Professional Documents
Culture Documents
7
7
من الشائع أن الممارسات التجارية تعد العمود األساسي التي يسعى من خاللها
األعوان االقتصاديون إلى التنافس واالجتهاد لكسب المستهلكين بغية تحقيق النجاح التجاري
و الزيادة في الرأسمال ،إال أنه و مع سريان الوقت احرف بعض هؤالء األعوان عن مبدأ
حرية التجارة ،و ذلك باستعمالهم طرق غير مشروعة تعسفية تخالف مبدأ النزاهة التي تقوم
عليه هذه الممارسات و تمس بحرية المنافسة التي تعود بالضرر على كل من المستهلكين
و األعوان المنافسين وهذا األمر يقوم بتحويل هذه التصرفات من ممارسة تجارية إلى
ممارسة تجارية غير نزيهة مما أدى بالمشرع الجزائري إلى حظرها.
و عليه ارتأينا أن نقسم هذا الفصل إلى مبحثين ،حيث نتناول في المبحث األول
مفهوم الممارسات التجارية غير النزيهة ،أما المبحث الثاني فتطرقنا فيه إلى صور
7
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
المبحث األول
نظ ار التساع دائرة الممارسات التجارية ،و شيوع التصرفات التي من شأنها إلحاق
قررنا تقسيم مبحثنا هذا إلى مطلبين ،بحيث يتمثل المطلب األول المعنون " تعريف
الممارسات التجارية غيرالنزيهة و تمييزها عن غيرها" مكون من فرعين بحيث يتمثل الفرع
األول معنى الممارسات التجارية و الفرع الثاني معنى الممارسات التجارية غير التجارية.
8
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
أما المطلب الثاني فيحتوي على األطراف المعنية بالممارسات التجارية غير النزيهة
بحيث الفرع األول يتمثل في األعوان االقتصادية و الفرع الثاني المستهلكين .لقد قمنا
المطلب األول
بما أن الممارسات التجارية متعددة ومتشابهة إلى حد ما بحيث تثير التباس في ذهن
العديد من األفراد ،وجب وضع أوجه اختالف بينهما بشكل يزيل الغموض و التشابه الوقع
قبل التطرق إلى الممارسات التجارية غير النزيهة يجب قبل ذلك التعرف على معنى
الممارسات التجارية بالمعني اإلجمالي لتسهيل عملية استيعاب و احترام التسلسل العلمي.
لم يرد أي تعريف للممارسات التجارية في التشريع الجزائري فقد اكتفى قانون -04
النزاهة إال أن التشريع الفرنسي قام بتقديم تعريف لها وفقا للتوجيه األوروبي 2005/29في
المادة 02التي نصت على مايلي " :إن الممارسات التجارية هي كل فعل إغفال ،تصرف
1ـ القانون رقم ، 02_04المؤرخ في 23يونيو، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية غير النزيهة ،
المعدل و المتمم بقانون رقم 06-10المؤرخ في 15غشت ، 2010ج ر ع ، 41صادر في . 2004-06-23
9
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
،سعي أو اتصال ذو طابع تجاري بما فيها ذلك اإلشهار و التسويق صادر من طرف
يتضح من نص هذه المادة أن المشرع الفرنسي اعتبر الممارسات التجارية على أنها
العون االقتصادي (الحرفي) بهدف كسب يقوم بها كل التصرفات أو األفعال التي
المستهلكين بكل الطرق المتاحة قانونا من إشهار و ترويج و بيع للمنتوجات و عرض للسلع
وعبارة " ...هي كل فعل إغفال "...يستنتج أن الممارسات التجارية تشمل كل
األفعال 2اإليجابية و السلبية التي يقوم بها العون قصد إجبار و ترغيب المستهلك بالتعاقد
ففي بعض األحيان يخفي العون بشكل عمدي معلومات جوهرية تخص المنتوج ليحث
المستهلكين ظهرت الحاجة لحماية المصالح االقتصادية و عليه أسس المشرع الجزائري
للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،تتجلى هذه القواعد في مبدأين أساسيين يعتبران
1ـ المادة ،02التوجيه األوروبي رقم ،2005/29المنظم للممارسات التجارية الغير العادلة.2005،
10
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
في الفصح عن المعلومات الضرورية لتوافق إرادة المتعاقدين و خلوها من العيوب ،و تعد
حسن النية في العقود ،و نظ ار ألهميتها قام المشرع الجزائري الشفافية معيا ار لتحديد
با عتبار السعر هو القيمة المحددة للمنافع المتحصل عليها من السلع و الخدمات فإنه
يعد من العناصر الجوهرية التي تقوم عليها المعامالت التجارية و يعد كذلك من العناصر
المحددة للصراع التنافسي الذي يتمتع بها األعوان االقتصادية ففي األصل البائع ليس ملزما
باإلعالم باألسعار مسبقا بل تتحدد هذه األخيرة عن طريق التفاوض ما يؤدي إلى نتائج
سلبية خاصة على المستهلك مما وجب ضبطها بقيود تضمن شفافية السوق ،و ذلك حماية
لمصالح
كل المعنيين بالسعر وهذا ما ألزم المشرع الجزائري في المواد من 5إلى 7من القانون رقم
1ـ خديجي آحمد ،قواعد الممارسات التجارية في القانون الجزائري ،أطروحة دكتوراه ،كلية الحقوق و العلوم السياسية ،
جامعة الحاج لخضر باتنة ، 2016-05-12 ،ص -10ص . 86
11
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
تتجلى قواعد التزام العون االقتصادي بمحتوى العقد في المادة 08من القانون رقم
02-04السالف الذكر التي جاءت كما يلي " :يلتزم البائع قبل اختتام عملية البيع بإخبار
المستهلك بأية طريقة كانت و حسب طبيعة المنتوج ،بالمعلومات النزيهة و الصادقة
المتعلقة بمميزات المن توج أو الخدمة و شروط البيع الممارس و كذا الحدود المتوقعة
من نص هذه المادة نستنتج أن القانون رقم 02-04السالف الذكر لم يقف عند إعالم
المستهلك بل اتسع ليشمل اإلعالم بالمحتوى العقدي الذي يخص األعوان االقتصادين و
معامالتهم مع المستهلك حتى و إن كان المستهلك هو ذاته عونا اقتصاديا آخر بحيث يجب
إعالم الزبون بشروط البيع التي تشمل كيفية الدفع و كذا الحسوم و التخفيضات.
يظهر التزام العون االقتصادي بالفوترة بتقديمه وثيقة قانونية و محاسبية يأمر من
خاللها المستهلك بدفع مبلغ مقابل السلع أو الخدمة المقدمة بحيث تحتوي على مجموعة
ال تعتبر الفوترة اتفاقا جديدا لما تحتويه من شروط و التزامات وإنما هي فقط تجسيدا
كما تعد الفاتورة من الوسائل المجسدة لمبدأ شفافية الممارسات التجارية التي اعتمدها
المشرع الجزائري في المادة 10من القانون 02-04السالف الذكر التي تتضمن التزام
و خالل نصها نستنتج أن المقصود بكلمة " البائع" هو العون االقتصادي كونه هو
الذي يتولى بيع السلع أو تقديم الخدمات ،ويتضح أيضا ضرورة تقديم هذا األخير فاتورة أو
أية وثيقة أخرى إذا طلبها الزبون التي تكمن أهميتها في إضفاء الشفافية على المعامالت
يصدر عن المتعاقد عن اإلتيان بكل تصرف يتنافى مع الشرف و االستقامة المتمثل في
الخداع و الغش و التعسف الذي من شأنه اإلضرار بمصالح المتعاقد اآلخر .1
و نظ ار لعدم التوازن في العالقة التعاقدية باعتبار المستهلك الطرف الضعيف فيها ،
حضر المشرع الجزائري كل ممارسة قائمة من طرف األعوان االقتصادية التي من شأنها
الممارسات التجارية " في القانون 02-04الذي حددها على أنها الممارسة األسعار غير
الشرعية ،الممارسات التجارية التدليسية وأخرى غير الشرعية ،باإلضافة للممارسات التجارية
إال أن المشرع لم يكتفي بذلك فقط ،بل قام بتكريس مبدأ النزاهة أيضا في القواعد
المنظمة للمنافسة كضابط لحرية األسعار التي تتجلى في اآلمر رقم . 303-03
التي تتجلى في الممارسات مبدأ النزاهة سوف نتطرق إلى القواعد التي تحكم
المبحث الثاني تحت عنوان " صور التجارية غير النزيهة و بشكل مفصل الحقا في
لألعوان االقتصادية حرية في الممارسات التجارية وفقا لمبدأ " حرية التجارة إال أنها
حيث كرسلها بابا كامال تحت تسمية " الممارسات التجارية غير النزيهة ".
