You are on page 1of 3

‫عندما أنهيت قراءة كتاب عادل حدجامي عن فلسفة جيل دولوز‪ ،‬قلت لنفسي‪ ،‬يجب‪ ،‬وذلك ليس فقط

من‬
‫وجهة نظر معرفية‪ ،‬بل ومن وجهة نظر أخالقية أيضاً‪ ،‬أن تكتب احتفاء بهذا الكتاب‪ ،‬أن تنبه أصدقاءك‬
‫إليه‪ ،‬وأن تعيد قراءته كلما توقفت أمام نص من نصوص دولوز التي تستعصي على الفهم‪ .‬نعم‪ ،‬لقد بذل‬
‫هذا الباحث جهداً كبيراً من أجل تقريب فلسفة دولوز‪ 7‬المفرطة في «حيويتها»‪ 7‬و «اختالفها» و «تفردها»‬
‫إلى قارئ العربية‪ ،‬ليس فقط في شرحه النصوص األساسية لهذا الفيلسوف‪ ،‬ولكن في نجاحه‪ ،‬ولربما هنا‬
‫تكمن أهمية الكتاب‪ ،‬في نقل المفاهيم الدولوزية إلى العربية‪ .‬كان التفكير دائما ً فعل ترجمة أو فعل‬
‫ضيافة‪ .‬ولربما هذا ما لم يفهمه بعض فالسفة فرانكفورت الذين اختزلوا‪ 7‬في «خفة» فلسفة دولوز‪ 7‬في‬
‫الخط المضاد لألنوار‪ ،‬كما فعلوا مع دريدا أيضاً‪ ،‬لكن فلسفته ستعرف‪ 7‬انتشاراً واحتفاء كبيرين في السياق‬
‫‪.‬األنغلوساكسوني والفرانكفوني‪ 7‬أيضا ً‬
‫تنتصر‪ 7‬فلسفة دولوز للمهمش داخل تاريخ الفلسفة‪ ،‬وفي‪ 7‬هذا السياق ليس أمراً مثيراً للدهشة أن يكون‬
‫برغسون من أهم الفالسفة الذين سيهتم بهم دولوز‪ ،‬والذين سيكون لهم تأثير كبير في فلسفته‪ ،‬لم ال وهو‬
‫فيلسوف الحياة بامتياز‪ ،‬يفهم الفلسفة كفعل حيوي‪ ،‬كتجربة‪ ،‬بعيداً من فعل التأمل الذي حكم الفلسفة من‬
‫ديكارت وحتى هوسرل‪ ،‬والذي سعى دائما ً في تمحوره حول ذات تكون العالم وتهبه المعنى‪ ،‬إلى ربط‬
‫اآلخر‪ ،‬المتعدد‪ ،‬المختلف‪ ،‬بنظام األنا‪ .‬إن فلسفة دولوز التي تحتفي بهيوم‪ 7‬أيضاً‪ ،‬هي فلسفة للخارج وهي‬
‫لذلك تعلي من قيمة العالقة على الماهية‪ ،‬وفي لغة هيوم من قيمة اإلمكان ضد الضرورة‪ .‬إن الذات‬
‫والموضوع‪ 7‬هما في النهاية نتاج للعالقات القائمة بينهم‪ ،‬أو نتاج للمحايث‪ .‬وفي هذا السياق نفهم أيضا ً‬
‫إشادة دولوز بالفالسفة اإلنكليز الذين نفروا من النظام وبيروقراطيته ونفروا في لغة دولوز من البناء شأن‬
‫‪.‬الفرنسيين والتأسيس على منوال األلمان‬
‫إن دولوز فيلسوف الرغبة بامتياز‪ ،‬لكنها رغبة ال يمكن اختزالها في طلب للذة‪ ،‬بل إن الرغبة تقف على‬
