You are on page 1of 9

‫رغم تباين النظم القانونية التي تحكم المرافق العامة المختلفة حسب طبيعتها سواء‪ 

‬أكانت‬
‫إدارية أو اقتصادية أو مهنية أو اجتماعية‪ ،‬ورغم اختالف طرق إدارتها‪ ،‬فإنها‪  ‬تخضع جميعا‬
‫‪ : ‬باعتبارها مرافق عامة لعدد من المبادئ أهمها‬
‫مبدأ استمرارية المرفق العام‪• ‬‬
‫‪.‬مبدأ المساواة أمام المرفق العام •‬
‫‪.‬مبدأ قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير •‬

‫مبدأ استمرارية المرفق العام‬

‫يعتبر مبدأ استمرار المرفق العام أحد أوجه مبدأ استمرارية الدولة ودوامها‪ ،‬ويحتم هذا المبدأ‬
‫على السلطات اإلدارية ضمان سير المرفق بانتظام‪ ،‬فهدف المرفق العام هو إشباع حاجة لها‬
‫طابع المنفعة العامة‪ ،‬وكل انقطاع في سير المرفق يتعارض والهدف المتوخى منه‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالتزام السلطة اإلدارية بضمان سير المرفق العام يلتقي مع حق المنتفعين من المرفق‬
‫‪.‬بالحصول على خدمات مستمرة‬
‫غير أن هذا المبدأ ال يطبق بصفة مطلقة‪ ،‬إذ ال يعني أن المرافق العامة بجب أن تشتغل‬
‫في‪ ‬كل وقت وطيلة أيام األسبوع‪ ،‬هناك نسبية في‪ ‬تطبيق هذا المبدأ إذ يختلف طابعة اإللزامي‬
‫من مرفق إلى آخر‪ ،‬لذلك‪ ،‬فإن االستمرارية تتحدد في‪ ‬كل حالة حسب القواعد المنظمة‬
‫‪.‬للمرفق‬

‫ويتنافى مبدأ استمرارية المرفق العام مع تذرع السلطة العامة بوجود‪ ‬صعوبات مالية أو‬
‫إدارية لالمتناع عن ضمان تقديم خدمات للمرتفقين‪ ،‬فالمرفق العام ولو كان تجاريا ً أو‬
‫صناعيا فهو ال يهدف الحصول على األرباح كما هو شأن المقاوالت بل تحقيق النفع العام‪،‬‬
‫لذلك فإذا كانت الضرورة تدعو إلى تنظيم المرافق العامة وفق معايير المردودية‪ ،‬فإن هذا ال‬
‫‪.‬يمكن أن يبرر تعطيل نشاط المرفق لمجرد الظهور عجزفي‪ ‬تدبير شؤونه‬

‫لذلك يتوجب على السلطة اإلدارية أن تعيد تنظيم المرفق على اساس قواعد جديدة مع التشبث‬
‫بإرضاء حاجة الصالح العام‪ ،‬وهكذا فإن إغالق طريق عمومية ظهر عجز استغاللها ال يكون‬
‫مبررا‪ ،‬إال إذا وضع رهن إشارة المرتفقين وسائل نقل بديلة‪ ،‬كما يتوجب على السلطات‬
‫العمومية أن تراعي ضمان االستمرارية خالل محاوالت اإلصالح التي تباشرها تجاه‬
‫‪.‬المرافق‬
‫وترتبط بمبدأ استمرار المرفق العام عدة نظريات تهم على الخصوص العقد اإلداري (نظرية‬
‫الظروف الطارئة)‪ ،‬وقانون الوظيفة العمومية (تنظم االستقالة‪ ،‬ونظرية الموظف الفعلي)‪..‬‬
‫‪.‬لكن التطبيق األساسي لبدأ استمرار المرفق العام بهم الحق ة اإلضراب‬
‫أوال ‪ :‬حق اإلضراب‬

‫ما هو كل توقف جماعي عن العمل بصفة مدبرة لمدة من الزمن‪ La grève ‬اإلضراب‬


‫قصد الضغط على المشغل لالستجابة لمطالب نقابية‪ ،‬دون أن تنصرف نية المضربين‪k‬‬
‫‪.‬إلى‪ ‬التخلي عن وظائفهم نهائيا‬
‫واإلضراب‪ k‬بهذا الوضع السيما في صورته الجماعية هو أخطر ما يهدد قاعدة سير المرافق‬
‫العامة‪ ،‬وهو ما حدا بالعديد من الدول إلى تحريمه أو تنظيمه بشكل يكفل حقوق العاملين‬
‫‪.‬وحقوق المنتفعين من خدمات المرافق العامة‬

