You are on page 1of 17

‫‪Route Educational and Social Science Journal‬‬ ‫‪ISSN: 2148-5518‬‬

‫‪Volume 5(3), ), March 2018‬‬


‫‪Article History‬‬

‫‪Received/Geliş‬‬ ‫‪Accepted/ Kabul‬‬ ‫‪Available Online/Yayınlanma‬‬

‫‪15 /12/2017‬‬ ‫‪31 /01/2018‬‬ ‫‪1/3/2018‬‬

‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫الجامعة المستنصرية ــــ كمية التربية االساسية‬

‫الملخص‬

‫تعد ظاىرة النزوح الداخلي واحدة من اكرب صدمات احلروب والعنف ‪ ،‬نظراً دلا سبثلو من هتديد كبَت على صعيد الفرد‬
‫واجملتمع‪ ،‬من حيث الشعور بفقداف اذلوية االجتماعية ‪ ،‬وفقداف اجملاؿ احليوي ادلطمئن وادلألوؼ ‪ ،‬كما اهنا مؤشراً على‬
‫رلموعة من التوترات واالضطرابات اليت تعًتي تآلف اجملتمع وسباسكو وتوازنو والوقوع يف عامل غريب يفتقر إىل مقومات‬
‫احلياة العادية ‪ ،‬فضال عن اجلانب النفسي وابعاده‪.‬‬

‫لذا جاءت مشكلة البحث احلايل بسبب ما يعانيو العراؽ من تزايد اعداد النزوح القسري السيما يف الفًتة االخَتة ودلا‬
‫ذلذا ادلوضوع من جوانب متعددة منها االقتصادية واالجتماعية والتعليمية والصحية‪ ،‬واعلها اجلانب اإلنساين ‪ ،‬وسبثلت‬
‫اعلية البحث يف توثيق ظاىرة النزوح ألقسري والوقوؼ على طريقة دلواجهة الضغوط ادلًتتبة بأثر تلك الظاىرة يف العراؽ‬

‫حاوؿ البحث التحقق من االىداؼ اليت تتمثل بوضع اىم االسًتاتيجيات اليت من شأهنا رفع الروح ادلعنوية لدى‬
‫النازحُت و اخلروج من االزمة النفسية اليت تعًتيهم من خالؿ الصمود النفسي اماـ تلك التحديات يف زلاولة لتقليل‬
‫آثارىا يف أقل تقدير من خالؿ وضع رلموعة اسًتاتيجيات ذلا عالقة مباشرة دبفهوـ مواجهة الضغوط والصمود النفسي‬
‫ازاءىا اذ ؽلثل الصمود النفسي بنية متعددة االبعاد لو مهارات خاصة من خالذلا يستطيع االفراد مواجهة األحداث‬
‫الصادمة يف احلياة‪ ،‬اىل اف خاصية الصمود لدى األنساف تساىم بشكل كبَت يف االستقرار واالتزاف النفسي بالرغم شلا‬
‫ؼلربه من احداث وزلن وضغوط نفسية يف ىذه ادلرحلة ‪ ،‬اعتمد البحث احلايل على ادلنهج الوصفي الذي يسعى اىل‬
‫ربديد الوضع احلايل للظاىرة ادلدروسة ومن مث وصفها ‪ ،‬وبالنتيجة فهو يعتمد دراسة الظاىرة على ما توجد عليو يف‬
‫الواقع ويهتم بوصفها وصفا دقيقا ‪ ،‬فدراسة اي ظاىرة ‪ ،‬او مشكلة تتطلب وصفا ذلذه الظاىرة واذلدؼ من تبٍت ىذا‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪302‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫النوع من البحوث ىو التوصل اىل فهم اعمق للظاىرة ادلدروسة ‪ ،‬وال يتوقف ىذا ادلنهج عند حدود وصف الظاىرة‬
‫واظلا يتعدى ذلك اىل التحليل والتفسَت وصوال اىل تعليمات ذات معٌت تزداد هبا ادلعلومات عن تلك الظاىرة ‪.‬‬
‫المقدمة ‪:‬‬

‫واجو اجملتمع العراقي الكثَت من االزمات والصراعات اذ تعرض أبناء ىذا البلد اىل الكثَت من مظاىر العدواف‬
‫واالعتداء بشىت انواعو‪ ،‬وقد خلفت ىذه الظروؼ أضراراً نفسيو خطَتة‪ ،‬اف مل تصبهم بادلوت فقد أصابتهم بعاىات‬
‫جسمية ‪،‬واضرار جسيمة ناصبة عن شلارسات العنف‪ ،‬واليت تعد انعكاسا للظروؼ السياسية واالقتصادية والثقافية اليت‬
‫تعرض ذلا اجملتمع بعد عاـ (‪ )2003‬حىت أخرىا احتالؿ مدينة ادلوصل على يد عصابات داعش اإلرىابية ‪ ،‬وما ترتب‬
‫عن ذلك من أثار مدمرة‪ ،‬سبثلت باالغًتاب وحاالت القتل والتهجَت والنزوح من مناطقهم الساخنة واالنتقاؿ القسري‬
‫اىل مناطق اخرى اكثر امنا ‪ ،‬وما يرافق ذلك من مشاعر عدـ التوازف واالستقرار‪ ،‬ومن مظاىر ىذه ادلمارسات التهجَت‬
‫القسري للمواطنُت إذ وضع اجملتمع العراقي اماـ سيل جارؼ من ادلعاناة‪ ،‬لتأيت بعد ذلك ظاىره غريبة على رلتمعنا‬
‫كرستها األحداث الس ياسية القائمة والوضع الراىن ىو االعتداء واعماؿ العنف وادلعاملة بعدائية والقسوة والًتىيب‪،‬‬
‫وظهرت يف رلتمعنا طبقة جديدة ىي طبقة النازحُت اليت خلفتها ظروؼ االرىاب واعماؿ العنف اليومية (التميمي‪،‬‬
‫‪)159 :2015‬‬

‫تعد ىذه الطبقة بأمس احلاجة اىل الدعم النفسي عموما ‪ ،‬واللوجسيت على وجو اخلصوص ‪ ،‬اذ تؤدي الطبيعة الطويلة‬
‫لنزوحهم اىل تفاقم وضعهم االنساين شلا ينتج عن ذلك معاناة وضغوطات نفسية تواجو واقعهم الذي يعيشونو‪ ،‬وعلى‬
‫الرغم شلا ربدثو احلرب من اثار سلبية وما تنتجو من ضغوطات نفسية ‪ ،‬اال اف ما شهده النازحوف من مواقف كارثية‬
‫قبل وبعد النزوح من اضطهاد وترىيب وسوء خدمات يفوؽ ما اصاب اي فئة من فئات الشعب العراقي‪،‬فالكل ؽلر‬
‫بضغوطات من خالؿ احلياة اليومية وىي حاضرة معنا باستمرار ‪ ،‬ومن خالؿ االحداث العامة اليت تواجهنا‪ ،‬ولكن‬
‫النازحُت ذلم احلصة االكرب من الضغوط ‪ ،‬وضعف االمن النفسي وقلة االنتماء االجتماعي‪ ،‬والظروؼ الصعبة اليت ؽلر‬
‫هبا النازحُت قسراً وما تشكلو من ضغوطات نفسية شديدة ‪ ،‬قد تًتتب عليو إخالؿ يف تركيبة توازنو النفسي‬
‫واالجتماعي ‪ ،‬قد تؤدي اىل خسارة قدرتو اجلسدية والنفسية على التحمل ‪،‬شلا قد يؤدي بالتايل اىل استنزاؼ طاقتو‬
‫وتدمَتىا‪ ،‬كما اف احلروب والصراعات واالزمات والكوارث جعلت االنساف يواجو منذ القدـ يف حياتو اليومية‬
‫ضغوطات ما زالت مستمرة معو حىت الوقت احلاضر تعكس طبيعة القلق الذي يعاين منو يف معتقداتو واظلاط حياتو‬
‫(النوري‪.)01: 5102 ،‬‬

