You are on page 1of 66

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة عبدالحميد بن باديس‬

‫مستغانم‬

‫كلية األداب والفنون‬

‫قسم فنون العرض‬

‫التخصص تراث الموسيقي الجزائري‬

‫مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في تراث الموسيقي الجزائري‬

‫عنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوان المذك ـرة‬

‫األغنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة الش ـ ـ ـاويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـة وأىم روادىـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬


‫إشراف الدكتور‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬

‫منصور كريمة‬ ‫عبدالحي أنور السادات‬

‫لجنة المناقشة‬

‫رئيسا‬ ‫‪...................................................................:‬‬ ‫د ‪ /‬شرقي هاجر‬

‫مشرفا مقر ار‬ ‫‪..................................................................:‬‬ ‫د ‪ /‬منصور كريمة‬

‫مناقشا‬ ‫‪..................................................................:‬‬ ‫د ‪: /‬بمعباسي كمثوم‬

‫السنــــة الجامعيــــــــة ‪9191/9109 :‬‬


‫احمد اهلل واشكره الذي ىداني و علمني ما لم اعلم‬

‫واصلي و اسلم على صفة خلقو و على الو وصحبو وعلى من‬

‫اىتدى بيديو إلى يوم الدين ‪.‬عمال بقولو صلى اهلل عليو‬

‫وسلم‬
‫"ال يشكر الناس من ال يشكر اهلل"‬

‫نتقدم بالشكر الجزيل لألستاذة المشرفة "الدكتورة‬

‫منصور كريمة" على قبوليا تاطيرنا و مساعدتيا و‬

‫حرصيا على انجاز ىذا العمل المتواضع كما ال يفوتني‬

‫أن نتقدم بأسمى عبارات الشكر و التقدير ألساتذتنا‬

‫الكرام الذين سيروا على تكويننا طيلة فترة الدراسية‬


‫اىدي ثمرة جيدي إلى اللذان أوصى اهلل بيما خيرا في‬
‫الدنيا‪ ،‬إلى من عزتني و غمرتني بدفء حنانيا و عطفيا و‬
‫منحتني ثمرة كفـاحيا في الحياة و لم تبخل عني بدعائيا و‬
‫ماليا و إلى من تراودني اصدق كلماتيا و تملك قـلبي و‬
‫تيز كياني عند سماع صوتيا و تسكن مشاعر أمي الغالية‪.‬‬
‫إلى من تقـلدت بمقـاليده و تحليت بسماتو و اتبعت خطواتو‬
‫و نصائحين إلى من تفتح لو قـلبي في ىذه الدنيا قرة عيني‬
‫إلى من وىب نفسو شمعة تضيء سبيلي في النجاح و لم يبخل‬
‫و يتردد في البذل و العطاء في سبيل تعليمي أبي العزيز‪.‬‬
‫إلى الذي بكت عيني لبعدىا جدي وجدتي أدعو اهلل أن‬
‫يسكنيما فسيح جنانو‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫مــــــــــــقدمة ‪:‬‬

‫اللحن الموسٌقً من أهم المكونات الثقافٌة للمجتمع ومن أهم عناصر التراث الذي تزخر‬
‫به كل منطقة فهو الواجهة لثقافة تلك المنطقة‪ ،‬كما أن الموسٌقى وألحانها تهدؾ إلى‬
‫التربٌة وتكوٌن حس مرهؾ وتنمٌة الذوق الفنً لدى أفراد المجتمع كما تساعد على ربط‬
‫العالقات وتطوٌرها‪ ،‬وال ٌمكن للموسٌقى ولحنها ان تصل لذالك إال من خالل التزام‬
‫أصحابها باألصول والحفاظ على األهداؾ المرجوة منها ‪.‬‬

‫وأقصى الشرق الجزابري ٌعد من مناطق الجزابر التى تحوز على ثقافة خاصة فً ما‬
‫ٌخص األؼنٌة الشاوٌة كبقٌة مناطق الوطن األخرى من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى‬
‫ؼربها و ٌرجع ذلك لعدٌد الحضارات واألقوام البشرٌة التى مرت على البالد ما فتبت تترك‬
‫أثارها فً شتى المٌادٌن خاصة المٌدان الموسٌقٌى التى إزدهرت طبوعها وإزادت تنوعا‬
‫وتمٌزا مثل الموسٌفى السطاٌفٌة والصحراوٌة و الترقٌة و البدوٌة وموسٌقى الراى والقبابلٌة‬
‫والموسٌقى الشعبٌة و األندلسٌة الكالسٌكٌة والموسٌقى الشاوٌة التً تمتاز بإستعمال الناي‬
‫(القصبة) والدؾ (البندٌر) واألؼنٌة الشاوٌة لها تارٌخ ضارب فً عمق وجود اإلنسان على‬
‫هذه البقعة الترابٌة وهً متنوعة وذات أبعاد كثٌرة وبحثنا الذي هو األن بٌن أٌدٌنا نتناول‬
‫فٌه موضوع األؼنٌة الشاوٌة رواد وأعالم‬

‫وقد تناولنا ثالثة فصول ‪:‬‬

‫‪ -‬الفصل األول ‪ :‬وهو فصل تارٌخً لم نهمل مكونات هذه الموسٌقى والؽناء من حٌث‬
‫النواع والتطور والخصابص واألدوات المستعملة والكلمات الشعرٌة ونقاط الضعؾ‬
‫والقوة والمورث العام ‪............‬الخ ‪.‬‬
‫الفصل الثانً ‪ :‬وهو فصل ركزنا فٌه على رواد وأعالم وسٌرتهم العملٌة‬
‫واإلجتماعٌة مع عرض بعض النماذج من قصابد ؼنابٌة والتعلٌق علٌها وإختتمنا‬
‫البحث بملحق بصورعامة لها عالقة بإثراء محتوى البحث بصفة عامة ‪.‬‬

‫‪0‬‬
‫أ) إشكالية البحث‬

‫موضوع بحثنا ىذا يناقش و يتحدث عن األغنية الشاوية روادىا لكونيا تعتبر من المكونات‬

‫لمموروث الثقافي الوطني وتستحق ىى كنوع من الثقافة ورادىا كمساىمين في بناء ىذه‬

‫الثقافة الوطنية لدراسة واإلشادة مما يدعونا الى طرح التسأل واإلشكال التالي ‪:‬‬

‫‪ -‬كيف يمكن لنا كدارسين وميتمين أن نتعرف أكثر عمى ىذا الموروث الموسيقي‬

‫الغنائي الوطني وال يتم ذالك إال من خالل الدراسة والشرح والفيم لمموسيقى الشاوية‬

‫وروادىا حتى نترك شيئا ما لمجيل الحالي واألجيال القادمة وىذا كمنتوج حضاري‬

‫ومخزون ثقافي يستفيد منو الكثير ؟‬

‫ب ) أسباب اختيار البحث ‪:‬‬

‫من أصعب المراحل ىي كيفية تحديد عنوان يناسب ميوالتنا ورغباتنا لذا وجدنا أن‬

‫موضوع الموسيقى الشاوية موضوع يثير االىتمام ولو أبعاد بالنسبة لما درسناه ولغيرنا من‬

‫الميتمين حتى أنو راودنا شعور اإلقتناع باألسباب والعوامل التي كانت خمف االختيارنا وعمى‬

‫العموم ال لمحصر تتمحور في النقاط التالية وىي‪:‬‬

‫‪ -‬االىتمام الذاتي بيذا النوع ‪.‬‬

‫‪ -‬نقص الدراسات والبحوث حول األغنية الشاوية ‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة في كشف أسرار ىذا النوع من الموسيقة ‪.‬‬

‫‪ -‬شد موضوع البحث والدراسة بما يمكن أن يوجينا في الميدان بعد التخرج ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬المساىمة في نفض الغبار عن ىذا النوع الموسيقي لمقارئ والباحث ‪.‬‬

‫‪ -‬التعريف برواد ىذه الموسيقى ‪.‬‬

‫‪ -‬محاولة نشر الثقافة الموسيقية خاصة منيا التراثية ذات األبعاد الحضارية والتى‬

‫تحكي عن ماضي عاشو أىمنا بمره وحموه ‪.‬‬

‫ج ) فرضيات البحث ‪:‬‬

‫‪ -‬نفترض أن الموسيقى الشاوية ىي مكون لو تاريخ كبير وعنصر أساسي مكون‬

‫أساسي لمموروث الثقافي وتقميدي لمثقافة الوطنية بصفة خاصة واليوية الوطنية بصفة‬

‫عامة ‪.‬‬

‫‪ -‬نفترض أن من حق ىذا الموروث أن يكون عنصر لدراسة والبحث والتطوير ‪.‬‬

‫‪ -‬نفترض أن ىناك رجال وقدرات ساىمت في بناء وتكوين وتطوير ىذا الفن الموسيقي‬

‫والغنائي ومن حقيم عمينا ان نتطرق لدراسة حياتيم وسيرتيم وأعماليم ‪.‬‬

‫د ) صعوبات البحث‪:‬‬

‫صادفتنا مجموعة من الصعوبات والعوائق منيا ׃‬

‫‪ -‬عدم وجود أصحاب اإلختصاص لمجوء إلييم في بناء وتحميل عناصر البحث ‪.‬‬

‫‪ -‬قمة أىل الميدان وان وجدو فيم وصموا من العمر عتية مما يحرمنا أن نتعرف عن‬

‫الموضوع حتى شفييا ‪.‬‬

‫‪ -‬نقص الكتابات و البحوث و مدونات في األغنية الشاوية ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬وجدنا عدم إىتمام لدى الجيل الجديد المزاول والمحتك بالوسط الفني المزاول ليذه‬

‫الموسيقي بالبحوث والدراسات ‪.‬‬

‫هـ ) األهداف‪:‬‬

‫‪ -‬استخراج الخصائص الفنية ليذا الموروث الموسيقي‬

‫‪ -‬تشجيع عمى معرفة تاريخ ىذا الفن الموسيقي‬

‫‪ -‬نفض الغبار عن بعض رواده وأعالمو ‪.‬‬

‫‪ -‬إظيار القيم اإلنسانية واألخالقية ليذا الفن الموسيقي ‪.‬‬

‫‪ -‬محاولة الخوض والمشاركة في طرق المحافظة عمى ىذا الموروث ‪.‬‬

‫‪ -‬محاولة السعي لمعصرنة ىذا الفن ليكون متالئم مع األجيال الجديدة ‪.‬‬

‫‪ -‬التعريف بيذا النوع الموسيقي والظروف المكانية والزمانية التى يؤدى فييما ‪.‬‬

‫‪ -‬التشجيع عمى حب الموسيقى خاصة التراثية واحياء مناسباتيا المحمية والوطنية‬

‫و ) أهمية البحث‪:‬‬

‫إنا أىمية ىذا البحث ىو التعريف بيذا النمط الموسيقي والكشف مكوناتو وتاريخو وكذالك أىم‬

‫رواده خاصة أوالئك الذين ساىموا في بنائو وتطويره والمحافظة عميو وان االغاية الكبرى من‬

‫كل ىذا وذاك ىو محاولة الرقي بيذا الفن نحو التطور والعصرنة وتعريف األجيال القادمة بو‬

‫لما يحتويو من قيم انسانية وأخالقية وتربوية وجمال‬

‫‪4‬‬
‫مدخل‪ :‬تحديد الجهاز المفاهيمي‬

‫‪ ‬الشاوي ‪ :‬أو شاوي في المغة العربية ىو المنسوب إلى الشاء وىي جمع شاة أي‬
‫الذي يربي الشاة ويرعاىا‪ ،‬والشاة ىي الغنم‪ .‬والشوايا مصطمح واسع حديث يطمق‬
‫عمى البدو الذين يقتنون الغنم بنسبة أكبر من اقتنائيم لإلبل بخالف البدو الرحل‬
‫وتكون بذلك نجعتيم وترحاليم قصيرة بحدود ‪ 000‬إلى ‪400‬كيمومتر‪.‬‬
‫أما تمركز الشاوية موجود في والية خنشمة والية أم البواقي ووالية سوق أىراس‬
‫ووالية تبسة ووالية باتنة وبسكرة وال يمنع ذالك بإن الشاوية موجودون في كل ربوع‬
‫الوطن سوى كعمال أو تجار أو فنانيين أو أساتذة ودكاترة ‪............‬الخ ‪.‬‬

‫الموسيقى أو الموسيقا ىي فن مؤلف من األصوات والسكوت عبر فترة‬ ‫‪‬‬


‫زمنية ويعتقد العمماء بأن كممة الموسيقى يونانية األصل وقد كانت‬
‫تعني سابقا الفنون عموما غير أنيا أصبحت فيما بعد تطمق عمى لغة‬

‫‪.‬‬ ‫األلحان فقط‬

‫وقد عرفت لفظة موسيقى بأنيا فن األلحان وىي صناعة يبحث فييا عن‬
‫تنظيم األنغام والعالقات فيما بينيا وعن اإليقاعات وأوزانيا‪.‬‬

‫‪ ‬الرواد ‪ :‬ىم األشخاص الذين يستطعون أن يستمموا فكرة عمل ما وينموه بواسطة‬
‫مواىبيم ومياراتيم وشجاعتيم وقدراتيم الذاتية عمى تحويل الفكرة إلى عمل‬
‫حقيقي لو تأثير سوى ثقافيا أو سياسيا أو إقتصاديا بل يجعمو قابل لمبقاء ولو‬
‫تأثير عمى المحيط واإلنسان‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‬
‫‪ -1‬نبذة تارٌـخٌة‪:‬‬

‫من أجل الخوض فً دراسة الموسٌقى والؽناء الشاوي البد من معرفة الماضً‬
‫حٌث ٌجمع أؼلب المإرخٌن على أن دخول العرب البدو ( بنً هالل وسلٌم ) إلى‬
‫الشمال اإلفرٌقً فً القرن ‪11‬م ‪ 1049‬م ثم االحتالل العثمانً فً القرن ‪16‬م قاضٌا‬
‫على بذور الحضارة المتبقٌة من الشمال اإلفرٌقً من العهد النومٌدي إلى القرن ‪11‬م‬
‫وعند دخول البدو سنة ‪ 1049‬م بدأت الفوضى تدب فً أوصال الدولتٌن الزٌـرٌة‬
‫بالقٌروان و الحمادٌة بالقلعة هاتان الدولتان اللتان استطاعتا إلى حد ما نشر حضارة‬
‫متؤلقة فً جمٌع المٌادٌن األدب والتؤلٌؾ كما استطاعتا كسر شوكة التضاد بٌن الحضر‬
‫والبدو‪ ،‬وهً العملٌة التً بدءها الملك ماسٌنٌسا ولكن زحؾ القبابل الهاللٌة أفسد هذا‬
‫‪)1(.‬‬ ‫االنسجام (ابن خلدون )‬

‫رؼم كثرة الحروب فً شمال إفرٌقٌا ودخول األتراك على األمازٌػ خلؾ ظالما‬
‫دامس وتخلؾ فضٌع فً جمٌع النواحً نسبب النهب والحرق تكاد أن تفقد أي أثر‬
‫لألدب وحصلت ندرة فً الكتب والوثابق المكتوبة لكل من ٌرٌد الٌوم تحقٌق دراسات‬
‫مختلفة للفترة ما قبل القرن ‪ 16‬م‪.‬‬

‫إال أنه ولحسن حظ المجتمع الشاوي األمازٌؽً فإن تماسكه االجتماعً وروحه‬
‫التضامنٌة ونضمه وتقالٌده المتوارثة ‪ ،‬استطاعت إلى حد ما الحفاظ على الكثٌر من‬
‫تقالٌد األدب الشفوي مثل لؽته وكلمات الؽناء واأللحان الموسٌقٌة واألساطٌر المتوارثة‬
‫وذلك عن طرٌق التمسك بالمعتقد الدٌنً ‪،‬البد لهذا المعتقد من صوت ٌعبر عنه فكان‬
‫‪1‬‬
‫‪) (.‬‬ ‫تراتٌل الزواٌا وحالقات الذكر التً تطورت إلى ؼناء ورقص وموسٌقى إٌقاعٌة‬

