You are on page 1of 53

‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫من الشائع أن الممارسات التجارية تعد العمود األساسي التي يسعى من خاللها‬

‫األعوان االقتصاديون إلى التنافس واالجتهاد لكسب المستهلكين بغية تحقيق النجاح التجاري‬

‫و الزيادة في الرأسمال ‪ ،‬إال أنه و مع سريان الوقت احرف بعض هؤالء األعوان عن مبدأ‬

‫حرية التجارة‪ ،‬و ذلك باستعمالهم طرق غير مشروعة تعسفية تخالف مبدأ النزاهة التي تقوم‬

‫عليه هذه الممارسات و تمس بحرية المنافسة التي تعود بالضرر على كل من المستهلكين‬

‫و األعوان المنافسين وهذا األمر يقوم بتحويل هذه التصرفات من ممارسة تجارية إلى‬

‫ممارسة تجارية غير نزيهة مما أدى بالمشرع الجزائري إلى حظرها‪.‬‬

‫و عليه ارتأينا أن نقسم هذا الفصل إلى مبحثين ‪ ،‬حيث نتناول في المبحث األول‬

‫مفهوم الممارسات التجارية غير النزيهة‪ ،‬أما المبحث الثاني فتطرقنا فيه إلى صور‬

‫الممارسات غير النزيهة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫المبحث األول‬

‫مفهوم الممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫نظ ار التساع دائرة الممارسات التجارية‪ ،‬و شيوع التصرفات التي من شأنها إلحاق‬

‫الضرر بكل من مصلحة المستهلك و العون االقتصادي وجب ا‬


‫إبرز هذه الممارسات‪ .‬لذا‬

‫قررنا تقسيم مبحثنا هذا إلى مطلبين‪ ،‬بحيث يتمثل المطلب األول المعنون " تعريف‬

‫الممارسات التجارية غيرالنزيهة و تمييزها عن غيرها" مكون من فرعين بحيث يتمثل الفرع‬

‫األول معنى الممارسات التجارية و الفرع الثاني معنى الممارسات التجارية غير التجارية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫أما المطلب الثاني فيحتوي على األطراف المعنية بالممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫بحيث الفرع األول يتمثل في األعوان االقتصادية و الفرع الثاني المستهلكين ‪ .‬لقد قمنا‬

‫بتوضيح هذا على النحو اآلتي‪:‬‬

‫المطلب األول‬

‫تعريف الممارسات التجارية غير النزيهة و تمييزها عن غيرها‬

‫بما أن الممارسات التجارية متعددة ومتشابهة إلى حد ما بحيث تثير التباس في ذهن‬

‫العديد من األفراد‪ ،‬وجب وضع أوجه اختالف بينهما بشكل يزيل الغموض و التشابه الوقع‬

‫بينهما‪ ،‬وعليه أردنا تحقيق ذلك من خالل هذا المطلب‪.‬‬

‫الفرع األول ـ تعريف الممارسات التجارية‬

‫قبل التطرق إلى الممارسات التجارية غير النزيهة يجب قبل ذلك التعرف على معنى‬

‫الممارسات التجارية بالمعني اإلجمالي لتسهيل عملية استيعاب و احترام التسلسل العلمي‪.‬‬

‫أوال ـ تعريف الممارسات التجارية‬

‫لم يرد أي تعريف للممارسات التجارية في التشريع الجزائري فقد اكتفى قانون ‪-04‬‬

‫‪ 1 02‬بتعديد صورها مع تكريس مبدأين أساسيين متمثلين في مبدأ الشفافية و مبدأ‬

‫النزاهة إال أن التشريع الفرنسي قام بتقديم تعريف لها وفقا للتوجيه األوروبي ‪ 2005/29‬في‬

‫المادة ‪ 02‬التي نصت على مايلي ‪ " :‬إن الممارسات التجارية هي كل فعل إغفال ‪ ،‬تصرف‬

‫‪1‬ـ القانون رقم ‪، 02_04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو‪، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية غير النزيهة ‪،‬‬
‫المعدل و المتمم بقانون رقم ‪ 06-10‬المؤرخ في ‪ 15‬غشت ‪، 2010‬ج ر ع ‪ ، 41‬صادر في ‪. 2004-06-23‬‬
‫‪9‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫‪ ،‬سعي أو اتصال ذو طابع تجاري بما فيها ذلك اإلشهار و التسويق صادر من طرف‬

‫المحترف و ذو عالقة مباشرة بترويج البيع أو تزويد المستهلك بمنتوج "‪.1‬‬

‫يتضح من نص هذه المادة أن المشرع الفرنسي اعتبر الممارسات التجارية على أنها‬

‫العون االقتصادي (الحرفي) بهدف كسب‬ ‫يقوم بها‬ ‫كل التصرفات أو األفعال التي‬

‫المستهلكين بكل الطرق المتاحة قانونا من إشهار و ترويج و بيع للمنتوجات و عرض للسلع‬

‫و تسويقها ‪...‬إلخ ‪ ،‬وذلك ألنها تصب في مصلحة المستهلك‪.‬‬

‫وعبارة " ‪...‬هي كل فعل إغفال ‪ "...‬يستنتج أن الممارسات التجارية تشمل كل‬

‫األفعال ‪2‬اإليجابية و السلبية التي يقوم بها العون قصد إجبار و ترغيب المستهلك بالتعاقد‬

‫ففي بعض األحيان يخفي العون بشكل عمدي معلومات جوهرية تخص المنتوج ليحث‬

‫المستهلك على التعاقد‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬مبادئ الممارسات التجارية‬

‫نظ ار لشيوع الغش و الخداع في المعامالت بين كل من األعوان االقتصادية و‬

‫المستهلكين ظهرت الحاجة لحماية المصالح االقتصادية و عليه أسس المشرع الجزائري‬

‫تنظيما للممارسات التجارية تم تكريسه في مجموعة من القواعد في القانون ‪ 02-04‬المحدد‬

‫للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪ ،‬تتجلى هذه القواعد في مبدأين أساسيين يعتبران‬

‫من ركائز اقتصاد السوق ‪ ،‬وهما‪:‬ـ‬

‫‪ 1‬ـ المادة ‪ ،02‬التوجيه األوروبي رقم ‪ ،2005/29‬المنظم للممارسات التجارية الغير العادلة‪.2005،‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫أ‪ .‬مبدأ الشفافية‬

‫يقصد بالشفافية في الممارسات التجارية ذلك الصدق و الصراحة أي عدم الكذب‬

‫في الفصح عن المعلومات الضرورية لتوافق إرادة المتعاقدين و خلوها من العيوب ‪ ،‬و تعد‬

‫حسن النية في العقود‪ ،‬و نظ ار ألهميتها قام المشرع الجزائري‬ ‫الشفافية معيا ار لتحديد‬

‫بتجسيدها في مظهرين أساسيين في القانون رقم ‪ 02-04‬السالف الذكر ‪ ،‬المتمثلين في‬

‫التزام اإلعالم باألسعار و التعريفات و شروط البيع و الفوترة و هما كاآلتي‪:1‬‬

‫‪ .1‬التزام العون االقتصادي باإلعالم باألسعار و التعريفات‬

‫با عتبار السعر هو القيمة المحددة للمنافع المتحصل عليها من السلع و الخدمات فإنه‬

‫يعد من العناصر الجوهرية التي تقوم عليها المعامالت التجارية و يعد كذلك من العناصر‬

‫المحددة للصراع التنافسي الذي يتمتع بها األعوان االقتصادية ففي األصل البائع ليس ملزما‬

‫باإلعالم باألسعار مسبقا بل تتحدد هذه األخيرة عن طريق التفاوض ما يؤدي إلى نتائج‬

‫سلبية خاصة على المستهلك مما وجب ضبطها بقيود تضمن شفافية السوق‪ ،‬و ذلك حماية‬

‫لمصالح‬

‫كل المعنيين بالسعر وهذا ما ألزم المشرع الجزائري في المواد من ‪ 5‬إلى ‪ 7‬من القانون رقم‬

‫‪ 02-04‬السالف الذكر حيث حدد خصائص اإلعالم باألسعار وهي‪:‬‬

‫• العمومية بمعنى اإلعالم باألسعار يكون موجه لجمهور المستهلكين‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ خديجي آحمد ‪ ،‬قواعد الممارسات التجارية في القانون الجزائري ‪ ،‬أطروحة دكتوراه ‪،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪،‬‬
‫جامعة الحاج لخضر باتنة ‪ ، 2016-05-12 ،‬ص ‪ -10‬ص ‪. 86‬‬
‫‪11‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫• الوضوح من خالل استعمال لغة سهلة الفهم و الكتابة المرئية و المقروءة‪.‬‬

‫• تحديد العملة و المبلغ الواجب دفعه‪.‬‬

‫• ـتحديد وسائلها كالعالمات أو الوسم أو المعالقات‪.1‬‬

‫‪ .2‬التزام العون االقتصادي باإلعالم بمحتوى العقد‬

‫تتجلى قواعد التزام العون االقتصادي بمحتوى العقد في المادة ‪ 08‬من القانون رقم‬

‫‪ 02-04‬السالف الذكر التي جاءت كما يلي ‪ " :‬يلتزم البائع قبل اختتام عملية البيع بإخبار‬

‫المستهلك بأية طريقة كانت و حسب طبيعة المنتوج ‪ ،‬بالمعلومات النزيهة و الصادقة‬

‫المتعلقة بمميزات المن توج أو الخدمة و شروط البيع الممارس و كذا الحدود المتوقعة‬

‫للمسؤولية التعاقدية لعملية البيع أو الخدمة "‪.2‬‬

‫من نص هذه المادة نستنتج أن القانون رقم ‪ 02-04‬السالف الذكر لم يقف عند إعالم‬

‫المستهلك بل اتسع ليشمل اإلعالم بالمحتوى العقدي الذي يخص األعوان االقتصادين و‬

‫معامالتهم مع المستهلك حتى و إن كان المستهلك هو ذاته عونا اقتصاديا آخر بحيث يجب‬

‫إعالم الزبون بشروط البيع التي تشمل كيفية الدفع و كذا الحسوم و التخفيضات‪.‬‬

‫‪ .3‬التزام العون االقتصادي بالفوترة‬

‫‪ 1‬ـ خديجي آحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ -10‬ص ‪.88‬‬


‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪ ، 08‬قانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫ص ‪.4‬‬
‫‪12‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫يظهر التزام العون االقتصادي بالفوترة بتقديمه وثيقة قانونية و محاسبية يأمر من‬

‫خاللها المستهلك بدفع مبلغ مقابل السلع أو الخدمة المقدمة بحيث تحتوي على مجموعة‬

‫من البيانات تتجلى من خاللها شفافية المعاملة بين الطرفين ‪.1‬‬

‫ال تعتبر الفوترة اتفاقا جديدا لما تحتويه من شروط و التزامات وإنما هي فقط تجسيدا‬

‫لما تم االتفاق عليه عند التعاقد أو مكمال له ‪.‬‬

‫كما تعد الفاتورة من الوسائل المجسدة لمبدأ شفافية الممارسات التجارية التي اعتمدها‬

‫المشرع الجزائري في المادة ‪ 10‬من القانون ‪ 02-04‬السالف الذكر التي تتضمن التزام‬

‫العون االقتصادي بالفوترة ‪.2‬‬

‫و خالل نصها نستنتج أن المقصود بكلمة " البائع" هو العون االقتصادي كونه هو‬

‫الذي يتولى بيع السلع أو تقديم الخدمات ‪ ،‬ويتضح أيضا ضرورة تقديم هذا األخير فاتورة أو‬

‫أية وثيقة أخرى إذا طلبها الزبون التي تكمن أهميتها في إضفاء الشفافية على المعامالت‬

‫التجارية و في كونها وسيلة لإلثبات‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ مبدأ النزاهة‬

‫يقصد بلفظ " النزاهة " البعد عن السوء لغتا‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أحمد خديجي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ -10‬ص ‪. 88‬‬


‫‪ 2‬ـ مادة رقم ‪ ،10‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫ص‪.04‬‬
‫‪13‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫أما بالنسبة للتشريع الجزائري في إطار الممارسات التعاقدية فيقصد به كل امتناع‬

‫يصدر عن المتعاقد عن اإلتيان بكل تصرف يتنافى مع الشرف و االستقامة المتمثل في‬

‫الخداع و الغش و التعسف الذي من شأنه اإلضرار بمصالح المتعاقد اآلخر ‪.1‬‬

‫و نظ ار لعدم التوازن في العالقة التعاقدية باعتبار المستهلك الطرف الضعيف فيها ‪،‬‬

‫حضر المشرع الجزائري كل ممارسة قائمة من طرف األعوان االقتصادية التي من شأنها‬

‫النزهة و قام بتكرسها في الباب الثالث بعنون " نزاهة‬


‫التنافي مع األعراف التجارية ا‬

‫الممارسات التجارية " في القانون ‪ 02-04‬الذي حددها على أنها الممارسة األسعار غير‬