لم يعرف المشرع الجزائري الممارسات التجارية غير النزيهة إال أنه تم إدراجها على
سبيل المثال في قانون 02-04المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية في بابه
لذا لجأ الفقه و اجتهد القضاء لتقديم تعريف يالئمها و يبسط فهمه كاآلتي :
عرف الفقهاء الممارسات التجارية غير النزيهة بمفهوم واسع على أنها كل فعل من
شأنه مخالفة القانون و أعراف التجارة و االتفاقيات الخاصة ،كما عرف الفقه اإلسالمي
التجارة على أنها من طرق الكسب الحالل الواجبة ضبطها لتالئم و تشمل المصلحة الدينية
حيث يرتكز هذا الجانب من الفقه على منع الممارسات المحرمة (كالربا و
الرشوة)وكل ممارسة تنافسية تلحق الضرر (كالبيع على البيع) لقول الرسول صلى هللا عليه
وسلم " :ال يبيع بعضكم على بعض 2"...وكذا الصدق في التعامل لقوله عز و جل { :يا
1ـ فطيمة بوزيان ،حظر الممارسات التجارية غير النزيهة في التشريع الجزائري ،مذكرة ماستر ،كلية الحقوق و العلوم
السياسية ،جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ، 2019-06-26 ،ص -10ص . 11
2ـ صحيح بخاري ،كتاب البيوع ،باب ال يبيع على بيع أخيه ،دار ابن الكثير ،طبعة رقم ، 01بلد النشر دمشق ،سنة
. 2002-1423
15
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
أيها الذين أمنوا أوفو بالعقود } ،1كما يرى فقهاء الشريعة اإلسالمية ضرورة منع الثناء
نستخلص من آراء الفقهاء أن كل ممارسة تفتقد الصدق الذي يؤدي إلى التضليل أو
الكذب في محتوى السلع ،أو التنافس الذي يلحق الضرر تعد ممارسة تفتقر لمبدأ النزاهة
لم يرد أي قرار حول الممارسات التجارية غير النزيهة في القضاء الجزائري ،إال أن
القضاء الفرنسي الذي أطلق عليها مصطلح "نظرية المنافسة غير المشروعة " أصدر ق ار ار
عن الغرفة التجارية لمحكمة النقض الفرنسية بحيث يعتبر فيه المنافسة غير المشروعة هي
كل تعسف يط أر على مبدأ حرية التجارة الذي يرتب خسارة تجارية.
و طبقا للقرار الصادر عن مجلس استئناف أميان الفرنسي نستخلص أن استعمال أي
طرق غير مشروعة لجلب الزبائن من قبل كل من التاجر أو الصانع تعد منافسة غير
مشروعة.
المشروعة تشمل كل خطأ متعسف في مبدأ حرية المنافسة أو خطأ مخالف ألعراف المهنة
مستوجب التعويض.2
طبقا لمقتضيات المادتين 126و 227من القانون 02-04و كذا اتفاقية باريس لحماية
• أن تكون هذه المنافسة تتعدى على المنافس و تخالف األعراف التجارية النزيهة .
ومنه نستخلص أن المشرع الجزائري أوحى إلى تعريف الممارسات التجارية غير
النزيهة أنها تلك التي من شأنها المساس بالمصالح االقتصادية لألعوان االقتصادية و التي
تمتد لتمس بمصالح المستهلك باألساليب المحظورة قانونا ،فبهذه الممارسات يسعى العون
االقتصادي إلى التموقع مكان الغير و االستفادة من شهرة منافسه و كسب الزبائن عن طريق
التعدي على
العناصر التي ساهمت في نجاح مؤسسات معينة دون جهد مالي أو فكري ،و لتنافي هذه
التصرفات مع العادات و األعراف التجارية تم تكييفها على أنها من أعماال التطفل التجاري
التي تشمل التشبيه المؤدي إلى اللبس و تشويه لسمعة المنافس و كذا إحداث اضطراب به
1ـ المادة رقم ، 26القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية
،ص.06
2ـ المادة رقم ، 27القانون رقم ،02-04المؤرخ في 23يونيو 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،
ص.06
3ـ األمر ، 02-75المؤرخ في 09يناير ، 1975المتضمن المصادقة على اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ،سنة
، 1975ص .154
17
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
سنتطرق في هذا الفرع إلى تمييز الممارسات التجارية غير النزيهة عما يشابهها من
ممارسات تجارية غير شرعية و أخرى تدليسية باإلضافة إلى الممارسات التعاقدية التعسفية
الذي يتمحور في اال ختالف من حيث المفهوم و الجزاءات الذي سيتم توضيحه على النحو
اآلتي :
أوال .الممارسات التجارية غير النزيهة و تمييزها عن الممارسات التجارية غير الشرعية
نظ ار لحلول الممارسات التجارية في وقتنا الراهن مكانا للتنافس الحاد بين األعوان
االقت صادية من خالل الجهد المبذول من كل واحد منهم لجلب أكبر عدد من الزبائن ،أمسى
ضروريا التدخل لردع الممارسات التي من شأنها إلحاق الضرر بمصالح األعوان االقتصادية
و المستهلكين .
و رغم الشبه الموجود بين الممارسات التجارية غير النزيهة و الممارسات التجارية
غير الشرعية كونهما ممارسات تخالف مبدأ النزاهة إال أنه من الضروري توضيح االختالف
التجارية غير النزيهة في الباب الثالث منه إال أنه تم إدراج كل منهما في فصل مختلف ،1
1ـ بلقاسم طارق فتح الدين ،قواعد الممارسات التجارية في النشريع الجزائري ،مذكرة ماستر ،كلية الحقوق و العلوم
السياسية ،جامعة أكلي محند أولحاج ،البويرة ،سنة ، 2013-2012ص . 15
18
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
فالقصد الذي وراء تسمية المشرع الجزائري هذه الممارسات بغير الشرعية هو مخالفة القانون
نستخلص من هذا أنه لم يتم تعريف هذا النوع من الممارسات في قانون 02-04إال
أنه و بالرجوع إلى مواده يمكن استنباطه و اعتباره أنه كل ممارسة من طرف األعوان
االقتصادية الذي من شأنه عرقلة سير االقتصاد و بشكل يخرق القانون يعتبر ممارسة غير
شرعية من خالل ممارسات األعمال التجارية دون اكتساب الصفة القانونية ،رفض البيع أو
تشويه سمعة المنافس و تقليد العالمات المميزة وغيرها من الممارسات التي تؤدي إلى
المساس بمصلحة العون االقتصادي و مصلحة المستهلك ،ويكمن االختالف بينهما في :1
يكمن المقصد من الممارسات التجارية غير الشرعية في اإلخالل بمبدأ النزاهة فيما بين
األعوان االقتصادي ين و فيما بين هؤالء و المستهلكين الذي يتجلى في عالقتهما التجارية ،
في حين أن الممارسات التجارية غير النزيهة هي ممارسات تهدف إلى االعتداء على
المصالح االقتصادية لألعوان االقتصاديين الذي يكمن سعيهم في تحقيق أهدافهم المتمثلة في
تطوير التجارة و جذب العدد األكبر من الزبائن بقصد تحقيق الربح .
األدنى للغرامة المالية للممارسات التجارية غير النزيهة ب 50.000دج و الحد األقصى
بمقدار 5.000.000دج ،بينما حددت الممارسات التجارية غير الشرعية الحد األدنى
الممارسات التجارية التدليسة مشابهة للممارسات التجارية غير النزيهة ،كما سبق أن
ذكرنا في تمييز الممارسات التجارية غير الشرعية عن الممارسات التجارية غير النزيهة في
احتواِئهم على شبه كبير ،لذا من الالزم إظهار أوجه االختالف بينهما حتى يسهل على
فالتدليس هو استعمال طرق احتيالية التي من شأنها إيهام شخص حول أمر يخالف
الحقيقة بغاية دفع هذا األخير إلبرام العقد ،و يشترط لقيام التدليس الكتمان أو المالبسة
العينية ما إن يثبت المدلس عليه بأنه ما كان ليبرم العقد لو علم هذه الواقعة. 2
1ـ المادة رقم ، 38القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ،2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية
،ص.07
2بلقاسم طارق فتح الدين ،المرجع ،ص -15ص.16
20
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
428من نفس القانون أنه ذكر ممارسات تلحق الضرر بالمنافس و أخرى تلحق الضرر
بالمستهلك .