‫‪1‬‬
‫محمد الصالح ونٌسى جذور الموسٌقً األوراسٌة‪.‬ط‪،0‬ج‪،9‬المؤسسة الوطنٌة للفنون المطبعٌة وحدة الرغاٌة‪،9118،‬ص‪.06‬‬

‫‪6‬‬
‫وفً النصؾ األول من القرن ‪20‬م كانت العالقة بٌن الفنانٌن ورجال الدٌن شد وجذب‬
‫فهناك الزواٌا المتشددة ‪ ،‬وهناك المتسامحة بل و المشجعة على الؽناء وهكذا نجد أن كل‬
‫من أحس فً نفسه موهبة فً الؽناء فهو ٌلجؤ أول ما ٌلجؤ إلى شٌخ الزاوٌة أو الولً لكً‬
‫ٌؤخذ منه التزكٌة والرخصة المعنوٌة لممارسة الؽناء والتعامل مع األلحان والكلمات‬
‫والتى كانت أؼلبها ذات طابع دٌنً ضمن مدارس التصوؾ والزواٌا ‪.‬‬

‫‪ -2‬لمحة جغرافٌة ‪:‬‬

‫تتمٌز بالد الشاوٌة جؽرافٌا بتنوع تضارٌسها وتقلبات مناخها شدٌد الحرارة صٌفا‬
‫وشدٌد البرودة شتاءا فموقعها بٌن الصحراء والتل بواجهة صحراوٌة وواجهة بحرٌة‬
‫(الرٌاح البحرٌة) جعلت المناطق العدٌدة من بالد الشاوٌة فٌها تباٌن بٌنها فتجد ؼابات‬
‫األرز والصنوبر على مسافة قرٌبة من الكثبان الرملٌة كما أن عواصؾ الجلٌد والثلوج‬
‫الشتوٌة تتداول وتتعاقب مع عواصؾ الشهٌلً الصٌفٌة ونجد شجرة األرز التً تهوى‬
‫الصقٌع تتعاٌش على مسافة عدة كٌلومترات مع شجرة النخلة الصحراوٌة التً تهوى‬
‫النٌران ولهب الشمس الحارقة فالمتنقل من السفوح الجنوبٌة المطلة على الصحراء إلى‬
‫السفوح الشمالٌة المطلة على الهضاب العلٌا كالمتنقل من عالم إلى عالم فالنبات والهواء‬
‫والمناخ وطرق العٌش كلها تتباٌن وتتناقض تناقضا شدٌدا بٌن هاتٌن المنطقتٌن مما أثر‬
‫تؤثٌرا بالؽا على السلوك واألمزجة السكان األصلٌٌن وبالتالً إنعكس دالك على طبوع‬
‫الؽناء والفنون كما أثر هذا المناخ العجٌب على نفسٌة اإلنسان الشاوي فجعله ٌتؤهب‬
‫دابما للطوارئ وٌتؤقلم معها وٌجابهها بصفة مستمرة هذا التؤثٌر ٌتجلى أٌضا فً‬
‫الجوانب اللؽوٌة والمعٌشٌة والثقافٌة فلكل قرٌة طابعها الؽنابً فكل هذه العوامل أنتجت‬
‫قابمة طوٌلة من األلوان و الطبوع الؽنابٌة التً تشبه الفسٌفساء لها أسماء حسب تعدد‬
‫القبابل الشاوٌة منهم عماري ‪،‬لموشً ‪،‬اوجانً ‪،‬عبداوي ‪ٌ،‬عقوبً عواجً ‪،‬معافً‬
‫زرمومً حمٌدانً‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -3‬أنواع الموسٌقً الجزائرٌة‪:‬‬

‫ٌمكننا تقسٌم التراث الجزابري إلى خمس مجموعات متباٌنة وهً‪:‬‬

‫‪ -1-3‬الموسٌقً المهنٌة ‪ :‬ذات نوبة االنقالبات المالوؾ‪ ،‬القسنطٌنً الموشحات ‪،‬‬


‫األزجال ‪،‬االنقالب‪.‬‬

‫‪ -2-3‬الموسٌقى الوطنٌة الثورٌة‪ :‬و التً تشمل أؼانً الكشافة و الشباب واألناشٌد‬
‫الوطنٌة‪.‬‬

‫‪ -3-3‬الموسٌقى الدٌنٌة‪ :‬التً تصاغ فً المدابح الدٌنٌة والقصٌدة‪ ،‬التجوٌد‪ ،‬الذكرى و‬


‫الحضرة‪.‬‬

‫‪ -4-3‬الموسٌقى الحضارٌة فً المدن‪ :‬والتً تحتوى على الحوزي و الزندالً‬


‫المحجوز والشعبً الوهرانً و العروبً و الراي العصري وكذلك أنواع الموسٌقً‬
‫الخفٌفة (الترفٌهٌة) الشرق أوسطٌة والؽربٌة العصرٌة ‪.‬‬

‫‪ -5-3‬الموسٌقً البدوٌة‪ :‬التً تمتلك سجل حافل باألؼانً التارٌخٌة والعاطفٌة‬


‫والدٌنٌة مثل‪ :‬الؽاٌطة (الشاوي) فً الشرق والراي الرٌفً فً الؽرب والموسٌقً‬
‫القبابلٌة واللموشٌة ‪.‬‬

‫وفٌما ٌخص الموسٌقى الشاوٌة تعتبر موسٌقى عرٌقة واكبت شعبا القى من المحن‬
‫والصعاب والمؤسً حٌث عالجت كل المواضٌع المتعلقة بالحٌاة الٌومٌة لإلنسان الشاوي‬
‫فمثلها الموسٌقى الشاوٌة تحتوي على طبوع وأنواع نذكر منها ‪:‬‬

‫‪ /-6-3‬الموسٌقى الدٌنٌة ‪ :‬وتإدى فً حفالت الزواٌا واألضرحة وزٌارات األولٌاء‬


‫وتمثلها أحسن تمثٌل أؼنٌة (نبدأ بسم هللا ) للمرحوم عٌسى الجرمونً ومن أنواعها‬
‫‪1‬‬
‫الجدبة و الذكارة ‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد الصالح‪،‬ونٌسى‪.‬جذور الموسٌقً األوراسٌة‪.‬ط‪،0‬ج‪،9‬المؤسسة الوطنٌة للفنون المطبعٌة وحدة‬


‫الرغاٌة‪،9118،‬ص‪.99‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ /-7-3‬الموسٌقى الحماسٌة الحربٌة‪ ( :‬أو العسكرٌة ) بالمفهوم الحدٌث وتمثلها أحسن‬
‫تمثٌل ألحان ( تحرٌبة ) التً تشتهر بها قبٌلة ( آٌث ملول ) ‪.‬‬

‫‪ /-8-3‬الموسٌقى المرحة ‪ :‬وٌشترط فٌها أن تصحب بالبندٌر القصبة ‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫إضافة إلى الموسٌقى العاطفٌة (الدمام ) وموسٌقى االسترخاء وموسٌقى النشاط والعمل‬

‫‪ -4‬من طبوع موسٌقى األغنٌة الشاوٌة ‪:‬‬

‫ٌطلق اسم األؼنٌة الشاوٌة على األؼانً الفردٌة والجماعٌة الراقصة (الرحابة‬
‫والسباحة ) التً تؽنى فً الرقعة الممتدة من والٌة تبسة شرقا إلى مروانة ؼربا وسوق‬
‫أهراس شماال إلى بسكرة جنوبا ‪،‬وهناك من ٌطلق علٌها اسم األؼنٌة الشاوٌة إال أننا‬
‫نفضل التسمٌة األولى ألنها عامة وهً تضم األؼنٌة الناطقة بالعربٌة واألؼنٌة الناطقة‬
‫بالشاوٌة األمازٌؽٌة ‪.‬‬

‫وتندرج األؼنٌة الشاوٌة ضمن مجموع األنواع األخرى فً القطر الجزابري‬


‫والتونسً المسماة األؼنٌة البدوٌة وتشمل النوع الصحراوي و الوهرانً والشاوي وهذه‬
‫األنواع الثالثة تجمع بٌنها قواسم مشتركة كونها ‪:‬‬

‫‪ ‬تستعمل نفس اآلالت باختالؾ بسٌط مثل القصبة و البندٌر و الجواق‬


‫و الؽاٌطة والطبل وال تتعدى فً مجملها هذه اآلالت الخمسة ‪.‬‬
‫‪ ‬متجذرة فً وجدان الشعب ومتوؼلة فً عمق تارٌخه وتعبر عن حٌاته بصدق ‪.‬‬
‫‪ ‬تستعمل أشعارا شعبٌة بصفة فردٌة أو جماعٌة فً أؼانٌها لتعبر تعبٌرا صادقا‬
‫عن البٌبة الرٌفٌة التً تختلؾ اختالفا جذرٌا عن البٌبة الحضرٌة ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ونٌسً محمد الصالح جذور الموسٌقى األوراسٌة ص ‪ 35‬المؤسسة الوطنٌة لفنون الطبع الجزائر ط‪2000/ 1‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -5‬خصوصٌات موسٌقى األغنٌة الشاوٌة ‪:‬‬
‫ٌقول المثل الشاوي " الشعب الذي ال ٌؽنً شعب أخرص " فالفنون الؽنابٌة‬
‫الشعبٌة هً مقٌاس لتحضر شعب من الشعوب ومرآة تعكس درجة أصالته وعراقته‬
‫وهً تعطً صورة صادقة عن حٌاة شعب معٌن فً زمن معٌن واإلبداع فً الؽناء‬
‫الشعبً ال ٌبرز إال عن مطلب شعبً لٌعبر من خالله عن نفسه وإرادته وٌكون المبدع‬
‫بمثابة الصوت الذي ٌعلن عن هذا المطلب ‪.‬‬

‫وتنفرد األؼنٌة الشاوٌة عن األؼانً المجموعة المذكورة بعدة ممٌزات‬

‫‪ ‬أنها أؼنٌة مرتبطة ارتباطا وثٌقا بالحٌاة الٌومٌة للمجتمع الشاوي ‪.‬‬
‫‪ ‬أؼنٌة تعبر عن تسامح المجتمع الشاوي ومن ٌحٌطون بهم مما ٌفرض على‬
‫الرجال والنساء وحضورالتعامل بهذا المبدئ المستمد من تربٌة المجتمع الشاوي‬
‫‪ ‬قوة صوت الذي ٌرافق األؼانً الشاوٌة ٌحتم على المؤدي سوى ذكر أو أنثى أن‬
‫ٌكون الصوت واضح وقوي لٌبرز فنه ومكانته كفنان للمجموعة وتعتبر هذه المٌزة‬
‫الشرط األساسً لتؤلق والتفوق‬

‫‪1.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬تنوع األلحان وتعددها فً الموسٌقى واألؼنٌة الشاوٌة‬

‫‪ -6‬تنوع الموسٌقى األغنٌة الشاوٌة ‪:‬‬

‫األؼنٌة األوراسٌة أصٌلة وقدٌمة ألنها لم تتؤثر فً ألحانها على الخصوص بؤي ألحان أخرى‬
‫دخٌلة مما جعلها تحافظ على خاصٌتها وطابعها المعجز وكذلك على أناقتها وروعتها وتنوعها‬
‫وؼوصها فً أعماق وجدان المجتمع األوراسً الذي عبرت عن آماله وآالمه أحسن تعبٌر‬
‫وٌشعر المستمع إلٌها وكؤنه نحلة تنتقل من زهرة إلى زهرة وكل زهرة تفتح الشهٌة لزهرة‬
‫موالٌة ( األصل فً األؼنٌة األوراسٌة ‪/‬صوت وحنجرة ‪ /‬سرد ‪/‬إلقاء ألبٌات شعرٌة ) ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد الصالح ‪ .‬نفس المصدر السابق‪ .‬ص ‪(34‬بتصرؾ)‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫‪ -7‬موسٌقى األغنٌة الشاوٌة مدارسة مستقلة ‪:‬‬

‫بعكس ألوان الؽناء البدوي الجزابري خاصة الصحراوي و الوهرانً هذه األلوان‬
‫التً ٌنقسم فٌها كل لون إلى مدارس ٌتزعم كل مدرسة مطرب معروؾ فهذه المدارس‬
‫تلتقً فً عدة نقاط من حٌث اللحن والكلمة فمثال مدرسة الشٌخ حمادة لها عدة أوجه‬
‫شبه مع مدرسة الشٌخ الجٌاللً عٌن تدلس كذلك الحال فً مدرسة الشٌخ خلٌفً احمد‬
‫مع بسٌسة إبراهٌم والبار عمر فً الصحراوي ‪.‬‬

‫بٌنما تشذ وتختلؾ مدارس الؽناء والموسٌقى الشاوٌة عن هذه القاعدة وتنفرد‬
‫باستقاللٌة كل مدرسة عن مدرسة أخرى فال مجال للمقارنة بٌن مدرسة عٌسى‬
‫الجرمونً ومدرسة علً الخنشلً ومدارس النمامشة الذٌن ٌتكلمون الشاوٌة بمنطقة‬
‫تبسة على اإلطالق سواء من حٌث اللحن أو الكلمة أو اللهجة رؼم قرب المسافة إال أن‬
‫طرٌقة كل منهما وألحانه وأسالٌبه تختلؾ عن األخر اختالفا جذرٌا ‪.‬‬

‫وقبل أن نخوض فً ؼمار الموضوع ٌجب تقدٌم لمحة موجزة عن أنواع موسٌقى‬
‫والؽناء الشاوي الذي ما ٌزال ٌإدى إلى الٌوم وأهم طرق األداء التً ٌعتمدها سكان‬
‫المناطق التى ٌسكن فٌها الشاوٌة‪. 1‬‬

‫‪ /-1-7‬الغناء الجماعً ‪:‬‬

‫وهو الموروث بالمنطقة والمتعارؾ بٌن كل األجٌال منذ أزل البعٌد وتطلق علٌه‬
‫عدة تسمٌات منها ‪ :‬الرحابة ‪ ،‬الذكارة ‪ ،‬والتسمٌة األولى أكثر شٌوعا والرحابة فن‬
‫أصٌل تنفرد به منطقة الشاوٌة عن ؼٌرها من المناطق ٌعتمد طرٌقة أداء جماعٌة حٌث‬
‫ٌتقابل صفان من الرجال أو النساء وأحٌانا من الجنسٌن وٌضبط إٌقاع األؼانً بضرب‬
‫األقدام أرضا كما هو معروؾ عند سكان السهول أما سكان الجبال فٌجمعون بضرب‬
‫األقدام وآلة إٌقاعٌة أخرى وهً البندٌر تضبط طرٌقة األداء وفق أصول متعارؾ علٌها‬
‫عند عمون سكان منطقة الشاوٌة حٌث ٌقوم الصؾ األول بتردٌد المقاطع األولى من‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محمد الصالح ونٌسً نفس المصدر‪ .‬ص ‪( .38‬بتصرف)‬

‫‪00‬‬
‫األؼنٌة بٌنما ٌقوم الصؾ الثانً بتردٌد آخر مقطع منه و ٌتوالى هذا التردٌد بطرٌقة‬
‫متعاقبة‪.‬‬

