You are on page 1of 27

‫نماذج‬

‫من تطبيقات الشيخ فركوس‬


‫َ‬
‫لإلنكار العل ين عىل الحاكم يف غيبته‬

‫ونقض طريقته فيها‬

‫( ال ِقسم الرابع )‬

‫كتبه‪:‬‬
‫عبد القادر بن دمحم بن عبد الرحمن الجنيد‬

‫‪1‬‬
‫ميحرلا نمحرلا هللا‬ ‫بسم‬
‫الحمد هلل على كل حال‪ ,‬وصلَّى هللا على دمحم النَّبي األ ُ َّمي‪ ,‬وعلى آله وأصحابه‬
‫أجمعين‪ ,‬وباهلل القوي العزيز أستعين‪.‬‬
‫أ َّما بعد‪ ،‬أيُّها اإلخوة الفُضالء ــ ج َّمل هللا بواطنكم وظواهركم بتقواه ــ‪:‬‬
‫فهذا هو ال ِقسم الرابع ِمن ُردودي على الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ فيما ذهب‬
‫إليه ِمن تجويز اإلنكار العلَني في المأل على الحاكم المسلم في غَيبته‪ ,‬وعند‬
‫عدم حضوره مع ال ُمن ِكر عليه في نفس المجلس أو المكان‪.‬‬
‫وعنوانه بعد تغييره هو‪:‬‬
‫«نماذج من تطبيقات الشيخ فركوس لإلنكار العلني على الحاكم في غيبته‬
‫ونقض طريقته فيها»‪.‬‬
‫الردود‪:‬‬
‫األول ِمن هذه ُّ‬
‫وقد كان عنوان ال ِقسم َّ‬
‫تفقهة بأدلة خطأ الشيخ فركوس فيما ذهب إليه ِمن تجويز اإلنكار‬
‫«تروية ال ُم ِ‬
‫على الحاكم علنًا في غيبته»‪.‬‬

‫حرمة لإلنكار العلَني على الحاكم في غَيبته‪ِ ,‬‬


‫وزدت بذكر‬ ‫وذَكرت فيه األدلة ال ُم ِ‬
‫سنة والحديث في تأكيد المنع‪.‬‬‫كالم ِلبعض أهل العلم ِمن أهل ال ُّ‬
‫ٍ‬
‫وكان عنوان ال ِقسم الثاني‪:‬‬
‫«النقض العلمي الستدالالت الشيخ فركوس على تجويز اإلنكار العلني على‬
‫الحاكم في غيبته»‪.‬‬
‫وذَكرت فيه أدلَّة الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ على التجويز‪ ,‬وبيَّنت خطأه في‬
‫صب في شيء ِمنها‪ ,‬حتى ولو في دليل واحد‪.‬‬ ‫االستدالل بها‪ ,‬وأنَّه لم يُ ِ‬
‫ودفعت فيه أيضًا‪:‬‬
‫ما نسبَه لألئمة ابن باز واأللباني والعُثيمين ــ رحمه هللا ــ ِمن موافقته لهم‪,‬‬
‫صل ِمنه ِمن ح ْذف أو تقصير في إتمام سياق َما‬ ‫وموافقتهم ِلقوله‪ ,‬وبيَّت ما ح َ‬
‫‪2‬‬
‫نقله ِمن كالمهم‪ ,‬وما حصل ِمنه ِمن خطأ في فهمه‪ ,‬وعدم تحريره له بطريقة‬
‫سديدة صحيحة‪.‬‬
‫وكان عنوان ال ِقسم الثالث‪:‬‬
‫«نقض الضوابط التي وضعها الشيخ فركوس ِلجواز اإلنكار العلني على‬
‫الحاكم في غيبته»‪.‬‬
‫وذَكرت فيه ما ذَكره ِمن ضوابط أو شروط أو قيود ِلجواز اإلنكار على الحاكم‬
‫محال لها‪ ,‬وال َيصلح ضب ُ‬
‫طه بها‪,‬‬ ‫أن قوله هذا بالجواز ليس ا‬‫في غَيبته‪ ,‬وبيَّنت َّ‬
‫وال تستقيم قيوده عنده‪ ,‬وال معه‪.‬‬
‫ودفعت ما نسبَه إلى العالمة العُثيمين ــ رحمه هللا ــ ِمن موافقة له‪ ,‬وذَكرت‬
‫جملة ِمن أقواله الصريحه في المنع‪ ,‬وبيَّنت َّ‬
‫أن فه َمه لكالم الفقيه النووي‬
‫الشافعي ــ رحمه هللا ــ هو أضعف االحتماالت‪.‬‬
‫وذكرت فيه أيضًا َّ‬
‫أن مذهب الشيخ فركوس القديم هو‪:‬‬
‫سنة النَّبوية‬ ‫تحريم اإلنكار العلَني على الحاكم في غَيبته‪ ,‬وأنَّه ذهب إليه َّ‬
‫ألن ال ُّ‬
‫شرور وفِتن‬ ‫سلفية قد شهدت ِلصوابه‪ ,‬و ِل َما يَؤول إليه التجويز ِمن ُ‬ ‫واآلثار ال َّ‬
‫على ال ِعباد والبالد‪ ,‬والدِين والدنيا‪.‬‬
‫هذا وإنِي ــ وهللا عا ِلم الغيب والشهادة ــ‪:‬‬
‫كثيرا‪,‬‬
‫الرد ــ الذي هو‪ :‬القسم الرابع ــ ً‬‫كثيرا في إخراج هذا َّ‬
‫قد تردَّدت ً‬
‫رارا‪ ,‬مع أنِي قد كتبته منذ ُمدَّة طويلة‪ ,‬وذلك ألسباب تتعلَّق‬
‫وأ َّخ ْرت ن ْشره ِم ً‬
‫وانتظارا ْ‬
‫ألن ت َ ِخف‬ ‫ً‬ ‫بال َمردود عليه فيه‪ ,‬ومعه ْأمر الدعوة السلفية في بلده‪,‬‬
‫األضرار ال ُمترتبة على قوله وتجويزه هذا‪.‬‬
‫واستشرت في هذا اإلخراج عددًا ِمن المشايخ الفُضالء الذين أحسبهم ِمن‬
‫الخيرة في العلم وال ُخلق ومراعاة المصالح والمفاسد وتقليل الفتن‪ ,‬وكان رأي‬
‫ِ‬
‫جميعهم أو عا َّمتهم إخراجه ونشره‪.‬‬
‫ومن أسباب هذا اإلخراج‪:‬‬
‫ِ‬
‫أو ًال ــ أنَّي لم أر الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ ولألسف الشديد‪:‬‬
‫َّ‬
‫‪3‬‬
‫وفهمه واستدالالتِه‪,‬‬
‫ِ‬ ‫الردود السابقة التي ُكتبت في نقض كالمه‬ ‫استفاد ِمن ُّ‬
‫وإبطال تجويزه‪ ,‬وتفنيد ما ادَّعاه ِمن نِسبة تجويزه إلى بعض أهل العلم ِمن أهل‬
‫سنة والحديث‪ِ ,‬م َّما كتبته أنا‪ ,‬وكتبه عدد ِمن أهل العلم وطالبه ــ ش َكر هللا لهم‬ ‫ال ُّ‬
‫سنة والحديث المعاصرين في بطالن‬ ‫ــ‪ ,‬وأفتَى به عدد ِمن أهل العلم ِمن أهل ال ُّ‬
‫صب في مصلحته‪ ,‬وتزيد ِمن‬ ‫الردود ت َ ُّ‬ ‫صب فيه‪ ,‬مع َّ‬
‫أن هذه ُّ‬ ‫قوله‪ ,‬وأنَّه لم يُ ِ‬
‫خفف الت َّبعة عنه‪ ,‬وتحسر االختالف عليه وفي مسألته ِمن ِقبل َمن قلَّده‬ ‫فقهه‪ ,‬وت ُ ِ‬
‫أو تبعه‪ ,‬و َمن خالف رأيه‪.‬‬

