Professional Documents
Culture Documents
رغم تباين النظم القانونية التي تحكم المرافق العامة المختلفة حسب طبيعتها سواء
رغم تباين النظم القانونية التي تحكم المرافق العامة المختلفة حسب طبيعتها سواء
أكانت
إدارية أو اقتصادية أو مهنية أو اجتماعية ،ورغم اختالف طرق إدارتها ،فإنها تخضع جميعا
: باعتبارها مرافق عامة لعدد من المبادئ أهمها
مبدأ استمرارية المرفق العام•
.مبدأ المساواة أمام المرفق العام •
.مبدأ قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير •
يعتبر مبدأ استمرار المرفق العام أحد أوجه مبدأ استمرارية الدولة ودوامها ،ويحتم هذا المبدأ
على السلطات اإلدارية ضمان سير المرفق بانتظام ،فهدف المرفق العام هو إشباع حاجة لها
طابع المنفعة العامة ،وكل انقطاع في سير المرفق يتعارض والهدف المتوخى منه ،وبالتالي
فالتزام السلطة اإلدارية بضمان سير المرفق العام يلتقي مع حق المنتفعين من المرفق
.بالحصول على خدمات مستمرة
غير أن هذا المبدأ ال يطبق بصفة مطلقة ،إذ ال يعني أن المرافق العامة بجب أن تشتغل
في كل وقت وطيلة أيام األسبوع ،هناك نسبية في تطبيق هذا المبدأ إذ يختلف طابعة اإللزامي
من مرفق إلى آخر ،لذلك ،فإن االستمرارية تتحدد في كل حالة حسب القواعد المنظمة
.للمرفق
ويتنافى مبدأ استمرارية المرفق العام مع تذرع السلطة العامة بوجود صعوبات مالية أو
إدارية لالمتناع عن ضمان تقديم خدمات للمرتفقين ،فالمرفق العام ولو كان تجاريا ً أو
صناعيا فهو ال يهدف الحصول على األرباح كما هو شأن المقاوالت بل تحقيق النفع العام،
لذلك فإذا كانت الضرورة تدعو إلى تنظيم المرافق العامة وفق معايير المردودية ،فإن هذا ال
.يمكن أن يبرر تعطيل نشاط المرفق لمجرد الظهور عجزفي تدبير شؤونه
لذلك يتوجب على السلطة اإلدارية أن تعيد تنظيم المرفق على اساس قواعد جديدة مع التشبث
بإرضاء حاجة الصالح العام ،وهكذا فإن إغالق طريق عمومية ظهر عجز استغاللها ال يكون
مبررا ،إال إذا وضع رهن إشارة المرتفقين وسائل نقل بديلة ،كما يتوجب على السلطات
العمومية أن تراعي ضمان االستمرارية خالل محاوالت اإلصالح التي تباشرها تجاه
.المرافق
وترتبط بمبدأ استمرار المرفق العام عدة نظريات تهم على الخصوص العقد اإلداري (نظرية
الظروف الطارئة) ،وقانون الوظيفة العمومية (تنظم االستقالة ،ونظرية الموظف الفعلي)..
