You are on page 1of 18

‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫وتفرعها في التراث العربي‬


‫نظرية نشأة اللغة ّ‬

‫ىاشم أشعري‬
‫‪hasyim.ikhac@gmail.com‬‬
‫جامعة كياىي احلاج عبد احلليم موجوكرطا‬

‫ملخص‪ :‬اللغة كما شرح علماء اللغة ىي أصوات‪ ,‬أو كتابة‪ ,‬أو رموز‪ ,‬أو‬
‫كل ما يعرض اإلنسان لوصول أغراضهم وأفكارىم‪ .‬ويف نشأهتا األوذل فيها‬
‫اختالفات كثَتة يف نظريتها‪ .‬والرأي ادلشهور يف نظرية نشأة اللغة ىي نظرية‬
‫التوقيف‪ .‬نشأت اللغة مرة أخرى يف عهد نوح‪ ،‬تفرع اللغات مند عهد النوح‬
‫بنسبة إذل أبناء نوح الثالثة ىم‪ :‬حام‪ ,‬سام‪ ,‬ويافث‪ .‬مند ىذا العصر تطور‬
‫اللغة تطورا واسعا يف العادل‪ .‬واللغة العربية يف حبث علم فقو اللغة ىي فرع من‬
‫فصيلة كبَتة‪ ,‬وىي فصيلة سامية‪ ،‬الفصيلة اليافثية‪ ،‬و الفصيلة احلامية‪.‬‬

‫الكلمات الرائسية‪ :‬نظرية‪ ،‬نشأة‪ ،‬تفرع‪ ،‬سامية‪ ،‬العوامل ادلباشرة‬

‫‪Permalink/DOI: 10.21274/tadris.2017.5.1.98-115‬‬

‫[ ‪ ] 89‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬


‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫مقدمة‬
‫إن العلماء وادلفكرين دل ختتلفوا يف شيئ من مسائل علم اللغة‪ ،‬كما‬
‫اختلفوا حول موضوع نشأة اللغة‪ .‬اختلف العلماء الغربيون يف أصل اللغات‬
‫ونقطة البداية فيها‪ ،‬فمن قائل إهنا ىبة اهلل إذل األرض‪ ،‬أي أهنا ذات أصل‬
‫إذلي‪ ،‬ومن القائل إهنا من صنع اإلنسان واخًتاعو‪ .‬وقد استند الفريق األول إذل‬
‫روسو‪،‬‬
‫ماجاء يف الكتاب ادلقدس‪ .‬وقد أخذ هبذا الرأي الفيلسوف الفرنسي ّ‬
‫حُت اعًتف يف رسالتو اليت ظهرت سنة ٓ٘‪ٔٚ‬م باألصل اإلذلي حيث‬
‫يقول ‪ (:‬لقد تكلّم آدم وتكلم جيدا‪ ،‬والذي علّمو الكالم ىو اهلل نفسو )‪.‬‬
‫ومن القائلُت هبذه النظرية العادل ىَتدر (تلميذ الفيلسوف األدلاين كانت)‬
‫الذي ستدل على بطالن نظرية األصل اإلذلي دبا يوجد يف اللغة اإلنسانية من‬
‫عيوب‪ ،‬وبعدم وصوذلا إرل حد الكمال‪ ٔ.‬لقد اختلف العلما اختالفا واضحا‬
‫يف مسألة نشأة اللغة‪ .‬وقدم كل فريق حججا لدعم نظريتو ودحض النظريات‬
‫ادلعارضة‪.‬‬
‫وكتب التاريخ أن نشأة اللغة الثانية ىي يف عهد نوح‪ .‬تفرعت اللغة بعد‬
‫الطوفان حىت حتدد اللغة من نوح وأبناءه‪ :‬سام‪ ،‬حام‪،‬ويافث‪ .‬وتطورت اللغة‬
‫من أبناء نوح‪ .‬وأكثر اللغة اليت تبقى يف ىذا العادل ىي من سامية‪.‬‬
‫تفرع اللغات يف ىذا العادل من أبناء نوح الثالثة بسسب العوامل ادلباشرة‬
‫اليت تطورت اللغات اليوم إذل لغات كثَتة سلتلفة من بالد كثَتة‪ .‬وفيهم كتابة‬
‫وذلجة خاصة يف تلفيظها‪ .‬وانتشار اللغة يف العادل بسسب العوامل ىذه‪:‬‬