‫ىذه التغَتات والتحوالت يف كافة اجملاالت االسرية واالجتماعية واالقتصادية تشكل ضغطاً على االنساف ‪ ،‬الذي يلجأ‬
‫اىل التوافق والتكيف معها واف تطور القدرات العقلية لإلنساف ضرورة تفرضها احلياة االجتماعية وذلك لبناء حياة‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪303‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫اجتماعية سوية شلا يستلزـ امتالؾ الكم الكبَت من ادلعارؼ وادلعلومات دلواجهة التحديات وادلشاكل اليت تواجو الفرد يف‬
‫احلياة االجتماعية بصورة مستمرة( البحَتي‪.)28 :2011 ،‬‬
‫وىنا يأيت دور علم النفس يف بناء الصمود النفسي بغية السعي للنهوض يف رلتمع ىو يف اشد احلاجة اىل ربقيق النمو‬
‫والتكامل لتغَت واقعو ومقاومة االنكسار اماـ تقاطر احملن والصعاب كي يكوف للعلم النفسي بصمة حقيقية جذورىا يف‬
‫اجملتمع العلمي وشبارىا يف اجملتمع بفئاتو ادلختلفة‪ ،‬ويعد الصمود النفسي االستجابة االنفعالية والعقلية اليت سبكن األنساف‬
‫من التكيف اإلغلايب مع مواقف احلياة ادلختلفة وتعرؼ اجلمعية األمريكية لألمراض النفسية الصمود النفسي بأنو عملية‬
‫التوافق اجليد وادلواجهة اإلغلابية للشدائد ‪ ،‬الصدمات ‪ ،‬النكبات ‪ ،‬أو الضغوط النفسية العادية اليت يواجهها البشر مثل‬
‫ادلشاكل األسرية ‪ ،‬ادلشاكل يف العالقات مع االخرين ‪ ،‬ادلشاكل الصحية اخلطَتة ‪،‬ضغوط العمل وادلشاكل ادلالية(‬
‫‪.)APA،2002:39‬‬
‫اف معظم الناس يوجد لديهم مستوى من الصمود النفسي ‪ ،‬أال أننا نعتقد اف فئة الشباب ىم اكثر احتياجاً للتدريب‬
‫على مكوناتو ومهاراتو اذا أُريد سبكينهم من االرتقاء واالزدىار الشخصي بالرغم من ضغوط احلياة وصدماهتا ويشَت‬
‫مصطلح الصمود النفسي ‪ psychological resilience‬يف علم النفس اىل ميل الفرد للثبات واحلفاظ على‬
‫ىدوئو واتزانو الذايت عند التعرض لضغوط ومواقف عصبية ‪،‬فضالً عن قدرتو على التوافق الفعاؿ وادلواجهة االغلابية ذلذه‬
‫الضغوط وتلك ادلواقف الصادمة واف علماء النفس يتعاملوف مع الصمود النفسي كعملية وليست حالة سلوكية سبيز الفرد‬
‫وؽلثل الصمود النفسي بنية متعددة االبعاد لو مهارات خاصة من خالذلا يستطيع االفراد مواجهة األحداث الصادمة يف‬
‫احلياة (‪.) :Rutter, 2008:87‬‬
‫مشكلة البحث‬

‫يعد عاـ (‪ )2014‬من اكثر االعواـ خطورة على اجملتمع العراقي‪ ،‬إذ يتواجد ىناؾ (‪ )25‬مليوف نازح يف العامل‪ ،‬ويف‬
‫العراؽ فقط نزح (مليوناف و‪ )400‬الف مواطن قسريا من زلافظات ( أطراؼ بغداد‪ ،‬نينوى‪ ،‬كركوؾ‪ ،‬دياىل‪ ،‬االنبار‪،‬‬
‫صالح الدين‪ ،‬وبابل) اليت تعرضت اىل اعماؿ عنف من قبل تنظيم داعش االرىايب والعصابات ادلتطرفة‪ ،‬ونزح (مليوف‬
‫و‪ )200‬الف عراقي اىل مدف اربيل ودىوؾ والسليمانية يف إقليم كوردستاف‪ ،‬والعدد ادلتبقي من النازحُت العراقيُت‬
‫منتشروف يف زلافظات وسط وجنوب العراؽ‪ ،‬والنازحُت يسكنوف يف بيوت لإلغلار ويف ادلخيمات وادلدارس واحلدائق‬
‫واذلياكل وربت اجلسور والبيوت العشوائية‪ ،‬والكنائس وادلساجد وادلزارات‪ ،‬إذ يعيشوف يف مأساة إنسانية حقيقية‬
‫ووضعهم متدىور وصعب جداً‪ ،‬ويفتقدوف اىل االحتياجات االساسية مثل (السكن ‪ -‬ادلاء ‪ -‬الغذاء ‪ -‬ادلستلزمات‬
‫الطبية ‪ -‬ادلالبس ‪ -‬قبوؿ الطلبة يف ادلدارس وادلعاىد واجلامعات ‪ -‬والوثائق الرمسية) واف تدفق ىذا العدد الكبَت اىل‬
‫ادلدف ادلستقبلة قد خلفت أزمة انسانية خطَتة يصعب تلبية االحتياجات االساسية إلغاثة ىؤالء القادمُت شلا يتطلب‬
‫جهد الدولة يف ذلك وقد أصبح العراؽ بادلرتبة الثانية من حيث أعداد النازحُت يف الشرؽ األوسط بعد سوريا‪ ،‬إذ نزح‬
‫يف بداية أحداث عاـ ‪( 2005‬مليوين) شخص مث عاد منهم (‪ )700‬ألف بعد عاـ ‪ ،2008‬ويوجد يف العراؽ اآلف‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪304‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫ما يقارب (مليوف و‪ 300‬ألف عراقي) نازح قسرياً من مناطقهم األصلية من زلافظات عدة‪ ،‬بسبب النزاعات واألزمات‬
‫السياسية والعنف والقتل على اذلوية إىل جانب تعرض األطفاؿ والنساء والفتيات للكثَت من االعتداءات يف إطار‬
‫أحداث احتالؿ مدينة نينوى العراقية وما اعقبها من احداث اخرى‪ ،‬وقد نزح إىل مدف إقليم كوردستاف ما بُت (‪350‬‬
‫إىل(‪ )400‬ألف شخص منهم‪ ،‬وقامت احلكومة من خالؿ وزارة اذلجرة وادلهجرين‪ ،‬ببناء (‪ )27‬رلمعا يف عموـ العراؽ‬
‫منذ عاـ(‪ ،)2009‬ويعيش ربع مليوف عراقي حالياً يف العشوائيات كإقامة مؤقتة وىي ال تصلح للعيش وقد نزح مليوناف‬
‫و(‪ )400‬الف شخص من سلتلف ادلدف العراقية‪ ،‬منهم (‪ )800‬الف طفل من مدف ادلوصل وسنجار وتلعفر وسهل‬
‫نينوى وبلدات زلافظة دياىل بسبب ارتفاع موجات العنف واالرىاب يف ىذه ادلدف واجلدوؿ (‪ )1‬يوضح ذلك‪.‬‬

‫جدول (‪)0‬‬
‫اعداد النازحين في المحافظات العراقية‬

‫اسم المكون‬ ‫المحافظة التي استضافتهم‬ ‫مدن النزوح‬ ‫العدد‬ ‫ت‬


‫عرب ديالى واالنبار‬ ‫كركوك‪،‬سليمانية‪،‬اربيل‪،‬بغداد‪،‬سامراء‪،‬واسط‪،‬كربالء‪،‬النج‬ ‫موصل‪،‬تكريت‪،‬د‬ ‫(‪)001111‬‬ ‫‪0‬‬
‫والموصل وصالح الدين‪.‬‬ ‫فالديوانية‬ ‫يالى‪ ،‬االنبار‬ ‫عائلة‬
‫مسيحي‬ ‫اربيل‪،‬دهوك‪،‬سليمانية‪،‬بغداد‪،‬اربيل‪ ،‬دهوك‪ ،‬سليمانية‪،‬‬ ‫سهل نينوى‬ ‫(‪)00111‬‬ ‫‪5‬‬
‫بغداد‪،‬اربيل‪ ،‬دهوك‪،‬سليمانية‪ ،‬بغداد‬ ‫عائلة‬
‫تركماني‬ ‫اغلب المدن العراقية‬ ‫تلعفر‪ ،‬كركوك‬ ‫(‪)20111‬‬ ‫‪0‬‬
‫عائلة‬
‫يزيديين‬ ‫دهوك‪،‬اربيل‪،‬بغداد‬ ‫سنجار‬ ‫(‪)31111‬‬ ‫‪1‬‬
‫عائلة‬
‫شبكي‬ ‫اغلب المدن العراقية‬ ‫مدن محافظة‬ ‫(‪)00111‬‬ ‫‪2‬‬
‫نينوى‬ ‫عائلة‬
‫صابئي مندائي‬ ‫اغلب المدن العراقية‬ ‫المدن الجنوبية في‬ ‫(‪)051‬‬ ‫‪3‬‬
‫بغداد‬ ‫عائلة‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪305‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫أهمية البحث ‪:‬‬