بموجب نص المادة 37من القانون 502-04و التي تعتبر تحرير الفواتير من هذا
النوع يعد من صور التزوير المتمثل في تحرير فواتير وهمية أو مزيفة لعمليات تجارية
دون وجودها الفعلي التي هي ذات الممارسة المعتمدة في عملية غسيل األموال
1المادة رقم ، 24القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ،2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،
ص.06
2ـ المادة رقم ،25القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ،2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية
،ص.06
3ـ المادة رقم ،27القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ،2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،
المشار إليها في ص .10
4ـ المادة رقم ،28القانون رقم 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،
ص .06
5ـ المادة ، 37قانون ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،ص.7
21
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
كونها تهدف إلى تبرير حركة األموال ،قام المشرع الجزائري بتشديد الغرامة المالية
10.000.000دج.
بينما الغرامة المالية بالنسبة للممارسات التجارية غير النزيهة كما ذكرنا سابقا تحدد
كما سبق أن عرفنا أن الممارسات التجارية غير النزيهة مشابهة لعديد من الممارسات
لما تشترك فيه من ممارسات تخالف األعراف التجارية و تمس بمصالح اقتصاد السوق و
و باإل ضافة إلى الممارسات التجارية غير الشرعية و الممارسات التجارية التدليسية
هناك نوع آخر من الممارسات تشبهها تدعى "بالممارسات التعاقدية التعسفية " إال أنها
تحتوي على اختالفات من الواجب بيانها ،و هذا ما أردنا إيضاحه كاآلتي: 1
نظ ار لإلشكال المطروح حول العالقة التعاقدية بين المستهلك و األعوان االقتصادية
التي عرفت اختالال في التوازن ،برزت ظاهرة الشروط التعسفية التي يفرضها العون استنادا
لمركزه التعاقدي القوي مما أوجب المشرع الجزائري على إضافة قواعد خاصة بالممارسات
التعاقدية التعسفية بغاية حماية المستهلك كونه الطرف الضعيف المتواجدة في المادة 29من
القانون .102-04
االستهالك التي تتضمن تفاوتا في القدرة الفنية و االقتصادية بين أطراف العقد التي تتجلى
بذاتها في كل شرط من شأنه اإلخالل بالتوازن الخاص بالحقوق و االلتزامات لكل من العون
االقتصادي و المستهلك التي من الممكن أن تعود على الطرف الضعيف وهو المستهلك
المطلب الثاني
في المطلب األول ،يبقى السؤال مطروحا في ذهن القارئ " :من هم األشخاص المعنيين
بالممارسات التجارية غير النزيهة ؟ هل هم ذاتهم القائمين بالممارسات التجارية ؟ " و هل
من مصطلح "تجارية"يقصد به التجار دون سواهم ؟" و هذا ما أردنا التطرق إليه في مطلبنا
هذا من خالل تقسيمه إلى فرعين ،فالفرع األول خصصناه لألعوان االقتصادية الذي ينقسم
1المادة ، 29القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،
ص.7
23
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
بدوره إلى المنتج و التاجر و الحرفي و مقدم الخدمة ،أما الفرع الثاني فهو مخصص
للمستهلكين.
استعمل المشرع الجزائري مصطلح العون االقتصادي أول مرة و ذلك معب ار عن
الشخص المحترف الذي يمتاز بالخبرة في القانون 02-04و أوضح أن من يدخل ضمن
إطار هذا المصطلح في المادة 03في فقرتها األولى من نفس القانون التي جاءت كما يلي
" :كل منتج أو تاجر أو حرفي أو مقدم خدمات أيا كانت صفته القانونية يمارس نشاطه
في اإلطار المهني العادي أو بقصد تحقيق الغاية التي تأسس من أجلها ".1
من خالل نص هذه المادة نستخلص أن األشخاص اللذين يكتسبون صفة العون
االقتصادي المتمثل في المنتج أو التاجر أو الحرفي أو مقدم الخدمات مهما كانت صفته
القانونية.
يمارس نشاطا في اإلطار المهني العادي أو بقصد تحقيق الغاية التي تأسس من
أ .المنتج
لم يرد تعريف المنتج في التشريع الجزائري إال أنه يمكن استنباطه من تعريف اإلنتاج
بموجب نص المادة 03من القانون رقم 03-09المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش " :
1ـ المادة رقم ، 03القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية
،ص.4
24
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
يقصد في مفهوم احكام هذا القانون اإل نتاج :العمليات التي تتمثل في تربية المواشي و
التركيب و توضيب المنتوج ،بما في ذلك تخزينه أثناء مرحلة تصنيعه و هذا قبل تسويقه
األول ".1
لذا من خالل نص هذه المادة يمكن حصر صفة المنتج في كل شخص يبتكر سلع
و يظهرها إلى الوجود بمختلف الوسائل المتاحة كتصنيعها فنيا و تقنيا أو من خالل كسبها
ب .التاجر
نظ ار لعدم تعريفه في القانون ، 02-04نستند في تعريف التاجر إلى القانون التجاري
الجزائري في مادته األولى التي عرفته كاآلتي " :يعد تاج ار كل شخص طبيعي أو معنوي
يباشر عمال تجاريا و يتخذه مهنة معتادة له ،ما لم يقض القانون بخالف ذلك ".3
جاء نص هذه المادة صراحة بحيث يسهل فهمه فيتضح أن صفة التاجر تكمن في
أي اشتراط المشرع الجزائري األهلية التجارية لممارسة ممارسة الشخص عمال تجاريا
التجارة ،فاحتراف الشخص لألعمال التجارية موضوعيا فهو ما يضفي عليه صفة التاجر
طبقا لنص المادة 02من القانون التجاري الجزائري واشترط أيضا ممارسة هذه األعمال
1ـ المادة رقم ، 03القانون رقم ، 03-09المؤرخ في 25فبراير ، 2009المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش ،ج ر ع
15الصادر في 2009-02-25ص .13
2ـ براشمي مفتاح ،مجال تطبيق الممارسات التجارية غير النزيهة في التشريع الجزائري المقارن ،مجلة القانون و االعمال
القانونية ،العدد ، 33أبريل ، 2021سنة .2014
3ـ المادة رقم ، 01األمر ، 59-75المؤرخ في 26سبتمبر ، 1975المتضمن القانون التجاري ،ج ر عدد ، 101الصادر
في ، 1975-12-19ص.01
25
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
بصفة احترافية استنادا لعبارة " ...و يتخذه مهنة معتادة "...بمعنى مزاولة عمل معين
بصفة مستمرة و منتظمة ،فاالحتراف هو مختلف تماما عن االعتياد فهذا األخير ال يصل
فيه تكرار العمل لدرجة االستمرار و االنتظام ،كما ورد ضمنيا في نص المادة 01ضرورة
احتراف الشخص األعمال التجارية باسمه و لحسابه الشخصي وجعلها مهنة دائمة له سواء
التجارية غير النزيهة في حمايته من المنافسين اللذين يهدفون إلى سرقة الزبائن بطرق غير
ج .الحرفي
تم تعريف الحرفي في األمر رقم 01-96المحدد للقواعد التي تحكم الصناعة
التقليدية و الحرف في المادة 210منه في فقرتها األولى كما يلي " :حرفي كل شخص
طبيعي مسجل في سجل الصناعة التقليدية و الحرف ،يمارس نشاطا تقليديا ". 3
كما يتضح من نص المادة أن الحرفي هو شخص طبيعي يمارس نشاطا تقليديا أي
ليتميز الشخص بصفة الحرفي عليه ممارسة مهنة يدوية و أن يتحلى الحرفي بمؤهالت
1ـ عباد صوفية ،محاضرة ملقاة على طلبة سنة أولى ليسانس ،مقياس القانون التجاري ،كلية التسير والعلوم االقتصادية
،جامعة العربي بن مهيدي ،ص .06
2ـ المادة رقم ، 10األمر رقم ، 01-96المؤرخ في في 10يناير ، 1996المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية
،ج ر عدد ، 03الصادر في 1996-01-10ص .05
26
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
مهنية و يقوم بالعمل شخصيا و يتحمل المخاطر المترتبة عنه بمعنى يمارسه باسمه و
لحسابه شأنه شأن التاجر و يسجل في سجل الصناعة التقليدية و الحرف .