‫الشرعية ‪،‬الممارسات التجارية التدليسية وأخرى غير الشرعية ‪ ،‬باإلضافة للممارسات التجارية‬

‫غير النزيهة و الممارسات التعاقدية التعسفية‪.2‬‬

‫إال أن المشرع لم يكتفي بذلك فقط ‪ ،‬بل قام بتكريس مبدأ النزاهة أيضا في القواعد‬

‫المنظمة للمنافسة كضابط لحرية األسعار التي تتجلى في اآلمر رقم ‪. 303-03‬‬

‫التي تتجلى في الممارسات‬ ‫مبدأ النزاهة‬ ‫سوف نتطرق إلى القواعد التي تحكم‬

‫المبحث الثاني تحت عنوان " صور‬ ‫التجارية غير النزيهة و بشكل مفصل الحقا في‬

‫الممارسات التجارية غير النزيهة " ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ .‬تعريف الممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫‪ 1‬ـ خديجي أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪-74‬ص‪. 88‬‬


‫‪ 2‬ـ خديجي أحمد ‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪ -74‬ص ‪.88‬‬
‫‪3‬األمر رقم ‪، 03-03‬المؤرخ في ‪ 19‬جويلية ‪ ، 2003‬المتعلق بالمنافسة ‪ ،‬ج ر عدد‪ ، 36‬صادر في ‪.2003-07-19‬‬
‫‪14‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫لألعوان االقتصادية حرية في الممارسات التجارية وفقا لمبدأ " حرية التجارة إال أنها‬

‫الجزئري الذي رأى ضرورة ضبطها طبقا لمقتضيات النزاهة‬


‫ا‬ ‫حرية مقيدة من طرف المشرع‬

‫حيث كرسلها بابا كامال تحت تسمية " الممارسات التجارية غير النزيهة "‪.‬‬

‫لم يعرف المشرع الجزائري الممارسات التجارية غير النزيهة إال أنه تم إدراجها على‬

‫سبيل المثال في قانون ‪ 02-04‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية في بابه‬

‫الثالث تحت عنوان " الممارسات التجارية غير النزيهة"‪.‬‬

‫لذا لجأ الفقه و اجتهد القضاء لتقديم تعريف يالئمها و يبسط فهمه كاآلتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ .‬التعريف الفقهي للممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫عرف الفقهاء الممارسات التجارية غير النزيهة بمفهوم واسع على أنها كل فعل من‬

‫شأنه مخالفة القانون و أعراف التجارة و االتفاقيات الخاصة ‪ ،‬كما عرف الفقه اإلسالمي‬

‫التجارة على أنها من طرق الكسب الحالل الواجبة ضبطها لتالئم و تشمل المصلحة الدينية‬

‫و الدنيوية لكافة المسلمين‪. 1‬‬

‫حيث يرتكز هذا الجانب من الفقه على منع الممارسات المحرمة (كالربا و‬

‫الرشوة)وكل ممارسة تنافسية تلحق الضرر (كالبيع على البيع) لقول الرسول صلى هللا عليه‬

‫وسلم ‪ " :‬ال يبيع بعضكم على بعض ‪ 2"...‬وكذا الصدق في التعامل لقوله عز و جل ‪{ :‬يا‬

‫‪ 1‬ـ فطيمة بوزيان ‪،‬حظر الممارسات التجارية غير النزيهة في التشريع الجزائري ‪ ،‬مذكرة ماستر‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‪ ، 2019-06-26 ،‬ص ‪ -10‬ص ‪. 11‬‬
‫‪ 2‬ـ صحيح بخاري ‪ ،‬كتاب البيوع ‪ ،‬باب ال يبيع على بيع أخيه ‪ ،‬دار ابن الكثير ‪ ،‬طبعة رقم ‪ ، 01‬بلد النشر دمشق ‪ ،‬سنة‬
‫‪. 2002-1423‬‬
‫‪15‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫أيها الذين أمنوا أوفو بالعقود } ‪ ،1‬كما يرى فقهاء الشريعة اإلسالمية ضرورة منع الثناء‬

‫على سلع بما ليس فيها ‪.‬‬

‫نستخلص من آراء الفقهاء أن كل ممارسة تفتقد الصدق الذي يؤدي إلى التضليل أو‬

‫الكذب في محتوى السلع‪ ،‬أو التنافس الذي يلحق الضرر تعد ممارسة تفتقر لمبدأ النزاهة‬

‫المعتمد في الممارسات التجارية‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬التعريف القضائي للممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫لم يرد أي قرار حول الممارسات التجارية غير النزيهة في القضاء الجزائري ‪ ،‬إال أن‬

‫القضاء الفرنسي الذي أطلق عليها مصطلح "نظرية المنافسة غير المشروعة " أصدر ق ار ار‬

‫عن الغرفة التجارية لمحكمة النقض الفرنسية بحيث يعتبر فيه المنافسة غير المشروعة هي‬

‫كل تعسف يط أر على مبدأ حرية التجارة الذي يرتب خسارة تجارية‪.‬‬

‫و طبقا للقرار الصادر عن مجلس استئناف أميان الفرنسي نستخلص أن استعمال أي‬

‫طرق غير مشروعة لجلب الزبائن من قبل كل من التاجر أو الصانع تعد منافسة غير‬

‫مشروعة‪.‬‬

‫و وفقا للمادتين ‪ 1382‬و ‪ 1383‬من القانون المدني الفرنسي‪ ،‬المنافسة غير‬

‫المشروعة تشمل كل خطأ متعسف في مبدأ حرية المنافسة أو خطأ مخالف ألعراف المهنة‬

‫مستوجب التعويض‪.2‬‬

‫‪ 1‬ـ القرآن الكريم ‪،‬سورة المائدة ‪ ،‬اآلية ‪. 01‬‬


‫‪ 2‬ـ فطيمة بوزيان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص‪ 12‬ـ ‪.13‬‬
‫‪16‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫ثالثا‪ .‬تعريف المشرع الجزائري للممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫طبقا لمقتضيات المادتين ‪ 126‬و ‪ 227‬من القانون ‪ 02-04‬و كذا اتفاقية باريس لحماية‬

‫‪ ،‬نستنتج أن المشرع الجزائري‬ ‫‪3‬‬


‫الملكية الصناعية و قمع المنافسة غير المشروعة ‪1883‬‬

‫ربط الممارسات التجارية غير النزيهة بعنصرين لتقديرها وهما‪:‬‬

‫• ـوجود منافسة بين األعوان االقتصادية ‪.‬‬

‫• أن تكون هذه المنافسة تتعدى على المنافس و تخالف األعراف التجارية النزيهة ‪.‬‬

‫ومنه نستخلص أن المشرع الجزائري أوحى إلى تعريف الممارسات التجارية غير‬

‫النزيهة أنها تلك التي من شأنها المساس بالمصالح االقتصادية لألعوان االقتصادية و التي‬

‫تمتد لتمس بمصالح المستهلك باألساليب المحظورة قانونا‪ ،‬فبهذه الممارسات يسعى العون‬

‫االقتصادي إلى التموقع مكان الغير و االستفادة من شهرة منافسه و كسب الزبائن عن طريق‬

‫التعدي على‬

‫العناصر التي ساهمت في نجاح مؤسسات معينة دون جهد مالي أو فكري‪ ،‬و لتنافي هذه‬

‫التصرفات مع العادات و األعراف التجارية تم تكييفها على أنها من أعماال التطفل التجاري‬

‫التي تشمل التشبيه المؤدي إلى اللبس و تشويه لسمعة المنافس و كذا إحداث اضطراب به‬

‫أو إقامة و بشكل غير نزيه محال بجواره ‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 26‬القانون رقم ‪، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫‪،‬ص‪.06‬‬
‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪ ، 27‬القانون رقم ‪،02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫ص‪.06‬‬
‫‪3‬ـ األمر‪ ، 02-75‬المؤرخ في ‪ 09‬يناير‪ ، 1975‬المتضمن المصادقة على اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ‪ ،‬سنة‬
‫‪ ، 1975‬ص ‪.154‬‬
‫‪17‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫الفرع الثالث‪ .‬تمييز الممارسات التجارية غير النزيهة عن ما يشبهها‬

‫سنتطرق في هذا الفرع إلى تمييز الممارسات التجارية غير النزيهة عما يشابهها من‬

‫ممارسات تجارية غير شرعية و أخرى تدليسية باإلضافة إلى الممارسات التعاقدية التعسفية‬

‫الذي يتمحور في اال ختالف من حيث المفهوم و الجزاءات الذي سيتم توضيحه على النحو‬

‫اآلتي ‪:‬‬

‫أوال‪ .‬الممارسات التجارية غير النزيهة و تمييزها عن الممارسات التجارية غير الشرعية‬

‫نظ ار لحلول الممارسات التجارية في وقتنا الراهن مكانا للتنافس الحاد بين األعوان‬

‫االقت صادية من خالل الجهد المبذول من كل واحد منهم لجلب أكبر عدد من الزبائن ‪ ،‬أمسى‬

‫ضروريا التدخل لردع الممارسات التي من شأنها إلحاق الضرر بمصالح األعوان االقتصادية‬

‫و المستهلكين ‪.‬‬

‫و رغم الشبه الموجود بين الممارسات التجارية غير النزيهة و الممارسات التجارية‬

‫غير الشرعية كونهما ممارسات تخالف مبدأ النزاهة إال أنه من الضروري توضيح االختالف‬

‫بينهما ‪ ،‬فقد نص القانون ‪ 02-04‬على الممارسات التجارية غير الشرعية و الممارسات‬

‫التجارية غير النزيهة في الباب الثالث منه إال أنه تم إدراج كل منهما في فصل مختلف ‪،1‬‬

‫فاألولى نص عليها في المواد من ‪ 14‬إلى ‪ 20‬التي تشمل كل الممارسات التي من شأنها‬

‫االعتداء على المصالح االقتصادية لألعوان االقتصادية و المساس بمصالح المستهلك‬

‫‪ 1‬ـ بلقاسم طارق فتح الدين ‪ ،‬قواعد الممارسات التجارية في النشريع الجزائري ‪ ،‬مذكرة ماستر ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية ‪،‬جامعة أكلي محند أولحاج ‪ ،‬البويرة ‪ ،‬سنة ‪ ، 2013-2012‬ص ‪. 15‬‬
‫‪18‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫فالقصد الذي وراء تسمية المشرع الجزائري هذه الممارسات بغير الشرعية هو مخالفة القانون‬

‫باستخدام األساليب المحظورة من قبل القانون ‪.‬‬

‫نستخلص من هذا أنه لم يتم تعريف هذا النوع من الممارسات في قانون ‪ 02-04‬إال‬

‫أنه و بالرجوع إلى مواده يمكن استنباطه و اعتباره أنه كل ممارسة من طرف األعوان‬

‫االقتصادية الذي من شأنه عرقلة سير االقتصاد و بشكل يخرق القانون يعتبر ممارسة غير‬

‫شرعية من خالل ممارسات األعمال التجارية دون اكتساب الصفة القانونية ‪ ،‬رفض البيع أو‬

‫تقديم الخدمة ‪ ،‬أو البيع بالمكافأة ‪.‬‬

‫بينما الثانية تم ادرجها في المواد من ‪ 26‬إلى ‪ 28‬لتشمل كل الممارسات المتمثلة في‬

‫تشويه سمعة المنافس و تقليد العالمات المميزة وغيرها من الممارسات التي تؤدي إلى‬

‫المساس بمصلحة العون االقتصادي و مصلحة المستهلك ‪ ،‬ويكمن االختالف بينهما في ‪:1‬‬

‫أ‪ .‬من حيث الطبيعة‬

‫يكمن المقصد من الممارسات التجارية غير الشرعية في اإلخالل بمبدأ النزاهة فيما بين‬

‫األعوان االقتصادي ين و فيما بين هؤالء و المستهلكين الذي يتجلى في عالقتهما التجارية ‪،‬‬

‫في حين أن الممارسات التجارية غير النزيهة هي ممارسات تهدف إلى االعتداء على‬

‫المصالح االقتصادية لألعوان االقتصاديين الذي يكمن سعيهم في تحقيق أهدافهم المتمثلة في‬

‫تطوير التجارة و جذب العدد األكبر من الزبائن بقصد تحقيق الربح ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ بلقاسم طارق فتح الدين ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 15‬‬


‫‪19‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫ب‪ .‬من حيث الجزاءات‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 381‬من القانون ‪ ، 02-04‬يتمحور االختالف في تقدير الحد‬

‫األدنى للغرامة المالية للممارسات التجارية غير النزيهة ب ‪ 50.000‬دج و الحد األقصى‬

‫بمقدار ‪ 5.000.000‬دج ‪ ،‬بينما حددت الممارسات التجارية غير الشرعية الحد األدنى‬

