Professional Documents
Culture Documents
بيع الثمار على الأشجار
بيع الثمار على الأشجار
إعداد:
الحسني
سلمان بن سليمان ُ
(عضو هيئة التدريس بدار العلوم اإلسالمية ،أوجرة ،كـولـم،كيراال)
SALMAN ES
Kerala : 690533
PH: 8891524642
Mail: Hafizsalmannadwi@gmail.com
روى مسلم عن جابر قال :نهى رسول اللـه عن المحاقلة والمزابنـة والمخابرة والمعاومة وعن الثنيا
ورخص في العرايا"
والمعاومة :هي بيع السنين كما شرحه أکثر شراح الحديث وما توضح من روايات المسلم كذلك.
وقال النووي في شرح مسلم :وهو بيع السنين فمعناه ان يبيع ثمر الشحرة عامين او ثالثة او اكثر (شرح
مسلم للنووي -باب النهي عن المحاقلة)
وقال مال على القارى في مرقاة المفاتيح :هي بيع ثمر النخل او الشجر سنتين او ثالثا فصاعدا قبل ان تظهر
ثماره .وهذا البيع باطل النه بيع مالم يخلق (مرقات :حدیث )۲۸۳۸
وقال ابن المزين المالكي في كتاب المفهم لما اشكل من تلخيص کتاب مسلم :والمعاوية بيع الثمر اعواما وهو
المعبر عنه باللفظ اآلخر بيع السنين وال خالف في تحريم بيعه لكثرة الغرر والجهل( .المفهم -٤/٤٠۳ :
حدیث )١٦٢٧
بدو الصالح:
قد ورد في الحديث النهي عن بيع الثمار قبل بدو الصالح بروايات عديدة .وفي بعض الروايات بينت معنى
بدو الصالح لبعض الثمار كذلك.
فاألحناف جمعوا هذه الروايات واستخرجوا معنى جامعا لبدو الصالح ،هو أن تأمن الثمرة العاهة والفساد
وصرحه ابن الهمام في الفتح وابن عابدين في الـرد (فتح القدير ،٦/٢٦٤رد المحتار ،۸۵/۷مطلب في بيع
الثمر والزرع والشجر مقصود)
وأما عند الشافعية فقال االمام النووي في المنهاج :وبدو صالح الثمر ظهور مبادئ النضج والحالوة فيما ال
يتلون وفى غيره بأن يأخذ في الحمرة او السواد (منهاج الطالبين ۱٠۷/۱۰باب االصول والثمار)
وفقهاء الشافعية بينوا لكل ثمر عالمة بدو صالحه حسب حاله بالتفصيل .واستخرج الرملي الشافعي" ضابطة
من جميع هذه األقوال في بدو الصالح حيث قال في نهاية المحتاج :وضابط ذلك أن يبلغ حالـة يطلب فيها
غالبا( .نهاية المحتاج )٤/١٥٢
والمالكية ،فقال ابن عبد البر فى الكافي :وبدو صالحها ان تزها بصفرة او حمرة ان كانت نخال واما التين
والعنب والزيتون والخوخ والتفاح وما أشبه ذلك فاذا بدا طيب اوله وتلون منه ما لونه عالمة طيبه وكان طيبه
ذلك متتابعا( .الكافي في فقه أهل المدينة -٢/٦٨٣باب بيع الثمار قبل أن يبدو صالحها أو بعد ذلك)
وقال ابن عسكر المالكي في ارشاد السالك :فزهو النخل الحمرة والصفرة وغيرها طيب أكلها( .ارشاد
السالك - ٨٤ /١فصل ببع الثمر قبل زهوها)
وعند الحنابلة ,فقال ابن قدامة المقدسي :وبدو الصالح في ثمرة النخل ان يحمر أو يصفر وفي العنب أن يسود
أو يتموه وفي الحب أن يشتد أو يبيض وفي سائر الثمار أن يبدو فيه النضج أو يطيب أكله (الكافي في فقه
االمام احمد - ٤٤/۲باب بيع الثمار)
وفى الخالصة بدو الصالح هو أن تأمن الثمرة العاهة وتصير بحالة ينتفع بها.
وعامـة الفقهاء قسموا بيع الثمار على األشجار الى حالتين ،األولى قبل بدو الصالح والثانية بعد بدوالصالح .
()1البيـع بشرط القطع :وهذا الببع جائز باتفاق العلماء .ونقل الحافظ ابن حجر اإلجماع في فتح الباري وكذا
قال الجواز ابن همام في فتح القدير .وابن قدامة في المغنى والقرافي في الذخيرة( .فتح الباری ،٤/٤٥٣فتح
القدیر ,٦/٢٦٤المغني ,٤/٢١٩الذخيرة )٥/١٨٤
( )2بشرط الترك :وهذا جائر عند الجمهور خالفا للحنفية .فالبيع بشرط الترك باطل عند الحنفية إال ان االمام
محمد" استحسنه اذا تناهی عظمه.