‫‪ 1‬واٌف معرَف‪ ،‬خظائض انعرتٍح َطرائق تذرٌسٍا‪ ،‬ص ‪19‬‬


‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 88 [ ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫عوامل اجتماعية سياسية‪ ,‬عوامل اجتماعية نفسية‪,‬عوامل جغرافية‪,‬عوامل‬


‫شعبية‪ ,‬عوامل جسمية فيزيولوجية‪.‬‬
‫مفهوم اللغة‬
‫تعريف كلمة (اللغة)‪ :‬اللغة مشتقة من لغا – يلغو ‪ -‬لغوا‪ .‬و أما يف‬
‫االصطالح فعرفت بتعريفات عديدة‪ .‬فقال مصطفى الغاليُت يف كتاب جامع‬
‫الدروس‪" :‬اللغة ىي ألفاظ يعرب هبا كل قوم عن مقاصدىم"ٕ‪ ،‬و قال أزتد‬
‫سلتار عمر‪" :‬اللغة ىي كل نطق أو كتابة أو إشارة يعرب هبا كل قوم عن‬
‫مقاصدىم"‪ ،‬و قال أريسطو‪" :‬اللغة ىي الرمز"‪ .‬و لكن أشهر التعريفات ما‬
‫ذكره ابن جٍت أن اللغة أصوات يعرب هبا كل قوم عن أغراضهم"ٖ‪.‬‬

‫نظرية نشأة اللغة‬


‫وقد تنوعت آراؤىم واختلفت مذاىبهم ومع ذلك دل يصلوا يف حبثهم‬
‫إذل نتائج يقينية‪ ،‬بل كان جل آراءىم يصطبغ بالصبغة الشخصية‪ ،‬ودل يتجاوز‬
‫مرحلة الفرض ادلبٌت على الظن واحلدس‪ .‬ويف ذلك يقول "ماريوياى" ‪( :‬فيما‬
‫حيتص بنشأة اللغة وطبيعتها‪ ،‬لدينا مصادر تعتمد على األساطَت واحلديث‬
‫ادلنقول‪ ،‬وادلناقشات الفلسفية‪ ،‬ولكن تنقصنا احلقائق العلمية يف ىذا الصدد)‪.‬‬
‫نلم ىنا إدلاما سريعا ببعض النظريات واآراء‪ ،‬اليت حاول هبا العلماء‬
‫وال بأس أن ّ‬
‫تفسَت نشأة اللغة اإلنسانية‪ ٗ.‬وعدة نظريات لتفسَت ظاىرة نشوء اللغة منها ‪:‬‬

‫ٕ‬
‫مظطفى انغالٌٍه‪ ،‬جامع انذرَس انعرتٍح‪ ،‬ص ‪8‬‬
‫‪3‬أتُ انفتح اته جىً‪ ،‬انخظائض‪ ،33/1 ،‬عانم انكتة‪.‬‬
‫‪4‬واٌف معرَف‪ ،‬خظائض انعرتٍح َطرائق تذرٌسٍا‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫[ ‪ ] 111‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫أ‪ .‬نظرية التوقيفى‬


‫يرى أن اللغة غريزة وإذلام وموىبة فطرية أو توقيف من اهلل تعاذل‪ :‬علم‬
‫اآلدم الكالم واللغة‪ ,‬أو إذلام ىبط على اإلنسان األول فعلمو النطق‪ ,‬وأمساء‬
‫األشياء‪ ,‬أو غريزة انفعل هبا اإلنسان فتكلم‪ .‬وىذه النظرية قددية نادى هبا‬
‫الفيلسوف اليوناىن(ىَتاكليت) (‪ ٘ٚٙ‬ق‪.‬م‪ ٘.).‬وقد قال هبذه النظرية أيضا‬
‫ابن فارس اللغوى يف الصحايب وابن حزم الظاىرى يف اإلحكام‪.‬‬
‫ويستند أصحاب ىذا ادلذىب‪ ,‬إذل أدلة نقلية مقتسبة من الكتب‬
‫ادلقدسة‪ ,‬فاليهودي والنصارى يستدلون دبا ورد يف التوراة من قوذلا ‪ (( :‬وجبل‬
‫الرب اإللو من األرض كل حيوانات الربية‪ ,‬وكل طيور السماء‪ ,‬فأحضرىا إذل‬
‫آدم‪ ,‬لَتى ماذا يدعوىا‪ ,‬وكل ما دعا بو آدم ذات نفس حية‪ ,‬فهو إمسها‪,‬‬
‫‪ٙ‬‬
‫فسمى آدم رتيع البهائم‪ ,‬وطيور السماء ورتيع حيوانات الربية ))‬
‫فكان ابن عباس يقول‪ ((:‬وعلّم آدم األمساء كلها‪ ،‬وىي ىذه األمساء‬
‫اليت يتعارفها الناس‪ ,‬من دابة وأرض وسهل وجبل وزتار‪ ,‬وأشبها ذلك من‬
‫‪ٚ‬‬
‫األمم وغَتىا))‪.‬‬
‫ب‪ .‬نظرية المحاكاة‬
‫ىي نظرية ترى أن اإلنسان أنشأ بداية اللغة عن طريق تقليده لألصوات‬
‫اليت كان يسمعها حولو يف الطبيعية‪ ،‬أصوات الرياح واحليوانات وادلياه‬
‫واألشياء‪ٛ.‬وتسمى مثل ىذه الكلمات عند علماء الغرب‪.Onomatopoeia :‬‬

