You are on page 1of 20

‫استبعاد تطبيق القانون األجنبي‬

‫وتطبيق قانون القاضي بصـورة‬


‫احتياطية‬
‫الدفع بالتحايل او الغش نحو القانون‬
‫الدفع بالنظام العام‬
‫• فقد تؤدي الصفة المزدوجة لقواعد اإلسناد الوطنية إلى تهيئ الفرصة إلمكانية تعيين قانون أجنبي‬
‫معين لحكم منازعة ذات عنصر أجنبي‪ ،‬غير أن هذا التعيين اليعني بالضرورة وبصورة تلقائية‬
‫إعمال أحكام هذا القانون في كل األحوال‪.‬‬
‫• فقد تحول بين هذا التطبيق عدة اعتبارات كأن يكون هذا اإلختصاص قد انعقد للقانون األجنبي‬
‫تحايال من األفراد بقصد التهرب من األحكام اآلمرة في قانونهم الشخصي‪ ،‬ومن جهة أخرى قد‬
‫يستبعد تطبيق القانون األجنبي الواجب التطبيق كما لو تأكد أن من شأن تطبيق أحكام هذا القانون‬
‫اإلصطدام بقواعد النظام العام في دولة القاضي‪.‬‬
‫• الـفـقـرة األولى ‪ :‬التحـايـل على قانـون القـاضي أو الغش نحـو الـقـانـون‬
‫• عبارة عن تدبير إرادي لوسائل مشروعة في ذاتها للوصول إلى أغراض تخالف أوامر القانون ونواهيه‪.‬‬
‫والمقصود بالتدبير اإلرادي هنا هو أن الغش ال يقوم إال إذا قام األفراد بتغيير ضابط اإلسناد تغييرا يحمل‬
‫في طياته سوء النية‪ .‬ويكون هذا التدبير اإلرادي منصبا على وسائل مشروعة أي على تغيير ضوابط‬
‫اإلسناد كتغيير الشخص لجنسيته أو موطنه وهو أمر مشروع في حد ذاته ‪ ،‬ويكون الهدف من وراء ذلك‬
‫كله ‪ ،‬هو تجنب األحكام اآلمرة أو الناهية في القانون الواجب التطبيق أصال على النزاع‪.‬‬
‫• فضوابط اإلسناد متنوعة منها ما يتوقف تغييرها بسهولة على إرادة األفراد وتسمى لذلك بالضوابط‬
‫المتغيرة أو المتحركة و نجدها عادة في مسائل األحوال الشخصية مثل ضابط الجنسية والموطن‪ ،‬وبعضها‬
‫نجده في األحوال العينية مثل موقع المنقول‪.‬‬
‫• وإذا تم تغيير ضابط من هذه الضوابط فإن األمر يفضي إلى تغيير في اإلختصاص التشريعي وإسناد‬
‫العالقة إلى قانون آخر غير القانون المختص أصال‪ ،‬مثال ذلك إذا كان قانون جنسية الزوج اليجيز الطالق‬
‫إال بشروط صعبة شاقة و يعمد الزوج إلى تغيير جنسيته ليكتسب جنسية دولة أخرى تسمح قوانينها‬
‫بالطالق بـشـروط أخف‪ .‬فهنا اليكون التغيير مقصودا لذاته ولكـن يكون الباعث الحقيقي هـو الـتـهـرب مـن‬
‫األحكـام األمـرة التي تشدد في إجراءات الطالق‬
‫كيفية ظهر الدفع بالغش نحو القانون في القانون الدولي الخاص‬
‫• لقد ظهرت هذه الفكرة ألول مرة بمناسبة قضية شهيرة تدعى قضية "دي بوفورمون" وتتلخص وقائعها في أن سيدة‬
‫بلجيكية الجنسية قد تزوجت من األمير الفرنسي "ذي بوفورمون" و اكتسبت الجنسية الفرنسية بناء على الزواج منه‪ ،‬ثم‬
‫حدث خالف بينهما فأرادت الزوجة الطالق منه‪ ،‬بالرجوع إلى القانون الفرنسي نجده يتضمن قاعدة إسناد تقضي بتطبيق‬
‫القانون الفرنسي باعتباره قانون الزوج‪ ،‬وبما أن القانون الفرنسي اليجيز الطالق فقد تجنست بجنسية دويلة المانية‬
