Professional Documents
Culture Documents
ﺑﺎل أﺣﻤﺪ
إﻟﻰ واﻟﺪﺗﻲ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ وأﺳﻜﻨﻬﺎ اﷲ ﻓﺴﻴﺢ ﺟﻨﺎﻧﻪ
وأن ﻳﺮﺣﻢ ﺟﻤﻴﻊ أﻣﻮاﺗﻨﺎ وأﻣﻮات اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن
إﻟﻰ واﻟﺪي أﻃﺎل اﷲ ﻓﻲ ﻋﻤﺮﻩ وإﺧﻮﺗﻲ وأﺧﻮاﺗﻲ واﻟﻰ
ﺟﻤﻴﻊ أﻗـﺎرﺑﻲ أﻫﺪي ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ.
إﻟﻰ أﺳﺘﺎذﻧﺎ اﻟﻤﺤﺘﺮم اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻴﺴﺎوي ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻔﻈﻪ
اﷲ ﺑﺤﻔﻈﻪ إن ﺷﺎء اﷲ وﺳﺘﺮﻩ ﺑﺴﺘﺮﻩ ﻧﺸﻜﺮﻩ ﺟﺰﻳﻞ اﻟﺸﻜﺮ
ﻋﻠﻰ اﻹﺷﺮاف ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ.
إﻟﻰ أﺳﺎﺗﺬﺗﻲ اﻟﻤﺤﺘﺮﻣﻴﻦ ﺣﻔﻈﻬﻢ اﷲ إﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ أﺳﺮة
اﻟﺤﻘﻮق
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ:أوﻻ
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ:ﺛﺎﻧﯾﺎ
-B.I.R.D : Banque internationale pour la reconstruction et le
développement
-C.C.I : chambre de commerce international
-C.I.R.D.I : Centre international pour le règlement des
différends relatifs aux investissements
-P : page
- A. A. A : Association Arbitrage American
ﻣﻘــــــــــــــــــــدﻣﺔ
ﻣﻘدﻣـ ــﺔ:
ﯾﻠﻌب اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﺿر دو ار ﺑﺎر از ﻓﻲ ﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ﺑﯾن أطراف اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ،
واﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻔواﺋد اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻘﻘﻬﺎ ﻟﻣن ﯾﺧﺗﺎروﻧﻪ ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﺣل ﻧزاﻋﺎﺗﻬم .ﻓطﺑﯾﻌﺔ اﻹﺟراءات
اﻟﻣﻌﺗﻣدة ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻏﯾر ﻣﺷﺟﻌﺔ ﻷطراف اﻟﻌﻘد وﻫذا ﻣﺎ ﻻ ﯾﻧﺳﺟم ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺔ ﻫذﻩ اﻟﻌﻘود
اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺄﺛر ﺑﻌﺎﻣﻠﻲ اﻟﺳرﻋﺔ و ﺗﻘﻠب اﻷﺳﻌﺎر ﻛﻣﺎ أن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾوﻓر ﻗدر ﻣن اﻟﺳرﯾﺔ ﻷطراف
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ.
ﻣن ﺧﻼل اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ،1و ﺑﺎﻟﺗﺣدﯾد
اﻟﻧﺻوص اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﺗﺗﺑﻠور ﻟدﯾﻧﺎ ﻓﻛرة ﻣﻔﺎدﻫﺎ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري
ﻏﯾر ﻧﻬﺎﺋﯾﺎ اﻟﻧﺿرة اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻزﻣت ﻣوﻗﻔﻪ ﻣن ﻫذﻩ اﻟوﺳﯾﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋل ﻓض اﻟﻧزاﻋﺎت
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟواﺳﻊ ،إذ اﻧﺑﺛﻘت ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻧﺻوص اﻟﻧظرة اﻟﺟدﯾدة
اﻟﻣﺷﺟﻌﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﺗﺑ ار إﯾﺎﻫﺎ ﻟﺑﻧﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻣن ﻟﺑﻧﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ،اﻟﺗﻲ
ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻻﻧﻔﺗﺎح اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻧﺳﺣﺎب اﻟدوﻟﺔ ﻣن اﻟﺣﻘل اﻻﻗﺗﺻﺎدي ،ﻓﻬو ذو أﻫﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻧظ ار
ﻹﺳﻬﺎﻣﻪ ﻓﻲ إﺻﻼح اﻗﺗﺻﺎدي ﯾﻬدف ﻟﺗﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﻧﺎخ اﻻﻗﺗﺻﺎدي وﺟذب رؤوس أﻣوال اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ
وذﻟك ﺑﺈﻋطﺎء اﻟﻣﺳﺗﺛﻣر اﻟﺛﻘﺔ واﻻطﻣﺋﻧﺎن.2
إن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أﯾﺎ ﻛﺎﻧت ﺻورﺗﻪ ،ﺳواء ﻛﺎن ﻓﻲ ﺻورة ﺷرط وارد ﻓﻲ اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ أم
ﺻورة ﻓﻲ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﺳﺗﻘل ﻟﻪ أﺛر اﯾﺟﺎﺑﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗزام اﻷطراف ﺑﻌرض اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت
اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺄ ﺑﯾﻧﻬم ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم و ﺗوﻟﻲ اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت ﺳواء ﻛﺎﻧت
ﻫذﻩ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺻﺣﺔ اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ اﻟذي ﯾﺗﺿﻣن ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻛذﻟك اﻟﻧظر
ﺑﺎﻟطﻌون ﻋﻠﻰ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻫذا ﻣﺎ ﯾطﻠق ﻋﻠﯾﺔ ) ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص(.
ﻓﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﻼل ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ﻫﻲ ﻣﺑدأ اﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وﯾﻌﺗﺑر ﻣوﺿوع ﻧﻘل اﻟوﻻﯾﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﺣﺎﻛم
-1ﻗﺎﻧون رﻗم 09-08ﻣؤرخ ﻓﻲ ،2008/02/25ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻋدد ،21اﻟﺻﺎدر ﺑﺗﺎرﯾﺦ
.2008/04/23
-2ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،أطروﺣﺔ ﻟﻧﯾل درﺟﺔ اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون أﻋﻣﺎل،
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ،اﻟﺟزاﺋر 2017 ،ص .6
1
ﻣﻘــــــــــــــــــــدﻣﺔ
اﻟرﺳﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻣن أﻫم اﻵﺛﺎر اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺣﯾث
ﺗﺣل ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﺣل اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت ﻣوﺿوع اﻻﺗﻔﺎق.
وﻓﻲ ﻣﻌرض دراﺳﺗﻧﺎ اﻟﯾوم ﺳﻧﺣﺎول ﺷرح أﺣد أﻫم اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ
اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻫو "ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ،ﻟﻛن ﯾﺳﺗﻠزم اﻷﻣر اﻟﺗطرق ﺑﺷﻛل ﻋﺎم
ﻟﻣوﺿوع اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻘد ﺗﻌﺎﻗب ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ ﺗﻌرﯾف اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻬﻧﺎك ﻣن ﻋرﻓﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻧوع ﻣن
اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﺑﻔﺿﻠﻬﺎ ﻧزع اﻟﺧﻼﻓﺎت ﻣن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻌﺎدي اﻟوﺿﻌﻲ ﻟﺗﺣل ﻣن ﻗﺑل
أﺷﺧﺎص ﻣﻧوطﺔ ﺑﻬم ﻫذﻩ اﻟﻣﻬﻣﺔ أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻘد ﺗﻌرض
إﻟﻰ ﺟدل ﻓﻘﻬﻲ ﺣﺎد ﻟﻛن ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ذﻟك ﻓﺈن أﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻛﺎﻧت ﺗزداد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ إﻟﻰ أن ﺗوج ﻛﺄﺣد اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ وﺗم اﻻﻋﺗراف ﺑﻪ ﻓﻲ أﻏﻠب
اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﻏﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم وﻓﻲ ﻧﺿم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.1
إن ﺗﻛرﯾس و ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻻ ﯾﺗﺟﺳد ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻋﻣوﻣﯾﺎﺗﻪ ،ﺑل ﻣن ﺧﻼل
اﻻﻋﺗﻧﺎء ﺑﺎﻟﺟزﺋﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺗرﺗﯾب اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ أﻋﻼﻩ.
ﯾﺗﻣﺗﻊ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺧﺻﺎﺋص ،ﺗﺟﻌل ﻣﻧﻪ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﻣﻔﺿﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ﺑﯾن
اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻠﯾن ﻏﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻏﯾر أن ﺿﻣﺎن ﻓﻌﺎﻟﯾﺗﻪ ﯾﺳﺗوﺟب ﻋدم ﺗرك اﺗﻔﺎق
اﻷطراف ﻋﻠﯾﻪ ﺳواء ﻛﺎن ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم أو اﻟﻣﺷﺎرطﺔ ،ﻋرﺿﺔ ﻟﻼﻧﻬﯾﺎر ﻋﻧد أول ﻓرﺻﺔ
ﺗﻌﺻف ﺑﻪ ﺑﻔﻌل ﻫوى ﻓﻲ ﻧﻔس أﺣد اﻷطراف اﻟذي ﯾﺗﺻور أن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟن ﯾﻠﺑﻲ ﻣﺻﺎﻟﺣﻪ أو
ﺑﺳﺑب ﻋﺎرض ﺷﺎب ﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﻣن اﻟﺿروري ﺳد ﻛل ﺛﻐرة ﻗد ﯾﺳﺗﻐﻠﻬﺎ أﺣد
اﻟﻣﺣﺗﻛﻣﯾن ﻟﻠﺗﻣﻠص ﻣن اﻟﺗزاﻣﻪ اﻟﻣﺳﺑق ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻷﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧت ﻗوة اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﻛﻣن ﻓﻲ ارﺗﻛﺎزﻩ
ﻋﻠﻰ إرادة اﻷطراف ،ﻓﺎن ﻫذﻩ اﻹرادة ﯾﻣﻛن ﻟﻬﺎ ﻛذﻟك أن ﺗﻛون ﻣﺻد ار ﻟﺿﻌﻔﻪ إذا ﻣﺎ اﺳﺗﻌﻣل
2
أﺣد ﻫؤﻻء اﻷطراف ﺳوء ﻧﯾﺔ ﻟﻌرﻗﻠﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.
-1ﺑن زﯾن ﻧﺳرﯾن ،ﺣدادي ﺣﻣزة ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﺿل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ
اﻟﺳﺎﺑق ص.02 ،
-2ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص.08 ،
2
ﻣﻘــــــــــــــــــــدﻣﺔ
ﯾﺗوﻗف ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺗﻪ إذن ،ﻋﻠﻰ ﻣدى ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺣد ذاﺗﻪ وﻣدى
ﺣﻣﺎﯾﺗﻪ ﻣن ﻛل اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ إﻫدار اﻟﻣزاﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل ﻣﻧﻪ وﺳﯾﻠﺔ ﻣﻔﺿﻠﺔ ﻟﻔض
اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ،إذ ﺑﯾﻧت اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ أن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﻗد اﺻطدﻣت ﺑﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻌراﻗﯾل و اﻟﻣﻣﺎطﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺳﺑب ﻓﯾﻬﺎ اﻟطرف اﻟﺳﯾﺊ اﻟﻧﯾﺔ ،اﻟذي
ﯾﻬدف ﻣن وراءﻫﺎ إﻟﻰ ﺗﻌطﯾل إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻻﻧﻔﻼت ﻣن اﻟﺧﺿوع ﻟﻬﺎ ،ﻛﻣﺎ
رأى ﻓﯾﻬﺎ ﺗﻬدﯾدا ﻟﻣﺻﺎﻟﺣﻪ.
ﻓﯾﻠﺟﺄ اﻟطرف اﻟﺳﯾﺊ اﻟﻧﯾﺔ إﻟﻰ إﻧﻛﺎر اﺧﺗﺻﺎص ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﺳﺗﻧﺎدا ﻋﻠﻰ ﺧروج
اﻟﻧزاع اﻟﻣطروح ﻋﻠﻰ ﻣوﺿوع اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أو ﻗد ﯾﺗﻣﺳك ﺑﺑطﻼن أو اﻧﻘﺿﺎء ﻫذا اﻻﺗﻔﺎق،
ﻣﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ وﻫذا ﻣﺎ ﯾطرح ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻻﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗوﺟب اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣدى اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ واﺳﺗﺑﻌﺎد ﺗدﺧل
اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻗﺑل ﺻدور ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وذﻟك دون اﻟﻣﺳﺎس
ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟطرف اﻟذي ﯾﺣق ﻟﻪ اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺑطﻼن أو ﻋدم وﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،طﺎﻟﻣﺎ أن ﻫذا
اﻟﺑطﻼن أو ﻻﻧﻌدام ﯾﻣﻛن اﻟﺗﺣﻘق ﻣﻧﻪ ﺑواﺳطﺔ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺣظﺔ
اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ.1
ﻣن أﺟل ذﻟك ﻋﻣﻠت اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺟﺳﯾد ﻣﺑدأ إﺟراﺋﻲ ﻫﺎم وﻫو ﻣﺑدأ
"اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻣن أﻫم اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟذي ﯾﻌطﻲ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﻠطﺔ اﻟﺑث ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﻏﯾر أن
ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﺻطدم ﻣﻊ ﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
ذﻟك ﻷن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﯾن و ﻫﻣﺎ :ﺗطﺎﺑق إرادة اﻷطراف إﻟﻰ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم و
ﺳﻣﺎح اﻟﻣﺷرع ﻟﻬذﻩ اﻹرادة ﺑﺈﺣداث أﺛرﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻓﻘد ﯾﻛون اﻟﻬدف ﻣن ﻫذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻫو اﻟﺗﯾﻘن
ﻣن ﻣراﻋﺎة اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﯾﺗطﻠﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻟوطﻧﻲ ،ﻣن أﺟل اﻻﻋﺗراف ﺑﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم أو اﻟﺗﺛﺑت
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص .09
3
ﻣﻘــــــــــــــــــــدﻣﺔ
ﻣن وظﯾﻔﺔ اﻟﻣﺣﻛم واﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﻧوط ﺑﻬﺎ وﻣدى اﺣﺗراﻣﻪ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺳواء اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم ذاﺗﻪ أو ﺑﺈﺟراء اﻟﺗﺣﻛﯾم وذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻌن ﺑﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﺑطﻼن.1
ﺗﻛﻣن أﻫﻣﯾﺔ ﻣوﺿوع دراﺳﺗﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ ﺳد اﻟﺛﻐرة اﻟﻣوﺟودة واﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ
ﻧﻘص اﻟدراﺳﺎت واﻟﺑﺣوث اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣوﺿوع ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻛﺗﺟﺳﯾد ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،وﻛذا ﻧدرة اﻟدراﺳﺎت اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ واﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﯾدان وﻣﺎ
ﯾؤﻛد ذﻟك ﻧﻘص اﻟﻣراﺟﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻛﻣوﺿوع ﻣﺳﺗﻘل ،ﺑل
أﻏﻠب اﻟدراﺳﺎت ﺗﻧﺎوﻟت اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺛﺑت ﻗﻠﺔ اﻟدراﺳﺎت
اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬذا اﻟﻣوﺿوع.
ﺳﺗﺳﻣﺢ دراﺳﺔ ﻫذﻩ اﻟﺗطورات واﻟﺣﻠول اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ذﻟك ﺑﺗﺣدﯾد ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع
واﻟﻘﺿﺎء ﻣن اﻟﻣﺑدأ ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣﻬﺗﻣﯾن ﺑﻣوﺿوع اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻣن ﻓﻬم
اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﻟﺟدﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣﻠﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟﺗطورات ،ﻛﻣﺎ آﻣل أن ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ إﺳﻬﺎﻣﺎ
ﻣﺗواﺿﻌﺎ ﻓﻲ إﺛراء اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع وﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﺷر ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺻﻔﺔ
ﺧﺎﺻﺔ وﺛﻘﺎﻓﺔ ﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت ﺑطرﯾﻘﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﺗﻣﺎﺷﯾﺎ ﻣﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻟﻠﺳﻠطﺎت ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﻣﺟﺎل.
ﻧظ ار ﻷﻫﻣﯾﺔ ﻣوﺿوع ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻓﻲ ﺗﺟﺳﯾد ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﻓﻲ ﺿل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ وﺟدﻧﺎ ﻣن اﻟواﺟب اﻟﺗﻌﻣق واﻟﺗﻣﺣﯾص ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﻣوﺿوع وﻓﻘﺎ ﻟﻺﺷﻛﺎﻟﯾﺔ :ﻣﺎ ﻣدى ﺗﺟﺳﯾد ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ؟
وﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ارﺗﺄﯾﻧﺎ إﻟﻰ ﺗﻘﺳﯾم ﻣوﺿوع ﻣذﻛرﺗﻧﺎ إﻟﻰ ﻓﺻﻠﯾن :ﺗطرﻗﻧﺎ إﻟﻰ
اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻓﻲ) اﻟﻔﺻل اﻷول( ،ﺛم ﺗطرﻗﻧﺎ إﻟﻰ
ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ
)اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺟﺎﯾﺔ ،06000اﻟﺟزاﺋر
ص .199
4
ﻣﻘــــــــــــــــــــدﻣﺔ
اﻋﺗﻣدﻧﺎ ﺧﻼل دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣوﺿوع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟوﺻﻔﻲ واﻟﻣﻘﺎرن ،واﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ،
ﺣﯾث وظﻔﻧﺎ ﺑﻌض اﻟﻣواد ﻣن اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم وﺗﺄﻛد ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻛﺎﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﺻري ،وﻛذا اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻷﺟل اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،وﺗﺳﻠﯾط اﻟﺿوء
ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎط اﺧﺗﻼف وﺗواﻓق ﻫذﻩ اﻟﻘواﻧﯾن.
5
اﻟﻔﺼﻞ اﻷول
ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎص
6
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻣن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم،
وﻟﻘد ﺣظﻲ ﺑرﻋﺎﯾﺔ ﻣن طرف اﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﻲ ،ﺣﯾث اﻧﻪ ﯾﻧﻘل اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ
إﻟﻰ ﻗﺿﺎء ﺧﺎص ،أﻧﺷﺎﻩ أطراف اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺣﯾث ﯾﺻﺑﺢ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻫو ﺻﺎﺣب اﻟوﻻﯾﺔ
ﻓﻲ ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺑرم ﺑﺷﺄﻧﻪ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﺗﻘﺗﺿﻲ دراﺳﺔ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﯾﺎن ﻣﺣﺗواﻩ ﻣﻔﻬوﻣﻪ ،ﻗراءﺗﻪ وﻣﻌرﻓﺔ
ﻣﻔرداﺗﻪ،ﺷرح ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﯾل ،اي ﻣﻌرﻓﺔ اﻻﻧطﻼﻗﺔ اﻷوﻟﻰ ﻟﻬذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ،ﻧﺷﺄة
ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،وﺗطور ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ اﻟوطﻧﻲ واﻟﻌﺎﻟﻣﻲ،
وﻗد ﺗم إﺳﻘﺎط ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص ﻫﯾﺋﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ،
اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وأن ﯾﺻدر ﻗرار أوﻟﻲ أﻣﺎ ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
أو ﻋدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ،ﻗﺑل أن ﯾﻔﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ
ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﺗﺳوﯾﺔ ﻧازﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺷﺎ ﺑﯾن اﻟدول واﺣد رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى .
وﻗد ﺣظﻲ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم ﻛﺑﯾر ﻣن طرف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ
واﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ،وﺗﺑﻧﺗﻪ ﺑﻌض اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛﺎﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ
12أﻓرﯾل ،1961واﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن اﻟﻣﻧﻌﻘدة ﺑﺗﺎرﯾﺦ 18ﻣﺎرس ،1965ﻛذﻟك ﻧﺟد ﻣراﻛز
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺋﻣﺔ ،اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول واﺣد رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول
اﻷﺧرى ،CIRDIوﻏرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺑﺎرﯾس ،CCIﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ AAAﻛل
ﻣن ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﺗـﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،وﺗﻛرﯾﺳﻪ ﻣن
طرف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ وأﻧظﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﺟﺳﯾدا ﻟﻔﺎﺋدﺗﻪ وﻗﯾﻣﺗﻪ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻣن ﺟﺎﻧب
اﻹﺟراءات ﻓﻲ ﺗﺟﺳﯾد اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻧظ ار ﻟﻸﻫﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣظﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص دوﻟﯾﺎ وﻣﺣﻠﯾﺎ ،اﻫﺗم اﻟﻔﻘﻬﺎء
ﺑدراﺳﺔ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺑﺣث ﻋن ﻣدﻟوﻟﻪ واﻷﺳﺎس اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻪ وﻫذا ﻣﺎ ﺳوف
ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ )اﻟﻣﺑﺣث اﻷول( ،وﺻوﻻ إﻟﻰ طرﯾﻘﺔ إﻋﻣﺎﻟﻪ واﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺗﻲ
ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻓﻲ )اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
7
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول
ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
إن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻣﺳﺗوﻓﯾﺎ ﻟﺷروطﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
اﻵﺛﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ .ﺗﺗﻣﺛل ﻫذﻩ اﻵﺛﺎر ﻓﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ واﻵﺛﺎر اﻹﺟراﺋﯾﺔ ﻓﺎﻵﺛﺎر
اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن اﻛﺗﺳﺎب اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻘوة ﻣﻠزﻣﺔ ﺗﻠزم اﻷطراف ﺑﻌرض اﻟﻧزاع ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺗﺗﺿﻣن ﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ،وأﺛﺎر إﺟراﺋﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن أﺛر
ﻣﺎﻧﻊ ﺑﺣﯾث ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻧزاع ﯾوﺟد ﺑﺷﺄﻧﻪ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أﻣﺎ اﻷﺛر
اﻵﺧر ﻓﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص واﻟذي ﻫو ﻣوﺿوع دراﺳﺗﻧﺎ.
ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻓﻬم وﺗﺣدﯾد ﻣﺿﻣون ﻣﺑدأ" اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" اﻟﺗطرق ﻟﻛل اﻟﺗطورات
اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ ﻣﻧذ ﻧﺷﺄﺗﻪ إﻟﻰ أن وﺻل إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻵن ،ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻋﻠﻣﻧﺎ أن اﻟﻣﺻطﻠﺢ
اﻟﻣﺳﺗﺧدم ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم ظﻬر ﻷول ﻣرة ﻓﻲ ﻣﺟﺎل آﺧر،وأن ﻣﻔﻬوﻣﻪ اﻟﺣﺎﻟﻲ
ﯾﺧﺗﻠف ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋن اﻟﻣﻔﻬوم اﻷﺻﻠﻲ.1
ﻓﻌﻠﯾﻪ ﯾﺳﺗوﺟب اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم ﻫذا اﻟﻣﺑدأ وﺑﯾﺎن ﻣﺣﺗواﻩ ،وﻗراءﺗﻪ وﻣﻌرﻓﺔ ﺑﻧﺎﺋﻪ
وﻣﻔرداﺗﻪ وﺑﯾﺎن أﻫﻣﯾﺗﻪ ،وﻛذﻟك ﻣﻌرﻓﺔ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺗﻔﺎﻋﻠﻪ ﻣﻊ ﻏﯾرﻩ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،وﻣﺎ ﯾﻘدﻣﻪ
ﻟﻧﺎ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣن أﺣﻛﺎم ﺗﻠﻌب دو ار ﺑﺎر از ﻓﻲ ﻧﺟﺎح ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ
ﻓﻲ)اﻟﻣطﻠب اﻷول(.
ﻣن ﺛم اﻟﺗطرق ﻟﻛل اﻟﺗطورات اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣﻧذ ﻧﺷﺄﺗﻪ إﻟﻰ أن وﺻل إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫو
ﻋﻠﯾﻪ اﻵن ،ﻋﻠﻣﺎ ﺑﺎن اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻣﺳﺗﺧدم ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم ظﻬر ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت
اﻟدوﻟﯾﺔ وأن ﻣﻔﻬوﻣﻪ اﻟﺣﺎﻟﻲ ﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﻣﻔﻬوﻣﻪ اﻷﺻﻠﻲ .وﻫذا ﻓﻲ)اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﺑﻌد اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺑدأ و اﻟﺗطورات اﻟﺗﻲ طرأت ﻋﻠﯾﻪ ﺳﻧﺗطرق إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ أﺳﺎس
ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣن ﺧﻼل )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث(.
