Professional Documents
Culture Documents
حــــول
المحاضر
المستشار /عايض سعد الجالي
محكمة االستئناف
1
املقدمة
يعد موضوع الوظيفة العامة من الموضوعات المهمة التي تحتل جانبًا مه ًما من
نظرا لما يشكله قطاع الموظفين من أهمية خاصة
الدراسات المتعلقة بالقانون اإلداري ً
في الدولة الحديثة ،ويحظى الموظف العام باهتمام كبير من المفكرين والباحثين ،وأن
األبحاث القانونية التي تناولت هذا الموضوع متنوعة ومتعددة باعتبار أن مرفق الخدمة
كثيرا ما تصل إلى القضاء لحسمها ،وليس أدل على ذلك
العامة مليء بالمشكالت التي ً
من العدد الكبير جدًا والمتزايد من القضايا المنظورة اليوم في البالد أمام الدوائر
اإلدارية بالمحكمة الكلية ومحكمة االستئناف ومحكمة التمييز.
مما يتطلب الرجوع لدراسة عدد من القوانين من أبرزها المرسوم بقانون رقم 15
لسنة 1979بشأن الخدمة المدنية ،والمرسوم بقانون رقم 20لسنة 1981بإنشاء دائرة
بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات اإلدارية ،هذا إضافةً إلى قرارات مجلس الخدمة
المدنية باعتباره الجهاز المهيمن والمشرف على شؤون الخدمة المدنية في البالد ،كما
أنه من األهمية بمكان الرجوع إلى أحكام القضاء اإلداري ومواكبتها ال سيما وأن هذا
القضاء ليس مجرد قضاء تطبيقي تقتصر مهمته على تطبيق نصوص قانونية مقننة
مقد ًما ،بل هو قضاء إنشائي خالق في الغالب يبتدع الحلول المناسبة المنبثقة من طبيعة
روابط القانون العام ،واحتياجات المرافق العامة ومقتضيات حسن سيرها ،ويسعى
إلى إيجاد التوازن والمواءمة بين ذلك وبين المصالح الفردية التي من بينها مصالح
الموظفين العموميين.
ومن تلك المواضيع المهمة موضوع محاضرة اليوم وهي (حقوق والتزامات الموظف
العام)
2
ولما كان الموظف العام له حقوق وعلية واجبات نظمها قانون الخدمة المدنية وال شك
في ان حقوق الموظف العام تتأثر في مجموعها تأثرا بأسلوب عمله ومدى اجتهاده
واقباله على علية ،اذ ال يعقل ان يتساوى الموظف النشيط مع الموظف المهمل.
وسوف نتناول موضوع المحاضرة من خالل ثالث مباحث على النحو التالي- :
3
املبحث األول
4
أثار موضوع تعريف الموظف العام الكثيرة من النقاش ،وتعددت اآلراء عند محاولة
تحديد ماهية الوظيفة العامة وتحديد العالقة التي تربط الموظف العام باإلرادة العامة،
فهل الموظف العام هو كل من يمارس وظيفةً عامة؟ فإذا كان األمر كذلك فما هو
تعريف الوظيفة العامة؟ أم أن الموظف العام هو كل من يتقاضى مرتبا ً من الدولة؟
فإذا كان األمر كذلك فما هو وضع العاملين في الدولة الذين ال يتقاضون منها مرتبًا
مثل العمد في مصر مثالً؟ ومن بين التساؤالت التي ُ
طرحت في هذا الجانب هل
الموظف العام هو من يشغل وظيفة دائمة؟ وهل يُعد من يشغل وظيفةً مؤقتة موظفا ً
عاماً؟
وبالرجوع إلى الفقه نجد أن البعض يعرف الموظف العام بأنه كل من يُعهد إليه بعمل
دائم يدخل ضمن كادر الوظائف الخاص بمرفق عام ،ويعرفه البعض اآلخر بأنه كل
شخص تعينه السلطة العامة ألداء خدمة في مرفق عام مباشر على قدر من الدوام،
سواء أكانت هذه السلطة العامة هي الحكومة المركزية أم إدارة محلية مستقلة أم
مؤسسة عامة ،ويعرفه آخرون تعريفًا واسعًا فيرون بأنه كل شخص يعمل في إحدى
مؤسسات الدولة ويمارس الوظيفة العامة عن طريق التعيين أو أي إجراء قانوني آخر.
والواقع أن محاولة إيجاد تعريف جامع مانع لكل من يحمل صفة الموظف العام ليس
باألمر السهل ،إذ يختلف مدلول الموظف العام من بلد إلى آخر باختالف التشريعات
الحاكمة للوظيفة العامة ،ليس هذا فحسب ،بل إن مدلول الموظف العام قد يختلف في
إطار البلد الواحد حسب مقصود كل فرع من فروع القانون ،وهذا ما نلمسه في دولة
الكويت التي يأخذ فيها القانون الجزائي بتعريف أوسع نطاقًا للموظف العام من القانون
اإلداري ،وهو ما يتفق مع أهداف القانون الجزائي التي تتغيا حماية مصالح المجتمع
من األضرار التي تلحق بها نتيجة ارتكاب األنشطة اإلجرامية ،ففي جرائم الرشوة
واستغالل النفوذ يوجد شرط مفترض مستقر عليه هو ضرورة أن يكون المرتشي
موظفًا عا ًما ،إال أنه طبقًا لنص المادة ( )43من القانون رقم 31لسنة 1970بتعديل
بعض أحكام قانون الجزاء يُعد في حكم الموظف العام كل من الموظفين المستخدمين
5
وعلى الرغم من الخالفات الفقهية والقضائية في تعريف الموظف العام ،فإنها – في
مجملها – متفقة على ضرورة توافر ثالثة شروط إلطالق وصف الموظف العام على
شخص معين فيما يلي بيانها-:
األصل في الموظف العام هو أنه يشغل وظيفةً دائمة ،والمقصود بذلك أن يكون
ضا أو وقتيًا بحكم طبيعته،
العمل ذاته دائ ًما والز ًما في المرفق العام ،فال يكون عار ً
وال يهم بعد ذلك إن كانت الوظيفة تعني أداء العمل بشكل يومي أو أسبوعي أو عدة
مرات في الشهر مادامت طبيعتها تقتضي ذلك.