‫ففي فرنسا‪  ‬كان مجلس الدولة ‪..‬سباقا إلى تحريم اإلضرابية‪ ‬في‪ ‬قراره الصادر بتاريخ‬
‫بحيث جاء‪ ‬في‪ ‬إحدى حيثيات القرار ما يلي ‪:‬إن‪ 1909/08/07 WINKELL ‬في‪ ‬قضية‬
‫الموطنين بمشاركتهم با االضراب‪ ، k‬لم يرتكبوا فقط‪ ‬عمال‪ ‬فرديا‪ ،‬وإنما وضعوا انفسهم‪ ‬بهذا‬
‫العمل الجماعي خارج نطاق القوانين والمراسيم الصادرة‪ ‬بقصد‪ ‬ضمان ممارستهم للحقوق‬
‫‪.‬التي‪ ‬تتولد بالنسبة لهم عن عقد القانون العام الذي يربطهم باإلدارة‬

‫إال أن تطورا هاما حدث فيما بعد عندما نص دستور الجمهورية الرابية الصادر‪ ‬في‪27 ‬‬
‫أكتوبر ‪ 1946‬في‪ ‬ديباجته على أن حق اإلضراب يمارس سي حدود القانون‪ ،‬وهو ما عمل‬
‫مجلس الدولة الفرنسي يعدل من مواقعه السابقة من خالل قراره الصادر بتاريخ‪ 07‬يوليوز‬
‫الصادر بتاريخ ‪ ،1950/07/07‬حيث اعترف للموظفين بحق ‪ 1950 DEHANE‬في‪ ‬قضية‬
‫‪ :‬اإلضراب ووضع بعض القواعد التي تنظمه‪ ‬المثمتلة في‪ ‬وما يلي‬
‫‪.‬اإلضراب في المرافق العامة لم يعد محرما كقاعدة عامة ‪ 1 -‬‬
‫يجوز للمشرع وللسلطة التنفيذية أن تحرمه على بعض العاملين‪   ‬في‪    ‬بعض ‪2 -‬‬
‫المرافق‪  ‬العامة الحيوية كالشرطة والجنود‪ ،‬وحراس السجون‬
‫يجوز تقييد ممارسة اإلضراب ببعض القيود واإلجراءات كاإلعالن المسبق عن ‪3 -‬‬
‫اإلضراب‪ ،‬وأسبابه ومدته بخمسة أيام كاملة على األقل‪ ،‬ومنع احتالل أماكن العمل‬
‫‪.‬والتعرض للعاملين غير المضربين‬
‫‪.‬تحريم اإلضراب‪ k‬السياسي واإلضرابات الدائرية أو المتتابعة ‪4 -‬‬
‫يجوز لإلدارة أن تفرض التجنيد العسكري على بعض العاملين الالزمين الستمرارية ‪5 -‬‬
‫‪.‬المرافق العامة الحيوية‬
‫إن استعمال اإلدارة لسلطانها السابقة مشروط‪ ،‬بضرورة سير المرافق العامة بانتظام ‪6-‬‬
‫‪.‬تحت رقابة القضاء‬
‫على الموظفين وأعوان الدولة‪ Dehano ،‬ال يقتصرتطبيق المبادئ التي وضعها حكم‬
‫و ) ‪ Pouzone‬قرار ‪ 9‬يوليوز ‪ (1965‬ولكن‪ ‬يشمل‪ ‬أيضا العاملين لدى الجماعات المحلية‬
‫‪. ‬العاملين‪ ‬في‪ ‬المؤسسات العمومية‬
‫أما بالنسبة المغرب فيمكن دراسة مبدأ استمرارية المرافق العامة وحق اإلضراب‪ ‬من خالل‬
‫‪ :‬التطور الذي عرفه هذا المجال‬
‫فقبل دستور ‪ 1962‬كان االضراب محرم‪ ‬بمقتضى الفصل الخامس من مرسوم ‪ 2‬فبراير‪ ‬‬
‫‪ 1958‬الذي نص على أن ‪« :‬كل توقف عن‪ ‬العمل‪ ‬م العمل بصفة مديرة ‪ ،‬وكل عمل جماعي‬
‫‪.‬أدى إلى عدم االنقياد بصفة بيئة يمكن المعاقية عليه خارج الضمانات التأديبية‬
‫وقد استندت الغرفة اإلدارية على هذا النصر في قضية الحيحي محمد ضد وزير التربية‬
‫الوطنية بتاريخ ‪ ،)1961/04/17‬حيث جاء في قرارها «الفصل ‪ 5‬من المرسوم السالف‬
‫الذكر الذي يستبعد الضمانات التأديبية في حالة اإلضراب المدير عن العمل‪ ،‬ال يمكن اعتباره‬
‫ملفي ضمنيا لكون ظهير ‪ 24‬فبراير ‪ 1958‬المتعلق بالوظيفة العمومية والالحق له‪ ،‬ال ينص‬
‫على أية حالة تعنى فيها اإلدارة من إتباع اإلجراء التأديبي الواجب قبل إصدار أي جزاء في‬
‫الواقع إن الموظفين العموميين عند إضرابهم‪ k‬عن العمل جماعيا ال يرتكبون فقط خطا‬
‫شخصيا شنيعا‪ ،‬بل يضعون انفسهم خارج نطاق تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬تلك المقتضيات التي تضمن حقوقا يقابلها االلتزام بالممارسة الفعلية والمستمرة‬
‫‪.‬للوطيقة باستثناء التغيبات البررة‬
‫ومع صدور دستور ‪ 1962‬فقد نص الفصل ‪ 14‬منه على أن «حق اإلضراب‬
‫‪.‬مضمون‪ ‬وسيبين قانون تنظيمي الشروط واإلجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق‬

