You are on page 1of 5

‫رابعا‪ :‬منهج دراسة الحالة‬

‫يركز منهج دراسة الحالة على وحدة واحدة‪ ،‬فالباحث الذي تكون وحدة دراسته هي الفرد ينبغي‬
‫له أن ينظر إلى موقفه وسلوكه باعتباره كال من العوامل أو مركبا من العناصر التي تؤثر فيه على مر‬
‫الزمن‪ ،‬ومن ثم ينبغي معرفة المحطات األكثر تأثي ار في حياة الفرد مثل التربية األسرية أو الوسط االجتماعي‬
‫واالقتصادي والثقافي الذي عاش فيه أو الصدمات التي تعرض لها‪ ،‬وهذا يقتضي جمع المعلومات من خالل‬
‫مقابلة الفرد أو كتابة سيرته الذاتية‪ ،‬أو من شهادة أصدقائه وغيرها‪ ،‬وبعد جمع البيانات يقوم الباحث بتفسيرها‬
‫وتحليلها‪ ،‬وينبغي للباحث وضع إطار مفاهيمي يساعده على التحلي‪ ،‬كما يمكن أن تكون الحالة دولة يراد‬
‫جمع المعلوم ات الدقيقة بشأنها كمثال دولة ماليزيا وتجربتها التنموية‪ ،‬حيث يقوم الباحث بجمع المعلومات‬
‫من خالل رصد التطور التاريخي لماليزيا والتحوالت التي عرفتها‪ ،‬لمعرفة عوامل نجاح التجربة التنموية‬
‫لإلستفادة منها‪.‬‬

‫‪ .1‬تعريف منهج دراسة الحالة‬

‫هو المنهج الذي يهتم بجمع البيانات العلمية المتعلقة بأية وحدة سواء كانت فردا أو مؤسسة أو نظاما‬
‫اجتماعيا أو مجتمعا محليا أو مجتمعا عاما‪ ،‬وهو يقوم على أساس التعمق في دراسة مرحلة معينة من تاريخ‬
‫الوحدة أو دراسة جميع المراحل التي مرت بها‪ ،‬بغرض الكشف عن العوامل المؤثرة في الوحدة المدروسة‪،‬‬
‫والكشف عن العالقات السببية بين أجزائها‪ ،‬وذلك بقصد الوصول إلى تعميمات علمية متعلقة بها وبغيرها‬
‫من الوحدات المشابهة‪.1‬‬

‫‪ .2‬أهداف منهج دراسة الحالة‬

‫يسعى منهج دراسة الحالة إلى تحقيق مجموعة من األهداف أهمها‪:2‬‬

‫‪-1‬التعمق في دراسة وحدة واحدة سواء كانت فردا أو نظاما أو دولة وغيرها من الوحدات قصد اإلحاطة‬
‫بها وإدراك خفاياها‪ ،‬وتحديد كل العوامل والعناصر المؤثرة والمتأثرة بالموضوع والكشف عن االرتباطات‬
‫والعالقات السببية أو الوظيفية بين أجزاء الظاهرة‪ ،‬وإيجاد حلول لها‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد بدر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.305‬‬


‫‪ - 2‬عقيل حسين عقيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.141‬‬
‫‪ -2‬معرفة جوهر الحالة من خالل دراسة الوحدة ككل‪ ،‬ودراسة الجزئيات في إطار عالقتها بالكل الذي‬
‫يحتويها على أساس أن الجزئيات هي جانب من الحقيقة الكلية‪ ،‬فمنهج دراسة الحالة ال يكتفي بالوصف‬
‫الخارجي أو الظاهري للموقف أو الوحدة‪ ،‬وإنما التعمق في دراسته‪.‬‬

‫‪-3‬اشراك المبحوث في التعرف على حالته‪ ،‬إذا كانت وحدة التحليل هي الفرد‪ ،‬وتوليد الرغبة لديه في‬
‫البحث عن حلول لتعديل سلوكه‪.‬‬

