You are on page 1of 16

‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

ISSN 1112-
112 ‫) – ديسمبر‬1(‫ الجزء‬/ ‫العذد الثامه‬ OEB Univ. Publish. Co.

- ‫ بين تجميات الظاىر وتحميل الضمني‬- ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب السينمائي‬
Reading in the semiotic dimensions of the cinematic discourse
- Between disclosure and implicit analysis -
‫ الجزائر‬،‫ جامعة تبسة‬،‫ رضوان بمخيري‬.‫د‬
)2016/10/11(:‫ تاريخ القبول‬،)2016/07/22(:‫تاريخ التسميم‬
Abstract : :
‫ملخص‬
'' ‫تستيدؼ ىذه الدراسة البحث في فاعمية‬
The aim of this study is to investigate
the effectiveness of cinematic semantics in ‫سيميائية الخطاب السينمائي '' في تنمية القدرة‬
the development of creative and semantic
capacity by detecting and exploring invisible ‫ وذلؾ بكشؼ واستكشاؼ‬،‫اإلبداعية والداللية‬
semantic relationships through direct ‫العالقات الداللية غير المرئية مف خالؿ التجمي‬
reflection of the image, There is no doubt that
semiotics are highly influenced by the ‫ والتدريب عمى إنتاج الضمني‬،‫المباشر لمصورة‬
‫ ال مجرد االكتفاء بتسمية‬،‫والمتواري والمتمنع منيا‬
personality of the recipient and the
circumstances surrounding it, so the semiotics
of an image may differ from one person to ‫المناطؽ أو المجاالت العامة التي تعبر عف‬
another and from one region to another, And
from time to time, which is fertile ground for ‫ ومما الشؾ فيو أف السيميائية‬.‫مكنونات الصورة‬
the development of creativity, and therefore ‫تتأثر بدرجة كبيرة بشخصية المتمقي وبالظروؼ‬
there are meanings within the visual text
(image) and events and visual events, It may ‫ لذا فإف السيميائية لصورة ما؛ قد‬،‫المحيطة بو‬
،‫تختمؼ مف شخص إلى آخر ومف منطقة ألخرى‬
not seem obvious, it needs effort and
perseverance, and the higher the degrees of
indexing in visual text (image) the more ‫ وىي بذلؾ مجاؿ خصب‬،‫ومف فترة زمنية ألخرى‬
creative the results, The study here is related
to the learner's ability to understand and ‫ وعميو ثمة معاني تكمف في داخؿ‬،‫لتنمية اإلبداع‬
predict dimensions that are related to ،‫النص البصري (الصورة) واألحداث والوقائع المرئية‬
meaning and extend beyond visual text.
Keywords: sémiotique, image, ‫ وىي تحتاج إلى جيد‬،‫وقد ال تبدو واضحة لمعياف‬
‫ وكمما ازدادت درجات التفرس في النص‬،‫وتفرس‬
dimensions, significance, visual discourse,
cinematic image.
‫البصري (الصورة) المرئي كانت النتائج أكثر‬
‫ والفراسة ىنا ترتبط بقدرة المتعمـ عمى الفيـ‬،‫إبداعية‬
‫والتنبؤ باألبعاد المرتبطة بالمعنى وىي تمتد أبعد مف‬
. ‫النص البصري (الصورة) البصرية‬
،‫ األبعاد‬،‫ الصورة‬،‫ السيمياء‬:‫الكممات المفتاحية‬
.‫ الصورة السينمائية‬،‫ الخطاب المرئي‬،‫الداللة‬
‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫منذ تبمورالصورة في ىيئتيا الحديثة وتحديدا منذ نشأة الصورة الفوتوغرافية المجسمة لمحدث‬
‫ولمشخوص ولممشيد‪ ،‬أصبح ىذا الشكؿ الجديد مف الترميز ومف التعبير الثقافي لدى اإلنساف يكتسح‬
‫ساحة التوثيؽ واألرشفة‪ ،‬محدثا لحالة مف التشكيؾ في مقولة أف التاريخ ىو ما يكتب بعد أف كاف فيما‬
‫مضى ما تحفظو الشفاىة‪ .‬وقد زاد في تسارع حضور الصورة في بعثرة المشيد الثقافي التقميدي‬
‫وتحوليا إلى صورة متحركة مجسدة في(السينما الصامتة لألخويف لوميار ‪1895 Lumière‬ـ) ثـ‬
‫إلى صورة ناطقة منذ ‪1927‬م وصوال إلى عصر الصورة الرقمية مع اندماج الصوت والصورة‬
‫والنص عبر ما يعرؼ بالروابط التشعبية في عصر الممتيميديا‪ .‬مع كؿ مكسب تقني تحتؿ الصورة‬
‫دالالت رمزية جديدة ليحدث تالقي التكنولوجيا مع الصورة شيئا فشيئا نوعا مف االنزالؽ الوظيفي في‬
‫تاريخيا فتتحوؿ مف وسيط لمحجاج أي اإلقناع والتوثيؽ واألرشفة إلى جياز لمعنؼ والقمع الرمزي‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪ .1‬مبادئ السيميائيات‪:‬‬
‫تبحث السيميائية عف المعنى‪ ،‬مف خالؿ بنية االختالؼ ولغة الشكؿ والبنى الدالة‪ .‬وىي لذلؾ ال‬
‫تيتـ بالنص وال بمف قالو‪ ،‬وانما تحاوؿ اإلجابة عف تساؤؿ وحيد ىو كيؼ قاؿ النص ما قالو؟‪ ،‬ومف‬
‫أجؿ ذلؾ يفكؾ النص ويعاد تركيبو مف جديد لتحدد ثوابتو البنيوية وىذا العمؿ يقوـ عمى المبادئ‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬التحميل المحايث‪ :‬أي البحث عف العالقات الرابطة بيف العناصر التي تنتج المعنى ‪.‬‬
‫ب‪ -‬التحميل البنيوي‪:‬إلدراؾ المعنى ال بد مف وجود نظاـ مف العالقات تربط بيف عناصر‬
‫النص‪ ،‬ولذا فإف االىتماـ يجب أف يوجو إلى ما كاف داخال في نظاـ االختالؼ الذي يسمى شكؿ‬
‫المضموف وىو التحميؿ البنيوي ‪.‬‬
‫ج‪ -‬تحميل الخطاب ‪ :‬يعد الخطاب في مقدمة اىتمامات التحميؿ السيميائي الذي ييتـ بالقدرة‬
‫الخطابية وىي القدرة عمى بناء نظاـ إلنتاج األقواؿ ‪.‬عمى عكس المسانيات البنيوية التي تيتـ‬
‫بالجممة(بمخيري‪ ،0202 ،‬ص ص‪.)55 ،55‬‬
‫‪ .2‬اتجاىات السيميائيات‬
‫بعض العمماء يرى أف ىناؾ اتجاىيف رئيسيف ىما ‪:‬‬
‫‪ -0‬االتجاه األمريكي ورائده بيرس ‪ Pears‬ومعو كارناب وسيبوؾ‬
‫‪ -0‬االتجاه الفرنسي ورائده دي سوسير‪ Saussure‬ومف سار عمى دربو مثؿ بويسنس وبرييطو‬