‫بل إنَّه ــ سدَّده هللا ــ قد زاد فأخرج باألمس القريب ً‬


‫فتوى رابعة ُمختصرة‬
‫ؤكد فيها‪:‬‬ ‫يُ ِ‬
‫قرره ِمن جواز في الفتاوى الثالث السابقة له‪ ,‬وما ادَّعاه ِمن نِسبة قوله‬
‫ما ِ‬
‫ِلبعض أهل العلم‪ ,‬مع أنَّه قد سبق نقضها‪.‬‬
‫سلفية أ َهم ِمن األشخاص ولو َجلُّوا عندنا‪ ,‬وحتى ال‬ ‫أن الحق والدعوة ال َّ‬ ‫ثانيًا ــ َّ‬
‫سنة النَّبوية الثابتة‪,‬‬
‫َيروج مذهب الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ الباطل ال ُمخالف لل ُّ‬
‫سنة والحديث بالسكوت عن الباطل‬ ‫صحيحة‪ ,‬أو يُتَّهم أهل ال ُّ‬ ‫وآثار الصحابة ال َّ‬
‫سل سيف‬ ‫فتتضرر الدعوة السلفية بالسكوت‪ ,‬ويُ َ‬ ‫َّ‬ ‫إذا صدر ِممن يَنتسِب إليهم‪,‬‬
‫وعوامها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُمبتدع بالتشويش على علمائها‪ ,‬وطالب العلم فيها‪,‬‬
‫سنة والحديث ــ سلَّمهم هللا ــ الذين‬ ‫ثالثًا ــ َّ‬
‫الرحمة ببعض اإلخوان ِمن أهل ال ُّ‬
‫ظنوا أو اغتروا بسبب ضعف علمهم‪ ،‬وعدم التدقيق والبحث‪:‬‬
‫بأن كالم الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ صواب‪ ,‬وأنَّه مذهب ال َّ‬
‫سلف الصالح‪,‬‬ ‫َّ‬
‫َّ‬
‫وأن ما ذكره ِمن أدلة ت َنصر ذلك‪ ,‬فأخذوا في نشره‪ ,‬والعمل ب ُمقتضاه‪,‬‬
‫واعتقاده‪ ,‬والبحث له عن مؤيدين‪.‬‬
‫ودفع إلى ذلك أكثر أنَّه ــ سدَّده هللا ــ‪:‬‬
‫خرج البحث العلمي ال ُمؤيَّد باألدلة والنُّقول والمصادر‬
‫قد أخرج هذه الفتاوى َم َ‬
‫واأللفاظ‪ ,‬وما كان كذلك فإنَّه يُغتر ِبه أكثر‪ ,‬ويُن َجرف إليه أسرع‪ ,‬وت َ َ‬
‫ضل بسببه‬
‫أعداد أكبر‪.‬‬
‫َّ‬
‫وألن باب التقرير‬ ‫الرد عليه ألزَ م وأو َكد‪ ,‬وبيان الخطأ فيه أهَم وأولَى‪,‬‬
‫فكان َّ‬
‫ضر ِمن باب التطبيق وال ِفعل‪.‬‬‫واالستدالل أقوى وأ َ‬
‫‪4‬‬
‫فكيف وقد حصل ِمن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ الخطأ ِمن الجهتين جميعًا‪:‬‬
‫‪ 1‬ــ ِمن جهة التقرير‪ ,‬كما في ُردودي السابقة عليه‪ ,‬و ُردود غيري‪.‬‬
‫‪ 2‬ــ و ِمن جهة التطبيق لهذا التقرير‪ ,‬كما في َر ِدي الجديد هذا‪.‬‬
‫سلف‬
‫أن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ قد نشر قوله هذا الباطل باسم ال َّ‬ ‫رابعًا‪َّ :‬‬
‫صرته‪:‬‬‫سنة‪ ,‬وذَكر في نُ َ‬
‫وأهل ال ُّ‬
‫سنة ت َشهد‬
‫سلفية عن الصحابة‪ ,‬وأقوال كبار علماء أهل ال ُّ‬
‫سنة‪ ,‬واآلثار ال َّ‬ ‫َّ‬
‫أن ال ُّ‬
‫له‪.‬‬
‫وهو نفس ما فعله سابقًا حين كان َيري تحريم اإلنكار علنًا على الحاكم في‬
‫سلفية عن‬
‫سنة واآلثار ال َّ‬ ‫سنة‪ ,‬وذَكر َّ‬
‫أن ال ُّ‬ ‫سلف وأهل ال ُّ‬
‫غَيبته‪ ,‬حيث نَسبه إلى ال َّ‬
‫الصحابة تشهد له‪.‬‬
‫سنة قوله‬
‫سنة وكبار علماء أهل ال ُّ‬
‫سلف وأهل ال ُّ‬ ‫فناسب جداا ْ‬
‫أن يُنفَى عن ال َّ‬ ‫َ‬
‫نقضها‪.‬‬ ‫األخير الباطل‪ْ ,‬‬
‫وأن يُتبرأ ِمن هذه التطبيقات بعد تبيُّن ِ‬
‫عرف َمن قلَّد الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ في هذا القول‪ ,‬أو‬ ‫سا‪َّ :‬‬
‫أن َي ِ‬ ‫خام ً‬
‫صب له‪ ,‬أو بحث له عن مؤيدات‪ ,‬أو عاب َمن َردَّ عليه وذ َّمه‪ ,‬أو تشدَّد‬ ‫تع َّ‬
‫بأن الشيخ ج َمع مع بليَّة تجويزه بليَّة أ ُ ْخرى‪ ,‬أال وهي‪:‬‬
‫معهم‪َّ ,‬‬
‫ضا لم يَ ِسر في باب التطبيقات على ِو ْفق القواعد والضوابط والقيود التي‬
‫أنَّه أي ً‬
‫ذَكرها في فتاويه لمسألة اإلنكار العلني على الحاكم في َغيبته‪.‬‬
‫سنة والحديث إلى ِمثل تطبيقات الشيخ‬
‫سا‪ :‬حتى ال يَن َّجر أفراد ِمن أهل ال ُّ‬‫ساد ً‬
‫فركوس ــ سدده هللا ــ التي زَ َّل فيها‪ ,‬إحسانًا للظن بعلمه ومكانته‪ ,‬وبسبب‬
‫ضعف العلم‪ ,‬وعدم قراءتهم ِلما ُك ِتب ِمن ٌردود علمية في نقض ما كتبه في هذا‬
‫المسألة‪ ,‬ونقض تطبيقاته عليها‪.‬‬
‫الردود فلن َيخسروا‪ ,‬وستزيد ِمن علمهم‪ ,‬وت ُقوي فقههم‬ ‫مع أنَّهم لو قرؤوا هذه ُّ‬
‫بهذه المسألة‪ ,‬وتجعلهم َيقفون فيها ومعها موقفًا صحي ًحا ال َي ُ‬
‫ضر بالدِين‪ ,‬وال‬
‫الرفق‪ ,‬و ُحسن‬‫الدنيا‪ ,‬حيث سيكون موقفهم ُمجلَّالً بالعلم‪ ,‬وطريقة أهله‪ ,‬وب ِ‬
‫الخطاب‪ ,‬واألَناة‪ ,‬وتقليل الفتن‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫صل بي لم يقرأ ويتفحص ما‬ ‫بل َّ‬
‫إن البعض ــ سدَّده هللا ــ ِم َّمن راسلني أو ات َ‬
‫عرف ُمجمل‬‫جميع ما كتبه الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ في هذه المسألة‪ ,‬وإنَّما َ‬
‫واغترارا ببعض‬
‫ً‬ ‫قوله‪ ,‬وبعض استدالالته‪ ,‬وتابعه إحسانًا للظن ِبه‪ ,‬وثقة بعلمه‪,‬‬
‫َمن كتب في برامج التواصل يُنافح عن قوله‪ ,‬ومع ذلك فهو يُناقش ويُجادل‬
‫ويُغلظ في األلفاظ‪ ,‬ويَبحث ِمن ُهنا و ُهناك عن مؤيدات له‪.‬‬
‫صحيح السديد‪ ,‬واتخاذ المواقف مع قو ٍل‪ ,‬ومع ال ُمخالفين له‪,‬‬ ‫وال شك َّ‬
‫أن الفقه ال َّ‬
‫ولصاحبه فيه‪ ,‬ونُصرتِه وإشاعته وال ُمجابهة مع اآلخَرين فيه‪ ,‬ال يكون بهذه‬
‫الطريقة‪ ,‬إذ ليست بطريقة العلم‪ ,‬وال طريقة أهله‪ ,‬وال ت ُوصل إلى الحق أو‬
‫ت ُضعف الوصول إليه‪ ,‬وت َ ُجر إلى التعصب البغيض‪ ,‬واالنتصار المذموم للنفس‬
‫أو َمن ت ُحب وت ُع ِظم‪.‬‬
‫أن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ يُن ِكر في العلن والغَيبة على نائب‬ ‫سابعًا‪َّ :‬‬
‫حرم أو واجب‪ ,‬كما سيأتي في‬‫عا‪ ,‬وما ليس ب ُم َّ‬ ‫الحاكم حتى ما ليس بُمن َكر شر ً‬
‫النَّموذج الثاني ِمن هذا َّ‬
‫الرد‪.‬‬
‫و ِإني ــ وهللا العزيز العليم ــ‪:‬‬

‫لم أبحث عن هذه النَّماذج‪ ,‬ولم أتَتبَّع تطبيقاته هذه‪ ,‬بل جاءتني ِمن بعض ُم ِ‬
‫حبيه‬
‫يُشيدون بإنكاره هذا‪ ,‬أو ِمن بعض ُمخالفيه‪ ,‬يُن ِكرون عليه‪ ,‬أو ِمن أ ُناس يسألون‬
‫عنها‪.‬‬
‫ثم َرج ْعت إلى موقعه فتأ َّكدت ِمن ص َّحتها‪ ,‬ونَسخت هذه األلفاظ ِمنها ُهنا كما‬
‫خريات ِلتكثُر عندي‪ ,‬وفي ر ِدي‪َّ ,‬‬
‫ألن‬ ‫طلَّب زيادتها‪ ,‬وال فتَّشت عن أ ُ َ‬
‫هي‪ ,‬ولم ات َ‬
‫غرضي هو اإلصالح ما استطعت‪.‬‬ ‫ِ‬
‫هذا وقد تقدَّم في ُردود سابقة لي على الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ‪:‬‬
‫أنِي قد عجزت عن الوصول إليه للمناصحة والمباحثة والتذاكر في هذه المسألة‬
‫وما كتبه عنها‪ ,‬وبعد ُمراسلة عديدين‪ ,‬وبعض َمن ذُ ِكر لي أنَّهم أقرب َمن‬
‫حوله‪ ,‬وجهو ٍد أ ُ ْخرى‪.‬‬
‫الردود أكثر ِمن ستة أشهر‪.‬‬
‫وصبَرت على عدم إخراج َّأول هذه ُّ‬

‫‪6‬‬
‫ودونكم ــ سلَّمكم هللا ــ هذه النماذج وتطبيق الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ لها‬
‫في موقعه على اإلنترنت مع نقض خللها‪ ،‬وبيان ما حصل فيها ِمن أخطاء‬
‫ظلم‪:‬‬ ‫شرعية‪ ،‬و ُ‬

‫ــــ « النَّموذج َّ‬


‫األول » ــــ‬
‫[ وعنوانه في موقع الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ‪:‬‬
‫"نصيحة ِمن الشيخ دمحم علي فركوس وإدارة موقعه إلى ولي ِ األمر على‬
‫اإلجراءات اإلدارية الخاصة بجواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريَّين"‪.‬‬
‫وم َّما جاء فيها‪:‬‬
‫ِ‬
‫للخلق‪:‬‬
‫ِ‬ ‫"وقيا ًما بما أوجبه هللا ِمن بيان الحق‪ ،‬والنُّصحِ‬
‫وإن كانوا يتف َّهمون اإلجراءات‬ ‫فإن الشيخ دمحم علي فركوس وإدارة موقعه ــ ْ‬ ‫َّ‬
‫اإلدارية الخاصة بجواز السفر‪ ،‬وبطاقة التعريف البيومتريين‪ ،‬الرامية إلى‬
‫األمن‪ ،‬وتضييق مسالك اإلجرام والتزوير والفساد ــ إال أنَّهم ال يُ ِق ُّرون‬ ‫إقرار ْ‬
‫شعر‬
‫فرضه ِمن تخفيف ِلحية الرج ِل‪ ،‬وكشف ِ‬ ‫ما تعتزم الجهات الرسمية ْ‬
‫القرار آلية الحجاب" ]‪.‬‬‫ِ‬ ‫الصور الشمسي ِة‪ِ ،‬ل ُمنافاة‬
‫ِ‬ ‫المرأة وأُذنيها في‬
‫قلت‪:‬‬
‫وعند هذا النموذج‪ ،‬وهذا التطبيق لإلنكار العلني في الغيبة‪ ،‬وهذه الصورة‬
‫ِمن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ وإدارة موقعه هذه األمور‪:‬‬
‫األول‪:‬‬
‫األمر َّ‬
‫إنكار علَني في ال َمأل يَتعلق بحاكمهم‪ ,‬ومو َّجه إليه خا َّ‬
‫صة‪ ,‬وفي‬ ‫ٌ‬ ‫هذه الصورة‬
‫َغيبته‪ ,‬وعبر موقع في اإلنترنت مفتوح ِلجميع َمن في العالَم‪.‬‬
‫وإعالن في الناس َّ‬
‫بأن الشيخ فركوس وإدارة موقعه ــ سدَّدهم هللا ــ‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫ال يُ ِق ُّرون هذا ال ُمنكر الصادر ِمن جهته أو جهة دولته‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الردود أو الرسائل السابقة‪:‬‬
‫وقد تقدَّم في ُّ‬
‫ونوابه في‬
‫ــــ ذِكر األدلة على تحريم هذه الطريقة في اإلنكار على الحاكم َّ‬
‫صحيحة‪ ,‬وطريقة‬ ‫سنة النَّبوية الثابتة‪ ,‬وآثار الصحابة ال َّ‬
‫غَيبتهم‪ ,‬وأنَّها ُمخالفة لل ُّ‬
‫سنة والحديث والجماعة‪.‬‬ ‫سلف الصالح أهل ال ُّ‬ ‫ال َّ‬
‫وأن التحريم هو المذهب القديم للشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ‪ ,‬وأنَّه منعه َّ‬
‫ألن‬ ‫ــــ َّ‬
‫سلفية قد شهدت للتحريم‪ ,‬و ِل َما يَؤول إليه التجويز ِمن‬ ‫سنة النَّبوية واآلثار ال َّ‬
‫ال ُّ‬
‫شرور على األ ُ َّمة‪ ,‬وفِتن ت ُ‬
‫ضر بالعباد والبالد‪ ,‬والدِين والدُّنيا‪.‬‬ ‫ُ‬