‫تػػأيت أعلي ػػة البح ػػث احل ػػايل م ػػن اخلطػػورة ال ػػيت تنط ػػوي عليه ػػا ظ ػػاىرة الن ػػزوح بوصػػفها مؤش ػراً عل ػػى رلموع ػػة م ػػن الت ػػوترات‬
‫واالضطرابات اليت اعًتت تآلف اجملتمع وسباسكو وإصباعو وتوازنو‪ ،‬ودالة على االنقساـ والتناقض يف ادلصاحل وادلعتقدات‪،‬‬
‫من شأنو ‪ -‬أي النزوح ‪ -‬إغلاد الشك وسوء الظن بُت صباعة معينة سواء أكانت (عشَتة أو طائفة) تعػرب عػن نفسػها ب ػ‬
‫(ضلن) وباآلخر الذي ؽلثل أيضا صباعةً أخرى يسودىا الشعور باالنتماء لبعضها وزبتلف عػن األوىل بػبعض خصائصػها‪،‬‬
‫شلا يؤدي إىل اختالؿ الشعور باالنتماء الوطٍت وتنامي الشعور باالنتماءات التقليديػة مػن طائفيػة وعشػائرية ويعيػد ترتيػب‬
‫التجمعػػا ت الدؽلغرافي ػػة عل ػػى ش ػػكل سب ػػاثالت تزيػػد م ػػن التج ػػانس ض ػػمن ادلنطق ػػة اجلغرافيػػة الواح ػػدة كم ػػا تزي ػػد م ػػن ع ػػدـ‬
‫التجػانس (التبػػاين) علػى مسػػتوى اجملتمػػع األكػرب شلػػا يركػػز ثقافػات فرعيػػة متعػددة ويضػػعف ادلشػػًتكات الػيت تكػػوف اإلطػػار‬
‫الثقايف العاـ للمجتمع‪ .‬غَت أف شبة أسباباً أخرى أضفت على زلاولة الولوج يف ىذا ادلوضوع أعلية خاصة‪ ،‬تتلخص على‬
‫النحو اآليت‪:‬‬

‫‪ -1‬يكتسػػب البحػػث احلػػايل أعليتػػو العلميػػة مػػن خػػالؿ قيامػػو بتوثيػػق الظػػاىرة مػػدار البحػػث‪ ،‬ومػػا انطػػوت عليػػو ىػػذه‬
‫الظػاىرة مػػن أحػػداث وتفػػاعالت غػػَت مسػػبوقة جعػػل مػن دراسػػتها والبحػػث يف مضػػامينها ضػػرورة علميػػة‪ ،‬فضػالً عػػن‬
‫ضرورهتا األخالقية واألدبية‪.‬‬
‫‪ -2‬يستمد ىذا البحث أعليتو من اتساع االىتماـ الرمسي وغَت الرمسي بظاىرة النزوح‪ ،‬فضالً عن كوف ىذه الظاىرة سبثل‬
‫مفروغ من تداعياتو‪.‬‬ ‫حدثاً آنياً غَت ٍ‬
‫‪ -3‬ىناؾ اعتبارات علمية تضػفي علػى ىػذا ادلشػروع أعليػة خاصػة تتمثػل بقلػة الدراسػات الػيت تناولػت ىػذا اجلانػب مػن‬
‫ظاىرة النزوح ‪ ،‬ولعل السبب يف ذلك‪ ،‬إهنا ظاىرة غَت مسبوقة ‪ ،‬على أية حاؿ ‪.‬‬
‫اهداف البحث ‪ :‬يستهدف البحث تعرف ‪:‬‬
‫‪ 0‬ـ مفهوـ الصمود النفسي‬
‫‪ 5‬ـ العوامل ادلؤثرة يف الصمود النفسي‬
‫‪ 0‬ـ ـ سبل تعزيز الصمود النفسي‬
‫منهجية البحث ‪:‬‬
‫اعتمد البحث احلايل على ادلنهج الوصفي الذي يسعى اىل ربديد الوضع احلايل للظاىرة ادلدروسة ومن مث وصفها ‪،‬‬
‫وبالنتيجة فهو يعتمد دراسة الظاىرة على ما توجد عليو يف الواقع ويهتم بوصفها وصفا دقيقا ( ملحم ‪:2000 ،‬‬
‫‪)324‬‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪306‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫فدراسة اي ظاىرة ‪ ،‬او مشكلة تتطلب وصفا ذلذه الظاىرة واذلدؼ من تبٍت ىذا النوع من البحوث ىو التوصل اىل‬
‫فهم اعمق للظاىرة ادلدروسة ‪ ،‬وال يتوقف ىذا ادلنهج عند حدود وصف الظاىرة واظلا يتعدى ذلك اىل التحليل والتفسَت‬
‫وصوال إىل تعليمات ذات معٌت تزداد هبا ادلعلومات عن تلك الظاىرة ( داود‪)159 :1990 ،‬‬

‫مفهوم الصمود النفسي ‪:‬‬

‫ينظر اىل الصمود النفسي على انو عملية دينامية سبكن االفراد من اظهار تكيف سلوكي عندما يواجهوف مواقف‬
‫عصبية او صادمة او مأساوية او هتديد او حىت مواقف ضاغطة (‪، Cicchetti ،Becker , 2000: 127‬‬
‫‪.)Luthar‬‬

‫فالصمود دبعناه الطبيعي بناء وافد من علم ادلواد ويصف ادلواد اليت تستعيد خواصها بعد التعرض للطرؽ او التمدد‬
‫او االنكماش وغَتىا من ادلؤثرات اخلارجية ‪،‬وىو ادلعٌت نفسو الذي ػلملو الصمود يف علم النفس اذ يعٍت القدرة على‬
‫استعادة الفرد لتوازنو بعد التعرض للمحن والصعاب ‪ ،‬بل قد يوظف ىذه احملن والصعاب لتحقيق النمو والتكامل ‪،‬‬
‫وىو بالتايل مفهوـ دينامي ودياليكتيكي ػلمل يف معناه الثبات ‪،‬كما ػلمل احلركة ( االعسر ‪.)11: 2012،‬‬

‫و يتضمن الصمود النفسي بعدين علا‪:‬‬

‫‪ .1‬التعرض للمتاعب وادلصائب واالزمات والصدمات‪.‬‬

‫‪ .2‬التوافق االغلايب معها شلا يرتب نواتج اغلابية ( ‪.)Rutter :2008: 93‬‬

‫أف ىذا ادلفهوـ ثنائي البعد يتضمن نوعُت من االحكاـ‪:‬‬

‫النوع األوؿ‪ :‬التكيف والتعديل االجتماعي ‪.Positive adaptation‬‬

‫النوع الثاين‪ :‬داللة ومعٌت اخلطر(الصعوبات واحملن واالحداث الصادمة)‪.‬‬


‫عرفتو ادلوسوعة الربيطانية )‪ ) Encyclopedia Britannica 2004‬بأنو القدرة على الصمود وادلقاومة أماـ الصدمات‬
‫دوف انكسار أو تشوه أي دبعٌت السعي السًتداد العافية والتوافق بسهولة بعد التعرض للمحن والصدمات أو التغَتات ‪ ،‬وؽلثل‬
‫الصمود النفسي بنية متعددة االبعاد لو مهارات خاصة من خالذلا يستطيع االفراد مواجهة األحداث الصادمة يف احلياة‪ ،‬ويشَت‬
‫كاردس (‪ )1998‬اىل اف خاصية الصمود لدى األنساف تنشق مع قابلية التغيَت يف الطبيعة وتغَت الفعل االنساين واالجتماعي وىذا‬
‫الوضع يستلزـ مهارة وابداع وتشديد يف الفكر والسلوؾ كما تتضمن التكييف االجتماعي(خرنوب‪.)98: 2010،‬‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪307‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫اف كل فرد قادر على تنمية الصمود سوؼ يكوف اكثر قدرة على التعامل بكفاءة مع الضغوط والتوترات ‪ ،‬وعلى مواجهة التحديات‬
‫اليومية ‪،‬وعلى التعايف عند مواجهة الصدمات واحملن ‪ ،‬ووضع اىداؼ واقعية ‪ ،‬وعلى حل مشكالتو ‪ ،‬والتواصل بكفاءة مع الغَت‬
‫وحُت نتأمل السبب وراء معاناة الكثَت من االفراد صلد اهنم اضاعوا وقتهم وجهدىم يف اصالح القصور وليس يف بناء ادلقومات‬
‫االغلابية للصمود ‪ ،‬اف التخفيف من االعراض ال يعٍت وال يتكافئ مع تغيَت النتائج على ادلدى الطويل فضالً عن اف خصائص‬
‫الصمود اليت نتجت عن الدراسات العلمية ؽلكن اف ربمي االفراد ادلعرضُت للخطر (جولدستُت‪ ،‬بروكس‪.)77: 2010،‬‬

