Professional Documents
Culture Documents
الفصل الرابع:
تمهيد:
لجأ رواد علم اجتماع التنظيـم إلى دراسـة عملية العمـل الذهني والعضلـي ومكوناته باختالفها،
بغية الوصول إلى األداء األمـثل عن طريق دراسة الحركة والزمن ،أو تقسيم العمـل وتوزيع السلطة
والمسؤوليات في المستويات المختلفة ،واتجه السلوكيون إلى دراسة السلوك اإلنساني وفهم مختلف
جوانبه حتى يتسنى توجيهه وفق ما يحمله على تحقيق األداء الذي يضمن تحويل المدخالت إلى
مخرجات ،ثم تقييم هذه العملية بالموضوعية والطرق الكفيلة التي من شأنها أن تدفع بالعامل والموظف
على بذل قصارى الجهود في تحسين وتطوير إنتاجيته وأدائه من خالل االستخدام األمثل للقدرات
واإلرادات ،الفردية والجماعية التي يحكمها ويوجهها العقـل البشري في كل المواقف التي تواجـهها ،ومن
ذلك يصبح شأن المؤسسة ومسؤوليتها أوسع من وضع التخطيط وتنظيم األعمال ،أو التوريد المالي
المادي من أجلها ،بل تعمل من خالل ذلك كلّ ه على زيادة قدرة هؤالء العاملين في تحقيق أهداف
المنظمة .وعليه نهدف من خالل هذا الفصل إلى دراسة األداء من مختلف الزوايا ،إذ نتطرق في البداية
إلى اإلطار المفاهيمي ألداء المؤسسة ،ثم ندرس كيفية قياس األداء والمعايير المستخدمة لذلك ،وكيفية
تقييم األداء والطرق الالزمة للقيام بالتقييم ،ثم إلى كيفية إدارة األداء ،ومختلف المقاومون لهذه اإلدارة.
إن أصل مصطلح األداء هو التيني ) ،(performanceفاللغة اإلنجليزية هي التي أعطت له
معنا واضحا ومحددا ) (to performeبمعنى تأدية عمل أو إنجاز نشاط أو تنفيذ مهمة ،أو بمعنى
القيام بفعل يساعد على الوصول إلى األهداف المسطرة.
118
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
ويعرف األداء لغويا حسب قاموس ( )Le Petit Robertبأنه" :تحقيق النتيجة المطلوبة من
طرف عداء" وذلك في التعريف األول ،بينما في التعريف الثاني له في نفس القاموس فهو يعني "النتيجة
االقتصادية التي يمكن أن تحققها آلة".
أما فيما يخص التعاريف االصطالحية التي قدمها المفكرون والباحثون لمفهوم األداء فسنقدم
أهمها وأبرزها من خالل اآلتي:
-1يقول (" :)M. Gervaisاألداء هو الجمع بين الكفاءة والفعالية يسمح بالوصول إلى مستوى
األداء"1؛
-2أما حسب (" : )G. Donnadieuفأداء المؤسسة يمكن الحكم عليه من خالل ثالث معايير مختلفة
ولكنها مكملة لبعضها البعض ،وهذه المعايير هي :أهمية الهدف ،القدرة على بلوغ الهدف ،الطريقة
االقتصادية لبلوغ الهدف ،وهذه المعايير الثالثة تكون مفهوم األداء الشامل للمؤسسة"2؛
-3ويّعرف األداء أيضا بأنه" :انعكاس لكيفية استخدام المؤسسة للموارد المادية والبشرية واستغاللها
بالصورة التي تجعلها قادرة على تحقيق أهدافها"3؛
-4األداء هو نتيجة المتزاج عدة عوامل كالجهد المبذول ،إدراك الدور المنوط لألفراد داخل التنظيم،
وكذا مستوى القدرات التي يتمتع بها الفرد العامل أو الموظف ،ويتم قياسه على أساس النتائج التي يحققها
التنظيم داخل نفس البيئة االقتصادية.4
إن هذه التعاريف المذكورة سابقا تجعلنا نعبر على األداء بأنه" :ذلك المستوى الذي تصله
المؤسسة عندما تتوفر لديها الكفاءة والفعالية ،أو بتعبير آخر نقول عن مؤسسة ما ،أنها في مستوى األداء
إذا استطاعت أن تحقق أهدافها المسطرة )الفعالية( باستخدام اقتصادي وعقالني لمواردها المتاحة
)الكفاءة(".
إال أنه يجب اإلشارة إلى جانب مهم لتوفر األداء وهو أنه البد من تحقق الكفاءة والفعالية معا،
حيث يمكن للمؤسسة أن تحقق أهدافها المسطرة دون أن يكون هناك بالضرورة استخدام عقالني للموارد
أو عكس ذلك فتتوفر الكفاءة لكن ال يتم تحقيق األهداف المسطرة ،فكال الحالتين ال تعكسان مستوى األداء
وال يمكن القول أن هذا األخير قد تم الوصول إليه.
1 )M(. Gervais, Contrôle de gestion, Economica, 6ème édition, Paris, 1997, p15.
2 )G(. Donnadieu, Les ressources humaines, édition d’organisation, Paris, 1999, p231.
3فالح حسن عداي الحسيني ،اإلدارة االستراتيجية ،دار وائل ،عمان ،2000 ،ص.231
4مصطفى عشوف ،أسس علم النفس الصناعي ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر ،دون سنة النشر ،ص.221
119
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-1الكفاءة :تعرف الكفاءة بأنها" :االستخدام األمثل للموارد المادية والبشرية المتاحة لتحقيق حجم أو
مستوى معين من النواتج أو المخرجات،"1أي أنها إنجاز األعمال بالطريقة الصحيحة" ،بينما يعرفها
( )Maloبأنها" :تعظيم العالقة بين المدخالت والمخرجات أي إنتاج حجم مقبول من المخرجات
باستعمال أقل للمدخالت ،أو استعمال حجم معين من المدخالت لتحقيق حجم أقصى من المخرجات"،
ويضيف أيضا بأن المؤسسة الكفؤة هي التي تستعمل مواردها بأسلوب أكثر إنتاجي وتتفادى تبذير
الموارد."2
يظهر جليا من خالل هذه التعاريف أن الكفاءة هي ترجمة للعالقة بين المخرجات والمدخالت في
المؤسسة.
-2الفعالية :يركز مفهوم الفعالية على مخرجات أو نتائج أداء المؤسسة ،فالفعالية هي دالة على مدى
نجاح المؤسسة في تحقيق أهدافها ،واصطالحا هي أكثر شموال من الكفاءة ،فالفعالية هي" :محصلة
تفاعل مكونات األداء الكلي للمؤسسة بما تحتويه من أنشطة إدارية ،وما يؤثر فيه من متغيرات داخلية
وخارجية وهذا لتحقيق هدف أو مجموعة من األهداف خالل فترة زمنية معينة ،"3بينما هناك من يرى:
"ارتباط الفعالية بتحقيق األهداف ،فنقول عن مؤسسة ما أنها فعالة إذا استطاعت أن تحقق أهدافها
المسطرة ،وأقل فعالية إذا حققت جزءا منها ،بينما توصف بأنها غير فعالة تماما إذا لم تستطع تحقيقها
كلية ،"4كما تعرف الفعالية أيضا بأنها" :القدرة على تحقيق األهداف في ظل متغيرات بيئية محيطة ،وهي
تحشد عالقة نوعية وليست كمية بين المدخالت والموارد المستخدمة وبين المخرجات أو النتائج المحققة
بغض النظر عن التكلفة ،ويتمثل منهجها في اختيار مزيج مناسب ومتناسب ك ًّما ونوعا من المدخالت
واستخدامه باألسلوب الصحيح في أداء ما يجب أن يؤدى من أعمال في الوقت المناسب ،وتقاس الفاعلية
بنسبة اإلنجاز الفعلي أو المحقق إلى اإلنجاز المخطط أو المرغوب فيه."5
1عبد السالم أبو قحف ،أساسيات التنظيم واإلدارة ،الطبعة الثالثة ،دار المعرفة ،عمان ،2001 ،الجزء األول ،ص.24
2 )J.L ( Malo, L’essentiel du contrôle de gestion, édition d’organisation, 2ème édition, Paris, 1998, p11.
