Professional Documents
Culture Documents
تروية المتفقهة بأدلة خطأ الشيخ فركوس فيما ذهب إليه من تجويز الإنكار على الحاكم في غيبته
تروية المتفقهة بأدلة خطأ الشيخ فركوس فيما ذهب إليه من تجويز الإنكار على الحاكم في غيبته
كتبه
1
ميحرلا نمحرلا هللا بسم
الحمد هلل ،والصالة والسالم على رسولنا دمحم بن عبد هللا ،وعلى آله
وأصحابه الناصرين ِلدين هللا ،وجميع أهل اإليمان باهلل.
وبع ُد أيُّها الفُضالء النُّبالء ــ سلَّمكم هللا وج َّملكم بمراضيه والفقه في أحكام
شريعته ــ:
فهذه رسالة بعنوان« :تروية ال ُمتفقهة بأدلة خطأ الشيخ فركوس فيما ذهب
إليه من تجويز اإلنكار على الحاكم علنًا في غيبته».
حيث وقفت على فتوى للشيخ دمحم علي فركوس ــ سدَّده هللا وأكرمه
برضوانه والجنَّة ــ بتاريخ /71( :شوال 7441 /هـ).
ثم أُخرى بتاريخ /17( :شوال 7441 /هـ).
وبعدهما ثالثة بتاريخِ /71( :من ذي القَعدة 7441 /هــ).
وقد ذهب ــ سدَّده هللا ــ في هذه الفتاوى:
إلى جواز اإلنكار العلني أمام المأل على الحاكم في غيبته ،مع عدم حضوره
ووجوده مع ال ُمنكر عليه.
قلت:
وصورة اإلنكار العلني في المأل بين الناس على الحاكم في غيبته تكون:
نكرا وقع فيه أو حصل
الرجل إلى حاكم بلده المسلم ،فيُن ِكر عليه ُم ً بأن يأتي َّ
ب ِمن جهته عالنية أمام الناس في غَيبته باالسم ،أو الوصف ،أو ما بسب ٍ
يُشير إليه ،ويَد ُّل عليه.
الرجل ال ُم ْنكر على حاكمه:
ويحصل هذا األمر وهذه الصورة من َّ
1ــ إ َّما بلسانه :في خطبة جمعة ،أو درس ،أو محاضرة ،أو قناة فضائية،
شعبي ،أوأو إذاعة ،أو مجلس ،أو ُملتقًى ثقافي ،أو نادي ،أو ت َ َجم ُهر َ
2
مظاهرة ،أو اعتصام ،أو صوتيات برامج التواصل االجتماعي كالفيسبوك،
وتويتر ،واليوتيوب ،وسناب شات ،وأنستقرام ،والتلغرام ،وأشباهها.
2ــ أو بكتابة :مقال أو َر ٍد أو استنكار أو احتجاج أو فتوى في صحيفة ،أو
مطوية ،أو مجلَّة ،أو موقع إلكتروني ،أو برامج التواصل االجتماعي،
كالفيسبوك ،وتويتر ،ووتس آب ،وأشباههما.
ُ
وتنازع وردٌّ شديد ،وجدال وقد حصل بسبب فتاويه هذه لغ ٌ
َط كبير ،وأخذٌ َ
وردودٌ صوتية ومكتوبة.
كثيرُ ،
ي وحافظ و ُمتجدِد على
وبرامج التواصل ومواقع اإلنترنت بأنواعها شاهد َح ٌّ
ذلك ،وال َيزال السِجال فيها بسبب هذه الفتوى قائ ًما إلى اليوم ،وفي ازدياد
وكثرة.
فقوم ــ سدَّدهم هللا وأكرمهم برضاه والجنَّة ــ:
دافعوا عن رأيه هذا ،وبعضهم أغلظوا على َمن خالفه أو ردَّ عليه فيه،
واتَّهموه بالطعن في الشيخ ،وذهبوا َيبحثون ُهنا و ُهناك لعلَّهم يجدون كال ًما
لعالم أو ِف ً
عال أو موقفًا َيدعم هذا الرأي.
شب ًها ألهل البدع يَحت ُّجون بها على أهل ً
أقواال و ُ فأوجدوا و ُهم ال يَشعرون
سنة في هذا الباب ،بسبب قِلَّة الفقه ،وعدم تمحيص األقوال وتنزيلها على ال ُّ
عف المعرفة بسابقها والحقهاَّ ،
وأن ِمثل ذلك يحتاج ض ِصحيحة ،و َ صورها ال َّ
سد خَلل الشيخ ،وهو
أن تقرير الحق أهم ِمن ِ إلى رسوخ ِمنهم في العلم ،مع َّ
قد يُعذَر باجتهاده ،وهُم ال يُعذرون ،وجع ُل النفس فداء للغير بتوريطها في
وجناية عليها ،فكيف إذا كان الغير عنده ِعلم ،ويستطيع الخطأ ألجله ُمصيبة ِ
الدَّفع عن نفسه ،والدافع ضعيف العلم وقليله.
وقوم ــ سدَّدهم هللا وأكرمهم برضاه والجنَّة ــ:
ظنوا أنَّه يُريد بفتواه هذه صورة جائزة ،ال إشكال فيها ،وتكاثرت فيها اآلثار
عن الصحابة ــ رضي هللا عنها ــ ،وهي:
فظنُّوه يَمنع اإلنكار بدون ذِكر الفاعل والجهة ،ويَمنع اإلنكار بمح َ
ضر
الحاكم ووجوده وأمامه بضوابط فقه اإلنكار على ال ُمعيَّن ،فشدَّدوا عليه بغير
صوبوا
حق ،وأغلظوا القول فيه ومعه ،وأخشنوه ،أو لم َيفعلوا ذلك ،ولكن َّ
رأي الشيخ فركوس وشَهروه ونشروه بناء على هذا الظن ،وتلقَّطوا مواقف
ِمن ُهنا وهناك لعلَّها تنصر قوله.
وقوم ــ سدَّدهم هللا وأكرمهم برضاه والجنَّة ــ:
تعاملوا مع الشيخ فركوس في رأيه هذا بقصور ظاهر عن نَقض الخطأ
ورف ِقه ،فلم َينقضوه بقال هللا ،قال رسوله ،قال بطريقة العلم وأدل ِته وأد ِبه ِ
الصحابة ،وغفلوا عن حديث عبد هللا بن عمرو ــ رضي هللا عنهما ـ
صحيحين" عن النبي ملسو هيلع هللا ىلص أنَّه قال (( :إذا حكم الحاك ُم ف ْ
اجتهد خرج في "ال َّال ُم َّ
اجتهد ث ُ َّم أ ْخطأ فلهُ أ ْج ٌر )). ث ُ َّم أصاب فلهُ أ ْجران ،وإذا حكم ف ْ
4
أن نقض الخطأ وهد َمه ،وتقليل أتباعه ،وحسر انتشاره، ولم يَتنبَّهوا إلى َّ
سنة ،أ َه ُّم ِمن تقليل شأن ال ُمخطأ،
وكبح االغترار به ،في صفوف أهل ال ُّ
وإثقال الكالم فيه.
صب لهذا القول الخطأ،
فحصل بسبب طريقتهم هذه زيادة اغترار ،وتع ُّ
وجدال.
وكبير ُمنافحة عنه ِ
وقوم ــ سدَّدهم هللا وأكرمهم برضاه والجنَّة ــ:
ردُّوا على هذا الخطأ بطريقة العلم ،وأدبه ،ورفقه ،وألفاظه ،ردُّوا بقال هللا،
سنة والحديث ،مع مراعاة وقال رسوله ،وقال الصحابة ،وقال أئمة أهل ال ُّ
المصالح والمفاسد ،والحرص على نفع العلم وطالبه وعموم الناس،
وتطييب األلفاظ قدر االستطاعة.
وأكرم،
َ وبارك وسدَّد ً
فضال إلى فضلَ ، فشَكر هللا لهم صني َعهم ،وزادهم
وأكثر ِمنهم في صفوف األ ُ َّمة.