6
والمستفاد من هذا األصل أن صفة الموظف العام ال تثبت إال لمن يشغل وظيفةً تتسم
بالدوام واالستمرار إلى أن تنتهي خدمته باالستقالة أو اإلحالة إلى التقاعد أو غيرها
من األسباب التي حددها القانون ،وعلى ضوء ذلك اطردت أحكام القضاء اإلداري
على أنه إذا كانت عالقة الشخص بالمرفق العام عالقةً عرضية أو غير مستقرة ،فال
يُعتبر موظفًا عا ًما ،ومثال ذلك العمال الذين تستعين بهم جهة اإلدارة بصفة مؤقتة
إلتمام عملية إحصاء السكان ،ومقاولو األشغال العامة ،ومتعهدو التوريد ،والمخرج
السينمائي الذي يتفق مع جهة اإلدارة على إخراج فيلم للتلفزيون ،وقد قضى في مصر
-تطبيقًا لما تقدم –-بعدم اعتبار قارئ السورة في المسجد قبل صالة الجمعة كل أسبوع
موظفًا عا ًما باعتبار أنه ال يخدم سوى لفترة قصيرة يكون بعدها في حل من جميع
االلتزامات التي تحكم الموظفين العموميين ،وال تثريب عليه في مزاولة أي عمل
خارجي آخر.
غير أن المشرع الكويتي خرج في المادة ( )12من قانون الخدمة المدنية على هذا
األصل حين جعل الوظائف العامة على نوعين -:وظائف دائمة ووظائف مؤقتة ،فلم
تقديرا
ً يعتبر استمرار الوظيفة شر ً
طا إلطالق صفة الموظف العام على شاغلها ،وذلك
منه إلى أن الدولة قد تلجأ إلى استخدام موظفين مؤقتين ألسباب مؤقتة كعدم وجود
العدد الكافي الذي تتوافر فيه شروط شغل بعض الوظائف الدائمة ،أو للرغبة في
االستفادة من بعض الخبرات األجنبية ،أو للرغبة في تحقيق التعاون الدولي.
يُشترط لثبوت صفة الموظف العام في الشخص أن يكون شغله للوظيفة العامة طبقًا
إلجراءات قانونية صحيحة ،وفي أغلب الدول نجد أن شغل الوظائف العامة يكون –
كأصل – بالتعيين ،إال أن ذلك ال يمنع من أن يكون شغل بعض الوظائف باالختيار
أو االنتخاب ،أو تلجأ الدولة إلى أسلوب التعاقد.
7
وقد بينت المادة ( )15من قانون الخدمة المدنية األدوات القانونية التي تُستخدم لشغل
الوظائف العامة ،فنصت على أن "يكون شغل الوظائف بالتعيين أو بالترقية أو بالنقل
أو بالندب ،ويكون التعيين بقرار من السلطة المختصة أو بطريق التعاقد فيما عدا
الوظائف القيادية فيكون التعيين فيها بمرسوم ،وال يكون تعيين غير الكويتيين إال بصفة
مؤقتة وبطريق التعاقد".
ويترتب على وجوب شغل الموظف العام وظيفته بأداة قانونية سليمة أن الموظف
الفعلي ال يُعتبر موظفًا عا ًما خاضعًا ألحكام قانون الخدمة المدنية ،وال يستفيد من
الحقوق والمزايا المقررة لوظيفته ،وللتوضيح فإن المقصود بالموظف الفعلي هو ذلك
الشخص الذي يباشر مهام الوظيفة العامة بقرار معيب دون إتباع الشروط واإلجراءات
التي يتطلبها القانون ،كأن تتم ترقية أحد الموظفين إلى وظيفة مدير إدارة ثم تقضي
المحكمة بإلغاء قرار الترقية مع ما يترتب عليه من آثار لتخطيه هو من أحق منه من
الموظفين ،وفي هذه الحالة فإن األصل هو بطالن الترقية مما يعني أن كافة التصرفات
التي اتخذها هذا الموظف وهو في وظيفة مدير إدارة بطالةً حت ًما ،إال أن القضاء
كثيرا ما تحصل
اإلداري ابتدع نظرية الموظف الفعلي لمعالجة مثل هذه الحاالت التي ً
من الناحية العملية ،واعترف – طبقا ً لهذه النظرية – بشرعية تصرفات الحاالت التي
كثيرا ما تحصل من الناحية العملية ،واعترف – طبقًا لهذه النظرية – بشرعية
ً
تصرفات الموظف الفعلي حمايةً للجمهور حسن النية الذي يعتمد على المظاهر
الخارجية في تعامله مع جهة اإلدارة ،فمن غير المتصور أن يطلب الجمهور من كل
موظف عام يؤدي عمله في الظروف المعتادة ما يثبت صحة شغله لوظيفته من الناحية
القانونية ،فطالما أنه قابع وراءه مكتبه في الجهة الحكومية ،فإنه يجب أن يحظى بثقة
الجمهور واطمئنانه لضمان سير المرفق العام بانتظام واطراد.
( )3أن يعمل الموظف العام في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون
العام
8
والمرفق العام هو كل مشروع تنشئه الدولة أو تشرف على إدارته ،ويعمل بانتظام
واطراد ،ويستعين بسلطات اإلدارة لتزويد الجمهور بالحاجات العامة التي تتطلبها ال
بقصد الربح بل بقصد المساهمة في صيانة النظام وخدمة المصالح العامة في الدولة.
وهذا الشرط طبيعي ومنطقي ،فالموظف العام يكون في خدمة الدولة أو أحد أشخاص
القانون العام دون أشخاص القانون الخاص ،ويترتب على ذلك عدم إسباغ وصف
الموظف العام على العاملين في المرافق الخاصة ولو كانت ذات نفع عام ،فالعاملين
في المدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة وجمعيات النفع العام جميعهم ال يمكن
اعتبارهم موظفين عموميين.
وفي هذا المعنى قضت محكمة التمييز بأن عضو مجلس األمة ال يُعتبر موظفًا عا ًما
ألنه ال يقوم بخدمات إدارية بل يعبر – عن طريق المجلس التشريعي الذي يضمه –
عن اإلرادة العامة لمأمة ،فيساهم في وضع القوانين وفي الرقابة السياسية على أعمال
السلطة التنفيية (الطعن رقم 153لسنة 1986تجاري جلسة .)1987/1/14
9
املبحث الثاني
10
يتمتع الموظف بحكم وظيفته بجملة من الحقوق أهمها حقه في المرتب ،وحقه في
العالوة ،وحقه في الترقية ،وحقه في اإلجازة ،إضافةً إلى حقه في المعاش التقاعدي
ومكافأة نهاية الخدمة ،وسوف نتناولها بشكل مفصل على النحو التالي- :
المرتب هو مبلغ من المال يحصل عليه الموظف من الدولة بصفة منتظمة لقاء
ما يؤديه من أعمال وظيفته ،وغالبا ً ما يُعد المرتب الدافع األساسي وراء السعي
للحصول على الوظيفة العامة ،ويُالحظ أن لفظ "المرتب" يُطلق على ما يتقاضاه
الموظف من مال ،في حين أن لفظ "المعاش" يُطلق على ما يتقاضاه المتقاعد من مال،
وتوخيًا للدقة يجب استعمال كل لفظ في موضعه الصحيح وعدم الخلط بينهما.