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .16
8
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣطﻠب اﻷول
ﻣﻔﻬوم ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻋﺻب ﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ وﻣن
أﻫم اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،إذ ﯾﻌﺗﺑر ﻣن أول اﻷﻋﻣﺎل اﻹﺟراﺋﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺑث ﻓﯾﻬﺎ ﺳواء ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻬﺎ أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ دﻓﻊ أﺣد اﻟﺧﺻوم
وﻟﻘد وﺟد إﻋﻣﺎل ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﺑﻌض اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺛﺎرة أﺣد اﻟﺧﺻوم اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم
1
اﺧﺗﺻﺎص ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع
ذﻟك ﻧظ ار ﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﻣن أﺟل ﻋرﻗﻠﺔ إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻟذﻟك وﺟب ﻋﻠﯾﻧﺎ اﻟﺗطرق
إﻟﻰ ﻣدﻟول ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣن ﺧﻼل ﺷرح ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ وﺗﺑﯾﺎن ﺗﻌرﯾﻔﻪ اﻟﻠﻐوي واﻻﺻطﻼﺣﻲ
وﻫذا ﻓﻲ) اﻟﻔرع اﻷول( ،أﻣﺎ)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( ﻓﺳﻧﺗﻧﺎول ﻓﯾﻪ أﺻل ﻣﺻطﻠﺢ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ اﻟذي
ﺗﻧوﻋت وﺗﻌددت اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ اﻟﻔﻘﻪ ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ.
إن ﻟﻔظ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﯾﻛﺗﺳﯾﻪ اﻟﻐﻣوض وﻟﻬذا اﻟﺳﺑب ارﺗﺄﯾﻧﺎ اﻟﺗطرق إﻟﻰ
دراﺳﺔ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗطرق إﻟﻰ ﻣدﻟوﻟﻪ ﻟﻐﺔ واﺻطﻼﺣﺎ ﻹزاﻟﺔ ﻫذا اﻟﻐﻣوض
9
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻣﺎ ﻧﻼﺣظﻪ ﻣن اﻟﺗﻌرﯾﻔﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﯾﻬﺎ اﺳﺗﺧدام ﺑﻌض اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﺗﻲ ﺗﺛﯾر
اﻟﻠﺑس واﻟﻐﻣوض وﺑﻌض اﻟﻧﻘص ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻣﺑدأ ﻓﻔﻲ اﻟﺗﻌرﯾف اﻷول ﻧﺟد اﺳﺗﺧدام
ﻟﻔظ ادﻋﺎءات اﻟذي ﯾوﺣﻲ ﺑﺄن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻻ ﯾﺛﺎر إﻻ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ادﻋﺎء
وﻫذا ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ ﻓﻘد ﯾﺛﺎر اﻟﻣﺑدأ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺗﻰ رأى ﻋدم ﻣﺷروﻋﯾﺔ أو ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق
10
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﻛذﻟك اﻟﻘول ﺑﺄن اﻟﻣﺣﻛم ﻻ ﯾﻛون ﻣﺧﺗﺻﺎ إﻻ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ وﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺢ
ﻫذا ﯾﻌﺗﺑر ﺧطﺄ ﻓﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﯾﺗﺧذ ﺻورﺗﯾن :ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص وﺣﺎﻟﺔ
ﻋدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺳواء وﺟد اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺢ أو ﻏﯾر ذﻟك.
ﯾﻌد ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن أﻫم آﺛﺎر اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻹﺟراﺋﯾﺔ،
ﺣﯾث ﯾﻧﻘل اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ أﻟﻰ ﻗﺿﺎء ﺧﺎص أﻧﺷﺄﻩ أطراف اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺣﯾث
ﯾﺻﺑﺢ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻫو ﺻﺎﺣب اﻟوﻻﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺑرم ﺑﺷﺄﻧﻪ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻓﻣن ﺧﻼل اﺳﺗﻘراء ﻧص اﻟﻣﺎدة 1044ﻣن ق إ م إ اﻟﺟزاﺋري ﯾظﻬر ﺟﻠﯾﺎ اﻋﺗراف اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﺑﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺣﯾث ﻧﺻت ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
1
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﺧﺎص ﺑﻬﺎ ،وﯾﺟب اﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻗﺑل أي دﻓﺎع ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع.
-أن ﻟﻠﻣﺣﻛم اﻟﺣق ﻓﻲ أن ﯾﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ و اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺣﻛم ﻣﻊ أﻋﻣﺎل
رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣﻛم.
-ﻓﻣﻌﻧﻰ ﺣق اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ أن ﯾﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ :أي أن اﻟﻣﺣﻛم ﯾﻣﻛن ﻟﻪ إﺛﺎرة
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ﺳواء ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص أو ﻋدﻣﻪ وﻻ ﯾﻧﺗظر اﻷطراف ﺣﺗﻰ
ﯾﻣﻧﺣوﻩ ﺻﻼﺣﯾﺔ ذﻟك.
ﺗﺄﻛﯾدا ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺑﺣﻛم أي اﻟﻣﺣﻛم ﻻ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﺑت ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑل ﯾﺟب إﻋﻼﻧﻪ ﺑﺣﻛم
ﺻﺎدر ﻣﻧﻪ وﻗﺑل اﻟﺷروع ﻓﻲ اﻟﻧزاع.
-1ﻟزﻫر ﺑن ﺳﻌﯾد ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ،دار ﻫرﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ
واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،اﻟﺟزاﺋر ، 2012 ،ص 83
11
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺳﻠﻣﻧﺎ ﺑﻣﺎ وﺻﻠت إﻟﯾﻪ ﺑﻌض اﻟﺑﺣوث ،ﻓﺈن أﺻل ﻣﺻطﻠﺢ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ظﻬر ﻷول ﻣرة ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟدﺳﺗوري و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺣﯾث اﺳﺗﻌﻣل ﻣن ﻗﺑل
ﺑﻌض ﻓﻘﻬﺎء اﻷﻟﻣﺎن ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣﻘﺻود ﻣن ﻓﻛرة ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ،وذﻟك ﺑﺻدد اﻟﻧﻘﺎش اﻟذي
دار ﺣول اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔدراﻟﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ،ﻗﺑل أن ﯾﻌود ﻟﻠواﺟﻬﺔ ﻣؤﺧ ار
ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﻧﻘﺎش اﻟذي ﺻﺎﺣب ﺑﻧﺎء اﻻﺗﺣﺎد اﻷوروﺑﻲ ﺣول ﺗﺣدﯾد طﺑﯾﻌﺗﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ.2
ﻧظرا ،ﻟﻣﺎ ﯾﺛﯾرﻩ اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻣن ﺧﻠط وﻟﺑس،ذﻫب ﺟﺎﻧب ﻣن اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ 3إﻟﻰ
ﺗﺣﺎﺷﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﺳﺎﻟف اﻟذﻛر و اﺳﺗﺧدام ﻣﺻطﻠﺢ compétence-
compétenceاﻟذي ﻟﻪ ﻣﻔﻬوم ﻣﻐﺎﯾر إذ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ
4
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺻﻔﺔ ﻧﺳﺑﯾﺔ ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺧﺿوﻋﻪ ﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ وﻫذا ﻣﺎ أﺧذ ﺑﻪ اﻟﻔﻘﻪ اﻟﺳوﯾﺳري،
ﻧﻌﻧﻲ ﺑﻪ أن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﺣدد اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻧﻔﺳﻬﺎ ،ﻓﺈذا اﻋﺗﺑر اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن أﻧﻔﺳﻬم ﻣﺧﺗﺻﯾن
ﺗﺎﺑﻌو اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟدﻋوى ٕواﻻ أﻋﺎﻧوا ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻬم ورﻓﻌوا أﯾدﯾﻬم ﻋن اﻟدﻋوى وﻟﻘد ﻋﺑر
اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻠﻔظ اﻟوﻻﯾﺔ ) (Investitureوﻟﯾس
12
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
13
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺧﻼل ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻔواﺋد اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ
)أوﻻ( وﺿﻣﺎن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ)ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺷﺄ ﻓﻲ طﯾﺎﺗﻬﺎ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣﺎ
ﺻرح ﺑﻪ وزﯾر اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻋﻧدﻣﺎ طﻠب ﻣﻧﻪ إﺑداء رأﯾﻪ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻠﺟﻧﺔ
اﻟﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻣﻧدوﺑﯾن ﻣن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ و اﻟﻣﻛﺳﯾك وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﻌﺎﻫدة اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﺑﯾن
اﻟدوﻟﺗﯾن ﻓﻲ 1839/04/11ﻟﻔﺣص ﺷﻛﺎوى ﻣواطﻧﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﻣﺎ أﺻﺎﺑﻬم
أﺿرار ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺳﯾك ،ﺣﯾث ﺻرح ﺑﺄن اﻟﻠﺟﻧﺔ وﺣدﻫﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠك ﺗﺣدﯾد اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ اﻟﺧﺎص،
ﻛذﻟك وﺟب ﻋﻠﯾﻬﺎ أن ﺗﺣددﻩ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻬﺎ.
1
-أﺣﻣد ﻋﻠﻲ أﻧور اﻟطﺷﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ص . 45
-2ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .20
14
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
وﺗﻌود أدراج اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﺷﺗﻬرت ﺑﺎﺳم اﻷﻟﺑﻠﻣﺎ ﺣول اﻟﻧزاع اﻟذي ﺛﺎر
ﺑﯾن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ وﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ و ﻋرﺿت ﻋﻠﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻓﻘﺎ ﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﻣﺑرم ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن ﻓﻲ واﺷﻧطن ﺑﺗﺎرﯾﺦ ،197/05/08وﻣﺎ أﺛﯾر أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﺑﺧﺻوص ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻫو طﻠب اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺗﻌوﯾض ﻋن
اﻷﺿرار اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ،اﻟﺗﻲ ﺳﺑﺑﺗﻬﺎ ﺳﻔﯾﻧﺔ اﻷﻟﺑﺎﻣﺎ ،أﯾن واﺟﻬﺗﻪ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﺑﺎﻟﺗﻣﺳك ﺑﻌدم
ﺷﻣول اﻟدﻋوى ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟطﻠب ،ذﻟك أن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﺳﺑق أن ﺗﻧﺎزﻟت ﻋن
اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺗﻌوﯾض اﻷﺿرار اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة.
وﻗد ﺗوﺻﻠت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ،إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﻣﺧﺗﺻﺔ ﻓﻲ ﺗﻘدﯾر اﻷﺿرار
اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻻ ﯾﻘﺑل ﺑﻬﺎ ،وﻗول اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻓﻲ
اﻷﺿرار اﻟﻐﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﯾﻌﻧﻲ ﺑﻣﺎ ﻻ ﯾدع ﻣﺟﺎﻻ ﻟﻠﺷك أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺣﻛم ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻓﻲ
اﻷﺿرار اﻟﻣﺑﺎﺷرة و ﺗﺄﻛﯾد ٕواﺛﺑﺎت ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص 1وﻫﻧﺎك ﺟﺎﻧب آﺧر ﺳﺎﻋد
ﻋﻠﻰ ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺑدأ واﻧﺗﻘﺎﻟﻪ إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ أﻓﺿل وﻫو اﻻﺗﻔﺎق اﻟدوﻟﻲ ﺑﯾن اﻟدول واﻟذي
ﺳوف ﻧﺗﻧﺎوﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺛﺎﻧﻲ.
15
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟﻬﺎ اﻟﺻﻼﺣﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﺣﺗﻰ ﻟو اﺿطرت
1
إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
وﻛذﻟك ﻣن ﺑﯾن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﺗﻲ أﻗرت ﺑﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻷورﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗﺳوﯾﺔ
اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧزاﻋﺎت اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﺑﯾن اﻟدول اﻷورﺑﯾﺔ ﺳﻧﺔ ،1957ﻫذﻩ ﺑﻌض اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ
وواﺻﻠت ﻣﺳﯾرة اﻗرار ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ و ﺑﺎﻟﺧﺻوص ﺑﻌد
اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻣن ذﻟك أﻗرت اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻧروﯾﺞ واﻟﺳوﯾد اﻟﺗﻲ
ﻧﺻت ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 04ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ" اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" و اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﻧروﯾﺞ
و ﻓﻧﻠﻧدا ﺑﺗﺎرﯾﺦ 3ﻓﺑراﯾر 1956م وﯾوﺟد اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻫدات وﻛﺎن ﻣن إﺣداﻫﺎ
اﻟﻣﻌﺎﻫدة اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﺑﯾن اﻟﺟزاﺋر وﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ 26ﯾوﻧﯾو . 1963ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة 07ﻋﻠﻰ
أن" اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﯾﻠﺗزم ﺣﻠﻬﺎ ﻷﺟل ﺗﺳوﯾﺔ اﻟﺧﻼف ﺑﻣﺎ ﻓﻲ
ذﻟك اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ اﻟﺧﺎص ،واﻣﺗد إﺑرام ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت إﻟﻰ ﯾوﻣﻧﺎ ﻫذا ،وﻓﻲ ﻛل
وﻗت ﻫﻧﺎك اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﺗﺑرم ﺑﯾن اﻟدول ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أﯾن ﺗﺣﻣل ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت ﻓﻲ طﯾﺎﺗﻬﺎ
2
ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص.
ﯾﻠﻌب اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ دو ار ﻛﺑﯾ ار ﻓﻲ ﻓض اﻟﻧزاﻋﺎت ،ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ
ﻣﺟﺎل ﻋﻘود اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ و اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟﺿرورة ﺗﺷﺟﯾﻊ ﻫذا اﻟطرﯾق اﻟﺑدﯾل ﻋﻣدت ﻣﻌظم
اﻟدول ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻗواﻧﯾﻧﻬﺎ اﻟﻣﻧﺿﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﻣن أﺟل ﺗﻛرﯾس ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،وﯾﻌد ﻣؤﺷ ار ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ﯾﻘﺎس ﻋﻠﯾﻪ ﻧﺿﺞ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدوﻟﺔ .
ﻓﻛﺎن اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﯾﻌﺗﺑر أرﺿﯾﺔ ﺧﺻﺑﺔ ﻟﺗطور ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺑدأ اﻟذي ﺗم ﺗﻛرﯾﺳﻪ
ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌدل و ذﻟك ﺗﻣﺎﺷﯾﺎ ﻣﻊ اﻟﺗطور اﻟﻌﺎم اﻟذي ﻋرﻓﻪ اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﻋﻘود اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ.3
1
-أﻧور ﻋﻠﻲ أﺣﻣد اﻟطﺷﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص .47
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.48 ،
-3ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم " ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ " اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.21 ،
16
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻓﺑﻌدﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻗﺑل ذﻟك ،ﻣن أﺷد اﻟﻣﻌﺎرﺿﯾن ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺣﯾث ﻛﺎن اﻟﻣﺣﻛم ﻣﻠزﻣﺎ ﺑﺈرﺟﺎء اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﻗﺑل اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ،و ﻫذا ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻌن ﻓﻲ ﺻﺣﺔ اﻻﺗﻔﺎق ،ﻫذا ﻣﺎ
ﻗﺿت ﺑﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 6أﻛﺗوﺑر ﺑﺣﯾث ﻛﺎن ﯾﻧظر أي ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻛﺎﺳﺗﺛﻧﺎء
ﻋن اﻟوﻻﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﺣﻘﺑﺔ.
ﺑﻌد اﻧﺗﻬﺎج ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻻﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺗﺷﺟﯾﻌﻪ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ،ﻋﻣﻠت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض
اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ ارﺳﺎء ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻘواﻋد و اﻟﻣﺑﺎدئ ذات اﻟﻧزﻋﺔ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗطﺑق ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﺑﺣﯾث ﺗﻬدف ﻣن وراءﻫﺎ إﻟﻰ ﺗوﺳﯾﻊ ﻧطﺎق اﻹرادة ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم
وﺗدﻋﯾم اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﻪ ،ﺳواء ﻣن ﺣﯾث اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﯾﻪ أو اﺟراءاﺗﻪ أو ﻣن ﺣﯾث اﻟﻘﺎﻧون اﻟواﺟب
1
اﻟﺗطﺑﯾق و ﻛذﻟك ﺿﻣﺎن ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻟﺟﺄ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ إﻟﻰ اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻋدة وﺳﺎﺋل ﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻛﻲ ﯾﺻل
إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻵن ﻣن اﻧﺗﺷﺎر واﻋﺗراف ﺑﻪ،ﻣن طرف اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ،واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ،وﺗطﺑﯾق ﻣﺑدا اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن
طرف ﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺋﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،ﻓﻘد ﻋﻣل اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻘرﯾرﻩ وﻟﻔﺗرة طوﯾﻠﺔ
ﺗﺣت ﻏطﺎء ﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﯾﺳﺗﻔﯾد ﻣن اﻟﻘوة اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻗﺑل أن
ﯾﺳﺗﻘل ﻋﻧﻪ .
ﻓﻲ ﺳﻧﺔ ،1980أدﺧﻠت ﺗﻌدﯾﻼت ﺟوﻫرﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﺷﻘﻪ
اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺧﻠﻲ و أﺻﺑﺣت اﻟﻣﺎدة 1466ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أن :
« si, devant l’arbitre, l’une des parties conteste dans son principe
ou son étendue le pouvoir juridictionnel de l’arbitre , il appartient à
» celui–ci de statuer sur la validité ou les limites de son investiture
ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل ﻧص ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ،أﻧﻪ إذا دﻓﻊ أﺣد اﻷطراف ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻓﺈن ﻟﻬذا اﻟﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،إﻻ أن ﻣﺎ
17
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺟﺎء ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص ﯾﻘﺗﺻر ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻧزاع ﺣول اﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛم أﻣﺎم ﻫذا اﻷﺧﯾر دون طرح اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ ،أي أﻧﻪ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣﻧﻪ
اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺗﻌدﯾل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 2013ﺑﺣﯾث ﻛرس اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻷﺛر
اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ.
ﯾﺗﺿﺢ ﻣن ﺧﻼل ﻧﺷﺄة ﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" واﻟﺗﺣوﻻت اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﻬﺎ اﻟﻰ أن
وﺻل إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﯾوم ،ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،أن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻧﺷﺄ وﺗطور
ﻣﺿﻣوﻧﻪ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ ﻟدواﻓﻊ وﻣﺑررات ﻋﻣﻠﯾﺔ أﻫﻣﻬﺎ ﺗﺣﺻﯾن اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣن اﻟﻐش
واﻟﺗﺣﺎﯾل وﺿﻣﺎن اﻛﺑر ﻗدر ﻣن اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ.
ﺑﻌد ﻧﺷﺄة ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﺳواﺑق ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ
ﺛم ﻓﻲ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻛﻣﺎ رأﯾﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،اﻧﻘﺳﻣت اﻵراء اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ ﻓﻲ ﺟدوى ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺑﯾن
ﻣﻌﺎرض وﻣؤﯾد وﯾﻌود ﻫذا اﻻﻧﻘﺳﺎم ﺣول طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن أﺧذ ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬم ﻣن اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﻣﻌﺎرض ﻟﻠﻣﺑدأ ،وﻣﻧﻬم ﻣن أﺧذ ﺑﺎﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم وﺗﺑﻧﻲ
وﻗد اﻋﺗﺑر اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷول اﻟﻣﻌﺎرض ﻟﻠﻣﺑدأ 2أن اﻟﻣﺣﻛم ﻻ ﯾﻣﻠك ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل 1
ﺗﺄﯾﯾد اﻟﻣﺑدأ
ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻻن ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣن إرادة اﻷطراف
واﻟﻣﺣﻛم ﻣﻠزم ﺑﺄن ﯾﺗﻘﯾد ﺑﺣدود ﻫذﻩ اﻹرادة وﻻ ﯾﻣﻠك ﺻﻼﺣﯾﺔ ﺗﻔﺳﯾر اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﯾﺣدد
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن ﻋدﻣﻪ ،ﻛﻣﺎ ﯾدﻋم أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﺑﻘوﻟﻬم ﻣﺗﻰ ﻛﺎن اﻟﻣﺣﻛم ﻣﻔوض ﻣن
ﻗﺑل اﻷطراف ﻓﻼ ﯾﻣﻛن ﻟﻪ ﺗﻔﺳﯾر اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑل ﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻌودة ﻷﺻﺣﺎب اﻟﺗﻔوﯾض
ﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻧواﯾﺎﻫم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد.3
18
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟذي ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻣﺑدأ وﯾﻌﺗﺑر أن ﻟﻠﻣﺣﻛم اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻻن إﻋﺎدة اﻟﻧزاع إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﯾؤدي إﻟﻰ اﻧﻬﯾﺎر ﻧﺿﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم
ٕواﺻﺎﺑﺗﻪ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻪ ،وﻧﺟد أن اﻟﻘﺎﻧون أﻗر ﺑﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺗﺄﯾﯾد ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺗﺿﻣﻧﺗﻬﺎ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت وأﻧظﻣﺔ وﻣراﻛز
اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻛﻣﺎ ﺗم اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﻣن اﻟﻣﺑررات اﻟﺗﻲ ﻗدﻣﻬﺎ ﻫذا
اﻻﺗﺟﺎﻩ:
* ﺛﻘﺔ اﻷطراف ﻓﻲ ﻗﺿﺎء اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻻ ﺗﻛﻣن ﻓﻘط ﻓﻲ ﺻدور ﺣﻛم ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،ﺑل
ﯾﺷﻣل ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻘ اررات اﻷوﻟﯾﺔ واﻟﺗﻣﻬﯾدﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻣن ﻗﺑل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﻲ ﻣن أﻫﻣﻬﺎ
اﻟﻘرار اﻟذي ﯾﺗﺿﻣن ﺛﺑوت اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻣن ﻋدﻣﻪ واﻟذي ﯾﺧﺿﻊ ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻋن طرﯾق
دﻋوى اﻟﺑطﻼن أو ﻋﻧد ﺑطﻠب ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﺣﻛم.
* ﺗﺣﺻﯾن اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻣن اﻟﻐش واﻟﺗﺣﺎﯾل ،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﻣﺣﺎﻛم
اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻋن طرﯾق طﻠب أﻣﺎم ﻫﺎﺗﻪ اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻣن ﻗﺑل
أﺣد اﻷطراف اﻟﺳﯾﺊ اﻟﻧﯾﺔ واﻟذي ﯾﻬدف ﻣن ﺧﻼﻟﻪ ﻋرﻗﻠﺔ ﺳﯾر ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم واﻟﻣﻣﺎطﻠﺔ
واﻟﺗﺣﺎﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟدﻋوى
ٕواﺣﺎﻟﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺣﺎﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﻧظر واﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ.1
* ﯾﺳﺎﻋد ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص إﻟﻰ اﺧﺗﺻﺎر ﻣدة اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ أﻣﺎم ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،إذ
ﻋدم اﻷﺧذ ﺑﺎﻟﻣﺑدأ ﯾﻌﻧﻲ اﻟرﺟوع إﻟﻰ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﻘﺿﺎء ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻓوع اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص
ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌﻠق ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم إﺟراءات اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ أﻣﺎﻣﻬﺎ واﻧﺗظﺎر ﻗرار
2
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ واﻟذي ﯾﺳﺗﻐرق وﻗﺗﺎ طوﯾﻼ.
-1أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺳﻼﻣﺔ ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ واﻟداﺧﻠﻲ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﺻر ،2004 ،ص
.517
-2رﺿوان ﻋﺑﯾدات ،اﻵﺛﺎر اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻹﻧﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻓق أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻷردﻧﻲ و اﻟﻣﻘﺎرن ،دراﺳﺎت ﻋﻠوم اﻟﺷرﯾﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون
اﻟﻣﺟﻠد ،38اﻟﻌدد ،02ص .660
19
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
وﻛذﻟك ﻣن ﺑﯾن اﻷﻫداف اﻟﺗﻲ ﯾﺳﻌﻰ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ اﻧﻪ ﯾﻣﻧﺢ
أﻗﺻﻰ ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ،ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗوﺻل إﻟﻰ ﺣل اﻟﻧزاع واﺻد ار ﺣﻛم ﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﻓﻲ أﻗﺻر
ﻣدة ﻣﻣﻛﻧﺔ ،وﻛل ﻫذﻩ اﻟﻣﺑررات ﺟﻌﻠت ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣﺑدأ ﻋﺎﻟﻣﻲ ﻛرﺳﺗﻪ ﺟل اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ
واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ وﻟواﺋﺢ وأﻧظﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺳﺎرﯾﺔ ﻟدى ﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺋﻣﺔ وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﻲ
ﻣﻧﺎ اﻟﺑﺣث ﻋن أﺳﺎس ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث.1
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث
أ ﺳﺎس ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
إذا ﻛﺎن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣﻌﺗرف ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت واﻻﺟﺗﻬﺎدات
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﺈن ﺗﺣدﯾد أﺳﺎﺳﻪ ﯾﺑﻘﻰ ﻣﺣل ﺧﻼف ﻓﻘﻬﻲ ،وﯾﻘﺻد ﺑﺄﺳﺎس ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻔﻛرة اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ ،وﺗﻌددت اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن أﺳﺎس ﻣﻘﺑول ﻟﻬذا اﻟﻣﺑدأ ،إذ
ذﻫب اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻐﺎﻟب ﺑﺄن أﺳﺎس ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺗﻌود إﻟﻰ ﻣﺑدأ
اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ)اﻟﻔرع اﻷول( ،ﻓﻲ ﺣﯾن ذﻫب ﺟﺎﻧب آﺧر ﻣن
اﻟﻔﻘﻪ ﺑﺎﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﯾﺟد أﺳﺎﺳﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟواﺟب اﻟﺗطﺑﯾق
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﻣﺑدأ ذو أﺳﺎس ﺗﺷرﯾﻌﻲ)اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،أﻣﺎ اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻟث واﻷﺧﯾر ﻓﺄﻧﻪ ﯾرى
ﺑﺄن أﺳﺎس اﻟﻣﺑدأ ﻫو أﺳﺎس ﻓﻧﻲ) اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث(.