‫ورغم صدور الدستور في وقت الحق لمرسوم ‪ ، 1958‬فقد ظللت اإلدارة المغربية متشبتة‬
‫بمقتضيات المرسوم المذكور ألنه مالئم الستمرارية المرفق العام‪ ،‬إال أن هذا الرأي ال يمكن‬
‫اإلقتناع به‪ ،‬فمن جهة هو يعترف للفصل الخامس من المرسوم بقيمة مساوية لنص الدستور‬
‫وهو ما يثنافى‪ ‬ومبدأ تدرج القوانين‪ .‬ومن جهة أخرى ال يمكن اعتبار النص المذكور بمثابة‬
‫تدبير يمكن للسلطة التنظيمية اتخاذه في غياب القانون التنظيمي المنصوص عليه في‬
‫الدستور‪ ،‬بشأن تنظيم شروط إجراءات ممارسة حق اإلضراب‪ ،‬ألنه يتضمن تحريما عاما‬
‫‪.‬مطلقا لممارسة ذلك الحق‬

‫وقد حافظ دستور ‪ 2011‬تقريبا على نفس الصيغة التي جاء بها الفصل ‪ 14‬القديم‪ ،‬حيث‬
‫ينص في فصله ‪ 20‬على ما يلي ‪ ...« :‬حق اإلضراب مضمون‪ ،‬ويحدد قانون تنظيمي‪ ‬شروط‬
‫‪،.‬وكيفيات ممارسته‬
‫هذا القانون التنظيمي الذي لم يصدر بعد‪ ،‬إال أن موقف اإلدارة بشأن االضراب قد تغير‪،‬‬
‫حيث‪ ‬اصبحت تكتفي فقط باالقتطاعات من أجور المضربين‪ k‬وفي‪ ‬كثير من األحيان ترجع‬
‫‪.‬إليهم المبالغ المقتطعة‬
‫أما بالنسبة لموقف المحاكم اإلدارية فنورد الحكم الصادر عن إدارية مكناس بتاريخ‪12  ‬‬
‫يوليوز ‪ ،2001‬والذي تضمن العديد من المبادئ المؤطرة للحق في اإلضراب‪ ،‬حيث‬
‫جاء‪ ‬فيه‪ .... : ‬اإلضراب حق دستوري‪ ...‬االجتهاد القضائي المقارن مستقر على تقييد‬
‫ممارسة حق اإلضراب باحترام ضوابط معينة‪ ،‬من جملة ذلك وجوب اخبار السلطات المعنية‬
‫باإلضراب المراد القيام به وتوقيته‪ ،‬وذلك حتى تتحسبا إلدارة لما يمكن أن يحدثه هذا التوقف‬
‫من تأثير على سير المرفق‪ ،‬وعليه فإن اإلضراب المباغث أو الطارئ يعتبرغير مشروع‪...‬‬
‫كما أنه ه يجب أن يستهدف اإلضراب تحقيق مكاسب مهنية أو الدفاع عنها‪ .‬وبمفهوم المخالفة‬
‫فإن اإلضراب السياسي ال يندرج ضمن اإلضراب المشروع‪ ..‬إضافة إلى ذلك فإن‬
‫ممارسة‪ ‬اإلضراب‪ ‬يجب أن يكون بناء على توجيه من نقابة ذات تمثيلية‪ ...‬يجب أن يكون‬
‫اإلضراب محددات الزمان‪ ،‬أما اإلضراب المفتوح فال يكتسي طابعا شرعيا المادة الخامسة‬
‫من مرسوم ‪ 15‬رجب ‪ 1377‬موافق ‪ 5‬فبراير ‪...1958‬فإن مقتضيات هذا المرسوم والتي‬
‫تتضمن منعا مطلقا لحق اإلضراب‪ ،‬تعتبر غير منسجمة مع المقتضى الدستوري‪...‬‬
‫وبالرجوع إلى معطيات النازلة بتبين أن اإلضراب قام به المدعى رفقة باقي المعلمين بتاريخ‬
‫‪ 2000/3/1‬وقد احترمت بشأنه مسطرة اإلشعار‪ ...‬كما أنه كان بدعوة من النقابات الوطنية‪...‬‬
‫اإلضراب كان ليوم واحد‪ ،‬ولم يكنس طابعا سياسيا‪ ...‬مما حاصله أن القرار المطعون فيه‬
‫‪.‬يعتبر موسوما بعدم الشرعية‪ ،‬يتعين الحكم بإلنغائه‬