‫النقيض من اللذة‪ ،‬ذلك أن اللذة هي في نهاية المطاف عودة إلى الذات‪ ،‬في حين تتضمن الرغبة حنينا ً إلى‬
‫الحياة والعالم‪ ،‬فعل تجاوز‪ 7‬أو صيرورة‪ .‬ولربما تلخص الرغبة‪ ،‬فلسفة دولوز‪ 7‬التي لم تطمح إلى الحكم‬
‫‪.‬على الحياة بمقدار ما طمحت إلى االنخراط النقدي فيها‬
‫هنا‪ ،‬ال بد من أن نقف أمام التأثير الذي مارسه كل من سبينوزا ونيتشه على دولوز‪ .‬وهو ما أوضحه‬
‫عادل حدجامي في تحليله للمنعطف القيمي النيتشوي الذي خرج بالفلسفة من تمحورها‪ 7‬حول الحقيقة‬
‫‪.‬وحول سؤال الماهو الذي ال يفعل في أحسن األحوال سوى شرعنة للحياة القائمة‬
‫ما عثر عليه دولوز عند سبينوزا ونيتشه‪ ،‬هو طريقة تفكير فلسفية تتحقق في ما وراء الخير والشر‪ ،‬أو ما‬
‫وراء األنطولوجيا األخالقية‪ .‬وال يجب أن نغفل في هذا السياق‪ 7‬أن أزمة األخالق هي نتيجة طبيعية ألزمة‬
‫العقالنية الحديثة‪ .‬إن فلسفة نيتشه في تعويضها لناقوس‪ 7‬الكنيسة بالمطرقة‪ ،‬أي في هدمها للميتافيزيقا‪،‬‬
‫فإنها تهدم المقوالت الترنسندنتالية التي تقوم عليها العقالنية الحديثة‪ ،‬إنها تؤسس في اآلن نفسه لثقافة‬
‫مضادة‪ ،‬قد نسميها مع جيل دولوز‪ ،‬ثقافة الحياة‪ .‬هذه الثقافة التي وجدها دولوز عند سبينوزا‪ 7‬ونيتشه‪ .‬إنها‬
‫ثقافة تفرق بين األخالق واإليتيقا‪ ،‬فإذا كانت وظيفة األخالق محاربة قوى الحياة فينا‪ ،‬فإن اإليتيقا تؤسس‬
‫لتفكير فلسفي في ما وراء الخير والشر‪ .‬إننا نقف‪ ،‬وفي‪ 7‬لغة دولوز‪ 7،‬بين متناقضين‪ ،‬أنطولوجيا‬
‫ترنسندنتالية وأخرى محايثة‪ ،‬وبلغة أخرى‪ ،‬ودائما ً في لغة دولوز‪ ،‬بين «الحياة الخيرة» و «القانون‬
‫األخالقي» الكانطي‪ ،‬الذي سبق أن انتقد أدورنو غربته عن الواقع ومن قبله هيغل‪ .‬وفي هذا السياق‪7‬‬
‫يوضح دولوز‪ 7‬ذلك مثالً عبر تحليله الموقف‪ 7‬النقدي لسبينوزا‪ 7‬من التصور التقليدي للجسد الذي ظل ينظر‬
‫إليه نظرة دونية‪ ،‬ويعتبره خادما ً للعقل‪ ،‬وقد عبر سبينوزا‪ 7‬عن ذلك النقد بوضوح‪ 7‬في كتابه المركزي‪7:‬‬
‫«اإليتيقا»‪ ،‬وكتب قائالً‪« :‬إن فكرة تنفي وجود جسدنا‪ ،‬ال يمكنها أن توجد في عقلنا‪ ،‬بل لن تتحقق إال‬
‫ضده»‪ .‬وهي الفكرة نفسها التي سيدافع عنها نيتشه وهو ينتصر للجسد‪ ،‬لهذا العقل الكبير كما يسميه‪ .‬وأن‬