‫تدعى‪ -‬ليزنسشتاين ‪ -‬لهـا قـانـونها الخاص بالطالق واستطاعت بذلك أن تحصل على الطالق لتتزوج بعد ذلك مـن‬
‫أمـيـر روماني يدعى" بيبسكو " وأقامت معه في فرنسا‪ .‬حدث بعد ذلك أن رفع الزوج األول دعوى أمام المحاكم‬
‫الفرنسية طالب خاللها اعتبار هذا الزواج باطال استنادا إلى أن تجنس الزوجة بالجنسية الجديدة كان بهدف الغش‬
‫والتحايل على القانون‪ .‬فقضت محكمة النقض الفرنسية لفائدة الزوج مستندة على فكرة الغش‪ .‬بحيث بدا لها أن التجنس‬
‫لم يكن مقصودا لذاته وإنما كان مطية ووسيلة مشروعة بهدف التوصل إلى غرضها وهو إبرام زواج ثان والدليل على‬
‫ذلك أنها بمجرد طالقها تزوجت من جديد وهو ما عبرت عنه محكمة النقض الفرنسية بقولها بأن‬
‫• « تلك الزوجة اليمكنها في جميع األحوال اإلستفادة من تجنسها الذي طلبته وحصلت عليه في بلد أجنبي بهدف محدد هو‬
‫تجنب حكم القانون الفرنسي الذي يمنع إبرام زواج ثان قبل انحالل األول‪ ،‬وأن عقد التجنس الذي تم في هذه الظروف‬
‫والزواج الثاني الذي أعقبه يكونان غير نافذين في مواجهة الزوج األول »‪.‬‬
‫شـروط التمسك بالتـحـايـل نـحـو الـقـانـون‬

‫‪ )1‬العنصر المادي ‪ :‬التغيير اإلرادي لضابط اإلسناد‬ ‫•‬


‫وهو تغيير مادي يتمثل في إجراء تغيير إرادي في ضابط اإلسناد والذي قد يكون ماديا كتغيير‬ ‫•‬
‫موقع المنقول أو إجراء قانونيا كتغيير الجنسية أو الموطن‪.‬‬
‫فعناصر اإلسناد تشكل الوسيلة القانونية األولى التي يمكن استخدامها للتحايل على أحكام القانون‬ ‫•‬
‫ذلك عندما تكون هذه العناصر قابلة للتـغيـيـر بإرادة األفراد‪ .‬أما إذا تعذر ذلك فإن التحايل قد‬
‫يتحقق من خالل تغيير الوصف القانوني للعالقة محل النزاع‬
‫بيد أن التحايل ليس قصرا على ميدان األحوال الشخصية ألن مجال األحوال العينية قد يطاله‬ ‫•‬
‫التحايل خاصة عندما يتعلق األمر بأموال منقولة ومن دولة ينص قانونها على مدة أقل للتقادم‬
‫المكسب‪ .‬ففي هذا اإلطار يعمد المتحايل الى تغيير موقع المنقول وإدخاله إلى إقليم دولة ينص‬
‫قانونها على مدة اقل للتقادم المكسب‪.‬‬
‫• يبدو أن التحايل يتحقق بسهولة إذا أمكن تغيير ضابط اإلسناد ولذلك فإنه في األحوال األخرى التي‬
‫ال يمكن فيها ذلك كما هو الوضع بالنسبة للعقارات فإن التحايل في نطاقها قد يتحقق عن طريق‬
‫التالعب في الوصف المعطى للعالقة القانونية على النحو الذي قد يبدو فيه العقار مثال منقوال‬
‫الشيء الذي قد يترتب عنه تغيير النظام القانوني الذي يحكمه‪.‬‬
‫• قضية ‪CARON‬‬
‫) العنصر المعنوي ‪ :‬نيـة الغش أو التحايل نـحـو القانـون‬ ‫•‬
‫• إن التالعب بعناصر اإلسناد الخاضعة إلرادة األفراد أو التالعب بالعناصر المكونة للوصف‬
‫القانوني للمسألة محل النزاع في حالة ضابط اإلسناد غـيـر القابل للتغيير كما في حالة العقارات‬
‫إنما هو أمر ليس مقصودا لذاته ولكنه سلوك هدفي يرمي إلى تحقيق نتيجة ما كانت لتتحقق لو‬