‫‪5‬تُفٍق محمذ شاٌٍه‪ ،‬عُامم تىمٍح انهغح انعرتٍح‪ ،‬ص ‪55‬‬


‫‪6‬رمضان عثذ انتُاب‪ ،‬انمذخم إنً عهم انهغح‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪7‬وفس انمرجع‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪ٛ‬‬
‫محمذ عم انخُنً‪ ،‬مذخم إنى عهم انهغح‪ ،‬ص‪149‬‬
‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 111 [ ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫ىذه النظرية معروف أيضا باسم نظرية "البو – واو" )‪ (Bow-wow‬عند‬


‫ماكس ميلر )‪ (Max Miller‬وىو من كرب علماء اللغة يف القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫وقد عرض ذلذه النظرية من علماء ادلسلمُت ابن جٌت‪ ،‬فقال ‪( :‬وذىب‬
‫بعضهم إذل أن أصل اللغات كلها‪ ،‬إمنا ىو من األصوات ادلسموعات‪ ،‬كدوى‬
‫الريح‪ ،‬وحنُت الرعد‪ ،‬وخرير ادلاء‪ ،‬وسحيج احلمار‪ ،‬ونغيق الغراب‪ ،‬وصهيل‬
‫الفرس ‪ ...‬وضلو ذلك‪ .‬مث ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد)‪ ٜ.‬أول من دافع‬
‫عن ىذه النظرية من علماء الغرب بالتفصيل العادل األدلاىن (ىردر) ‪ Herder‬يف‬
‫كتابو (البحوث يف نشأة اللغة) الذي نشره سنة ٕ‪ ٔٚٚ‬م‪.‬‬
‫وشلا قد يؤيد ىذه النظرية‪ ،‬ماصلده يف بعض األحيان‪ ،‬من اشًتاك يف‬
‫بعض األصوات‪ ،‬يف الكلمات اليت حتاكى الطبيعية يف عدة لغات‪ ،‬فادلثال‪ ،‬إن‬
‫الكلمة اليت تدل على اذلمس‪ ،‬ىي يف العربية_ كما نعرف‪( :‬مهس)‪ ،‬ويف‬
‫اإلصلليزية ‪ whisper‬ويف ادلانية (فلوسًتن) ‪ flustern‬ويف العربية (صفصف) ويف‬
‫احلبسة (فاصى) ويف تركية (سومسك) ‪ .susmak‬فالعامل ادلشًتك بُت ىذه‬
‫اللغات رتيعها يف تلك الكلمة‪ ،‬ىو صوت الصفَت‪ :‬السُت أو الصاد وىو‬
‫الصوت ادلميز لعملية اذلمس يف الطبيعة‪ ٔٓ.‬دبعٍت أن بُت اللفظ ومذلولة‬
‫مناسبة الطبيعية‪ ،‬حاملة للواضع على أن يضع ىذه اللفظة أو تلك‪ ،‬بإزاء ىذا‬
‫ادلعٌت أو ذاك‪.‬‬
‫ج‪ .‬نظرية المواضيع واإلصطالحات‬
‫يرى أصحاب ىذه النظرية أن اللغة نشأت من اتفاق بُت األفراد يف‬
‫اجملتمع‪ .‬وذكره ابن جٌت‪ ,‬فقال ‪ ((:‬إن أصل اللغة ال بد فيو من ادلواضعة‪،‬‬