‫‪82‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫اتجاىات فرعية يمثميا كريماس وبوشنكي وجوليا كريستيفا‬ ‫ووروالف بارث ‪ ،Barth‬وىناؾ‬
‫(حنوف‪ ،0891 ،‬ص‪ ،)95‬ويرى آخروف أف االتجاه الروسي اتجاه رئيس ثالث‪ ،‬وأف المدرسة الفرنسية‬
‫يجب أف تقسـ إلى فروع كاآلتي‪:‬‬
‫أ‪ -‬سيميولوجيا التواصل واإلبالغ كما عند جورج موناف ‪.‬‬
‫ب‪ -‬سيميولوجيا الداللة‪ :‬لما كانت األشياء تحمؿ دالالت وكانت لمداللة أىمية خطيرة في‬
‫الواقع‪ ،‬فقد نشأ في مجاؿ السيميائيات تيار يبحث في ىذا األمر؛ وىو تيار يعزى إلى الفرنسي روالف‬
‫بارث ‪ Roland Barth‬الذي أوضح أف جانبا ىاما مف البحث السيميولوجي المعاصر مرده –بدوف‬
‫انقطاع‪ -‬إلى مسألة الداللة‪ ،‬ويعتبر روالف بارث" خير مف يمثؿ ىذا االتجاه ألف البحث السيميولوجي‬
‫لديو ىو دراسة األنظمة واألنسقة الدالة‪ ،‬فجميع الوقائع واألشكاؿ الرمزية واألنظمة المغوية تدؿ‪ ،‬فيناؾ‬
‫مف يدؿ بالمغة وىناؾ مف يدؿ بدوف المغة المعيودة‪ ،‬بيد أف ليا لغة خاصة‪ ،‬مادامت األنساؽ والوقائع‬
‫كميا دال ة فال عيب مف تطبيؽ المقاييس المسانية عمى الوقائع غير المفظية أي األنظمة السيموطيقية‬
‫غير المسانية لبناء الطرح الداللي( ‪ ،http://www.almotamar.net/news‬محمد رضا البسيوني)‪.‬‬
‫وحسب بارث فإف السيميولوجيا الدالة تتوزع عمى العناصر في شكؿ ثنائيات استقاىا مف المسنة‬
‫البنيوية نذكر منيا‪:‬‬
‫ب‪ .1-‬الدال والمدلول‪:‬‬
‫عف السيميائية تتميز عف المسانية بكوف داللتيا تنحصر في وظيفتيا االجتماعية‪ ،‬ىذه الوظيفة‬
‫رىينة باالستعماؿ وىذا االستعماؿ مشروط بحموؿ وقتو وأوانو وىذا الوقت واألواف يسبب شيء غير‬
‫عالمة ليذا االستعماؿ كالمعاطؼ تمبس وقاية لمجسد مف البرد واألمطار أي أنيا ال تستعمؿ إال حيف‬
‫يحيف وقت البرد والشتاء‪.‬‬
‫ب‪.2-‬اإليحاء والتقرير‪:‬‬
‫يحتوي كؿ نظاـ سيميائي عمى مخطط لمتعبير وعمى آخر لممضموف وقد تعددت األنظمة‬
‫باختالؼ المخططات التي تشكؿ عمى صعيد التقرير وصعيد اإليحاء(‪، De Saussure‬‬
‫‪ ،)p33 ،ferdinand.sd‬وىكذا حاوؿ "روالف بارث" التسمح بالمسانيات لمقارنة الظواىر السيمولوجية‬
‫كأنظمة الموضة واألساطير واإلشيار‪...‬الخ‪.‬‬
‫لقد أدى تطور السيميائيات وتعدد منابعيا إلى ظيور عدد مف التيارات أو االتجاىات‬
‫السيميائية‪ .‬ويقصد "باالتجاه" –في المستوى االصطالحي‪ -‬أف ثمة تنظيما أو جماعة بشرية مكونة‬
‫غير واحد مف الدارسيف عف اتجاىات‬
‫مف أفراد تجمع بينيـ أمور وخصائص معينة‪ .‬وقد تحدث ُ‬
‫السيميولوجيا‪ .‬ومف الواضح أف ىؤالء قد اختمفوا في تحديد ىذه االتجاىات‪ ،‬وذلؾ تبعا الختالؼ‬
‫المرت َكزات المعرفية والخمفيات النظرية التي ينطمقوف منيا‪.‬‬

‫‪83‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫‪ .3‬مجاالت تطبيق السيمياء‪:‬‬


‫وظؼ كريستياف ميتز ‪ Christien Metz‬المنيج السيميائي في دراسة السينما؛ أي األشرطة‬
‫السينمائية واألفالـ باعتبارىا عالمات سمعية‪-‬بصرية‪ .‬وصدرت لو في ىذا الصدد مجموعة مف‬
‫الكتابات والدراسات؛ مف ذلؾ كتابو الياـ الموسوـ بػ" ‪" Essais sur la signification au cinéma‬‬
‫الخ َدع السينمائية‪ ،‬وعالجيا معالجة‬
‫والذي يقع في جزأيف اثنيف‪ .‬وقد تحدث فيو –بإفاضة‪ -‬عف ُ‬
‫سيميولوجيةً‪ ،‬وقسميا إلى ثالثة مستويات‪ ،‬ىي‪ :‬مستوى الكامي ار (التقاط الصورة)‪ ،‬ومستوى المشيد‬
‫السينمائي (عمؿ الممثميف)‪ ،‬ومستوى تركيب الفيمـ‪ .‬كما أنجز ميتز ‪ Metz‬عمال أكاديميا أكثر تنظي ار‬
‫في السيميولوجيا‪ ،‬وىػػو" ‪ "Langage et cinéma‬الذي ُنشر في باريس عاـ ‪ .0810‬وقد استند فيو‬
‫إلى معارفو النظرية حوؿ السينما الروائية‪ .‬ولو أيضا دراسة أخرى بعنواف‪Le signifiant :‬‬
‫‪Essais‬‬ ‫‪ imaginaire-Psychanalyse et cinéma‬صدرت عاـ ‪0811‬ـ‪ .‬وفي كتابو "‬
‫وغيرىا تؤكد أف‬
‫ُ‬ ‫أسماه "سيميولوجيا السينما"‪ ...‬فيذه الدراسات‬
‫‪ ،"sémiotiques‬تحدث ميتز عما ْ‬
‫ميتز ‪ Metz‬رائد في تجريب المنيج السيميائي في دراسة السينما‪ .‬وقد اعتبرتو برنارد توساف "مؤسس‬
‫سيميولوجيا السينما" (توساف‪ ،‬برنارد‪ ،0881 .‬ص‪ )55‬ومما قالو ميتز ‪ Metz‬في ىذا المضمار‪:‬‬
‫"السيميولوجيا السينمائية جد حديثة‪ ،‬لكي تضطمع بعدة تطبيقات في كؿ مرة‪ ،‬جزء برنامجيا الذي‬
‫يعنى ببمورة نظاـ المكونات الفيممية الكبرى‪ ،‬يبدو أنو قد اكتمؿ لكي نتمكف مف عرض تطبيقو عمى‬
‫الشريط المصور لفيمـ بكاممو"‪.‬‬
‫صقات‪ .‬وذلؾ بالنظر إلى‬
‫الم ْم َ‬
‫وطُبؽ المنيج السيميائي في مجاؿ دراسة الموحات اإلشيارية و ُ‬
‫التطور الكبير الذي شيده اإلشيار‪ ،‬والى قابميتو الواضحة لممقاربة السيميولوجية‪ .‬تقوؿ توساف‪:‬‬
‫مناىضيو (باسـ إيديولوجيا شبو يِسارية أو نظرة ِقػيمية ألشكاؿ التعبير)‪ ،‬سوؼ‬
‫"اإلشيار بالرغـ مف ِ‬
‫األيقوني والسمعي –البصري في عصرنا ىذا‪ ،‬ومجاؿ استثمار كبير‬
‫يصبح الوسيمة الكبرى لمتعبير ْ‬
‫يضاىي االستثمارات الخاصة بكاثيدرائيات العصر الوسيط"‪ (.‬توساف‪ ،‬برنارد‪ ،0881 .‬ص‪ ،)55‬ومف‬
‫الدارسيف البارزيف في ىذا الميداف روالف بارث ‪ Barth‬الذي كتب مجموعة مف األبحاث في معالجة‬
‫الممصقات والموحات اإلشيارية‪ .‬ومف ذلؾ دراستو الموسومة "ببالغة الصورة" ( ‪Rhétorique de‬‬
‫‪p41-‬التي حمؿ فييا صورة إشيارية‬ ‫‪،vol04 ،‬‬ ‫)‪،Revue "Communications( )l'image‬‬
‫لشركة بانزاني (‪ )Panazani‬المختصة في صناعة المعجونات‪ .‬وىو بذلؾ ال يسعى إلى "تأسيس عمـ‬
‫لتحميؿ اإلشيار‪ ،‬وانما يسعى بصفة عامة إلى وضع "بالغة لمصورة" كما يدؿ عمى ذلؾ عنواف‬
‫الدراسة"‪.‬‬
‫لقد ظيرت مجموعة مف الدراسات السيميولوجية في القصة المصورة (‪)Band dessinée‬‬
‫بوصفيا شكال أدبيا موجيا إلى األطفاؿ بصورة رئيسة‪ .‬ويعد بيير فريزنولت دورييؿ (‪)PFDeruelle‬‬