‫‪ /-2-7‬الغناء الفردي ‪:‬‬


‫مع ظهور صاحب الصوت القوي *عٌسى الجرمونً* الذي خرج عن كل التقالٌد‬
‫المتوارثة من قبل فً هذا المجال وخاض تجربة الؽناء الفردي فً وقت كان فٌه هذا‬
‫النوع من الؽناء ٌتعارض مع أعراؾ الشاوٌة الذٌن ٌنظرون إلٌه على أنه عار وعٌب‬
‫فً حق الجماعة ورؼم ذلك أحب سكان منطقة الشاوٌة هذا الصوت المتمٌز وؼنوا‬
‫كثٌرا من أؼانٌه التً أصبحت جلها تشكل جزء ال ٌتجزأ من التراث الشاوي وتعرؾ‬
‫المنطقة نوعا قدٌما من الؽناء الفردي ٌسمى الصراوي المؤخوذ من الكلمة األمازٌؽٌة‬
‫"اصراواث" بمعنى المرتفعات وقد نسب هذا النوع الؽنابً إلى هذه المرتفعات ألنه‬
‫ٌإدى بؤعالً الجبال من قبل الرعاة الذٌن ٌستعٌنون بالقصبة كما أداه المزارعون فً‬
‫حقولهم وٌحتاج هذا النوع إلى قوة الصوت وحدته وطول النفس وإلى مد طوٌل جدا‬
‫أثناء األداء ونادرا ما ٌإدى هذا النوع من الؽناء فً المناسبات الرسمٌة كاألعراس‬
‫‪1‬‬
‫وحفالت الختان ‪.........‬الخ ‪.‬‬

‫‪ -8‬آلٌات المحافظة على التراث مع إبقائه متالئم مع نمط الحٌاة الحالٌة‪:‬‬


‫إن الموسٌقى و األؼنٌة الشاوٌة تمثل خزان وأرشٌؾ كبٌر و جزء من أجزاء الثقافة‬
‫الوطنٌة فهً تمثل الهوٌة و الشخصٌة األصٌلة مما ٌعطٌها طابع القداسة ‪.‬‬

‫ورؼم محاولة عصرنتها وتطوٌرها إال أن هذه العصرنة تجردها من قٌمتها وتبعدها عن‬
‫أصالتها وتزٌل عنها مسحة البساطة الطبٌعٌة نوعا ما ‪ ،‬ولكن السإال المطروح حالٌا‬
‫كٌؾ ٌمكن الحفاظ علٌها مع جعلها متماشٌة مع نمط الحٌاة ‪.‬‬

‫إن أحسن الحلول هو تكوٌن وتؤسٌس مدارس للموسٌقى التقلٌدٌة و البدوٌة وتدرٌب‬
‫الجٌل الجدٌد الهاوي لهذه الموسٌقى على أداء الحانها لكونها وحسب ما نشاهد ونسمع‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬صالح ‪ ،‬مهدي ‪.‬نفس المصدر السابق‪.‬ص ‪(.99‬بتصرف)‬

‫‪09‬‬
‫فإنها فً طرٌق االندثار وهذا للمحافظة علٌها وبالتالً المحافظة على التراث الموسٌقى‬
‫هناك اتجاهٌن ٌحاول كل إتجاه من خالل أفكاره رسم معالم للحفاظ علٌها وتطوٌرها‬
‫وهما ‪:‬‬

‫‪ -‬اتجاه ٌنادي بإإلبقاء على هذا التراث كما هو دون تؽٌٌر أو تبدٌل بعٌدا عن العصرنة‬
‫التى ٌرى أنها ستفسده خاصة مع ظهور الدخالء على سوق ومٌدان الفن والموسٌقى‬
‫وأداء اللحن ‪.‬‬

‫‪ -‬اتجاه ٌنادي وٌعمل على تحسٌن الجمهور وتثقٌفه وتعرٌفه بماهٌة هذا التراث وأفكاره‬
‫كلها تذهب الى محاولة العصرنة مع المحافظة على روح اللحن والكلمة الشاوٌة التراثٌة‬

‫‪03‬‬
‫‪ -9‬تطــــــــــــور األداء للموسٌقى واألغنٌة الشاوٌة ‪:‬‬

‫فً النصؾ األول من القرن ‪20‬م كان عدد أفراد الفرقة الفنٌة ال ٌتعدى فً‬
‫الؽالب ثالثة وهم (المؽنً(المطرب) والقصاب (العازؾ) والبنادري (اإلٌقاع))‬
‫وأحٌانا ما ٌكون المؽنً هو البنادري مثل عٌسى الجرمونً وكان المؽنً ٌختار‬
‫القصاب الذي تكون له مواصفات خاصة كقوة الدفع بالهواء من الرأتان وصاحب‬
‫معرفة بؤالؼانً من ناحٌة الكلمات واللحن لكً ٌكون بٌنهما انسجام تام وفً األعوام‬
‫األخٌرة خرجت الفرق الفنٌة الشاوٌة عن هذه المعهود وصارت تظم فً صفوفها‬
‫عدة قصابٌن و بنادرٌة ودور القصبة هنا الرد علً المؽنً بنفس اللحن تقرٌبا بل‬
‫أنها تحاكٌه تماما وسد الفراغ القصٌر الذي ٌتركه المؽنً ألخذ نفس بفواصل‬
‫موسٌقٌة قصٌرة وٌنتهً كل مقطع من مقاطع األؼنٌة بفاصل موسٌقً مكمل ومن‬
‫ناحٌة الجؽرافٌا ٌمكننا أن نقسم األؼنٌة الشاوٌة إلى قسمٌن‪:‬‬

‫أ‪ -‬األغنٌة الجبلٌة ‪ :‬وهً األصل و تتمٌز بوفرة األؼانً الناطقة الشاوٌة‬
‫األمازٌؽٌة وقوتها وحدتها‪.‬‬
‫األغنٌة البحاٌرٌة ‪ :‬فً السهول العلٌا شمال مناطق الشاوٌة وهً امتداد‬ ‫ب‪-‬‬

‫لألولى ولكنها انسجمت مع البٌبة الجدٌدة الحتكاكها بالقبابل المعربة و المدن‬


‫‪1‬‬
‫‪.‬‬ ‫والمناطق الحضارٌة‬

‫‪ -10‬األلوان الغنائٌة الشاوٌة ‪ :‬لم ٌكن الهدؾ األساسً لألؼنٌة الشاوٌة و التسلٌة‬
‫واالستماع فحسب بل أن هدفها مثل األنواع األخرى من نشر القٌم األخالقٌة‬
‫األصٌلة والنبٌلة وإشاعة المحبة والتآلؾ والتعاون والتآخً وزرع األمل فً النفوس‬
‫وٌمتاز طابعها بالساللة وبساطة المعنى وسهولة األسلوب و اندماج صوت المؽنً‬
‫مع نؽمة آلة القصبة اآلخذة فً "الرقة والحدة"‬

‫‪ - 1‬محمد الصالح‪ ،‬ونٌسى‪.‬جذور الموسٌقً األوراسٌة‪.‬ط‪،1‬ج‪،2‬المإسسة الوطنٌة للفنون المطبعٌة وحدة‬


‫الرؼاٌة‪،2002،‬ص‪52‬‬

‫‪04‬‬
‫" والتفخٌم والتنزٌل والتصعٌد" حتى لٌتعذر أحٌانا على المستمع التفرٌق بٌن صوت‬
‫اآللة وصوت المؽنً وٌتلمس المستمع بكل وضوح أثر البٌبة القاسٌة والمتمٌزة على‬
‫األلحان واألوزان وتدخل الموسٌقى واألؼنٌة الشاوٌة فً باب ما ٌسمى بالسهل‬
‫الممتنع وتعتبر أنها حققت معجزة لسببٌن اثنٌن على األقل وهــمــا ‪:‬‬

‫‪ ‬قدمها ورسخها فً أعماق التارٌخ األمازٌؽً ‪.‬‬


‫‪ ‬امتناعها على الدخالء متؤثرة بإمتناع جبال األوراس العالٌة الصعبة‬
‫التضارٌسه وقصاوة المناخه ‪.‬‬
‫و لٌس بإمكان أي مطرب من مطربً األنواع البدوٌة األخرى أدابها أو تقلٌدها‬
‫ٌستوي فً ذلك المؽنً والقصاب بٌنما الفنان الشاوي باستطاعته أداء جمٌع األلوان‬
‫األخرى ‪.‬‬

‫‪ -11‬بعض خصائص األغنٌة الشاوٌة ‪:‬‬

‫أ‪ /‬عزوؾ المطرب األوراسً عن استعمال ما ٌسمى بـ ( ‪ )la chorale‬أي‬


‫المجموعة الصوتٌة التً تردد مقطعا فقط من أؼانٌه مثلما هو معمول به فً األؼانً‬
‫الوهرانٌة أو الصحراوٌة ‪.‬‬

‫وربما لهذه الخاصٌة عالقة باستقاللٌة المدارس الفنٌة األوراسٌة التً تطرقنا إلٌها ‪.‬‬
‫هذا إذا استثنٌنا جانب أؼانً الرحابة التً هً أؼانً جماعٌة راقصة باألساس ‪.‬‬
‫وربما أعتبر البعض هذه الخاصٌة نقصا ‪.‬‬

‫ب‪ /‬عدم تؤثر األؼنٌة األوراسٌة بمإثرات خارجٌة ‪ ،‬خصوصا فً اللحن بٌنما‬
‫استطاعت هذه األؼنٌة أن تإثر فً لون من ألوان الؽناء األندلسً الوافد مع‬
‫مهاجري إسبانٌا ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مونوؼرافٌة سٌاحٌة لمدٌنة تبسة ‪ ،‬الصادرة عن مدٌرٌة السٌاحة لوالٌة تبسة‪ ،‬الجزابر‪ ، 2007 ،‬ص‪8‬‬

‫‪05‬‬
‫‪ -12‬نقاط ضعف وقوة األغنٌة الشاوٌة ‪:‬‬

‫أما أهم نقاط ضعفها كثٌرة وأهمها على اإلطالق أمٌة معظم المطربٌن الذٌن‬
‫حملوا لواءها بالتوارث أبا عن جد وهو ما أدى إلى نقص فادح فً التدوٌن‬
‫والتسجٌل وأدى بالتالً إلى تآكل وانجراؾ كبٌر من ناحٌة الكلمة واللحن‬

‫النقطة الثانٌة من أحد األسباب التً جعلت األؼنٌة األوراسٌة تتجذر فً عمق‬
‫المجتمع األوراسً الذي صمد طوال قرون للمإثرات الثقافٌة الخارجٌة لكون‬
‫المجتمع األوراسً مجتمعا ذا ثقافة شفوٌة بالدرجة األولى هذا المجتمع ٌحتضن‬
‫األؼنٌة النابعة من أعماقه وٌحافظ علٌها مثلما ٌحافظ الماء على السمك من‬
‫االنقراض ‪ .‬وقد ٌعتبر البعض أٌضا هذه الخاصٌة من إحدى الممٌزات اإلٌجابٌة فً‬
‫( األمٌة ) خاصة وأن جل مثقفً األوراس المعربٌن تنكروا لهوٌتهم األمازٌؽٌة و‬
‫حاربوهاا من األساس و أعطوا لذلك تفسٌرات دٌنٌة أحٌانا وإٌدٌولوجٌة أحٌانا‬
‫أخرى زٌادة عن أن أؼلب هإالء المثقفٌن تشبعوا بثقافة كالسٌكٌة ‪.‬‬

‫‪ -13‬األغنٌة الثورٌة الشاوٌة ‪:‬‬


‫لقد اخترنا من كل هذا الحدٌث علً بعض ما تشتهر به منطقة األوراس األشم‬
‫من أؼانً شعبٌة عرٌقة ومتوارثة تعود بنا إلً حقبة مهمة جدا من تارٌخ الجزابر‬
‫وهً فترة االحتالل وهكذا تإكد األؼنٌة الثورٌة بسالة هإالء الثوار وشجاعتهم‬
‫وحبهم للوطن كما لعبت دور اإلعالم و األخبار حٌث تنقل كل ما استجد للثوار‬
‫وتحذرهم من كل طارئ كما نجحت علً فعل ما لم ٌقو السالح علً فعله من‬
‫استجماع قوى الشعب وتوحٌد صفوفه ‪.‬‬

‫أما عن مضامٌن األؼنٌة الشاوٌة‪ ،‬فتعددت وتنوعت حٌث ارتبطت بالواقع الثورة‪،‬‬
‫ورصدت أفراح وأحزان الشعب‪ ،‬أثناء الثورة التحرٌرٌة وقد فازت األؼنٌة الثورٌة‬
‫بحصة األسد من هذا المورث الؽنابً الضخم‪ ،‬حٌث مازال الشعب ٌرددها فً‬
‫مناسباته المختلفة إلى ٌومنا هذا وقد ٌفسر هذا األمر بما ٌلً‬

‫‪06‬‬
‫‪ ‬أن األوراس كانت قلعة من قالع الثورة‪ ،‬وقبلها مركزا من مراكز المقاومة‬
‫الشعبٌة‪.‬‬
‫‪ ‬أنها من أكثر المناطق تضررا جراء االستعمار الفرنسً‪ ،‬خاصة على‬
‫مستوى الخسابر البشرٌة‪ ،‬إذ ال ٌكاد ٌخلو بٌت من اسم شهٌد أو أكثر‬
‫‪ ‬معاناة سكان األوراس معاناة نفسٌة حادة‪ ،‬ترجمت كلمة ولحنا‬
‫وتعالت أصوات النساء والرجال والجنود واألطفال مرددٌن هذه األؼانً‪ ،‬بعثا لألمل‬
‫وحشدا للهمم‪ ،‬وتحرٌضا على الجهاد‪ ،‬وعزفا على أوتار العاطفة بذكر حال الثكالى‬
‫والٌتامى والجنود للتحفٌز على المضً قدما فً مواجهة ظلم ووحشٌة االستعمار‬
‫الفرنسٌومن بٌن األؼانً الثورٌة المنتقاة فً هذا المقام‪ ،‬أؼنٌة أ ّدت دور التحرٌض‬
‫على الجهاد عن طرٌق هذا االعتراؾ المسجل من أفواه الشباب المناضل‪ ،‬دون‬
‫اللجوء إلى األسلوب المباشر للجهاد‪ ،‬بل تترك المجال مفتوحا أمام الشباب لالختٌار‬
‫ٌَا َخ ْن ْشلَة ٌَ ْال َقبْل ٌَة و ْترابكْ بال ّنوار‬
‫اوٌة واط َلعْ نا للجبال صْ ؽار‬
‫أحْ نا ْدراري َش ِ‬
‫هذا الشباب الشاوي ٌفتخر بؤصله األمازٌؽً‪ ،‬اختار االلتحاق بالجبال‪ ،‬رؼم صؽر‬
‫سنه ؼٌر مبال‪ ،‬متفابل بهذ‬
‫ٌا جْ َب ْل ْل ْز ْ‬
‫رق ال َعا ِل ٌَا سكنو ْه ْاد َر َ‬
‫ارٌـا‬
‫الحبْ والرْ صاص إِشالٌا أعْ لى َجا ْل الوطنٌة‬
‫َ‬
‫والمالحظ أن األؼنٌة الثورٌة فً كل مرة توظؾ لفظة (اذراري) بمعنى "الشباب"‬
‫تحفٌزا وتحرٌضا لهم‪ ،‬لاللتحاق بصفوؾ جٌش التحرٌر الوطنً‬
‫على شاكلة ما جاء فً هذه األؼنٌة‬
‫لز َر ْق ٌا جْ َب ْل لَ ْز َر ْق‬
‫ٌا جْ َبل ْ‬
‫ش ا ْم َسرْ َك ْل‬ ‫ْحارم تشعل أ ْم ْ‬
‫شات البٌعة َع َ‬ ‫اذراري ُ‬
‫شبان لَم َ‬
‫فالشاعر ٌنقل خبر الوشاٌة إلى الجبل األزرق‪ ،‬الذي أصبح محاصرا من قبل قوات‬
‫االحتالل الفرنسً‪ ،‬وكؤن المكان معنً بما أصاب هإالء الشباب‪ ،‬الذي وصفتهم‬
‫األؼنٌة بتلك المنادٌل التً كانت تربط فً أعلى السراوٌل‪ ،‬وهً عادة قدٌمة‪ ،‬مٌزت‬
‫شبان المنطقة عن سواهم‬
‫‪07‬‬
‫للداللة على رٌعان الشباب‪ ،‬وهكذا تإكد األؼنٌة الثورٌة فً كل مرة‪ ،‬أن المكان‬
‫جزء ال ٌتجزأ من الكٌان الثوري‪ .‬وال ٌفوت األؼنٌة الثورٌة الشاوٌة تصوٌر حال‬
‫المجاهدٌن المزرٌة وقد أنهكهم التعب والمرض‪ ،‬من كثرة قطعهم للمسافات البعٌدة‬
‫راجلٌن (من عنابة)‪ ،‬وتنقل على لسانهم طلب السماح والعفو من الوالدٌن‪ ،‬ألنهم‬
‫اختاروا طرٌق الجهاد‪ ،‬تلبٌة لنداء الواجب الوطنً‪ ،‬الذي ال رد له مهما تعددت‬
‫األسباب حٌث تقوا بداٌة كلمات األؼنٌة ‪:‬‬