ويجب أن تكون المرتبات متساوية بالنسبة لمأعمال المتساوية ،فال يجوز أن
يختلف المرتب المدفوع لقاء ذات العمل إال كنتيجة الختالف مدة األقدمية أو الحالة
االجتماعية ،ما يجب أن تتسم مرتبات الموظفين بالكفاية تمكينًا لهم من مواجهة تكاليف
الحياة خاصةً وأن أغلب الموظفين يعتمدون على المرتب كوسيلة وحيدة لتحمل نفقات
المعيشة ،فاتصاف المرتب بالكفاية بما يسد حاجات الموظف يدفعه إلى اإلخالص في
أداء األعمال المنوطة به والتفرغ إليها تما ًما دون التفكير في السعي للحصول على
أعمال إضافية خارج أوقات العمل الرسمية.
وبالنسبة ألساس تحديد مقدار المرتب الذي يتقضاه الموظف ،فقد نصت المادة
( )16من قانون الخدمة المدنية على أن "تُحدد درجة التعيين والمرتب الذي يُمنح فيها
بمراعاة نوع الوظيفة ومستوى ونوع وندرة المؤهل أو الخبرة أو التدريب ،وكذلك
عدد سنوات الدراسة المقرر" ،ولمأسف الشديد فإن ما شهدته البالد في اآلونة األخيرة
– وال تزال – في موضوع زيادة مرتبات الموظفين أبعد ما يكون عن ذلك دونما
حاجة للخوض في التفاصيل.
11
وال يقتصر مفهوم المرتب على الراتب األساسي فقط ،ولكنه يشمل كذلك سائر
البدالت كبدل طبيعة العمل وبدل السكن وبدل المخاطر ،وكذا سائر المكافآت كالمكافأة
التشجيعية والعالوات كالعالوة االجتماعية ،وقد قضت محكمة التمييز بأن مرتب
الموظف يكون بما يشمله من عالوات ومكافآت بالوظيفة المعين عليها والتي يستقر
على ضوئها المركز الذاتي للموظف حسبما تحدده القوانين واللوائح المنظمة للوظيفة
(الطعن رقم 452لسنة 2025إداري جلسة .)2003/10/13
وإعماالً لقاعدة األجر مقابل العمل ،فإن استحقاق المرتب يكون مرتب ً
طا بقيام
العالقة الوظيفية بين الموظف والدولة ،ولذلك فقد نصت المادة ( )18من قانون الخدمة
المدنية على أن "يستحق الموظف مرتبه من تاريخ تسلمه العمل" ،وهو ما يعني أنه
ال يستحق مرتبه من تاريخ صدور قرار التعيين الذي يُعد من القرارات اإلدارية
المشروطة بتسلم العمل.
هذا وقد أحاط المشرع المرتب بالحماية ،فنص في المادة ( )20من قانون
الخدمة المدنية على عدم جواز الخصم منه أو الحجز عليه إال ألحد سببين هما -:الوفاء
لنفقة محكوم بها من القضاء ،أو الوفاء لما يكون مطلوبًا للحكومة بسبب يتعلق بأداء
صرف للموظف بغير وجه حق ،وال يجوز أن يتجاوز الخصم
الوظيفة أو باسترداد ما ُ
في هاتين الحالتين أكثر من نصف المرتب ،وتكون األولوية عند التزاحم لدين النفقة،
وعلى ذلك ال يجوز الخصم من المرتب أو الحجز عليه وفا ًء لثمن أرض اشتراها
الموظف من الحكومة ،أو سدادًا لقيمة رسوم التيار الكهربائي أو رسوم المكالمات
الهاتفية الدولية مثالً.
12
العالوة مبلغ من المال يُضاف إلى الراتب األساسي للموظف ،وهي في القانون الكويتي
على ثالثة أنواع -:عالوة دورية ،وعالوة تشجيعية ،وعالوة اجتماعية.
وهي عبارة عن مبلغ محدد من المال يستحقه الموظف دوريًا ويؤدي إلى زيادة راتبه
األساسي ،وتنص المادة ( )21من نظام الخدمة المدنية على استحقاق الموظف لهذه
العالوة في أول يناير أو أول يوليو التالي لمضي سنة من تاريخ التعيين أو تاريخ منح
العالوة الدورية السابقة.
ويستمد الموظف حقه في العالوة الدورية من القانون مباشرة ،ويُعتبر القرار الصادر
بمنحها مجرد قرار كاشف ال منشئ وال يجوز حرمان الموظف منها إال لسبب قانوني
كأن يحصل على تقرير كفاءة بدرجة ضعيف.
وهي عبارة عن مبلغ محدد من المال يُضاف إلى الراتب األساسي للموظف
تشجيعًا ومكافأة له على جهوده المتميزة التي أدت إلى حصوله على تقرير كفاءة
بدرجة ممتاز أو جيد جداً ،وفئة العالوة التشجيعية هي ذات فئة العالوة الدورية ،وتُمنح
في أي وقت بقرار من الوزير المختص بنا ًء على اقتراح لجنة شؤون الموظفين،
ويُالحظ أن منح هذه العالوة ال يؤثر في موعد استحقاق العالوة الدورية.
13
وهي عبارة عن مبلغ محدد من المال يُضاف إلى الراتب األساسي للموظف إلعانته
على مواجهة أعبائه االجتماعية وحالة الغالء السائدة في السوق ،والحقيقة أن قانون
الخدمة المدنية ونظامها لم يتحدثا عن هذا العالوة ،إال أنها رودت في جدول المرتبات
الملحق بالقانون ،وصدر بتنظيمها قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 1لسنة 1979
بشأن منح عالوة اجتماعية للموظفين في الجهات الحكومية.
وهذه العالوة تكون بمبلغ معين للموظف األعزب ،ومبلغ أعلى للموظف المتزوج
دينارا عن كل ولد حتى الولد السابع
ً حسب الدرجة الوظيفية ،إضافةً إلى مبلغ ()50
طبقًا للقانون رقم 19لسنة 2000بشأن دعم العمالة الوطنية.