‫كما يتضمن ا لصمود النفسي معٌت القدرة العاطفية وقد استخدـ لوصف االشخاص الذين يظهروف شجاعة وتكيف يف‬
‫سوء احلظ يف احلياة (‪)Wagnild,G,&Young,1993:146‬‬

‫وقد اكدت روتر( ‪ )1990‬على اف الصمود النفسي عامل ػلمي االفراد من االضطرابات النفسية ويصف االفراد‬
‫الصامدين على اهنم ؽلتلكوف اال ؽلاف‪ ،‬واحًتاـ الذات ‪ ،‬الكفاءة ‪ ،‬مهارات حل ادلشكالت وعالقات شخصية مشبعة اما‬
‫ايزنك (‪ ) 1984‬وَكايالف (‪ ) 1990‬وبَتدسلي (‪ )1989‬وصفوا الصمود النفسي على انو ثقة بالذات ‪ ،‬حب‬
‫االستطالع ‪ ،‬انضباط للذات ‪،‬احًتاـ للذات ‪ ،‬السيطرة او السيادة على البيئة)شاىُت ‪.)78: 2013 ،‬‬

‫صور كادنر (‪ ) 1989‬الصمود النفسي على انو قدرة الفرد على اجراء ( أرتداد نفسي اجتماعي يف احملن ) وعرؼ‬
‫الصمود على انو يشمل قوة لالنا (فاعلية كل وظائف االنا يف ربسُت التكيف عند الكائنات احلية مع البيئة )‪.‬‬

‫اغلب الدراسات افًتضت اف الشخص الصامد ؽليل اىل اظهار سلوؾ تكيفي وخصوصاً يف رلاالت العمل االجتماعي‬
‫‪ ،‬واالخالؽ والصحة اجلسدية كدراسة )‪ Wagnild,G,&Young(,1990‬وصفوا النساء الصامدات على‬
‫اهنن ناشطات اجتماعياً وػلرزف درجات متوسطة اىل عالية على قياس الرضى عن احلياة ‪ .‬اف مواجهة االفراد للصعاب‬
‫وربدي ادلستحيل لتحقيق فرص احلياة ‪ ،‬ىؤالء االفراد ىم الذين سجلوا مسَتة التقدـ والتطور ونقلوا صور احلياة البدائية‬
‫اىل التقدـ والتكنلوجيا(العبيدي ‪.) 3: 2007،‬‬

‫يعد الصمود النفسي مصدر مهم ورئيسي للمقاومة ؽلكنو معادلة االثار السلبية احملتملة من الضغوط والصدمات‬
‫واالزمات والصعوبات وادلشاكل ( دخاف واحلجار ‪)370 : 2006 ،‬‬

‫يرتبط الصمود النفسي بقدرة الفرد على التكيف ووعيو بالظروؼ احمليطة ‪ ،‬فهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بشخصية الفرد‬
‫ويعد من اىم جوانب التكيف االغلايب ومسات الشخصية االغلابية فالصمود النفسي يعترب ألية حل ادلشكالت يف‬
‫الوقت احلاضر واف كنا مل نعد ظللك التحكم يف ضغوطات احلياة اليومية واليت تواجهنا من كل اذباه‪ ،‬لكننا ظللك أليات‬
‫نفسية للصمود واليت ربتاج للتنمية‪(Richardson ,2002:30 ).‬‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪308‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫اف االشخاص الصامدين يوصفوف بأهنم ؽلتلكوف الكثَت من الصفات واالفراد حيث ؽلتلكوف تقدير الذات ‪ ،‬الثقة‬
‫بالنفس ‪ ،‬ضبط الذات ‪،‬التفاؤؿ يف مواجهة احملن والصعاب ‪ ،‬أالمل ‪،‬قدرة معرفية تفوؽ ادلتوسط (‪Lundman ,‬‬
‫) ‪ 2007‬واف الصمود ينمو ويتم دعمو عرب مدى واسع من الضغوط البيئية ‪ ،‬والضغوط ادلرتبطة دبراحل النمو‪،‬االمراض‬
‫واالحداث الضاغطو ‪،‬وىذه االستنتاجات تزيد من فهمنا للفروؽ الفردية باالستجابة لنفس الضغوط ‪،‬ولقد مت ربديد‬
‫بعض العوامل اليت تسهم يف تشكيل الصمود ‪،‬فهنالك عوامل معرفية(سبثل القدرة على حل ادلشكالت‪،‬التفاؤؿ‬
‫‪،‬االحساس والتماسك يف مواجهة الضغوط )واخرى بيئية ( سبثل احداث احلياة السلبية ‪،‬االمن االسري وادلشاركة‬
‫االجتماعية ‪،‬وجود تاريخ من النجاح )‪)Tusaie,puskar&Sereikd,2007: 97‬‬

‫ميز يونج الشخص الذي لديو صمود نفسي بأنو ػلاوؿ اف يتطور ويتوسع ويتغَت ضلو االفضل ‪،‬أما الشخص العاجز‬
‫ىو الشخص الذي يتحرؾ اىل الوراء ويبقى حبيس ادلاضي ويتوقف عن احلركة والتوسع ضلو ادلستقبل ‪،‬اف مايزيد الفرد‬
‫صموداً وغلعلو اكثر قدرة على تغيَت االوضاع ىو دبواجهتها من خالؿ التوجو ضلو ادلستقبل وادلساندة وادلشاركة والتعاوف‬
‫وااللتزاـ وربمل ادلسؤلية(دسوقي ‪.)369 :1969،‬‬

‫اكد ايركسوف ) ‪ ( Erikson‬على عدة خصائص للشخصية الصامدة يف زبطي االزمات وىي أالمل )‪(Hope‬‬
‫واحلب )‪ (Love‬واذلدؼ )‪ (Goal‬والصالبة )‪ (Hardness‬واالرادة )‪ (Will‬واالىتماـ )‪ (Care‬واحلكمة‬
‫)‪ (Wisdom‬اليت تساعد الفرد يف التخلص من مشاعر اليأس والعجز وتدفعو اىل ازباذ دوره يف مواجهة الظروؼ‬
‫الصعبة وربرره من الصراع وتدعم قرراتو وطاقاتو واستثمارىا اىل اقصى حد شلكن على اف يتقن عملو برباعو وسبيز واف‬
‫ؽلتلك نظرة وفلسفة واضحة عن احلياة واف ؼلطط دلستقبلة وغلعل حلياتو ىدؼ ومعٌت (شلتز‪.)144: 1982 ،‬‬

‫وتشَت الكثَت من الدراسات اىل أف الصمود النفسي ؽلكن اف يتغَت من فرد ألخر كما ؽلكن اف يتغَت داخل الفرد نفسو‬
‫تبعاً للمرحلة العمرية اليت ؽلر هبا شلا يستوجب تكثيف اجلهود البحثية اليت تتناوؿ مفهوـ الصمود النفسي يف كل مرحلة‬
‫من مراحل النمو ادلختلفة اليت ؽلر هبا الفرد خالؿ حياتو والسيما مرحلة الشباب بأعتبارىا مرحلة يسعى الفرد فيها‬
‫الوصوؿ اىل حالة من االستقرار واالتزاف النفسي بالرغم شلا ؼلربه من احداث وزلن وضغوط نفسية يف ىذه ادلرحلة(‬
‫ابراىيم‪.)41 :2009 ،‬‬