‫ِجٌ َنا من عنا َبة واحْ نا مرضى ْ‬


‫وؼالبه‬
‫اسمحٌلً ٌاٌمة وبابا هذا لحرب اللً نادى‬
‫وفً األؼنٌة األخرى كان المجًء من (عٌن أملٌلة) مسافة سبعة أٌام مشٌا على‬
‫األقدام‪ ،‬إلى أن حط الجنود رحالهم بإحدى جبال المنطقة لشدة تعبهم‪ ،‬داعٌن المولى‬
‫عز وجل أن ٌفرج علٌهم وٌنفس كربهم‪ ،‬وفً رواٌة أخرى لنفس األؼنٌة مع‬
‫اختالؾ فً المقطع األخٌر‬
‫جٌنا من عٌنْ أملٌلة َسبْعْ أٌام عْ لى رجلٌنا‬
‫ٌا ربً فرّجْ أعلٌنا )أوصلنا لجبال َك ْمبٌنا‬
‫وفً رواٌة ثانٌة‬
‫جٌنا من عٌن ملٌلة سبع أٌام على رجلٌنا‬
‫أوصلنا لجبال َك ْمبٌنا ربً عسـاس أعلٌنا‬
‫فً نص آخر ٌصور لنا على لسان أحد الجنود‪ ،‬كٌؾ التقى المجاهدون بعدد هابل‬
‫من الجٌش الفرنسً على ؼفلة بمكان ٌسمى (بوحمامة) ورؼم قلة المجاهدٌن‬
‫اختاروا الحرب حفاظا على كرامتهم وكرامة جٌش التحرٌر الوطنً‪ ،‬ألن تراجعهم‬
‫وصمة عار ستالحقهم أحٌاء أوموتى‬
‫لقٌت ل َعسْ كر ْ‬
‫اؼمامة‬ ‫ْ‬ ‫َجب ْ‬
‫ٌّت عْ لى بُوحْ مامة‬
‫ٌا ّخوتًِ واشْ مالهانة أوالد الشهدا لٌتامى‬
‫شعلت النار وإذا و ّخرْ نا هذاك العار‬
‫ْ‬ ‫إذا قدمنا‬

‫‪08‬‬
‫وقد اكتسب الثوار صناعة ضد الرهبة من طابرات العدو وقذابفه‪ ،‬وضد ما ٌصٌبهم‬
‫من جراح وتقتٌل‪ ،‬فهناك طاقة مخٌفة داخل النفس الثورٌة تمنع صاحبها من الهلع‪،‬‬
‫فٌستقبل الموت مبتسما ‪. 1‬‬
‫آها َسجْ عوا الشبّان حازمو الم ْ‬
‫ْحااز ْم‬
‫نقلوا رفال ضربوا طٌارة‬
‫ٌحكموا االستقالل زادوا لٌشار‬
‫نجمة وهالل‬
‫وتنتصر األؼنٌة الشعبٌة للثوار رؼم العتاد العسكري المتطور الذي تملكه فرنسا‪،‬‬
‫ورؼم بساطة ما ٌحمله هإالء الشباب من سالح‪ ،‬إال أ ّنهم تمكنوا من إسقاط دبابة‬
‫بضربة واحدة‪ ،‬واألؼنٌة تدعو إلى تشجٌع هذا الشباب للمضً قدماـ لتختم برموز‬
‫العلم الجزابري وهً النجمة والهالل‪ ،‬بعثا لألمل وؼرسا للثقة فً نفوس هإالء‬
‫الجنود‪ ،‬حتى ٌحققوا حلمهم وحلم المالٌٌن وهو االستقالل التام‪ ،‬وأن ال ٌستهٌنوا‬
‫‪.‬بقدراتهم مهما كان عتاد فرنسا‬
‫وهكذا تإكد األؼنٌة الثورٌة‪ ،‬مع كل نص جدٌد بسالة هإالء الثوار وشجاعتهم‬
‫وحبهم للجزابر‪ ،‬هذا الوطن األم الذي لم ٌتردد أبناإه قٌد أنملة فً التضحٌة بؤنفسهم‬
‫من أجله‬
‫كما لعبت األؼنٌة الشعبٌة الثورٌة دور اإلعالم واإلخبار حٌث تنقل كل ما استجد‬
‫بالمنطقة للثوار‪ ،‬وتحذرهم من أي طارئ أو حصارة‪ ،‬مثلما تحذر هذه األؼنٌة‪ ،‬أحد‬
‫الثوار المشهورٌن بالمنطقة وهو"الحاج لخضر" محددة لون عمامته الصفراء من‬
‫المرور بمنطقة "المعذر" التً حوصرت من قبل قوات االحتالل الفرنسً‪ ،‬داعٌة‬
‫للشباب بالنصر‬
‫الحاج لخضر مُول الشاش لصفر ما تعقبش الٌوم على لمعذر‬
‫اصْ بح ا ْم َسرْ َك ْل بالعسكر هٌا الوالد هللا ٌنصر‬

‫‪ - 1‬فً األغنٍة الثورٌة األوراسٍة أ‪/‬سعٍدة حمزاوي جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫‪09‬‬
‫كانت المرأة رمزا من رموز الثورة الجزابرٌة الخالدة‪ ،‬حٌث لم تتوان ٌوما عن‬
‫التبرع بمجوهراتها‪ ،‬مهما بلؽت قٌمتها مثلما ٌعرؾ عن المرأة األمازٌؽٌة (الشاوٌة)‬
‫التً سلمت أؼلى ما تملكه من حلٌها الفضً والذهبً المصنوع من قطع ذهبٌة‬
‫‪1‬‬
‫والتً تسمى بالتعبٌر المحلً حبات لوٌز‬
‫اري بْال ٌَعْ الَ َونْ الشباب بال برانٌس‬‫ْاد َر ِ‬
‫ْآث ُنو َسنْ ْ‬
‫اق‪َ -‬ذ ْفالَ َونْ ٌبٌتون فً الثلوج‬

‫إٌزرْ َف َاونْ إنزعن الذهب والفضة‬


‫أورعْ ْد َ‬
‫ْث َ‬‫ا ْك َسم ْ‬
‫أهٌِ َب ّراذٌِنْ انْ وُ والَ َونْ ٌا باردات القلوب‬

‫إضافة إلى العراء والبرد الذي كان ٌعانٌه الجنود فً جبال األوراس‪ ،‬كانوا ٌعٌشون‬
‫حٌاة مزرٌة فهم ٌفترشون األرض‪ ،‬وٌلتحفون السماء وٌتضورون جوعا كلما نفذت‬
‫المإونة التً معهم‪ ،‬فٌحتاجون التزود باألكل والشرب والملبس فٌضطرون للنزول‬
‫من مخاببهم لزٌارة القرى وهذا ٌحتاج لتؤمٌن الطرٌق من قبل الحراس‪ ،‬لٌتمكن‬
‫الجنود من نقل ما ٌلزمهم خلسة‪ ،‬دون أن ٌشعر بهم المستعمر أو عمالإه‪ ،‬وهذا ما‬
‫تصفه األؼنٌة التً تقول‬
‫أهْ و َت ْد أي اعساسن إنزلوا أٌها الحراس‬
‫الجنود ْ‬
‫اخ َسنْ أ َّدا َسنْ الجنود ٌرٌدون المجًء‬
‫آ َهنْ َؼنٌنْ ام َسا َكنْ إنهم ٌثٌرون الشفقة‬
‫آربً فرَّ جْ فال َسنْ ٌاربً فرّج علٌهم‬
‫ومن التقالٌد الشابعة فً األؼنٌة الثورٌة أنها تختتم بالدعاء‪ ،‬نظرا لطبٌعة مضامٌنها‬
‫التً تسفر عن معاناة شعب‪ ،‬تكبد خسابر مادٌة ومعنوٌة ال تحصى‪ ،‬حتى ٌفوز بحٌاة‬
‫كرٌمة‪ ،‬فهو ٌحتاج فً كثٌر من األحٌان إلى شحنة نفسٌة تقوي عزٌمته وتثبت قلبه‬
‫وال خٌر لبلوغ هذا الهدؾ من الدعاء‪ ،‬بوخز الجانب الروحً الدٌنً عند اإلنسان‬
‫لٌتمسك أكثر بؤمل ؼد جدٌد‪.‬‬

‫‪ - 1‬في األغنية الثورية األوراسية أ‪/‬سعيدة حمزاوي جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫‪91‬‬
‫وعلى سبٌل المفاخرة تتؽنى األؼنٌة الثورٌة بؤحد رموز الثورة التحرٌرٌة‪ ،‬فتوظؾ‬
‫صٌؽة التصؽٌر‪ ،‬داللة على التدلٌل (قرنون) وتصؾ لون عٌنٌه الزرقاوتٌن‪ ،‬وهٌبته‬
‫العسكرٌة المهٌبة‪ ،‬وهوٌحمل سالحا ذوخمسة طلقات (الخماٌسً)‪ ،‬وتصوره األؼنٌة‬
‫بؤلفٌن طلقة وهً صٌؽة مبالؽة‪ ،‬الهدؾ منها المفاخرة بالثوار وقدراتهم‪ ،‬كما أنها‬
‫تصؾ حزام الخراطٌش بطول مترٌن للداللة على امتالبه وكثرة خراطٌشه ترهٌبا‬
‫للعدو ورفعا لمعنوٌات الثوار من خالل تصوٌر شجاعتهم وحسن تصوٌباتهم‪ ،‬فكل‬
‫طلقة بطلقتٌن‪ ،‬وتسقط فً كل مرة مبتً جندي فرنسً‬
‫‪1‬في األغنية الثورية األوراسية أ‪/‬سعيدة حمزاوي جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫‪2‬الشعر الشعبً ودوره فً الثورة التحرٌرٌة بمنطقة األوراس(للعربً دحو)‪.‬‬

‫قرٌنْ ٌا َقرْ ُنونْ‬ ‫ٌا َزرْ ْق ْلعٌِنٌنْ ٌا ِ‬


‫لَ ْخ َماٌْسِ ً فٌه ألفٌِنْ ولَحْ َزا ْم فٌه ِم َترْ تٌِنْ‬
‫آ ْل َحبّة َحبْتٌنْ َوطٌَّح مٌتٌنْ‬
‫وترصد لنا األؼنٌة الثورٌة‪ ،‬عالقة الثوار فٌما بٌنهم‪ ،‬فتنقل رسابلهم ووصاٌاهم‬
‫لبعضهم البعض‪ ،‬مثلما تصور األؼنٌة اآلتٌة التً ٌبعث من خاللها قرٌن بقاسم‬
‫سالمه إلى مصطفى بن بولعٌد‪ ،‬وقد ترك له وصٌة الحفاظ على الدٌن اإلسالمً‪ ،‬فً‬
‫وقت كانت فرنسا تحاول طمس كل مقومات الشعب الجزابري من دٌن ولؽة عربٌة‬
‫عن طرٌق تحطٌم جمٌع الهٌبات الثقافٌة‪ ،‬ومنع تدرٌس اللؽة العربٌة‪ ،‬وقد قصد‬
‫االستعمار عن وعً وإصرار أن ٌقضً على عناصر ثقافٌة تإكد أصالتنا ومكاننا‬
‫من التارٌخ ومن الحضارة سعٌا لمحو الشخصٌة الجزابرٌة‬
‫ٌا أوبولعٌد ٌا بن بولعٌد‬
‫قرٌن‬ ‫ٌَ ْت َسالَ ْد فالَّكْ ِ‬
‫قرٌنْ ٌسلم علٌك ِ‬
‫ٌَ َقاراكْ ا ْت َهال ِذ‪-‬دٌن ٌقول لك اعتنً بالدٌن‬
‫ْد ْلحرب المجاهدٌن هذي حرب المجاهدٌن‬
‫وٌتباهى المؽنً الشاوي بما ألحقه الثوار بقوات االحتالل الفرنسً من خسابر ال تعد‬
‫خاصة الخسابر البشرٌة‪ ،‬منتهجا أسلوب الوصؾ الحسً للداللة على نوع العتاد‬
‫العسكري الذي تملكه فرنسا‪ ،‬فٌطلق عبارة "الطابرة بال جنحٌن" للداللة على‬

‫‪90‬‬
‫"مروحٌات اإلجالء" التً سارعت لحمل الجثث الهامدة‪ ،‬وإنقاض ما ٌقً من أحٌاء‪،‬‬
‫لتإكد األؼنٌة فً األخٌر أنها حرب المسلمٌن‪ ،‬ضد من أراد اؼتصاب أرض‬
‫الجزابر الطاهرة‬
‫الطٌارة بال جنحٌن‬
‫والحٌٌّنْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫تهز الموتى‬
‫هذي حرب المسلمٌن‬
‫وكم ٌثٌر البعد عن الوطن المشاعر وٌهٌج الذكرٌات‪ ،‬خاصة إذا كان الفرد مجبرا‬
‫على أمل العودة ٌوما إلى البلد الذي شب فٌه وسط أشخاص أعزاء علٌه‪ ،‬وأشٌاء‬
‫حبٌبة إلى نفسه ‪. 1‬‬
‫وتصبح الحسرة أكثر إٌالما‪ ،‬كلما كان هذا األمل أشد استحالة‪ ،‬أوضاع إلى‬
‫األبدعندما ٌتعلق األمر بموضوع النفً‪ ،‬حٌث قامت السلطات الفرنسٌة أثناء‬
‫تواجدها االستعماري بالجزابر‪ ،‬إلى إصدار قرار بنفً ع ّدة شخصٌات‪ ،‬وحتى‬
‫عابالت إلى خارج الوطن‪ ،‬وأحٌانا إلى مناطق داخل الوطن‪ ،‬ولم تنس األؼنٌة‬
‫األوراسٌة هذه الشرٌحة التً تكبدت عناء النفً والحرمان من األهل والوطن من‬
‫أجل القضٌة الوطنٌة‪ ،‬وتنادي جبال األوراس الشامخة لتشكو لها ألم الفراق‪،‬‬
‫وضراوة الحرب التً دامت سبع سنوات (ثورة التحرٌر) ومازال صوت الرصاص‬
‫ٌلعلع مدوٌا‪ ،‬ألنه ٌإمن بؤن الجبل هو الوحٌد الذي باستطاعته أن ٌجٌب عن‬
‫تساإالت اإلنسان وٌبدد حٌرته وٌبعث األمل فٌه بعودة هإالء الرجال المنفٌٌن الذٌن‬
‫ٌثٌرون شفقة كل وطنً‪ ،‬ولٌس ألحد أن ٌفك هذه العقدة من ؼٌر المولى –عز وجل‪-‬‬
‫هإالء الرجال الذٌن ناضلوا وسكنوا الجبال من أجل الوطن‪ ،‬نفٌوا منه على أٌادي‬
‫المستعمر الفرنسً‬
‫ٌا جْ َب ْل لَ ْو َر ْ‬
‫اس ال َعالٌا سبعْ سْ نٌن والنار تقدٌِا‬
‫ما ٌفك الفِكاك من ؼٌر العالٌا ؼاضونً الرجال المنفٌا‬
‫ؼاضونً الرجال ؼاضونً الرجال وما ْب ٌَاشْ المال‬
‫عفسوا فً النضال اللً حرقوا الجبال‬