ولردي هذا على الشيخ دمحم علي فركوس ــ سلَّمه هللا وسدَّده ــ وإظهاره
ونشره أسباب:
األول:
السبب َّ
أن كتاباته عن هذا الموضوع قد تعدَّدت ،فخرجت ثالث فتاوى في ُمدَّة َّ
وجيزة ،غير كتاباته القديمة ،وزاد فيها ِمن االستدالل على هذه المسألة،
وبلغني أنَّها اآلن قد زادت.
قررة باألدلة واألقوال والضوابط، ضا على هيئة مسألة ُم َّ
وخرجت فتاواه أي ً
سنة
ب قصير ارتجالي ،ككالم عا َّمة أكابر أهل العلم ِمن أهل ال ُّ وليست بجوا ٍ
سلف الصالح المعاصرين. والحديث أتباع ال َّ
واغتر بطريقتها آخَرون ،وان َج َّر عديدون إلى
َّ فزادت في اشتباه بعض،
سنة والحديث ،بل إلى تأييدها، سلف الصالح أهل ال ُّ اعتقاد أنَّها طريقة ال َّ
وعاب بعضهم وشنَّع وأغلظ على َمن َ واالنتصار لها ،والمدافعة عنها،
خالفها ،أو َردَّ عليها.
5
سنة واإلتِباع ــ وأنا ال أُريد للشيخ وال إلخواني ــ ج َّملهم هللا بالتوحيد وال ُّ
سنة والحديث اعتقاد وتقرير ما يُخالف نصوص الشريعة ،وطريقة أهل ال ُّ
ال َمسلوكة في هذه المسألة ،وال في غيرها ،وال أن يَحت َّج بما قالوه صاحب
ى وانحراف ،أو َيض َّل إنسان بسبب كالم ألحدهم. بدعة وهو ً
ولألسف أنَّه قد ُو ِجد ،وزاد ،وتعدَّى الحدود المعقولة.
السبب الثاني:
سعيت في االتصال ِبه ،وراسلت عبر أنَّني عجزت عن الوصول إليه ،فقد َ
"الوتساب" عددًا ِم َّمن حوله ،وذُكر لي أنَّهم األقرب ِمنه ،وراسلت غيرهم،
لعلي أتبا َحث معه فيما كتب ،ونتذاكر المسألة وأدلتها ،ونتناصح في العلم،
ِ
ولكن لم يَحصل تجاوب إلى لحظة خروج هذه الكتابة ونشرها.
عا ِمن باب النَّفل ال
أن هذا ال ِفعل ِم ِني أو ِمن غيري إنَّما هو شر ً
ومعلوم َّ
ال َحتم ،والفضل ال الواجب ،وإال فالخطأ في المسألة ،واالستدالل للقول
ورفقه وأدبه ،صيانة للشريعة، الخطأ ،يُ َرد ويُبيَّن بطريقة العلم وألفاظه ِ
وحماية للخلق ،ونُصرة للدِين ،ونصيحة للمؤمنين.
ثرب على فاعله أو سلف والخلَف ،وال يُ ِ
وعلى هذا َجرى أهل العلم ِمن ال َّ
صلته بالعلم وأهله ،أو خلَد إلىحتمي ضدَّه إال َمن ضعفت ِ يَتحامل عليه ،أو يَ ِ
غرض ومآرب ،أو يَهدف إلى تحريش بين أهل صب والتقليد ،أو كان له َ التع ُّ
سنة والحديث.ال ُّ
ضره أن يُرد عليه بالحق ،ويُبيَّن ما أخطأ فيه بطريقة
سنة ال يَ ُ
وصاحب ال ُّ
العلم ،ألنَّه يُريد صواب نفسِه وسالمتها ،وسالمة الناس.
ألن الشخصصرة الحق والصواب ،وليس الشخص ال ُمخطأَّ ، ومن ال ُمهم نُ َ
ِ
قد يُع َذر بالخطأ ،ولكن الناس قد ت َ ِ
ضل بسبب خطئه ،وتقليده ،واالحتماء له.
وقد ثبت عن عمر بن الخطاب ــ رضي هللا عنه ــ أنَّه قال (( :ث َ ََل ٌ
ث يَ ْهد ِْم َن
ِين ــ و َذكر فيها ــَ :زلَّة ا ْلعَا ِل ِم )).
الد َ
وقال العلماء ــ رحمهم هللا ــ:
ظمت زلَّة العالم ِلما يَترتب عليها ِمن المفاسد ،القتداء الناس به».اهـ
« وع ُ
6
السبب الثالث:
قرر هذا الخطأ ،وتَنسِبه إلى علماء أهل أنَّه قد خرجت كلمات وكتابات ت ُ ِ
سنة والحديث ،وتؤيد كالمها بما ذَكره الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ في ال ُّ
كتاباته وفتاويه.
آخرها ما قاله وكتبه فيصل بن قزار الجاسم ،وإحالته الناس على ما
وكان ِ
كتبه الشيخ فركوس.
فلم أجد بُدًّا ِمن إظهار ال َّرد على هذا الخطأ ،وباسم َمن أخطأ ،ليكون أنفع
ِل َمن تأثر بالخطأ ،وأقوم للقيام بالحق.
مع أنِي قد كتبته قبل أكثر ِمن ستة أشهر ،وصبَرت على عدم نشره هذه
ال ُمدَّة الطويلة لع َّل المسألة والفتنة بما ُكتب ت َ ِخف ،أو يحصل مع الشيخ
اتصال وتذاكر ومباحثة ف َيرجع دون َرد ،أو يوجد حوله َمن يُراجعه فيتنبَّه،
ومحبَّة ِمني في تقليل الفتن ،وإضعاف أضرارها.
هذا وقت كتب ع َّدة ُردود على الشيخ فركوس ــ س َّدده هللا وسلَّمه ــ في
فتاويه الثالث:
األول بعنوان:
الرد َّ
َّ
«تروية المتفقهة بأدلة خطأ الشيخ فركوس فيما ذهب إليه من تجويز
اإلنكار على الحاكم علنًا في غيبته».
الرد الذي بين أيديكم ــ سدَّدكم هللا وزادكم عل ًما ــ.
وهو هذا َّ
الرد الثاني بعنوان:
َّ
«مناقشة استدالالت الشيخ فركوس على جواز اإلنكار العلني على الحاكم
في غيبته».
أن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ استدَل على الجواز بأحاديث وذَكرت فيه َّ
صب في واح ٍد ِمنها ،وال يُسلَّم له في شيء ِمنها. وآثار لم يُ ِ
وبيَّنت فيه َّ
أن أدلته واستدالالته ال تكاد تخرج عن أمور أربعة:
7
األول :أنَّها خارج م َحل النِزاع ،وعن صورة أُخرى تتحدَّث ،وعلى هذا
َّ
أكثر ما است َدَل به.
الثاني :أنَّها ال تدخل في باب إنكار ُمنكر الحاكم ،وال باب ال ُمنكرات
حرمة ،وأُلبِ َ
ست ثوب إنكار ال ُمنكرات. ال ُم َّ
الثالث :أنَّها ِمن مسائل الفقه التي َيختلف فيها علماء الصحابة مع بعض،
و َمن تولَّى ال ُحكم ِمنهم مع َمن لم َيحكم ،وقد تكون ُمستحبَّات ،وأ ُ ِ
قح َمت في
باب إنكار ال ُمنكرات.
8
بأن َمن لم يَتمكن ِمن نُصح السلطان فعليه" :بالصبر والدعاء".
َّ
وليس تبديل اإلنكار السِري إلى علَني في الغَيبة.
الضابط الثاني :أ ْن يغلب على الظن المصلحة بزوال ال ُمنكر دون أي
مفسدة.
وذكرت أنَّه ليس في ِ
محله ِمن أربعة أوجه.