3سعد صادق بحيرى ،إدارة توازن األداء ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،2004 ،ص.201
4الداوي الشيخ ،دراسة تحليلية للكفاءة في التسيير ،رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية علوم التسيير جامعة الجزائر ،1995 ،ص.110
5فتحي محمد ،مرجع سابق ،ص.23
120
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
لقد جاءت التعاريف السابقة الخاصة بالفعالية مركزة على ارتباط هذه األخيرة باألهداف ،إال أن
الكثير من الباحثين حاولوا التعميق من مفهوم الفعالية وذلك بإضافة جانب مهم لها وهو "االختيار الجيد
لألهداف" حيث يعد ( )Peter Druckerأول من كان وراء هذا التوجه الجديد وعبر عليه بمصطلح
( )la pertinenceإذ يقول" :أن الفعالية ال تعني فقط تحقيق األهداف المسطرة ،وإنما تعكس كذلك
االختيار الجيد لهذه األهداف."1
-3العالقة بين الكفاءة والفعالية :هناك ارتباط وثيق بين الكفاءة والفعالية ،ولكن هذا ال يعني أنهما
مترادفين ،فقد تتميزالمؤسسة بالفعالية في تحقيق األهداف ولكن ال تتسم بالكفاءة في استخدام الموارد ،كما
قد تتميز بالكفاءة ولكن ال تتميز بالفعالية ،2إال أن هذا ال يعني وجود تناقض بين كل منهما ،فإذا نظرنا
إلى الفعالية على أنها درجة نجاح المؤسسة في تحقيق األهداف فإن الكفاءة تعتبر أحد المدخالت الهامة
في تحقيق هذه الفعالية ،إذ أثبتت الكثير من الدراسات أن الفعالية يمكن النظر إليها باعتبارها متغيرا تابعا
يتحدد بفعل تأثير عدد من المتغيرات المستقلة ،وإحدى هذه المتغيرات الهامة هو االستخدام العقالني
للموارد لتحقيق األهداف المحددة.
يرى ( )Jean Pierre Mercierفي هذا اإلطار أن العوامل التي يرتكز عليها أداء المؤسسة
تتمثل في:3
االستراتيجية؛ ➢
الرؤية ،القيم ،الرسالة؛ ➢
الموارد البشرية؛ ➢
هيكلة المؤسسة؛ ➢
العمليات واألنظمة؛ ➢
الموازنة. ➢
1 )P(. Drucker, L’efficacité objectif N°1 des cadres, édition d’organisation, 2ème édition, Paris, 1974,
p14.
2محمد فريد الصحن ،عبد السالم أبو قحف ،اقتصاديات األعمال ،المكتب العربي الحديث ،القاهرة ،1987 ،ص.92
3 )J.P( Mercier, Mesurer et Développer les performances, les éditions A Quebecor, Montréal, 2003,
p7.
121
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
أما )Tom Peters, Robert watrman ( :فيركبان ثمانية عوامل لألداء هي:1
➢ التميز في العمل؛
➢ االستماع للزبون؛
➢ تشجيع االستقاللية واإلبداع؛
➢ ترسيخ اإلنتاجية بتحفيز األفراد؛
➢ القيم الجماعية؛
➢ االحتفاظ بهيكلة بسيطة؛
➢ المزج بين الليونة والصرامة؛
➢ االهتمام واالرتباط بما نعرف القيام به.
أمّا بالنسبة لـ )Paul Pinto( :فيرى أن هناك أربع عوامل لألداء هي:2
➢ الحيوية؛
➢ القيم قاعدة للنظام في مجمله؛
➢ األسواق (المنافسة) أين يتم قياس األداء؛
➢ األفراد (اإلنتاجية) الذين هم ركيزة.
كل واحد من هذه األعمدة حسب المؤلف يمثل قاعدة أساسية لألداء ويمكن تمثيلها في الشكل اآلتي:
(1)T Peters, )R( Waterman, Le prix D’excellence, les 8 leviers de la performances, édition Dunod,
Paris, 1999, p8.
2 )P( Pinto, La performance durable, renouer avec les fonds des montants des entreprises qui durant
122
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
وبالن سبة لبعض الباحثين هناك من يصنف عوامل األداء إلى" :عوامل داخلية وأخرى
خارجية" ،1فنجد أن العوامل الداخلية تتمثل في :العنصر البشري ،اإلدارة ،التنظيم ،طبيعة العمل ،بيئة
العمل ،العوامل الفنية ،أما بالنسبة للعوامل الخارجية فتثمل في البيئة السياسية ،البيئة القانونية ،البيئة
االقتصادية ،البيئة االجتماعية.
أما المقاربة االستراتيجية فترى أن أهم عوامل تحقيق األداء المرتفع تأتي من المؤسسة نفسها قبل
المحيط ،أو باألحرى من مواردها.
يتضح مم ا سبق أن األداء يتأثر بمجموعة من العوامل المختلفة والمتداخلة ،وعلى اختالف اآلراء
فإنها تتمحور في نفس اإلطار ،ومن هذه العوامل من له تأثير مباشر ،ومنها من له تأثير غير مباشر،
ونتيجة ذلك فإن العوامل المحددة لألداء مجالها يبقى واسعا ،والقائمة غير قابلة للضبط ،فكل مؤسسة لها
قائمة تختلف عن األخرى تحدد أداءها وطرق تحسينه ألن كل عامل أو مجموعة عوامل لها تأثير مختلف
في ظل ظروف مختلفة.
إن المالحظ في جميع المقاربات السابقة أنه هناك عامل واحد دائم الحضور والتأثير على أداء
المؤسسة رغم اختالف وجهات النظر ،إنه المورد البشري الذي ظهر كعامل أساسي ومحدد لألداء
وعامل ال يتحقق إال عن طريقه األداء ،فهو العنصر األساسي لنمو المؤسسات وتطورها بالرغم من
الثورة الهائلة في التكنولوجيا ورؤوس األموال العابرة للقارات.
1
علي عبد هللا ،مرجع سابق ،ص.27
123
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
نظر االستراتيجية ،أما من وجهة نظر األداء المرتبط برضا الزبون فهي تصور مالئمة وموافقة
المنتجات و/أو الخدمات مع توقعات وتطلعات الزبائن.
هي "مجموع األعباء المتعلقة بمرحلة معينة أو بمنتج مادي معين ،أو مجموعة منتجات -2التكلفة:
و /أو خدمة أو مجموعة خدمات ،مقدمة في مرحلة معينة قبل المرحلة النهائية أي قبل وصولها إلى
البيع" ،1إن التكلفة تمثل البعد المالي لألداء الداخلي ،إذ أن كل مؤسسة تحلل في الداخل العالقة بين
الوظيفة والتكلفة كما يحلل الزبون العالقة بين النوعية والثمن حيث تعتبر كل نشاط يخلق قيمة بتكلفة كلية
أقل من تلك التي لدى المنافسين هو نشاط ذو تكلفة إيجابية و لهذا" فاألداء بالنسبة لهذا المفهوم قد تطور
من حيث قياسه وتحول إلى تدنيه التكاليف."2
إن التمكن من التحكم في التكاليف هو أو ال قضية الفهم الصحيح لهذه األخيرة والمنافع المتوخاة
من الوسائل المستعملة للحصول على النتائج ،وبذلك فإن التكاليف الزائدة هي دائما تكاليف غير نافعة
للنتائج المتوقعة وللقيمة الفعلية وللتوقعات الخارجية وعليه يمكن ربط كل التكاليف الداخلية بالرضا
الخارجي.
بصفة عامة ،يمثل األجل بالنسبة للمنتجات الموجودة" ،مجال الوقت بين استقبال الطلبية -3اآلجال:
وتسليم المنتج" ،3أما بالنسبة للمنتجات الجديدة فهو يمثل الفترة الضرورية للعرض في السوق منتج
معروف ومحدد ،ألن األداء هو االحتياط واحترام المسؤوليات المحددة ،داخليا وخارجيا ،وهو كذلك
معرفة كيفية عزل المراحل الوسطية التي ال تخدم الزبون وال توقعاته ،وبذلك فاألجل هو ضلع مختلط
لألدا ء ،داخلي بالنسبة للجزء األكبر ،وخارجي بالنسبة للجزء الظاهر للزبون في الداخل ،والمؤشرات
المرتبطة باآلجال تفسر سرعة المؤسسة في التفاعل مع المؤثرات الخارجية (عدم استقرار البيئة ،طلبات
الزبائن ،المنافسة…الخ) ،وأصبح معيارا مهما للحصول غلى حصص من السوق ،فبعدما كان أداء
المؤسسة يتحقق عن طريق تقليص اآلجال ،تقليص التكاليف وتحسين النوعية ،أصبح اآلن يتحقق عن
طريق التبادل والعالقة بين تقليص اآلجال واإليرادات وبين تقليص التكاليف وتحسين النوعية.