‫‪ - 1‬فً األغنٍة الثورٌة األوراسٍة أ‪/‬سعٍدة حمزاوي جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫‪99‬‬
‫وفً أؼنٌة دعوة صرٌحة للشعب للخروج والتعبٌر عن فرحة وزهوه‪ ،‬بإشراق ٌوم‬
‫جدٌد تبدد فٌه ظلم االستعمار‪ ،‬وأضاءت شمس الحرٌة ربوع الجزابر‪ ،‬إنه ٌوم ٌؽنً‬
‫لعٌشة الحرٌة والسالم‬
‫أكر فالك أسفٌل انهض ٌا مدنً‬
‫أكر فالك أتزهٌذ إنهض لتزهو‬
‫اإلستقالل إخلضد االستقالل الح‬
‫‪1‬‬
‫آب نبلة إروحـــد وبــن بلـة عــــاد‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬من األغنٍة الثورٌة األوراسٍة أ‪/‬سعٍدة حمزاوي جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫‪93‬‬
‫خالصة القول أن هذه األؼانً الثورٌة الشاوٌة‪ ،‬وثٌقة ثمٌنة تفند أقوال من ٌدعون أن‬
‫األدب الشعبً مجرد خرافات رضعناها أو ترهات صدقناها على مر العصور‪ ،‬وأنه‬
‫خال من أي‬
‫معنى أو هدؾ‪ ،‬ولعل هذه األؼانً التً صورت لنا بحق آالم وآمال الشعب‬
‫الجزابري فً فترة جفت فٌها أقالم الكتاب ولم ٌبق لهم سوى سبٌل واحد وهو‬
‫اعتماد المشافهة‪ ،‬كوسٌلة لزرع الوعً والتحسٌس بثقل المسإولٌة التً ألقٌت على‬
‫عاتق هذا الشعب‪ ،‬وهً تحرٌر الجزابر‪ ،‬فانطلقت حناجر المؽنٌن على اختالؾ‬
‫أعمارهم تردد أؼانً متنوعة المضامٌن‪ ،‬كلها تسعى لتكسٌر حاجز الخوؾ وتوحٌد‬
‫الصفوؾ وشحذ الهمم‪ ،‬واتخاذ قرار مصٌري ال رجعة فٌه وهو القتال حتى الموت‬
‫‪1‬‬
‫أو الحرٌة واالستقالل‪ ،‬وكان لهم ذلك سنة ‪1962‬م‬

‫‪- 1‬الشعر الشعبً ودوره فً الثورة التحرٌرٌة بمنطقة األوراس(للعربً دحو)‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪ /14‬اآلالت الموسٌقٌة المستعملة ‪:‬‬

‫‪-1-14‬القصبة ‪:‬‬

‫آلة القصبة آلة بدابٌة وبسٌطة للؽاٌة‪ ،‬وهً مصنوعة من القصب المتفاوتة البعد بٌن‬
‫‪ 8‬و ‪ 10‬سم فً حٌن ٌكون قطره الداخلً بٌن ‪ 25‬و ‪ 30‬مم؛ ٌتم اختٌار القصب‬
‫حسب معرفة العازؾ وٌكون عادة من القصب السمٌك والمتشبع بالماء‪ ،‬فٌقع قصة‬
‫عند بلوؼه واصفرار لونه و جفافه‪ ،‬وتكون القطعة المختارة ذات قطر ثابت على‬
‫مدى طولها؛ ولعل أحسن أنواع القصب هو ذو األوراق المخططة بالبٌاض والتً ال‬
‫ترتفع كثٌرا طوال وتكون عقدة ذات أبعاد متساوٌة أكثر ما ٌمكن أما طول القطعة‬
‫فهو عادة ٌتراوح بٌن ‪ 70‬و‪ 90‬سم‪.‬‬

‫وتكون المرحلة األولى بثقب العقد داخل القصبة باستعمال قضٌب معدنً قطره ‪6‬‬
‫مم ٌحمً فً النار وٌولج داخل القصبة من األعلى ومن األسفل لتصبح نافذة وٌمر‬
‫منها الهواء بكل سهولة؛ بعد هذه العملٌة ٌتم إعداد فوهة النفخ بصورة ٌكون وضع‬
‫الشفتٌن علٌها مرٌحا لنفث الهواء جانبٌا كً ٌحدث صفٌرا نقٌا ‪.‬‬

‫فً هذه المرحلة ٌتم تحدٌد الطول النهابً للقصبة بقص الزابد منها من الناحٌة‬
‫السفلٌة‪ ،‬باالعتماد على منزلة الصوت الذي تحدثه وهً بال ثقب موضع األنامل؛‬
‫المرحلة الموالٌة هً األكثر أهمٌة فً إتمام العملٌة الوظٌفٌة للقصبة بتحدٌد مواضع‬
‫الثقب الجانبٌة؛ وخالفا آللة الناي التً بها ‪ 6‬ثقب أمامٌة وثقب خلفً‪ .‬فعدد ثقب‬
‫القصبة ‪ 10‬منها ‪ 6‬لألنامل تلٌها ‪ 3‬لوضع صمام من الشمع ٌحدد حسب الطبقة‬
‫الصوتٌة للمؽنً إما الثقب األخٌر فهو األعلى ٌستعمل عندما تكون المؽنٌة امرأة‬
‫نظرا الرتفاع طبقة صوتها؛ تتم عملٌة الثقب بنفس القضٌب للحصول على لقب ذات‬
‫قطر ‪6‬مم؛ عند هذا الحد ٌمكن تعدٌل النهابً للقصبة بقص ما زاد من طولها‬
‫للحصول على آلة متناؼمة العزؾ‪ ،‬وال ٌمكن الحصول على هذه النتٌجة إال لدى‬
‫الماهرٌن من القصابة ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ونٌسً محمد الصالح جذور الموسٌقى األوراسٌة ص ‪ 75‬المؤسسة الوطنٌة لفنون الطبع الجزائر ط‪2000/ 1‬‬

‫‪95‬‬
‫ولكل قصاب تقنٌاته وفنٌاته لتهٌبة آلته وعادة ٌسكب بعضهم زٌت الزٌتون داخل‬
‫القصبة مع تمرٌرها على النار لٌتشبع الخشب به وهكذا ٌتم حماٌته من رطوبة‬
‫الهواء الصادر من الربتٌن‪ ،‬كما ٌزٌد بعضهم قلٌال من العسل إلعطاء القصبة حالوة‬
‫النؽم حسب رأٌهم‪.‬‬

‫تكون المرحلة األخٌرة عملٌة تزٌٌن القصبة بؤداة حادة بؤشكال ورسوم متعددة نجد‬
‫فٌها ماهو مستوحً من النسٌج والخزؾ البربري أو الوشم التقلٌدي وؼٌرها من‬
‫اإلشكال عند نهاٌة عملٌة النقش‪ٌ ،‬قع طالءها بقلٌل من الحناء السابلة أو األصباغ‬
‫المستعملة لخٌوط الصوؾ فً النسٌج وخاصة منها العكري أو الخمري أو القرمزي‬
‫األجوؾ ذو العقد‪.‬‬

‫‪ -2-14‬آلة الزرنة‪:‬‬
‫هً آلة نفخٌة بدابٌة تستعمل فً العدٌد من المعزوفات الموسٌقٌة الشاوٌة فً عدة‬
‫مناطق أوراسٌة خصوصا ولكنها أقل انتشارا من آلة القصبة؛ حٌث نالحظ هذه اآللة‬
‫فً األفراح كالختان واألعراس والوعدات‪ ،‬ما ٌصاحبها الطبل أو البندٌر؛ تصدر آلة‬
‫الزرنة ألحانا راقصة تعبر عن البهجة والفرح‪ ،‬تصنع هذه الزرنة أٌضا من الخشب‪،‬‬
‫تحتوي على ثقوب ورٌشة خاصة بها‪.‬‬

‫‪ -3-14‬البندٌر (الدف) ‪:‬‬

‫‪ -‬البندٌر من اآلالت اإلٌقاعٌة فً الموسٌقى الشاوٌة‪ ،‬فهو ٌجمع بٌن البساطة‬


‫واألصالة‪ٌ - .‬صدر البندٌر أصواتا إٌقاعٌة تناسب تماما األلحان الشاوٌة‪ ،‬بواسطة‬
‫البندٌر نستطٌع إصدار أصواتا مختلفة‬

‫وذلك حسب موقع الضرب‪ - .‬تصنع مادة البندٌر من إطار خشبً ٌتراوح سمكه ما‬
‫بٌن ‪ 10‬و ‪ 14‬سم‪ ،‬وقطر ٌتراوح ما بٌن ‪ 45‬و ‪60‬‬

‫‪96‬‬
‫سم وذلك حسب رؼبة العازؾ وٌؽلؾ بجلد الماعز والمحضر بطرقة خاصة حٌث‬
‫ٌجفؾ فً الظل لمدة محدودة ‪ٌ -‬ثبت على سطح البندٌر الداخلً خٌط من السمسم‬
‫ٌهتز كلما ضربنا على البندٌر ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ونٌسً محمد الصالح جذور الموسٌقى األوراسٌة ص ‪ 75‬المؤسسة الوطنٌة لفنون الطبع الجزائر ط‪2000/ 1‬‬

‫‪97‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫‪ -15‬رواد وأعالم األغنٌة الشاوٌة‬
‫‪ -5-51‬عٍسى الجرمونً ‪:‬‬
‫ظاهرة خاصة وفرٌدة إن ظاهرة عٌسى الجرمونً ظاهرة خاصة وفرٌدة ومن‬
‫الخوارق العجٌبة التً تظهر من عصر إلى عصر وٌمكننا أن نإكد أن الحظ وحده‬
‫أو الصدفة وحدها هً التً جعلته ٌسجل من أؼانٌه وبالتالً وصولها إلى الجمهور‬
‫العرٌض لٌستمتع بها والفضل فً ذلك ٌعود إلى أحد الجزابرٌٌن الٌهود المعجبٌن‬
‫بؽنابه فً ذلك الوقت وهو السٌد ( هارون الحوزي ) الذي شجعه على التسجٌل فً‬
‫كل من تونس وفرنسا ولواله لذهبت أؼانٌه أدراج الرٌاح والمتمعن فً التارٌخ‬
‫األؼنٌة الشاوٌة ٌدرك أن كل عصر له عباقرته وعٌسى الجرمونً فرٌد عصره‬
‫وهو صاحب الموهبة والتى ٌمكن أن نقول ال ٌمكن أن تظهر فً عصر أخر وال‬
‫ٌمكن استنساخ موهبته الؽنابٌة والموسٌقٌة أبدا ‪ ،‬حٌث تقول الحكمة التً تقول (‬
‫عندما تعجز الطبٌعة عن التعبٌر ‪ ،‬تصنع رجال عبقرٌا ٌعبر عنها ) وبدون شك‬
‫كلمات وجمل هذه الحكمة تنطبق تماما على مطرٌنا والممٌز فً عصر عٌسى‬
‫الجرمونً أنه عصر العمالقة فً مجال الموسٌقى والؽناء فً كل األقطار العربٌة‬
‫ففً مصر ظهر كل من ‪ :‬محمد عبد الوهاب ‪ -‬أم كلثوم ‪ -‬رؼم فارق البٌبة‬
‫والظروؾ السٌاسٌة واالجتماعٌة وبكل موضوعٌة نحترم فٌها كل المقاٌٌس نجزم أن‬
‫عٌسى الجرمونً ٌعادل فً الموهبة واألداء هذٌن العمالقٌن ‪ ،‬رؼم أنه ال ٌعرؾ‬
‫(‪)1‬‬ ‫الكتابة والقراءة وال درٌة له – بعلم الموسٌقى وخباٌها وأسرارها‬
‫‪ -‬المولده ونشاته ‪:‬‬
‫واسمه الحقٌقً هو مرزوق عٌسً بن رابح المعروؾ عٌسً جرمونً ولد سنة‬
‫‪ 1885‬فً دوار امزي المسماة حالٌا قرٌة سٌدي أرؼٌس عٌن البٌضاء والٌة أم‬
‫البواقً ولكن موطنه االصلً هو بٌر إسماعٌل(وٌسمى أٌضا البسان أو الحٌمر)‬
‫ببلدٌة متوسة والٌة خنشلة وتوفً فً ‪ 16‬دٌسمبر ‪ 1946‬فً عٌن البٌضاء ودفن‬
‫َ‬
‫صوت الجرمونً خالل مناسبة اجتماعٌة أدى‬ ‫بها بعمر ناهز ‪ 61‬عام‪ ،‬و إكتشؾ‬
‫ُ‬
‫حٌث تر ّدد اسمه منذ تلك‬ ‫فٌها بعض األؼانً‪،‬‬

‫‪98‬‬
‫اللحظة‪ .‬ورؼم أنه ألّؾ وأدى العشرات من األؼانً‪ّ ،‬إال أن جرمونً‪ ،‬الذي أصدر‬
‫أول أسطواناته فً تونس عام ‪ ،1933‬لم ٌُسجل سوى قرابة خمسة وثالثٌن عمالً‪،‬‬
‫من أبرزها “الفوشً”‪ ،‬و”عٌن الكرمة”‪ ،‬و “تبقاو بالسالمة"‬

‫تزوّ ج جرمونً بامرأة فرنسٌة‪ ،‬الذي أحبها وؼنى من أجلها بل عاش من أجلها‬
‫كانت هً الحرٌة فً نظره‪ ،‬هً العٌن التً ٌبصر بها جمال المرأة كما وصفه فً‬
‫أشعاره‪“ ،‬برق البرق تبسة حسبتو هنا فً بالدي‪ ،‬وهً تبسٌمت الشقرة ابصر على‬
‫من تنادي”‪ ،‬حتى أنه دخل فً دهالٌز من الحزن بعد وفاتها‪ ،‬لم ٌخرج منه إال نحو‬
‫المقبرة سنة ‪1946‬‬

‫ُ‬
‫حٌث‬ ‫كما عُرؾ األسطورة األوراسٌة بمواقفه المناهضة لالستعمار الفرنسً‪،‬‬
‫رفض الخضوع إلى العدٌد من القوانٌن التً كانت تفرضها السلطات االستعمارٌة‪،‬‬
‫مثل الضرابب والخدمة العسكرٌة‪ ،‬وقد عكس ذلك فً أؼنٌته “الفوشً”‪.‬و لإلشارة‬
‫أنتجت التلفزة الجزابرٌة مسلسال “دوار الشاوٌة” حول حٌاة عٌسى الجرمونً‪ ،‬كان‬
‫‪.‬موفقا إلى درجة معٌنة‬