وقد أيدَّه بكالم للعالمة العثمين ــ رحمه هللا ــ.
أن العالمة العثيمين ــ رحمه هللا ــ ال يُريد هذا الصورة التي يتكلَّم
وبيَّنت َّ
عنها الشيخ فركوس ،بل هو يمنعها شديدًا.
ثم نقلت ستة نقول صريحة عن العالمة العثيمين ــ رحمه هللا ــ تُخالف ما
قرره الشيخ فركوس ِمن جواز ،وتمنع.
َّ
الرد الرابع بعنوان:
َّ
«اإلنكار العلني على الوالة في غيبتهم بين تقعيدات الشيخ فركوس
وتطبيقاته».
وذَكرت فيه ثالث صور ِمن موقع الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ وصلتني ِمن
بعض السائلين دون أن أبحث عنها.
ومن نصوصها.
ثم تأكدت ِمن وجودها في موقعهِ ،
سلف الصالح ،و ِلبعض
وبيَّنت ُمخالفتها للنصوص الشرعية ،وطريقة ال َّ
تقريراته وتقعيداته.
الرد الخامس بعنوان:
َّ
«نقد المسائل الغريبة في فتاوى الشيخ فركوس عن جواز اإلنكار العلني
على الحاكم في الغيبه».
ومن هذا المسائل:
9
أو ًال ــ قوله بأنَّه توجد آثار عن ال َّ
سلف الصالح ِمن الصحابة في اإلنكار َّ
العلني على الحاكم في غَيبته.
وذَكرت عند هذه المسألة كالم العالمة العُثيمين ــ رحمه هللا ــ:
ورد ِمن اإلنكارات عن الصحابة ــ رضي هللا عنهم ــ على
أن جميع ما َ ب َّ
الوالة إنَّما هي أمامه وفي حضوره ،وليست في غَيبته.
وبيَّنت أنَّي لم أجد فيما ذَكر ِمن أدلة على جواز ما ذهب إليه ً
دليال واحدًا
صحي ًحا صري ًحا ،يُسلَّم له االستدالل به ،و ُ
س ِبق إلى االستدالل به ِمن أئمة
سنة. أهل العلم وال ُّ
ثانيًا ــ إشارته إلى جواز اإلنكار العلني على الحاكم في غَيبته إذا أذِن به
للناس وس َمح.
عا ال يُبيحه إذن حاكمَّ ،
وأن الحاكم ال وبيَّنت عند هذه المسألة َّ
أن ما ُح ِرم شر ً
يُطاع فيما هو معصية هلل بالنَّص واإلجماع.
ونقلت كال ًما للعالمة العثيمين ــ رحمه هللا ــ في المنع ولو أ ِذن الحاكم ،حين
تكلَّم عن إذِنه وسماحه بالمظاهرات.
وآخَر للعالمة صالح اللحيدان ــ رحمه هللا ــ في باب اإلنكار على الحاكم.
وذكرت مع هاتين المسألتين أمرين:
ورفق
ب ِ األولَّ :
أن اإلنكار العلني على الحاكم في َغيبته حتى ولو كان بأد ٍ َّ
فهو ِمن التشهير به ،وبما فعل ِمن ُمنكر.
ويُهيِج الناس عليه ،السيَّما إذا تكاثر ،وكثُر أهله ،وتعدَّدت جهاته ومواقعه،
سنة في التعامل معه ،ويَ ُج ُّرهم إلى الفتن.
خرجهم عن جادة ال ُّ
وي ُ ِ
الثانيَّ :
أن اإلنكار العلني على الحاكم في الغَيبة عبر المواقع والكتابة فيها،
كموقع الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ وأشباهه:
أشد ِمن اإلنكار في ُخطبة أو درس أو محاضرةَّ ،
ألن المكتوب محفوظ،
ويَبقى في الناس أكثر ،وهل بقي لنَا ِمن العلم إال ما ُكتب.
11
وأيدت هذين األمرين بكالم للعالمة صالح بن فوزان الفوزان ــ سلَّمه هللا ــ.
فرقتها ألنَّه أرفق ِبي،
الردود قد كتبتها في رسالة واحدة ،ثم َّ
وجميع هذه ُّ
وبعموم القراء ،وأنشط ِلي حين المراجعة.
وهللا ــ ج َّل وعال ــ المسئول أن يجع َل هذه الكتابة لوجهه خالصة ،وينفع ِبها
قرائها ،إنَّه سميع
الكاتب ،والشيخ فركوس ــ ج َّمله هللا بتقواه ــ ،وجميع َّ
الرجاء ،وهو حسبُنا ،و ِنعم الوكيل. الدعاء ،وأهل َّ
ودونكم ــ سدَّدكم هللا ــ الرسالة األولى ،والتي هي بعنوان:
«تروية المتفقهة بأدلة خطأ الشيخ فركوس فيما ذهب إليه من تجويز
اإلنكار على الحاكم علنًا في غيبته».
11
[ اإلنكار على الحاكم باسمه أو وصفه أو ما يُشير إليه ،في ُمنكر فعله أو
ب من جهته علنًا أمام الناس في حال غيبته وعدم شاع في البالد بسب ٍ
وجوده وحضوره ]
سنة
سلف الصالح أهل ال ُّ
وهذه الطريقة ال تجوز ،وخالف طريقة ال َّ
والجماعة والحديث.
األول:
األمر َّ
12
تضمن للنَّهي واألمر (( :م ْن صريح ال ُم ِ إطالق وعموم قول النبي ملسو هيلع هللا ىلص الثابت ال َّ
ان فال يُكل ُمهُ بها عالنيةً ،و ْليأ ْ ُخ ْذ بيده ،و ْليُ ْخل
س ْلط ٍ كانتْ ع ْندهُ نصيحةٌ لذي ُ
به ،فإ ْن قبلها قبلها ،وإ َّال كان ق ْد أدَّى الَّذي عل ْيه والَّذي لهُ )).
ب دارا حين فُتحتْ ، حيث جاء فيه (( :أ َّن عياض ْبن غ ْن ٍم وقع على صاح ٍ
فأتاهُ هشا ُم ْبنُ حك ٍيم ،فأ ْغلظ لهُ ا ْلق ْول ،ومكث هشا ٌم ليالي ،فأتاهُ هشا ٌم
َّللا صلَّى هللاُ عل ْيه وسلَّم ،قال: سول َّ اض :أل ْم ت ْعل ْم أ َّن ر ُ ُم ْعتذ ًرا ،فقال لعي ٍ
«إ َّن أش َّد النَّاس عذابًا ي ْوم ا ْلقيامة أش ُّد النَّاس عذابًا للنَّاس في ال ُّد ْنيا» فقال
اض :يا هشا ُم إنَّا ق ْد سم ْعنا الَّذي ق ْد سم ْعتُ ،ورأ ْينا الَّذي ق ْد رأ ْيت، لهُ عي ٌ
َّللا صلَّى هللاُ عل ْيه وسلَّم
سول َّ سم ْع يا هشا ُم ر ُ وصح ْبنا م ْن صح ْبت أل ْم ت ْ
ان فال يُكل ُمهُ بها عالنيةً ،و ْليأ ْ ُخ ْذ
س ْلط ٍ يقُو ُل« :م ْن كانتْ ع ْندهُ نصيحةٌ لذي ُ
بيده ،و ْليُ ْخل به ،فإ ْن قبلها قبلها ،وإ َّال كان ق ْد أدَّى الَّذي عل ْيه والَّذي لهُ»
َّللا ،فه َّال خشيت أ ْن س ْلطان َّ ئ :أ ْن ت ْجترئ على ُ وإنَّك يا هشا ُم أل ْنت ا ْل ُم ْجتر ُ
س ْلطان َّ
َّللا )). َّللا ،فتكُون قتيل ُ س ْلطانُ َّ
ي ْقتُلك ُ
وقول النبي ملسو هيلع هللا ىلص في هذا الحديث (( :فال يُكل ُمهُ بها عالنيةً ،و ْليأ ْ ُخ ْذ بيده،
ي وأمر ،واألصل في األمر الوجوب ،وفي النَّهي التحريم و ْليُ ْخل به )) نَه ٌ
وهذا الحديث:
سنة" (-7921قد أخرجه أحمد ( ،)73111وابن أبي عاصم في كتابيه "ال ُّ
،)7921و "اآلحاد والمثاني" ( ،)111والحاكم ( ،)3112والطبراني في
كتابيه "ال ُمعجم الكبير" ( ،)7991و "مسند الشاميين" ( 211و ،)7114
وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة" ( ،)3413وغيرهم.