‫لكن إذا كان الحق في االضراب حق دستوري‪ ،‬فان ذلك ال يتعارض ‪ ،‬االقتطاع من أجر ‪.‬‬
‫المضربين‪ k‬وفقا لقاعدة األجر مقابل العمل‪ ،‬وهو ما كرسنه العمل القضائي في عدة أحكام من‬
‫بينها الحكم الصادر عن المحكمة االدارية بأكادير بتاريخ ‪ 22‬دجنبر ‪ ،2005‬حيث‬
‫جاء‪ ‬في‪ ‬إحدى حيثياته ما يلي ‪« :‬الطاعن مارس حق االضراب ولم يثبت في حقه أية عقوبة‬
‫تأديبية‪ ...‬قرار اإلدارة باقتطاع األجر عن يومي ‪ 26‬و‪ 27‬أبريل ‪ 2005‬ال يمس بالمبادئ‬
‫‪.‬الدستورية‬
‫وهكذا فإن ممارسة حق اإلضراب رهينة بضرورة الحفاظ على سير المرفق العام‪ .‬وبما أن‬
‫القانون التنظيمي المشار إليه في الدستور لم يصدر بعد‪ ،‬فإن السلطة التنظيمية تحتفظ بحق‬
‫‪.‬تنظيم ممارسة اإلضراب بما يتماشي وحسن سير المرفق‬
‫وبالرجوع إلى بعض األنظمة األساسية لبعض فئات الموظفين نجدها تنص صراحة على‬
‫تحريم اإلضراب‪ k،‬بل تخول للسلطات اإلدارية اتخاذ مقويات تأديبية ‪ +‬حق المضربين‪ ،‬ومن‬
‫هذه الفئات تذكر؛‬
‫المتصرفون‪ k‬بوزارة الداخلية •‪ ‬‬
‫موظفوا إدارة السجون •‬
‫كما يحرم االضراب على كل الفئات التي يحرم عليها االنخراط ة األحزاب أو النقابات‪،‬‬
‫وتشمل جميع الفئات العاملة في المرافق العامة ذات الطبيعة العسكرية واألمنية‪ ،‬مثل أفراد‬
‫القوات المسلحة الملكية‪ ،‬والدرك الملكي‪ ،‬وأفراد القوات المساعدة وقوات األمن العام‪،‬‬
‫‪.‬وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي‪ k‬والقضاة‬
‫ثانيا ‪ :‬تنظيم استقالة الموظفين‬
‫االستقالة‪ ‬هي‪ ‬الوسيلة التي يمكن بواسطتها للموظف أن يضع حدا للعمل التي يقدمه لإلدارة‪،‬‬
‫غير أن هذه الوسيلة ال يمكن ممارستها بصفة مطلقة‪ ،‬بل إن المشرع قد أخضعها للسلطة‬
‫التقديرية لإلدارة‪ ،‬حيث أجاز لها أن تقبلها أو أن ترفضها إذا كان من شأنها المس بمبدأ‬
‫االستمرارية‪ ،‬كما أن مخالفة الموظف للشروط المنظمة لالستقالة قد تعرضه للمسائلة‬
‫التأديبية‪ ،‬وإذا تمت االستقالة وفقا لشروطها وقبلتها السلطة المختصة‪ ،‬فإنها تؤدي إلى الحدف‬
‫‪ :‬من سلك الوظيفة وإلى فقد صنفة الوظف العمومي‪ .‬وتتجلى هذه الشروط‪ ‬في االتي‬
‫‪، ‬أن تكون االستقالة مكتوبة‪ -‬‬
‫‪.. . ‬أن تكون خالية من أي قيد أو شرط‪ -‬‬
‫‪،‬أال تكون قد اتخذت ضد الموظف إجراءات تأديبية لم تنته بعد‪-‬‬
‫‪، . ‬أال يقدم المعني باألمر طلب االستقالة تحت تأثير إكراء مادي‪-‬‬
‫‪،‬أال يتراجع الموظف مقدم االستقالة من وقت تقديمها إلى حين قبولها‪-‬‬
‫‪.‬أن يستمر الموظف مقدم االستقالة في عمله إلى أن تقبل االستقالة‪-‬‬