‫‪8‬رمضان عثذ انتُاب‪ ،‬انمذخم إنً عهم انهغح‪ ،‬ص ‪115‬‬


‫‪11‬وفس انمرجع‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫[ ‪ ] 115‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫وذالك كأن جيتمع حكيمان أو ثالثة فصاعدا‪ ،‬فيحتاجونا إذل اإلبانة عن‬
‫األشياء‪ ،‬فيضعوا لكل منها مسة‪ ،‬ولفظا يدل عليو‪ ،‬ويغٌت عن إحضاره أمام‬
‫البصر‪ .‬وطريقة ذلك أن يقبلوا مثال على شخص‪ ،‬ويؤمئوا إليو قائلُت ‪:‬‬
‫إنسانا ! فتصبح ىذه الكلمة امسا لو‪ ،‬وإن أردوا مسة عينو أو يده أو رأسو أو‬
‫قدمو‪ ،‬أشاروا إذل الغضو وقالوا ‪ :‬يد‪ ،‬عُت‪ ،‬رأس‪ ،‬قدم ‪ ....‬إخل‪ ٔٔ.‬الرواد يف‬
‫ىذه النظرية ىم ابن اجلٌت‪ ،‬دديوقريطس (الفيلسوفاليوناين)‪ .‬وقد مت بالفعل ىذه‬
‫ٕٔ‬
‫النظرية اليت حبثها الفالسفة اليونانيُت يف القرن اخلامس قبل ادليالد‪.‬‬
‫د‪ .‬نظرية التنفيس عن النفس‬
‫ىذه النظرية تذىب إذل أن اللغة اإلنسانية بدأت يف صورة تعجبية‬
‫عاطفية‪ ،‬صدرت عن اإلنسان ‪ ،‬للتعبَت عن أدلو أو سروره أو رضاه أو نفوره‪،‬‬
‫وما إذل ذلك من األحاسيس ادلختلفة‪ .‬فهذه األصوات الساذجة‪ ،‬قد تطورت‬
‫على مر الزمان‪ ،‬حىت صارت ألفاظا‪.‬ودتتاز ىذه النظرية‪ ،‬بأهنا تعزو نشأة اللغة‬
‫اإلنسانية إذل أمر ذاتى‪ ،‬أي أهنا تعتد بالشعور الوجداين اإلنساين‪ ،‬وباحلاجة‬
‫إذل التعبَت عما جييش بصدر اإلنسان‪ ،‬من انفعاالت وأحاسيس‪.‬‬
‫ولعلها كانت يف األصل رلرد غناء‪ ،‬ينظم بوزنو حركة ادلشي‪ ،‬أو العمل‬
‫اليدوى ‪ ،‬أو صيحة كصيحة احليوان‪ ،‬تعرب عن األدل‪ ،‬أو الفرح‪ ،‬وتكشف عن‬
‫خوف أو رغبة يف الغذاء‪ .‬بعد ذلك لعل الصيحة اعتربت‪ ،‬بعد أن زودت‬
‫بقيمة رمزه‪ ،‬كأهنا إشارة قابلة ألن يكررىا آخرون‪ .‬ولعل اإلنسان وقد وجد يف‬
‫متناول يده ىذا ادلسلك ادلريح‪ ،‬قد استعملو لالتصال ببٌت جنسو‪ ،‬أو إلثارهتم‬