13
آخر قوليه،
وص َّححه :الحاكم ،واأللباني ،وابن باز ،ومقبل الوادعي في ِ
وغيرهم.
وقال الحافظ ابن عساكر ــ رحمه هللا ــ في كتابه "تاريخ دمشق" (/41
« :)111وهو محفوظ ِمن حديث ُجبير».اهـ
وقال ال ُمحدِث أبو بكر الهيثمي ــ رحمه هللا ــ« :ورجاله ثقات ،وإسناده
ُمتصل».اهـ
وقال العالمة زيد بن دمحم هادي المدخلي ــ رحمه هللا ــ« :حديث ثابت».اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر المالكي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "االستذكار"
(:)161 /22
«وأ َّما مناصحة والة األمر ،فلم يَختلف العلماء في وجوبها إذا كان السلطان
يَسمعها ويَقبلها».اهـ
ففيه :إيجاب النَّصحية على العا َّمة لوالة األمر ،و ُهم األئمة ،والخلفاء،
وكذلك سائر األمراء ،وقد قال ملسو هيلع هللا ىلص (( :الدين النَّصيحة ،الدين النَّصيحة،
الدين النَّصيحة ــ ثالثًا ــ ،قيل :لمن يا رسول هللا؟ قال« :هلل ،ولكتابه،
ولرسوله ،وألئمة المسلمين وعامتهم )).
14
ف ُكل َمن واكلهم وجالسهم ،و ُكل َمن أمكنَه نُصح السلطان لَ ِزمه ذلك ،إذا َرجا
أن يَسمع منه.
قال أبو عمر" :إن لم يكن يُتم َّكن نُصح السلطان :فالصبر ،والدعاء ،فإنَّهم
ب األمراء».اهـ س ِكانوا ينهون عن َ
قلت:
وقوله ــ رحمه هللا ــ« :ف ُكل َمن واكلهم وجالسهم ،و ُكل َمن أمكنه نُصح
السلطان لَ ِزمه ذلك ،إذا َرجا أن َيسمع ِمنه».
سهم» ،وقال أيضًا« :و ُكل َمن أمكنَه نُصحألنَّه قال« :ف ُكل َمن واكلَهم وجال َ
السلطان لَ ِزمه ذلك ،إذا َرجا أن يَسمع منه» ،فزَ اد« :إذا َرجا أن يَسمع ِمنه».
األمر الثاني:
ب داراحيث جاء في لفظه الطويل (( :أ َّن عياض ْبن غ ْن ٍم وقع على صاح ٍ
حين فُتحتْ ،فأتا ُه هشا ُم ْبنُ حك ٍيم ،فأ ْغلظ لهُ ا ْلق ْول ،ومكث هشا ٌم ليالي،
َّللا صلَّى هللاُ عل ْيه
سول َّ اض :أل ْم ت ْعل ْم أ َّن ر ُفأتا ُه هشا ٌم ُم ْعتذ ًرا ،فقال لعي ٍ
وسلَّم ،قال« :إ َّن أش َّد النَّاس عذابًا ي ْوم ا ْلقيامة أش ُّد النَّاس عذابًا للنَّاس في
اض :يا هشا ُم إنَّا ق ْد سم ْعنا الَّذي ق ْد سم ْعتُ ،ورأ ْينا الَّذي ال ُّد ْنيا» فقال لهُ عي ٌ
َّللا صلَّى هللاُ عل ْيه
سول َّ سم ْع يا هشا ُم ر ُ ق ْد رأ ْيت ،وصح ْبنا م ْن صح ْبت أل ْم ت ْ
ان فال يُكل ُمهُ بها عالنيةً، وسلَّم يقُو ُل« :م ْن كانتْ ع ْندهُ نصيحةٌ لذي ُ
س ْلط ٍ
15
و ْليأ ْ ُخ ْذ بيده ،و ْليُ ْخل به ،فإ ْن قبلها قبلها ،وإ َّال كان ق ْد أدَّى الَّذي عل ْيه
س ْلطان َّ
َّللا ،فه َّال ئ :أ ْن ت ْجترئ على ُ والَّذي لهُ» وإنَّك يا هشا ُم أل ْنت ا ْل ُم ْجتر ُ
س ْلطان َّ
َّللا )). َّللا ،فتكُون قتيل ُ س ْلطانُ َّ
خشيت أ ْن ي ْقتُلك ُ
اض ْبنُ غ ْن ٍم صاحب دارا حين فُتحتْ ،فأ ْغلظ لهُ هشا ُم
وفي لفظ (( :جلد عي ُ
ْبنُ حك ٍيم ا ْلق ْول حتَّى غضب عي ٌ
اض .))...
صة:
ووجه االستدالل من هذه الق َّ
ْ
َّ
أن ِعياض بن غَنم ــ رضي هللا عنه ــ جعل إعالن النكير على الحاكم في
المأل ِمن االجتراء عليه.
حيث قال ــ رضي هللا عنه ــ (( :وإنَّك يا هشا ُم أل ْنت ا ْل ُم ْجتر ُ
ئ :أ ْن ت ْجترئ
س ْلطان َّ
َّللا )). ئ على ُ َّللا )) ،وفي لفظ (( :إ ْذ ت ْجتر ُ
س ْلطان َّ
على ُ
األمر الثالث:
ولفظ البخاري (( :قيل ألُسامة :ل ْو أت ْيت فُالنًا فكلَّ ْمتهُ ،قال :إنَّ ُك ْم لتُر ْون أني
سمعُ ُك ْم ،إني أُكل ُمهُ في السر دُون أ ْن أ ْفتح بابًا ال أكُونُ أ َّول م ْن ال أُكل ُمهُ إ َّال أ ُ ْ
فتحهُ )).
16
َّ
أن أصحاب النبي ملسو هيلع هللا ىلص جميعًا لم يكونوا يُن ِكرون على والتِهم جهرة في المأل
إذا لم يكونوا موجودين.
َّ
وأن هذه الطريقة كانت ُمغلقة غير مفتوحة وال معمول بها عندهم ــ رضي
هللا عنهم ــ.
ولهذا كان أسامة بن زيد ــ رضي هللا عنهما ــ ال يُحب أن يكون هو َّأول َمن
فتح باب الفتنة بهذا اإلنكار العلَني.
ودونكم ــ سدَّدكم هللا ــ بعض ما ذكره أهل العلم عند هذا األثر:
1ــ قال القاضي عياض المالكي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "إكمال المعلم
بفوائد مسلم" (:)818 /8
2ــ وقال الفقيه سراج الدين ابن ال ُملقن الشافعي ــ رحمه هللا ــ في كتابه
صحيح" (:)181 /11 "التوضيح لشرح الجامع ال َّ
«وقوله (( :إني ألُكلمه في السر )) يعني :أأُجا ِهر باإلنكار على األمراء في
ال َمأل ،فيكون بابًا من القيام على أئمة المسلمين ،فتفت َ ِرق الكلمة ،وتتشتَّت
الجماعة ،كما كان بعد ذلك ِمن تفريق الكلمة ِمن مواجهة عثمان
بالنكير».اهـ
1ــ وقال الفقيه شمس الدين الكرماني ــ رحمه هللا ــ في كتابه "الكواكب
الدراري في شرح صحيح البخاري (:)118 /11
17
2ــ وقال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه هللا ــ في شرحه على
"صحيح مسلم" ( 118 /18ــ رقم:)2181:
«يعني :ال ُمجاهرة باإلنكار على األمراء في المأل ،كما َجرى لقتلة عثمان ــ
رضي هللا عنه ــ».اهـ
قلت:
ضا عند أثر أسامة بن زيد ــ رضي هللا عنهما وقد ذَكر هذا المعنى َّ
وقرره أي ً
ومن مختالف
ــ كثير ِمن العلماء ِمن أهل المذاهب األربعة ،وغيرهمِ ،
البلدان والعصور.