‫‪84‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫رائدا في ىذا المجاؿ وذلؾ بأطروحتو الجامعية التي أنجزىا عاـ ‪ ،0812‬وصدرت عف دار‬
‫‪.)www.ouldbostamimohamed.nireblog.com‬‬ ‫(‪ )Hachette‬الفرنسية عاميف بعد ذلؾ‪(.‬فريد أمعضشو‪،‬‬
‫واستُعمؿ المنيج السيميائي في فف الرسـ وفي قراءة الموحات التشكيمية‪ ،‬وذلؾ مع‬
‫أوبيرداميش (‪ )E.Damish‬وجوف لويس شيفر (‪ )J.L. Schefer‬ولويس مارتاف (‪..)L. Martin‬‬
‫واستعمؿ كذلؾ في قراءة الصور الفوتوغرافية‪ ،‬وفي دراسة المسرح كما عند ىيمبو‪ .‬وطَبؽ بعضيـ‬
‫السيميولوجيا في مجاؿ الموسيقى‪ ،‬وظيرت كتابات ومقاالت قيمة في ىذا الشأف‪ ،‬وكانت مجمة‬
‫ضف األوؿ لمدراسات السيميولوجية الموسيقية عامي ‪ 0812‬و‪0810‬ـ‪ .‬إال‬ ‫الم ْح َ‬
‫(‪َ )Musique en jeu‬‬
‫أنو "ليس مف السيؿ تأسيس السيميائية الموسيقية؛ ألنيا ال تعتمد فقط عمى المادة الموسيقية‪ ،‬ولكف‬
‫‪)www.ouldbostamimohamed.nireblog.com‬‬ ‫أيضا عمى المادة الصوتية الموسيقية"‪ (.‬فريد أمعضشو‪،‬‬
‫‪ .4‬الرسالة المسانية في الصورة‬
‫تتمثؿ الرسالة المسانية لمصورة في الشعار أو العنواف أو النصوص المكتوبة األخرى‬
‫كالشروحات وبعض التفاصيؿ حوؿ المادة المعمف عنيا وتتكوف مف مجموعة الدالئؿ المغوية المشكمة‬
‫لمكممات والجمؿ المرافقة لمصورة‪ ،‬والرسالة المسانية المرافقة لمصورة تدمج االنفعالية والعواطؼ‬
‫ورغبات المتمقي والمشاىد لمصورة‪ ،‬فيناؾ ألفاظ توحي باالنجذاب أو النفور‪ ،‬كما أف ىناؾ مف تسبب‬
‫الخجؿ أو الغضب فيي تستخدـ إلثارة االنفعاؿ في اإلنساف فتجذب انتباىو وتقوده نحو سموؾ معيف‪،‬‬
‫فألفاظ الشعار والنصوص المكتوبة المرافقة لمصورة يجب أف تكوف منتقاة إيحائية‪ ،‬مركزة في بضع‬
‫كممات لتحقيؽ اليدؼ المرجو منيا‪ .‬ويكوف ىذا االنتقاء بإتباع أربعة مراحؿ أساسية حددىا "روسي‬
‫ىجماف" والتي يمكف اعتبارىا كخطوات لتصميـ الشعار وصياغتو النيائية(روسي‪ ،‬ىجماف‪،0222.‬‬
‫ص‪.)055‬‬
‫‪ .0‬تحديد التغيير الذي سيحدث لو األثر المطموب في سموؾ المتمقي‪.‬‬
‫‪ .0‬تحديد الفكرة إلنتاج صورة ذىنية(‪ )Image Montale‬تجسد تغيي ار في السموؾ‪.‬‬
‫‪ . 5‬تفتيت تمؾ الفكرة إلى أجزاء يتـ تحديدىا برموز اصطالحية‪ ،‬يستطيع استخداميا لتكويف‬
‫عبارات‪.‬‬
‫‪ .1‬تنظيـ تمؾ الرموز في سمسمة يربطيا بواسطة القواعد والمؤشرات النحوية والتي ستمكف‬
‫المتمقي مف إعادة تركيب الفكرة األصمية المراد توصيميا عبر الشعار‪.‬‬
‫‪ .5‬وظائف الرسالة المسانية‪ :‬تؤدي الرسالة المسانية عدة وظائؼ نذكر منيا‪:‬‬
‫‪-1‬وظيفة التوجيو ‪:Fonction d’ orientation‬‬
‫الصورة ليست واضحة ألنيا متعددة المعاني فيي ال تحمؿ معنى محدد‪ ،‬لكف النص المرفؽ‬
‫أو الشعار يوجو المستقبؿ نحو معنى معيف‪ ،‬مرغوب مف طرؼ المعمف‪.‬‬

‫‪85‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫‪-2‬وظيفة الترسيخ ‪:Fonction d’encrage‬‬


‫الترسيخ كما يقوؿ "بارث" ىو نوع مف التالعب المتبادؿ بيف الصورة والنص ميمتو توجيو‬
‫القارئ نحو مدلوالت خاصة بالصورة وذلؾ لتثبيت سمسمة المعاني الطائفة‪.‬‬
‫‪-3‬وظيفة المناوبة‪Fonction de relais :‬‬
‫تظير ىذه الوظيفة عندما تعجز الصورة عف أداء الشروحات الالزمة أو حينما يحدث‬
‫إفراطا حسيا في النظرة‪ ،‬فيأتي دور الرسالة المسانية لمحد مف المعاني التعيينية وذلؾ باإلنابة عنيا‬
‫‪.)p22 ،‬‬ ‫وتتحقؽ ىذه الوظيفة في الصور المتحركة(‪،Marie‬‬
‫‪ .6‬مستويات قراءة الصورة‪:‬‬
‫يقوؿ ىيمسالؼ "‪ " Himslef‬كؿ رمز لو نظاـ دالئؿ‪ ،‬كؿ لغة تحمؿ بداخميا صيغة تعبير‬
‫وصيغة مضموف‪ ،‬وىذا ما حدده كثير مف الباحثيف مف خالؿ الداؿ والمدلوؿ‪ ،‬وأضاؼ أيضا أنو يوجد‬
‫مستوييف لقراءة الصورة سيميولوجيا مستوى تعييف ومستوى تضميف‪Niveau Dénoté et Niveau .‬‬
‫‪ ،Conté‬فالمستوى التعييني فيظير عميو بأنو بسيط‪ ،‬فيو يمثؿ ما تعرضو الصورة مع الواقع بيـ الداؿ‬
‫والمدلوؿ‪( .‬داؿ ‪ +‬مدلوؿ‪ = 0‬تعييف الصورة)؛ أما المستوى التضميني‪ ،‬فيو األكثر تعقيدا ويعبر عما‬
‫يراد قولو في الصورة عف طريؽ تفكيؾ مدونة المرسؿ‪ ،‬يتدخؿ ىنا عامؿ القراءة الشخصية وتكوف‬
‫نابعة عف انطباعات وثقافة الفرد‪ ،‬باالعتماد عمى عناصر القراءة التعيينية‪.‬‬
‫‪)p19 ،‬‬ ‫تعيين الصورة ‪ +‬مدلول ‪ = 2‬تضمين الصورة‪، Marie(.‬‬
‫‪ .1.6‬المستوى التعييني‪:‬‬
‫ىو القراءة السطحية واألولية لمرسالة وبتعبير آخر ىو االنطباع األولي لمستقبؿ الصورة‪ ،‬بمعنى‬
‫أننا في بادئ األمر نتعرؼ عمى األشكاؿ والخطوط واأللواف المشكمة لمرسالة والممثمة لدليؿ ما‪.‬‬
‫إذ نجد أنفسنا أماـ داؿ ممثؿ لمدلوؿ معيف ومترجـ لشيء آخر خارجي‪ ،‬فالداؿ إذف وجو جمي‬
‫ظاىر يمكف إدراكو‪ ،‬أما المدلوؿ يتمثؿ في الفكرة أو المفيوـ الذيف يصالف إلى المرسؿ إليو بواسطة‬
‫الداؿ كما يقوؿ "روف باتوفسكي" في ىذه الحالة‪" :‬إنني أجد نفسي أماـ مجموعة مف األشياء‬
‫والخطوط واأللواف في مستويات متباينة‪ ،‬أكتشفيا بصورة عفوية" (‪.)p63 ،Jan.1976 ،Gazneuve‬‬
‫‪-0‬أ‪-‬الرسالة التشكيمية‪Le message plaslique :‬‬
‫وىي مجموعة الدالئؿ المشكمة لمعناصر التقنية‪ ،‬وتتضمف الدراسة التشكيمية ما يمي‪:‬‬
‫*الحامل‪ :‬ويقصد بو المادة التي تطبع عمييا الصورة وحجميا (ممصؽ‪ ،‬صفحة‪ ،‬مجمة‪ ،‬فيمـ‪،‬‬
‫فيديو‪. )p63 ،Jan.1976 ،Gazneuve( ...‬‬
‫*اإلطار‪ :Le Cadre :‬يقصد بو الحدود الفيزيائية لمصورة‪ ،‬والذي يفصؿ مختمؼ التعيينات عف‬
‫بعضيا البعض وطريقة توزيعيا في الصورة‪ ،‬كما يمثؿ الحواؼ البيضاء التي تترؾ عمى الصورة‪.‬‬