‫للغرامة المالية بقيمة ‪ 100.000‬دج و الحد األقصى لها بقيمة ‪ 3.000.000‬دج‪.‬‬

‫ثانيا ‪ .‬تمييز الممارسات التجارية غير النزيهة عن الممارسات التدليسية‬

‫الممارسات التجارية التدليسة مشابهة للممارسات التجارية غير النزيهة ‪ ،‬كما سبق أن‬

‫ذكرنا في تمييز الممارسات التجارية غير الشرعية عن الممارسات التجارية غير النزيهة في‬

‫احتواِئهم على شبه كبير‪ ،‬لذا من الالزم إظهار أوجه االختالف بينهما حتى يسهل على‬

‫الجميع معرفتهما و التفريق بينهما‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬

‫أ‪ .‬من حيث المفهوم‬

‫فالتدليس هو استعمال طرق احتيالية التي من شأنها إيهام شخص حول أمر يخالف‬

‫الحقيقة بغاية دفع هذا األخير إلبرام العقد ‪ ،‬و يشترط لقيام التدليس الكتمان أو المالبسة‬

‫العينية ما إن يثبت المدلس عليه بأنه ما كان ليبرم العقد لو علم هذه الواقعة‪. 2‬‬

‫و بالرجوع إلى المادتين ‪ 241‬و ‪2 25‬من القانون ‪ 02-04‬يتبين لنا أن المشرع‬

‫الجزائري قسم الممارسات التجارية التدليسية إلى صورتين ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 38‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫‪ ،‬ص‪.07‬‬
‫‪2‬بلقاسم طارق فتح الدين ‪،‬المرجع ‪ ،‬ص ‪-15‬ص‪.16‬‬
‫‪20‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫• الممارسات التدليسية باستعمال الوثائق التجارية أو المحاسبية ‪.‬‬

‫• الممارسات التدليسية من خالل حيازة المنتجات ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للممارسات التجارية غير النزيهة فنستخلص من نص المادتين ‪ 327‬و‬

‫‪ 428‬من نفس القانون أنه ذكر ممارسات تلحق الضرر بالمنافس و أخرى تلحق الضرر‬

‫بالمستهلك ‪.‬‬

‫ب‪ .‬من حيث الجزاءات‬

‫يتمثل االختالف في الجزاءات بين الممارسات التجارية غير النزيهة و الممارسات‬

‫التجارية التدليسية على النحو اآلتي ‪:‬‬

‫بموجب نص المادة ‪ 37‬من القانون ‪ 502-04‬و التي تعتبر تحرير الفواتير من هذا‬

‫النوع يعد من صور التزوير المتمثل في تحرير فواتير وهمية أو مزيفة لعمليات تجارية‬

‫دون وجودها الفعلي التي هي ذات الممارسة المعتمدة في عملية غسيل األموال‬

‫‪1‬المادة رقم ‪ ، 24‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫ص‪.06‬‬
‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪ ،25‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫‪،‬ص‪.06‬‬
‫‪ 3‬ـ المادة رقم ‪ ،27‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ،2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫المشار إليها في ص ‪.10‬‬
‫‪ 4‬ـ المادة رقم ‪ ،28‬القانون رقم ‪ 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫ص ‪.06‬‬
‫‪5‬ـ المادة ‪، 37‬قانون ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪21‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫كونها تهدف إلى تبرير حركة األموال‪ ،‬قام المشرع الجزائري بتشديد الغرامة المالية‬

‫المفروضة على التاجر المخالف بمقدار يتراوح بين ‪ 3.000.000‬دج إلى‬

‫‪10.000.000‬دج‪.‬‬

‫بينما الغرامة المالية بالنسبة للممارسات التجارية غير النزيهة كما ذكرنا سابقا تحدد‬

‫كحد أدنى بمقدار ‪ 50.000‬دج و كحد أقصى بمقدار ‪ 5.000.000‬دج ‪.‬‬

‫ثالثا ـ تمييز الممارسات التجارية غير النزيهة عن الممارسات التعاقدية التعسفية‬

‫كما سبق أن عرفنا أن الممارسات التجارية غير النزيهة مشابهة لعديد من الممارسات‬

‫لما تشترك فيه من ممارسات تخالف األعراف التجارية و تمس بمصالح اقتصاد السوق و‬

‫مصالح األعوان االقتصادية ‪.‬‬

‫و باإل ضافة إلى الممارسات التجارية غير الشرعية و الممارسات التجارية التدليسية‬

‫هناك نوع آخر من الممارسات تشبهها تدعى "بالممارسات التعاقدية التعسفية " إال أنها‬

‫تحتوي على اختالفات من الواجب بيانها ‪ ،‬و هذا ما أردنا إيضاحه كاآلتي‪: 1‬‬

‫أ‪ .‬من حيث المفهوم‬

‫نظ ار لإلشكال المطروح حول العالقة التعاقدية بين المستهلك و األعوان االقتصادية‬

‫التي عرفت اختالال في التوازن ‪ ،‬برزت ظاهرة الشروط التعسفية التي يفرضها العون استنادا‬

‫لمركزه التعاقدي القوي مما أوجب المشرع الجزائري على إضافة قواعد خاصة بالممارسات‬

‫‪ 1‬ـ فطيمة بوزيان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 18‬‬


‫‪22‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫التعاقدية التعسفية بغاية حماية المستهلك كونه الطرف الضعيف المتواجدة في المادة ‪29‬من‬

‫القانون ‪.102-04‬‬

‫كما نستنتج أن الممارسات التعاقدية التعسفية هي تلك الممارسات المتواجدة في عقود‬

‫االستهالك التي تتضمن تفاوتا في القدرة الفنية و االقتصادية بين أطراف العقد التي تتجلى‬

‫بذاتها في كل شرط من شأنه اإلخالل بالتوازن الخاص بالحقوق و االلتزامات لكل من العون‬

‫االقتصادي و المستهلك التي من الممكن أن تعود على الطرف الضعيف وهو المستهلك‬

‫بآثار مالية و قانونية ذات خطورة في مواجهته ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫األطراف المعنية بالممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫بعد أن تطرقنا لمفهوم كل من الممارسات التجارية والممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫في المطلب األول‪ ،‬يبقى السؤال مطروحا في ذهن القارئ‪ " :‬من هم األشخاص المعنيين‬

‫بالممارسات التجارية غير النزيهة ؟ هل هم ذاتهم القائمين بالممارسات التجارية ؟ " و هل‬

‫من مصطلح "تجارية"يقصد به التجار دون سواهم ؟" و هذا ما أردنا التطرق إليه في مطلبنا‬

‫هذا من خالل تقسيمه إلى فرعين ‪ ،‬فالفرع األول خصصناه لألعوان االقتصادية الذي ينقسم‬

‫‪1‬المادة ‪ ، 29‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫ص‪.7‬‬
‫‪23‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫بدوره إلى المنتج و التاجر و الحرفي و مقدم الخدمة ‪ ،‬أما الفرع الثاني فهو مخصص‬

‫للمستهلكين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ .‬العون االقتصادي‬

‫استعمل المشرع الجزائري مصطلح العون االقتصادي أول مرة و ذلك معب ار عن‬

‫الشخص المحترف الذي يمتاز بالخبرة في القانون ‪02-04‬و أوضح أن من يدخل ضمن‬

‫إطار هذا المصطلح في المادة ‪ 03‬في فقرتها األولى من نفس القانون التي جاءت كما يلي‬

‫‪ " :‬كل منتج أو تاجر أو حرفي أو مقدم خدمات أيا كانت صفته القانونية يمارس نشاطه‬

‫في اإلطار المهني العادي أو بقصد تحقيق الغاية التي تأسس من أجلها "‪.1‬‬

‫من خالل نص هذه المادة نستخلص أن األشخاص اللذين يكتسبون صفة العون‬

‫االقتصادي المتمثل في المنتج أو التاجر أو الحرفي أو مقدم الخدمات مهما كانت صفته‬

‫القانونية‪.‬‬

‫يمارس نشاطا في اإلطار المهني العادي أو بقصد تحقيق الغاية التي تأسس من‬

‫أجلها و سيتم توضيحه كألتي ‪:‬‬

‫أ‪ .‬المنتج‬

‫لم يرد تعريف المنتج في التشريع الجزائري إال أنه يمكن استنباطه من تعريف اإلنتاج‬

‫بموجب نص المادة ‪ 03‬من القانون رقم ‪ 03-09‬المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش ‪" :‬‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 03‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫‪،‬ص‪.4‬‬
‫‪24‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫يقصد في مفهوم احكام هذا القانون اإل نتاج ‪ :‬العمليات التي تتمثل في تربية المواشي و‬

‫جمع المحصول و الجني و الصيد البحري و الذبح و المعالجة و التصنيع و التحويل و‬

‫التركيب و توضيب المنتوج ‪ ،‬بما في ذلك تخزينه أثناء مرحلة تصنيعه و هذا قبل تسويقه‬

‫األول "‪.1‬‬

‫لذا من خالل نص هذه المادة يمكن حصر صفة المنتج في كل شخص يبتكر سلع‬

‫و يظهرها إلى الوجود بمختلف الوسائل المتاحة كتصنيعها فنيا و تقنيا أو من خالل كسبها‬

‫أو تربيتها أو اصطيادها ‪.2‬‬

‫ب‪ .‬التاجر‬

‫نظ ار لعدم تعريفه في القانون ‪ ، 02-04‬نستند في تعريف التاجر إلى القانون التجاري‬

‫الجزائري في مادته األولى التي عرفته كاآلتي ‪ " :‬يعد تاج ار كل شخص طبيعي أو معنوي‬

‫يباشر عمال تجاريا و يتخذه مهنة معتادة له ‪ ،‬ما لم يقض القانون بخالف ذلك "‪.3‬‬

‫جاء نص هذه المادة صراحة بحيث يسهل فهمه فيتضح أن صفة التاجر تكمن في‬

‫أي اشتراط المشرع الجزائري األهلية التجارية لممارسة‬ ‫ممارسة الشخص عمال تجاريا‬

‫التجارة‪ ،‬فاحتراف الشخص لألعمال التجارية موضوعيا فهو ما يضفي عليه صفة التاجر‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 02‬من القانون التجاري الجزائري واشترط أيضا ممارسة هذه األعمال‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 03‬القانون رقم ‪ ، 03-09‬المؤرخ في ‪ 25‬فبراير‪ ، 2009‬المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش ‪ ،‬ج ر ع‬
‫‪ 15‬الصادر في ‪ 2009-02-25‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 2‬ـ براشمي مفتاح‪ ،‬مجال تطبيق الممارسات التجارية غير النزيهة في التشريع الجزائري المقارن ‪ ،‬مجلة القانون و االعمال‬
‫القانونية ‪ ،‬العدد ‪ ، 33‬أبريل ‪ ، 2021‬سنة ‪.2014‬‬
‫‪ 3‬ـ المادة رقم ‪ ، 01‬األمر ‪ ، 59-75‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر‪ ، 1975‬المتضمن القانون التجاري ‪ ،‬ج ر عدد ‪ ، 101‬الصادر‬
‫في ‪ ، 1975-12-19‬ص‪.01‬‬
‫‪25‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫بصفة احترافية استنادا لعبارة "‪ ...‬و يتخذه مهنة معتادة ‪ "...‬بمعنى مزاولة عمل معين‬

‫بصفة مستمرة و منتظمة‪ ،‬فاالحتراف هو مختلف تماما عن االعتياد فهذا األخير ال يصل‬

‫فيه تكرار العمل لدرجة االستمرار و االنتظام ‪ ،‬كما ورد ضمنيا في نص المادة ‪ 01‬ضرورة‬

‫احتراف الشخص األعمال التجارية باسمه و لحسابه الشخصي وجعلها مهنة دائمة له سواء‬

‫كان هذا شخص طبيعيا أم معنويا ‪.1‬‬

‫و يكمن هدف المشرع الجزائري من إدراج التاجر ضمن المعنيين بالممارسات‬

‫التجارية غير النزيهة في حمايته من المنافسين اللذين يهدفون إلى سرقة الزبائن بطرق غير‬

‫مشروعة تخالف عرف المهنة ‪.‬‬

‫ج‪ .‬الحرفي‬

‫تم تعريف الحرفي في األمر رقم ‪ 01-96‬المحدد للقواعد التي تحكم الصناعة‬

‫التقليدية و الحرف في المادة ‪ 210‬منه في فقرتها األولى كما يلي ‪ " :‬حرفي كل شخص‬