وقرره:
وم َّمن ذكره َّ
ـــ الفقيه ال ُمهلَّب بن أحمد ــ رحمه هللا ــ كما في كتاب "فتح الباري شرح
صحيح البخاري" ( )31 /71البن َح َجر العسقالني.
ـــ والفقيه أبو العباس القرطبي المالكي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "ال ُمف ِهم ل َما
أشكل ِمن تلخيص كتاب مسلم.)172 /1( ،
ـــ والحافظ ابن َح َجر العسقالني الشافعي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "فتح
الباري شرح صحيح البخاري" (.)31 /71-71
عمدة القاري
ـــ والفقيه بدر الدِين ال َعيني الحنفي ــ رحمه هللا ــ في كتابه " ُ
شرح صحيح البخاري" (.)711 /73
ـــ والفقيه شهاب الدِين القسطالني الشافعي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "إرشاد
الساري لشرح صحيح البخاري" (.)129 /3
ـــ والفقيه زكريا األنصاري الشافعي ــ رحمه هللا ــ في كتابه " ِمنحة الباري
بشرح صحيح البخاري (.)111 /1
18
ـــ والعالمة دمحم ناصر الدِين األلباني ــ رحمه هللا ــ في تعليقه على
"مختصر صحيح مسلم" ( 113 /1ــ رقم.)7111:
ـــ والعالمة عبد العزيز ابن باز ــ رحمه هللا ــ كما في "مجموع فتاويه"
(.)177-179 /1
ـــ والعالمة دمحم علي آدم اإلتيوبي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "البحر المحيط
الثَّجاج في شرح صحيح اإلمام مسلم بن الحجاج" ( 174 /43ــ رقم
( ،)1212 / 1431وغيرهم.
األمر الرابع:
ما أخرجه أحمد ( ،)72437وغيره ،عن سعيد بن ُجم َهان ــ رحمه هللا ــ أنَّه
َّللا ْبن أبي أ ْوفى ــ رضي هللا عنه ــ و ُهو م ْح ُج ُ
وب قال (( :لقيتُ ع ْبد َّ
ا ْلبصر ،فسلَّ ْمتُ عل ْيه ،قال لي :م ْن أ ْنت؟ فقُ ْلتُ :أنا سعي ُد ْب ُن ُج ْمهان ،قال:
َّللاُ ْاألزارقة ،لعن َّ
َّللاُ فما فعل والدُك؟ قال :قُ ْلتُ :قتلتْهُ ْاألزارقةُ ،قال :لعن َّ
ب النَّار ،قال: َّللاُ عل ْيه وسلَّم :أنَّ ُه ْم كال ُ
َّللا صلَّى َّ
سو ُل َّ ْاألزارقة ،حدَّثنا ر ُ
ج ُكلُّها؟ قال: ج ُكلُّها؟ قال :بلى ا ْلخوار ُ قُ ْلتُ ْ :األزارقةُ و ْحد ُه ْم أ ْم ا ْلخوار ُ
س ْلطان ي ْظل ُم النَّاس ،وي ْفع ُل به ْم ،قال :فتناول يدي فغمزها بيده قُ ْلتُ :فإ َّن ال ُّ
سواد ْاألعْظم ،عل ْيك غ ْمزةً شديدةً ث ُ َّم قال :و ْيحك يا ا ْبن ُج ْمهان عل ْيك بال َّ
سم ُع م ْنك فأْته في ب ْيته فأ ْخب ْر ُه بما س ْلطانُ ي ْ
سواد ْاألعْظم ،إ ْن كان ال ُّ بال َّ
ست بأعْلم م ْنهُ )). ت ْعل ُم ،فإ ْن قبل م ْنك وإ َّال فد ْعهُ ،فإنَّك ل ْ
وقال العالمة مقبل الوادعي ــ رحمه هللا ــ« :هذا حديث حسن».اهـ
19
وقال ال ُمحدِث أبو بكر الهيثمي ــ رحمه هللا ــ« :رواه أحمد والطبراني،
ورجال أحمد ثقات».اهـ
أن عبد هللا بن أبي أوفَى ــ رضي هللا عنه ــ :أن َكر على ابن ُجمهان كالمه
َّ
بالرعية ،وغيرها ،في غَيبَته،
تعلقة َّ
عنده وبينهما على ُمنكرات الحاكم ال ُم ِ
وأمره أن يَنصحه فيما بينهما إن كان يَسمع ِمنه.
َ
وهذا األمر ُمطابق لقول النَّبي ملسو هيلع هللا ىلص ال ُمتقدِم الثابت الصريح (( :م ْن كانتْ ع ْندهُ
ان فال يُكل ُمهُ بها عالنيةً ،و ْليأ ْ ُخ ْذ بيده ،و ْليُ ْخل به ،فإ ْن نصيحةٌ لذي ُ
س ْلط ٍ
قبلها قبلها ،وإ َّال كان ق ْد أدَّى الَّذي عل ْيه والَّذي لهُ )).
األمر الخامس:
سيب ،قال(( : حدثنا ُحميد بن ِمهران ،عن سعد بن أوس ،عن زياد بن ُك َ
ق ،فقال أبُو بال ٍل :ا ْن ُ
ظ ُروا إلى خرج ا ْب ُن عام ٍر فصعد ا ْلم ْنبر وعل ْيه ثي ٌ
اب رقا ٌ
سول ساق فقال أبُو بكْرة م ْن ت ْحت ا ْلم ْنبر :سم ْعتُ ر ُ س لباس ا ْلفُ َّ
أمير ُك ْم ي ْلب ُ
س ْلطان َّ
َّللا أهانهُ َّ
َّللاُ» )). َّللا صلَّى هللاُ عل ْيه وسلَّم يقُو ُل« :م ْن أهان َُّ
وأخرجه ِمن طريقه الترمذي ( ،)1114بلفظُ (( :ك ْنتُ مع أبي بكْرة ت ْحت
ظ ُروا إلىق ،فقال أبُو بال ٍل :ا ْن ُاب رقا ٌ
ب وعل ْيه ثي ٌ م ْنبر ا ْبن عام ٍر و ُهو ي ْخ ُ
ط ُ
سول هللا صلَّى سكُتْ ،سم ْعتُ ر ُ
ساق ،فقال أبُو بكْرة :ا ْ س ثياب الفُ َّأميرنا ي ْلب ُ
س ْلطان هللا في األ ْرض أهانهُ َّ
َّللاُ )). َّللاُ عل ْيه وسلَّم يقُو ُل :م ْن أهان ُ
َّ
وقال اإلمام الترمذي ــ رحمه هللا ــ عقبه« :هذا حديث حسن غريب».اهـ
21
آخر قوليه.
سنه العالمة األلباني ــ رحمه هللا ــ في ِ
وح َّ
وقال الحافظ َّ
البزار ــ رحمه هللا ــ في "مسنده" ( ،)1119عقبه:
«وهذا الحديث قد ُروي نحو كالمه عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ِمن وجوه.،
وال نَعلم يُروى بهذا اللفظ عن رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص إال عن أبي بَكرة ».اهـ
قلت:
وفيه إسناده سعد بن أوس العدوي ،قال عنه الساجي« :صدوق» ،وذَكره
ابن ِحبَّان وابن خلفون في "الثقات" ،وقال ابن ح َجر العسقالني« :صدوق له
أغاليط» ،وقال الذهبي« :ضعفه :ابن َم ِعين ،ووثقه غيره ،وذَكره ابن ِحبَّان
في "الثقات"» ،ومال األلباني إلى توثيقه.