1ناصر دادي عدون ،المحاسبة التحليلية ،دروس وتمارين ،دار المحمدية ،الجزائر ،الجزء ، 1999 ،1ص.14
2نفس المرجع السابق ،ص.43
3 Berrah )L(, opcit, p24.
124
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
شعور االستفادة من الخدمة الجيدة ،وعليه فاألداء الخارجي ذو عالقة وطيدة مع األداء الداخلي ،فاألداء
الداخلي الجيد هو ضروري لألداء الخارجي ،ألنه يمثل إسقاط له.
ويعرف األداء الخارجي بأنه" :القدرة على تحسين العالقة بين )القيمة المعروفة من الزبون/
تكلفة الوسائل الضرورية لخلق هذه القيمة"( ،1فرضا الزبون هو الوحيد الذي يضمن القابلية لتنافسية
المؤسسة عن طريق القيمة التي يتلقاها ،وبذلك فأداء المؤسسة الخارجي يتعلق بهذه القيمة ،باإلضافة إلى
ذلك يجب أن تؤكد أن معالم أو مكونات األداء الخارجي نجدها ضمن عوامل النجاح األساسية للمؤسسة،
هذه األخيرة يمكن تعريفها بأنها" :العوامل التي لها تأثير حاسم على الموقع التنافسي في قطاع معين".
إنّ مصطلح األداء تعقد ،ف بجانب القياس التقليدي لإلنتاجية ،ظهرت أشكال أخرى لألداء
بالتدريج ،مصحوبة بالتنافسية ،ليس فقط مرتكزة على التكلفة ،لكن أيضا على النوعية وخاصة على
اآلجال ،في هذا السياق ،ضبط األداء لم يعد يقتصر على تدنية التكاليف ورفع حجم اإلنتاج ،وإنما يستلزم
تحسين مستمر ،شامل ،داخليا ،وخارجيا ،والذي يترجم عبر بسطه على جميع المستويات.
لقد اختلفت تحديدات أنواع األداء من باحث إلى آ خر وهذا راجع إلى االختالف في تحديد مفهوم
األداء ومعاييره وكذا هدف دراسة كل منهم ،وتتمثل أهم المعايير التي تناولها الباحثون في تحديد أنواع
األداء في اآلتي ذكره:
أولا -حسب معيار المصدر :وفقاّ لهذا المعيار فإنه يوجد نوعين من األداء في المؤسسة وهما:
-1األداء الداخلي :يتكون هذا األداء من ثالث أنواع جزئية وهي تتمثل حسب ( )Bernardفي :2
-1-1األداء البشري :يتمثل األداء البشري في أداء العاملين بالمؤسسة مهما كان موقعهم ومستواهم
الوظيفي (منفذون ،مشرفون ،إدارة الوسطى ،قيادة عليا ...الخ)؛ فاألداء البشري يعتبر بمثابة المصدر
الحقيقي لتكوين الميزة التنافسية وتعزيزها ،ألن التميز في األداء يستند بالدرجة األولى على قدرة
المؤسسة على توفير نوعيات خاصة من الموارد البشرية.
-2-1األداء المالي :يصف األداء المالي مدى فعالية وكفاءة المؤسسة في تعبئة الموارد المالية
وتوظيفها ،وتعتبر نسب التحليل المالي ومؤشرات التوازنات من أبرز مؤشرات األداء المالي.
1 )C(, Jacques et autres, Pilotage stratégique, 2ème édition, Edition d’organisations, Paris, 2001, p77.
2 )B(, Martory, Contrôle de gestion social, 2ème édition, Librairie Vuibert, Paris, 1999, p02.
125
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-3-1األداء التقني :يتمثل في قدرة المؤسسة على استخدام واستغالل تجهيزات اإلنتاج في العملية
اإلنتاجية وكذلك صيانتها ،وتعتبر كمية اإلنتاج ونسبة استخدام الطاقة اإلنتاجية من أبرز مؤشرات األداء
التقني.
ومنه فإن األداء الداخلي للمؤسسة هو األداء الناتج عن االستغالل األمثل لمختلف مواردها
البشرية التقنية والمالية.
-2األداء الخارجي :ويتحقق هذا األداء من خالل استجابة المؤسسة للتطورات والتغيرات الخارجية
والقدرة على سبقها ،فهذه التغيرات تؤدي إلى تغيير حتمي لمسار المؤسسة ،لذا يتعين عليها متابعتها
باستمرار حتى تتمكن من إدراك أثرها على األداء ،فنجاحها أو فشلها يتوقف على قدرتها على تحقيق
التوازن بين أنشطتها البيئة المحيطة.
ثانيا -حسب معيار الشمولية :ينقسم األداء حسب هذا المعيار إلى نوعين هما:
-1األداء الكلي :هو الذي يتجسد باإلنجازات التي ساهمت جميع العناصر والوظائف واألنظمة الفرعية
في تحقيقها ،وال يمكن نسب انجازها إلى أي عنصر دون مساهمة باقي العناصر ،وبشكل عام فإن األداء
الكلي هو نتيجة تفاعل أداءات األنظمة الفرعية للمؤسسة.
-2األداء الجزئي :هو الذي يتحقق على مستوى األنظمة الفرعية للمؤسسة فالنظام التحتي يسعى لتحقيق
األهداف الخاصة به ،ومن خالل تحقيق النظام الفرعي ألهدافه يتحقق األداء الكلي.1
ثالثا ا -حسب المعيار الوظيفي :ينقسم األداء حسب هذا المعيار على أساس الوظائف التي تمارسها
المنظمة ،وهي كاآلتي:
-1أداء الوظيفة المالية :يتجسد هذا األداء في المؤسسات من خالل ضمان السير الحسن والسليم
والعقالني لالعتمادات الممنوحة ،كما يتجسد أداؤها في مدى شرعية وصحة العمليات المالية وحسن
. استخدام األموال العا مة ،وكذا احترام القوانين والقواعد الخاصة بتنفيذ الميزانية.2
-2أداء وظيفة اإلنتاج :تتكفل هذه الوظيفة بتلك األنشطة التي تسمح بتحويل المدخالت (مواد أولية
ولوازم العمل) إلى مخرجات (منتجات تامة الصنع ،نصف مصنعة) ،ويتحقق هذا األداء عندما تتمكن
المؤسسة من تحقيق معدالت مرتفعة من اإلنتاجية مع مراعاة الجودة المطلوبة وفي حدود اإلمكانيات
المتاحة.3
1عادل عشي ،األداء المالي للمؤسسة االقتصادية" ،قياس ،تقييم" ،مذكرة ماجستير في علوم التسيير )غير منشورة( ،كلية علوم التسيير واالقتصاد،
جامعة بسكرة ،الجزائر ،2005 ،ص.07
2عبد الوحيد صرارمة ،الرقابة على األموال العمومية كأداة لتحسين التسيير الحكومي ،ورقة بحثية مقدمة إلى المؤتمر العلمي الدولي حول األداء
المتميز للمنظمات والحكومات ،جامعة ورقلة ،الجزائر 09 - 08 ،مارس ،2005،ص .16
3عادل عشي ،مرجع سابق ،ص.07
126
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-3أداء وظيفة التسويق :تتجسد بتقدير احتياجات المستهلك من أجل توجيه أنشطة البحث والتطوير
إلنتاج السلع المطلوبة بغية بيعها ،وتخفيض الفائض أي دراسة السوق والتعريف بالسياسات التسويقية
السائدة واختيار المالئمة منها بهدف معرفة سلوكيات واحتياجات المستهلكين من جهة والقيام بالتقديرات
الرقمية التي تعبر عن عدد المشترين ،وعدد الوحدات المتاحة ورقم األعمال من جهة أخرى.
-4أداء وظيفة الموارد البشرية :يتوقف نجاح أي مؤسسة إلى حد كبير على مدى فاعلية العاملين في
أدائهم ألعمالهم ،وتتوقف هذه الفاعلية على مهارة العاملين ورضاهم وتعاونهم وتتأثر هذه العوامل
بأعمال المديرين وتصرفاتهم ،وبشكل عام فإن أداء هذه الوظيفة يتمثل في المجهودات التي يقوم بها كل
من يعمل في المؤسسة.