‫ويجب على اإلدارة أن تصدر قرارها بقبول أو رفض االستقالة داخل أجل ‪ 30‬يوما ابتداء من‬
‫تاريخ تسلمها الطلب‪ ،‬وفي حالة الرفض يجوز للموظف المعني باألمر أن يحيل مطلبه إلى‬
‫اللجنة اإلدارية المتساوية األعضاء التي تبدي رأيها مسببا‪ ،‬وإذا أصرت اإلدارة على موقفها‬
‫الرافض لطلب االستقالة فإن األمر يرفع إلى القاضي اإلداري الذي يراقب السلطة التقديرية‬
‫‪.‬التي تتمتع بها اإلدارة في قبول أو رفض االستقالة‬

‫في هذا اإلطار يندرج الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتأريخ ‪ 23‬يوليوز‬
‫‪ 2014‬والذي جاء في إحدى حيثيانه ‪.... :‬مادامت اإلدارة لم تبين حدود المصلحة العامة‬
‫المعتمد عليه لقبول استقالة الطبيب من حيث بيانها أمام المحكمة لعدد األطباء‬
‫المختصين‪ ‬في‪ ‬ذات التخصص الذي يزاول الطاعن داخل نفس المستشفى العمومي‪ ..‬وعدد‬
‫المرضى الواردين‪ k‬على المصلحة ذات التخصص‪ ،‬والحاجيات التي يعاني منها المستشفى‬
‫المذكور بشأن التخصص‪....‬تبعا لكل ذلك يكون القرار اإلداري المطعون فيه مشويا بعيب‬
‫‪.‬السبب ويتعين الحكم بإلغائه‬
‫ثالثا ‪ :‬نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي‬
‫الموظف الفعلي هو ذلك الشخص الذي عين تعيينا معيبا أو لم يصدر قرار بتعبينه على‬
‫اإلطالق‪،‬وتقتضي‪ k‬المبادئ القانونية العامة ببطالن القرارات الصادرة عنه لكونها مشوبة‬
‫بعيب عدم االختصاص الشخصي أو الغتصاب السلطة‪ ،‬غير أن القضاء اإلداري الفرنسي‬
‫اعتبر بعض األعمال الصادرة عنه‪ ‬في‪ ‬األحوال العادية شرعية‪ ،‬شريطة أن يكون قرار‬
‫تعيينه المعيب أو المنعدم في تلك الظروف خفيا يتعذر على العامة إدراك سبب بطالنه‪،‬‬
‫وبغض النظر عن حسن أو سوء نية الموظف الفعلي‪ ،‬وذلك لضمان استقرار المعامالت‬
‫"وحماية األفراد الذين تعاملوا بحسن نية مع المونلف الفعلي‬

‫أما في األحوال االستثنائية فإن القضاء اإلداري اعتبر القرارات الصادرة عن الموظف‬
‫الفعلي شرعية استنادا إلى ضرورة سير المرفق العام بانتظام‪ ،‬كما هو الشأن‪ ‬في‪ ‬ظروف‬
‫‪.‬الحروب أو الثورات أو الكوارث الطبيعية‬

‫ويختلف تطبيق نظرية الموظف الفعلي في األحوال االستثنائية في كون األفراد يعلمون‬
‫ويتعاملون منه كموظف فعلي‪ ،‬بينما في األحوال العادية يعتقدون بأنه موظف رسمي‪ ‬تقلد‬
‫الوظيفة بشكل قانوني به حين أنه ليس كذلك‪ ،‬وبالتالي فإن األعمال التي يقوم بها لإلدارة‬
‫الفاقد لألساس القانوني‪ ،‬ورغم ذلك‪ ،‬فإن المشرع قد اعتبر هذه األعمال‪ ‬صحيحة‪ ،‬وذلك‬
‫حفاظا على استمرارية المرافق العامة التي هي شرط ضروري للحفاظ على مصالح‬
‫المرتفقين الذين تعاملوا مع اإلدارة بدون أدنى علم بوضعية الموظف الفعلي الذي تصدر عنه‬
‫‪ :‬هذه األعمال‪ ،‬وقد تأخذ هذه الحالة أشكاال مختلفة كالتالي‬