‫طبيعي مسجل في سجل الصناعة التقليدية و الحرف ‪ ،‬يمارس نشاطا تقليديا "‪. 3‬‬

‫كما يتضح من نص المادة أن الحرفي هو شخص طبيعي يمارس نشاطا تقليديا أي‬

‫ليتميز الشخص بصفة الحرفي عليه ممارسة مهنة يدوية و أن يتحلى الحرفي بمؤهالت‬

‫‪ 1‬ـ عباد صوفية ‪ ،‬محاضرة ملقاة على طلبة سنة أولى ليسانس ‪ ،‬مقياس القانون التجاري ‪ ،‬كلية التسير والعلوم االقتصادية‬
‫‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي ‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪ ، 10‬األمر رقم ‪ ، 01-96‬المؤرخ في في ‪ 10‬يناير‪ ، 1996‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫‪ ،‬ج ر عدد ‪ ، 03‬الصادر في‪ 1996-01-10‬ص ‪.05‬‬

‫‪26‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫مهنية و يقوم بالعمل شخصيا و يتحمل المخاطر المترتبة عنه بمعنى يمارسه باسمه و‬

‫لحسابه شأنه شأن التاجر و يسجل في سجل الصناعة التقليدية و الحرف ‪.‬‬

‫إال أنه حتى ولو لم يفتح الحرفي محال تجاريا فهو يخضع للقانون المطبق على‬

‫الممارسات التجارية و المنافسة غير المشروعة فقد اكتسب بالفعل زبائن و من حقه‬

‫المحافظة عليهم و لهذا أدرجه المشرع الجزائري ضمن المعنيين بالممارسات التجارية غير‬

‫النزيهة لضرورة حمايته من الحرفي المنافس الذي يجتهد لكسب الزبائن بطرق غير مشروعة‬

‫تمس حدود العرف و تقاليد المهنة ‪.‬‬

‫د‪ .‬مقدم الخدمات‬

‫لم يرد أي تعريف لمقدم الخدمات في القانون رقم ‪ 02-04‬كما هو الحال بالنسبة‬

‫للمنتج إال أنه يمكن استنباطه من القانون ‪ 03-09‬المتعلق بحماية المستهلك و قمع الغش‬

‫بموجب المادة ‪ 03‬منه التي عرفته كاآلتي ‪ " :‬كل عمل مقدم غير تسليم السلعة حتى ولو‬

‫كان هذا التسليم تابعا أو مدعما للخدمة المقدم "‪.1‬‬

‫و عليه نستنتج أن مصطلح الخدمة يشمل أداء أو عمال بمقابل مبلغ مالي مهما‬

‫كانت طبيعة األداء سواء كانت ذات طابع مادي كاإلصالح و التنظيف أو ذات طابع مالي‬

‫ستشارت القانونية ‪ ،‬بمعنى مقدم الخدمة هو شخص يلتزم‬


‫ا‬ ‫كالتأمين أو ذات طابع فكري كاال‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 03‬القانون ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫ص ‪.04‬‬
‫‪27‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫بتقديم خدمة أو عمل لشخص آخر بمقابل مبلغ مادي متفق عليه مهما كانت طبيعة العمل (‬

‫فنيا ‪ ،‬يدويا‪ ،‬فكريا)‪.‬‬

‫و بتحليل المادة ‪ 02‬من القانون رقم ‪ 02-04‬السالف الذكر التي تضمنت مايلي ‪" :‬‬

‫يطبق هذه القانون على النشاطات ‪ ...‬و الخدمات التي يمارسها أي عون اقتصادي مهما‬

‫كانت طبيعته القانونية "‪.1‬‬

‫نجد عبارة "مهما كانت طبيعته القانونية "عممت مصطلح العون االقتصادي ليشمل‬

‫كل شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص تاج ار كان أو غير تاج ار‪ ،‬وبالتالي فباعتبار‬

‫مقدم الخدمات الشخص الذي يمارس النشاطات المنصوص عليها في المادة المذكورة أعاله‬

‫‪2‬‬
‫نستنتج أن المشرع الجزائري أدرج مقدم الخدمات ضمنا ألشخاص المعنيين بالممارسات‬

‫التجارية غير النزيهة كونهم أكثر عرضة لها ألن طبيعة نشاطاتهم تستلزم العمل مع الزبائن‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪.‬المستهلك‬

‫الممارسات التجارية مبنية على تواجد عالقة بين األعوان االقتصادية و المستهلكين و‬

‫منه نستنتج أن المعنيين بالممارسات التجارية غير النزيهة بغير األعوان االقتصادية هم‬

‫المستهلكين إذا من هم المستهلكين و لماذا خصصهم المشرع الجزائري بالممارسات التجارية‬

‫غير النزيهة ؟‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 02‬القانون ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪،‬‬
‫ص ‪ ،04‬المصدر نفسه ‪.‬‬
‫‪2‬ـ خوجة عائشة ‪ ،‬مبدأ الشفافية الممارسات التجارية في القانون الجزائري ‪ ،‬مذكرة ماستر ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‬
‫جامعة الطاهر موالي ‪،‬سعيدة ‪ ،‬سنة ‪ ، 2017-2016‬ص ‪ – 27‬ص ‪. 28‬‬
‫‪28‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫أوال ‪ .‬تعريف المستهلك‬

‫سنتطرق للتعريف اللغوي واالصطالحي والفقهي والقانوني تباعا‪.‬‬

‫أ‪ .‬التعريف اللغوي للمستهلك‬

‫المستهلك لغة هو في األصل مأخوذ من فعل يستهلك ‪ ،‬بمعنى اقتنى الشيء و انتفع‬

‫به و بمعنى آخر هو الشخص الذي يقوم باستغالل السلعة و االستفادة منها حتى زوال‬

‫منفعتها‪.‬‬

‫ب‪ .‬التعريف االصطالحي للمستهلك‬

‫يقصد بالمستهلك ا صطالحا الشخص الذي ينتفع بالسلع أو الخدمة بشكل مؤقت أو‬

‫دائم ‪.1‬‬

‫ج‪ .‬التعريف الفقهي للمستهلك‬

‫انقسم رأي الفقه حول تعريف المستهلك إلى إثنين فهناك ‪ ،‬من أخذ بالتعريف الضيق و‬

‫هناك من أخذ بالمعنى الواسع حيث قام أنصار االتجاه األول باالعتماد على معيار الغرض‬

‫اعتقادا منهم أنه المعيار األ ساسي لتمييز بين المستهلك عن المهني و قاموا بتعريفه على‬

‫أنه " كل شخص طبيعي أو معنوي من القانون الخاص يتحصل على منتوج أو يستعمله‬

‫ألغراض غير مهنية "‪.2‬‬

‫‪ 1‬ـ أيمن إسحاق ‪ ،‬مكافحة الممارسات التجارية غير النزيهة في التشريع الجزائري ‪ ،‬مذكرة ماستر ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية ‪،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة ‪ ، 2019-06-20 ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 2‬ـ خوجة عائشة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪-27‬ص ‪. 28‬‬
‫‪29‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫نستنتج من فكرة هؤالء الفقهاء استبعادهم لكل شخص يشتري منتوج لغرض مزدوج‬

‫أي الجمع بين غرض مهني و أخر غير مهني كاقتناء الوكيل العقاري سيارة النتفاعه‬

‫الشخصي باإلضافة إلى االستعمال المهني الذي يكمن في جوالت مهنية ‪.‬‬

‫أما االتجاه الثاني ‪ ،‬فإنه يربط مصطلح المستهلك بكلمة المواطن حيث تكمن حجتهم‬

‫في ذلك في فكرة أن حماية المستهلك مرتبطة بحماية المواطن وفقا لرالف نادار ومنه نستنتج‬

‫أن هذا الرأي توج مصطلح المستهلك بالعمومية ليشمل حتي الجمع بين االستعمال أو‬

‫االنتفاع الشخصي و األغراض المهنية مثال ‪ :‬اقتناء المحامي أجهزة اإلعالم اآللي لمكتبه‪.‬‬

‫المالحظ أن هذا االتجاه يوسع من نطاق الحماية عكس االتجاه األول و هذا ما جعله‬

‫محال للنقد كون هذه التوسيع يتعارض مع هدف إعادة التوازن للعالقات التعاقدية من خالل‬

‫حماية الطرف الضعيف فيها فالمهني حتى وإن كانت تعاقداته خارج اختصاصه ليس‬

‫بالضروري حلوله محل الضعيف بشكل يفرض حمايته ‪.1‬‬

‫د‪ .‬التعريف القانوني‬

‫بموجب المادة ‪ 03‬في فقرتها الثانية من القانون رقم ‪ 02-04‬التي تضمنت مايلي ‪" :‬‬

‫كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني سلعا قدمت للبيع أو يستفد من خدمات عرضت و‬

‫‪2‬‬
‫مجردة من كل طابع نهني "‬

‫‪ 1‬ـ خوجة عائشة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪-10‬ص ‪.12‬‬


‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪ ، 03‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫‪ ،‬المشار إليها في ص ‪.20‬‬
‫‪30‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫يتضح من نص هذه المادة أن المشرع الجزائري جعل مفهوم المستهلك بشكل واسع و‬

‫عام ال يقتصر على الشخص المتعاقد فقط و ذلك الستعماله كلمة " يقتني " التي تحمل‬

‫معنى تحصيل الشيء بثمن أو مجانا ‪.‬‬

‫كما يتضح من استعمال المشرع عبارة "شخص طبيعي أو معنوي " أن المستهلك‬

‫قد يكون عونا تجاريا أو فردا و اشترط تجرده من كل طابع مهني حسب عبارة " مجردة من‬

‫كل طابع مهني " ‪.‬‬

‫إال أن اإلشكال المطروح هو أن التوجيه األوروبي رقم ‪ 2005-29‬حصر المستهلك‬

‫في الشخص الطبيعي دون سواه كما هو حال التشريع الفرنسي في قانون االستهالك الفرنسي‬

‫‪ ،‬عكس التشريع الجزائري الذي أوضح أن المستهلك قد يكون شخصا طبيعيا أو معنويا‬

‫حيث‬

‫اعترف بصفة المستهلك بالنسبة للشخص المعنوي الفتقار الجمعيات و الشركات المدنية‬

‫للخبرة في هذا النشاط ‪ ،‬كما قام بنص حماية قانونية للمستهلك باعتباره الطرف الضعيف من‬

‫الممارسات التجارية غير النزيهة مع جعل هذه الممارسات جرائما يسهل إثباتها بكل وسائل‬

‫‪1‬‬
‫اإلثبات‬

‫ثانيا‪ .‬العناصر المحددة له‬

‫كما هو واضح من نص المادة ‪ 03‬في فقرتها الثالثة من القانون رقم ‪ 02-04‬تبرز‬

‫العناصر المحددة له على النحو اآلتي ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ خوجة عائشة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ -10‬ص‪. 12‬‬


‫‪31‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫• ـكون المستهلك شخصا طبيعيا أو معنويا ‪ ،‬إما شخص معنوي يباشر نشاط غير مهني‬

‫كالجمعيات التي ال تهدف إلى تحقيق الربح أو شخص طبيعي فرد من األفراد المجتمع‪.‬‬

‫• اقتناء السلع أو االستفادة من الخدمات ‪ ،‬بمعنى شراء منتوج مطروح في السوق أو االنتفاع‬

‫من الخدمة المقدمة‪.‬‬

‫• التجرد من الطابع المهني ‪ ،‬أي اقتناء سلع لتلبية الحاجيات الشخصية‪.1‬‬

‫نستنج من خالل مبحثنا هذا أن ممارسات التجارية غير النزيهة هي كل تصرف من‬

‫شأنه المساس بمصلحة األعوان االقتصادية و المستهلكين و منه نستخلص أن هؤالء‬

‫األخرين هما األشخاص المعنية بهذه الممارسات ‪ .‬ومما ذكرنا سابقا نالحظ أن هناك‬

‫ممارسات مشابهة للممارسات التجارية غير النزيهة التي تحدث الخلط و اللبس المتمثلة في‬

‫الممارسات التدليسية و الممارسات التعاقدية التعسفية و الممارسات التجارية غير الشرعية ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ خوجة عائشة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.12-10‬‬


‫‪32‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫المبحث الثاني‬

‫صور الممارسات التجارية غير النزيهة‬

‫بعد أن تطرقنا في المبحث األول إلى مفهوم الممارسات التجارية غير النزيهة و بينا‬

‫الفرق بينها و بين الممارسات التجارية المشابهة و ذكرنا األطراف الذي عناهم المشرع‬

‫الجزائري بهذا النوع من الممارسات ‪ ،‬وصلنا إلى المرحلة التي يجب علينا بيان صور هذه‬

‫الممارسات و ما الهدف من حظرها ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫وعليه قررنا تقسيم مبحثنا هذا إلى مطلبين ‪ ،‬بحيث يحتوي المطلب األول المعنون‬

‫"بالممارسات الضارة بالمنافسين "على فرعين المتمثلين في الممارسات الهادفة اإلضعاف‬