صلين َّ
أن أبا َبكرة الثقفي ــ رضي هللا عنه ــ أن َكر على الرجل كال َمه بين ال ُم ِ
إنكاره هذا ِمن إهانة الحاكم التي يُهين هللا
َ في نائب الحاكم ،وأسكتَه ،وجعل
فاعلها.
األمر السادس:
سننه" ( ،)141واللفظ له ،وابن أبي شيبة ما أخرجه سعيد بن منصور في " ُ
بير ــ رحمه هللا ــ أنَّه في "مصنَّفه" ( ،)11191وغيرهما ،عن سعيد بن ُج ٍ
اس ــ رضي هللا عنه ــ :آ ُم ُر إمامي با ْلم ْع ُروف؟ قال: قال (( :قُ ْلتُ ال ْبن عبَّ ٍ
إ ْن خشيت أ ْن ي ْقتُلك فال ،فإ ْن ُك ْنت وال بُ َّد فاع ًال ،ففيما ب ْينك وب ْينهُ ،وال
ت ْغت ْب إمامك )).
21
وإسناده حسن أو صحيح.
أن عبد هللا بن عباس ــ رضي هللا عنهما ــ :أ َم َر أن يكون أمر الحاكم َّ
بالمعروف ونَهيه عن ال ُمنكر فيما بين ال ُمن ِكر والحاكم ،وليس في العلن
والغَيبَة.
و َحكم ــ رضي هللا عنه ــ بأ َّن إعالنه اإلنكار يُعت َبر ِغيبة للحاكم.
سنة ،واإلجماع.
بنص القرآن ،وال ُّ
حرمة ِ
وال ِغيبة ُم َّ
بل حكى الفقيه أبو عبد هللا القرطبي المالكي ــ رحمه هللا ــ في "تفسيره"
( ،)112 /16وغيره:
و ِغيبة الحاكم أعظم إث ًما ِمن ِغيبة آحاد الناس ،ألنَّها ليست عدوانًا على
شرورا وفتنًا كبيرة وكثيرة على ال ِعباد والبالد ،وعلى
ً شخصه فقط ،بل ت ُج ُّر
الدِين والدنيا.
األمر السابع:
اس سرة ،عن طاوس ،قالُ (( :كنَّا مع ا ْبن عبَّ ٍ نا سفيان ،عن إبراهيم بن َمي َ
فا ْبترك ر ُج ٌل من ْاألُمراء يُقا ُل لهُ :اله ْزهاز ،فتطاول حتَّى ما رأيْتُ في ا ْلب ْيت
ظالمين»، از ال تك ُْن فتْنةً ل ْلق ْوم ال َّ
اس« :يا ه ْزه ُ أ ْطول م ْنهُ ،فقال لهُ ا ْبنُ عبَّ ٍ
فتقاصر حتَّى ما رأيْتُ في ا ْلب ْيت أحدًا أ ْقصر م ْنهُ)).
وإسناده صحيح.
األمر الثامن:
وقد ذَكر اإلمام ابن قيِم الجوزية ــ رحمه هللا ــ في كتابه "أعالم الموقعين
عن ربَّ العالمين" ( )41-3 /4تسعة وتسعين ً
دليال على ذلك.
فكان من أوائل ما قال ــ رحمه هللا ــ ( 1 /2ــ طبعة :دار عالم الفوائد):
23
الحكمة،
«فما الظن بهذه الشريعة الكاملة التي هي في أعلى درجات ِ
والمصلحة ،والكمال.
وختم كالمه وما ذكره من أدلة بقوله ( 21 /2ــ طبعة :دار عالم الفوائد):
سدة في نفسه ،والثاني :ما والنَّهي نوعان :أحدهما :ما يكون ال َمن ِه ُّ
ي عنه مف َ
سدة.
يكون وسيلة إلى المف َ
سدُّ الذرائع ال ُم ِ
فضية إلى الحرام أحدُ أرباع الدِين».اهـ فصار َ
قلت:
شر علىوهذا النوع ِمن اإلنكار العلني على السلطان في غَيبته يفتح باب ال َّ
الناس ،ويَ ُج ُّر ُهم إلى الفتن ال ُكبرى ال ُمتعدِدة والمتنوعة ،وفي أمور الدِين
والدنيا.
وهل قامت الفتنة ز َمن الخليفة الراشد الصالح الصائم القائم العادل الذي
ز َّكاه رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،وأثنَى عليه ،وب َّ
شره بالجنَّة والشهادة ،إال بسبب هذا
النوع ِمن اإلنكار.
ولم يستطع أصحاب النبي ملسو هيلع هللا ىلص حينها ،و ُهم أكابر علماء األرض ،وخيرهم،
وأصدقهم ،وأتقاهم ،ضبط الناس ،وال وقف الفتن ،حتى قامت ُحروب
24
وتفرقت جماعة المسلمين ،وال زالت آثار
َّ موجعة ،وظهرت عقائد باطلة، ِ
هذه الفتنة على األ ُ َّمة إلى اليوم.
فكيف بآثار هذه الطريقة الشنيعة على والة أمر الناس اليوم الذين ليس في
ونصوص ِمن شريعته ،كعثمان بن عفان ــ
ٌ ي ِمن هللا تعالى،
تزكيتهم وح ٌ
رضي هللا عنه ــ ،وبوجود علماء ليسوا كالصحابة ،و ُهم أي ً
ضا قليلون جدًا.
ٌ
وتعاون مع سلطة،
مآرب في ال ُحكم وال ُّ
وكثير ِمن الداخلين في هذا األمر لهم ِ
الملَّة والدِين ،ويسعون إلى زَ جِ العا َّمة إلى هذا الباب.
أعداء ِ
سيضبِطهم؟
وإن ثاروا ف َمن َ
والتشرد في
ُّ بل ما نفعَت في بلدان عديدة حتى األسلحة والدماء والدَّمار
األرض في ضبِطهم.
وغلقًا لهذا الباب امتنع أسامة بن زيد ــ رضي هللا عنهما ــ ،وغيره ِمن
الصحابة ،عن اإلنكار على السلطان في غَيبته بين الناس.
ولفظ البخاري (( :قيل ألُسامة :ل ْو أت ْيت فُالنًا فكلَّ ْمتهُ ،قال :إنَّ ُك ْم لتُر ْون أني
سمعُ ُك ْم ،إني أُكل ُمهُ في السر دُون أ ْن أ ْفتح بابًا ال أكُونُ أ َّول م ْن ال أُكل ُمهُ إ َّال أ ُ ْ
فتحهُ )).
25
1ــ وقال الفقيه أبو العباس القرطبي المالكي ــ رحمه هللا ــ في كتابه
"ال ُمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (:)611 /6
أمرا ال أحب ْ
أن أن أفتح ً «قوله (( :وهللا لقد كلمته فيما بيني وبينه ،ما دون ْ
أول من فتحه )) يعني :أنَّه كلَّمه مشافهة ،كالم لُطف ،ألنَّه اتَّقَى ماأكون َّ
يكون عن المجاهرة باإلنكار ،والقيام على األئمة ،لعظيم ما يَطرأ بسبب ذلك
ِمن الفتن والمفاسد».اهـ
2ــ وقال اإلمام عبد العزيز ابن باز ــ رحمه هللا ــ كما في "مجموع
فتاويه" (:)211-211 /8
«ويَكفي إنكار المعاصي ،والتحذير ِمنها ِمن غير أن يُذكر َمن فعلَها ،ال
حاك ًما وال غير حاكم.