إال أنه حتى ولو لم يفتح الحرفي محال تجاريا فهو يخضع للقانون المطبق على
الممارسات التجارية و المنافسة غير المشروعة فقد اكتسب بالفعل زبائن و من حقه
المحافظة عليهم و لهذا أدرجه المشرع الجزائري ضمن المعنيين بالممارسات التجارية غير
النزيهة لضرورة حمايته من الحرفي المنافس الذي يجتهد لكسب الزبائن بطرق غير مشروعة
لم يرد أي تعريف لمقدم الخدمات في القانون رقم 02-04كما هو الحال بالنسبة
للمنتج إال أنه يمكن استنباطه من القانون 03-09المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش
بموجب المادة 03منه التي عرفته كاآلتي " :كل عمل مقدم غير تسليم السلعة حتى ولو
و عليه نستنتج أن مصطلح الخدمة يشمل أداء أو عمال بمقابل مبلغ مالي مهما
كانت طبيعة األداء سواء كانت ذات طابع مادي كاإلصالح و التنظيف أو ذات طابع مالي
1ـ المادة رقم ، 03القانون ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ،
ص .04
27
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
بتقديم خدمة أو عمل لشخص آخر بمقابل مبلغ مادي متفق عليه مهما كانت طبيعة العمل (
و بتحليل المادة 02من القانون رقم 02-04السالف الذكر التي تضمنت مايلي " :
يطبق هذه القانون على النشاطات ...و الخدمات التي يمارسها أي عون اقتصادي مهما
نجد عبارة "مهما كانت طبيعته القانونية "عممت مصطلح العون االقتصادي ليشمل
كل شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص تاج ار كان أو غير تاج ار ،وبالتالي فباعتبار
مقدم الخدمات الشخص الذي يمارس النشاطات المنصوص عليها في المادة المذكورة أعاله
2
نستنتج أن المشرع الجزائري أدرج مقدم الخدمات ضمنا ألشخاص المعنيين بالممارسات
التجارية غير النزيهة كونهم أكثر عرضة لها ألن طبيعة نشاطاتهم تستلزم العمل مع الزبائن.
الممارسات التجارية مبنية على تواجد عالقة بين األعوان االقتصادية و المستهلكين و
منه نستنتج أن المعنيين بالممارسات التجارية غير النزيهة بغير األعوان االقتصادية هم
غير النزيهة ؟
1ـ المادة رقم ، 02القانون ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية،
ص ،04المصدر نفسه .
2ـ خوجة عائشة ،مبدأ الشفافية الممارسات التجارية في القانون الجزائري ،مذكرة ماستر ،كلية الحقوق و العلوم السياسية
جامعة الطاهر موالي ،سعيدة ،سنة ، 2017-2016ص – 27ص . 28
28
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
المستهلك لغة هو في األصل مأخوذ من فعل يستهلك ،بمعنى اقتنى الشيء و انتفع
به و بمعنى آخر هو الشخص الذي يقوم باستغالل السلعة و االستفادة منها حتى زوال
منفعتها.
يقصد بالمستهلك ا صطالحا الشخص الذي ينتفع بالسلع أو الخدمة بشكل مؤقت أو
دائم .1
انقسم رأي الفقه حول تعريف المستهلك إلى إثنين فهناك ،من أخذ بالتعريف الضيق و
هناك من أخذ بالمعنى الواسع حيث قام أنصار االتجاه األول باالعتماد على معيار الغرض
اعتقادا منهم أنه المعيار األ ساسي لتمييز بين المستهلك عن المهني و قاموا بتعريفه على
أنه " كل شخص طبيعي أو معنوي من القانون الخاص يتحصل على منتوج أو يستعمله
1ـ أيمن إسحاق ،مكافحة الممارسات التجارية غير النزيهة في التشريع الجزائري ،مذكرة ماستر ،كلية الحقوق و العلوم
السياسية ،جامعة قاصدي مرباح ورقلة ، 2019-06-20 ،ص .13
2ـ خوجة عائشة ،المرجع السابق ،ص -27ص . 28
29
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
نستنتج من فكرة هؤالء الفقهاء استبعادهم لكل شخص يشتري منتوج لغرض مزدوج
أي الجمع بين غرض مهني و أخر غير مهني كاقتناء الوكيل العقاري سيارة النتفاعه
الشخصي باإلضافة إلى االستعمال المهني الذي يكمن في جوالت مهنية .
أما االتجاه الثاني ،فإنه يربط مصطلح المستهلك بكلمة المواطن حيث تكمن حجتهم
في ذلك في فكرة أن حماية المستهلك مرتبطة بحماية المواطن وفقا لرالف نادار ومنه نستنتج
أن هذا الرأي توج مصطلح المستهلك بالعمومية ليشمل حتي الجمع بين االستعمال أو
االنتفاع الشخصي و األغراض المهنية مثال :اقتناء المحامي أجهزة اإلعالم اآللي لمكتبه.
المالحظ أن هذا االتجاه يوسع من نطاق الحماية عكس االتجاه األول و هذا ما جعله
محال للنقد كون هذه التوسيع يتعارض مع هدف إعادة التوازن للعالقات التعاقدية من خالل
حماية الطرف الضعيف فيها فالمهني حتى وإن كانت تعاقداته خارج اختصاصه ليس
بموجب المادة 03في فقرتها الثانية من القانون رقم 02-04التي تضمنت مايلي " :
كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني سلعا قدمت للبيع أو يستفد من خدمات عرضت و
2
مجردة من كل طابع نهني "
يتضح من نص هذه المادة أن المشرع الجزائري جعل مفهوم المستهلك بشكل واسع و
عام ال يقتصر على الشخص المتعاقد فقط و ذلك الستعماله كلمة " يقتني " التي تحمل
كما يتضح من استعمال المشرع عبارة "شخص طبيعي أو معنوي " أن المستهلك
قد يكون عونا تجاريا أو فردا و اشترط تجرده من كل طابع مهني حسب عبارة " مجردة من
في الشخص الطبيعي دون سواه كما هو حال التشريع الفرنسي في قانون االستهالك الفرنسي
،عكس التشريع الجزائري الذي أوضح أن المستهلك قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا
حيث
اعترف بصفة المستهلك بالنسبة للشخص المعنوي الفتقار الجمعيات و الشركات المدنية
للخبرة في هذا النشاط ،كما قام بنص حماية قانونية للمستهلك باعتباره الطرف الضعيف من
الممارسات التجارية غير النزيهة مع جعل هذه الممارسات جرائما يسهل إثباتها بكل وسائل
1
اإلثبات
• ـكون المستهلك شخصا طبيعيا أو معنويا ،إما شخص معنوي يباشر نشاط غير مهني
كالجمعيات التي ال تهدف إلى تحقيق الربح أو شخص طبيعي فرد من األفراد المجتمع.
• اقتناء السلع أو االستفادة من الخدمات ،بمعنى شراء منتوج مطروح في السوق أو االنتفاع
نستنج من خالل مبحثنا هذا أن ممارسات التجارية غير النزيهة هي كل تصرف من
األخرين هما األشخاص المعنية بهذه الممارسات .ومما ذكرنا سابقا نالحظ أن هناك
ممارسات مشابهة للممارسات التجارية غير النزيهة التي تحدث الخلط و اللبس المتمثلة في
الممارسات التدليسية و الممارسات التعاقدية التعسفية و الممارسات التجارية غير الشرعية .
المبحث الثاني
بعد أن تطرقنا في المبحث األول إلى مفهوم الممارسات التجارية غير النزيهة و بينا
الفرق بينها و بين الممارسات التجارية المشابهة و ذكرنا األطراف الذي عناهم المشرع
الجزائري بهذا النوع من الممارسات ،وصلنا إلى المرحلة التي يجب علينا بيان صور هذه
33
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
وعليه قررنا تقسيم مبحثنا هذا إلى مطلبين ،بحيث يحتوي المطلب األول المعنون
المنافس و أخرى لالستفادة من تفوق المنافس ،و يشمل المطلب الثاني المسمى
التضليلي.
المطلب األول
من الشائع أن مبدأ حرية التجارة يكسب األعوان االقتصادية الحرية في ممارساتهم
اال قتصادية ،إال أنه ما كانت هذه الممارسات ذو حرية مطلقة سوف تعود بالضرر على
مصالح األعوان اال قتصادية لذا من الالزم تقييد هذه الحرية بمقتضيات النزاهة و هذا ما
يتمحور هذ النوع من الممارسات التي تهدف إلضعاف المنافس في قالب يتمثل في
تشويه سمعته أو استغالل مهارته دون إذنه أو إغراء مستخدميه من أجل االستحواذ على
34
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
سمعة عون ا قتصادي منافس بنشر معلومات سيئة تمس بشخصه أو منتجاته أو
خدماته."1...