‫ٔٔ‬
‫وفس انمرجع‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪15‬محمذ ته اتراٌٍم انحمذ‪،‬فقً انهغح مفٍُمً َمُضُعح َقضاٌاي‪ ،‬ص ‪56‬‬
‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 113 [ ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫إذل عمل ما أو دلنعهم منو ‪ ....‬ىذا الفرض تبدو عليو سلايل الصدق‪ ،‬وإن دل‬
‫ٖٔ‬
‫يكن شلا ديكن الربىان عليو ‪.‬‬
‫ه‪ .‬نظرية اإلستعداد الفطرى‬
‫ىي النظرية اليت يرى أن اهلل خلق اإلنسان مفطورا على قدرة استحداث‬
‫أدوات اإلتصال اللغوي وأن اإلنسان مفطور على القدرة على التعبَت عن‬
‫انفعاالتو‪ٔٗ.‬أصل اللغة يف ىذه النظرية أن اإلنسان مزود بفطرتو‪ ،‬بالقدرة على‬
‫صوغ األلفاظ الكاملة‪ ،‬كما أنو مطبوع على الرغبة يف التعبَت عن أغراضو‪ ،‬بأية‬
‫وسيلة من الوسائل‪ ،‬غَت أن ىذه القدرة على النطق باأللفاظ‪ ،‬ال تظهر آثارىا‬
‫إال عند احلاجة‪ ،‬أو يف وقت ادلناسب‪.‬‬
‫وىذه النظرية اليت أذاعها اللغوى األدلاىن‪( :‬مكس موللر)‪ ،‬ودعاىا‬
‫نظرية ‪ (:‬دنج دونج ) ‪.Ding Dong‬دعا (مكس موللر) إذل وضع ىذه‬
‫النظرية‪ ،‬مالحظة األطفال‪ ،‬يف حياهتم اليومية احلرة‪ ،‬اليت تدل على أهنم تواقون‬
‫إذل وضع أمساء لألشياء‪ ،‬اليت يروهنا وال يعرفون ذلا أمساء‪ ،‬وأهنم يبتكرون أمساء‬
‫دل يسمعوىا من قبل‪ ،‬إرضاء لرغبتهم الفطرية يف التكلم والتعبَت عن أغراضهم‪،‬‬
‫فاستنبط من مالحظتو ىذه أن اإلنسان مزود بتلك القوة‪ ،‬اليت نشأ عنها‬
‫٘ٔ‬
‫األلفاظ‪.‬‬
‫وعلى ذلك نستطع أن نقول إن األصل يف اللغةىو أن اإلنسان مزود‬
‫بالقدرة على صوغ األلفاظ وىذه القدرة ال تظهر إال عند احلاجة‪.‬‬
‫و‪ .‬نظرية ادلالحظة‬

‫‪13‬وفس انمرجع‪ ،‬ص ‪115‬‬


‫‪14‬محمذ عهً انخُنً‪ ،‬مذخم إنى عهم انهغح‪ ،‬ص ‪149‬‬
‫‪15‬وفس انمرجع‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫[ ‪ ] 114‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫صاحب ىذه النظرية ىو العادل األدلان ‪ ( :‬جيجر )‪ ،‬فقد برىن ىذا‬


‫العادل على أن أقدم ما أمكنو الوصول إليو‪ ،‬مناألصوات اللغوية األوذل‪،‬يعرب عن‬
‫أعمال أو إشارات اإلنسانية‪.‬فإن مشاىدة اإلنسان لغَته ىو متلبس بعمل من‬
‫األعمال اذلامة‪ ،‬أومتأثر حبال انفعالية‪ ،‬أثارت أقصى اىتمامو‪ ،‬وجعلتو يتأثر بو‬
‫تأثرا آليا‪ ،‬بطريق احملاكاة العكسية‪ ،‬فنظر على وجهو عالمات التأثر نفسها‪،‬‬
‫البادية على وجو زميلو‪.‬‬
‫وعلى مر األيام‪ ،‬وبتكرار التجارب ادلتشاهبة‪ ،‬تطورت األصوات إذل‬
‫‪ٔٙ‬‬
‫كلمات‪ ،‬واستغٌت عن اإلشارات كلها‪ ،‬أو بعضها على األقل‪.‬‬
‫وقد أقبل صاحب ىذه النظرية على كثَت من الكلمات ادلستعملة يف‬
‫اللغات األوربية‪ ،‬وأرجعها إذل أصول‪ ،‬تدل على عمل من أعمال اإلنسان‪،‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬األصل اإلغريقى‪ ،‬الذي معناه‪( :‬الكشط) أو (السلخ)‪ ،‬اشتقت‬
‫منو كلمات معانيها‪ :‬اجللد واخلشب والشجر‪ .‬وىنا نرى العالقة واضحة بُت‬
‫ىذه الفروع وأصلها‪ ،‬فإن اجللد ىو ما يسلخ‪ ،‬واخلشب شجر كشط حلاؤه‪،‬‬
‫‪ٔٚ‬‬
‫والشجر مايكشط ليؤخذمنو اخلشب‪.‬‬
‫ز‪ .‬نظرية التطور اللغوي‬
‫قد تأثر واضعو ىذه النظرية بنظرية التطور العام‪ ،‬اليت أذاعها (دارون)‬
‫وحاول أن يربىن على أثرىا يف رتيع النواحي بعامة‪ ،‬ويف حياة الفرد والنوع‬
‫اإلنساين خباصة‪ .‬ويقول على أن النمواللغوي للطفل يشبو تطور لغة النوع‬