.لكن التطبيق األساسي لبدأ استمرار المرفق العام بهم الحق ة اإلضراب
أوال :حق اإلضراب
ففي فرنسا كان مجلس الدولة ..سباقا إلى تحريم اإلضرابية في قراره الصادر بتاريخ
بحيث جاء في إحدى حيثيات القرار ما يلي :إن 1909/08/07 WINKELL في قضية
الموطنين بمشاركتهم با االضراب ، kلم يرتكبوا فقط عمال فرديا ،وإنما وضعوا انفسهم بهذا
العمل الجماعي خارج نطاق القوانين والمراسيم الصادرة بقصد ضمان ممارستهم للحقوق
.التي تتولد بالنسبة لهم عن عقد القانون العام الذي يربطهم باإلدارة
إال أن تطورا هاما حدث فيما بعد عندما نص دستور الجمهورية الرابية الصادر في27
أكتوبر 1946في ديباجته على أن حق اإلضراب يمارس سي حدود القانون ،وهو ما عمل
مجلس الدولة الفرنسي يعدل من مواقعه السابقة من خالل قراره الصادر بتاريخ 07يوليوز
الصادر بتاريخ ،1950/07/07حيث اعترف للموظفين بحق 1950 DEHANEفي قضية
:اإلضراب ووضع بعض القواعد التي تنظمه المثمتلة في وما يلي
.اإلضراب في المرافق العامة لم يعد محرما كقاعدة عامة 1 -
يجوز للمشرع وللسلطة التنفيذية أن تحرمه على بعض العاملين في بعض 2 -
المرافق العامة الحيوية كالشرطة والجنود ،وحراس السجون
يجوز تقييد ممارسة اإلضراب ببعض القيود واإلجراءات كاإلعالن المسبق عن 3 -
اإلضراب ،وأسبابه ومدته بخمسة أيام كاملة على األقل ،ومنع احتالل أماكن العمل
.والتعرض للعاملين غير المضربين
.تحريم اإلضراب kالسياسي واإلضرابات الدائرية أو المتتابعة 4 -
يجوز لإلدارة أن تفرض التجنيد العسكري على بعض العاملين الالزمين الستمرارية 5 -
.المرافق العامة الحيوية
إن استعمال اإلدارة لسلطانها السابقة مشروط ،بضرورة سير المرافق العامة بانتظام 6-
.تحت رقابة القضاء
على الموظفين وأعوان الدولة Dehano ،ال يقتصرتطبيق المبادئ التي وضعها حكم
و ) Pouzoneقرار 9يوليوز (1965ولكن يشمل أيضا العاملين لدى الجماعات المحلية
. العاملين في المؤسسات العمومية
أما بالنسبة المغرب فيمكن دراسة مبدأ استمرارية المرافق العامة وحق اإلضراب من خالل
:التطور الذي عرفه هذا المجال
فقبل دستور 1962كان االضراب محرم بمقتضى الفصل الخامس من مرسوم 2فبراير
1958الذي نص على أن « :كل توقف عن العمل م العمل بصفة مديرة ،وكل عمل جماعي
.أدى إلى عدم االنقياد بصفة بيئة يمكن المعاقية عليه خارج الضمانات التأديبية
وقد استندت الغرفة اإلدارية على هذا النصر في قضية الحيحي محمد ضد وزير التربية
الوطنية بتاريخ ،)1961/04/17حيث جاء في قرارها «الفصل 5من المرسوم السالف
الذكر الذي يستبعد الضمانات التأديبية في حالة اإلضراب المدير عن العمل ،ال يمكن اعتباره
ملفي ضمنيا لكون ظهير 24فبراير 1958المتعلق بالوظيفة العمومية والالحق له ،ال ينص
على أية حالة تعنى فيها اإلدارة من إتباع اإلجراء التأديبي الواجب قبل إصدار أي جزاء في
الواقع إن الموظفين العموميين عند إضرابهم kعن العمل جماعيا ال يرتكبون فقط خطا
شخصيا شنيعا ،بل يضعون انفسهم خارج نطاق تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالوظيفة
العمومية ،تلك المقتضيات التي تضمن حقوقا يقابلها االلتزام بالممارسة الفعلية والمستمرة
.للوطيقة باستثناء التغيبات البررة
ومع صدور دستور 1962فقد نص الفصل 14منه على أن «حق اإلضراب
.مضمون وسيبين قانون تنظيمي الشروط واإلجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق
ورغم صدور الدستور في وقت الحق لمرسوم ، 1958فقد ظللت اإلدارة المغربية متشبتة
بمقتضيات المرسوم المذكور ألنه مالئم الستمرارية المرفق العام ،إال أن هذا الرأي ال يمكن
اإلقتناع به ،فمن جهة هو يعترف للفصل الخامس من المرسوم بقيمة مساوية لنص الدستور
وهو ما يثنافى ومبدأ تدرج القوانين .ومن جهة أخرى ال يمكن اعتبار النص المذكور بمثابة
تدبير يمكن للسلطة التنظيمية اتخاذه في غياب القانون التنظيمي المنصوص عليه في
الدستور ،بشأن تنظيم شروط إجراءات ممارسة حق اإلضراب ،ألنه يتضمن تحريما عاما
.مطلقا لممارسة ذلك الحق
وقد حافظ دستور 2011تقريبا على نفس الصيغة التي جاء بها الفصل 14القديم ،حيث
ينص في فصله 20على ما يلي ...« :حق اإلضراب مضمون ،ويحدد قانون تنظيمي شروط
،.وكيفيات ممارسته
هذا القانون التنظيمي الذي لم يصدر بعد ،إال أن موقف اإلدارة بشأن االضراب قد تغير،
حيث اصبحت تكتفي فقط باالقتطاعات من أجور المضربين kوفي كثير من األحيان ترجع
.إليهم المبالغ المقتطعة
أما بالنسبة لموقف المحاكم اإلدارية فنورد الحكم الصادر عن إدارية مكناس بتاريخ12
يوليوز ،2001والذي تضمن العديد من المبادئ المؤطرة للحق في اإلضراب ،حيث
جاء فيه .... : اإلضراب حق دستوري ...االجتهاد القضائي المقارن مستقر على تقييد
ممارسة حق اإلضراب باحترام ضوابط معينة ،من جملة ذلك وجوب اخبار السلطات المعنية
باإلضراب المراد القيام به وتوقيته ،وذلك حتى تتحسبا إلدارة لما يمكن أن يحدثه هذا التوقف
من تأثير على سير المرفق ،وعليه فإن اإلضراب المباغث أو الطارئ يعتبرغير مشروع...
كما أنه ه يجب أن يستهدف اإلضراب تحقيق مكاسب مهنية أو الدفاع عنها .وبمفهوم المخالفة
فإن اإلضراب السياسي ال يندرج ضمن اإلضراب المشروع ..إضافة إلى ذلك فإن
ممارسة اإلضراب يجب أن يكون بناء على توجيه من نقابة ذات تمثيلية ...يجب أن يكون
اإلضراب محددات الزمان ،أما اإلضراب المفتوح فال يكتسي طابعا شرعيا المادة الخامسة
من مرسوم 15رجب 1377موافق 5فبراير ...1958فإن مقتضيات هذا المرسوم والتي
تتضمن منعا مطلقا لحق اإلضراب ،تعتبر غير منسجمة مع المقتضى الدستوري...
وبالرجوع إلى معطيات النازلة بتبين أن اإلضراب قام به المدعى رفقة باقي المعلمين بتاريخ
2000/3/1وقد احترمت بشأنه مسطرة اإلشعار ...كما أنه كان بدعوة من النقابات الوطنية...
اإلضراب كان ليوم واحد ،ولم يكنس طابعا سياسيا ...مما حاصله أن القرار المطعون فيه
.يعتبر موسوما بعدم الشرعية ،يتعين الحكم بإلنغائه
لكن إذا كان الحق في االضراب حق دستوري ،فان ذلك ال يتعارض ،االقتطاع من أجر .