ول َّما وقعت الفتنة في عهد عثمان ــ رضي هللا عنه ــ قال بعض الناس
ألسامة بن زيد ــ رضي هللا عنه ــ (( :أال تكلم عثمان؟ فقال :إنَّكم ترون
أمرا ال
أن أفتتح ً أني ال أكلمه إال أُسمعكم؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه دون ْ
أول من افتتحه )). أحب ْ
أن أكون َّ
ول َّما فتح الخوارج ال ُج َّهال باب ال َّ
شر في زمان عثمان ــ رضي هللا عنه ــ،
وأنكروا على عثمان علنًا:
ظمت الفتنة ،والقتال ،والفساد ،الذي ال يَزال الناس في آثاره إلى اليوم، ع ُ
حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية ،وقُتِل عثمان وعلي ــ رضي هللا
عنهما ــ بأسباب ذلك ،وقُتِل جمع كثير ِمن الصحابة ،وغيرهم بأسباب
اإلنكار العلني ،وذِكر العيوب علنًا ،حتى أبغض الكثيرون ِمن الناس و ِل َّ
ي
أن رسول هللا صلى هللا أمرهم وقتلوه ،وقد َروى عياض بن غَنم األشعري َّ
أن ينصح لذي سلطان فال يُبده عالنية ،ولكن عليه وسلم قال (( :من أراد ْ
يأخذ بيده فيخلو بهْ ،
فإن قبل منه فذاك ،وإال كان قد أدَّى الذي عليه
))».اهـ
26
عكيم ــ رحمه هللا ــ أنَّه قال:
وجاء بإسناد صحيح عن عبد هللا بن ُ
األمر التاسع:
أن أنس بن مالك ــ رضي هللا عنه ــ قال (( :نهانا كُبراؤُنا م ْن أصْحاب َّ
سبُّوا أُمراء ُك ْم ،وال تغشُّو ُه ْم،
َّللا صلَّى هللاُ عل ْيه وسلَّم ،قال« :ال ت ُ سول َّ ر ُ
يب» )). وال ت ْبغضُو ُه ْم ،واتَّقُوا َّ
َّللا واصْب ُروا؛ فإ َّن ْاأل ْمر قر ٌ
سنة" ( ،)7973والبيهقي في " ُ
شعب اإليمان" أخرجه ابن أبي عاصم في "ال ُّ
( ،)1311وغيرهما.
ب األمراء في جميع األحوال ،وعن ِغشِهم ،وأ ُ ِمر بالصبر س ِأنَّه نُ ِهي عن َ
أن السَّبَّ ِمنه ما هو بحق،عليهمِ ،لمفاس ِد ذلك على الدِين والدنيا وال ِعباد ،مع َّ
تعديًا.
حر ًما أو ِ
ب ُم َّ
س ِ وأ ُ ِبيح على سبيل العقوبة ِ
بالمثل ما لم َيكن في لفظ ال َّ
و ِغيبَة الحاكم ،واإلنكار عليه علنًا في غَيبَته بذِكر عيوبه على المأل ،يُمنعان
ألن المفاسد قد تعود سبَّ ، ألن مفاسدهما أكثر ِمن مفاسد ال َّ ِمن باب أولىَّ ،
على الدِين والدنيا واأل ُ َّمة ،وتُنشَر بمظهر الغيرة على الدِين واأل ُ َّمة ،فتُقبَل
27
ضرره
ُ نجرف إليها أعداد غفيرة ،بخالف السَّبَّ ،إذ يعود وتَروج ً
كثيرا ،ويَ ِ
في الغالب على صاحبه ،ويَ ُم ُّجه عموم الناس.
سنة والحديث
ودونكم ــ سدَّدكم هللا ــ بعض أقوال أهل العلم من أهل ال ُّ
والجماعة في المنع من هذه الطريقة في اإلنكار على الحاكم.
أو ًال ــ قال اإلمام عبد العزيز ابن باز ــ رحمه هللا ــ كما في "مجموع
َّ
فتاويه" (ُ ،)211-211 /8مجيبًا على سؤال حول اإلنكار على الوالة في
سلف نقد الوالة من فوق المنابر؟
صه" :هل من منهج ال َّ غير محضرهم ،ن ُّ
سلف في نُصح الوالة"؟: وما منهج ال َّ
سلف:
«ليس من منهج ال َّ
فضي إلى التشهير بعيوب الوالة ،وذِكر ذلك على المنابرَّ ،
ألن ذلك يُ ِ
فضي إلى الخوض الذيضى ،وعدم السمع والطاعة في المعروف ،ويُ ِ الفو َ
َيضر وال ينفع».اهـ
قلت:
واإلنكار العلَني بِذكر ُمنكر الحاكم وتبيين خطئه فيه حال غَيبتِة داخل في
التشهير به بين الناس.
28
ثانيًا ــ قال العالمة دمحم ين صالح العثيمين ــ رحمه هللا ــ في شرح كتاب
"رياض الصالحين" ( 821 /6و 812ــ رقم1211:ــ عند حديث وباء
الطاعون):
أن يكون المراجعِ :م َّمن له علم ودِين وعقل ،وليس ِم َّمن عنده غَيرة وبشرط ْ
فإن هذا ال يتكلم ،إنَّما يتكلم العقالء مع والة
عاصفة ،وعاطفة هوجاءَّ ،
األمور ،ولكن ال يتكلمون ِمن وراء و ِلي ِ األمر ،بل يتكلمون ِمن بين يديه
حتى يحصل النقاش واإلقناع».اهـ
ــــ وجاء في مقطع صوتي في موقع "النَّهج الواضح" للعالمة العثيمين ــ
رحمه هللا ــ عنوانه" :ال يجوز نقد الحاكم علنًاْ ،
وإن أذن هو بذلك":
ــــ وقال أيضًا كما في شرح "العقيدة الواسطية" ،الشريط الثاني ،رقم:
(:)18
سنة ،فالنبي «اإلنكار العلني على الوالة أمر ُمحدَث ،ولم يكن ِمن أصول ال ُّ
ملسو هيلع هللا ىلص يقول (( :أال م ْن ولي عل ْيه وا ٍل ،فرآهُ يأْتي ش ْيئ ًا م ْن م ْعصية هللا ،ف ْليكْر ْه
ما يأْتي م ْن م ْعصية هللا ،وال ي ْنزع َّن يدًا م ْن طاع ٍة )) ،هكذا يقول النبي
ملسو هيلع هللا ىلص.
َينبغي أن تكون بصفة ِس ِرية ،حتى تكون أنجح لقبول الوالي ،هذا هو
األصل.
وقد قال أسامة بن زيد ــ رضي هللا عنه ــ ل َّما قيل له (( :أال تُكلم عثمان ))،
فقال (( :أتظنون أني ال أُكلمه إال أُسمعكم )) يعني :أني أ ُ ِ
كلمه ِس ًّرا.
سنة.
إذن األصل هكذا في ال ُّ
31
ومن يقف على المنبر ويقول" :رسالة إلى الملك الفالني ،أو الوزير
خطئ.
الفالني ،أو ما أشبَه ذلك" ،فهو ُم ِ
بل يجب عليه إن كان يَرى شيئًا ِمن ال ُمنكر أن يُر ِسل نصيحة ِس ِرية ،فإن
قُ ِبلت فليَحمد هللا سبحانه وتعالى على ذلك ،وإن لم تُقبل فليَعلم َّ
أن ِذ َّمته قد
بَرئت ،وليس عليه شيء بعد هذا».اهـ
«أ َّما التشهير بوالة األمر على المنابر ،فهذه طريقة غير سلفية ،بل هي
طريقة دخيلة».اهـ
أن عندهم أخطاء ،وليسوا «فال ُحكام المسلمون بَشر يُخطئون ،وال شَك َّ
بمعصومين ،وال نقول :إنَّه يُسكت على ما يَصدر ِمن الحكام ِمن أخطاء ،ال،
بل تُعالَج ،ولكن تُعالَج بالطريقة السليمة ،بالمناصحة لهم ِس ًّرا ،والكتابة لهم
وزع على وقع عليها جمع كثير ،وت ُ َّ
ِس ًّرا ،وليست بالكتابة التي تُكتَب ،ويُ ِ
الناس ،هذا ال يجوز.