( )3الببع مطلقا :وهذا ايضا جائز عند الجميع بال خالف.
وفى الخالصـة بيع الثمار قبل بدو الصالح ان كان بشرط القطع فهو جائز عند الجميع وان كان
بشرط الترك فهو باطل باإلتفاق وان كان مطلقا فهو ايضا باطل عند الجمهور خالفا للحنفية فعند الحنفية البيع
جائز ولكن يجب على المشترى أن يقطعه
واما بعد بدو الصالح فالبيع جائز مطلقا او بشرط القطع عندالجميع .واما بشرط الترك فهوجائز عند
الجمهور خالفا للحنفية .وهذا الشرط باطل في ظاهر المذهب ولكن استحسه محمد
وهذه المسائل توجد في فتح الباري :باب بيع الثمار قبل أن يبدو صالحها .وفى ردالمحتار :مطلب
في بيـع الثمار والزرع والشجر مقصودا .وفي المغنى البن قدامة :مسألة ال يخلو بيع الثمرة قبل بدو صالحها
من ثالثة اقسام
قال ابن عابدين" :الخالف في عدم جواز بيع الثمار قبل ان تظهر ".وفسر الظهور "بانفراك الزهر
وانعقادها ثمرة" (رد المحتار -مطلب في بيع الثمر والشجر مقصودا )85\7
وغاية ما جوزناه في هذه الصورة إن اشتدت الضرورة ومست الحاجة اليـها ,هى المعاهدة بين المتبايعين
وإيفاءها ديانة بأن يتعاهد البائع والمشترى على أن ال يبيع البائع الثمار بعد ظهوره او بدوه إال للمشرى ثم
إيفاءها بعد الظهور او البدو .وهذا هو الحل الوحيد الذي وجدته لهذه الصورة .والـله اعلم بالصواب.
( )2ان يبيع الثمر بعد الظهور قبل ان يكون منتفعا به .وهذه الصورة باطلة وغير جائزة عند المذاهب الثالثة
وان كان بشرط القطع .ولكنها حائزة عند الحنفيـة.
قال ابن الهمام في الفتح :وعندنا إن كان بحال ال ينتفع به في األكل وال في علف الدواب خالف بين
المشايخ .قيل :ال يجوز .ونسبه قاضي خان لعامة مشايخنا والصحيح أنه يجوز ألنه مال منتفع به في ثاني
الحال ان لم يكن منتفعابه في الحال( .فتح القدیر )٦/٢٦٥
( )3بيع الثمر بعد ما يصير منتفعا به قبل أن يبدو صالحه .وهذه الصورة جائزة عند الجميع إن كان بشرط
القطع .وكذا البيع اذا كان مطلقا عن الشرط عند الحنفية ولكن يحتاج المشتري الى إذن البائع للترك كما هو
ظاهر المذهب.
وهاتان الصورتان -الثاني والثالث -إنما تجوزان عند الحنفية إن كانا بشرط القطع او بدون الشرط بالقطع او
الترك ،فعند ما يكون البيع من غير أ ّ
ى شرط فللبائع أن يأذن له بالترك او أن ال يأذن له .وان لم يأذن البائع
يلزم على المشترى قطع الثمر .أوضحه صاحب الهداية ( .هداية )42\3
( )4بيع الثمر بعد بدو الصالح قبل أن يتناهى عظمه .وهذه الصورة جائزة عند الجميع في كل حال .ولكن
عندنا شرط الترك غير جائز( .الهداية )42\3
( )5بيع الثمر بعد بـدو الصالح وتناهى العظم وهذه ايضا جائز .ومحمد (رح) استحسن شرط الترك في هذه
الصورة .
وفى هذه الصور كلها شرط الترك وتبقية الثمار على األشجار يفسد العقد على ظاهر المذهب .ولكن ع ّم هذا
الشرط في بيوع اليوم إما لفظا او عرفًا .واحتاج إليه المتبايعون حتى ال يخلو بيع ثمر من بيعه قبل
بدوالصالح أو قبل أن يتناهى العظم ثم تركه على األشجار .ففي هذا الوضع المضطر ,علينا تحرى الحواز
في هذه المعامالت ألن التحرى للجواز في باب البيع مـطلوب ,وهناك ثالثة مساغات :۔
(الف) الشرط بترك الثمر على األشجار بعد العقد إن كان بعد بدو الصالح فهو جائز عند الشافعية والمالكية
والحنابلة (الفقه االسالمي وأدلته )٤/٢٥7
(ب) أجاز محمد رح شرط الترك بعد تناهى العظم لتعامل الناس وضرورتهم اليه مع أنه شرط ال يقتضيه
العقد .وفي هذه األيام امتـد تعامل الناس الى هذه الصور كلها.