‫المنافس و أخرى لالستفادة من تفوق المنافس ‪ ،‬و يشمل المطلب الثاني المسمى‬

‫"بالممارسات الضارة بالمستهلكين " فرعين يتمثالن في اإلشهار الكاذب و اإلشهار‬

‫التضليلي‪.‬‬

‫المطلب األول‬

‫الممارسات التجارية الضارة بالمنافسين‬

‫من الشائع أن مبدأ حرية التجارة يكسب األعوان االقتصادية الحرية في ممارساتهم‬

‫اال قتصادية ‪ ،‬إال أنه ما كانت هذه الممارسات ذو حرية مطلقة سوف تعود بالضرر على‬

‫مصالح األعوان اال قتصادية لذا من الالزم تقييد هذه الحرية بمقتضيات النزاهة و هذا ما‬

‫سوف نعالجه في مطلبنا هذا ‪ ،‬وفق فرعين‪.‬‬

‫الفرع األول ـ الممارسات الهادفة إلضعاف المنافس‬

‫يتمحور هذ النوع من الممارسات التي تهدف إلضعاف المنافس في قالب يتمثل في‬

‫تشويه سمعته أو استغالل مهارته دون إذنه أو إغراء مستخدميه من أجل االستحواذ على‬

‫زبائنه لإلضرار به أو إحداث خلل في تنظيم مؤسساته‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫أوال ‪ .‬تشويه سمعة المنافس‬

‫حسب ما ورد في نص المادة ‪ 27‬في فقرتها األولى من القانون ‪ ": 02-04‬تشويه‬

‫سمعة عون ا قتصادي منافس بنشر معلومات سيئة تمس بشخصه أو منتجاته أو‬

‫خدماته‪."1...‬‬

‫نستخلص أن الهدف من التشويه هو تحويل الزبائن عن العون االقتصادي المنافس‬

‫بشكل غير مشروع و الذي يتحقق بتوفر الشروط التالية ‪:‬‬

‫نشر معلومات مسيئة عن مؤسسة منافسة أو منتجاتها أو خدماتها سواء كانت هذه‬

‫المعلومات ذات مصداقية أم ال‪ ،‬أو تقليد العالمات المميزة للعون االقتصادي المنافس أو‬

‫منتجاته أو خدماته بغرض زرع الشكوك و األوهام في ذهن المستهلكين و يكمن القصد‬

‫المخفي هنا في كسبهم الزبائن على حساب العون االقتصادي المنافس ‪.‬‬

‫فالمقصود هنا هو مدى تأثير هذه المعلومات على زبائن المنافس فعلى سبيل‬

‫المثال‪ :‬االدعاء بأن المؤسسة ال تحترم النظافة ‪،‬أو أن أسعار خدماتها مرتفعة ‪.2‬‬

‫و يتحقق التشويه بنشر المعلومات بين الزبائن و العمالء و ذلك بشكل إيجابي أو‬

‫بشكل سلبي بالسكوت عن تساؤل أحد العمالء حول حقيقة ما يشاع عن عدم احترام شروط‬

‫‪1‬ـ المادة رقم ‪ ، 27‬القانون رقم ‪، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أستاذ فتحي ‪ ،‬عبادة يوسف ‪ ،‬النظام القانوني لعمليات التركيز االقتصادية في قانون المنافسة ‪،‬دار الفكر و القانون و‬
‫النشر و التوزيع ‪ ،‬ط ‪ ، 01‬مصر ‪ ، 2014،‬ص ‪.66‬‬
‫‪35‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫النظافة‪ ،‬ومنه نقسم التشويه إلى عنصرين ‪ :‬تشويه من خالل المساس بشخصية العون و‬

‫تشويه من خالل المساس بالمنتج أو الخدمة ‪.‬‬

‫أ‪ .‬التشويه الذي يمس العون االقتصادي في ذاته‬

‫يتمثل ذلك في االعتداء على العناصر الذاتية للعون االقتصادي الذي يتخذ الصور‬

‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬المساس باالعتبار الشخصي للمنافس‬

‫من الشائع أن التجارة تعتمد على مبدأ االئتمان و كل مساس يلحق بهذا المبدأ يؤدي‬

‫إلى اختالل التوازن المفترض في عالقات المنافسين ‪ ،‬فكل االعتداءات الالحقة بالسمعة‬

‫التجارية و الشرف أو اال ئتمان التابع للتاجر يصدر في شكل إشاعة أو أقوال أو تلميحات‬

‫تزرع شكوكا حول الحالة المالية للمنافس وعليه يعد ممارسة غير نزيهة المحظورة و‬

‫المنصوص عليها قانونا‪.1‬‬

‫‪ .2‬المساس بسمعة و شرف العون المنافس‬

‫يتمثل ذلك في أفعال تهدف إلى تعييب المنافس بجنسيته أو ديانته أو جنسه إللحاق‬

‫الضرر بالثقة الموضوعة في الشخص المنافس من طرف المستهلك التي تؤدي إلى قلب‬

‫موازين المنافسة ‪ ،‬لذلك التجار المنافسين يبحثون عن هذه الفرصة الذهبية لإلضرار‬

‫‪ 1‬ـ أيمن إسحاق ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫‪36‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫بمنافسيهم و مثال ذلك هو قيام منافس بلفت انتباه المستهلك المتدين أن التاجر الذي‬

‫يتعامل معه من دولة معادية ‪.‬‬

‫ب‪ .‬التشويه الذي يمس العون االقتصادي في منتوجه أو خدمته‬

‫هذا النوع من التشويه يعد أقل تأثي ار من ذلك الذي يمس سمعة العون المنافس في ذاته‬

‫و يتم من خالل صور مباشرة و غير مباشرة الموضحة كالتالي ‪:‬‬

‫‪ .1‬التشويه المباشر‬

‫يعد كل إطالق إلشاعات كاذبة تشويه واضح اتجاه العون المنافس ‪ ،‬إال أنه يكون‬

‫مبر ار إذا ما كان التاجر المصدر لهذا االدعاء مجب ار على ذكر حقائق ردا العتبار منتوجاته‬

‫على حساب منافسه أو في رده على االنتقادات الموجهة لمنتجاته من طرف منافسه ‪.‬‬

‫يتمتع هذا النوع من التشويه بميزة تجعله سهل اإلثبات كونه يحدث بشكل علني ‪.1‬‬

‫‪ .2‬التشويه غير المباشر‬

‫هذا النوع من التشويه يعتمد أشكاال عديدة متنوعة تتضمن النقد و المقارنة الصادرة عن‬

‫العون المنافس قصد تنوير المستهلكين و هو موضح كاآلتي‪: 2‬‬

‫يسعى األعوان االقتصاديين جاهدين أثناء عرضهم لمنتوجهم أو خدمتهم إلى مدحها‬

‫بتصويرها على أنها األحسن و األفضل و األجود و بالرغم ‪ ،‬من حريتهم في هذا التصرف‬

‫إال أنه ال يجوز تجاوز حدود النزاهة مع منافسيهم من خالل وصف منتوجاتهم بالثانوية و‬

‫‪ 1‬ـ خديجي أحمد ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.112‬‬


‫‪ 2‬ـ أمال حالل ‪ ،‬نجية تايب ‪ ،‬االلتزام بنزاهة الممارسات التجارية ‪ ،‬مذكرة ماستر ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة‬
‫الجياللي بونعامة ‪ ،‬خميس مليانة ‪ ، 2019-06- 30 ،‬ص ‪. 32-31‬‬
‫‪37‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫تقديم النصائح للمستهلكين بتفادي اقتنائها هذا هو الشكل األول للتشويه غير المباشر‬

‫المسمى بمقارنة الجودة ‪.‬‬

‫أما الشكل اآلخر له المسمى بمقارنة األسعار يتجلى في إعالن التاجر عن تقديم‬

‫أسعار أقل من التاجر المنافس و إقرانه باإلشارة بأنه أرخص من السعر المقدم من قبل‬

‫منافسيه ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ .‬إغراء المستخدمين المتعاقدين مع العون المنافس‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 271‬في فقرتها الرابعة من القانون ‪ 02-04‬فان اإلغراء المراد هنا‬

‫هو اإلغراء في التشغيل بحيث وجب أن يكون أولئك العمال متعاقدين مع المنافس و أن‬

‫يكون الفعل مخالفا لتشريع العمل بمعنى أن يكون للعمال ارتباط مع العون االقتصادي‬

‫يكمن في عالقة عمل الزالت قائمة ‪.‬‬

‫أما المقصود بمصطلح اإلغراء فهو إلحاح العون االقتصادي على عمال العون‬

‫اآلخر من أجل االنتقال من المؤسسة التي تشغلهم إلى المؤسسة الجديدة وذلك باستعمال‬

‫الوعود كاألجر المضاعف‪.‬‬

‫وحتى نكون بصدى ممارسة تجارية غير نزيهة البد من توفر الفعل المخالف لقانون‬

‫العمل المتمثل في التشغيل ‪.2‬‬

‫ثالثا ‪ .‬االستفادة من االسرار المهنية بصفة أجير قديم أو شريك‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 27‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ فطيمة بوزيان ‪ ،‬المرجع السايق ‪ ،‬ص ‪. 22-21‬‬
‫‪38‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫لم يعرف القانون الجزائري السر المهني إال أن الفقه قد عرفه على النحو اآلتي ‪ ":‬هو‬

‫كل ما يعرفه األمين أثناء أو بمناسبة ممارسة مهنته وكان في إفشائه ضرر لشخص أو‬

‫لفائدته إما بطبيعته أو بحكم الظروف التي تحيط به وعبارة السر المهني واسعة المضمون‬

‫تضم المهارة التقنية و التجارية و أسرار الصنع كما تضم األسرار الخاصة بالزبائن‬

‫المتعاملين مع المؤسسة "‪.‬‬

‫من المعلومات الشائعة أن تمييز المنتجات أو نوعية الخدمات عن غيرها من المنتجات‬

‫أو الخدمات المنافسة يعد عامال مهما من عوامل نجاح مؤسسة ما ولقاءها رواجا في السوق‬

‫ويرد هذا التمييز ضمن أسرار المهنة لذا من مصلحة هذه المؤسسة أن ال تفصح عنها‬

‫لمنافسيها و ذلك للمنع من استغاللها دون إذنها حيث نص المشرع الجزائري على حماية‬

‫العون اال قتصادي من هذا النوع من الممارسات التجارية غير النزيهة في المادة ‪ 27‬الفقرة‬

‫‪ 05‬من القانون ‪. 02-04‬‬

‫بحكم أن األجير أو الشريك القديم البد من معرفته بهذه األسرار المهنية قد يقوم بفعل‬

‫التصرف فيها بقصد إحداث ضرر بصاحبها ‪.1‬‬

‫رابعا ‪ .‬إحداث خلل في تنظيم مؤسسة المنافس أو تنظيم السوق‬

‫نص المشرع الجزائري في الفقرة السادسة من المادة ‪ 27‬من القانون ‪ 02-04‬على أنها‬

‫إحداث خلل في تنظيم عون اقتصادي منافس و تحويل زبائنه باستعمال طرق غير النزيهة‬

‫كتبديد أو تخريب وسائله اإلشهارية و اختالس البطاقات أو الطلبيات و السمسرة غير‬

‫‪ 1‬ـ فطيمة بوزيان ‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪-22‬ص ‪. 23‬‬


‫‪39‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫القانونية و إحداث اضطراب بشبكته للبيع‪ ،‬وال يشكل فرقا ترتب هذه األعمال سواء كانت‬

‫بقصد أو دون قصد فالعبرة في ذلك تأثيرها على القوة التجارية للمنافس وما يترتب عنها من‬

‫تحويل الزبائن بطريقة غير مشروعة ‪.‬‬

‫فارتباط الزبائن بمؤسسة ما يكمن في قدرتها على جلبهم بطرق مشروعة لكن سرعان ما‬

‫اقترن جلبهم بوسائل غير نزيهة يكون فعل هذه المؤسسة محل حضر‪.‬‬

‫تتميز أهم الوسائل في‪:‬‬

‫أ‪ .‬جلب عمال المؤسسة المنافسة‬

‫ما إن توفرت شروط عمل أفضل يمكن للعمال االنتقال إلى مناصب أخرى لدى‬

‫مؤسسة أخرى كون حرية المنافسة ليست بسبب إلغاء حرية العمل الخاصة بالعمال وهو‬

‫األمر ذاته بالنسبة للمؤسسة المشتغلة فبإمكانها البحث عن عمال يتمتعون بالمهارات‬

‫المطلوبة لمحافظتها على مركزها التنافسي أو تحسينه ‪.1‬‬

‫لكن إذا ارتبط العمال بالمؤسسة المنافسة يمكن أن يكون الفعل هنا من أفعال المنافسة‬

‫غير النزيهة وذلك بمقتضى شرط عدم المنافسة ألن هذا الفعل المتمثل في توظيف العمال‬

‫التابعين لمؤسسة منافسة يأثر على قدرتها داخل السوق ‪.‬‬

‫ب‪ .‬إحداث خلل في نظام إنتاج مؤسسة منافسة‬

‫‪ 1‬ـ أسامة فتحي ‪ ،‬عبادة يوسف ‪ ،‬النطام القانوني لعمليات التركيز االقتصادي في قانون المنافسة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪70‬‬
‫‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫يتم هذا الخلل وفق الوسائل غير النزيهة من قبل العون االقتصادي المتمثلة في طرق‬