‫نقول الجسد‪ ،‬يعني أن نقول المحايث‪ .‬يكتب عادل حدجامي‪« :‬تلتقي جينالوجيا‪ 7‬نيتشه مع إيتيقا سبينوزا‪،‬‬
‫من منظور‪ 7‬دولوز‪ ،‬في أكثر من موقف‪ ،‬بل يبدو عنده من المتعذر فهم األولى من دون االستناد إلى‬
‫الثانية‪ .‬وسبينوزا‪ 7‬يالقي‪ 7‬نيتشه‪ ،‬في نظره‪ ،‬على األقل في ثالث قضايا‪ ،‬في تصورهما للموجودات‬
‫باعتبارها مقدار قوة أوالً‪ ،‬في انتصارهما‪ 7‬لقيم الحياة‪ ...‬وفي مناهضتهما‪ 7‬لمنطق‪ 7‬الخرافة‪ .»...‬وسيعمد‬
‫االثنان إلى المماهات بين مفهومي الخرافة والثيولوجيا‪ ،‬إذ ينطلقان من األسس نفسها ويخترقهما‪ 7‬المنطق‬
‫الغائي ذاته الذي يؤسس لحياة خارج الحياة‪ .‬وال عجب أن يكتب نيتشه إلى صديق قائالً‪« :‬إذا ما كنت‬
‫‪».‬أعلن حاجتي إلى سبينوزا‪ ،‬فإني أفعل ذلك بدافع غريزي‬
‫إن وظيفة الفلسفة‪ ،‬في نظر دولوز‪ ،‬ليست في أن ترث مفاهيم سابقة‪ ،‬ولكن في أن تخلقها‪ ،‬لكنه خلق‬
‫يتحقق كعالقة‪ ،‬بعيداً من إغراء األصل‪ .‬فحتى األنا ال تفكر إال نادراً وفق‪ 7‬دولوز‪ ،‬وضداً على الفكر‬
‫الكانطي‪ 7‬العمودي‪ 7‬الذي يخضع التجربة للمفاهيم‪ ،‬يؤسس في حوار مع نيتشه‪ ،‬لفكر أفقي أو لمفاهيم ال‬
‫سماء لها‪ .‬إن دولوز‪ 7‬ال يشعر بالثقة‪ ،‬إنه يشكك في كل بداية للفلسفة‪ ،‬سواء كانت الكينونة أم العدم‪ ،‬بل إنه‬
‫يشكك بأي دور للفلسفة في الكشف عن الحقيقة‪ .‬وهذا ما يجعله يقف على النقيض ليس فقط من كانط‪،‬‬
‫ولكن أيضا ً من هيغل ونظامه المغلق‪ ،‬وجدله الذي لم يفهم االختالف إال كجزء من الدائرة المغلقة للشبيه‪.‬‬
‫فالمفاهيم‪ 7‬ال تملك عند دولوز‪ 7‬إال صالحية موقتة ومحدودة‪ .‬إن الفلسفة تأريخ للهوامش‪ ،‬نومادية ال‬
‫مونادية‪ .‬إنها احتفاء بالعالم‪ ،‬إنها إيمان به‪ .‬إن خلق المفاهيم يمر ال ريب عبر خلق لغة جديدة‪ ،‬خلق للغة‬
‫جديدة داخل اللغة‪ ،‬تمرد على اللغة األم وذهاب بها إلى تخومها القصوى‪« ،‬عالقة مع الخارج»‪ ،‬كما‬
‫يصف دولوز‪ 7‬الشذرة النيتشويه‪ ،‬خلق للواقع‪ ،‬وهي في كل ذلك تمرد على منطق الذات‪« :‬أن تصبح‬
‫غريبا ً على نفسك وعلى لغتك وقوميتك‪ ،‬أليس هذا ما يميز الفيلسوف‪ 7‬والفلسفة‪ ،‬أسلوبهما‪ .»...‬إنه أيضا ً‬
‫‪.‬ما يميز الروائي‪ 7‬وفق بروست‬
