Professional Documents
Culture Documents
ﻓﻲ ﺣدﯾﺛﻧﺎ ﻋن اﻟﺟﺳم اﻟﺑﺷري وﻣﺎ ﻗد ﯾﺄﺗﯾﻪ ﻣن ﺗﺄﺛﯾارت ﺧﺎرﺟﯾﺔ ،ﻻ ﺑد ﻣن أن ﻧدﺧل ﻓﻲ ﻣوﺿوع ﻋﻼﻗﺔ
اﻹﻧﺳﺎن ﻣﻊ اﻹﻧﺳﺎن اﻵﺧر ،ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻌﯾش ﻣﻧﻌزﻻً ﺑل ﻫو ﯾﺗﻔﺎﻋل ﻣﻊ ﻛل ﻣن ﺣوﻟﻪ .ﺗﻔرض ﻏرﯾزة
اﻟوﺟود أن ﺗﻌﯾش اﻟﻣﺧﻠوﻗﺎت ﻓﻲ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﻧوﻋﯾﺔ وﻓﺋوﯾﺔ وﻋﻧﺻرﯾﺔ .ﺗﻌﯾش اﻟﻛﺎﺋﻧﺎت اﻟﺣﯾﺔ ﻛل ﺣﺳب
ﻧوﻋﻬﺎ وﻓﺋﺗﻬﺎ ،وﺗﺗواﺟد ﺑﺷﻛل ﻗطﻌﺎن ﺗﺳرح ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ .إن ﻋدد أﻧواع اﻟﻣﺧﻠوﻗﺎت ﻻ
ﯾﻣﻛن أن ﯾﺗم إﺣﺻﺎﺋﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن واﻟزﻣﺎن ،وﻫو داﺋم اﻟﺗﻐﯾﯾر ﺣﺳب اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﺑﯾﺋﯾﺔ واﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ.
ﺗﻌﯾش اﻟﻣﺧﻠوﻗﺎت ﺟﻣﯾﻌﻬﺎ ﺿﻣن دورة طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ اﻟﺗوازن اﻟطﺑﯾﻌﻲ .أﻣﺎ اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري
ﻓﯾﺧﺗﻠف ﻋن ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣﺧﻠوﻗﺎت اﻟﺣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾش ﻣﻌﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻛوﻛب ،ﻣن ﺣﯾث ﻣﻘدرة اﻟﻌﻘل اﻟﺑﺷري اﺷﺗرك ﻓﻲ ﻣﺟﻠﺔ اﻹﺷر اق
أدﺧل ﺑرﯾدك اﻻﻟﻛﺗروﻧﻲ
ﻋﻠﻰ اﻹدارك .إن اﻹﻧﺳﺎن ﻫو اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ اﻟوﺣﯾد اﻟﻘﺎدر ﻋﻠﻰ إدارك ذاﺗﻪ ٕوادارك ﻣﺎ ﯾﻔﻌل ،ﻓﻲ ﺣﯾن أن
ا ﻧ ﺗﺳﺎب
اﻟﺣﯾواﻧﺎت اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ وﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف أﻧواﻋﻬﺎ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗدرك وﺗﻣﯾز ،ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻣل ﻏرﯾزﯾﺎً وﺗﺗﻌﻠم ﻏرﯾزﯾﺔ اﺷﺘﺮ ك إﻟﻐﺎء اﻻ ﻧ ﺗﺳﺎب
أﯾﺿﺎً.