‫‪16‬واٌف معرَف‪ ،‬خظائض انعرتٍح َطرائق تذرٌسٍا‪ ،‬ص ‪115‬‬


‫‪17‬وفس انمرجع‪ ،‬ص ‪117‬‬
‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 115 [ ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫اإلنساين‪ .‬ىم يزعمون أن لغة اإلنسان األول‪ ،‬سلكت مراحل فطرية متعددة‪،‬‬
‫‪ٔٛ‬‬
‫متمشية مع مراحل منوه العقلى‪.‬‬

‫تفرع اللغات‬
‫ّ‬
‫إن أمهات اللغات إمنا نشأت من ىجرة بعض طوائف أىل اللسان‬
‫األصلى إذل جهات متعددة مباعدة‪ ،‬فيدفعهم التقاطع إذل نسيان بعض‬
‫الكلمات لعدم استعماذلا يف وطنهم اجلديد أو على حتريفها على طول الزمن‪،‬‬
‫مث ىم يرون يف ىذا الوطن اجلديد ما دل يكون قد ألقوه من أنواع احليوان‬
‫والنبات واجلماد فيضطرون إذل وضع كلمات جديدة لكي تدل على ىذه‬
‫األشياء فيحدث من ذلك أنو تتباعد اللغة الفرعية عن األصلية كلما تباعد‬
‫‪ٜٔ‬‬
‫الزمان وادلكان‪.‬‬
‫يف اإلسالم‪ ،‬يعتقد أن آدم إنسان األول‪ .‬ال أحد على وجو اليقُت‬
‫كيفية نواصل آدم مع ابنائو يف ذالك الوقت‪ .‬يسجل التاريخ تطور اللغة بدأت‬
‫مند نوح وذريتو ‪ :‬سام‪ ،‬حام‪،‬ويافث‪ ٕٓ.‬فنوح ىو األب الثاين بعد آدم‪،‬‬
‫للشعوب البشرية‪ ،‬وعن أوالده الثالثة تفرعت ىذه الشعوب إذل سامية وحامية‬
‫وآرية (يافثة)‪ .‬ونظر بعض الباحثُت اآلخرين إذل موضوع تصنيف اللغات‬
‫البشرية‪ ،‬نظرة الطبيعية‪ ،‬فقسم األجناس تفوقها يف بعض ذلك دتيم‪ ،‬ولكنها‪-‬‬
‫أي قريشية‪-‬باعًتاف من رتيع القبائل وبطواعية واختيار من سلتلف ذلجاهتا‪،‬‬
‫كانت أغزرىا مادة‪ ،‬وأرقها أسلوبا‪ ،‬وأغناىا ثروة‪ ،‬وأقدرىا على التعبَت اجلميل‬

‫‪19‬وفس انمرجع‪ ،‬ص ‪118‬‬


‫‪18‬محمذ شرف انذٌه انجٌُري‪ ،‬فقً انهغح انعرتٍح‪ ،‬ص ‪1‬‬
‫‪51‬كرل ترَكهمان‪ ،‬فقً انهغح انسامٍح‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫[ ‪ ] 116‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫الدقيق األنيق يف أفانُت القول ادلختلفة‪ٕٔ.‬من ذلك نعرف أن اللغة العربية فرع‬
‫من فصيلة كبَتة‪ ،‬يطلق عليها فصيلة اللغات السامية ‪.‬‬
‫وتنقسم اللغات السامية عموما إذل‪ :‬شرقية وغربية‪ .‬أما السامية‬
‫الشرقية‪ ،‬فهي األكادية بفرعيها‪ :‬البابلية واآلشورية‪ .‬وموطن ىذه اللغة‪ ،‬ىو‬
‫بالد ما بُت النهرين‪ ،‬دجلة والفرات يف العراق‪ ( ،‬واللغة األكدية‪ ،‬اسم جامع‬
‫أطل قو البابليون‪ ،‬يف جبوب أرض الرافدين‪ ،‬على لغتهم البابلية‪ ،‬ولغة إخواهنم‬
‫اآلشورين‪ ،‬يف مشال أرض الرافدين‪ .‬وىي كذلك يف اصطالح العلماء احملدثُت‪،‬‬
‫يطلقوهنا على اللهجات البابلية واآلشورية ادلختلفة‪ .‬و(أكاد) يف األصل‪ :‬اسم‬
‫ادلدينة اليت بناىا (سرجون) يف اجلزء الشمارل من أرض بابل‪ ،‬حواذل سنة‬
‫ٖٕٓ٘ م‪ ،‬لتكون عاصمة لدولتو‪ ،‬وىي أول دولة سامية‪ ،‬شهدهنا أرض‬
‫الرافدين)‪ ٕٕ.‬وقد ماتت ىذه اللغة مند قدًن الزمان‪.‬‬

