
‫للوصول الى تعميمات مقبولة‪ ،‬ومن اشكال هذا المنهج المسح ودراسة الحالة والبحث المكتبي‬
‫والوثائقي وغيرها‪.‬‬
‫المنهج التاريخي‪ :‬ويرتكز على اعتماد الوثائق ونقدها وتحديد الحقائق التاريخية ثم التركيب‬
‫بين تلك الحقائق وتفسيرها‪ ،‬والغرض منه فهم واستيعاب الماضي ثم محاولة فهم الحاضر‪.‬‬

‫المنهج التجريبي‪ :‬ويعتمد على المالحظة ثم الفرض ثم التجربة‪.‬‬

‫المنهج الفلسفي‪ :‬وتكمن اهميته في تحديد االهداف االساسية مما يعطي للبحث مستوى اعمق‬
‫واشمل لنتائجه‪.‬‬
‫المنهج التنبؤي‪ :‬ويهدف الى التنبؤ بالظواهر المتوقعة سواء عن طريق استخدام التاريخ او‬
‫التجربة او غيرهما‪.‬‬
‫المنهج االجتماعي‪ :‬ويهتم بدراسة المجتمع ونظمه المختلفة وغيرها من الظواهر االجتماعية‪.‬‬

‫المنهج اإلبداعي ويرمي الى التعرف على العوامل واألسباب المتصلة بعملية الخلق االبداعي‬
‫لإلنسان في االدب والفن والعلم‪.‬‬

‫اما ماركيز فيقسم المناهج الى ستة انواع هي‪:‬‬

‫المنهج االنثروبولوجي‪ :‬المعتمد على المالحظة المنهج‪ ،‬ثم المنهج الفلسفي‪ ،‬ومنهج دراسة‬
‫الحالة‪ ،‬والمنهج التاريخي والمسح ثم المنهج التجريبي‪.‬‬
‫و انبرى كل من جود وسكيتش الى تصنيف المناهج على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬المنهج التاريخي؛‬
‫‪ -‬المنهج الوصفي؛‬
‫‪ -‬منهج المسح الوصفي؛‬
‫‪ -‬المنهج التجريبي؛‬
‫‪ -‬منهج دراسة الحالة؛‬
‫‪ -‬منهج دراسة النمو والتطور والوراثة‪.‬‬

‫وهناك العديد من التصنيفات األخرى المتعددة ‪ .‬وبالنظر لصعوبة التطرق لمختلف مناهج‬
‫البحث العلمي فإننا ستتناول بالدراسة جملة من المناهج المتفق بشانها نظرية وتطبيقية خصوصا تلك‬
‫التي تعتبر اساسية في البحث القانوني‪ ،‬ولكن قبل ذلك نعالج مسالة تعدد مناهج البحث العلمي‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مسالة تعدد مناهج البحث العلمي‬
‫المسنا من خالل الفقرة السابقة ان ثمة مجموعة من التصنيفات لمناهج البحث العلمي تختلف‬
‫باختالف الباحثين وكل تصنيف يتناول الموضوع من زاوية مختلفة‪ ،‬غير ان التساؤل يبقى مطروحا‬
‫حول مسالة الفصل او عدم الفصل بين المناهج العلمية في حقل االبحاث والدراسات العلمية؟ او‬
‫بعبارة اخرى هل يتعين التقيد بمنهج محدد اثناء انجاز ابحاث او دراسات علمية متخصصة؟‬
‫ان توفر مجموعة من المبادئ والقواعد الخاصة بالمنهج العلمي ال يعني بالضرورة ان كل‬
‫العلوم ملزمة باألخذ بمنهج واحد‪ ،‬بل توجد وبحق عدة مناهج‪ ،‬وحتى بالنسبة للعلم الواحد والظاهرة‬
‫الواحدة قد نلجأ الى اكثر من منهج‪ ،‬فالمنهج ما هو إال اداة لتحقيق الموضوعية‪ ،‬والوصول الى‬
‫الحقيقة‪ ،‬وعلى الباحث ان ال يتقيد بمنهج محدد بل يوظف المنهج او المناهج االكثر مناسبة طبيعة‬
‫العلم الذي يعمل فيه‪ ،‬ولطبيعة الظاهرة التي يتعامل معها‪ ،‬مادامت كل المناهج تلتزم بأصول المنهج‬
‫العلمي بالمبادئ العامة وليس بالجزئيات‪.‬‬