‫‪86‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫*التأطير‪ :‬يتمثؿ في حجـ الصورة ويتعمؽ بالمسافة بيف الموضوع المصور وعدسة الكاميرا‪.‬‬
‫*األشكال‪ :‬المنغمقة منيا تعطي إحساسا باليدوء‪ ،‬اإلتباع والدقة والكماؿ‪ ،‬والشكؿ المتعدد الزوايا‬
‫يرمز إلى القساوة واالستقرار واالنغالؽ‪.‬‬
‫*المربع‪ :‬ىو رمز األرض ورمز العالـ المخموؽ بإتقاف‪ ،‬واذا كاف مثبتا عمى أضالعو األربعة‬
‫فيو عالمة االستقرار‪.‬‬
‫*المثمث‪ :‬حامؿ لمرمز ثالثة‪ ،‬إذا كانت الشوكة في األعمى تدؿ عمى النار وجنس الذكر‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت في األسفؿ فتدؿ عمى الماء وجنس المؤنث‪.‬‬
‫*الدائرة‪ :‬رمز اإلتقاف والوقت والخفة وبداية بدوف نياية والكماؿ‪.‬‬
‫*حجم الخطوط‪ :‬إذا كاف سميكا فإنو يدؿ عمى القوة والخشونة أما إذا كاف رقيقا فإنو يدؿ عمى‬
‫الضعؼ والمطافة‪.‬‬
‫‪ .2.6‬المستوى التضميني‪:‬‬
‫يعرفو "روالف بارث" وضع يأتي مف أجؿ مضاعفة الوضع األوؿ في المستوى التعييني الذي لو‬
‫‪ ،)p180 ،‬فالتضميف ىو القراءة المعمقة لمرسالة أي قراءة ما بيف أسطر‬ ‫مدلولو (‪،Marie‬‬
‫النص وقراءة ما وراء الصورة لمعرفة الدالئؿ والرموز التي تحمميا وتحدد ىذه الدالئؿ في القيـ‬
‫السوسيوثقافية بالنسبة لكؿ مجتمع‪ ،‬ويؤكد "بارث" عمى قوة الصورة وقدرتيا عمى اإليحاء‪ ،‬بمعنى ثاني‬
‫ننطمؽ مف المعنى التعييني (ارتباط الداؿ بالمدلوؿ) ليصبح الدليؿ التعييني المتحصؿ عميو داال ثانيا‬
‫لمدلوؿ ثاني‪ ،‬لنصؿ أخي ار لتحميؿ تضميني‪.‬‬
‫‪ .7‬الصورة السينمائية‬
‫‪ .1.7‬مفيوم الصورة السينمائية‬
‫إف تعريؼ الصورة السينمائية سيؿ ومعقد في آف واحد‪ ،‬سيؿ إذا ما تعاممنا معيا مف وجية نظر‬
‫تقنية محضة‪ ،‬أي كوحدة بسيطة تتكوف منيا المقطة‪ ..‬أو إذا ما عممنا بأنيا تتكوف مف ‪ 01‬وحدة‬
‫"‪ "frime‬في التمفزيوف و‪05‬وحدة في السينما‪ ..‬لكف إذا نظرنا إلييا مف حيث إنيا مركز لمتواصؿ فينا‬
‫يكمف اإلشكاؿ‪ :‬ىناؾ الصورة التي نكونيا عف أنفسنا حيث مف شأنيا أف تطمؽ أو تمحـ دوراف الكالـ‬
‫اإلبداعي فينا‪ ،‬ثـ ىناؾ الصورة التي يكونيا اآلخر عنا‪ :‬صورة اآلخر‪ ،‬وىي صورة مبتكرة مف أجؿ‬
‫التعبير‪ ،‬أف تقوؿ وتقوؿ العالـ‪ ،‬أي الصورة ‪ -‬الخطاب مف أجؿ أف نكوف األحسف‪ ..‬فالصورة قد‬
‫أصبحت تشكؿ وسيمة لإلعالـ ترمي إلى جعؿ اإلنساف العصري أكثر خموالً كما يقوؿ ‪ René‬في‬
‫مقدمة كتابو "‪( "Les puissances de l` image‬قوى الصورة) تعبر عف سمطة الفناف في ابتكار‬
‫نظرة جديدة عوض تفقير العالـ وتنميطو‪ ،‬ويضيؼ بأف الصورة عمى العكس مف ذلؾ تساىـ في‬
‫إغنائو واخصابو‪.‬‬

‫‪87‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫‪ .2.7‬تركيب وبنية الصورة السينمائية‬


‫تتركب الصورة السينمائية مف إف إطار الذي ال يقوـ عمى االستعماؿ الجمالي لشيء في الدنيا‪،‬‬
‫ولكف عمى االستعماؿ الجمالي لشيء يقدـ لنا الدنيا‪ ،‬حيث مف وظائفو(عقيؿ ميدي‪ ،‬يوسؼ‪،0220.‬‬
‫ص‪.)15‬‬
‫‪ -‬يحد مف نظرة المشاىد كي ينظـ ويوحد إحساسو بالشيء‪.‬‬
‫‪ -‬يحد مف اإلحساس الطبيعي‪ ،‬ويحقؽ اإلحساس الجمالي‪.‬‬
‫‪ -‬يفتح االحتماالت غير الواقعية مثؿ‪:‬‬
‫الحركة السريعة والبطيئة‪ ،‬المزج والتدرج‪ ،‬الحركة لمخمؼ‪ ،‬التصوير الفوتوغرافي الثابت‪ ،‬تغيير‬
‫شكؿ الصورة بتغير البؤرة أو المرشح‪ ،‬وىذه الوظائؼ‪ :‬تخمؽ استجابة جمالية لدى المتفرج‪.‬‬
‫وداخؿ ىذا اإلطار تتكوف الصورة السينمائية مف‪( :‬عقيؿ ميدي‪ ،‬يوسؼ‪ ،0220.‬ص‪:)11‬‬
‫رقص‬ ‫تشكيؿ ىندسة شعر‬ ‫موسيقى‬

‫رقص‬ ‫الشخصيات توليؼ تكويف شعر‬


‫الكادر يخضع لشروط الرسـ والنحت الجمالية (التوليفة)‪.‬‬
‫تبنى الصورة بتكويف خاص وتنظـ عناصرىا كذلؾ (ىندسة)‪.‬‬
‫الصورة السينمائية تظير أحالـ الروح المسروقة (شعر)‪.‬‬
‫إف المونتاج يضفي إيقاعا داخميا لمصورة الفيممية (رقص)‪.‬‬
‫فتكويف الصورة ىو ترتيب عناصرىا البشرية والمادية داخؿ اإلطار أو الكادر بما يتضمنو مف‬
‫اختيار لزاوية التصوير وعمؽ المجاؿ لمتعبير عف المعنى العاـ واإلطار النفسي الذي يدور فيو‬
‫الحدث بأسموب بصري‪ :‬يعكس عالما مضطربا مميئا بالزوايا الحرجة واالنتقاالت الخشنة‪ .‬فتكويف‬
‫الصورة إذف حسب بودوفكيف (عقيؿ ميدي‪ ،‬يوسؼ‪ ،0220.‬ص‪:)11‬‬
‫الحدث أو المكان التركيب اإليقاع الطول المحتوى‬
‫وجوب مراعاة الترابط العضوي بيف األحداث وبيف مناطؽ تصورىا (الحدث‪-‬المكاف)‪.‬‬
‫ال يمكف أف تترؾ أية حادثة تأثي ار ما إال إذا كاف تركيبيا في المونتاج جيدا (التركيب)‪.‬‬
‫تتحقؽ جودة المونتاج باإليقاع السميـ (اإليقاع)‪.‬‬
‫يعتمد اإليقاع عمى طوؿ المقطات بالنسبة لبعضيا (الطوؿ)‪.‬‬
‫وطوؿ المقطات يعتمد كميا عمى ما تحتويو كؿ لقطة بشكؿ حازـ ودقيؽ (المحتوى)‪.‬‬