‫ٌنتمً عٌسً الجرمونً إلى قبٌلة من كبرى القبابل األمازٌؽٌة فً الشرق الجزابري‬
‫وهً قبٌلة الحراكٌة التً لعبت دورا كبٌرا فً مقاومة االستعمار الفرنسً والتً‬
‫الجٌت رجاال عظماء تٌؽوا فً السٌاسة والعلم والدٌن والفنون ‪ ،‬هذه القبٌلة التً‬
‫تقطن حالٌا شمال األوراس وأهم مننها ‪ :‬عٌن البٌضاء ‪ -‬أم البواقً ‪ -‬فكٌرٌتة‪-‬‬
‫متوسة وؼٌرها هذه القبٌلة تنقسم إلى أربعة فروع كبٌرة وهً ‪ :‬أوالد عمارة ‪ -‬أوالد‬
‫سعٌد أوالد خنفر ‪ -‬أوالد سٌوان ‪ .‬فرع اوالد عمارة ‪ٌ :‬نقسم بدوره إلى أربعة عشابر‬
‫أو أعراش وهً ‪ :‬الجرامنٌة ‪ ،‬المصابحٌة ‪ ،‬أوالد فرٌحة ‪ ،‬أوالد قرون ‪ ...‬وٌنتمً‬
‫عٌسى الجرمونً إلى العشٌرة األولى وهً عشٌرة الجرامنٌة ؛ ومنها اشتهر بلقب‬
‫الجرمونً العا رفٌقه القصاب محند او ال زٌن " ولقٌه " الطٌر " فهو ٌنتمً إلى‬

‫‪99‬‬
‫عشٌرة المصابحٌة ‪ .‬وعلى ؼرار أؼلب أسماء القبابل وأسماء العابالت فً الشمال‬
‫‪1‬‬
‫اإلفرٌقً فان كلمة جرمون كلمة أمازٌؽٌة‬

‫كتٌب عن اعالم الغناء األوراسً صادر عن دار الثقافة محمد الشبوكً تبسة بمناسبة األسبوع الثقافً لوالٌة تٌسمسٌلت سنة ‪2004‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ - 2-15‬بقار حدة ‪:‬‬

‫عبّرت ب َّقار َح َّدة عن جرح ووجع داخلً الزمها طوال حٌاتها فً عدد من أؼانٌها‬
‫من بٌنها "هزٌت عٌونً قابلونً جبال لمشروحا" أي "رفعت عٌونً قابلونً جبال‬
‫المشروحة" ‪( ،‬المشروحة منطقة فً محافظة سوق أهراس)‪ ،‬وأؼنٌة "جبال‬
‫‪".‬لمشروحة القلب ملٌان والكبدة مجروحة"‪ ،‬أي "فً جبال المشروحة القلب ملًء‬

‫لم تقصد "ب َّقار َح َّدة" فً هذه األؼانً وأخرى حٌاة الفقر التً عاشتها‪ ،‬بل عن نقطة‬
‫سوداء فً حٌاتها الزمتها طوال حٌاتها‬

‫وبحكم العادات القدٌمة فً مدٌنتها‪ ،‬أُجبرت ب َّقار َح َّدة من قبل والدها على الزواج‬
‫وهً فً سن الـ‪ 14‬من شٌخ طاعن فً السن‪ ،‬لتجد نفسها تتحمل مسإولٌة بٌت‬
‫وزوج ٌكاد ٌنطق‪ ،‬زادها الفقر وتسلط االستعمار الفرنسً‪ ،‬وخرجت كنساء قرٌتها‬
‫‪.‬لترعى الؽنم ورؼم قصتها‬

‫التً خضعت ألعراؾ متسلطة وعادات بالٌة‪ ،‬فإن خروج ب َّقار َح َّدة جعلها تمضً‬
‫وقتها "بالدندنة"‪ ،‬وبؤداء "مواوٌل" بدوٌة من الطابع الشاوي الجزابري اكتشفت ب َّقار‬
‫َح َّدة مع مرور الوقت أن لها صوتا فنٌا قد ٌُخرجها من ظروفها القاسٌة وضؽوط‬
‫وفً إحدى عادات مجتمعها‪ ،‬الذي ٌعتبر المرأة التً تؽنً عارا على أهلها ومنطقته‬
‫لقاءاتها الصحفٌة النادرة‪ ،‬قالت‪" :‬رؼم حبً إلبراهٌم (زوجها الثانً) كثٌرا‪ ،‬لكننً‬
‫أحببت أن أرى كٌؾ ستكون الجزابر‪ ،‬وفً كوخً الصؽٌر ؼ ّنٌت فً اللٌل أؼنٌتً‬
‫األولى‪ ،‬التً تعود ذكراها لوقوفً أمام والدي وأصدقابه‬

‫بعد وفاة زوجها‪ ،‬تعرفت ب َّقار َح َّدة على عازؾ آلة "القصبة" المعروؾ فً الجزابر‬
‫باسم "القصَّاب" واسمه "إبراهٌم"‪ ،‬نشؤت عالقة حب بٌنهما انتهت بزواج لكنه‬
‫خارج عن أعراؾ أهلها ومنطقتها ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫وبعد أن قوبلت برفض أهلها إلبراهٌم ولفكرة ؼنابها‪ ،‬قررت التمرد على عابلتها‬
‫والهروب مع إبراهٌم فً نهاٌة الثالثٌنٌات‪ ،‬وكانت قصة حبها سببا فً كتابتها‬
‫وأدابها أؼنٌة "هزي عٌونك راهم شافو فٌا"‪ ،‬أي "ارفعً عٌنٌك‪ ..‬فهً ترانً" التً‬
‫‪.‬كانت واحدة من أشهر أؼانٌها‪ ،‬وأعاد أداءها عدد كبٌر من الفنانٌن الجزابرٌٌن‬

‫وفً أحد تصرٌحاتها الصحفٌة‪ ،‬قالت ب َّقار َح َّدة عن تلك القصة‪" :‬متعة الهروب‬
‫أؼرتنً أكثر من البقاء مع رجل ال أحبه‪ ،‬لم أكن ذمٌمة الخلق وكان صوتً أجمل‬
‫من أن ٌُرى‪ ،‬زوجونً لرجل عجوز وعمري ‪ 14‬سنة‪ ،‬وطلبوا منً أن أرضى‬
‫بمصٌري‪ ،‬لكن إبراهٌم القصّاب الذي أحبنً دون أن ٌرانً أرسل رسابل حبه لً‬
‫من خالل عزفه‪ ،‬فهمتها‪ ،‬مزمار ٌتؽ ّزل بصوت‪ ،‬عال صوتً كما ٌعلو رٌش‬
‫الطاووس لٌخبر بؤن األلوان تتعدد لتبهج الرابً‪ ،‬التقٌته فً لٌل مظلم‪ ،‬بعٌدا عن‬
‫ك هنا؟ لتكون اإلجابة‪ :‬ماذا أتى‬
‫مكان العرس الذي كنت أؼنً فٌه‪ ،‬سؤلته‪ :‬ماذا أتى ب َ‬
‫بكِ إلى هنا؟ من وقتها لم أسؤل أي سإال ألنه فهم إشارات أؼنٌتً كما فهمت إشارة‬
‫‪".‬مزماره‪ ..‬أال ٌستحق الحب أن ٌبدأ بإشارات كاختبار أول للحبٌب؟‬

‫بعد زواجها من إبراهٌم القصاب‪ ،‬خرجت ب َّقار َح َّدة بفنها من حفالت األعراس‬
‫المحلٌة إلى باب الشهرة الواسعة التً لم ٌكن ٌحلم بها أي فنان جزابري فً ذلك‬
‫‪.‬الوقت‬

‫سافرت مع زوجها إلى فرنسا‪ ،‬وهناك فُتحت لها أبواب النجاح‪ ،‬حٌث أحٌت حفالت‬
‫كثٌرة فً عدد من المدن الفرنسٌة خاصة تلك التً تعرؾ وجود المهاجرٌن‬
‫الجزابرٌٌن‪ ،‬ومن بقٌة سكان شمال أفرٌقٌا‪ ،‬من بٌنها بارٌس‪ ،‬لٌون‪ ،‬مرسٌلٌا‪،‬‬
‫ستراسبورج‪ ،‬وؼٌرها‪ ،‬إال أن الحفالت لم تسجل أو تذاع‬

‫‪ Edition‬مع نهاٌة الخمسٌنٌات‪ ،‬وقّعت ب َّقار َح َّدة أول عقد لفنان جزابري مع شركة‬
‫الفرنسٌة‪ ،‬لتسجل عددا كبٌرا من األؼانً البدوٌة المستمدة من الطابع الشاوي ‪Star‬‬
‫األمازٌؽً‬

‫‪39‬‬
‫رؼم شهرتها ونجاحها الذي تعدى حدود الجزابر‪ ،‬لكنها كانت الفنانة الجزابرٌة‬
‫الوحٌدة التً لم تسجل أؼانً مع اإلذ اعة أو التلفزٌون الجزابري بعد االستقالل‪ ،‬مع‬
‫أن اإلذاعة الجزابرٌة كانت تبث بعض أؼانٌها‪ ،‬وإن بقً السبب ؼامضا‬

‫‪33‬‬
‫اشتهرت "سٌدة األؼنٌة البدوٌة والشاوٌة" فً الجزابر بؤؼانٌها الثورٌة القوٌة‪،‬‬
‫خاصة وأنها عاشت الثورة الجزابرٌة بعد عودتها من فرنسا فً الخمسٌنٌات‪،‬‬
‫وصدح صوتها بروابع مجّدت فٌها الثورة الجزابرٌة ورثت روح شهدابها‪ ،‬من بٌنها‬
‫"الجندي خوٌا"‪ٌ" ،‬ا جبل بوخضرا"‪" ،‬دمو ساٌح" (دمه ٌنزؾ) التً رثت فٌها‬
‫شهٌد الثورة التحرٌرٌة الجزابرٌة عباس لؽرور‬

‫وبعد استقالل الجزابر عام ‪ ،1962‬انتقلت ب َّقار َح َّدة بٌن مختلؾ القرى واألرٌاؾ‬
‫الجزابرٌة إلحٌاء حفالت ؼنابٌة ضخمة‪ ،‬واشتهرت بفنانة أعراس وحفالت كبار‬
‫المسإولٌن فً الجزابر آنذاك‬

‫ال أحد ٌعرؾ كٌؾ انقلبت حٌاة الفنانة ب َّقار َح َّدة من أضواء الشهرة إلى ظلمات قبو‬
‫عاشت فٌه بقٌة حٌاتها‪ ،‬ولم تحظ باهتمام إعالمً وفنً كما حدث مع بقٌة الفنانٌن‬
‫الجزابرٌٌن بعد استقالل البالد‬

‫ب َّقار َح َّدة التً تعدت شهرتها إلى أوروبا لم ٌستضفها التلفزٌون الحكومً إال مرتٌن‬
‫فقط فً أواخر السبعٌنٌات وفً ‪ 1992‬وكانت سنة ‪ 1988‬التً كانت بداٌة الحظ‬
‫السًء للفنانة‪ ،‬فهً السنة التً توفً فٌها زوجها إبراهٌم‪ ،‬ومعه افترقت الفرقة‬
‫الموسٌقٌة التً كان أحد أفرادها‬

‫وجدت ب َّقار َح َّدة نفسها وحٌدة‪ ،‬وعادت إلى مدٌنة سوق أهراس‪ ،‬حٌث عاشت فً‬
‫كوخ‪ ،‬ثم ؼادرت إلى محافظة عنابة (شرق الجزابر)‪ ،‬حٌث قضت آخر أٌامها فً‬
‫ؼرفة واحدة بإحدى العمارات‪ ،‬تشبه القبو باعت الفنانة كل أثاثها البسٌط وما تملك‬
‫من حلً حتى تؤكل وتقاوم حٌاة الفقر التً فتحت عٌنٌها علٌها‪ ،‬وٌشاء قدرها أن‬
‫تؽلق عٌنٌها على حٌاة الفقر نفسها‪ ،‬وفارقت الحٌاة وحٌدة فً ؼرفتها الصؽٌرة فً‬
‫سبتمبر‪/‬أٌلول ‪ ،2000‬ولم ٌكتشؾ جٌرانها وفاتها إال بعد مرور عدة أٌام‪ ،‬وأكد‬
‫عددمن جٌرانها أنها توفٌت بسبب المرض والجوع رؼم وفاتها الفقرا‪ ،‬فإن ب َّقار‬
‫‪1‬‬
‫َح َّدة تركت إرثا فنٌا ال ٌُق َّدر بثمن‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬كتٌب عن اعالم الؽناء األوراسً صادر عن دار الثقافة محمد الشبوكً تبسة بمناسبة األسبوع الثقافً لوالٌة تٌسمسٌلت سنة ‪2004‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -3-05‬الفنانة زلٌخة‬
‫ولدت الشابة زلٌخة‪ ،‬واسمها الحقٌقً‪ :‬حسٌنة لواج‪ ،‬فً ‪ 6‬دٌسمبر ‪ 1956‬بمدٌنة‬
‫خنشلة‪ ،‬ومنها انطلقت إلى عالم الفن‪ ،‬طفلة ال ٌتجاوز سنها ‪ 11‬سنة‪ .‬وألنها تنحدر‬
‫من عابلة فنٌة‪ ،‬حققت حلمها فً الؽناء‪ .‬فقد ؼرؾ والدها بحبه للمسرح‪ ،‬وكان‬
‫أخوها عازفا موسٌقٌا بارعا‪ .‬وبعد أن ذاع صٌتها من خالل حضورها فً حفالت‬
‫األعراس والمناسبات‬

‫فً والٌات الشرق الجزابري‪ ،‬ال سٌما مدن خنشلة‪ ،‬باتنة‪ ،‬سوق اهراس وبسكرة‪،‬‬
‫وهً ترتد أؼانً مستوحاة من التراث الفنً األوراسً‪ ،‬والؽناء الشاوي األصٌل‪،‬‬
‫خاصة أؼانً بقار حدة وعٌسى الجرمونً‪ ،‬نجحت سنة ‪ ،1968‬فً تسجٌل أول‬
‫أسطوانة لها تضم أؼنٌتٌن ‪« :‬السبٌطار العالً» و «متبكٌشً ٌا سلٌمة»‪ ،‬فً طبع‬
‫«اآلي أي»‪ ،‬وهو نوع من الؽناء البدوي‪ ،‬المنتشر بقوة فً الرٌؾ األوراسً‪،‬‬
‫والصحراء الجزابرٌة‪1.‬‬

‫انتقلت «وردة خنشلة»‪ ،‬كما كان ٌطلق علٌها‪ ،‬إلى الجزابر العاصمة‪ ،‬مطلع‬
‫الستٌنٌات‪ ،‬أٌن شاركت فً حصة ألحان وشباب‪ ،‬وؼنت ٌومها أؼنٌتها الشهٌرة‬
‫«صب الرشراش»‪ ،‬وهً األؼنٌة التً حققت لها الشهرة والنجاح فً عالم الفن‪ .‬مما‬
‫دعا أبرز الملحنٌن وأصحاب الكلمات آنذاك‪ ،‬للتعامل معها‪ ،‬وهكذا سجلت ‪30‬‬
‫شرٌطا ؼنابٌا‪ ،‬ولدٌها نحو ‪ 120‬أؼنٌة مسجلة فً مكتبة األرشٌؾ باإلذاعة‬
‫والتلفزٌون الجزابري‪.1‬‬

‫وسرعان ما فرضت وجودها أمام أبرز نجوم الؽناء آنذاك مثل‪ :‬سلوى‪ ،‬نورة‪ ،‬رابح‬
‫درٌاسة‪ ،‬قروابً‪ ،‬خلٌفً أحمد‪ ،‬محمد العماري‪ ...‬لتنتقل شهرتها من الشرق‬
‫الجزابري وتمتد إلى كامل التراب الوطنً‪ ،‬وهكذا أصبحت نجمة المعة فً سماء‬
‫الفن الجزابري‪ ،‬مطلوبة بقوة إلحٌاء الحفالت فً كل مكان فً الجزابر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬كتٌب عن اعالم الغناء األوراسً صادر عن دار الثقافة محمد الشبوكً تبسة بمناسبة األسبوع الثقافً لوالٌة تٌسمسٌلت سنة‬