‫والشائع هو استخدام الباحث ألكثر من منهج الن كل المناهج هي في الحقيقة تخدم بصورة‬
‫أو بأخرى البحث العلمي في كل مجاالت العلوم االنسانية ومنها القانونية‪.‬‬

‫واألكيد ان الحقل القانوني يستدعي تعدد المناهج في وهو ما يتطلب انفتاحه على مختلف‬
‫المناهج‪ .‬فال شك في ن العلوم القانونية لها عالقة وطيدة بمختلف العلوم‪ ،‬بحيث ان لها عالقة بعلم‬
‫التاريخ‪ ،‬حيث تستخدم المنهج التاريخي في بحوثها‪ ،‬وأيضا لها عالقة بالعلوم االقتصادية‪ ،‬من خالل‬
‫استخدامها للمنهج االحصائي‪.‬‬

‫واعتبا ار الى ان الظاهرة القانونية هي ظاهرة معقدة ومتشابكة‪ ،‬فهي تستدعي تعدد المناهج في‬
‫تفسيرها‪ ،‬مما يفرض على الباحث تنويع المناهج المستخدمة في دراسته‪ ،‬في إطار ما يسمى بالتكامل‬
‫المنهجي‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬دراسة ظاهرة زواج القاصرات تستوجب على الباحث توظيف مجموعة من‬
‫المناهج‪ ،‬منها المنهج التاريخي الذي يفيده في دراسة ماضي الظاهرة وحاضرها‪ ،‬وكذا المنهج المقارن‬
‫للوقوف على التحوالت التي عرفها المجتمع‪ ،‬وأيضا المنهج الوصفي‪ ،‬من أجل تحديد الظاهرة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعددية المنهجية وأسبابها‬
‫على مر التاريخ‪ ،‬ومنذ العهد االغريقي والى اآلن‪ ،‬فإن الهدف من البحث االجتماعي هو‬
‫الوصول إلى المعرفة الحقيقية بشأن الظاهرة االجتماعية المدروسة‪.‬‬

‫ومن أهم السمات المميزة للبحوث االجتماعية ومنها القانونية تعددية المنهجية‪ ،‬وهذا ما يدخل‬
‫في إطار التكامل المنهجي‪ .‬وهذا راجع باألساس إلى مجموعة من العوامل منها‪:‬‬

‫ـ التداخل الموجود بين الذات الدارسة والموضوع المدروس في مجال العلوم اإلنسانية بصفة‬
‫عامة والعلوم القانونية بصفة خاصة‪.‬‬

‫ـ اختالف المناهج من عصر إلى آخر‪ ،‬فالمنهج المعمول به في العهد اليوناني ليس هو‬
‫المنهج المعمول به في العصور الوسطى‪ ،‬وليس هو المنهج المعمول به في العصر الحديث‪ .‬بمعنى‬
‫أن المناهج تتغير بحسب تغير العصور‪.‬‬

‫ـ انفتاح العلوم القانونية على مختلف المناهج‪ ،‬بمعنى لها عالقة وطيدة بمختلف العلوم‪ ،‬فلها‬
‫عالقة بعلم التاريخ‪ ،‬حيث تستخدم المنهج التاريخي في بحوثها‪ ،‬وأيضا لها عالقة بالعلوم االقتصادية‪،‬‬
‫من خالل استخدامها للمنهج االحصائي‪.‬‬

‫اضافة الى كل ذلك‪ ،‬فالظاهرة القانونية ظاهرة معقدة ومتشابكة‪ ،‬تستدعي تعدد المناهج في‬
‫تفسيرها‪ ،‬مما يفرض على الباحث تنويع المناهج المستخدمة في دراسته‪ ،‬في إطار ما يسمى بالتكامل‬
‫المنهجي‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬دراسة ظاهرة زواج القاصرات تستوجب على الباحث توظيف مجموعة‬
‫من المناهج‪ ،‬منها المنهج التاريخي الذي يفيده في دراسة ماضي الظاهرة وحاضرها‪ ،‬وكذا المنهج‬
‫المقارن للوقوف على التحوالت التي عرفها المجتمع‪ ،‬وأيضا المنهج الوصفي‪ ،‬من أجل تحديد الظاهرة‪.‬‬

‫‪8‬‬

You might also like