‫بقيت تلك الضوابط واألوصاف على حالتها ومن تم فالهدف الذي يتم السعي إليه إنما هو هدف‬
‫غير مشروع من خالل استخدام وسيلة مشروعة‪ .‬فالوصول إلى هدف غير مشروع قد يتمثل في‬
‫التهرب من القيود التي يفرضها قانون القاضي‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار نجد أن القضاء المقارن قد استخلص عدة قرائن يمكن اإلستعانة بها للتدليل على‬ ‫•‬
‫نية الغش منها ‪:‬‬
‫حالة التالزم الزمني بين تغيير ضابط اإلسناد وبين القيام بالتصرف المراد تطبيق القانون‬ ‫•‬
‫الجديد عليه كما الحالة في النازلة المذكورة أعاله‬
‫حالة ما إذا كان القانون الجديد‪ ،‬الذي يسعى األطراف بتغيير ضوابط اإلسناد الخضوع ألحكامه‪،‬‬ ‫•‬
‫يمنح تسهيالت استثنائية مقارنة مع القانون الواجب التطبيق عليهم أصال‪.‬‬
‫فمن المعلوم أن بعض التشريعات كالتشريع المكسيكي تسمح بالطالق ألي سبب من األسباب‬ ‫•‬
‫حتى ولو كان قانون جنسية األفراد أو قانون موطنهم األصلي اليسمح بذلك‪ .‬فإذا قام الفرد بتغيير‬
‫ضابط اإلسناد كما لو غير موطنه للتوصل إلى تطبيق هذا القانون‪ ،‬فإنه‪ ،‬يستفاد من ذلك توافر‬
‫قصد الغش دون حاجة للبحث عن النوايا ‪.‬‬
‫• العنصر القانوني ‪ :‬خضوع المتحايل لنظام قانوني جديد‬
‫• ذلك أن التحايل يجب أن يتم ضد أحكام القانون المختص أصال ليخضع المتحايل إلى نظام قانوني‬
‫مختلف عن الذي يخضع له قبل إقدامه على التحايل وأن يؤدي ذلك إلى خضوعه إلى هذا القانون‪.‬‬
‫• االثار التي يمكن ان تترتب في حالة ثبوت التحايل ؟‬
‫• واقع األمر أن الوسيلة الفعالة التي يلجأ إليه القاضي الوطني لردع التحايل على قانونه تتمثل في‬
‫إرجاع االختصاص إلى هذا القانون‪ .‬أي عودة اإلختصاص المسلوب إلى قانون القاضي في حدود‬
‫المنازعة محل التحايل‪ .‬و يعبر فقه القانون الدولي الخاص عن هذا األمر بفكرة الحلول أو‬
‫اإلستبدال‪.‬‬
‫• فجزاء التحايل على القانون يجب أن يتمثل في استبعاد أحكام القانون غير المختص أصال في‬
‫المنازعة وإعادة اإلختصاص إلى القانون األول صاحب االختصاص الشرعي في حكم المنازعة‬
‫محل النزاع والذي عينته لهذا السبب قاعدة التنازع المزدوجة في قانون القاضي‪ ،‬وتجدر اإلشارة‬
‫إلى أن عودة اإلختصاص تكون في حدود المسألة المتنازع فيها والتي وقع التحايل بصددها‬
‫فحسب‬
‫الدفع بالنظام العام كوسيلة الستبعاد تطبيق القانون األجنبي‬

‫• قد يتضح للقاضي عند تطبيقه للقانون األجنبي المعين بموجب قاعـدة التنازع الوطنية أنه يتضمن‬
‫مقتضيات تتعارض مع المبادئ والمثل الجوهرية في مجتمعه‪ ،‬ومن ثمة يرفض تطبيقه‪ ،‬فإذا كان‬
‫من الطبيعي ضرورة تقبل بعض المؤسسات القانونية التي تعترف بها القوانين األجنبية‪ ،‬والتي‬
‫تأمر قاعدة اإلسناد بتطبيقها ‪ ،‬فإنه مع ذلك توجد حدود للرضوخ لهذا األمر‪ ،‬فالدفع بالنظام العام‬
‫هو وسيلة استثنائية واحتياطية تسمح للقاضي الوطني باستبعاد القانون األجنبي الذي عينتـه قاعدة‬
