Professional Documents
Culture Documents
مقدمة3
مقدمة3
مقدمة
إن اإلنسان ال يستطيع أن يعيش متجردا من حقوقه اليت كفلها اهلل عز و جل له منذ بدء اخللق،
و هذه احلقوق منها ما هو مشرتك بينه و بني من يعيش بينهم ،و منها ما يستقل هبا كاحلق يف محاية
احلياة الشخصية ،فهو أحد احلقوق املالزمة حلياة األفراد و املتصلة بشخصيتهم ،فإمجاال معناه أن يعيش
اإلنسان حياته دون تدخل خارجي.1
وقد عنت التشريعات القدمية بإقرار احلق يف محاية احلياة الشخصية هبدف صيانة الفرد يف مسكنه
ومحاية أس راره وكذا التش ريعات الس ماوية كاليهودية و املسيحية اليت عرفت ه دا احلق من خالل ما
ج اء يف الس فر التك وين عن د اليهودي ة ،أم ا يف التش ريع اإلس المي فق د ج اءت تل ك اآلي ات القرآني ة
مؤكدة على تقديس هذا احلق و جعله حقا حيرم مساسه ،2فقد ذكر القرآن الكرمي قداسة اإلنسان و
كرامته يف قوله ":و لقد كرمنا بين آدم و محلناهم يف الرب و البحر و رزقناهم من الطيبات وفضلناهم
على كث ري ممن خلقن ا تفض يال " ،3كم ا ج اء النهي عن التجس س و التلص ص و أخ ذ األخب ار و تتب ع
الع ورات و األخط اء يف قول ه تع اىل .... ":وال جتسس وا و ال يغتب بعض كم بعض ا أحيب أح دكم أن
يأكل حلم أخيه ميتا فكرهتموه".4
بي د أن التط ور احلاص ل يف الع امل نتيج ة التع دد الس كاين و إنتش ار املعلوم ات إض افة إىل التط ور
العلمي و التكنولوجي جعل من فكرة احلق يف حرمة احلياة اخلاصة ال تقتصر على محاية املسكن فقط
بل تعداها إىل جوانب أخرى ،و بالتايل أصبح جمال دراسة العديد من الفقهاء و رجال القانون و كذا
1جالد سليم ،احلق يف اخلصوصية بني الضمانات و الضوابط يف التشريع اجلزائري و الفقه اإلسالمي ،مذكرة لنيل شهادة املاجستري
يف الشريعة والقانون ،ختصص حقوق اإلنسان ،كلية العلوم اإلنسانية و احلضارة اإلسالمية ،قسم العلوم اإلسالمية ،جامعة وهران،
،2013ص.04
2خلف اهلل زهرة ،احلماية اجلنائية عن إنتهاك حرمة احلق يف احلياة اخلاصة ،مذكرة مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة املاسرت يف
احلقوق ،ختصص علم اإلجرام ،كلية احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة الدكتور موالي الطاهر ،سعيدة،2017 ،ص02.
سورة اإلسراء ،اآلية .70 3
املؤمترات و التشريعات املقارنة ،مبا فيها التشريع اجلزائري الرامية إىل إجياد حلول و طرق حلماية هدا
احلق.1
أهمية الموضوع :تتجلى أمهية املوضوع من خالل املكانة اليت حيتلها ضمن شخصية اإلنسان،
و العالقة اليت تربطه باحلقوق الشخصية و احلريات املعنوية ،لذلك كان لزاما اإلعرتاف به و محايته،
إضافة إىل الطبيعة املزدوجة اليت يتمتع هبا جلمعه بني اجلانب املادي و املعنوي للشخصية ،و اخلصائص
اليت ينفرد هبا عن باقي احلقوق األخرى.
اإلهتم ام املتزاي د هبذا املوض وع س واء على املس توى ال دويل أو ال داخلي ،و النص وص القانوني ة
اجلديدة و التعديالت اهلامة اليت جاءت جلها مرتبطة به.
و مل يقف عند هذا احلد بل إعترب محاية احلق يف احلياة الشخصية من الواجبات املفروضة على
املواطن ،حيث ألزم األفراد مبوجب أحكام الدستور على ضرورة احملافظة على احلياة اخلاصة لألفراد و
ذلك بسرتها و حفظها عند ممارستهم و متتعهم حبقوقهم األخرى.
تأثره الشديد باإلنعكاسات اليت أفرزها التطور العلمي لوسائل النشر و اإلعالم ،و ظهور تقنية
املعلومات ،و ما صاحب كل هذا التطور من هتديد خطري للعديد من عناصره كاملكاملات اهلاتفية ،مما
ساهم يف إثارته بشكل حاد و بصورة خاصة إلجياد محاية تتوافق مع موع اإلنتهاك و دلرجة اخلطورة.
األس&&باب الذاتي&&ة&:إهتمامي الشخصي و ميويل و رغبيت هلدا املوضوع ،من خالل ما الحظته و
وقفت عليه من اعتداء أو مساس خطري حبرمة احلياة الشخصية لألفراد.