‫يشَت مفهوـ الصمود النفسي من وجهة نظر انصار ادلدرسة االنسانية يف علم النفس اىل قدرة الفرد على العيش‬
‫واالزدىار وربقيق ذاتو بالرغم من التعرض للضغوط واالحداث الصادمة بل ردبا بسبب ىذه الضغوط واالحداث‬
‫العصيبة‪ ،‬وغالبا ما يعترب الشخص الذي يتمتع بالصمود النفسي الضغوط وادلشكالت فرصاً للنمو واالرتقاء الشخصي‪،‬‬
‫دبعٌت اخر ال يبدو االفراد ذوي الصمود النفسي قادروف على مواجهة االحداث الضاغطة وادلواقف العصيبة بصورة‬
‫اغلابية وفقط‪ ،‬بل ويعتربوهنا ربديات وفرص ال تعوض للتعلم واالرتقاء الشخصي‪ ،‬ومن مث يصح القوؿ اف الصمود‬
‫النفسي يتكوف نفسياً بتجاوز قدرة االفراد على ادلواجهة او التوافق االغلايب مع ادلصاعب واالحداث الصادمة‪ ،‬فالصمود‬
‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬
‫‪309‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫النفسي فرصة وقدرة لألفراد لإلحبار وبطريقة اغلابية يف مسار توظيف ادلصادر النفسية واالجتماعية والبدنية والثقافية‬
‫للمواجهة والتوافق االغلايب الفعاؿ مع الضغوط واحداث احلياة الصادمة مع احملافظة على اذلدوء واالتزاف النفسي اف‬
‫التأثَتات السلبية ذلذه الضغوط واالحداث الصادمة والعودة سريعاً اىل االحساس جبودة الوجود الذايت او ما يصح‬
‫تسميتو التنعم الذايت) ‪.(Ungar , 2004: 64‬‬

‫فالصمود النفسي واحد من اىم مفاىيم علم النفس االغلايب و ىو علم دراسة الفضائل ومكامن القوة اليت سبكن‬
‫االفراد واجملتمعات من االزدىار والرفاىية والتطور ‪.‬والتدفق من احسن حاالت الذكاء الوجداين ألنو ؽلثل أقصى درجة‬
‫يف تعزيز االنفعاالت اليت زبدـ االداء والتعلم فإذا أستطاع شخص الدخوؿ اىل منطقة التدفق فأف انفعاالتو تعزز االداء‬
‫‪،‬ألهنا تكوف رلرد انفعاالت وعواطف تنساب يف اذباه معُت ‪ ،‬بل تكوف انفعاالت اغلابية ‪ ،‬مليئة بالطاقة واحليوية ‪،‬‬
‫تنظم قواىا مع ما غلري من نشاط راىن واذا حدث وسبلك الفرد ادللل أو االكتئاب أو التوتر فأف ذلك ػلوؿ دوف‬
‫تدفق ادلشاعر (الصبوه‪. )2010:66،‬‬

‫ويرتبط الصمود النفسي دبفاىيم سيكولوجية كثَتة ومنها‪( :‬التكيف ‪ ،adaptation‬الصعاب‬


‫‪،difficulties‬الصالبة ‪ ،hardness‬ادلرونة ‪ ،flexibility‬االحساس بالتماسك ‪،sense of coherence‬‬
‫تقدير الذات ‪ ،self-esteem‬فعالية الذات ‪ ،self- efficacy‬مفهوـ الذات ‪ ،self-concept‬التوجو لنحو‬
‫احلياة ‪ ،life- orientation‬الذكاء االنفعايل ‪ ،emotional intelligence‬االزدىار والرفاىية‬

‫اذ اشارت دراسة (‪ Siemens، )2008‬اىل وجود عالقة ارتباطية ودالو احصائياً بُت الصمود النفسي وكل من‬
‫التفاؤؿ وتقدير الذات ودراسة ( ‪ Lopez , et al,( 2004‬ودراسة (‪ Chan ،( 2000‬اليت توصلت اىل اف‬
‫الصمود النفسي يعد متغَتاً ملطفاً او سلففاً من الضغوط اليومية وعندما ننظر يف علم النفس اىل مصطلح الصمود‬
‫النفسي صلد معناه يشبو ادلعٌت يف عامل البناء والتشييد حيث يوصف ادلواد اليت تستعيد خواصها بعد التعرض للطرؽ‬
‫والتمدد او االنكماش ‪ ،‬وغَتىا من ادلؤثرات اخلارجية ‪ ،‬وىو ادلعٌت نفسو الذي ػلملو الصمود النفسي يف علم النفس اذ‬
‫يعٍت القدرة على استعادة الفرد لتوازنو بعد التعرض للمحن والصعاب ‪ ،‬بل وقد يوظف ىذه احملن والصعاب لتحقيق‬
‫النمو والتكامل ‪ ،‬وىو بالتايل مفهوـ ػلمل يف معناه الثبات ‪،‬كما ػلمل احلركة( فخري ‪.)12: 2012،‬‬

‫العوامل المؤثرة في الصمود النفسي‬

‫لكي نستدؿ على الصمود البد من توافر شرطُت اساسيُت‪:‬‬

‫اوالً علينا اف ضلكم عليو بأنو " يعمل جيداً او أفضل من اجليد "‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪310‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫ثانياً اف يكوف ىناؾ ظروفاً معيقو سبثل هتديداً على نتاجو اجليد‪ ،‬فالصمود ؽلثل بناءً ثنائياً يتحدد من خالؿ التعرض‬
‫للمحن بشكل مستمر‪ ،‬وأظهار التكيف الناتج يف مواجهتها‪ ،‬واالفًتاض االساسي يف دراسات الصمود ىو وجود بعض‬
‫االشخاص الذين ينجزوف جيداً رغم تعرضهم للمواقف اخلطرة والصعبة‪ ،‬يف حُت يفشل البعض االخر بالتكيف‬
‫(البحَتي‪. )25 :2011،‬‬

‫اذف نستنتج من ذلك اف الصمود النفسي البد اف يكوف قباؿ ظروؼ صعبة ‪ ،‬من خالذلا يتمكن الفرد من عبورىا فهو‬
‫ال يأيت يف الرخاء ‪.‬‬

‫فهنالك رلموعة من العوامل اليت ؽلكن مالحظتها وقياسها لتحديد درجة صمود الفرد ومنها ‪:‬كيفية تفاعل الفرد مع‬
‫ادلواقف واالحداث اليت يتعرض ذلا بكل مالديو من جوانب اغلابية معرفية (تفاؤؿ ‪ ،‬نظرة اغلابية لالحداث)‬
‫ووجدانية(الرضا ) عن الذات ‪،‬الشعور بالسالمة الداخلية ‪ ،‬الطمأنينو واذلدوء النفسي ‪،‬ومفهوـ ذات اغلايب (ربقيق‬
‫اىداؼ واقعية على أرض الواقع ‪،‬تفاعل اغلايب مع البيئة احمليطو ‪ ،‬ودور فعاؿ اغلايب ذباه اجملتمع ومن خالؿ بيئة اسرية‬
‫متماسكة ايضاً تقوـ بوظيفتها االجتماعية والنفسية ‪ ،‬ومعايَت وعادات أجتماعية تؤكد العدالة االجتماعية وثقافة تنمي‬
‫القيم االخالقية واجلمالية بأسلوب متزف ‪ ،‬وبناء على تفاعل تلك العوامل رلتمعة مع بعضها البعض فأف الصمود منتج‬
‫حملصلة اجلوانب االغلابية للفرد والبيئة احمليطو وليس مسة يتسم هبا الفرد عن أخر ‪ ،‬ويقاس الصمود النفسي من خالؿ‬
‫ربقيق الفرد لنواتج أغلابية مصاحبة أوالحقة للصعوبات أوللمحن (فخري‪.) 2012:3 ،‬‬

‫النظرية التي فسرت مفهوم الصمود النفسي‬

‫نظرية ريتشاردسون (‪) 0001‬‬

‫تعد ىذه النظرية من أوائل النظريات ادلفسرة للصمود النفسي الذي افًتض ما مساه "النظرية العليا للصمود"‪ ،‬واليت‬
‫تطورت من خالؿ ثالث مراحل سلتلفة يف البحث يف الصمود‪:‬‬

‫ادلرحلة االوىل‪ :‬اخلصائص ادلميزة للناس الذين يتأقلموف او يتكيفوف بشكل فعاؿ وينموف خالؿ جو من التمزيق‬
‫والتشويش‪.‬‬