‫اإلسناد الوطنية لحكم المنازعة الخاصة الدولية الصطدامه باألسس الجوهرية لنظام المجتمع‪.‬‬
‫• وهذه الفكرة لم تكن في واقع األمر غريبة عن القانون الدولي الخاص‪ ،‬ألنها وجدت منذ العصور‬
‫الوسطى عندما فرق الفقيه األلماني ‪ Bartole‬ما بين األحوال المستهجنة واألحوال المستحسنة‪،‬‬
‫بحيث ال يكون لألولى أي أثر خارج إقليم البلد الذي أصدرها ‪ ،‬أما الثانية فإنها تمتد خارج اإلقليم‬
‫وتصاحب الشخص أينما حل وارتحل‪ .‬وكذلك تحدث الفقيه الفرنسي ‪ Boulier‬عما أسماه‬
‫بالقوانين غير المألوفة أو غير العادلة والتي اليمتد تطبيقها خارج حدود اإلقليم‪ ،‬غير أن أول من‬
‫وضح فكرة النظام العام كما هي مقصودة هنا هو الفقيه األلماني ‪ Saviny‬وذلك عندما تحدث عن‬
‫فكرة االشتراك القانوني‪.‬‬
‫• ومن خالل ما سبق يتضح بأن الدفع بالنظام العام هو وسيلة لحماية المجتمع من تطبيق بـعـض‬
‫الـقـوانين األجنبية أمام محاكمها لكونها مخالفة لألسس القـانـونـيـة الـرئيسية السائدة في المجتمع‪،‬‬
‫وذلك بالرغم من أن هذا القانون األجنبي قد تبت له االختصاص أصال بموجب قاعدة اإلسناد‬
‫الوطنية بحكم المسألة المطروحة‬
‫• البد من اإلشارة أوال أن الدفع بالنظام العام ما هو إال وسيلة استثنائية ال يتم اللجوء إليها إال في‬
‫حدود ضيقة‪ ،‬وإذا اتضح فعال بأن األسس الجوهرية التي يقوم عليها المجتمع في بلد القاضي‬
‫مهددة‪ .‬ولذلك فإنه ال يجب أن تتخذ في كل وقت وحين ذريعة لتعطيل تطبيق أحكام قاعدة اإلسناد‬
‫الوطنية التي حددت القانون المناسب لحكم المنازعة المطروحة‬
‫• ماهي غايات و اهداف اللجوء الى هذه الوسيلة ؟‬
‫• فقد يكون الهدف هو استبعاد كافة القوانين االجنبية التي ال تقرر حلوال عادلة أو تكون مخالفة للحد‬
‫األدنى من مبادئ القانون الطبيعي‪ .‬كالقوانين التي تحرم الشخص من التمتع بحقوق معنية ألسباب‬
‫عرقية أو عنصرية أو القوانين التي تسمح بالمس بحرية األفراد و آدميتهم كقوانين االسترقاق ‪،‬‬
‫على الرغم من أن تحديد ما قد يعتبر عادال أو غير عادل تظل مسألة نسبية‪ ،‬فمحكمة النقض‬
‫الفرنسية قـررت في إحدى قراراتهـا بتاريخ ‪ 25‬ماي ‪ 1948‬بأن «مبادئ العدالة العالمية تعتبر‬
‫حسب المنظور الفرنسي ذات قيمة دولية مطلقة»‬
‫• ويسعى الدفع بالنظام العام كذلك إلى حماية المبادئ‪ ،‬التي وإن كانت التكتسي‪ ،‬صبغة دولية‬
‫مطلقة‪ ،‬فإنها تشكل مع ذلك األسس السياسية أو اإلجتماعية للحضارة الوطنية‪ .‬فعدم االعتراف‬
‫بالبنوة الطبيعية يعد من األسس الجوهرية التي تقوم عليها المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬ولذلك يتعين‬
‫استبعاد كل القوانين التي تعترف بها‬
‫وقد تتمثل إحـدى غـايـات هـذه الـوسيـلـة فـي حمـايـة السياسة التشريعية الوطنية ومن ثمة تستبعـد مـن التطبيق‪ ،‬كـل‬ ‫•‬
‫القـوانـين األجنبيـة التي تتعارض معها‬