من أبرز أمنيات الموظف وطموحاته أن تتم ترقيته خالل عمله الوظيفي،
والمقصود بالترقية انتقال الموظف من درجته المالية الحالية إلى درجة مالية أعلى
بقرار صادر من السلطة المختصة ،كأن ينتقل من الدرجة الثانية إلى الدرجة األولى،
كما يدخل في مفهوم الترقية كذلك تعيين الموظف في وظيفة تعلو بحكم طبيعتها
الوظيفة التي يشغلها في مدارج السلم الوظيفي واإلداري ولو لم يترتب على ذلك أية
زيادة في مرتبه ،فالقضاء اإلداري مستقر على أنه ولئن كانت قرارات الترقية التي
سا إلى ما يتعلق منها بتعيين الموظف في
أجاز القانون الطعن عليها تنصرف أسا ً
درجة أعلى من درجته ،إال أنه يسع في مدلولها وبمعناها األعم األوسع كل قرار من
شأنه أن يحقق للموظف أي تقدم أو تميز على غيره في مدارج السلم الوظيفي
واإلداري ،بما يتسع ذلك ليشمل قرار إسناد وظيفة للموظف تعلو وظيفته في نفس
14
االختصاص وإن لم يصاحب هذا اإلسناد نفع مادي ،وهو ما يُطلق عليه الترقية األدبية
(الطعن رقم 688لسنة 2002إداري جلسة .)2003/4/21
وننوه إلى أنه يجب عدم الخلط بين الترقية والتعيين ،فالترقية تصدق على تقلد
الموظف لوظيفة أعلى في مدارج السلم الوظيفي واإلداري الذي ينخرط فيه ،أما
التعيين فهو دخول الموظف الخدمة ألول مرة.
( )1أن تكون الترقية للدرجة التي تلي مباشرة الدرجة التي يشغلها الموظف ،وذلك
إلعطائه الفرصة في التدرج الوظيفي واكتساب الخبرات الالزمة ،ولتفادي قيام جهة
اإلدارة بمحاباة بعض الموظفين وإيصالهم إلى الدرجات العليا في وقت قصير دون
استحقاق أو جدارة.
( )2أن تتم الترقية ضمن درجات المجموعة النوعية التي ينتمي إليها الموظف حفاظا ً
على مبدأ التخصص ،والمجموعات النوعية الرئيسة – طبقا ً لنص المادة ( )12من
قانون الخدمة المدنية – أربع هي مجموعة الوظائف القيادية ،ومجموعة الوظائف
العامة ،ومجموعة الوظائف الحرفية ،إضافةً إلى مجموعة وظائف الخدمات.
( )3أن يكون الموظف على مستوى جيد من الكفاءة على األقل ،ولذلك نصت المادة
( ) 18من نظام الخدمة المدنية على حرمان الموظف الذي يحصل على تقرير نهائي
بدرجة ضعيف من أول ترقية تسحق له ،ويستمر هذا الحرمان إلى أن يقدم عنه رئيسه
تقريرا بأنه جيد على األقل.
ً المباشر
( )4أال يكون الموظف قد ُوقعت عليه إحدى العقوبات التأديبية ما لم تنقض المدد التي
حددها المشرع لذلك في نص المادة ( )68من نظام الخدمة المدنية.
( )5أال يكون الموظف موقوفًا عن العمل أو محاالً إلى التحقيق أو إلى المحاكمة
الجزائية في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو األمانة.
15
( )6أال يكون الموظف أميًا ،وهذا الشرط عليه المادة ( )17من المرسوم بقانون رقم
4لسنة 1981بشأن محو األمية.
والترقية نوعان - :ترقية باألقدمية وترقية باالختيار ،ويُالحظ أن شروط الترقية سالفة
البيان تسري على نوعيها دون تفرقة.
األصل في الترقية أن تكون باألقدمية ،وأن تتبع جهة اإلدارة فيها المبدأ العادل وهو
عدم جواز تخطي األحدث لمأقدم في الترقية ،وعليه فإنه وفقًا لنص المادة ( )23من
نظام الخدمة المدنية يُرقى الموظف باألقدمية في أول يناير أو أول يوليو التالي لمضي
سنة على بلوغه مرتبة آخر مربوط درجته ،وهي ترقية حتمية ألن الموظف يستحقها
بمجرد بقائه مدة سنة إضافةً إلى الحد األقصى الالزم للبقاء في الدرجة.
الترقية باالختيار وسيلة لمكافأة الموظف المجد والمبدع في ميدان عمله تمكنه
من الوصول إلى المراكز العليا في مجموعته دون حاجة إلى انتظار دوره بالترقية
عن طريق األقدمية ،وال جدال في أن الترقية باالختيار من المالئمات التي تترخص
فيها جهة اإلدارة حيث تتمتع في إجرائها بسلطة تقديرية ،ومن ثم فإنها ال تكون ملزمة
بترقية الموظف باالختيار ولو توافرت فيه كافة شروط الترقية ،وقد قضت محكمة
التمييز – تطبيقًا لذلك – بأن جهة اإلدارة تترخص في إجراء ترقية موظفيها في
16
الوقت الذي تقدره حسبما تسمح به ظروف الحال ومقتضيات المصلحة العامة وحاجة
العمل ،وال إلزام عليها بإجراء الترقية ولو توافرت في الموظف كافة الشروط المتطلبة
قرار سلبيًا مما يجوز الطعن فيه
ً قانونا ً لترقيته ،وال يُعد امتناع اإلدارة عن ترقيته
باإللغاء إال إذا ُوجد نص في قانون أو الئحة يلزمها بإجراء هذه الترقية في وقت محدد
(الطعن رقم 99لسنة 2006إداري جلسة .)2007/5/22
وإذا كان األصل في الترقية باالختيار أنها من المالئمات التي تترخص فيها
جهة اإلدارة ،إال أن مناط ذلك أن يكون تقديرها غير مشوب بإساءة استعمال السلطة
أو مخالفة القانون ،وأن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى
النتيجة التي انتهت إليها ،فإذا لم يقع األمر على هذا الوجه فسد االختيار وفسد بالتالي
القرار.
( )2أن يكون الموظف قد حصل في كل من السنتين األخيرتين على تقرير نهائي
بدرجة ممتاز.
( )3أن يكون الموظف قد أمضى المدة الالزمة كحد أدنى للبقاء في درجته.
( )4أال يكون الموظف قد ُرقي إلى درجته الحالية باالختيار ،وتُستثنى من ذلك الترقية
إلى الدرجتين (أ) و(ب) ألن الترقية إلى هاتين الدرجتين ال يتكون إال باالختيار.
وهناك شرط بديهي لم يُنص عليه إال أن ديوان الخدمة المدنية أصدر التعميم
رقم 5لسنة 1983بشأنه وهو ضرورة الحصول على موافقة كتابية من الموظف
الذي يُرشح للترقية باالختيار قبل صدور قرار الترقية ،إذ أنه ربما يفضل انتظار
17
ترقيته باألقدمية ال سيما عندما يكون موعد استحقاقه لها قد اقترب آخذًا باعتباره عدم
جواز ترقيته باالختيار مرتين متتاليتين.
-مراقب أو من في حكمه-:
-رئيس شعبة-:
-على أن تُضاف أربع سنوات فعلية لمدة الخبرة العملية لحملة الدبلوم التخصصي أو
ما يعادله ،أو الدورات التدريبية التي ال تقل مدتها عن سنتين بعد الثانوية العامة في
شغل تلك الوظائف.