‫يكتب فيثغنشتاين في كتابه‪« :‬حول أسس الرياضيات»‪ ،‬قائالً‪« :‬هدفنا ليس بناء بيت‪ ،‬أو جسر جديد‪،‬‬
‫ولكن وصف‪ 7‬الجغرافيا كما هي اآلن»‪ .‬في كتابهما المشترك «ما الفلسفة؟»‪ ،‬عمد دولوز‪ 7‬وغاتاري إلى‬
‫استعمال مفهوم «الجيو ‪ -‬فلسفة»‪ ،‬في معرض حديثهما عن نيتشه وعرضهما‪ 7‬لتصورهما‪ 7‬عن الفلسفة‪.‬‬
‫والفكرة األساسية تقول بارتباط التفكير باألرض التي يتموجد فيها‪ .‬وهذا يذكرنا‪ 7‬ال ريب بزرادشت نيتشه‬
‫ودفاعه عن فلسفة أرضية‪ ،‬أي عن فلسفة محايثة‪ .‬بل إن كانط نفسه سيتحدث عن هذا البعد الجغرافي‪7‬‬
‫للعقل‪ ،‬لكنه سيجد شمسه التي تقوده على هذه األرض في «فكرة الخير األسمى»‪ ،‬أي بعيداً من هذه‬
‫األرض نفسها‪ .‬لهذا‪ ،‬سيطرد‪ 7‬الرحالة والشكاك من «بالد الحقيقة» في مقدمته لـ «نقد العقل المحض»‪،‬‬
‫في حين سيفتح نيتشه األرض أمام أكثر من شمس‪ ،‬وسيدعوننا في «العلم المرح» إلى خلق شموس‬
‫أخرى‪ .‬فمن حق أي كان أن تكون له شمسه الخاصة‪ .‬بل إن نيتشه سيعيد النظر بكل تلك المقوالت‬
‫العنصرية التي انتشرت في الفلسفة منذ اليونان‪ ،‬وسيكتب في «ما وراء الخير والشر» منتقداً‪ ،‬بأن‬
‫األخالقويين ما برحوا يعبّرون عن حقدهم للمناطق‪ 7‬المدارية وأدغال الغابات ولساكنيها‪ ،‬ويتساءل نيتشه‪:‬‬
‫ل َم كل هذا الحقد؟ ليجيب أن في ذلك دفاعا ً عن اإلنسان األخالقوي‪ ،‬أو اإلنسان العادي‪ .‬يكتب دولوز في‬
‫«نيتشه والفلسفة»‪ ،‬أن نيتشه يدعوننا إلى البحث عن تلك المناطق البعيدة‪ ،‬معتبراً أن مناطق التفكير هي‬
‫تلك المواقع المدارية التي يسكنها‪ 7‬الغريب والمتوحش‪ ،‬أي الخارج عن نظام الحقيقة كما أسست لها شمس‬
‫كانط والفلسفة الحديثة‪ .‬ولربما هذا ما جعل نيتشه يفكر بمغادرة أوروبا إلى أفريقيا أو أميركا الالتينية‪ ،‬بل‬
‫إنه سيكتب في رسالة أنه يفكر باإلقامة في تونس‪ ،‬بين المسلمين‪ ،‬من أجل شحذ نظرته إلى كل ما هو‬
‫‪.‬أوروبي‬
‫يرفض دولوز‪ 7‬التصور الميتافيزيقي الذي سيطر على فلسفة الحداثة‪ ،‬وانطلق‪ 7‬من االعتقاد في أولوية‬
‫الذات على العالم وتشكيلها له‪ ،‬ما جعل هذا التصور‪ 7‬وعلى اختالف مدارسه‪ ،‬يسجن الذات والعالم في‬
