Professional Documents
Culture Documents
ﺗﺎرﯾﺦ ﺗﺳﻠﯾم اﻟﺑﺣث ٢٠٠٨/١١/٢ :؛ ﺗﺎرﯾﺦ ﻗﺑول اﻟﻧﺷر ٢٠٠٩/١/٢٢ :
Abstract:
This research deals with the problem of (increasing structure and
its significance on the increasing of meaning), and the relation between
the expression and meaning. It also deals with the disagreement between
the opponents and proponents of the relationship between sound and
١٧٨
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
used in present tense, and a presentation of the different points of view in
) in one text rather than theﺳـوف( ) and notاﻟﺳـﯾن( interpreting the use of
other this would be after the grammatical and semantic clarification of
how to use these two particles in different constructions and presenting
the views of old linguists who deal with these two particles. The
researcher presents all these through critical reading for clarifying
thoughts and limiting meanings and concepts in order to clarify the
problem and solve it with proofs.
اﻟﻣﻘدﻣﺔ :
ﻟﻘد ﺷﻐﻠت ﻗﺿﯾﺔ اﻟﻠﻔظ واﻟﻣﻌﻧﻰ ﺣﯾ از واﺿﺣﺎ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ واﻷدﺑﯾـﺔ ﻋﻠـﻰ ﺣـد ﺳـواء؛
ﻻن اﻟﻠﻐــﺔ ﻫــﻲ :أﺻ ـوات ﯾﻌﺑــر ﺑﻬــﺎ ﻛــل ﻗــوم ﻋــن أﻏ ارﺿــﻬم) ،(١ﻓﻧﺎﻗﺷ ـوا ﺟﻣﯾﻌــﺎ اﻟﻌﻼﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻠﻔــظ
واﻟﻣﻌﻧﻰ ،وﻛﯾف وﺿﻌت اﻷﻟﻔﺎظ؟ واﻧﻘﺳﻣت اﻟﻠﻐﺔ اﻷم إﻟـﻰ ﻓﺻـﺎﺋل وﺷـﻌب وﻋﻼﻗـﺔ اﻟﻠﻐـﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘـل؟،
ﺗﺧﺻﺻــت اﻷﻟﻔــﺎظ إزاء ﻣﻌﺎﻧﯾﻬــﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾــﺔ واﻟﻣﺟﺎزﯾــﺔ؟ وأﯾﻬﻣــﺎ ّ وﻛﯾــف ارﺗــﺑط اﻟــدال ﺑﺎﻟﻣــدﻟول؟ وﻛﯾــف
اﺷ ــرف اﻟﻠﻔ ــظ أم اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ؟ وﻫ ــل ﻫﻧ ــﺎك ﻋﻼﻗ ــﺔ ﻋﻘﻠﯾ ــﺔ ﺑ ــﯾن اﻷﻟﻔ ــﺎظ وﻣﻌﺎﻧﯾﻬ ــﺎ أم أﻧﻬ ــﺎ ﻣﺟ ــرد رﻣ ــوز
اﻋﺗﺑﺎطﯾــﺔ ﻟــم ﯾﻠﺗﻔــت اﻟواﺿــﻊ إﻟــﻰ ﻋﻼﻗﺗﻬــﺎ ﺑﺎﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ اﻟداﻟــﺔ ﻋﻠﯾﻬــﺎ؟ ...واﻟﻛﺛﯾــر ﻣــن اﻟﻣﻧﺎﻗﺷــﺎت اﻟﺗــﻲ
ﺟﻌﻠت اﻷﺳﺗﺎذ ﺗﻣﺎم ﺣﺳﺎن ﯾﻘول ﺑﺎن ":ﻛل دراﺳﺔ ﻟﻐوﯾـﺔ ﻻ ﺑـد أن ﯾﻛـون ﻣوﺿـوﻋﻬﺎ اﻷول واﻷﺧﯾـر
ﻫو اﻟﻣﻌﻧﻰ ،وﻛﯾﻔﯾﺔ ارﺗﺑﺎطﻪ ﺑﺄﺷﻛﺎل اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ،ﻓﺎﻻرﺗﺑﺎط ﺑﯾن اﻟﺷﻛل واﻟوظﯾﻔـﺔ ﻫـو اﻟﻠﻐـﺔ...
وﻫــو ﺻــﻠﺔ اﻟﻣﺑﻧــﻰ ﺑــﺎﻟﻣﻌﻧﻰ") ،(٢وﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟﺿــﺧﺎﻣﺔ ﻫــذا اﻟﻣوﺿــوع وﻛوﻧــﻪ ﯾﺷـ ّﻛل اﻟﻌﻣــود اﻟﻔﻘــري ﻟﻛــل
دراﺳﺔ ﻟﻐوﯾﺔ ﺳﻧﺗوﻗف ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻋﻠﻰ ﺟزﺋﯾﺔ ﺻﻐﯾرة ﻣﻧﻪ إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗرﺗﺑط ارﺗﺑﺎطﺎ وﺛﯾﻘﺎ ﺑﻛل ﻫذﻩ
اﻟﺗﺳ ــﺎؤﻻت ،وﺗﺣ ـ ّـرك ﺟواﻧ ــب ﻫ ــذﻩ اﻟﻣوﺿ ــوﻋﺎت ﺷ ــﺋﻧﺎ أم أﺑﯾﻧ ــﺎ ،أﻻ وﻫ ــﻲ)إﺷـــﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾـــﺎدة اﻟﻣﺑﻧـــﻰ
ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ(.
١٧٩
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
ﻓﻘـد ﺷـﺎﻋت ﻓـﻲ اﻟد ارﺳـﺎت اﻟﻠﻐوﯾــﺔ ﻗـدﯾﻣﺎ وﺣـدﯾﺛﺎ ﺟﻣـﻊ ﻣــن اﻷﺳـس اﻟﻌﺎﻣـﺔ واﻟﺧﺎﺻـﺔ وﺿــﻌﻬﺎ
ﻟﻐوﯾ ــون ﺑﺣﺛـ ـوا اﻟﻣ ــﺎدة اﻟﻣﺳ ــﺗﻘرأة درﺳ ــﺎ وﺗﺣﻠ ــﯾﻼ وﺑﻧ ــﺎء ،ﻣﺣ ــﺎوﻟﯾن ﻣ ــن ذﻟ ــك ﻛﻠ ــﻪ ﺿ ــﺑط اﻟﻣﻔ ــردات
وﻣــدﻟوﻻﺗﻬﺎ ،ﺣﺎﺻ ـرﯾن ﻟﻬــﺎ ﺿــﻣن ﻓﻛ ـرة ﻣوﺣــدة ﺟﺎﻣﻌــﺔ ،وﻣــن ﺗﻠــك اﻷﺳــس اﻟﻌﺎﻣــﺔ اﻟﻣﺷــﻬورة ظــﺎﻫرة
ﻟﻐوﯾﺔ ﺳﻣﯾت)زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬـﺎ ﻋﻠـﻰ زﯾـﺎدة اﻟﻣﻌﻧـﻰ( اﻟﺗـﻲ اﺳـﺗدﻋﺗﻬﺎ طﺑﯾﻌـﺔ ﺑﺣـوﺛﻬم اﻟﻣﻌﺗﻘـدة
وﻓﺳـرﻫﺎ
ﺑوﺟود ﻋﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻠﻔظ واﻟﻣﻌﻧﻰ ،واﻟﺗﻲ ﺗذوﻗﻬﺎ اﻟﻠﻐوﯾون اﻷواﺋل ﻓﻲ ﺟﻣﻌﻬم ﻟﻛـﻼم اﻟﻌـربّ ،
ﺑﻌض اﻟﻣﻧظرﯾن ﻣن ﺑﻌـدﻫم ﺑﺗﻔﺳـﯾرات ﻣـﺎ ﺗـزال -ﻓـﻲ ظﻧـﻲ -ﻣﺣﺗﺎﺟـﺔ إﻟـﻰ ﺿـﺑط ﻣواردﻫـﺎ وﺣﺻـر
ﺻــورﻫﺎ ،ﻻن ﻛﺛﯾ ـ ار ﻣﻣــﺎ ﻻ ﯾــدﺧل ﺗﺣــت ﻫــذا اﻷﺳــﺎس اﻟﻌــﺎم ﻗــد ﯾﻌـ ّـد وﻫﻣــﺎ ﻣﻧﻬ ـﺎ ،وﻟــذا ﻓــﺎن اﻷﻣــر
ﻣﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻧظرﯾﺔ ﺗرﺻد اﻟﺻور اﻟﻣﺗﻌددة واﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺛم ﺗﺑﻧـﻲ اﻟﻘواﻋـد اﻟﻣﺗﺣﻛﻣـﺔ ﻓـﻲ إدﺧـﺎل اﻟـداﺧل
ﺑد ﻣن ﺗﻘﺳﯾﻣﻪ إﻟﻰ اﻟﻣطﺎﻟب اﻵﺗﯾﺔ:
ٕواﺧراج ﻏﯾرﻩ .وﻟﺑﺣث اﻟﻣوﺿوع ﺑﺣﺛﺎ داﻻ ﻋﻣﯾﻘﺎ ﻻ ّ
) (١اﻟﻛﺗﺎب ،٢١٨ -٢١٧ /٢ :وﯾﻧظر اﻟﺧﺻﺎﺋص ،١٥٣ /٢ :اﻟﻣﺧﺻص -اﺑن ﺳﯾدﻩ.١٣٨ /١٤ :
) (٢اﻟﺧﺻﺎﺋص ،٢٧٧ /٢ :وﯾﻧظر ﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ ذﻟك.٢٦٥ /٣ ،٢٤١ ،١٥٦ -١٥٢ ،١٤٦ /٢ :
١٨٠
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
أﻻ ﺗ ـراﻫم ﻗــﺎﻟوا :ﻗﺿــم ﻓــﻲ اﻟﯾــﺎﺑس وﺧﺿــم ﻓــﻲ اﻟرطــب") ،(١ﻓﺎﻷﺻ ـوات ﻋﻧــدﻩ ﺗﺎﺑﻌــﺔ ﻟﻠﻣﻌــﺎﻧﻲ ﻣﺗــﻰ
ﻗوﯾت اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻗوﯾت اﻷﻟﻔﺎظ وﻣﺗﻰ ﺿﻌﻔت اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﺿﻌﻔت اﻷﻟﻔﺎظ.
وﯾﺳﺗﻣر ﻫذا اﻟﻧﻬﺞ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث اﻟﻠﻐوي اﻟﻘدﯾم ﺣﺗﻰ ﺑدء اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﯾﺷﯾﻊ اﻟرأي
اﻟﻣﺗﻘــﺎطﻊ ﻣﻌــﻪ واﻟﻣﻌﺗﻘــد ﺑــﺎن ﻻ ﻋﻼﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻠﻔــظ واﻟﻣﻌﻧــﻰ ،وان اﻷﺻ ـوات ﻣﺟـ ّـرد رﻣــوز اﻋﺗﺑﺎطﯾــﺔ
دﻟت ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟوﺿﻊ ﻣن دون اﻻرﺗﺑﺎط ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﺎﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺳﺎﺋد ﻫو إﻧﻛﺎر ﻫذﻩ
ﻋﺎﻣــﺔ ﻣــﻊ إﻋطــﺎء اﻟﯾــد ﺑوﺟــود ﻋــدد ﺿــﺋﯾل ﻣــن اﻟﻛﻠﻣــﺎت ﺗظﻬــر ﻓﯾﻬــﺎ ﻫــذﻩ
اﻟﺻــﻠﺔ ﻓــﻲ أﻟﻔــﺎظ اﻟﻠﻐــﺔ ّ
اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﺑﺷﻛل أو ﺑﺂﺧر).(٢
واﻟذي أرﯾد اﻟﺗوﻗف ﻋﻧدﻩ ﺑﯾن ﻫذﯾن اﻟﻣذﻫﺑﯾن اﻟﻣﺗﺑﺎﻋدﯾن ﺑﺄﺷد ﻣﺎ ﯾﻛون ﻓﯾﻪ اﻟﺗﺑﺎﻋـد ،ﺧﺎﺻـﺔ
ﻧدرس طﻠﺑﺗﻧﺎ ﻛﺗﺑﺎ ﻟﻐوﯾﺔ ﻗدﯾﻣﺔ ﺗﻌطﻲ اﻻﻫﺗﻣﺎم ﻟﻠﻣذﻫب اﻷول وﻧﺗﻧﺎﻗض ﻣﻊ أﻧﻔﺳﻧﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﻧﻠﻘﻲ
أﻧﻧﺎ ّ
ﻋﻠﯾﻬم ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺣدﯾث ﺗؤﯾد اﻟﻣذﻫب اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﺑﺎﻟﻘول:
-١إن ﻫﻧــﺎك ﻓرﻗــﺎ دﻗﯾﻘــﺎ ﺑــﯾن اﻻﻋﺗﻘــﺎد ﺑوﺟــود ﻋﻼﻗــﺔ وﻣﻧﺎﺳــﺑﺔ وﺿــﻌﯾﺔ ﺑــﯾن اﻟﻠﻔــظ واﻟﻣﻌﻧــﻰ
واﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻠﻔظ واﻟﻣﻌﻧﻰ ،واﻏﻠب ﻣن درس ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﻟم ﯾﺗوﻗف ﻋﻧد ﻫذﻩ
اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋدم اطﻼﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺑﺎﺣـث)ﻋﻠم اﻟوﺿـﻊ( اﻟـذي ﻛـﺎن ﻣﻧﻬﺟـﺎ ﻣﻘـر ار ﻓـﻲ اﻟـدرس اﻟﻠﻐـوي
اﻟﻘدﯾم ،واﻟﻔرق ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ أن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻠﻔظ واﻟﻣﻌﻧﻰ إن ﻛﺎﻧت وﺿﻌﯾﺔ ﻓﻼ ﺑﺎس ﻣن اﻟﻘول ﺑﻬـﺎ ،أي
أن اﻟواﺿـﻊ)اﷲ أو اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ( ﻋﻧـدﻣﺎ وﺿــﻊ اﻷﻟﻔـﺎظ ﻟﺗــد ّل ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ ﻻﺣـظ ﻣﻧﺎﺳــﺑﺔ ﺑـﯾن اﻟﻣﻌﻧــﻰ
اﻟﻘوي واﻷﺻوات اﻟﻘوﯾﺔ واﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﺿﻌﯾف واﻷﺻوات اﻟﺿﻌﯾﻔﺔ ،وﻫﻲ أﺷﺑﻪ ﻣﺎ ﺗﻛون ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ وﺿﻊ
اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت اﻟﯾوم ،ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﻧﺗﺧب ﻣن اﻟﻣﻌﺟم اﻟﻠﻔظ اﻟذي ﻧرى وزﻧﻪ وﺻﯾﻐﺗﻪ وأﺻواﺗﻪ وﻣﻌﻧﺎﻩ أﻛﺛـر
ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻣن ﻏﯾرﻩ ﻟﯾﻛون ﻟﻔظﺎ داﻻ إزاء اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻻﺻـطﻼﺣﻲ ،واﻟﻔـرق ﺑـﯾن اﻟﻌﻣﻠﯾﺗـﯾن أن ﻓـﻲ ﻋﻣﻠﯾـﺔ
اﻟوﺿــﻊ اﻻﺻــطﻼﺣﻲ ﺗﻛــون اﻟﻠﻔظــﺔ اﻟﻣﻧﺗﻘــﺎة ﻟﻬــﺎ ﻣﻌﻧــﻰ أﺻــﻠﻲ ﻓــﻲ ﺣــﯾن ﺗﻛــون اﻟﻠﻔظــﺔ ﻓــﻲ ﻋﻣﻠﯾــﺔ
اﻟوﺿﻊ اﻷوﻟﻰ ﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻗﺑـل ﻋﻣﻠﯾـﺔ اﻟوﺿـﻊ ،ﺛـم ﯾﺿـﻊ اﻟواﺿـﻊ اﻟﻠﻔظـﺔ اﻟﺗـﻲ ﯾ ارﻫـﺎ ﺗﺗﻧـﺎﻏم
ﻣوﺳ ــﯾﻘﯾﺎ ﻣ ــﻊ اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ اﻟﻣ ــدﻟول ﻋﻠﯾ ــﻪ ،وﺑﻣ ــﺎ أن اﷲ ﺗﻌ ــﺎﻟﻰ ﺣﻛ ــﯾم ﻋﻠ ــﻰ اﻟﻘ ــول ﺑﺄﻧ ــﻪ واﺿ ــﻊ اﻟﻠﻐ ــﺔ ،
واﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ اﻹﻧﺳــﺎﻧﻲ ﻋﺎﻗــل ﻓــﻼ ﯾﺑﻌــد اﻧــﻪ ﻗــد ارﻋــﻰ وﺟــود ﻋﻼﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ واﻟــدوال ﻋﻠﯾﻬــﺎٕ ،واﻧﻣــﺎ
ﺗﻐﯾب ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋواﻣل اﻟزﻣن اﻟﺑﻌﯾدة ﺑﯾن اﻟوﺿﻊ واﻟدرس اﻟﻠﻐوي أو ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺿﻌف
اﻟدارس ﻓﻲ اﺳﺗﻛﻧﺎﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟدال واﻟﻣدﻟول ،وﻫذا اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑوﺟود اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟوﺿـﻌﯾﺔ ذﻛـرﻩ اﺑـن
) (١م .ن ،٦٥ /١ :وﯾﻧظر اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻬﺟﯾﺔ واﻟﺻوﺗﯾﺔ ﻋﻧد اﺑن ﺟﻧﻲ -اﻟﻧﻌﯾﻣﻲ.٢٩١ -٢٧٧ :
) (٢دﻻﻟﺔ اﻷﻟﻔﺎظ -أﻧﯾس ،٧١ :دور اﻟﻛﻠﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ -اوﻟﻣﺎن ،٢٣ :اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻧطق اﻟﻌﻘﻠﻲ
واﻻﻋﺗﺑﺎط -ﺳﻠﻣﺎن /ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺟﻣﻊ اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻌراﻗﻲ ،اﻟﻣﺟﻠد ،٣٧اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ.١٧١ -١٦٨ :١٩٨٦ ،
١٨١
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
١٨٢
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
اﻧﺗﺧــﺎب اﻷﺻـوات اﻟﻣﻧﺎﺳــﺑﺔ إزاء ﻣﻌﺎﻧﯾﻬــﺎ اﻟﻣـراد اﻟﺗﻌﺑﯾــر ﻋﻧﻬــﺎ؟ ،وﻣﻣــﺎ ﯾوﺿــﺢ دور اﻟواﺿــﻊ اﻟﻌﻘﻠــﻲ
واﻫﺗﻣﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺎت ظواﻫر اﻹﻋـراب واﻻﺷـﺗﻘﺎق واﻟﺣـذف واﻟﺗﺿـﻌﯾف واﻹﺑـدال...اﻟﺦ ،اﻟﺗـﻲ ﺗﺟـري
ﻋﻠــﻰ ﺳــﻧن واﺣــد وﻗــﺎﻧون ﻣطــرد ،ﻣﻣــﺎ ﯾ ـدل ﻋﻠــﻰ وﺟــود اﻟﺗﻔﻛﯾــر اﻟﻌﻘﻠــﻲ اﻟﻣــﻧظم ﻓــﻲ ﻋﻣﻠﯾــﺔ اﻟوﺿــﻊ
اﻟﻠﻐوي.
اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ :زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ -ﺗﺄﺳﯾس وﻣﻔﮭوم
ﯾﻘوم ﻫذا اﻷﺳﺎس اﻟﻠﻐوي ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة ﻣﻔﺎدﻫﺎ :اﻧﻪ ﻛﻠﻣﺎ زاد اﻟﻠﻔظ زاد اﻟﻣﻌﻧـﻰ ،وﺑﻌﺑـﺎرة أﺧـرى:
ﻛﻠﻣــﺎ ط ـرأت زﯾــﺎدة ﻋﻠــﻰ ﻋــدد اﻟﺣــروف اﻷﺻــﻠﯾﺔ اﻟﻣؤدﯾــﺔ ﻷﺻــل اﻟﻣﻌﻧــﻰ ازداد اﻟﻣﻌﻧــﻰ ود ّل ﻋﻠــﻰ
ﺗﻔرﯾﻌﺎت ﺟدﯾدة ﻓﻲ ﻣﻔﻬوﻣﻪ ﻟم ﯾد ّل ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻠﻔظ ﻓﻲ ﺟذرﻩ اﻷﺻـﻠﻲ ،وﯾوﺿـﺢ ذﻟـك اﺑـن ﺟﻧـﻲ ﻋﻧـدﻣﺎ
ﯾﺟﻌــل ":اﻷﺻـوات ﺗﺎﺑﻌــﺔ ﻟﻠﻣﻌــﺎﻧﻲ ،ﻓﻣﺗــﻰ ﻗوﯾــت ﻗوﯾــت وﻣﺗــﻰ ﺿــﻌﻔت ﺿــﻌﻔت ،وﯾﻛﻔﯾــك ﻣــن ذﻟــك
وﻛﺳر زادوا ﻓﻲ اﻟﺻوت ﻟزﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻗﺗﺻدوا ﻓﯾﻪ ﻻﻗﺗﺻﺎدﻫم ﻓﯾﻪ")،(١
ﻗوﻟﻬم :ﻗطﻊ وﻗطّﻊ وﻛﺳر ّ
وﻫﻧﺎ ﯾﻠﻔت اﺑن ﺟﻧﻲ اﻧﺗﺑﺎﻫﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﻓﻬم ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ،وﻫـﻲ أن اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻫـو اﻟﻌﻧﺻـر
اﻟﻣـﺗﺣﻛم ﻓـﻲ اﻟﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻠﻔظﯾـﺔ وﻟــﯾس اﻟﻌﻛـس ﻛﻣـﺎ ﯾـدل ﻋﻠﯾـﻪ اﻟظــﺎﻫر ﻣـن ﻗوﻟﻬم)زﯾـﺎدة اﻟﻣﺑﻧـﻰ ودﻻﻟﺗﻬــﺎ
ﻋﻠ ــﻰ زﯾ ــﺎدة اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ( ،ﻓ ــﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ﻫ ــو اﻟ ــذي ﯾﺳ ــﺗدﻋﻲ اﻟﻠﻔ ــظ وﯾﻘﺗﺿ ــﯾﻪ ،وﻛﻠﻣ ــﺎ ازداد اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ وﺗﻔ ـ ّـرع
وﺗﺧﺻ ــص وﺗﻛﺛ ــر وﺗﻘ ــوى اﺳ ــﺗدﻋﻰ ﺗﻐﯾﯾـ ـ ار ﻓ ــﻲ اﻟﻠﻔ ــظ اﻷﺻ ــﻠﻲ ﻟﯾﻧﺳ ــﺟم ﻣ ــﻊ ﻫ ــذا اﻟﺗﻐﯾ ــر اﻟﺟدﯾ ــد
اﻟﺣﺎﺻ ــل ،وﻻ ﯾ ــد ّل ﻛﻼﻣ ــﻪ – ﻛﻣ ــﺎ ظ ــن اﻟ ــﺑﻌض -ﻋﻠ ــﻰ إﯾﻣﺎﻧ ــﻪ ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﺳ ــﺑﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾ ــﺔ ﺑ ــﯾن اﻷﻟﻔ ــﺎظ
واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ،ﻓﻬو ﻻ ﯾﻘول :إن ﻣﻌﻧﻰ )اﻟﺿرب( اﺳﺗدﻋت ﺣروف )ض ر ب(ٕ ،واﻧﻣﺎ ﻫو ﯾﻘﺎرن ﺑﯾن
ﺑﻧﻰ ﻣﺗﻘﺎرﺑﺔ اﻷﺻوات ﻣﺑﯾﻧﺎ أن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ ﻗد اﺳﺗدﻋت اﻻﺧـﺗﻼف ﺑﯾﻧﻬـﺎ وﻟـم ﺗﺳـﺗدع أﺻـواﺗﻬﺎ ،ﻓﻬﻧـﺎك
ﻓــرق ﺑــﯾن اﺳــﺗدﻋﺎء أﺻ ـوات اﻟﻛﻠﻣــﺎت واﺳــﺗدﻋﺎء اﻟﺗﺧــﺎﻟف ﺑــﯾن اﻟﻛﻠﻣــﺎت ﻟﻛﻣــﺎل ﺣﻛﻣــﺔ اﻟواﺿــﻊ ،إذ
ﻣوﻗــف )ﺷــرب اﻟﻣــﺎء( ﻏﯾــر ﻣوﻗف)ﺷــرب اﻟــدواء( ،ﻓﺎﺳــﺗدﻋﻰ اﻟﻣﻌﻧــﻰ اﻷول ﻻﺧﺗﻼﻓــﻪ ﻋــن اﻟﻣﻌﻧــﻰ
اﻟﺛــﺎﻧﻲ اﻟﺗﺧــﺎﻟف ﺑــﯾن اﻟﺻــﯾﻐﺗﯾن وﻟــم ﯾﺳــﺗدع أﺻ ـواﺗﻬﻣﺎ ،ﻓﻘــﺎﻟوا :ﺟــرع اﻟﻣــﺎء وﺗﺟـ ّـرع اﻟــدواء ،وﻟــذا ﻻ
ﻧﺟــدﻩ ﯾــﺗﻛﻠم ﻋﻠــﻰ ﻫــذﻩ اﻟظــﺎﻫرة إﻻ ﻋﻧــد اﻟﻣﻘﺎرﻧــﺔ ﺑــﯾن اﻷﻟﻔــﺎظ ،وﻻ ﯾﺗﺣــدث ﻋــن اﻷﻟﻔــﺎظ ﻛــﻼ ﻋﻠــﻰ
)(٢
وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻬـذا اﻟﻔﻬـم ﻓـﻼ ﺑـد ﻣـن وﺟـود ﻣﻌﻧﯾـﯾن ﻣﺗﻘـﺎرﺑﯾن ﯾزﯾـد اﺣـدﻫﻣﺎ ﻋﻠـﻰ اﻵﺧـر ﻗـوة وﻋﻣﻘـﺎ ﺣدة
وﺗﻔرﻋﺎ وﺗﺧﺻﯾﺻﺎ ﺛم ﻧﻘﺎرن ﺑﯾن اﻟﻠﻔظـﯾن اﻟﻣﻌﺑـر ﺑﻬﻣـﺎ ﻋﻧﻬﻣـﺎ ﻟﻧـﺗﻠﻣس ﻫـذﻩ اﻟظـﺎﻫرة وﺟـودا وﻋـدﻣﺎ،
وﯾﺟﻌل اﺑن ﺟﻧﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة ذات طﺑﯾﻌﺔ ﻣﻧطﻘﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻘول ":ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت اﻷﻟﻔـﺎظ أدﻟـﺔ اﻟﻣﻌـﺎﻧﻲ ﺛـم
زﯾ ــد ﻓﯾﻬ ــﺎ ﺷ ــﻲء أوﺟﺑ ــت اﻟﻘﺳ ــﻣﺔ ﻟ ــﻪ زﯾ ــﺎدة اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ ﺑ ــﻪ") ،(٣وﺗﻠﻘ ــف اﻟﺻـ ـرﻓﯾون ﻫ ــذﻩ اﻟﻔﻛـ ـرة واﺧ ــذوا
ﯾطﺑﻘوﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ)ﻣﻌﺎﻧﻲ أﺑواب اﻟزﯾﺎدة( ﻓﯾﺟدون آﺛﺎرﻫﺎ واﺿﺣﺔ ﻋﻧـد ﺑﯾـﺎﻧﻬم اﻟﻔـرق ﺑـﯾن اﻟﻣﺟـرد وﻣﻌﻧـﺎﻩ
١٨٣
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
واﻟﻣزﯾــد ﻓﯾــﻪ وﻣﻌﻧــﺎﻩ ،ﻛﺄﺑﺣــﺎﺛﻬم اﻟﻣﺷــﻬورة ﻓــﻲ اﻟﻣزﯾــد ﻋﻠــﻰ اﻟﺛﻼﺛــﻲ اﻟﻣﺟــرد ﺑﺣــرف وﺣ ـرﻓﯾن وﺛﻼﺛــﺔ
أﺣرف ،ﻓﻘرروا أن اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻓﻲ)اﻛﺗﺳب( أزﯾد ﻣـن اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻓﻲ)ﻛﺳـب(وان ﻣﻌﻧﻰ)اﻋﺷوﺷـب( أزﯾـد ﻣـن
)(١
وﯾﻠﺧص اﻟرﺿﻲ ذﻟك ﺑﻘوﻟﻪ ":اﻋﻠم
ﻣﻌﻧﻰ)ﻋﺷب( وان ﻣﻌﻧﻰ)ﻗطّﻊ( أﻗوى ﻣن ﻣﻌﻧﻰ)ﻗطﻊ(...اﻟﺦ ّ ،
أن اﻟﻣزﯾد ﻓﯾﻪ ﻟﻐﯾر اﻹﻟﺣﺎق ﻻ ﺑد ﻟزﯾﺎدﺗﻪ ﻣن ﻣﻌﻧﻰ؛ ﻷﻧﻬﺎ إذا ﻟم ﺗﻛن ﻟﻐرض ﻟﻔظﻲ ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ
اﻹﻟﺣــﺎق وﻻ ﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻛﺎﻧــت ﻋﺑﺛــﺎ ،ﻓــﺈذا ﻗﯾــل ﻣــﺛﻼ :إن )أﻗــﺎل( ﺑﻣﻌﻧــﻰ )ﻗــﺎل( ﻓــذﻟك ﻣ ـﻧﻬم ﺗﺳــﺎﻣﺢ ﻓــﻲ
اﻟﻌﺑﺎرة ،وذﻟك ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺎ ﯾﻘﺎل :إن )اﻟﺑﺎء( ﻓﻲ )ﻛﻔﻰ ﺑﺎﷲ( و)ﻣن( ﻓﻲ )وﻣﺎ ﻣن اﻟﻪ( زاﺋدﺗﺎن ﻟﻣﺎ
ﻟ ــم ﺗﻔﯾ ــدا ﻓﺎﺋ ــدة ازﺋ ــدة ﻓ ــﻲ اﻟﻛ ــﻼم ﺳ ــوى ﺗﻘرﯾ ــر اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ اﻟﺣﺎﺻ ــل وﺗﺄﻛﯾ ــدﻩ ،ﻓﻛ ــﺎن ﻻ ﺑ ــد ﻓ ــﻲ اﻟﻬﻣـ ـزة
ﻓﻲ)أﻗﺎﻟﻧﻲ( ﻣن اﻟﺗﺄﻛﯾد واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ") (٢ﻛﻣﺎ اﻧﺗﻘﻠت ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة اﻟﻠﻐوﯾـﺔ ﻟﺗﺟـد ﻟﻬـﺎ ﻣﻛﺎﻧـﺎ ﺧﺻـﺑﺎ ﻓـﻲ ﺣﻘـل
ﻟﻐــوي آﺧــر ﻫــو ﻋﻠــم اﻟﻧﺣــو ،ﻓﺗوﻗــف اﻟﻧﺣوﯾــون ﻋﻧــد)ﺣروف اﻟزﯾــﺎدة( وأﻛــدوا أﻧﻬــﺎ ﺗﻔﯾــد ﻣﻌﻧﻰ)اﻟﺗوﻛﯾــد
واﻟﺗﻘوﯾﺔ واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ(؛ ﻻن زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ داﻟﺔ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﻛﻣﺎ ﻓـﻲ ﻗوﻟﻧـﺎ :ﻣـﺎ ﺟـﺎءﻧﻲ ﻣـن اﺣـد،
ﻓﺣﺻروا ﺣروف اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ)إن وأن وﻣﺎ وﻻ وﻣن واﻟﺑﺎء( وذﻛروا أن دﺧوﻟﻬـﺎ ﻟزﯾـﺎدة اﻟﻣﻌﻧـﻰ وﺗﻘوﯾﺗـﻪ
ٕواﻻ ﻛﺎن ذﻟك ﻋﺑﺛﺎ ﻣـن اﻟﻣـﺗﻛﻠم) ،(٣ﻓﻘـد ﻗ ّـرر اﻟﻧﺣوﯾـون أن اﻟﻣﻘﺻـود ﺑﺎﻟزﯾـﺎدة ﻫﻧـﺎ اﻟزﯾـﺎدة ﻓـﻲ اﻟﻌﻣـل
اﻟﻧﺣوي وﻟﯾﺳت اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ) ،(٤وﻟـذا ذﻛـروا أن دﺧـول ﻫـذﻩ اﻟزواﺋـد ﻓـﻲ اﻟﺗراﻛﯾـب اﻟﺳـﺎﺑﻘﺔ أﻓـﺎد
اﻟﺗوﻛﯾـد واﻟﺗﻘوﯾـﺔ ﻟﻣﺿـﻣون اﻟﻛــﻼم ،وﻗـد ﯾﺗـوﻫم اﻟــﺑﻌض ﺑـﺄن اﻟ ازﺋـد ﯾﻣﻛـن ﺣذﻓــﻪ وﻻ ﯾـؤﺛر ﻓـﻲ اﻟﻣﻌﻧــﻰ
وﻫو ﻏﯾر ﻣﻘﺻود ﻟﻬم ،وﻗد ﻧﺷﺄ ﻫذا اﻟوﻫم ﻣن ﻋدم اطـﻼع ﻋﻠـﻰ دﻻﻟـﺔ ﻣﺻـطﻠﺢ)اﻟزﯾﺎدة( وﻣﻔﻬوﻣـﻪ
ﻋﻧدﻫم ،ﻛﻣﺎ ظﻬرت ﻫذﻩ اﻟﻔﻛرة ﻋﻧد اﻟﻧﺣـوﯾﯾن ﻓـﻲ ﻣﺑﺎﺣث)اﺳـم اﻹﺷـﺎرة( ﻋﻧـدﻣﺎ ﻋﻠﻠـوا اﻟﻔـرق ﺑـﯾن)ذا
وذاك وذﻟك( ﺣﯾث ذﻛر اﺑن ﯾﻌﯾش أن)ذا( إﺷﺎرة ﻟﻠﻘرﯾب ،ﻓﺈذا أرادوا اﻹﺷﺎرة إﻟـﻰ ﻣﺗـﻧﺢ ﻣﺗﺑﺎﻋـد زادوا
ﻛــﺎف اﻟﺧطــﺎب ﻓﻘــﺎﻟوا :ذاك ،ﻓــﺎن زاد ﺑﻌــد اﻟﻣﺷــﺎر إﻟﯾــﻪ أﺗـوا ﺑــﺎﻟﻼم ﻣــﻊ اﻟﻛــﺎف ﻓﻘــﺎﻟوا :ذﻟــك ،واﺳــﺗﻔﯾد
)(٥
وﻛــل ﻣــن اﻟد ارﺳــﺎت اﻟﺻ ـرﻓﯾﺔ ﺑﺎﺟﺗﻣﺎﻋﻬﻣــﺎ زﯾــﺎدة ﻓــﻲ اﻟﺗﺑﺎﻋــد ﻻن ﻗــوة اﻟﻠﻔــظ ﻣﺷــﻌرة ﺑﻘــوة اﻟﻣﻌﻧــﻰ
واﻟﻧﺣوﯾــﺔ ﻣﺗﻔﻘــﺔ ﻋﻠــﻰ أن اﻟزﯾــﺎدة اﻟطﺎرﺋــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺑﻧــﻰ ﺗﺻــﺎﺣﺑﻬﺎ زﯾــﺎدة ﻓــﻲ اﻟﻣﻌﻧــﻰ ،وﻟــذا ﻻ ﻧ ـراﻫم
ﯾﺗﻛﻠﻣون إﻻ ﻋﻠﻰ ﺑﻧﯾﺗﯾن أو ﺗرﻛﯾﺑﯾن ﺛم ﯾﻌﻘدون ﻣﻘﺎرﻧﺎت ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ﻟﺗﺗﺑﯾن اﻟزﯾﺎدة اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻓـﻲ اﻟﻣﻌﻧـﻰ
واﻟﻣؤﺛرة ﻓﻲ اﻟﻠﻔظ ،وﯾذﻛرﻧﺎ ﻫذا ﺑﺎﻟﻣﻘﺎرﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻋﻘدﻫﺎ اﻟﻣﺑرد ﻟﻠﻛﻧدي ﻋﻧدﻣﺎ ﺳﺄﻟﻪ ﻋـن اﻟﻔـرق ﺑـﯾن:
وﺿــﺢ ﻟــﻪ ﺑــﺄن اﻟﻣﻌــﺎﻧﻲ ﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ
ﻋﺑــد اﷲ ﻗــﺎﺋمٕ ،وان ﻋﺑــد اﷲ ﻗــﺎﺋم ،وواﷲ إن ﻋﺑــد اﷲ ﻟﻘــﺎﺋم ،ﺣﯾــث ّ
ﻓﺎﻷﺳــﻠوب اﻷول إﺧﺑــﺎر ﻋــن ﻗﯾﺎﻣــﻪ ،واﻟﺛــﺎﻧﻲ ﺟـواب ﻋــن ﺳـؤال ﺳــﺎﺋل ﻣﺗﺷــﻛك ،واﻟﺛﺎﻟــث ﺟـواب ﻋــن
١٨٤
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
إﻧﻛــﺎر ﻣﻧﻛــر) ،(١ﻓﻬــذﻩ اﻟﺗراﻛﯾــب اﻟﺛﻼﺛــﺔ ﻟﯾﺳــت ذات ﻣﻌﻧــﻰ واﺣــدٕ ،واﻧﻣــﺎ ﻫــﻲ ﺗراﻛﯾــب ﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ اﻟدﻻﻟــﺔ
ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ ﺑﺎﺧﺗﻼﻓﺎت دﻗﯾﻘﺔ ﺗراﻋﻲ اﻟﻣﻘﺎم وﺣـﺎل اﻟﺧطـﺎب ،ﻓﻛﻠﻣـﺎ زاد اﻟﻣﺑﻧـﻰ داﺧـل اﻟﺗرﻛﯾـب اﻟﻧﺣـوي
زاد ﻣﻌﻧﺎﻩ ،إذ أﺻل اﻟﻣﻌﻧﻰ وﻫو اﻹﺧﺑﺎر ﻋـن اﻟﻘﯾـﺎم ﻣوﺟـود ﻓـﻲ اﻟﺗراﻛﯾـب اﻟﺛﻼﺛـﺔ ﻟﻛـن ﺣـدث ﺗﻐﯾﯾـر
دﻗﯾق ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻟﺗﻐﯾر ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺧطﺎب اﺳﺗدﻋت اﻟزﯾﺎدات اﻟﺗوﻛﯾدﯾﺔ واﻗﺗﺿـت اﻹﺿـﺎﻓﺎت اﻟﺿـرورﯾﺔ
ﻟﺗﻧﺎﺳب اﻟﻣﻘﺎم وﻣﻘﺗﺿﻰ اﻟﺣﺎل ،ﻧﺳﺗﺧﻠص ﻣن ﻫذا اﻟﻌرض اﻧﻪ ﻟﻛﻲ ﺗﻛـون اﻷﻣﺛﻠـﺔ اﻟﺗرﻛﯾﺑﯾـﺔ داﺧﻠـﺔ
ﺿﻣن أﺳﺎس زﯾﺎدة )زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾـﺎدة اﻟﻣﻌﻧـﻰ( ﻻ ﺑـد ﻣـن وﺟـود ﺗـرﻛﯾﺑﯾن ﻣﺗﺷـﺎﺑﻬﯾن
ﺣﺻﻠت ﻋﻠﻰ اﺣدﻫﻣﺎ زﯾﺎدة ،ﻓﻌﻧدﺋذ ﻧﻧظر إﻟﻰ اﻟﻔروق اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ اﻟدﻗﯾﻘﺔ اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗﻠـك اﻟزﯾـﺎدة
اﻟﻠﻔظﯾﺔ ،ﻓﺎن ﺣﺻﻠت زﯾـﺎدة ﻣﻌﻧوﯾـﺔ ﻋﻠـﻰ أﺻـل اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻓﻬـﻲ داﺧﻠـﺔ ﻓـﻲ ﻫـذا اﻷﺳـﺎس اﻟﻠﻐـوي ،وان
ﻟــم ﺗﺣﺻــل زﯾــﺎدة ﻋﻠــﻰ أﺻــل اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﺑــل اﺧﺗﻠــف اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻛﻠﯾــﺎ وﺗﻐــﺎﯾر ﻣــﻊ أﺻــﻠﻪ ﻓــﻼ ﯾﻛــون داﺧــﻼ
ﺿﻣن ﻫذا اﻷﺳﺎس اﻟﺑﺗﺔ ،وﻟذا ﯾﻘﺎرن اﻟﺻﺑﺎن ﺑﯾن ﻧوﻧﻲ اﻟﺗوﻛﯾد اﻟﺛﻘﯾﻠﺔ واﻟﺧﻔﯾﻔﺔ اﻟـواردﺗﯾن ﻓـﻲ ﻗوﻟـﻪ
ـﺟﻧ ﱠن وﻟﯾﻛوﻧ ــﺎ ﻣ ــن اﻟﺻ ــﺎﻏرﯾن /ﯾوﺳ ــف -آ ،(٣٢:ﺣﯾ ــث ذﻛ ــر اﻧ ــﻪ ":أﻛ ــدت ﻓ ــﻲ اﻷول
ﺗﻌ ــﺎﻟﻰ):ﻟﯾﺳ ـ َ
ﺑﺎﻟﺛﻘﯾﻠﺔ ﻟﻘوة ﻗﺻدﻫﺎ ﺳﺟﻧﻪ وﺷدة رﻏﺑﺗﻬﺎ ﻓﯾﻪ ،وﻓﻲ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺧﻔﯾﻔﺔ ﻟﻌدم ﻗوة ﻗﺻـدﻫﺎ ﺗﺣﻘﯾـرﻩ ٕواﻫﺎﻧﺗـﻪ
وﻋدم ﺷدة رﻏﺑﺗﻬﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﻟﻣﺎ ﻋﻧدﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺣﺑﺔ ﻟﻪ").(٢
واﻧﺗﺑــﻪ اﻟﺻ ـرﻓﯾون إﻟــﻰ ﺣــدود ﻫــذا اﻷﺳــﺎس اﻟﻠﻐــوي اﻟﻌــﺎم ﻓــﺎﻋﺗﺑروﻩ ﻓــﻲ ﻣﺑﺎﺣــث دون ﻏﯾرﻫــﺎ،
ﺣﯾث اﺳﺗﺑﻌدوا اﻟزﯾﺎدات اﻟﺻرﻓﯾﺔ اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻧد ﺗﻐﯾﯾر اﻟﺻﯾﻎ ﻣن دﻻﻟـﺔ إﻟـﻰ دﻻﻟـﺔ أﺧـرى أو ﻣـن ﻓﺋـﺔ
ﺻ ـرﻓﯾﺔ إﻟــﻰ أﺧــرى ،ﻛﺗﺣوﯾــل اﻟﻣﺎﺿــﻲ إﻟــﻰ ﻣﺿــﺎرع وأﻣــر ،أو ﺗﺣوﯾــل اﻟﻣﺑﻧــﻲ ﻟﻠﻣﻌﻠــوم إﻟــﻰ ﻣﺑﻧــﻲ
ﻟﻠﻣﺟﻬول ،أو ﺗﺣوﯾل اﺳم اﻟﻔﺎﻋل إﻟـﻰ اﺳـم اﻟﻣﻔﻌـول أو اﻟﺻـﻔﺔ اﻟﻣﺷـﺑﻬﺔ وﺳـﺎﺋر اﻟﻣﺷـﺗﻘﺎت اﻷﺧـرى،
ﻻن اﻟزﯾﺎدة اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻋﻧد اﻟﺗﻐﯾﯾر ﻟﯾﺳـت ﻟزﯾـﺎدة اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻷﺻـﻠﻲ ٕواﻧﻣـﺎ ﻟﺗﻐﯾﯾـرﻩ وﺗﺑدﯾﻠـﻪ ،ﻓﻬﻧـﺎك ﻓـرق
ﺑــﯾن زﯾﺎدة)اﻛﺗﺳــب( ﻋﻠﻰ)ﻛﺳــب( وزﯾﺎدة)ﯾﺿــرب( ﻋﻠﻰ)ﺿــرب( ،ﻓﻔــﻲ اﻟﺣﺎﻟــﺔ اﻷوﻟــﻰ ﺗﻘــوى اﻟﻣﻌﻧــﻰ
وﻛﺛــر وأﻣــﺎ ﻓــﻲ اﻟﺣﺎﻟــﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾــﺔ ﻓﻘــد ﺗﺑــدل اﻟﻣﻌﻧــﻰ وﺗﻐﯾــر ﻣــن دﻻﻟﺗــﻪ اﻟزﻣﻧﯾــﺔ اﻟﻣﺎﺿــوﯾﺔ إﻟــﻰ اﻟــزﻣن
اﻟﺣﺎﺿر أو اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،ﻓﺣروف)أﻧﯾت( اﻟﻣﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﺎﺿﻲ وﻗﻌـت ﻟﻠﺗﻔرﻗـﺔ وﻟﯾﺳـت ﻟزﯾـﺎدة اﻟﻣﻌﻧـﻰ
وﺗﻘوﯾﺗــﻪ؛ ﻻن اﻟﻣﺎﺿــﻲ ﺑﻣﺟـ ّـرد اﻟزﯾــﺎدة اﺧﺗﻔــﻰ دﻻﻟﯾــﺎ واﻟﺣــدث ﺑــﺎق ﻋﻠــﻰ ﺻــورﺗﻪ اﻷوﻟــﻰ ،وﻻ ﻧﻘــول
ﺑﺄن)ذﻫب( ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺣدث ﻓﻲ اﻟزﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ،و)ﯾذﻫب( ﯾدل ﻋﻠﻰ اﻟﺣدث أﯾﺿﺎ ﻟﻛن ﻓﻲ اﻟزﻣن
اﻟﺣﺎﺿر ،ﻓﻘد ﺣﺻﻠت زﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻋﻠﻰ اﻷﺻل وﻫو)اﻟﺣدث(؛ ﻷﻧﻧﺎ ﺳﻧﺻطدم ﺑﺎﻻﺷﺗﻘﺎق ﻣن
اﻟﻣﺻــدر)اﻟذﻫﺎب( اﻟــدال ﻋﻠــﻰ ﻣﺟرد)اﻟﺣــدث( ،ﻓﺈن)ذﻫــب( ﻗــد ﻧﻘــص ﻣﺑﻧــﺎﻩ وزاد ﻣﻌﻧــﺎﻩ ﺣﯾﻧﺋــذ ﻋﻠﯾــﻪ
ﻋﻠــﻰ اﻟﻘــول ﺑﺄﺻــﺎﻟﺔ اﻟﻣﺻــدر ﻓــﻲ اﻻﺷــﺗﻘﺎق،ﻓﺈذا أطﻠــق اﻟــﺑﻌض ﻋﻠﻰ)ﯾــذﻫب( ﺑــﺄن ﻓﯾــﻪ ﻣﻌﻧــﻰ ازﺋــدا
ﻋﻠ ــﻰ اﻟﻣﺎﺿ ــﻲ أو اﻟﻣﺻ ــدر ﻓﻘ ــد أرادوا ﻣﺟ ــرد اﻟﻣﻐ ــﺎﯾرة وﻟﯾﺳ ــت اﻟزﯾ ــﺎدة اﻟﺗ ــﻲ ﻧدرﺳ ــﻬﺎ ﺣﺎﻟﯾ ــﺎ ،ﻓﻬ ــذﻩ
١٨٥
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
اﻟزﯾﺎدات وأﻣﺛﺎﻟﻬﺎ ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﺳـم اﻟﻔﺎﻋـل واﻟﻣﻔﻌـول وﺳـﺎﺋر اﻟﻣﺷـﺗﻘﺎت وﺗﺣوﯾـل اﻟﻣـذﻛر إﻟـﻰ اﻟﻣؤﻧـث...
اﻟﺦ )ﻓﺎﺻﻠﺔ( ﻟﻠﺻﯾﻎ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻋن ﺑﻌض وﻟﯾﺳت ﻣﺣدﺛﺔ ﻣﻌﻧﻰ زاﺋدا ﻋﻠﯾﻬﺎ ،ﻓﺎﺳﺗﺑﻌدوا ﻫـذﻩ اﻟﺗﻐﯾـرات
ﻣــن ﻓﻛ ـرة )زﯾــﺎدة اﻟﻣﺑﻧــﻰ ودﻻﻟﺗﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ زﯾــﺎدة اﻟﻣﻌﻧــﻰ( ،وﻣﺛــل ﻫــذﻩ اﻟزﯾــﺎدات ﻏﯾــر اﻟﻣﻌﺗﺑ ـرة اﻟزﯾــﺎدة
اﻟﺣﺎﺻﻠﺔ ﻋﻧد ﺗﺣوﯾل اﻟﻣﻔرد إﻟﻰ ﻣﺛﻧﻰ وﻣﺟﻣوع ﻓﻲ ﻗوﻟﻧﺎ)زﯾد واﻟزﯾدان واﻟزﯾدون( ﺣﯾـث ﺗﻐﯾـر ﻣﻌﻧـﻰ
اﻟﺻــﯾﻐﺔ ﻣــن اﻟواﺣــد إﻟــﻰ ﻏﯾـرﻩ ،واﻷﻟــف ﻓــﻲ اﻟﻣﺛﻧــﻰ واﻟـواو ﻓــﻲ اﻟﺟﻣــﻊ ﻟــم ﺗﻌﻣــل ﻋﻠــﻰ ﺗﻘوﯾــﺔ اﻟﻣﻌﻧــﻰ
اﻷﺻ ــﻠﻲ ﻟﻠﺟ ــذر اﻟ ــدال ﻋﻠﻰ)اﻟزﯾ ــﺎدة( ﻓ ــﻲ ﻟﻔ ــظ )زﯾ ــد( ٕواﻧﻣ ــﺎ ﻋﻣﻠ ــت ﻋﻠ ــﻰ ﻧﻘ ــل اﻟﻣﻔ ــرد إﻟ ــﻰ ﻣﺛﻧ ــﻰ
وﻣﺟﻣوع ،وﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﻠﺣظ ﻣﺳـﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻐـﺔ اﻷﻫﻣﯾـﺔ ﻓـﻲ ﺗﺄﺳـﯾس ﻣﻔﻬوم)اﻟزﯾـﺎدة ﻓـﻲ اﻟﻣﻌﻧـﻰ( أي اﻟﻣﻌﻧـﻰ
اﻷﺻــﻠﻲ ﻟﻠﺟــذر ﻛﻣ ـﺎ رأﯾﻧــﺎﻩ ﻓــﻲ)ﻛﺳــب واﻛﺗﺳــب وﺧﺷــن واﺧﺷوﺷــن وﻗــدر واﻗﺗــدر (...وﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻟﻬــذا
ﺗﻛــون اﻟزﯾــﺎدة اﻟداﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ زﯾــﺎدة اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻫــﻲ اﻟﺧﺎﻟﺻــﺔ ﻣــن أي ﻣﻌﻧــﻰ آﺧــر ﻏﯾــر اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ واﻟﻛﺛ ـرة،
ﻓﻣﻌﻧ ــﻰ اﻟﻣطﺎوﻋ ــﺔ ﻓ ــﻲ)اﻧﻛﺳ ــر اﻟﺣﺎﺻ ــل ﻣ ــن ﻛﺳ ــر( وﻓﻲ)اﺟﺗﻣ ــﻊ اﻟﺣﺎﺻ ــل ﻣ ــن ﺟﻣ ــﻊ( واﻟوﺟ ــدان
واﻟﺣﯾﻧوﻧـﺔ واﻟطﻠــب...اﻟﺦ ،وﻏﯾرﻫــﺎ ﻣــن ﻣﻌــﺎﻧﻲ أﺑـواب اﻟزﯾــﺎدة ﻻ ﺗﻛــون ﻟزﯾــﺎدة ﻓــﻲ اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻷﻧﻬــﺎ داﻟــﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ آﺧر ﻏﯾر اﻟﺗوﻛﯾد واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ،ﻓﻠﯾﺳـت اﻟزﯾـﺎدة ﻓـﻲ اﻟﺑﻧﯾـﺔ داﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ زﯾـﺎدة ﻓـﻲ اﻟﻣﻌﻧـﻰ ﻓـﻲ
ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ.