المضربين kوفقا لقاعدة األجر مقابل العمل ،وهو ما كرسنه العمل القضائي في عدة أحكام من
بينها الحكم الصادر عن المحكمة االدارية بأكادير بتاريخ 22دجنبر ،2005حيث
جاء في إحدى حيثياته ما يلي « :الطاعن مارس حق االضراب ولم يثبت في حقه أية عقوبة
تأديبية ...قرار اإلدارة باقتطاع األجر عن يومي 26و 27أبريل 2005ال يمس بالمبادئ
.الدستورية
وهكذا فإن ممارسة حق اإلضراب رهينة بضرورة الحفاظ على سير المرفق العام .وبما أن
القانون التنظيمي المشار إليه في الدستور لم يصدر بعد ،فإن السلطة التنظيمية تحتفظ بحق
.تنظيم ممارسة اإلضراب بما يتماشي وحسن سير المرفق
وبالرجوع إلى بعض األنظمة األساسية لبعض فئات الموظفين نجدها تنص صراحة على
تحريم اإلضراب k،بل تخول للسلطات اإلدارية اتخاذ مقويات تأديبية +حق المضربين ،ومن
هذه الفئات تذكر؛
المتصرفون kبوزارة الداخلية •
موظفوا إدارة السجون •
كما يحرم االضراب على كل الفئات التي يحرم عليها االنخراط ة األحزاب أو النقابات،
وتشمل جميع الفئات العاملة في المرافق العامة ذات الطبيعة العسكرية واألمنية ،مثل أفراد
القوات المسلحة الملكية ،والدرك الملكي ،وأفراد القوات المساعدة وقوات األمن العام،
.وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي kوالقضاة
ثانيا :تنظيم استقالة الموظفين
االستقالة هي الوسيلة التي يمكن بواسطتها للموظف أن يضع حدا للعمل التي يقدمه لإلدارة،
غير أن هذه الوسيلة ال يمكن ممارستها بصفة مطلقة ،بل إن المشرع قد أخضعها للسلطة
التقديرية لإلدارة ،حيث أجاز لها أن تقبلها أو أن ترفضها إذا كان من شأنها المس بمبدأ
االستمرارية ،كما أن مخالفة الموظف للشروط المنظمة لالستقالة قد تعرضه للمسائلة
التأديبية ،وإذا تمت االستقالة وفقا لشروطها وقبلتها السلطة المختصة ،فإنها تؤدي إلى الحدف
:من سلك الوظيفة وإلى فقد صنفة الوظف العمومي .وتتجلى هذه الشروط في االتي
، أن تكون االستقالة مكتوبة -
.. . أن تكون خالية من أي قيد أو شرط -
،أال تكون قد اتخذت ضد الموظف إجراءات تأديبية لم تنته بعد-
، . أال يقدم المعني باألمر طلب االستقالة تحت تأثير إكراء مادي-
،أال يتراجع الموظف مقدم االستقالة من وقت تقديمها إلى حين قبولها-
.أن يستمر الموظف مقدم االستقالة في عمله إلى أن تقبل االستقالة-
ويجب على اإلدارة أن تصدر قرارها بقبول أو رفض االستقالة داخل أجل 30يوما ابتداء من
تاريخ تسلمها الطلب ،وفي حالة الرفض يجوز للموظف المعني باألمر أن يحيل مطلبه إلى
اللجنة اإلدارية المتساوية األعضاء التي تبدي رأيها مسببا ،وإذا أصرت اإلدارة على موقفها
الرافض لطلب االستقالة فإن األمر يرفع إلى القاضي اإلداري الذي يراقب السلطة التقديرية
.التي تتمتع بها اإلدارة في قبول أو رفض االستقالة
في هذا اإلطار يندرج الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتأريخ 23يوليوز
2014والذي جاء في إحدى حيثيانه .... :مادامت اإلدارة لم تبين حدود المصلحة العامة
المعتمد عليه لقبول استقالة الطبيب من حيث بيانها أمام المحكمة لعدد األطباء
المختصين في ذات التخصص الذي يزاول الطاعن داخل نفس المستشفى العمومي ..وعدد
المرضى الواردين kعلى المصلحة ذات التخصص ،والحاجيات التي يعاني منها المستشفى
المذكور بشأن التخصص....تبعا لكل ذلك يكون القرار اإلداري المطعون فيه مشويا بعيب
.السبب ويتعين الحكم بإلغائه
ثالثا :نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي
الموظف الفعلي هو ذلك الشخص الذي عين تعيينا معيبا أو لم يصدر قرار بتعبينه على
اإلطالق،وتقتضي kالمبادئ القانونية العامة ببطالن القرارات الصادرة عنه لكونها مشوبة
بعيب عدم االختصاص الشخصي أو الغتصاب السلطة ،غير أن القضاء اإلداري الفرنسي
اعتبر بعض األعمال الصادرة عنه في األحوال العادية شرعية ،شريطة أن يكون قرار
تعيينه المعيب أو المنعدم في تلك الظروف خفيا يتعذر على العامة إدراك سبب بطالنه،
وبغض النظر عن حسن أو سوء نية الموظف الفعلي ،وذلك لضمان استقرار المعامالت
"وحماية األفراد الذين تعاملوا بحسن نية مع المونلف الفعلي
أما في األحوال االستثنائية فإن القضاء اإلداري اعتبر القرارات الصادرة عن الموظف
الفعلي شرعية استنادا إلى ضرورة سير المرفق العام بانتظام ،كما هو الشأن في ظروف
.الحروب أو الثورات أو الكوارث الطبيعية
ويختلف تطبيق نظرية الموظف الفعلي في األحوال االستثنائية في كون األفراد يعلمون
ويتعاملون منه كموظف فعلي ،بينما في األحوال العادية يعتقدون بأنه موظف رسمي تقلد
الوظيفة بشكل قانوني به حين أنه ليس كذلك ،وبالتالي فإن األعمال التي يقوم بها لإلدارة
الفاقد لألساس القانوني ،ورغم ذلك ،فإن المشرع قد اعتبر هذه األعمال صحيحة ،وذلك
حفاظا على استمرارية المرافق العامة التي هي شرط ضروري للحفاظ على مصالح
المرتفقين الذين تعاملوا مع اإلدارة بدون أدنى علم بوضعية الموظف الفعلي الذي تصدر عنه
:هذه األعمال ،وقد تأخذ هذه الحالة أشكاال مختلفة كالتالي
حالة انعدام التعيين ،ومثال ذلك حالة الشخص الذي يتعود على تقديم خدمات لإلدارة بدون -
.أن تربطه بهذه األخيرة أية عالقة قانونية
حالة التعيين الباطل ,مثال ذلك الشخص الذي يتم تعيينه في اإلدارة ،فيتبين أن قرار تعيينه -
يشوبه عيب من العيوب الشكلية
حالة التمادي غير المشروع ،ومثال ذلك الموظف الذي تمت إحالته على التقاعد ،ومع ذلك -
يستمر في ممارسة وظيفته
فالتصرفات الصادرة عن هؤالء الموظنين تبدو صحيحة خالل فترة ممارستها رعم أن
التطبيق الدقيق لقواعد الشرعية تقضي بعدم االعتراف بصحتها ،ولقد بني االجتهاد القضائي
صحتها على أساس الحفاظ على مبدأ دوام سير المرفق العام بانتظام واضطراد واستنادا إلى
نظرية فكرة الظاهر ،حماية للمواطنين الذين تعاملوا منه بحسن نية ألن االستثناء شرع
.لمصلحة الجمهور وتسمى النظرية في هذه الحالة فطرية الموظف الظاهر
يقتضي مبدأ دوام سير المرفق العام عدم الحجز على أمواله ،إذ خالفا للقاعدة العامة التي
تبيح الحجز على ممتلكات المدين الذي يمتنع عن الوقاء بديونه ال يمكن مبدئيا الحجز على
أموال المرافق العمومية ،التي تعتمد عليها في تلبية الحاجيات العامة ذات المنفعة العامة،
ألنها تخضع لنظام قانوني يحميها ويجعلها غير قابلة للتفويت التملك بالتقادم ،وغير قابلة
لفرض حق عيني تبعي عليها كالرهن مثال ،كما يمنع لحجز عليها ألن في الحجز على أموال
أشخاص القانون العام تعطيل لخدمات تلك لرائق وتهديد لها بالتوقف واالنقطاع ،وهذا ما
.يناقض مبدأ استمرارية المرفق العام
والواقع أن تحريم الحجز على أموال المرفق العام،يهم من حيث المبدأ المرافق التي تدار
بأسلوب االستغالل المباشر ،أما المرافق العامة التي تدار بأسلوب المؤسسة العمومية والتي
تتمتع باستقالل مالي عن الدولة فيرى بعض الفقه " جواز الحجز على أموالها ،ألن الدولة
يمنحها تلك المرافق الشخصية المعنوية أرادت أن نمنحها قدرا من االستقالل في التعامل