‫‪ .3‬قواعد منهج دراسة الحالة‬

‫يرتكز منهج دراسة الحالة على مجموعة من األسس أهمها‪:1‬‬

‫‪-1‬يجب أن يسعى الباحث للحصول على كل البيانات المتاحة عن الحالة‪ ،‬ويعمل على الربط بين‬
‫العناصر وإيجاد العالقات‪.‬‬

‫‪-2‬ينصب اهتمام الباحث المتبع لمنهج دراسة الحالة على الحالة الواحدة‪.‬‬

‫‪-3‬النظر إلى الوحدة على أنها كل مترابط أي نسق يستند ترابط أجزائه إلى مبادئ قد تكون‬
‫سببية‪ ،‬أو وظيفية‪ ،‬أو مبادئ منطقية تشير إلى وجود معنى مشترك بين هذه األجزاء‪.‬‬

‫‪ -4‬إبراز األحداث األكثر تأثي ار في الوحدة سياسية كانت أو اجتماعية أو ثقافية‪ ،‬وتتبع التطور‬
‫التاريخي لها من حيث نشأتها وتطورها‪ ،‬وتطور المعالم األساسية التي تعتبر نقط تحول في تاريخ‬
‫الوحدة وتسمى هذه بقاعدة التتبع التاريخي لوحدة الدراسة‪.‬‬

‫‪-5‬ضرورة دراسة العالقة القائمة بين الوحدة موضع الدراسة والوسط المباشر أو غير المباشر‬
‫الذي توجد الوحدة في إطاره‪.‬‬

‫‪ .4‬استخدامات المنهج‬

‫يستخدم منهج دراسة الحالة في مختلف حقول المعرفة‪ ،‬ويستهدف التعمق في دراسة الحاالت‬
‫التي يراد معالجتها ويمكن اجمال استخداماته فيما يلي‪:2‬‬

‫‪ - 1‬محمد شلبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬


‫‪ - 2‬عقيل حسين عقيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.140-139‬‬
‫‪-‬معالجة الحاالت بشكل معمق ومتكامل تتضح فيه األسباب والمتغيرات المتداخلة والمستقلة‬
‫لتشخيص الحالة تشخيصا دقيقا‪ ،‬ودراسة المواقف المختلفة للوحدة دراسة تفصيلية بوضعها في مجالها‬
‫االجتماعي والثقافي‪.‬‬

‫‪-‬متابعة التطور التاريخي لوحدة معينة ألن دراسة الماضي مؤثر أساسي في إظهار الحالة في الزمن‬
‫الحاضر‪ ،‬وتوقعاتها في المستقبل‪.‬‬

‫‪-‬دراسة السلوك والعمل على تقييم انحرافاته‪.‬‬

‫‪ -‬دراسة حاالت النجاح والفشل والمقارنة بينها لتبيان أسباب النجاح واألخذ بها‪ ،‬وأسباب الفشل واالبتعاد عنها‪.‬‬

‫‪-‬وصف وتحليل العمليات السياسية التي تنشأ بين األفراد أو الجماعات أو الدول نتيجة عمليات‬
‫التفاعل بينهم كالصراع والتعاون‪ ،‬ودراسة المشكالت االجتماعية واإلقتصادية كالبطالة وانخفاض مستوى‬
‫الدخل الفردي وغيرها‪.‬‬

‫‪ .5‬خطوات منهج دراسة الحالة‬

‫يعتمد منهج دراسة الحالة على مجموعة من الخطوات أهمها‪:1‬‬

‫‪-1‬تحديد الظاهرة أو المشكلة ووحدة التحليل التي قد تكون فردا أو جماعة أو مؤسسة أو سلوك‪.‬‬

‫‪-2‬تحديد المفاهيم والفروض العلمية والتأكد من تور البيانات المتعلقة بالحالة المدروسة‪.‬‬