‫لمحة تاريخيّة عن اللّغات الساميّة‬


‫يطلق العلماء اليوم على الشعوب اآلرامية والفينيقية والعربية والعربية‬
‫واليمنية والبابلية — اآلشورية لقب الساميُت‪ .‬وكان العالمة ادلستشرق األدلاين‬
‫شلوتزير ‪ّ Schlozer‬أول من استخدم ىذا اللقب يف إطالقو على تلك‬
‫الشعوب ادلوجود يف التورة‪ ،‬وقد شاركو عادل األدلاين آخر ىو إيكهورن‬
‫‪ —Eichhorn‬يف أواخر القرن الثامن عشر – بتسمية لغات ىذه الشعوب‬
‫"باللغات السامية"‪ .‬والتسمية دل ختًتع اخًتاعاً‪ ،‬فهي مقتبسة من الكتاب‬

‫‪51‬طثحً انظانح‪ ،‬دراساخ‪ ،‬فً فقً انهغح‪،‬انثعح انثاوٍح‪ ،‬ص‬


‫‪55‬رمضان عثذ انتُاب‪ ،‬فظُل فً فقً انعرتٍح‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 117 [ ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫ادلقدس الذي ورد فيو أ ّن أبناء نوح ىم سام وحام ويافث‪ ،‬وأ ّن القبائل‬
‫ٖٕ‬
‫تكونت من ساللتهم‪.‬‬
‫والشعوب ّ‬
‫قال رحبي كمال‪ " :‬اللّغات السامية فتطلق على رتلة اللغات اليت كانت‬
‫حي اليزال يتكلّم بو ماليُت‬
‫شائعة منذ أزمان بعيدة يف آسيا وأفريقيا‪ .‬وبعضها ّ‬
‫البشر‪ ،‬وحيمل كنوزاً غنيّةً من الثقافة واألدب"ٕٗ‪.‬‬
‫و ّأما ادلوطن األصلي للساميُت عند آراء العلماء ونظرياهتم‪ ،‬أمهها‪)ٔ( :‬‬
‫ادلذىب اإلفريقي‪ :‬وصاحبو ىو ادلستشرق "تيودور نولدكو" الذي يقول‪:‬‬
‫"والقرابة الكائنة بُت اللغتُت‪ :‬السامية واحلامية‪ ،‬تدعو إذل اإلعتقاد بأ ّن ادلوطن‬
‫األصلي للساميُت كان يف إفريقا ألنّو من النادر أ ّن احلاميُت كان ذلم موطن‬
‫أصلي غَت القارة السوداء‪ )ٕ( .‬ادلذىب األرميٍت‪ :‬وقد ذىب إذل ىذ ادلذىب‬
‫ادلستشرق الفرنسي "رينان" وغَته‪ ،‬وىم يذىبون إذل أ ّن الساميُت "قد وفدوا‬
‫من أماكن معينة من شعوب أرمينية‪ .‬وىذا الرأي مستم ّد من سفر التكوين‬
‫(ٓٔ‪ٔٔ/‬؛ٕٕ‪ )ٖٔ/ٕٗ-‬الذي يعزو كثَتاً من ىذه الشعوب إذل (أرفكشاد)‪،‬‬
‫وىي تقع على حدود أرمينيا وكردستان"‪ )ٖ( .‬ادلذىب البابلي‪ :‬وشلن ذىب إذل‬
‫ذلك من ادلستشرقُت "إجناتسيو جويدي" و "فريتس ىومل" وغَتمها‪ ،‬فقد‬
‫حاول أ ّن "جويدي" يف حبث لو نشره يف روما سنة ‪ ٜٔٛٚ/ٔٛٚٛ‬م‪ ،‬أن‬
‫يربىن على أ ّن "الوطن األصلي للساميُت يقع أسفل الفرات وىو يريد أن يثبت‬
‫كل لغة من اللغات‬
‫أن ادلفاىم اجلغرافية والنباتية واحليوانية اليت عُ ّرب عنها يف ّ‬
‫موحدة قددية‪ ،‬ىذه ادلفاىم التشَت إال إذل الظروف الطبيعية‬
‫السامية بكلمات ّ‬
‫"ش ِربْصلر" ِ‬
‫و"دي غُ َويو"‬ ‫ِ‬
‫لتلك ادلنطقة‪ )ٗ( .‬ادلذىب العريب‪ :‬ومن أنصاره ْ َْ‬