ﺻﻤﻢ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ
اﻹدارك اﻟﺑﺷري
ﺗﻘول اﻷﺳﺎطﯾر اﻟﻘدﯾﻣﺔ أن اﻹﻧﺳﺎن ﻗد وﻟد ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺗازوج اﻵﻟﻬﺔ ﺑطﻘوس ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓوﻟد اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺑﺷري اﻟذي
ﻫو ﻓﻲ ﻣرﺗﺑﺔ أﻗل ﻣن اﻵﻟﻬﺔ ،وﻓﻲ اﻷﺳﺎطﯾر أﯾﺿﺎً ،ورث اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻣﻘدرة اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ اﻟﻣﺗطورة وﻟﻛن ﺟﺳدﻩ
اﻟﺗارﺑﻲ ﻗﯾدﻩ ﻓﻲ اﻷرض .ﻓﻬو ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ اﻷرض ﻛﻲ ﯾﺄﻛل وﯾﺷرب وﯾﺑﻧﻲ ﺑﯾﺗﻪ وﯾﻧﺳﺞ ﻣﻼﺑﺳﻪ ،وﻋﻠﯾﻬﺎ
ﯾﻌﯾش .وﺑﻬذﻩ اﻟﻣﻘدرة اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻹدارك واﻟﺗﻣﯾﯾز واﻟﺷﻌور ،اﺳﺗطﺎع اﻹﻧﺳﺎن أن ﯾﻣﯾز ﻛل ﻣﺎ ﺣوﻟﻪ ،وﻧﺗﯾﺟﺔ
ﻟﻣﻘدارﺗﻪ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ وﻣﺷﺎﻋرﻩ ﻋﻣل اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ ﺳﺗر ﺟﺳدﻩ اﻟذي وﺟدﻩ ﯾﺧﺗﻠف ﻓﻲ ﺗﻛوﯾﻧﻪ ﺑﯾن اﻹﻧﺳﺎن
اﻟذﻛر واﻹﻧﺳﺎن اﻷﻧﺛﻰ .وﻣن ﺛم ﺗﺎﺑﻊ ﻓﻲ ارﺗداء اﻟﻣﻼﺑس اﻟﺗﻲ وﺟدﻫﺎ ﺗﺣﻣﻲ ﺟﺳدﻩ ﻣن ﺻﻘﯾﻊ وﺑرد
اﻟﺷﺗﺎء ،وﻣن ﺣاررة ﺷﻣس اﻟﺻﯾف ،وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﺧﺗﺎر اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺳﻛن ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﻣﺣﻣﯾﺔ
وﻣﺳﻘوﻓﺔ ،ﻓﻧظّم ﺣﯾﺎﺗﻪ ﻟﻠﻌﯾش ﻓﻲ اﻟﻛﻬوف واﻟﻣﻐﺎور ،وﺻوﻻً إﻟﻰ ﺑﻧﺎء اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺗﻲ ﯾﺑﯾت ﻓﯾﻬﺎ ﻣﻊ
ﻋﺎﺋﻠﺗﻪ .وﻣﻊ ﺗﻛﺎﺛر اﻹﻧﺳﺎن ﺑدأ ﯾﻧظم ﺷؤوﻧﻪ اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ ،اﻷب ﻫو رب اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﯾﻌﻣل ﻟﺗﺄﻣﯾن اﻟﻣﺄوى
واﻟﻣﺄﻛل وﻫو ﯾﻌﻣل ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ،وأﻻم ﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻷطﻔﺎل ورﻋﺎﯾﺗﻬم وﻫﻲ ﺗﻌﻣل ﻓﻲ اﻟداﺧل .اﻟذﻛر اﻟﺑﻛر ﻫو
اﻟذي ﯾرث اﻟزﻋﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﻫو اﻟﺣﻛم ﺑﯾن اﻷﺧوة ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻛﺑرون وﯾﺗزوﺟون ،وﻣﻊ اﻟوﻗت ﯾﺻﺑﺢ ﺑﻛر
اﻟﺑﻛر اﻟﺷﯾﺦ اﻟذي ﯾﻬﺗم ﺑﺷؤون ﻗﺑﯾﻠﺗﻪ ،وﻣﻊ ﺗطور ﻫذا اﻟﻧظﺎم اﻟوارﺛﻲ وﺗﻛﺎﺛر أﻓارد اﻟﻘﺑﯾﻠﺔ ،ﺗﺣوﻟت
اﻟﻘﺑﺎﺋل إﻟﻰ إﻣﺎارت وأﺻﺑﺢ ﺷﯾﺦ اﻹﻣﺎرة ﯾدﻋﻰ اﻷﻣﯾر ،وﻣن ﺛم ﺗﺣوﻟت اﻹﻣﺎرة إﻟﻰ ﻣﻣﻠﻛﺔ وأﺻﺑﺢ أﻣﯾرﻫﺎ
ﯾدﻋﻰ اﻟﻣﻠك .ﺑﻬذا اﻟﺗطّور اﻟطﺑﯾﻌﻲ وﺟد اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﻠﻛﻲ .إن اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﻠﻛﻲ ﻫو اﻷﻗرب إﻟﻰ ﻧظﺎم اﻟطﺑﯾﻌﺔ
ﻓﻬو ﯾﻧﻣو ﺑﺷﻛل ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ .وﻟﻛن ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺟﻬل واﻻﺧﺗﻼل ﻓﻲ اﻟوﺿﻊ اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ واﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ،أﺗﻰ ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻷﻧظﻣﺔ اﻷﺧرى ،ﻣﺛل اﻷﻧظﻣﺔ اﻟرﺋﺎﺳﯾﺔ ،ﻣﻧﻬﺎ اﻷﻧظﻣﺔ اﻷﺣﺎدﯾﺔ واﻷﻧظﻣﺔ
اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ واﻷﻧظﻣﺔ اﻟدﯾﻣﻘارطﯾﺔ وﻏﯾرﻫﺎ .ﯾﻧدر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺻر وﺟود أي ﻧظﺎم ﯾﻌﻣل طﺑﻘﺎً ﻟﻠﻧظﺎم
اﻟﻣﻠﻛﻲ اﻟطﺑﯾﻌﻲ.