‫‪88‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫باإلضافة فالضوء والظؿ المذاف يوحياف بمعنى الصراع بيف الخير (النور) والشر (الظؿ)‪،‬‬
‫ويخمقاف مؤثرات شديدة التنوع باستخداـ مصادر ضوء غير عادية (استثنائية)‪ ،‬في التعبيرية‪-‬تمثؿ‬
‫الظالؿ‪-‬موضة‪ ،‬وط ار از شائعا (تمثؿ صورة القدر) التي ليا داللة (إيجازية)‪ ،‬واف تكوف عنصر قمؽ‬
‫عف طريؽ المجيوؿ المفعـ بالتيديد الذي توحي بو‪ ،‬بيذا تكتسي الظالؿ قيمة رمزية‪ ،‬وتحدث مؤثرات‬
‫ذات قوة فريدة (مصادر إضاءة متحركة) (عقيؿ ميدي‪ ،‬يوسؼ‪ ،0220.‬ص‪.)52‬‬
‫كما تعتمد الصورة السينمائية في تركيبيا عمى الموف الذي يمكف أف نعرفو عمى أنو تفسير‬
‫لحاالت فسيولوجية وسيكولوجية مرتبطة ارتباطا وثيقا بحاالت النفس المتقمبة وأطوارىا العميقة مف‬
‫حب وكراىية وارتياح وطمأنينة وغيرىا(يخمؼ‪ ،‬فايزة‪ ،0885.‬ص‪ . )95‬وليذا ترجع أىمية الموف‪ ،‬في‬
‫الصورة السينمائية وخاصة في المقطات الخارجية ينقؿ إحساسا بالمكاف أيسر مما ينقمو األبيض‬
‫واألسود فرحابة المكاف بوضع األلواف الحمراء المتقدمة أماـ الصورة‪ ،‬والموف األزرؽ المتراجع في‬
‫نياية الصورة‪ ،‬والموف األفضؿ في تجسيـ الحالة النفسية‪ ،‬وانجح في إبراز االختالفات بيف مالمح‬
‫معينة لواقع الفيمـ (عقيؿ ميدي‪ ،‬يوسؼ‪ ،0220.‬ص‪)90‬؛ فمذا كاف لموف رمزية وداللة تالزمو في‬
‫غالب األحياف‪:‬‬
‫‪ .3.7‬دالالت األلوان‪:‬‬
‫إف الموف لغة غير لسانية لكنيا تماثؿ األنساؽ المسانية "وىو أحد المعايير التي تحكـ مف خالليا‬
‫عمى األشياء‪ .‬أنو أحد محددات التمييز بيف األعماؿ الفنية البصرية‪ ،‬والموف مفيوـ فيزيائي‬
‫وسيكولوجي‪ ،‬فيزيائي ألنو مقترف بالضوء وفيزيولوجي ألف أعضاء الجسـ (العيف والمخ) بتفسيره‬
‫سيكولوجي ألننا نشعر بع باعتباره ىادئ أو مثير‪ ،‬متناغـ أو باعث عمى السكينة‪ ،‬ساخف أو حار‪،‬‬
‫مؤدي لمتركيز أو مشتت ولموف أبعاد ثالث ىي‪:‬‬
‫‪. ‬الصبغة‪ :‬ىي نتيجة مزيج األلواف فاألزرؽ المخضر ىو صبغة لألزرؽ واألخضر فالصبغة‬
‫لوف مركب‪.‬‬
‫‪ ‬القيمة‪ :‬وىي اإلضاءة الفيزيائية توافؽ درجة اإلضاءة والظالـ لمشيء‪.‬‬
‫‪ ‬الحدة‪ :‬وىي الصبغة زائد القيمة وىي درجة تشبع الموف أي درجة قوتو‪ ،‬فمثال عبارة أزرؽ فاتح‪،‬‬
‫األزرؽ ىو الموف والفاتح ىي الحدة‪( .‬بولتر‪ ،‬لوؾ‪ ،0220.‬ص‪.)10‬‬
‫أ‪ .‬رمزية األلوان‪:‬‬
‫يأخذ الموف دو ار ىاما في جمب انتباه القارئ لذا يجب عمى مصمـ الرسالة أف يحترـ التفصيالت‬
‫في األلواف عند المستيمكيف لذا يجب التركيز عمى األلواف مف جانب تنسيقيا ودراستيا حسب الصورة‬
‫وكذلؾ موضوع اإلشيار‪ ،‬فالموف ىو ذلؾ التأثير الفيزيزلوجي الخاص بأعضاء الجسـ(محمد العالـ‪،‬‬
‫صفوت‪ ،0888.‬ص‪.)055‬‬

‫‪89‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫وسنحاوؿ إعطاء أىـ دالالت األلواف المتفؽ عمييا‪:‬‬


‫أ‪ .1.‬المون األبيض‪" :‬يصر بعض الباحثيف عمى عدـ اعتبار الموف األبيض لونا‪ ،‬يصفونو عمى‬
‫أنو قيمة لونية غير أننا سنعمد إلى تفسيره كموف محايد"(درويش المباف‪ ،‬شريؼ‪ ،0888 ،‬ص‪.)058‬‬
‫فالموف األبيض يوحي بالصفاء والكماؿ‪ ،‬البرودة‪ ،‬وىو رمز البراءة والطيارة والعفة والتواضع‪،‬‬
‫السالـ‪ ،‬اليدوء‪ ،‬وىو يزيف الموف المكمؿ إذا ما وضع بجانب لوف آخر‪ ،‬وىو لوف لباس االحتراـ‬
‫والطواؼ حوؿ الكعبة الشريفة‪.‬‬
‫أ‪ .2.‬المون األحمر‪ :‬لوف حار‪ ،‬جذاب‪ ،‬عدواني‪ ،‬يوحي بالنشاط والحيوية يسيطر عمى جميع‬
‫األلواف الساخنة والباردة‪ ،‬يذكر بالنار والحركة واالنفعاؿ والدـ‪ ،‬يرمز إلى الشجاعة‪ ،‬الحب‪ ،‬القوة‪،‬‬
‫والرجولة‪ ،‬الغضب‪ ،‬القسوة‪ ،‬والخطر‪.‬‬
‫أ‪ .3.‬المون البرتقالي‪ :‬لوف حار‪ ،‬يعبر عف الترحيب‪ ،‬يوحي بالدؼء واإلثارة‪ ،‬فعاؿ في االتصاؿ‪،‬‬
‫يراه البعض سببا لمتوتر ويراه آخروف ميدئا‪.‬‬
‫أ‪ .4.‬المون األصفر‪ :‬لوف دفيء‪ ،‬براؽ لكف بدوف ح اررة‪ ،‬يسر العيف‪ ،‬يتخذه البعض كرمز‬
‫لمخداع والغش والغيرة‪ ،‬كما أنو رمز لمثروة والغنى‪ ،‬يستخدـ في اإلشيار إلظيار السمع يشكؿ أكبر‪.‬‬
‫أ‪ .5.‬المون األخضر‪ :‬لوف بارد‪ ،‬ىادئ‪ ،‬لوف الطبيعة‪ ،‬منعش‪ ،‬رطب‪ ،‬يضفي السكينة عمى‬
‫النفس‪ ،‬يوحي بالصبر‪ ،‬سمح‪ ،‬حساس‪ ،‬يدعو لمثقة ويرمز لمخصوبة واألمؿ‪.‬‬
‫أ‪ .6.‬المون األزرق‪ :‬لوف بارد‪ ،‬يوحي بالراحة واالسترخاء‪ ،‬يبعث اإلحساس بالرطوبة يعبر عف‬
‫اليواء‪ ،‬البحر‪ ،‬الفسحة‪ ،‬رمز الوفاء والعدالة‪ ،‬قادر عمى خمؽ أجواء خيالية‪ ،‬يخفض ضغط الدـ‪،‬‬
‫يوحي بالسالـ والجدية والمحافظة‪.‬‬
‫أ‪ .7.‬المون البنفسجي‪ :‬لوف سوداوي‪ ،‬يميؿ إلى الحزف ويوحي بالجدية‪ ،‬الصدؽ‪ ،‬االحتراـ وىو‬
‫رمز األلـ‪ ،‬الجاللة‪ ،‬يولد اإلحساس بالوحدة والسر وىو عند بعضيـ لوف غامض‪ ،‬مخادع وغير‬
‫مرغوب فيو‪.‬‬
‫أ‪ .8.‬المون البني‪ :‬يعطس انطباعا بالمادية والقسوة والشراسة والغضب مف جية ومف جية‬
‫أخرى يراه البعض ىادئ‪ ،‬محافظ‪ ،‬يعطي اإلحساس بالمثابرة وىو يريح العيف‪.‬‬
‫أ‪ .9.‬المون الرمادي‪ :‬لوف حيادي يميؿ إلى الكآبة والخضوع ىدا مف جية‪ ،‬ومف جية أخرى‬
‫يرمز إلى الجيد والوقار‪.‬‬
‫أ‪ .10.‬المون األسود‪ :‬يرمز لمحزف‪ ،‬الرعب‪ ،‬يوحي بالجيؿ والوحدة‪ ،‬الغياب‪ ،‬والخفاء والظالـ‬
‫وكذا الفتنة‪ ،‬العصياف‪ ،‬التمرد‪ ،‬االنتقاـ‪ ،‬الحداد‪ ،‬الموت‪ ،‬األناقة في المباس‪ ،‬ويزيد مف أثر الموف‬
‫المرافؽ لو‪( .‬عقيؿ ميدي‪ ،‬يوسؼ‪ ،0220.‬ص‪.)05‬‬