-5أداء وظيفة التموين :تمثل وظيفة التموين وظيفة أساسية في المؤسسة ويتجسد أداءها في إمداد
المؤسسة بالبضائع والمواد األولية والمنتجات الضرورية بالنوعية والكمية المناسبة وفي الوقت المناسب
وبأقل تكلفة ممكنة ،كما يتحقق أداء هذه الوظيفة في القدرة على تحقيق درجة عالية من االستقاللية عن
الموردين والحصول على التجهيزات بجودة عالية وفي اآلجال المحددة وبشروط دفع مرضية.1
-6أداء وظيفة العالقات العامة :يمكن تعريف هذه الوظيفة بأنها" :الجهد المخطط إلنشاء والمحافظة
على عالقة حسن النية بين المؤسسة ومجتمعها" ،ويتمثل أداء هذه الوظيفة في المحافظة على زبائن
المؤسسة عن طريق إقامة عالقة وطيدة ومميزة معهم ،من خالل معرفة رأي الجمهور في المؤسسة
وخدماتها وكذا نشر وشرح معلومات عنها وبطريقة مفهومة.
رابعا -حسب معيار الطبيعة :ينقسم األداء حسب هذا المعيار إلى نوعين وذلك تبعا إلى األهداف
التي تسعي المؤسسة إلى تحقيقها ،فهناك أهداف اجتماعية وأهداف اقتصادية ،وعليه فهو ينقسم إلى:
-1األداء الجتماعي :يتمثل في تحقيق األهداف االجتماعية التي تتعلق بتقديم خدمات للمجتمع الذي
تعمل فيه المؤسسة والوفاء بالتزامات اتجاهه ،وعليه فإن األداء االجتماعي يتجسد في مدى نجاح
المؤسسة في تحقيق هدفها األساسي والذي يتمثل في الحاجات العامة للمجتمع من خالل تقديم خدمات
تتميز باالستمرار واالنتظام وتحقيق النفع العام ألفراد المجتمع.
-2األداء القتصادي :يتمثل في االستخدام األمثل للموارد المالية والبشرية للمنظمة وقدرتها على اتخاذ
القرارات التي تساهم في زيادة كفاءة وفعالية استخدام األموال العامة وتخصيصها على نحو يكفل إشباع
127
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
الحاجات ا لمجتمعية واألهداف المرتبطة بها وتعزيز القدرات اإلنتاجية لالقتصاد القومي ،باإلضافة إلى
مدى مساهمتها في زيادة الدخل القومي في عالقته االقتصادية مع الدول األخرى.1
هذا وتختلف األهداف التي تسعى إليها المؤسسات العمومية عن أهداف المؤسسات الخاصة،
حيث تسعي المؤسسة العمومية إلى تقديم خدمات معينة في حدود اإلمكانيات المتاحة ،أما المؤسسات
الخاصة فهي تهدف إلى تعظيم الربح بالدرجة األولى ثم باقي األهداف االجتماعية.
يختص ويتعلق هذا النوع بالخيارات التي تلزم المؤسسة في األجل الطويل ،هذه القرارات تهتم
باألداء الخارجي دون الداخلي خاصة على مستوى األداء المالي ،المستوى األوسع واألكثر استخداما في
المؤسسة ،حيث يستخدم مؤشرات مالية مختلفة" ،هذا المستوى يمثل القاعدة التي نبنى عليها تمثيل األداء
ونقطة البداية التي نستطيع عن طريقها نشره في كل المؤسسة ."2
ويعتقد بأن "األداء االستراتيجي ما هو إال دراسة وبحث لقياس الفعالية التنظيمية ،"3ولذلك فإن
معظم الدراسات المعاصرة تهتم بتحديد مقاييس الفعالية التنظيمية ،والتي تتمثل باألساس في تحديد إمكانية
وقدرة المنظمة على التنافس والبقاء واالستمرار.
1نائل عبد الحفاظ العواملة ،إدارة المنشآت العامة "،األسس النظرية وتطبيقاتها في األردن" ،دار زهران ،عمان ،1993 ،ص -ص .86 -85
2 Philippe )L(, Compte et récits de la performance, essai sur le pilotage de l’entreprise, les éditions
128
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
األداء األوسع واألشمل ألداء المؤسسة ،ويدخل في مضامينه أسس كل من األداء المالي واألداء
العملياتي ،إضافة إلى الفعالية التنظيمية.
والشكل اآلتي يوضح هذه النظرة لمستويات األداء :األداء المالي ،األداء العملياتي ،األداء
االستراتيجي.
129
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
إن تقييم األداء بشكل عام هو تحديد األهداف وقياس النتائج المحققة ،وفي هذا الصدد جاءت كل
تعاريفه تنص على أنه المقارنة بين المخطط له والمحقق ،ومن بين هذه التعاريف نذكر ما يأتي:
-1تقييم األداء هو " :فحص تحليلي انتقادي شامل لخطط ،أهداف ،طرق التشغيل واستخدام الموارد
البشرية والمادية ،بهدف التحقق من كفاءة وفعالية استخدام الموارد المتاحة ،ويمكن التمييز بين ثالثة
مستويات عند تقييم األداء وهي :على مستوى االقتصاد ،على مستوى المؤسسة ،على مستوى الفرد."1
-2يقول ( )R.A. Thietartتقييم األداء هو" :أداة تسمح بمراجعة إذا كانت النتائج المحققة تتطابق
مع النتائج المنتظرة ،ما يسمح باتخاذ اإلجراءات التصحيحية والسياسات التحسينية." 2
-3ويقول ( )M. Gervaisأن تقييم األداء هو" :عملية مقارنة بين النتائج الحقيقية والتوقعات
المنتظرة للقيام باإلجراءات اآلتية:3
➢ البحث عن أسباب االختالالت؛
➢ إعالم مختلف مستويات التنظيم؛
➢ اتخاذ اإلجراءات التصحيحية الالزمة".
-4تقييم األداء هو" :مقارنة األداء الفعلي )اإلنجازات التي تمت( بالمعايير الموضوعة مسبقاّ والقيام
بعملية تحليل االنحرافات إن وجدت بين األداء الفعلي والمعايير الموضوعة ،وبالتالي هو يشكل الحلقة
األخيرة في العملية اإلدارية ،التي يترتب عليها اتخاذ القرارات التصحيحية الموجهة لتحقيق األهداف
المحددة من قبل ،بما يوفره من بي انات ومعلومات وما يسهم به من جهود في تخفيض وتحديد المشكالت
ووضع خطط الحلول والتطوير ،"4وهناك ثالث مستويات لتقييم األداء في المؤسسات هي موضحة في
الشكل اآلتي:
1عقيل جاسم عبد هللا ،مدخل في تقييم المشروعات ،الجدوى االقتصادية والفنية وتقييم جدوى األداء ،دار حامد ،عمان ،1999 ،ص.189
2 )R.A(, Thietart, La Stratégie de l’entreprise, éditions d’organisations , 2ème édition, Paris, 1990, p23.
4زهير ثابت ،تقييم أداء الشركات و األفراد ،دار قباء ،القاهرة ،2001 ،ص.15
130
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
المصدر :زهير ثابت ،تقييم أداء الشركات واألفراد ،مرجع سابق ،ص.15
تبرز التعاريف السابقة الذكر جليا أن المقارنة بين األهداف المسطرة والنتائج المحققة هي جوهر
عملية تقييم األداء ،وهذا ما يؤدي بنا نحن أيضا إلى تقديم تعريف عام لمفهوم تقييم األداء كما يأتي" :تقييم
األداء هو قياس لألعمال والفعاليات المتحققة ومقارنتها بالخطط المعدة سابقا ،ذلك الكتشاف األخطاء
وتحديد نقاط القوة والضعف في المؤسسة".