18
( )1أن يكون إسناد الوظائف اإلشرافية بالندب لمدة سنة على األقل قبل التثبيت.
( )2أن يكون الموظف قد أمضى في ذات الجهة الحكومية أو الهيئة أو المؤسسة العامة
مدة سنتين ميالديتين كاملتين على األقل قبل ندبه ألي من الوظائف اإلشرافية.
( )3أن تكون الوظيفة معتمدة في الهيكل التنظيمي من قبل مجلس الخدمة المدنية".
وكثير ما تتوافر سائر الشروط السابقة في عدد من الموظفين ،فتقوم جهة اإلدارة بندب
أحدهم لشغل وظيفة إشرافية (مراقب مثالً) توطئةً لتثبيته فيها بعد مرور سنة ،إال أن
الموظفين اآلخرين قد يرون بأنهم أحق منه في شغل هذه الوظيفة مما يحدو بهم إلى
إقامة قضايا بطلب إلغاء القرار اإلداري فيما تضمنه من تخطيهم في الترقية ،فما هو
توجه القضاء اإلداري في مثل هذه القضايا؟
إذا ثبت للمحكمة أن المدعين والمطعون في ترقيته تتوافر فيهم الشروط العامة للترقية
باالختيار إضافةً إلى شروط شغل الوظيفة اإلشرافية المتنازع عليها ،فإنها عندئ ٍذ تطبق
عليهم قواعد المفاضلة بين المرشحين للترقية باالختيار الواردة في قرار مجلس الخدمة
المدنية رقم 18لسنة 2011الذي حل محل قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 37لسنة
اعتبارا من تاريخ .2011/9/21
ً 2006
وجدير بالذكر أن الحكم بإلغاء قرار الترقية قد يكون كامالً – وهو ما يُسمى باإللغاء
المجرد – وقد يكون نسبياً ،فاإللغاء الكامل يشمل كافة أجزاء القرار الذي يُعتبر كأنه
لم يكن ،بينما اإللغاء النسبي يقتصر على جزء من القرار هو ما تضمنه من تخطي،
وعندئذ يجوز لجهة اإلدارة اإلبقاء على ترقية من رقته من قبل بالقرار المطعون فيه
مع التزامها بترقية المحكوم له ،وإرجاع أقدميته في الترقية إلى تاريخ ذلك القرار،
ووضعه سابقًا على من تخطاه.
19
وأخي ًرا فإنه في حال صدور حكم بإلغاء قرار الترقية ،فما هو أثر هذا الحكم على
المبالغ المالية التي قبضها الموظف منذ ترقيته وحتى إبطالها؟
سبق وأن أجابت الجمعية العمومية للقسم االستشاري بمجلس الدولة المصري على
عرضت
هذا التساؤل في مبدأ جميل طبقته محكمة التمييز في إحدى القضايا التي ُ
عليها مؤخراً ،فقالت أنه في حال إلغاء ترقية الموظف يتعين التفرقة بين ما إذا كانت
الترقية الملغاة قد قامت على غش وقع من الموظف المرقى أو نتيجة سعي غير
مشروع منه أو نتيجة خطأ مادي ،وبين ما إذا كانت نتيجة خطأ في التقدير من اإلدارة،
فإذا كانت األولى فال جدال في جواز مطالبة المرقى بالفروق المالية التي قبضها بغير
وجه حق دفعًا لغشه وسوء قصده ،وتفويتًا لباطل مسعاه ،أو تصويبًا لواقع الخطأ
المادي ،أما إذا كانت الثانية فإن مقتضيات العادلة وموجباتها ترتب للموظف الذي
أُلغيت ترقيته الحق فيما قبضه من فروق مالية نتيجة الترقية الملغاة ،إذ ال شأن له فيما
صاحب تلك الترقية من خطأ في الفهم أو اختالف التقدير ،وذلك أسوة ً بحائز الشيء
حسن النية الذي يعطيه القانون الحق في جني ثمراته ولو ظهر فيما بعد أن الشيء
مستحق لسواه ،فضالً عن أن مثل هذا الموظف يكون في الغالب قد تهيأت أوضاعه
المعيشية واستقام معاشه وأسرته على أساس ما ناله من الترقية ،وليس بسائغ إلزامه
برد ما قبضه بحسن نية مقترنًا بإرجاع حالته إلى ما كانت عليه قبل الترقية ،وال غبن
على الخزانة العامة ما دام أن مثل هذا الموظف قد قام بعمل الوظيفة المرقى إليها،
ونض بمقتضياتها ،وتحمل التزاماتها ومظهرها طوال الفترة التي انقضت بين صدور
قرار الترقية وبين الحكم بإلغائها ،وغنمت الحكومة من جراء ذلك مما أداه لها من
سا على قاعدة الغنم بالغرم (الطعن رقم 31لسنة
خدمات في وظيفته المرقى إليها تأسي ً
2007إداري جلسة .)2011/2/8
يستقر حق الموظف في اإلجازة على أصل مؤداه أنه ال تكليف إال بمقدور ،ذلك أن
مواصلة الموظف لعمله دون انقطاع أو راحة أمر ال يستطيع تحمله ،فالنفس في
20
طبيعتها لها طاقة ،والقلوب تمل ،ورسولنا الكريم – صلى هللا عليه وآلة وسلم – يقول
"إن لنفسك عليك حقًا ،وإن لبدنك عليك حقًا ،وإن ألهلك عليك حقًا ،فأعط كل ذي حق
حقه".
وتطبيقا ً لذلك استقرت التشريعات اإلدارية المختلفة – ومن بينها التشريع الكويتي –
على منح الموظف عددًا من اإلجازات التي تمكنه من االنقطاع عن العمل دون
مساءلة ،وقد نصت المادة ( )35من نظام الخدمة المدنية على أربعة أنواع من
اإلجازات التي يجوز منحها للموظف هي -:اإلجازة الطارئة ،واإلجازة الدورية،
واإلجازة المرضية ،إضافةً إلى اإلجازات الخاصة بمرتب كامل أو مخفض أو بدون
مرتب ،وسنتناول كل نوع على حدة فيما يلي-:
وهي إجازة مقررة للموظف الذي يمر في حالة يُضطر معها إلى االنقطاع عن عمله
لظرف طارئ ألم به دون أن يتمكن من إخطار رؤسائه به مقد ًما.
وتكون اإلجازة الطارئة لمدة ال تزيد على أربعة أيام في السنة ،وال تتجاوز يو ًما واحدًا
في كل مرة ،وحتى ال يسيء الموظف استعمال هذه اإلجازة ويخرجها عن الهدف
الذي ُخصصت له ،فقد أوجبت المادة ( )36من نظام الخدمة المدنية عليه أن يقدم إلى
رئيسه – عقب عودته إلى عمله – بيانًا باألسباب اقتضت غيابه ،وتخضع هذه األسباب
لتقدير الرئيس المختص.