نشر معلومات مسيئة عن مؤسسة منافسة أو منتجاتها أو خدماتها سواء كانت هذه
المعلومات ذات مصداقية أم ال ،أو تقليد العالمات المميزة للعون االقتصادي المنافس أو
منتجاته أو خدماته بغرض زرع الشكوك و األوهام في ذهن المستهلكين و يكمن القصد
المخفي هنا في كسبهم الزبائن على حساب العون االقتصادي المنافس .
فالمقصود هنا هو مدى تأثير هذه المعلومات على زبائن المنافس فعلى سبيل
المثال :االدعاء بأن المؤسسة ال تحترم النظافة ،أو أن أسعار خدماتها مرتفعة .2
و يتحقق التشويه بنشر المعلومات بين الزبائن و العمالء و ذلك بشكل إيجابي أو
بشكل سلبي بالسكوت عن تساؤل أحد العمالء حول حقيقة ما يشاع عن عدم احترام شروط
1ـ المادة رقم ، 27القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية.
2ـ أستاذ فتحي ،عبادة يوسف ،النظام القانوني لعمليات التركيز االقتصادية في قانون المنافسة ،دار الفكر و القانون و
النشر و التوزيع ،ط ، 01مصر ، 2014،ص .66
35
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
النظافة ،ومنه نقسم التشويه إلى عنصرين :تشويه من خالل المساس بشخصية العون و
يتمثل ذلك في االعتداء على العناصر الذاتية للعون االقتصادي الذي يتخذ الصور
اآلتية:
من الشائع أن التجارة تعتمد على مبدأ االئتمان و كل مساس يلحق بهذا المبدأ يؤدي
إلى اختالل التوازن المفترض في عالقات المنافسين ،فكل االعتداءات الالحقة بالسمعة
التجارية و الشرف أو اال ئتمان التابع للتاجر يصدر في شكل إشاعة أو أقوال أو تلميحات
تزرع شكوكا حول الحالة المالية للمنافس وعليه يعد ممارسة غير نزيهة المحظورة و
يتمثل ذلك في أفعال تهدف إلى تعييب المنافس بجنسيته أو ديانته أو جنسه إللحاق
الضرر بالثقة الموضوعة في الشخص المنافس من طرف المستهلك التي تؤدي إلى قلب
موازين المنافسة ،لذلك التجار المنافسين يبحثون عن هذه الفرصة الذهبية لإلضرار
بمنافسيهم و مثال ذلك هو قيام منافس بلفت انتباه المستهلك المتدين أن التاجر الذي
هذا النوع من التشويه يعد أقل تأثي ار من ذلك الذي يمس سمعة العون المنافس في ذاته
.1التشويه المباشر
يعد كل إطالق إلشاعات كاذبة تشويه واضح اتجاه العون المنافس ،إال أنه يكون
مبر ار إذا ما كان التاجر المصدر لهذا االدعاء مجب ار على ذكر حقائق ردا العتبار منتوجاته
على حساب منافسه أو في رده على االنتقادات الموجهة لمنتجاته من طرف منافسه .
يتمتع هذا النوع من التشويه بميزة تجعله سهل اإلثبات كونه يحدث بشكل علني .1
هذا النوع من التشويه يعتمد أشكاال عديدة متنوعة تتضمن النقد و المقارنة الصادرة عن
يسعى األعوان االقتصاديين جاهدين أثناء عرضهم لمنتوجهم أو خدمتهم إلى مدحها
بتصويرها على أنها األحسن و األفضل و األجود و بالرغم ،من حريتهم في هذا التصرف
إال أنه ال يجوز تجاوز حدود النزاهة مع منافسيهم من خالل وصف منتوجاتهم بالثانوية و
تقديم النصائح للمستهلكين بتفادي اقتنائها هذا هو الشكل األول للتشويه غير المباشر
أما الشكل اآلخر له المسمى بمقارنة األسعار يتجلى في إعالن التاجر عن تقديم
أسعار أقل من التاجر المنافس و إقرانه باإلشارة بأنه أرخص من السعر المقدم من قبل
منافسيه .
طبقا لنص المادة 271في فقرتها الرابعة من القانون 02-04فان اإلغراء المراد هنا
هو اإلغراء في التشغيل بحيث وجب أن يكون أولئك العمال متعاقدين مع المنافس و أن
يكون الفعل مخالفا لتشريع العمل بمعنى أن يكون للعمال ارتباط مع العون االقتصادي
أما المقصود بمصطلح اإلغراء فهو إلحاح العون االقتصادي على عمال العون
اآلخر من أجل االنتقال من المؤسسة التي تشغلهم إلى المؤسسة الجديدة وذلك باستعمال
وحتى نكون بصدى ممارسة تجارية غير نزيهة البد من توفر الفعل المخالف لقانون
1ـ المادة رقم ، 27القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية.
2ـ فطيمة بوزيان ،المرجع السايق ،ص . 22-21
38
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
لم يعرف القانون الجزائري السر المهني إال أن الفقه قد عرفه على النحو اآلتي ":هو
كل ما يعرفه األمين أثناء أو بمناسبة ممارسة مهنته وكان في إفشائه ضرر لشخص أو
لفائدته إما بطبيعته أو بحكم الظروف التي تحيط به وعبارة السر المهني واسعة المضمون
تضم المهارة التقنية و التجارية و أسرار الصنع كما تضم األسرار الخاصة بالزبائن
أو الخدمات المنافسة يعد عامال مهما من عوامل نجاح مؤسسة ما ولقاءها رواجا في السوق
ويرد هذا التمييز ضمن أسرار المهنة لذا من مصلحة هذه المؤسسة أن ال تفصح عنها
لمنافسيها و ذلك للمنع من استغاللها دون إذنها حيث نص المشرع الجزائري على حماية
العون اال قتصادي من هذا النوع من الممارسات التجارية غير النزيهة في المادة 27الفقرة
بحكم أن األجير أو الشريك القديم البد من معرفته بهذه األسرار المهنية قد يقوم بفعل
نص المشرع الجزائري في الفقرة السادسة من المادة 27من القانون 02-04على أنها
إحداث خلل في تنظيم عون اقتصادي منافس و تحويل زبائنه باستعمال طرق غير النزيهة
القانونية و إحداث اضطراب بشبكته للبيع ،وال يشكل فرقا ترتب هذه األعمال سواء كانت
بقصد أو دون قصد فالعبرة في ذلك تأثيرها على القوة التجارية للمنافس وما يترتب عنها من
فارتباط الزبائن بمؤسسة ما يكمن في قدرتها على جلبهم بطرق مشروعة لكن سرعان ما
اقترن جلبهم بوسائل غير نزيهة يكون فعل هذه المؤسسة محل حضر.
ما إن توفرت شروط عمل أفضل يمكن للعمال االنتقال إلى مناصب أخرى لدى
مؤسسة أخرى كون حرية المنافسة ليست بسبب إلغاء حرية العمل الخاصة بالعمال وهو
األمر ذاته بالنسبة للمؤسسة المشتغلة فبإمكانها البحث عن عمال يتمتعون بالمهارات
لكن إذا ارتبط العمال بالمؤسسة المنافسة يمكن أن يكون الفعل هنا من أفعال المنافسة
غير النزيهة وذلك بمقتضى شرط عدم المنافسة ألن هذا الفعل المتمثل في توظيف العمال
1ـ أسامة فتحي ،عبادة يوسف ،النطام القانوني لعمليات التركيز االقتصادي في قانون المنافسة ،المرجع السابق ،ص 70
.
40
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
يتم هذا الخلل وفق الوسائل غير النزيهة من قبل العون االقتصادي المتمثلة في طرق
الحيلة أو القرصنة وذلك للحيازة على المعارف المهنية و طرق الصنع .