تكتسي عملية تقييم األداء أهمية بالغة في المنظمة نظرا لما توفره من معلومات تساعد في
تشخيص وضعيتها ،وتمكينها من تكوين نظرة صحيحة عن مستقبلها العملي ،وفيما يلي مجموع الفوائد
المتأتية من تقييم األداء:1
-1يوفر تقييم األداء مقياسا لمدى نجاح المؤسسة في سعيها لتحقيق أهدافها من خالل نشاطها؛
1إسماعيل محمد السيد ،اإلدارة االستراتيجية "مفاهيم وحاالت تطبيقية" ،المكتب العربي الحديث ،اإلسكندرية ،1999 ،ص.377
131
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-2إن تقييم األداء يظهر مدى إسهام المؤسسة في التنمية االقتصادية واالجتماعية من خالل تحقيق أكبر
قدر من اإلنتاج بأقل التكاليف والتخلص من عوامل تضييع الوقت والجهد والمال مما يؤدي إلى تخفيض
األسعار ،ومن ثمة تنشيط القدرة الشرائية ،مما يعود على المجتمع والمنتج والعامل والمستهلك بالفائدة؛
-3يوفر نظام تقييم األداء معلومات متنوعة لمختلف المستويات اإلدارية في المؤسسة ،ألغراض
التخطيط والرقابة واتخاذ القرارات ،فضال عن أهمية هذه المعلومات للجهات األخرى خارج المؤسسة؛
-4يساعد على إيجاد نوع من المنافسة بين األقسام واإلدارات والمؤسسات المختلفة وهذا بدوره يدفع
المؤسسة لتحسين مستوى أدائها؛
-5يظهر تقييم األداء التطور الذي حققته المؤسسة ،إما نحو األفضل أو نحو األسوأ ،وذلك عن طريق
نتائج التنفيذ الفعلي لألداء زمنيا في المؤسسة من مدة ألخرى ،ومقارنته بأداء مؤسسات مماثلة؛
-6تعكس عملية تقييم األداء درجة التوافق واالنسجام بين األهداف واالستراتيجيات المعتمدة لتنفيذها
وعالقتها بالبيئة التنافسية للمؤسسة؛
-7توضح عملية تقييم األداء ،المركز التنافسي للمؤسسة في إطار البيئة التي تعمل فيها ،وبذلك تستطيع
تحديد اآلليات وإجراءات التغيير المطلوبة ،لتحسين مركزها التنافسي؛
-8يكشف للمؤسسة عن مواقع القوة والضعف في أقسامها المختلفة ،وبالتالي يساعد في عملية إعادة
التنظيم عند قيام اإلدارة بها؛
-9تحديد اإلمكانيات المتوقع استغاللها من طرف المؤسسة؛
-10تحقيق التنسيق بين مختلف أوجه النشاط في المؤسسة ،وفي جميع المستويات؛
-11يؤدي إلى الكشف عن أقسام المؤسسة ذات الكفاءة العالية وتحديد األقسام أو األنشطة التي تحتاج
إلى دعم وتطوير من أجل النهوض بأدائها إلى مستوى األداء الطموح واالستغناء عن األقسام واألنشطة
التي ليس لها كفاءة وفعالية؛
-12يؤدي إلى تحقيق األهداف المحددة مسبقاّ ،والعمل على إيجاد نظام فعال وسليم لالتصال.
132
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-1تحديد أهداف المؤسسة والتعريف بها :تمثل األهداف النهاية العامة المراد الوصل إليها ،والتي
توجه الجهود نحوها ،وعليه فإن األهداف وتحديدها يجب أن تتسم بالبساطة والوضوح عند صياغتها،
كما تقسم من حيث تأثيرها إلى أهداف عامة ،وأهداف إدارات وأهداف أقسام ،حيث تساعد هذه األهداف
في تقييم األداء حيث توفر له األسس والمعايير الخاصة بقياسه على مستوى المؤسسة ،وكذا على مستوى
الوحدات ،وحتى على مستوى األعمال الذي تنتمي إليه المؤسسة ،كما أنها المرشد في البحث عن هذه
المعايير.
-2وجود جهاز خاص بتقييم األداء :تتطلب عملية تقييم األداء وجود جهاز مالئم ،يسمح بتخطيط
ومتابعة ومراقبة نشاط المؤسسة في جميع مستوياته ،وهذا ما يتطلب كذلك وجود وتطوير جهاز اتصال
داخل المؤسسة يسمح بمرور ووصول المعلومات إلى مختلف األطراف المعنية بكل وضوح ودقة
مناسبة.
-3تحديد مراكز المسؤولية :من األركان الهامة واألساسية لتقييم أداء أية مؤسسة ،تتواجد فيها معالم
واضحة ومحددة لتفويض السلطات وتحديد المسؤوليات ،فمركز المسؤولية هو الجهة المختصة بالقيام
بنشاط معين ،ولها سلطة اتخاذ الوسائل الكفيلة بتنفيذ هذا النشاط في حدود الموارد اإلنتاجية الموضوعة
تحت تصرفها ،ويمكن أن نعرف مراكز المسؤولية بأنها" :هي اإلطار المرجعي لتجميع الوسائل
والمراقبة الموازناتية لها بدالالت المساهمات المتوقعة وهذا عن طريق كيانات العمل أو األقسام التي
يجب أن يعين لها مديرا يكون مسؤوال عن متابعة أدائها وتنسيق العمل بها."1
-4توفر نظام للمعلومات :إن جعل عملية التقييم بمثابة أداة مهمة موجهة لرفع أداء المؤسسة يعتمد
بدرجة كبيرة على مدى توفر نظام للمعلومات يقدم المعلومة الصحيحة والسريعة في آن واحد ،ويعتبر
نظام المعلومات بمثابة جهاز تجمع فيه من عدة مصادر داخلية وخارجية المعطيات وتعالج باستعمال
وسائل بشرية ومادية وتقنية لتصبح معلومة مفيدة وصحيحة يستعملها المسؤولون في مختلف مستويات
القرار واإلدارة ليتمكنوا على أساسها من اتخاذ القرارات الالزمة ومباشرة عمليات الرقابة" ،وعلى ذكر
مصادر المعلومات فإن للمؤسسة عدة قنوات تساعد على توفير المعلومة من حيث الدقة والوقت المالئم
لذلك.
1Denis )M(, Fernandez )P(, La Performance globale de l’entreprise, les édition d’organisations, Paris,
2003, p94.
133
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-5دقة معايير التقييم :ال يمكن لعملية تقييم األداء أن تتم دون وجود معايير أو مؤشرات تستند عليها،
حيث تعتبر هذه األخيرة بمثابة تعبير كمي وكيفي ألهداف المؤسسة المتعددة ،والمحددة مسبقا ،والتي
تستعمل كأساس للمقارنة.
الخطوة ()05 الخطوة ()04 الخطوة ()03 الخطوة ()02 الخطوة ()01
اختاذ اإلجراءات التصحيحية يف مقارنة األداء الفعلي مع قياس حتديد وصياغة حتديد اجملاالت
حالة عدم تطابق بني األداء األداء معايري األداء اخلاصة ابلتقييم
املعايري
الفعلي و املعايري
الخطوة ()06
134
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
إن ارتكاز عملية تقييم األداء على مقاربة األهداف المسطرة مع النتائج المحققة يبين ضرورة وجود
معايير تعبر كميا وكيفيا على أهداف المؤسسة ،األمر الذي يسهل عملية التقييم ويكسبها المصداقية
الالزمة ،وفيما يأتي أهم المعايير المتعارف عليها عند المفكرين.
يكتسي معيار المردودية أهمية بالغة في المؤسسة كمؤشر يسمح بأخذ فكرة حقيقية على فعاليتها
المالية ،كما أن تحقيق المؤسسة لمردودية مرتفعة يعتبر شرطا مهما الستمراريتها وتطورها ،وعليه فإن
مفهوم المردودية يرتبط بالنتيجة المالية التي تحققها المؤسسة في إطار نشاطها االستغاللي العادي.1
يعتبر معيار اإلنتاجية أحد أهم معايير التقييم ،حيث يتفق أغلب الباحثين والمختصين على أن أية
محاولة للحكم على أداء المؤسسة قد تفقد أهميتها إذا لم يأخذ بعين االعتبار جانبها اإلنتاجي ،هذا الجانب
الذي يعكسه معيار اإلنتاجية ،ويرتبط مفهوم اإلنتاجية بالعالقة الموجودة بين الناتج النهائي وعوامل
اإلنتاج المستعملة في تحقيقه ،فالتحسن في هذه العالقة يفسر نمو الفعالية اإلنتاجية.2
les PVD, thèse de doctorat, université d’Alger, Algérie, Tome 01, 1992, p136.
3 )J (, Castelnau, opcit, p77.
4فريد راغب النجار ،إدارة اإلنتاج والعمليات والتكنولوجية ،دار المطبوعات الجامعية ،القاهرة ،1997 ،ص.123
135
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
ونضيف إلى المعايير السابقة جانبا ال يقل أهمية في تقييم أداء المؤسسات ،ونقصد بذلك الجانب
السلوكي ،أي الفعالية السلوكية التي تترجم قدرة المؤسسة على بلوغ أهدافها المرتبطة بالعنصر البشري
وذلك من حيث االرتقاء بمستوى أدائه.
هي الوسيلة الشهيرة للقياس ،حيث يعتمد القائم بالقياس فيه على األرقام الحسابية في تقدير نسبة
األداء ،ويمتاز هذا المقياس بوضوح معاييره وسهولة الحصول عليه ،ولكنه يفتقر إلى إظهار الميول
النفسية واالجتماعية لدى المنتفعين من الخدمة.