‫وهناك مـن يـرى بأن التعارض مع مبادئ العـدالـة الـدولية أو المبادئ المتعارف عليها في األمم المتحضرة قد يكون‬ ‫•‬
‫معيارا لتدخل فكرة النظام العام وبالتالي استبعاد القانون األجنبي‪ .‬أو إذا كان يتعارض مع مبادئ القانون الطبيعي أو‬
‫يهدر الحقوق الطبيعية لإلنسان –‬
‫فاستبعاد تطبيق القانون األجنبي النتفاء «االشتراك القانوني » حسب تعبير سافيني بينه وبين القانون الوطني قد يرجع‬ ‫•‬
‫لسببين ‪:‬‬
‫استحالة تطبيق القانون األجنبي بسبب عدم المالءمة ‪ L'inopportunité‬ألنه يتضمن مؤسسات تتعارض مع‬ ‫•‬
‫األسس القانونية الرئيسية السائدة في دولة القاضي والمستمدة من الشعور العام للجماعة الوطنية‪ .‬كأن يكون متضمنا‬
‫قواعد تجيز اإلعتراف بأبناء الزنا أو يجيز زواج المتعة أو غير ذلك‪.‬‬
‫• استحالة تطبيق القانون األجنبي العتبارات تتعلق بالمؤسسات القانونيـة في هذا القانون‪ ،‬كما لو تضمـن نـظـمـا‬
‫قـانـونـيـة مرتبطة بالمسألة محل النزاع ويجهلها قانون القاضي‪ .‬وهذا ما يطلق عليه الفقه بوجود استحالة تقنية‬
‫ومن كل هذا يتضح بأن الدفع بالنظام العام يجد مجاله وإطاره في انتفاء االشتراك القانوني أي‬ ‫•‬
‫عدم توفر حد أدنى من التقارب في المبادئ واألسس القانونية التي يتضمنها قانون القاضي‬
‫والقانون األجنبي بخصوص النزاع المطروح‪.‬‬
‫يترتب على إعمال وسيلة الدفع بالنظام العام أثران ‪:‬‬ ‫•‬
‫تاأثر سلبي ‪ :‬يتمثـل فـي استبعاد أحكام القانـون استبعادا كليا أو جزئيا‬ ‫•‬
‫أثر إيجابي ‪ :‬يتمثل في ثبوت االختصاص لقانون القاضي‪ ،‬وذلك لسد الفراغ التشريعي الناجم عن‬ ‫•‬
‫استبعاد الـقـانـون األجنبي‬
‫بعض التطبيقات للدفع بالنظام العام‬

‫• نشرت مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬التي تصدر عن هيئة المحامين بالدار البيضاء في العدد المزدوج ‪،78-77‬‬
‫ص ‪ 103‬حكما للغرفة الشرعية بمحكمة االستئناف بالدار البيضاء‪ ،‬يحمل رقم ‪ ،1381‬بتاريخ ‪ 6‬يوليوز‬
‫‪ ،1994‬في الملف عدد ‪ 107 93/2.‬تتلخص وقائع النازلة التي صدر في شأنها في أن رجال ينتسب إلى‬
‫الجنسية اإليطالية‪ ،‬متزوج من امرأة كانت تحمل الجنسية اإلسبانية‪ ،‬ونتيجة زواجها منه باتت تنتمي مثله‬
‫إلى الجنسية اإليطالية؛ غير أن الزوج اعتنق الديانة اإلسالمية‪ ،‬واقترح على زوجته أن تفعل مثل ما فعل‪،‬‬
‫إال أنها رفضت‪ ،‬ومن ثم أقام دعوى‪ ،‬لدى المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء‪ ،‬يطلب فيها فسخ الزواج‬
‫الرابط بينه وبين زوجته‪ ،‬اعتقادا منه بأن العالقة الزوجية التي تربطه بالمدعى عليها‪ ،‬والزواج الذي ربطه‬
‫بها هو واج فاسد‪ ،‬منذ اعتناقه اإلسالم‪ ...‬وأنه ال تربطهما أية عالقة زوجية صحيحة منذ فاتح نونبر‬
‫‪ "1991‬أي تاريخ اعتناقه الدين اإلسالمي‪ ،‬وهيالدعوى التي نظرت فيها المحكمة االبتدائية المذكورة‪،‬‬