‫الحيلة أو القرصنة وذلك للحيازة على المعارف المهنية و طرق الصنع ‪.‬‬

‫ج‪ .‬تبديد أو تخريب الوسائل اإلشهارية للمنافس‬

‫المقصود بالتبديد هنا جعل الوسائل اإلشهارية غير فعالة بحيث ال تؤدي وظيفتها‬

‫األساسية من خالل سرقتها أو إ بعادها و رميها ‪ ،‬أما بالنسبة للتخريب فيتحقق غالبا بتمزيق‬

‫بطريقة تفيد إزالة الكتابة اإلعالنية‬ ‫أو حرقها‬ ‫الملصقات اإلشهارية من على الجدران‬

‫اإلشهارية بشكل نهائي ‪.‬‬

‫د‪ .‬اختالس الطلبات أو البطاقات‬

‫يقصد باالختالس نزع من حيازة المجني عليه دون رضاه و إدخاله في حيازة الجاني‬

‫وبما أن الطلبات تمثل رغبة الزبون بتزويده بسلعة ما أو خدمة معينة و تتمثل البطاقات‬

‫بقائمة الزبائن فإن سرقتهما يؤدي إلى تحويل هؤالء الزبائن ‪.1‬‬

‫مثال‪ :‬قيام العون االقتصادي بسرقة الطلبيات الموجودة في مصلحة الزبائن لمنافسه‬

‫سواء بنفسه هو أو عن طريق عمال المؤسسة‪.‬‬

‫ه‪ .‬السمسرة غير القانونية‬

‫‪ 1‬ـ صبحي نجم محمد ‪ ،‬شرح قانون العقوبات الجزائري ‪ ،‬ط ‪، 04‬الجزائر ‪ ، 2003 ،‬ص ‪114‬‬
‫‪41‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫السمسرة هي نشاط تجاري ينحصر في تقريب وجهات النظر بين المتعاقدين مقابل‬

‫مبلغ مالي بحيث ال يكون سمسار فيه طرفا في العقد ‪.‬‬

‫هي مهنة مشروعة ما إن عملت بمبدأ النزاهة وفقا لحرية التعاقد و حرية التجارة ‪،‬‬

‫لكن سرعان ما خالف السمسار قاعدة تنظيمية أو تشريعية أو عرفية كحث زبائن العون‬

‫االقتصادي على قطع عالقتهم معهم وفي هذه الحالة تكون ممارسة غير نزيهة ‪.1‬‬

‫الفرع الثاني ‪ .‬الممارسات التي تهدف لالستفادة من تفوق المنافس‬

‫القصد الواضح هنا هو الممارسات التي يهدف العون االقتصادي من خاللها االستفادة‬

‫من سمعة منافسيه و تفوقهم الذي بدوره يعد ممارسة من الممارسات غير نزيهة ‪ ،‬وهذا ما‬

‫أدرجه المشرع الجزائري في المادة ‪2 27‬السالفة الذكر باإلضافة للمادة ‪ 328‬من القانون‬

‫‪ 02-04‬و سوف نتطرق إليه على النحو اآلتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ .‬الممارسات التي من شأنها إحداث الخلط و اللبس‬

‫حسب نص المادة ‪ 27‬في الفقرة الثانية منه من القانون ‪ 02-04‬السالف الذكر أدرج‬

‫المشرع الجزائري تقليد العالمات المميزة للعون االقتصادي المنافس أو منتجاته أو إشهاره أو‬

‫خدماته ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ فطيمة بوزيان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪ ، 27‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات‬
‫التجارية‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ المادة رقم ‪ ، 28‬القانون رقم ‪ ،02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫قصد تحويل زبائن هذا العون إليه عن طريق زرع الشكوك في ذهن المستهلك ضمن‬

‫الممارسات التجارية غير النزيهة ‪ ،‬ويتحقق هذا النوع من الممارسات بحلول العون‬

‫القتصادي محل العون االقتصادي المنافس ظاهريا بالطريقة التي تسمح بتقليد أي عنصر‬

‫من عناصر الملكية الصناعية كتقليد االسم التجاري‪.‬‬

‫أما ما نصت عليه المادة ‪ 28‬من القانون ‪ 02-04‬هو اإلشهار المضلل الذي يعد‬

‫السبب الرئيسي إلحداث الخلط و اللبس بذهن المستهلك الذي يقوم به العون االقتصادي‬

‫قصد تحقيق التعاقد المبني على التضليل الذي يقع فيه المستهلك ‪ ،‬وهو محظور بموجب‬

‫المادة ‪ 28‬السالفة الذكر‪"1.‬‬

‫ثانيا ‪ .‬التطفل التجاري‬

‫قام المشرع الجزائري بحظر التطفل التجاري في نص المادة ‪ 27‬السالفة الذكر من‬

‫القانون ‪ 02-04‬التي جاءت كما يلي ‪ " :‬استغالل مهارة تقنية أو تجارية مميزة دون‬

‫ترخيص أو موافقة من صاحبها ‪."2‬‬

‫نالحظ من نص هذه المادة أن من صور الممارسات التجارية غير النزيهة هو ذلك‬

‫التطفل الذي يتدخل من خالله العون االقتصادي في نظام عون آخر لالستفادة من المنافع‬

‫االقتصادية للعون االقتصادي المتطفل عليها التي تحققها المهارات وهي المهارة المكتسبة‬

‫بالتجربة و المعرفة التطبيقية الناتجة عن المجهودات العلمية و المالية ‪ ،‬و التي تحصل‬

‫‪ 1‬ـ فطيمة بوزيان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪، 07‬قانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية ‪،‬‬
‫‪،‬ص ‪.6‬‬
‫‪43‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫عليها هذا األخير بفضل اجتهاده و استثماره ألجل بلورتها و االنتفاع بها دون مساهمة‬

‫العون المتطفل في هذا االستثمار أو المجهود ‪.‬‬

‫للتطفل شرط أساسي يتمثل في أن ال تكون المهارات من الحقوق المحمية بنصوص‬

‫قانونية خاصة كبراءات االختراع دون أن يكون العون االقتصادي المتطفل منافسا للعون‬

‫االقتصادي المتطفل عليه ‪.‬‬

‫ويأخذ التطفل عدة أشكال أهمها ‪:‬‬

‫استعمال عالمة تجارية ذات سمعة في السوق لعون اقتصادي ما و اعتمادها بالنسبة‬

‫لمنتج أو خدمة للعون االقتصادي المتطفل دون ترخيص كما يتضمن أيضا االستغالل‬

‫الصيغ اإلشهارية و اعتمادها في الترويج لمنتجات أو خدمات العون المتطفل ‪.1‬‬

‫ثالثا ‪ .‬إقامة محل تجاري في جوار المنافس قصد استغالل شهرته‬

‫الهدف من إقامة العون االقتصادي محال تجاريا في جوار المنافس هو استغالل نجاح‬

‫العون اال قتصادي المنافس و شهرته و تحويل جزء من زبائنه إليه و تعد هذه الممارسة‬

‫ممارسة غير نزيهة شريطة أن تكون مؤسسة مشهورة و مخالفة لألعراف التجارية المعمول‬

‫بها ذلك بمقتضى نص المادة ‪ 27‬من القانون ‪ 02-04‬التي ‪ " :‬تعد ممارسات تجارية غير‬

‫نزيهة في حكم هذا القانون السيما‪ ....‬إقامة محل تجاري في الجوار القريب لمحل‬

‫المنافس بهدف استغالل شهرته خارج الممارسات و األعراف التجارية المعمول بها"‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ فطيمة بوزيان ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 30‬‬


‫‪44‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫لقد كرس المشرع الجزائري حماية شاملة و فعالة للعون االقتصادي من الممارسات‬

‫التي قد تمس بمصالحه االقتصادية سواء إذا كانت هذه ممارسات هادفة إلضعاف المنافس‬

‫من خالل تشويه سمعة المنافس أو إغراء مستخدمين المتعاقدين مع العون االقتصادي‬

‫المنافس‪ ...‬أو لالستفادة من تفوق المنافس بإقامة محل تجاري في الجوار القريب لمحل‬

‫المنافس بهدف استغالل شهرته خارج األعراف و الممارسات التنافسية المعمول بها ‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‬

‫الممارسات الضارة بالمستهلكين‬

‫بالرغم من الدور الفعال الذي أصبح يمثله اإلشهار التجاري إذا أمسى مظه ار من‬

‫مظاهر المنافسة المشروعة و وسيلة فعالة للترويج و التسويق و أداة سهلة و سريعة‬

‫لالتصال بالمستهلك و إعالمه بالسلع و الخدمات المطروحة في السوق ‪ ،‬فإنه أصبح أيضا‬

‫وسيلة للتضليل و الخداع و هذا ما فرض على المشرع الجزائري ضرورة حظر هذه النوع من‬

‫الصور‪ ،‬لذا حاولنا من خالل مطلبنا هذا توضيح هذا األمر ‪.‬‬

‫الفرع األول ـ اإلشهار الكاذب‬

‫‪ 1‬ـ براشمي مفتاح ‪ ،‬منع الممارسات التجارية غير النزيهة في القانون الجزائري ‪ ،‬مجلة قانون و األعمال الدولية ‪ ،‬العدد‬
‫‪ ،33‬سنة ‪2018‬ص ‪.132‬‬

‫‪45‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫يعد اإلشهار فن يستهدف تأثير على الجمهور في شكل يحقق الغايات التجارية إال‬

‫أنه يجب أن يكون صادقا صريحا حتى ال يعتبر إشها ار كاذبا يحدث اللبس و الخلط الذي‬

‫بدوره يلحق الضرر على مصالحة المستهلك ‪.‬‬

‫أوال ـ تعريف اإلشهار الكاذب‬

‫لم يتم تعريف اإلشهار الكاذب صراحة من قبل المشرع الجزائري إال أنه يكمن‬

‫استخالصه من تعريف اإلشهار المنصوص عليه في المادة ‪ 03‬من القانون ‪02-04‬‬

‫السالف الذكر ‪ " :‬كل إعالن يهدف بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى ترويج بيع السلع و‬

‫الخدمات مهما كان المكان و وسائل اال تصال المستعملة "‪.1‬‬

‫من خالل نص المادة ‪ 03‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 378-13‬المحدد للشروط و‬

‫الكيفيات المتعلقة بإعالم المستهلك التي عرفت االدعاء على أنه ‪ ":‬كل عرض أو اإلشهار‬

‫يبين أو يقترح أو يفهم منه أن للمنتوج مميزات خاصة مرتبطة بمنشئه و خصائصه‬

‫الغذائية عند االقتضاء و طبيعته و تحويله و مكوناته أو كل خاصية أخرى "‪.2‬‬

‫و استنادا للفقه فإن اإلشهار الكاذب أو ما يسمى أيضا باإلشهار الوهمي هو إشهار‬

‫ذو بيانات مضلة غير حقيقية في شكل يثير اللبس و يهدف إلى خداع و تغليط المستهلك و‬

‫الذي ال يتفطن له ‪ ،‬وله صورتين فقد يكون فعال إيجابيا عن طريق ذكر أوصاف أو بيانات‬

‫أو مزايا متوفرة بكميات ليست ذاتها المذكورة في اإلشهار أو غير متوفرة بالمنتوج الفعلي ؛‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 03‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪ ، 03‬المرسوم التنفيذي رقم ‪، 378-13‬المؤرخ في ‪ 09‬نوفمير ‪ ، 2013‬المحدد للشروط و الكيفيات المتعلقة‬
‫باإلعالم المستهلك ‪ ،‬ج ر ع ‪ ، 58‬الصادر في ‪ ، 2013-11-09‬ص ‪.09‬‬
‫‪46‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫أو قد يكون فعال سلبيا باإلغفال عن ذكر بيانات خاصة بالمنتوج في شكل يؤثر على التعاقد‬

‫بحيث العلم بها يؤدي إلى االمتناع عن التعاقد‪ ، 1‬ذلك ألن ذكر جزء من الحقيقة يعد كذبا‬

‫فهو يحصى مظه ار من مظاهر السكوت المنصوص عليه في التدليس المدني وفقا لنص‬

‫المادة ‪ 86‬من القانون المدني الجزائري ‪.... ":‬و يعتبر تدليسا السكوت عمدا عن واقعة أو‬

‫مالبسة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه‬

‫المالبسة"‪ .2‬كونه يخالف الصراحة و الصدق ‪.‬‬

‫ثانيا ‪.‬عناصر اإلشهار الكاذب‬

‫ينقسم اإلشهار الكاذب إلى قسمين أحدهما مادي و األخر معنوي‪: 3‬‬

‫أ‪ .‬العنصر المادي لإلشهار الكاذب‬

‫حسب مقتضى المادة ‪ 36‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 378-13‬ينحصر الركن المادي‬

