Professional Documents
Culture Documents
Mon Adham at
Mon Adham at
كليــــة القانـــون
0
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
فلو عدنا إلى الحقبة الزمنية التي سبقت القرن الرابع عشر لوجدنا أن المجتمعات كانت صغيرة منغلقة
تعيش حالة من االكتفاء الذاتي وكان هذا منطقيا في ظل تباعد المسافات بين تلك المجتمعات مع قلة وسائل
االتصال بل وحتي انعدامها في بعض األحيان ،ولذلك لم يكن من المتصور قيام احتكاك أو اتصال ولو بشكل
بسيط بين تلك الجماعات ومن ثم ال يمكن الكالم عن عالقات بين تلك الجماعات ،غير أن تطور تلك الجماعات
من خالل -1( :ازدياد عدد نفوسها واستقرارها -2 ...دخول التنظيم السياسي على حياتها -3...وجود وسائل
وأساليب االتصال واالنتقال وتطورها) أدى إلى تقاربها ومن ثم احتكاكها ،أما بصورة التناقض والصراع أو
بصورة التعاون.
ان شكل االحتكاك األول كان بصورة الصراع ،اذ احتاجت المجتمعات البدائية إلى التوسع واالنتشار
ولجأت إلى صيغة العنف والحروب الطاحنة أما دفاعا عن النفس أو لتحقيق مصالح مادية عبر الغزو .ومثلت
هذه الوقائع الصورة األساسية لنمط العالقات الدولية التي تطلبت إيجاد نوع من المعالجات لتنظيم تلك األمور
كالهدنة وانهاء القتال وتبادل األسرى ودفع الفديات والتعويضات والصلح....
ومن الجانب الثاني ،دفعت الصراعات والحروب بالعالقات الدولية باتجاه صورة أخرى هي صورة التعاون
بينها والمتمثلة باالتفاقيات والتحالفات لتحقيق القوة المادية الالزمة للحصول على المكاسب عن طريق الهجوم
أو الدفاع عن النفس من أجل البقاء واالستمرار.
وشكلت هاتان الحالتان (أي التناحر والتعاون) نوعا من العالقات البدائية التي لم ترتق إلى مستوى
العالقات السائدة اآلن بين الدول .لكنها مثلت البداية ،إذ أن وجود هذه العالقات انما يقتضي بالضرورة وجود
تنظيم لها يتالءم معها ،ذلك ألن حاالت الحرب والسلم والهدنة واالحالف واالتفاقيات تتطلب إطارا معينا تحل
في نطاقه تلك الحاالت ،غير أن ذلك ال يعني حتما وجود منظمات تقوم بهذا الدور ،ألن المنظمات هي صورة
من صور التنظيم الدولي ووسيلة من وسائله وليست هي التنظيم ذاته.
واستمر الحال على ذلك حتى القرن الرابع عشر ،إذ بدأت الدعوات بالتصاعد إليجاد منظمات دولية تتسم
بصفة الثبات واالستقرار لتنظيم العالقات بين الدول ،وتم فيما بعد طرح العديد من المشاريع لذلك ومنها على
سبيل المثال -:
-1مشروع الوزير الفرنسي (سلي) سنة 1603م إلنشاء جمهورية مسيحية كبرى تضم شعوب أوربا
جميعها.
-2معاهدة صلح وستفاليا ) (Westphaliaفي عام 1648وهي من أهم المعاهدات آنذاك في تنظيم
العالقات بين الدول ،إذ تمخض عنها جملة قرارات منها-:
أ -انهاء الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت والمساواة بينهم وإتاحة الحرية الدينية.
ب -التأكيد على سيادة الدولة على إقليمها وعدم االعتراف بالسيادة الدينية.
1
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
-1الحاجات اإلنسانية إلى االستقرار واالمان وذلك لكثرة الكوارث التي أصابت تلك المجتمعات نتيجة
الحروب واالقتتال ،في حين لم تكن التحالفات أو الصلح أو االتفاقيات لتمنع وقوع الحرب والقتال بل
هي تحاول اصالح اضرارها فضال عن كونها حلوال وقتية غير ملزمة ال تضمن بقاء حالة األمن
والسلم.
-2معرفة المجتمعات اإلنسانية بأنواع من المعاهدات التضامنية والتحالفات التي فتحت الطريق إليجاد نوع
من المؤسسات التي تحقق االستقرار لتلك الدول.
-3األديان السماوية والدور الذي مارسته من خالل إيجاد األرضية للتقارب بين معتنقيها والتي تقوم على
مبادئ التعاون والسالم واالحتكام للعقل والمنطق .فعلى الرغم من استغالل رجال الكنيسة الديانة
المسيحية لغير إيجاد روابط المحبة والخير ،ولحساب مصالحهم ،إال أن المسيحية بحد ذاتها أوجدت
سببا لقيام تكتالت تقوم في إطارها وهو ما تطور إلى منظمات في فترات الحقة.
أما اإلسالم فقد كان عامال أساسيا في تجسيد روابط مبنية على أساس مبادئ إنسانية كالتعاون والمحبة
والصدق والوفاء بالعهد والعدالة....قال تبارك وتعالى في كتابه الكريم" :يا أيها الناس إنا خلقناكم من
ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند هللا أتقاكم".
ٍ
إن هذه العوامل وغيرها هي التي رسخت الدعوة لقيام منظمات دولية ،ولكن ما تم طرحه حتى القرن
التاسع عشر كان مجرد مشاريع ،إذ بدأت الدول األوربية بعد الحرب النابليونية تضع فكرة إيجاد منظمات
دولية موضع التنفيذ ،وذلك عن طريق المؤتمرات .فشهدت أوربا بشكل خاص عقد مؤتمرات خالل الفترة
الممتدة منذ انهيار فرنسا ونفي نابليون خارج أوربا ....وحتى الحرب العالمية األولى ومنها على سبيل المثال
مؤتمر فينا عام 1815للدول المنتصرة على نابليون (بريطانيا ،بروسيا ،روسيا ،النمسا) ثم تعددت
المؤتمرات بعد ذلك في الدول األوربية ومنها مؤتمر ( :برلين ، 1878الهاي 1899و ، 1907لندن
.)1913-1912
وعلى الرغم من أهمية هذه المؤتمرات إال أنها لم تكن كافية لتحقيق األمن والسلم والتعاون الدولي وذلك
ألسباب منها-:
-1انها تعقد لتحقيق غايات محدودة ،فهي وقتية لمعالجة حاالت آنية وتنتهي بمجرد بلوغ الغرض منها أو
استحالة تنفيذه.
-2غالبا ما يكون انعقادها بعد وقوع الحدث ،ومن ثم فحلولها عالجية وليست وقائية وبخاصة في حالة
الحرب.
-3ال ينبثق عنها أجهزة لمتابعة تنفيذ قراراتها ،لذلك يبقى الكثير من هذه القرارات حبرا على ورق.
عزز قصور نظام المؤتمرات الدولية من فكرة إنشاء المنظمات الدولية الثابتة والمستقرة ،لكن فكرة التنظيم
الدولي السائدة في القرن التاسع عشر هيمن عليها الطابع اإلقليمي العنصري ،لذلك ظهرت تلك المنظمات على
أساسين هما -:
2
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
أوال -:منظمات إقليمية تقتصر العضوية فيها على الدول األوربية فقط استنادا إلى المؤتمرات المشار إليها سابقا
،باإلضافة إلى قارة أمريكا التي نظمها مؤتمر بنما عام .1826
ثانيا -:منظمات متخصصة غالبا ما يقتصر نشاطها على القضايا الفنية وليس السياسية وذلك بسبب تمسك الدول
بمبدأ السيادة المطلقة ورفضها أن تعرض قضاياها السياسية على منظمات دولية.
-1منظمات التحكيم الدولية نتيجة لكثرة المنازعات ،وأول معاهدة وضعت أسس التحكيم هي اتفاقيتي
الهاي التي ظهرت على أثرها محكمة التحكيم الدولية الدائمة عام .1900
-2اللجان المنظمة لألنهار الدولية وتتركز مهماتها على تنظيم المالحة في بعض األنهار الدولية مثل لجنة
الدانوب عام 1856بعد حرب القرم.
-3اللجان اإلدارية وكانت تهدف إلى تحسين مجاالت االتصاالت والتطورات العلمية مثل اتحاد البريد
العالمي عام .1878
واستمر واقع المنظمات على هذا المنوال حتى القرن العشرين ،إذ ظهرت منظمات عالمية العضوية (ليست
إقليمية) وعامة األهداف (غير متخصصة بجانب واحد) ،ففي أعقاب الحرب العالمية األولى تم إنشاء عصبة
األمم ثم ظهور األمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
واستنادا لما تقدم يمكن القول أن ظهور المنظمات الدولية وتطورها يعود إلى عاملين أساسيين هما-:
-1حاالت الصراع والحروب التي عاشتها أوربا وعجز سياسة المؤتمرات واالحالف وقصورها في
تحقيق األمن والسلم الدوليين.
-2التطورات العلمية والتكنولوجية وبخاصة في الميدان االقتصادي وما لعبته من دور في التقارب بين
القارات.
تكمن أهمية المنظمات الدولية في وقتنا الراهن في الدور الذي تمارسه في العالقات الدولية وذلك من
خالل-:
-1انها المكان الذي تلتقي فيه الدول لمناقشة األمور التي تهمها على أساس رابطة العضوية.
-2االسهام في حل المشاكل الدولية في المجاالت المختلفة وبخاصة منها التي تهدد األمن والسلم الدوليين.
-3انها أداة من أدوات تقنين قواعد القانون الدولي وتطويرها من خالل ما تضعه من معاهدات واتفاقيات
تشكل مصدرا من مصادر القانون الدولي العام.
واستُخدِم مصطلح "المنظمة الدولية" للمرة األولى عام 1927من قبل المحكمة الدائمة للعدل الدولي في
رأيها االستشاري المتعلق بقضية اللجنة األوربية للدانوب.
3
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
وذهب الكتّاب والباحثون في اتجاهات متعددة لتعريف المنظمة الدولية حسب وجهة نظر كل واحد منهم.
لكن أغلب هذه التعاريف كان قاصرا من خالل التركيز على جانب واحد دون الجوانب األخرى.
فهناك من ركز على الهدف أو الغاية للمنظمات الدولية ،ومن ثم فإنه أغفل الجانب الشكلي في تكوين هذه
المنظمات ،كما في تعريف هوفمان " :جميع أشكال التعاون بين الدول التي تريد أن تجعل من تعاونها نوعا من
النظام يسود في الوسط الدولي ،على أن تكون أشكال التعاون هذه قد نشأت بإرادتها ،وتعمل في وسط تكون
فيه الدول أشخاصا قانونية مستقلة".
عرف المنظمة الدولية بصفتها القانونية بوصفها شخصا من أشخاص القانون الدولي العام ،إذ
وهناك من ّ
عرفها الدكتور مفيد شهاب بأنها " :شخص معنوي من أشخاص القانون الدولي العام ينشأ من إرادات مجموعة ّ
من الدول لرعاية مصالح مشتركة دائمة بينها ،ويتمتع بإرادة ذاتية في المجتمع الدولي وفي مواجهة الدول
األعضاء".
وعرفها الدكتور محمد طلعت الغنيمي بأنها " :مؤتمر دولي األصل فيه أن يكون على مستوى الحكومات ّ
مزودا بأجهزة لها صفة الدوام وممكنة التعبير عن إرادته الذاتية" .وهذا التعريف تنقصه الدقة ألنه جعل
المنظمة الدولية مؤتمرا دوليا ،في حين تم التطرق سابقا (في إطار السياق التاريخي) إلى أن المنظمة تختلف
عن المؤتمر في نواح متعددة.