‫وأصدرت فيها الحكم رقم ‪ ،724‬المؤرخ في فاتح أبريل ‪ ،1993‬الذي طعن فيه المدعي أمام محكمة‬
‫االستئناف التي أصدرت بشأنه القرار المشار اليه‬
‫مفهوم األثر المخفف للنظام العام‪.‬‬

‫• ظهرت فكرة األثر المخفف للنظام العام في الفقه األوربي‪ ،‬ولقيت اهتماما كبيرا من طرف الفقه‬
‫الفرنسي‪ ،‬والذي دعم هذه الفكرة بمعية القضاء الفرنسي بعدة مبررات‪.‬‬
‫مضمون فكرة األثر المخفف للنظام العام‪.‬‬ ‫•‬
‫• يميز االتجاه الغالب في الفقه والقضاء في فرنسا في مجال إعمال الدفع بالنظام العام بين مرحلة‬
‫إنشاء حق داخل دولة القاضي‪ ،‬ومرحلة االحتجاج في هذا البلد بآثار حق أكتسب في الخارج‪ .‬ففي‬
‫المرحلة األولى يبحث القاضي إذا كان إنشاء الحـق فـي بلـده يتعارض مع النظام العام فيها أم ال‪،‬‬
‫فينتج النظام العام هنا كامل آثاره‪ ،‬فإذا كان القانون األجنبي يمنع أمر ما خالفا ً للنظام العام في‬
‫قانون القاضي‪ ،‬أو على العكس من ذلك إذا كان القانون األجنبي يجيز إنشاء حق خالفا ً للنظام‬
‫العام في قانون القاضي‪ ،‬ففي هاتين الحالتين يستبعد القانون األجنبي ويحل محله قانون القاضي‬
‫فيحكم هذا األخير العالقة القانونية بدالً من األول ‪.‬‬
‫• بمعنى ان النظام العام ينتج كامل آثاره اإليجابية والسلبية في مرحلة إنشاء الحقوق ‪ .‬مثال إذا‬
‫عرضت على القاضي المغربي دعوى طالق رفعها زوج مسلم على زوجته‪ ،‬وتبين أن القانون‬
‫الواجب التطبيق على هذا النزاع بموجب قواعد إلسناد في القانون المغربي هو قانون دولة ال‬
‫يجيز قانونها الطالق‪ ،‬وهو ما يتعارض مع النظام العام في المغرب ‪ ،‬وبالتالي يستبعد تطبيق‬
‫القانون األجنبي و يطبق مكانه القانون المغربي الذي يجيز الطالق في هذه الحالة‪.‬‬
‫• أما في الحالة الثانية‪ ،‬فيتم االحتجاج في دولة القاضي‪ ،‬بآثار حق نشأ في الخارج مخالف للنظام‬
‫العام في بلد القاضي‪ .‬فيبحث القاضي هنا فقط ما إذا كان التمسك بآثار الحق الذي أكتسب في‬
‫الخارج يتعارض مع النظام العام في بلد القاضي‪.‬‬
‫• فالنظام العام ال يتم إعماله بنفس الدرجة في الحالتين‪ ،‬فحين يراد إنشاء مركز قانوني ابتداء‬
‫داخل دولة القاضي‪ ،‬ينتج النظام العام كامل آثاره‪ ،‬أما إذا اريد التمسك في بلد القاضي بآثار حق‬
‫نشأ في الخارج ال يعتبر نفاذه حتما ً مخالفا للنظام العام ‪ ،‬فيكون أثر الدفع بالنظام العام مخففا ً‬
‫(‪)effet attenue‬‬
‫ماهي مبررات االعتداد بنظرية الدفع بالنظام العام المخفف ؟‬

‫• المبرر االول ‪ :‬يبرر البعض األثر المخفف للنظام العام هنا بأن الحق الذي نشأ في الخارج وأريد‬
‫التمسك بآثاره في بلد القاضي ال يعتبر نفاذه متعارض مع النظام العام‪ ،‬وذلك عندما يكون‬
‫التعارض بين القانون األجنبي والنظام العام في بلد القاضي في مرحلة إنشاء الحق يرجع‬
‫لتعارض اإلجراءات أو الظروف الواجب توافرها إلنشاء الحق مع النظام العام‪ ،‬فإذا نشأ الحق‬