ﻣ ﺗ ط ﻠ ﺑ ﺎ ت ا ﻹ ﻧ ﺳ ﺎن ا ﻟ ﺣ ﯾ ﺎ ﺗ ﯾﺔ
إن أول ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺣﯾﺎﺗﯾﺔ ﻫو اﻟﻣﺄﻛل واﻟﻐذاء اﻟذي ﯾﺣﺗﺎﺟﻪ اﻹﻧﺳﺎن ﻛﻲ ﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﻗوة ﺟﺳدﻩ
ﻟﻼﺳﺗﻣارر ﻓﻲ اﻟﻌﯾش .وﻣن ﺛم ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻣﻠﺑس ﻛﻲ ﯾﻛﺳو ﺟﺳدﻩ وﯾﺣﺎﻓظ ﻋﻠﯾﻪ ﻣن ﻋواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﺔ ،وﺑﻌد
اﻟﻣﻠﺑس ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺑﯾت اﻟذي ﯾﺑﯾت ﻓﯾﻪ اﻹﻧﺳﺎن وﯾؤﻣن ﻟﻪ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣن ﻋواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﺔ وﻣن اﻟﺣﯾواﻧﺎت
اﻟﻣﻔﺗرﺳﺔ .ﻫذﻩ ﻫﻲ اﻟﺣﺎﺟﯾﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟرﺋﯾﺳﯾﺔ اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﺎﺟﻬﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻛﻲ ﯾﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة
اﻟﻣﺎدﯾﺔ .أﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻋدى ذﻟك ﻓﻬو ﺗﻔﺎﺻﯾل ﻣن أﺟل اﻟارﺣﺔ .أدرك اﻹﻧﺳﺎن أن ﺣﯾﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻓﯾﻬﺎ
اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺗﻌب واﻟﻣﺷﻘﺔ ،وﻫﻲ ﻟﯾﺳت اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾرﻏب ﻓﻲ أن ﯾﻌﯾﺷﻬﺎ ،وارح ﯾﺑﺣث ﻋن
ﺻل اﻹﻧﺳﺎن إﻟﻰ أﯾﺟﺎد
اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﺗؤﻣن ﻟﻪ اﻟارﺣﺔ واﻟﺻﺣﺔ واﻟﺑﺣﺑوﺣﺔ .وﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق ذﻟك ﺗو ّ
اﻷﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻋﻰ ذﻟك .ﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﻔﯾدﯾﺔ ،ﻫﻧﺎك ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﻘﺎﻧون ﻣﺎﻧو .ﻣﺎﻧو ﻫو اﻹﻧﺳﺎن اﻷول،
اﻟذي ﯾﺄﺗﻲ ﻣﻊ ﺑداﯾﺔ ﯾوم ﺑارﻫﻣﺎ ،وﻣﻧﻪ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﺟﻧس اﻟﺑﺷري ،ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﺷﺑﯾﻪ ﻣﺎﻧو ﺑﺳﯾدﻧﺎ آدم ﻋﻧدﻣﺎ أﻧزﻟﻪ
اﷲ إﻟﻰ اﻷرض ،أو رﺑﻣﺎ ﺑﺳﯾدﻧﺎ ﻧوح ﺑﻌد اﻟطوﻓﺎن .إذ ﺗﻘول اﻟرواﯾﺔ اﻟﻔﯾدﯾﺔ أن ﻣﺎﻧو ﻗد أﺗﻰ ﺑﻌد
اﻟطوﻓﺎن.