وعرفها الدكتور عبد العزيز سرحان بأنها " :وحدة قانونية ت ُن ِشئها الدول لتحقيق غاية معينة وتكون لها
إرادة مستقلة يتم التعبير عنها عبر أجهزة خاصة بالمنظمة ودائمة" .وهنا يالحظ أن األستاذ سرحان استخدم
مصطلح الوحدة القانونية الذي يحتاج إلى تفسير لما يراد به ،بخاصة وإنه أشار في التعريف إلى أن هذه
الوحدة لها إرادة تعبّر عنها بأجهزة.
في حين وضع الدكتور بطرس بطرس غالي تعريفا للمنظمة الدولية يختلف عن التعريفات السابقة ،إذ
وصفها بأنها هيئة دائمة ،كما أنه أسهب في التعريف ليدخل في الغاية والنتائج ،إذ جاء في تعريف المنظمة
بأنها " :هيئة دائمة تشترك فيها مجموعة من الدول رغبة منها للسعي في تنمية بعض مصالحها المشتركة ببذل
مجهود تعاوني تتعهد بسببه أن تخضع لبعض القواعد القانونية لتحقيق هذه المصالح".
وذهب الدكتور عبد هللا العريان إلى منحى مشابه ،إذ عرفها بأنها " :هيئة من الدول ،تأسست بمعاهدة ،
وتمتلك دستورا وأجهزة عامة ولها شخصية قانونية متميزة عن شخصية الدول األعضاء".
من خالل ما تقدم يبدو جليا أن للمنظمة الدولية جانبين أساسيين ال يمكن إغفال أحدهما-:
الجانب الشكلي :والمتمثل في وجود هيئة دائمة هي التي تتمتع باإلرادة الذاتية والشخصية القانونية ،وتقوم هذه
سد المظهر المادي للمنظمة الدولية ،أي بمثابة الجسد لإلنسان أوالهيئة باتفاق الدول األعضاء ،وعليه فإنها تج ّ
الكائن الحي.
الجانب الغائـي أو الوظيفي :والمتمثل في األهداف المشتركة التي تسعى المنظمة إلى تحقيقها والتي تهم الدول
األعضاء فيها.
ومن ثم فإن اقتصار المنظمة الدولية على الجانب الشكلي ال يمكن أن يعطيها الحياة والحركة ما لم يستكمل
سد الروح التي يجب أن تتوافر للجسد كي يكون حيا.بالجانب الوظيفي الذي يج ّ
4
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
{شخص قانوني اعتباري ينشأ بإرادة الدول واتفاقها لتحقيق أهداف مشتركة}
وانطالقا من ذلك يمكن تمييز المنظمة الدولية عن كل من النظم الدولية والتنظيم الدولي والمؤسسات الدولية
على النحو اآلتي-:
ويمكن تحديد أبرز نقاط االختالف بين المنظمة الدولية والمؤسسة بما يأتي-:
المؤسسة الدولية هي أداة للتنفيذ المادي ،تعتمد على أركانها الذاتية لتحقيق عمل محدد هو إدارة -1
المرفق الدولي ،فهي مرفق متحرر من هيمنة الحكومات والكلمة األخيرة ألجهزة المرفق ال للدول
األعضاء ،ألن المستفيدين من نشاطه هم األشخاص الذين تقدم لهم الفوائد والتسهيالت التي يقوم بها
المرفق العام.
للمؤسسة وسائلها الخاصة التي تضمن استمراريتها وفقا لدستورها ،وان اجهزتها ال تتألف من ممثلين -2
ومندوبين يمثلون الدول فحسب ،وانما لهم استقاللهم الذاتي.
للمؤسسة العامة الدولية مواردها المالية المستقلة عن الدول األعضاء ،كما أنها هي التي تقرر كيفية -3
اإلفادة من الخدمات التي تقدمها .بالعكس من المنظمات الدولية التي تعتمد في ميزانيتها بشكل أساسي
على حصص الدول األعضاء فيها.
تخضع المؤسسات العامة لقانون دولة المقر وبذلك تختلف عن المنظمة الدولية التي تتمتع بحصانات -4
وامتيازات تجاه دولة المقر.
5
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
أوال :الصفة الدولية :المنظمة الدولية عبارة عن هيئة تنشأ باتفاق دول ،وهذا يعني أن العضوية فيها تقتصر
على الدول (كاملة السيادة) فقط ،ومن ثم فال يجوز أن تضم األفراد أو الشركات الخاصة أو هيئات الصليب
األحمر أو الهالل األحمر .ومن هنا أطلق عليها البعض تسمية المنظمات الحكومية لتمييزها عن المنظمات غير
الحكومية التي تقوم بين أفراد أو هيئات من دول مختلفة بقصد التعاون في المجاالت كافة .ومن أمثلتها منظمة
الصليب األحمر الدولية ،واالتحاد البرلماني الدولي واالتحاد النسائي العالمي...الخ.
وعلى الرغم من الفرق بين النوعين من المنظمات (الحكومية وغير الحكومية) ،إال ان ذلك ال يمنع من
وجود تعاون بينها ،ومن أمثلة ذلك ما جاء في قرار في عهد عصبة األمم (م )25حول التعاون مع منظمات
الصليب األحمر الدولية ،وما ورد في ميثاق األمم المتحدة (م )71حول امكانية تشاور المجلس االقتصادي
واالجتماعي (التابع لألمم المتحدة) مع الهيئات غير الحكومية ذات االختصاص المشترك.
وإذا كان شرط أن تكون العضوية مقتصرة على الدول كاملة السيادة ،إال أننا نالحظ وجود بعض
االستثناءات على ذلك ومنها-:
الدول التي تتواجد على أراضيها قوات أجنبية وإن كان ذلك يشكل احتالال وانتقاصا لسيادتها ،وتعليل -1
ذلك هو وجود حكومة وطنية تطلب ذلك االنضمام.
هناك بعض المنظمات المتخصصة مثل( :اتحاد البريد العالمي) تمنح بعض األقاليم المسماة أقاليم ما -2
وراء البحار حق العضوية فيها ،وذلك المتداد نشاط هذه المنظمات ليشمل تلك األقاليم.
هناك بعض المنظمات الدولية تقبل في عضويتها بعض المناطق التي ال تحظى بصفة دولة ألسباب -3
سياسية ،مثل المنظمة األوربية للتعاون االقتصادي التي قبلت في عضويتها إقليم الترست للسنوات
1954-1947والذي كان محل نزاع بين (يوغسالفيا) وايطاليا.
تقبل بعض المنظمات المتخصصة حق التمثيل فيها ألشخاص طبيعيين مثل محكمة العدل الدولية (وهي -4
الجهاز القضائي لألمم المتحدة) التي تختار أعضاء لها من األشخاص ذوي الصفات الخلقية العالية
والمؤهلين للمناصب القضائية الرفيعة.
تقبل بعض المنظمات مندوبين يمثلون جهات غير حكومية في الدولة مثل منظمة العمل الدولية التي -5
يكون التمثيل فيها ثالثي يشمل ممثلين عن الحكومة وأرباب العمل والعمال.
ثانيا :الصفة الرضائية :تقوم المنظمة الدولية على أساس رضا الدول باالنضمام إليها ،انسجاما مع المذهب
اإلرادي الذي يتجسد في التزامها بقواعد القانون الدولي ويتفق مع مبدأ سيادة الدول ومساواتها .وعليه يجب أن
تكون الدول المنتمية للمنظمة راضية بااللتزامات التي تقررها تلك المنظمة وأن تعلن رغبتها واستعدادها
لاللتزام بميثاق المنظمة الدولية.
وهنا البد من اإلشارة إال أنه ال يمكن تصور إجبار دولة ما على االنتماء إلى المنظمة الدولية ،فالعضوية
في هذه المنظمات اختيارية ،على الرغم من وجود حاالت تلتزم بمقتضاها الدول طوعا ببعض المبادئ التي
تقررها المنظمة الدولية حتى وإن لم تكن عضوة فيها.
6
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
ان نطاق مبدأ الرضائية يقتصر على العضوية من حيث االنضمام أو االنسحاب ،وال يشمل ما يصدر عن
المنظمة من قرارات والتي تخضع ألحكام التصويت وقاعدة األغلبية.
أن يكون للمنظمة ميثاق (دستور أو عهد أو غير ذلك) يصدر نتيجة اتفاق الدول األعضاء المؤسسة ، -1
وهذا الميثاق يحدد عمل المنظمة وطرق االنتساب إليها وشروط العضوية والصالحيات واألجهزة.
ان األعضاء متساوون من حيث التمثيل والتصويت بغض النظر عن قوة الدولة وعدد سكانها -2
ومساحتها ومواردها.
يكون للمنظمة مجلس أو جهاز رئيس (هيئة عامة ،مجلس ،مؤتمر) يمثل فيه األعضاء كافة بالتساوي -3
في عدد الممثلين والصالحيات والتصويت ويأخذ على عاتقه رسم سياسة المنظمة.
تساهم الدول األعضاء جميعها بميزانية المنظمة الدولية. -4
ال تكون سلطة المنظمة فوق سلطة الدول األعضاء ،ألن الدول هي التي أنشأت المنظمة بموجب -5
ممارستها للحقوق السيادية والتي ال تسمح بوجود سلطة أعلى من سلطة الدول األعضاء.
ثالثا :اإلرادة الذاتية :تمتلك المنظمة الدولية إرادتها الخاصة بها والمتميزة عن إرادة الدول األعضاء فيها ،
وذلك بمجرد قيامها ،وهذه نتيجة منطقية العتبار المنظمة شخصية معنوية قانونية .وهو ما يعني وجود اإلرادة
المستقلة لهذه الشخصية .على العكس من المؤتمر الدولي الذي ال يحظى بمثل هذه اإلرادة وتعبّر قرارته عن
مجموعة إرادات الدول المشاركة فيه.
وهناك رأي لبعض الكتاب ينكر فيه وجود اإلرادة المستقلة للمنظمة ،ويقول انها عبارة عن إرادات الدول
األعضاء فيها جميعها ،ويعطي دليال على ذلك بصدور القرارات باإلجماع ،في حين أن هذا البعض من
الكتاب يؤكد وجود اإلرادة المستقلة للمنظمة في حالة صدور القرارات باألغلبية.
-1تنصرف إرادة الدول إلى مجرد واقعة التصويت على تكوين المنظمة ،بينما تمتد إرادة المنظمة بعد
تكوينها إلى عمل معين.
-2في أية منظمة هناك قرارات باإلجماع وأخرى باألغلبية ،ولذلك ليس من المنطقي االعتراف باإلرادة
المستقلة للمنظمة في حالة األغلبية وانكارها في حالة اإلجماع.
إذن يمكن القول أن المنظمة الدولية لها إرادتها الذاتية الخاصة بها والمستقلة عن إرادة الدول األعضاء ،األمر
الذي تترتب عليه النتائج اآلتية-:
ت ُنسب األعمال الصادرة عن المنظمة جميعها إلى هذه المنظمة وال تنصرف إلى الدول األعضاء فيها. -1
تتحمل المنظمة مسؤولية ما يصدر عنها من تصرفات على وجه االستقالل وال تتحمل الدول األعضاء -2
مسؤولية ذلك.
يمكن للمنظمة أن تحتج باستقالل إرادتها تجاه الدول األعضاء والهيئات والمنظمات األخرى جميعها. -3
يكون القرار الصادر باألغلبية ملزم للدول األعضاء كلها بما في ذلك الدول التي لم تصوت إلى جانب -4
القرار.
تجري المنظمة ما تشاء من التصرفات القانونية في حدود ميثاقها ،كعقد المعاهدات واالتفاقيات ، -5
بغض النظر عن موافقة الدول األعضاء
7
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
-6تكون لها شخصيتها القانونية وذمتها المالية المستقلة ،فلها حقوقها وعليها التزاماتها بحدود الميثاق.
وأخيرا ال بد من التنويه ان إرادة المنظمة الدولية هي إرادة اختصاصية أو وظيفية يحكمها ميثاق المنظمة ،
وإذا خرجت عن حدود الميثاق خالفت الشرعية ،بينما تتمتع الدول بإرادة مطلقة.