‫في الخارج وفقا ً للظروف واإلجراءات المتطلبة في البلد الذي نشأ فيه‪ ،‬وأريد التمسك به في بلد‬
‫القاضي‪ ،‬لما وجد أي مبرر يحرك الدفع بالنظام العام‪.‬‬
‫• المبرر الثاني ‪ :‬ويضيف الفقيه الفرنسي باتيفول (‪ )BATIFFOL‬تبريرا لفكرة المخفف للنظام‬
‫العام بأن هذا األخير يستند على فكرة الحقوق المكتسبة‪ ،‬يرى بناء على ذلك بأن االعتراف في‬
‫فرنسا بآثار الحق المكتسب في الـخارج يعتبر أقل اصطداما مع المفاهيم الفرنسية بالمقارنة مع‬
‫إنشاء الحق نفسه فرنسا‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالبنوة الطبيعية‪ ،‬قبل تعديل المادة‪ 40 :‬من القانون المدني الفرنسـي ‪ ،‬كـان ال يجوز‬ ‫•‬
‫رفع هذه الدعوى في فرنسا لمخالفتها للنظام العام الفرنسي‪ ،‬لكن القضاء الفرنسي كان يعترف‬
‫بآثار البنوةمتی رفعت دعوى البنوة في الخارج ‪.‬‬
‫‪ -‬كما أمر القضاء الفرنسي بتنفيذ حكـم أجنبـي بـالتطليق بتراضي الزوجين وفقا ً لما يقضي به‬ ‫•‬
‫قانون جنسية الزوج‪ ،‬وإن هذا النوع من الطالق غير جائز في القانون ‪.‬‬
‫‪ -‬اعترف القضاء الفرنسي بآثار الزواج الثاني إذا تم صحيحا ً في الخارج‪ ،‬رغم كون مبدأ‬ ‫•‬
‫الزوجة الواحدة يعتبر من النظام العام في فرنسا ومن مبادئ الحضارة الفرنسية‪.‬‬
‫وهكذا اضطرت المحاكم الفرنسية إلى تلطيف مفهوم النظام العام في مواجهة نظام تعدد‬ ‫•‬
‫الزوجات‪ ،‬فاعترفت بآثاره كلما نشأ خارج فرنسا مراعاة للقانون األجنبي الذي نشأ في ظله‪،‬‬
‫فاعترفت بحق الزوجة في النفقة وبحقها في الميراث‪ ،‬وبغيرها من اآلثار‪.‬‬
‫• ففي قضيـة « ‪ » Chemouni‬وهو يهـودي تونسي كـان قـد تـزوج سنة ‪ ،1940‬ثم بعد ذلك اتخذ زوجة ثانية له سنة‬
‫‪ 1945‬بتونس‪ ،‬ثم انتقل مع عائلته المكونة من الزوجتين واألطفال لالستقرار بفرنسا وهناك تخلى الزوج عن زوجته‬
‫الثانية ليعود للعيش فقط مع الزوجة األولى‪ .‬فطالبتـه الزوجة الثانيـة بالنفقة لهـا وألطفالها‪ ،‬فحكمت لـهـا مـحـكـمـة «‬
‫‪ » La seine‬سنة ‪ 1952‬بذلك‪ ،‬و أن نفس المحكمة سترفض لها هذا الحق إثر طلب المراجعة الذي تقدمت به سنة‬
‫‪ 1955‬وذلك على أساس أن إعالة الزوجة الثانية غير معترف به في فرنسا وأنه مخالف للنظام العام‪ ،‬غير أن محكمة‬
‫النقض ستنقض هذا القرار بدعوى من األمر يتعلق بزواج ثان أبرم في الخارج (في تونس) حسب قانون األحوال‬
‫الشخصية الذي كان ساريا آنذاك‪ .‬لذلك فإنه ال يجب أن يكون النظام العام عائقا أمام طلب مشروع‪ ،‬فقضت محكمة‬
‫فرساي بالنفقة لصالح الزوجة باعتبار أن النظام الـعـام الـفـرنسي ال يتعارض وتطبيق التزام طبيعي كالنفقة على الزوجة‬
‫واألطفال وهو ما تعترف به جميع شرائع األمم‪ .‬وقد حاول ‪ » Chermouni‬بعد ذلك التملص من هذا الحكم بعد‬
‫اكتسابه الجنسية الفرنسية لكنه لم يتوفق في ذلك‪ .‬فالقضاء الفرنسي يميز فيما يتعلق بالزواج بين اآلثار المادية كالنفقة‬
‫مثال واآلثار الشخصية‪.‬‬

You might also like