ﻗ ﺎ ﻧ ون ﻣ ﺎ ﻧ و
ﻟﻘد وﺿﻊ ﻣﺎﻧو ﻗﺎﻧوﻧﻪ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣﺎ أﻧزل ﻋﻠﯾﻪ ﻣن وﺣﻲ .ﻓﻲ ﻗﺎﻧون ﻣﺎﻧو ﯾﺿﻊ أﺳس اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﯾﻘﺳم
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ أرﺑﻊ وظﺎﺋف أﺳﺎﺳﯾﺔ وﻫﻲ:
ﺗروي اﻷﺣﺎدﯾث اﻟﻔﯾدﯾﺔ أن طﺑﻘﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺗﻛﺎﻣل ﻫﻲ أرﺑﻌﺔ ،أوﻻً طﺑﻘﺔ اﻟﺣﻛﻣﺎء وﻫم اﻟذﯾن ﯾﺣﺎﻓظون
ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺎﻟﯾم واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد واﻟﻘﯾم ،وﺛﺎﻧﯾﺔ طﺑﻘﺔ اﻟﺣﻛﺎم ،وﻫم اﻟذي ﯾﺣﻛﻣون اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﯾؤﻣﻧون اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻪ،
وطﺑﻘﺔ اﻟﺗﺟﺎر ورﺟﺎل اﻷﻋﻣﺎل وﻫم اﻟذﯾن ﯾؤﻣﻧون ﺣﺎﺟﺎت اﻟﺷﻌب ،وطﺑﻘﺔ اﻟﺧدم وﻫم اﻟذﯾن ﯾﻌﻣﻠون ﻓﻲ
ﺧدﻣﺔ اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻷﺧرى .إن ﻫذا اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟرﺑﺎﻋﻲ ﻻ ﯾازل ﺳﺎﺋداً ﺣﺗﻰ ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ اﻟﺣدﯾث .ﻓﻲ
ﺗﺣﻠﯾﻠﻧﺎ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻘﺎﺋم ﻓﻲ أي ﺑﻠد ﻛﺎن ،ﻧﺟد أﻧﻪ ﯾﺗﻛون ﻣن ﻫذﻩ اﻟطﺑﻘﺎت اﻷرﺑﻌﺔ ﺣﺗﻰ ﻟو أﻧﻬﺎ ﻏﯾر
ﻣﺣددة ﺑﺷﻛل واﺿﺢ .ﻓﻲ اﻟﻌﺻر اﻟﺣﺎﻟﻲ ﻧﺻﻧف رﺟﺎل اﻟدﯾن ﺑﺎﻟﺣﻛﻣﺎء واﻟﻣﻌﻠﻣﯾن ،أﻣﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾون ﻓﻬو
اﻟﺣّﻛﺎم ،ورﺟﺎل اﻷﻋﻣﺎل وأرﺑﺎب اﻟﻌﻣل ﻫم اﻟﺗﺟﺎر ،وﻋﺎﻣﺔ اﻟﺷﻌب ﻣن اﻟﻣوظﻔﯾن واﻟﻌﻣﺎل ﻫم ﻣن ﯾﺧدم
اﻟﻔﺋﺎت اﻟﺛﻼﺛﺔ اﻷﺧرى .ﻟﻛن وﻓﻲ ﻫذا اﻟﻌﺻر ،ﻻ ﯾوﺟد ﺗﻣﯾﯾز واﺿﺢ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟطﺑﻘﺎت ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻻ
ﯾﺷﻌر اﻹﻧﺳﺎن ﻣن طﺑﻘﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻪ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ودورﻩ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .ﺗﻘول اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
أﻧﻪ ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ ﻫذا ﯾﻌﻣل اﻹﻧﺳﺎن ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق أﻫداﻓﻪ اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ،وﻗﻠﻣﺎ ﯾﻌﻣل ﻣن أﺟل اﻟﻘﯾم
واﻟواﺟﺑﺎت ،وذﻟك ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﺟﻬل اﻹﻧﺳﺎن ﻟواﺟﺑﻪ اﻟﺣﯾﺎﺗﻲ وﻏﺎﯾﺔ وﺟودﻩ .وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻬذا اﻟﺟﻬل ﻻ ﺗﺣﻘق ﻛل
ﻣن اﻟطﺑﻘﺎت اﻷرﺑﻌﺔ ﻏﺎﯾﺗﻬﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ،ﻓﺎﻟﺣﻛﻣﺎء ﻻ ﯾﻌطون اﻟﺣﻛﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﺷﻌب اﻟذي ﻋﻠﯾﻬم ﺗﻌﻠﯾﻣﻪ