تعتمد هذه الطريقة على التركيز على مدى قابلية المستفيد والمنتفع بالخدمة للخدمة ،وكذلك ميول
واتجاهات األفراد العاملين ،ومدى قناعتهم بالعمل واإلنجاز ،وكذلك يعمل هذا النوع من القياس في مجال
التقلبات النفسية واالجتماعية المحيطة بالعمل.
من خالل هذه الطريقة تبلور النتائج إلى رموز معبرة عن مستوى النجاح سواء كانت هذه
الرموز خطوطا بيانية ،أو أشكاال هندسية أو غيرها ،فهذا النوع من القياس يستفيد به القائم بالقياس في
شرح وجهة نظره للمسؤولين وكذلك في الحكم الشامل على نوعية معينة من األعمال أو في خطوات
التقديم المتقدمة.
136
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
ولطريقة ا إلدارة باألهداف عدة مزايا من بينها ،التركيز على التقييم مستقبال وليس على الحاضر
ويساعد على تحديد أهداف أكثر واقعية ،ورغم هذا فإن هناك مشاكل أساسية تعترض تطبيق اإلدارة
باألهداف في تقييم أداء المؤسسة تتمثل فيما يأتي:1
يعتبر األداء العام للمؤسسة هو المحصلة المتكاملة لنتاج أعمال المؤسسة في ضوء تفاعلها مع
عناصر بيئتها الداخلية والخارجية وهو يشتمل على األبعاد اآلتية:
إن األداء في المؤسسة هي محصلة لكل من األداء الفردي وأداء الوحدات التنظيمية باإلضافة إلى
تأثيرات البيئة االجتماعية واالقتصادية والثقافية عليهما.
فأداء الفرد في المؤسسة يقاس بمجموعة متنوعة من المقاييس يتم من خاللها تقييم أدائه وصوال
إلى التأكد من أن أنظمة العمل ووسائل التنفيذ في كل إدارة تحقق أكبر قدر ممكن من اإلنتاج بأقل قدر
من التكلفة وفي أقل وقت وعلى مستوى مناسب من الجودة.
ويقاس أداء كل إدارة بمجموعة أخرى من المعايير ،إال أن المقاييس التي تستخدم في أغلب
األحيان هي مقاييس فعالية المؤسسة لقياس األداء فيها للوقوف على مدى قرب المؤسسة من الفعالية
وتشمل كل من مقاييس الفعالية االقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية والرقابية والبيئية.
محمد الكندي ،اإلدارة باألهداف ،مركز الخبرات المهنية لإلدارة والنشر ،القاهرة ،2008 ،ص.83 1
137
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
ونظرا إلى وجود عوامل خارجية كبيرة تخرج عن نطاق إدارة المؤسسة تنعكس بالضرورة على
أدائها فكان البد من االهتمام بقياس األداء المؤسسي الذي ينبني أساسا على قياس أداء الفرد واإلدارة في
ضوء التأثيرات الداخلية والخارجية معا.
-1إدارة األداء هي" :مجموع الجهود الهادفة من قبل المؤسسات المختلفة لتخطيط وتنظيم وتوجيه األداء
الفردي والجماعي ،مع وضع معايير ومقاييس واضحة ومقبولة كهدف يسعى الجميع لقبولها."1
-2وتعرف أيضا بأنها" :إجراء هام يتعلق بالحصول على أحسن النتائج ،وأفضل الطاقات الكامنة لدى
الموظفين ،وتدريب الموظفين للوصول إلى استخدام أمثل لكامل طاقاتهم وإمكاناتهم ،وتوجيهها لصالح
العمل ،وكذلك زيادة حجم إدراكهم ألهمية دورهم في القدرة على تصور رؤية مشتركة ألهداف وغايات
المؤسسة ،وتفعيل دورهم في تحقيق أهدافها ،فإدارة األداء تجعلك تصل إلى عمق المؤسسة ،ويجب أن
تعكس وتدعم ثقافة واستراتيجيات وأسلوب المؤسسة ."2
-3وتعرف إدارة األداء أيضا بأنها" :عملية مستمرة ومتواصلة إلدارة وتطوير معايير األداء التي
تعكس أفضل الممارسات في تحديد االتجاهات وقياس ومراقبة األداء ،وتوفير التغذية العكسية واتخاذ
1مرسي محمود ،زهير الصباغ ،إدارة األداء ،معهد اإلدارة العامة ،الرياض ،1990 ،ص.13
2صالح المربع بن سعد ،التطوير التنظيمي وعالقته باألداء من وجهة نظر العاملين في المديرية العامة للجوازات ،رسالة ماجستير منشورة في
العلوم اإلدارية ،كلية الدراسات العليا في العلوم اإلدارية ،جامعة نايف العربية للعلوم األمنية ،الرياض ،2006،ص.60
138
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
اإلجراءات الالزمة ،ومنه القيام بالمراجعات غير الرسمية المؤقتة واستخدامها لتوفير تغذية عكسية
مضبوطة أكثر ،وكذا مراجعة األهداف والخطط ومحاولة تكيفها للظروف المتغيرة."1
-4يعرف روبرت باكال إدارة األداء بأنها" :العملية التي تشمل التخطيط ،تشخيص المشكالت ،تعيين
معوقات األداء ،والعمل على تطوير مستوى األفراد."2
وكتعريف عام وشامل إلدارة األداء نقول بأنها" :هي عملية إدارية مستمرة تعتمد على االتصال
والتواصل ،تتضمن كالًّ من المدير والموظف ،وهي تهدف إلى تحسين األداء العام للمؤسسة وذلك
باستخدام أساليب تسييرية مرنة".
-1وضع نظام معلومات عن أداء الموارد البشرية وما يطرأ عليها من تغيرات؛
-2اعطاء الفرصة لتبادل المعلومات واآلراء والخبرات بين هذه الموارد وقيادتها؛
-3تسهيل عملية قيام المشرفين بتوجيه وارشاد الموارد البشرية؛
-4التقويم المستمر لألداء الخاطئ قبل أن يتحول إلى جزء من السلوك الدائم للموارد البشرية؛
-5التركيز على تصحيح وتحسين األداء ،والقضاء على مفهوم تقييم األداء لمجرد الثواب والعقاب فقط؛
-6توفير المناخ المناسب للتفاوض حول المشكالت؛
-7تسهيل عملية اختيار القيادات وتفويض المساعدين؛
-8تحسين نوعية العالقات بين مختلف المستويات التنظيمية.
1وائل محمد صبحي ،طاهر محسن منصور الغالبي ،أساسيات األداء وبطاقة التقييم المتوازن ،سلسلة إدارة األداء االستراتيجي ،دار وائل ،عمان،
،2009ص .118
2روبرت باكال ،ترجمة موسى يونس ،تقييم األداء ،بيت األفكار الدولية ،دمشق ،1999 ،ص.124
139
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
140
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
رغم الطرق المختلفة والمتنوعة السابقة والمرتبطة بتقييم األداء ،قد يفشل نظام تقييم األداء ،ألنه
ال يوجد أمر محفوف بالخطر أكثر من تقييم األداء ،حيث هناك عدد ال حصر له من المشكالت الفنية
التي تثير شكا حول عدالة العملية برمتها ،وفي هذا الفرع نتحول وننتقل لبعض مشكالت التقييم األساسية
والتي قد تعوق العملية مثل:
1
علي السلمي ،خواطر في اإلدارة المعاصرة ،دار غريب ،القاهرة ،بدون سنة النشر ،ص.102
141
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-1التشخيص الستراتيجي :يمثل تقييم أداء المؤسسة الحالي والعودة إلى المراحل األولية المتمثلة في
تقييم عناصر القوة والضعف والفرص المتاحة ،والتهديدات المحيطة بها ،إضافة إلى فحص وتدقيق
االفتراضات التي تم استخدامها ،وفي ظل هذا التشخيص يتم طرح األسئلة المتعلقة بحدوث التغييرات في
البيئتين الداخلية والخارجية التي أثرت بصورة سلبية على نجاح أداء المؤسسة وهي:
➢ هل حدثت تغييرات في أداء المنافسين ،المستثمرين ...الخ؟؛
➢ هل حدثت تغييرات في طبيعة الصناعة ،الطاقة ،اختالف المنتج ،سلوكيات الزبائن واتجاهاتهم؟؛
➢ هل حدثت هناك فرص أو تهديدات جديدة كنتائج لعملية التغيير في البيئة الخارجية أو في أداء
المنافسين أو القطاع؟؛
➢ هل هناك تطابق األداء الحالي مع التغيرات التي طرأت على البيئة الخارجية وأداء المنافسين؟؛
➢ هل مفتاح النجاح األساسي في القطاع قد تغير؟.