وﻟﻛـ ــﻲ ﯾﺗﺄﺳـ ــس ﻫـ ــذا اﻟﻣﻔﻬـ ــوم ﺑﺷـ ــﻛل أﻛﺛـ ــر وﺿـ ــوﺣﺎ ﻧﺗوﻗـ ــف ﻋﻧـ ــد ﺑـ ــﺎب ﻋﻘـ ــدﻩ اﺑـ ــن ﺟﻧـ ــﻲ
وﺳﻣﺎﻩ)ﺗداﺧل اﻷﺻول اﻟﺛﻼﺛﯾﺔ واﻟرﺑﺎﻋﯾﺔ واﻟﺧﻣﺎﺳﯾﺔ( ﻓﻘد ﻧﺗﺳﺎرع إﻟﻰ اﻟﺣﻛـم ﺑـدﺧول ﺑﻌـض اﻷﻟﻔـﺎظ
ﺿﻣن ﻫذا اﻷﺳﺎس ﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﺗداﺧل ﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾن اﻟﺻﯾﻐﺗﯾن اﻻﺷﺗﻘﺎﻗﯾﺗﯾن ﻣﻊ أﻧﻬﻣـﺎ ﻏﯾـر داﺧﻠـﯾن
أﺻـ ــﻼ ،ﻓﻣ ـ ــﺛﻼ ﻧﺳ ـ ــﻣﻊ)رﺧو( و)رﺧ ـ ــود( وﻧﻌﻠـ ــم أن اﻟﻠﻔ ـ ــظ اﻷول ﺑﻣﻌﻧﻰ)اﻟﺿ ـ ــﻌف( واﻟﻠﻔ ـ ــظ اﻟﺛ ـ ــﺎﻧﻲ
ﺑﻣﻌﻧﻰ)اﻟﺗﺛﻧﻲ( اﻟﻌﺎﺋد إﻟﯾﻪ ،ﻓﻬو ﺿﻌف ﻣﻊ ﻻزم ﻣن ﻟوازﻣﻪ ،ﻓﻧﻘول ﻣﺗﻌﺟﻠﯾن :إن زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ دﻟت
ﻋﻠ ــﻰ زﯾ ــﺎدة اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ ،ﻓ ــﻧﺣﻛم ﺑﺈدﺧ ــﺎل اﻟﺧ ــﺎرج ﻓ ــﻲ ﻫ ــذا اﻟﻣﻔﻬ ــوم ﻧﺗﯾﺟ ــﺔ إﻫﻣ ــﺎل اﻟﻔ ــرق ﺑ ــﯾن اﻷﺻ ــل
اﻻﺷﺗﻘﺎﻗﻲ ﻟﻠﻛﻠﻣﺗﯾن اﻟﺳﺎﻟﻔﺗﯾن ،إذ)رﺧو( أﺻﻠﻬﺎ)ر خ و( ﺑﯾﻧﻣﺎ ِ
)ر ْﺧ َـود( أﺻـﻠﻬﺎ )ر خ د() ،(١وﻧﺗﯾﺟـﺔ
اﺗﻔــﺎق اﻟﺗﻘــﺎرب اﻟــدﻻﻟﻲ ﻧﺧطــﺄ ﻓــﻲ اﻟﺣﻛــم وﻧﺗﻌﺟــل ﻓــﻲ اﻟﺑﺣــث ،ﻧﺧﻠــص ﻣــن ﻫـذا إﻟــﻰ ﺷــرط أﺳﺎﺳــﻲ
آﺧ ــر ﻓ ــﻲ ﻫ ــذا اﻟﺗﺄﺳ ــﯾس اﻟﻣﻔﻬ ــوﻣﻲ ﯾﻧﺑﻐ ــﻲ ﻣراﻋﺎﺗ ــﻪ وﻫ ــو اﺗﻔ ــﺎق اﻟﻛﻠﻣﺗ ــﯾن ﻓ ــﻲ اﻟﺣ ــروف اﻟﻣﻛوﻧ ــﺔ
ﻟﺟذرﯾﻬﻣﺎ ﺣﺗﻰ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول :إن زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ دﻟت ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ.
وﻛﻣﺎ ﻧﺗﻌﺟل وﻧﺣﻛـم ﺑﺈدﺧـﺎل اﻟﺧـﺎرج ﻓﻘـد ﻧﺗﺳـﺎرع إﻟـﻰ اﻟﺣﻛـم ﺑـﺈﺧراج اﻟـداﺧل ﺑﻣﺟـرد ﻗـراءة ﻣـﺎ
أوردﻩ اﻟﺳﯾوطﻲ ﻣن ﻧﻘض ﻟﻬذا اﻷﺳﺎس ﺑﺑﺎب اﻟﺗﺻﻐﯾر ،ﻓﺎﻧﻪ رأى أن زﯾـﺎدة اﻟﺣـروف ﻓﯾـﻪ أدت إﻟـﻰ
)ر َﺟْﯾـل( ﻓـﺎن
وﺻﻐرﺗﻪ ﻋﻠﻰ ُ
ّ ﻗﻠﺔ اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن ﺗﺻﻐﯾر اﻟﺷﻲء ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﻘﻠﯾﻠﻪ ،ﻓﺈذا ﻗﻠت :رﺟل
اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻗــد ﻗـ ّل ﻣــﻊ زﯾــﺎدة اﻟﻣﺑﻧــﻰ ﻛﻣــﺎ ﻫــو ظــﺎﻫر ،وﻟﻛﻧــﻪ ﻧﺳــﻲ أن اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻗــد زاد ﺑﺎﻟﺗﺻــﻐﯾر ؛ ﻻن
اﻟﻣـراد ﺑﺎﻟزﯾــﺎدة ﻟﯾﺳـت اﻟزﯾــﺎدة ﻓــﻲ ﺟﺎﻧـب اﻟﻛﺛـرة ﻓﻘــط ،ﻓﻘـد ﺗﻛــون اﻟزﯾـﺎدة ﻓــﻲ ﺟﺎﻧــب اﻟﻘﻠـﺔ أﯾﺿــﺎ ،ﻛﻣــﺎ
١٨٦
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
ﻧظّــروا ﻟــﻪ ﻓــﻲ ﺑــﺎب )أﻓﻌــل اﻟزﯾــﺎدة( ﻣﺛــل)أﻛرم واﺑﺧــل( ،ﻓﻛﻼﻫﻣــﺎ دال ﻋﻠــﻰ اﻟزﯾــﺎدة) ،(١ﻓﻌﻧــدﻣﺎ ﻧﻘــول
رﺟﯾــل ﻓﻘــد ﺣﺻــﻠت زﯾــﺎدة ﻓــﻲ اﻟﻣﻌﻧــﻰ ﻣﻘﺎرﻧــﺔ ﺑــ)رﺟل( اﻟــدال ﻋﻠــﻰ ﻣــن ﺟــﺎوز ﺣــد اﻟﺻــﻐر وﺑﻠــﻎ ﺣــد
اﻟﻛﺑر ،و)رﺟﯾل( دال ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣﻊ ﻣراﻋﺎة ﺗﺣﻘﯾرﻩ أو ﺗﻬوﯾن ﺷﺄﻧﻪ وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟك ﻣن أﻏراض ﯾؤدﯾﻬﺎ
اﻟﺗﺻﻐﯾر ،وان ﻛﻧت اﻋﺗﻘد أن اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻠﻔـظ )اﻟﻣﻛﺑـر واﻟﻣﺻـﻐر( ﻻ ﯾـدﺧل ﺿـﻣن ﻫـذا اﻷﺳـﺎس
اﻟﻠﻐــوي ،ﻻن اﻟزﯾــﺎدة ﻓﯾ ــﻪ ﻟﻠﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻔﺋ ــﺎت اﻟﺻ ـرﻓﯾﺔ ﻛﺎﻟزﯾــﺎدة ﺑ ــﯾن اﻟﻣﺎﺿــﻲ واﻟﻣﺿــﺎرع واﻷﻣ ــر
اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﺟرد اﻟﺗﻐﯾﯾر واﻟﺗﺑدﯾل ﻟﻠﺻﯾﻐﺔ ﻟﻠدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ ﻣﺳﺗﺣدث ﺟدﯾد دون ﻣﻼﺣظﺔ ﺗﻘوﯾﺔ
اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻷﺻﻠﻲ وﺗﻛﺛﯾرﻩ أو اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﯾﻪ.
وﻗ ــد اﻟﺗﻔ ــت اﻟﻠﻐوﯾ ــون إﻟ ــﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾ ــﺔ ﺗطﺑﯾ ــق ﻫ ــذا اﻷﺳ ــﺎس ﻋﻧ ــد ﺣ ــدوث ﻣ ــﺎ اﺻ ــطﻠﺣوا ﻋﻠﯾ ــﻪ
ﺑـ)اﻻﻧﺣراف( ﻋن أﺻل اﻟﺻﯾﻐﺔ ،ﻓذﻛروا أن ":ﻣن ﺗﻛﺛﯾـر اﻟﻠﻔـظ ﻟﺗﻛﺛﯾـر اﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻟﻣﻌـدول ﻋـن ﻣﻌﺗـﺎد
وﻋ ـراض أﺑﻠــﻎ ﻣــن ﻣﻌﻧــﻰ
ﺣﺎﻟــﻪ ،وذﻟك)ﻓﻌــﺎل( ﻓــﻲ ﻣﻌﻧﻰ)ﻓﻌﯾــل( ﻧﺣــو طُ ـوال ﻓﻬــو أﺑﻠــﻎ ﻣــن طوﯾــل ُ
ﻋـرﯾض وﻛـذا ُﺧﻔــﺎف ﻣـن ﺧﻔﯾـف ،ﻓﻔُﻌــﺎل وان ﻛﺎﻧـت أﺧـت ﻓﻌﯾــل ﻓـﻲ ﺑـﺎب اﻟﺻــﻔﺔ ﻓـﺎن ﻓﻌـﯾﻼ أﺧــص
ﺑﺎﻟﺑﺎب ﻣن ﻓُﻌﺎل ﻷﻧﻪ أﺷد اﻧﻘﯾﺎدا ﻣﻧﻪ ،ﺗﻘول :ﺟﻣﯾل وﻻ ﺗﻘول ُﺟﻣﺎل وﺑطﻲء وﻻ ﺗﻘول ُﺑطﺎء ...ﻓﻠﻣﺎ
ﻓﻌــﺎﻻ،
ﻛﺎﻧــت ﻓﻌﯾــل ﻫــﻲ اﻟﺑــﺎب اﻟﻣطــرد وأُرﯾــدت اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ﻋــدﻟت إﻟــﻰ ﻓُﻌــﺎل ﻓﺿــﺎرﻋت ﻓُﻌــﺎل ﺑــذﻟك ّ
ﻓﻌـﺎل ﻓﺑﺎﻟزﯾــﺎدة وأﻣـﺎ ﻓﻌــﺎل اﻟﺧﻔﯾــف
واﻟﻣﻌﻧـﻰ اﻟﺟــﺎﻣﻊ ﺑﯾﻧﻬﻣـﺎ ﺧــروج ﻛــل واﺣـد ﻣﻧﻬﻣــﺎ ﻋـن أﺻــﻠﻪ ،أﻣــﺎ ّ
ﻓﺑـﺎﻻﻧﺣراف ﻋــن ﻓﻌﯾــل") ،(٢وﺑﻬــذا اﻟﻔﻬــم ﻻ ﺗﻛــون اﻟﻘﺿـﯾﺔ ﻣﺟــرد ﻋــدد اﻟﺣــروف ﻓــﻲ اﻟﻠﻔظﺗــﯾن اﻟﻠﺗــﯾن
ﺗﺗم اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣﺎ ،إذ ﺟﻣﯾل ووﺿﻲء ﻣﺳـﺎوﯾﺔ ﻓـﻲ ﻋـدد اﻟﺣـروف ﻟﺟﻣـﺎل ووﺿـﺎء ،ﻟﻛـن اﻻﻧﺣـراف
ﻋــن اﻷﺻــل اﻟــذي ﻫو)ﻓﻌﯾــل( – ﻛﻣــﺎ ﺗــدل ﻋﻠــﻰ أﺻــﻠﯾﺗﻪ ﻛﺛـرة اﻻﺳــﺗﻌﻣﺎل -إﻟــﻰ )ﻓﻌــﺎل( ﻛــﺎن ﻷﺟــل
ﺑﺎب)ﻓﻌﺎل( ،ﻓﻬذا اﻻﻧﺣراف ﻷﺟل اﻟﺗﺷـﺑﯾﻪ ﺑﺑﻧﯾـﺔّ اﻟﺗﺷﺑﯾﻪ ﺑﺑﺎب أﻛﺛر ﺣروﻓﺎ وداﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ وﻫو
أﻛﺛر ﺣروﻓﺎ ﺟﻌﻠت ﻫذﻩ اﻟﺻورة داﺧﻠﺔ ﺗﺣت ﻫذا اﻷﺳﺎس اﻟﻠﻐوي اﻟﻌﺎم ،ﻓﻛﻣـﺎ أن اﻟﻠﻔـظ إذا زﯾـد ﻓﯾـﻪ
ﺷﻲء ":أوﺟﺑت اﻟﻘﺳﻣﺔ ﺑﻪ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻟﻪ ،ﻓﻛذﻟك إن اﻧﺣرف ﺑﻪ ﻋن ﺳﻣﺗﻪ وﻫدﯾـﻪ ﻛـﺎن ذﻟـك دﻟـﯾﻼ
ﻋﻠــﻰ ﺣــﺎدث ﻣﺗﺟــدد ﻟــﻪ")،(٣وﻧﺑــﻪ اﻟﺣرﯾــري ﻋﻠــﻰ ﻫــذﻩ اﻟظــﺎﻫرة اﻟﻠﻐوﯾــﺔ ﻋﻧــد ﺗوﻗﻔــﻪ ﻋﻠــﻰ اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن
اﻟﻣذﻛر واﻟﻣؤﻧث ﺣﯾث ّﺑﯾن أن ":ﻣن أﺻول ﻛﻼم اﻟﻌرب إدﺧﺎل اﻟﻬﺎء ﻓﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﻣؤﻧث وﺣذﻓﻬﺎ ﻓﻲ
ﺻــﻔﺔ اﻟﻣــذﻛر ﻛﻘــوﻟﻬم :ﻗــﺎﺋم وﻗﺎﺋﻣــﺔ وﻋــﺎﻟم وﻋﺎﻟﻣــﺔ ،إﻻ أﻧﻬــم ﻋﻣــدوا إﻟــﻰ ﻋﻛــس ﻫــذا اﻷﺻــل ﻋﻧــد
اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﻔﺔ ﻓﺄﻟﺣﻘوا اﻟﻬﺎء ﺑﺻـﻔﺔ اﻟﻣـذﻛر ﻓـﻲ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ ﻓﻘـﺎﻟوا ﻟﻠﻛﺛﯾـر اﻟﻌﻠـم :ﻋﻼّﻣـﺔ ،وﻟﻠﻣﺗﺳـﻊ
ﻧﺳــﺎﺑﺔ ،وﺣــذﻓوا اﻟﻬــﺎء ﻣــن ﺻــﻔﺔ اﻟﻣؤﻧــث ﻓــﻲﻓــﻲ اﻟرواﯾــﺔ :راوﯾــﺔ ،وﻟﻠﻣطﻠــﻊ ﻋﻠــﻰ ﺣﻘــﺎﺋق اﻟﻧﺳــبّ :
اﻟﻣﺑﺎﻟﻐ ــﺔ ﻓﻘ ــﺎﻟوا ﻟﻠﻣـ ـرأة اﻟﻛﺛﯾـ ـرة اﻟﺻ ــﺑر واﻟﺷ ــﻛر :اﻣـ ـرأة ﺻ ــﺑور وﺷ ــﻛور ،وﻟﻠﻛﺛﯾ ــر اﻟﻛﺳ ــل واﻟﺗﻌطّ ــر:
١٨٧
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
ِﻣﻛﺳــﺎل و ِﻣﻌطــﺎر ،ﻟﯾــدﻟوا ﺑﺗﻐﯾﯾــر اﻟﺻــﻔﺔ ﻋــن أﺻــﻠﻬﺎ اﻟﻣوﺿــوع ﻟﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ ﻣﻌﻧــﻰ ﺣــدث ﻓﯾﻬــﺎ وﻫــو
)(١
ﻧﺧﻠص ﻣن ﻫذا إﻟﻰ أن اﻟﺻرﻓﯾﯾن اﻷواﺋل ﻓﻬﻣوا ﻗﺎﻧون)زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻪ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ"
اﻟﻣﻌﻧــﻰ( أي ﻋﻧــد إرادة اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ واﻟﻛﺛ ـرة واﻟﻘــوة واﻟﻘــرب واﻟﺑﻌــد ،وﻟﯾﺳــت ﺣــﺎﻻت اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﺻــﯾﻎ
اﻟﺻـرﻓﯾﺔ واﻟﻣﺷــﺗﻘﺎت اﻟﺧﺎﻟﯾــﺔ ﻣــن ﻣﻌﻧــﻰ اﻟﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ واﻟزﯾــﺎدة ،وﻟــذا ﯾﻛــون )اﻟﻌـدول( ﻓــﻲ ﺑــﺎب اﻟﺗﺻــﻐﯾر
اﻟﻘول)ر َﺟْﯾــل( ﯾﻛــون ﻫــذا اﻟﻌــدول واﻻﻧﺣ ـراف ﻋــن اﻷﺻــل ﻟــﯾس ﻟزﯾــﺎدة
ُ ﻋــن اﻟﻘول)رﺟــل ﺣﻘﯾــر( إﻟــﻰ
اﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﯾﻪٕ ،واﻧﻣﺎ ﻹرادة اﻻﺧﺗﺻﺎر ﻛﻣﺎ ّﻧﺑﻪ ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻌﺿـﻬم ﺑﻘوﻟـﻪ ":اﻟﻐـرض ﻣـن اﻟﺗﺻـﻐﯾر
وﺻف اﻟﺷﻲء ﺑﺎﻟﺻﻐر ﻋﻠﻰ ﺟﻬﺔ اﻻﺧﺗﺻﺎر").(٢
ﺑﻘﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺗﺄﺳﯾس اﻟﻣﻔﻬوﻣﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻠﻐوﯾﺔ أن ﻫﻧﺎك ﺧﻼﻓﺎ ﺑﯾن اﻟﻠﻐوﯾﯾن ﻓﻲ ﻣـدى
ﻗﯾﺎﺳـﯾﺔ ﻫــذﻩ اﻟﻘﺎﻋــدة ،ﻓــذﻫب ﻗﺳـم إﻟــﻰ أن ﻫــذﻩ اﻟﻘﺎﻋــدة ﻣطـردة ﺑﻣﻌﻧــﻰ :ﻛﻠﻣــﺎ زاد اﻟﻣﺑﻧــﻰ زاد اﻟﻣﻌﻧــﻰ
وﻛﻠﻣــﺎ ﻛﺛــر اﻟﻣﺑﻧــﻰ ﻛﺛــر اﻟﻣﻌﻧــﻰ وﻛﻠﻣــﺎ ﻗــوي اﻟﻣﺑﻧــﻰ ﻗــوي اﻟﻣﻌﻧــﻰ) ،(٣ﺣﺗــﻰ ﻻ ﯾﻠــزم اﻟﻌﺑــث ﻓــﻲ ﻛــﻼم
اﻟﻔﺻ ــﺣﺎء ،ﺑﯾﻧﻣ ــﺎ ﻛ ــﺎن اﺑ ــن ﻫﺷ ــﺎم اﻷﻧﺻ ــﺎري ﯾ ــرى ﺧ ــﻼف ذﻟ ــك ﻋﻧ ــدﻣﺎ أﺷ ــﺎر إﻟ ــﻰ رأي اﻟﻘ ــﺎﺋﻠﯾن
ﺑﺎن)ﺳــوف( أﻛﺛــر ﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ﻣن)اﻟﺳــﯾن( ﻓــﻲ اﻟدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺳــﺗﻘﺑل ﻷﻧﻬــﺎ أﻛﺛــر ﺣروﻓــﺎ ﺑﻘوﻟــﻪ ":وﻛــﺄن
اﻟﻘﺎﺋل ﺑذﻟك ﻧظر إﻟﻰ أن ﻛﺛـرة اﻟﺣـروف ﺗـدل ﻋﻠـﻰ ﻛﺛـرة اﻟﻣﻌﻧـﻰ وﻟـﯾس ﺑﻣطـرد") ،(٤وﺗﻛ ّﻔـل اﻟدﺳـوﻗﻲ
و)ﺣذر( ﺻﯾﻐﺔ ﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺛرة دوﻧﻪ ،ﻣﻊ ِ ﺑﺑﯾﺎن ﻋدم اﻻطراد ﺑﺎن)":ﺣﺎذر( اﺳم ﻓﺎﻋل
أن اﻟﺛـﺎﻧﻲ أﻗــل ﺣروﻓــﺎ ﻣــن اﻷول") ،(٥وﻫــذا ﻓﻬــم ظـﺎﻫري ﻟﻬــذﻩ اﻟﻘﺎﻋــدة ﻻن اﻷﻣــر ﻟــﯾس ﻣﺗوﻗﻔــﺎ ﻋﻠــﻰ
ﻋــدد اﻟﺣــروف ﻓﻘــط -ﻛﻣــﺎ ﻣــر -ﺑــل ﻗــد ﯾﻛــون ﺑــﯾن اﻟﻠﻔظــﯾن ﺗﺳــﺎو ،أو ﯾﻛــون اﻟــدال ﻋﻠــﻰ ﻣﻌﻧــﻰ
اﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ اﻗل ﺣروﻓﺎ ﻣن اﻵﺧر؛ ﻻن اﻻﻧﺣراف ﻋن أﺻل اﻟﺻﯾﻐﺔ اﻟﺻرﻓﯾﺔ اﻟداﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﺳم اﻟﻔﺎﻋـل
ﯾﻛـون دﻟــﯾﻼ ﻋﻠــﻰ ﺣﺻــول ﻣﻌﻧــﻰ ﺟدﯾـد أﻛﺛــر ﻣﺑﺎﻟﻐــﺔ ﻣــن أﺻــﻠﻪ اﺳـﺗدﻋﻰ ذﻟــك اﻟﻣﻌﻧــﻰ اﻟﺟدﯾــد ﻟﻔظــﺎ
ﻣﻧﺣرﻓﺎ ﻋن وﺿﻌﻪ اﻷﺻﻠﻲ ،وﻻ اﺣﺳب أن اﺑن ﻫﺷﺎم ﻛﺎن ﯾرﯾد ﻫذا اﻟﺗﻣﺛﯾل ﺑل رﺑﻣـﺎ ﻗﺻـد اﻟزﯾـﺎدة
اﻟﻣؤدﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺻﯾﻎ اﻟﺻرﻓﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻓﯾﻬﺎ زﯾﺎدة ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﺑﻧـﻰ ﻣـن ﻏﯾـر زﯾـﺎدة
١٨٨
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
ﻋﻠ ـ ــﻰ اﻟﻣﻌﻧ ـ ــﻰ اﻷﺻ ـ ــﻠﻲ ،ﺑ ـ ــل ﺗﻐﯾﯾ ـ ــر دﻻﻟ ـ ــﺔ اﻟﻣﻌﻧ ـ ــﻰ اﻷﺻ ـ ــﻠﻲ ﻛﺗﺣوﯾ ـ ــل اﻟﻣﺎﺿ ـ ــﻲ إﻟ ـ ــﻰ ﻣﺿ ـ ــﺎرع
وأﻣــر...اﻟﺦ ،وﻟﻬــذا ﺗﻛــون ﻫــذﻩ اﻟﻘﺎﻋــدة ﻛﻠﯾــﺔ ﻣطــردة وﻟﯾﺳــت أﻏﻠﺑﯾــﺔ إذا ﻗﯾــدﻧﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﺷــروط اﻟﻣــذﻛورة
ﺳﺎﺑﻘﺎ ،وﻣن ﺛم أﺟﺎب اﻟدﺳوﻗﻲ ﻣداﻓﻌﺎ ﻋن ﻛﻠﯾﺔ ﻫـذﻩ اﻟﻘﺎﻋـدة ":ﺑﺎﺷـﺗراط أن ﯾﻛـون اﻟﻠﻔظـﺎن ﻣـن ﻧـوع
ـﻊ أو ﺻــﯾﻐﺔ ٍ
ـﻊ وﻗطّـ َ
وﺻـ ْـدﯾﺎن أو ﻓﻌــﻼ ﻣﺎﺿــﯾﺎ ﻛﻘطَـ َ
ﻛﺻــد َ
واﺣــد ﺑــﺎن ﯾﻛــون ﻛــل ﻣﻧﻬﻣــﺎ اﺳــم ﻓﺎﻋــل َ
ﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻛرﺣﯾم ورﺣﻣﺎن") ،(١ﻓﺎﻟﻘﺎﻋدة ﻛﻠﯾﺔ إن ﻛﺎﻧت ﺑﯾن ﻟﻔظﯾن ﻣن ﻧوع واﺣد وأﻏﻠﺑﯾﺔ إن ﻛﺎﻧت ﺑـﯾن
ﻟﻔظـﯾن ﻣـن ﻧـوﻋﯾن ﻣﺧﺗﻠﻔـﯾن ،وﻟﻛـن اﻻﻧﺣـراف ﻋـن ﺻـﯾﻐﺔ ﺻـرﻓﯾﺔ ﻛﺛﯾـرة اﻻﺳـﺗﻌﻣﺎل ﻣطـردة اﻟﻘﯾــﺎس
إﻟﻰ ﺻﯾﻐﺔ أﺧرى ﻛﺎن أﻣ ار ﻣذﻫوﻻ ﻋﻧﻪ ﻋﻧد ﻛﺗﺎﺑﺔ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﺷﯾﺔ.