ورﻋﺎﯾﺗﻪ ،وﻻ اﻟﺣﻛﺎم ﯾﺣﻛﻣون ﺑﺎﻟﻌدل وﯾﻧﺻﻔون ﻋﺎﻣﺔ اﻟﺷﻌب اﻟذي ﻋﻠﯾﻬم أن ﯾﺣﻛﻣوﻧﻪ وﯾؤﻣﻧون اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ
اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﻪ ،وﻻ اﻟﺗﺟﺎر ﯾؤﻣﻧون ﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎﺟﻪ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻓﻬم ﯾطﻣﻌون ﺑﺗﺣﻘﯾق اﻷرﺑﺎح ﻗﺑل ﺗﺄﻣﯾن ﺣﺎﺟﺎت
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،أﻣﺎ اﻟﺧدم ،وﻓﻲ ظل ﻫذا اﻟﺧﻠل ﻋﻠﻰ ﻛل اﻷﺻﻌدة ،ﻓﻬم ﻻ ﯾﺧﻠﺻون ﻓﻲ اﻟﺧدﻣﺔ ،وﯾﻠﺟﺋون
إﻟﻰ ﺗﺄﻣﯾن ﺣﺎﺟﺎﺗﻬم ﺑطرق ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺣﺔ .ﻟذﻟك ﺗدﻋوا اﻟﻌﻠوم اﻟﻔﯾدﯾﺔ إﻟﻰ ﺿرورة أن ﯾﻘوم ﻛل إﻧﺳﺎن
ﺑواﺟﺑﻪ اﻟﻣﻘدر ﻟﻪ "دﻫرﻣﺎ" وﺗرﺟﻣﺗﻬﺎ اﻟواﺟب اﻟﻣﻘّدر .وﯾﻌرف اﻹﻧﺳﺎن واﺟﺑﻪ ﻣﻧذ اﻟوﻻدة ،ﻓﺈذا وﻟد ﻓﻲ
ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺑرﻫﻣﺎﻧﯾﺔ ،ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﺣﻛﻣﺎء ،ﻋﻠﯾﻪ إﺗﺑﺎع ﻣﺎ ﯾﻔرض ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺋﻠﺗﻪ ﻣن واﺟﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ
وﺗﻌﻠﯾﻣﻬﺎ ﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺷﻌبٕ ،واذا وﻟد ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﻛﺷﺎﺗرﯾﺎ أي اﻟﺣﻛﺎم ،ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺗﻣرن ﺿﻣن ﻋﺎﺋﻠﺗﻪ ﻋﻠﻰ
اﻟﺣﻛم واﻷﻋﻣﺎل اﻟﻘﺗﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ .وأﯾﺿﺎً إذا وﻟد ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﻔﺎﺳﯾﺎ ،اﻟﺗﺟﺎر ،ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺗﻣرن
ﺿﻣ ن ﻋﺎﺋﻠﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﯾن وﺣﻣﺎﯾﺔ وﺗوزﯾﻊ اﻟﻣوارد واﻟﻣﺣﺎﺻﯾلٕ ،وان وﻟد ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻟﺧدم ﻋﻠﯾﻪ أن ﯾﺗﻣرن
ﻋﻠﻰ اﻹﺧﻼص واﻟﺗﺿﺣﯾﺔ ﻣن أﺟل اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄﻋﻣﺎل ﺧدﻣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺣﺳب ﺗوﺟﯾﻬﺎت اﻟطﺑﻘﺎت اﻟﺛﻼﺛﺔ
اﻷﺧرى .ﺗﻌﺗﺑر ﻛل طﺑﻘﺔ ﻣن اﻟطﺑﻘﺎت وﺣدة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ،ﺗﺧﺗﻠف ﻣن ﺣﯾث اﻟﻌﺎدات واﻟﺗﻘﺎﻟﯾد ﻋن
اﻟطﺑﻘﺔ اﻷﺧرى .ﻟذﻟك ﻟم ﯾﻛن ﻫﻧﺎ ﻣن اﺧﺗﻼط ﺑﯾن اﻟطﺑﻘﺎت .ﻛﺎﻧت ﻛل طﺑﻘﺔ ﺗﺗزوج ﺿﻣن طﺑﻘﺗﻬﺎ،
وﺗﻣﺎرس ﺷﻌﺎﺋرﻫﺎ اﻟدﯾﻧﯾﺔ وﺗﻘﺎﻟﯾدﻫﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺿﻣن طﺑﻘﺗﻬﺎ أﯾﺿﺎً .إن ﻗﯾﺎم ﻛل طﺑﻘﺔ ﻣن طﺑﻘﺎت
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑواﺟﺑﻬﺎ اﻟﻛﺎﻣل ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺗوازﻧﺎً وﺻﺣﯾﺣﺎً وﻗﺎد اًر ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻛل أﻫداﻓﻪ.