بل تُكتَب كتابة ِس ِرية فيها نصيحة ،تُسلَّم ِلو ِلي ِ األمر ،أو يُكلَّم شفويًا.
31
وليس الترويج لألخطاء ،والتشهير بها ِمن النصيحة في شيء ،بل هو ِمن
إشاعة ال ُمنكر والفاحشة في الذين آمنوا.
سلف الصالح.
وال هو ِمن منهج ال َّ
وإن كان قصد صاحبها حسنًا وطيبًا ،وهو :إنكار المنكر بزَ عمه ،لكن ما
نكرا ِم َّما أن َكره ،وقد يكون إنكار ال ُمنكر ُمن َك ًرا إذا كان على غير فعلَه أشد ُم ً
الطريقة التي شرعها هللا تعالى ،ورسوله ملسو هيلع هللا ىلص ،ألنَّه لم َيتَّبع طريقة الرسول ملسو هيلع هللا ىلص
الشرعية الَّ ِتي رسمها».اهـ
شر ،وتُحدِث
«النَّصيحة التي يُج َهر بها أمام الناس ،أو على المنابر ،تُثير ال َّ
والرعية.
العداوة بين والة األمور َّ
أن اإلنسان يَتكلم في أخطاء والة األمور على ِمنبر ،أو ليست النَّصيحةَّ :
شرا.
شر ًّ على ُكرسي أمام الناس ،هذا ال يَخدم المصلحة ،وإنَّما يزيد ال َّ
تصل بوالة األمور شخصيًّا ،أو كتابيًّا ،أو عن طريق إنَّما النَّصيحة :أن ت َ ِ
بعض الذين يَتصلون بهم ،وت ُ ِبلغهم نصيحتك ِس ًّرا فيما بينَك وبينهم.
وليس من النصيحة أيضًا :أنَّنا نَكتب نصيحة ونَدور بها على الناس ،أو
وقعوا عليها ،ونقول" :هذه نصيحة" ،ال ،هذه فضيحة ،هذه على كل أحد ِليُ ِ
شرور ،وت ُ ِ
فرح األعداء ،ويَتدخل فيها تُعتَبر ِمن األمور التي ت ُ ِ
سبب ال ُّ
أصحاب األهواء».اهـ
سلف" على "اليوتيوب" ــــ وجاء في مقطع صوتي في قناة "صوت ال َّ
للشيخ صالح الفوزان ــ سدَّده هللا ــ عنوانه" :فتاوى العلماء في ُحكم
نصيحة ال ُحكام عالنية":
فهذا خطأ ،الذي يقول" :أنَّه يُن َكر على الوالة عالنية" ،هذا يُ ِ
سبب فتنة،
شرا.
سبب ًّ
وي ُ ِ
سلف الصالح ،ما فعلوا هذا».اهـ
ويكذب على :الصحابة ،والتابعين ،وال َّ
سبيل إمام وخطيب المسجد الحرام ــ رحمه هللا سا ــ قال العالمة دمحم ال ُّ
خام ً
والرعية"
الراعي َّ ــ كما في كتابه "األدلة الشرعية في بيان حق َّ
(ص )68:عن اإلنكار السري على الوالة بعد حديث (( م ْن كانتْ ع ْندهُ
ان فال يُكل ُمهُ بها عالنيةً )): نصيحةٌ لذي ُ
س ْلط ٍ
سلف هذه األ ُ َّمة ِمن الصحابة،
«وقد سار وفق هذا التوجيه النبويَ :
والتابعين ،و َمن بعدهم ِمن أئمة اإلسالم المشهورين».اهـ
«وأ َّما سلوك غير ذلك من األساليب ال ُمنكرة ،والمناهج ال ُمحدثة :كالجهر
باإلنكار على الوالة أمام المأل ،وفي المحافل العامة ،والتشهير ِبهم،
والتنقُّص ألقدارهم ،وتغليظ القول في اإلنكار عليهم ،دون مراعاة لمكانتهم،
وإجال ٍل ألقدارهم.
فإنَّه مع كونه خالف التوجيه اإللهي ،وال َهدي النَّبوي ،والمنهج ال َّ
سوي ،الذي
سلف هذه األ ُ َّمةِ ،من الصحابة ،والتابعين ،وأئمة اإلسالم
سار عليه َ
ال ُمخلصين.
آثارا سيئة ،ومفاسد عظيمة على األ ُ َّمة ،إذ يكون سببًا في إيغار َّ
فإن له ً
الرعية على والتهم ،وحصول العداوات والبغضاء فيما بينهم، صدور َّ
33
وربَّما ثار بسببه فتن ،يَنتج عنها مفاسد كثيرة ،وأضرار عظيمة على العباد
ُ
والبالد».اهـ
سا ــ قال العلماء" :دمحم بن عبد اللطيف ،وسعد بن حمد بن عتيق، ساد ً
وعبد هللا بن عبد العزيز العنقري ،وعمر بن دمحم بن سليم ،ودمحم بن
سنية في
إبراهيم بن عبد اللطيف" ــ رحمهم هللا ــ كما في كتاب "الدُّرر ال َّ
األجوبة النَّجدية" ( 112-116 /1و :)121-111
«وأ َّما ما قد يقع من والة األمور ،من المعاصي والمخالفات ،التي ال تُوجب
الكفر ،والخروج من اإلسالم :فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه
سلف الصالحِ ،من عدم التشنيع عليهم الشرعي برفق ،واتِباع ما كان عليه ال َّ
في المجالس ،ومجامع الناس ،واعتقاد َّ
أن ذلك ِمن إنكار ال ُمنكر ،الواجب
إنكاره على العباد.
وهذا غلط فاحش ،وجهل ظاهر ،ال يَعلم صاحبه ما يترتب عليه ِمن المفاسد
وعرف طريقة َ نور هللا قلبه،
العظام في الدِين والدنيا ،كما َيعرف ذلك َمن َّ
سلف الصالح ،وأئمة الدِين».اهـ ال َّ
1ــ قال الحافظ ابن عبد البر المالكي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "التمهيد"
(:)282-282 /21
ففيه :إيجاب النَّصحية على العامة لوالة األمر ،و ُهم األئمة ،والخلفاء،
وكذلك سائر األمراء.
وقد قال ملسو هيلع هللا ىلص (( :الدين النَّصيحة ،الدين النَّصيحة ،الدين النَّصيحة ــ ثالثًا ــ،
عز وج َّل ــ ،ولكتابه ،ولرسوله،قيل :لمن يا رسول هللا؟ قال« :هلل ــ َّ
وألئمة المسلمين وعامتهم )).
34
أن ِمن الدِين النُّصح ألئمة المسلمين ،وهذا أوجب ما
ففي هذا الحديثَّ :
يكون ،ف ُكل َمن واكلهم وجالسهم ،و ُكل َمن أمكنه نُصح السلطان لَ ِزمه ذلك،
إذا َرجا أن َيسمع منه.
قال أبو عمر" :إن لم يكن يُتم َّكن نُصح السلطان :فالصبر ،والدعاء ،فإنَّهم
ب األمراء».اهـ س ِكانوا ينهون عن َ
2ــ وقال اإلمام ابن قيم الجوزية ــ رحمه هللا ــ في كتابه "ال ُّ
طرق
ال ُحكمية" (ص:)18 :
فتحمله ُرتبته
ِ «ومن دقيق الفطنة :أنَّك ال ت َ ُّرد على ال ُمطاع خطأَه بين ال َمأل،
تلطف في إعالمه بِه ،حيث ال على نُصرة الخطأ ،وذلك خطأ ثان ،ولكن َّ
يَشعر بِه غيره».اهـ
وأعظم ُمطاع في البلد هو الحاكم ،وأكبر َمن له سلطة على الناس في البلد
ضا.
هو الحاكم أي ً
وكتبه:
35