إن اإلجابة على مثل هذه األسئلة يمكن أن يؤثر أو يعكس للمؤسسة وجوب تحسين أدائها ،وتبني
أداء أكثر تكيفا ومالئمة للظروف البيئية الحالية ،وعليه فإن التشخيص االستراتيجي يحدد هل منهج األداء
الحالي هو السبب المباشر في ظهور هذه الفجوة أم هناك قصور في تحقيق المعايير المحددة؟ ،أي هل أن
الخلل يكمن في األداء ذاته أم في الخطط ووقت اإلنجاز ،وعليه فإن هذا التشخيص يهتم باألداء
المعياري.
-2التشخيص العملي :يهتم هذا التشخيص بتقييم نتائج األداء الفعلي ،ومنه تحديد األسباب المؤدية إلى
حدوث فجوة األداء ،وإن المرحلة األولى من عملية التشخيص العملي تكمن في تحديد مجاالت األداء
التي تكون تحت مستوى القبول والتي تحتاج إلى إجراء تحسينات عليها ،ولذلك فإن ظهور فجوة األداء قد
يكون ناجما عن وجود مشاكل في الجوانب الوظيفية أو قد يعود إلى بعض الممارسات اإلدارية الخاطئة،
وحال تحديد الفجوة القائمة ،البد من البحث عن األسباب الحقيقية التي أدت إلى ظهورها تمهيدا التخاذ
اإلجراءات الالزمة لتحسين األداء.
1عبد الوهاب محمد جبين ،تقييم األداء في اإلدارات الصحية ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،جامعة سانت كليمنتس العالمية ،الجمهورية العربية
السورية ،2009 ،ص.59
142
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
➢ ما المشكلة؟؛
➢ من المرتبط بالمشكلة؟؛
➢ ما الذي يجري اآلن؟؛
➢ ما الذي يجري اآلن؟؛
➢ ما الذي تريده أن يحدث؟؛
➢ ما هي نتيجة القصور في األداء؟؛
➢ ما هي األسباب والحلول الممكنة؟؛
➢ ماهي خطة العمل؟.
أما الخطوات التي يتم بها تنفيذ التطوير الدائم فهي كما يأتي:
الفعلي من الوضع الذي نتجت عنه الفجوة إلى أداء أفضل أو إلى مستوى األداء المعياري أو المطلوب
الوصول إليه ،وإنه مع توالي التأثيرات السلبية واإليجابية ،تصبح عملية تحسين األداء ضرورة مستمرة
وعملية أساسية في نشاط المؤسسة ،وبذلك السيطرة على األداء العام للمؤسسة بما يعد بفرص أكثر
لتحقيق األهداف ،ومن هنا تبرز أهمية إدارة األداء كمفهوم حديث يجعل للمؤسسة السيطرة على
مستويات األداء" ،1حيث يشكل تحسين األداء الكلي للمؤسسة عنصرا أساسيا في مفهوم إدارة األداء،
وهو يتعامل مع مجمل العناصر المؤثرة في األداء بغرض توظيفها لرفع مستوى األداء أو منع انخفاضه
والمحافظة على مستواه المرتفع ،وذلك في مواجهة المتغيرات التي تواجه المؤسسة في تحقيق أهدافها،
سواء من داخلها أو من خارجها ،والتي تخل بالتوازنات والتوقعات ،أما أساليب تحسين األداء فهي
تختلف وتتفاوت من المحاوالت الفردية غير المخططة ،وتصل إلى محاوالت إعادة البناء الشامل ولعل
الشائع منها يتمثل في المداخل اآلتية:
-1الجودة الشاملة :تعد الجودة الشاملة من أهم القضايا التي تهتم بها المؤسسات التي تسعى لرفع
وتحسين مستوى أدائها ،فهذه القضية أساسها األسلوب الذي تنتهجه المؤسسة في بناء نظمها الداخلية،
ورسم سياستها االستراتيجية ،إذن فهي" :مجموعة من األساليب التي تستهدف أعلى مستويات الرضا
للعمالء بهدف االرتقاء بمستويات أداء المؤسسة ،"2إن إدارة الجودة الشاملة هي نظام فعال لتحقيق
التكامل بين جهود كافة األطراف والمجموعات داخل المؤسسة ،والتي تتولى بناء الجودة وتحسينها
والحفاظ عليها ،بالشكل الذي يمكن من تقديم سلعة أو خدمة بأقل تكلفة مع تحقيق الرضا الكامل للزبون،
إنها باختصار عملية التحسين المستمر والتي من خاللها تتمكن المؤسسة من بناء قاعدة أفضل لخدمة
زبائنها ،وهذا ما يتطلب بالضرورة أهمية تضافر جهود األفراد والعمليات والنتائج نحو تحقيق مستوى
جودة يلقى رضا الزبون وبذلك التحسين المستمر لألداء.
وقد اهتمت العديد من المؤسسات بهذا المفهوم نتيجة فشلها في الحفاظ على نفس مستوى األداء،
وتشير نتائج الدراسات التي تعدد المزايا التي تحققها المؤسسة من وراء إتباع فلسفة الجودة الشاملة ،ومن
أبرز تلك المزايا ما يأتي:3
144
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
إن هذه المزايا التي تحققها المؤسسة من خالل الجودة الشاملة ستسمح لها بتحسين أدائها ،نتيجة
أنها عملية مستمرة ،ورغم تعدد مداخل الجودة الشاملة ،إال أنها تتفق في مبادئها العامة ،والتي يمكن
تلخيصها في المبادئ الستة اآلتية:
ونظرا ألهمية الجودة الشاملة ،فقد أقامت الدول والمؤسسات الدولية منظمات الغرض منها تمييز
المؤسسات التي تحقق أداء ملموسا في مجال تحسين الجودة ومنح مكافآت وشهادات تقدير لها ،ومن
أشهرها شهادات اإليزو المعروفة ) ،إشارة إلى الحروف األولى للمنظمة العالمية للمعايير(.
-2إعادة الهندسة :*1تعرف بأنّها" :إعادة التصميم الجذري لعمليات األعمال بغية الحصول على
تحسينات جذرية"، 2هذه التحسينات تتم في عوامل الوقت ،التكلفة ،الخدمة وبالتالي تحسين األداء ،فإعادة
هندسة العمليات ال تعني تكييف وتعديل الوظائف والهياكل والتكنولوجيا أو الموارد البشرية الحالية ،وإنما
إعادة التصميم لكل ما سبق ،ويمكن أن يطبق على المؤسسة ككل ،كما يمكن أن يطبق على وظيفة
أساسية وذلك لتحسين األداء الكلي للمؤسسة.
ويمكن التفرقة بين إعادة الهندسة والجودة الشاملة ،في اعتبار إدارة الجودة الشاملة أنها تسعى
دائما إلى تحسينات إضافية ،أو الزيادة في العمليات الحالية ،أما إعادة الهندسة فهي تهتم بالمراجعة
الجوهرية للعمليات ،وعليه فإدارة الجودة الشاملة يمكن أن تكون جزءا من مشروع إعادة الهندسة ،هذه
األخيرة بتطبيقها نقوم بإجراء مجموعة من التعديالت الجذرية في العمليات ،وبالتالي تحقيق تحسينات
ومعدالت فائقة في األداء والجودة والسرعة.
* 1نستطيع تسميتها أيضا بإعادة تصميم نظم العمل ،إعادة تصميم العمليات ،الهندسة الصناعية الجديدة ،الهندرة ،إعادة هندسة أساليب اإلدارة.
2مايكل هامر ،نتائج إعادة الهندسة ،دار األفاق ،الرياض ،1999 ،ص.12
145
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
والخالصة أن إعادة الهندسة تتضمن ثالث مالمح :التركيز على الزبون؛ هيكل تنظيمي مدعم
لإلنتاج؛ ورغبة في إعادة التفكير في كيفية أداء المؤسسة من البداية ،ولقد ساعد جهود عمليات إعادة
الهندسة في تحقيق إنجازات ذات جودة وسرعة وذلك عن طريق التغييرات التالية التي أحدثتها:1
➢ تغيير قيم المؤسسة ،من قيم الحماية والتحفظ على القديم إلى قيم إنتاجية وفعالية؛
➢ تغيير الهيكل التنظيمي من الشكل الهرمي التقليدي إلى الشكل المسطح قليل عدد المستويات؛
➢ تغيير دور اإلدارة من تسجيل األداء والحكم عليه إلى قيادته.