(ج) ورجّح ابن عابدين في رسالته "نشر العرف" جواز بيع الثمار مطلقا قبل بدو الصالح او بعده اذا جرى
العرف بترك ذلك ألن الشرط الفاسد اذا جری به العرف صار صحيحا ويصح العقد معه استحسانا (الفقه
اإلسالمي )٤/٢٥٩
فبهذه المساغات الثالثة ينبغى ان يكون هناك مخلص ومساغ لهذه الصور األربع -الثاني والثالث والرابع
والخامس -هو أن يبيع الثمر مطلقا ثم يبيح للمشترى أن يتركها عرفا ألن الضرر يزال ،واذا عمت البليّة
خفت القضية.
( )6بيع ثمار الحائط او البستان بعد ما ظهر او بدا بعض ثمره ،وهذه الصورة باطلة في ظاهر المذهب ولكن
جوزها المتأخرون
قال في الدر :ولو برز بعضها دون بعض ال يصح في ظاهر المذهب وصححه السرخسی وأفتى الحُلواني
بالجواز لو الخارج أكثر( .الدر مع الرد )86\7
ورجح ان عابدين" جهة الجواز حتى ما قيد بكثرة الخارج بل أجاز مطلقا وجعل الموجود أصال ,قليال كان او
كثرا( .رد المحتار )87-86\7
( )7أن يبيع الثمر مطلقا ثم يستأجر الشجر ،ففي هذه الصورة أبطل صاحب الـهـدايـة االستأجار لعدم تعارف
الناس( .الهداية )43\3
وفى هذه األيام تعارف به الناس فينبغي أن يكون صحيحا .فاستأجار الشجر صحيح اذالم يشترط في البيع .
واذا شرط يكون البيع فاسـدا .والـلّه أعلـم.
خالصة البحث
ولكن البيع قبل ظهور الثمار فهو باطل ألنه بيع المعدوم .وبيع المعدوم حرام بالنصوص الصريحة
واإلجماع .وال يمكن إلحاقه إلى بيع السلـم أو اال ستصناع لعدم توفر شروطهما ،فالمخلص في هذه الصورة
المعاهدة بين المتبايعين بالبيع وإيفاءها بعد الظهور .واللـه أعلـم
وأما المسالة الثانية هي ترك الثمار على األشجار بعد العقد فهي أيضا جائزة باالتفاق اذا كان العقد مطلقا
والترك بإذن البائع .ولكن اختلف الفقهاء في شرط الترك .والشرط يكون على وجهين-:
فاألول -هو الشرط بالعرف المعروف -جوزه ابن عابدين في رسالته 'نشر العرف' والشيخ انور شاه
الكشميري في فيض الباري ورجح هذا الرأي الشيخ المفتي تقي العثماني في 'تكملة فتح الملهم' .وهو األرفق
على الناس( .الفقه االسالمي وأدلته ٫ ٤/٢٥٩تكملة فتح الملهم )١/٢٥٥
والثاني -هو الشرط على الترك باللفظ الصريح -غير جائز عنـد الحنفية بسبب فساد البيع مع الشرط .ولكن في
هذا الزمان تكون ضرورة اليه.فينبغي أن يكون جائزا بقاعدتا "الضرر يزال" و"اذا عمت البليّة خفت
القضية" وغيرهما من القواعـد الفقهية ,وقياسا على مسائل جزئية وآراء الفقهاء ـ تقدم ذكره عند البحث -
ومع هذا تحرى المفتى تقى العثماني وجها للجواز .يقول في فتح الملهم" :ثم هنا ناحية أخرى لم يتعرض لها
الفقهاء عموما وهي أن البيع بشرط الترك إنما يحرم عـند الحنفيـة لكونه بيعا وشرطا ،ولكن الحنفية يج ّوزون
مع الببع شروطا جرى بها التعامل ،ألن التعامل رافع للنزاع ،وال شك أن بيـع الثمار بشرط الترك جرى به
التعامل العام في أكثر البالد ،فينبغي أن يجوز هذا الشرط على أصل الحنفية ،ولكن يرد عليه أن التعامل
يجوز أن يكون مخصصا ً للنص وال يجوز ان يكون ناسخا .ولوجوزنا البيع قبل بدو الصالح بشرط الترك
لزم ترك حديث الباب رأسا وذلك ال يجوز بالتعامل ،اللهم إال أن يقال :إن حديث الباب محمول على نهي
تنزيه او إرشاد كماهو مفاد حدیث زید بن ثابت عند البخاري .وعلى كل حال ،فاالحتباط أن ال يشترط الترك
في العقد ،وهللا أعلم( .تكملة فتح الملهم -حكم ما يتعامل به الناس )١/٢٥٦
.