‫مقوالت مجردة‪ ،‬بدالً من فهم الذات انطالقا ً من العالم‪ ،‬أو كما كتب برغسون‪« :‬إن العقل هو الذي ينتمي‬
‫إلى العالم وليس العكس»‪ .‬إن هذا يدفعنا‪ 7‬إلى التحلي بالتواضع‪ ،‬وما يمثله ذلك من ضرورة مغادرة مملكة‬
‫الحقيقة‪ .‬فعقل ينتمي أو هو نتاج للعالم‪ ،‬ال يمكنه أن يزعم بأنه يمسك بحقيقته‪ .‬بل إن الحقيقة نفسها يجب‬
‫أن نفهمها مع دولوز خارج منطق‪ 7‬المعرفة والمعيارية‪ .‬إنها خارج ثنائية الذات والموضوع‪ ،‬إنها عالقة‪.‬‬
‫لهذا‪ ،‬يظل مفهوم المحايثة الذي استقاه دولوز‪ 7‬من سبينوزا‪ ،‬أحد المفاهيم المركزية في فلسفته‪ .‬إنه تأكيد‬
‫اكتفاء العالم بذاته‪ ،‬وعبر ذلك تجاوز‪ 7‬لتناقضات الوعي أو ثنائياته من مثل الفكر والمادة‪ ،‬الجسد والروح‪،‬‬
‫الوعي والالوعي إلخ‪ ...‬وكما يكتب الباحث المغربي معلقاً‪« :‬ففكر المحايثة يحررنا‪ 7‬من سجون التمثل‬
‫وأغالل األخالق‪ ،‬وبالتالي فهو يحرر الحياة التي فينا»‪ ،‬ويحرر‪ 7‬الفلسفة بأن يحولها إلى جيو ‪ -‬فلسفة‪،‬‬
‫تتحرك في الحياة‪ ،‬وال تهدف إلى خلق حقائق‪ ،‬فلسفة متواضعة‪ ،‬وساذجة‪ ،‬ال مأوى لها وال سماء‪ .‬إنها‬
‫‪.‬تتحقق في العالقة‪ ،‬في عالقة مفتوحة على الزمن أو هي الزمن نفسه‬
‫من شأن فلسفة دولوز‪ 7‬وكل ما يعرف في األدبيات األنغلوساكسونية بالنظرية الفرنسية‪ ،‬أن يكون له دور‬
‫بيداغوجي إيجابي في السياق العربي‪ ،‬ليس فقط في ما يتعلق بقراءتها لتراثها الفلسفي الكالسيكي‪ ،‬تلك‬
‫القراءة التي قلبت الطاولة على المثالية األلمانية وبعثت الحياة من جديد في التيار الشكي الذي أسس له‬
‫هيوم وامتد إلى ما يعرف بالشكية المنطقية وفكر‪ 7‬المحايثة كما تطور‪ 7‬داخل المدرستين البنيوية‬
‫والفينومينولوجية‪ ،‬سيقوم دولوز‪ 7‬بتجاوز األسس الميتافيزيقية لهذه التيارات والتأسيس‪ ،‬في دفاعه عن مبدأ‬
‫االختالف‪ ،‬لنزعة شكية راديكالية‪ .‬بل إن دورها يتمثل خصوصا ً في نقضها لمفهوم الهوية‪ ،‬وانطالقا ً من‬
‫سبينوزا‪ ،‬لألخالقية التي تسجن العقل والجسد‪ 7.‬وبلغة أخرى‪ ،‬إن التفكير عند دولوز‪ 7،‬عودة إلى الحياة‪ .‬إنه‬
‫‪.‬غربة‪ ،‬وليس اغتراباً‪ .‬وهو لذلك أيضا ً فكر‪ 7‬تنويري بامتياز‪7‬‬
‫*‬
‫فلسفة جيل دولوز عودة إلى الحياة‬
‫رشيد بوطيب ‪-‬‬

You might also like