‫‪-3‬اختيار العينة الممثلة للحالة التي نقوم بدراستها‪.‬‬

‫‪-4‬تحديد وسائل جمع البيانات كالمالحظة والمقابلة وتحليل المضمون‪.‬‬

‫‪-5‬جمع البيانات وتحليلها‪.‬‬

‫‪-6‬استخالص النتائج ووضع التعميمات‪.‬‬

‫‪ .6‬مزايا وعيوب منهج دراسة الحالة‬

‫‪2‬‬
‫يمكن تعداد مزايا منهج دراسة الحالة في النقاط اآلتية‬

‫‪ - 1‬أحمد بدر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.2010-209‬‬


‫‪ -2‬عقيل حسين عقيل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.146-145‬‬
‫‪-1‬يم ّكن الباحث من التعمق في فهم الحالة المدروسة‪ ،‬من خالل إعطائه فرصة للتحقق من المعلومات‬
‫عبر التتبع والمقابالت المتكررة للحاالت‪ ،‬وإمكانية استخدام المشاهدة والمالحظة والرجوع إلى الوثائق أثناء‬
‫الدراسة والتشخيص‪.‬‬

‫‪-2‬يعتبر من المناهج المهمة في دراسة التغير االجتماعي‪.‬‬

‫‪-3‬تمكن الباحث من اختيار المواقف‪ ،‬والنظم واألشخاص بالتتبع الدقيق للحاالت المدروسة‬

‫‪ .7‬عيوب منهج دراسة الحالة‬

‫يؤخذ على هذا المنهج ما يلي‪:1‬‬

‫‪ -1‬يتطلب الكثير من الجهد والمال‪ ،‬والوقت‪.‬‬

‫‪-2‬صعوبة تعميم نتائج دراسة الحالة على حاالت أخرى مشابهة بسبب ضعف تمثيل العينة لمجتمع‬
‫الدراسة‪.‬‬

‫‪-1‬تحيز الباحث في بعض األحيان عند تحليل وتفسير نتائج الظاهرة المدروسة‪ ،‬بحيث يصبح‬
‫عنص ار غير محايدا‪ ،‬فتبتعد الدراسة عن الموضوعية‪.‬‬

‫ومن خالل دراستنا لمنهج دراسة الحالة توصلنا إلى أن هناك عالقة تكامل بين منهج دراسة‬
‫الحالة والمناهج األخرى‪ ،‬فالمنهج المسحي‪ ،‬ومنهج دراسة الحالة يكمالن بعضهما البعض ‪،‬والفرق بينهما‬
‫أن طريقة المسح ودراسة الحالة تكمن في أن المسح يعتبر دراسة كمية‪ ،‬حيث تتجمع البيانات أو القياسات‬
‫من عدد كبير من الوحدات الفردية‪ ،‬أما في دراسة الحالة فإن الباحث يفحص بعناية حالة واحدة أو أكثر‬
‫من هذه الوحدات‪ ،‬ويفضل أن تكون هذه الحاالت المفحوصة تلك األكثر تمثيال للمجتمع أو الموضوع‬
‫المدروس ‪ ،‬كما أن المتابعة الجيدة لتاريخ الوحدة المدروسة باستعمال المنهج التاريخي يساعد في عملية‬
‫التحليل والتفسير ويتكامل منهج درسة الحالة مع المنهج اإلحصائي في استخدامه لألساليب اإلحصائية‬
‫لتكشف عن عدد مرات تكرار حدوث الظاهرة‪ ،‬فضال فضال عن تطوراتها وإتجاهاتها وتحديد نماذج السلوك‬

‫‪-1‬محمد سرحان علي المحمودي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59‬‬


‫المختلفة ‪ 1،‬وهذا ما يبرز أهمية التكامل المنهجي في البحث العلمي‪ ،‬وقصور الدراسات التي ترتكز على‬
‫منهج واحد ‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد بدر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.308‬‬

You might also like