.وتحمل المسؤولية المالية
وفي هذا اإلطار جاء في إحدى األوامر الصادرة عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط
بتاريخ 24شتنبر 1994ما يلي « :إذا كان ال يجوز الحجز على المؤسسات العمومية،
فلكونها مليئة الذمة ،وليس لكون أموالها أموال عمومية ما دام ال يوجد أي نص قانوني يمنع
حجزها ،ولكن إذا ثبت امتناع المؤسسة العمومية من تنفيذ حكم قضائي بدون مبرر فإن مالءة
.الذمة تصبح غير مجدية بالنسبة للتنفيذ الذي يرغب فيه من صدر الحكم لفائدته
أما المرافق العامة التي تدار باألساليب الخاصة كاالمتيار أو التدبير المفوض وشركات
االقتصاد المختلط ..فهي ال تتمتع بأية سلطات غير عادية في هذا الشأن ،ونشاطها
يخضع في معظمه لقواعد القانون الخام ،األمر الذي يبرر استغالل طرق التنقيط جميعا على
.كافة أموالها
بعد هذا المبدأ استمرارا للمبدأ الخالد وهو المساواة بين الجميع في الحقوق والواجيات ،وهو
ما كرسته العديد من الدساتير ومن بينها الدستور المغربي الذي ينص 2الفصل السادس منه
على ما يلي « :القانون هو أسمى تعبير عن إدارة األمة ،والجميع أشخاصا ذاتيين او
.اعتباريين ،بما فيهم السلطات العمومية ،متساوون أمامه
كما ينص الفصل 154من الدستور على ما يلي :فيتم تنظيم المرافق العمومية على أساس
المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها ،واإلنصاف في تغطية التراب الوطني،
.واالستمرارية ال أداء الخدمات
وال يقصد بالمبدأ المساواة التامة والمطلقة بين جميع المواطنين ،بل يعني المساواة بين
األفراد الذين تتوفر فيهم الشروط التي قررها المرفق العام إلمكانية االستفادة من خدماته،
وبالتالي فال يعتبر إخالال بهذا المبدأ عدم استفادة غير المتوفرين على الشروط الضرورية
.إلمكانية االستفادة من خدماته
وال يتنافى مع مبدأ المساواة اختالف الشروط التي يقررها المرفق العام تبعا الختالف
المراكز والظروف ،قمبدأ المساواة يعد متحققا حتى ولو حدثت هناك تفرقة ما بين فئتين،
ولوكان ذلك في تقديم الخدمة نفسها ،ما دامت هذه التفرقة تعود إلى اعتبارات مجردة ،قد
،تتعلق باختالف المكان ،أو بنوع الخدمة ،أو الظروف خاصة ببعض األفراد
فمن النوع األول على سبيل المثال تقديم خدمة الكهرباء ،فقد تختلف أسعار الخدمة من مكان
إلى آخر ،فاألسعار بالعالم القروي تختلف عن األسعاربالمدن ،أوالختالف نوع النشاط ،وهذا
.ال يخل بمبدأ المساواة ألن الجميع متساوون بظروفهم نفسها في التمتع بخدمة مماثلة
ومن النوع الثاني ما يتعلق بنوع الخدمة ،فالمنتفع على سبيل المثال بمرفق النقل يعامل على
حسب نوع الخدمة المقدمة ،فراكبوا الدرجة األولى سيدفعون مبالغ أكثر من راكبي الدرجة
الثانية ،وهذا ال يخل بمبدأ المساواة .وتبعا لذلك ،فمبدأ المساواة يطبق بالنسبة للمرتفقين
الموجودين في نفس المركز وفي نفس الظروف ،والذين تطبق عليهم نفس األنظمة القانونية
الخاصة باالستفادة من إحدى خدمات المرافق العمومية ،كما أن مبدأ المساواة ال يتعارض مع
استفادة بعض الفئات االجتماعية من بعض المزايا دون غيرهم ،وذلك بصفة استثنائية استنادا
:إلى نصوص قانونية عامة ولغرض المصلحة العامة كما هو الشأن بالنسبة إلى
. اإلعفاء من الرسوم القضائية بالنسبة للمتقاضين المعوزين •
.اإلعفاء من الرسوم الدراسية بالنسبة للطلبة غير الميسورين أو المتفوقين •
. تخفيض رسوم النقل بالنسبة للطلبة •
...السماح للمتقاعدين باالنتفاع من بعض الخدمات مجانا •