‫‪. 2004‬‬
‫‪35‬‬
‫والى جانب قدراتها الصوتٌة القوٌة‪ ،‬كانت رحمها هللا تتمتع بجمال الفت‪ ،‬وهو ما‬
‫أهلها‬

‫للمشاركة فً فٌلم تلفزٌونً مطول سنة ‪ٌ ،1972‬حمل عنوان «السخاب»‪ ،‬للمخرج‬


‫محمد حازورلً‪ ،‬وهو الفٌلم الذي مثل الجزابر فً مهرجان براغ عام ‪ .1975‬إلى‬
‫جانب تقاسمها الدور مع عز الدٌن مجوبً‪ ،‬فً فٌلم سٌنمابً أنتج سنة ‪1977‬‬
‫بعنوان «زٌتونة بولهٌالت»‪ ،‬من إخراج ندٌر محمد عزٌزي‪.‬‬

‫وكان عمٌد األؼنٌة البدوٌة خلٌفً أحمد‪ ،‬قد أشاد بقدراتها الصوتٌة العالٌة‪ ،‬وهً‬
‫تإدي بإتقان مواوٌل األؼانً البدوٌة‪ ،‬والتً تحتاج كما هو معلوم‪ ،‬لقدرات خارقة‬
‫وطول نفس‪ ،‬معتبرا إٌاها خلٌفته فً هذا الطابع الؽنابً األصٌل‪.1‬‬

‫كان آخر ظهور للمطربة الراحلة‪ ،‬شهر فبراٌر ‪ ،1992‬فً التٌلٌطون الذي نظمه‬
‫التلفزٌون الجزابري‪ ،‬فً إطار حملة تضامنٌة وطنٌة لبناء دٌار الرحمة‪ .‬كانت تبدو‬
‫شاحبة الوجه قلٌال‪ ،‬وقد تمكن منها المرض‪ٌ ،‬ومها أدت أؼنٌة حزٌنة ومإثرة‪،‬‬
‫وكؤنها كانت تتنبؤ بنهاٌتها‪ٌ ،‬قول مطلع األؼنٌة‪« :‬ربً ٌا عالً الدرجات‪ٌ ،‬ا عالم‬
‫لٌك السندة‪ ،‬سهل لً ٌوم الممات‪ ،‬سلم لً فً دٌك الرقدة‪ ،‬هللا فً ملكه مجٌد‪ ،‬واحنا‬
‫فً الدنٌا ؼربة‪»...‬‬

‫ؼٌر أن المرض الخبٌث‪ ،‬لم ٌمهل الشابة زلٌخة‪ ،‬وهً فً رٌعان شبابها‪ ،‬وأوج‬
‫تؤلقها الفنً‪ ،‬فقد توفٌت فً ‪ 15‬نوفمبر ‪ 1993‬عن عمر ٌناهز ‪ 37‬سنة‪ .‬تاركة‬
‫وراءها أكثر من ‪ 120‬أؼنٌة مسجلة فً اإلذاعة والتلفزٌون الجزابري‪ ،‬فً مختلؾ‬
‫الطبوع الؽنابٌة الجزابرٌة األصٌلة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬كتٌب عن اعالم الؽناء األوراسً صادر عن دار الثقافة محمد الشبوكً تبسة بمناسبة األسبوع الثقافً لوالٌة تٌسمسٌلت سنة‬
‫‪.2004‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -4-15‬حورٌة عاٌشً ‪:‬‬

‫عاٌشً مؽنٌة جزابرٌة ولدت فً مدٌنة باتنة عاصمة األوراس الجزابري مهد‬
‫الثوار الجزابرٌٌن نشؤت حورٌة فً بٌت كبٌر على الطراز القدٌم ضمن عابلة ممتدة‬
‫ونشؤت فً مجتمع شدٌد المحافظة على تقالٌده األمازٌؽٌة األصٌلة ٌتمٌز مجتمع‬
‫للنساء فٌه بطقوس خاصة حٌث تشرٌت فنها من جدتها التً كانت کنزا متحركة من‬
‫التراث إذ كانت تحفظ معظم التراث المحلً للمنطقة ما كان ٌدعو النساء إلى التقرب‬
‫منها لألخذ‬

‫عنها هذه الدرر والنفابس فً هذا المحٌط كانت حورٌة عاٌشً تسترق السمع من‬
‫جدتها التً كانت ذات صوت وأداء متمٌز باإلضافة إلى جدتها تقر حورٌة دابما‬
‫بفضل والدها الذي كان متفتحة وواعٌة بقٌمة تعلٌم البنت أو المرأة الشًء الذي‬
‫ساعدها على الدراسة فً محٌط محافظ جدة ‪ .‬بعد دراستها بمدٌنة قسنطٌنة انتقلت‬
‫لتتم دراستها الجامعٌة بجامعة الجزابر بعد ذلك انتقلت إلى فرنسا لتحضر رسالة‬
‫الدكتوراه فً علم االجتماع وفً عام ‪ 1986‬وفً إحدى سهرات العشاء الخاصة‬
‫وبحضور بعض الضٌوؾ طلب من حورٌة الؽناء فؽنت حورٌة ككل مرة وتفننت‬
‫فً أداءها المتمٌز بالعفوٌة وعدم التكلؾ وفً نهاٌة السهرة تقدمت منها سٌدة‬
‫محترمة من بٌن الضٌوؾ وقالت لها ‪ :‬أنا مساعدة مدٌر المهرجان الدولً للؽناء‬
‫والموسٌقى النسابٌة وقد أعجبت بصوتك وأنا سؤبرمجك فً سهرات المهرجان كانت‬
‫هذه السهرة فً شهر فبراٌر وكان على حورٌة أن تحضر نفسها لشهر جوان‬
‫للمهرجان‬

‫وبمساعدة بعض األصدقاء بصفة تلقابٌة شكلت فرقة للبدء فً عملٌة التحضٌر‬
‫وكانت الدورة الثانٌة للمهرجان الدولً للؽناء والموسٌقى النسابٌة هً نقطة البدء فً‬
‫مسٌرة حورٌة الفنٌة‪. 1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬حورٌة عاٌشً "مع خٌالة األوراس"‪ ،‬جرٌدة المساء‪ ،‬عدد ٌوم ‪2009‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -5-15‬كاتشو‪:‬‬

‫ولد بباتنة فً ‪ 15‬أفرٌل ‪ 1963‬بقرٌة حملة؛ وتوفً فً حادث مرور فً ‪12‬‬


‫أوت ‪ 2009‬أٌام فقط بعد اقامته مهرجان جمٌلة‪ ،‬كاتشو بعد عودته من الحج فً‬
‫‪ 2005‬قررا االعتزال عن الؽناء الماجن وقرر التخصص فقد فً األؼانً الدٌنٌة‬
‫والمدٌح‪ .‬كاتشو متزوج وله ولدٌن وبنت‪ .‬وكان المرحوم الحاج علً‬

‫كاتشو) ٌحب مدٌنة ام البواقً وٌحظر كل حفالتها وكما كانت حفالت دكرا عٌسى‬
‫الجرمونً بالمدٌنة انطالقته الحقٌقٌة كما كان ٌكن كل االحترام والتقدٌر لصدٌقه‬
‫بالمدٌنة السٌد عابد فارس‪" .‬كاتشو معروؾ جدا فً سطٌؾ حٌث أن أسلوبه الؽنابً‬
‫ٌدور بٌن السطاٌفً و الشاوي‪ .‬والطابع الشاوي ٌإدي باللهجة الشاوٌة لكنه ؼنً‬
‫أٌضا باللؽة العربٌة الدارجة مما قربه من كل الجزابرٌٌن‪.‬‬

‫ؼنى فً عدٌد المدن الجزابرٌة وخاصة فً المواسم الصٌفٌة منها الساحلٌة الكبرى‬
‫مثل ‪ :‬سكٌكدة‪ ،‬عنابة وبجاٌة‪...‬‬

‫أول ألبومه "بابور ٌروح" الذي صدر فً عام ‪ ،1987‬لم ٌتجاوز المستوى‬
‫اإلقلٌمً‪ .‬موجة المد الشهرته أتت ب "نوارة"‪ ،‬ثانً ألبوم ٌجتاح البالد‪ ،‬والذي شكل‬
‫دابرة أول المشجعٌن له‪ .‬هذه الدابرة استمرت فً التوسع‪ ،‬وإلى حد كبٌر خارج‬
‫الجزابر‪ .‬فً ؼضون ذلك‪ ،‬فإن هذا الترتٌب الذي بدأ متواضعا مع "األوركسترا‬
‫تازٌر" قد أثرت‪ ،‬وتوفٌر صوت من قابد جوقة الترتٌل الشاوي الموسٌقى ذاتها‪.‬‬
‫العمل بصفة خاصة بٌن عامً ‪ 1992‬و‪ .1993‬النمط هو إثراء مساهمات متنوعة‬
‫والموسٌقى‪ ،‬من األنجلو سکسونٌة‪ ،‬ونبرة الصوت‪ ،‬والقوة الدافعة‪ ،‬اكتسبت فً‬
‫النقاء والقوة‪ .‬لٌست هً الوحٌدة فً المنطقة من البالد التً تتؤثر هذه االؼنٌة جاءت‬
‫من األوراس‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -16‬بعض األمثلة عن كلمات الغناء ذات الطابع الشاوي ‪:‬‬
‫أ‪ /‬ابقاو بسالمة ذات رتم شاوي‬

‫ٌاعرب مروانـــــة‬ ‫أبقاو بالسالمــــــــــة‬

‫لبـــــالدي بعٌــــدة‬ ‫أحنـــــــــا صدٌنــــة‬

‫ذي ثموار ان ٌوذان‬ ‫نتسنً ذٌٌمؽبـــــــان‬

‫مــــــــاتا ٌبـــــــالن‬ ‫صبروأثلبلدي وجوجا‬

‫ذوا قٌـــذ وبــرٌطـــذ‬ ‫اكـــــــــراد نوقٌـــــــر‬

‫ؼٌر منعا ذو شٌر‬

‫قصٌدة أمازٌؽٌة ذات كلمات ٌنبع منها النبل والشجاعة التى ٌمتاز بها الرجل الشاوي‬
‫األمازٌؽً ‪.‬‬

‫ب‪ /‬واش ٌطلعو للعقبة ذات رتم شاوي‬

‫واش ٌحدروا مسكٌــن‬ ‫واش ٌطلعو للعقبــة‬

‫ونموتــــــو االثنٌـــــن‬ ‫عزٌزي ٌابن عمـً‬

‫ما ندٌرش نروح علٌك‬ ‫ٌا خوٌا بن عمــــً‬

‫نعٌاشى ونولً لٌـــــك‬ ‫اذا كتب ربــــــــً‬

‫ما تبكٌش عقاب اللٌــل‬ ‫ما تبكٌش ٌا جمٌلة‬

‫ندٌك فً الطومـٌــــــل‬ ‫اذا كتب ربـــــــً‬

‫قصٌدة ملإها الوفاء للحبٌب والشوق واألخالق العالٌة التى تربط الحبٌبٌن من خالل‬
‫الوفاء الذي ٌجمع الطرفٌن مهما كانت الصعاب والمتاعب ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ج‪ /‬انت رقٌقة ذات رتم شاوي‬

‫العقل راح والخواطر فدوا‬ ‫مشٌتهم بالعٌن حتً ن درقوا‬

‫البٌر ؼامق والحبال ؼرورة‬ ‫واش ؼربك للتل ٌا زرزورا‬

‫الشمس خدك والقمر عساسك‬ ‫انت رقٌقة والحرٌر لباسك‬

‫طفلة بال مخلول تروح تروح‬ ‫نخلة بال عرجون قص ولوح‬

‫جضٌت من زوز سمرات‬

‫والدلإ سكن لً جاشى‬ ‫الحا حرقنً الحمــــــــان‬

‫اذا جــام رسولها ماشً‬ ‫ننده فٌك ٌا الرحمـــــــان‬

‫واهلـً نا منٌن ؼابــت‬ ‫هلكنى منٌن طلت الشمـس‬

‫ٌقــولــو الحــب ٌابــس‬ ‫ننــده فٌك ٌا الرحمـــــــان‬

‫لثنٌــن حرقــوا كـــالن‬ ‫جضٌت مـــن زوز سمرات‬

‫لثنٌــن حرقــوا كــــالن‬ ‫لحمــر ضـــراب قتـــــــــال‬

‫قصٌدة وفاء الحبٌب للحبٌبة رؼم البعد ورؼم أنه لم ٌبقى إال ٌبقى إال النظر الذي‬
‫ٌربط الطرؾ الثانً باألول مما ٌدلل على الحس الرهٌؾ والوفاء فً العالقة ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ح‪ /‬حبً االول ذات رتم شاوي‬

‫وفراق البنٌـــــة ٌبكـــــــً‬ ‫ربً أجمل عظــام المتكـــــــً‬

‫هذوك فرسان واال طٌورة‬ ‫صبً نشرب فً الكؤس خمورة‬

‫خالك سكران خالً قاجـة‬ ‫خالً وخالك األثنٌن راحو لباجا‬

‫قصٌدة تحكً على عبارات متبادلة للحبٌب مع حبٌبته ٌعبر فٌها طرؾ لطرؾ الثانً‬
‫عن مدى حبه وعشقة ‪.‬‬

‫خ‪ /‬وهللا ال لوم علٌا ذات رتم شاوي‬

‫فً عرض الـــواد‬ ‫طولها طول الجبارة‬

‫كٌفاش ترقد لحبٌبة‬ ‫شـــــم اقنـــــــــــان‬

‫فً عرض جنـــان‬ ‫عٌنٌك توتة تلٌــــــة‬

‫سنٌن اثمــــــــــــان‬ ‫شوارب صبع اللكٌة‬

‫طالـــــــــــب عـالم‬ ‫وشامها من خط برٌة‬

‫ترقــــد لحبٌبــــــة‬ ‫شــــــم اقنـــــــــــــان‬

‫قــلبـــــً ٌـمــــــــرار‬ ‫طفلة تمشً وتساٌـــس‬

‫صنــعـــــة رمـــــــــان‬ ‫سباط عوٌشة بالــوردة‬

‫كلمات لقصٌدة تحكً قمة الوفاء فً العالقة الزوجٌة رؼم العوابق والصبر لما كتبه‬
‫هللا تعالى الى حٌن الفرج ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫د‪ /‬الشاٌب ذات رتم شاوي‬

‫جاب الجوج و الطبٌب معاه‬ ‫الشاٌـب كً راح ٌخبــــــــر‬

‫قال نشوؾ الضربة كٌفــــــاه‬ ‫كً جا الطبٌب حضر دوزانه‬

‫صؽٌــــــــر والــدم كســـــــاه‬ ‫مضروب علً جنبه األٌمن‬

‫ساٌس له لحمــــه وعضــــــاه‬ ‫سٌــــدي الطبٌــب احنـــــً‬

‫ونزٌـــــدك مقٌــــــاس معـــــاه‬ ‫نعطً لك خلخـــال رهٌنــــة‬

‫ٌـــوم األربعـــــاء ال شفنـــــــاه‬ ‫لٌلــــة الثالثـــاء باٌت عنـــدي‬

‫قصٌدة تحكً أم مفجوعة فً إبنها الذي قتل بالرصاص وهً قصٌدة تعبر فٌها عن‬
‫الحادثة من بداٌتها الى نهاٌتها مملإة بالوصؾ العام لسٌرة الضحٌة وكٌؾ أنها ترٌد‬
‫اإلنتقام والرد وتشكً حالها لشاٌب وهو رب البٌت ‪.‬‬