‫حالة انعدام التعيين‪ ،‬ومثال ذلك حالة الشخص الذي يتعود على تقديم خدمات لإلدارة بدون ‪-‬‬
‫‪.‬أن تربطه بهذه األخيرة أية عالقة قانونية‬
‫حالة التعيين الباطل‪ ,‬مثال ذلك الشخص الذي يتم تعيينه في اإلدارة‪ ،‬فيتبين أن قرار تعيينه ‪ -‬‬
‫‪ ‬يشوبه عيب من العيوب الشكلية‬
‫حالة التمادي غير المشروع‪ ،‬ومثال ذلك الموظف الذي تمت إحالته على التقاعد‪ ،‬ومع ذلك ‪-‬‬
‫يستمر في ممارسة وظيفته‬
‫فالتصرفات الصادرة عن هؤالء الموظنين تبدو صحيحة خالل فترة ممارستها رعم أن‬
‫التطبيق الدقيق لقواعد الشرعية تقضي بعدم االعتراف بصحتها‪ ،‬ولقد بني االجتهاد القضائي‬
‫صحتها على أساس الحفاظ على مبدأ دوام سير المرفق العام بانتظام واضطراد واستنادا إلى‬
‫نظرية فكرة الظاهر‪ ،‬حماية للمواطنين الذين تعاملوا منه بحسن نية ألن االستثناء شرع‬
‫‪ .‬لمصلحة الجمهور وتسمى النظرية في هذه الحالة فطرية الموظف الظاهر‬

‫رابعا‪ :‬نظرية الظروف الطارئة‬

‫خامسا ‪ :‬تحريم الحجز على أموال المرفق العام‬

‫يقتضي مبدأ دوام سير المرفق العام عدم الحجز على أمواله‪ ،‬إذ خالفا للقاعدة العامة التي‬
‫تبيح الحجز على ممتلكات المدين الذي يمتنع عن الوقاء بديونه ال يمكن مبدئيا الحجز على‬
‫أموال المرافق العمومية‪ ،‬التي تعتمد عليها في تلبية الحاجيات العامة ذات المنفعة العامة‪،‬‬
‫ألنها تخضع لنظام قانوني يحميها ويجعلها غير قابلة للتفويت التملك بالتقادم‪ ،‬وغير قابلة‬
‫لفرض حق عيني تبعي عليها كالرهن مثال‪ ،‬كما يمنع لحجز عليها ألن في الحجز على أموال‬
‫أشخاص القانون العام تعطيل لخدمات تلك لرائق وتهديد لها بالتوقف واالنقطاع‪ ،‬وهذا ما‬
‫‪.‬يناقض مبدأ استمرارية المرفق العام‬
‫والواقع أن تحريم الحجز على أموال المرفق العام‪،‬يهم من حيث المبدأ المرافق التي تدار‬
‫بأسلوب االستغالل المباشر‪ ،‬أما المرافق العامة التي تدار بأسلوب المؤسسة العمومية والتي‬
‫تتمتع باستقالل مالي عن الدولة فيرى بعض الفقه " جواز الحجز على أموالها‪ ،‬ألن الدولة‬
‫يمنحها تلك المرافق الشخصية المعنوية أرادت أن نمنحها قدرا من االستقالل‪ ‬في‪  ‬التعامل‬
‫‪.‬وتحمل المسؤولية المالية‬
‫وفي‪  ‬هذا اإلطار جاء في إحدى األوامر الصادرة عن رئيس المحكمة اإلدارية بالرباط‬
‫بتاريخ ‪ 24‬شتنبر‪ 1994‬ما يلي ‪« :‬إذا كان ال يجوز الحجز على المؤسسات العمومية‪،‬‬
‫فلكونها مليئة الذمة‪ ،‬وليس لكون أموالها أموال عمومية ما دام ال يوجد أي نص قانوني يمنع‬
‫حجزها‪ ،‬ولكن إذا ثبت امتناع المؤسسة العمومية من تنفيذ حكم قضائي بدون مبرر فإن مالءة‬
‫‪.‬الذمة تصبح غير مجدية بالنسبة للتنفيذ الذي يرغب فيه من‪ ‬صدر‪ ‬الحكم‪ ‬لفائدته‬
‫أما المرافق العامة التي تدار باألساليب الخاصة كاالمتيار أو التدبير المفوض وشركات‬
‫االقتصاد المختلط‪ ..‬فهي ال تتمتع بأية سلطات غير عادية في هذا الشأن‪ ،‬ونشاطها‬
‫يخضع‪ ‬في‪ ‬معظمه لقواعد القانون الخام‪ ،‬األمر الذي يبرر استغالل طرق التنقيط‪ ‬جميعا على‬
‫‪.‬كافة أموالها‬