20
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص 1وأﻧﻪ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻣن
ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﻣﺑدأ اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻧﻪ ﯾﻌطﻲ اﻟﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.2
ﻓﻣن اﻟﺣﺟﺞ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻧد إﻟﯾﻬﺎ أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ أن ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﻌﺗﺑر ﻣﻧﻔﺻل ﻋن
اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ و ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ إذا ﺷﺎب اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ﻋﯾب ﻣن اﻟﻌﯾوب ﻓﺈن ﻫذا ﻻ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ
ﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺣﻛم ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻷﻧﻪ ﻻ ﯾﺳﺗﻣد ﺳﻠطﺗﻪ ﻣﻧﻪ وﻏﻧﻣﺎ ﯾﺳﺗﻣدﻫﺎ ﻣن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟذي
ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺳﺗﻘل ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ وذﻟك اﺳﺗﻧﺎدا ﻟﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم . 3إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ
أن ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ،ﻓﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻧطﻘﻲ أن ﯾﻔﺻل
اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﺻﺣﺔ ﻋﻘد ﻫو ﻣﺻدر ﺳﻠطﺗﻪ ،إذ أن أﺳﺎس ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻫو اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﺣﺟﺞ اﻟﺗﻲ اﺳﺗﻧد ﻋﻠﯾﻬﺎ أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻟﺗدﻋﯾم رأﯾﻬم اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ
اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻫو أﺳﺎس ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص إﻻ اﻧﻪ وﺟﻬت ﻟﻬم
اﻧﺗﻘﺎدات و ذﻟك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﺟد ﻣﺟﺎﻟﻪ ﻋﻧد ﺗﻘدﯾر ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ،أﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﯾﺟد ﻣﺟﺎﻟﻪ ﻋﻧد اﻟﺑدء ﻓﻲ إﺟراءات
اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻗﺑل ﺗﻘدﯾر ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أي أﻧﻪ ﯾﺗم ﺗﻘرﯾر اﻻﺧﺗﺻﺎص أوﻻ ،وﻋﻠﯾﻪ ﻓﻣن ﻏﯾر
اﻟﻣﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص أﺛر ﻣﺑﺎﺷر ﻟﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻟﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم،
وﻗد ﻻ ﯾﺣﺗﺎج اﻟﻣﺣﻛم إﻟﻰ إﻋﻣﺎل اﻟﻣﺑدأ إذا ﺗﺑﯾن ﻟﻪ أن ﺻﺣﺔ اﻻﺗﻔﺎق ﻟن ﺗﺗﺄﺛر ﺑﺣﻛم اﻟﻌﻘد
وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن اﻟﻣﺣﻛم ﻻ ﯾﺗطرق إﻟﻰ ﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم إﻻ ﺑﻌد ﺗﻘرﯾر ﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص.
اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﻘﺎدات اﻟﻣوﺟﻬﺔ ﻷﺻﺣﺎب اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷول ظﻬر اﺗﺟﺎﻩ آﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻪ،
ﯾﻌﺗﺑر أن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﻘر اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻫو اﻷﺳﺎس اﻟذي ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
- 1ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد اﻟﺣداد ،اﻟوﺟﯾز ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت
2007،ص .235
-2ﻓوزي ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻣﻛﺗﺑﺔ دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻣﺎن 1997ص.208 ،
-3ﻧﺎرﯾﻣﺎن ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر,اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة 1996 ،ص .334
21
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص1،ﻓﻬم ﯾرون أن أﺳﺎس ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻻ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻷﻧﻪ ﻟﯾس ﻫﻧﺎك ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن ﻫذﯾن اﻟﻣﺑدأﯾن ،وأن اﻷﺧذ ﺑﻬﺎذ اﻟﻣﺑدأ ﯾﺻﻠﺢ ﻓﻘط
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺷرط ﻣن ﺷروط اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ،أﻣﺎ إذا اﺗﺧذ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻورة
ﻣﺷﺎرطﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أي ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛون اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ،ﻓﻬﻧﺎ ﯾﻌﺟز
ﺗﺑرﯾر ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ و ﻟﻬذا ﻓﺄن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﯾﺳﺗﻣد أﺳﺎﺳﻪ ﻣن اﻟﻧص اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﻣطﺑق ،أو ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ
دوﻟﺔ اﻟﻣﻘر ،ﻛﻣﺎ أن ﻛل ﻣن اﻟﻣﺑدأﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔﯾن ﻋن اﻵﺧر ﻓﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼل ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﺗﻌﻠق
ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ أم ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ اﺟراﺋﯾﺔ ﺗﺗﺣﻘق ﺑﻣﻧﺢ
اﻟﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ .2
وﻓﻘﺎ ﻟﻬذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻻﺑد ﻣن ﻧص ﺗﺷرﯾﻌﻲ ﯾﻌطﻲ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أي
أن أﺳﺎس ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻫو اﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﻛرﺳﻪ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﻘر اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻓﻲ ﻗواﻧﯾن اﻟدول
اﻷﺧرى اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻋرض ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺻﺎدر ﻣن اﻟﻣﺣﻛم ،واﻟذي ﯾﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻟﻼﻋﺗراف ﺑﻪ أﻣﺎم ﻣﺣﺎﻛﻣﻬﺎ.
وﻣن ﺛم اﺳﺗﻘر اﻟرأي اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر أن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ذو أﺳﺎس ﺗﺷرﯾﻌﻲ
أي أﺳﺎﺳﻪ ﻫو اﻟﻧص اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﯾﻛرﺳﻪ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﻘر اﻟﺗﺣﻛﯾم.
-1ﻣن أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻷﺳﺎس ،ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد اﻟﺣداد ،ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻷﺣدب
-2أﺣﻣد ﻋﻠﻲ أﻧور اﻟطﺷﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ص .71-70
-3اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ،ص .74-73
22
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻣﻔﺎد ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺣﺳب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻫو أن اﻟﻣﺣﻛم ﻫو
ﻗﺎﺿﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻓﻬو ﺗطﺑﯾق ﻟﻠﻣﺑدأ اﻟﻌﺎم اﻟذي ﻣﻔﺎدﻩ أن ﻛل ﻗﺎﺿﻲ ﻫو ﻗﺎﺿﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺧﺎص ،ﻋﻠﻰ اﻋﺗﺑﺎر أن اﻟدﻓوع اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ،ﺳواء ﺗﻌﻠق
اﻷﻣر ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻠﻲ أو ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻻﻧﺗﻔﺎء اﻟوﻻﯾﺔ أو ﺑﺳﺑب ﻧوع اﻟدﻋوى
ﺗﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ذاﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺳك ﺑﺎﻟدﻓﻊ أﻣﺎﻣﻬﺎ.1
ﯾرى اﻟﺑﻌض أن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣﺳﺗﻘل ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻪ وﻟﯾس ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺑﺎﺷرة
أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼل اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وذﻟك ﻟﻼﻋﺗﺑﺎرات اﻵﺗﯾﺔ:
-1أن ﻣﺟﺎل إﻋﻣﺎل ﻛل ﻣﺑدأ ﻣﺧﺗﻠف ﻋن اﻵﺧر ،ﻓﻣﺑدأ اﻻﺳﺗﻘﻼل ﯾﺟد ﻣﺟﺎﻟﻪ ﻋﻧد ﺗﻘدﯾر
ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﯾﺟد ﻣﺟﺎﻟﻪ ﻋﻧد اﻟﺑدء ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻗﺑل
ﺗﻘدﯾر ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
-2أن ﻣﺑدأ اﻻﺳﺗﻘﻼل ﯾﺗﻌﻠق ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ،ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﻣﯾﯾز اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋن اﻟﻌﻘد
اﻷﺻﻠﻲ أﻣﺎ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻬو ﻣﺳﺄﻟﺔ إﺟراﺋﯾﺔ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﻣﻧﺢ اﻟﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾر
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.2
-3إن ﻣن ﺷﺄن ﻧﻔﻲ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺷل ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وأﺳﺎس ذﻟك ﻷن
اﻟﺧﺻم اﻟﺳﯾﺊ اﻟﻧﯾﺔ ﺳوف ﯾﻌﻣد ﻋﻠﻰ ﻋرﻗﻠﺔ إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎدﻋﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﯾر أﺳﺎس
ﺑطﻼن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
إﻋﻣﺎل ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص أﻣﺎم
اﻟﻣﺣﻛم
ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟواﺳﻌﺔ اﻧﺗﺷﺎ ار ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﺳواء
ﻛﺎن ذﻟك ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟوطﻧﻲ أو اﻟدوﻟﻲ ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻌﺎدي ﻗد ﺣﺳم اﻷﻣر ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺳواء ﻛﺎن ﻣوﺿوﻋﻲ ﻧوﻋﻲ أو إﻗﻠﯾﻣﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻧوﻋﻲ ﻣن
23
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ،وﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺛﯾرﻩ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ وﯾﻔﺻل ﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ اﻟذي ﻻ ﯾﻌﺗﺑر ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم أي ﯾﻣﻛن ﻟﻸطراف ﻣﺧﺎﻟﻔﺗﻪ وﻻ ﯾﺛﯾرﻩ اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻻ
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ دﻓﻊ ﻣن أﺣد اﻷطراف ،ﻓﻼ ﺷك أن اﻷﻣر ﻣﺧﺗﻠف ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﺎﻟﻣﺣﻛم ﯾﻣﻛن
ﻟﻪ أن ﯾطﺑق ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ وذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺗﯾن ﻫﻣﺎ :ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺻﺣﺔ
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧراﻩ ﻓﻲ) اﻟﻣطﻠب اﻷول( ،ﻛﻣﺎ
ﯾطﺑق ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻌد إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص)اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،و اﻟﺑﺣث ﻓﯾﻣﺎ ﻗد
ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ﺗطﺑﯾﻘﻪ ﻣن آﺛﺎر ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺳواء ﺳﻠﺑﯾﺔ أو إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث(.
اﻟﻣطﻠب اﻷول
إﻋﻣﺎل اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ
ﯾﺗﻣﺗﻊ اﻟﻣﺣﻛم ﺑﻣﻛﺎﻧﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ وﻫﯾﺑﺔ ﻣﺛل ﻫﯾﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ،وﻧظ ار ﻟﻠﻌﻣل اﻟﻣﺳﻧد إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﺣﺳم
اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻷطراف أﺛﻧﺎء ﺳﯾر اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ أن اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﺧﺻوم ﻓﻲ
اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﺗﺣﻛﻣﻲ ﻋﺎدل ﻫﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﺗزام ﻣن ﺑﯾن اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗق
اﻟﻣﺣﻛم ﺑﻌض ﻫذﻩ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت ﯾﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ،واﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﯾﻘررﻫﺎ اﻷطراف ،وﻫﻧﺎك
اﻟﺗزاﻣﺎت ﺗﻔرﺿﻬﺎ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣوﻛﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛم وﻣن اﻟواﺟب ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﻔﻌل ﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص أو ﻋدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ وﻧذﻛر ﺣﺎﻟﺗﯾن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم
ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم)اﻟﻔرع اﻷول( ،وﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم) اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول :ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم
ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
إن ﻣن اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛم ﻫو اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣدى ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﺈذا ﻛﺎن
ﻫذا اﻻﺗﻔﺎق ﺑﺎطل ﻓﺈﻧﻪ ﻻﺷﻲء ﯾﻣﻧﻌﻪ ﺑﺈﻋﻼن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،أي اﻧﺗﻔﺎء ﺳﻠطﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻧظر
ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﻟﺑطﻼن اﻻﺗﻔﺎق اﻟذي ﻫو أﺳﺎس ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،إذ ﻻ ﯾﻣﻛن
ﻟﻠﻣﺣﻛم اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻘد ﺑﺎطل.1
24
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻛذﻟك ﻣن اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺻﺣﺔ وﺳﻼﻣﺔ اﻟﺷروط اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ و اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﺄن ﻟم ﺗﺗﺣﻘق ﻫذﻩ اﻟﺷروط ﻓﺎﻧﻪ ﯾﻌﻠن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن
ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ وﻻ ﯾﻧﺗظر ﺣﺗﻰ ﯾﺗم ﺗﻘدﯾم دﻓﻊ ﻣن أﺣد اﻷطراف وﻫذا ﻣن ﺻﻣﯾم ﻣﻬﺎﻣﻪ ،ﻷن
ﺗﻐﺎﻓل اﻟﺣﻛم ﻋن إﻋﻼن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺿﯾﺎع اﻟوﻗت و ﺗﺑدﯾد أﻣوال اﻷطراف
ﺑﻐﯾر وﺟﻪ ﺣق.
ﻓﻠﻛﻲ ﯾﻛون اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺧﺗﺻﺎ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ﻫﻧﺎك ﺣﺎﻻت ﯾﺣب ﺗواﻓرﻫﺎ ﻓﻲ
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺣﯾث ﯾﺟب أن ﯾﻛون ﻣدرج ﺿﻣن ﺷروط ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ وﺛﯾﻘﺔ ﻣﻛﺗوﺑﺔ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ
اﻷطراف ﺑﺎﻟﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ أو ﺗم إﺣﺎﻟﺔ اﻻﺗﻔﺎق إﻟﻰ ﻋﻘد ﻧﻣوذﺟﻲ ﯾﺗﺿﻣن ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛذﻟك ﻋﻧد ﺗﺣﻘق اﻟرﺿﺎ واﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﺧﻠق اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻪ ،وﺗﻘﺎﺑل إرادة اﻷطراف ﻓﻲ
اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﺗﺧﺎذ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺳﯾﻠﺔ ﻟﻔض اﻟﻧزاع.
ﻋﻠﻰ ﻋﻛس ﻣﺎ إذا ﺗﺑﯾن ﻟﻪ أن اﻹرادة ﻗد ﺷﺎﺑﻬﺎ ﻋﯾب ﻣن ﻋﯾوب اﻹرادة ﻛﺎﻹﻛراﻩ أو اﻟﻐﻠط أو
اﻟﺗدﻟﯾس ،وﻋدم ﺗوﻓر اﻷﻫﻠﯾﺔ اﻟﻣﻘررة ﻗﺎﻧوﻧﺎ وﻫﻲ أﻫﻠﯾﺔ اﻟﺗﺻرف ﻓﻬﻧﺎ اﻟﻣﺣﻛم ﯾﻌﻠن ﻋدم
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم
ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻟﻘد ﺳﺑق وأن رأﯾﻧﺎ ﻛﯾف ﯾﺗﻌﺎﻣل اﻟﻣﺣﻛم ﻣﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن ﺣﯾث ﻣﺣﻠﻪ
أﻣﺎ ﺑﺧﺻوص ﻫذا اﻟﻔرع ﻓﺳﻧﺗﻧﺎول اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺟوز ﺣﻠﻬﺎ ﻋن طرﯾق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻫﻲ
اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم.
ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﺑث ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ إذا ﻣﺎ ﺗﺑﯾن ﻟﻪ
وﺟود ﺧرق ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻣن ﻗﺑل اﻷطراف ﻓﻲ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ ﻣﺑﺎﺷرة اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن
ﻣﻬﻣﺗﻪ وﯾﻌﻠن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،و ﻫذا ﻣﺎ أﻛدﺗﻪ ﺑطرﯾﻘﺔ ﻣﺑﺎﺷرة أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﺑﺑطﻼن اﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺧرق ﻣﺗﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم.1
25
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻓﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم ﻗﺑل أن ﯾﻌﻠن ﻋن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أن ﯾﺗﺣﻘق ﻣن ﻧطﺎق اﻟﻧزاع
اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻣوﺿوع واﻟﺳﺑب واﻷطراف ،وﯾﻛون ﺗﻘدﯾر اﻟﻣﺣﻛم ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم اﻟﻣﻘرر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟواﺟب اﻟﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺧﺗﺎر ﻣن ﻗﺑل
اﻷطراف وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗم ﻗرار اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﯾﻬﺎ إذا ﻣﺎ ﺗم ﺗﻘرﯾر
اﻻﺧﺗﺻﺎص وﻣن اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﻻ ﯾﺟوز اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﯾﻬﺎ:
اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟﻧﺳب أو ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣدى ﺻﺣﺔ أو ﺑطﻼن ﻋﻘد اﻟزواج أو ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗﺣدﯾد ﺳن
1
اﻟﺑﻠوغ أو ﺑﺛﻣن اﻟﻣﺧدرات أو ﺑﺄﻣﻼك اﻟدوﻟﺔ و ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺳﺎﺋل.
و ﻫذا ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺳوﯾدي largregenﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ دارت أﺣداﺛﻬﺎ ﺑﯾن ﺷرﻛﺔ
ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ ﺗرﻏب ﻓﻲ إﺑرام ﻋﻘد ﻣﻊ اﻷرﺟﻧﺗﯾن ﺑﻘﯾﻣﺔ 4ﻣﻼﯾﯾن ﻟﯾرة ،وﺑﻌد اﻻﺗﺻﺎل ﺑﺎﻟﻣوظف
اﻟﻣﺣﻠﻲ اﻟذي ﻋﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑوﺳﻌﻪ ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﻋدة أو دﻋم اﻟرﺋﯾس اﻟذي ﺑدوﻧﻪ ﻛﺎﻧت
ﻓرﺻﺔ إﺑرام اﻟﻌﻘد ﺿﺋﯾﻠﺔ وﻣﻘﺎﺑل ﻫذﻩ اﻟﺧدﻣﺎت ﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻓﺎﺋدة ﻗدرﻫﺎ %10ﻣن اﻟﻣﺑﻠﻎ
اﻹﺟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻠﻌﻘد ،وﻟﻛن ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1995ﻓﻘد اﻟرﺋﯾس ﺳﻠطﺗﻪ و ﻫذا ﻟم ﯾﻣﻧﻊ اﻟﺷرﻛﺔ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ
ﻣن إﺑرام اﻟﻌﻘد ﺑﻣﺑﻠﻎ 09ﻣﻼﯾﯾن ﻟﯾرة وﻗد طﺎﻟب اﻟﻣوظف ﺑﺎﻟﻌﻣوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻗد وﻋدت ﺑﻬﺎ
اﻟﺷرﻛﺔ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﻋرض اﻟﻣوﺿوع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم ﻗﺎم ﺑﻔﺣﺻﻪ ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻗﺎﻧون ﻣﻘر اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻋﻠﻰ ﺿوء اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﺗم اﺧﺗﯾﺎرﻩ ﻣن ﻗﺑل اﻷطراف وﻫو اﻟﻘﺎﻧون
اﻷرﺟﻧﺗﯾﻧﻲ وﺣﻛم ﺑﺄن اﻟﻌﻘد ﻣﺧﺎﻟف ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﺑﻣطﺎﺑﻘﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ،وﺻرح
اﻟﻣﺣﻛم ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾرﻓض وﺟود ﻣﺑدأ ﻋم ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة
ﺑﻣﻘﺗﺿﺎﻩ ﺗﻛون اﻟﻌﻘود اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻟﻸﺧﻼق اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ أو ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺣﺔ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗل
ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻧﻔﯾذ وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﺗﻘررﻫﺎ اﻟﻣﺣﺎﻛم أو اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن ﻓﯾﻘﺿﻲ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.2
26
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻌد إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﯾﻌود ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ أﺳﺎﺳﻪ ﻟﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺛﺎر ﻓﯾﻬﺎ
اﻟﺷك ﺣول اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم 1،وﻋﺎدة ﻣﺎ ﯾﻛون ذﻟك ﺑواﺳطﺔ ﺗﺻرف ﺳﻠﺑﻲ ﺻﺎدر ﻣن ﻗﺑل
أﺣد اﻷطراف ،اﻟذي ﯾدﻓﻊ ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧ ازع ﻣﻣﺎ ﯾﺿطر
اﻟﻣﺣﻛم إﻟﻰ ﻣواﺟﻬﺗﻪ وذﻟك ﻣن ﺧﻼل إﻋﻣﺎل اﻟﻣﺑدأ اﻟذي ﯾﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﺑت ﻓﻲ
اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ 2،وﯾﻌود ﺳﺑب ﻗﯾﺎم أﺣد اﻟﺧﺻوم ﺑﻬذا اﻟدﻓﻊ ﺗﻌﺑﯾ ار ﻋن ﺳوء ﻧﯾﺔ وﯾﻬدف ﻛذﻟك
اﻟﺗﻬرب ﻣن ﺗطﺑﯾق ﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧﻪ اﻟﺗزاﻣﻪ اﻟوارد ﻓﻲ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
وﻗد ﯾﻛون ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻻﺑد أن ﯾﺑﺣث ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛم ﻟﯾﻘرر اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﯾﻛون ذﻟك ﺑواﺳطﺔ
ﺗﺻرف اﯾﺟﺎﺑﻲ ﯾﻘوم ﺑﻪ أﺣد اﻷطراف ﻋن طرﯾق أﺑداء دﻓﻌﺎ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ
ﯾﻣﻛن أن ﯾﺑﻧﻰ ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﻋﻠﻰ ﻋدة أﺳﺑﺎب ﻣﻧﻬﺎ إﻧﻛﺎر وﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺳﻘوطﻪ أو
اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ أو ﺑطﻼﻧﻪ وﻋدم ﺷﻣوﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع .
ﻓﻌﻠﯾﻪ ﻓﺈن اﻟﻣﺣﻛم ﯾﺟد ﻧﻔﺳﻪ أﻣﺎم ﻓرﺿﯾﯾن ،إﻣﺎ ﯾﻌﻠن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﻫذا ﯾﻌﺗﺑر ﺗﻌﺑﯾ ار ﻋن
رﻓﺿﻪ ﻟﻠدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص) اﻟﻔرع اﻷول( ،وﻏﻣﺎ ﯾﻌﻠن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﻫذا ﯾدل ﻋﻠﻰ
ﻗﺑوﻟﻪ ﻟﻠدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص) اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول :ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻓض اﻟﻣﺣﻛم اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم
اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻗد ﯾﻠﺟﺄ أﺣد اﻷطراف إﻟﻰ اﻟﺗﺷﻛﯾك ﺣول اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم وﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻗد ﺗﻛون ﻓﻲ
ﺻورة دﻓﻊ ﺑﻌدم وﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺳﻘوطﻪ أو اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ أو ﺑطﻼﻧﻪ ﻓﺈذا ﺗﻌرض اﻟﻣﺣﻛم
ﻷﯾﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻓﯾﺟب ﻋﻠﯾﻪ ﻷول ﻣﻬﻠﺔ أن ﯾﻌﻠن ﻋن ﻣدى اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻓﺈذا ﺗﺑﯾن
27
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺳوء ﻧﯾﺔ أﺣد اﻷطراف ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم أن ﯾرﻓض اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص وﻟﻪ أن
ﯾﻌﻠن ﻋن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.
أوﻻ :ﺗوﻗﯾت إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛم
ﻓﻠﻘد ﺛﺎر ﺟدل ﻓﻘﻬﻲ ﺣول ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺣدﯾد ﺗوﻗﯾت إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛم،
واﻧﻘﺳم اﻟﻔﻘﻪ ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ آراء:
-اﻟرأي اﻷول وﻫو اﻟرأي اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻟدﻓﻊ ﻣن اﻟدﻓوع اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ واﻟﺗﻲ ﯾﺟب ﻋﻠﻰ
1
اﻷطراف إﺑداءﻩ ﻗﺑل اﻟﺑﺣث واﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع
-اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ وﻫو اﻟرأي اﻟﺣدﯾث اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر اﻟدﻓﻊ ﻣن اﻟدﻓوع اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم ،ﻓﯾﺟوز إﺑداءﻩ ﺣﺗﻰ وﻟو ﺑﻌد اﻟﺑﺣث واﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،واﺳﺗدل أﺻﺣﺎب ﻫذا
اﻟرأي ﻋﻠﻰ اﻟﻘول ﺑﺄﻧﻪ ﻣن اﻷﻓﺿل اﻟﺗﺻدي ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻌد اﻟﺑﺣث واﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣوﺿوع أﻓﺿل وﺧﯾر ﻣن أن ﯾﺻدر اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﯾﻛون ﻣﺻﯾرﻩ اﻟﺑطﻼن .ﻟﻌدم
اﻻﺧﺗﺻﺎص وذﻟك ﺗوﻓﯾ ار ﻟﻠوﻗت وﺗﺣﻘﯾق اﻟﺳرﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﯾز ﺑﻬﺎ ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم.