‫ادلرحلة الثانية‪ :‬درست العمليات اليت يكتسب من خالذلا الناس ىذه اخلصائص‪.‬‬

‫ادلرحلة الثالثة‪ :‬كانت يف معرفة الصمود وقدرتو على النمو والتطور‪.‬‬

‫وقد عرؼ الصمود النفسي على انو " قوة يف داخل كل واحد وىي اليت تقودىم يف البحث عن ربقيق الذات‪ ،‬االيثار‪،‬‬
‫احلكمة‪ ،‬والصدؽ واف يكوف يف حالة انسجاـ مع ادلصدر الروحي للقوة"(‪.)Richardson,1990: 80‬‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪311‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫إف االفًتاض االساسي ذلذه النظرية ىو فكرة اف التوازف البايولوجي – النفسي – الروحػ ػ ػ ػػي (االستقرار الداخلي)‪،‬‬
‫والذي يسمح لنا بالتكيف (اجلسم والعقل والروح) مع ظروفا حلياة احلالية‪ .‬إف التوازف الداخلي يتعرض بصورة مستمرة‬
‫للكثَت من الضغوط‪ ،‬االحداث العصيبة واحداث احلياة ادلتوقعة وغَت ادلتوقعة او" االحداث العاجلة يف احلياة "واف‬
‫ىذه الضغوط تؤثر يف قدرة الفرد على التكيف ومواجهة ىذه االحداث يف احلياة تتأثر بصفات الصمود واف عملية‬
‫اعادة التكامل تؤدي اىل واحدة من اربع نتائج او سلرجات‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫‪ .1‬اعادة التكامل ادلرف‪ ،‬حيث اف التكيف يؤدي اىل مستوى عايل من االتزاف الداخلي‪.‬‬

‫‪ .2‬العودة اىل نقطة االساس او اخلط القاعدي للتوازف الداخلي‪ ،‬لنقل االرباؾ او التشويش اىل الوراء‪.‬‬

‫‪ .3‬االسًتجاع مع الضياع‪ ،‬أي الشفاء عند اخلسارة مكوناً مستوى واطىء من التوازف الداخلي‪.‬‬

‫‪ . 4‬حالة خلل وظيفي‪ ،‬حيث اف االسًتاتيجيات السيئة التكيف (على سبيل ادلثاؿ السلوكيات ادلدمرة للذات قد‬
‫استخدمت للتكييف مع الظروؼ الضاغطة‪ ،‬لذلك فالصمود قد ينظر اليو على انو نتاج للقدرات التكيفية الناجحة‪.‬‬

‫إف إعادة التكامل يتضمن عيش او ذبريب االستبصار او النمو من خالؿ االرباؾ او التشويش‪ ،‬ينتج عن اعادة التكامل‬
‫من خالؿ ذبديد او تعريف او تقوية اخلصائص اخلاصة بالصمود‪ ،‬ففي ظلوذج الصمود فقد اظهر على انو اسهم وقائية‬
‫اضافية تتعامل مع ضاغطات احلياة ‪ ،‬إف اساس او جوىر اعادة التكامل بالنسبة للتوازف الداخلي ىو يف التعايف والشفاء‬
‫ونقل االرباؾ اىل الوراء ‪،‬كما انو يف بعض احلاالت قد ال يكوف خياراً يف مواقف مثل بعض اخلسارة او الفقداف‬
‫اجلسدي الدائمي‪ ،‬االنتقاؿ او موت شخص عزيز‪ ،‬أف التعايف مع الفقداف يعٍت اف الناس يتخلو عن بعض التحفيز‪ ،‬او‬
‫األمل بسبب ادلتطلبات اخلاصة دبكونات احلياة‪.‬‬

‫أف النظرية تؤكد على أليات تأقلمية تتولد دلعاجلة ادلخاطر اليت هتدد السالمة والتماسك النفسي واليت تتأثر باألحداث‬
‫وىي‪:‬‬

‫قدرة الذات على التمييز‪ ،‬والتأقلم‪ ،‬واالندماج‪ ،‬والًتابط الداخلي مع الذات واالخرين ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مصادر االنا (‪ ،)Ego‬ضرورية ألجل سد االحتياجات النفسية بطريق ناضجة (مثالً القدرة على مراقبة‬ ‫‪‬‬
‫الذات باستعماؿ مهارات اجتماعية وفكرية للحصوؿ على عالقات وضباية النفس )‪.‬‬
‫تطبيق احتياجات نفسية مركزية(‪.)Richardson,2002: 59‬‬ ‫‪‬‬
‫حسب النظرية فأف ريتشارسوف يعتقد أف االرباؾ‪ ،‬والتشويش مطلوب للوصوؿ اىل مكونات االستقرار الف‬
‫االستقرار(اجلسدي النفسي الروحي) وحدهُ ال يوفر متطلبات التحسن والنمو‪ ،‬كما أف النظرية مل ربدد أف ىنالك أطار‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪312‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫وقيت يتوقع من ضمنوُ أف ربدث ىذه العمليات (االستقرار)‪ ،‬فقد ربدث العملية خالؿ ثواين مع االمور الثانوية‪ ،‬أو‬
‫خالؿ سنوات مع بعض االحداث‪ ،‬وقد تؤجل‪.‬‬

‫العوامل المؤثرة في الصمود النفسي من وجهة نظر ريتشاردسون‬

‫يعتقد (ريتشاردسوف ‪ )1990‬اف ىنالك رلموعة من العوامل اليت تؤثر يف الصمود النفسي‬

‫العامل االوؿ‪ :‬العامل التعويضي‪ :‬ىو العامل الذي يقضي على تأثَت التعرض للخطر‪ ،‬فهو لن يتفاعل مع‬
‫عامل خطر واظلا بدالً من ذلك يكوف لو تأػثَت مباشر ومستقل عن ذلك‪.‬‬

‫العامل الثاين‪ :‬عامل التحدي‪ :‬وىنا عامل اخلطر او العامل الضاغط يعامل على انو عامل زلسن ويساعد على التكيف‬
‫ألنو ليس شديداً او زائداً عن احلد‪ ،‬اف الضغوط الصغَتة جداً ال تكوف متحدية بشكل كاؼ بالنسبة للفرد‪ ،‬وادلستويات‬
‫العالية جداً من الضغوط ينتج عنها خلل وظيفي‪ ،‬اما ادلستويات ادلتوسطة من الضغط تقدـ ربدياً عندما تتغلب عليها‬
‫فأهنا تقوي من الكفاءة‪ ،‬فإ ذا مت التعامل مع التحدي بشكل ناجح فأنو يساعد يف اعداد وهتيئة الشخص لصعوبة‬
‫قادمة‪ ،‬اذا كانت اجلهود غَت ناجحة فأف الفرد يصبح عرضة وبشكل متزايد للخطر‪ ،‬اف الصمود النفسي يتطور ليس‬
‫من خالؿ ذبنب ادلخاطر او اخلطر ولكن من خالؿ االطلراط الناجح معها‪.‬‬

‫العامل الثالث‪ :‬العامل الوقائي‪ :‬يتفاعل العامل الوقائي مع عامل اخلطر من اجل تقليل احتمالية النتائج السلبية‪ ،‬فهو‬
‫يعدؿ من العملية التفاعلية اليت تساعد يف سبييز وربديد " التفاعالت ادلتعددة او النتائج ادلؤازرة حيث فيها احد ادلتغَتات‬
‫ؽللك تأثَتا يف االخر"( (‪)Richardson,2002: 61‬‬

‫استراتيجيات مواجهة االزمة وعوامل تنمية الصمود النفسي‬

‫تشَت عدة دراسات اىل وجود عدد من العوامل اليت تساعد على تنمية وزيادة الصمود النفسي ومن مث تساعد االفراد‬
‫على ذباوز االحداث واحملن والتعايف منها‪ ،‬ومن ىذه العوامل‪:‬‬

‫‪‬التوافق االغلايب ومواجهة الضغوط بالطرؽ السوية‪.‬‬

‫‪‬اكتساب مهارات حل ادلشكالت‪.‬‬

‫‪‬القدرة على السيطرة على االنفعاالت وادلشاعر‪.‬‬

‫‪‬احلصوؿ على الدعم وادلساندة االجتماعية‪.‬‬

‫‪‬االىتماـ باألسرة واالصدقاء‪.‬‬


‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬
‫‪313‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫‪‬التحدث عن اخلربات ادلؤدلة مع االشخاص ادلقربُت او احملبوبُت‪.‬‬

‫‪‬التمسك بالقيم الروحية‪.‬‬

‫‪‬مساعدة االخرين‪.‬‬

‫‪‬فهم احلدث الصادـ والضاغط على اف لو معٌت اغلايب(‪. )Tull,2007: 25‬‬

‫وقد قدمت اجلمعية النفسية االمريكية عشر طرؽ لبناء وتكوين الصمود النفسي عند الفرد‪ ،‬ىي‪:‬‬

‫‪ .1‬العالقات االجتماعية االغلابية مع االسرة واالصدقاء بصورة خاصة ومع االخرين بصورة عامة‪.‬‬

‫‪ .2‬عدـ االعتقاد بأف االزمات او االحداث الضاغطة مشكالت ال ؽلكن ذبنبها او ال ؽلكن حلها‪.‬‬