رابعا :مبدأ االستمرارية :تعبّر المنظمة الدولية عن إرادة لتحقيق أهداف مشتركة بين الدول األعضاء ،لعل
في مقدمتها تحقيق األمن والسلم الدوليين .وبما أن هذه األهداف دائمة ومستمرة فإن األداة (المنظمة) التي
تستخدم لتحقيقها يجب أن تكون دائمة أيضا .وتمت اإلشارة سابقا أن صيغة المؤتمرات الدولية لم تكن كافية
لتحقيق األهداف لكونها صيغة مؤقتة.
وليس المقصود من دوام المنظمة أن تعمل أجهزتها كل الوقت من أجل تحقيق أهدافها .بل يكفي أن يكون
لها كيان خاص دائم ومستقر ،بحيث يم ّكنها من ممارسة نشاطها في أي وقت تراه مناسبا.
-1االتجاه التقليدي -:ويرى أن شخص القانون الدولي العام الوحيد هو الدول ،ومن أصحاب هذا الرأي
عرف القانون الدولي العام بأنه" -:مجموعة القواعد التي تحدد حقوق الفقيه الفرنسي (فوشي) ،الذي ّ
الدول وواجباتها في عالقاتها المتبادلة" .ومن ثم فإن المنظمة الدولية وفقا لهذا المذهب ليس شخصا من
أشخاص القانون الدولي .وهذا الرأي فيه نوع من التطرف في ظل اتساع نطاق القانون الدولي وقيام
المنظمات الدولية وازدياد أهميتها.
-2االتجاه الموضوعي -:وذهب باتجاه متطرف آخر ،إذ يرى أصحاب هذا المذهب ،أن الفرد اإلنسان هو
شخص القانون على الصعيدين الوطني والدولي ،لذلك أنكر على المنظمات وحتى الدول صفة الشخص
القانوني من منطلق أن الشخصية المعنوية هي مجرد افتراض ال وجود له هذا من ناحية ،ومن ناحية
أخرى أن القانون الذي يتضمن الحقوق وااللتزامات يتوجه إلى من يدرك هذه الحقوق وااللتزامات
األمر الذي ينطبق فقط على الشخص الطبيعي الذي يملك العقل واالدراك .ووفق هذا الرأي أيضا ال تعد
المنظمات الدولية من أشخاص القانون الدولي .ويالحظ على هذا المذهب التطرف وعدم الدقة أيضا،
وذلك ألن اإلنسان ال يستطيع أن يمارس الحقوق وااللتزامات التي يقررها القانون الدولي بصورة
مباشرة وانما عن طريق دولته .ومن جهة أخرى فإن انكار الشخصية المعنوية فيه الكثير من المبالغة
ألن مثل هذه الشخصية قد تأكدت وانها تؤدي وظائف وتفسر ظواهر قانونية.
-3االتجاه الثالث -:وهو المذهب الذي يوسع من أشخاص القانون الدولي ليشمل الدولة والمنظمات الدولية
وحتى األفراد ،ونعتقد أن هذا هو االتجاه األصلح واألقرب للتطور القانوني واتساع نطاقه.
والجدير بالذكر هنا أن أول من نادى بضرورة االعتراف للمنظمات بالشخصية القانونية الدولية هو الكاتب
"بروسبيرو فيدوزي" عام 1897عندما قال بتمتع االتحادات اإلدارية الدولية بهذه الصفة .وكان رأي محكمة
العدل الدولية االستشاري الذي أصدرته عام 1949في مسألة قتل "الكونت برنادوت" وسيط األمم المتحدة في
فلسطين المحتلة قد أكد وبشكل قاطع تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية .ويبدو أن هذا الرأي
8
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
كان هو األساس الذي تم االستناد إليه إلعطاء المنظمات الدولية جميعها الشخصية القانونية الدولية ،وأيضا هو
الرأي الغالب في الفقه الدولي.
ان االعتراف للمنظمة الدولية بالشخصية القانونية الدولية ال يعني أن هذه الشخصية مطلقة مثل ما تتمتع به
الدول ،بل هي شخصية من طبيعة خاصة محددة بإطار قدرتها على أداء المهام الملقاة على عاتقها والمثبتة في
ميثاقها ،ذلك ألن الشخصية القانونية المقررة لها هي التي تمكنها من ذلك .ومن ثم فال مجال لزيادتها عن القدر
المالئم ألداء تلك الوظائف ،وعليه فهي أذن شخصية قانونية ووظيفية ،وهو ما ذهبت إليه محكمة العدل
الدولية ،إذ ميّزت بين الشخصية القانونية الدولية لكل من المنظمة الدولية والدولة ،وأكدت أن االعتراف
للمنظمة الدولية بهذه الشخصية ال يعني اطالقا اعتبارها بمثابة الدولة فيما لها من حقوق والتزامات ،وانما
يشير إلى إمكانية اكتسابها الحقوق وتح ّملها االلتزامات وبالقدر الالزم لممارسة وظائفها وعلى النحو الذي
استهدفته الدول من انشائها.
بما أن المنظمة الدولية تتمتع بالشخصية القانونية الدولية الوظيفية ،كما تقدّم ذكره ،فإنها تكون أهال
الكتساب الحقوق وتح ّمل المسؤولية وفي إطار الميثاق المنشأ لتلك المنظمة ،وتتمثل حقوق المنظمة الدولية
ومسؤوليتها على النحو اآلتي-:
على الرغم من تسليمنا بتمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية الدولية الوظيفية ،فإن ذلك ال يعني أن
لهذه المنظمة الحقوق جميعها التي يحظى بها أشخاص القانون الدولي ،فالمنظمة الدولية تمارس حقوقها في
مجالين أساسيين هما-:
-1مجال العالقات بينها وبين األشخاص الدولية األخرى وفقا لقواعد القانون الدولي العام.
-2مجال العالقات بينها وبين الدول وفقا لميثاق المنظمة ذاتها.
9
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
ب -ممارسة الحماية الدبلوماسية لموظفيها والعاملين بها ،أي حق تحريك دعوى المسؤولية للمطالبة
بالتعويض عما قد يصيب المنظمة أو أحد العاملين فيها من الضرر ،وهذا هو رأي محكمة العدل
الدولية عام 1949بصدد مقتل وسيط األمم المتحدة في فلسطين المحتلة الكونت برنادوت.
جـ -حق التقاضي وفقا لقواعد القانون الدولي العام ،وذلك في حدود االختصاصات الممنوحة لها والتي
تمكنها من القيام بمهامها .فلها حق التقاضي أمام محاكم التحكيم والمحاكم الدولية ،في حين ال يحق لها أن
تكون طرفا مدعيا أو مدعى عليه أمام محكمة العدل الدولية ،وانما يجوز لها أن تطلب رأيا استشاريا.
تستمد المنظمة حقوقا أيضا من ميثاقها مباشرة في مواجهة الدول األعضاء وغير األعضاء فيها إذا ما
اعترفت تلك الدول لها بذلك أو رغبت بالتعامل معها .وهذا ما أشارت إليه المادة األولى من اتفاقية مزايا
وحصانات األمم المتحدة (سنة )1946إذ نصت على " :تتمتع هيئة األمم المتحدة بشخصية قانونية ،فلها:
جـ -التقاضي ". ب -شراء العقارات واألموال المنقولة وبيعها أ -حق التعاقد
أ -حق التملك :فلها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الدول األعضاء ،وبذلك تستطيع أن تمتلك األموال الثابتة
والمنقولة وأن تتصرف فيها بالبيع والشراء واإليجار والهبة ....بما ال يتعارض مع ميثاقها ،ولها
إصدار وبيع النشرات والمطبوعات واألفالم لكل أنشطتها.
ب -حق التعاقد لتسيير أمورها اليومية :سواء أكان هذا التعاقد على سلع أم خدمات ألداء وظائفها.
جـ -حق التقاضي :فلها أن تكون مدعية أو مدعى عليها أمام المحاكم الوطنية بشخصيتها الخاصة ،سواء
أكان في دولة عضوة أم غير عضوة.
يمكن أن تقوم هذه المسؤولية نتيجة إلخالل المنظمة بالتزام عقدي مما يوجب مسؤوليتها العقدية ،واما
أن تقوم هذه المسؤولية نتيجة إلخاللها بالتزام قانوني مما يوجب مسؤوليتها التقصيرية في ثالثة مجاالت ،
هي -:
في هذه الحالة يكون اإلخالل بااللتزام العقدي أو القانوني الذي يوجب المسؤولية العقدية أو التقصيرية ،في
مواجهة شخص من أشخاص القانون الدولي العام (دولة أو منظمة دولية أخرى) ،فقد تخل المنظمة الدولية بعقد
أو اتفاق مع دولة أو منظمة أخرى ،وقد يصدر منها تصرفا يصيب أحدهما بضرر معين .فتقوم مسؤولية
المنظمة شأنها في ذلك شأن مسؤولية الدولة العقدية أو التقصيرية ،اال أنه يجب التنويه إلى أن الفقه ذهب
باتجاهات مختلفة في تقرير مسؤولية المنظمة الدولية أو مسؤولية الدول األعضاء فيها وعلى النحو اآلتي-:
10
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
أ -االتجاه األول -:يرى أن المنظمة إذا تصرفت تصرفا يوجب مسؤوليتها فإن الدول األعضاء هي التي
تتحمل المسؤولية فقط وبصورة مباشرة ،ألن الدول هي التي أنشأت تلك المنظمة أي انها أوجدت
السبب الذي أحدث الضرر .ومن ثم تكون المسؤولية تضامنية للدول األعضاء بالنسبة ألعمال المنظمة.
ولكن ما يؤخذ على هذا االتجاه انه ينكر الشخصية القانونية للمنظمة الدولية وهذا غير مقبول.
ب -االتجاه الثاني -:يرى أن المنظمة الدولية وحدها تملك حق التصرف تجاه الدول أو المنظمات الدولية
األخرى ،ومن يملك حق التصرف يتحمل عبء المسؤولية .وهكذا تتحمل المنظمة بما تملكه من إرادة
ذاتية بموجب ميثاقها المسؤولية عن أعمالها ،لوجود العالقة بين الشخصية القانونية والمقدرة على
تح ّمل المسؤولية.
جـ -االتجاه الثالث -:يرى أن المنظمة تكون هي المسؤولة عن تصرفاتها لكن من الممكن أن تتحمل الدول
األعضاء هذه المسؤولية بصفة احتياطية "كضامنين" للمنظمة طالما انها هي التي أنشأت المنظمة وان لها
على المنظمة سلطة التوجيه والرقابة .ويستند هذا الرأي إلى ما يشير إليه ميثاق الجماعة االقتصادية
االوربية من أن االتفاقات التي تبرمها تلزمها هي والدول األعضاء .ولكن هذا المذهب ال يمكن تعميمه
للسبب نفسه الذي تم الرد به على المذهب األول.
وبناء على ما تقدم يمكن القول أن المنظمة الدولية هي التي تتحمل المسؤولية الدولية التعاقدية أو التقصيرية
تجاه الدول األعضاء وغير األعضاء والمنظمات والهيئات الدولية األخرى بموجب قواعد القانون الدولي
للمسؤولية ،إال إذا وجد نص بخالف ذلك في ميثاق المنظمة الدولية.
بما أن لكل منظمة دولية ميثاق خاص بها فإن المسؤولية التي تتحقق في مواجهة دولة أو أكثر من
األعضاء فيها سيحكمها ذلك الميثاق أو ما يلحق به من اتفاقيات ولوائح .ويكون لهذه المصادر أولوية التطبيق
حتى في حالة تعارضها مع قواعد القانون الدولي المتعلقة بالمسؤولية ،ألن هذه القواعد ليست من النظام العام
(أي ليست من القواعد اآلمرة) بحيث ال يجوز االتفاق على ما يخالفها.
أما في مواجهة الدول غير األعضاء ،فال يمكن االحتجاج بها إال إذا كانت تلك الدول تعترف بالمنظمة
الدولية ،أما إذا لم تكن تعترف بها فإن العالقة تخضع للقواعد العامة فقط وال تلتزم الميثاق.