‫‪:‬مبدأ المساواة أمام المرفق العام‬

‫بعد هذا المبدأ استمرارا للمبدأ الخالد وهو المساواة بين الجميع في الحقوق والواجيات‪ ،‬وهو‬
‫ما كرسته العديد من الدساتير ومن بينها الدستور المغربي الذي ينص ‪ 2‬الفصل السادس منه‬
‫على ما يلي ‪« :‬القانون هو أسمى تعبير عن إدارة األمة‪ ،‬والجميع أشخاصا ذاتيين او‬
‫‪.‬اعتباريين‪ ،‬بما فيهم السلطات العمومية‪ ،‬متساوون أمامه‬
‫كما ينص الفصل ‪ 154‬من الدستور على ما يلي ‪ :‬فيتم تنظيم المرافق العمومية على أساس‬
‫المساواة بين المواطنات والمواطنين‪ ‬في‪ ‬الولوج إليها‪ ،‬واإلنصاف في‪ ‬تغطية التراب‪ ‬الوطني‪،‬‬
‫‪.‬واالستمرارية ال أداء الخدمات‬
‫وال يقصد بالمبدأ المساواة التامة والمطلقة بين جميع المواطنين‪ ،‬بل يعني المساواة بين‬
‫األفراد الذين تتوفر فيهم الشروط التي قررها المرفق العام إلمكانية االستفادة من خدماته‪،‬‬
‫وبالتالي فال يعتبر إخالال بهذا المبدأ عدم استفادة غير المتوفرين على الشروط الضرورية‬
‫‪.‬إلمكانية االستفادة من خدماته‬
‫وال يتنافى مع مبدأ المساواة اختالف الشروط التي يقررها المرفق العام تبعا الختالف‬
‫المراكز والظروف‪ ،‬قمبدأ المساواة‪  ‬يعد متحققا حتى ولو حدثت هناك تفرقة ما بين فئتين‪،‬‬
‫ولوكان ذلك في تقديم الخدمة نفسها‪ ،‬ما دامت هذه التفرقة تعود إلى اعتبارات مجردة‪ ،‬قد‬
‫‪،‬تتعلق باختالف المكان‪ ،‬أو‪ ‬بنوع الخدمة‪ ،‬أو الظروف خاصة ببعض األفراد‬
‫فمن النوع األول على سبيل المثال تقديم خدمة الكهرباء‪ ،‬فقد تختلف أسعار الخدمة من مكان‬
‫إلى آخر‪ ،‬فاألسعار بالعالم القروي تختلف عن‪ ‬األسعاربالمدن‪ ،‬أوالختالف نوع النشاط‪ ،‬وهذا‬
‫‪.‬ال يخل بمبدأ المساواة ألن الجميع متساوون بظروفهم نفسها في التمتع‪ ‬بخدمة مماثلة‬
‫ومن النوع الثاني ما يتعلق بنوع الخدمة‪ ،‬فالمنتفع على سبيل المثال بمرفق النقل يعامل على‬
‫حسب نوع الخدمة المقدمة‪ ،‬فراكبوا الدرجة األولى سيدفعون مبالغ أكثر من راكبي الدرجة‬
‫الثانية‪ ،‬وهذا ال يخل بمبدأ المساواة‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬فمبدأ المساواة‪ ‬يطبق بالنسبة للمرتفقين‬
‫الموجودين في نفس المركز‪ ‬وفي‪ ‬نفس الظروف‪ ،‬والذين تطبق عليهم نفس األنظمة القانونية‬
‫الخاصة باالستفادة‪ ‬من إحدى خدمات المرافق العمومية‪ ،‬كما أن مبدأ المساواة ال يتعارض مع‬
‫استفادة بعض الفئات االجتماعية من بعض المزايا دون غيرهم‪ ،‬وذلك بصفة استثنائية استنادا‬
‫‪ :‬إلى نصوص قانونية عامة ولغرض المصلحة العامة كما هو الشأن بالنسبة إلى‬
‫‪. ‬اإلعفاء من الرسوم القضائية بالنسبة للمتقاضين المعوزين •‬
‫‪.‬اإلعفاء من الرسوم الدراسية بالنسبة للطلبة غير الميسورين أو المتفوقين •‬
‫‪. ‬تخفيض رسوم النقل بالنسبة للطلبة •‬
‫‪ ...‬السماح للمتقاعدين باالنتفاع من بعض الخدمات مجانا •‬