‫األمر الثاني‪:‬‬
‫سنة والحديث والجماعة‬ ‫سلف الصالح أهل ال ُّ‬ ‫النَّصيحة للحاكم ال تكون عند ال َّ‬
‫بهذه الطريقة التي فعلها الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ وإدارة موقعه ال ِمن جهة‬
‫المكان‪ ,‬وال ِمن جهة األلفاظ‪ ,‬وال ِمن جهة االجتماع عليها‪.‬‬
‫رضت فيه للعالم جميعه‪.‬‬
‫ع ِ‬ ‫‪ 1‬ـــ َّ‬
‫ألن مكانها هو‪ :‬موقع الشيخ فركوس‪ ,‬و ُ‬
‫والنصيحة بهذه الطريقة العلنية العالمية تشهير وتعيير وتشنيع وفضيحة‪ ,‬ال‬
‫يَرضاها وال تُناسب حتى آحاد الناس الذين ال يَعرفهم إال القليل‪ ,‬فكيف بالحاكم‪,‬‬
‫أشهر الناس في بلده‪ ,‬وأشهر أهل بلده في العالم‪.‬‬
‫سرت ــ فكيف إذا كان حاك ًما ــ هو‪:‬‬ ‫َّ‬
‫وألن ال ُمراد ِمن نصيحة إنسان إذا تي َّ‬ ‫‪ 2‬ـــ‬
‫صالحه أو اإلصالح به أو جميعهما‪ ,‬ولهذا تُجلَّل باللطف‪ ,‬واأللفاظ الجميلة‪,‬‬
‫واألجر‪ ,‬وإظهار الشفقة‪ ,‬ومحبَّة الخير‪ ,‬وغير‬‫ْ‬ ‫والدعاء‪ ,‬والترغيب في الخير‬
‫ذلك ِم َّما يُناسب َمقام الحاكم وال ُحكم‪ ,‬ويَدفع إلى قبوله‪ ,‬ويزيد ِمنه‪ ,‬وال يَج ِلب‬
‫صلت‪.‬‬ ‫خففها ْ‬
‫إن ح َ‬ ‫األضرار‪ ,‬أو يُ ِ‬
‫وأ َّما هذه األلفاظ التي صدرت عن الشيخ فركوس وإدارة موقعه ــ سدَّدهم هللا‬
‫ــ‪ِ ،‬مثل قولهم ُهنا‪:‬‬

‫[ إال أنَّهم ال يُ ِق ُّرون ما تعتزم الجهات الرسمية ْ‬


‫فرضه ]‬
‫فليست ِمن هذا الباب‪ ,‬وال على هذا السبيل‪ ,‬بل تُش ِعر المنصوح أنَّك تُراغمه‪,‬‬
‫حرمة والفتن‪ ,‬وهذا قد يدفعه إلى‬‫المآرب ال ُم َّ‬
‫ِ‬ ‫وتُثير الناس عليه‪ ,‬ويَست ِغلها أهل‬
‫‪8‬‬
‫عدم القبول أكثر‪ ,‬أو إلى أكبر وأش َِر ِمن ذلك‪ ,‬فكيف إذا كانت نصيحته ُمعلَنة‬
‫في المواقع للعالَم كله‪.‬‬
‫شعب والعالَم بأنَّنا ال نُ ِق ُّر الحاكم‬
‫إن النصيحة ليست تسجيل موقف أمام ال َّ‬ ‫ثم َّ‬
‫على كذا‪ ,‬أو ال نُ ِقر الدولة على كذا‪.‬‬
‫مر‬
‫سنة والحديث‪ ,‬ولو َّ‬
‫ولم َي ُمر ِبي خالل بحثي ِمثل ذلك عن علماء أهل ال ُّ‬
‫بغيري فهو خطأ ِمن فاعله‪.‬‬
‫‪ 3‬ـــ وأل َّن نصيحة الحاكم ال ت ُناسبها وال تصلح لها الجماعية‪ِ ،‬مثل القول‪:‬‬
‫[ َّ‬
‫فإن الشيخ دمحم علي فركوس وإدارة موقعه ‪ ...‬ال يُ ِق ُّرون ‪] ...‬‬
‫ألن الجماعية قد ت ُش ِعر المنصوح َّ‬
‫بأن ال ُمراد بها الضغط عليه‪ ,‬فكيف إذا كان‬ ‫َّ‬
‫المنصوح حاك ًما‪ ,‬أقوى الناس سلطة في بلده‪ ,‬وكان معها لفظ ِمثل‪" :‬ال‬
‫يُ ِق ُّرون"‪ ,‬وكانت ُمعلَنة في موقع مفتوح للعالم جميعه‪.‬‬
‫المآرب‬
‫ِ‬ ‫رورا باحتجاج أهل‬
‫ش ً‬ ‫ست َفح ُ‬
‫بل إذا فعلها َمن يَنتسِب إلى العلم والدعوة‪ ,‬ف َ‬
‫واألحزاب ب ِفعله‪ ,‬وإضفاء َمظلَّة أو ستار شَر ِعي على إنكاراتهم واعتراضاتهم‬
‫على الحاكم والدولة‪ ,‬ترتفع بها شعبيتهم‪.‬‬
‫األمر الثالث‪:‬‬
‫سنة والحديث المعاصرين ُمتعدِد ومشهور ومعروفة‬ ‫كالم أهل العلم ِمن أهل ال ُّ‬
‫أن إعالن اإلنكار على الحاكم في غَيبته ِمن على ِمنبر جمعة‪ ,‬أو في‬ ‫أمكنته في َّ‬
‫سلف الصالح‬‫محاضرة أو درس‪ ,‬وأشباه ذلك‪ ,‬ال يجوز‪ ,‬وأنَّه خالف طريقة ال َّ‬
‫سنة والحديث والجماعة مع ُحكامهم‪.‬‬ ‫أهل ال َّ‬
‫ضا ِل َمن طلبه في ُردودي أو رسائلي ال ُمتقدِم ذِكرها في بداية‬
‫وهو موجودة أي ً‬
‫الرد الرابع‪.‬‬
‫هذا َّ‬
‫وأشد ِمن اإلنكار على المنابر وفي الدروس وأخطر‪:‬‬
‫ْ‬
‫أن يكون اإلنكار مكتوبًا‪.‬‬
‫خطرا وأكبر‪:‬‬
‫ً‬ ‫وأكثر ِمن ذلك‬
‫‪9‬‬
‫أن يكون في موقع إنترنت ُمتاح وبسهولة ِللعالَم جميعه‪ ,‬وتزيد في انتشاره‬ ‫ْ‬
‫و ُ‬
‫شهرته برامج التواصل ال ُمتعدِدة والمتنوعة‪.‬‬
‫وقد قال العالمة صالح بن فوزان الفوزان ــ سلَّمه هللا ــ في كتابه "األجوبة‬
‫ال ُمفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة" (ص‪ 11-74:‬ــ سؤال رقم‪ )11 :‬في‬
‫شأن التعامل مع الحاكم في هذا الباب‪:‬‬
‫«بل تُكتَب كتابة ِس ِرية فيها نصيحة‪ ,‬تُسلَّم ِلو ِلي ِ األمر‪ ,‬أو يُكلَّم شفويًا‪.‬‬
‫صور وت ُ َّ‬
‫وزع على الناس‪:‬‬ ‫أ َّما الكتابة التي تُكتب وت ُ َّ‬
‫فهذا عم ٌل ال يجوز‪ ,‬ألنَّه تشهير‪ ,‬وهو ِمثل الكالم على المنابر‪ ,‬بل هو أشد‪ ,‬بل‬
‫سى‪ ,‬ولكن الكتابة تَبقَى وتَتداولها األيدي‪ ,‬فليس هذا ِمن‬ ‫الكالم يُم ِكن ْ‬
‫أن يُن َ‬
‫الحق»‪.‬اهـ‬