1محفوظي& إبتسام ،رداد يسرى ،محاية احلق يف اخلصوصية يف التشريع اجلنائي ،مذكرة مكملة ملتطلبات نيل شهادة املاسرت يف
القانون ،كلية احلقوق و العلوم السياسية ،جامعة 08ماي ،1945قاملة ،2019 ،ص.01
2
مقدمة
ه ذا املوض وع ح ديث الدراس ة ،و ذل ك لتزامن ه م ع ظه ور الوس ائل العلمي ة ،و ق د إرتأين ا أن
نساهم جبزء يسري يف إثراء الثقافة القانونية يف هذا اجملال.
الرغب ة يف معرف ة م دى مس اس بعض إج راءات التح ري و التحقي ق باحلي اة الشخص ية لألف راد و
الضمانات اليت قررها املشرع يف سبيل محايتها.
األسباب& الموضوعية :حماولة معرفة ما إذا كانت األحكام اليت وضعها املشرع اجلزائري كافة
لصد هذه اجلرمية املاسة باإلنسان.
معرف ة مص ري خصوص يات الف رد ال يت ب اتت معلق ة بني حري ة ممارس ته احقوق ه و حريات ه و بني
خوفه من إطالع الغري عليها.
تعرض احلياة اخلاصة لألفراد إىل كثري من اإلعتداءات و اإلنتهاكات يف اآلونة األخرية.
أهداف الموضوع :إن الغاية من هذا املوضوع هي البحث عن محاية قانونية حلرمة حياة الفرد
اخلاصة ،مادامت مهمة القانون هي محاية الفرد فإن محاية الفرد ال تقتصر على كيانه املادي بل متتد
لتشمل كيانه املعنوي من جهة ،و من جهة أخرى ال بد من اإلعرتاف حبقوق جديدة ملواجهة التغريات
اإلجتماعية و اإلقتصادية و السياسية.
حتديد مضمون احلق يف احلياة اخلاصة يف القانون اجلزائري برسم نطاقه يف ظل تعدد املظاهر املكونة له.
إبراز طبيعة احلماية اليت رصدها املشرع اجلزائري للحق يف احلياة اخلاصة للتصدي للتهديدات
اليت فرضها التقدم العلمي و التكنولوجي لوسائل اإلعالم و اإلتصال يف األماكن العامة و اخلاصة ،و
التجسس على املكاملات.
تقدير مدى كفالة اإلستثناءات اليت إستحدثها قانون اإلجراءات اجلزائية لتقيد احلياة اخلاصة يف
مكافحة اجلرمية و محاية الصاحل العام و تفحص مدى شرعيتها يف احملافظة عليه ،خاصة أنه من احلقوق
الدستورية اليت تطرح اجلدل القانوين حول مدى خضوعها للوسائل التقنية و التكنولوجية احلديثة يف
مسائل التحقيق القضاين و اإلثبات اجلنائي.
3
مقدمة
كم ا يكمن اهلدف من حبث موض وع محاي ة احلق يف احلي اة الشخص ية يف الق انون اجلزائ ري يف
حتدي د ال دافع الرئيس ي وراء التب اين يف املواق ف يف العدي د من احملاور املكون ة ل ه ،بداي ة باجلدل ح ول
إستقالله القانوين ،وكذا اإلختالف حول تعريفه بعدم اإلمجاع على تعريف جامع مانع له.
إستقراء النصوص القانونية اليت تقررت حلماية احلريات األساسية و احلقوق املالزمة للشخصية
بشكل عام ،إلبراز الضمانات اليت تضمن كفالة احلق يف احلياة الشخصية و حتديد طبيعتها.
المنهج المتب& & &&ع :إعتم دنا يف ه ذه الدراس ة على املنهج التحليلي كمنهج أساس ي ،و ذل ك
بإستقراء النصوص القانونية املكرسة للحق يف محاية احلياة الشخصية ،مستعينني يف ذلك باملنهج املقارن
يف بعض احلاالت لدراسة الفوارق بني القانون اجلزائري و القانون املصري و الفرنسي.
صياغة اإلشكالية :هل حتظى احلياة الشخصية باحلماية الالزمة يف القانون اجلزائري ؟
و ما مدى كفاية هده احلماية يف ظل التهديدات و املخاطر اليت أفرزها التطور العلمي ،و التمتع
باحلقوق و احلريات األخرى و مكافحة اجلرمية؟
الخطة:قد مت دراسة موضوع احلماية القانونية للحياة الشخصية يف القانون اجلزائري وفق خطة
منهجية مقسمة إىل فصلني على النحو التايل:
تناولنا يف الفصل األول اإلطار املفاهيمي للحق يف محاية احلياة الشخصية ،و قسمته إىل مبحثني
األول تعرضت فيه إىل ماهية احلق يف محاية احلياة الشخصية ،أما املبحث الثاين عاجلت فيه مظاهر احلق
يف محاية احلياة الشخصية و خصائصه.
أما الفصل الثاين فقد خصصته لدراسة صور احلماية القانونية للحياة الشخصية ،و قد قسمت
هدا الفص ل إىل مبحثني األول تعرضت فيه إىل احلماية املدنية للحق يف احلياة الشخصية ،أما املبحث
الثاين تناولنا فيه احلماية اجلنائية للحق يف احلياة الشخصية.
4