المقصود بالتبديد هنا جعل الوسائل اإلشهارية غير فعالة بحيث ال تؤدي وظيفتها
األساسية من خالل سرقتها أو إ بعادها و رميها ،أما بالنسبة للتخريب فيتحقق غالبا بتمزيق
بطريقة تفيد إزالة الكتابة اإلعالنية أو حرقها الملصقات اإلشهارية من على الجدران
يقصد باالختالس نزع من حيازة المجني عليه دون رضاه و إدخاله في حيازة الجاني
وبما أن الطلبات تمثل رغبة الزبون بتزويده بسلعة ما أو خدمة معينة و تتمثل البطاقات
بقائمة الزبائن فإن سرقتهما يؤدي إلى تحويل هؤالء الزبائن .1
مثال :قيام العون االقتصادي بسرقة الطلبيات الموجودة في مصلحة الزبائن لمنافسه
1ـ صبحي نجم محمد ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،ط ، 04الجزائر ، 2003 ،ص 114
41
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
السمسرة هي نشاط تجاري ينحصر في تقريب وجهات النظر بين المتعاقدين مقابل
هي مهنة مشروعة ما إن عملت بمبدأ النزاهة وفقا لحرية التعاقد و حرية التجارة ،
لكن سرعان ما خالف السمسار قاعدة تنظيمية أو تشريعية أو عرفية كحث زبائن العون
االقتصادي على قطع عالقتهم معهم وفي هذه الحالة تكون ممارسة غير نزيهة .1
القصد الواضح هنا هو الممارسات التي يهدف العون االقتصادي من خاللها االستفادة
من سمعة منافسيه و تفوقهم الذي بدوره يعد ممارسة من الممارسات غير نزيهة ،وهذا ما
أدرجه المشرع الجزائري في المادة 2 27السالفة الذكر باإلضافة للمادة 328من القانون
حسب نص المادة 27في الفقرة الثانية منه من القانون 02-04السالف الذكر أدرج
المشرع الجزائري تقليد العالمات المميزة للعون االقتصادي المنافس أو منتجاته أو إشهاره أو
خدماته .
قصد تحويل زبائن هذا العون إليه عن طريق زرع الشكوك في ذهن المستهلك ضمن
الممارسات التجارية غير النزيهة ،ويتحقق هذا النوع من الممارسات بحلول العون
القتصادي محل العون االقتصادي المنافس ظاهريا بالطريقة التي تسمح بتقليد أي عنصر
أما ما نصت عليه المادة 28من القانون 02-04هو اإلشهار المضلل الذي يعد
السبب الرئيسي إلحداث الخلط و اللبس بذهن المستهلك الذي يقوم به العون االقتصادي
قصد تحقيق التعاقد المبني على التضليل الذي يقع فيه المستهلك ،وهو محظور بموجب
قام المشرع الجزائري بحظر التطفل التجاري في نص المادة 27السالفة الذكر من
القانون 02-04التي جاءت كما يلي " :استغالل مهارة تقنية أو تجارية مميزة دون
التطفل الذي يتدخل من خالله العون االقتصادي في نظام عون آخر لالستفادة من المنافع
االقتصادية للعون االقتصادي المتطفل عليها التي تحققها المهارات وهي المهارة المكتسبة
بالتجربة و المعرفة التطبيقية الناتجة عن المجهودات العلمية و المالية ،و التي تحصل
عليها هذا األخير بفضل اجتهاده و استثماره ألجل بلورتها و االنتفاع بها دون مساهمة
قانونية خاصة كبراءات االختراع دون أن يكون العون االقتصادي المتطفل منافسا للعون
استعمال عالمة تجارية ذات سمعة في السوق لعون اقتصادي ما و اعتمادها بالنسبة
لمنتج أو خدمة للعون االقتصادي المتطفل دون ترخيص كما يتضمن أيضا االستغالل
الهدف من إقامة العون االقتصادي محال تجاريا في جوار المنافس هو استغالل نجاح
العون اال قتصادي المنافس و شهرته و تحويل جزء من زبائنه إليه و تعد هذه الممارسة
ممارسة غير نزيهة شريطة أن تكون مؤسسة مشهورة و مخالفة لألعراف التجارية المعمول
بها ذلك بمقتضى نص المادة 27من القانون 02-04التي " :تعد ممارسات تجارية غير
نزيهة في حكم هذا القانون السيما ....إقامة محل تجاري في الجوار القريب لمحل
المنافس بهدف استغالل شهرته خارج الممارسات و األعراف التجارية المعمول بها".
لقد كرس المشرع الجزائري حماية شاملة و فعالة للعون االقتصادي من الممارسات
التي قد تمس بمصالحه االقتصادية سواء إذا كانت هذه ممارسات هادفة إلضعاف المنافس
من خالل تشويه سمعة المنافس أو إغراء مستخدمين المتعاقدين مع العون االقتصادي
المنافس ...أو لالستفادة من تفوق المنافس بإقامة محل تجاري في الجوار القريب لمحل
المنافس بهدف استغالل شهرته خارج األعراف و الممارسات التنافسية المعمول بها .1
المطلب الثاني
بالرغم من الدور الفعال الذي أصبح يمثله اإلشهار التجاري إذا أمسى مظه ار من
مظاهر المنافسة المشروعة و وسيلة فعالة للترويج و التسويق و أداة سهلة و سريعة
لالتصال بالمستهلك و إعالمه بالسلع و الخدمات المطروحة في السوق ،فإنه أصبح أيضا
وسيلة للتضليل و الخداع و هذا ما فرض على المشرع الجزائري ضرورة حظر هذه النوع من
الصور ،لذا حاولنا من خالل مطلبنا هذا توضيح هذا األمر .
1ـ براشمي مفتاح ،منع الممارسات التجارية غير النزيهة في القانون الجزائري ،مجلة قانون و األعمال الدولية ،العدد
،33سنة 2018ص .132
45
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
يعد اإلشهار فن يستهدف تأثير على الجمهور في شكل يحقق الغايات التجارية إال
أنه يجب أن يكون صادقا صريحا حتى ال يعتبر إشها ار كاذبا يحدث اللبس و الخلط الذي
لم يتم تعريف اإلشهار الكاذب صراحة من قبل المشرع الجزائري إال أنه يكمن
السالف الذكر " :كل إعالن يهدف بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى ترويج بيع السلع و
الكيفيات المتعلقة بإعالم المستهلك التي عرفت االدعاء على أنه ":كل عرض أو اإلشهار
يبين أو يقترح أو يفهم منه أن للمنتوج مميزات خاصة مرتبطة بمنشئه و خصائصه
و استنادا للفقه فإن اإلشهار الكاذب أو ما يسمى أيضا باإلشهار الوهمي هو إشهار
ذو بيانات مضلة غير حقيقية في شكل يثير اللبس و يهدف إلى خداع و تغليط المستهلك و
الذي ال يتفطن له ،وله صورتين فقد يكون فعال إيجابيا عن طريق ذكر أوصاف أو بيانات
أو مزايا متوفرة بكميات ليست ذاتها المذكورة في اإلشهار أو غير متوفرة بالمنتوج الفعلي ؛
1ـ المادة رقم ، 03القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية.
2ـ المادة رقم ، 03المرسوم التنفيذي رقم ، 378-13المؤرخ في 09نوفمير ، 2013المحدد للشروط و الكيفيات المتعلقة
باإلعالم المستهلك ،ج ر ع ، 58الصادر في ، 2013-11-09ص .09
46
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
أو قد يكون فعال سلبيا باإلغفال عن ذكر بيانات خاصة بالمنتوج في شكل يؤثر على التعاقد
بحيث العلم بها يؤدي إلى االمتناع عن التعاقد ، 1ذلك ألن ذكر جزء من الحقيقة يعد كذبا
فهو يحصى مظه ار من مظاهر السكوت المنصوص عليه في التدليس المدني وفقا لنص
المادة 86من القانون المدني الجزائري .... ":و يعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو
مالبسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه
ينقسم اإلشهار الكاذب إلى قسمين أحدهما مادي و األخر معنوي: 3
حسب مقتضى المادة 36من المرسوم التنفيذي رقم 378-13ينحصر الركن المادي
إلشهار الكاذب في ا ستعمال وسائل الكذب كوسيلة للغش أو التضليل ،سواء تعلق الكذب
بمعلومات خاطئة التي تنشئ التغليط أو الكذب في طريقة عرض المنتوج و ترويجها .