‫ــــ « النَّموذج الثاني » ــــ‬


‫[ عنوانه في موقع الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ‪:‬‬
‫الجمع في الحضر بسبب عُذر المطر"‪.‬‬
‫ْ‬ ‫قرار م ْن ِع‬
‫"تذكير واستنكار على ِ‬
‫وم َّما جاء فيه‪:‬‬
‫ِ‬
‫عز دمحم علي فركوس ــ حفظه هللا ــ وإدارة موقعه‬ ‫"هذا‪َّ :‬‬
‫وإن أبا عبد ال ُم ِ‬
‫ليستن ِكرون ِمن البيان الصادر ِمن وزارة الشؤون الدِينية واألوقاف‪،‬‬
‫والقاضي بمنع الجمع بين الصلوات في حا ِل نُزول المطر أو وقوع الثلج‪،‬‬
‫سنة الفعلية‪ ،‬وال ُمنافي ِلما عليه عمل األ ُ َّمة اإلسالمية‪ ،‬ويتع َّجبون‬ ‫وال ُمصادِم لل ُّ‬
‫ث قو ٍل خارجٍ عن‬ ‫ِمن حظر إقامة سنَّة ِمن ُ‬
‫سننه ملسو هيلع هللا ىلص في بيوت هللا‪ ،‬بإحدا ِ‬
‫المذهب الفقهي ِ الذي تعتمده الجهة الوصية مرجعًا لها دون غيره‪ ،‬وهو‬
‫كثيرا ما تُدندِن الوزارة حوله" ]‪.‬‬ ‫مذهب مالك الذي ــ ً‬
‫قلت‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫وعند هذا النموذج‪ ،‬وهذا التطبيق لإلنكار العلني في الغيبة‪ ،‬وهذه الصورة‬
‫ِمن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ وإدارة موقعه هذه األمور‪:‬‬
‫األول‪:‬‬
‫األمر َّ‬
‫إنكار علَني في ال َمأل يَتعلق بنائب حاكم بلده على وزارة الشؤون‬ ‫ٌ‬ ‫هذه الصورة‬
‫الدِينية واألوقاف‪ ,‬ومو َّجه إليه وإليها‪ ,‬وفي غَي َبة الوزير ونُ َّوابه‪ ,‬وعبر موقع‬
‫في شبكة اإلنترنت مفتوح للدنيا كلها‪.‬‬
‫وإعالن في الناس َّ‬
‫بأن الشيخ فركوس وإدارة موقعه ــ سدَّدهم هللا ــ‪:‬‬ ‫ٌ‬
‫يَستنكرون بيانَ الوزارة الصادر بمنع الجمع في المطر والثلج‪ ,‬ويتع َّجبون ِمن‬
‫سنَّة ِمن ُ‬
‫سنن النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬ ‫حظر ُ‬
‫الردود أو الرسائل السابقة‪:‬‬
‫وقد تقدَّم في ُّ‬
‫ونوابه في غَيبتهم‪,‬‬
‫ذِكر األدلة على تحريم هذه الطريقة في اإلنكار على الحاكم َّ‬
‫سلف‬‫صحيحة‪ ,‬وطريقة ال َّ‬‫سنة النَّبوية الثابتة‪ ,‬وآثار الصحابة ال َّ‬
‫وأنَّها ُمخالفة لل ُّ‬
‫سنة والحديث والجماعة‪.‬‬ ‫الصالح أهل ال ُّ‬
‫األمر الثاني‪:‬‬
‫اإلنكار على الحاكم أو نائبه على جهة ُمعيَّنة إذا وقعوا في خطأ ال يُناسبه وال‬
‫يصلح له هذا اللفظ‪" :‬يستن ِكرون"‪.‬‬
‫سنَّة نبوية‪.‬‬ ‫وال طريقة االستنكارات‪ ,‬وال التَّع ُّجب مع َّ‬
‫الر ْمي بحظر ُ‬
‫أن يكون قصده ِمن نصيحته‬ ‫ألن ال ُمن ِكر ِلل ُمن َكر يجب ْ‬
‫وال هكذا يُتعامل معهم‪َّ ,‬‬
‫وإنكاره حصول الخير للعباد والبالد‪ ,‬والدِين والدُّنيا‪ ,‬والحاكم ونُ َّوابه‪ ,‬وانتشار‬
‫صحيحة أو الراجحة بين العباد في األرض‪.‬‬ ‫األحكام الشرعية ال َّ‬
‫وهذه الطريقة ِمن الشيخ فركوس وإدارة موقعه ــ سدَّدهم هللا ــ‪:‬‬
‫ــــ ُمست ِف َّزة‪ ,‬وتنفيرية‪ ,‬بأنَّكم معاشر المنصوحين تَحظرون ُ‬
‫سنَّة نبوية‪.‬‬
‫ــــ ومظنَّة كبيرة لجعل المنصوح ال يَقبل‪ ,‬أو يتَع َّ‬
‫صب لرأية‪ ,‬أو يُشدِد في‬
‫اإللزام به‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫ومشهورا في‬
‫ً‬ ‫كبيرا في الدولة‪ ,‬له مكانته ووجاهته‪,‬‬
‫مسئوال ً‬‫ً‬ ‫فكيف إذا كان‬
‫ضا بطريقة ليست برفيقة لطيفة‪ ,‬وفي ال َمأل‪ ,‬عبر‬‫الناس‪ ,‬وكان اإلنكار عليه أي ً‬
‫موقع انترنت مفتوح للعالَم كله‪.‬‬
‫حيث قالوا‪:‬‬
‫عز دمحم علي فركوس ــ حفظه هللا ــ وإدارة موقعه‬ ‫[ َّ‬
‫وإن أبا عبد ال ُم ِ‬
‫ليستن ِكرون ‪ ...‬ويتع َّجبون ِمن حظر إقامة سنَّة ِمن ُ‬
‫سننه ملسو هيلع هللا ىلص ‪] ..‬‬
‫وعنونوا إلنكارهم هذا‪:‬‬
‫قرار ‪] ...‬‬
‫[ تذكير واستنكار على ِ‬
‫ضا ال تكون بتسجيل موقف أمام الشعب والعالَم بأنَّنا‪" :‬نستن ِكر"‪.‬‬
‫والنصيحة أي ً‬
‫مر‬
‫سنة والحديث‪ ,‬ولو َّ‬
‫ولم َي ُمر ِبي خالل بحثي ِمثل ذلك عن علماء أهل ال ُّ‬
‫بغيري فهو خطأ ِمن فاعله‪.‬‬
‫األمر الثالث‪:‬‬
‫إن ِم َّما نُقل عن بعض ال َّ‬
‫سلف الصالح ــ رحمهم هللا ــ واشتهر عند أهل العلم‬ ‫َّ‬
‫والفقه‪ ,‬ودلَّت عليه نصوص الشريعة وقواعدها‪ ,‬قولهم‪:‬‬
‫وف َونهى عَن ا ْل ُمنكر أ َ ْن يكون‪ :‬فقهيًا فِي َما يَأْمر بِ ِه‪،‬‬ ‫«يَ ْنبَ ِغي ِل َمن أ َ َ‬
‫مر بِا ْل َم ْع ُر ِ‬
‫فَ ِقي ًها فِي َما ي ْن َهى عَنهُ»‪.‬‬
‫ولو نظرنا إلى هذا اإلنكار الذي صدر عن الشيخ فركوس وإدارة موقعه ــ‬
‫س َّددهم هللا ــ في هذا النَّموذج لوجدنا مع ما سبق وتقدَّم‪:‬‬
‫ضعف فيه الفقه ال َّ‬
‫شرعي‪ ,‬وظهر عليه‬ ‫َّ‬
‫أن إنكارهم هذا واستنكارهم وتع ُّجبهم قد َ‬
‫نقص العلم‪ ,‬وقصور التحرير‪.‬‬
‫وإليكم ــ سلَّمكم هللا ــ شيئ ًا ِمن التدليل على ذلك‪:‬‬
‫أو ًال ــ قال الشيخ فركوس وإدارة موقعه ــ س َّددهم هللا ــ‪:‬‬
‫َّ‬

‫‪12‬‬
‫ث قو ٍل‬ ‫[ ويتع َّجبون ِمن حظر إقامة سنَّة ِمن ُ‬
‫سننه ملسو هيلع هللا ىلص في بيوت هللا‪ ،‬بإحدا ِ‬
‫خارجٍ عن المذهب الفقهي ِ الذي تعتمده الجهة الوصية مرجعًا لها دون غيره‪،‬‬
‫كثيرا ما تُدندِن الوزارة حوله ]‬ ‫وهو مذهب مالك الذي ــ ً‬
‫و ُهنا عدة أمور ينبغي أن تُفقه ويُتنبه لها‪:‬‬
‫‪ 1‬ـــ ال ُمراد "بإحداث قول" عند العلماء هو‪:‬‬
‫أن تُحدِث في مسألة شرعية ً‬
‫قوال جديدًا زائدًا على األقوال الواردة فيها‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ك ْ‬
‫أن يكون للعلماء في مسألة شرعية ثالثة أقوال‪ ,‬التحريم‪ ,‬والكراهة‪ ,‬والجواز‪,‬‬
‫ثم يأتي عالم بعدهم فيزيد ً‬
‫قوال رابعًا كالوجوب‪.‬‬
‫هذا هو ال ُمراد باإلحداث المذموم‪ ,‬والممنوع ِمنه‪ ,‬والذي هو قول أهل البدع‬
‫والضَّالل‪.‬‬
‫حيث قال الفقيه أبو الحسن األشعري ــ رحمه هللا ــ في كتابه "رسالة إلى‬
‫أهل الثغر" (ص‪:)304-303:‬‬
‫سلف فيما أجمعوا عليه‪ ,‬وع َّما اختلفوا‬ ‫«ال يجوز ألح ٍد ْ‬
‫أن َيخرج عن أقاويل ال َّ‬
‫أن َيخرج عن أقاويلهم»‪.‬اهـ‬‫ألن الحق ال يجوز ْ‬
‫فيه‪ ,‬أو في تأويله‪َّ ,‬‬

‫وجاء في كتاب "شرح الكوكب المنير" (‪ )237 /2‬وهو ِمن كتب األصول‬
‫عند الحنابلة‪:‬‬
‫عصر اختلفوا في مسألة على قولين َح ُر َم إحداث قول ثالث‬
‫ٍ‬ ‫«وإذا كان ُمجتهدو‬
‫مطلقًا عند اإلمام أحمد‪ ,‬وأصحابه‪ ,‬وعا َّمة الفقهاء»‪.‬اهـ‬
‫سنة أحمد بن حنبل ــ رحمه هللا ــ عن إحداث قو ٍل جديد‬
‫بل قد قال إمام أهل ال ُّ‬
‫خارج عن أقاويل الصحابة في المسألة كما في كتاب "العُدَّة في أصول الفقه"‬
‫(‪:)1011 /7‬‬
‫«هذا قو ٌل خبيث‪ ,‬قو ُل أه ِل البدع»‪.‬اهـ‬
‫إن كان كما ذُ ِكروا‬
‫‪ 2‬ـــ البيان الصادر عن وزارة الشؤون الدِينية واألوقاف ــ ْ‬
‫ــ بأمر أئمة المساجد بعدم الجمع بين الصالتين في المطر‪:‬‬
‫‪13‬‬
‫فليس بإحداث قول‪ ,‬ال خارج أقوال العلماء جميعًا‪ ,‬وال خارج أقوال مذهب‬
‫اإلمام مالك ــ رحمه هللا ــ‪.‬‬
‫َّ‬
‫ألن للعلماء ــ رحمهم هللا ــ في الجمع في المطر قوالن‪ ,‬ال َمنع‪ ,‬وعدم المنع‪ ,‬فلم‬
‫قوال جديدًا ثالثًا‪.‬‬
‫يزيدوا في المسألة ً‬

‫وأ َّما في مذهب اإلمام مالك ــ رحمه هللا ــ‪:‬‬


‫فالمنع أحد ألقوال المنصوصة عن اإلمام مالك ــ رحمه هللا ــ‪ ,‬فلم يزيدوا في‬
‫المسألة ً‬
‫قوال جديدًا خار ًجا عن مذهب مالك‪.‬‬
‫وغاية ما فعلوه أنَّهم طلبوا ِمن أئمة المساجد عدم الجمع في المطر‪ ,‬ألسبا ٍ‬
‫ب‬
‫ضت هذا الطلب‪ ,‬ودفعت إليه‪.‬‬‫واقعية أو فقهية عندهم اقت َ َ‬
‫وقد قال إمام المذهب مالك ــ رحمه هللا ــ كما في كتاب "اختالف أقوال مالك‬
‫وأصحابه" (ص‪ ،)11 :‬البن عبد البر المالكي‪:‬‬
‫أر ذلك خطأ‪ ,‬ولو ت ُ ِرك في غير‬
‫«ولو ت َ َرك الناس الجمع في المطر اليوم لم َ‬
‫المدينة لم يكن بذلك بأس»‪.‬اهـ‬
‫وقال الحافظ ابن عبد البر المالكي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "الكافي في فقه‬
‫أهل المدينة" (‪:)111-112 /1‬‬
‫«والجمع ين المغرب والعشاء ليلة المطر ُرخصة وتوسعة‪ ,‬وصالة كل واحدة‬
‫فرا إال في مسجد النبي ــ عليه السالم ــ‪ ,‬وهذه‬
‫لوقتها أحب إلي ِل َمن لم يكن مسا ً‬
‫ضا عنه‪.‬‬
‫رواية أهل المدينة عن مالك‪ ,‬رواها زياد أي ً‬
‫ولكن تحصيل مذهبه عند أكثر أصحابه‪ :‬إباحة الجمع بين الصالتين في المطر‬
‫في كل بلد بالمدينة‪ ,‬وغيرها‪ ,‬وقد قيل‪ :‬ال يُجمع بالمدينة‪ ,‬وال بغيرها‪ ,‬إال في‬
‫مسجد النبي ملسو هيلع هللا ىلص»‪.‬اهـ‬
‫وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "فتح الباري" (‪/7‬‬
‫‪)231‬‬
‫وم َّمن رأى الجمع للمطر‪ :‬مالك في المشهور عنه‪... ,‬‬
‫« ِ‬