وﻣن ﻣراﻋﺎة ﻫذا اﻷﺳﺎس اﻟﻠﻐوي أﺟﻬد اﻟﻣﻔﺳرون ﻟﻠﻘرآن اﻟﻛـرﯾم أﻧﻔﺳـﻬم ﻓـﻲ ﺑﯾـﺎن أﺛـر اﻟزﯾـﺎدة
اﻟﺣﺎﺻــﻠﺔ ﻓــﻲ ﺑﻌــض اﻟﺻــﯾﻎ ﻋﻠــﻰ ﺻــﻌﯾد اﻟﻣﻌﻧــﻰ ،وﻋﻧــدﻣﺎ ﯾﻌﺟــزون ﻋــن إﺛﺑــﺎت ذﻟــك ﻓــﻲ ﺑﻌــض
اﻟﺻور ﯾﻘوﻟون ﺑﺄن ﻫذا اﻷﺳﺎس اﻟﻠﻐوي أﻏﻠﺑﻲ وﻟﯾس ﻛﻠﯾﺎ ﻛﻣﺎ ظﻧﻪ اﻟرﺿﻲ ﻓﯾﻣـﺎ ﺗﻘـدم ﻣـن ﻛﻼﻣـﻪ،
اﻟﻔﻌل)ﻓرق( ﺑﺎﻟﺗﺿﻌﯾف واﻟﺗﺧﻔﯾف ﻓﻲ اﻷﺟـرام واﻟﻣﻌـﺎﻧﻲ ،وذﻛـر أن أﻫـل اﻟﻠﻐـﺔ
ّ ﻓﻘد ذﻛر اﻟﺻﺑﺎن أن
أن)ﻛﺳرﺗﻪ وﻛﺳرﺗﻪ( ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ واﻷﺟرام ﻣطﻠﻘـﺎ ،وﻟﻛﻧـﻪ ﯾﺟـد ﻓـﻲ ﻧﻔﺳـﻪ اﻟﻘـدرة ﻋﻠـﻰ
ّ ﻣﺗواطﺋون ﻋﻠﻰ
ﻓرﻗ ـوا دﯾــﻧﻬم وﻛــﺎﻧوا ﺷــﯾﻌﺎ/
ـل)ﻓرق( ﺑﺎﻟﺗﺿــﻌﯾف اﻟ ـوارد ﻓــﻲ ﻗوﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ):إن اﻟــذﯾن ّ
اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻔﻌـ ّ
ﻓرﻗﻧـﺎ ﺑﻛـم اﻟﺑﺣـر ﻓﺎﻧﺟﯾﻧـﺎﻛم وأﻏرﻗﻧـﺎ ـل)ﻓرق( ﺑـﺎﻟﺗﺧﻔﯾف ﻓـﻲ ﻗوﻟـﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰٕ ):واذ َ
اﻷﻧﻌﺎم -آ (١٥٩:واﻟﻔﻌ َ
آل ﻓرﻋون /اﻟﺑﻘرة -آ (٥٠ :ﺑﺄﻧﻪ ":أرﯾد ﻓﻲ اﻵﯾـﺔ اﻷوﻟـﻰ إﻓـﺎدة اﻟﺗﻛﺛﯾـر ٕواﻧﻣـﺎ ﯾـؤﺗﻰ ﺑـﺎﻟﻣﺧﻔف إذا ﻟـم
ﺗـ ــرد ﺗﻠـ ــك اﻹﻓـ ــﺎدة ،وﻓـ ــﻲ اﻟﺛﺎﻧﯾـ ــﺔ :ﻟﻣـ ــﺎ ﻛـ ــﺎن اﻟﻣـ ــﺎء ﺟﺳـ ــﻣﺎ ﻟطﯾﻔـ ــﺎ ﺷـ ــﻔﺎﻓﺎ ﻓﻬـ ــو ﻛﺎﻟﻣﻌـ ــﺎﻧﻲ أﺗـ ــﻰ ﻓﯾـ ــﻪ
ﺑــﺎﻟﻣﺧﻔف") ،(٢وﻛــﺄن اﻟﻘﺎﻋــدة اﻟﺟﺎرﯾــﺔ ﺗﻘــول :ﻣﻬﻣــﺎ أﻣﻛــن اﻟﺗﺄوﯾــل ﯾﻌﻣــل ﺑﻬــذا اﻷﺳــﺎس ٕواﻻ ﯾﺣﻣــل
ﻋﻠﻰ ﻋدم وﺟود اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻟﺻﯾﻐﺗﯾن ﻋﻧد اﻟﻌﺟز واﻟﻘول ﺑﺎن اﻟﻘﺎﻋدة أﻏﻠﺑﯾﺔ وﻟﯾﺳت ﻛﻠﯾﺔ.
وﺑﻌد اﻻﻧﺗﻬـﺎء ﻣـن ﺑﯾـﺎن ﻫـذﻩ اﻟﻘﺎﻋـدة اﻟﻠﻐوﯾـﺔ وذﻛـر ﺷـروطﻬﺎ واﻟﺧـﻼف اﻟـداﺋر ﺣـول اطرادﻫـﺎ
وﻋدﻣــﻪ ﻧﺷــرع ﻓــﻲ ﻣﻘﺻــود ﻫــذﻩ اﻟد ارﺳــﺔ ﻣوﺿــوﻋﺔ اﻟﺑﺣــث ﻟﻧــرى ﻣــدى اﻧطﺑﺎﻗﻬــﺎ ﺑﻌــد ﻣراﻗﺑــﺔ اﻟﺻــور
واﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻟواردة ﻓﯾﻬﺎ ﻛﺎﻓﺔ.
١٨٩
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
١٩٠
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
ورﺳوﻟﻪ أوﻟﺋك ﺳـﯾرﺣﻣﻬم اﷲ /اﻟﺗوﺑـﺔ -آ ،(٧١ :ﻓﻔـﻲ اﻟﻛﺷـﺎف أن ":اﻟﺳـﯾن ﻣﻔﯾـدة وﺟـود اﻟرﺣﻣـﺔ
ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺗؤﻛد اﻟوﻋد ﻛﻣﺎ ﺗؤﻛد اﻟوﻋﯾد ﻓﻲ ﻗوﻟك :ﺳﺄﻧﺗﻘم ﻣﻧك ،ﺗﻌﻧﻲ اﻧـك ﻻ ﺗﻔـوﺗﻧﻲ وان
ﺗﺑﺎطﺄ ذﻟك") ،(١وﻟﻛن أﺑﺎ ﺣﯾﺎن ﯾﻧﻛر ﻫذﻩ اﻟدﻻﻟﺔ ﺑﻘوﻟـﻪ ":وﻓﯾـﻪ دﻓﯾﻧـﺔ ﺧﻔﯾـﺔ ﻣـن اﻻﻋﺗـزال ﺑﻘوﻟـﻪ:
)اﻟﺳﯾن ﻣﻔﯾـد وﺟـود اﻟرﺣﻣـﺔ ﻻ ﻣﺣﺎﻟـﺔ( ،ﯾﺷـﯾر إﻟـﻰ اﻧـﻪ ﯾﺟـب ﻋﻠـﻰ اﷲ ﺗﻌـﺎﻟﻰ إﺛﺎﺑـﺔ اﻟطـﺎﺋﻊ ﻛﻣـﺎ
ﺗﺟــب ﻋﻘوﺑــﺔ اﻟﻌﺎﺻــﻲ ،وﻟــﯾس ﻣــدﻟول اﻟﺳــﯾن ﺗوﻛﯾــد ﻣــﺎ دﺧﻠــت ﻋﻠﯾــﻪ ،إﻧﻣــﺎ ﺗــدل ﻋﻠــﻰ ﺗﺧﻠــﯾص
اﻟﻣﺿــﺎرع ﻟﻼﺳــﺗﻘﺑﺎل ﻓﻘــط") ،(٢وﻟﻛﻧــﻪ ﯾواﻓــق اﻟزﻣﺧﺷــري ﻋﻧــد ﺗﺄوﯾﻠــﻪ ﻟﻘوﻟــﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ):ﺳﯾﺻــﻠﻰ ﻧــﺎ ار
ذات ﻟﻬــب /اﻟﻣﺳــد -آ ،(٣ :ﺣﯾــث ﯾــرى أن ":اﻟﺳــﯾن ﻟﻼﺳــﺗﻘﺑﺎل وان ﺗ ارﺧــﻰ اﻟزﻣــﺎن وﻫــو وﻋﯾــد
ﻛﺎﺋن اﻧﺟﺎزﻩ ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ") ،(٣وﻫذا اﻟﺗردد اﻟﺣﺎﺻل ﻣن أﺑﻲ ﺣﯾﺎن ﺑرﻫﺎن ﻋﻠﻰ أن ﻛﻼم اﻟزﻣﺧﺷري
ﯾﺗﺣدث ﻋن وظﯾﻔـﺔ اﻟﺳـﯾن ﻓـﻲ اﻵﯾـﺔ وﺧـﺎرج اﻟـﻧص ،وﯾـدل
ﻻ ﯾدل ﻋﻠﻰ ﻣوﻗف ﻛﻼﻣﻲ ﺑﻘدر ﻣﺎ ّ
ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟذوق وﺷﻬﺎدة اﻟوﺟدان ،ﻓﺎن ﻣن ﻗﺎل ﻟﻣن ﯾﻌدﻩ ﺑﺎﻟﺧﯾر أو اﻟﺷر :ﺳﺄﻛرﻣك أو ﺳﺄﻧﺗﻘم
ﻣﻧـ ــك ﻓ ـ ـﺎن اﻟﺗوﻛﯾـ ــد ظـ ــﺎﻫر ﻓﯾـ ــﻪ ،وﯾـ ــدل ﻋﻠـ ــﻰ ذﻟـ ــك أﯾﺿـ ــﺎ دﺧـ ــول اﻟـ ــﻼم اﻟﻣؤﻛـ ــدة ﻓـ ــﻲ ﻗوﻟـ ــﻪ
ﺗﻌﺎﻟﻰ):وﻟﺳوف ﯾﻌطﯾك رﺑـك ﻓﺗرﺿـﻰ /اﻟﺿـﺣﻰ -آ ،(٥ :ﺣﺗـﻰ ﯾﻘـوى اﻟﻣﻌﻧـﻰ وﯾﺛﺑـت ﻓـﻲ ذﻫـن
اﻟﻣﺧﺎطب ،وأﻣﺎ ﻋدم دﺧول اﻟﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﺳـﯾن ﻓﻠﻛوﻧﻬـﺎ ﻋﻠـﻰ ﺣـرف واﺣـد ،ﻓـﻲ ﺣـﯾن أن)ﺳـوف(
ﻟﻬﺎ طﺎﺑﻊ اﻟﻛﻠﻣﺔ وﺧواﺻﻬﺎ وﻟﯾس طﺎﺑﻊ اﻟﺣرﻓﯾﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﺔ ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻋﻠﻰ ﺣرف واﺣد أو ﺣرﻓﯾن.
وﻗــول اﻟزﻣﺧﺷــري )إن ذﻟــك ﻛــﺎﺋن اﻧﺟــﺎزﻩ ﻻ ﻣﺣﺎﻟــﺔ وان ﺗــﺄﺧر( ﻟــﯾس ﻓﯾــﻪ أﯾــﺔ إﺷــﺎرة ﻟﻣﺳــﺄﻟﺔ
وﺟــوب اﻹﺛﺎﺑــﺔ واﻟﻌﻘوﺑــﺔٕ ،واﻧﻣــﺎ ﯾــدل ﻋﻠــﻰ أن اﷲ ﺗﻌــﺎﻟﻰ إذا وﻋــد ﻓــﺎن اﻧﺟــﺎزﻩ ﻛــﺎﺋن ووﻋــدﻩ ﻣﺗﺣﻘــق،
وﺗوﻛﯾد ذﻟك ﯾﺗﻧﺎﺳق ﻣﻊ ﻣذﻫب أﻫل اﻟﺳﻧﺔ وﻟﯾﺳت ﻓﻲ اﻟﻛﻼم أﯾﺔ دﻓﯾﻧﺔ ﺧﻔﯾﺔ ﻟﻼﻋﺗزال.
.٤اﻻﺳﺗﻣرار :وﺣﻛﺎﻩ اﺑـن ﻫﺷـﺎم اﻷﻧﺻـﺎري ﻋـن ﺑﻌﺿـﻬم ﺑﺄﻧﻬـﺎ ﺗـﺄﺗﻲ ﻟﻼﺳـﺗﻣرار وﻟـﯾس ﻟﻼﺳـﺗﻘﺑﺎل،
ﺑﻣﻌﻧــﻰ أﻧﻬــﺎ ﺗﺟﻌــل اﻟﻔﻌــل اﻟﻣﺿــﺎرع ﻣﺳــﺗﻣ ار وﻣﺗﺟــددا وﻗﺗــﺎ ﺑﻌــد وﻗــت وان ﻛــﺎن ﻗــد ﻣﺿــﻰ ،ﻓــﺈذا
ﻛــﺎن )زﯾــد( ﻗــد أﻛرﻣــك ،وﻗﯾــل ﻟــﻪ :زﯾــد ﺳــﯾﻛرﻣك ،ﻓﻣﻌﻧــﺎﻩ أن اﻹﻛـرام اﻟــذي ﺳــﺑق ﻟــك ﻣﺳــﺗﻣر وﻻ
ﯾﻧﻘطــﻊ ﻓــﻲ اﻟﻣﺳــﺗﻘﺑل) ،(٤واﺳــﺗﻧد ﻫــذا اﻟﻘﺎﺋــل إﻟــﻰ ﻧﺻــﯾن ﻛـرﯾﻣﯾن ،وﻫﻣــﺎ ﻗوﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ):ﺳــﺗﺟدون
آﺧـرﯾن ﯾرﯾــدون أن ﯾــﺄﻣﻧوﻛم وﯾــﺄﻣﻧوا ﻗــوﻣﻬم /اﻟﻧﺳــﺎء -آ (٩١ :ﺣﯾــث أﺗــﻰ ﺑﺎﻟﺳــﯾن إﺷــﺎرة إﻟــﻰ أن
ﻟﻌﺑﻬم ﺑﺎﻟﻣؤﻣﻧﯾن ﻫذا أﻣر ﻣﺳﺗﻣر وان ﻛﺎن ﻗد ﻣﺿﻰ ،وذﻟك أن رﺟﺎﻻ ﻣن اﻟﻛﻔﺎر ﻛﺎﻧوا إذا أﺗـوا
اﻟﻣدﯾﻧﺔ اﺳﻠﻣوا ﻷﺟل أن ﻻ ﯾﻘﺎﺗﻠوﻫم ٕواذا أﺗوا ﻟﻘوﻣﻬم ﻛﻔروا ،ﻓﺄﺗﻰ ﺑﺎﻟﺳﯾن إﺷـﺎرة إﻟـﻰ أن ﺣـﺎﻟﺗﻬم
ﻫذﻩ ﻣﺳﺗﻣرة وﻟم ﯾﺗرﻛوﻫﺎ وان ﻛﺎن ذﻟـك وﻗـﻊ ﻓﯾﻣـﺎ ﻣﺿـﻰ) ،(٥ﻛﻣـﺎ اﺳـﺗدل ﺑﻘوﻟـﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰ ):ﺳـﯾﻘول
).١٦٢ /٢ : (١
) (٢اﻟﺑﺣر اﻟﻣﺣﯾط.٧١ /٥ :
) (٣م .ن.٥٢٦ /٨ :
) (٤ﻣﻐﻧﻲ اﻟﻠﺑﯾب.١٣٨ /١:
) (٥ﺣﺎﺷﯾﺔ اﻟدﺳوﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﻧﻲ اﻟﻠﺑﯾب.١٤٩ /١ :
١٩١
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
اﻟﺳﻔﻬﺎء ﻣـن اﻟﻧـﺎس ﻣـﺎ وﻻﻫـم ﻋـن ﻗﺑﻠـﺗﻬم اﻟﺗـﻲ ﻛـﺎﻧوا ﻋﻠﯾﻬـﺎ /اﻟﺑﻘـرة -آ ،(١٤٢ :ﻣـدﻋﯾﺎ أن ذﻟـك
إﻧﻣﺎ ﻧزل ﺑﻌد ﻗوﻟﻬم)ﻣﺎ وﻻﻫم( ﻗﺎل ":ﻓﺟﺎءت اﻟﺳﯾن إﻋﻼﻣﺎ ﺑﺎﻻﺳﺗﻣرار ﻻ ﺑﺎﻻﺳﺗﻘﺑﺎل") ،(١وﻟﻛـن
اﺑن ﻫﺷﺎم ﻟم ﯾرﺗض ﻫذا اﻟﻣﻌﻧﻰ وﻧﻘدﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﻗول ﻟﻣﺎ ﻻ ﯾﻌرﻓﻪ اﻟﻧﺣوﯾون ﻣـن ﻣﺟﯾﺋﻬـﺎ ﻟﻼﺳـﺗﻣرار
رد اﻻﺳﺗدﻻل ﺑﺎﻵﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﺟواﺑﯾن: ﻻ ﻟﻼﺳﺗﻘﺑﺎل واﻟﻣﺷﻬور ﺧﻼﻓﻪ ،ﺛم ّ
-اﻟﺟواب اﻟﺗﻣﻧﯾﻌـﻲ :ﺑﻣﻌﻧـﻰ ﻋـدم ﺗﺳـﻠﯾم ﻧزول)ﺳـﯾﻘول ...اﻵﯾـﺔ( ﺑﻌـد ﻗـوﻟﻬم)ﻣـﺎ وﻻﻫـم( ﻷﻧـﻪ ﻏﯾـر
ﻣﺗﻌﯾن ،ﺑل ذﻛر اﻟزﻣﺧﺷري أن اﻟﻔﺎﺋدة ﻓـﻲ اﻹﺧﺑـﺎر ﺑﻘـوﻟﻬم ﻗﺑـل وﻗوﻋـﻪ ﻣـن أﻧﻬـم ﺳـﯾﻘوﻟون ذﻟـك
وﺳﯾﺻــدر ﻋــﻧﻬم؛ ﻻن ":اﻟﻣﻔﺎﺟــﺄة ﻟﻠﻣﻛــروﻩ أﺷـ ّـد واﻟﻌﻠــم ﺑــﻪ ﻗﺑــل وﻗوﻋــﻪ أﺑﻌــد ﻋــن اﻻﺿــطراب إذا
وﻗﻊ") ،(٢ﻻن ﻗوﻟﻬم إذا وﻗﻊ ﺑﻐﺗﺔ ﻗﺑل أن ﯾﺧﺑرﻧﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻪ ﯾﺣﺻل ﻣﻧﻪ ﻛرب ﺷدﯾد واﺧﺗﻼل
ﻟﻠﻧﻔس ،ﻓﺈذا ﻧزﻟت اﻵﯾﺔ ﻗﺑل ذﻟك اطﻣﺄﻧت اﻟﻧﻔس وﺑﻌدت ﻋن اﻻﺿطراب).(٣
-اﻟﺟواب اﻟﺗﺳﻠﯾﻣﻲ :ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﺳﻠﯾم ﻧزول)ﺳﯾﻘول( ﻋﻘﯾب ﻗوﻟﻬم)ﻣﺎ وﻻﻫم( ،ﻟﻛن ﻧﻣﻧﻊ دﻻﻟﺔ اﻟﺳﯾن
ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻣرارٕ ،واﻧﻣﺎ اﺳﺗﻔﯾد اﻻﺳﺗﻣرار ﻣن اﻟﻣﺿﺎرع ،ﻛﻣﺎ ﯾﻘول :ﻓﻼن ﯾﻘري اﻟﺿﯾف وﯾﺻـﻧﻊ
اﻟﺟﻣﯾ ــل ،ﺗرﯾ ــد أن ذﻟ ــك دأﺑ ــﻪ وﻋﺎدﺗ ــﻪ واﻟﺳ ــﯾن ﻣﻔﯾ ــدة ﻟﻼﺳ ــﺗﻘﺑﺎل؛ إذ اﻻﺳ ــﺗﻣرار إﻧﻣ ــﺎ ﯾﻛ ــون ﻓ ــﻲ
اﻟﻣﺳــﺗﻘﺑل) ،(٤وﺑﻬــذا اﻟﺟـواب اﻧــدﻓﻊ اﻻﺳــﺗدﻻل ﺑﺎﻵﯾــﺔ اﻷوﻟــﻰ اﻋﻧﻲ)ﺳــﺗﺟدون آﺧـرﯾن ...اﻵﯾــﺔ(،
ﺑﺎن اﻻﺳﺗﻣرار ﻣﻔﻬوم ﻣن اﻟﻣﺿﺎرع واﻟﺳﯾن ﺑﺎﻗﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل.
واﻟ ـراﺟﺢ ﻣــن اﻟ ـرأﯾﯾن -ﻓﯾﻣــﺎ ﯾﺑــدو -أن اﻟﻣﺿــﺎرع ﻫــو اﻟــدال ﻋﻠــﻰ اﻻﺳــﺗﻣرارٕ ،واذا دﺧﻠــت
اﻟﺳﯾن أو ﺳوف ﻋﻠﯾﻪ أﻓﺎدت اﻻﺳﺗﻣرار ﻟﻠﻔﻌل ﻓﻲ اﻟزﻣـﺎن اﻟﻣﺳـﺗﻘﺑل ،وﻟـو أن اﻟﻘﺎﺋـل ذﻛـر اﻻﺳـﺗﻣرار
دون ﻧﻔﻲ دﻻﻟﺔ اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل ﻟﻛﺎن ﻛﻼﻣﻪ ﻣﻘﺑوﻻ ،ﺑـل اﻟﺳـﯾن ﻟﻼﺳـﺗﻘﺑﺎل ﻟﻛـن ﻟـﯾس ﻓـﻲ اﺑﺗـداء اﻟﻔﻌـل ﺑـل
ﻓﻲ اﺳﺗﻣ اررﻩ ودواﻣﻪ.
وﺧﺗﺎﻣﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣطﻠب أﻧﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﻟﺔ ﻣﻬﻣﺔ ،وﻫﻲ أن أم ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺳـﯾن وﺳـوف اﻟدﻻﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ
اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل ،وأﻣﺎ اﻟﺗﺄﻛﯾـد واﻟوﻋـد واﻟوﻋﯾـد واﻻﺳـﺗﻣرار اﻻﺳـﺗﻘﺑﺎﻟﻲ إﻧﻣـﺎ ﯾﻛـون ﺑﻘـراﺋن ﻗوﻟﯾـﺔ وﺣﺎﻟﯾـﺔ ﺑـﯾن
اﻟﻣﺗﻛﻠم واﻟﻣﺧﺎطب ﻻ ﺗﺗﺿﺢ إﻻ ﺑﻌد اﻟﺗﺄﻣل واﻟﺗﻌرف إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت وظـروف اﻟﺧطـﺎب ،ﻓﺎﻻﺳـﺗﻣرار
اﻻﺳﺗﻘﺑﺎﻟﻲ إﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﻋﻧد اﻹﺧﺑﺎر ﺑﺗﻛرر أﻣر ﻗد ﺳﺑق وﻗوع أﻣﺛﺎﻟﻪ ،إذ ﯾﺄﺗﻲ ﺷﺧص ﻓﯾﺧﺑرك ﺑﺄﻣر
ﻋــن ﺗﻠــون اﻟﻧــﺎس أﻣﺎﻣــﻪ ﻓﺗﻘــول ﻟــﻪ :ﺳــﺗﺟدﻩ ﻛﺛﯾ ـرا ،أي اﻧــﻪ ﻣﺳــﺗﻣر ﻓــﻲ اﻟﻣﺳــﺗﻘﺑل ﻷﻧــﻪ ﺣﺎﻟــﺔ ﺑﺎﻗﯾــﺔ
ﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻷزﻣﻧﺔ اﻵﺗﯾﺔ.