كما تحددت مسؤولية المنظمة بموجب ميثاقها في عالقاتها مع موظفيها والعاملين لديها ،فهي تكون
مسؤولة عن تصرفاتها واإلجراءات اإلدارية التي تتخذها ضدهم.
من المعلوم أن للمنظمة الدولية أن تجري من التصرفات (في حدود ميثاقها) ما تشاء من بيع وشراء وتعاقد
وكذلك بعض التصرفات التي تحتاجها لتسيير شؤونها اليومية ،وقد تقوم بعض هذه التصرفات في دولة المقر أو
في دولة أخرى سواء من الدول األعضاء أم في غيرها.
فإذا ما تصرفت المنظمة تصرفا ترتب عليه مسؤولية (تقصيرية أو عقدية) وفقا لقواعد التشريع الوطني
لتلك الدولة ،وتكون مسؤوليتها هنا كمسؤولية االشخاص العادية أو المعنوية في نطاق هذه الدولة فسوف تطبق
عليها القوانين السارية فيها ،مع مالحظة ما تتمتع به تلك المنظمات من مزايا وحصانات وما تتضمنه اتفاقيات
المقر عادة.
11
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
وفي هذه الحالة ال تقوم المسؤولية الدولية إال إذا استنفذ المتضرر من هذا التصرف طرق الطعن التي له أن
يلجأ إليها وبدون جدوى ،وهنا تتدخل دولته لحمايته والحفاظ على حقوقه ،فيخضع النزاع عندها إلى قواعد
القانون الدولي.
وعلى الرغم مما تقدم إال أنه يجب القول بأن المسؤولية الدولية للمنظمة الدولية ال تتحقق إال إذا توافرت
الشروط اآلتية-:
تصرف غير مشروع (من قبل المنظمة الدولية) وفقا لقواعد القانون الدولي ،سواء أكان ّ أ -صدور
اإلخالل بالتزام قانوني دولي أم كان اإلخالل مصدره القانون الداخلي ،مع عدم إمكانية المتضرر من
الحصول على حقوقه وفقا لقواعد القانون الداخلي وتدخل دولته للوصول إلى تلك الحقوق ،إذ يتحول
النزاع إلى نزاع وفق قواعد القانون الدولي.
ب -نسبة العمل غير المشروع إلى المنظمة :فالمنظمة الدولية مسؤولة عن كل تصرف يصدر من أجهزتها
ومن العاملين لحسابها (ممثليها الذين يعملون طبقا لتعليماتها ورقابتها) ،وهي غير مسؤولة عن
تصرفات األشخاص واالجهزة التابعة للدول األعضاء (مندوبين أو ممثلين أو خبراء) ومن ثم فإن آثار
تصرفهم تنصرف إلى دولهم وليس للمنظمة.
جـ -استنفاذ طرق التقاضي ،وهو شرط الزم لقيام المسؤولية الدولية للمنظمة ،ويطبّق على المنظمة
الدولية أيضا في الدعاوى التي ترفع على المنظمة من قبل الدول أو األفراد ما دامت هذه المنظمات قد
أنشأت هيئات للطعن سواء أكانت تلك الهيئات تابعة للمنظمة ذاتها أو أنها داخلية إلحدى الدول كدولة المقر
أو كانت محاكم تحكيم أو حتى دولية دائمة أو خاصة بالمنظمة الدولية كالمحكمة اإلدارية لألمم المتحدة
للنظر في مثل تلك الدعاوى والنزاعات.
-1ال يمكن للدبلوماسي أن يتمسك تجاه دولته بهذه المزايا والحصانات ألنها تقرر أصال لمصلحة الدولة ال
ممثلها ،بينما يمكن أن تتمسك بها المنظمة وموظفوها تجاه الدول األعضاء جميعها وحتى دولة
المواطن.
-2تحدد المزايا والحصانات الدبلوماسية بين الدول على أساس مبدأ المعاملة بالمثل بينما ال تقوم مثل هذه
الرابطة بين المنظمة ودولة المقر أو الدول األعضاء.
-3يتم منح المزايا والحصانات المقررة في إطار قانون المنظمات الدولية تلقائيا دون اشتراط قبول الدولة
المضيفة ،بينما يحظى هذا القبول بأهمية في إطار العالقات الدبلوماسية بين الدول.
وهنا يمكن التساؤل عن مصادر المزايا والحصانات للمنظمة الدولية ،وهل أنها تكمن في االتفاقات فقط أم
أن العرف يشكل مصدرها اآلخر؟ وتكمن أهمية هذا الموضوع فيما يأتي-:
12
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
اوال -إذا قامت المنظمة أو نشاط لها على إقليم دولة غير عضوة فيها ،هنا قد يغفل اتفاق المقر بعض المزايا
والحصانات دون النص عليها أو قد يشير هذا االتفاق إلى اتفاقات أخرى.
ثانيا -إذا قامت المنظمة على إقليم دولة عضوة ،ونص ميثاقها بشكل عام (دون تفصيل) على تمتعها بمزايا
وحصانات هنا تظهر أهمية المصادر األخرى بخاصة العرف.
صت القوانين الداخلية لبعض الدول على تمتع المنظمات الدولية بمزايا وحصانات دون
ثالثا -كذلك الحال إذا ن ّ
تحديدها على وجه الدقة.
ويمكن توضيح كل من المصدر االتفاقي والعرفي لهذه المزايا والحصانات كما يأتي-:
درج العمل الدولي على تحديد مزايا المنظمة الدولية وحصاناتها بموجب اتفاقيات دولية أو عن طريق
التشريعات الداخلية للدول وعلى النحو اآلتي-:
أ -فقد تحدد المزايا والحصانات في صلب ميثاق المنظمة (كما في م 105من ميثاق األمم المتحدة).
ب -قد تعقد بعض المنظمات اتفاقيات عامة تتضمن تلك المزايا والضمانات.
د -قد تنص بعض القوانين الداخلية للدول على مزايا المنظمة الدولية وحصاناتها ،ويحصل ذلك بمناسبة
وجود اتفاقية المقر مع الدولة.
بالنظر لكون المنظمات الدولية حديثة النشأة نسبيا ،فإن القواعد العامة التي تحكمها لم تتبلور بعد في قواعد
عرفية وبخاصة فيما يتعلق بمزايا تلك المنظمات وحصاناتها ،لذلك فقد ذهب قسم من الفقهاء إلى إنكار وجود
عرف بهذا الصدد .ولكن بعد ظهور األمم المتحدة وتطور المنظمات الدولية عالميا وإقليميا بدأ ظهور قواعد
عرفية بهذا الخصوص.
إن هذه المبادئ وإن كانت حديثة النشأة إال أنها استقرت في االتفاقيات العامة والخاصة واتفاقيات المقر التي
عقدتها المنظمات باإلضافة إلى التشريعات الداخلية وأحكام المحاكم مما يعني وبتكرار النص عليها ،توافر
الركن المادي للعرف الدولي وأن شعور الدول بإلزامها يعني توافر الركن المعنوي لها.
وإذا ما استقرأنا تلك االتفاقيات واألحكام نجد أن أهم هذه المزايا والحصانات هي-:
أ -حرمة أبنية المنظمة ومقراتها وملحقاتها :فهي تعامل معاملة السفارات ومقرات البعثات الدبلوماسية فال
يجوز اقتحامها أو تفتيشها أو محاصرتها من قبل دولة المقر ،ويجب على دولة المقر حماية تلك
المقرات والمقيمين فيها ،إال أن هذه الحصانة ال يجب أن تكون مبررا لجعل مقر المنظمة مكانا يهدد
أمن دولة المقر أو مصالحها.
والسؤال الذي يثار هنا :هل يجوز إعطاء األشخاص المطلوب القبض عليهم ،من جانب دولة المقر،
الملجأ السياسي أو االلتجاء إلى مقر المنظمة؟ والجواب ان هذا الحق مقرر للبعثات الدبلوماسية ،على أساس
13
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
قاعدة عدم اإلقليمية ،لكن هذه القاعدة ال يمكن التمسك بها من قبل المنظمات الدولية ،كما أن معظم مواثيق
المنظمات واتفاقيات المقر تنص صراحة على عدم جواز أن يصبح مقر المنظمة مأوى لألشخاص الهاربين
من القانون أو من تنفيذ األحكام الصادرة بحقهم .أما في حالة عدم وجود نص بذلك فاألمر متروك لمسؤول
المنظمة اإلداري في إعطاء مثل هذا الحق من عدمه .وفي كل األحوال ال يجوز لدولة المقر أن تقتحم مقر
المنظمة إلخراج ذلك الشخص ،ألن ذلك يمس بحصانتها ،ولكن يجوز لها محاصرتها لمنع هروب الشخص
منها.
ب -تكون وثائقها ومحاضر جلساتها مصونة ،كما تكون وثائق الغير التي تحت يدها في حكم وثائقها ،سواء
أكانت هذه الوثائق في بناية المنظمة الرسمية أو مقراتها األخرى.
جـ -الحصانة القضائية :إذ تتمتع أموال المنظمة وموجوداتها بالحصانة القضائية (ما لم يتنازل عنها األمين
العام أو من يخوله) ،عدا الحصانة ضد االجراءات التنفيذية التي ال يجوز التنازل عنها مطلقا ،فال يجوز
االستيالء عليها أو على أموالها أو مصادرتها أو نزع ملكيتها أو حتى التدخل فيها بأية صورة باستثناء
النص في الميثاق على خالف ذلك.
د -ال تخضع أموال المنظمة المنقولة وغير المنقولة للضرائب والرسوم الجمركية ،وال يجوز إصدار
األوامر بتقييد االستيراد والتصدير فيما يتعلق بأعمال المنظمة الرسمية والتي تفرضها دولة المقر.
هـ -يعد بريد المنظمة الدولية بريدا دبلوماسيا ويجوز لها استخدام الحقيبة الدبلوماسية ،ويعفى من رسم
الطابع ويكون له األولوية على باقي الرسائل.
14
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
وتطلق على ميثاق المنظمة تسميات مختلفة ،فقد يطلق عليه تسمية دستور (منظمة الصحة العالمية) أو
اتفاقية (منظمة الطيران المدني الدولية) أو عهد (عصبة األمم) أو النظام األساسي (صندوق النقد الدولي) أو
ميثاق (منظمة األمم المتحدة ،الجامعة العربية).
ويكون هذا الميثاق عبارة عن معاهدة دولية بين عدد من الدول ،وبذلك يختلف نشوء المنظمة الدولية عن
نشوء الدولة ،إذ ال تقوم المنظمة إال بهذه المعاهدة خالفا للدولة التي تقوم عند توافر أركانها المادية الثالثة
(الشعب واإلقليم والسلطة).
ان وجود الميثاق هو الذي يميّز المنظمة الدولية عن الهيئات األخرى التي ال تقوم في الغالب على أساس
ميثاق ،بل تقوم على أساس قرار من منظمة أخرى مثالها الهيئات التابعة لمنظمة األمم المتحدة التي تتولى
تسيير أحد المرافق العامة الدولية كالصندوق الدولي لرعاية الطفولة .وتتمتع هذه الهيئات بإرادة مستقلة ولها
ميزانيتها الخاصة إال انها ال تكون منظمة دولية.
الصورة األولى -:وضع مشروع الميثاق عن طريق مؤتمر دولي ،وهي الصورة الغالبة في العمل الدولي ،إذ
يعقد مؤتمر دولي تمثل فيه حكومات الدول ،وبعد المناقشات ينتهي المؤتمر إلى وضع مشروع الميثاق (وقد
تخول بعض المواثيق المنظمة الدولية ذاتها سلطة الدعوة لمؤتمر عند الحاجة لتعديل أحكام الميثاق) .وغالبا ما
ّ
سع يضم أكبر عدد تقوم لجنة من الدول األعضاء في المؤتمر بوضع ذلك المشروع ،ثم يعرض على مؤتمر مو ّ
من الدول التي تريد االنضمام إلى المنظمة .مثال ذلك ميثاق األمم المتحدة الذي جاء في أعقاب ثالثة مؤتمرات
دولية.