‫‪14‬‬
‫وعن مالك رواية‪ :‬ال يجوز الجمع للمطر إال في المدينة في مسجد النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ,‬لفضله‪ ,‬وألنَّه يُنتاب ِمن بُعد‪ ,‬فيُجمع بينهما بعد مغيب الشفق‪,‬‬
‫األول»‪.‬اهـ‬
‫وليس بالمدينة غيره‪ ,‬والمشهور عنه َّ‬
‫وقال الفقيه أبو زكريا النَّووي الشافعي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "المجموع‬
‫شرح المهذب" (‪:)333 /7‬‬
‫ترك الجمع بين الصالتين أفضل باالتفاق»‪.‬اهـ‬
‫«وكذلك ْ‬
‫ويعني بذلك‪ :‬اتفاق الشافعية‪.‬‬
‫وقال الفقيه المرداوي الحنبلي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "اإلنصاف" (‪/2‬‬
‫‪:)337‬‬
‫«تنبيه‪ :‬يُؤخذ ِمن قول ال ُمصنِف [ ويجوز الجمع ] أنَّه ليس ب ُمستحب‪ ,‬وهو‬
‫صحيح من المذهب‪ ,‬وعليه أكثر األصحاب‪ ,‬قاله‬ ‫كذلك‪ ,‬بل تركه أفضل على ال َّ‬
‫مج َمع البحرين"‪ ,‬ونَص عليه‪ ,‬وقدَّمه في "الفروع"‪ ,‬وغيره‪.‬‬ ‫ال َمجد‪ ,‬وصاحب " ْ‬
‫وعنه‪ :‬الجمع أفضل‪ ,‬اختاره أبو دمحم الجوزي‪ ,‬وغيره‪ ,‬كجمعَي عرفة‬
‫ومزدلفة‪ ,‬وعنه‪ :‬التوقف»‪.‬اهـ‬
‫سام ــ رحمه هللا ــ في كتابه "توضيح األحكام ِمن‬
‫وقال العالمة عبد هللا الب َّ‬
‫بلوغ المرام" (‪:)111 /2‬‬
‫جم َعي ِ عرفة‬ ‫«جمهور العلماء‪َ :‬يرون أ َّن ْ‬
‫ترك الجمع أفضل ِمن الجمع‪ ,‬إال في ْ‬
‫ومزدلفة»‪.‬اهـ‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫فخروج وزارة الشؤون الدِينية واألوقاف ــ سدَّدها هللا ــ عن قو ٍل في مذهب‬
‫اإلمام مالك ــ رحمه هللا ــ أو قوله الواحد فقط إلى أقاويل علماء آخَرين ليس‬
‫ِمن اإلحداث المذموم حتى يُستنكر بمثله‪.‬‬
‫ً‬
‫أصال بطلبهم هذا‪.‬‬ ‫فكيف و ُهم لم يخرجوا عنه‬

‫‪15‬‬
‫سنة‬
‫ورخصة وليس ب ُمستحب وال ُ‬ ‫‪ 3‬ـــ الجمع بين الصالتين في المطر مباح ُ‬
‫والرخصة إباحة عند جماهير العلماء‪.‬‬
‫عند أكثر العلماء‪ُّ ,‬‬
‫وفي مذهب اإلمام مالك ــ رحمه هللا ــ أقوال‪:‬‬
‫فنص بعضهم‪ :‬على أنَّه ُ‬
‫سنة أو مندوب‪ ,‬وبعضهم قال‪ُ :‬رخصة‪ ,‬وقال بعضهم‪:‬‬ ‫َّ‬
‫مباح‪ ,‬ونُسِبت اإلباحة إلى األكثر‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدَّم‪:‬‬
‫ترك األئمة للجمع في‬ ‫فوزارة الشؤون الدِينية واألوقاف ــ سدَّدها هللا ــ بطلبها ْ‬
‫حر ًما أو تترك واجبًا حتى يُنكر عليها‪ ,‬ويُستن َكر علنًا‪ ,‬ويُقال‬ ‫المطر لم ترتكب ُم َّ‬
‫سنَّة ِمن ُ‬
‫سنن النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬ ‫إنَّها حظرت ُ‬
‫وغاية ما طلبته فقهيًا هو‪:‬‬
‫ترك ُمباح عند األكثر أو مندوب عند البعض‪.‬‬
‫ْ‬
‫سنة‬
‫سلف الصالح أهل ال ُّ‬
‫والحاكم ونائبه على شيء أو ْأمر يُطاعون عند ال َّ‬
‫والحديث والجماعة فيما لم َيكن حرا ًما ومعصية‪.‬‬
‫فكيف باإلنكار عليهم علنًا في غَيبتهم فيما ليس كذلك‪ ,‬وبطريقة غير لطيفة‪,‬‬
‫سنة نبوية‪ ,‬ونَستن ِكر؟‬
‫وعبارات غير مناسبة‪ ,‬كحظر ُ‬
‫عا‪.‬‬
‫هذا غليظ وشديد‪ ,‬وال ينبعي‪ ,‬وغير سديد شر ً‬
‫عا ْ‬
‫أن يُبيَّن لهم القول الراجح واألفضل واألرفق بالناس عن‬ ‫حرج شر ً‬‫ولكن ال َ‬
‫طريق المشافهة أو المكاتبة السِرية‪ ,‬ويكون هذا الت َّبيين برفق ولُطف وجميل‬
‫الرجحان في الشريعة‪.‬‬ ‫الكالم‪ ,‬ودليل ُّ‬
‫ضا في تقرير القول الراجح في درس أو حين االستفتاء بطريقة‬ ‫حرج أي ً‬
‫وال َ‬
‫ورفقه‪ ,‬وجميل خطابه‪ ,‬و ُحسن تدليله‪.‬‬
‫العلم‪ ,‬وأدبه‪ِ ,‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد خالف الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ هنا كالمه وتقعيده في الفتوى‬
‫الرابعة‪ ،‬حيث قال فيها‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫األمر إنَّما يكونُ على ‪ ...‬بعد تحقُّ ِ‬
‫ق كونِها ُمنك ًَرا‬ ‫ِ‬ ‫اإلنكار على ُو ََل ِة‬
‫َ‬ ‫[ َّ‬
‫فإن‬
‫ُمخا ِلفًا للشَّرع ]‬
‫ثانيًا ــ قال الشيخ فركوس وإدارة موقعه ــ سدَّدهم هللا ــ إنَّهم‪:‬‬
‫[ ليستن ِكرون ِمن البيان الصادر ِمن وزارة الشؤون الدِينية واألوقاف‪،‬‬
‫والقاضي بمنع الجمع بين الصلوات في حا ِل نُزول المطر أو وقوع الثلج‪،‬‬
‫سنة الفعلية‪ ،‬وال ُمنافي ِلما عليه عمل األ ُ َّمة اإلسالمية‪ ،‬ويتع َّجبون‬ ‫وال ُمصادِم لل ُّ‬
‫ث قو ٍل خارجٍ عن‬ ‫ِمن حظر إقامة سنَّة ِمن ُ‬
‫سننه ملسو هيلع هللا ىلص في بيوت هللا‪ ،‬بإحدا ِ‬
‫المذهب الفقهي ِ الذي تعتمده الجهة الوصية مرجعًا لها دون غيره‪ ،‬وهو‬
‫كثيرا ما تُدندِن الوزارة حوله"‪] .‬‬ ‫مذهب مالك الذي ــ ً‬
‫وفي هذا الكالم‪:‬‬
‫ترك الجمع في حال نُزول المطر أو وقوع الثلج ُمصا ِدم لل ُّ‬
‫سنة‬ ‫بأن طلب ْ‬ ‫َّ‬
‫الزعم َّ‬
‫الفعلية‪ ,‬و ُمنافي ِل َما عليه عمل األ ُ َّمة اإلسالمية‪ ,‬وخارج عن مذهب اإلمام مالك‬
‫ــ رحمه هللا ــ‪.‬‬
‫و ُهنا أمور ِعدَّة‪:‬‬
‫‪ 1‬ـــ لم يَرد حديث صحيح صريح عن النبي ملسو هيلع هللا ىلص أنَّه جمع في الحضر بسبب‬
‫سنة ال ِفعلية‪.‬‬ ‫إن التَّرك ُم َ‬
‫صادم لل ُّ‬ ‫المطر‪ ,‬حتى يُقال‪َّ :‬‬
‫بل غاية ما ثبت في الجمع في المطر إنَّما هي آثار عن بعض أصحاب النبي‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ,‬كابن عمر ــ رضي هللا عنهما ــ‪.‬‬
‫حيث أخرج اإلمام مالك ــ رحمه هللا ــ في كتابه "الموطأ" (‪ 184‬أو ‪)963‬‬
‫َان ِإ َذا َج َم َع ْاأل ُ َم َرا ُء بَي َْن ا ْل َم ْغ ِر ِ‬
‫ب‬ ‫ع َم َر ك َ‬
‫هللا ب َْن ُ‬ ‫بإسناد صحيح‪ (( :‬أ َ َّن َ‬
‫ع ْب َد ِ‬
‫َاء فِي ا ْل َم َط ِر َج َّم َع َم َع ُه ْم ))‪.‬‬
‫َوا ْل ِعش ِ‬
‫واست َدل به جماهير أهل العلم على جواز الجمع بين المغرب والعشاء في‬
‫المطر فقط‪.‬‬
‫وقال جماهير أهل العلم أيضًا‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫ال يجوز الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر‪ ،‬ألنَّه لم يَرد الجمع عن‬
‫الصحابة إال بين المغرب والعشاء‪.‬‬
‫سنة وأهل الحديث أحمد بن حنبل ــ رحمه هللا ــ على‪:‬‬
‫ونص إمام أهل ال ُّ‬
‫َّ‬
‫أنَّه لم يَسمع في الجمع بين الظهر والعصر ً‬
‫دليل‪.‬‬
‫حيث قال الحافظ ابن رجب الحنبلي ــ رحمه هللا ــ في كتابه "فتح الباري"‬
‫(‪:)19 /3‬‬
‫الجمع بين الظهر والعصر في المطر‪ ،‬فاألكثرون على أنَّه غير جائز‪،‬‬
‫ْ‬ ‫«وأ َّما‬
‫وقال أحمد‪" :‬ما سمعت فيه شيئًا"»‪.‬اهـ‬
‫ترك الجمع في المطر ُمنافٍ ِل َما عليه عمل األ ُ َّمة اإلسالمية‬ ‫‪ 2‬ـــ َّ‬
‫الزعم َّ‬
‫بأن ْ‬
‫خطأ‪ ,‬وغريب جداا‪.‬‬
‫ألن هذا الجمع ليس بواجب عند العلماء‪ ,‬بل هو مباح عند أكثرهم‪ ,‬و َمنع‬ ‫ــــ َّ‬
‫جمع ِمن الفقهاء‪ِ ,‬منهم‪ :‬مالك في رواية‪ ,‬وأحمد في رواية‪ ,‬وأبو حنيفة‪,‬‬ ‫ِمنه ْ‬
‫وجماعة ِمن التابعين‪ ,‬وال ُمزني ِمن الشافعية‪ ,‬وغيرهم‪.‬‬
‫ترك الجمع أفضل‪.‬‬ ‫وألن جمهور أهل العلم ــ رحمهم هللا ــ على َّ‬
‫أن ْ‬ ‫َّ‬ ‫ــــ‬
‫سنة الفعليه‪ ,‬وال ُمنافاة ِلعمل األ ُ َّمة‪,‬‬
‫‪ 3‬ـــ إدخال الثلج مع المطر في ُمصادمة ال ُّ‬
‫سنَّة نبوية‪ ,‬وأنَّه خارج عن مذهب مالك‪.‬‬‫وحظر ُ‬
‫غريب جداا‪ ,‬وعجيب شديدًا‪ ,‬ألنَّه ال حديث وال أثر يَثبت أو يوجد في الجمع‬
‫بسبب الثلج‪.‬‬
‫سلف الصالح‪ ,‬وال الفقهاء األوائل‪,‬‬ ‫ولم يَمر بي خالل بحثي شيء في ذلك عن ال َّ‬
‫تأخرين ِمن المالكية والشافعية‬ ‫والذي وجدته َّ‬
‫أن الجواز قول ِلبعض الفقهاء ال ُم ِ‬
‫والحنابلة‪.‬‬
‫ومنعه آخَرون كالحنفية‪ ,‬وقليل ِمن الشافعية‪ ,‬وغيرهم‪.‬‬
‫وقد جاء في كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب" (‪ ،)201 /1‬وهو ِمن‬
‫كتب المالكية‪:‬‬
‫‪18‬‬
‫صا في مذهب مالك‪.‬‬
‫«وأ َّما الثالثة‪ :‬فالجمع للثلج ال أذكر فيه ن ا‬
‫ومنهم‪َ :‬من منعه‪ ,‬ألنَّه يزول‬
‫فمنهم‪َ :‬من أجازه‪ِ ,‬‬
‫واختلف علماء الشافعية فيه‪ِ ,‬‬
‫بنفضه ِمن الثياب‪.‬‬
‫كثيرا جداا ويُتعذَّر نف ُ‬
‫ضه ْ‬
‫أن يجوز»‪.‬اهـ‬ ‫والذي يترجح ــ وهللا أعلم ــ أنَّه ْ‬
‫إن كان ً‬
‫‪ 7‬ـــ هذا اإلنكار ِمنهم عام‪ ,‬وغليظ األلفاظ‪ ,‬مع َّ‬
‫أن الجمع في المطر فيه‬
‫ضا ِمن مسائل االجتهاد‪.‬‬‫تفصيل‪ ,‬وهو أي ً‬
‫فإن كان بين المغرب والعشاء‪ ،‬فجائز عند أكثر العلماء‪ِ ,‬منهم‪ :‬مالك ــ رحمه‬ ‫ْ‬
‫هللا ــ‪ ,‬لثبوته عن بعض أصحاب النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪ ,‬وهو الصواب‪.‬‬
‫وإن كان بين الظهر والعصر‪ ,‬فال يجوز عند أكثر العلماء‪ِ ,‬منهم‪ :‬مالك ــ رحمه‬ ‫ْ‬
‫هللا ــ‪ ,‬لعدم ثبوته عن النبي ملسو هيلع هللا ىلص‪ ,‬وأصحابه ــ رضي هللا عنهم ــ مع وجود‬
‫األمطار عندهم في هذا الوقت‪.‬‬
‫ثالثًا ــ قول الشيخ فركوس وإدارة موقعه ــ سدَّدهم هللا ــ في شأن وزارة‬
‫الشؤون الدِينية واألوقاف وما طلبته‪:‬‬
‫سنة الفعلية‪ ،‬وال ُمنافي ِلما عليه عمل األ ُ َّمة اإلسالمية‪،‬‬ ‫[ وال ُمصادِم لل ُّ‬
‫ث قو ٍل خارجٍ‬ ‫ويتع َّجبون ِمن حظر إقامة سنَّة ِمن ُ‬
‫سننه ملسو هيلع هللا ىلص في بيوت هللا‪ ،‬بإحدا ِ‬
‫عن المذهب الفقهي ِ الذي تعتمده الجهة الوصية مرجعًا لها دون غيره‪ ،‬وهو‬
‫ث قو ٍل خارجٍ عن‬‫كثيرا ما تُدندِن الوزارة حوله"‪ .‬بإحدا ِ‬ ‫مذهب مالك الذي ــ ً‬
‫المذهب الفقهي ِ الذي تعتمده الجهة الوصية مرجعًا لها دون غيره‪ ،‬وهو‬
‫كثيرا ما تُدندِن الوزارة حوله"‪] .‬‬ ‫مذهب مالك الذي ــ ً‬
‫خارج عن هذه األمور الثالثة‪:‬‬
‫‪ 1‬ـــ خارج عن التدقيق العلمي الشرعي للمسألة ال ُمستنكرة ِمن قبلهم‪ ,‬كما تقدَّم‬
‫بيان ذلك قريبًا‪ ,‬بل ضعف العلم والفقه في كالمهم ظاهر جداا‪ ,‬وفاضح‪.‬‬
‫سنة‬
‫‪ 2‬ـــ وخارج عن العدل إلى الظلم‪ ,‬حيث َرموا َمن أنكروا عليه بمصادمة ال ُّ‬
‫سنَّة نبوية‪ ,‬وإحداث قول خارج مذهب‬ ‫النبوية‪ ,‬و ُمخالفة عمل األ ُ َّمة‪ ,‬وحظر ُ‬
‫مالك‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وجميع ذلك غير صحيح عن ال ُمن َكر عليه‪ ,‬وغاية ما في األمر أنَّه عمل بقول‬
‫يُخالف اختيار ال ُمن ِكر عليه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـــ وخارج عن أسلوب النصيحة الشرعي السديد الرفيق اللين المطابق‬
‫ُ‬
‫حيث َرموا َمن نصحوه وأنكروا عليه بهذه العظائم‪ ,‬وبغير حق‪ ,‬وبُ ِكتوا‬ ‫للواقع‪,‬‬
‫بأنَّهم خرجوا عن أقوال مذهب إمامهم مالك الذي يُدندنون حوله‪ ,‬وليس‬
‫بصحيح‪.‬‬
‫وكل هذا صدر وخرج علنًا‪ ,‬وفي الغَيبة‪ ,‬عبر موقع مفتوح لكل َمن في العالم‬
‫ِمن إنسان‪.‬‬