وفي ما يتعلق بتقديم الخدمات فإن الكذب ينصب على شروط تقديم الخدمة و مدة
صالحية العرض و سعره باإلضافة إلى عنصر من عناصر المحددة طبقا لنص المادة 55
1ـ سعدي خضرة ،حماية المستهلك من اإلشهار المضلل في التشريع الجزائري ،مذكرة ماتر ،كلية الحقوق و العلوم
السياسية ،جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ، 2020-12-12،ص .34
2ـ المادة رقم ، 86األمر ، 58-75مؤرخ في 26سبتمبر ، 1975المتضمن للقانون المدني ،ج ر ع ، 101الصادر في
1975-09-26ص ،. 25المعدل والمتمم
3ـ غريوج حسام الدين ،حماية المستهلك من الممارسات التجارية غير النزيهة في التشريع الجزائري ،أطروحة دكتوراه ،
كلية الحقوق و العلوم السياسية ،جامعة الحاج األخضر باتنة ، 2018-2017 ،ص -101ص . 103
47
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
من المرسوم التنفيذي رقم 378-13السالف الذكر ،بمعنى لكي يعد اإلشهار كاذبا ينبغي
أن ينصب الكذب في اإلشهار على عنصر من العناصر المحددة مسبقا .
وفي حالة وقوع الكذب في اإلشهار على عنصر من عناصر خارج اإلطار المحدد
سابقا في المواد 12و 55من المرسوم التنفيذي 378-13فإن الفعل هنا يكيف على أنه
إشهار تضليلي عمال بنص المادة 68من قانون حماية المستهلك وذلك ردعا للقائمين
اعتبر المشرع الجزائري الكذب في اإلشهار على أنه جريمة خداع قائمة بثبوت القصد
الجنائي المبني على علم الجاني بالوقائع و العمد المتمثل في إدخال عنصر الغش على
المتعاقد معه ،و بتكييف المشرع الجزائري االشهار الكاذب على أنه جريمة خداع يكون بذلك
أدخلها ضمن إطار الجرائم العمدية .لكن من الواضح هنا وجوب اعتبار جريمة اإلشهار
على غرار التشريع الفرنسي الذي اعتمد ضرورة توفر سوء النية ثم تراجع عن ذلك
الحقا ليعتمد حالة اإلهمال البسيط في المعاقبة على اإلشهار الكاذب بموجب قانون "رواي"
المشرع الجزائري لم ينص صراحة على حظر اإلشهار الكاذب إال أنه يمكن
بمعنى أن الكذب في اإلشهار يعد من طرق التضليل ومفاد نص هذه المادة هو أن
اال ختالف الذي جاء به اإلشهار عن األوصاف الفعلية للمنتوج أو الخدمة الذي يؤدي إلى
تضليل المستهلك هو السبب الرئيسي لحظر اإلشهار الكاذب ،و استنادا إلى نص المادة
36في فقرتها األولى من المرسوم التنفيذي رقم 378-13المتضمنة مايلي " :يجب أن ال
انطباعا خاطئا بخصوص نوعه بطريقة تؤدي إلى تغليط المستهلك ".1
باإلضافة إلى نص المادة 56من المرسوم نفسه التي جاءت كما يلي ":تمنع كل
من خالل النصوص السالفة الذكر من المرسوم التنفيذي رقم 378-13يتضح أنه و
ألول مرة بالنسبة للتشريع الجزائري يؤكد عدم شرعية كل معلومة أو إشهار كاذب وحظرها
إال أن هذا الحظر ينحصر نطاق تطبيقه من حيث الموضوع على المواد الغذائية و الخدمات
1ـ المادة رقم ، 36المرسوم التنفيذي رقم ، 378-13المؤرخ في 09نوفمبر ، 2013المحدد للشروط و الكيفيات المتعلقة
بإعالم المستهلك ،ج ر ع ، 58الصادر في ، 2013-11-09ص .14
2ا ـ لمادة رقم ، 56المرسوم التنفيذي رقم ، 378-13المؤرخ في 09نوفمبر ، 2013المحدد للشروط و الكيفيات المتعلقة
بإعالم المستهلك ،.ص.16
49
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
فقط و عليه يبقى اإلشكال مطروحا كون اإلشهار الكاذب الزال بحاجة إلى نص صريح و
هل له عناصر و بالنظر لصعوبة بيانه ما هي المعايير المعتمدة لتحديده و لما المشرع
الجزائري أدرجه ضمن الممارسات التجارية غير النزيهة ،لذا سنتطرق إلى تعريف
لم يعرف المشرع الجزائري اإلشهار المضلل صراحة لكن اعتبره ممارسة تجارية غير
نزيهة و اكتفى بتعديد صوره ذلك بموجب المادة 28من القانون 02-04المحدد للقواعد
المطبقة على الممارسات التجارية ،إال أن الفقه قد عرفه على أنه اإلعالن الذي من شأنه
يستخلص من هذا التعريف أن اإلشهار المضلل يعتمد على صياغة العبارات التي من
شأنها خداع المستهلك دون ذكر بيانات كاذبة مثال :إذا كان اإلعالن يحتوي على بيانات
صحيحة لكن ذات انطباع إجمالي مخادع في هذه الحالة يعد هذا اإلعالن إشها ار مضلال
50
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
كما يمكن تعريفه على أنه كل ما يخالف الحقيقة و يمس بمبادئ و شرف التعامل و
بما أن التضليل يعد من الجرائم العمدية كونه يؤدي إلى الخداع فإنه يكون قائما ما
إن وجدت واقعة غير حقيقية من شأنها تضليل المستهلك هذا ما يشكل العنصر المادي أما
العنصر المعنوي فيشترط توفر سوء النية العتبار اإلشهار مضلال وهذا ما سنشرحهه
كاآلتي:
العمدية أو الخداع فإنه يشترط فيها العنصر المادي المتمثل في صدور سلوك إجرامي من
المعلن الذي يؤدي إلى وقوع المستهلك في الخداع أو التضليل المتمثل في كل فعل مادي
صادر عن الجاني قصد اإليقاع بالمتعاقد اآلخر في الغلط حول صفات السلع أو نوعية
الخدمات ،يكون سلوكا إيجابيا إذا تم من خالل تقديم معلومات غامضة عن السلع أو
الخدمات التي توقع المستهلك في الخداع ؛ أم يكون سلبيا باالمتناع عن ذكر البيانات
1ـ سارة عزوز ،حماية المستهلك من اإلشهار المضلل في القانون الجزائري ،أطروحة دكتورة ،كلية الحقوق و العلوم
السياسية ،جامعة الحاج لخضر باتنة ، 2017-2016 ،ص -66ص .67
2ـ جميلة أمجقان ،عميار مياسة ،قمع اإلشهار المضلل كوسيلة لحماية المستهلك ،مذكرة ماستر ،كلية الحقوق و العلوم
السياسية ،جامعة مولود معمري تيزي وزو ، 2015،ص -26ص. 29
51
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
• أن يكون هناك في األصل إشها ار و ذلك عبر توفر رسالة موجهة إلى المستهلك غايتها
• ـن يكون هذا اإلشهار مضلال بحيث تكون االدعاءات الواردة في إشهار من شأنها خداع
• أن يحتوي اإلشهار على بيانات متعلقة بالمنتوج ذات طابع زائف غير حقيقي التي تجعل
و ال يتطلب التضليل وسيلة معينة بل يكتفي بتوفر الكذب شفويا كان أم لم يكن حول
شيء محل التضليل ،كبيع منتوج على أساس أنه صنع في بلد معين لكنه في األصل من
وفقا لعدم إشارة المشرع الجزائري في المادة 28من القانون 02-04على ضرورة
توفر سوء النية لقيام المسؤولية عن اإلشهار المضلل ،نستنتج بأنه اكتفى بالمعلومات
المضللة إلرادة المستهلك التي هي أساس قيام العنصر المادي لإلشهار المضلل فهو ال يعتد
بالنتيجة اإلجرامية ،على غرار التشريع الفرنسي الذي كان يعتمد على سوء النية المعلن
لقيام المسؤولية ثم صار مكتفيا بقيام الخطأ الصادر عن المعلن وفقا قانون . 11973
إن استعمال اإلشهار بما يتنافى مع استخداماته يعد ممارسة تجارية غير نزيهة إذ أن
تغير وظيفته من كونه أداة لإلعالم و التوجيه إلى أداة للخداع و التضليل يحرفه عن غايته
الشرعية ليصبح مخالفا لشرط النزاهة .ويتجلى ذلك في نص المادة 28من القانون 02-04
السالف الذكر التي عددت الحاالت التي يعتبر فيها اإلشهار تضليليا على سبيل
إن نص المادة 28السالف الذكر اعتبر اإلشهار غير المشروع و المحظور كل
إشهار يتضمن تصريحات أو بيانات أو تشكيالت يمكن أن تؤدي إلى تضليل بتعريف
نالحظ هنا أن المشرع الجزائري اعتمد مصطلح التضليل ال الكذب فاألخير هو
ادعاء مزاعم عن شيء عكس حقيقته و هو ما يخالف واجب اإلعالم ،أما التضليل فهو
ا ستعمال عبارات من شأنها إحداث اللبس و الغلط المفضي إلى التعاقد ومنه نستنتج أن
اإلشهار المضلل يشمل اإلشهار الكاذب و حسب نص المادة 36من المرسوم التنفيذي رقم
378-13التي أوجبت عدم وصف أو تقديم أي غذاء بطرق خاطئة أو مضللة التي تؤدي
كما يحمل التضليل في اإلشهار في طياته عبارات غامضة "كالبيع بسعر يصل إلى
النصف " و هذا ما يسمى بالتضليل اإليجابي ،أما إذا كان من خالل حجب المعلومات
الالزم إظهارها خاصة تلك التي يكمن فيها الحقيقة الكاملة للمنتوج " كاإلعال ن الذي يقضي
لكنه في األصل يحمل حيلة تكمن في إلزام المستهلك بدفع ثمن أكثر لحصوله على
مثال ذلك ادعاء شركة معينة با نفرادها بإنتاج سلع معينة أو تقديم خدمة ما ذات
مواصفات متميزة ثم يتبين أن ثمة شركات أخرى تنتج نفس سلع بنفس القدرات .