‫إلشهار الكاذب في ا ستعمال وسائل الكذب كوسيلة للغش أو التضليل ‪ ،‬سواء تعلق الكذب‬

‫بمعلومات خاطئة التي تنشئ التغليط أو الكذب في طريقة عرض المنتوج و ترويجها ‪.‬‬

‫وفي ما يتعلق بتقديم الخدمات فإن الكذب ينصب على شروط تقديم الخدمة و مدة‬

‫صالحية العرض و سعره باإلضافة إلى عنصر من عناصر المحددة طبقا لنص المادة ‪55‬‬

‫‪ 1‬ـ سعدي خضرة ‪ ،‬حماية المستهلك من اإلشهار المضلل في التشريع الجزائري ‪ ،‬مذكرة ماتر ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية ‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ‪، 2020-12-12،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪، 86‬األمر ‪ ، 58-75‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ، 1975‬المتضمن للقانون المدني ‪ ،‬ج ر ع ‪، 101‬الصادر في‬
‫‪ 1975-09-26‬ص ‪ ،. 25‬المعدل والمتمم‬
‫‪ 3‬ـ غريوج حسام الدين ‪ ،‬حماية المستهلك من الممارسات التجارية غير النزيهة في التشريع الجزائري ‪ ،‬أطروحة دكتوراه ‪،‬‬
‫كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة الحاج األخضر باتنة ‪ ، 2018-2017 ،‬ص ‪-101‬ص ‪. 103‬‬
‫‪47‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 378-13‬السالف الذكر ‪ ،‬بمعنى لكي يعد اإلشهار كاذبا ينبغي‬

‫أن ينصب الكذب في اإلشهار على عنصر من العناصر المحددة مسبقا ‪.‬‬

‫وفي حالة وقوع الكذب في اإلشهار على عنصر من عناصر خارج اإلطار المحدد‬

‫سابقا في المواد ‪ 12‬و ‪ 55‬من المرسوم التنفيذي ‪ 378-13‬فإن الفعل هنا يكيف على أنه‬

‫إشهار تضليلي عمال بنص المادة ‪ 68‬من قانون حماية المستهلك وذلك ردعا للقائمين‬

‫باإلشهار الكاذب و ضمان عدم إفالتهم من العقاب ‪.‬‬

‫ب‪ .‬العنصر المعنوي لإلشهار الكاذب‬

‫اعتبر المشرع الجزائري الكذب في اإلشهار على أنه جريمة خداع قائمة بثبوت القصد‬

‫الجنائي المبني على علم الجاني بالوقائع و العمد المتمثل في إدخال عنصر الغش على‬

‫المتعاقد معه ‪ ،‬و بتكييف المشرع الجزائري االشهار الكاذب على أنه جريمة خداع يكون بذلك‬

‫أدخلها ضمن إطار الجرائم العمدية ‪ .‬لكن من الواضح هنا وجوب اعتبار جريمة اإلشهار‬

‫الكاذب على أنها جريمة مستقلة تتطلب أحكاما خاصة ‪.1‬‬

‫على غرار التشريع الفرنسي الذي اعتمد ضرورة توفر سوء النية ثم تراجع عن ذلك‬

‫الحقا ليعتمد حالة اإلهمال البسيط في المعاقبة على اإلشهار الكاذب بموجب قانون "رواي"‬

‫المؤرخ في ‪ 27‬ديسمبر ‪. 1973‬‬

‫‪ 1‬ـ غريوج حسام الدين‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪-101‬ص‪.103‬‬


‫‪48‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫ثالثا ‪.‬األساس القانوني الخاص باإلشهار القانوني‬

‫المشرع الجزائري لم ينص صراحة على حظر اإلشهار الكاذب إال أنه يمكن‬

‫استنباطها من خالل نص المادة ‪ 28‬من القانون ‪. 02-04‬‬

‫بمعنى أن الكذب في اإلشهار يعد من طرق التضليل ومفاد نص هذه المادة هو أن‬

‫اال ختالف الذي جاء به اإلشهار عن األوصاف الفعلية للمنتوج أو الخدمة الذي يؤدي إلى‬

‫تضليل المستهلك هو السبب الرئيسي لحظر اإلشهار الكاذب ‪ ،‬و استنادا إلى نص المادة‬

‫‪ 36‬في فقرتها األولى من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 378-13‬المتضمنة مايلي ‪ " :‬يجب أن ال‬

‫يوصف أو يقدم أي غذاء بطريقة خاطئة أو مضللة أو كاذبة أو من المحتمل أن يثير‬

‫انطباعا خاطئا بخصوص نوعه بطريقة تؤدي إلى تغليط المستهلك "‪.1‬‬

‫باإلضافة إلى نص المادة ‪ 56‬من المرسوم نفسه التي جاءت كما يلي ‪ ":‬تمنع كل‬

‫معلومة أو إشهار كاذب من شأنهما إحداث لبس في ذهن المستهلك "‪.2‬‬

‫من خالل النصوص السالفة الذكر من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 378-13‬يتضح أنه و‬

‫ألول مرة بالنسبة للتشريع الجزائري يؤكد عدم شرعية كل معلومة أو إشهار كاذب وحظرها‬

‫إال أن هذا الحظر ينحصر نطاق تطبيقه من حيث الموضوع على المواد الغذائية و الخدمات‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 36‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 378-13‬المؤرخ في ‪ 09‬نوفمبر‪ ، 2013‬المحدد للشروط و الكيفيات المتعلقة‬
‫بإعالم المستهلك ‪ ،‬ج ر ع ‪ ، 58‬الصادر في ‪ ، 2013-11-09‬ص ‪.14‬‬
‫‪2‬ا ـ لمادة رقم ‪ ، 56‬المرسوم التنفيذي رقم ‪ ، 378-13‬المؤرخ في ‪ 09‬نوفمبر ‪، 2013‬المحدد للشروط و الكيفيات المتعلقة‬
‫بإعالم المستهلك‪ ،.‬ص‪.16‬‬
‫‪49‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫فقط و عليه يبقى اإلشكال مطروحا كون اإلشهار الكاذب الزال بحاجة إلى نص صريح و‬

‫دقيق وذلك كي يتسع نطاق هذا الحظر ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪.‬اإلشهار التضليلي‬

‫الغموض الكامن في ذهن القارئ في هذه النقطة هو ما المقصود باإلشهار التضليلي و‬

‫هل له عناصر و بالنظر لصعوبة بيانه ما هي المعايير المعتمدة لتحديده و لما المشرع‬

‫الجزائري أدرجه ضمن الممارسات التجارية غير النزيهة ‪ ،‬لذا سنتطرق إلى تعريف‬

‫االشهار المضلل ثم عناصره وأخي ار صوره‪.‬‬

‫أوال ‪ .‬تعريف االشهار المضلل‬

‫لم يعرف المشرع الجزائري اإلشهار المضلل صراحة لكن اعتبره ممارسة تجارية غير‬

‫نزيهة و اكتفى بتعديد صوره ذلك بموجب المادة ‪ 28‬من القانون ‪ 02-04‬المحدد للقواعد‬

‫المطبقة على الممارسات التجارية ‪ ،‬إال أن الفقه قد عرفه على أنه اإلعالن الذي من شأنه‬

‫خداع المستهلك أو من الممكن أن يؤدي إلى ذلك ‪.‬‬

‫يستخلص من هذا التعريف أن اإلشهار المضلل يعتمد على صياغة العبارات التي من‬

‫شأنها خداع المستهلك دون ذكر بيانات كاذبة مثال ‪ :‬إذا كان اإلعالن يحتوي على بيانات‬

‫صحيحة لكن ذات انطباع إجمالي مخادع في هذه الحالة يعد هذا اإلعالن إشها ار مضلال‬

‫سواء كان بطرق الكذب أو بالقصد أو باإلهمال ‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫كما يمكن تعريفه على أنه كل ما يخالف الحقيقة و يمس بمبادئ و شرف التعامل و‬

‫النزاهة و األمانة في نطاق المنافسة ‪ ،‬بقصد تضليل العمالء و االستحواذ عليهم‪.1‬‬

‫ثانيا ‪ :‬عناصر اإلشهار المضلل‬

‫بما أن التضليل يعد من الجرائم العمدية كونه يؤدي إلى الخداع فإنه يكون قائما ما‬

‫إن وجدت واقعة غير حقيقية من شأنها تضليل المستهلك هذا ما يشكل العنصر المادي أما‬

‫العنصر المعنوي فيشترط توفر سوء النية العتبار اإلشهار مضلال وهذا ما سنشرحهه‬

‫كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ .‬العنصر المادي‬

‫إذا حسب ما شرحنا سابقا باعتبار أن التضليل في اإلشهار جريمة من الجرائم‬

‫العمدية أو الخداع فإنه يشترط فيها العنصر المادي المتمثل في صدور سلوك إجرامي من‬

‫المعلن الذي يؤدي إلى وقوع المستهلك في الخداع أو التضليل المتمثل في كل فعل مادي‬

‫صادر عن الجاني قصد اإليقاع بالمتعاقد اآلخر في الغلط حول صفات السلع أو نوعية‬

‫الخدمات ‪ ،‬يكون سلوكا إيجابيا إذا تم من خالل تقديم معلومات غامضة عن السلع أو‬

‫الخدمات التي توقع المستهلك في الخداع ؛ أم يكون سلبيا باالمتناع عن ذكر البيانات‬

‫الجوهرية الخاصة بالسلع أو خدمات محل اإلشهار‪. 2‬‬

‫‪ 1‬ـ سارة عزوز ‪ ،‬حماية المستهلك من اإلشهار المضلل في القانون الجزائري ‪ ،‬أطروحة دكتورة ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية ‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة ‪ ، 2017-2016 ،‬ص ‪-66‬ص ‪.67‬‬
‫‪ 2‬ـ جميلة أمجقان ‪ ،‬عميار مياسة ‪ ،‬قمع اإلشهار المضلل كوسيلة لحماية المستهلك ‪ ،‬مذكرة ماستر ‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم‬
‫السياسية ‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو ‪ ، 2015،‬ص ‪-26‬ص‪. 29‬‬
‫‪51‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫يشترط لتحقق عنصر المادي‪:‬‬

‫• أن يكون هناك في األصل إشها ار و ذلك عبر توفر رسالة موجهة إلى المستهلك غايتها‬

‫حث المستهلك على اقتناء السلع أو الخدمات محل اإلشهار ‪.‬‬

‫• ـن يكون هذا اإلشهار مضلال بحيث تكون االدعاءات الواردة في إشهار من شأنها خداع‬

‫المستهلك أو تتوفر على معلومات تعطي انطباعا زائفا ‪.‬‬

‫• أن يحتوي اإلشهار على بيانات متعلقة بالمنتوج ذات طابع زائف غير حقيقي التي تجعل‬

‫المستهلك يقدم على شراءها ‪.‬‬

‫و ال يتطلب التضليل وسيلة معينة بل يكتفي بتوفر الكذب شفويا كان أم لم يكن حول‬

‫شيء محل التضليل ‪ ،‬كبيع منتوج على أساس أنه صنع في بلد معين لكنه في األصل من‬

‫بلد غير ذلك المزعوم ‪.‬‬

‫ب‪ .‬العنصر المعنوي‬

‫وفقا لعدم إشارة المشرع الجزائري في المادة ‪ 28‬من القانون ‪ 02-04‬على ضرورة‬

‫توفر سوء النية لقيام المسؤولية عن اإلشهار المضلل ‪ ،‬نستنتج بأنه اكتفى بالمعلومات‬

‫المضللة إلرادة المستهلك التي هي أساس قيام العنصر المادي لإلشهار المضلل فهو ال يعتد‬

‫بالنتيجة اإلجرامية‪ ،‬على غرار التشريع الفرنسي الذي كان يعتمد على سوء النية المعلن‬

‫لقيام المسؤولية ثم صار مكتفيا بقيام الخطأ الصادر عن المعلن وفقا قانون ‪. 11973‬‬

‫ثالثا ‪ .‬صور اإلشهار المضلل‬


‫‪ 1‬ـ جميلة أمجقان ‪ ،‬عميار مياسة ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪-29‬ص‪. 30‬‬
‫‪52‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫إن استعمال اإلشهار بما يتنافى مع استخداماته يعد ممارسة تجارية غير نزيهة إذ أن‬

‫تغير وظيفته من كونه أداة لإلعالم و التوجيه إلى أداة للخداع و التضليل يحرفه عن غايته‬

‫الشرعية ليصبح مخالفا لشرط النزاهة‪ .‬ويتجلى ذلك في نص المادة ‪ 28‬من القانون ‪02-04‬‬