‫‪90‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫ب‪-‬رمزية األشكال والخطوط‬


‫ب‪-1-‬الخطوط‪:‬‬
‫‪ ‬الخطوط العمودية‪ :‬تشير إلى تسامي الروح والحياة واليدوء والراحة والنشاط‪.‬‬
‫‪ ‬الخطوط األفقية‪ :‬تمثؿ الثبات والتساوي واالستقرار‪ ،‬اليمة واألمؿ واليدوء‪.‬‬
‫‪ ‬الخطوط المنحنية‪ :‬ترمز إلى الحركة وعدـ االستقرار‪ ،‬واذا بالغنا فييا دلت عمى االضطراب‬
‫والييجاف والعنؼ‪.‬‬
‫‪ ‬الخطوط المائمة‪ :‬الحركة‪ ،‬النشاط‪ ،‬كما ترمز إلى السقوط واالنزالؽ وعدـ االستقرار والخطر‪،‬‬
‫واذا اجتمعت الخطوط العمودية باألفقية دلت عمى النشاط والعمؿ واذا اجتمعت األفقية بالمائمة دلت‬
‫عمى الحياة والحركة والتنوع‪.‬‬
‫ب‪ -2-‬األشكال‪:‬‬
‫‪ ‬األشكال الحادة‪ :‬ترمز إلى الرجولة والصرامة مف جية والى القسوة والعنؼ مف جية أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬األشكال المستديرة‪ :‬ترمز إلى األنوثة والحناف والميونة والضعؼ‪.‬‬
‫‪ ‬األشكال األفقية‪ :‬ترمز إلى اليدوء واالستقرار باإلضافة إلى السطحية والثقؿ‪.‬‬
‫‪ ‬األشكال المصحوبة إلى األعمى‪ :‬ترمز إلى الروحانية‪ -‬المالئكية‪ ،‬واذا اتجيت إلى الشماؿ‬
‫فدلت عمى المادية‪.‬‬
‫‪ .8‬خصائص الصورة السينمائية‪:‬‬
‫انطالقا مما سبؽ نستنتج بأف الصورة السينمائية تعتمد إذف عمى الخطوط واأللواف والحجوـ‬
‫والفضاء التشكيمي‪ ،‬وعمى تنغيمات الموسيقى وايقاعيا‪ ،‬وىذا ما أكده (أتيف سوريو) فيمسوؼ الجماؿ‪،‬‬
‫أف الفف يولد انطباعا أعمى مف مستوى (األشياء) بوسيمة واحدة تقوـ عمييا لعبة تنسيؽ الحواس‬
‫باالستناد إلى جسد طبيعي رتب بشكؿ يجعمو قاد ار عمى إثارة ىذا االنطباع‪ .‬فالمخرج يصنع صورة‬
‫عف أفكاره‪ :‬العاطفية والمعنوية والتجريدية بوساطة‪ :‬وقائع فيممية‪ ،‬وظالؿ وأضواء وأشكاؿ متحركة‬
‫ضمف إطار سينمائي(عقيؿ ميدي‪ ،‬يوسؼ‪ ،0220.‬ص‪.)02‬‬
‫كما تخضع الصورة السينمائية‪ ،‬لشروط الصورة الفنية في الفنوف األخرى ألىدافيا فتستفيد مف‬
‫صورة الدراما في السيناريو وتفيد مف الصورة التشكيمية في التكوينات –راكورس‪-‬الخطط الضوء الموف‬
‫ومف الموسيقى في توزيع األصوات والمؤثرات وايقاع أداء الممثؿ لمحوار‪ .‬وبوساطة تفاعؿ تمؾ‬
‫الشروط الفنية مف داخؿ إطار صورة الفيمـ فإنيا تتيح لممتفرج إمكانية المعايشة الداخمية لما يحدث‬
‫عمى الشاشة‪ ،‬ومعرفة األسرار الداخمية لألبطاؿ ويحافظ المونتاج بيف درامية الداخؿ المضموف‬
‫وتشكيمية التعبير الخارجي لمصورة الشكؿ‪ .‬فالفف السينمائي ىو تعبير تشكيمي عف القصص‪ ،‬وصورتو‬
‫األولى ىي السيناريو أي الشكؿ الداخمي لمفيمـ‪ ،‬والذي تظيره الكامي ار بعد أف يجسده الممثؿ والمصور‬

‫‪91‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫ومصمـ الديكور‪ ،‬والرساـ وميندس الصوت‪ ،‬والموسيقى‪ ،‬فيدعـ تأثيره الصوري عمى المتفرج وعميو‬
‫فحدد كما حدد "مارسيؿ مارتاف" ست(‪ )25‬خصائص أساسية لمصورة السينمائية فيما يمي(المدرسة‬
‫العربية لمسينما والتمفزيوف‪:)www.arabfilmtvschool.edu.eg ،‬‬
‫‪ .1‬إف الصورة ليا دورىا "الداؿ" فكؿ ما يظير عمى الشاشة‪ ،‬لو معنى في الحقيقة وفي إمكانيا‬
‫أف تكوف كذلؾ الطريقة مباشرة (أي بالصورة) وانما بطريقة رمزية‪.‬‬
‫‪ .2‬أف الصورة الفيممية واقعية بمعنى أنيا تتمتع بمظاىر كثيرة لمواقع وبطبيعة الحاؿ تأتي الحركة‬
‫في طميعة ىذه المظاىر والتي أثارت في الماضي دىشة المتفرجيف‪.‬‬
‫‪ .3‬أف الصورة الفيممية دائمة في الحاضر فيي بوصفيا شريحة مف الواقع الخارجي فتتقدـ إلى‬
‫حاضرنا وتصوره فعدـ التوازف الزمني ال يحدث إال بتدخؿ التقدير إذ أنو ىو الوحيد القادر عمى تحديد‬
‫عدة مستويات زمنية في أحداث الفيمـ‪.‬‬
‫‪ .4‬أف الصورة تكوف واقعا فنيا أي أنيا تقدـ رؤية مختارة لمطبيعة مكونة ومصفاة‪ ،‬فالسينما‬
‫ألنيا مبنية عمى االختيار والتنظيـ ككؿ فف‪ ،‬تستطيع التصرؼ كما تشاء في الطريقة التي تعرض بيا‬
‫المشاىد‪.‬‬
‫‪ .5‬لمصورة خاصية التعبير األوحد فيي بحكـ واقعيتيا العممية ال تمتقط في الحقيقة إال مظاىر‬
‫دقيقة ومحددة تماما لطبيعة األشياء‪.‬‬
‫‪ .6‬قابمية الصورة الفيممية لمتشكؿ أي مرونتيا وىذا ال يتعارض مع خاصية التعبير األوحد ألف‬
‫الصورة في ذاتيا في الحقيقة ىي ذات معنى محدد واحد وال يمكف أف تكوف مبيمة أو غامضة‪.‬‬
‫‪ .9‬طبيعة الصورة السينمائية ‪:‬‬
‫برغـ االعتقاد السائد بأف الكامي ار السينمائية تسجؿ صورة مطابقة لمواقع إال أف ىذا التطابؽ ىو‬
‫تماما ‪ .‬فمف الناحية المبدئية‪ ،‬ىناؾ فوارؽ‬
‫في حقيقتو تطابؽ ظاىري وال يمثؿ صورة طبؽ األصؿ ً‬
‫رئيسية بيف رؤية الكامي ار لمواقع‪ ،‬ورؤية اإلنساف لو ‪ ..‬وىذه الفوارؽ كما يقوؿ "رودلؼ ارنيايـ " في‬
‫قصور في رؤية الكامي ار بالمقارنة بالرؤية اإلنسانية‪ ،‬ولكنو‬
‫ًا‬ ‫كتابو " فف السينما " تمثؿ في مجمميا‬
‫بمثابة القصور اإليجابي الذى جعؿ مف الفيمـ ًفنا‪ .‬ومعرفة السينمائي لمعناصر التي تكوف ىذا‬
‫ىاما في توظيفو الخالؽ لمصورة السينمائية ‪.‬وفف الفيمـ كما يقوؿ " مارسيؿ‬
‫القصور تمثؿ أساسا ً‬
‫مارتف " في كتابو "المغة السينمائية" ال يقدـ صورة طبؽ األصؿ مف الواقع بؿ يقدـ ما يمكف تسميتو "‬
‫الواقعية الفنية "‪ .‬وعمى ذلؾ فإف تقدير قيمة التأثيرات الجمالية لمصورة السينمائية يتطمب مف الناحية‬
‫المبدئية التعرؼ عمى أىـ الفوارؽ بيف رؤية الكامي ار والرؤية اإلنسانية‪ ،‬ودراسة أبعادىا مف منظور‬
‫جمالي يتجاوز مجرد تسجيؿ الكامي ار لمواقع الموجود في مجاؿ رؤيتيا(بمخيري‪ ،0202. ،‬ص‪.)58‬‬