‫ــــ « النَّموذج الثالث » ـــــ‬


‫[ وعنوانه في موقع الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ‪:‬‬
‫"في ُحكم العمل في الضرائب"‪.‬‬
‫ً‬
‫حالال‬ ‫األول‪ :‬هل يجوز لي العمل في مصالحِ الضرائب؟ وهل يُعتبر‬
‫السؤال َّ‬
‫شرعًا؟‬
‫وم َّما جاء في جواب هذا السؤال‪:‬‬
‫ِ‬
‫َّاس والعش َِّار‬
‫ذم المك ِ‬
‫ث ِ‬‫ت ِم ْن أحادي ِ‬
‫فإن ما ورد ثابتًا أو غير ثاب ٍ‬
‫"وعليه‪َّ :‬‬
‫ب الجائر ِة‬ ‫ت والضرائ ِ‬ ‫واقترانُها بالوعي ِد الشدي ِد إنما هي محمولةٌ على الجبايا ِ‬
‫وم ْن ِ‬
‫غير توجي ٍه‪.‬‬ ‫حق ِ‬
‫غير ٍ‬‫ق في ِ‬ ‫حق وت ُ ْنف ُ‬ ‫والقاسط ِة التي ت ُ ْؤخذُ ِ‬
‫بغير ٍ‬
‫أن المو َّ‬
‫ظف العامل على جبايتِها‪ :‬يستخدِمه الملوكُ وال ُحكَّا ُم وأتباعُهم‬ ‫بمعنى َّ‬
‫ومظلومي مجتمعاتِهم ِم ْن‬‫ِ‬ ‫ب فُق ِ‬
‫راء‬ ‫صالحهم وشهواتِهم على حسا ِ‬
‫ِ‬ ‫لقضاء م‬
‫ِ‬
‫شعو ِبهم"‪.‬‬
‫أوساط‬
‫ِ‬ ‫جحفةُ تفرضها الحكوماتُ ـ اليوم ـ على‬
‫الضرائب ال ُم ِ‬
‫ُ‬ ‫"وال تزال هذه‬
‫وبالخصوص الشعوب اإلسالمية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫الناس وفُقرائِهم ِمن مجتمعاتِهم‬
‫ِ‬

‫‪21‬‬
‫ف ـ غالبًا ـ في شهواتِهم‬ ‫واألقوياء واألغنياء‪ ،‬وتُصْر ُ‬
‫ِ‬ ‫ساء‬
‫الرؤ ِ‬ ‫وتُر ُّد‪ :‬على ُّ‬
‫ت الرسمي ِة‪ :‬في استقبا ِل الزائرين ِم ْن‬ ‫وملذَّاتِهم المتمثِل ِة في البروتوكوال ِ‬
‫والخمور‬
‫ُ‬ ‫الفجور‬
‫ُ‬ ‫وم ْهرجاناتِهم التي يأخذ فيها‬
‫والئمهم ِ‬
‫ِ‬ ‫ورؤساء‪ ،‬وفي‬ ‫ملوكٍ ُ‬
‫الرقص‬
‫ِ‬ ‫وألوان‬
‫ِ‬ ‫فضال عن أنواعِ الموسيقى‬‫ً‬ ‫الخصور نصيب األسد‪،‬‬‫ِ‬ ‫وإظهار‬
‫ُ‬
‫ت األخرى المعلوم ِة والمشاهد ِة‬ ‫وغيرها ِم ْن شتَّى المجاال ِ‬
‫ِ‬ ‫ت الباطل ِة‬ ‫والدعايا ِ‬
‫التكاليف المالية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عيانًا‪ ،‬باهض ِة‬
‫بعض أه ِل العلم ـ بأنها‪ :‬ت ُ ْؤخذُ ِم ْن‬
‫ُ‬ ‫فكانتْ هذه الضريبةُ ً‬
‫فعال ـ كما عبَّر عنها‬
‫فُقرا ِئهم وتُر ُّد على أغنيا ِئهم‪ ،‬خالفًا لمعنى الزكا ِة"‪.] .‬‬
‫قلت‪:‬‬
‫وعند هذا النموذج‪ ،‬وهذا التطبيق لإلنكار العلني في الغيبة‪ ،‬وهذه الصورة‬
‫ِمن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ هذه األمور‪:‬‬
‫األول‪:‬‬
‫األمر َّ‬
‫إنكار علَني في ال َمأل يَتعلق بالحاكم‪ ,‬وفي غَيبته‪ ,‬وإعالن في‬
‫ٌ‬ ‫هذه الصورة‬
‫الناس عبر موقع في اإلنترنت مفتوح للعالَم كله‪.‬‬
‫ونوابه‬
‫ــــ وقد تقدَّم ذِكر األدلة على تحريم هذه الطريقة في اإلنكار على الحاكم َّ‬
‫سنة النَّبوية الثابتة‪ ,‬وآثار الصحابة ال َّ‬
‫صحيحة‪,‬‬ ‫في غَيبتهم‪ ,‬وأنَّها ُمخالفة لل ُّ‬
‫سنة والحديث والجماعة‪.‬‬ ‫سلف الصالح أهل ال ُّ‬ ‫وطريقة ال َّ‬
‫وأن التحريم هو المذهب القديم للشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ‪ ,‬وأنَّه ذهب إليه‬ ‫ــــ َّ‬
‫سلفية قد شهدت له‪ ,‬و ِل َما َيؤول إليه التجويز ِمن‬ ‫سنة النَّبوية واآلثار ال َّ‬ ‫َّ‬
‫ألن ال ُّ‬
‫ضر بالعباد والبالد‪ ,‬والدِين والدُّنيا‪.‬‬ ‫شرور على األ ُ َّمة‪ ,‬و ِفتن ت ُ‬ ‫ُ‬