وعليه فإعادة الهندسة سوف تغير أسلوب أو طريقة أداء المؤسسة إلى األحسن بشكل سريع
وجوهري في مجاالت األداء.
وتجدر اإلشارة أن لكل من األسلوبين رغم تعدد الفوائد المترتبة على تطبيقهما إال أن هناك بعض
المخاطر والقيود التي يجب اتخاذها بنظر االعتبار ،كما توجد العديد من األساليب األخرى التي يمكن
تطبيقها لتحسين األداء الكلي للمؤسسة ،للحصول على مستوى أداء أفضل ،وكذا لسد فجوة األداء.
ربما لقد قد قمت بشيء من التحليل بالتطرق إلى األسلوبين األكثر شيوعا ،لكن تطبيقها يتطلب
نظاما فعاال يشمل جميع مستويات األداء في المؤسسة.
146
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-1النماذج واإلجراءات التي تلتزم بها المؤسسة :إن النماذج واإلجراءات التي تلتزم بها المؤسسة
ليس لها أي معنى في بعض األحيان ،فما هي إال كم هائل من العمل الكتابي عديم الجدوى ،حيث تصر
الكثير من المؤسسات على التزام مدرائها بأسلوب وجدول محددين وبمجموعة من النماذج ال تناسب كافة
المواقف واألوضاع ،فليس هناك نظام إدارة أداء خال من العيوب مطلقا ،وعندما تركز على إدارة األداء
كوسيلة للتواصل وتأسيس العالقات ،فعندها يصبح الشكل الفعلي لطريقة نقل المعلومات أقل أهمية.
-2عدم وجود الوقت الكافي لهذه األعمال :إن إدارة األداء تحتاج للوقت ،ولكن عندما يتخذ المدراء
حجة "عدم توفر الوقت الكافي لعمل ذلك" ،فألنهم على األغلب يجهلون ما يمكن أن تقدمه لهم إدارة
األداء ،وهناك مفهوم خاطئ ولكنه شائع بخصوص هذه العملية ،مفاده أنها تدور حول النقاش بعد وقوع
الحدث ،وأن القصد منها رصد األخطاء واألداء الهزيل بعد حصولهما ولكن ليس هذا هو جوهر إدارة
األداء ،فهي ال تعنى بالتفتيش أو البحث فيما حصل لتوجيه اللوم لجهة معينة فقط ،وإنما تعنى بالحيلولة دون
حدوث المشكالت وتحديد معوقات النجاح قبل أن تصبح مكلفة وهذا يعني أن بوسع إدارة األداء التوفير
من الوقت المخصص لعملية إدارة األداء.
عندما ال يكون لدى الموظفين رؤية واضحة لما يتوقع منهم القيام به ،ومتى ،وبأي مستوى من
اإلتقان ،فإنهم يميلون إلشراك مدرائهم في مسائل كان باستطاعتهم التعامل معها بأنفسهم ،أو أنهم
يرتكبون األخطاء ألنهم يظنون أنهم يعرفون ما يفعلون وهم في حقيقة األمر ال يعرفون ،وعندما يتخذ
الموظفون قرارات غير مالئمة ،فإنهم يتسببون بتطاير الشرر أو ما يشبه حرائق الغابات ،مما يستدعي
تدخل اإلدارة ،وهذه المرحلة التي تستنفذ الكثير من وقت اإلدارة فإن إدارة األداء هي استثمار للوقت
بطريقة مباشرة للحيلولة دون وقوع مشكالت ،وإتاحة المجال للعمل.
➢ عندما يرى الموظفون أن عملية إدارة األداء قد صممت إللقاء اللوم عليهم ،فسيكونون على األرجح
غير منفتحين ومتعاونين ،وهو في حقيقة األمر مفهوم خاطئ إلدارة األداء؛
➢ ال يجب أن تكون مناقشة األداء حكرا على المدير ،الذي يطلق أحكامه على الموظفين ،بل يجب
تشجيع هؤالء على تقييم أنفسهم ،وعلى المدير والموظف تبادل وجهات النظر حول األداء ،فغالبا ما
يكون الموظفون أكثر انتقادا لعملهم من المدير؛
➢ إذا نظر المدراء إلدارة األداء كشيء يعملونه للموظفين ،فعندها تصبح المواجهة أمرا ال مناص منه،
أما إذا اعتبروها نوعا من المشاركة ،فإن ذلك يحد من تلك المواجهة.
147
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
-4إدارة األداء ل تتعلق بمناقشة األداء الهزيل :تتناول اإلنجازات والنجاحات والتحسين علما أن
التركيز على هذه األمور يحد من المواجهة ،وذلك ألن المدير والموظف ليسا على طرفي نقيض.
-5تفادي التعامل مع مشكلة ما حتى تتفاقم :عندما تظهر المواجهة أو تتأزم ،فمرد ذلك عادة إلى
تفادي المدراء التعامل مع مشكلة ما حتى تتفاقم ،إذ أن التعرف المبكر على المشكالت يساعد كثيرا في
حلها.
-6مشكلة تقديم التغذية السترجاعية (المرتدة) للموظفين ،والمراقبة :يقول روبرت باكال في
هذا المقام" :وذلك لعدم توفر الوقت الكافي للتواجد معهم ومراقبة ما يقومون به يوميا ،فأنت ال تستطيع
الوقوف هناك ومراقبتهم ،ألنه ليس لديك الوقت الكافي وألنك ستدفعهم بذلك إلى الجنون" ،ويستطرد
قائال" :لذا اجعل كل موظف خبيرا بشأن عمله وأدائه ،إال أن دورك في معظم األحوال ال يتمثل بإطالق
األحكام عليهم ،وإنما بمساعدتهم على تقييم عملهم بأنفسهم فلست بحاجة للمراقبة طوال الوقت ،وال
للحصول على كافة اإلجابات ،بل إنك سوف تعمل سويا مع كل واحد من الموظفين للتوصل إلى تلك
اإلجابات."1
إن المدراء هم موظفون أيضا ،لذلك فهم يعرفوا مسبقا بعض األسباب التي تشعر الموظفين بعدم
االرتياح تجاه إدارة األداء ،وذلك ألنهم غالبا مروا بنفس الظروف أيضا ،وكمدير ،فأنت مسؤول عن
جعل موظفيك يشعرون براحة أكثر تجاه هذه العملية ،وعليه فما الذي يشعر الموظفين بعدم االرتياح؟
ففكر فيما يأتي:
-1معظم الموظفين تعرضوا لتجارب إدارة أداء هزيلة ،وربما مع مدراء آخرين؛
-2ما من أحد يحب التعرض لالنتقاد ،ولعل الموظفين قد مروا بمواقف ،حيث لم يعطهم مدراؤهم أية
تغذية استرجاعية حتى جاء موعد المراجعة السنوية ،ثم انهالوا عليهم بالنقد واللوم ،وهذا ما يدفعهم
للشعور بالضيق.
-3عندما ال يعرف الموظفون ما هو الشيء المتوقع ينتابهم شعور بالرهبة ،وإذا كان الحال كذلك ،فهذا
قد يدفعهم أيضا التخاذ موقف عدواني أو دفاعي.
-4ال يدرك الموظفون غالبا ما هو القصد من إدارة األداء ،أو ال ينظرون لها باعتبارها شيئا فيه
فائدتهم.
148
أداء المؤسسة. الفصل الرابع:
خالصة الفصل.
لقد ارتبط ظهور مفهوم األداء بتطور دراسات المؤسسة االقتصادية بصفة عامة ودراسات
اإلدارة بصفة خاصة ،وتعددت النظريات حول محدداته أو باألحرى السبل الكفيلة لالرتقاء به ،فجاء
الفكر الكالسيكي مركزا على جانب التنظيم كأهم محدد ألداء المؤسسات ،وقد تبلور هذا التوجه في
مختلف النظريات التي جاءت بها المدرسة الكالسيكية ابتداء من مدرسة اإلدارة العلمية مرورا بمدرسة
اإلدارة وأخيرا بحركة البيروقراطية ،ثم الفكر االجتماعي مركزا على العالقات االجتماعية داخل
التنظيم ،ثم باقي التوجهات التنظيرية التي عرضناها سابقا ،والتي كل منها قدمت وجهة نظر خاصة بها
حول كيفية الوصول بالمنظمة إلى تحقيق األداء األمثل الذي يضمن لها البقاء في السوق وهذا طبعا في
149