‫‪ .3‬تقبل الظروؼ اليت ال ؽلكن تغَتىا‪.‬‬

‫‪ .4‬وضع ىدؼ واقعي اغلايب واالندماج باذباه ربقيقو‪.‬‬

‫‪ .5‬تنمية الثقة بالذات‪.‬‬

‫‪ .6‬ازباذ افعاؿ حامسة يف ادلواقف الصعبة‪.‬‬

‫‪ .7‬التطلع اىل االستكشاؼ‪.‬‬

‫‪ .8‬احملافظة على روح التفاؤؿ واالستبشار وتوقع االفضل‪.‬‬

‫‪ .9‬احملافظة على التصور طويل االجل وفهم احلدث الضاغط يف اطار السياؽ الواسع ادلخلوؽ لو‪.‬‬

‫‪ .10‬رعاية الفرد جلسده وعقلو‪ ،‬وشلارسة تدريبات منتظمة‪ ،‬ومراعاة حاجاتو ومشاعره‪ ،‬واالندماج يف االنشطة الًتفيهية‬
‫واالسًتخاء ومتاع الذات‪ ،‬والتعلم من اخلربات السابقة(‪.)APA, 2010: 93‬‬

‫االستنتاجات‪ :‬في ضوء ما تم عرضه يمكن الخروج باالستنتاجات االتية ‪:‬‬

‫االستنتاجات ‪:‬‬

‫من مالمح اجملتمع العراقي التنوع ادلذىيب والديٍت والقومي الذي يفػًتض أف يػؤدي اىل حالػة مػن التعػايش واأللفػة‪ ،‬وأف‬
‫يكوف عامػل إثػراء ثقػايف للمجتمػع‪ ،‬ولكػن ىػذا الواقػع ؽلكػن أف يتحػوؿ اىل كارثػة بكػل مػا ربملػو الكلمػة مػن أبعػاد‪ ،‬إذ‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪314‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫ربػػوؿ اىل اح ػًتاب وتبػػاغض بػػُت مكونػػات اجملتمػػع بفعػػل السياسػػة او الػػدين إذ ازبػػذا وجهتػػُت طػػائفيتُت‪ ،‬ذلػػذا غلػػب اف‬
‫يكوف العمل على نشر الوعي والثقافة وخصوصا ثقافة السالـ ‪،‬اذ اف الثقافة يف طبيعتها حيػة ومتغػَتة ومتطػورة حسػب‬
‫معطيات واحتياجات الزمن ‪ ،‬على عكس الطبيعة البشرية الثابتة ‪ ،‬وادى الوعي بأعلية العامل الثقايف يف بناء السػالـ ‪،‬‬
‫اىل االعًتاؼ بالدور االساسي للًتبيػة يف عمليػة بنػاء السػالـ ‪ ،‬واصػبحت عمليػة بنػاء السػالـ يف العػامل زبػص اجلميػع ‪،‬‬
‫ذلػػذا تنػػادي االمػػم ادلتحػػدة مػػن اجػػل ثقافػػة السػػالـ بػػاف يػػتم تػػدعيم ثقافػػة السػػالـ مػػن خػػالؿ الًتبيػػة ومراجعػػة ال ػربامج‬
‫التعليمية من اجل تشجيع القيم والتصرفات واساليب احلياة ادلتمشية مع ثقافة السالـ ‪ ،‬مثل احلل السلمي للمنازعات‬
‫واحلوار والبحث عن االصباع والالعنف‪.‬‬

‫إف إعداد االفراد للعيش يف عامل يستطيعوف فهمو وتطويره باستمرار بوحي من القيم الدؽلقراطية يُعد من أكرب الواجبات‬
‫ادللقاة على عاتق ادلؤسسات التعل يمية ‪ ،‬ألف ذلك من شأنو أف ينػزع مػن نفػوس وعقػوؿ االفػراد ادليػوؿ العدوانيػة‪ ،‬ويعػزز‬
‫أجواء العفو والصفح واألماف االجتماعي‪ ،‬بل أكثر من ذلك ينمي ويرسخ يف وعي الفرد رلموعة من القدرات اإلغلابية‬
‫كأىداؼ نبيلة مثل‪ :‬تنمية القدرة على تثمُت القيم الكونية‪ ،‬وقبوؿ القيم الكامنة يف تعػدد طبػائع البشػر(أعراقاً وشػعوباً‬
‫وثقافػػات) وفػػض ادلنازعػػات بطػػرؽ ربػػوؿ دوف اسػػتعماؿ العنػػف‪ .‬وبالتػػايل فػػإف سبكػػُت االف ػراد مػػن ىػػذه القػػدرات‪ ،‬وفهػػم‬
‫آليات الوصوؿ إليها ىي من ادلسؤوليات اليت غلب أف تتحملها كل أطراؼ العملية الًتبوية‬

‫ثقافة السالـ ذبعل من السالـ بنية دينامية‪ ،‬سبنع نشوء النزاعات أو ذبعل حلَّها شلكنًا بالطرؽ السلمية‪ ،‬دوف اللجوء إىل‬
‫العنف‪ ،‬وبالتايل فإف احلالة اليت ترمي ثقافةُ السالـ للوصوؿ إليها تستغٍت عن احلاجة إىل استخداـ العنف‪ ،‬ثقافة‬
‫ليعرب اإلنساف عن طبيعتو اجلوىرية اليت‬
‫العنف البنيوي‪ ،‬ر‬
‫ُ‬ ‫تغَت الفرد من الداخل‪ ،‬وصوالً إىل حالة يتحلَّل فيها‬
‫السالـ ر‬
‫تضعو على سكة التطور الطبيعي صوب غاية الوجود ‪ ،‬إف العمل من أجل السالـ قائم وحقيقي‪ ،‬وعلينا تعميقو‬
‫وتوسيعو‪ ،‬والعمل ادلستمر من أجل ذلك دوف ملل أو كلل‪ ،‬ودوف أف نًتؾ لليأس مكانًا يف نفوسنا‪ .‬قد تبدو آفاؽ‬
‫أسس البقاء واالستمرار وااللتقاء‬
‫السالـ بعيدة‪ ،‬ولكننا نسَت صوهبا خبطى ثابتة ومتسارعة ‪ ،‬فثقافة السالـ تضع ُ‬
‫والتطور‪.‬‬

‫فقيم ثقافة السالـ دبا ربتويو من توجهات ‪ ،‬ودبرور الوقت تندمج يف ثقافات اجملتمع عن طريق أمور من بينها أف‬
‫تتحوؿ اىل معايَت اجتماعية وقواعد للقياس لذلك فإف قيم ثقافة السالـ تعترب إطار مرجعي لسلوؾ االفراد يف ادلواقف‬
‫ادلختلفة كمبادئ أخالقية والفرد يكتسب الكثَت من القيم السائدة يف الوسط الثقايف الذي يعيش فيو ‪ ،‬وؽلكن عن طريق‬
‫انضمامو يف صباعات إكساب قيم ثقافة السالـ واالذباىات االغلابية والتخلص من القيم واالذباىات السلبية ‪ ،‬وهبذا يتم‬
‫ربقيق السالـ النفسي واالجتماعي بُت االفراد دبا ػلقق التنمية الشاملة ألف بدوف سالـ فلن يكوف ىناؾ تنمية وهبذا يتم‬
‫إدراج مفهوـ الثقافة كلغة السالـ على أجندة اجملتمع العراقي‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪315‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫التوصيات ‪ :‬في ضوء ذلك يمكن التوصية باالتي ‪:‬‬