‫‪92‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫‪ .1.9‬تسطيح الصورة السينمائية‬


‫يتمثؿ أوؿ الفوارؽ بيف رؤية الكامي ار والرؤية اإلنسانية في أبعاد االنطباع البصري لكؿ مف‬
‫الرؤيتيف ‪:‬‬
‫أوالً ‪ -‬اإلدراؾ اإلنساني لصورة الواقع يتمثؿ في صورة ذات أبعاد ثالثة‪ ،‬وىذه األبعاد ىي‬
‫الطوؿ(أو االرتفاع)‪ ،‬والعرض‪ ،‬والعمؽ‪ ،‬فبينما تمثؿ ثنائية االرتفاع والعرض بعدى إطار الرؤية‪ ،‬فإف‬
‫اإلدراؾ البصري الذى يمتد في عمؽ الصورة يمثؿ البعد الثالث‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬رؤية الكامي ار لصورة الواقع تنتج في النياية صورة تعرض عمى مسطح ذي بعديف ‪:‬‬
‫مفقودا بسبب تسطح شاشة‬
‫ً‬ ‫بعدا‬
‫االرتفاع والعرض‪ ،‬أما البعد الثالث فيو واف كاف مف الناحية المادية ً‬
‫العرض‪ ،‬إال أننا نتوىـ وجوده نتيجة تفاعؿ إدراكنا العقمي لعناصر الصورة المتماثمة مع الواقع ومع‬
‫ئيسيا في تقوية ىذا اإليياـ ويتمثؿ أىميا في‪:‬‬
‫دور ر ً‬
‫إدراكنا البصري لمعناصر التشكيمية التي تمعب ًا‬
‫(بمخيري‪ ،0202 ،‬ص ص ‪)10 ،12‬‬
‫‪ .1‬األجساـ والكتؿ المتواجدة عمى أبعاد متوالية في عمؽ الرؤية مف أمامية الصورة إلى خمفيتيا‪،‬‬
‫مثمما في حالة تواجد عدد مف األشخاص في غرفة مثالً تتفاوت أوضاعيـ ما بيف أقرب موضع مف‬
‫الكامي ار إلى أبعد وضع في نياية الغرفة‪ ،‬ونظ ًار لطبيعة قصور رؤية الكامي ار فسوؼ تبدو أحجاـ‬
‫األشخاص متدرجة مف األكبر (في مقدمة الصورة) إلى األصغر في خميفتيا‪ ،‬مما يقوى مف اإليياـ‬
‫بالعمؽ (البعد الثالث )‪.‬‬
‫‪. 2‬الخطوط المتوازية وتمتد مف ناحية الكامي ار إلى اتجاه عمؽ الرؤية‪ ،‬مثؿ الخطيف المحدديف‬
‫لمنضدة تبدو مقدمتيا قريبة مف الكامي ار وتمتد في اتجاه العمؽ‪ ،‬كما تمتد خطوط التقاء حائطي غرفة‬
‫مع السقؼ أو األرضية (أو ىما معا ) في اتجاه العمؽ‪ ،‬وكذلؾ الحاؿ بالنسبة لمخطوط المتمثمة في‬
‫قضباف مسارات القطارات‪ ،‬فنتيجة لمقصور في رؤية الكامي ار بالمقارنة بالرؤية اإلنسانية‪ ،‬تبدو مثؿ‬
‫ىذه الخطوط وكأنما تميؿ إلى التالقي وىي متجية إلى العمؽ ‪ .‬وىذا الميؿ الظاىري الذي نستشعره‬
‫جدا مثؿ النظر إلى مسار قضباف قطار‪ ،‬يحدث أثره‬
‫عمى مستوى الواقع في مسافات العمؽ البعيد ً‬
‫في المسافات القصيرة مف خالؿ الصورة السينمائية ‪.‬‬
‫فنظر لحقيقة قصور رؤية‬
‫ًا‬ ‫‪ .3‬التدريجات الضوئية وتبايناتيا ما بيف مقدمة الصورة وخمفيتيا‪،‬‬
‫تأثير في الصورة‬
‫ًا‬ ‫الكامي ار وعرض الصورة عمى مسطح‪ ،‬تبدو ىذه التدريجات والتباينات أقوى‬
‫السينمائية وتمعب دورىا الياـ في تقوية اإليياـ بالعمؽ‪.‬‬
‫‪. 4‬الحركة مف والى الكامي ار‪ ،‬كحركة األشخاص واألشياء المتحركة‪ ،‬وكذلؾ حركة الكامي ار في‬
‫أيضا في تقوية اإليياـ بالعمؽ ‪..‬إف أي مف‬
‫اتجاه العمؽ أو منو‪ ،‬فمثؿ ىذه الحركات تؤدى دورىا ً‬
‫ىذه العناصر أو بعضيا أو كميا يسيـ إسياما فعاالً في خمؽ ىذا اإليياـ بالعمؽ‪ ،‬ولتأكيد ىذه‬

‫‪93‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫وضعا لمكامي ار عند أوؿ حدود غرفة ما مثالً ووجيناىا‬


‫ً‬ ‫الحقيقة فإنو يمكننا التحقؽ مف ذلؾ لو تخيمنا‬
‫إلى ناحية الحائط البعيد دوف أف يظير أي جزء مف أرضية الغرفة أو سقفيا أو أي جسـ في الفراغ‬
‫الواقع بيف الكامي ار والحائط ‪ ...‬فعندما تصور الكامي ار ىذا الحائط ثـ نقوـ بعرض النتيجة عمى سطح‬
‫الشاشة‪ ،‬فإف الحائط البعيد عمى مستوى الواقع (في البعد الثالث) سيبدو في الصورة المسجمة لو وكأنو‬
‫تماما وكمجرد سطح يشغؿ كؿ مساحتيا ‪ ...‬وعمى ذلؾ فإنو لو قمنا بتعديؿ‬ ‫في أمامية الصورة ً‬
‫جسما قر ًيبا مف الكامي ار أو عمى مسافة متوسطة ما بيف الكامي ار والحائط لبدت‬
‫ً‬ ‫التجربة ووضعنا‬
‫الثالث‪.‬وتأسيسا عمى كؿ ما تقدـ فإف‬
‫ً‬ ‫الصورة الجديدة وقد اكتسبت أولى درجات اإليياـ بوجود البعد‬
‫أولى المبادئ اليامة في التعامؿ مع الصورة السينمائية يتمثؿ في أف نتعمـ كيفية النظر إلييا مف‬
‫‪:)www.arabfilmtvschool.edu.eg‬‬ ‫خالؿ منظوريف في وقت واحد‪ ،‬ىما(المدرسة العربية لمسينما والتمفزيوف‪،‬‬
‫‪ ‬حقيقة أنيا مسطحة‪.‬‬
‫‪ ‬حقيقة اإلييام باحتوائيا عمى بعد ثالث‪.‬‬
‫وليذا يقاؿ بأف الصورة السينمائية ليست ذات ُبعديف بشكؿ مطمؽ‪ ،‬وليست ذات ثالث أبعاد‬
‫تماما‪ ،‬ولكنيا تجمع بيف ىذيف النقيضيف‪ ،‬وبصرؼ النظر عف رؤيتنا لمصورة مف منظور واقعي مف‬
‫ً‬
‫حيث تعرفنا عمى مضموف ما يظير فييا‪ ،‬فإف تسطيح الصورة ىو الذي يكسبيا تأثيرىا الجمالي‬
‫‪.‬وليذا فإنو ينبغي أف نتدرب عمى كيفية إدراكيا مف منظور تشكيمي أو تجريدي إلى جانب إدراكيا‬
‫أيضا رؤية لمساحة‬
‫عمى أنيا تمثؿ الواقع‪ ،‬فرؤية سيارة مثالً وىي تجرى داخؿ إطار الصورة ىي ً‬
‫محدودة ذات شكؿ معيف ودرجة ضوئية أو لونية معينة ‪ .‬وبالمثؿ فإف رؤية شخص ما يرتدى سترة‬
‫بيضاء يحتؿ الثمث األيمف أو األيسر مف الصورة‪ ،‬ىي في نفس الوقت رؤية لمساحة بيضاء ذات‬
‫ضوء مبير تشغؿ ىذا الحيز‪ ،‬ولو كاف ىناؾ بخمفية ىذه الصورة األخيرة باب مفتوح عمى غرفة ذات‬
‫ضوء ساطع‪ ،‬فإف الضوء الصادر مف الباب سيخمؽ عالقة تشكيمية مع السترة البيضاء في مقدمة‬
‫أيضا كمساحة ضوئية‬‫الصورة فبقدر رؤيتنا لمباب في الخمفية كباب في العمؽ (بعد ثالث)‪ ،‬فإننا نراه ً‬
‫عمى نفس السطح (تسطح الصورة) الذي تظير عميو السترة البيضاء ‪ ....‬وبنفس المفيوـ فيما يتعمؽ‬
‫متقدما مف الخمفية نحو الكامي ار ( صورة ذات‬
‫ً‬ ‫شخصا يتحرؾ‬
‫ً‬ ‫بالعناصر المتحركة‪ ،‬فإنو يمكننا أف نرى‬
‫يجيا نحو أطراؼ‬
‫بعد ثالث) عمى انو مساحة ذات درجة ضوئية أو لونية معينة تكبر وتنتشر تدر ً‬
‫الصورة صورة مسطحة ‪ -‬والعكس صحيح‪ ،‬فالحركة المبتعدة مف الكامي ار تبدو في نفس الوقت وىى‬
‫يجيا مف اتجاه أطراؼ الصورة نحو نقطة مركزية عمى سطح الصورة ‪.‬ولو‬
‫تتضاءؿ وتنكمش تدر ً‬
‫غيرنا مف وضع الكامي ار بالنسبة ليذه الحركة القادمة مف العمؽ أو المتجية إليو‪ ،‬فوضعناىا في رؤية‬
‫تماما‪ ،‬حيث‬
‫مرتفعو تماثؿ رؤية "عيف الطائر" فسوؼ تبدو حركة الشخص عمى سطح الصورة مختمفة ً‬