‫‪:‬الفقرة الثالثة ‪ :‬مبدأ التكيف أو قابلية المرفق العام للتبديل والتغيير‬


‫بمقتضى هذا المبدأ يمكن للسلطة العامة التدخل في أي وقت لتعدل القواعد التي تحكم المرفق‪ ‬‬
‫حتى تكون مسايرة للظروف االقتصادية واالجتماعية المتطورة‪ k‬لما في ذلك من تحقيق‬
‫‪.‬للمصلحة العامة‬
‫فكلما تغيرت تلك الظروف أو ظهرت طريقة أفضل لزيادة كفاءة المرفق يمكن لإلدارة إجراء‬
‫ما تراه من تعديل في تنظيم المرفق‪ ،‬كأن تجعل إدارة المرفق عن طريق المؤسسية العمومية‬
‫‪، :‬بدال من طريقة االستغالل المباشر‪ ،‬أو أن تختار نظام شركة االقتصاد المختلط‬
‫ولها أن تفرض رسما على االنتفاع‪ ،‬أو أن تشدد‪ ‬في الشروط المتطلبة في االلتحاق‬
‫‪ .‬بالعمل‪ ‬في‪  ‬المرفق العمومي‬
‫فلإلدارة السلطة التقديرية وحقها في ذلك غير مقيد إال بشرط مراعاة المصلحة العامة‪ ،‬وال‬
‫يجوز ألحد االعتراض على ذلك سواء من المنتفعين بالمرفق أو العاملين فيه على أساس‬
‫‪.‬اكتساب حق مكتسب‪ ،‬فهذا الحق ثابت لإلدارة دون حاجة إلى النص عليه صراحة‬
‫فقد تقضي الظروف والمستجدات تعديل نظام الدراسة أونظام االمتحانات في كلية من‬
‫الكليات")‪ ،‬أو تعديل خط سير القطارات والحافالت‪ ،‬وبالنسبة للعاملين بالمرافق العامة فيمكن‬
‫وشروط عملهم‪ ،‬وإعادة تنظيم المرفق‪ ‬في‪  ‬كل وقت‪ Affectation ،‬تغيير تخصيصهم‬
‫وفي‪  ‬هذا اإلطار جاء في إحدى حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ‬
‫‪ 25‬يونيو ‪ 1998‬ما يلي ‪« :‬وحيث عقبت اإلدارة المطلوبة بأنه ال يمكن حرمانها من مراجعة‬
‫تسيير مرافقها تفاديا لتعطيل وشل حركتها وإعدام روح االبتكار والتجديد‪ ،‬وما دامت هي‬
‫المسؤولة على سيرها‪ ،‬فإن الوزير قد راعي بالضرورة األولى مصلحة المرفق دون أن يمس‬
‫مصلحة الطاعنة ما دام فـ احتفظ بإطارها وبالتالي ال تملك حق االعتراض على ذلك‬
‫‪.‬واإلدعاء بحق مكتسب‬
‫وبالنسبة للمنتفعين‪ ،‬فإنهم يتحملون التغييرات المنجزة من طرف السلطة المسؤولة على‬
‫المرفق‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بالمرافق العامة ذات الطبيعة التجارية والصناعية فرفع األسعار‬
‫ينطبق مباشرة على المنتفعين بالمرفق التجاري والصناعي بالرغم من ارتباطهم مع المرفق‬
‫‪.‬بعقد اشتراك‬
‫كما أن هذا المبدأ بعطي لإلدارة الحق في تغيير العقود اإلدارية بصفة منفردة دون موافقة‬
‫الطرف اآلخر‪ ،‬ويبقى لهذا األخير الحق في التعويض وفقا للنظريات التي تؤطر‪ ‬العقود‬
‫‪.‬اإلدارية‬
‫البد من اإلشارة في األخير أنه إذا كان أغلبية الفقهاء تنفق على المبادئ الثالثة التي تحكم‬
‫المرافق العامة أي ‪ :‬االستمرارية والمساواة والتكيف‪ ،‬إال أن هناك اتجاء آخر يضيف مبدأ‬
‫آخر هو مبدأ المجانية المتصل بمفهوم التضامن‪ ،‬إذ ال يتصور أن يؤدي األفراد ثمن األمن أو‬
‫‪ .‬إطفاء الحريق أو الدفاع الخارجي‬

You might also like