-اﻟرأي اﻟﺛﺎﻟث ﻗﺳم اﻻﺧﺗﺻﺎص إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن ﻓﻔﻲ ﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم اﻟﺗﻲ
ﺗؤدي إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻻﺧﺗﺻﺎص ﯾﺟوز إﺑداء ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﻓﻲ أي وﻗت وﻟو ﺑﻌد اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣوﺿوع ،أﻣﺎ أذا ﻛﺎن اﻟدﻓﻊ ﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم ﻓﺄﻧﻪ ﻻﺑد ﻣن ﺗﻘدﯾم ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﻗﺑل
اﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع .2
وﻧﺣن ﻛﺑﺎﺣﺛﯾن ﻧرى ﺑﺄن اﻟرأي اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻫو اﻷﺟدر ﺑﺎﻟﺗﺄﯾﯾد وذﻟك ﻟﻘوة أﺳﺎﻧﯾدﻩ ﻣن ﺑﯾن اﻵراء
اﻟﻣطرﺣﺔ.
ﻛﻣﺎ ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن أﻏﻠب اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋﺎﻟﺟت ﺗوﻗﯾت ﺗﺻدي اﻟﻣﺣﻛم
ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن ﺧﻼل إﻋطﺎء اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﺗوﻗﯾت اﻟذي ﺗراﻩ
ﻣﻧﺎﺳﺑﺎ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ
28
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻓﻌل ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﻧص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﺻري ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ
اﻟدﻓوع اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع أو أن ﺗﺿﻣﻬﺎ
ﻟﻠﻣوﺿوع ﻟﺗﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ " 1وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺳﯾﺎق وﺑطرﯾﻘﺔ ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷرة أﻋطﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺗوﻧﺳﻲ
ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺣرﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔﺻل رﻗم 61ﻣن اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺗوﻧﺳﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة 03
ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" أذا ﺑﺛت ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ أي دﻓﻊ ﻣن اﻟدﻓوع اﻟﻣﺷﺎر أﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة 02ﻣن ﻫذا
اﻟﻔﺻل ﺑﺣﻛم ﺟزﺋﻲ ﯾﺟوز ﻷي طرف ﻓﻲ ﺑﺣر ﺛﻼﺛﯾن ﯾوﻣﺎ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ إﻋﻼﻣﻪ ﺑﻪ ،أن ﯾطﻠب
ﻣن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﺑﺗوﻧس أن ﺗﻔﺻل ﻓﻲ اﻷﻣر طﺑﻘﺎ ﻷﺣﻛﺎم اﻟﻔﺻل 78ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﻠﺔ.
ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ أﻋﻼﻩ ﻓﻘد ﻧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن ﺧﻼل اﻟﻔﻘرة 02ﻣن
اﻟﻣﺎدة 1044ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ " ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ
اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﺣﻛم أوﻟﻲ إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﻣوﺿوع اﻟﻧزاع " 2ﻣن
ﺧﻼل اﺳﺗﻘراء ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻗد وﺿﻊ ﻣﺑدأ ﻣﻔﺎدﻩ أن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﻻ ﺗﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ إﻻ ﺑﻣوﺟب ﺣﻛم أوﻟﻲ ﻗﺑل اﻟﺗﺻدي ﻟﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ،و ذﻟك ﺳﻌﯾﺎ
ﻣﻧﻬﺎ ﻟرﺑﺢ اﻟوﻗت وﺗدﻋﯾﻣﺎ ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻛﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻹﺷﺎرة ﻓﻲ اﻷﺧﯾر إﻟﻰ أن اﻷطراف ﯾﻣﻛن ﻟﻬم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺗوﻗﯾت ﺗﺻدي
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ ،ﻻن اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ إﺟراﺋﯾﺔ ﺗدﺧل ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺣرﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ اﻷطراف ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻬﺎ إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺑول اﻟﻣﺣﻛم اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم
اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻟﻘد رأﯾﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻛﯾف أن اﻟﻣﺣﻛم ﯾرﻓض اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص و ذﻟك ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﺷﻛﯾك
ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻛﻣﺎ أرﯾﻧﺎ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم ﻫذا اﻟدﻓﻊ ،أﻣﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻫﻲ
ﺣﺎﻟﺔ اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص وﻗﺑول اﻟﻣﺣﻛم ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﻓﻲ ﺣﻘﯾﻘﺔ اﻷﻣر ﺗﺄﺛر ﻓﯾﻪ ﻋدة ﻋواﻣل
29
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟطرف اﻟذي ﺗﻘدم ﺑﺎﻟدﻓﻊ وﻫو ﻋﺎﻣل ﺛﺎﻧوي وﻣﻧﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺣﻛم وﻫو
اﻟﻌﺎﻣل اﻷﺳﺎﺳﻲ
ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻌﺎﻣل اﻟذي ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟطرف اﻟذي ﺗﻘدم ﺑﻬذا اﻟدﻓﻊ ﻓﺎﻧﻪ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟدﻓوع
اﻟدﻓﻊ اﻷول:
ﻓﻬو ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟدﻓﻊ ﺣﺳن اﻟﻧﯾﺔ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺗﺑﯾن ﻟﻠﻣﺣﻛم ذﻟك ﻓﺄﻧﻪ ﯾﺄﺧذ ﺑﻬذا اﻟدﻓﻊ ﺑﺟدﯾﺔ وﯾﺑﺣث
ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﯾﺑﺣث ﻓﻲ ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗم ﯾﻌﻠن ﻋن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ
1
اﻟﻧزاع وﯾﺗم ﻫذا اﻹﻋﻼن وﻓﻘﺎ ﻟﻧﻔس اﻹﺟراءات اﻟﻣﺗﺑﻌﺔ ﻹﻋﻼﻧﻪ ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
اﻟدﻓﻊ اﻟﺛﺎﻧﻲ:
وﻫو اﻟدﻓﻊ اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺳوء ﻧﯾﺔ ن أﯾن ﯾﺣﺎول ﻓﯾﻪ ﻫذا اﻟطرف ﺗﺿﻠﯾل اﻟﻣﺣﻛم ﻋن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ
وذﻟك ﺑﺎﻟﺗﻣﺳك ﺑﺷﺑﻬﺎت ﻛﺎذﺑﺔ ،ﻣﻣﺎ ﯾوﻗﻊ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ أﻛﺎذﯾﺑﻪ ﻓﯾﻌﻠن ﻗﺑول اﻟدﻓﻊ وﯾﻌﻠن ﻋدم
2
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وﻫذﻩ اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺗوﻗﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻗدرة ﻫذا اﻟطرف ﻓﻲ ﺗوظﯾف ﺷﺑﻬﺎﺗﻪ.
أﻣﺎ ﻋن اﻟﻌﺎﻣل اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻟذي ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻗﺑوﻟﻪ ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻧوﻋﯾن ﻣن
اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن ﻫﻣﺎ:
اﻟﻧوع اﻷول :وﻓﯾﻪ ﯾﻛون ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻋﺎﻟﯾﺎ أﯾن ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻛﺷف ﻣدى
ﻣﺻداﻗﯾﺔ وﺟدﯾﺔ اﻟدﻓﻊ اﻟذي ﺗﻘدم ﺑﻪ أﺣد اﻷطراف ﻓﺄﻧﻪ ﯾﻌﻠن ﺑﻘﺑول اﻟدﻓﻊ وﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
دون ﺗﺄﺧر.
اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﯾﻛون ﻓﯾﻪ ﻣﺳﺗوى اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺿﻌﯾف أﯾن ﯾﻔﺗﻘر إﻟﻰ اﻟﻣؤﻫﻼت واﻟﻘدرات
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،وﯾﺳﺗﻐل طرف اﻟﺳﯾﺊ اﻟﻧﯾﺔ ﻫذا اﻟﺿﻌف ﻓﯾﻌﻠن اﻟﻣﺣﻛم ﻋن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﻧﺎء
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻧﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺻﺎر إﻟﯾﻬﺎ.
30
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث
آﺛﺎر ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﻣﺎ أن ﻣﺑدأ ﺳﻠطﺔ ﻓﺻل اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣدى اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ
اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟدوﻟﻲ أﯾن ّﻛرﺳﺗﻪ أﻏﻠب اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ ﻗواﻧﯾﻧﻬﺎ،
ﻓﻼﺑد ﻣن اﻟﺗطرق إﻟﻰ اﻵﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﺟﻬﺎ ،إذ ﯾﻧطوي ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺑﯾن :ﺟﺎﻧب اﯾﺟﺎﺑﻲ
ﯾﻬدف ﻟﻼﻋﺗراف ﺑﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ)اﻟﻔرع اﻷول ( وﻣﺎ ﺗﺿﻣن
ﺳﻠب اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺳﻠطﺔ اﻟﻧﺿر و اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﯾوﺟد ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
وﻣﻌروض ﻋﻠﻰ اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻟﻠﻔﺻل ﻓﯾﻪ ) اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( وﻫو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ
ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص.1
ﯾﺗﻣﺛل اﻷﺛر اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص ﻗﺿﺎء اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ
اﻟﺑث ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ دون ﻏﯾرﻩ ،ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻧﺗظر أن ﯾﻣﻧﺢ ﻟﻘﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ،
ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﯾدرس اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻓﻬو ﻟﻪ أﺣد اﻟﻔرﺿﯾن إﻣﺎ ﯾﻌﻠن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أو ﻋدم
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وﻻ ﯾﺗﺣﻘق ذﻟك إﻻ ﺑدراﺳﺔ ﻟﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن ﺣﯾث وﺟودﻩ أو ﺳﻘوطﻪ أو
ﺑطﻼﻧﻪ ٕ ،واذا ﻣﺎ ﻧﺿر اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻻ ﯾﺷﻣﻠﻬﺎ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع وﻟم ﯾﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﺄن
اﻟﻣﺣﻛم ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ إذا رأى أن اﻟدﻓﻊ اﻟﻣﻘدم ﺑﺷﺄن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺟدي ﻓﺄﻧﻪ ﯾﻌﻠن
ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،أﻣﺎ إذا رأى ﻋدم ﺟدﯾﺔ اﻟدﻓﻊ اﻟﻣﻘدم إﻟﯾﻪ ﻓﺄﻧﻪ ﯾﻌﻠن ﻋن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ و
ﯾﻣﺿﻲ ﻗدﻣﺎ ﻟﻠﺑﺣث ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع.2
إن ﻗﺎﻋدة إﻗرار اﻟﻣﺣﻛم ﻻﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن ﻋدﻣﻪ ﻻ ﺗﻌﺗﺑر ﻗﺎﻋدة ﺟدﯾدة اﺳﺗﺣدﺛﻬﺎ ﻧظﺎم
اﻟﺗﺣﻛﯾم ٕواﻧﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﺳﺗوﺣﺎة ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻧظﺎم اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻌﺎدي ،اﻟﺗﻲ ﺗﺟﻌل
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم "،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ" ،ﻣﻠﺗﻘﻰ وطﻧﻲ ﺣول
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﻌﻠوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ﺗﺑزي وزو ،ﯾوﻣﻲ 09-08،
ﻣﺎي 2013،ص .199
-2ﺑن زﯾن ﻧﺳرﯾن ،ﺣدادي ﺣﻣزة ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.15 ،
31
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻛل ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺧﺗﺻﺔ ﻣﺑدﺋﯾﺎ ﺑﺎﻟﻧﺿر ﻓﻲ أﻣر اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ وﻻﺑد ﻣن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻟﺗطﺑﯾق
ﻫذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ ﻧﺿﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻷﻧﻪ ﻟو ﻣﻧﺢ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﻔﺻل
ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻷدى ذﻟك إﻟﻰ ﺷل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻣﺟرد دﻓﻊ أﺣد
1
اﻟﺧﺻوم ﺑﺑطﻼن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺣﻛم أن ﯾﻌﻠن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺣﻛم ﺗﻣﻬﯾدي أو ﯾؤﺟﻠﻪ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺻدور اﻟﺣﻛم
اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،وﻗد ﻓرﺿت ﺑﻌض اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت أن ﯾﻔﺻل اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
ﻛﻣﺳﺄﻟﺔ أوﻟﯾﺔ ﯾﺟب ﺣﺳﻣﻬﺎ ﻓﻲ وﻗت ﻣﺑﻛر ﻗﺑل ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ ﻣن ﺑن ﻫذﻩ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت
اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺟزاﺋري وﻧﺟد أن ﻫذا اﻟﺟﺎﻧب ﻣﻛرس ﻓﻲ ﺟل اﻟﻘواﻧﯾن اﻟوطﻧﯾﺔ و اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ
ﻋﻠﻰ ﻋﻛس اﻟﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ.
ﯾطﺑق اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﺗﺑﻧﻲ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص أﻣﺎم ﻣﺣﺎﻛم اﻟدوﻟﺔ ،ﺣﯾث
ﯾﻘﺗﺿﻲ أن ﺗﻣﺗﻧﻊ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻋن اﻟﻧظر أو اﻟﺑث ﻓﻲ أي دﻋوى ﯾوﺟد اﻟﺷرط أﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ أو
ﺻﺣﺗﻪ ،أو ﻓﻲ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺻﺣﺔ وﺟود ﻫذا اﻟﺷرط ظﺎﻫرﯾﺎ ﻗﺑل أن
ﯾﻘول اﻟﻣﺣﻛﻣون ﻛﻠﻣﺗﻬم ﻓﯾﻬﺎ.2
ﻛﻣﺎ أن ﻫذا اﻷﺛر ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﻟﯾس ﻓﻘط اﻟﺑث ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،وأﻧﻣﺎ اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ
أوﻻ ﻗﺑل أي ﺟﻬﺔ أﺧرى ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻪ ﯾﻣﺗﻧﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﺿﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟذي ﯾﻌرض ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟﺑث ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻗﺑل أن ﺗﺗﺎح ﻓرﺻﺔ اﻟﺑث ﻓﯾﻬﺎ،
ﺣﯾث أن أﺑرز ﻣﺎ ﯾﻬدف إﻟﯾﻪ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ،ﻫو ﻓﺷل اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑوﺿﻊ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣوﺿﻊ طﻌن
3
وﻣن ﺛم ﻗطﻊ اﻟﻣﻧﺎورات اﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻌطﯾﺎ اﻟﺗﺣﻛﯾم.
وﺑﺎﻟرﻏم أن ﻫذا اﻷﺛر ﻣؤﺷر ﻫﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﺛﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﻬﺎ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﺗﺣﻛﯾم وذﻟك ﺗﺷﺟﯾﻌﺎ ﻟﻬذﻩ اﻟوﺳﯾﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن أﺣد وﺳﺎﺋل ﻓض اﻟﻧزاﻋﺎت ﻓﻬو ﯾﺷﻛل إﻟﻰ
32
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺣد اﻟﺳﺎﻋﺔ ﺧﺻوﺻﯾﺔ ﻓرﻧﺳﯾﺔ1،إذ ﯾﻌﺗﺑر اﻟﺑﻌض أن اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻛرﺳﻪ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺣﺗﻰ ﻗﺑل اﻟﺗﻌدﯾل اﻟذي طﺎل أﺣﻛﺎم ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﻧﺗﻲ 1980و .1981ﻣﺳﺗدﻻ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل ﺑﻣﺎ ﻗﺿت ﺑﻪ
ﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎرﯾس ﺑﺗﺎرﯾﺦ 09ﻣﺎرس 1972ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺧﻠﻲ ،واﻟﺗﻲ أﯾدت اﻟﺣﻛم
اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻟﺑﺎرﯾس اﻟذي ﻗﺿﻰ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 19ﻧوﻓﻣﺑر
.1971راﻓﺿﺎ اﻟطﻠب اﻟذي ﺗﻘدم ﺑﻪ أﺣد اﻷطراف و اﻟذي ﯾرﻣﻲ إﻟﻰ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ
ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗورﯾد ﻣواد ﺑﺗروﻟﯾﺔ ﯾوﺟد ﺑﺷﺄﻧﻪ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺑداﻋﻲ أن ﻫذا اﻟﺷرط أﺻﺑﺢ ﺑﺎطﻼ،
ﺣﯾث ﺻﺎﻏت اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻋﺑﺎرات واﺿﺣﺔ ،ﻓﻘد ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗررﻫﺎ أﻧﻪ"ﻛﺄﯾﺔ ﺟﻬﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﺄن
اﻟﻣﺣﻛﻣون ﻫم ﻗﺿﺎة اﺧﺗﺻﺎﺻﻬم وﻟﻬم أن ﯾﻔﺻﻠوا ﻓﻲ وﺟود أو ﺻﺣﺔ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟذي
ﯾﻌﯾﻧﻬم.2"...
وﻟﻘد ﺗﺻدى اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻟﻣﺷﻛﻠﺔ إﺛﺎرة أﺣد اﻷطراف ﺑدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص أﻣﺎم
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ وﻟم ﯾﺗﻧﺎول ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﺳوى اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﺗﻲ ﻧص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة
1458ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻣراﻓﻌﺎت اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﻋﻠﻰ ":إذا رﻓﻊ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ
ﻧزاﻋﺎ ﻣرﻓوﻋﺎ أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻣوﺟب اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﻌﻠﯾﻬﺎ إﻋﻼن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ إذ
ﻟم ﯾﺳﺑق ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ أن ﺗﻌﻬدت اﻟﻧزاع ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ أﯾﺿﺎ إﻋﻼن ﻋدم
اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻣﺎ ﻟم ﯾﻛن ﻋﻘد اﻟﺗﺣﻛﯾم واﺿﺢ اﻟﺑطﻼن". 3
ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﯾﺗﺿﺢ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻻ ﯾﻌﺗﺑر اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم و إﻧﻣﺎ ﻻﺑد ﻣن إﺛﺎرﺗﻪ ﻣن ﻗﺑل اﻟطرف ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ ،ﻛﻣﺎ أﻧﻪ
ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ اﻟﺑت ﻓﻲ اﻟدﻓﻊ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم إﻻ ﺑﺗوﻓر ﺷرط و
ﻫو أن ﯾﻛون اﻟدﻓﻊ ﻣﻘدم ﻣن ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ و ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﻣﺎرس ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ ،وﻻ ﯾﻬم أن
ﻛﺎن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺢ أو ﺑﺎطل ﻣن اﻟظﺎﻫر.
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم" ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ "،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق
،ص.200،
-2ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم " ،ﻓﻌﻠﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ" اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.25 ،
-3أﻧور ﻋﻠﻲ أﺣﻣد اﻟطﺷﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.116-115 ،
33
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟم ﺗﺗﺻل ﺑﻌد ﺑﺎﻟﻘﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾوﺟد ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻛﺎن
ظﺎﻫ ار ﻟﻬﺎ ﺑطﻼن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻔﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺑث ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﺳواء ﺗم اﻟدﻓﻊ ﻣن ﻗﺑل ﺻﺎﺣب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ أو ﻻ.
و ﺑﺎﻹﺟﻣﺎل ﻓﺈن أﺑرز ﻣﺎ ﯾﻬدف إﻟﯾﻪ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻫو ﻣﻧﻊ ﻓﺷل اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑوﺿﻊ اﻻﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﻣﻰ ﻣوﺿﻊ اﻟطﻌن ،وﻣن ﺛم ﻗطﻊ اﻟرﯾق أﻣﺎم اﻟﻣﻧﺎورات اﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻌطﯾل اﻟﺗﺣﻛﯾم.1
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن اﻷﺛر اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ و اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻧﺿﻣﺎم اﻟﺟزاﺋر إﻟﻰ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ﻟﺳﻧﺔ ،1958ﺗﻛون ﻗد اﻋﺗﻣدت اﻟﻘﺎﻋدة اﻟدوﻟﯾﺔ
اﻟﻣﻛرﺳﺔ واﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن وﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺣﺎ ،وﻫﻲ ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ
ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﻟذا ﺳوف ﻧﺑﯾن ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن اﻷﺛر اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ واﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص.
ﻛﻣﺎ وﻗد ﺳﺑق أن ﺑﯾﻧﺎ اﻷﺛر اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ھو اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظر ﻓﻲ
ﻣدى اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﺑﻣوﺟب اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺑرم ﺑﯾن اﻷطراف وﻗد ﻛرﺳت اﻟﺟزاﺋر ﻫذا اﻷﺛر
ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺎدة 1044ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ":ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ
اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﺧﺎص ﺑﻬﺎ ،وﯾﺟب إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻗﺑل أي دﻓﺎع ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع،
ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻘرار أوﻟﻲ ،إﻻ إذا ﻛﺎن اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﻣوﺿوع اﻟﻧزاع ".وﺑﻣﺎ أن إﻋطﺎء اﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻫو ﻣﺑدأ ﻣﻌﺗﻣد
وﻣﻛرس ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻻﺗﻔﺎق اﻟدوﻟﻲ ﻣﻧذ زﻣن ﺑﻌﯾد ،ﺟﻌل اﻟﺟزاﺋر ﺗﻛرﺳﻪ ﻓﻲ أﻧظﻣﺗﻬﺎ.
-1ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻷﺣدب ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.25 ،
34
اﻟﻔﺻل اﻷول :اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،إﻻ أﻧﻪ ﻟم
ﯾذﻫب إﻟﻰ ﺣد اﻷﺧذ ﺑﺎﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،واﻛﺗﻔﻰ ﺑﺎﻟﻧص ﻋﻠﻰ
أﻧﻪ " ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﺧﺎص ﺑﻬﺎ "...دون أن ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ
ﻣن اﻟﺗﺻدي ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻗﺑل أن ﯾﻔﺻل ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻓﯾﻬﺎ.1
ﻓﻬذا ﻣﺎ ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،إذ أﻧﻪ
ﻛرس اﻟﺟﺎﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ،1044وﻻ وﺟود ﻟﻠﺟﺎﻧب اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﻌدﯾل اﻟﺟدﯾد ،ﺑل
ﻧﺟدﻩ ﻓﻲ اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻟﺳﻧﺔ 1993ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 1/8ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﻛون
دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﻓﻊ أﺣد اﻷطراف دﻋوى أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛم أو اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن اﻟﻣﻌﯾﻧﯾن ﻓﻲ
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺑﺎﺷر أﺣد اﻷطراف إﺟراء ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ
ﻏﯾﺎب ﻣﺛل ﻫذا اﻟﺗﻌﯾﯾن ،ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﺧﺗص ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻣﺗﻰ ﻛﺎﻧت دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﻏﯾر ﻣﻌﻠﻘﺔ ،ﻓﻌﻛس اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ام ﯾﻛن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري واﺿﺣﺎ ﻓﻲ ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻛﻣﺎ ﯾﻔﻬم ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة أﯾﺿﺎ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﺣد اﻹﺟراﺋﯾﯾن ﻣن
2
أﺣد أطراف اﻟﻧزاع ﯾﻣﻛن اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ.
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم " ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ و ﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ" ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص
.200
-2ﺑن زﯾن ﻧﺳرﯾن ،ﺣدادي ﺣﻣزة ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.19 ،
35
اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﺗﻔﻌﯿﻞ ﻣﺒﺪأ اﻻﺧﺘﺼﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎص ﻛﻀﻤﺎن ﻟﻔﻌﺎﻟﯿﺔ
اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﺘﺤﻜﯿﻢ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﺪوﻟﻲ
36
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ أﻫﻣﯾﺔ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻧﺢ أﻛﺑر ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ ﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم،
وﯾﺳﺎﻋد ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص"ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن ﻣﺣﺎوﻻت ﺑﻌض أطراف اﻟﻧزاع ﻏﯾر
ﺣﺳﻧﻲ اﻟﻧﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﻣﺎطﻠﺔ واﻟﺗﺣﺎﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون وﻋرﻗﻠﺔ ﺳﯾر ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻣن ﺧﻼل رﻓﻊ
دﻋﺎوى وﺗﻘدﯾم طﻌون أﻣﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﯾس ﻣن اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،ﺑل ﻣن اﺧﺗﺻﺎص
2
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﯾﺳﺎﻋد ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎر ﻣدة اﻟﺗﻘﺎﺿﻲ أﻣﺎم ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.
اﻫﺗﻣت ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﺑﺗﻛرﯾس ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص وﻫذا ﺿﻣﺎﻧﺎ ﻟﺗﺣﻘﯾق
اﻟﻬدف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﺣل اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﺳﺗﻘﻼﻟﻪ ﻋن اﻟﻘﺿﺎء وﺗﺟﻧﺑﻪ
ﻟﺣل اﻟﻧزاع.