‫‪94‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫د‪ .‬رضوان بمخيري‬ ‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‪...‬‬

‫نراىا تتجو مف أعمى الصورة إلى أسفميا (بدالً مف تحركيا مف العمؽ) أو مف أسفؿ الصورة إلى‬
‫أعالىا (بدالً مف تحركيا إلى العمؽ) ويترتب عمى ذلؾ تضاؤؿ اإليياـ بالبعد الثالث إلى حد كبير‪.‬‬
‫خالصة‪:‬‬
‫تُعتبر الصورة السينمائية أداة ميمة مف أدوات التعبير الفني اإلبداعي‪ ،‬شديدة التأثير عمى‬
‫الجميور المشاىد‪ ،‬فيي تعبر عف الواقع بأسموب إبداعي خاص‪ ،‬يتـ عف طريؽ تكتؿ أو تجمع منسؽ‬
‫لخصػائص سينمائية معينة تتميز بمجموعات مف العالمات أو اإلشػارات‪ ،‬وىذا ما يجعؿ منيا نظاماً‬
‫سينمائيا‪ .‬والفيمـ مبدئياً صور األشياء التي تتحوؿ إلى لغة‪ ،‬بمعنى أنيا لغة ذات طابع وخصائص‬
‫جمالية وفنية مف نوع خاص ومختمؼ طبيعة األنظمة المسػانية األخرى؛ ومف ىنا تأتي الصورة‬
‫بالضبط مف حيث إيحائيا والحاح بفكرة وجود لغة مف نوع جديد التي تحوي في ذاتيا‬‫ّ‬ ‫السينمائية‬
‫إبداع وواقع مج أز وىي أيضا محتواة داخؿ العمؿ اإلبداعي الفني‪.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬المراجع بالمغة العربية‪:‬‬
‫‪ -‬بمخيري‪ ،‬رضواف(‪ ،:)0202‬صورة المسمـ في السينما األمريكية – تحميؿ سيميولوجي لفيممي‬
‫المممكة والخائف‪ -‬مذكرة تخرج لنيؿ شيادة ماجستير في عموـ اإلعالـ واالتصاؿ‪ ،‬غير منشورة‪ ،‬قسـ‬
‫عموـ اإلعالـ واالتصاؿ‪ ،‬جامعة الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬حنوف‪ ،‬مبارؾ(‪ :)0891‬دروس في السيميائيات‪ ،‬ط ‪.0‬‬
‫‪ -‬توساف‪ ،‬برنارد (‪ :)0881‬ما ىي السيميولوجيا ؟‪ ،‬ترجمة‪ :‬محمد نظيؼ‪ ،‬إفريقيا الشرؽ (الدار‬
‫البيضاء)‪ ،‬ط ‪.0‬‬
‫‪ -‬ىجماف‪ ،‬روسي (‪ ،)0222‬المغة والحياة الطبيعية البشرية‪ ،‬ترجمة‪ :‬داود حممي‪ ،‬أحمد السيد‬
‫(ط‪0‬؛ القاىرة‪ ،‬عالـ الكتب‪.‬‬
‫‪ -‬عقيؿ ميدي‪ ،‬يوسؼ(‪ :)0220‬جاذبية الصورة السينمائية دراسة في جماليات السينما‪ ،‬بيروت‬
‫دار الكتاب الجديد المتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬يخمؼ‪ ،‬فايزة( ‪ :)0885‬دور الصورة في التوظيؼ الداللي لمرسالة اإلعالنية (دراسة تحميمية‬
‫سيميولوجية لعينة مف إعالنات مجمة "الثورة اإلفريقية"‪ ،‬رسالة ماجستير في عموـ اإلعالـ واالتصاؿ‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪.‬‬
‫‪ -‬بوالتر‪ ،‬لوؾ (‪ :)0220‬إشارات رموز أساطير‪ ،‬ط‪ ،0‬بيروت‪ :‬عويدات لمنشر والطباعة‪.‬‬
‫‪ -‬محمد العالـ‪ ،‬صفوت (‪ :)0888‬عممية االتصاؿ اإلعالني‪ ،‬ط‪1‬؛ القاىرة‪ :‬مكتبة لمنيضة‪.‬‬
‫درويش المباف‪ ،‬شريؼ (‪ ،:)0888‬األلواف في الصحافة المصرية‪ ،‬ط‪ ،0‬القاىرة‪ :‬العربي لمنشر‪.‬‬
‫المدرسة العربية لمسينما والتمفزيوف‪ ،‬نفس المكاف‪.‬‬

‫‪95‬‬ ‫العدد الثامن ‪ /‬الجزء (‪ - )1‬ديسمبر ‪112‬‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬


‫ رضوان بمخيري‬.‫د‬ ...‫قراءة في األبعاد السيميائية لمخطاب‬

:‫ المراجع بالمغة األجنبية‬- ‫ثانيا‬


- Claude ,Marie(1993) : Live un image, analyse de contenu in conique (Paris :
Ed Armand Colin, p22.
- Claude, Marie : Op.Cit, p19.
- Gazneuve, Jan,(1976) : La communication de mass, (Paris, ed, Semoel, ,
p63.
- Jan Gazneuve (1976): La communication de mass, (Paris, ed, Semoel, ,
p63.
- Claude ,Marie(1993 : Vettraino Sou lard, Op.Cit, p180.
F. De Saussure : Cours de linguistique générale, P 33.
Revue "Communications", Paris, n° 4, , P 0→ .
:‫مواقع األنترنت‬
22:00‫ على الساعة‬2011/03/20 ‫أوظر بتاريخ‬http://www.almotamar.net/news
‫ عه‬،‫ المىهج السيميائي‬،‫ فريذ‬،‫أمعضشى‬www.ouldbostamimohamed.nireblog.com.
http://rawahil.maktoobblog.com 02/03/2009--------
www.arabfilmtvschool.edu.eg ‫بتاريخ‬ ‫مه مىقع المذرسة العربية للسيىما والتلفزيىن‬
.2011/07/25

96 112 ‫ ديسمبر‬- )1( ‫ الجزء‬/ ‫العدد الثامن‬ ‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

You might also like