١٩٢
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
-٢ذﻫب ﺟﻣﻬور اﻟﺑﺻرﯾﯾن إﻟﻰ أن اﻟﺳﯾن وﺳوف ﯾدﻻن ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل ﻋﻧد اﻟدﺧول ﻋﻠـﻰ
اﻟﻔﻌــل اﻟﻣﺿــﺎرع ،إﻻ أن )ﺳــوف( أﺷــد ﺗراﺧﯾــﺎ ﻓــﻲ اﻻﺳــﺗﻘﺑﺎل ﻣــن اﻟﺳــﯾن وأﺑﻠــﻎ ﺗﻧﻔﯾﺳــﺎ) ،(٣واﻋﺗﻘــد أن
ﻫـذا اﻹطـﻼق ﻗـد ﻧﺷـﺄ ﺑﻣﺟـﻲء اﺑـن ﺟﻧـﻲ)ت٣٩٢ﻫــ( وﻛﺛـرة ﺗـردادﻩ ﻟﻘﺿـﯾﺔ زﯾـﺎدة اﻟﻣﺑﻧـﻰ ،وﯾؤﯾـد ﻫــذا
اﻟظن ﻗول اﻟﺳﯾوطﻲ)ت ٩١١ﻫـ( إن ":ﺳوف ﻛﺎﻟﺳﯾن وأوﺳﻊ زﻣﺎﻧﺎ ﻣﻧﻬﺎ ﻋﻧد اﻟﺑﺻـرﯾﯾن؛ ﻻن ﻛﺛـرة
اﻟﺣــروف ﺗــدل ﻋﻠــﻰ ﻛﺛ ـرة اﻟﻣﻌﻧــﻰ وﻣرادﻓــﺔ ﻟﻬــﺎ ﻋﻧــد ﻏﯾــرﻫم") ،(٤وأﺿــﺎف اﺑــن اﯾــﺎز أن ﻫــذا اﻟﺣﻛ ـم
١٩٣
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
ﻣﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘراء ﻛﻼم اﻟﻌرب) ،(١وﻷﺟل ذﻟك ﺗﺑﺎرى اﻟﻣﻔﺳرون ﺑﺑﯾﺎن أﺳرار اﻟﺗﻌﺑﯾـر ﺑﺎﻟﺳـﯾن دون
ﺳوف ﻓﻲ ﻣواﺿﻊ ﻛﺎن اﻷﺻل ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺗﺄﺧﯾر واﻟﺗراﺧﻲ ،ﺣﯾث وﺟدوا ﻓﻲ اﻵﯾﺗﯾن اﻟواردﺗﯾن ﻓـﻲ ﺳـورة
اﻟﻧﺳـﺎء وﻋـدا ووﻋﯾـدا ﻟﻠﻣــؤﻣﻧﯾن واﻟﻛـﺎﻓرﯾن ﺑﺎﻟﺟﻧـﺎت واﻟﻧــﺎر ﻣـﻊ أن ﻛﻠﯾﻬﻣـﺎ ﻣﺗــﺄﺧر زﻣﺎﻧـﺎ إﻻ اﻧـﻪ ﺟــرى
اﻟﺗﻌﺑﯾر ﺑﺳـوف ﻣـﻊ اﻟﻛـﺎﻓرﯾن وﺑﺎﻟﺳـﯾن ﻣـﻊ اﻟﻣـؤﻣﻧﯾن ﻓـﻲ ﻗوﻟـﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰ):إن اﻟـذﯾن ﻛﻔـروا ﺑﺂﯾﺎﺗﻧـﺎ ﺳـوف
ﻧﺻﻠﯾﻬم ﻧﺎ ار ﻛﻠﻣﺎ ﻧﺿﺟت ﺟﻠـودﻫم ﺑـدﻟﻧﺎﻫم ﺟﻠـودا ﻏﯾرﻫـﺎ ﻟﯾـذوﻗوا اﻟﻌـذاب /اﻟﻧﺳـﺎء -آ ،(٥٦ :وﻗوﻟـﻪ
ﺗﻌــﺎﻟﻰ):واﻟــذﯾن آﻣﻧ ـوا وﻋﻣﻠ ـوا اﻟﺻــﺎﻟﺣﺎت ﺳــﻧدﺧﻠﻬم ﺟﻧــﺎت ﺗﺟــري ﻣــن ﺗﺣﺗﻬــﺎ اﻷﻧﻬــﺎر /اﻟﻧﺳــﺎء -آ:
،(٥٧ﺣﯾــث ﻓــرق أﺑــو ﺣﯾــﺎن ﺑــﯾن اﻟﺗﻌﺑﯾ ـرﯾن ﺑﻘوﻟــﻪ ":ﺟــﺎءت ﺟﻣﻠــﺔ اﻟﻛﻔــﺎر ﻣؤﻛــدة ﺑــﺄن ﻋﻠــﻰ ﺳــﺑﯾل
ﺗﺣﻘﯾــق اﻟوﻋﯾــد وﻟــم ﺗﺣــﺗﺞ إﻟــﻰ ذﻟــك ﻓــﻲ ﺟﻣﻠــﺔ اﻟﻣــؤﻣﻧﯾن ،واﺗــﻰ ﻓﯾﻬــﺎ ﺑﺎﻟﺳــﯾن اﻟﻣﺷــﻌر ﺑﻘﺻــر ﻣــدة
اﻟﺗﻧﻔﯾس ﻋﻠـﻰ ﺳـﺑﯾل ﺗﻘرﯾـب اﻟﺧﯾـر ﻣـن اﻟﻣـؤﻣﻧﯾن وﺗﺑﺷـﯾرﻫم ﺑـﻪ") ،(٢ﺑﻣﻌﻧـﻰ أن اﺳـﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳـﯾن ﻛـﺎن
ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻷﺻل ،ﻓﺎﺣﺗﺎج إﻟـﻰ ﺑﯾـﺎن وﺟﻬـﻪ ﺑـﺎن اﻟﻣـراد اﻟﺗﺑﺷـﯾر وذﻟـك ﻣﻘﺗﺿـﻰ أﺳـﻠوب اﻟﺗﻘرﯾـب،
ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻛﺎن اﺳﺗﻌﻣﺎل)ﺳوف( ﻋﻠﻰ وﻓـق اﻷﺻـل ﻣـن ﺗـﺄﺧر زﻣـﺎن اﻟوﻋﯾـد ﻓﻠـم ﯾﺗﺳـﺎءل ﻋـن ﻋﻠﺗـﻪ؛ ﻻن
اﻟﺷــﻲء إذا ﺟ ــﺎء ﻋﻠ ــﻰ أﺻــﻠﻪ ﻻ ﯾﺳ ــﺎل ﻋ ــن ﺳ ــﺑب ﻣﺟﯾﺋــﻪ ﻋﻠ ــﻰ ذﻟ ــك ﺑﺧــﻼف اﻟﺧ ــﺎرج ﻋ ــن أﺻ ــﻠﻪ
وﺣﻘﯾﻘﺗــﻪ ،وﻟﻬــذا اﻟﻔﻬـم اﺳﺗﺷــﻌر أﺑــو ﺣﯾــﺎن اﻋﺗ ارﺿــﺎ ﻣوﺟﻬــﺎ ﻋﻠﯾــﻪ ﺑﺄﻧــﻪ اﺳﺗﻌﻣﻠت)ﺳــوف( ﻓــﻲ اﻟﺳــورة
أﯾﺿﺎ ﻣﻊ اﻟﻣؤﻣﻧﯾن ،وذﻟك ﻓـﻲ ﻗوﻟـﻪ ﺗﻌـﺎﻟﻰ) :ﻓﺄوﻟﺋـك ﻣـﻊ اﻟﻣـؤﻣﻧﯾن وﺳـوف ﯾـؤت اﷲ اﻟﻣـؤﻣﻧﯾن أﺟـ ار
ﻋظﯾﻣ ــﺎ /اﻟﻧﺳ ــﺎء -آ ،(١٤٦ :ﻷﻧ ــﻪ ﻋﻠ ــﻰ وﻓ ــق ﺗﻌﻠﯾﻠ ــﻪ ﻛ ــﺎن اﻟﺗﻌﺑﯾ ــر اﻷﻧﺳ ــب اﻟﺳ ــﯾن ﻟﺻ ــﺣﺔ إرادة
اﻟﺗﺑﺷﯾر اﻟﻣﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺗﻘرﯾب ،ﻓﻘﺎل ":أﺗﻰ ﺑﺳوف ﻻن إﯾﺗﺎء اﻷﺟر ﻫو ﯾوم اﻟﻘﯾﺎﻣﺔ وﻫو زﻣﺎن ﻣﺳﺗﻘﺑل
ﻟﯾس ﻗرﯾﺑﺎ ﻣن اﻟزﻣﺎن اﻟﺣﺎﺿر ،وﻗد ﻗﺎﻟوا :إن ﺳوف أﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻟﺗﻧﻔﯾس ﻣن اﻟﺳﯾن") ،(٣ﻓﻘد ﻋﻠّل ذﻟك
ﺑــﺎن اﻟــﻧص ﺟــﺎء ﻋﻠــﻰ اﻷﺻــل ﻓــﻼ ﯾﺳــﺎل ﻋــن ﺳــﺑب أﺻــﺎﻟﺗﻪ ،ﻓﺎﻟظــﺎﻫر ﻣــن ﻛــﻼم أﺑــﻲ ﺣﯾــﺎن ﻓــﻲ
اﻟﺗﻔرﻗ ــﺔ ﺑ ــﯾن اﻟﺳ ــﯾن وﺳ ــوف ،أن اﻟﺳ ــﯾن ﺗ ــدل ﻋﻠ ــﻰ ﻗ ــرب اﻟﻣﺳ ــﺗﻘﺑل ،ﻓ ــﺈذا دﻟ ــت ﻋﻠ ــﻰ ذﻟ ــك ﻛ ــﺎن
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل ﺣﻘﯾﻘﯾﺎ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻟو دﻟـت ﻋﻠـﻰ ﺗ ارﺧـﻲ اﻟـزﻣن ﻓﯾﺣﺗـﺎج إﻟـﻰ ﺑﯾـﺎن ﻧﻛﺗـﺔ اﻟﺧـروج ﻋـن اﻷﺻـل،
وﻛذﻟك)ﺳوف( ﻓﺎن اﻷﺻل ﻓﯾﻬﺎ اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗراﺧﻲ اﻟﺣدث ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،ﻓﻼ ﯾﺳﺎل ﻋـن ﻋﻠـﺔ ذﻟـك
ﻷﻧﻬﺎ ﺟﺎرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺻـل ،ﻓـﺈذا دﻟـت ﻋﻠـﻰ اﻟﻘـرب اﻟزﻣـﺎﻧﻲ اﺣﺗـﺎج اﻷﻣـر إﻟـﻰ اﻟﺗﻌﻠﯾـل وﺑﯾـﺎن اﻟﺛﻣـرة،
وﻻ ﯾﺧﻔﻰ أن ﻣﻌرﻓـﺔ اﻟﺧـروج ﻋـن اﻷﺻـل ﻓـﻲ ﻛـل ﻣـن اﻟﺳـﯾن وﺳـوف ﯾﻛـون ﻋﻧـد ﻣﻘﺎﺑﻠـﺔ اﻟﻧﺻـوص
ﺑﻌﺿــﻬﺎ ﻣــﻊ اﻟــﺑﻌض اﻵﺧــر ﻛﻣــﺎ ﺗﻘــدم ﻣــن اﻟﺗﻣﺛﯾــل ﻟــﻪ ﺑﺎﻵﯾــﺎت اﻟﺳــﺎﺑﻘﺔ وﻛﺎﻟﻧﺻــﯾن اﻵﺗﯾــﯾن ،ﺣﯾــث
ﻓﺳروا اﻟﺗﺷﺎﺑﻪ اﻟواﻗﻊ ﺑﯾن ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ):ﻓﻘد ﻛ ّذﺑوا ﺑﺎﻟﺣق ﻟﻣﺎ ﺟﺎءﻫم ﻓﺳـوف ﯾـﺄﺗﯾﻬم أﻧﺑـﺎء ﻣـﺎ ﻛـﺎﻧوا ﺑـﻪ
ﯾﺳــﺗﻬزؤون /اﻟﺷــﻌراء -آ ،(٥ :وﻗوﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ):ﻓﻘــد ﻛــذﺑوا ﻓﺳــﯾﺄﺗﯾﻬم أﻧﺑــﺎء ﻣــﺎ ﻛــﺎﻧوا ﺑــﻪ ﯾﺳــﺗﻬزؤون/
١٩٤
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
اﻟﺷـ ــﻌراء -آ ،(٦ :ﻓﻌﻧـ ــد ﻣﻘﺎرﻧـ ــﺔ اﻟﻧﺻـ ــوص وﺗﻘﺎﺑﻠﻬـ ــﺎ ﯾﺗﺳـ ــﺎءل اﻟـ ــدارس ﻋـ ــن ﺳـ ــر اﻟﺗﻔـ ــﺎوت ﺑـ ــﯾن
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻟﯾن ،ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻷﺻل اﻟﺗراﺧﻲ ﻓﻣﺎ ﺳر اﻟﺗﻌﺑﯾر ﺑﺎﻟﺳﯾن؟ واﻟﻌﻛس ﺻﺣﯾﺢ؛ ﻻن ﻛﻠﯾﻬﻣﺎ ﯾدل
ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣن اﻟوﻋﯾد واﻟﺗﻬدﯾد واﺣدة ﺑﺣﺳب اﻟظﺎﻫر ،وذﻟـك ﻣـﺎ اﺳـﺗدﻋﻰ ﻗرﯾﺣـﺔ أﺑـﻲ ﺣﯾـﺎن ﻟﻠﺗﺄوﯾـل
ﺑﺄﻧﻪ ":ﺟﺎء ﻓﻲ اﻷﻧﻌـﺎم اﻟﺗﻧﻔـﯾس ﺑﺳـوف وﻓـﻲ اﻟﺷـﻌراء ﺑﺎﻟﺳـﯾن؛ ﻻن اﻷﻧﻌـﺎم ﻣﺗﻘدﻣـﺔ ﻓـﻲ اﻟﻧـزول ﻋـن
اﻟﺷــﻌراء ،ﻓﺎﺳــﺗوﻓﻰ ﻓﯾﻬــﺎ اﻟﻠﻔــظ وﺣــذف ﺑــﺎﻟﺣق ﻣــن اﻟﺷــﻌراء وﻫــو ﻣ ـراد إﺣﺎﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻷول ،وﻧﺎﺳــب
اﻟﺣــذف اﻻﺧﺗﺻــﺎر ﻓـﻲ ﺣــرف اﻟﺗﻧﻔــﯾس ﻓﺟــﺎء ﺑﺎﻟﺳــﯾن") ،(١وﻧﺣــن ﻧﺗﻔــق ﻣــﻊ أﺑــﻲ ﺣﯾــﺎن ﻋﻠــﻰ ﺳــﻼﻣﺔ
اﻟﻣــﻧﻬﺞ اﻟﻘــﺎﺋم ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﻘﺎرﻧــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻧﺻــوص اﻟﻣﺗﺷــﺎﺑﻬﺔ ﻟﻣﻌرﻓــﺔ ﺳـ ّـر اﻟﻌــدول ﻋــن اﻷﺻــل ،وﻟﻛﻧﻧــﺎ
ﻧﺧﺗﻠف ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺧﺻوص اﻟﺗﻌﻠﯾل اﻟﻣذﻛور اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ أن اﻟﺣذف ﻣن اﻟﻧص اﻟﻣﺗﺄﺧر ﻧزوﻻ ﯾﻧﺎﺳـﺑﻪ
ﺗﻘﻠﯾـل اﻻﺳـﺗﻘﺑﺎل؛ ﻻن اﻻﺧﺗﺻـﺎر ﯾﺳـﺗدﻋﻲ اﻻﺧﺗﺻـﺎر ﻓـﻲ اﻟﻣﺗـﺄﺧر ﻧـزوﻻ؛ ﻻن ﻫـذا اﻟﺗﻌﻠﯾـل ﯾ ارﻋــﻲ
اﻟﻣﺳــﺗوى اﻟﻠﻔظــﻲ ﻓــﻲ ﺣــﯾن ﻛــﺎن اﻟﻛــﻼم ﻓــﻲ اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺳــﺗوى اﻟﻣﻌﻧــوي ،ﻓﺎﻷﻧﺳــب اﻟﻘــول إن
اﻟﻧص اﻟﻣﺗﺄﺧر ﻧزوﻻ اﻗﺗرب اﻟﻧزول ﻓﯾـﻪ ﻣـن ﺗﺣﻘـق اﻟوﻋﯾـد واﻟﺗﻬدﯾـد ،ﻋﻠـﻰ ﺣـﯾن ﻛـﺎن اﻟـﻧص اﻟﻣﺗﻘـدم
ﻧزوﻻ أﺑﻌد ﻋن ﺣﺻول اﻟوﻋﯾد ﻟﺗﻘدﻣﻪ.
اﷲ. وﺳﯾﺄﺗﻲ ﻟﻧﺎ وﺟﻬﺔ ﻧظر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔرق ﻧؤﺧرﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻣطﻠب اﻟﺳﺎدس إن ﺷﺎء
وﻛل ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﻧﻔﯾس اﻟزاﺋد ﻓﻲ ﺳوف ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾن ،ﻟـم ﺗـرق ﻻﺑـن ﻫﺷـﺎم
رﺟﺢ ﺗﺳﺎوي )اﻟﺳﯾن وﺳوف(ﻓﻲ اﻟدﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،ﻓﻠﯾﺳت)ﺳوف( أﺑﻌد وأﻛﺛر اﻷﻧﺻﺎري اﻟذي ّ
اﺳ ــﺗﻘﺑﺎﻻ ﻣ ــن اﻟﺳ ــﯾن ،واﺳ ــﺗدل ﻋﻠ ــﻰ ﺗﺳ ــﺎوﯾﻬﻣﺎ ﺑﻌﻘ ــد اﻟﻣﻘﺎرﻧ ــﺔ ﺑ ــﯾن ﻗوﻟ ــﻪ ﺗﻌ ــﺎﻟﻰ):وﺳ ــوف ﯾ ــؤت اﷲ
اﻟﻣ ــؤﻣﻧﯾن أﺟـ ـ ار ﻋظﯾﻣ ــﺎ /اﻟﻧﺳ ــﺎء -آ ،(١٤٦ :وﻗوﻟ ــﻪ ﺗﻌ ــﺎﻟﻰ):واﻟﻣؤﻣﻧ ــون ﺑ ــﺎﷲ واﻟﯾ ــوم اﻵﺧ ــر أوﻟﺋ ــك
ﺳﻧؤﺗﯾﻬم أﺟ ار ﻋظﯾﻣﺎ /اﻟﻧﺳﺎء -آ ،(١٦٢ :ﻓﻘد ﺗوارد اﻟﺳﯾن وﺳوف ﻓﻲ اﻵﯾﺗﯾن) ،(٢وﻛﺄﻧﻪ ﻟم ﯾـرﺗض
ﺗﻔرﻗﺔ أﺑﻲ ﺣﯾﺎن ﺑﺎن اﻟﻧص اﻷول ﺟﺎء ﻋﻠﻰ اﻷﺻـل واﻟﺛـﺎﻧﻲ ﻣﺟـﺎز ﻟﻠﺗﺑﺷـﯾر ﺑﻘـرب اﻟﺧﯾـر ،ﻛﻣـﺎ اﻧـﻪ
اﺳﺗدل ﺑﺂﯾﺗﯾن ﻣﺗﻔﻘﺗﯾن ﻏﺎﯾﺔ اﻻﺗﻔﺎق ،ﻓﻛﻼﻫﻣﺎ ﻣﺷﺗرك ﻓﻲ ﻣوﻋود واﺣد اﻋﻧﻲ)أﺟ ار ﻋظﯾﻣـﺎ( ﺑﺧـﻼف
ﻣﻘﺎرﻧــﺔ أﺑــﻲ ﺣﯾــﺎن اﻟﻘﺎﺋﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺗﻌــدد اﻟﻣوﻋــود ﺑــﻪ اﻋﻧﻲ)ﺟﻧــﺎت( و)أﺟـ ار ﻋظﯾﻣــﺎ( إذ ﯾﻣﻛــن اﻟــدﺧول
إﻟﻰ اﻟﺗﺄوﯾل ﻣن ﺗﻐﺎﯾر اﻟﻣوﻋود ﺑﻪ ،ﻓﻣﻘﺎرﻧﺔ اﺑن ﻫﺷﺎم أﻛﺛر دﻗـﺔ وﻋﻣﻘـﺎ ،وﯾﺗﺿـﺢ ﻣـن ﺧﻼﻟﻬـﺎ ﻋـدم
اﻟﺗﻔــﺎوت ﺑــﯾن اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ﻓــﻲ اﻟدﻻﻟــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻻﺳــﺗﻘﺑﺎل ،ﻣــﻊ اﻧــﻪ ﯾﻣﻛــن اﻹﺟﺎﺑــﺔ ﺑﺄﺣــداث اﻟﺗﻐــﺎﯾر
اﻟــدﻻﻟﻲ ﺑــﯾن اﻟﻧﺻــﯾن ،ﻓــﺎﻟﻧص اﻟ ـوارد ﻓﯾــﻪ اﻟﺳــﯾن ﻧ ـزل ﻓــﻲ ﺣــق اﻟﺳــﺎﺑﻘﯾن اﻷوﻟــﯾن ﺑﻘرﯾﻧــﺔ )أوﻟﺋــك(
ﺑﺧﻼف اﻟﻧص اﻟوارد ﻓﯾـﻪ ﺳـوف ،إذ ﻟـم ﯾـﺄﺗوا ﺑﻌـد ﻓﻧﺎﺳـب اﻟﺗ ارﺧـﻲ ﻓﯾـﻪ وﺑﻘرﯾﻧـﺔ )اﻟﻣـؤﻣﻧﯾن() ،(٣واﺑـن
ﻫﺷﺎم ﻓﻲ ﻫذا ﻣﺗﺎﺑﻊ ﻻﺑن ﻣﺎﻟك)ت ٦٧٢ﻫـ( اﻟذي ﻛﺎن ﯾرى اﻟﻣرادﻓﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﯾن وﺳـوف أﯾﺿـﺎ ،ﻓﻘـد
١٩٥
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
ﻋﻠل ذﻟـك ﺑﺄﻧﻬﻣـﺎ ":ﻗـد اﺳـﺗﻌﻣﻼ ﻓـﻲ اﻟوﻗـت اﻟواﺣـد ،ﻗـﺎل ﺗﻌـﺎﻟﻰ ﻓـﻲ ﺳـورة اﻟﻧﺑـﺄ):ﻛـﻼ ﺳـﯾﻌﻠﻣون * ﺛـم
ﻛﻼ ﺳﯾﻌﻠﻣون( وﻓﻲ ﺳـورة اﻟﺗﻛـﺎﺛر):ﻛـﻼ ﺳـوف ﺗﻌﻠﻣـون* ﺛـم ﻛـﻼ ﺳـوف ﺗﻌﻠﻣـون( ،ﺛـم ﯾﺳـﺗدل ﺑـدﻟﯾل
ﻋﻘﻠــﻲ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣرادﻓــﺔ ﻟﯾﻘــول ":إن اﻟﻣﺎﺿــﻲ واﻟﻣﺳــﺗﻘﺑل ﻣﺗﻘــﺎﺑﻼن واﻟﻣﺎﺿــﻲ ﻻ ﯾﻘﺻــد ﺑــﻪ إﻻ ﻣطﻠــق
اﻟﻣﺿﻲ دون ﺗﻌرض ﻟﻘرب اﻟزﻣﺎن أو ﺑﻌدﻩ ،ﻓﻛذا اﻟﻣﺳـﺗﻘﺑل ﻟﯾﺟـري اﻟﻣﺗﻘـﺎﺑﻼن ﻋﻠـﻰ ﺳـﻧن واﺣـد")،(١
وأﻣﺎ ﻣن ﯾذﻫب إﻟﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ ﻟزﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ﯾﻘدر ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻲ دﻟﯾﻠﯾﻪ ،أﻣﺎ اﻷول ﻓﺑﻌـدم ﺗﺳـﻠﯾم ﻛـون
اﻟﺳﯾﺎق ﻓﻲ اﻟﺳورﺗﯾن واﺣدا ،ﻓﻔﻲ اﻟﻧﺑﺄ ﻛﺎن اﻟﻛﻼم ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻐﯾﺑﺔ ،ﻟﻘوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ):ﻋم ﯾﺗﺳﺎءﻟون ﻋن
اﻟﻧﺑﺄ اﻟﻌظﯾم* اﻟذي ﻫم ﻓﯾﻪ ﻣﺧﺗﻠﻔون( واﻟﻐﯾﺑﺔ ﻻ ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﺣـﺎل اﻟـرد ﻗـوة ﻓـﻲ اﻟﻣﻌﻧـﻰ ،وﻣـن ﻧواﺗﺟﻬـﺎ
اﻟﻘــرب اﻟزﻣــﺎﻧﻲ اﻟﻣــدﻟول ﻋﻠﯾــﻪ ﺑﺎﻟﺳــﯾن ،وأﻣــﺎ اﻟﺳــﯾﺎق اﻵﺧــر ﻓــﻲ ﻗوﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ):أﻟﻬــﺎﻛم اﻟﺗﻛــﺎﺛر* ﺣﺗــﻰ
زرﺗــم اﻟﻣﻘــﺎﺑر( ﻓﻬــو ﻛــﻼم ﻓــﻲ ﺣﺎﻟــﺔ اﻟﺧطــﺎب وﯾﺳــﺗدﻋﻲ ﻗــوة ﻓــﻲ اﻟــرد واﻟــردع ،وﻣــن ﻧواﺗﺟــﻪ اﻟﺑﻌــد
اﻟزﻣــﺎﻧﻲ ﺗﺄﻛﯾــدا ﻟﻌــدم ﺣﺻــول اﻟﻌﻠــم ﻓــﻲ اﻟــزﻣن اﻟﻘرﯾــب ،وأﻣــﺎ اﻟــدﻟﯾل اﻟﻌﻘﻠــﻲ ﻓﺑﻣﻧــﻊ أن اﻟﻣﺎﺿــﻲ ﻻ
ﯾﻘﺻد ﺑﻪ إﻻ ﻣطﻠق اﻟﻣﺿﻲ ﺑدﻟﯾل اﺷﺗراطﻬم ﻟوﻗـوع ﺧﺑـر)إن وأن( اﻟﻣﻘـرون ﺑـﺎﻟﻼم ﺑوﺟود)ﻗـد( ﻷﻧﻬـﺎ
ﻧص ﻋﻠﻰ ذﻟك اﺑن ﻣﺎﻟك ﻧﻔﺳﻪ").(٢ ﺗﻘرب اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻣن اﻟﺣﺎل ،وﻣﻣن ّ ّ
أﺧــرج ﻣــن ﻫــذا اﻻﺧــﺗﻼف ﺑ ـرأي ﻣﻔــﺎدﻩ :أن اﻻﺗﻛــﺎء ﻋﻠــﻰ اﻟﺗﻔرﻗ ـﺔ ﺑــﯾن اﺳــﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﺳــﯾن
وﺳوف ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟدﻻﻟﺔ أو وﻓق اﻟﻣﺳﺗوى اﻟـدﻻﻟﻲ ﻓﻘـط ﻣـؤد إﻟـﻰ اﻟﺗﻛﻠـف ﻓـﻲ اﻟﺗﺄوﯾـل أﺣﯾﺎﻧـﺎ وﻋـدم
اﻹﻗﻧﺎع ﻓﻲ اﻟﺗﺧرﯾﺞ أﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى ،ﻓﺎﻟﻣﺳﺗوى اﻟدﻻﻟﻲ ﻏﯾر ﻛﺎف وﺣـدﻩ ﻓـﻲ ﺗوﺿـﯾﺢ أﺳـرار اﺳـﺗﻌﻣﺎل
ﺗﻌﺿــد ذﻟــك وﺗﻘوﯾــﻪ ،ﺣﺗــﻰ ﺗﻔﻬــم
اﻟﺳــﯾن دون ﺳــوف وﺑــﺎﻟﻌﻛس ،ﻓــﻼ ﺑــد ﻣــن ﻣﺳــﺗوﯾﺎت ﻟﻐوﯾــﺔ أﺧــرى ّ
ﺣﻛﻣﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل وﻣﻘﺎﺻد اﻟﻣﺗﻛﻠﻣﯾن ،وﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻋرض ﻟﺟﻬود اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ﻓﻲ ﺑﯾﺎن أﺳرار اﻟﺗﻌﺑﯾر
ﺑﺎﻷداﺗﯾن ﻣﻊ اﻟﺗﻘوﯾم واﻟﺗوﺟﯾﻪ واﻟﻧﻘد؛ إذ ﯾﻠزم ﻋﻠﻰ رأي اﺑن ﻫﺷﺎم ﻣن اﻟﺣﻛم ﺑﺗﺳﺎوي اﻟﺳﯾن وﺳـوف
دﻻﻟﯾﺎ وﺟود أداﺗﯾن ﻟﻣﻌﻧﻰ واﺣد ،ﻣﻊ أن ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟوﺿﻊ اﻟﻠﻐوي ﺗﻘـوم ﻓـﻲ اﻷﺻـل ﻋﻠـﻰ ﻧﻔـﻲ اﻟﺗـرادف
ﻣﺎ أﻣﻛن ذﻟك.