ومنه من الممكن تطبيقها على اإلشهار المفضي إلى التضليل كون نص هذه المادة
هذا النوع من اإلشهار يعد األكثر انتشا ار و شيوعا في حياة العمالية للمنتجين فمن
خالله يسعى المنافس إلى جذب الزبائن و يعرف أيضا بكونه الرغبة الناجمة عن التاجر أو
الصانع أو عارض الخدمة بحلول محل منافسيه كون هذا األخير يتمتع بثقة الجمهور لجذب
كما أن اإلشهار المفضي إلى اللبس هو ذلك اإلشهار الذي يولد الشك و يزرع األوهام
في ذهن المستهلك بشكل يحثه على شراء مالم يقصده فعال سواء تعلق األمر بمنتوج أو
بطلب خدمة ،و ال يشترط في هذا النوع من الممارسات المضللة للمستهلك أن يكون الوقوع
في اللبس فعليا بل يكتفي بتوفر احتمال حدوثه مستقبال و ذلك وفقا لمسايرة المشرع الجزائري
الفقه و القضاء و تكريسه ذلك في المادة 28في فقرتها الثانية من القانون 02-04التي
حظرت اإلشهار المفضي إلى اللبس تكريسا لمبدأ النزاهة في الممارسات التجارية بين
األعوان االقتصادية و لحماية المستهلك التي تتضح من عبارة " يمكن أن يؤدي إلى
اال لتباس" بمعنى المشرع الجزائري اعتبر جريمة اإلشهار المفضي إلى اللبس جريمة مادية ال
هو ذلك اإلشهار الذي يفوق قدرة األعوان االقتصادية و الذي يؤثر على توازن عملية
العرض والطلب و ما يترتب عليها من هز ثقة المستهلك ،ويكثر هذا النوع من االشهارات
و يترتب على اإلشهار المضخم نتائج سلبية تلحق بالمستهلك و يعدى ذلك ليشمل
• يجب أن يتضمن اإلشهار عرضا معينا لسلع أو خدمات الذي هو بذاته معيا ار للحكم
على حد تضخم العون االقتصادي وقت انعدام قدراته الحقيقية على التنفيذ .
• عجز العون اال قتصادي عن توفير السلع أو ضمان الخدمة الواجبة التطبيق مقارنة مع
بالمنافسة النزيهة في السوق حظر المشرع الجزائري مختلف صور اإلشهار المضلل.
لإلشهار التضليلي معيارين منبثقان عن آراء الفقهاء ،فهناك من اعتمد على المعيار
الموضوعي بينما الجانب اآلخر أخذ بالمعيار الذاتي ،وسوف نوضحهما كاآلتي :
يرى هذا الجانب من الفقه أن اإلشهار التضليلي يعتمد على المعيار الشخصي الذي
يرتكز على ذات الشخص المتلقي لإلشهار مع األخذ بعين االعتبار مدى يقظته فقد يكون
المستهلك الذي تم تضليله ضعيفا يفتقر الذكاء فيستوجب حمايه خاصة بمحدودي الفطنة ،
إال أنه يعاب على هذا المعيار لتطلبه استقصاء ذات المستهلك و إبراز نسبة نبهاته مما
يعتمد أنصار هذا المعيار على تقييم التضليل دون االستناد على الظروف الشخصية
لمتلقي الرسالة اإلشهارية و تكمن حجتهم في االعتداد باإلشهار مضلال ما كان يمس
بالمستهلك العادي ذو مستوى ذكاء متوسط و الذي يمثل عامة الناس ذو ذكاء معين ال شديد
الفطنة و ال معدوم الذكاء ألنه كما يوجد شديدي الذكاء هناك سذج و مغفلين و أدى إلى
تضليله أو خداعه ذلك ألنهم يروا أن التشريعات ال يمكنها حماية الجميع .
فيعتقد هذا الجانب من الفقه أنه ال يمكن الحكم بعدم شرعية اإلشهار ما إن صدقها
تعد واضحة المبالغة كاإلشهار الذي يتضمن محتواه سيارة تسابق طائرة تشبيها بدرجة
سرعتها.
و يعد هذا المعيار أدق من حيث التطبيق فهو يسهل عمل القضاة من خالل إعفائهم
من التحري عن خفايا يصعب التحصل عليها فهذا المعيار يرمز للرجل العادي بكونه
متوسط ذكاء و عامة الناس عليه بحيث ال يتغير من شخص آلخر عكس حال المعيار
الشخصي السالف الذكر ،ولهذا يعتمد القضاء الجزائري على هذا المعيار لما هو مناسب
لتقدير التضليل في الرسائل اإلشهارية لما يحققه من حماية المستهلك من اإلشهار المضلل
و عليه نستنتج من هذا المطلب أنه ليس كل نوع من اإلشهار مشروع قانونا و هذا ما
يتضح من قيام المشرع الجزائري باالعتداد باإلشهار الكاذب و اإلشهار التضليلي على أنهما
ممارسة تجارية غير نزيهة لما تترتب من آثار تعود بالضرر على المستهلك و حظرهما في
المادة 28من الباب الثالث المعنون "بالممارسات التجارية غير النزيهة" من القانون رقم
02-04السالف الذكر.1
في نهاية هذا الفصل حاولنا نزع الغموض الكامن في ذهن القارئ باإلجابة على
تساؤالته بشأن الممارسات التجارية غير النزيهة ،فقد تعرفنا على ماهية هذه الممارسات التي
توصف بالغير الشريفة لما تخالفه من األعراف السائدة بين التجار و التي يمكن تقسيمها إلى
صورتين " :ممارسات تجارية ضارة بالمنافس و أخرى ضارة بالمستهلك" ،األولى تشمل كل
تشويه مباشر أو غير مباشر لسمعة العون االقتصادي المنافس سواء في منتوجه أو خدماته
أو ذاته وتشمل أيضا كل تقليد للعالمات المميزة و استغالل المهارة التقنية و إغراء
للمستخدمين ...إلخ و الثانية تشمل كل إشهار غير مشروع (تضليلي أو كاذب) .
التجارية غير النزيهة هم أطراف عالقة التعاقدية المتمثلين في األعوان االقتصادية بالمعنى
الواسع الشامل للمنتجين؛ التاجرين ؛ الحرفين ؛ مقدمي الخدمات من جهة و المستهلكين من
جهة أخرى .كما ميزنا هذه الممارسات عن تلك المشابهة بها كالممارسات التدليسية و
ممارسات تجارية غير شرعية و أخرى تعاقدية تعسفية بالرغم من الشبه الظاهر بينهما إال
أن باطن كل واحدة منهما مختلف عن األخر سواء من حيث المفهوم أو الجزاءات .
1ـ المادة رقم ، 28القانون رقم ، 02-04المؤرخ في 23يونيو ، 2004المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية
،المشار إليها في ص . 14
58
الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة
و في األخير توصلنا إلى النتيجة التي تكمن وارء منع المشرع الجزائري الممارسات
التجارية الجزائرية في القانون رقم 02-04المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية
و حظرها التي تتمثل في حماية المصالح االقتصادية لكل من األعوان االقتصادية من
جانب المنافسة و المستهلكين من جانب الخداع و التضليل و كذا حماية مصالح اقتصاد
59