واإلجازة الطارئة ال يجوز تجميعها أو ترحيل الباقي منها إلى السنة التالية ،فيسقط
حق الموظف فيها بانتهاء السنة.
تُعد اإلجازة الدورية حقًا للموظف ،إال أن استخدامها ال يجوز أن يضر بمصلحة
العمل ،ولذلك ال يجوز للموظف القيام بهذه اإلجازة إال بعد موافقة جهة اإلدارة عليها،
21
ويجوز لجهة اإلدارة أن ترفضها إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك ،غير أنه ال يجوز
لها تأجيلها أو تقصيرها أو قطعها بعد القيام بها إال إذا كانت هناك أسباب تقتضيها
مصلحة العمل ،فمثالً يجوز لجهة اإلدارة أن تكلف الموظف بعمل ذي طابع رسمي
أثناء اإلجازة ،وعندئ ٍذ يُعتبر ذلك قطعًا لها على أن تُضاف له المدة التي قام خاللها
بالعمل إلى رصيد إجازته .وللموظف حق طلب اإلجازة الدورية في أي وقت ،فهو
الذي يقدر مدى حاجته لها.
وإذا لم يستعمل الموظف حقه في اإلجازة ،فله أن يحتفظ برصيده منها خالل خمس
سنوات باعتبار السنة الجارية واألربع سنوات السابقة عليها ،ويسقط ما يجاوز ذلك،
ويجوز لجهة اإلدارة أن تصرح له بأن ينتفع في سنة واحد بإجازة ال تزيد مدتها عن
تسعين يو ًما متى سمحت ظروف العمل بذلك.
وأخيرا فإن خدمة الموظف لدى الدولة قد تنتهي وال يزال له رصيد من إجازاته
ً
الدورية لم يتمتع به ،ففي هذه الحالة يستحق عنه بدالً نقديًا بما ال يزيد على تسعين
يو ًما محسوبًا على أساس آخر مرتب تقاضاه ،ويسقط ما زاد على ذلك.
قد يصيب الموظف مرض يمنعه من القيام بواجبات وظيفته ،وعندها يكون له
الحق في الراحة والحصول على إجازة مرضية لمدة الكافية لشفائه ،وتُعتبر هذه
اإلجازة لمصلحة كل من الموظف والجهاز اإلداري ،فالموظف له الحق في الراحة
22
والتغيب حتى يستعيد صحته ،كما أن الجهاز اإلداري من واجبه المحافظة على صحة
زمالء هذا الموظف وجمهور المتعاملين معه ال سيما في حالة إصابته بأحد األمراض
المعدية.
والحد األقصى لمدة اإلجازة المرضية حددته المادة ( )52من نظام الخدمة
المدنية بسنتين ،هذا وقد أصدر مجلس الخدمة المدنية قراره رقم 39لسنة 2006
بشأن مدد وقواعد وأحكام منح اإلجازة المرضية ،ويُالحظ أن هذا القرار تدرج في
اإلجازات المرضية – حسب الجهة الطبية المانحة لإلجازة وحسب خطورة مرض
الموظف – جاعالً إياها بمرتب كامل في بدايتها ،ثم بنصف مرتب ،ثم بربع مرتب،
وصوالً إلى جعلها بدون مرتب في نهايتها ،كما أجاز هذا القرار للموظف طلب تحويل
مدد اإلجازات المرضية المخفضة المرتب أو بدون مرتب إلى إجازة دورية في حدود
الرصيد المجمع له حتى بداية اإلجازة المرضية أيا ً كان مقداره.
23
اإلجازات الخاصة تُمنح للموظف ألسباب قدر القانون أهميتها ،وهي على
نوعين -:إجازات خاصة بمرتب كامل ،وإجازات خاصة بدون مرتب.
24
25
26
27
من حق الموظف على الدولة – وقد أفنى زهرة شبابه في خدمتها – أن تؤمن له في
أيام شيخوخته وعجزه ما يكفيه لمواجهة أعباء الحياة مع أسرته ،ويكون ذلك إما بمنحه
معا ً
شا تقاعديًا شهريًا يُصرف له حال حياته ثم ينتقل من بعده للمستحقين عنه ،أو
بمنحه مكافأة نهاية خدمة تُؤدى له شخصيًا أو للمستحقين عنه إذا حدثت وفاته أثناء
وجود في الخدمة.
واألحكام التفصيلية لكل ذلك نظمها القانون رقم 61لسنة 1976بإصدار قانون
التأمينات االجتماعية ،وهذا القانون يقتصر تطبيقه على الموظفين الكويتين ،أما
الموظفين غير الكويتيين فتنظم أحكام مكافأة نهاية الخدمة لهم العقود الخاصة المبرمة
معهم وفقًا لقرار مجلس الخدمة المدنية رقم 6لسنة 1979بشأن قواعد وأحكام التعيين
بصفة مؤقتة.
28
املبحث الثالث
29
إن الوظيفة العامة تكليف للقائمين بها قبل أن تكون حقًا لهم ،فليس القصد من التوظيف
هو إلحاق الموظف بعمل يرزق منه ،وإنما الهدف األصلي من ذلك هو إيجاد هيئة
تتولى تسيير مرافق الدولة وتنفذ أهدافها العامة في خدمة الشعب ،وبالتالي يتعين على
الموظف االلتزام بواجبات وظيفته التي تؤدي مخالفتها إلى إثارة مسؤوليته التأديبية،
بل والجزائية والمدنية في بعض األحيان.
ولقد حددت المواد من ( )24إلى ( )26من قانون الخدمة المدنية واجبات الموظف
مظهرا سلبيًا ،ويمكن القول بان
ً مظهرا إيجابيًا وبعضها اآلخر
ً العام التي يتخذ بعضها
أهم واجبات الموظف العام تتمثل في أداء العمل بدقة وأمانة ،وطاعة القانون
والرؤساء ،والمحافظة على كرامة الوظيفة ،إضافةً إلى االمتناع عن التصرفات
المحظورة بنص القانون ،وسوف نتاوله فيما يلي:
يجب أن يؤدي الموظف عمله بدقة وأمانة ،وأن يعامل المواطنين معاملةً الئقة،
وليس من شك في أن هذا الواجب يُعد من أهم الواجبات التي تحكم الوظيفة العامة،
وقد حثت عليه الشريعة اإلسالمية الغراء إذ جاء في الحديث الشريف "إن هللا يحب
إذا عمل أحدكم عمالً فليتقنه".