إﻧﻧــﻲ ﻟﺳــت ﻣــﻊ اﻟﺗـرادف ﻷﻧــﻪ إﻫﻣــﺎل واﺿــﺢ ﻟﺗﻐــﺎﯾر ﻟﻔظــﻲ ﻣﻘﺻــود ﻛــﺎن ﻟــﻪ آﺛــﺎر واﺿــﺣﺔ
ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯾد اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻧﺻﻲ واﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻌﺎم ،وﻣوطن اﻟﺧﻠل ﻓﻲ ﺻـﻧﯾﻊ اﺑـن ﻫﺷـﺎم واﺑـن ﻣﺎﻟـك ﯾﺗﻣﺛـل
ﻓــﻲ اﻻﻧﺗﺑــﺎﻩ إﻟــﻰ اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ﻣﺟـ ّـردﯾن ﻋــن ﺳــﯾﺎﻗﻬﻣﺎ اﻟﻠﻐــوي اﻟﺗــﺎم ﻣــن ﻋﻧﺎﺻــر اﻟﺧطــﺎب واﻟﻐﯾﺑــﺔ
واﻟﻣﺑﻧــﻲ ﻟﻠﻣﻌﻠــوم واﻟﻣﺟﻬــول وﺳــﺎﺋر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘــﺎت اﻷﺧــرى ،وﻛــذﻟك ﻟﺳــت ﻣــﻊ ﺑﻌــض اﻟﺗﻌﻠــﯾﻼت اﻟواﻫﯾــﺔ
ﻓﻲ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ واﻟﻣﻌﻧﻰ واﻟﻣﻧﺑﺛﻘﺔ ﻣن ﻣﻼﺣظـﺔ أدﻧـﻰ اﺧـﺗﻼف ﺳـﯾﺎﻗﻲ؛ ﻻن اﻟﺗﺳـﻠﯾم ﺑـﻪ ﯾـؤدي إﻟـﻰ
ﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾﻼت.
١٩٦
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
ﺗﻧﻔــرد )ﺳــوف( ﺑــدﺧول اﻟــﻼم ﻋﻠﯾﻬــﺎ ﻛﻘوﻟــﻪ ﺗﻌــﺎﻟﻰ):وﻟﺳــوف ﯾﻌطﯾــك رﺑــك ﻓﺗرﺿــﻰ/ -١
اﻟﺿﺣﻰ -آ ،(٥ :و ﻗرئ ﻓﻲ اﻟﺷـواذ):ﻟﺳـﺄﺧرج ﺣﯾـﺎ( ،و)ﻟﺳـﯾﻌطﯾك رﺑـك( ،وﻋﻠّـل اﺑـن اﻟﺧﺷـﺎب ذﻟـك
ﺑﺎن)ﺳــوف( أﺷــﺑﻪ ﺑﺎﻷﺳــﻣﺎء ﻣــن اﻟﺳــﯾن ﻟﻛوﻧﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ ﺛﻼﺛــﺔ أﺣــرف ،واﻟﺳــﯾن أﻗﻌــد ﻓــﻲ ﺷــﺑﻪ اﻟﺣــرف
ﻓﺎﺧﺗﺻت)ﺳـوف( ﺑﺟـواز دﺧـول اﻟـﻼم ﻋﻠﯾﻬـﺎ ﺑﺧـﻼف اﻟﺳـﯾن) ،(١وﻫـذا ﻓـرق
ّ ﻟﻛوﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣرف واﺣد
ﻗواﻋــدي ﻣﻬــم ﻗ ــد ﯾﺻــﻌب ﺗﻌﻠﯾــل اﺳ ــﺗﻌﻣﺎﻟﻪ دﻻﻟﯾــﺎ ،ﺣﯾــث إن دﺧ ــول اﻟــﻼم اﻟﺗوﻛﯾدﯾــﺔ ﻋﻠﻰ)ﺳ ــوف(
واﺧﺗﺻﺎﺻــﻬﺎ ﺑﻬــﺎ دون)اﻟﺳــﯾن( ﯾــؤدي إﻟــﻰ وﺟــوب اﺳﺗﻌﻣﺎل)ﺳــوف( ﻓــﻲ اﻟﺗرﻛﯾــب ،ﻣــﻊ أن اﻟﻧظ ـرة
اﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟﻘـرب واﻟﺑﻌـد اﻟزﻣـﺎﻧﻲ ﻗـد ﺗﻛـون ﻣﺷـﻛﻠﺔ ﻓـﻲ ﺣـد ذاﺗﻬـﺎ ،وﻓـﻲ ﻫـذﻩ اﻟﺣﺎﻟـﺔ ﯾﺗـرك
اﻟﻣﺳــﺗوى اﻟــدﻻﻟﻲ وﻻ ﯾﻌـ ّـول ﻋﻠﯾــﻪ ﻻﻗﺗﺿــﺎء طﺑﯾﻌــﺔ اﻟﺗرﻛﯾــب اﻟﻘواﻋــدي أداة دون ﻏﯾرﻫــﺎ اﻟﻣﻘﺎرﺑــﺔ ﻟﻬــﺎ
ﻓﻲ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ.
ﻛﻣــﺎ أﻓــﺎد ﺗﻌﻠﯾــل اﺑــن اﻟﺧﺷــﺎب ﻣﺳــﺎﻟﺔ ﻣﻬﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺳــﺗوى اﻟﻠﻔظــﻲ ﻓــﻲ اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﺳــﯾن
وﺳوف ،ﻓﺎﻟﺳﯾن ﺣرف واﺣد ﺑﺧﻼف)ﺳوف( اﻟﻣﺗﻛوﻧﺔ ﻣن ﺛﻼﺛﺔ أﺣرف ،وﻟﻘد ﺗﻘرر ﻓﻲ ﻋﻠم اﻟوﺿـﻊ
أن اﻷﺻل ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺣروف أن ﺗﻛون ﻋﻠﻰ ﺣرف واﺣد أو ﺣرﻓﯾن ﻣﺛل)ﺑﺎء اﻟﺟر وﻋن( واﻷﺻل
ﻓـﻲ وﺿـﻊ اﻷﺳـﻣﺎء أن ﺗﻛـون ﻋﻠـﻰ ﺛﻼﺛـﺔ أﺣـرف ﻓﺻـﺎﻋدا ﻟﻠﺗﻐـﺎﯾر ﺑـﯾن وظﯾﻔﺗـﻲ اﻟﺣـروف واﻷﺳــﻣﺎء
ﻓــﻲ اﻟﻛــﻼم؛ ﻓــﺈذا ﺧــرج اﻟﺣــرف ﻋــن أﺻــل وﺿــﻌﻪ ﻣﺛل)ﺳــوف( ﻓﺻــﺎر ﻋﻠــﻰ ﺛﻼﺛــﺔ أﺣــرف ﺣــدث ﻟــﻪ
ﺷﺑﻪ ﺑﺎﻷﺳﻣﺎء ﻓﯾﻌﺎﻣل ﺗرﻛﯾﺑﯾـﺎ ﻣﻌﺎﻣﻠـﺔ اﻷﺳـﻣﺎء وان ﻛـﺎن ﺑﺎﻗﯾـﺎ ﻋﻠـﻰ ﺣرﻓﯾﺗـﻪ ،ﻓﺗـدﺧل اﻟﺣـروف ﻋﻠﯾـﻪ
ﻛدﺧوﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻣﺎء واﻷﻓﻌﺎل ،ﺑل ﯾﻧﻔﺻل ﻛﺗﺎﺑﯾﺎ ﻋن ﻣدﺧوﻟـﻪ ﻓﻧﻛﺗب)ﺳـﯾذﻫب( و)ﺳـوف ﯾـذﻫب(
ﻓﺎﻟﺳــﯾن اﻟﺗﺻــﻘت ﺑﻣــدﺧوﻟﻬﺎ ﻛﺗﺎﺑﯾــﺎ وﻫــذا دﻟﯾــل اﻻﻓﺗﻘــﺎر اﻟــذي ﻫــو ﻋﻼﻣــﺔ اﻟﺣرﻓﯾــﺔ ﻏﺎﻟﺑــﺎ ﻋﻠــﻰ ﺣــﯾن
اﻧﻔﺻﻠت)ﺳوف( ﻋن ﻣدﺧوﻟﻬﺎ ،وﻫذا دﻟﯾـل اﻻﺳـﺗﻘﻼل اﻟـذي ﻫـو ﻋﻼﻣـﺔ ﻣﺷـﺎﺑﻬﺔ اﻷﺳـﻣﺎء واﻷﻓﻌـﺎل،
وﻷﺟل ذﻟك ﺗﻧﻔرد)ﺳوف( ﺑﺟواز ﻓﺻﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌل اﻟﻣﻠﻐﻲ ﺑﺧﻼف)اﻟﺳﯾن( ﻓﻲ ﻗول اﻟﺷﺎﻋر:
)(٢
أﻗوم آل ﺣﺻن أم ﻧﺳﺎء وﻣﺎ أدري وﺳوف أﺧﺎل أدري
ﺣﯾث ﻓﺻل ﺑﯾن)ﺳوف( وﻣدﺧوﻟﻬﺎ وﻫو)أدري( ﺑﺎﻟﻔﻌـل اﻟﻣﻠﻐﻲ)أﺧـﺎل( ﻷﻧـﻪ ﻻ ﻋﻣـل ﻟـﻪ ﻓـﻲ
اﻟﻣﻔﻌول) ،(٣وﻻ ﯾﺟوز ذﻟك ﻓﻲ)اﻟﺳﯾن( ﻓﻼ ﻧﻘول ﻓﻲ اﻟﺑﯾت :وﺳﺄﺧﺎل أدري ،وﻫذا دﻟﯾل ﻋﻠﻰ ﻣظﻬـر
١٩٧
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
آﺧــر ﻣــن ﻣظــﺎﻫر ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ)ﺳــوف( ﻣﻌﺎﻣﻠــﺔ اﻷﺳــﻣﺎء واﻷﻓﻌــﺎل ﺑﺧــﻼف اﻟﺳــﯾن اﻟﻣﺗوﻏﻠــﺔ ﻓــﻲ اﻟﺣرﻓﯾــﺔ
اﻟﻣﻔﺗﻘـرة ﻟﻣــدﺧوﻟﻬﺎ أﺷــد اﻻﻓﺗﻘــﺎر ﺑﺣﯾــث ﯾﻛــون اﺗﺻــﺎﻟﻬﺎ ﺑــﻪ ﺷــدﯾدا ﺑﺧﻼف)ﺳــوف( اﻟﻣﺳــﺗﻘﻠﺔ اﻟﺗــﻲ ﻻ
ﯾﺿرﻫﺎ اﻧﻔﺻﺎﻟﻬﺎ ﻋن ﻣدﺧوﻟﻬﺎ ،وﻫذا اﻟﻔرق ﺑﯾن اﻷداﺗﯾن ﺗرﻛﯾﺑﯾﺎ ﻣﺗﻌﻠق ﺑﻣﺎ ﺳﺑق ﻣـن ﺗﻌﻠﯾـل ،وﻟـذا
ﻟم ﻧﻔردﻩ ﺑﻧﻘطﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣدة.
-٢وﻗﻊ ﺗﻘﺎطﻊ ﻛﺑﯾر ﺑﯾن اﻟﺳﻬﯾﻠﻲ)ت ٥٨١ﻫــ( واﺑـن اﻟﻘـﯾم)ت ٧٥١ﻫــ( ﺑﺧﺻـوص ﺻـدارة
اﻟﺳــﯾن وﺳــوف وﻋــدم ﺻــدارﺗﻬﻣﺎ ،ﺣﯾــث ذﻫــب اﻟﺳــﻬﯾﻠﻲ إﻟــﻰ أن اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ﻟــﯾس ﻟﻬﻣــﺎ ﺻــدر
اﻟﻛﻼم) ،(١ﺑﯾﻧﻣﺎ رأى اﺑن اﻟﻘﯾم أن اﻟﺳﯾن وﺳوف ﻣﻣﺎ ﻟـﻪ ﺻـدر اﻟﻛـﻼم) ،(٢وﻗﺑـل ﺗـرﺟﯾﺢ أﺣـد اﻟـرأﯾﯾن
ﻋﻠﻰ اﻵﺧر ﻧـذﻛر ﻣﻔﻬـوم اﻟﺻـدارة ﻋﻧـد اﻟﻧﺣـوﯾﯾن ،ﻓﻘـد ذﻛـر اﻟرﺿـﻲ)ت ٦٤٦ﻫــ( أن ﻛـل ﻣـﺎ ﯾﻐﯾـر
ﻣﻌﻧﻰ اﻟﻛﻼم وﯾؤﺛر ﻓﻲ ﻣﺿﻣوﻧﻪ وان ﻛﺎن ﺣرﻓﺎ ﻓﻣرﺗﺑﺗﻪ اﻟﺻدر ﻛﺣروف اﻟﻧﻔﻲ واﻟﺗﻧﺑﯾﻪ واﻻﺳـﺗﻔﻬﺎم
واﻟﺗﺣﺿــﯾض ٕوان وأﺧواﺗﻬــﺎ وﻏﯾـر ذﻟــك) ،(٣وﻫــذا اﻟﻔﻬــم ﯾؤﯾــد ﻣــﺎ ذﻛـرﻩ اﺑــن اﻟﻘــﯾم وﯾرﺟﺣــﻪ ﻻن اﻟﺳــﯾن
ﯾﻐﯾـران ﻣﻌﻧــﻰ اﻟﻛــﻼم وﯾــؤﺛران ﻓــﻲ ﻣﺿــﻣوﻧﻪ ،وﻟﻛــن ﻗــد ﯾظــن ظــﺎن أن اﻟﺻــدارة ﻓــﻲ اﻟﻛــﻼم وﺳــوف ّ
ﻣﺟ ــرد اﻟـ ــﺗﻠﻔظ ﺑﻣـ ــﺎ ﻟـ ــﻪ اﻟﺻ ــدارة ﻓـ ــﻲ ﺑـ ــدء اﻟﻛـ ــﻼم ،ﻓﯾﺗـ ــوﻫم أن ﻗوﻟ ــﻪ ﺗﻌـ ــﺎﻟﻰ):واﻟـ ــذﯾن آﻣﻧ ـ ـوا وﻋﻣﻠ ـ ـوا
اﻟﺻﺎﻟﺣﺎت ﺳﻧدﺧﻠﻬم ﺟﻧﺎت ﺗﺟري ﻣن ﺗﺣﺗﻬﺎ اﻷﻧﻬﺎر /اﻟﻧﺳﺎء -آ ،(١٢٢ :وﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ) :إن اﻟذﯾن
ﻛﻔروا ﺑﺂﯾﺎﺗﻧﺎ ﺳوف ﻧﺻﻠﯾﻬم ﻧـﺎرا /اﻟﻧﺳـﺎء -آ (٥٦ :ﯾﺗﻧـﺎﻓﻰ ﻣـﻊ اﻟﺻـدارة ﺑﺎﻋﺗﺑـﺎر وﻗوﻋﻬﻣـﺎ ﻣﺗـﺄﺧرﯾن
ﻟﻔظ ــﺎ ورﺗﺑ ــﺔ ﻷﻧﻬﻣ ــﺎ ﺧﺑ ــر ،وﻟﻛ ــن ذﻟ ــك ﻣﺟ ــرد وﻫ ــم ؛ ﻻن اﻟﻣـ ـراد ﺑﺎﻟﺻ ــدارة اﻟﺗﺻ ــدر ﻋﻠ ــﻰ ﺟﻣﻠ ــﺔ
اﻟﻣدﺧول ،وﻛل ﻣن اﻟﺳﯾن وﺳوف ﻗد ﺗﺻد ار ﻋﻠـﻰ اﻟﺟﻣﻠـﺔ اﻟـداﺧﻠﯾن ﻋﻠﯾﻬـﺎ ،ﺑﻣﻌﻧـﻰ أن ﻓـﻲ اﻟﻧﺻـﯾن
ﺟﻣﻠﺔ ﻛﺑرى أﻋﻧـﻲ :إن واﺳـﻣﻬﺎ وﺧﺑرﻫـﺎ ،وﺟﻣﻠـﺔ ﺻـﻐرى وأﻋﻧـﻲ ﺑﻬـﺎ )اﻟﺟﻣﻠـﺔ اﻟﻔﻌﻠﯾـﺔ اﻟواﻗﻌـﺔ ﺧﺑـرا(
ﺗﺻد ار ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﻠﺔ ،وﯾدل ﻋﻠﻰ ﻫذا ﻗول اﻟرﺿﻲ :إن ﺣـروف اﻟﻧﻔـﻲ ﻟﻬـﺎ
وﻛل ﻣن اﻟﺳﯾن وﺳوف ﻗد ّ
اﻟﺻدارة ﻓﻲ اﻟﻛﻼم ،ﻓﻧﺣو ﻗوﻟك :زﯾـد ﻻ ﯾﻘـوم ،ﻻ ﯾﻧـﺎﻓﻲ اﻟﺻـدارة ،ﻻن ﺣـرف اﻟﻧﻔـﻲ ﻣﺗﺻـدر ﺟﻣﻠـﺔ
اﻟﻣدﺧول أﻋﻧﻲ اﻟﻔﻌل واﻟﻔﺎﻋل اﻟﻣﺳﺗﺗر ،وﻻ ﯾﻠزم ﻣن اﻟﺗﺻدﯾر أن ﯾﻛون ﻣﺗﻘدﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻛﺑرى
ﻛﻠﻬﺎ ،وﺑﻬذا ﺗوﺿﺢ رﺟﺣﺎن ﻣوﻗف اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑن اﻟﻘﯾم ﻋﻠﻰ ﻣوﻗـف اﻟﺳـﻬﯾﻠﻲ ،وﯾـدل ﻋﻠـﻰ ذﻟـك أﯾﺿـﺎ
وﻗــوع اﻟﺟﻣﻠــﺔ اﻹﻧﺷــﺎﺋﯾﺔ اﻟﻣﺷــﺗﻣﻠﺔ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ ﻟــﻪ ﺻــدر اﻟﻛــﻼم اﻟﻣﻌﻣوﻟــﺔ ﻟﻘــول ﻣﺣــذوف ﻣﺗــﺄﺧر ﻟﻔظــﺎ،
ﻛﻘول اﻟﺷﺎﻋر):(٤
ﺟﺎؤا ﺑﻣذق ﻫل رأﯾت اﻟذﺋب ﻗط ﺣﺗﻰ إذا ﺟن اﻟظﻼم واﺧﺗﻠط
) (١اﻟروض اﻷﻧف ،٢٨٦ /١ :ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻔﻛر ﻟﻠﺳﻬﯾﻠﻲ ﻧﻘﻼ ﻋن دراﺳﺎت ﻷﺳﻠوب اﻟﻘران اﻟﻛرﯾم.٧٩ :
) (٢ﺑداﺋﻊ اﻟﻔواﺋد.٩٠ -٨٩ /١ :
) (٣ﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ ،٣٣٦ /٤:وﯾﻧظر اﻷﺷﺑﺎﻩ واﻟﻧظﺎﺋر.٢٧٠ /١ :
) (٤دﯾوان اﻟﻌﺟﺎج ،اﻟﻣﻠﺣﻘﺎت ،٨١:ﻫﻣﻊ اﻟﻬواﻣﻊ ،١١٧ /٢ :اﻟدرر اﻟﻠواﻣﻊ.١٤٨ /٢ :
١٩٨
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
ﻓﺎﻻﺳــﺗﻔﻬﺎم ﻟــﻪ اﻟﺻــدارة وﻣــﻊ ذﻟــك ﻓﻘــد وﻗــﻊ ﻣﻌﻣــوﻻ ﻟﻘــول ﻣﺣــذوف ،إﻻ أﻧــﻪ ﻣﺗﺻــدر ﻋﻠــﻰ
اﻟﺟﻣﻠﺔ اﻟﻣدﺧول ﻋﻠﯾﻬﺎ وذﻟك ﻛﺎف.
١٩٩
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
اﻟﺑﻘـرة-آ (١٣٧:ﯾﻘــول ﺳــﯾﺑوﯾﻪ ":إن ذﻟــك ﻛــﺎﺋن ﻻ ﻣﺣﺎﻟـﺔ وان ﺗــﺄﺧر إﻟــﻰ ﺣــﯾن") ،(١ﻓﻛﻔﺎﯾــﺔ اﷲ ﺗﻌــﺎﻟﻰ
ﻟﻧﺑﯾــﻪ ﺑﻣﺟــرد اﻟدﻻﻟــﺔ اﻟﻣﻌﺟﻣﯾــﺔ ﻟﻠﻔﻌــل وﻋــد ،واﻗﺗــرن ﺑﺎﻟﺳــﯾن ﻓﺗﺄﻛــد اﻟوﻋــد ،وﻻ ﯾﺣﺻــل اﻟﺗﺄﻛﯾــد ﻟــو ﻟــم
وﯾﻌﺿـد ﻫـذا اﻟﻔﻬــم ﻟﻛـﻼم ﺳــﯾﺑوﯾﻪ ﻗـول اﺑــن ﻫﺷـﺎم اﻷﻧﺻــﺎري":
ّ ﺗﻛـن اﻟﺳـﯾن داﻟــﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟوﻋــد أﯾﺿـﺎ،
وزﻋم اﻟزﻣﺧﺷري أﻧﻬﺎ إذا دﺧﻠت ﻋﻠﻰ ﻓﻌل ﻣﺣﺑوب أو ﻣﻛروﻩ أﻓﺎدت أﻧـﻪ واﻗـﻊ ﻻ ﻣﺣﺎﻟـﺔ وﻟـم أر ﻣـن
ﻓﻬــم وﺟــﻪ ذﻟــك ،ووﺟﻬــﻪ :أﻧﻬــﺎ ﺗﻔﯾــد اﻟوﻋــد ﺑﺣﺻــول اﻟﻔﻌــل ﻓــدﺧوﻟﻬﺎ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ ﯾﻔﯾــد اﻟوﻋــد أو اﻟوﻋﯾــد
ﻣﻘﺗض ﻟﺗوﻛﯾدﻩ وﺗﺛﺑﯾت ﻣﻌﻧـﺎﻩ") ،(٢وﻣﻌﻧـﻰ ذﻟـك أن اﻟﺳـﯾن وﺳـوف داﻟﺗـﺎن ﻋﻠـﻰ اﻟوﻋـد ،وﻣـدﺧوﻟﻬﻣﺎ
ﻗـد ﯾـﺄﺗﻲ ﻟﻠدﻻﻟــﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟوﻋــد إن ﻛـﺎن اﻟﻔﻌــل ﻣﺣﺑوﺑـﺎ أو اﻟوﻋﯾـد إن ﻛــﺎن اﻟﻔﻌـل ﻣﻛروﻫــﺎ ،وﻟﻛـن اﻟــوﻫم
اﻟـذي ﺳـرى ﻋﻠــﻰ اﺑـن ﺑﺎﺑﺷــﺎذ وﺗﻠﻘّﻔـﻪ اﻟزرﻛﺷــﻲ واﻟﺳـﯾوطﻲ أن اﻟﺳــﯾن وﺳـوف ﺗﺄﺗﯾــﺎن ﻟﻠوﻋـد واﻟوﻋﯾــد،
وأن اﻷﻛﺛر ﻓﻲ اﻟﺳﯾن اﻟوﻋد واﻷﻛﺛـر ﻓـﻲ ﺳـوف اﻟوﻋﯾـد ﻛﻣـﺎ ﺗﻘـدم ﻧﻘﻠـﻪ ،ﺑﻣﻌﻧـﻰ أﻧﻬﻣـﺎ ﯾـدﺧﻼن ﻋﻠـﻰ
اﻟﻔﻌــل اﻟﻣﺣﺑــوب واﻟﻣﻛــروﻩ وﺗــﺗم اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑﯾﻧﻬﻣــﺎ ﺑﺎﻋﺗﺑــﺎر اﻟﻐﺎﻟــب ﻣــن دﺧــول اﻟﺳــﯾن ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺣﺑــوب
ودﺧــول ﺳــوف ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﻛــروﻩ ،وﺗﻧﺎﺳــﻰ دﻻﻟــﺔ اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ﻋﻠــﻰ اﻟوﻋــد ﺑﺣﺻــول اﻟﻔﻌــل ،ﻣﻣــﺎ ﺣــدا
ﺑﺎﻟﺷــﯾﺦ ﻋﺑــد اﻟﺧــﺎﻟق ﻋﺿــﯾﻣﺔ ﻟﻣﺟــﺎراة ﻫــذا اﻟــوﻫم ﺑــﻧﻘض ﻫــذا اﻻﺳــﺗﻘراء ﺑﺄﻧــﻪ أﺣﺻــﻰ) (٣٨ﻣوﺿــﻌﺎ
اﺳﺗﻌﻣﻠت ﻓﯾﻪ اﻟﺳﯾن وﺳوف وﻟم ﺗدﺧﻼ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻔﯾد اﻟوﻋد واﻟوﻋﯾد ،ﻓﺟﻣﯾﻊ ﻣﺎ أﺣﺻﺎﻩ ﻋﺿﯾﻣﺔ ﻣن
آﯾﺎت ﻻ ﺗدل ﻋﻠﻰ اﻟوﻋد واﻟوﻋﯾد ﺗﻛـون اﻟﺳـﯾن وﺳـوف ﻓﯾـﻪ داﻟﺗـﯾن ﻋﻠـﻰ اﻟوﻋـد ﺑﺣﺻـول اﻟﻔﻌـل دون
ﺗوﻛﯾ ــد ،وﯾﻛﻣ ــن وﻫﻣ ــﻪ ﻓ ــﻲ أﻧ ــﻪ ﻓﻬ ــم أن اﻟوﻋ ــد واﻟوﻋﯾ ــد ﻣﻧﺑﻌ ــث ﻣـ ـن اﻟﻣ ــدﺧول دون دﻻﻟ ــﺔ اﻷداﺗ ــﯾن
ﻋﻠﻰ)اﻟوﻋ ــد ﺑﺣﺻ ــول اﻟﻔﻌ ــل( ،ﻣ ــﻊ أن ذﻟ ــك ﻏﯾ ــر ﻣﻘﺻ ــود ﻟﺳ ــﯾﺑوﯾﻪ واﻟزﻣﺧﺷ ــري واﺑ ــن ﻫﺷ ــﺎم ،إذ
ﻣﻘﺻــودﻫم أن اﻟﺳــﯾن وﺳــوف داﻟﺗــﺎن ﻋﻠــﻰ اﻟوﻋــد أو اﻟوﻋﯾــد أو ﻟــم ﯾﻛــن داﻻ ﻋﻠــﻰ ﺷــﻲء ﻣــن ذﻟــك
أﺻ ــﻼ ،ﻓ ــﺎن دﺧﻠ ــت اﻟﺳ ــﯾن وﺳ ــوف ﻋﻠ ــﻰ ﻓﻌ ــل ﻻ ﯾ ــدل ﻋﻠ ــﻰ اﻷﻣ ــر اﻟﻣﺣﺑوب)اﻟوﻋ ــد( أو اﻷﻣ ــر
اﻟﻣﻛروﻩ)اﻟوﻋﯾــد( ﺑــﺎﻟﻧظر إﻟــﻰ دﻻﻟﺗــﻪ اﻟﻣﻌﺟﻣﯾــﺔ واﻟﺳــﯾﺎﻗﯾﺔ ﻛﺎﻧــت اﻟﺳــﯾن وﺳــوف داﻟﺗــﯾن ﻋﻠــﻰ اﻟوﻋــد
ﺑﺣﺻول ذﻟك اﻟﻔﻌـل ﻓـﻲ اﻟﻣﺳـﺗﻘﺑلٕ ،وان دﺧﻠﺗـﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟﻣﺣﺑـوب أو اﻟﻣﻛـروﻩ ﻛﺎﻧﺗـﺎ داﻟﺗـﯾن ﻋﻠـﻰ ﺗوﻛﯾـد
اﻟوﻋد أﯾﺿﺎ ؛ ﻷﻧﻬﺎ وﻋـد ﺑﺎﻟﺣﺻـول ﻓـﻲ اﻟـزﻣن اﻟﻣﺳـﺗﻘﺑل ،ﻓﻠـﯾس اﻟﻣـراد ﻣـن اﻟﻘـول ﺑـﺎن اﻟﺳـﯾن ﺗـﺄﺗﻲ
ﻟﻠوﻋد وﺳوف ﻟﻠوﻋﯾـد أن دﺧوﻟﻬﻣـﺎ ﻣﻧﺣﺻـر ﻓـﻲ اﻷﻓﻌـﺎل اﻟﻣﺣﺑوﺑـﺔ واﻟﻣﻛروﻫـﺔ ،ﺑـل اﻟﻘﺻـد ﻣـن ذﻟـك
وﺿﺣﻧﺎﻩ ،ﻓﺎﻟﻣﻌﯾﺎر ﯾﻛون ﺣﯾﻧﺋذ ﻫﻛـذا :إن اﻟﺳﯾن وﺳـوف ﺗﺄﺗﯾـﺎن ﻟﻠدﻻﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟوﻋـد ﺑﺣﺻـول ﻣﺎ ّ
اﻟﻔﻌل إن ﻟم ﯾﻛـن داﻻ ﻋﻠـﻰ اﻟوﻋـد واﻟوﻋﯾـد ،وﻟﻠدﻻﻟـﺔ ﻋﻠـﻰ ﺗوﻛﯾـد اﻟوﻋـد ﺑﺣﺻـول اﻟﻔﻌـل إن ﻛـﺎن
اﻟﻣدﺧول داﻻ ﻋﻠﯾﻬﻣﺎ ،وﻛﻼم اﻟزﻣﺧﺷري ﯾﺷﯾر ﻟذﻟك ﻋﻧد ﺗﻌﻠﯾﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻗوﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ):أوﻟﺋك ﺳﯾرﺣﻣﻬم
اﷲ /اﻟﺗوﺑــﺔ -آ (٧١ :ﺑﻘوﻟــﻪ ":اﻟﺳــﯾن ﻣﻔﯾــدة وﺟــود اﻟرﺣﻣــﺔ ﻻ ﻣﺣﺎﻟــﺔ ،ﻓﻬــﻲ ﺗؤﻛــد اﻟوﻋــد ﻛﻣــﺎ ﺗؤﻛــد
٢٠٠
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
اﻟوﻋﯾد إذا ﻗﻠت :ﺳﺄﻧﺗﻘم ﻣﻧك") ،(١أي أن اﻟﺳﯾن ﻟﻠوﻋد ﺑﺣﺻول ﻣـﺎ دل ﻋﻠـﻰ اﻟوﻋـد أو اﻟوﻋﯾـد وذﻟـك
ﻋﯾن اﻟﺗوﻛﯾد.