‫األمر الثاني‪:‬‬
‫هذه الطريقة في اإلنكار والكالم على ال ُحكام ليس فيها ُمراعاة للمصالح‬
‫والمفاسد الدِينية والدُّنيوية‪ ,‬وال تليق مع مقام ال ُحكم والحاكم‪ ,‬وتُثير الناس على‬
‫سب ِمنها أهل االنحراف الدِيني والسياسي‬ ‫الوالة‪ ,‬وال تجمع قلوبهم عليهم‪ ,‬و َيتك َّ‬
‫في باب الوالة‪.‬‬
‫وهذا األمر ظاهر فيها ِمن جهة‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫ومن إعالنها في موقع‬ ‫ألفاظها‪ ,‬وما حملته ِمن تشنيع شديد‪ ,‬بل و ُ‬
‫ظلم وافتراء‪ِ ,‬‬
‫مفتوح للعالَم أج َمع‪ ,‬وإجابة ِ‬
‫عامي بهذا الكالم‪.‬‬
‫فإذا تكلم أو كتب أو أفتَى َمن يَنتسِب للعلم بهذه الطريقة‪ ,‬فكيف ستكون طريقة‬
‫َمن اغتر بقوله أو قلَّده وهو ليس ِمن أهل العلم‪ ,‬أو كان ضعيفًا في العلم والفَهم‬
‫والعمل‪.‬‬
‫وكان ينبغي على الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ في هذه الفتوى‪:‬‬
‫أدلة‬
‫أن َيقتصر على اإلجابة بتحريم العمل في الضرائب‪ ,‬مع ذِكر شيء ِمن ِ‬ ‫ْ‬
‫ألن السائل إنَّما سأله عن ُحكم عمله فيها فقط‪.‬‬
‫التحريم‪َّ ,‬‬

‫وإ َّما الزيادة ِمنه ــ سدَّده هللا ــ في هذه الفتوى‪:‬‬


‫بذكر ال ُحكام بهذه الطريقة‪ ,‬فال دا ِعي لها‪ ,‬وال يَستفيد السائل ِمنها‪ ,‬بل قد‬
‫ض ُّره‪ ,‬فت َ ُج ُّره إلى اإلثم في باب معاملة الوالة‪ ,‬وتُو ِغل صدره عليهم‪ ,‬وتُط ِلق‬
‫ت ُ‬
‫ِلسانه في الطعن عليهم‪ ,‬والكالم فيهم‪ ,‬ألنَّه قد أجابه بذلك َمن يَعتقد أنَّه ِمن أهل‬
‫العلم والفتوى‪ ,‬و ِمن الحريصين على القول الحق‪ ,‬والصدق‪ ,‬وعدم الظلم‪.‬‬
‫حيث ذكر الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ للسائل ثالثة أشياء عن أموال‬
‫الضرائب وال ُحكام زيادة على التحريم‪:‬‬
‫ظف العامل على جبايتِها‪ :‬يستخدِمه الملوكُ وال ُحكَّا ُم‬‫أن المو َّ‬
‫‪ 1‬ـــ [ " َّ‬
‫ومظلومي‬
‫ِ‬ ‫ب فُق ِ‬
‫راء‬ ‫صالحهم وشهواتِهم على حسا ِ‬‫ِ‬ ‫لقضاء م‬
‫ِ‬ ‫وأتباعُهم‬
‫مجتمعاتِهم ِم ْن شعوبِهم"‪] .‬‬
‫ف ـ غالبًا ـ في‬‫واألقوياء واألغنياء‪ ،‬وتُصْر ُ‬
‫ِ‬ ‫ساء‬
‫الرؤ ِ‬‫‪ 2‬ـــ وأنَّها‪" [ :‬تُر ُّد على ُّ‬
‫ت الرسمي ِة‪ :‬في استقبا ِل الزائرين‬ ‫شهواتِهم وملذَّاتِهم المتمثِل ِة في البروتوكوال ِ‬
‫الفجور‬
‫ُ‬ ‫وم ْهرجاناتِهم التي يأخذ فيها‬
‫والئمهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ورؤساء‪ ،‬وفي‬ ‫ِم ْن ملوكٍ ُ‬
‫وألوان‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫فضال عن أنواعِ الموسيقى‬ ‫الخصور نصيب األسد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وإظهار‬
‫ُ‬ ‫والخمور‬
‫ُ‬
‫ت األخرى المعلوم ِة‬ ‫وغيرها ِم ْن شتَّى المجاال ِ‬
‫ِ‬ ‫ت الباطل ِة‬‫الرقص والدعايا ِ‬
‫ِ‬
‫التكاليف المالية"‪] .‬‬
‫ِ‬ ‫والمشاهد ِة عيانًا‪ ،‬باهض ِة‬
‫‪ 3‬ـــ و [ "بأنها‪ :‬ت ُ ْؤخذُ ِم ْن فُقرا ِئهم وتُر ُّد على أغنيا ِئهم"‪] .‬‬
‫األمر الثالث‪:‬‬
‫‪22‬‬
‫لقد بالغ الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ شديدًا في التُّه َمة بإنفاق ال ُحكام والحكومات‬
‫حرمة‪ ,‬وملذَّاتهم‪ ,‬وشهواتهم‪ ,‬وملذَّات‬ ‫غالب أموال الضَّرائب في األمور ال ُم َّ‬
‫وشهوات األغنياء واألقوياء ِمنهم‪.‬‬
‫وزيرا‬
‫ً‬ ‫صل إلى ِمثل هذه النتيجة أو قريب ِمنها إال إذا كان‬ ‫إذ ال يُمكن ألحد ْ‬
‫أن يَ ِ‬
‫ختصين‪ ,‬وبصعوبة شديدة‪.‬‬ ‫للمالية‪ ,‬وتحته أعداد كثيرة ِمن ال ُم ِ‬
‫بحيث َيحسبون مدخول الضرائب‪ ,‬وأين أنفقته الدولة‪ ,‬وفيما أنفقته‪ ,‬وكم أنفقت‬
‫ْطيَت وزارات الدولة‪ ,‬وموظفيها‪ ,‬وجميع قطاعات الدولة‪,‬‬ ‫ِمنه؟ وكم أُع ِ‬
‫عطي غيرها؟‬ ‫ومشاريعها وبُنيتها ِمن مدخول هذه الضرائب‪ ,‬وكم أ ُ ِ‬
‫بالمرة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫بل َّ‬
‫إن هذا ظلم‪ ,‬وقول غير سديد‬
‫أن الضرائب تذهب إلى ميزانية الدولة الرسمية‬ ‫والمعروف في نظام الدُّول َّ‬
‫ِو ْفق نظام خاص‪ ,‬وتُصرف ِمنها ِو ْفق نظام خاص أي ً‬
‫ضا‪.‬‬
‫سلف الصالح‪ ,‬وال أئمة اإلسالم‬
‫وهذه الطريقة‪ ,‬وهذا األسلوب‪ ,‬ال يُعرف عن ال َّ‬
‫سنة الحديث‪.‬‬
‫األوائل والمعاصرين ِمن أهل ال ُّ‬
‫األمر الرابع‪:‬‬
‫قال الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ‪:‬‬
‫أوساط‬
‫ِ‬ ‫جحفةُ تفرضها الحكوماتُ ـ اليوم ـ على‬
‫الضرائب ال ُم ِ‬
‫ُ‬ ‫[ "وال تزال هذه‬
‫وبالخصوص الشعوب اإلسالمية"‪] .‬‬
‫ِ‬ ‫الناس وفُقرا ِئهم ِمن مجتمعا ِتهم‬
‫ِ‬
‫وقال أيضًا‪:‬‬
‫بعض أه ِل العلم ـ بأنها‪ :‬ت ُ ْؤخذ ُ ِم ْن‬
‫ُ‬ ‫[ فكانتْ هذه الضريبةُ ً‬
‫فعال ـ كما عبَّر عنها‬
‫فُقرائِهم وتُر ُّد على أغنيائِهم‪ ،‬خالفًا لمعنى الزكا ِة"‪] .‬‬
‫وهذا الكالم أيضًا غير سديد‪ ،‬وفيه ظلم‪:‬‬
‫ألن أموال الضرائب تؤخذ ِمن الجميع‪ِ ,‬من الغني والمتوسط والفقير‪,‬‬ ‫ــــ َّ‬
‫والمسؤول وغير المسؤول‪ ,‬ويدفعونها جميعًا‪ ,‬وعلى هذا نظامها‪ ,‬ونظام‬
‫قضي المحاكم‪.‬‬‫القضاء الجزائي عليها‪ ,‬وبهذا ت َ ِ‬
‫‪23‬‬
‫شتَّى‬ ‫ــــ وتُوضع في ميزانية الدولة‪ ,‬وت ُ َ‬
‫صرف ــ كما هو نظامها ــ في َ‬
‫صرف ِمنها شيء فيما ال يَ ِحل‬‫ومنهم‪ :‬الفقراء‪ ,‬وقد يُ َ‬
‫احتياجات الدولة وشعبها‪ِ ,‬‬
‫أو ال يَنبغي‪.‬‬

‫تنبيه ُمهمة جدا‬


‫قال الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ في فتواه الثالثة في تجويز اإلنكار العلني‬
‫على ال ُحكام في غيبتهم‪:‬‬
‫عترض في‬ ‫والرد على إشكال ال ُم ِ‬
‫َّ‬ ‫تقرر في الفتوى ال ُمشار إليها‬ ‫[ َّ‬
‫فإن ما َّ‬
‫مسألة جواز اإلنكار العلَني على ولي ِ األمر الذي خالف الشريعة علنًا‬
‫بالضوابط الشرعيَّة ال ُمبيَّنة في أصل الفتوى هو‪:‬‬
‫وألتزم ب ُحكمه عند اَلقتضاء ]‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ما أ َ ِدينُ َ‬
‫هللا به‪ ،‬وأعتقدُه راج ًحا‪،‬‬
‫قلت‪:‬‬
‫عرض هذه النماذج والتطبيقات في اإلنكار العلني على الحاكم أو‬ ‫و ِمن خالل ْ‬
‫نُ َّوابه في غيبتهم‪ ،‬يتبيَّن َّ‬
‫أن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ‪:‬‬
‫كثيرا‪,‬‬
‫مرارا‪ ,‬ودَندن عليها ً‬
‫ً‬ ‫قد أخفق بااللتزام بالضوابط التي أشار إليها‬
‫وحصل له فيها عند التطبيق خَلل كبير‪ ,‬ونقص شديد‪ ,‬وقصور غريب‪ ,‬ولم‬
‫صب حين قال‪:‬‬ ‫يُ ِ‬
‫وألتزم ب ُحكمه عند اَلقتضاء"‪] .‬‬
‫[" ِ‬
‫ومن األمثلة على ذلك‪:‬‬
‫ِ‬
‫أو ًال ــ أنَّه قال ــ سدَّده هللا ــ في الفتوى الرابعة‪:‬‬
‫َّ‬