وإذا كان المفروض أن ينتهي المؤتمر بإقرار المشروع ليصبح اتفاقية ،إال أن المؤتمر قد ينتهي بتشكيل
جهاز يتولى القيام (بصفة مؤقتة) بوظيفة المنظمة التي يجري اإلعداد لها ،وفي هذه الحالة تتفق الدول في
المؤتمر على المسائل األساسية وتترك بعض التفصيالت المختلف عليها لهذا الجهاز.
وبعد اإلقرار النهائي للمشروع يصبح اتفاقية دولية يخضع للقواعد العامة من حيث التصديق وفقا للقواعد
الدستورية لكل دولة.
وبعد استكمال التصديقات تودع الوثائق لدى طرف دولي متفق عليه ،فقد يكون دولة من الدول األعضاء،
كما هو الحال بالنسبة لميثاق األمم المتحدة الذي انيط بالواليات المتحدة ،وميثاق الجامعة العربية الذي انيط
بمصر .وقد يكون اإليداع لدى منظمة دولية ،مثالها ميثاق منظمة الصحة العالمية الذي أودع لدى األمم المتحدة.
الصورة الثانية -:وهي أن تقوم منظمة دولية أخرى بوضع مشروع ميثاق المنظمة الدولية ،وهذه الحالة
محدودة ،مثال ذلك ما تضمنه ميثاق األمم المتحدة (م ،)59إذ أجاز للمجلس االقتصادي واالجتماعي إعداد
مشروعات مواثيق وكاالت متخصصة جديدة كما هو الحال في منظمة الصحة العالمية.
15
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
يتصف ميثاق المنظمة الدولية بصفتين أساسيتين ،فهو ذو طبيعة مزدوجة؛ إذ أنه معاهدة دولية ذات طبيعة
تعاقدية من ناحية ،وهو بمثابة القانون األعلى أي الدستور بالنسبة للمنظمة من ناحية أخرى.
-1الطبيعة التعاقدية للميثاق :يعد الميثاق عبارة عن معاهدة من نوع خاص ،تعقد بين أطراف دولية
متعددة ،فهي تخضع للقواعد العامة في إبرام المعاهدات وشروطها من حيث شروط االنعقاد والصحة
والتسجيل وتبادل التصديقات.
-2الطبيعة الدستورية للميثاق :للميثاق من حيث الموضوع طبيعة دستورية ،ذلك ألن هذا الميثاق هو الذي
ينشئ المنظمة ويحدد أهدافها ووسائلها وأجهزتها ويحكم حياتها ونشاطها ،وهو بذلك المصدر األعلى
أو القانون األعلى الذي يتصدر مصادر المنظمة األخرى ،ويكون بمثابة الدستور في داخل الدولة.
تفسير الميثاق-:
قد يثير تطبيق الميثاق مسألة تفسيره وذلك في حالة ما إذا قام جهاز من أجهزة المنظمة أو دولة من الدول
األعضاء بتطبيق الميثاق وفق مفهومه الخاص ،ونازعه في هذا طرف آخر ،في هذه الحالة يجب اللجوء إلى
جهة معينة لتفسير هذا الميثاق.
وغالبا ما تقوم تلك المواثيق في النص على اتباع إجراءات معينة أو تحديد الجهة التي لها حق التفسير ،وقد
اختلفت مواثيق المنظمات الدولية في ذلك؛ فأخذ بعضها بمبدأ اإلحالة على التحكيم مثل اتحاد البريد العالمي.
بينما أخذت بعض المواثيق بقاعدة اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحل المنازعات المتعلقة بميثاقها مثل
منظمة الصحة العالمية .وقد أجازت مواثيق بعض المنظمات الرجوع إما للتحكيم أو لمحكمة العدل الدولية مثل
ميثاق منظمة اليونسكو .وأخيرا قد تعطي بعض المواثيق هذا الحق ألحد فروع المنظمة ،وال تسمح للجهات
الخارجية بالتدخل في ذلك كما جاء في دستور كل من البنك الدولي لإلنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي .فقد
جعال حل كل نزاع يتعلق بتفسيرهما يتم فقط بقرار من المديرين ويجوز لكل دولة عضو أن تطلب عرض قرار
المديرين أمام مجلس المحافظين الذي يكون قراره نهائيا دون استئناف.
بما أن ميثاق المنظمة الدولية هو عبارة عن معاهدة دولية لها خصوصيتها ،كما تم ذكره ،فإن ذلك يترتب
عليه خضوع تفسير هذا الميثاق للقواعد المعتمدة في تفسير المعاهدات الدولية ،والتي وردت في المواد (-31
)33من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات ، 1969والتي أقرت القواعد اآلتية-:
-1تفسير المعاهدة بحسن نية طبقا للمعنى العادي أللفاظها في اإلطار الخاص بها وفي ضوء موضوعها
والغرض منها.
-2اإلطار الخاص بالمعاهدة لغرض التفسير سيمثل إلى جانب النص بما في ذلك الديباجة والملخصات ما
يأتي-:
أ -أي اتفاق يتعلق بالمعاهدة ويكون قد عقد بين األطراف جميعا بمناسبة عقد هذه المعاهدة.
ب -أية وثيقة صادرة عن طرف أو أكثر بمناسبة عقد المعاهدة وقبلتها األطراف األخرى كوثيقة لها صلة
بالمعاهدة.
-3يؤخذ في االعتبار إلى جانب اإلطار الخاص بالمعاهدة-:
أ -أي اتفاق الحق بين األطراف بشأن تفسير المعاهدة أو تطبيق أحكامها.
16
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
ب -أي مسلك الحق في تطبيق المعاهدة يتفق عليه األطراف بشأن تفسيرها.
جـ -أي قواعد في القانون الدولي لها صلة بالموضوع يحكمه تطبيقها على العالقة بين األطراف.
-4يعطي معنى خاص للفظ معين إذا ثبت أن نية األطراف قد اتجهت إلى ذلك.
-5أجازت المادة ( )32االلتجاء إلى وسائل مكملة في التفسير في حالة بقاء النص غامضا أو غير واضح
ويشمل ذلك األعمال التحضيرية والظروف والمالبسات لعقدها لتأكيد المعنى الناتج عن تطبيق القواعد
العامة وفقا للمادة (.)31
-6في حالة ما إذا كانت المعاهدة مكتوبة بأكثر من لغة فقد حددت المادة ( )33الخطوات اآلتية-:
أ -يكون لكل نص من نصوصها الحجية نفسها ما لم يتفق األطراف على خالف ذلك.
ب -ال يكون لنص المعاهدة الذي يصاغ بلغة غير معتمدة أية حجية إال إذا اتفق عليها األطراف.
جـ -في حالة عدم تغليب نص عند اختالف النصوص في المعنى ،يؤخذ بالمعنى الذي يتفق مع موضوع
المعاهدة والغرض منها ويو ِفّق بقدر اإلمكان بين النصوص المختلفة.
تعديل الميثاق-:
من المعلوم أن كل معاهدة أو اتفاقية دولية شأنها شأن أي قانون ال يمكن أن تبقى دون تعديل .والقاعدة
العامة التي تحكم تعديل الميثاق هي أن تعديله ال يكون إال بموافقة الدول األطراف وذلك حينما تدعو الحاجة
لذلك (لكي تساير تلك المواثيق التطورات الحاصلة في العالقات الدولية) .على الرغم من وجود بعض
المعاهدات التي تضع قيودا مشددة على التعديل ،كاشتراط اإلجماع (مثل معاهدة حلف شمال األطلسي 1949
وحلف وارسو .)1955
ان المنظمة الدولية في عملية تعديل ميثاقها عليها الموازنة بين متطلبات المواكبة مع المتغيرات من خالل
التخفيف من شروط التعديل وإجراءاته ،وبين مراعاة االستقرار الذي يجنبها مخاطر التغيرات السريعة
واالنفعالية ،من خالل وضع قيود معينة لتعديل الميثاق ،لذلك جعلت المنظمات الدولية مسألة تعديل الميثاق من
صالحية الجهاز الرئيس للمنظمة الدولية.
أما بالنسبة لمسألة نصاب التعديل ،فقد عدلت معظم المواثيق عن مبدأ اإلجماع في النصاب وأحلّت محله
األغلبية الموصوفة وغالبا ما تكون الثلثين ال األغلبية البسيطة (النصف زائدا واحد) تجنبا للتعديالت السريعة.
وبالنظر للطبيعة الخاصة لميثاق المنظمة الدولية بوصفه معاهدة فإن جعل نصاب التعديل يتحقق بالثلثين ال
يعني إلزام الدول غير الموافقة على التعديل بما قررته األكثرية ،وذلك لبقاء الطبيعة التعاقدية للميثاق لكونه
معاهدة ،لذلك فإن معظم هذه المواثيق أعطت لألقلية حق االنسحاب من المنظمة ،وهذا ما أخذت به المادة ()26
من عهد عصبة األمم.
-1تتوقف هذه السلطات على ميثاق كل منظمة وأهدافها وعالقة الدول األعضاء ببعضها وبالمنظمة ذاتها،
فال توجد قواعد عامة ملزمة تحدد هذه السلطات بحيث ال يجوز االتفاق على ما يخالفها.
17
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
-2ال يوجد حد أعلى لهذه السلطات من حيث مداها وأنواعها ،فهناك منظمات ال تمتلك سلطة حقيقية تجاه
أعضائها (مجرد تبادل معلومات وإجراء بحوث ونشرها) ،بينما يكون للبعض منها إصدار اآلراء
االستشارية أو التوصيات ،في حين يكون لبعضها القليل حق إصدار قرارات ملزمة بحيث تحل المنظمة
محل الدول في تنفيذها ،كما في سلطات مجلس األمن وفق الفصل السابع من الميثاق .وقد يكون للمنظمة
أكثر من سلطة مثل إصدار توصيات لجهاز وإصدار قرارات لجهاز آخر مثل مجلس األمن والجمعية
العامة.
وبشكل عام فإن سلطات المنظمات تتمثل في حقها بالدراسات والبحوث لكل المسائل التي تدخل في
اختصاصها ،سواء تم ذلك عن طريق أجهزة المنظمة ذاتها أو عن طريق الدول األعضاء فيها .ويمكن للمنظمة
كذلك أن تتخذ ما يأتي-:
أوال -:التوصية:
وهي " عبارة عن توجيه بصدد موضوع معين يصدر عن المنظمة موجها بشكل عام إلى الدول األعضاء
أو إلى جهاز من أجهزتها أو لشخص آخر من أشخاص القانون الدولي ".
وتتميز التوصية بكونها غير ملزمة ومن ثم فإن مخالفتها ال ترتب المسؤولية الدولية ،إال إذا:
-نص الميثاق على خالف ذلك [قد يتضمن الميثاق إلزام الدول األعضاء بالتصرف وفقا للتوصيات
الصادرة من أجهزتها].
-أعلنت الدولة التي وجهت لها التوصية عن قبولها.
-وافقت الدول األعضاء على ذلك ،فيكون هنا سبب اإللزام على ذلك هو االتفاق وليس التوصية ذاتها.
عدا ذلك فالتوصية غير ملزمة قانونا إال أنها تتمتع بقوة اإللزام الذي بدوره يتفاوت باختالف عدد الموقعين
عليها ،وقدراتهم ،ومدى فائدة التوصية ،والحاجة إليها وتقبلها من الرأي العام.
-فإنها قد ال تتضمن طريقة معينة لحل الموقف أو النزاع { م( )2-33من ميثاق األمم المتحدة}
-أو تكون التوصية متضمنة طريقة معينة لحل الموقف أو النزاع {م( )1-36من ميثاق األمم المتحدة}
-وقد تتضمن التوصية شروط إنهاء الموقف أو حل النزاع ،وبذلك يمارس الجهاز سلطة قضائية مثل
{م( )1-37من ميثاق األمم المتحدة}.