‫إعطاء زلاضرات ت وجيهية يف علم النفس االغلايب بغية تعريف العوائل النازحة كيفية تنظيم انفعاالهتم الداخلية‬ ‫‪-1‬‬
‫وسبل التعبَت عنها بصدؽ واغلابية وذبنب االساليب السلبية منها كاحلزف لتجنبهم تأثَتاهتا وادلتمثلة يف االضطرابات‬
‫النفس – جسمية من خالؿ دعم الصمود النفسي لدى فئات اجملتمع كافة يف ضوء برامج توجيهية وارشادية‪.‬‬
‫توجيو ادلؤسسات التعليمية بكل مستوياهتا بضرورة مراعاة ظروؼ الطلبة النازحُت‪ ،‬من الناحية ادلعنوية وادلادية و القياـ‬ ‫‪-2‬‬
‫دببػادرة وطنيػػة يسػاىم فيهػػا كػل ادلعنيػػُت يف العمليػػة التعليميػة يف فػػتح دورات توعيػة‪ ،‬أو تقػػدا استشػارات تربويػػة ونفسػػية‬
‫للطلبػة النػازحُت‪ ،‬والبػد مػن وضػع بػرامج إرشػادية وتدريبيػة للتقليػل مػن اآلثػار النفسػية السػلبية‪ ،‬ومػا يتسػبب عػن عمليػة‬
‫النزوح من تراجع وتردي مستويات الطلبة يف اجلوانب ادلعرفية والدراسية‪.‬‬
‫ال بد من توفَت سبويل عاجل من قبل ادلتحدة ومنظمات حقوؽ االنساف دلساعدة النازحُت وتوفَت ادلساعدات‬ ‫‪-3‬‬
‫االنسانية (الطعاـ والشراب والدواء) ذلم يف ظل الظروؼ الراىنة ‪.‬‬
‫دعم وسبكُت اسًتاتيجية شاملة للعودة الطوعية اآلمنة وادلستدامة أو دمج النازحُت يف صبيع أضلاء البالد ألف العزؿ‬ ‫‪-4‬‬
‫يف سليمات بعيدة عن ادلدف ؽلثل بيئة خصبة النتشار االمراض ال سيما النفسية منها ‪.‬‬
‫تقدا الدعم الفٍت وادلا يل لتطوير برنامج استعادة ادلمتلكات والتعويضات ادلادية للنازحُت و ازباذ تدابَت العدالة‬ ‫‪-5‬‬
‫وتعزيز ادلصاحلة والتعاوف اجملتمعي‪.‬‬

‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬


‫‪316‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية)‬

‫د‪ .‬عالء عبد الحسن حبيب‬

‫المصادر‬
‫‪ -‬ابراىيم ‪ ،‬ىبة سامي (‪ : )2009‬المرونة االيجابية وعالقتها بوجهة الضبط لدى عينة من الشباب الجامعي ‪،‬‬
‫رسالة ماجستَت ‪ ،‬كلية الًتبية ‪ ،‬جامعة عُت مشس ‪.‬‬
‫‪ -‬األعسر ‪ ،‬صفاء و عالء الدين اضبد كفايف (‪:)2000‬الذكاء الوجداني ‪ ،‬مصر‪ ،‬القاىرة ‪ ،‬دار قباء للنشر‪.‬‬
‫‪ -‬البحَتي‪ ،‬زلمد رزؽ (‪ :)2011‬تباين الصمود النفسي بتباين بعض المتغيرات لدى عينه من االيتام ‪،‬اجمللة ادلثرية‬
‫للدراسات النفسية ‪ ،‬اجمللد‪ ،21‬العدد‪.69‬‬

‫‪ -‬البحَتي‪ ،‬زلمد رزؽ (‪ :)2011‬تباين الصمود النفسي بتباين بعض المتغيرات لدى عينه من االيتام ‪،‬اجمللة ادلثرية‬
‫للدراسات النفسية ‪ ،‬اجمللد‪ ،21‬العدد‪.69‬‬
‫‪ -‬التميمي‪ ،‬زلمود كاظم (‪ :)2015‬ارشاد االزمات‪ ،‬ديبونو للطباعة والنشر‪ ،‬االردف‪.‬‬
‫‪ -‬جولد ستُت ‪ ،‬س بروكس ‪ ،‬ب ‪ :)2010( ،‬الصمود لدى االطفال ‪ ،‬ترصبة صفاء االعسر ‪ ،‬واماـ عبد الفتاح ‪،‬‬
‫القاىرة ‪ ،‬ادلركز القومي للًتصبة ‪.‬‬
‫‪ -‬خرنوب ‪ ،‬فتوف زلمد (‪ : )2010‬الذكاء الثقافي وعالقته بالعوامل الخمسة الكبرى في الشخصية دراسة ميدانية‬
‫لدى طلبة المعهد العالي في جامعة دمشق ‪ ،‬ادلؤسبر االقليمي الثاين لعلم النفس ‪ ،‬رابطة االخصائيُت النفسيُت ادلصرية‪.‬‬
‫‪ -‬دخاف ‪ ،‬نبيل كامل ‪ ،‬احلجار ‪ ،‬بشَت ابراىيم (‪ : )2006‬الضغوط النفسية لدى طلبة الجامعة االسالمية وعالقتها‬
‫بالصالبة النفسية لديهم ‪ ،‬رللة اجلامعة االسالمية ‪ ،‬اجمللد الرابع عشر ‪ ،‬العدد الثاين‪.‬‬
‫‪ -‬شاىُت ‪ ،‬ىياـ صابر (‪ : )2013‬االمل والتفاؤل مدخل لتنمية الصمود النفسي لدى عينة من المراهقين ضعاف‬
‫السمع ‪ ،‬دراسة نفسية ‪ ،‬اجمللد ‪، 14‬العدد ‪ ، 4‬جامعة عُت مشس ‪.‬‬
‫‪ -‬شلتز‪ ،‬دواف (‪:)1982‬نظريات الشخصية‪ ،‬ترصبة‪:‬ضبد ديل الكربويل وعبد الرضبن القيسي‪ ،‬بغداد‪ ،‬مطبعة وزارة التعليم‬
‫العايل والبحث العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬الصبوة ‪ ،‬زلمد صليب (‪ : )2008‬علم النفس االيجابي تعريفه تاريخه وموضوعاته والنموذج المقترح له ‪ ،‬رللة علم‬
‫النفس ‪ ،‬اجمللد السابع ‪ ،‬العدد الثاين‪.‬‬
‫‪ -‬العبيدي ‪ ،‬وديع (‪ : )2007‬النوستاليجا والطمأنية واالسقرار‪ ،‬رللة احلوار ادلتمدف ‪ ،‬العدد ‪. 2086‬‬
‫‪ -‬فخري ‪ ،‬زلمدأضبد (‪ : )2012‬الصمود النفسي ‪ ،‬الطبعة االوىل ‪ ،‬اجلمعية ادلصرية للدراسات النفسية ‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -‬فخري ‪ ،‬زلمدأضبد (‪ : )2012‬الصمود النفسي ‪ ،‬الطبعة االوىل ‪ ،‬اجلمعية ادلصرية للدراسات النفسية ‪ ،‬مصر‬
‫‪ -‬النوري‪ ،‬ابتساـ سعدوف زلمد (‪ :)2015‬ادارة اوقات الفراغ لدى الشباب يف العمل االجتماعي التطوعي (مساعدة‬
‫النازحُت من مدينة ادلوصل‪ ،‬ادلؤسبر السنوي الرابع ؿ كلية اآلداب ‪ -‬اجلامعة العراقية العلوـ االنسانية والتنمية البشرية‬
‫ادلعاصرة وربت شعار ((بالعلوـ االنسانية يبٌت االنساف))‪،‬يف ‪. 2015 /3/24‬‬
‫‪- (APA ) AmericanAssociation, psychological(2010), Resilience.‬‬
‫‪Route Educational and Social Sce Journal‬‬
‫‪317‬‬ ‫‪Volume 5(3), March 2018‬‬
)‫الصمود النفسي لدى النازحين في العراق ( قراءة نفسية‬

‫ عالء عبد الحسن حبيب‬.‫د‬

- (APA) American Psychological Association, (2002).The road to


Resilience.
- Lund man,B,(2007) Psychometric properties of Swedish
version of the resilience .scale
- Luthar SS. Cicchetti D. Becker B( 2000) .The construct of
resilience : A critical evaluation and guidelines for future
work . Child Development.
- Richardson, G.E.(2002) The met theory of resilience and
resiliency .Journal of clinical psychology.
- ____________, G. E., Neiger, B., Jensen, S., &Kumpfer, K.
(1990). The resiliencymodel. Health Education,.
-
- Rutter, M. (2008) Developing concepts in developmental
psychopathology. In J.J. Hudziak (ed) , developmental
psychopathology and wellness: Genetic and environmental
influences .
- Rutter, M. (2008) Developing concepts in developmental
psychopathology. In J.J. Hudziak (ed) , developmental
psychopathology and wellness: Genetic and environmental
influences .
- Tull. M (2007): posttraumatic Stress (PTSD): Overcoming
Trauma .http://ptsd.about.com /od/ a/ resilience.
- Ungar ,M .(2004).constructionist discourse on resilience:
Multiple contexts, multiple realities among at-risk children
and youth. Youth and society.
- Wagnild, G, &Young, H.M.(1988).[Resilience and caregiver
burden among caregivers of spouses with Alzheimer’s
disease] .Unpublished raw data.

Route Educational and Social Sce Journal


318 Volume 5(3), March 2018

You might also like