ﺳوف ﻧﺗطرق إﻟﻰ ﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺷﻛﻠﯾﺔ ﻟدى
أﻧظﻣﺔ وﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم )اﻟﻣﺑﺣث اﻷول( ،ﺛم ﻧﺗﻧﺎول اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم
ﻓﻲ) اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق،ص .29
-2رﺿوان ﻋﺑﯾدات ،اﻵﺛﺎر اﻻﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق،2011ص.660
37
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻣﺑﺣث اﻷ ول
ﻣﺻﺎدر ﻣﺑدأ"اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" دوﻟﯾﺔ وطﻧﯾﺔ وﻋﺎﻟﻣﯾﺔ
ﻣن ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﻣﺻﺎدر ﻧﺟد اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ،اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف اﻷوروﺑﯾﺔ
ﻟﻌﺎم ،1961ﺛم اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن ﻟﻌﺎم ،1965ﻗواﻋد ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ اﻷوﻧﯾﺳﺗ ارل .1976
ارﺗﺄﯾﻧﺎ إﻟﻰ أﻫم اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻛرﺳت ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص"ﻓﻲ
ﻧﺻوص ﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ﻓﻲ أﻧظﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ)اﻟﻣطﻠب اﻷول( ،ﺛم إﻟﻰ
ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ
اﻟﺟزاﺋري وﺗﻛرﯾﺳﻪ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﻣﺻري اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ،ﺛم ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ
اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻣﻧظم ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﺳﻧﺗﻧﺎوﻟﻬم ﻓﻲ )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،وﺻوﻻ إﻟﻰ ﻟواﺋﺢ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﺎرﯾﺔ
اﻟﻣﻔﻌول اﻟﺗﻲ ﻋﻣﻠت وطﺑﻘت ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ،ﺗﺳﻣﻰ ﺑﺎﻟﻣراﻛز اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر
ﺑﯾن اﻟدول وأﺣد رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى ﻧﺗطرق إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث(.
اﻟﻣطﻠب اﻷول
ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﻻ ﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم
ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﻌﺗرف ﺑﻬﺎ ﻓﻲ أﻫم اﻟﻣﻌﺎﻫدات
اﻟدوﻟﯾﺔ و ﻓﻲ ﻛل ﻗواﻧﯾن اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻌﺻرﯾﺔ وﻛل أﻧظﻣﺔ ﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ،ﻧظ ار ﻟﺣﺗﻣﯾﺔ
ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﯾﺣظﻲ ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﺑﺎﻫﺗﻣﺎم ﻛﺑﯾر وﻣﻛﺎﻧﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف
)اﻟﻔرع اﻷول( ،وﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن ﻟﻌﺎم ) 1965اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( ،ﻛﻣﺎ ﻧﺻت ﻗواﻋد
ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ اﻷوﻧﯾﺳﺗرال ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ"اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص")اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث(.
38
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻔرع اﻷول :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف اﻷوروﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟﻌﺎم
1961
ﺳﻧﻘوم ﺑﺗﻘدﯾم ﻧﺑذة ﻣﺧﺗﺻرة ﻋن ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف اﻷوروﺑﯾﺔ ﻟﻌﺎم )1961أوﻻ( ،ﺛم
ﺗﻛرﯾس ﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص " ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ )ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
-1اﻷﺣدب ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ،اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ،طﺑﻌﺔ ﺛﺎﻟﺛﺔ ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ، 2008 ،ص
.102
-2أﻧور ﻋﻠﻲ أﺣﻣد اﻟطﺷﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.249 ،
-3اﻷﺣدب ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.103،
39
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
-3ﺗﻣﯾزت اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف ﺑﺄﻧﻬﺎ أﺟﺎزت ﺑﺄن ﯾﻛون اﻟﻣﺣﻛم أﺟﻧﺑﯾﺎ ،وﺣرﯾﺔ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن
وﺣرﯾﺔ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻘﺎﻧون اﻟواﺟب اﻟﺗطﺑﯾق ،وﻣن أن أﻫم ﻣﺎ ﺗﻣﯾزت ﺑﻪ أﻧﻬﺎ ﺗﺑﻧت ﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼل
ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وأﻧﻬﺎ اﻫﺗﻣت ﺑﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" .1
ﺛﺎﻧﯾﺎ :أﻫم ﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻻ ﺗﻔﺎﻗﯾﺔ أﻧﻬﺎ ﻛرﺳت ﻫذا اﻟﻣﺑدأ
ﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف اﻷوروﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ ﻣﻧﻬﺎ:
ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻪ ﺳﻠطﺔ ﺗﻘرﯾر اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﺗﻘرﯾر ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺻﺣﺔ اﻟﻌﻘد
2
اﻟذي ﯾﻛون ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺟزءا ﻣﻧﻪ" .
ﯾﻣﻛن اﻻﺳﺗﻧﺗﺎج ﻣن ﻫذا اﻟﻧص أﻧﻬﺎ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﺗﻔﺎق
3
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟذي ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ.
ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﻣن ﻧﻔس اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﺷﯾر إﻟﻰ ﺛﻼث ﻋﻧﺎﺻر رﺋﯾﺳﯾﺔ:
* اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف اﻟﻣﺎدة اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ أن اﻟطرف اﻟذي ﯾرﻏب ﻓﻲ إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم
اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻋﻠﯾﻪ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑدﻓوع ﻣرﺗﻛزة ﻋﻠﻰ ﻋدم وﺟود أو
ﺑطﻼن أو إﻟﻐﺎء اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟﻘﯾﺎم ﺑذﻟك ﺧﻼل اﻹﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣوﻋد أﻗﺻﺎﻩ
ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﻘدﯾم دﻓﺎﻋﻪ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ،أو ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑدﻓوع ﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع
ﺗﺗﺟﺎوز ﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﺣﻛم.
إن اﻟدﻓوع ﺑﺎﻟﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﻣﺣددة ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة أﻋﻼﻩ واﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛن ﻗد أﺛﯾرت ﻓﻲ اﻟﻣﻬل اﻟﻣﺣددة
ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﻘرة ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻸطراف إﺛﺎرﺗﻬﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺗﺑﻘﻰ ﻣن اﻹﺟراءات ،ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻛل
اﻷﺣوال ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻘرار اﻟذي ﺑﻣوﺟﺑﻪ ﺗﺣﻘق اﻟﻣﺣﻛم ﻣن اﻟﺗﺄﺧﯾر اﻟﺣﺎﺻل ﻓﻲ اﻹدﻻء ﺑﺎﻟدﻓﻊ.
40
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
أﺷﺎرت اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر) ﻣﻊ اﻟﺗﺣﻔظ ﻟﺟﻬﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ اﻟﻣﺣددة ،ﺑﻣوﺟب ﻗﺎﻧون اﻟﻘﺎﺿﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻘﺗﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻣطﻌون
ﺑﺻﻼﺣﯾﺎﺗﻪ أﻻ ﯾﺗﺧﻠﻰ ﻋن اﻟﻘﺿﯾﺔ ،وﻫوﻟﻪ اﻟﺣق ﺑﺎﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار اﻟﻣﻧﺎﺳب ﺑﺻدد ﺗﻠك
اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت ،ﻛذﻟك ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺧص وﺟود وﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم او اﻟﻌﻘد اﻟذي ﺗﺷﻛل
اﻻ ﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟزءا ﻣﻧﻪ( 1واﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺿرورة ﻋدم اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟﻘﺿﯾﺔ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟطﻌن ﻗد ﺗم
ﺗﻘدﯾﻣﻪ أﺛﻧﺎء اﻹﺟراءات وﺗﻘرﯾر اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺣﯾن ﺗﻘدﯾم اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺻﻼﺣﯾﺔ ،ﯾﻌﻧﻲ ﺟواز
اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ٕواﻗ اررﻩ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن اﻟﻣوﻗﻌﺔ ﻓﻲ 18ﻣﺎرس 1965م
ﺗﻘدﯾم ﻧﺿرة ﻋﺎﻣﺔ ﺣول ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ )أوﻻ( ،ﺛم ﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم )واﺷﻧطن(،
ﻣن ﻧﺻوص وﻣواد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص" )ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ :ﻧﺿرة ﻋﺎﻣﺔ ﺣول اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن اﻟﻣوﻗﻌﺔ ﻓﻲ 18ﻣﺎرس .1965
اﻟﺷﻲء اﻟذي ﺟﻌل ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ أﻛﺛر ﺷﻬرة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻷﺧرى
واﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﻧﺷﺎء اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول وأﺣد رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول
اﻷﺧرى إذ ﺗﻌﺗﺑر ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺻﺎدﻗت ﻋﻠﯾﻬﺎ أﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟدول ،ﺣﯾث وﻗﻌت ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣﺎﺋﺔ
2
وﺳﺗون دوﻟﺔ) (160إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ أواﺧر ﺳﻧﺔ ،2015أﻏﻠﺑﯾﺔ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ.
أﺑرﻣت ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺗﺣت ﻏطﺎء اﻟﺑﻧك اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﻺﻧﺷﺎء واﻟﺗﻌﻣﯾر ،IBRDﺑﻐﯾﺔ إﻧﺷﺎء
ﺟﻬﺎز دوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات ﺑﯾن اﻟدول ورﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى وﺳن
41
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ 1،ﯾﺳﻣﻰ ﻫذا اﻟﻣرﻛز ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ) ،(CIRDIﻧظ ار ﻟﻠﺳرﻋﺔ ﻓﻲ ﺗﺳوﯾﺔ
اﻟﻧزاﻋﺎت واﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻘدﻣﻬﺎ ﻧظﺎم اﻟﻣرﻛز ﻟﻛﻼ اﻟطرﻓﯾن.2
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﻰ ﻧﺻوص ﻫذﻩ اﻻ ﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ:
ﻧظ ار ﻟﻣﻛﺎﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ودورﻫﺎ اﻟﻔﻌﺎل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ﻫذا اﻷﺧﯾر
ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎء أﺻﯾل ﻟﺣﺳم اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ،إﻻ أن ﺗﻌدد اﻷﻧظﻣﺔ
اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﯾﺟﻌل ﺳﻠوك اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟدرب ﻏﯾر آﻣن ،ﻓﻘد ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﻰ
ﻣﻧظﻣﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة اﻟﺗﻘرﯾب واﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾن ﻗواﻋد اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ
5
اﻟﻌﺎﻟم.
42
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﻧﺑذة ﻣﺧﺗﺻرة ﻋن ﺗﺷﻛﯾل ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ اﻷوﻧﯾﺳﺗرال )أوﻻ(،
ﺛم ﻧﻧﺗﻘل إﻟﻰ ﻣﻛﺎﻧﺔ ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻓﻲ ﻗواﻋد ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﺳﻧﺔ )1976ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ :ﻧﺑذة ﻣﺧﺗﺻرة ﻋن ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷوﻧﯾﺳﺗرال
ﺑﻌد ﺗﺷﻛﯾل اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﺳﻧﺔ 1966ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ،اﺗﺟﻬت ﻫذﻩ اﻟﻠﺟﻧﺔ ﻧﺣو اﻟﺳﻌﻲ ﻟﻠﺗوﻓﯾق وﺗوﺣﯾد ﺑﯾن ﻗواﻧﯾن اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم،
ﺟﺎﻋﻠﺔ ذﻟك ﻣن أوﻟوﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺟدول أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﺳﻧﺔ ،1968وﺑﻌد اﺳﺗﻘراء وﺿﻊ ﺧﻣس وﺳﺑﻌﯾن
ﻫﯾﺋﺔ ﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم وﻛذﻟك أﺧذ ﻣﺷورﺗﻬﺎ وطﻠب ،وﺿﻌت ﻣﺷروع ﻗواﻋد اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﻲ
ﺑﺣﺛت ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر ﺗﺣﻛﯾم دوﻟﻲ ﻋﻘد ﻓﻲ ﻧﯾودﻟﻬﻲ ﻣن 7إﻟﻰ 10ﯾﻧﺎﯾر ،1975وﺗﻣت ﺧﻼﻟﻪ
ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻣﺗﻌﻣﻘﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻣن ﻣﺧﺗﻠف ﻓﻘﻬﺎء اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺄﺳرﻩ
وﻫﻛذا ﺣﺗﻰ وﺿﻌت ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻗواﻋد اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ28
ﺳﺑﺗﻣﺑر ،1976ﺧﻼل ﺛﻼث ﺳﻧوات ﻣن اﻟﻌﻣل ﻣﻊ ﻛﺑﺎر اﻟﺣﻘوﻗﯾﯾن اﻟدوﻟﯾﯾن وﻋﺑر ﻣﻧﺎﻗﺷﺎت
وﻗد اﻋﺗﻣدت اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻓﻲ15دﯾﺳﻣﺑر.11976
أﺧذت اﻟﻛﺛﯾر ﻣن ﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﯾﺔ ﺗﺗﺑﻧﻰ ﻗواﻋد ﺗﺣﻛﯾم ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،UNCITRALاﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل ﻣﺟﻣوع اﻷﺣرف اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺗﺳﻣﯾﺔ اﻹﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ،
وﺗﺟﻌل ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻓﻲ ﻧظﺎﻣﻬﺎ أﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ،ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣرﻛز اﻟﻘﺎﻫرة اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ،وﻣرﻛز ﺗﺣﻛﯾم
2
اﻟﺑﺣرﯾن ،وﻣﺣﻛﻣﺔ ﻟﻧدن ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﺗﻛرﯾس ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص"ﻓﻲ ﻗواﻋد ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ اﻷوﻧﯾﺳﺗرال 10دﯾﺳﻣﺑر1976م.
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧﻣوذﺟﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟﻠﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
)اﻷوﻧﯾﺳﺗرال( ﻟﻌﺎم ،1985ﺣﯾث ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ) (16اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ):ﯾﺟوز
-1اﻷﺣدب ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ص.119
-2اﻷﺣدب ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.12،
43
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺑت ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺑت ﻓﻲ أي اﻋﺗراﺿﺎت ﺗﺗﻌﻠق ﺑوﺟود
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺑﺻﺣﺗﻪ ،وﻟﻬذا اﻟﻐرض ﯾﻧظر إﻟﻰ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟذي ﯾﺷﻛل ﺟزءا ﻣن
اﻟﻌﻘد ،ﻛﻣﺎ ﻟو ﻛﺎن ﻣﺳﺗﻘﻼ ﻋن ﺷروط اﻟﻌﻘد اﻷﺧرى ،وأي ﻗرار ﯾﺻدر ﻣن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
1
ﺑﺑطﻼن اﻟﻌﻘد ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻪ ﺑﺣﻛم ﺑطﻼن ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم(.
ﻗواﻋد اﻷوﻧﯾﺳﺗرال ﻓرﻏم أﻧﻬﺎ ﺟﻣﻌت ﻛل ﻣن ﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼل اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﻣﺎدة واﺣدة إﻟﻰ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧت ﺻرﯾﺣﺔ ﻓﻲ ﺗﺄﻛﯾدﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،ﺣﯾث ﻧﺻت ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺗﺳوﯾﺔ اﻷوﻧﯾﺳﺗرال ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ
ﻣن اﻟﻣﺎدة 23اﻟﺗﻲ أﺳﻧدت ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﺑت ﻓﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك أي
اﻋﺗراﺿﺎت ﺗﺗﻌﻠق ﺑوﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺻﺣﺗﻪ.
إن اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﯾﺳﺎﻫم ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﺗﺟﻧب ﻋرﻗﻠﺔ
إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم ٕواطﺎﻟﺔ أﻣد اﻟﻧزاع اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ اﻷطراف ﺳﯾﺋﺔ اﻟﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ،وذﻟك
ﺑدﻓﻌﻬﺎ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎص ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ ﺑطﻼن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ
أو ﻓﺳﺧﻪ أو اﻧﻘﺿﺎﺋﻪ أو ﺑطﻼن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ذاﺗﻬﺎ أو ﻏﯾر ذﻟك ﻣن اﻟدﻓوع اﻷﺧرى.2
ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) ( 21اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻗواﻋد اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﻲ وﺿﻌﺗﻬﺎ ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم
اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻷوﻧﯾﺳﺗرال ﻋﻠﻰ أﻧﻪ):ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻫﻲ ﺻﺎﺣﺑﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟدﻓوع اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،وﺗدﺧل ﻓﻲ ذﻟك اﻟدﻓوع اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑوﺟود ﺷرط
3
اﻟﺗﺣﻛﯾم أو اﻻ ﺗﻔﺎق اﻟﻣﻧﻔﺻل ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺑﺻﺣﺔ ﻫذا اﻟﺷرط أو ﻫذا اﻻ ﺗﻔﺎق (.
-1ﻣوﻗﻊ ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ www, uncitral, orge ،
-2ﻧور اﻟدﯾن ﺑو اﻟﺻﻠﺻﺎل ،اﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣن ﻧظﺎم اﻷوﻛﺳﯾد وﻧظﺎم اﻟﯾوﻧﺳﯾﺗرال ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
20أوت ، 1955ﺳﻛﯾﻛدة ،ص.107 ،
-3أﻧور ﻋﻠﻲ أﺣﻣد اﻟطﺷﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.260 ،
44
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﯾﺗﺑﯾن ﻟﻧﺎ ﻣن ﻧص اﻟﻣﺎدة أن ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن
اﻻﻋﺗراض ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣردﻩ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺔ ﻓﻲ وﺟود أو ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ أي ﻣن
ﺻورﺗﯾﻪ ﻣﺷﺎرطﻪ اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟوارد ﺿﻣن ﻧﺻوص اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ.1
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺗﻛرﯾس ﻣﺑدأ"اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ
اﻟﺣدﯾﺛﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
أﺷﺎرت ﻣﻌظم اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص"،
ﺳﻧﺗﻧﺎول ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺟزاﺋري )اﻟﻔرع اﻷول( ،ﺛم ﺗﻛرﯾﺳﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ ) 1994اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ( إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻛرﯾﺳﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﻔرﻧﺳﻲ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث(.
اﻟﻔرع اﻷول :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺟزاﺋري
ﻛرس اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻷول ﻣرة ،ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟداﺧﻠﻲ
ﻟﻠﺟزاﺋر ﺑﻣوﺟب اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ رﻗم 09-93اﻟﻣﻌدل واﻟﻣﺗﻣم ﻟﻘﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻟﻣﻠﻐﻰ .2
ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر ﻓﻘرة 7ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون واﻟﺗﻲ ﻧﺻت ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ" :
ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﺧﺎص ﺑﻬﺎ ،وﯾﺟب إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﻗﺑل أي دﻓﺎع ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،ﺗﻔﺻل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻘرار أوﻟﻲ إﻻ إذا ﻛﺎن
اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣرﺗﺑطﺎ ﺑﻣوﺿوع اﻟﻧزاع " ،وﯾﺗﺿﺢ ذﻟك ﻣن ﺧﻼل اﻟﻧظرة اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ
ﻟﻠﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري اﺗﺟﺎﻩ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻓﺑﻣﺟرد ﺗﺑﻧﻲ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻫذا اﻟﺣل وﺟد ﻧﻔﺳﻪ ﻗد اﺗﺑﻊ
-1ﻫدى ﺳﻌدون ﻟﻔﺗﻪ وأﺣﻣد ﺳﻌدون ﻟﻔﺗﻪ ،ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،ﻣذﻛرة ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ،ص ،ص،39،
.40
-2ﻣرﺳوم ﺗﺷرﯾﻌﻲ رﻗم 09/93ﻣؤرخ ﻓﻲ اﻓرﯾل 1993ﻣﻌدل وﻣﺗﻣم ﻟﻸﻣر رﻗم 154/66اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 1966-06-08
اﻟﻣﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ.
45
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﻋددا ﻛﺑﯾ ار ﻣن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟدوﻟﯾﺔ )أوﻻ( ،ﺛم ﻧﺑﯾن ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن ﻣﺑدأ "
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص " )ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ :أﻫم ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﯾﻬﺎ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ واﻟراﺑﻌﺔ 3/8و4
* ﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة ﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ 3/ 8ﻋﻠﻰ أﻧﻪ:
"إذا أﺛﺎر أﺣد اﻷطراف دﻓﻌﺎ أو أﻛﺛر ﯾﺗﻌﻠق ﺑوﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺻﺣﺗﻪ ،ﻛﺄن ﻟﻬﯾﺋﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻌد اﻟﺗﺣﻘق ﻷول وﻫﻠﺔ ﻣن وﺟود اﻻ ﺗﻔﺎق أن ﺗﻘرر ﻣواﺻﻠﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وذﻟك دون
ﻣﺳﺎس ﺑﻘﺑول ﻫذﻩ اﻟدﻓوع أو ﺳﻼﻣﺗﻬﺎ ،وﻟﻠﻣﺣﻛم وﺣدﻩ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﺗﺧﺎذ أي ﻗرار ﯾﺗﻌﻠق
ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻪ".
* أﻣﺎ اﻟﻔﻘرة اﻟراﺑﻌﺔ ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر ﻓﻬﻲ ﺗﻧص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
" ﻓﻣن اﻟواﺿﺢ إن ﺗﺑﻧﻲ اﻟﻣﺷرع ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﯾس ﻣطﻠﻘـﺎ ،ﺣﯾـث اﻧـﻪ
اﺷﺗرط ﻟﻛﻲ إذا ﻟم ﯾﻛن ﺛﻣـﺔ اﺗﻔـﺎق ﻋﻠـﻰ ﺧـﻼف ذﻟـك ،ﻓـﺎن اﻻدﻋـﺎء ﺑـﺑطﻼن اﻟﻌﻘـد آو اﻟـزﻋم
ﺑﺎﻧﻌداﻣﻪ ،ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛـم إذا ارﺗـﺄى ﺻـﺣﺔ اﺗﻔـﺎق اﻟﺗﺣﻛـﯾم ،وﯾظـل
اﻟﻣﺣﻛم ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟﻌﻘد ﻧﻔﺳﻪ أو ﺑطﻼﻧﻪ ﻣﺧﺗﺻﺎ ﻟﺗﺣدﯾد ﺣﻘوق اﻷطراف واﻟﻔﺻل
ﻓﻲ ادﻋﺎءاﺗﻬﺎ وطﻠﺑﺎﺗﻬﺎ".1
ﯾﺳﺗﻧﺗﺞ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟم ﯾﺄﺧذ ﺑﺎﻟرأي اﻟذي ﻣﻔﺎدﻩ "أن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ذو طﺑﯾﻌﺔ ﻋﻘدﯾﺔ ﯾﺗﺄﺳس ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺑل ﻛرس ﻫذا
اﻷﺧﯾر ﻗﺎﻋدة ﻣﺎدﯾﺔ ﻣن ﻗواﻋد اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﺗطﺑق ﺑﺻﻔﺔ ﻣﺑﺎﺷرة ،ﺑﻐض اﻟﻧظر
2
وﺑﻌد ﻣﺟﻲء اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 09-08اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 25 ﻋن اﻟﻘﺎﻧون اﻟواﺟب اﻟﺗطﺑﯾق،
ﻓﯾﻔري 2008اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻘﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﺟزاﺋري ،اﻟذي أﺑﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔس
اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 7أﻋﻼﻩ .3
46
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
-1ﻟزﻫر ﺑن ﺳﻌﯾد ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ،دار ﻫرﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ
واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،اﻟﺟزاﺋر ، 2012 ،ص -ص . 88، 87 ،
-2أﻧور ﻋﻠﻲ أﺣﻣد اﻟطﺷﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.234 ،
47
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر 1/22ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري ،ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص ﻫﯾﺋﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ أو ﻛﺎن اﻟدﻓﻊ ﻣﺑﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻋدم وﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو
ﺳﻘوطﻪ أو ﺑطﻼﻧﻪ ،وﻫذا ﺗﻌﺑﯾر ﻋن إرادة اﻟﻣﺷرع اﻟﺻرﯾﺣﺔ ﻓﻲ ﻋدم ﺟواز ﻗﯾﺎم ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
ﺑوﻗف اﻟﺧﺻوﻣﺔ إﻟﻰ ﺣﯾن اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ وﺟود أو ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ.2
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﺑﻌد أﺧذ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﻣﺑدأ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص la compétence
la de la compétenceﻋﻠﻰ اﻟﻧطﺎق اﻟدوﻟﻲ إﻻ أﻧﻪ رﻓض ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻣﺗﻌددة اﻷﺧذ ﺑﻬذا
اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺧﻠﻲٕ ،واذا ﻛﺎﻧت ﺑﻌض ﻣﺣﺎﻛم اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻗد أﻗرت ﻓﯾﻣﺎ
48
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺑﻌد ﺑﺻﺣﺔ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ،إﻻ أن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻟم ﺗﺑدي
رأﯾﻬﺎ ﺑﺷﻛل واﺿﺢ ﺣول ﻫذا اﻟﻣوﺿوع 1،وﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر ﻋن ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻘﺿﯾﺔ GOSSETﺑﺧﺻوص اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻋﻠﻰ أﻧﻪ دﻟﯾل ﻋﻠﻰ أن
2
ﻗﺿﺎء ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻗد أﻗر ﺑﻣﺑدأ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻧظر ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.