ثانيا -:التصريح:
هو " عبارة عن إعالن يكشف عن أمر معين يستهدف غالبا تأكيد قواعد معينة وتحديدها أو وضع قواعد
جديدة ".
وتلجأ المنظمات إلى إصدار التصريح في حدود اختصاصها الذي يتضمنه الميثاق على الرغم من عدم
النص فيه على مثل هذا األمر.
وتختلف التصريحات عن القرارات ،بأن األولى ال تهدف إلى تغيير القواعد الوضعية بينما تهدف الثانية
إلى ذلك.
18
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
وقد يحمل التصريح قوة هائلة تفوق كثيرا التوصيات ...ومن األمثلة المهمة هنا (التصريح الخاص
باإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،والذي يحظى بأهمية كبيرة واحترام من قبل الحكومات والشعوب ،كذلك
تصريح الجمعية العامة لألمم المتحدة عام 1960بخصوص تصفية االستعمار واستقالل البالد المحتلة).
ثالثا -:االتفاقيات:
قد تعمد المنظمة الدولية إلى إبرام االتفاقيات لكونها ملزمة قانونا ،وقد أكد التعامل الدولي بأن للمنظمات
هذا الحق ،كما أجاز أن تكون طرفا في معاهدة دولية دون تمييز بين ما إذا كانت هذه المعاهدة بين المنظمات
ذاتها أو بينها وبين دولة أو دول أخرى.
وتمارس األمم المتحدة هذه الصالحية ،على الرغم من خلو نص الميثاق من جواز ذلك لها ،ومن االتفاقيات
التي أبرمتها األمم المتحدة( :اتفاقية منع إبادة الجنس ،اتفاقية البعثات الدبلوماسية ،واتفاقية حقوق
اإلنسان.)....وتخضع هذه االتفاقيات لما تخضع له المعاهدات األخرى من قواعد كقاعدة وجوب التصديق.
"يقصد بها إمكانية المنظمة الدولية في اتخاذ قرارات ملزمة" .ويجب التمييز بين حالة ما إذا كان القرار
بصدد أمر داخلي خاص بالمنظمة الدولية وحياتها الداخلية (مثل القرارات الخاصة بالميزانية واالنتخابات)،
وحالة ما إذا كان القرار يتعلق بأمور خارجية ،إذ ال تستطيع المنظمة الدولية أن تصدر القرارات الملزمة إال إذا
نص عليها في الميثاق بشكل صريح.
وتتصف القرارات الملزمة بصفة اإللزام القانوني الذي يوجب المسؤولية القانونية (وبذلك يختلف عن
التوصية والتصريح) ،إذ أن القرار يلزم هنا من يوجه إليه سواء أكان دولة عضوة أم جهاز من أجهزتها أم
موظفا من موظفيها .واألصل في تلك القرارات أنها توجه ألشخاص القانون الدولي كالدول والمنظمات ،ومن
ثم ال توجه إلى األفراد العاديين أو من في حكمهم .ومع ذلك فقد تمتلك بعض المنظمات (االوربية خاصة) هذا
الحق ،إذ لها الحق في إصدار قرارات موجهة إلى مواطني الدول األعضاء فيها دون حاجة إلى صدور أعمال
تشريعية أو تنفيذية من سلطات تلك الدول.
تحرص الدول غالبا على أن تحد من السلطات التي تتمتع بها المنظمة الدولية بما يتيح لتلك الدول حرية
التصرف .لذلك فإنها تحاول أن يكون الميثاق متوازنا ،ففي الوقت الذي يضمن للمنظمة استقالال ويمنحها
اختصاصات ،فإنه قد يتضمن نصوصا تحد من هذه السلطات ،ومن أهم تلك القيود-:
تحدد معظم المواثيق سلطات المنظمة في إطار التوصيات غير الملزمة ،لكي ال تتمكن المنظمة من أن
تفرض على الدول ما ال تريد االلتزام به لتعارضه مع مصالحها .مع استثناء للقلة من المنظمات ذات
االختصاص بحل المنازعات السياسية وتحقيق األمن الدولي والتي تمتلك سلطة إصدار القرارات الملزمة.
19
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
تحرم معظم المواثيق على المنظمة التدخل في الشؤون الداخلية للدول األعضاء ،وهذا ما أكدت عليه المادة
ّ
( )7-2من ميثاق األمم المتحدة ،والتي بدورها وضعت استثناء على هذا المبدأ من خالل تطبيق تدابير القمع
الواردة في الفصل السابع.
-3اشتراط اإلجماع:
يعد اشتراط اإلجماع لصدور القرار عن المنظمة الدولية ضمانا للدول األعضاء كي ال تتفاجأ بقرارات ال
توافق عليها ،غير ان هذا القيد يحد من حرية المنظمة الدولية ويضعف شخصيتها القانونية ويجعلها أقرب
للمؤتمر الدولي.
قد تش ّكل القوانين الداخلية قيدا على سلطة المنظمة الدولية ،وذلك إذا تطلبت تلك القوانين صدور قرارات
المنظمات الدولية على شكل تشريع داخلي لكي ينفّذ داخل الدولة أو على مواطنيها أو في إقليمها وهو ما يسمى
بقاعدة االستقبال .كما جاء في المادة الثانية من ميثاق جامعة الدول العربية " .......تنفّذ قرارات المجلس في
كل دولة وفقا لنظمها السياسية ".
والجدير بالذكر هنا أن هذه التقسيمات وضعت ألغراض أكاديمية فهي ليست مستقلة بل تتداخل مع بعضها،
فالمنظمة العامة قد تكون منظمة عالمية أو إقليمية وقد تكون ذات نشاط إداري أو تشريعي أو قضائي ،والمنظمة
اإلقليمية قد تكون عامة أو متخصصة وقد تكون ذات أهداف تشريعية أو قضائية أو إدارية.
20
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
-1منظمات عامة :تكون المنظمة الدولية عامة إذا أتسع نطاق أهدافها لتشمل أوجها متعددة للتعاون
الدولي [سياسي ،اقتصادي ،اجتماعي ]...،وهي قد تكون منظمات إقليمية مثل الجامعة العربية وقد
تكون عالمية مثل األمم المتحدة.
-2منظمات متخصصة :تكون المنظمة الدولية متخصصة إذا اقتصر نشاطها على هدف محدد ،وهي ما
تسمى بالوكاالت التخصصية ،وتمتاز هذه المنظمات بكثرة عددها واتساع قاعدتها فقد تكون-:
أ -منظمات اقتصادية :مثل البنك الدولي لإلنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي.
ب -منظمات اجتماعية وإنسانية :مثل منظمة الصحة العالمية واليونسكو.
جـ -منظمات علمية :مثل وكالة الطاقة الذرية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم
د -منظمات للمواصالت :مثل منظمة الطيران المدني واإلنماء الدولي للمواصالت السلكية.
ويجب التنويه هنا أن هذه المنظمات أو الوكاالت المتخصصة قد تكون عالمية وقد تكون إقليمية.
-1المنظمات العالمية :تكون المنظمة الدولية عالمية إذا كانت العضوية فيها مفتوحة للدول جميعها بحيث
تستطيع أية دولة االنضمام إليها ووفقا للشروط التي يحددها ميثاقها.
وعلى الرغم من هذه الصيغة العالمية لبعض المنظمات ،إال أنها تتفاوت فيما بينها من حيث شروط
االنضمام إليها وكسب العضوية .فمثال يكون الشرط الوحيد لالنضمام إلى الوكاالت المتخصصة لألمم المتحدة
هو أن تكون الدولة عضوة في األمم المتحدة .في حين يشترط ميثاق األمم المتحدة (م )4لالنضمام وجوب أن
تكون الدولة محبة للسالم وأن تقبل تحمل االلتزامات الواردة في الميثاق وقادرة على تنفيذها .بينما تمنح بعض
المنظمات سلطة تقديرية ألحد أجهزتها لتقدير مدى توافر الشروط في الدولة طالبة االنضمام.
-2المنظمات اإلقليمية :تكون العضوية فيها محدودة وتقتصر على مجموعة من الدول.
االتجاه األول( :المعيار الجغرافي) :ويقوم على أساس الجوار الجغرافي ،بمعنى يقتصر هذا المعيار على
المنظمات التي تضم دوال متجاورة جغرافيا .وهناك منظمات ليست عالمية لكن ال ينطبق عليها هذا الوصف
الجغرافي مثل األوبك واألوابك.
االتجاه الثاني( :المعيار الجغرافي السياسي) :ويعطي ،هذا الرأي ،اإلقليمية مفهوما سياسيا إلى جانب الموقع
الجغرافي ،فهو يضيف إلى جانب الجوار الجغرافي شروطا أخرى تربط دول اإلقليم كالدين واللغة واألصل
المشترك.
ويالحظ على هذين المفهومين لإلقليمية (الجغرافي والسياسي) ،أنهما مفهومان ضيقان جدا بحيث يخرج
عن نطاقهما الكثير من المنظمات (التي ال يمكن اعتبارها عالمية) مثل منظمة األوبك.
االتجاه الثالث( :االتجاه المرن لإلقليمية) :ويذهب إلى اعتبار المنظمة إقليمية إذا تحدد نطاق العضوية فيها بعدد
من الدول وارتبطت مع بعضها بأية رابطة ،سواء أكانت جغرافية أم سياسية أم قومية أم اقتصادية وبشكل دائم
21
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
أو مؤقت .فإذا كانت الدول متجاورة جغرافيا {كانت جغرافية} ،وإذا كانت من أصل واحد {كانت قومية}،
ويشمل هذا االتجاه حتى االحالف العسكرية.
-1تنوع المهام واألهداف التي تسعى المنظمات لتحقيقها .لذلك أصبحت المنظمات بحاجة إلى إنشاء المزيد
من األجهزة التي يتولى فيها كل جهاز مهام معينة.
-2ازدياد المشاركة الدولية في المنظمات ،1التي استوجبت زيادة عدد األجهزة لتنفيذ القرارات أو النظر
في المشاكل التي تقع بين فترات االنعقاد العادي للجهاز الرئيسي .وكذلك تحقيق الموازنة بين المزايا
المعطاة لبعض الدول األعضاء وبين تحقيق مبدأ المساواة بحيث يوجد جهاز يضم كل األعضاء (مثل
الجمعية العامة) وآخر محدد العضوية تعطى فيه امتيازات لبعض الدول (مثل مجلس األمن).
يطلق على هذا الجهاز تسميات عدة مثل( :الهيئة العامة ،المؤتمر العام ،الجمعية العامة ،المجلس..الخ)
ويتألف هذا الجهاز في الغالب من الدول األعضاء جميعها في المنظمة الدولية ،ويكون التمثيل فيه متسا ٍو
أي تتمتع كل دولة بصو ٍ
ت متسا ٍو مع الدول األخرى إال في حاالت استثنائية ينص عليها الميثاق ،كما في
نظام وزن األصوات الذي يكون فيه لكل دولة عضو عدد من األصوات يعادل ما لها من أهمية في
المنظمة ،كما في النظام األساسي لصندوق النقد الدولي.2
ويعد هذا الجهاز صاحب االختصاص وله األولوية العامة على المنظمة ،فله أن يناقش األمور كافة
المتعلقة بالمنظمة الدولية بما فيها صالحيات األجهزة األخرى إال إذا نص في الميثاق على خالف ذلك.3
ويدخل في مهام الجهاز أيضا تقرير وسائل التعاون مع الهيئات الدولية ،وكذلك ممارسة الرقابة على أجهزة
المنظمة األخرى.
يفوض مباشرة هذه االختصاصات أو بعضها لجهاز أو أكثر من أجهزة ويمكن لهذا الجهاز أن ّ
المنظمة .إال أنه يجب القول أن هناك اختصاصات ال يجوز تخويلها ألي جهاز آخر ألن الميثاق حصرها
بالجهاز الرئيس مثل( :وضع السياسة العامة للمنظمة ،تعيين األمين العام ،إقرار الميزانية ،إجراء التعديالت
على الميثاق...الخ).