وينبني على هذا الواجب أن الموظف عليه أن يقوم بأداء العمل المنوط به
بنفسه ،و ال يفوض فيه غيره إال إذا أجاز القانون ذلك ،وأن يخصص وقت العمل
الرسمي ألداء واجبات وظيفته مع مالحظة أنه يجوز لجهة اإلدارة أن تكلفه بالعمل
في غير األوقات الرسمية إذا اقتضت ذلك مصلحة العمل أو طبيعة الوظيفة ،ويُعد
الموظف مرتكبًا لجريمة تأديبية إذا رفض هذا التكليف ،ويرى الدكتور /ماجد راغب
الحلو – بحق –التحفظ على هذه المسألة باعتبار أن الموظف ليس عبدًا لوظيفته ،وإنما
هو حر في التصرف في غير أوقات العمل الرسمية ما دام لم يتجاوز حدود
30
المشروعية ،وذلك لراحته وقضاء حوائجه ورعاية أسرته وممارسة حياته كإنسان،
ومن ثم يجب أال يُكلف الموظف بالعمل في غير األوقات الرسمية إال في حالة
الضرورة وبصفة مؤقتة ومقابل أجر إضافي عادل.
وليس للموظف أن يتغيب عن العمل بغير عذر مقبول ،أو أن يتأخر عن أوقاته
الرسمية ،أو أن يحاول التهرب من ساعات العمل بأية طريقة كانت كالخروج من مقر
العمل كلما سمحت له الفرصة ،وعليه أن يحافظ على ممتلكات الدولة ،وأن يتقيد في
إنفاق أموالها بما تفرضه األمانة والحرص ،كما يلتزم الموظف بمعاملة المواطنين
معاملة الئقة ،واألخذ بعين االعتبار أن الوظيفة ما هي إال خدمة وطنية.
والبد من التنويه إلى أنه يجوز لجهة اإلدارة نقل الموظف من جهة عمله إلى
عين
جهة حكومية أخرى دون أن يتمسك بأن له حق مكتسب في العمل في الجهة التي ُ
بها ألول مرة ،ذلك أن أحكام القضاء اإلداري مستقرة على أن النقل من األمور التي
تترخص في إجرائها جهة اإلدارة طالما استهدفت مصلحة العمل ووضع الرجل
المناسب في المكان المناسب ،وهي – في هذا النطاق – تتمتع بسلطتها التقديرية
الالزمة لحسن سير األعمال ،إال أن هذه السلطة ليست بال نهاية ،فمتى ما ثبت أن
قرار النقل ينطوي – في حقيقته – على عقوبة تأديبية مقنعة ،وأن جهة اإلدارة قصدت
االنتقام من الموظف واإلضرار به ،فإن القرار يكون مشوبًا بالبطالن.
يتعين على الموظف أن يطيع األحكام المنصوص عليها في القوانين واللوائح والنظم
المعمول بها ،وأن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة في حدود هذه األحكام،
فطاعة الرؤساء – الذين لهم أقدميتهم في الخدمة مما يجعلهم أكثر إدرا ًكا للعمل
وحاجاته – تُعتبر من أهم الواجبات التي تقع على عاتق الموظف ،وذلك فضالً عن
أن الرئيس هو المسؤول األول عن سير العمل في الوحدة التي يرأسها ،وبالتالي يجب
احترامه وطاعة أوامره المشروعة.
31
والحق أن واجب الطاعة يشكل العمل الفقري في األنظمة اإلدارية ،إذ أن تسرب الخلل
إليه يؤدي إلى الفوضى والشتات والتأثير سلبًا على سير المرافق العامة بانتظام
واطراد ،وال يعني ذلك أن تكون الطاعة عمياء كما هو الحال في السلك العسكري
الذي تختلف ظروف العمل فيه عن السلك المدني ،فالموظف يستطيع أن يناقش رئيسه
ويبدي له الرأي والنصح إذا لزم األمر ،ولكن عليه أن يسلك في ذلك مسل ًكا منطويًا
على توقير الرئيس واحترام ما يصدره من تعليمات وتوجيهات.
وقد قضت محكمة التمييز بأنه من واجبات شاغل وظيفة المسجل األول من األطباء
القيام باألعمال التي تُطلب منه وتُسند إليه من رؤسائه طبقًا لتخصصه ،فإذا ُكلف
بالمبيت في المستشفى خالل فترة تكليفه بالخفارة ،وجب عليه االلتزام بذلك طالما رأى
وتوفيرا للخدمات الطبية العالية للمرضى ،ومن
ً الرؤساء أن ذلك في مصلحة العمل،
ثم فإن التزام المذكور بالمبيت والتواجد في المستشفى طوال فترة الخفارة هو من
ضا إعماالً لنص المادة ( )3/24من
مقتضى أعمال الخفارة وفقًا لواجبات وظيفته ،وأي ً
المرسوم بقانون رقم 15لسنة 1979بشان الخدمة المدنية التي أوجبت على الموظف
أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر من رؤسائه في نطاق اختصاصه (الطعن رقم 206
لسنة 2004إداري جلسة .)2005/3/28
والسؤال الواجب طرحه هنا هو ما مدى جواز طاعة أوامر الرئيس غير المشروعة
قانونًا؟
فرق التشريع الكويتي بين حالتين -:حالة ما إذا كان األمر الرئاسي ينطوي على جريمة
َّ
جزائية وحالة ما إذا كان األمر الرئاسي ينطوي على جريمة تأديبية.
ففي الحالة األولى ال تجوز إطاعة األمر ،فقد قررت محكمة التمييز أن طاعة
المرؤوس لرئيسه – في حكم المادة ( )37من قانون الجزاء – ال تكون في أمر من
األمور التي يجرمها القانون ،ومن ثم فليس على المرؤوس أن يطيع األمر الصادر له
من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه (الطعن رقم 288لسنة 1989
32
أما في الحالة الثانية ،فإن المادة ( )2/27من قانون الخدمة المدنية تنص على أنه
"يُعفى الموظف إذا ثبت أن ارتكابه المخالفة كان تنفيذًا ألمر كتابي صدر إليه من
رئيسه بالرغم من تنبيهه إلى المخالفة ،وفي هذه الحالة تكون المسؤولية على مصدر
األمر وحده" ،والجدير بالذكر أن المشرع الكويتي لم يشترط أن يكون التنبيه إلى
المخالفة كتابةً كما فعل المشرع المصري ،وهو اتجاه محمود – في رأي الباحث –
لما فيه من تسهيل على الموظف ورفع الحرج عنه.