ﻗرار اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﺳﺑق ذﻛرﻩ واﻟذي ﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ ﯾﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﻟم ﯾﻌط إﻻ ﺣﻼ ﺟزﺋﯾﺎ
ﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺻﻼﺣﯾﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻠﻧظر ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻪ واﻟذي ﻛﺛﯾ ار ﻣﺎ ﯾﺷﺎر إﻟﯾﻪ ﻟﻐرض ﺗﺑرﯾر ﻫذا
اﻟﻣﺑدأ ،ﻷن ﻫذا اﻟﻘرار ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺑﺄن ﯾﻧظر ﺑﺣﻛم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ رﻏم ﺑطﻼن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ،
أﻣﺎ ﺷرط اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺗﺄﺛر ﺑﻬذا اﻟﺑطﻼن ،ﻓﺈن ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ ﯾﻌﻧﻲ اﻹﻗرار ﻟﻠﻣﺣﻛم ﻷن ﯾﻧظر
ﺑﺣﻛم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ رﻏم أن اﻟﻌﻘد اﻷﺻﻠﻲ ﻗد ﺗم إﺑطﺎﻟﻪ .3
ﺳﻧﻘوم ﺑﺗﻘدﯾم ﻧﺑذة ﻣﺧﺗﺻرة ﺣول اﻟﺗطور اﻟذي ﺷﻬدﻩ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﺗﺑﻧﯾﻪ ﻟﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص )أوﻻ( ،ﺛم ﻧﺗﻧﺎول ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻧﺻوص ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم )ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ :ﻧﺑذة ﻣﺧﺗﺻرة ﻋن ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻟم ﯾﻬﺗم اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ إﻻ
ﻓﻲ اﻟﻣرﺳوم 345ﻟﺳﻧﺔ ،41980ﺑﺣﯾث ﻧﺟد أن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺳﺎﻫم ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ
ﺗﻘرﯾر ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺑﻪ اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ وﻫذا ﻗﺑل ﺗﻘﻧﯾﻧﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﺑﻣوﺟب ﺗﻌدﯾل ،1980إﻟﻰ أن ﻋﻣل اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ
ﺗوﺳﯾﻊ ﻣﻔﻬوم ﻫذا اﻟﻣﺑدأ وﻧطﺎق ﺗطﺑﯾﻘﻪ ﻟﯾﻣﺗد ﻷﺛرﻩ اﻟﺳﻠﺑﻲ ،ﺛم ﺟﺎء ﺗﻌدﯾل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 2011ﻟﯾﻘﻧن ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم اﻟﺟدﯾد اﻟذي وﺿﻌﺗﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض ﻣﻧذ 5
-1ﻋﻠﻲ ﻛﺎظم اﻟرﻓﯾﻌﻲ ،ﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻐداد ص .52 ،
2
- GOSSET , CIV, 7 mars 1963 ,D.1963 ,545 , note , ROBERT ,RECHT,CIV 4 juillet 1972, counet ,1972,
843, note appétit .
-3ﻋﻠﻲ ﻛﺎظم أﻟرﻓﯾﻌﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ص.53 ،
-4أﻧور ﻋﻠﻲ أﺣﻣد اﻟطﺷﻲ ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.225 ،
49
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺟﺎﻧﻔﻲ 1999ﻷﺟل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ zanziاﻟذي ﺗوﺻﻠت ﻓﯾﻪ اﻟﻰ اﺳﺗﻧﺗﺎج ﻋدم
اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﺑﺎﻟﻧظر ﺑﺻﻔﺔ أﺻﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻧطﻼﻗﺎ ﻣن ﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص.
ﻓﻔﻲ اﻟﻘرار اﻟذي أﺻدرﺗﻪ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻛرﺳت ﻓﻘط اﻟﺟﺎﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟذي ﯾﻣﻧﺢ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺳﻠطﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ .1
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣن ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص"
ﻧص اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 1466ﻣن
اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻛﺗﺎب اﻟراﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻊ اﻟﺣدﯾث اﻟﺻﺎدر ﺑرﻗم 254ﻟﺳﻧﺔ 14ﻣﺎي
،21980ﺣﯾث أﺷﺎرت اﻟﻣﺎدة إﻟﻰ أﻧﻪ إذا ﻧﺎزع أﺣد اﻷطراف أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ أو ﻓﻲ ﻧطﺎق
ﺳﻠطﺗﻪ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﺈن ﻟﻪ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﺻﺣﺔ وﻧطﺎق وﻻﯾﺗﻪ ،وﯾﻔﻬم ﻣن ظﺎﻫر اﻟﻣﺎدة أن اﻟﻣﺣﻛم
إذا ﻧﺎزع أﺣد اﻷطراف ﻓﻲ أﺳﺎس أو ﻧطﺎق ﺳﻠطﺗﻪ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﺈن ﻟﻪ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﺻﺣﺔ
وﻧطﺎق وﻻﯾﺗﻪ ،وﻛذﻟك ﻓﺣص ﻣﺷروﻋﯾﺔ وﻻﯾﺗﻪ ،وﻗد ﻋﺑر اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻫﻧﺎ ﺑﺎﻟوﻻﯾﺔ ،وﻻ ﻓرق
ﺑﯾن ﻟﻔظ اﻟوﻻﯾﺔ investitureواﻻﺧﺗﺻﺎص compétenceﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم .3
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث
اﻟﻌﻣل ﺑﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻣن طرف ﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺋﻣﺔ
واﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻟواﺋﺢ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺳﺎرﯾﺔ اﻟﻣﻔﻌول.
ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﺗﻛﻠم ﻋﻠﻰ ﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺋﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،ﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧﻧﺎ ﻧﻘﺻد ﻧوع ﻣن أﻧواع
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ أﻻ وﻫو اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣؤﺳﺳﺎﺗﻲ )اﻟﻣﻧظم( ،ﺳﻧﺗطرق إﻟﻰ ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ
50
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺗﺗﻛون ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣن رﺋﯾس وﺛﻣﺎﻧﯾﺔ ﻧواب ﻟﻠرﺋﯾس ،واﺛﻧﯾن وأرﺑﻌﯾن ﻋﺿوا
داﺋﻣﯾن ﯾﻌﯾﻧﻬم ﻣﺟﻠس اﻟﻐرﻓﺔ ﻟﻣدة ﺛﻼث ﺳﻧوات وﻫذﻩ اﻟﻣدة ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺟدﯾد وﯾﻛون اﻟرﺋﯾس ﻣن
51
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺳوﯾﺳرا ،أﻣﺎ اﻟﻧواب ﻓﯾﻛوﻧون ﻣن ﺟﻧﺳﯾﺎت ﻣﺗﻌددة :ﻣن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ وأﻣرﯾﻛﺎ ،واﺳﺗراﻟﯾﺎ ،واﻟﺑ ارزﯾل،
وﻓرﻧﺳﺎ ،واﻟﻬﻧد ،واﻟﯾﺎﺑﺎن ،وﺳوﯾﺳرا ،وﺗﻌﻘد ﺗﺣﻛﻣﯾﺎت ﻏرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻗراﺑﺔ 35دوﻟﺔ
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻋﺎم ،ﺗﺑت ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن اﻟذﯾن ﻗﺎﻣت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ
1
ﺑﺗﻌﯾﯾﻧﻬم ،أو اﻟذﯾن ﯾﺧﺗﺎرﻫم اﻷطراف.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻐرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺑﺎرﯾس).(C.C.I
ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (6ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ اﻟراﺑﻌﺔ ﻣن ﻧظﺎم ﻏرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺑﺎرﯾس ﺑﻘوﻟﻬﺎ
)إذا ﻟم ﯾﻛن ﺛﻣﺔ اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك ،ﻓﺎن اﻹدﻋﺎء ﺑﺑطﻼن اﻟﻌﻘد أو اﻟزﻋم ﺑﺎﻧﻌداﻣﻪ ﻻ
ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم إذا ارﺗﺄى ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وﯾظل اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ اﻧﻌدام اﻟﻌﻘد ﻧﻔﺳﻪ أو ﺑطﻼﻧﻪ ﻣﺧﺗﺻﺎ ﻟﺗﺣدﯾد ﺣﻘوق اﻷطراف واﻟﻔﺻل ﻓﻲ ادﻋﺎءاﺗﻬم
وطﻠﺑﺎﺗﻬم ﺑﺣﯾث أن ﺑطﻼن اﻟﻌﻘد أو اﻧﻌداﻣﻪ ﻻ ﯾﻔﺿﻲ إﻟﻰ ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن وﻻ
2
إﻟﻰ ﺑطﻼن أو اﻧﻌدام اﻟﻌﻘد أﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ(.
ﺗﻣﯾزت ﻏرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺑﺎرﯾس ،ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﺗﺻدى ﻟﻠدﻓﻊ اﻟﻣﻘدم
ﺣول وﺟود أو ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة) (6ﻓﻲ ﻓﻘرﺗﻬﺎ اﻷوﻟﻰ ،وﺗﻣﯾزت أﯾﺿﺎ
ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻹﺟراء اﻟذي ﯾﺟب أن ﯾﺗﺑﻊ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎ إذا ﻗررت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻋدم
اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻟﺳﺑب ﯾرﺟﻊ إﻟﻰ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻣن ﻧﻔس اﻟﻣﺎدة) (4/6اﻟﻔﻘرة اﻟراﺑﻌﺔ ﺑﯾﺎن ﺣﺎﻟﺔ اﻟدﻓﻊ ﻓﻲ ﻣدى وﺟود أو ﺻﺣﺔ اﻟﻌﻘد
اﻷﺻﻠﻲ ،وﻫذا ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ،ﺗﻣﯾزت ﻣﺣﻛﻣﺔ ﻏرﻓﺔ
اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺑﺎرﯾس ﺑﺄن ﺗرﻛت ﺑﺎب اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣﻔﺗوﺣﺎ ﻟﻸطراف ،ﻓﻠم ﺗﺣدد
3
ﻣﯾﻌﺎد ﯾﺟب اﻟﺗﻣﺳك ﺑﻪ و إﻻ ﺳﻘط ﺣق اﻷطراف ﻓﻲ اﻟدﻓﻊ.
52
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺑﻣﺟرد إﻧﺷﺎء اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول ورﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى
) (CIRDIﻋﺎم ،1965ﺣظﻲ ﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص " ﺑﻣﻛﺎﻧﺔ ﺿﻣن ﻧﺻوص
اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﻣﻧﺷﺋﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣرﻛز ،اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن ﻟﻌﺎم ،1965ﺳﻧﺗﻧﺎول ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺗﻧﺎ إﻧﺷﺎء
اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ )(CIRDIاﻟذي ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول واﺣد رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول
اﻷﺧرى)أوﻻ( ،ﺛم ﻧﺗﻧﺎول ﺑﻌض اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﻋرﺿت ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻷﺟل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ
53
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻧزاع وﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ ﻧﺗوﺻل إﻟﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻹﺧﺗﺻﺎص "
ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻫذا اﻟﻣرﻛز)ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ :ﻧﺷﺄة اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول ورﻋﺎﯾﺎ اﻟدول
اﻷﺧرى).(CIRDI
ظﻬرت ﻓﻛرة إﻧﺷﺎء اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول وأﺣد رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول
اﻷﺧرى ﺑﻌد إﻧﺷﺎء اﻟﻣراﻛز اﻷوﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت إﻧﺷﺎء ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻛﻐرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ
ﺑﺑﺎرﯾس) (CCIواﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم) ،(AAAواﻟﻔﺿل ﯾﻌود ﻟﻸﻣﯾن اﻟﻌﺎم ﻟﻸﻣم اﻟﻣﺗﺣدة
" ﻟﻬﻣرﺷوﻟد " ،Dag HAMMARSK JOLDﻷﻧﻪ ﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗﺟﺳﯾد ﻓﻛرة إﻧﺷﺎء اﻟﻣرﻛز
اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﺟﻬﺎز اﻟﺧﺎص ﺑﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول وأﺣد رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى،
وذﻟك ﺑﻌد ﺗدﺧﻠﻪ أﻣﺎم اﺗﺣﺎد اﻟﺑﻧوك اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ،وﺻرح رﺋﯾس اﻟﺑﻧك اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ " أوﺟﺎن ﺑﻼك"
.R.BLAK Engentﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1961أن اﻟﺑﻧك ﺑﺻدد دراﺳﺔ اﻗﺗراح ﻹﯾﺟﺎد ﺣﻠول ﻟﺗﺳوﯾﺔ
ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول ورﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى ،وﻫﻛذا ﺑﺎﻟﺗﻧﺳﯾق ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻷﺷﺧﺎص
اﻟذﯾن ﻋﻣﻠوا ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ).(CIRDI
ﺑﻌد اﻟﻘﯾﺎم ﺑوﺿﻊ ﻣﺷروع اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ دوﻟﯾﺔ ﻣﺗﻌددة اﻷطراف ﻓﻲ 18ﻣﺎرس 1965ﺗﺣت
ﺗﺳﻣﯾﺔ اﻟﺑﻧك اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات ﺑﯾن اﻟدول وﻣواطﻧﻲ اﻟدول
اﻷﺧرى ﻋﺎم ،1965وأول ﻗﺿﯾﺔ ﻋرﺿت ﻋﻠﻰ اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ﺳﻧﺔ 1972وﺑدأت
ﺗﺗﺻﺎﻋد ﺑﺎﻧﺿﻣﺎم ﻣﺗزاﯾد إﻟﻰ ﻋﺿوﯾﺔ اﻟﻣرﻛز ،وزادت اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﺳﺟﻠﺔ ﻟدى اﻟﻣرﻛز ﻧﺗﯾﺟﺔ
ﻟﻠﺗوﺳﻊ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.
ﯾﺳﻣﻰ اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ بCentre international pour le règlement :
des différends relatifs aux investissements.ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ﯾﺳﻣﻰ اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ب
.(CIRDI)1
-1ﻋرﺟون ﻋﻣﺎر ،ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم أﻣﺎم اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر " " CIRDIاﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.8 ،7 ،
54
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺛﺎﻧﯾﺎ:ﻧﺳﺗﻌرض ﺑﻌض اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﺑﯾن ﻣدى ﺗﺻدي اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣرﻛز
اﻟدوﻟﻲ CIRDIﺑﺧﺻوص إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ ﻣن أﺣد أطراف اﻟﻧزاع ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣرﻛز.
-ﻗﺿﯾﺔ inns Holidayﺿد اﻟﻣﻐرب ،ﻓﺻﻠت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ
ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة 41ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن ،ﺣﯾث أﺛﺎر اﻟﻣﻐرب دﻓﻌﺎ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻟﺷرﻛﺔ اﻟﻣدﻋﯾﺔ ﻟﯾﺳت رﻋﯾﺔ ﻟدوﻟﺔ ﻣﺗﻌﺎﻗدة وﻗت إﺑرام اﻟﻌﻘد )ﺳوﯾﺳ ار( ،ﻟﻛن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ
رﻓﺿت اﻟدﻓﻊ وﻗررت اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ.
-ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ ﺳد ﻛدﯾﺔ أﺳردون ﺑﺎﻟﺑوﯾرة اﻟﺟزاﺋر وﺑﯾن اﻟﺷرﻛﺔ اﻹﯾطﺎﻟﯾﺔ Lesi-Dipenta
واﻟوﻛﺎﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﺳدود ) ،(A.N.Bأﺛﺎر اﻟطرف اﻟﺟزاﺋري دﻓﻌﺎ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣرﻛز ﻋﻠﻰ
أﺳﺎس أن اﻟﻧزاع ﻻ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑل ﺻﻔﻘﺔ ﻋﻣوﻣﯾﺔ ،وﻻ ﺗﺷﻣﻠﻪ اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﺑﯾن
اﻟﺟزاﺋر واﯾطﺎﻟﯾﺎ ﺣول اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ واﻟﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺗﯾن ﻟﻼﺳﺗﺛﻣﺎر اﻟﻣﺑرﻣﺔ ﺑﺗﺎرﯾﺦ 18ﻣﺎي
،1991وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺗوﻓر ﺷروط اﻟﻣﺎدة 1/25ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن ،ﻟﻛن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم
1
أﺻدرت ﺣﻛﻣﺎ أوﻟﯾﺎ ﯾﻘﺿﻲ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻣؤﻗﺗﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺷروط اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة .1/25
-ﻛﻣﺎ أﻛد اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ NIOC,ELF Aquitaineﺳﻧﺔ 1982أن " اﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ رﺋﯾﺳﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ وﻣﻌﺗرف ﺑﻪ
ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻟدوﻟﯾﺔ دول اﻟﺗﺣﻛﯾم واﻟﻌدﯾد ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم" .
-1ﻋﯾﺳﺎوي ﻣﺣﻣد ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر)ﻋﻠﻰ ﺿوء اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﻠﺟزاﺋر(،
اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.181 ،
55
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
اﻻﺧﺗﺻﺎص وﻗﺿت ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺑﻧﺎءا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺎدة 1/25ﻣن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن اﻟﻣوﻗﻌﺔ ﻋﺎم
1
1965اﻟﻣﻧﺷﺋﺔ ﻟﻠﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﺳﺎﻟف اﻟذﻛر.
اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻧطﺎق اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم
ﯾﺗﻣﺗﻊ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟدوﻟﻲ ﺑﺳﻠطﺎت ﺗﺷﺎﺑﻪ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ
اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ،ﺑل وﻗد ﺗﻔوﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﻧظﻣﺔ و اﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،وﻫذا
ﻣن أﺟل ﺳرﻋﺔ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ و ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﺗﻌطل اﻹﺟراءات ﻣﻧﻬﺎ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم
ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻛﻣﺎ أﺷرﻧﺎ إﻟﯾﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ ،وﻫذا ﻣﺎ ﯾوﻟد اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ
"اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" أﯾن ﯾﺗم اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣدى اﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع .
إﻻ أن ﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﺛﯾر ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص
اﻟﻣﺣﻛم ،ﻓﺎﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ذو أﻫﻣﯾﺔ وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﺧطورة ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﺗﺟﺳﯾد رﻗﺎﺑﺔ
اﻟدوﻟﺔ ،وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗطرق إﻟﯾﻪ ﺑﺎﻟﻧظر إﻟﻰ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ
)اﻟﻣطﻠب اﻷول( ،وﻣن ﺛم ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻣطﻠب اﻷول
أﻧواع اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم
ﻧﺟد أن ﻫﻧﺎك ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت و اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛم
ﻣن أﺟل ﺗﺣدﯾد اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺑﺎﯾن ﻧطﺎق اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أو ﻋدم اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع
56
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
إذ اﻧﻘﺳﻣت ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة إﻟﻰ ﻧوﻋﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن :ﻓﺄﺣدﻫﻣﺎ ﯾﺟﺳد اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ )اﻟﻔرع اﻷول(
واﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻛرس اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺳطﺣﯾﺔ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
وﻫذا ﻣﺎ أﺧذت ﺑﻪ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻧﯾوﯾورك ﻟﺳﻧﺔ 1958م ﺣﯾث ﺳﻠﻣت ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺳﻠطﺔ
ﻓﺣص اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻠﺗﺄﻛد ﻣن وﺟودﻩ أو ﺑطﻼﻧﻪ أو ﺑﻌدم ﺷﻣوﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣوﺿوع اﻟﻧزاع أو
ﺑﻌدم إﻟزاﻣﻪ ﻟﻪ ،ﺳواء رﻓﻊ إﻟﯾﻪ ﻫذا اﻷﺧﯾر ﻗﺑل اﻟﺑدء ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺑﻌد أن ﺗﻛون
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻗد ﺷرﻋت ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ،ﻓﺗﺣﻛم ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ إن وﺟدت اﺗﻔﺎق
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺣﺎ و ﻣﻧﺗﺟﺎ ﻵﺛﺎرﻩ ،وﺗﺣﯾل اﻟﻧزاع إﻟﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ،أﻣﺎ إذا ﺗوﺻﻠت إﻟﻰ
أن ﻫذا اﻻﺗﻔﺎق ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ أو ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗطﺑﯾﻘﻪ ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺗﺻدى ﻟﻠﻣوﺿوع وﺗﻔﺻل ﻓﻲ
اﻟﻧزاع.1
ﻓﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﯾﻣﻧﺢ ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾطرح اﻟﻧزاع أﻣﺎﻣﻬﺎ ﺳﻠطﺔ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ
ﻣدى اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك اﻟدﻓوع اﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋل ﻋدم وﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم أو ﺑطﻼﻧﻪ
ﻓﺄﺻﺣﺎب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﺳﺗﺑﻌدوا اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،وﻛرﺳوا ﻣﺑدأ
اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺣﺗﻰ وأن ﻓﺻل ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
ﺑﺣﻛم أوﻟﻲ أي ﻗﺑل ﺻدور ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻔﺎﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع.