‫ز‪ /‬واش بٌه الغزال ذات رتم شاوي‬

‫تؽٌــــــر حالـــــــــــو‬ ‫واش بٌه الؽزال‬

‫والدنٌا راهً بدالة‬

‫ٌاالال انتوما احباب لموا بعضاكم وتلموا‬

‫واش بٌه محبوبً تؽٌردمه‬

‫محبتها جاتنى فً الكبدة‬ ‫رانً نحبها‬

‫تلحقنً ؼدوة‬ ‫ما جاتش الٌوم‬

‫ٌاحلٌلـً كـً ندٌـــر لعمــــري‬

‫انتٌا بعٌدة وملوٌة‬ ‫طرٌق عنابة‬

‫نلحق علً بنات عروشً‬ ‫لوكان عندي فوشً‬

‫‪49‬‬
‫قصٌدة من التراث تحكً عتاب وتسؤل المحبوبة عن أسباب تؽٌر معاملة خلٌلها‬
‫نحوها رؼم أنها لم ٌصدر منها شٌا مما نستنتج أن التراث الشاوي األمازٌؽً‬
‫خاصة المكتوب باللؽة العربٌة العامٌة مملإ بمثل هذه المواقؾ النبٌلة‬

‫ذ‪ /‬روح ٌا الشاٌب ذات رتم شاوي‬

‫ورد الخبـر فـً معنـاه‬ ‫روح الشاٌـب روح‬

‫سبحانه عظٌم الجــــــاه‬ ‫هلل ال الـــــه اال هللا‬

‫واحد وحده ال شرٌك معاه‬ ‫الواحد ٌعدل فً ملكه‬

‫ٌسقسً ٌوجدش ضنـــــاه‬ ‫الشاٌب كً قصد النزلة‬

‫جوز اشاٌب قول ضٌـــؾ هللا‬ ‫خرجت له الشلبٌة تنشد‬

‫عنــدنــا أٌـــــــام ال رٌـنــــاه‬ ‫نسقصً على بدري عمري‬

‫اسمحٌلـــــً‬

‫اسمحٌلــً فــوقــوذن ربــــً‬ ‫اسـمـحـٌـلـــً الــمــٌــمــــــة‬

‫مــرســولـــة وٌفــرج ربــــً‬ ‫سمــاح سمــاح اببــابـا مــمــى‬

‫والحـــدرة ؼـر بوزٌنة‬ ‫ثاهوث اٌمٌنة‬

‫أو لٌشـــــار هوٌــث المٌنا‬ ‫الكـــار ٌــوٌــد تشٌنــــة‬

‫مــــول الشــــــاش ألمــالل‬ ‫اثاهـــوت ٌـلــٌـــس وذرار‬

‫ربـــً أذ ٌـفـــــرج فــــــالم‬ ‫بـابـا م ٌــروح أٌـبـعـــــذام‬

‫كلمات معبرة عن التماسك الذي عاشته هذه األسر فً زمن ما حٌث كان الؽٌاب عن‬
‫األنظار واإلبتعاد عن األهل والدوار ٌحدث طوارئ لدى الجمٌع لكون أن الفرد فً‬
‫المجموعة له أهمٌة كبرى خاصة ذوي القرابة وساللة الدم ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ر‪ /‬لهوان وذرار ذات‬

‫ءٌناس ءي الال ارقد ءانٌرار‬ ‫لـهوان وذرار‬

‫شـــم الـمٌمـا ٌبعــــذ الحــــال‬ ‫ٌتؽــاظ الحـال‬

‫إٌناس ءي الال ارقد انرثــــاح‬ ‫لهوان وصفاح‬

‫ءٌناس ءي ٌما ٌصعب لفـــــراق‬ ‫لهــوان الطـاق‬

‫ءٌناس ءي الال ادج امخلــــــــول‬ ‫لهــوان التلــول‬

‫ءٌناس ءي ٌما ءول ذا مجــــروح‬ ‫لهـوان ذ النـوح‬

‫كلمات شاوٌة جمٌلة ذات بناء رابع تحكً فكرتها العامة الحب والفراق والوفاء‬

‫ز‪ /‬نرحل وال نحمل الذل ذات رتم شاوي‬

‫وال نحمل كالم لؽـــذارة‬ ‫نترحل وال نحمل الــــــــــذل‬

‫فً الولجة ٌخلؾ االمارة‬ ‫وقلب بنادم كالواد اذا حمــــــل‬

‫تذهب علٌه الزكـــــــــاره‬ ‫ابنادم كالطٌر البرانً اذا حصل‬

‫ٌصطــــاد بٌـــــه لحبـــارة‬ ‫الطٌر اذا تالح فً ٌد ولد فحــــل‬

‫ٌصــده على راس نــــادره‬ ‫واذا طــاح فً ضاٌــــع مختــــــل‬

‫او عدي كٌما حد الجرجارة‬ ‫مــن ٌعرؾ خدٌن الفــــــــــــــــــل‬

‫قصٌدة تحكً عن كبرٌاء الرجل الشاوي وإفتخاره بنؽسه حٌث أنه ٌرحل من موطنه‬
‫وال ٌحتمل ولو ثانٌة واحدة الذل والهوان ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ط ‪ /‬شاش خاطر شاش ذات رتم شاوي‬

‫أؼنٌة قدٌمة ادتها بنجاح المطربة المرحومة زولٌخة‬

‫رانً ؼرٌب اعراش‬ ‫ٌا عالم دبر علٌـــــــــا‬

‫عاقر ما تضنــــــاش‬ ‫علً رٌم تهموها بٌــــا‬

‫رانً عالخوك البرانً‬

‫قبلة سوق أهراس‬ ‫سوجً روجً ٌا العذرا‬

‫ماٌصبــرش خالص‬ ‫واللً ٌشوفك ٌا لمٌمـــــــة‬

‫رانً عالخوك البرانً‬

‫قبلــــة كـــاؾ الرٌــح‬ ‫سوجً روجً ٌا العـــــذرا‬

‫ٌـــزرزح وٌطٌـــــــح‬ ‫واللً ٌشوفــــك ٌالمٌمــــــة‬

‫رانً عالخوك البرانً‬

‫فً بـــالد الصــــــوان‬ ‫عمري ما زرعت الزرٌعــة‬

‫تحٌب لً القمح اخٌـــار‬ ‫نزرعها فً االرض الكحال‬

‫أؼنٌة أشتهرت فً السبعنٌات كلماتها مركبة لتوصل شكوى المرأة من مشاكل‬


‫محٌطة بها منها المقدر ومنها المصطنع ‪.‬‬

‫ظ ‪ /‬فرخ الحمام‬

‫من التراث التبسً ذات رتم شاوي‬

‫ٌافـــرخ الحمــــــام‬ ‫فــرخ الحمـــــــام‬

‫فً الجوؾ والؽمام‬ ‫ٌاالحق الجلبٌـــــة‬

‫لباسـة من الحـــرام‬ ‫قالولً الزٌنة ماتت‬

‫البقً لً عند من ننشد‬

‫وانهٌها علً دونٌـة‬ ‫ٌاالال انهــً بنتـــــــك‬

‫‪45‬‬
‫من دركها زاد علٌـا‬ ‫لبست األحمر والزرق‬

‫بامحــال وطـــــروج‬ ‫كانً باي محكمتــــــــه‬

‫فرخ لحمام كلمات ذات تراث قدٌم تعبر عن العواطؾ والحب والعتاب‬

‫ه‪ /‬جاري محمود ٌغلب فً أدائها فً بعض المناطق الرتم الشاوي‬

‫ٌاجاري دبر علٌـــــــا‬ ‫ٌاجاري محمود‬

‫وانا نوم حرم علٌـــــــا‬ ‫الناس تبات رقود‬

‫ماتشرٌش بالباكٌــــــــة‬ ‫ٌاشاري الدخان‬

‫باش نتكٌؾ انا ولخٌــــة‬ ‫كٌل بالقنطـــــــار‬

‫ٌا شاري السباط ما تشرٌش بالفردٌة‬

‫واحدة لٌك واحدة لٌــــا‬ ‫اشري زوٌجـــــات‬

‫خٌطلً جبة سورٌـــــة‬ ‫ٌاعمً الخٌــــــــاط‬

‫نهدٌهم لألخٌــــــــــــة‬ ‫وسع فً لكمــــــــــام‬

‫ٌاموال الشطابٌـــــــــــة‬ ‫ٌاعمً الجنــــــــــــان‬

‫هً كلمات أؼنٌة جمٌلة فهناك من ٌقول ذات أصول تونسٌة وهناك من ٌقول ذات‬
‫أصول شاوٌة منتمٌة لشرق الجزابري لكن على العموم هً كلمات تعبر عن لوعة‬
‫الحب وتمسك الطرؾ المجب بحبٌبته وكل هذا ٌنبع من البٌبة النظٌفة للعالقات‬
‫اإلجتماعٌة بٌن أفراد المجتمع‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫إن الموسٌقى و األؼنٌة الشاوٌة الضاربة فً أعماق التارٌخ ‪،‬بدأت بسٌطة على‬
‫نحو ما هو معروؾ اآلنها منبعثة من أصالة المجتمع األمازٌؽً ذات الحٌاة البسٌطة‬
‫وهذه األؼنٌة لم تخضع لمقاٌٌس االزدهار واالنطواء المعروفة ونالت الموسٌقى‬
‫واألؼنٌة الشاوٌة األوراسٌة أعظم تهمٌش وأكبر طمس مواكبة مع عملٌة التعرٌب‬
‫السرٌعة وهذه العملٌة التً خلقت نوعا من االحتقار وتهمٌش للؽات الشعبٌة وما‬
‫ٌتبعها من فنون وآداب رؼم ما تكتسبه هذه األخٌرة من كلمات وإٌقاع موسٌقى‬
‫صنعه روادها وأعالمها عبر العدٌد من السنوات ولذالك حاولنا أن نثٌر هذا‬
‫الموضوع الشٌق والممٌز والذي ٌدخل فً بناء الهوٌة الوطنٌة ومن أجل الحفاظ‬
‫على هذا الموروث الموسٌقً سعٌنا للتعرٌؾ به بمحاولة منا إلبرازه كً ٌمكن أن‬
‫ٌدرج فً جل األنشطة التربوٌة وثقافٌة وترفهٌة وشبانٌة لكون الموسٌقى والؽناء‬
‫الشاوي ٌرتكزان أساسا على الخطاب الوجدانً والعاطفً ‪ ،‬من خالل ما ٌملكان من‬
‫حس التذوق الموسٌقً ‪ ،‬والقواعد الموسٌقٌة و كما لهذا الفن بعد أخالقً وتربوي‬
‫وما ٌهمنا فً بحثا هذا هو أننا حاولنا تسلٌط الضوء ومناقشة عدة عناصر مهمة فً‬
‫مذكرتنا هذه وركزنا فً مجملها على الجانب التارٌخً للموضوع لم نهمل مكونات‬
‫هذه الموسٌقى والؽناء وأنواعهما وتطورهما وخصابصهما ونقاط الضعؾ والقوة‬
‫ومورثهما أثناء الثورة ‪......‬الخ‬
‫كما تطرقنا الى رواد وأعالم هذا الفن الموسٌقً الؽنابً مع عرض بعض النماذج‬
‫من قصابد ؼنابٌة والتعلٌق علٌها ثم خاتمة ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ملحق لصور‬
‫حول موضوع‬
‫البحث‬
‫ألــة القصبة‬

‫‪48‬‬
‫ألة البندٌر‬

‫القصبة المزٌنة‬

‫ألة المزود‬

‫‪49‬‬
‫المرحوم الفنان عٌسى الجرمونً‬

‫الفنانة المرحومة بقار حدة‬

‫‪51‬‬
‫حورٌة عاٌشً‬

‫المرحوم كاتشو‬

‫‪50‬‬
‫فرقة للفن والموسٌقى الشاوي‬

‫المرحوم ابراهٌم بوساحة تبسة‬

‫‪59‬‬
‫ضارب على الة البندٌر فً الموسٌقى الشاوٌة‬

‫من طبوع الفن الشاوي‬

‫‪53‬‬
‫من طبوع الفن والموسٌقى الشاوٌة‬

‫من الفرق القدٌمة للموسٌقى والفن الشاوي‬

‫‪54‬‬
‫أشهر أغنٌة طابع الزندالً عند الشاوٌة‬

‫وجه عجوز من منطقة الشاوٌة فً أبهى زٌنة تقلٌدٌة‬

‫‪55‬‬
‫قـائمة المصادر‬
‫و المراجع‬
‫أهم المراجع ‪:‬‬
‫‪ -‬محمد الصالح‪،‬ونٌسى‪.‬جذور الموسٌقً األوراسٌة‪.‬ط‪،1‬ج‪،2‬المإسسة الوطنٌة‬
‫للفنون المطبعٌة وحدة الرؼاٌة ‪2002‬‬

‫‪ -‬الشعر الشعبً ودوره فً الثورة التحرٌرٌة بمنطقة األوراس(للعربً دحو)‪.‬‬


‫‪ -‬جذور الموسٌقً األوراسٌة (لمحمد الصالح ونٌسً)‪.‬‬
‫‪ -‬كتاب موسوعة الفلكلور واألساطٌر العربٌة (لصالح المهدي)‪.‬‬
‫‪ -‬مونوؼرافٌة سٌاحٌة لمدٌنة تبسة ‪ ،‬الصادرة عن مدٌرٌة السٌاحة لوالٌة تبسة‪،‬‬
‫الجزابر‪. 2007،‬‬

‫‪ -‬األؼنٌة الشاوٌة خطاب لذاكرة الشاوٌة للباحث سلٌم بعوض جرٌدة الشعب ‪9‬‬
‫أكتوبر ‪2013‬‬

‫‪ -‬مجموعة صور مؤخوذة من األنترنات إستؽلت كملحق‬


‫الفهـــــــرس‬
‫عنوان العنصر‬
‫التشكرات‬
‫اإلهداء‬
‫‪01‬‬ ‫المــــــــــــقدمة ‪...............................................‬‬
‫‪02‬‬ ‫إشكالٌة البحث ‪................................................‬‬
‫‪05‬‬ ‫مدخل‪ :‬تحدٌد الجهاز المفاهٌمً ‪.............................‬‬
‫‪06‬‬ ‫نبذة تارٌـخٌة ‪..................................................‬‬
‫‪07‬‬ ‫لمحة جؽرافٌة ‪.................................................‬‬
‫‪08‬‬ ‫أنواع الموسٌقً الجزابرٌة ‪...................................‬‬
‫‪09‬‬ ‫من طبوع موسٌقى األؼنٌة الشاوٌة ‪..........................‬‬
‫‪10‬‬ ‫خصوصٌات موسٌقى األؼنٌة الشاوٌة ‪.......................‬‬
‫‪11‬‬ ‫موسٌقى األؼنٌة الشاوٌة مدارسة مستقلة ‪....................‬‬
‫‪12‬‬ ‫آلٌات المحافظة على التراث ‪................................‬‬
‫‪14‬‬ ‫تطــــور األداء للموسٌقى واألؼنٌة الشاوٌة ‪.................‬‬
‫‪15‬‬ ‫بعض خصابص األؼنٌة الشاوٌة ‪............................‬‬
‫‪16‬‬ ‫نقاط ضعؾ وقوة األؼنٌة األوراسٌة ‪........................‬‬
‫‪16‬‬ ‫األؼنٌة الثورٌة الشاوٌة ‪......................................‬‬
‫‪25‬‬ ‫اآلالت الموسٌقٌة المستعملة ‪...............................‬‬
‫‪28‬‬ ‫رواد وأعالم األؼنٌة الشاوٌة ‪................................‬‬
‫‪39‬‬ ‫بعض األمثلة عن كلمات الؽناء ذات الطابع الشاوي ‪......‬‬
‫‪47‬‬ ‫الخاتمة ‪.......................................................‬‬
‫‪48‬‬ ‫المالحق ‪.......................................................‬‬
‫‪/‬‬ ‫قابمة المراجع ‪................................................‬‬

You might also like