‫األمر إنَّما يكونُ على ‪ ...‬بعد تحقُّ ِ‬


‫ق كونِها ُمنك ًَرا‬ ‫ِ‬ ‫اإلنكار على ُو ََل ِة‬
‫َ‬ ‫[ َّ‬
‫فإن‬
‫ُمخا ِلفًا للشَّرع ]‬
‫وخالف ـ سدَّده هللا ــ هذا التقرير‪:‬‬
‫‪24‬‬
‫فأنكر على وزارة الشؤون الدِينية واألوقاف في العلن والغيبة عبر موقعه‬
‫المفتوح للعالم جميعه‪:‬‬
‫حرم تركه‪ ,‬وال واجب فعله‪ ,‬بل هو عند أكثر‬
‫عا‪ ,‬وليس ب ُم ِ‬
‫نكر شر ً‬
‫ما ليس ب ُم ٍ‬
‫العلماء مباح‪ ,‬وعند طائفة ُمستحب‪ ,‬أال وهو‪ :‬عدم الجمع في المطر‪.‬‬
‫كما تقدَّم في النموذج الثاني‪.‬‬
‫ثانيًا ــ أنَّه قال ــ سدَّده هللا ــ في الفتوى األولى‪:‬‬
‫تذكيرهم بال َمسؤوليَّ ِة ال ُم ْلقا ِة‬
‫َ‬ ‫[ ‪ 1‬ـــ " ِم ْن وجو ِه النَّصيح ِة ألئ َّم ِة ال ُمسلمين‪:‬‬
‫وحكم ٍة‬ ‫فق ِ‬ ‫بر ٍ‬ ‫على عاتِ ِقهم‪ ،‬وتعريفَهم باألخطاء وال ُمخالَفات التي َوقَعوا فيها ِ‬
‫غير فضحٍ وَل توبيخٍ وَل‬ ‫ف‪ ،‬واألص ُل في َوع ِْظهم أ َ ْن يكون ِ‬
‫س ًّرا ِم ْن ِ‬ ‫ولُ ْط ٍ‬
‫تشنيع"‪.‬‬
‫ٍ‬
‫علَنًا دون ٍ‬
‫هتك وَل‬ ‫واإلنكار عليهم َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يجوز والحال هذه‪ :‬نصيحتُهم‬ ‫‪ 2‬ـــ "فإنَّه‬
‫الحق‬
‫ِ‬ ‫وإحقاق‬
‫ِ‬ ‫نكر‬
‫إنكار ال ُم ِ‬
‫ِ‬ ‫الحكمةُ ِم ْن‬
‫تشنيع‪ ،‬وهو ما تقتضيه ِ‬
‫ٍ‬ ‫تعيير وَل‬
‫ٍ‬
‫الخير"‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وتحصي ِل‬
‫تشنيع‬
‫ٍ‬ ‫تعيير وَل‬
‫ٍ‬ ‫غير َهتْ ٍك وَل‬‫أن النَّصيحةَ العَلَنيةَ تُؤدَّى ِم ْن ِ‬
‫‪ 3‬ـــ " ِعل ًما َّ‬
‫اإلسالم‬
‫ِ‬ ‫ل ُمنافاتِها للجانب األخالقيِ‪ ،‬وَل خروجٍ بالقول وال ِفع ِل ل ُمخالَفتِه ِل َمنهجِ‬
‫والسياس ِة"‪] .‬‬
‫ِ‬ ‫كم‬
‫في ال ُح ِ‬
‫وقال أيضًا في الفتوى الرابعة‪:‬‬
‫ين ولُ ٍ‬
‫طف؛‬ ‫وحكم ٍة و ِل ٍ‬
‫فق ِ‬ ‫وتذكيرهم ونُص ُحهم ـ عند القُدر ِة ـ إنَّما يكون ِ‬
‫بر ٍ‬ ‫ُ‬ ‫["‬
‫تشنيع وَل توبيخٍ‬
‫ٍ‬ ‫اإلمكان ِم ْن غير‬
‫ِ‬ ‫س ًّرا عند‬‫وعظهم أ َ ْن يكون ِ‬
‫ِ‬ ‫واألص ُل في‬
‫وفتاواي في هذا الباب على‬
‫َ‬ ‫ِكرها في مقاَلتي‬ ‫وَل فضحٍ بال ُّ‬
‫ط ُرق التي سبَقَ ذ ُ‬
‫الموقع‪.‬‬
‫فإن الغايةَ ِم ْن ذلك تَكمنُ في إزال ِة ال ُمنك َِر واستصالحِ الفاع ِل ـ حاك ًما كان أو‬ ‫َّ‬
‫طريق َل في تأني ِبهم‬
‫ٍ‬ ‫ب‬ ‫طفًا بهم وإرادةً للخير لهم ِم ْن أ َ َ‬
‫قر ِ‬ ‫محكو ًما ـ تل ُّ‬
‫شنيع عليهم"‪] .‬‬
‫ِ‬ ‫وفضحهم والت َّ‬ ‫ِ‬
‫وخالف الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ هذه التقريرات كما جاء في‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫األول‪ ،‬حيث وجهه إلى حاكم بلده عبر موقعه المفتوح لجميع َمن‬
‫‪ 1‬ـــ النموذج َّ‬
‫في العالم بلفظ‪:‬‬
‫[ " َّ‬
‫فإن الشيخ دمحم علي فركوس وإدارة موقعه‪ :‬ال يُ ِق ُّرون ما تعتزم الجهات‬
‫فرضه ‪] "...‬‬‫الرسمية ْ‬
‫صح ويُوجه إلى الخير والصواب‪" :‬بال نُ ِقر"‪ ,‬وال يُنا ِسب هذا‬
‫ي األمر ال يُن َ‬
‫وو ِل ُّ‬
‫اللفظ مقام الوالية‪ ,‬وألنَّه كاالعتراض‪ ,‬وتسجيل موقف أمام الناس‪ ,‬وقد يُف َهم‬
‫ِمنه الضغط على الحاكم‪.‬‬
‫‪ 3‬ـــ والنموذج الثاني‪ ،‬حيث وجهه إلى نائب حاكمه على الشؤون الدِينية‬
‫واألوقاف عبر موقعه المفتوح لجميع َمن في العالم‪ ,‬وكان عنوانه‪:‬‬
‫[ "تذكير واستنكار على قرار‪] ."...‬‬
‫وجاء فيه َّ‬
‫أن الشيخ فركوس ــ سدَّده هللا ــ مع إدارة موقعه‪:‬‬
‫[ "ليستن ِكرون ِمن البيان الصادر ِمن وزارة الشؤون الدِينية واألوقاف‪،‬‬
‫والقاضي بمنع ‪] ."..‬‬
‫وطريقة االستنكارات ال تُناسب النَّصيحة‪ ,‬وال مقام نائب السلطان‪ ,‬وال يُرشد‬
‫إلى الخير والصواب بها‪ ,‬ألنَّها تُش ِعر المنصوح باالعتراض عليه‪ ,‬وتُضعف‬
‫قبول الحق‪ ,‬وتسبب تشدُّد المنصوح ل َما قال أو فعل‪.‬‬
‫وجاء في استنكارهم هذا أيضًا الر ْمي للمنصوحين ال ُمنكر عليهم‪:‬‬
‫سنَّة نبوية‪ ,‬وخالفوا ما عليه عمل األ ُ َّمة‪ ,‬وأحدثوا ً‬
‫قوال خارج‬ ‫بأنَّهم حظروا ُ‬
‫كثيرا حوله‪.‬‬
‫مذهب اإلمام مالك ــ رحمه هللا ــ‪ ,‬الذي يُدندِنون ً‬
‫حيث قالوا ــ سدَّدهم هللا ــ‪:‬‬
‫[ "والقاضي بمنع الجمع بين الصلوات في حا ِل نُزول المطر أو وقوع الثلج‪،‬‬
‫سنة الفعلية‪ ،‬وال ُمنافي ِلما عليه عمل األ ُ َّمة اإلسالمية‪ ،‬ويتع َّجبون‬ ‫وال ُمصادِم لل ُّ‬
‫ث قو ٍل خارجٍ عن‬ ‫ِمن حظر إقامة سنَّة ِمن ُ‬
‫سننه ملسو هيلع هللا ىلص في بيوت هللا‪ ،‬بإحدا ِ‬
‫المذهب الفقهي ِ الذي تعتمده الجهة الوصية مرجعًا لها دون غيره‪ ،‬وهو‬
‫كثيرا ما تُدندِن الوزارة حوله"‪] .‬‬ ‫مذهب مالك الذي ــ ً‬
‫‪26‬‬
‫وقد تقدم قريبًا‪:‬‬
‫الرمي للمنصوحين ال ُمن َكر عليهم ِمن الجهة الشرعية‪.‬‬
‫إبطال هذا َّ‬
‫‪ 3‬ـــ والنموذج الثالث‪ ،‬حيث قال للسائل عن ُحكم العمل في الضرائب في شأن‬
‫أموال الضرائب وال ُحكام‪:‬‬
‫ظف العامل على جبايتِها‪ :‬يستخدِمه الملوكُ وال ُحكَّا ُم‬‫أن المو َّ‬
‫‪ 1‬ـــ [ " َّ‬
‫ومظلومي‬
‫ِ‬ ‫ب فُق ِ‬
‫راء‬ ‫صالحهم وشهواتِهم على حسا ِ‬‫ِ‬ ‫لقضاء م‬
‫ِ‬ ‫وأتباعُهم‬
‫مجتمعاتِهم ِم ْن شعوبِهم"‪] .‬‬
‫واألقوياء واألغنياء‪ ،‬وتُصْر ُ‬
‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ساء‬
‫الرؤ ِ‬ ‫أن هذه الضرائب‪" [ :‬تُر ُّد على ُّ‬ ‫‪ 2‬ـــ َّ‬
‫ـ غالبًا ـ في شهواتِهم وملذَّاتِهم المتمثِل ِة في البروتوكوال ِ‬
‫ت الرسمي ِة‪:‬‬
‫وم ْهرجاناتِهم التي‬
‫والئمهم ِ‬‫ِ‬ ‫ورؤساء‪ ،‬وفي‬ ‫في استقبا ِل الزائرين ِم ْن ملوكٍ ُ‬
‫ً‬
‫فضال عن أنواعِ‬ ‫الخصور نصيب األسد‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وإظهار‬
‫ُ‬ ‫والخمور‬
‫ُ‬ ‫الفجور‬
‫ُ‬ ‫يأخذ فيها‬
‫وغيرها ِم ْن شتَّى المجاال ِ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ت الباطل ِة‬‫الرقص والدعايا ِ‬
‫ِ‬ ‫وألوان‬
‫ِ‬ ‫الموسيقى‬
‫التكاليف المالية‪.‬‬
‫ِ‬ ‫األخرى المعلوم ِة والمشاهد ِة عيانًا‪ ،‬باهض ِة‬
‫‪ 3‬ـــ و [ "بأنها‪ :‬ت ُ ْؤخذُ ِم ْن فُقرائِهم وتُر ُّد على أغنيائِهم"‪] .‬‬
‫فلم يُرا ِعي ــ سدَّده هللا ــ ُهنا المصالح والمفاسد التي يُدندن عليها ً‬
‫كثيرا عند هذه‬
‫المسألة‪ ,‬وخرج إلى طريقة تزيد ال َّ‬
‫شر‪ ,‬بل وتعدَّى إلى الظلم‪.‬‬

‫وكتبه‪:‬‬
‫عبد القادر بن دمحم بن عبد الرحمن الجنيد‪.‬‬

‫‪27‬‬

You might also like