ويالحظ أن هذا الجهاز ال ينعقد بصورة مستمرة وإنما يقوم بعقد دورات سنوية في األصل ويحدد
ميثاق المنظمة مددها ،فمثال تحدد الجمعية العامة لألمم المتحدة دوراتها االعتيادية سنويا ،بينما يعقد مجلس
الجامعة دوراته االعتيادية كل ستة أشهر .وباإلضافة إلى الدورات االعتيادية يعقد هذا الجهاز اجتماعات
استثنائية كلما دعت الحاجة لذلك وبدعوة اما من مجموعة من الدول األعضاء أو األمين العام.4
ويكون لهذا الجهاز عادة مكتب يتألف من رئيس ونواب وقد يضم له بعض رؤساء اللجان أو الهيئات،
ويتولى هذا المكتب اإلشراف على أعمال الهيئة العامة ومواعيد جلساتها وجدول أعمالها .مثال ذلك مكتب
الجمعية العامة لألمم المتحدة الذي يرأسه رئيس الجمعية العامة ونوابه المكونين من 13نائبا ورؤساء
اللجان السبع فيها .وقد تعمد الهيئة العامة إلى تشكيل لجان متخصصة تهتم كل منها بشأن من شؤون
المنظمة ،وتتألف هذه اللجان من ممثلي الدول األعضاء أو على النحو الذي يحدده الميثاق.
كما أن للهيئة العامة أو المجلس نظاما داخليا يحدد ديناميكية العمل في هذا الجهاز هو الذي يحدد سبل
إعداد جدول األعمال أو المناقشة وتأجيلها وغلق المناقشة والتصويت ،وضمان حرية األعضاء وحريتهم
في التعبير عن آرائهم.
أخيرا البد من القول أن الهيئة العامة تعقد اجتماعاتها في مقر المنظمة غير أن ذلك ال يمنع من عقد
هذه االجتماعات خارج المقر سواء في الدولة المضيفة أو غيرها من الدول ما لم ينص على عكس ذلك في
الميثاق.
يتولى الجهاز التنفيذي مهام قد تكون على درجة كبيرة من األهمية والخطورة .ويتألف هذا الجهاز من عدد
محدود من الدول األعضاء في المنظمة الدولية لكي ينهض بهذه المهام بسرعة بعيدا عن ضياع الوقت في
المناقشات.
- 2يعطى لكل دولة عضو ( )250صوتا باإلضافة إلى صوت واحد عن كل حصة إضافية للدولة في رأسمال المنظمة عند التصويت في مجلس المحافظين.
كذلك ما تأخذ به منظمة العمل الدولية من إعطاء أصوات لممثلي الحكومات وممثلي العمال وأرباب العمل من أصوات منفردة في المؤتمر العام للمنظمة.
- 3مثال ذلك ما ورد في م 10من ميثاق األمم المتحدة من صالحيات للجمعية العامة ،وكذلك الصالحيات الممنوحة لمجلس الجامعة حسب م 3من ميثاق
جامعة الدول العربية.
- 4جاء في المادة 20من ميثاق األمم المتحدة " :تجتمع الجمعية العامة في أدوار انعقاد عادية وفي أدوار انعقاد خاصة بحسب ما تدعو إليها الحاجة.
ويقوم بالدعوة إلى أدوار االنعقاد الخاصة األمين العام بناء على طلب مجلس األمن أو أغلبية أعضاء األمم المتحدة ".
23
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
-1التشكيل :فالجهاز الرئيس يتشكل من الدول األعضاء جميعها ،وبشكل متسا ٍو في التمثيل والتصويت،
في حين يتشكل الجهاز التنفيذي من عدد محدود من الدول األعضاء فقط.
-2االختصاصات :تكون للجهاز الرئيس الوالية العامة على المنظمة في حين يمارس الجهاز التنفيذي
اختصاصات محددة.
-3سير العمل :تكون اجتماعات الجهاز الرئيس سنوية أو نصف سنوية أو كل سنتين ...فضال عن
االجتماعات االستثنائية ،بينما يمارس الجهاز التنفيذي أعماله بشكل دائم ومستمر.
إن ممارسة الجهاز التنفيذي لمهام واختصاصات مهمة وخطيرة في المنظمة ،ومن ثم تكونه من عدد
محدود من األعضاء سوف يخل بمبدأ المساواة بين الدول األعضاء ،ويزداد هذا االخالل كلما قل عدد
مقاعد هذا الجهاز ،ويظهر هذا االخالل بصورة واضحة في األجهزة التي تكون العضوية فيها دائمية.
فقد يش َّكل هذا الجهاز من أعضاء مؤقتين يتم انتخابهم في فترات معينة (كما في المجلس االقتصادي
واالجتماعي التابع لألمم المتحدة م 61من الميثاق ،وكذلك ما أخذت به منظمة التغذية والزراعة ومنظمة
اليونسكو إذ يتكون المجلس في هاتين المنظمتين من 24عضوا ينتخبهم الجهاز الرئيس).
وقد تأخذ بعض المنظمات بثنائية تشكيل هذا الجهاز من أعضاء دائمين ومؤقتين (كما هو الحال في تشكيل
مجلس األمن الدولي م 23من ميثاق األمم المتحدة).
ويكون توزيع مقاعد األعضاء غير الدائمين اما على أساس التوزيع الجغرافي (م 2-5من دستور منظمة
اليونسكو ،م 24من ميثاق منظمة الصحة العالمية ،م 6من النظام األساسي لوكالة الطاقة الذرية) ،وقد يكون
على أساس مدى المساهمة في نشاط المنظمة ومقاصد الهيئة باإلضافة إلى التوزيع الجغرافي العادل (كما في
المادة 23من ميثاق األمم المتحدة المشار إليها أعاله).
وفي الغالب يكون للدول األعضاء أصوات متساوية في هذا المجلس ،غير أن هناك استثناءات على هذه
القاعدة ،ومنها إعطاء حق االعتراض أو النقض على بعض القرارات في مجلس األمن ،وكذلك األخذ بنظام
وزن األصوات في بعض المنظمات المالية واالقتصادية.
أخيرا البد من القول هنا أن ديناميكية عمل الجهاز التنفيذي يحددها النظام الداخلي له.
تعد األمانة العامة بمثابة الجهاز اإلداري للمنظمة الدولية .وتحظى بأهمية خاصة نتيجة لما تقوم به من
واجبات .ويتألف هذا الجهاز من رئيس أعلى (السكرتير أو األمين العام) يتم تعيينه من قبل الهيئة العامة أو
الجمعية العامة بصورة منفردة أو باالشتراك مع بعض األجهزة األخرى{ .مثال ذلك تعيين األمين العام لألمم
المتحدة (وهو الموظف اإلداري األكبر) من قبل الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس األمن م .}97
وتضم األمانة العامة أيضا عددا من الموظفين والهيئات واللجان التي تتولى القيام ببعض االختصاصات
حسب المهام الموكلة إليها.
ويختلف هذا الجهاز عن األجهزة السابقة بأنه يتكون أساسا من موظفين دوليين بينما تتكون األجهزة
األخرى من ممثلي ومندوبي الدول األعضاء.
24
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
وتتولى األمانة العامة نشاطات المنظمة اليومية وتقوم بالمهام اآلتية استنادا لميثاقها-:
-1تقوم باالتصاالت مع الدول األعضاء واألجهزة والفروع واللجان الفرعية داخل المنظمة ،أو مع الدول
والهيئات والمنظمات األخرى.
-2اإلعداد لدورات وجلسات الهيئة العامة من خالل تهيئة التقارير ومحاضر الجلسات والقيام بأعمال
النشر والترجمة ،وتقوم أحيانا بإعداد مشروعات القرارات التي تصدرها الهيئة العامة وإعداد الميزانية.
فضال عن قيام األمين العام بتقديم المشورة للهيئة العامة في القضايا الفنية والتخصصية بجانب دوره
السياسي.
-3تتكفل األمانة العامة متابعة تنفيذ قرارات الهيئة العامة .ويحدد النظام الداخلي لهذا الجهاز أسلوب عمله
ومهامه وروابط الموظفين بالجهاز واللجان المتخصصة بالمنظمة.
ان هذا الجهاز يقوم بواجباته بإشراف الهيئة العامة ومراقبتها والتي قد تمارس عليه أنواع الرقابة اآلتية-:
أ -الرقابة اإلدارية :ت ُلزم مواثيق المنظمات األمانة العامة بتقديم تقارير سنوية أو خاصة إلى الهيئة العامة
أو المجلس ،كم يحق للمجلس تشكيل اللجان وإجراء التحقيق في أعمال األمانة العامة.
ب -الرقابة المالية :تُلزم األمانة العامة بتقديم تقارير مالية للهيئة العامة ومصروفاتها وارصدتها ،كما يحق
للهيئة العامة تشكيل اللجان التحقيقية لهذا الغرض.
جـ -الرقابة القضائية :تمارس هذه الرقابة عن طريق محكمة مختصة تنشأ بموجب ميثاق المنظمة
كالمحكمة اإلدارية لألمم المتحدة ،ومحكمة العدل العربية في ميثاق الجامعة العربية ،ألجل ممارسة حق
الطعن في قرارات األمانة العامة.
األجهزة األخرى:
إضافة إلى ما تقدم من أجهزة أساسية للمنظمة الدولية ،هناك أجهزة أخرى تمارس عملها بموجب ميثاق
المنظمة ،وتكون العضوية فيها عامة لكل الدول األعضاء في المنظمة أو قد تتحدد العضوية فيها وفقا لشروط
يحددها الميثاق ،وقد تكون عضوية تلك األجهزة دائمية أو مؤقتة ،وقد يتمتع بعض األعضاء بامتيازات تقوم
على أساس القوة أو المساهمة المالية أو التوزيع الجغرافي أو االختصاص الفني.
وقد يتم انتخاب األعضاء فيها من قبل الهيئة العامة وبنسبة موصوفة كالثلثين أو اإلجماع أو تكون العضوية
اختيارية.
وتتولى هذه األجهزة في الغالب مهاما تنفيذية للمنظمة الدولية لذلك فإنها تتمتع بسلطات تمكنها من ذلك
وبموجب الميثاق .وغالبا ما تناط بها مهام الهيئة العامة وفي حدود اختصاصاتها في فترات ما بين دورات
االنعقاد للهيئة العامة ،إذ أنها تعقد دوراتها بشكل مستمر أو حسب مقتضيات الحاجة.
ويكون لهذه األجهزة أنظمة داخلية تحدد آلية عملها وصور تحركها وتحكم عالقاتها وتصرفاتها ،كما أن
نظام الجهاز وميثاق المنظمة يحددان مكان انعقاد االجتماعات واوقاتها وضبط جلساتها وطريقة التصويت
والمناقشة...إلخ.
وأخيرا البد من التأكيد أن أجهزة المنظمة الدولية هي مسألة اختيارية يحددها ميثاقها ،فهو الذي يقرر عدد
األجهزة واختصاصاتها وصالحياتها ...وبما يتوافق مع أهدافها.
25
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
تتكون هذه الطائفة من األشخاص الذين تختارهم حكوماتهم لتمثيلها في المنظمة ،سواء أكانوا من
الدبلوماسيين أم الخبراء والفنيين ،وينحصر دور هؤالء األشخاص في رسم سياسة المنظمة واتخاذها لقراراتها،
ويكونون مقيدين في تصرفاتهم بتعليمات تصدر لهم من دولهم ،ويتمتعون بحصانات وامتيازات المبعوث
الدبلوماسي.
-1أثر التصرفات :إذ تنصرف آثار تصرفاتهم إلى دولهم ،فتصرفاتهم ال تنصرف إلى المنظمة بل إلى
حكومة المندوب.