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.204 ،
57
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ص .205
-2اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.206 ،
58
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ
إن اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﻲ اطﺎر
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺎﺧﺗﻼف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﻣﻌﺎﺻرة ،ﻓﻧﺟد أن اﻟﻣﺷرع
اﻟﺟزاﺋري ﻗد ﺗﻧﺎول ﻣوﺿوع اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﻗواﻧﯾﻧﻪ اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﻓﺑﻌد اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻣرت ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﻣرﺣﻠﺗﯾن :ﺗﻣﺗد اﻟﻣرﺣﻠﺔ
اﻷوﻟﻰ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺻدور اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ 09/93اﻟذي ﯾﺗﻣم وﯾﻌدل ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات
اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ ﺻدور اﻟﻘﺎﻧون 09/98اﻟذي ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و
اﻹدارﯾﺔ ) اﻟﻔرع اﻷول( ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻣﺗد اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﺳرﯾﺎن ﻫذا اﻷﺧﯾر إﻟﻰ ﯾوﻣﻧﺎ
ﻫذا) اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
اﻟﻔرع اﻷول :ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﺿل اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ 09-93
ﺗﻣﯾزت ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺑﻧص اﻟﻣﺷرع ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ
اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ،وذﻟك ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 7ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻣﻠﻐﻰ ،إذ أﻧﻪ ﻟم
ﯾﺻل إﻟﻰ ﺣد ﺗﺟﺳﯾد ﻓﻛرة اﻷﺛر اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﺑل أﻛﺛر ﻣن ذﻟك
ﻓﻘط أﻋطﻰ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﻛﻠﻣﺎ طرح أﻣﺎﻣﻪ ﻗﺑل اﻟﺷروع ﻓﻲ
1
إﺟراءات ﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺣﺗﻰ و إن وﺟد اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺻﺣﯾﺢ و ﻣﻧﺗﺞ ﻵﺛﺎرﻩ
ﻓﻌﻧد ﻓﺣص ﻧﺻوص اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ 09/93ﻧﺳﺗوﺿﺢ أن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻏﯾر ﻣﻘﯾد،
وﻟﻪ أن ﯾﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟذي اﺗﻔق أطراﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻋرﺿﻪ أﻣﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ أي
أن اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﺷﺑﻪ ﻣطﻠﻘﺔ ﻓﻘد ﻗﻠص اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﺣﺎﻻت
ﺗطﺑﯾق ﻗﺎﻋدة ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ،ﻓﻘط اذا ﻛﺎﻧت دﻋوى
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ .وﻫذا ﻣﺎ ﻧﺻت ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر" : 8ﺗﻛون دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرﻓﻊ أﺣذ اﻷطراف دﻋوى أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛم أو اﻟﻣﺣﻛﻣﯾن اﻟﻣﻌﻧﯾﯾن ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،أو
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.207 ،
59
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺑﺎﺷر أﺣد اﻷطراف إﺟراء ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻏﯾﺎب ﻣﺛل ﻫذا
اﻟﺗﻌﯾﯾن ،ﯾﻛون اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻏﯾر ﻣﺧﺗص ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﺣﺗﻰ ﻛﺎﻧت دﻋوى اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣﻌﻠﻘﺔ".1
إن اﻟﺗﻣﺳك ﺑﺄﺣﻛﺎم ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﯾؤدي ﺑﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻘول أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻛون ﻓﯾﻬﺎ دﻋوى
اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻏﯾر ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻻ ﺗطرح ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺷﺗراط ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﺗطﺑق اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣذﻛورة ﻷﻧﻪ
ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن ﻫذا اﻻﺗﻔﺎق ﺻﺣﯾﺢ ،ﻓﻬذا ﻻ ﯾﻣﻧﻊ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣن اﻟﺗﺻدي ﻟﻣوﺿوع
اﻟﻧزاع ،أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﻣﻌﻠﻘﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﺷرع ﻣﺎرس اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻋن طرﯾق اﻟطﻌن ﻓﻲ اﻟﺣﻛم
اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ﺑﺎﻟﺑطﻼن أو ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻻﻋﺗراف وﺗﻧﻔﯾذ ﻫذا اﻟﺣﻛم أﯾن ﺗﺻﺑﺢ
اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ.2
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﺿل اﻟﻘﺎﻧون 09-08
ﺑﻌد أن ﺗﺑﻧت اﻟﺟزاﺋر ﺗوﺟﻪ ﻟﯾﺑراﻟﻲ أﻛﺑر ﻣن اﻟذي ﻗﺎﻣت ﺑﻪ ﻓﻲ إطﺎر اﻹﺻﻼﺣﺎت
اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺳﻌﯾﻧﺎت ،أﯾن اﻋﺗرﻓت ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛﺣل ﻟﻠﻧزاﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ،
اﺳﺗﻐل اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري إﺻدار ﻗﺎﻧون 09/08اﻟﻣؤرخ ﻓﻲ 2008-02-25اﻟﻣﺗﺿﻣن
ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ و اﻹدارﯾﺔ ﻟﻛﻲ ﯾﺻﺣﺢ اﻟﻬﻔوات اﻟﺗﻲ ﺗﻌرض إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣرﺳوم -93
09ﺑﻌد أن واﺟﻪ اﻧﺗﻘﺎدات ﻋدة ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻣﺎدة 458ﻣﻛرر 8اﻟﺳﺎﻟﻔﺔ اﻟذﻛر أﯾن ﺗﻔطن اﻟﻣﺷرع
و أﻋﺎد اﻟﻧظر ﻓﯾﻬﺎ ،ﻓﻘد ﻧص اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟدﯾد ﻋﻠﻰ ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﺣﺗﻰ ﻗﺑل
اﻟﺷروع ﻓﻲ إﺟراءات ﺗﺷﻛﯾل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ،ﻓﻘد اﺳﺗﻐﻧﻰ ﻋن ﻓﻛرة اﻟدﻋوى اﻟﻣﻌﻠﻘﺔ ﻛﺣﺎﻟﺔ
ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﺑرم ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم إذ ﻧص ﻓﻲ
اﻟﻣﺎدة 1045ﻣن ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ
ﺣﺗﻰ ﻗﺑل اﻟﺷروع ﻓﻲ إﺟراءات ﺗﺷﻛﯾل ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻏﯾر أن ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة اﺷﺗرطت وﺟود
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻟم ﺗﺑﯾن طﺑﯾﻌﺔ ﻫذا اﻟوﺟود ﻫل وﺟود ﺷﻛﻠﻲ أم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ؟
-1ﻋﻠﯾوش ﻗرﺑوع ﻛﻣﺎل ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.46-45 ،
-2ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص.209 ،
60
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﻣن ﻫﻧﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﻘول أن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري أﺧذ ﺑﺎﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟذي أﺧذ ﺑﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ
ﻟﻛﻧﻪ ﻟم ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﺑطﻼن اﻟظﺎﻫر و ﻋدم ﻗﺎﺑﻠﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻠﺗطﺑﯾق ﺑﺻﻔﺔ ظﺎﻫرة
ﺑل اﻋﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟوﺟود اﻟﺷﻛﻠﻲ ﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣن أﺟل اﺳﺗﺑﻌﺎد اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺎﺿﻲ
ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻧزاع ﻟﺻﺎﻟﺢ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.1
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث
ﻣدى اﻧﻔراد اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﮫ
اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻧﻔراد اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أن ﺗﻛون ﻟﻪ اﻷوﻟوﯾﺔ اﻟزﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﯾﻌطﻰ ﻟﻠﻣﺣﻛم اﻟﻔرﺻﺔ ﻓﻲ أن ﯾﻔﺻل ،وﯾﻔﺻل أوﻻ ﻓﻲ
ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣﻊ ﺧﺿوﻋﻪ ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻟوطﻧﻲ اﻟﻣﺧﺗص
اﻟﻣﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذﻩ اﻟرﻗﺎﺑﺔ 2،ﺳﻧﺗﻧﺎول ﺗﻛﯾﯾف ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺷﺄن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ )اﻟﻔرع
اﻷول( وﻣدى اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص .210
-2ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد اﻟﺣداد ،اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺑﺷﺄن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ﺑﺎﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،ص.133 ،
61
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺣﺟﯾﺔ اﻟﺷﻲء اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻓﯾﻪ ،وﻣن ﺛم ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟوز اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟطرﯾق اﻟﻣﺣدد ﻗﺎﻧوﻧﺎ ،وﻧﺟد ﺗﺄﯾﯾد
اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻧظر ﺑﻘﺑوﻟﻪ اﻟطﻌن اﻟﻣﺑﺎﺷر ﺑﺎﻻﺳﺗﺋﻧﺎف ﻓﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ،إﻻ أن أﻧﺻﺎر ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﺧﺗﻠﻔوا ﺣول اﻟوﻗت اﻟذي ﯾﺟوز ﻓﯾﻪ اﻟطﻌن
ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣﻛم ،ﻓﻣﻧﻬم ﻣن ﯾﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﻟﻣﺑﺎدرة ﺑﺎﻟطﻌن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘرار ﻓور ﺻدورﻩ ﻟﻛﻲ
ﯾﺟﻧب اﻷطراف ﻣﺷﻘﺔ أﺧرى ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺎدى آﺧرون ﺑﻌدم اﻟﻣﺑﺎدرة ﺑﺎﻟطﻌن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣﻛم
واﻻﻧﺗظﺎر ﻟﺣﯾن ﺻدور اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﻬﻲ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ ،ﺣﺗﻰ ﻻﻧﻔﺗﺢ اﻟﺑﺎب أﻣﺎم اﻟﺧﺻم ﺳﻲء اﻟﻧﯾﺔ
1
ﻟﻛﺳب ﻣزﯾد ﻣن اﻟوﻗت ٕواطﺎﻟﺔ أﻣد اﻟﻧزاع.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :اﻻ ﺗﺟﺎﻩ اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻣﻌﺎﻛس.
ﯾرى ﺟﺎﻧب آﺧر ﻣن اﻟﻔﻘﻪ ﻋﻛس اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷول ،إﻟﻰ اﻟﻘول ﺑﺄن ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر
ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻻ ﯾﻌد ﺣﻛﻣﺎٕ ،واﻧﻣﺎ ﻫو إﻋﻼن ﻣن اﻟﻣﺣﻛم ﻋن رأﯾﯾﻪ ﻛﻔرد ﻋﺎدي ﺑرﻓﺿﻪ
اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع ،وﻣن ﺛم ﻓﻬو ﻻ ﯾﻘﺑل اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺄي طﻌن ،ﻓﺎﻟﻣﺣﻛم اﻟذي ﯾﻘرر ﻋدم
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ إﺻدار ﺣﻛم وﻛل ﻣﺎ ﯾﻣﻠﻛﻪ أن ﯾرﻓض اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣوﻛوﻟﺔ إﻟﯾﻪ وﻗ اررﻩ ﻓﻲ
ﻫذا اﻟﺷﺄن ﻻ ﯾﻌد ﻋﻣﻼ ﻗﺿﺎﺋﯾﺎ وﻻ ﯾﺻﺢ أن ﯾﻛون ﻣﺣﻼ ﻟﻠطﻌن 2.ﻣن ﺧﻼل إﺣداث اﻟﺗوازن
ﺑﯾن اﻻﺗﺟﺎﻫﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن واﻟﺗوﻓﯾق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﺈن اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻷول اﻟذي ﯾرى أن ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم
اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ أﯾﺎ ﻛﺎن ﻣﺿﻣوﻧﻪ ﯾﻌد ﺣﻛﻣﺎ وﻣن ﺛم ﯾﻛون ﻣﺣﻼ ﻟﻠطﻌن ،وذﻟك
ﻟﻠﻌدﯾد ﻣن اﻷﺳﺑﺎب ﻣﻧﻬﺎ:
-1أﻧﻪ ﯾﺗﻌﯾن إﺧﺿﺎع ﻛﺎﻓﺔ أﻋﻣﺎل اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻻﺳﯾﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺄدق ﻣﺳﺎﺋل
اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻫﻲ اﻻﺧﺗﺻﺎص ،واﻟﻘول ﺑﻐﯾر ذﻟك ﺳﯾؤدي وﺿﻊ اﻟﺧﺻم اﻵﺧر ﻓﻲ ﻣﺄزق ﻻ ﻣﺧرج
ﻣﻧﻪ ﺳوى اﻻﻟﺗﺟﺎء إﻟﻰ ﺻﯾﻐﺔ ﺗﺣﻛﯾم ﺗﻼؤم اﻟﺧﺻم ﺻﺎﺣب اﻟدﻓﻊ ،أو إﺟﺑﺎرﻩ ﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن
3
وﺟود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟوء ﻟﻠﻘﺿﺎء.
-1ﺑﻠﯾﻎ ﺣﻣدي ﻣﺣﻣود ،اﻟدﻋوى ﺑﺑطﻼن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﯾﺔ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،ﻗﺳم اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ اﻟﺧﺎص ،ﻛﻠﯾﺔ
اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ طﻧطﺎ ،اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ،2007 ،ص.67، 66،
-2ﺑﻠﯾﻎ ﺣﻣدي ﻣﺣﻣود ،اﻟﻣرﺟﻊ ﻧﻔﺳﻪ ،ص.67 ،
3
-ph.Fouchard, L’arbitrage commercial international, op, cit, no,242, p138.
62
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
-2أن ﻣﺧﺗﻠف ﻗواﻧﯾن اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟوطﻧﯾﺔ ﻗررت ﺻراﺣﺔ أن ﻋﻣل اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾﻌد ﺣﻛﻣﺎ ﯾﻘﺑل اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﺑطﻼن.
-3أن ﻓﻲ ﻋدم اﻋﺗﺑﺎر ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺣﻛﻣﺎ ﺳوف ﯾؤدي إﻟﻰ
اﻟﺣﯾﻠوﻟﺔ دون رﻗﺎﺑﺗﻪ ،وﻗد ﯾﻛون ﺗﻘدﯾر اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ﺧﺎطﺋﺎ.
-4ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺧﻼص ﻣن ﻛل ﻣﺎ ﺳﺑق ذﻛرﻩ أن ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
1
ﯾﻌد ﺣﻛﻣﺎ ﯾﻘﺑل اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟطرﯾق اﻟﻣﻘرر ﻗﺎﻧوﻧﺎ.
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﺷﺄن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.
اﻧطﻼﻗﺎ ﻣﻣﺎ ﺳﺑق ذﻛرﻩ ﺑﺄن ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾﻌد ﺣﻛﻣﺎ وﻣن
ﺛم ﯾﺧﺿﻊ ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء ،واﻟﻣﺷرع ﻓﻲ ﻣﺻر أو ﻓرﻧﺳﺎ رﺻد ﻓﻲ ﺷﺄن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﯾﺔ
طرﯾق اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﻧﻌﻲ ﻋﻠﯾﻬﺎ ،اﻟﺳؤال ﯾدور ﺣول ﻛﯾﻔﯾﺔ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ
ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺷﺄن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ؟ ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺳؤال ﻫﻧﺎك ﺣﺎﻟﺗﯾن وﻻﺑد ﻣن
اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ إذا ﻗرر اﻟﻣﺣﻛم أﻧﻪ ﻏﯾر ﻣﺧﺗص )أوﻻ( ،واﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ
إذا ﻗرر اﻟﻣﺣﻛم أﻧﻪ ﻣﺧﺗص )ﺛﺎﻧﯾﺎ(.
أوﻻ :إذا ﻗرر اﻟﻣﺣﻛم أﻧﻪ ﻣﺧﺗص
إذا ﻗرر اﻟﻣﺣﻛم أﻧﻪ ﻣﺧﺗص ورﻓض اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ أﻣﺎ أن ﯾﻘﺿﻲ ﻓﻲ ﻫذا
اﻟدﻓﻊ ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع)ا( ،وأﻣﺎ أن ﯾﻘﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺣﺎل إﺻدارﻩ
ﻟﻠﺣﻛم ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺧص اﻟﻣوﺿوع)ب(.
أ -إذا ﻗﺿﻰ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع:
إذا ﻗﺿﻰ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ﻓﺈن ﺣﻛﻣﻪ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ
ﻫذا اﻟﺷﺄن ﯾﻌد ﻗطﻌﯾﺎ ،ﺣﺎﺋ از ﻟﻠﺣﺟﯾﺔ ،ﻣﻧﻬﯾﺎ ﻟﺗﻠك اﻟﺧﺻوﻣﺔ اﻟﻣﺛﺎرة ﺑﺷﺄن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﻣﺎ ﯾﺛﯾر
اﻟﺗﺳﺎؤل ﻫو ﻣﯾﻌﺎد اﻟطﻌن ﻓﻘط وﻫذا ﻣﺎ ﺳﻧﺗطرق إﻟﯾﻪ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ.
63
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺣﺳم اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﺻري ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﻧص اﻟﻣﺎدة 3/22ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ
1994ﻣﻘر ار ﻋدم ﺟواز اﻟطﻌن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣﻛم اﺳﺗﻘﻼﻻ ،وأﺟﺎز اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠطﻌن ﻓﻲ
اﻟﺣﻛم اﻟﻣﻧﻬﻲ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ 1،وﻣوﻗف اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﯾرﻓض ﻗﺑول اﻟطﻌن ﻓﻲ
ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ اﺳﺗﻧﺎدا إﻟﻰ أن ﻫذا اﻟﻘرار ﻻ ﯾﺣوز
اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ وﻣن ﺛم ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺟوز اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ،وﻣﻊ ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ
اﻟﺟدﯾد ،ﺣﯾث ﺟﺎءت اﻟﻣﺎدة 1476إﺟراءات ﻣدﻧﯾﺔ ٕوادارﯾﺔ ﻟﺗﻘرر أن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﺣوز
اﻟﺣﺟﯾﺔ ﺑﻣﺟرد ﺻدورﻫﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﻧﺗﻔﻲ ﻣﻌﻪ اﻷﺳﺎس اﻟذي أﺳﺗﻧد اﻟﯾﻪ اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺳﺎﺑق اﻟراﻓض
ﻟﻠطﻌن ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻫذا ﻗﺑل ﺻدور ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﺟدﯾد ،2ﻓﻘرار اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾﺣﺳم ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻧزاع ﺑﺻﻔﺔ ﻧﻬﺎﺋﯾﺔ
وﯾﺳﺗﻧﻔذ وﻻﯾﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺷﺄﻧﻪ ،اﻷﻣر اﻟذي ﯾﺳوغ اﻟطﻌن ﻓﯾﻪ ،ﻫذا ﻣﺎ ذﻫﺑت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﺳﺗﺋﻧﺎف
ﺑﺎرﯾس إﻟﯾﻪ وﺗوﺻﻠت إﻟﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺑﺷﺄن اﻟﻔﺻل ﻓﻲ
ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﺣﻛﻣﺎ ﺟزﺋﯾﺎ.3
-1ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة 3/22ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ 1994ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
ﺗﻔﺻل ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟدﻓوع اﻟﻣﺷﺎر إﻟﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع ،أو أن ﺗﺿﻣﻬﺎ اﻟﻰ
اﻟﻣوﺿوع ﻟﺗﻔﺻل ﻓﯾﻬﻣﺎ ﻣﻌﺎ ،ﻓﺈذا ﻗﺿت ﺑرﻓض اﻟدﻓﻊ ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻟﺗﻣﺳك ﺑﻪ إﻻ ﺑطرﯾق رﻓﻊ دﻋوى ﺑطﻼن ﺣﻛم اﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟﻣﻧﻬﻲ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻣﺎدة 53ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون.
-2أﻧظر ﺗﻌﻠﯾق ﻓﺷﺎرد ﻋﻠﻰ ﺣﻛم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ 9ﺟﺎﻧﻔﻲ 1979واﻟﻣﻧﺷور ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم 1979
،ص. 468،
-3ﺑﻠﯾﻎ ﺣﻣدي ﻣﺣﻣود ،اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق ،ص. 73،
64
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
واﻷﺻل أن ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺳﻠطﺔ ﺗﻘدﯾرﯾﺔ ﻓﻲ إﺻدار أﺣﻛﺎم ﺟزﺋﯾﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ
ﺳواء ﺑﺻورة ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ أو ﺑﺿﻣﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻣوﺿوع ،وﻣﻊ ذﻟك ﯾﺟوز ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻷطراف ﺗﻘﯾﯾد ﺳﻠطﺔ
اﻟﻣﺣﻛم ٕواﻟ ازﻣﻪ ﺑﺈﺻدار أﺣﻛﺎم ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑﺷﺄن ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.1
ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﺗﻘدم ذﻛرﻩ أن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻣﻧوﺣﺔ ﻟﻠﻣﺣﻛم ﺑﺎﻟﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺗﻌد أﺛ ار
ﻟﻠطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣوﻛوﻟﺔ إﻟﯾﻪ ،وأن ﻗ اررﻩ ﺳواء ﺑﻘﺑول اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ،أو
ﺑرﻓﺿﻪ ﯾﻌد ﺣﻛﻣﺎ ﻣﻧﻬﯾﺎ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ ،ﺣﺎﺋ از ﻟﻠﺣﺟﯾﺔ ،ﯾﺧﺿﻊ ﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻣن ﺧﻼل اﻟطﻌن
ﻓﯾﻪ ﺑﺎﻟﺑطﻼن.
ﺛﺎﻧﯾﺎ :إذا ﻗرر اﻟﻣﺣﻛم أﻧﻪ ﻏﯾر ﻣﺧﺗص.
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرى اﻟﻣﺣﻛم أن اﻟدﻓﻊ اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺟدﯾﺎ ،ﻓﯾﻌﻠن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ،أو
ﻋدم وﻻﯾﺗﻪ ﺑﻧظر اﻟﻧزاع ،ﻋﻠﻰ أن ﺗﻘدﯾر اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻬذا اﻟدﻓﻊ ﻗد ﯾﻛون ﻣﺷوﺑﺎ ﺑﺎﻟﺧطﺄ وﯾﺳﻔر
ﻋن ﻗرار ﺧﺎطﺊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ،ﻣﺎ ﯾﻠﻔت اﻟﻧظر ﻫﻲ أن اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﺻري ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 22
ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻣﻘر ار إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘرار ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠطﻌن ﻓﻲ اﻟﺣﻛم
أﻟﺗﺣﻛﯾﻣﻲ ،وأﻏﻔل ﺗﻣﺎﻣﺎ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺻدر ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛم ﻗ ار ار ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص.
اﻷﻣر اﻟذي ﻧﺟم ﻋﻧﻪ ﺧﻼﻓﺎ ﺷدﯾدا ﻓﻲ اﻟﻔﻘﻪ ،ﻓﻣن ﻗﺎﺋل ﺑﻌدم ﺟواز اﻟطﻌن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘرار
ﺑﻣﻘوﻟﺔ أن اﻟﻣﺣﻛم إذ ﯾﻌﻠن ﻋدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻌد ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻓرد ﻋﺎدي وﻻ ﯾﻣﻠك ﺳﻠطﺔ إﺻدار
اﻟﺣﻛم ،ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾرى آﺧرون ﺿرورة إﺟﺎزة اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻘرار ﻟﻠﺗﺣﻘق ﻣن
ﺻﺣﺔ اﻷﺳﺎس اﻟذي ﺑﻧﻲ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺣﻛم ﻗ اررﻩ.
ﻓﻘرار اﻟﻣﺣﻛم ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾﻌد ﺣﻛﻣﺎ ﻣﻧﻬﯾﺎ ﻟﻠﺧﺻوﻣﺔ وﯾﺟب أن ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠطﻌن
ﺷﺄﻧﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺷﺄن ﻛﺎﻓﺔ أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ،رﻏم ﻋزوف اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ
اﻷﺧﯾرة ﻋن اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺻدد ،إﻻ أن ذﻟك ﻻ ﯾﻧﻔﻲ ﺿرورة و أﻫﻣﯾﺔ
وﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﻣﺣﻛم ﻗد ﯾﺻدر ﻗ اررﻩ ﻋن ﺳوء ﻧﯾﺔ ﺗﺣﯾ از ﻷﺣد اﻷطراف ،أو ﻟﻌدم
رﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻧزاع اﻟﻣﻌروض ﻋﻠﯾﻪ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﻣﺻري أن ﯾﺳﻠك اﻟطرﯾق اﻟذي
65
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن
ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
ﺳﻠﻛﻪ اﻟﻣﺷرع اﻟﺳوﯾﺳري اﻟذي أﺟﺎز ﻟﻠﺧﺻوم ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة 36ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم
اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﺧطﺄ ﺑﻧﻔﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ.1
66
ﺧـــــــــــــــــــــﺎﺗــــــــــﻣـــــــﺔ
67
ﺧﺎﺗﻤـــــــــــــﺔ
ﺧــــﺎﺗﻣﺔ
ﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﺗوﺻﻠﻧﺎ إﻟﯾﻪ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻫو أن ﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻗد ﺗﻧﺎوﻟﻪ اﻟﻔﻘﻪ ﺑﻌدة ﻣﺳﻣﯾﺎﺗﻬﺎ وﻋﺑر ﻋﻧﻪ ﺑﻌدة أﻟﻔﺎظ ،ﻟﻛن أدﻗﻬﺎ ﻫو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ
ﺑﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص la compétence de la compétence.ﻷﻧﻪ ﻟﻔظ ﻻ
ﻟﺑس ﻓﯾﻪ وﻻ ﺷﺑﯾﻪ ﻟﻪ ﺑﯾن ﺑﻌض اﻟﻣﺳﻣﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدم ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻣن ﺧﻼل اﻟدراﺳﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" اﺳﺗﺧﻠﺻﻧﺎ إﻟﻰ
ﺗﻘدﯾم ﺗﻌرﯾﻔﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣﺑدأ " ﺑﺄﻧﻪ ﺣق اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ان ﯾﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺎﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ وﺗﺄﻛﯾد ذﻟك
ﺑﺣﻛم ﻣﻊ إﻋﻣﺎل رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻻﺣﻘﺎ".
ﻟم ﯾﻌد ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﯾﺛﯾر ﺑﻌض اﻹﺷﻛﺎﻻت ،واﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻬذا اﻷﺧﯾر
أﺻﺑﺣت ﻏﯾر ﻣﺟدﯾﺔ ﻷن ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗطوﯾر واﻟﺗﺣدﯾث ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺗﺳﻌﻰ
ﻧﺣو إﻗرار ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،وأﺻﺑﺢ اﻟﻘﺿﺎء ﯾرﻋﺎﻩ ﻓﻲ أﺣﻛﺎﻣﻪ ،واﻟﻔﻘﻪ ﯾؤﯾدﻩ
ﻓﻲ ﻣﻧﺎﻗﺷﺎﺗﻪ وﻛﺗﺎﺑﺎﺗﻪ.
أدى اﻟﺗوﺟﻪ اﻟﺟدﯾد ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ إﻟﻰ ﺣد اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،وﻫذا
اﻟﺗطور ﻗد ﺷﻣل أﯾﺿﺎ ﺳﻠطﺎت ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻣن ﺧﻼل ﺗﺑﻧﻲ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري وﻣﻌظم
ﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﻘﺎرن ﻟﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ،اﻟذي ﻗرر
إﻋطﺎء ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﻠطﺔ اﻟﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﺳواء ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻬﺎ أو ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ
دﻓﻊ ﻣن أﺣد اﻟﺧﺻوم.
ﻛﻣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻣن أﻫم اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ و اﺗﻔﻘت
ﻋﻠﻰ ﺗﺑﻧﯾﻪ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ،وﺗم اﻟﻧص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ و أﻫم
ﻣراﻛز اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ
وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻌطﻲ ﻟﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻣزﯾدا ﻣن اﻟﺛﻘﺔ ﻛوﺳﯾﻠﺔ ﻟﻠﺗﻘﺎﺿﻲ أﻛﺛر ﻣروﻧﺔ ﻣن اﻟﻘﺿﺎء
اﻟرﺳﻣﻲ.
وﺑﻬذا ﻧﻛون ﻗد ﺗوﺻﻠﻧﺎ إﻟﻰ ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ واﻻﻗﺗراﺣﺎت أو اﻟﺗوﺻﯾﺎت ﺳوف ﻧدرﺟﻬﺎ ﻛﻣﺎ
ﯾﻠﻲ:
68
ﺧﺎﺗﻤـــــــــــــﺔ
إن ﻣن أﻫم اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ أﺛﻧﺎء ﻗﯾﺎﻣﻧﺎ ﺑﺑﺣﺛﻧﺎ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺟدﯾدة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺣق اﻻﻫﺗﻣﺎم ،واﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛن ﻣﻌروﻓﺔ وﻣطﺑﻘﺔ
ﻓﻲ ظل ﻣﻌظم أﻧظﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺣﺗﻰ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺑدأ
اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص".
-اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣن ﺗﻛرﯾس ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻫو ﺗﻣﻛﯾن اﻟﻣﺣﻛم ﻣن اﻟﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ
اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ،ﺑدءا ﻣن ﻟﺣظﺔ ﻗﺑول اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻠﻣﻬﻣﺔ اﻟﻣﺳﻧدة إﻟﯾﻪ ﺣﺗﻰ إﺻدار
اﻟﺣﻛم اﻟﻔﺎﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع.
-ﯾﻌﺗﺑر ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻧد ﻣن ﺑﻧود اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،وأﻧﻪ ﺣﻛم ﻻﺑد
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻧطق ﺑﻪ ،وﻣﺷﻛﻠﺔ ﺗﺳﺗوﺟب ﺗدﺧل اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﻬﺎ ،وﺳﻠطﺔ
ﯾﺳﺗﻠﻬﻣﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛم ﻣن طﺑﯾﻌﺔ ﻣﻬﻣﺗﻪ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ.
-ﺣﺳب ﻣﺎ ﺗوﺻﻠت إﻟﯾﻪ اﻟدراﺳﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﯾﺻﺢ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻋدم إﻋﻣﺎل ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص
ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،ﻣﺎدام ﻓﻲ ﺻورة ﺑﻧد ﻣن ﺑﻧود اﻻﺗﻔﺎق أو ﻗﺎﻋدة ﻣن ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون اﻟواﺟب
اﻟﺗطﺑﯾق ،وأﺻﺑﺢ ﻗﺎﻋدة ﻋرﻓﯾﺔ دوﻟﯾﺔ ﯾﺟب اﺣﺗراﻣﻬﺎ ،أي أﻧﻬﺎ أﺻﺑﺣت ﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم
اﻟدوﻟﻲ.
-ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻣﺑدأ وﻗﺎﺋﻲ ،ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺟﺎﻧب اﻹﺟراءات ﻷﺟل اﻟﺣد ﻣن
طرف ﺳﻲء اﻟﻧﯾﺔ اﻟذي ﯾﺣﺎول اﻟﺗﺷﻛﯾك ﺑﺎﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ٕواطﺎﻟﺔ أﻣد اﻟﻧزاع ،دون اﻟﻔﺻل
ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع.
-اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻣن ﺗﻛرﯾس ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺳد طرﯾق اﻟﻐش واﻟﺗﺣﺎﯾل ﻣن اﻟطرف ﺳﻲء اﻟﻧﯾﺔ اﻟذي
ﯾﺷﻛك ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻠﺑت وﯾدﻋﻲ ﺑﻌدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم أو ﻫﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ﻟﻬذا
ﻛﺎن ﻟزاﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﻛم أن ﯾﺑت ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ ،ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ
اﻟﻣوﺿوع.
-أﺻﺑﺢ ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻣن أﻫم اﻟﻣﺑﺎدئ ﻓﻲ ﺗﺟﺳﯾد ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم،
ﻛﻣﺎ أن اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻻ ﺗﻣﺎﻧﻊ ﻣن ﺗطﺑﯾﻘﻪ ﺑل أﻧﻬﺎ ﺗﺣﺗوي ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻷﺻوﻟﯾﺔ واﻟﻔﻘﻬﯾﺔ
ﻣﺎ ﯾﺣث اﻟﻣﺣﻛم ﻋﻠﻰ إﻋﻣﺎل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،وﻣﺎ ﯾﺣث اﻷطراف ﻋﻠﻰ
اﺣﺗرام إﻋﻣﺎﻟﻪ.
69
ﺧﺎﺗﻤـــــــــــــﺔ
-أﺛﺑﺗت ﻟﻧﺎ اﻟدراﺳﺔ ﺑﺄن ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" أﺻﺑﺢ ﺿرورة ﺣﺗﻣﯾﺔ ﯾﻔرﺿﻬﺎ واﻗﻊ
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺳﺑق وأن وﺟد ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﻘﺿﺎء وﺗم إﺳﻘﺎطﻪ ﻋﻠﻰ ﻧظﺎم
اﻟﺗﺣﻛﯾم.
-ﯾﺗﺣدد ﻧطﺎق ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﺑﻌدة ﻗواﻋد ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﯾﻣﺗد ﻟﯾﺷﻣل ﻓﻛرة اﻟﻧظﺎم
اﻟﻌﺎم اﻟداﺧﻠﻲ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم اﻟدوﻟﻲ.
-اﻟﺣﻛم اﻟذي ﯾﺻدرﻩ اﻟﻣﺣﻛم ﺑﺷﺄن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﯾﺣوز ﻋﻠﻰ ﺣﺟﯾﺔ اﻷﻣر اﻟﻣﻘﺿﻲ ﻓﯾﻪ،
ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻣﺣﻛم اﻟﻔﺻل ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ،ﺑﻣﺟرد ﻣﺛول اﻷطراف ﺑﯾن ﯾدﯾﻪ ،وﺗوﻗﯾﻊ وﺛﯾﻘﺔ
ﻣﻬﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻣﻌظم اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﺣﻛﻣﯾﺔ اﻟﻣطروﺣﺔ ﻟﻠدراﺳﺔ ﻟم
ﺗﺗﻧﺎول ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﺑﺎﻟﺗﻌرﯾف ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﺑدأ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ ،إﻧﻣﺎ ﺗﻧﺎوﻟﺗﻪ ﻓﻲ
ﺻورة دﻓﻊ إﺟراﺋﻲ ﯾﻘدم أﺛﻧﺎء إﺟراءات اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻟﻘد أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﺿروري اﻷﺧذ ﺑﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ،ﻷﻧﻪ ﯾﺟﺳد ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ
اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ اﻟذي ﯾﻌطﻲ ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﺳﻠطﺔ اﻟﺑت ﻓﻲ اﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ،
ﻏﯾر أن ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﯾﺻطدم ﻣﻊ ﺿرورة اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ،ذﻟك ﻻن اﻟﺗﺣﻛﯾم ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﯾن وﻫﻣﺎ ،ﺗطﺎﺑق إرادة اﻷطراف ﻋﻠﻰ
اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺳﻣﺎح اﻟﻣﺷرع ﻟﻬذﻩ اﻹرادة ﺑﺈﺣداث أﺛرﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ،ﻟذﻟك ﻣن اﻟﺿروري
اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣرﺟوة ﻣن اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺗﺣﻛﯾم وﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑل اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟرﻗﺎﺑﺔ
اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم.
ﻗﻣﻧﺎ ﺑﺗﻘدﯾم إﻗﺗراﺣﺎت ﺑﺧﺻوص ﻣوﺿوع ﺑﺣﺛﻧﺎ ،ﻣﺎداﻣت اﻟﺟزاﺋر ﻛﻐﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟدول اﻟﺗﻲ
اﻋﺗﻧﻘت وﺗﺑﻧت ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺧﺎص ﺑﻬﺎ وﻫﻲ ﻓﻲ أﻣس
اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أﻋﻣﺎﻟﻪ ﻧﻘﺗرح أن ﺗﻧﺷﺊ ﻣرﻛز دوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر،
وﺗﻛوﯾن ﻣﺣﻛﻣﯾن ذوي ﻛﻔﺎءة ﻋﺎﻟﯾﺔ دوﻟﯾﯾن ،ﻛون اﻟﺟزاﺋر دوﻟﺔ ﻏﻧﯾﺔ ﺑﺛرواﺗﻬﺎ وﺗﺳﺗﻘطب أﻛﺑر
ﻋدد ﻣﻣﻛن ﻣن اﻻﺳﺗﺛﻣﺎرات اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ.
اﻧﺷﺊ ﻫذا اﻟﻣرﻛز ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر وﻫو ﻣوﺟود ﺣﺎﻟﯾﺎ ﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺣﻛﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ
ﺿﻣﺎن ﻣن اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطﻣﺋن اﻟﻣﺳﺗﺛﻣرﯾن اﻷﺟﺎﻧب وﯾﺗم ﺗﺑﺎدل اﻟﺧﺑرات ﻓﻲ
70
ﺧﺎﺗﻤـــــــــــــﺔ
ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،وزﯾﺎدة اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺑﺧﺻوص ذﻟك وﺗﺣدﯾﺛﻬﺎ وﺗطوﯾرﻫﺎ ﯾﺗﻼءم ﻣﻊ ﺗﻐﯾر
اﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ.
ﻣﺎ ﯾﻼﺣظ ﻫو أن ﻣﻌظم دول اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺛﺎﻟث أو اﻟدول ﺣدﯾﺛﺔ اﻻﺳﺗﻘﻼل ،واﻟﺳﺎﺋرة ﻓﻲ طرﯾق
اﻟﻧﻣو ﻛﺎﻟﺟزاﺋر ﻣﺛﻼ ﺧﺳرت ﻓﻲ ﻣﻌظم ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻧزاﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر وﻫذا راﺟﻊ
ﻟﻌدة أﺳﺑﺎب ﻣن ﺑﯾﻧﻬﺎ:
-ﻋدم اﻟﺗزام اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻛطرف ﻓﻲ ﻧزاع ﺑﺄﺣد اﻟﺷروط اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻘد
اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﻣﺛﻼ ﻛﺄن ﺗطﺑق ﻗﺎﻧون ﺟدﯾد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﺛﻣر اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻣﻊ أن اﻻﺗﻔﺎق ﻓﻲ اﻟﻌﻘد ﻛﺎن
ﯾﺗﺿﻣن ﺗطﺑﯾق اﻟﻧص أو اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻘدﯾم ﻓﻘط إﻻ إذا ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟدﯾد ﯾﺗﺿﻣن اﻣﺗﯾﺎزات
ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺳﺗﺛﻣر اﻷﺟﻧﺑﻲ دون ﻋﻛس ذﻟك وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗطﺑق ﻗﺎﻋدة ﻻ ﻋذر ﺑﺟﻬل ﻟﻠﻘﺎﻧون وﻟﻬذا
اﻟﺳﺑب ﻧﻘﺗرح ﺗﻛوﯾن ﻣﺧﺗﺻﯾن ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم وﻣﺣﻛﻣﯾن ﻷﺟل ﺗﻔﺎدي ﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺧﺳﺎﺋر
اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘدر ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﺔ اﻟﺻﻌﺑﺔ.
ﻻﺑد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري واﻟﻔﻘﻬﺎء ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،وﻋﻘود اﻟﺗﺟﺎرة
اﻟدوﻟﯾﺔ أن ﯾﺟﺗﻬدوا أﻛﺛر ﻓﺄﻛﺛر وأن ﯾراﻋوا اﻟﺗطورات اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل اﻻﻗﺗﺻﺎدي،
ﻷن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ﻣرن وﻣﺗﻐﯾر ﯾﺗﻐﯾر ﺑﺗﻐﯾر اﻟﻣﺳﺗﺟدات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﺗطور اﻟﻛﺑﯾر
واﻟﻣﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟوﺳﺎﺋل اﻹﻟﻛﺗروﻧﯾﺔ ،وﯾﺗم ﺗﺳوﯾﺔ ﻧازﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول وأﺣد رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول
اﻷﺧرى ﺑواﺳطﺔ ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻋن ﺑﻌد.
ﻣن ﻛل ﻣﺎ ﺳﺑق ذﻛرﻩ ﻧﻘوم ﺑﺗﻘدﯾم اﻗﺗراﺣﺎت أﻻ وﻫﻲ وﺿﻊ ﺗرﺳﺎﻧﺔ ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﺗﻣﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻫذا
اﻟﻌﺻر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ،ﻻن اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻧظم اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻻﺟراءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻻدارﯾﺔ اﻟﺟزاﺋري ﻓﻘط ،وﻫذا
دﻟﯾل ﻋﻠﻰ اﻓﺗﻘﺎر اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧظم اﻟﺗﺣﻛﯾم واﻟﺿﻌف ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل ،وأن ﻧﺑﺗﻌد
ﻋن اﻟﻧﻘل اﻟﺣرﻓﻲ ﻟﻘواﻧﯾن اﻟدول اﻷﺧرى ﻛﻔرﻧﺳﺎ ،ﺑﻬذا ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻻرﺗﻘﺎء إﻟﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟﻣﺗﺣﺿرة واﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻧﺟد ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ وﺑﻣﻘﺎﺑل
أﻣوال ﺿﺧﻣﺔ و طﺎﺋﻠﺔ.
71
ﻗـــــــــﺎﺋﻣﺔ
اﻟﻣراﺟﻊ
72
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ
:Iاﻟﻣراﺟﻊ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ
أوﻻ:اﻟﻛﺗب:
-1أﻧور ﻋﻠﻲ أﺣﻣد اﻟطﺷﻲ ،ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم ،اﻟطﺑﻌﺔ
اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة.2009 ،
-2أﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺳﻼﻣﺔ ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ و اﻟداﺧﻠﻲ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ
اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﺻر.2004 ،
-3أﺣﻣد ﺑﻠﻘﺎﺳم ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﻲ ،دار ﻫوﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﺑوزرﯾﻌﺔ ،اﻟﺟزاﺋر،
طﺑﻊ ﻓﻲ .2005
-4إﯾﻬﺎب ﻋﻣرو ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ اﻟﻣﻘﺎرن ،اﻟوراق ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ،
ﻋﻣﺎن اﻷردن.2014 ،
-5ﺑﻠﯾﻎ ﺣﻣدي ﻣﺣﻣود ،اﻟدﻋوى ﺑﺑطﻼن أﺣﻛﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟدوﻟﯾﺔ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،اﻟطﺑﻌﺔ
،2007ﺟﺎﻣﻌﺔ طﻧطﺎ.
-6ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد اﻟﺣداد ،اﻻﺗﺟﺎﻫﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ﺑﺷﺄن اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ،دار اﻟﻔﻛر اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ،
ﻣﺻر.2001 ،
-7ﺣﻔﯾظﺔ اﻟﺳﯾد اﻟﺣداد ،اﻟﻣوﺟز ﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻣﻧﺷورات
اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﺑﯾروت.2007 ،
-8ﻟزﻫر ﺑن ﺳﻌﯾد ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،دار ﻫوﻣﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،اﻟﺟزاﺋر.2012 ،
-9ﻧﺎرﯾﻣﺎن ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر ،اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ،
اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﺻر.1996 ،
73
-10ﻓوزي ﻣﺣﻣد ﺳﺎﻣﻲ ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،اﻟطﺑﻌﺔ
اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ،ﻋﻣﺎن اﻷردن.2008 ،
-11ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد اﻷﺣدب ،ﻣوﺳوﻋﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ
ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ ،ﻟﺑﻧﺎن .2008
-12ﻋﻠﯾوش ﻗرﺑوع ﻛﻣﺎل ،اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،اﻟﺟزء اﻟﺧﺎﻣس ،ﻣﻛﺗﺑﺔ دار
اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ ،اﻟﺟزاﺋر.2001،
-13ﻋﻠﻲ ﻛﺎظم اﻟرﻓﻌﻲ ،ﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻐداد.
أ :أطروﺣﺎت اﻟدﻛﺗوراﻩ
-1ﻋﯾﺳﺎوي ﻣﺣﻣد ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر ،رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻧﯾل
ﺷﻬﺎدة اﻟدﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ﺗﯾزي وزو ،اﻟﺟزاﺋر2012 ،
-2ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،رﺳﺎﻟﺔ دﻛﺗوراﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ﺗﺧﺻص
ﻗﺎﻧون أﻋﻣﺎل ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ﺗﯾزي وزو ،اﻟﺟزاﺋر2017 ،
-1ﺑﻠﻐﺎﻧم ﺳﻣﯾﺣﺔ ،ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ،ﻣذﻛرة ﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﺟﺎﻣﻌﺔ آﻛﻠﻲ ﻣﺣﻧد
أوﻟﺣﺎج اﻟﺑوﯾرة ،اﻟﺟزاﺋر2013 ،
-2ﺑوﻟﺣﯾﺔ ﺳﻌﺎد ،اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻛﺄﺳﻠوب ﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل
ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺧﺎص ،ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون أﻋﻣﺎل ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑن ﯾوﺳف ﺑن ﺧدة،
اﻟﺟزاﺋر2005 ،
74
-3ﺣدادن طﺎﻫر ،دور اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟوطﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل
ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر ،ﻓرع ﻗﺎﻧون اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ﺗﯾزي وزو ،اﻟﺟزاﺋر،
2012
-1ﺑن زﯾن ﻧﺳرﯾن ،ﺣدادي ﺣﻣزة ،اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﻓﻲ ﺿل
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق ،ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون ﺧﺎص
اﻟﺷﺎﻣل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن ﻣﯾرة ،ﺑﺟﺎﯾﺔ ،اﻟﺟزاﺋر.2015 ،
-2ﻋرﺟون ﻋﻣﺎر ،ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم أﻣﺎم اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر
» ،" CIRDIﻣذﻛرة ﻟﻧﯾل ﺷﻬﺎدة اﻟﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون أﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق،
ﺟﺎﻣﻌﺔ آﻛﻠﻲ ﻣﺣﻧد أوﻟﺣﺎج اﻟﺑوﯾرة 2016-2015
-3ﺳﻌودي ﺳﯾد ﻋﻠﻲ ،ﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻣذﻛرة ﺗﺧرج ﻣﻘدﻣﺔ ﺿﻣن
ﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻧﯾل ﺷﻬﺎدة ﻣﺎﺳﺗر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺗﺧﺻص ﻗﺎﻧون أﻋﻣﺎل ،ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق ،ﺟﺎﻣﻌﺔ آﻛﻠﻲ
ﻣﺣﻧد أوﻟﺣﺎج اﻟﺑوﯾرة ،اﻟﺟزاﺋر2018/2017 ،
ﺛﺎﻟﺛﺎ:اﻟﻣﻠﺗﻘﯾﺎت
-1ﺗﻌوﯾﻠت ﻛرﯾم ،رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم ﺑﯾن ﻣﻘﺗﺿﯾﺎت اﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ وﺿرورة
اﻟرﻗﺎﺑﺔ ،ﻣﻠﺗﻘﻰ وطﻧﻲ ﺣول اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ،ﻗﺳم اﻟﺣﻘوق ﻛﻠﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﻌﻠوم
اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣوﻟود ﻣﻌﻣري ﺗﯾزي وزو ﯾوﻣﻲ 09-08ﻣﺎي.2013 ،
راﺑﻌﺎ :اﻟﻣﻘﺎﻻت
-1رﺿوان ﻋﺑﯾدات ،اﻵﺛﺎر اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ ﻻﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري ،وﻓق أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون اﻷردﻧﻲ
واﻟﻣﻘﺎرن ،ﻣﺟﻠﺔ دراﺳﺔ اﻟﺷرﯾﻌﺔ و اﻟﻘﺎﻧون ،اﻟﻣﺟﻠد) ،(38اﻟﻌدد) (2اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷردﻧﯾﺔ.2011 ،
ﺧﺎﻣﺳﺎ:اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ
75
أ -اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ
-3ﻗﺎﻧون رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ 1994ﯾﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري اﻟﻣﻧﺷور ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ اﺗﺣﺎد
اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﺑﺣوث اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ،ﻋدد 4ﻟﺳﻧﺔ 1996
www.drmmahran.com
-2ﻗﺎﻧون اﻷوﻧﯾﺳﺗرال ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ ﻟﻌم 1985ﻣﻊ اﻟﺗﻌدﯾﻼت اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدت ﺳﻧﺔ
www.unicitral.org .2006
-3اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺗﺳوﯾﺔ اﻟﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول و رﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى
www.egyiac.org
76
II. Ouvrages
77
اﻟﻔﻬرس
78
ﻓﻬرس اﻟﻣﺣﺗوﯾﺎت
اﻟﺻﻔﺣﺔ اﻟﻣوﺿوع
ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻرات
01 ﻣﻘدﻣــــﺔ:
اﻟﻔﺻل اﻷول
اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎﻫﯾﻣﻲ ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
08 اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :ﻣﺎﻫﯾﺔ ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
79
22 اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
23 اﻟﻣطﻠب اﻷول :إﻋﻣﺎل اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ
24 اﻟﻔرع اﻷول :ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﺻﺣﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم
25 اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺣﻛم ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻪ
ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم ﻣﺷروﻋﯾﺔ اﺗﻔﺎق اﻟﺗﺣﻛﯾم.
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗطﺑﯾق اﻟﻣﺣﻛم ﻟﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﻌد إﺛﺎرة اﻟدﻓﻊ 26
ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص
27 اﻟﻔرع اﻷول :ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ رﻓض اﻟﻣﺣﻛم
اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص
29 اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗطﺑﯾق ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺑول اﻟﻣﺣﻛم
اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص
33 اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :ﻣوﻗف اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻣن اﻷﺛر اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ و اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻣﺑدأ
اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
80
33 أوﻻ :اﻟﺟﺎﻧب اﻹﯾﺟﺎﺑﻲ
اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ
ﺗﻔﻌﯾل ﻣﺑدأ "اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻛﺿﻣﺎن ﻟﻔﻌﺎﻟﯾﺔ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ
اﻟﻣﺑﺣث اﻷول :ﻣﺻﺎدر ﻣﺑدأ"اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" وطﻧﯾﺔ ودوﻟﯾﺔ وﻋﺎﻟﻣﯾﺔ 37
اﻟﻔرع اﻷول :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺟﻧﯾف اﻷوروﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم اﻟﺗﺟﺎري اﻟدوﻟﻲ 38
ﻟﻌﺎم 1961
ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ واﺷﻧطن ﻣن ﻧﺻوص ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﺗﻧص ﺻراﺣﺔ ﻋﻠﻰ 41
ﻣﺑدأ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص
41 اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻣﺑدأ ظﻣن ﻗواﻋد ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري
اﻟدوﻟﻲ )اﻷوﻧﯾﺳﺗرال( 10دﯾﺳﻣﺑر 1976م.
81
42 أوﻻ :ﻧﺑذة ﻣﺧﺗﺻرة ﻋن ﻗواﻋد ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ) اﻷوﻧﯾﺳﺗرال(
42 ﺛﺎﻧﯾﺎ :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﺿﻣن ﻗواﻋد ﻟﺟﻧﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة ) اﻷوﻧﯾﺳﺗرال(
45 أوﻻ :أﻫم ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧص اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻣن اﻟﻣرﺳوم اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ رﻗم 09-93
اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﻣﺻري رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ 46 .1994
46 أوﻻ :ﺷرح ﻣﻔﺻل ﻟﻣﺿﻣون اﻟﻣﺎدة 1/22ﻣن اﻟﻘﺎﻧون رﻗم 27ﻟﺳﻧﺔ 1994
49 اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻟث :اﻟﻌﻣل ﺑﻣﺑدأ " اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺑﺎﻻﺧﺗﺻﺎص" ﻣن طرف ﻣراﻛز
اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟداﺋﻣﺔ واﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻪ ﻓﻲ ﻟواﺋﺢ اﻟﺗﺣﻛﯾم اﻟﺳﺎرﯾﺔ اﻟﻣﻔﻌول.
50 اﻟﻔرع اﻷول :ﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻏرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺑﺎرﯾس C.C.I
82
51 ﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﺗﺣﻛﯾم ﻟﻐرﻓﺔ اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ﺑﺑﺎرﯾس C.C.I
52 اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﻟﻠﺗﺣﻛﯾم ).(A.A.A
52 اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻟث :ﺗﻛرﯾس اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻧظﺎم ﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول
ورﻋﺎﯾﺎ اﻟدول اﻷﺧرى).(CIRDI
53 أوﻻ :ﻧﺷﺄة اﻟﻣرﻛز اﻟدوﻟﻲ ﻟﺗﺳوﯾﺔ ﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر ﺑﯾن اﻟدول واﺣد رﻋﺎﯾﺎ
اﻟدول اﻷﺧرى CIRDI
55 اﻟﻣطﻠب اﻷول :أﻧواع اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم
اﻟﻔرع اﻷول :ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﻛم) اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ( 56
62 اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟطﻌن ﺑﺎﻟﺑطﻼن ﻓﻲ ﻗرار اﻟﻣﺣﻛم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ﺷﺄن اﺧﺗﺻﺎﺻﻪ
83
62 أوﻻ :إذا ﻗرر اﻟﻣﺣﻛم أﻧﻪ ﻣﺧﺗص
62 أ -إذا ﻗرر اﻟﻣﺣﻛم أﻧﻪ ﻣﺧﺗص ورﻓض اﻟدﻓﻊ ﺑﻌدم اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﺈﻧﻪ ﯾﻘﺿﻲ
ﻓﻲ ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﻗﺑل اﻟﻔﺻل ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع
63 ب -أن ﯾﻘﺿﻲ ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎص ﺣﺎل إﺻدارﻩ ﻟﻠﺣﻛم ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧص
اﻟﻣوﺿوع
66 ﺧـــــــــــــــــــــﺎﺗــــــــــﻣـــــــﺔ
76 اﻟﻔﻬرس
84