‫السالف الذكر التي عددت الحاالت التي يعتبر فيها اإلشهار تضليليا على سبيل‬

‫المثال ال الحصر إال أنه يمكن استخالصها في الصورتين اآلتيتين ‪:‬‬

‫أ‪ .‬اإلشهار المفضي إلى التضليل‬

‫إن نص المادة ‪ 28‬السالف الذكر اعتبر اإلشهار غير المشروع و المحظور كل‬

‫إشهار يتضمن تصريحات أو بيانات أو تشكيالت يمكن أن تؤدي إلى تضليل بتعريف‬

‫المنتوج أو الخدمة أو بكميته أو وفرته أو مميزاته ‪.1‬‬

‫نالحظ هنا أن المشرع الجزائري اعتمد مصطلح التضليل ال الكذب فاألخير هو‬

‫ادعاء مزاعم عن شيء عكس حقيقته و هو ما يخالف واجب اإلعالم ‪ ،‬أما التضليل فهو‬

‫ا ستعمال عبارات من شأنها إحداث اللبس و الغلط المفضي إلى التعاقد ومنه نستنتج أن‬

‫اإلشهار المضلل يشمل اإلشهار الكاذب و حسب نص المادة ‪ 36‬من المرسوم التنفيذي رقم‬

‫‪ 378-13‬التي أوجبت عدم وصف أو تقديم أي غذاء بطرق خاطئة أو مضللة التي تؤدي‬

‫إلى تضليل المستهلك‪.‬‬

‫كما يحمل التضليل في اإلشهار في طياته عبارات غامضة "كالبيع بسعر يصل إلى‬

‫النصف " و هذا ما يسمى بالتضليل اإليجابي ‪ ،‬أما إذا كان من خالل حجب المعلومات‬

‫‪ 1‬ـ أيمن إسحاق ‪ ،‬شتيوي الطاهر ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪53‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫الالزم إظهارها خاصة تلك التي يكمن فيها الحقيقة الكاملة للمنتوج " كاإلعال ن الذي يقضي‬

‫بأن للمستهلك حق االستفادة من الضمان المجاني لمدة معينة ‪.‬‬

‫لكنه في األصل يحمل حيلة تكمن في إلزام المستهلك بدفع ثمن أكثر لحصوله على‬

‫الضمان المعلن عليه " ‪.‬‬

‫مثال ذلك ادعاء شركة معينة با نفرادها بإنتاج سلع معينة أو تقديم خدمة ما ذات‬

‫مواصفات متميزة ثم يتبين أن ثمة شركات أخرى تنتج نفس سلع بنفس القدرات ‪.‬‬

‫ومنه من الممكن تطبيقها على اإلشهار المفضي إلى التضليل كون نص هذه المادة‬

‫عرف االدعاء على أنه كل عرض أو إشهار ‪.1‬‬

‫ب‪ .‬اإلشهار المفضي إلى اللبس‬

‫هذا النوع من اإلشهار يعد األكثر انتشا ار و شيوعا في حياة العمالية للمنتجين فمن‬

‫خالله يسعى المنافس إلى جذب الزبائن و يعرف أيضا بكونه الرغبة الناجمة عن التاجر أو‬

‫الصانع أو عارض الخدمة بحلول محل منافسيه كون هذا األخير يتمتع بثقة الجمهور لجذب‬

‫هؤالء نحوه ذلك يصرفهم عن المنافس ‪.2‬‬

‫كما أن اإلشهار المفضي إلى اللبس هو ذلك اإلشهار الذي يولد الشك و يزرع األوهام‬

‫في ذهن المستهلك بشكل يحثه على شراء مالم يقصده فعال سواء تعلق األمر بمنتوج أو‬

‫بطلب خدمة ‪ ،‬و ال يشترط في هذا النوع من الممارسات المضللة للمستهلك أن يكون الوقوع‬

‫‪ 1‬ـ أيمن إسحاق ‪ ،‬شتيوي طاهر ‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.28‬‬


‫‪ 2‬ـ أحمد خديجي ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪-133‬ص ‪.139‬‬
‫‪54‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫في اللبس فعليا بل يكتفي بتوفر احتمال حدوثه مستقبال و ذلك وفقا لمسايرة المشرع الجزائري‬

‫الفقه و القضاء و تكريسه ذلك في المادة ‪ 28‬في فقرتها الثانية من القانون ‪ 02-04‬التي‬

‫حظرت اإلشهار المفضي إلى اللبس تكريسا لمبدأ النزاهة في الممارسات التجارية بين‬

‫األعوان االقتصادية و لحماية المستهلك التي تتضح من عبارة " يمكن أن يؤدي إلى‬

‫اال لتباس" بمعنى المشرع الجزائري اعتبر جريمة اإلشهار المفضي إلى اللبس جريمة مادية ال‬

‫يشترط لقيامها النية اإلجرامية الكامنة في الركن المعنوي ‪.‬‬

‫ج‪ .‬اإلشهار المضخم‬

‫هو ذلك اإلشهار الذي يفوق قدرة األعوان االقتصادية و الذي يؤثر على توازن عملية‬

‫العرض والطلب و ما يترتب عليها من هز ثقة المستهلك ‪ ،‬ويكثر هذا النوع من االشهارات‬

‫التي يتم اإلعالن عنها عبر الشبكة ‪.‬‬

‫و يترتب على اإلشهار المضخم نتائج سلبية تلحق بالمستهلك و يعدى ذلك ليشمل‬

‫المنافسين بغرض إقصائهم من السوق ‪.1‬‬

‫طبقا لنص المادة ‪ 28‬في فقرتها الثالثة من القانون ‪ 202-04‬يتضح أن العتبار‬

‫اإلشهار مضخما يجب توفر شرطان ‪:‬‬

‫• يجب أن يتضمن اإلشهار عرضا معينا لسلع أو خدمات الذي هو بذاته معيا ار للحكم‬

‫على حد تضخم العون االقتصادي وقت انعدام قدراته الحقيقية على التنفيذ ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ سارة عزوز ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ -77‬ص ‪. 79‬‬


‫‪ 2‬ـ المادة رقم ‪ ، 28‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫• عجز العون اال قتصادي عن توفير السلع أو ضمان الخدمة الواجبة التطبيق مقارنة مع‬

‫ضخامة اإلشهار ‪.‬‬

‫ونظ ار لألضرار التي قد تلحق بالمستهلك و تمس العون االقتصادي المنافس و‬

‫بالمنافسة النزيهة في السوق حظر المشرع الجزائري مختلف صور اإلشهار المضلل‪.‬‬

‫رابعا ‪.‬المعاير المعتمدة في اإلشهار التضليلي‬

‫لإلشهار التضليلي معيارين منبثقان عن آراء الفقهاء ‪ ،‬فهناك من اعتمد على المعيار‬

‫الموضوعي بينما الجانب اآلخر أخذ بالمعيار الذاتي ‪ ،‬وسوف نوضحهما كاآلتي ‪:‬‬

‫أ‪ .‬المعيار الذاتي (الشخصي)‬

‫يرى هذا الجانب من الفقه أن اإلشهار التضليلي يعتمد على المعيار الشخصي الذي‬

‫يرتكز على ذات الشخص المتلقي لإلشهار مع األخذ بعين االعتبار مدى يقظته فقد يكون‬

‫المستهلك الذي تم تضليله ضعيفا يفتقر الذكاء فيستوجب حمايه خاصة بمحدودي الفطنة ‪،‬‬

‫إال أنه يعاب على هذا المعيار لتطلبه استقصاء ذات المستهلك و إبراز نسبة نبهاته مما‬

‫يعيق القضاء على إثباته كونه يختلف باختالف الشخص‪. 1‬‬

‫ب‪ .‬المعيار الموضوعي‬

‫يعتمد أنصار هذا المعيار على تقييم التضليل دون االستناد على الظروف الشخصية‬

‫لمتلقي الرسالة اإلشهارية و تكمن حجتهم في االعتداد باإلشهار مضلال ما كان يمس‬

‫‪ 1‬ـ سعيدي خضرة ‪ ،‬المرحع السابق ‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪56‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫بالمستهلك العادي ذو مستوى ذكاء متوسط و الذي يمثل عامة الناس ذو ذكاء معين ال شديد‬

‫الفطنة و ال معدوم الذكاء ألنه كما يوجد شديدي الذكاء هناك سذج و مغفلين و أدى إلى‬

‫تضليله أو خداعه ذلك ألنهم يروا أن التشريعات ال يمكنها حماية الجميع ‪.‬‬

‫فيعتقد هذا الجانب من الفقه أنه ال يمكن الحكم بعدم شرعية اإلشهار ما إن صدقها‬

‫بعض من ضعفاء العقول و يعتمدون في ذلك على أن هناك إ ا‬


‫شهارت ال تعد مضللة كونها‬

‫تعد واضحة المبالغة كاإلشهار الذي يتضمن محتواه سيارة تسابق طائرة تشبيها بدرجة‬

‫سرعتها‪.‬‬

‫و يعد هذا المعيار أدق من حيث التطبيق فهو يسهل عمل القضاة من خالل إعفائهم‬

‫من التحري عن خفايا يصعب التحصل عليها فهذا المعيار يرمز للرجل العادي بكونه‬

‫متوسط ذكاء و عامة الناس عليه بحيث ال يتغير من شخص آلخر عكس حال المعيار‬

‫الشخصي السالف الذكر‪ ،‬ولهذا يعتمد القضاء الجزائري على هذا المعيار لما هو مناسب‬

‫لتقدير التضليل في الرسائل اإلشهارية لما يحققه من حماية المستهلك من اإلشهار المضلل‬

‫و كذا محافظة على جوهر اإلشهار‪.1‬‬

‫و عليه نستنتج من هذا المطلب أنه ليس كل نوع من اإلشهار مشروع قانونا و هذا ما‬

‫يتضح من قيام المشرع الجزائري باالعتداد باإلشهار الكاذب و اإلشهار التضليلي على أنهما‬

‫‪ 1‬ـ غريوج حسام الدين ‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪-107‬ص‪. 108‬‬


‫‪57‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫ممارسة تجارية غير نزيهة لما تترتب من آثار تعود بالضرر على المستهلك و حظرهما في‬

‫المادة ‪ 28‬من الباب الثالث المعنون "بالممارسات التجارية غير النزيهة" من القانون رقم‬

‫‪ 02-04‬السالف الذكر‪.1‬‬

‫في نهاية هذا الفصل حاولنا نزع الغموض الكامن في ذهن القارئ باإلجابة على‬

‫تساؤالته بشأن الممارسات التجارية غير النزيهة ‪ ،‬فقد تعرفنا على ماهية هذه الممارسات التي‬

‫توصف بالغير الشريفة لما تخالفه من األعراف السائدة بين التجار و التي يمكن تقسيمها إلى‬

‫صورتين ‪ " :‬ممارسات تجارية ضارة بالمنافس و أخرى ضارة بالمستهلك" ‪ ،‬األولى تشمل كل‬

‫تشويه مباشر أو غير مباشر لسمعة العون االقتصادي المنافس سواء في منتوجه أو خدماته‬

‫أو ذاته وتشمل أيضا كل تقليد للعالمات المميزة و استغالل المهارة التقنية و إغراء‬

‫للمستخدمين ‪...‬إلخ و الثانية تشمل كل إشهار غير مشروع (تضليلي أو كاذب) ‪.‬‬

‫و من وجهة نظر المشرع الجزائري و بتحليل منا ‪ ،‬اضح أن المعنيين بالممارسات‬

‫التجارية غير النزيهة هم أطراف عالقة التعاقدية المتمثلين في األعوان االقتصادية بالمعنى‬

‫الواسع الشامل للمنتجين؛ التاجرين ؛ الحرفين ؛ مقدمي الخدمات من جهة و المستهلكين من‬

‫جهة أخرى ‪.‬كما ميزنا هذه الممارسات عن تلك المشابهة بها كالممارسات التدليسية و‬

‫ممارسات تجارية غير شرعية و أخرى تعاقدية تعسفية بالرغم من الشبه الظاهر بينهما إال‬

‫أن باطن كل واحدة منهما مختلف عن األخر سواء من حيث المفهوم أو الجزاءات ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ المادة رقم ‪ ، 28‬القانون رقم ‪ ، 02-04‬المؤرخ في ‪ 23‬يونيو ‪ ، 2004‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬
‫‪ ،‬المشار إليها في ص ‪. 14‬‬
‫‪58‬‬
‫الفصل األول ـ ماهية الممارسات التجارية الغير نزيهة‬

‫و في األخير توصلنا إلى النتيجة التي تكمن وارء منع المشرع الجزائري الممارسات‬

‫التجارية الجزائرية في القانون رقم ‪ 02-04‬المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية‬

‫و حظرها التي تتمثل في حماية المصالح االقتصادية لكل من األعوان االقتصادية من‬

‫جانب المنافسة و المستهلكين من جانب الخداع و التضليل و كذا حماية مصالح اقتصاد‬

‫السوق بحد ذاته ‪.‬‬

‫‪59‬‬

You might also like