-2تبعيتهم :فهم يتبعون دولهم من حيث التعيين والمسؤولية ،فالدولة هي التي تعينهم وتحدد رواتبهم
ودرجاتهم ولها حق محاسبتهم وسحبهم ومعاقبتهم ،وأمامها تكون مسؤولياتهم.
-3حصانتهم :ان حصانات مندوبي الدول وممثليها في المنظمة الدولية تقررها لصالح الدول المنتدبة.
فيمكن لهم أن يتمسكوا بهذه الحصانات تجاه دولة المقر والدول األخرى وليس تجاه حكوماتهم.
ويحظى هؤالء األشخاص بالمزايا والضمانات نفسها التي يتمتع بها الممثلون الدبلوماسيون كل حسب
درجته ،والتي يمكن إجمالها بما يأتي:
الحصانة الشخصية :إذ ال يجوز إلقاء القبض عليهم أو حبسهم أو حجزهم أو التعرض ألمتعتهم -1
الشخصية.
الحصانة القضائية :فال يخضعون للقضاء وال تتم مساءلتهم عن تصرفاتهم في أثناء أداء واجباتهم -2
حصرا ،أما في تصرفاتهم الشخصية البعيدة عن مهام وظائفهم فإنهم ال يتمتعون بهذه الحصانة .فهذه
الحصانة تقرر للدولة وليس لصفتهم الشخصية .وتبقى هذه الحصانة بهذا الشكل حتى بعد انتهاء
مهامهم.
اإلعفاءات والضرائب :يتمتع مندوبو الدول في المنظمة الدولية وعوائلهم 5باإلعفاء من الضرائب -3
المفروضة على األفراد في دولة المقر ،ومن قيود اإلقامة واجراءات قيد األجانب بما في ذلك الدول
التي يمرون عليها في أثناء قيامهم بعملهم.
تتمتع محرراتهم ووثائقهم بالحرية ويحق لهم استعمال الرموز في رسائلهم وبرقياتهم. -4
يتمتعون بالتسهيالت المتعلقة بالنقل والتحويل. -5
الكادر الوظيفي (اإلداري والفني) الذي يشغل المراكز المختلفة لتسيير عمل المنظمة سواء بصفة دائمة أم
مؤقتة .وعرفتهم محكمة العدل الدولية بأنهم " :كل موظف بأجر أو بدون أجر ،يعمل بصفة دائمة أم ال ،يعين
بواسطة أحد فروع المنظمة للممارسة أو المساعدة في ممارسة إحدى وظائف المنظمة " ،لذلك فإن األشخاص
الذين تسند لهم المنظمة الدولية مهمة وقتية كخبير أو وسيط في مهمة يعتبرون وفقا لهذا التعريف (موظفا
دوليا).
واستنادا للتعريف السابق وما ذهب إليه الفقه يمكن تحديد شروط الوظيفة الدولية على النحو اآلتي:
أن يؤدي العمل لحساب المنظمة الدولية دون غيرها ،لذلك ال يعد موظفا دوليا من يعمل بخدمة دولة أو -1
مجموعة دول وإن كانت أعضاء في تلك المنظمة.
أن يستهدف في عمله مصلحة المنظمة الدولية وحدها ،ويشمل ذلك العمل في فرع للمنظمة في إقليم -2
دولة معينة.
أن يكون والؤه في تأدية هذه المهام للمنظمة الدولية ،فيقوم بهذه المهام تحت إشراف أجهزتها ويخضع -3
لميثاقها وأنظمتها وما تقرره من أهداف ويلتزم بها دون غيرها.
أن يؤدي العمل بصورة مستمرة ،فإن قام بالعمل بصورة وقتية أو أدى مهمة معينة بذاتها فإنه يعد -4
مستخدما ال موظفا (حسب رأي بعض الفقهاء) ،وليس هناك فرق بين الصفتين من حيث الحصانة
واالمتيازات.
وهناك على العموم شروط للموظف الدولي يمكن اإلشارة إليها كما يأتي-:
-1الكفاءة والنزاهة واإلخالص للمنظمة والتجرد في أداء العمل ،واالشكالية هنا تتمثل في الجهة التي تقرر
ذلك هل هي الدولة أم المنظمة الدولية؟ ونتيجة الحتمالية عدم تطابق المقاييس بين الجهتين ،فقد ذهبت
معظم مواثيق المنظمات إلى إعطاء حق التعيين أو الرفض للمنظمة بالنسبة لمن ترشحه الدول
األعضاء ،وبخاصة للمناصب المهمة ،إذ تم اشتراط التصويت في الهيئة العامة أو موافقة جهاز معين
من أجهزة المنظمة.
-2اشتراط اختصاص معين حسب طبيعة النشاط الذي سيمارسه الموظف ،ويكون ذلك بشكل خاص في
المنظمات المتخصصة .كما في م 2من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية بصدد اختيار القضاة.
-3قد يشترط في الموظفين أن يمثلوا توزيعا جغرافيا أو إقليميا معينا .أو قد يحدد عدد معين لكل دولة من
الدول األعضاء كموظفين في المنظمة الدولية( .م )3-101من ميثاق األمم المتحدة.
فالمنظمة عند قيامها باألنشطة تحتاج إلى نفقات تغطي هذه النشاطات ،لذلك فإنها تعمد إلى وضع ميزانية
خاصة بها ،تحدد فيها مصادر إيراداتها ونفقاتها.
27
إعداد األستاذ الدكتور كمال عبد حامد آل زيارة محاضرات مادة المنظمات الدولية للعام الدراسي 2020-2019
وإذا كان الميثاق يحدد موارد المنظمة وأوجه الصرف ،فإن وضع الميزانية للمنظمة الدولية يخضع للقواعد
العامة في وضع ميزانيات الدول من الناحية الحسابية .أما الشروط الشكلية والتكميلية ،المتعلقة بإعداد الميزانية
من حيث االقتراح والتصديق والتصويت فإن مواثيق المنظمات تختلف فيما بينها.
والسؤال اآلن هو كيف يجري إعداد الميزانية للمنظمة الدولية؟ والجواب على ذلك أن العمل يجري غالبا في
المنظمات الدولية بأن تقوم لجان فنية مختصة بوضع مشروع الميزانية ،بعد دراسة احتياجات أجهزة المنظمة
وواقع مواردها ،ويتولى األمين العام تقديم المشروع للهيئة العامة أو الجهة المختصة لغرض المناقشة واإلقرار
بعد التصويت ،ويالحظ أن معظم المنظمات تأخذ باألغلبية الموصوفة (وليس اإلجماع) ،فقد أخذ ميثاق األمم
المتحدة في (م )2-18بقاعدة الثلثين في المسائل الخاصة بالميزانية ،في حين أخذ ميثاق الجامعة العربية بمبدأ
األغلبية العادية في (م.)16
وتختلف المواثيق في المدد الزمنية للميزانية ،فقد تكون سنوية كما هو الحال بالجامعة العربية ،وقد تكون
لسنتين مثل ميزانية منظمة الزراعة واألغذية الدولية (الفاو) ومنظمة اليونسكو ،وقد تكون أربع سنوات
كميزانية منظمة الصحة العالمية.
وعلى الرغم من أن ميزانية المنظمة الدولية تخضع للقواعد العامة ،إال أن هناك بعض االستثناءات إذ
تتمتع األجهزة الرئيسية في منظمات معينة بميزانية خاصة مثل صندوق األمم المتحدة للطفولة ،وبرنامج األمم
المتحدة للتنمية ،ووكالة األمم المتحدة لالجئين الفلسطينيين.
ويمكن تحديد أبرز إيرادات المنظمة الدولية ونفقاتها على النحو اآلتي-:
هناك موارد ثابتة (عادية) للمنظمات الدولية وأخرى موارد استثنائية .وتتكون مصادر اإليرادات الثابتة
عادة من-:
-1اشتراكات الدول األعضاء ،وهو المورد األساس للمنظمة الدولية ،إذ تلتزم هذه الدول بتقديم نصيبها
الذي يفرضه الميثاق .وال توجد قاعدة موحدة في تحديد األنصبة ،فمثال تعمل قلة من المنظمات بمبدأ
المساواة مثل (األوابك) .6في حين انتهجت المنظمات األخرى معايير مختلفة تراعي مصالح الدول
األعضاء ،ولعل القاعدة التي سارت عليها األمم المتحدة في توزيع األنصبة هي األقرب لتحقيق العدالة
وهي قاعدة (المقدرة على الدفع) التي تعتمد أساسا على مقدار الدخل القومي للدولة مع األخذ بنظر
االعتبار متوسط دخل الفرد وحصيلة الدولة من العمالت الصعبة وما تشهده كل دولة من أزمات
اقتصادية.
وتُرتّب المنظمات جزاء على الدولة التي تمتنع عن دفع حصتها من الميزانية ،قد تصل إلى حد فصل
الدولة العضو من المنظمة ،أو منعها من التصويت ،وقد أخذ ميثاق األمم المتحدة بالجزاء األخير في
(م )19إذ يحرم العضو من التصويت في الجمعية العامة إذا تأخر عن دفع االشتراكات المستحقة عليه
آلخر سنتين أو أكثر ،إال إذا اقتنعت الجمعية بأن عدم الدفع ناشئ عن أسباب ال قبل للعضو بها.
تدر عائدا أو ربحا ثابتا على المنظمة الدولية ،مثل القيام بتداول
-2استغالل رأس مال محدد في مشاريع ّ
األسهم والسندات من قبل البنك الدولي لإلنشاء والتعمير.
التبرعات التي تقدم للمنظمة الدولية من قبل الدول األعضاء وغير األعضاء وبموجب ميثاقها ،إذ قد -1
تبيح مواثيق المنظمات لها أن تتقبل التبرعات أو ال تجيز ،وقد تجيزها بشروط معينة من أهمها موافقة
الهيئة العامة كي ال يكون وسيلة ضغط أو تأثير على المنظمة الدولية.
القروض التي تلجأ إليها بعض المنظمات لسد جزء من نفقاتها الطارئة ،وقد يكون االقتراض ألجل -2
تمويل عمليات قد تدر أرباحا على المنظمة أو تدخل ضمن اختصاصاتها ،السيما في المنظمات ذات
المهام االقتصادية والمالية.
واردات ما تصدره المنظمة من كتب ونشرات ووثائق وغيرها ،إضافة إلى إصدار الطوابع البريدية. -3
فرض رسوم وضرائب معينة حسب ما يحدده الميثاق ،وتكون حاالت نادرة ،ومنها ما تفرضه المنظمة -4
من ضرائب على رواتب موظفيها ،وهو ما تأخذ به األمم المتحدة
وحاولت بعض الدول التمييز بين اإلنفاق الذي تقوم به المنظمة إلى النوعين اآلتيين-:
-1النفقات العادية التي يتطلبها عملها اليومي االعتيادي ،كاألجور والرواتب وإيجارات األبنية واحتياجات
المنظمة من تأثيث وقرطاسية وخدمات بريدية وهاتفية .وتكون هذه النفقات ملزمة للجميع برأي هذه
الدول.
-2النفقات االستثنائية التي تنتج عن أداء المنظمة لمهامها وممارستها الختصاصاتها وهذه النفقات ال
يستلزمها نشاط المنظمة اليومي كنفقات التدخل من قبل المنظمة وفق ميثاقها ،إذ ترى هذه الدول عدم
االلتزام بها.
والمسألة التي دفعت هذه الدول لوضع التقسيم أعاله هو الموقف من قوة الطوارئ الدولية التي تنشئها
المنظمة الدولية في ظروف معينة (كما حصل إبان العدوان الثالثي على مصر عام 1956وكذلك عمليات
األمم المتحدة في الكونغو) ،إذ ترى هذه الدول طبقا للتقسم المذكور انها غير ملزمة بدفع تكاليف قوات
الطوارئ ،مما حدا بالمنظمة إلى طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية ،التي أصدرت فتواها عام
1962بأن هذه النفقات تعد من نفقات هيئة األمم المتحدة التي يلتزم بها األعضاء جميعهم في المنظمة.
29