وﺑﻌد ﻫذا اﻟﺗﻌدﯾل ﻓﻲ اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم واﻟﻘراءة اﻟﻧﻘدﯾﺔ ﻟﻶراء ﻫل ﯾﻣﻛن اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﻌﯾﺎر
اﻟــدﻻﻟﻲ ﻟﻠﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﺳــﺗﻌﻣﺎﻟﻲ اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ،اﻋﻧــﻲ ﻫــل ﺗﻛــون دﻻﻟــﺔ اﻟوﻋــد ﻓــﻲ اﻟﺳــﯾن أﻗــل ﻣﻧﻬــﺎ
ﻓﻲ)ﺳـوف( ﻧظـ ار ﻟﻘﻠـﺔ اﻟﻣﺑﻧــﻰ ودﻻﻟﺗــﻪ ﻋﻠـﻰ ﻗﻠــﺔ اﻟﻣﻌﻧـﻰ؟ ﻟــم ﯾﻠﺗﻔــت أﺣـد ﻣــن اﻟﻣﺗﻘـدﻣﯾن إﻟــﻰ اﻟﺗﺄوﯾــل
ﺑﻬذا اﻟوﺟﻪ ،ﻓﻠـم ﯾﻘ ّـدﻣوا ﻓـﻲ آﯾـﺎت اﺳـﺗﻌﻣﻠت ﻓﯾﻬﺎ)ﺳـوف( ﻛﻼﻣـﺎ ﯾﺷـﯾر ﻟـذﻟك ﺑـﺄن اﻟﺷـﺄن ﻣﺣﺗـﺎج إﻟـﻰ
ﺗوﻛﯾد أﻛﺑر ﻣن اﻟﺗوﻛﯾد اﻟﺣﺎﺻل ﺑﻣﺟرد اﻟﺳﯾن ،ﻟﻛﻧﻬم اﻛﺗﻔوا ﻓﻲ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑدﻻﻟﺔ ﺳوف ﻋﻠﻰ اﻟﺗ ارﺧـﻲ
واﻟﺑﻌــد اﻟزﻣــﺎﻧﻲ ودﻻﻟﺔ)اﻟﺳــﯾن( ﻋﻠــﻰ اﻟﻘــرب اﻟزﻣــﺎﻧﻲ ﻓﻘــط ،ﻣــﻊ أن اﻟوﻋــد – ﻛﻣــﺎ ﻫــو ﻣﻌــروف -ﻗــد
ﯾﻛــون ﻗوﯾــﺎ وﺿــﻌﯾﻔﺎ ،ﻓﻠــو ﻗﻠــت :ﺳــﺄرﺣﻣك ﯾﻛــون اﻟوﻋــد ﺑﺣﺻــول اﻷﻣــر اﻟﻣﺣﺑــوب أﺿــﻌف ﻣﻣــﺎ ﻟــو
ﻗﻠت :ﺳوف أرﺣﻣك ،وﻛذا :ﺳﺄﻧﺗﻘم ﻣﻧك ﯾﻛون اﻟوﻋد ﺑﺣﺻول اﻷﻣر اﻟﻣﻛروﻩ أﺿﻌف ﻣﻣﺎ ﻟـو ﻗﻠـت:
ﺳوف ادرس ،ﻟﻘﺎﻋدة )زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠـﻰ زﯾـﺎدة اﻟﻣﻌﻧـﻰ( وﻟﻛـن اﻟﻘـدﻣﺎء ﻟـم ﯾﻠﺗﻔﺗـوا ﻟـذﻟك ﻓـﻲ
ﺗــﺄوﯾﻼﺗﻬم ﻻﺳ ــﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﺳــﯾن دون ﺳ ــوف وﺑــﺎﻟﻌﻛس ،ﻣ ــﻊ أن اﻟﻣﻧﺎﺳــب ﻟﻘﺿ ــﯾﺔ اﻟﻣﺑﻧــﻰ واﻟﻣﻌﻧ ــﻰ:
اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺗوﻛﯾد واﻟﻘﻠﺔ ﻓﯾﻪ.
وأﻣﺎ ﻧﻘد اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﯾن وﺳوف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻘواﻋدي اﻟذي أﻓرزﺗﻪ اﻟد ارﺳـﺎت اﻟﻠﻐوﯾـﺔ
اﻟﻘدﯾﻣﺔ ﻓﯾﻛﻣن ﻓﻲ أﻫﻣﯾﺔ ﻣﺳﺄﻟﺔ دﺧول)اﻟﻼم اﻟﺗوﻛﯾدﯾﺔ( ﻋﻠﻰ )ﺳوف( دون اﻟﺳﯾن؛ إذ ﯾﻣﻛـن اﻟﻘـول:
إن اﻟﺷــﻌور اﻟﻠﻐــوي ﻟــدى اﻟﻧــﺎطﻘﯾن ﯾﺣــس ﺑﺄن)ﺳــوف( أﻛﺛــر ﺗوﻛﯾــدا ﻣن)اﻟﺳــﯾن( ﻟﻛﺛ ـرة ﺣروﻓﻬــﺎ ﻣــن
ﺟﻬﺔ وﻟدﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗراﺧﻲ اﻟزﻣﻧﻲ ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى ،وﻣن ﺛم ﯾﻛون اﺗﺻﺎل)اﻟﻼم( ﺑﻬﺎ دون)اﻟﺳـﯾن(
؛ ﻻن دﺧوﻟﻬـﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟﺳــﯾن اﻷﻗـل ﺗوﻛﯾـدا ﻣن)ﺳــوف( ﯾﺷـﯾر إﻟـﻰ اﻟﺗوﻛﯾــد اﻟﻘـوي ﻟوﺟود)ﺳـوف( ،وﻟــذا
اﺧﺗﺻت اﻟﻼم ﺑﻬﺎ ،وﻫذا أوﺿﺢ دﻟﯾل ﻋﻠﻰ أن ﺳوف أﻛﺛر وأﻗوى ﺗوﻛﯾدا ﻣن)اﻟﺳﯾن( ،وﻟـم أﺟـد ﻣـن
أﺷــﺎر إﻟــﻰ ﻫــذﻩ اﻟﻔﺎﺋــدة اﻟﻣﻬﻣــﺔ ﻓــﻲ دﻻﻻت ﺻــور اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ،وﻣــﻊ ذﻟــك ﻓﯾﻌــوز
اﻟﻣﺳــﺗوى اﻟﻘواﻋ ــدي ﻧظـ ـرات أﺧــرى ﺗ ارﻗ ــب ﺣ ــﺎﻻت اﻟﺗراﻛﯾــب اﻟﺗ ــﻲ ﺗﺧ ــﺗص ﺑﻬــﺎ اﻟﺳ ــﯾن دون ﺳ ــوف
وﺑ ــﺎﻟﻌﻛس ،ﻟﻌﻠﻧ ــﺎ ﻧﺧ ــرج ﺑﻣﺟﻣوﻋ ــﺔ ﻣ ــن اﻟﻘـ ـواﻧﯾن اﻟﺗرﻛﯾﺑﯾ ــﺔ اﻟﻣﺟﯾـ ـزة ﻻﺳ ــﺗﻌﻣﺎل دون ﻏﯾـ ـرﻩ ،أي أﻧﻧ ــﺎ
ﻧﺣﺎول ﻣن رﺻد ﺻور اﻻﻗﺗران ﺑﯾن اﻷداﺗﯾن ﻣﻊ اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻧﺣوي اﻟﺧروج ﺑﺎﻟﻘواﻋد اﻟﺗـﻲ ﻧﺣﻛـم ﻣـن
ﺧﻼﻟﻬــﺎ ﻗواﻋــدﯾﺎ ﻋﻠــﻰ ﺻ ـواب اﺳﺗﻌﻣﺎل)اﻟﺳــﯾن دون ﺳــوف( وﺑــﺎﻟﻌﻛس ،ﻻن اﻻﺗﻛــﺎء ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺳــﺗوى
اﻟدﻻﻟﻲ وﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣـن ﻣﺟـﺎزات ﻛﺗﻘرﯾـب اﻟﺑﻌﯾـد ٕواﺑﻌـﺎد اﻟﻘرﯾـب ﻻ ﯾﻠﻘـﻲ ﺿـوء ﺗﺎﻣـﺎ ﻋﻠـﻰ ﺳـر اﺳـﺗﻌﻣﺎل
اﻟﺳﯾن ﻓﻲ ﻧص دون ﺳوف وﺑﺎﻟﻌﻛس ،وﻓﻲ ذﻟك ﻣﺎ ﯾﺗﻧﺎﻏم ﻣﻊ ﻣـﺎ ذﻛـرﻩ ﻋﺑـد اﻟﻘـﺎﻫر اﻟﺟرﺟـﺎﻧﻲ ﻣـن
أﻧــﻪ ﻟــﯾس ":اﻟــﻧظم ﺿــم اﻟﺷــﻲء إﻟــﻰ اﻟﺷــﻲء ﻛﯾــف ﺟــﺎء واﺗﻔــق ،وﻟــذﻟك ﻛــﺎن ﻋﻧــدﻫم ﻧظﯾ ـ ار ﻟﻠﻧﺳــﺞ
واﻟﺗﺄﻟﯾف واﻟﺻﯾﺎﻏﺔ واﻟﺑﻧﺎء واﻟوﺷﻲ واﻟﺗﺣﺑﯾر وﻣﺎ أﺷﺑﻪ ذﻟك ﻣﻣﺎ ﯾوﺟب اﻋﺗﺑـﺎر اﻷﺟـزاء ﺑﻌﺿـﻬﺎ ﻣـﻊ
٢٠١
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
ﺑﻌض ،ﺣﺗـﻰ ﯾﻛـون ﻟوﺿـﻊ ﻛـل ﺣﯾـث وﺿـﻊ ﻋﻠـﺔ ﺗﻘﺗﺿـﻲ ﻛوﻧـﻪ ﻫﻧـﺎك ،وﺣﺗـﻰ ﻟـو وﺿـﻊ ﻓـﻲ ﻣﻛـﺎن
ﻏﯾرﻩ ﻟـم ﯾﺻـﻠﺢ") ،(١ﻓﻬـذﻩ اﻟﻣﻘوﻟـﺔ وأﻣﺛﺎﻟﻬـﺎ دﻋـت اﻟﺑﺎﺣـث إﻟـﻰ إﻋـﺎدة اﻟﻧظـر ﻓـﻲ اﻵﯾـﺎت اﻟﺗـﻲ وردت
ﻓﯾﻬﺎ ﻫﺎﺗﺎن اﻷداﺗﺎن ،ﺑﺣﯾث ﻟـو اﺳـﺗﺑدﻟﻧﺎ إﺣـداﻫﻣﺎ ﻣﻛـﺎن اﻷﺧـرى ﻻﺧﺗﻠﻔـت اﻟﺑﻧﯾـﺔ اﻟﻌرﻓﯾـﺔ اﻟﺗـﻲ اﺗﻔـق
ﻋﻠﯾﻬﺎ اﻟﻧﺎطﻘون ،وﻣن ﺛـم اﺧﺗﻠﻔـت دﻻﻟﺗﻬـﺎ اﻟﺧﺎﺿـﻌﺔ ﻟﻘـﺎﻧون اﻟﺗرﻛﯾـب اﻟﻘواﻋـدي ،واﻟﻧﺣـﺎة اﻟﻣﺗﻘـدﻣون
ﯾﺗﻌرﺿوا ﻷﻛﺛر ﻣن دﺧوﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌـل اﻟﻣﺿـﺎرع ،وﻟﻛـن ﻣﺗـﻰ ﺗـدﺧل؟ وﻣـﺎذا ﯾﻌﻘﺑﻬـﺎ ﻣـن أﻓﻌـﺎل؟
ﻟم ّ
وﻣــﺎ ﻧوﻋﯾــﺔ اﻟﺗراﻛﯾــب اﻟﻼﺣﻘــﺔ ﻟﻬــﺎ؟ وأي اﻷﻓﻌــﺎل اﻟﺗــﻲ ﯾﺗﻘــدﻣﻬﺎ وﺗﻌطــف ﻋﻠﯾــﻪ؟ ﻛــل ﻫــذا ﻛــﺎن ﻣﻬﻣــﻼ
وﻫـم ﯾﺿــﻌون ﻗواﻋـد اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑـﯾن اﻟﺳــﯾن وﺳـوف ،وﯾﺟــب أن ﻻ ﻧﻧﺳـﻰ اﻟﻣﻘﺗﺿــﯾﺎت اﻟﺑﻧﺎﺋﯾـﺔ ﻟﻛــل ﻣــن
اﻷداﺗــﯾن ،ﻓﻧﺣــرم أﻧﻔﺳــﻧﺎ ﻣﺗﻌــﺔ اﻟﻔﻬــم اﻟــدﻗﯾق ﻟﺗوزﯾــﻊ اﻷداﺗــﯾن ﻓــﻲ اﻟﻘ ـرآن اﻟﻛ ـرﯾم ﺗوزﯾﻌــﺎ ﻣﻧظﻣــﺎ ﺑــﺎﻟﻎ
اﻷﻫﻣﯾﺔ.
وﻫذا ﻣـﺎ ﻧﻌـد اﻟﻘﯾـﺎم ﺑـﻪ ﻓـﻲ د ارﺳـﺔ ﻻﺣﻘـﺔ ﺗﻛـون ﺑﻌﻧوان)د ارﺳـﺔ ﻗواﻋدﯾـﺔ ﻟﻧظـﺎم ﺗوزﯾـﻊ اﻟﺳـﯾن
وﺳوف ﻓﻲ اﻟﻘرآن اﻟﻛرﯾم( وﺗﺧﺗص ﺑﺎﺳﺗﻧﺑﺎط ﻗواﻋد دﺧول اﻷداﺗﯾن ﻋﻠـﻰ اﻟﺟﻣـل ﺑﺣﯾـث ﻟـو اﺳـﺗﺑدﻟﻧﺎ
اﻟﺳﯾن ﻣﻛﺎن ﺳوف وﺑﺎﻟﻌﻛس ﻻﺧﺗ ّل اﻟﻧظم واﻟﺑﻧﺎء داﺧل اﻟﻧص إن ﺷﺎء اﷲ.
٢٠٢
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
اﻟﺧﺎﺗﻣﺔ
ﺑﻌد أن ﻛﻣل اﻟﺑﺣث ووﺻل إﻟﻰ ﺧﺎﺗﻣﺗﻪ ﯾﺣب اﻟﺑﺎﺣث ﺗﻘدﯾم أﻫم اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗوﺻل إﻟﯾﻬﺎ
ﺑﻌد اﻟﺟﻣﻊ واﻟﺗرﺗﯾب واﻟﻔﺣص ،وﻫﻲ:
-١إن ﻓﻛرة)زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾـﺎدة اﻟﻣﻌﻧـﻰ( ﻗـد ظﻬـرت ﻗـدﯾﻣﺎ ﻧﺗﯾﺟـﺔ ﺑﺣـوث اﻷواﺋـل ﻋـن
وﻓﺳـرﻫﺎ
ﺗذوﻗﻬﺎ اﻟﻠﻐوﯾون ﻓـﻲ ﺟﻣﻌﻬـم ﻟﻛـﻼم اﻟﻌـربّ ،
طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺻوت واﻟﻣﻌﻧﻰ ،اﻟﺗﻲ ّ
ﺑﻌض اﻟﻣﻧظرﯾن ﺑﺗﻔﺳﯾرات ﻻ ﺗزال ﻣﺣﺗﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺿﺑط ﻣواردﻫﺎ وﺣﺻر ﺻورﻫﺎ.
ﺗﻌرﺿــﻧﺎ ﻟﻠﺧــﻼف اﻟﻛﺑﯾــر ﺑــﯾن ﻣﺛﺑﺗــﻲ اﻟﻌﻼﻗــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻠﻔــظ واﻟﻣﻌﻧــﻰ وﻧﺎﻓﯾﻬــﺎ ،وﺑﯾﻧــﺎ أن ﻫﻧــﺎك ﻓرﻗــﺎ ّ -٢
ﻛﺑﯾـ ـ ار وﻣﻬﻣ ــﺎ ﺑ ــﯾن اﻟﻣﻧﺎﺳ ــﺑﺔ اﻟوﺿ ــﻌﯾﺔ واﻟﻣﻧﺎﺳ ــﺑﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾ ــﺔ ،ﻓ ــﺎﻷوﻟﻰ ﻏﯾ ــر ﻣﻧﻔﯾ ــﺔ ﻻ ﻗ ــدﯾﻣﺎ وﻻ
ﺣدﯾﺛﺎ ،ﺑﯾﻧﻣﺎ)اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ( ﻗد ﻧﻔﺎﻫﺎ اﻟدرس اﻟﻠﻐوي اﻟﻘدﯾم ﻛﻣـﺎ ﻓﻌـل اﻟﻣﺣـدﺛون ،وذﻛرﻧـﺎ أن
ﯾﻔرﻗوا ﺑﯾن اﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺗﯾن ،وﻣن ﺛم أﺧطﺄوا ﻓـﻲ ﻓﻬـم ﺗﻌرﺿوا ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺻوت ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ ﻟم ّ أﻏﻠب ﻣن ّ
ﻣﻘﺎﺻــد اﻟﻘــدﻣﺎء ،وﻛــل ذﻟــك ﻧﺗﯾﺟــﺔ ﻋــدم اﻻطــﻼع ﻋﻠــﻰ ﻣﻘــررات )ﻋﻠــم اﻟوﺿــﻊ( اﻟــذي ﯾﻧﺑﻐــﻲ
اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة.
-٣ﺣــﺎول اﻟﺑﺣــث وﺿــﻊ اﻟﺷــروط اﻟﻌﻠﻣﯾــﺔ ﻟﻔﻛرة)زﯾــﺎدة اﻟﻣﺑﻧــﻰ ودﻻﻟﺗﻬــﺎ ﻋﻠــﻰ زﯾــﺎدة اﻟﻣﻌﻧــﻰ( اﻟﺗــﻲ
ﺷــﺎﻋت ﻓــﻲ اﻟد ارﺳــﺎت اﻟﺻ ـرﻓﯾﺔ واﻟﻧﺣوﯾــﺔ ،وان ﺗﻌﻣﻘــت ﻓــﻲ اﻟد ارﺳــﺎت اﻟﺻ ـرﻓﯾﺔ ﺑﺷــﻛل ﺧــﺎص،
وأﻫم ﺗﻠك اﻟﺷروط:
اﺳـﺗﺑﻌﺎد ﺣـﺎﻻت اﻟﺗﻔرﻗـﺔ ﺑـﯾن اﻟﻔﺋـﺎت اﻟﻧﺣوﯾــﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔـﺔ ﻛﺗﺣوﯾـل اﻟﻣﻔـرد إﻟـﻰ ﻣﺛﻧـﻰ وﺟﻣــﻊ أو
اﻟﻣﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻣﺿﺎرع وأﻣر ،أو ﺗﺣوﯾـل اﺳـم اﻟﻔﺎﻋـل إﻟـﻰ اﺳـم اﻟﻣﻔﻌـول....اﻟﺦ ،ﻣـن ﻫـذﻩ اﻟﻔﻛـرة ﻻن
اﻟزﯾﺎدة دﺧﻠت ﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﻣﻌﻧﻰ وﺗﺑدﯾﻠﻪ دون اﻟزﯾﺎدة واﻟﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻓﯾﻪ.
اﻻﻧﺗﺑــﺎﻩ إﻟــﻰ اﻟﺗﻘــﺎرب اﻟــدﻻﻟﻲ ﻟﻸﺻــول اﻟﻣﺧﺗﻠﻔــﺔ اﻟﻣﺗداﺧﻠــﺔ ،ﻓﯾﺟــب اﻟﻌﻣــل ﻋﻠــﻰ اﺳــﺗﺑﻌﺎدﻫﺎ
ﻣــن ﻫــذﻩ اﻟﻔﻛ ـرة ﻟﺿــرورة اﺷــﺗراك ﺟــذري اﻟﻛﻠﻣــﺔ واﺗﺣﺎدﻫﻣــﺎ ﻓــﻲ اﻷﺻــول اﻟﻣﻛوﻧــﺔ ﻟﻬﻣــﺎ ﺣﺗــﻰ ﯾﻣﻛــن
اﻟﻘول ﺑﺎن اﻟﻣﺑﻧﻰ زاد ﻧﺗﯾﺟﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ.
ﺗﺣدﯾــد ﻣﻔﻬوم)اﻟزﯾــﺎدة ﻓــﻲ اﻟﻣﻌﻧــﻰ( ﺑــﺄن ﻟــﯾس اﻟﻣ ـراد ﺑــﻪ اﻟزﯾــﺎدة ﻓــﻲ ﺟﺎﻧــب اﻟﻛﺛ ـرة ﻓﻘــط ،ﺑــل
اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ ﺟﺎﻧب اﻟﻘﻠﺔ أﯾﺿﺎ.
ﺗﺣدﯾــد ﻣﻔﻬوم)اﻟزﯾــﺎدة ﻓــﻲ اﻟﻣﺑﻧــﻰ( ﺑــﺄن ﻟــﯾس اﻟﻣ ـراد ﻣﺟــرد إﺿــﺎﻓﺔ ﺣرﻛــﺎت وﺣــروف ﻋﻠــﻰ
اﻟﻛﻠﻣﺔ ﺑل ﻗد ﺗﺗﺣﻘق اﻟزﯾﺎدة ﺑﺎﻻﻧﺣرف ﻋن أﺻل اﻟﺻﯾﻐﺔ ﻷﺟل ذات اﻟﻔﻛرة.