يجب أن يسلك الموظف في تصرفاته مسل ًكا يتفق واالحترام الواجب لوظيفته،
وأن ينأى بنفسه عن إتيان كل ما يمس كرامتها من تصرفات ،وإذا كان المشرع يتطلب
عند التعيين في الوظيفة العامة توافر شرط حسن السمعة ،فإنه يتطلب استمرار هذا
الشرط بشكل مالزم للموظف طوال سنين خدمته ،فالوظيفة العامة ال يتوالها الشخص
إال ومعه طيب السيرة وحسن الخصال ،والموظف مطالب دائ ًما بالحرص على اعتبار
الوظيفة التي ينتمي إليها حتى ولو كان بعيدًا عن نطاق أعمالها ،فال يجوز للطبيب أن
يعطي وصفةً ألحد األشخاص تمكنه من الحصول على المواد المخدرة أو المؤثرة
عقليًا المحظورة قانونًا ،وال يجوز للمدرس أن يكون عالقة غير أخالقية مع زميلة له،
ويُعد من قبيل السلوك الشائن اإلفراط في الشراب ،وكذلك اإلفراط في االستدانة،
ومخالطة المشبوهين ذوي السمعة السيئة.
وأحكام القضاء اإلداري متواترة على أن مفهوم المخالفة التأديبية ال يقتصر على مجرد
اإلخالل بالواجب الوظيفي ،بل إنه يمتد ليشمل حق التصرفات التي تقع خارج نطاق
العمل إذا انعكست عليه ،فالموظف ملزم بأن يسلك السلوك القويم سواء داخل مقر
عمله أو خارجه ،ومع ذلك فإنه يجب عدم المغاالة في فرض القيود على حرية
الموظف وتوجيه سلوكه خارج نطاق الوظيفة ،إذ األصل أن يسترد الموظف حريته
33
بعد انتهاء فترة عمله الرسمي ،ولذلك ال يجوز لجهة اإلدارة أن تحاسبه على تصرفاته
بعد هذه الفترة إال إذا كانت تنعكس حقًا وبصورة واضحة على وظيفته.
حظر قانون الخدمة المدنية على الموظف إتيان عدد من التصرفات ألنه يرى
تعارضها مع الوظيفة العامة ،وأنها تؤدي إلى توزيع نشاط الموظف وجهده بين أكثر
من عمل على الرغم من أنه يجب أن يوجه كل طاقته نحو أداء وظيفته ،وفيما يلي
نبين أبرز هذه المحظورات- :
( )1ال يجوز للموظف أن يشتري أو يستأجر – بالذات أو بالواسطة – عقارات أو
منقوالت من الجهة الحكومية التي يؤدي فيها أعمال وظيفته ،كما يُحظر عليه أن يبيع
أو يؤجر لها شيئًا من ذلك.
( )2ال يجوز للموظف أن تكون له مصلحة – بالذات أو بالواسطة – في أعمال أو
مقاوالت أو مناقصات أو عقود تتصل بأعمال أية جهة حكومية.
( )3ال يجوز للموظف أن يؤدي أعماالً للغير بمرتب أو بمكافأة أو بدونها – ولو في
غير أوقات العمل الرسمية – إال بإذن كتابي من الوزير ،ومع ذلك يجوز له أن يتولى
القوامة أو الوصاية أو الوكالة عن الغائبين ممن تربطه بهم صلة قربى أو نسب حتى
الدرجة الرابعة ،على أن يخطر الموظف الجهة التابع لها بذلك.
( ) 4ال يجوز للموظف أن يستغل وظيفته ألي غرض كان أو أن يتوسط ألحد أو أن
يوسط أحدًا في شأن من شؤون وظيفته.
( )5ال يجوز للموظف أن يدلي بأية معلومات عن األعمال التي ينبغي أن تظل سرية
بطبيعتها أو وفقًا لتعليمات خاصة ،أو أن ينشر ذلك بأية وسيلة إال بإذن كتابي من
الوزير ،ويُالحظ أن هذا الحظر يستمر حتى بعد انتهاء خدمة الموظف.
34
( )6ال يجوز للموظف أن يحتفظ لنفسه بأصول أية وثائق رسمية أو صورة منها كانت
أو أوراقًا أو شرائط تسجيل أو أفال ًما أو غيرها مما يتعلق بالجهة التي يعمل بها ،ولو
كانت خاصة يعمل ُكلف به شخصيًا.
( )7ال يجوز للموظف أن يزاول األعمال التجارية أو الصناعية أو المهنية ،وذلك فيما
عدا الحاالت التي يحددها مجلس الخدمة المدنية.
ومن األهمية بمكان اإلشارة إلى أن مبدأ "ال جريمة وال عقوبة إال بنص" الشهير في
القانون الجزائي ال يسري على القانون اإلداري ،وإنما يسري عليه مبدأ "ال عقوبة إال
حصرا للمخالفات اإلدارية ،ولكنه
ً بنص" ،وهو ما يعني أن القانون اإلداري لم يضع
نص على بعضها فقط تار ًكا المجال لجهة اإلدارة لتقدير ما عداها من تصرفات ،وما
إذا كانت تنطوي على مخالفة إدارية من عدمه ،أما العقوبات فهي محددة – طبقًا لنص
المادة ( )28من قانون الخدمة المدنية – بخمس عقوبات فقط ال يجوز توقيع غيرها
على الموظفين وهي-:
( )1اإلنذار.
( )2الخصم من المرتب لمدة ال تزيد عن خمسة عشر يو ًما في المرة الواحدة ،وال
تجاوز تسعين يو ًما خالل السنة.
( )3تخفيض المرتب الشهري مقدار الربع لمدة ال تقل عن ثالثة أشهر ،وال تجاوز
شهرا عن المخالفة الواحدة.
ً اثني عشر
( )4خفض الدرجة إلى الدرجة األدنى مباشرة ،ويحدد القرار الصادر بتوقيع العقوبة
األقدمية في هذه الدرجة ومرتب الموظف فيها.
وبالنسبة لشاغلي مجموعة الوظائف القيادية ،فال توقع عليهم سوى إحدى ثالث
عقوبات هي-:
( )2اللوم.
والبد أن توقع جهة اإلدارة عقوبة مالئمة على الموظف الذي يرتكب مخالفةً إدارية،
فإذا كان ثمة غلو في التقدير ،فإن ذلك يُعد انتها ًكا لمبدأ ضرورة مناسبة العقوبة لمدى
جسامة المخالفة ،ومن ثم يخرج القرار المتضمن للجزاء التأديبي من نطاق المشروعية
إلى نطاق غير المشروعية ،ويصبح عرضةً لإللغاء.
وفي الختام أتقدم بالشكر الجزيل إلى القائمين على معهد الكويت للدراسات القضائية
والقانونية إلتاحة هذه الفرصة لي ،وهللا أسأل أن يكون هذا البحث نافعًا لكل يطلع
عليه ،فإن كنت قد أصبت فمن هللا ،وإن كنت قد أخطأت فمن نفسي والشيطان ،والحمد
هلل رب العالمين.
محكمة االستئناف
36