-٤ﻋرﺿ ــﻧﺎ وﺟﻬﺗ ــﻲ اﻟﻧظ ــر ﺣول)إﺷ ــﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾ ــﺎدة اﻟﻣﺑﻧ ــﻰ ودﻻﻟﺗﻬ ــﺎ ﻋﻠ ــﻰ زﯾ ــﺎدة اﻟﻣﻌﻧ ــﻰ( اﻟﻘ ــﺎﺋﻠﯾن
ورﺟﺣﻧﺎ اﻻطراد ﻣن ﺧﻼل اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻘﻠﯾﺔ واﻟﻧﻘﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﺿﻧﺎﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث. ﺑﺎﻻطراد وﻋدﻣﻪّ ،
-٥وﺿﺣﻧﺎ اﻟوﻫم اﻟذي ﺳرى ﻋﻠـﻰ اﻟﺑـﺎﺣﺛﯾن ﻗـدﯾﻣﺎ وﺣـدﯾﺛﺎ ﻣـن اﻟﻘـول ﺑـﺄن اﻟﺳـﯾن ﺗـﺄﺗﻲ ﻟﻠوﻋـد ﻛﺛﯾـ ار
وﺑﯾﻧــﺎ أن اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ﺗﺄﺗﯾــﺎن ﻟﻠوﻋــد
وﻟﻠوﻋﯾــد ﻗﻠــﯾﻼ ،وأن ﺳــوف ﺗﺳــﺗﻌﻣل ﺑــﺎﻟﻌﻛس ﻣــن ذﻟــكّ ،
ﺑﺣﺻــول اﻟﻔﻌــل ﻣطﻠﻘــﺎ ﺳ ـواء دﺧــﻼ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ ﯾﻔﯾــدان اﻟوﻋــد واﻟوﻋﯾــد أم ﻻ ،ﻓــﺎن دﺧــﻼ ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ
٢٠٣
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
ﯾﻔﯾداﻧﻪ ﻛﺎﻧﺎ ﻟﺗوﻛﯾد اﻟوﻋد واﻟوﻋﯾد ،وﻟﯾس اﻟﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺳﯾن وﺳوف ﺗﺳﺗﻌﻣﻼن ﻓـﻲ أﻓﻌـﺎل اﻟوﻋـد
واﻟوﻋﯾد ﻓﻘط ﻛﻣﺎ ﺗوﻫم.
-٦رددﻧــﺎ ﻋﻠــﻰ أﺑــﻲ ﺣﯾــﺎن ﻓــﻲ ﻧﻘــدﻩ ﻟﻠزﻣﺧﺷــري ﻓــﻲ دﻻﻟﺔ)اﻟﺳــﯾن( ﻋﻠــﻰ ﺗوﻛﯾــد اﻟوﻋــد ﻋﻧــد دﺧوﻟﻬــﺎ
وﺑﯾﻧــﺎ ﺣﻘﯾﻘــﺔ ﻣ ـراد اﻟزﻣﺧﺷــري ﻣــن ﻛﻼﻣــﻪ ،وان ﻟــﯾس ﻫﻧــﺎك أﯾــﺔ ﻣﺷــﻛﻠﺔ
ﻋﻠــﻰ اﻷﻣــر اﻟﻣﺣﺑــوبّ ،
ﻋﻘدﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺑﺎرﺗﻪ.
-٧اﻟﺗزﻣﻧﺎ ﺟﺎﻧب اﺑن ﻫﺷﺎم اﻷﻧﺻﺎري ﻓﻲ ردﻩ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺋﻠﯾن ﺑﺎن اﻟﺳﯾن ﻣﻔﯾدة ﻟﻼﺳﺗﻣرار ،وﻋرﺿﻧﺎ
أدﻟﺗﻪ وأﯾدﻧﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﺣﺟﺔ واﻟدﻟﯾل.
-٨رﺟﺣﻧﺎ أن اﻻﺳﺗﻘﺑﺎل ﻫو)أم( ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺳﯾن وﺳوف ،وأﻣـﺎ دﻻﻟﺗﻬﻣـﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟﺗوﻛﯾـد واﻟوﻋـد واﻟوﻋﯾـد
واﻻﺳــﺗﻣرار اﻻﺳــﺗﻘﺑﺎﻟﻲ ﻓﻬــﻲ ﻓــروع وﺣــﺎﻻت ﺗﺎﺑﻌــﺔ ﻟﻠﻣﻌﻧــﻰ اﻷم واﻟدﻻﻟــﺔ اﻷﺻــﻠﯾﺔ ،وﻓــﻲ ﺣــﺎﻻت
ﺧطﺎﺑﯾﺔ وﻗراﺋن ﻛﻼﻣﯾﺔ ﻻ ﻣطﻠﻘﺎ.
-٩ﻫﻧﺎك ﻫﺷﺎﺷﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺗﻌﻠﯾﻼت اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻷﺳرار اﺳـﺗﻌﻣﺎل اﻟﺳـﯾن وﺳـوف ﻓـﻲ اﻟﻘـرآن اﻟﻛـرﯾم،
وﺑﯾﻧﺎ أن اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﻣﺣﺗﺎﺟﺔ إﻟﻰ دراﺳﺔ ﺗ ارﻗـب اﻟﺻـور اﻟﺗرﻛﯾﺑﯾـﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔـﺔ ﺑـﯾن اﻟﺳـﯾﺎﻗﺎت اﻟﻣﺗﻌـددة؛ ّ
ﻷﻧﻧــﺎ ﻗــد ﻧﻌﻠّــل ﻣــن وﺟﻬــﺔ اﻟﻧظــر اﻟدﻻﻟﯾــﺔ ،ﻓــﻲ ﺣــﯾن ﺗﻛــون اﻟﻣﺳــﺄﻟﺔ ﻛﺎﻣﻧــﺔ ﻓــﻲ أن ﻫــذا اﻟﺳــﯾﺎق
اﻟﺗرﻛﯾﺑــﻲ ﻻ ﯾﺻــﺢ ﻗواﻋــدﯾﺎ إﻻ ﺑﺎﺳــﺗﻌﻣﺎل أداة ﻣﻌﯾﻧــﺔ دون ﻏﯾرﻫــﺎ ،ﻓــﻲ ﺣــﯾن ﻧــذﻫب ﺑﻌﯾــدا ﻓــﻲ
وﻧﺗﻣﺣل ﻛﺛﯾ ار ﻓﻲ اﻟﺗﻌﻠﯾل.ّ اﻟﺗﺄوﯾل
-١٠إن اﻻﺗﻛــﺎء ﻓــﻲ اﻟﺗﻔرﻗــﺔ ﺑــﯾن اﺳــﺗﻌﻣﺎﻻت اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ﻋﻠ ـﻰ اﻟﻧﺎﺣﯾــﺔ اﻟدﻻﻟﯾــﺔ ﻓﻘــط ﻣــؤد إﻟــﻰ
اﻟﺗﻛﻠــف ﻓــﻲ اﻟﺗﺄوﯾــل أﺣﯾﺎﻧــﺎ وﻋــدم اﻹﻗﻧــﺎع ﻓــﻲ اﻟﺗﺧ ـرﯾﺞ أﺣﯾﺎﻧــﺎ أﺧــرى ،ﻓــﻼ ﺑــد ﻣــن ﻣﻼﺣظــﺔ
اﻟﻣﺳ ــﺗوﯾﺎت اﻟﺗرﻛﯾﺑﯾ ــﺔ ﻟﻬ ــﺎﺗﯾن اﻷداﺗ ــﯾن وطﺑﯾﻌ ــﺔ اﻷﻓﻌ ــﺎل اﻟ ــداﺧﻠﯾن ﻋﻠﯾﻬ ــﺎ ،وﻧوﻋﯾ ــﺔ اﻟﻠواﺻ ــق
اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﻬﺎ.
رﺟﺣﻧــﺎ رأي اﺑــن اﻟﻘــﯾم اﻟﻣﺗﻌﻠــق ﺑﺻــدارة اﻟﺳــﯾن وﺳــوف ﻋﻠــﻰ رأي اﻟﺳــﻬﯾﻠﻲ اﻟﻣﻧــﺎﻗض ﻟــﻪ ﻣــن
ّ -١١
ﺧﻼل ﺗوﺿﯾﺢ ﻣﻔﻬوم اﻟﺻدارة وﺗﺣدﯾد ﻣدﻟوﻟﻬﺎ اﻟﻘـﺎﺋم ﻋﻠـﻰ اﻟﺗﺻـدر ﻟﺟﻣﻠـﺔ اﻟﻣـدﺧول اﻟﻣﺧـﺗص
ﺑﻬﺎ ،وﻟﯾس اﻟﺗﺻدر ﻣﺟرد اﻟﺗﻠﻔظ ﺑﻣﺎ ﻟﻪ اﻟﺻدارة ﻓﻲ ﺑدء اﻟﺧطﺎب.
٢٠٤
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
ﻓﮭرس اﻟﻣﺻﺎدر
.١اﻹﺗﻘــﺎن ﻓــﻲ ﻋﻠــوم اﻟﻘ ـرآن :اﻟﺳــﯾوطﻲ ،ﺟــﻼل اﻟــدﯾن ﻋﺑــد اﻟــرﺣﻣن ﺑــن أﺑــﻲ ﺑﻛــر )ت ٩١١ﻫ ــ(،
ﺑﯾروت .١٩٧٣ ،
.٢اﻷﺷــﺑﺎﻩ واﻟﻧظﺎﺋر:اﻟﺳــﯾوطﻲ ،ﺟــﻼل اﻟــدﯾن ﻋﺑــد اﻟــرﺣﻣن ﺑــن أﺑــﻲ ﺑﻛــر )ت ٩١١ﻫ ــ( ،ﻣراﺟﻌــﺔ:
ﻓﺎﯾز ﺗرﺣﯾﻧﻲ ،ط. ١٩٨٤ ، ١
.٣اﻟﺑﺣ ــر اﻟﻣﺣ ــﯾط :أﺑ ــو ﺣﯾ ــﺎن ،أﺑ ــو ﻋﺑ ــد اﷲ ﻣﺣﻣ ــد ﺑ ــن ﯾوﺳ ــف )ت ٧٤٥ﻫـ ــ( ،ﺑﯾ ــروت ،ط ،١
.٢٠٠١
.٤ﺑداﺋﻊ اﻟﻔواﺋد :اﺑن اﻟﻘﯾم ،أﺑو ﻋﺑد اﷲ ﻣﺣﻣد ﺑن أﺑﻲ ﺑﻛر )ت ٧٥١ﻫـ( ،ﺑﯾروت .
.٥اﻟﺑرﻫﺎن ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﻘران :اﻟزرﻛﺷﻲ ،ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد اﷲ )ت ٧٩٤ﻫـ( ،ﺑﯾروت ،ط.١٩٨٨ ، ١
.٦ﺗﺣﻔــﺔ اﻟﻣرﯾــد ﻋﻠــﻰ ﺟــوﻫرة اﻟﺗوﺣﯾــد :اﻟﺑــﺎﺟوري ،إﺑ ـراﻫﯾم ﺑــن ﻣﺣﻣــد ﺑــن أﺣﻣــد )ت ١٢٧٧ﻫ ــ(،
اﻟﻘﺎﻫرة . ١٩٦٤ ،
.٧اﻟﺗﻠﺧﯾص ﻓﻲ ﻋﻠوم اﻟﺑﻼﻏﺔ :اﻟﻘزوﯾﻧﻲ ،ﺟﻼل اﻟدﯾن ﻣﺣﻣد ﺑن ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ،ﺷرح ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن
اﻟﺑرﻗوﻗﻲ ،اﻟﻘﺎﻫرة.١٩٠٤ ،
.٨ﺣﺎﺷﯾﺔ اﻟدﺳوﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﻧﻲ اﻟﻠﺑﯾب :ﻣﺻطﻔﻰ ﺑن ﻣﺣﻣد )ت ١٢٣٠ﻫـ( ،اﻟﻘﺎﻫرة .
.٩ﺣﺎﺷﯾﺔ اﻟﺳﺟﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺷرح اﻟﻘطر :أﺣﻣد ﺑن أﺣﻣد )ت ١١٩٧ﻫـ( ،اﻟﻘﺎﻫرة .١٩٣٩ ،
.١٠ﺣﺎﺷــﯾﺔ اﻟﺻــﺑﺎن ﻋﻠــﻰ ﺷــرح اﻷﺷــﻣوﻧﻲ ﻋﻠــﻰ أﻟﻔﯾــﺔ اﺑــن ﻣﺎﻟــك :ﻣﺣﻣــد ﺑــن ﻋﻠــﻲ )ت ١٢٠٦ﻫــ(،
ﺗرﺗﯾب ﻣﺻطﻔﻰ أﺣﻣد ﺣﺳﯾن ،اﻟﻘﺎﻫرة.١٩٤٧ ،
.١١اﻟﺧﺻﺎﺋص :اﺑن ﺟﻧﻲ ،أﺑو اﻟﻔـﺗﺢ ﻋﺛﻣـﺎن )ت ٣٩٢ﻫــ( ،ﺗﺣﻘﯾـق :ﻣﺣﻣـد ﻋﻠـﻲ اﻟﻧﺟـﺎر ،ﺑﻐـداد،
ط.١٩٩٠ ،٤
.١٢دراﺳﺎت ﻷﺳﻠوب اﻟﻘران اﻟﻛرﯾم :ﻣﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﺧﺎﻟق ﻋﺿﯾﻣﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،دار اﻟﺣدﯾث.
.١٣اﻟد ارﺳــﺎت اﻟﻠﻬﺟﯾــﺔ واﻟﺻــوﺗﯾﺔ ﻋﻧــد اﺑــن ﺟﻧــﻲ :اﻟﻧﻌﯾﻣــﻲ ،ﺣﺳــﺎم ﺳــﻌﯾد ،ﻣﻧﺷــورات و ازرة اﻟﺛﻘﺎﻓــﺔ
واﻹﻋﻼم اﻟﻌراﻗﯾﺔ ،دار اﻟرﺷﯾد ﻟﻠﻧﺷر.١٩٨٠ ،
.١٤اﻟـدرر اﻟﻠواﻣــﻊ ﻋﻠــﻰ ﻫﻣــﻊ اﻟﻬواﻣــﻊ :اﻟﺷــﻧﻘﯾطﻲ،اﺣﻣد ﺑــن اﻷﻣــﯾن )ت ١٣٣١ﻫــ( ،ﺑﯾــروت ،ط،٣
.١٩٧٣
.١٥دﻻﺋل اﻹﻋﺟﺎز :اﻟﺟرﺟﺎﻧﻲ ،ﻋﺑد اﻟﻘﺎﻫر ﺑن ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن )ت ٤٧١ﻫـ( ،ﺗﺣﻘﯾق :ﻣﺣﻣد رﺿوان
اﻟداﯾﺔ وﻓﺎﯾز اﻟداﯾﺔ ،دﻣﺷق ،ط. ١٩٨٧ ، ٢
.١٦دﻻﻟﺔ اﻷﻟﻔﺎظ :إﺑراﻫﯾم أﻧﯾس ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻻﻧﺟﻠو اﻟﻣﺻرﯾﺔ.١٩٩٧ ،
.١٧دور اﻟﻛﻠﻣﺔ :ﺳﺗﯾﻔن اوﻟﻣﺎن ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻛﻣﺎل ﻣﺣﻣد ﺑﺷﯾر ،اﻟﻘﺎﻫرة ،ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺷﺑﺎب.١٩٧٥ ،
.١٨دﯾوان زﻫﯾر ﺑن أﺑﻲ ﺳﻠﻣﻰ :ﺻﻧﻌﻪ أﺑو اﻟﻌﺑﺎس اﺣﻣد ﺑن ﯾﺣﯾـﻰ ﺛﻌﻠـب ،اﻟﻘـﺎﻫرة ،اﻟـدار اﻟﻘوﻣﯾـﺔ،
.١٩٦٤
٢٠٥
إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ زﯾﺎدة اﻟﻣﺑﻧﻰ ودﻻﻟﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ زﯾﺎدة اﻟﻣﻌﻧﻰ …
.١٩دﯾـوان اﻟﻌﺟــﺎج :رواﯾــﺔ ﻋﺑــد اﻟﻣﻠــك ﺑــن ﻗرﯾــب اﻷﺻــﻣﻌﻲ وﺷــرﺣﻪ ،ﺗﺣﻘﯾــق د .ﻋـزة ﺣﺳــن ،ﻣﻛﺗﺑــﺔ
دار اﻟﺷرق ،ﺑﯾروت.
.٢٠اﻟروض اﻷﻧف :اﻟﺳﻬﯾﻠﻲ ،ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن)ت ٥٨١ﻫـ( ﺗﺣﻘﯾق :ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن اﻟوﻛﯾل ،اﻟﻘـﺎﻫرة ،دار
اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾﺛﺔ.١٩٧٠ ،
.٢١ﺷــرح اﺑــن ﻋﻘﯾــل :ﻋﺑــد اﷲ اﻟﻬﻣــداﻧﻲ )ت ٧٦٩ﻫ ــ( ،ﺗﺣـ ـﻘﯾق وﺷــرح :ﻣﺣﻣــد ﻣﺣﯾــﻲ اﻟــدﯾن ﻋﺑ ـد
اﻟﺣﻣﯾد ،ﺑﯾروت ،ط. ١٩٧٢ ، ١٥
.٢٢ﺷــرح اﻟﺷــﺎﻓﯾﺔ :اﻟرﺿــﻲ اﻻﺳــﺗراﺑﺎدي ،ﻣﺣﻣــد ﺑــن اﻟﺣﺳــن )ت ٦٨٦ﻫ ــ( ،ﺗﺣﻘﯾــق :ﻣﺣﻣــد اﻟﺣﺳــن
وﻣﺣﻣد اﻟزﻓزاف وﻣﺣﻣد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن ﻋﺑد اﻟﺣﻣﯾد ،ﺑﯾروت. ١٩٧٥ ،
.٢٣ﺷرح اﻟﻛﺎﻓﯾﺔ:اﻟرﺿﻲ اﻻﺳﺗراﺑﺎدي ،ﻣﺣﻣد ﺑن اﻟﺣﺳن )ت ٦٨٦ﻫـ( ،ﺑﯾروت .١٩٨٥ ،
.٢٤ﺷرح اﻟﻣﻔﺻل :اﺑن ﯾﻌﯾش ،ﯾﻌﯾش ﺑن ﻋﻠـﻲ )ت ٦٤٣ﻫــ( ،ﺑﯾـروت ،ﺗﻘـدﯾم :إﻣﯾـل ﺑـدﯾﻊ ﯾﻌﻘـوب،
ﺑﯾروت ،دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ط .٢٠٠١ ،١
.٢٥ﺷــرح ﻣﻠﺣــﺔ اﻹﻋ ـراب :اﻟﺣرﯾــري ،أﺑــو ﻣﺣﻣــد اﻟﻘﺎﺳــم ﺑــن ﻋﻠــﻲ)ت ٥١٦ﻫ ــ( ،ﺗﺣﻘﯾــق :د .اﺣﻣــد
ﻣﺣﻣد ﻗﺎﺳم ،دﻣﺷق ،دار اﻟﻛﻠم اﻟطﯾب ،ط .٢٠٠٥ ،١
.٢٦ﻓواﺗـﺢ اﻟرﺣﻣوت ﺑﺷرح ﻣﺳﻠم اﻟﺛﺑوت :اﻷﻧﺻـﺎري ،ﻋﺑد اﻟﻌﻠﻲ ﻣﺣﻣد ﺑن ﻧظـﺎم اﻟـدﯾن )ت :ﻫــ(،
ﻣطﺑوع ﻣﻊ اﻟﻣﺳﺗﺻﻔﻰ ﻟﻠﻐزاﻟﻲ .
.٢٧اﻟﻛﺗــﺎب :ﺳــﯾﺑوﯾﻪ ،أﺑــو ﺑﺷــر ﻋﻣــرو ﺑــن ﻋﺛﻣــﺎن )ت ١٨٠ﻫ ــ( ،ﺗﺣﻘﯾــق :ﻋﺑــد اﻟﺳــﻼم ﻫــﺎرون ،
اﻟﻘﺎﻫرة ،ط.١٩٨٨ ، ٣
.٢٨ﻛﺷــﺎف اﺻــطﻼﺣﺎت اﻟﻔﻧــون :اﻟﺗﻬــﺎﻧوي ،ﻣﺣﻣــد ﻋﻠــﻲ اﻟﻔــﺎروﻗﻲ )ت ﺑﻌــد ١١٥٨ﻫــ( ،ﺗﺻــﺣﯾﺢ:
ﻣﺣﻣد وﺟﯾﻪ وﻋﺑد اﻟﺣق وﻏﻼم ﻗﺎدر ،ﻛﻠﻛﺗﺎ١٣٦٢ ،ﻫـ
.٢٩اﻟﻛﺷﺎف ﻋن ﺣﻘﺎﺋق اﻟﺗﻧزﯾـل وﻋﯾـون اﻷﻗﺎوﯾـل ﻓـﻲ وﺟـوﻩ اﻟﺗﺄوﯾـل :اﻟزﻣﺧﺷـري ،ﻣﺣﻣـود ﺑـن ﻋﻣـر
)ت ٥٣٨ﻫـ( ،ﺑﯾروت ،ط. ١٩٧٧ ، ١
.٣٠اﻟﻠﻐــﺔ :ﻓﻧــدرﯾس ،ﺗﻌرﯾ ــب :ﻋﺑــد اﻟﺣﻣﯾ ــد اﻟــدواﺧﻠﻲ وﻣﺣﻣ ــد اﻟﻘﺻــﺎص ،اﻟﻘ ــﺎﻫرة ،ﻣﻛﺗﺑــﺔ اﻻﻧﺟﻠ ــو
اﻟﻣﺻرﯾﺔ.١٩٩٠ ،
.٣١اﻟﻠﻐــﺔ اﻟﻌرﺑﯾــﺔ ﺑــﯾن اﻟﻣﻧطــق اﻟﻌﻘﻠــﻲ واﻻﻋﺗﺑــﺎط :ﻋــدﻧﺎن ﻣﺣﻣــد ﺳــﻠﻣﺎن /ﻣﺟﻠــﺔ اﻟﻣﺟﻣــﻊ اﻟﻌﻠﻣــﻲ
اﻟﻌراﻗﻲ ،اﻟﻣﺟﻠد ،٣٧اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ.١٩٨٦ ،
.٣٢اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﻌﻧﺎﻫﺎ وﻣﺑﻧﺎﻫﺎ :ﺗﻣﺎم ﺣﺳﺎن ،اﻟدار اﻟﺑﺑﯾروت .،ت.
.٣٣ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ :ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن أﯾوب ،ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻐداد ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ.١٩٦٦ ،
.٣٤اﻟﻣﺣﺗﺳــب :اﺑــن ﺟﻧــﻲ ،أﺑــو اﻟﻔــﺗﺢ ﻋﺛﻣــﺎن)ت ٣٩٢ﻫــ( ،ﻣﺣﻣــد ﻋﺑــد اﻟﻘــﺎدر ﻋطــﺎ ،ﺑﯾــروت ،دار
اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ،ط .١٩٩٨ ،١
.٣٥اﻟﻣﺧﺻص :اﺑن ﺳﯾدﻩ ،أﺑو اﻟﺣﺳن ﺑن إﺳﻣﺎﻋﯾل )ت ٤٥٨ﻫـ( ،ﺑﯾروت . ١٩٧٨ ،
٢٠٦
ﻣﺣﻣد ذﻧون ﯾوﻧس
.٣٦اﻟﻣزﻫـر ﻓــﻲ ﻋﻠــوم اﻟﻠﻐــﺔ وأﻧواﻋﻬــﺎ :اﻟﺳــﯾوطﻲ ،ﻋﺑــد اﻟــرﺣﻣن ﺑـن أﺑــﻲ ﺑﻛــر )ت ٩١١ﻫــ( ،ﺷــرح
وﺿﺑط وﺗﺻﺣﯾﺢ :ﻣﺣﻣد أﺣﻣد ﺟﺎد اﻟﻣوﻟﻰ وﻋﻠﻲ ﻣﺣﻣد اﻟﺑﺟـﺎوي وﻣﺣﻣـد أﺑـو اﻟﻔﺿـل إﺑـراﻫﯾم
،اﻟﻘﺎﻫرة ،د .ت .
.٣٧ﻣﻐﻧﻲ اﻟﻠﺑﯾب :اﺑن ﻫﺷﺎم ،ﻋﺑد اﷲ ﺑـن ﯾوﺳـف )ت ٧٦١ﻫــ( ،ﺗﺣﻘﯾـق :ﻣﺣﻣـد ﻣﺣﯾـﻲ اﻟـدﯾن ﻋﺑـد
اﻟﺣﻣﯾد ،اﻟﻘﺎﻫرة.
.٣٨ﻣﻔ ــردات أﻟﻔ ــﺎظ اﻟﻘـ ـرآن :اﻟ ارﻏ ــب اﻷﺻ ــﻔﻬﺎﻧﻲ ،أﺑ ــو اﻟﻘﺎﺳ ــم اﻟﺣﺳ ــﯾن ﺑ ــن ﻣﺣﻣ ــد )ت ٥٠٢ﻫـ ــ( ،
ﺗﺣﻘﯾق :ﻣﺣﻣد ﺳﯾد ﻛﯾﻼﻧﻲ ،ﺑﯾروت ،د .ت .
.٣٩ﻫﻣــﻊ اﻟﻬواﻣــﻊ :اﻟﺳــﯾوطﻲ ،ﻋﺑــد اﻟــرﺣﻣن ﺑــن أﺑــﻲ ﺑﻛــر )ت ٩١١ﻫ ــ( ،ﺗﺻــﺣﯾﺢ :ﻣﺣﻣــد ﺑــدر
اﻟﻧﻌﺳﺎﻧﻲ ،ﺑﯾروت ،د .ت. .
٢٠٧