‫‪53‬طثحً انظانح‪ ،‬دراساخ فً فقً انهغح‪ ،‬ص ‪36‬‬


‫‪54‬رتحً كمال‪ ،‬درَس ان ّهغح انعثرٌّح‪ ،‬ص ‪6‬‬
‫[ ‪ ] 119‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫وس َكايت" وغَتىم‪ ،‬يذىب ىؤالء رتيعاً إذل أ ّن جزيرة العرب‬


‫و"م ْ‬
‫و" َكايْتاين" ُ‬
‫‪55‬‬
‫ىي ادلهد األول للساميُت‪.‬‬

‫العربيّة بين أخواتها الساميّة‬


‫تعول على صالت‬ ‫لعل أفضل النظريات يف تقسيم اللّغات ىي اليت ّ‬ ‫ّ‬
‫كل رلموعة متماثلة أو متشاهبة يف الكلمات وقواعد‬
‫القرابة اللّغويّة‪ ،‬فتنشئ من ّ‬
‫البنية والًتاكيب فصيلة من الفصائل تؤلف بينها غالبا روابط جغرافية وتارخيية‬
‫واجتماعية‪.‬‬
‫وعلى ىذا األساس الحظ العلماء رلموعتُت ىامتُت متميزتُت‪ ،‬مسوا‬
‫إحدامها الفصيلة اذلندية‪-‬األوروبية‪ Indo-Européenne‬واألخرى احلامية–‬
‫السامية ‪ ،Chamito-Sémitiques‬وتنبهوا إذل صالت القرابة بُت اللّغات‬
‫ال ّداخلة حتت كل منهما على ح ّدة‪ ،‬وإذل الصفات ادلشًتكة بُت الفصيلتُت‬
‫كلتيهما‪ ،‬مث جاء مكس مولر ‪ Max Moller‬بتقسيمو الثالثي اللّغات‪ ،‬حُت‬
‫مسّي طائفة من اللّغات األسيوية واألوروبية اليت التدخل حتت الفصيلتُت‬
‫السابقتُت باسم اصطالحي ىو الفصيلة الطورانية ‪ .Touranienne‬وىذه‬
‫الفصيلتُت اذلامتُت‪:ٕٙ‬‬
‫أ‪ .‬الفصيلة اليافثية أو الهندية‪-‬األوروبية‬

‫ىي تلك اجملموعة اليت ترجع إذل ادلتكلمُت هبا من نسل يافث بن نوح‪،‬‬
‫األول‪ ،‬فقيل‪ :‬إنو كان بادلناطق الروسية‪ ،‬بأوروبا‬
‫وقد اختلف يف موطنهم ّ‬

‫‪55‬رمضان عثذ انتُاب‪ ،‬فظُل فً فقً انعرتٍح‪ ،‬انطثعح انسادسح‪ ،‬ص ‪41-39‬‬
‫‪56‬طثحً انظانح‪ ،‬دراساخ فً فقً انهغح‪ ،‬انطثعح انثاوٍح‪ ،‬ص ‪31-58‬‬
‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 118 [ ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫الشرقية‪ ،‬وقيل‪ :‬إنو كان دبناطق حبر بلطيق‪ .ٕٚ‬ويتكلم هبا اآلن كثَت من شعوب‬
‫أوروبا وأمريكا وأسًتاليا وجنوب أفريقيا‪.‬‬
‫وتشمل ىذه الفصيلة عديداً من اللغات‪ ،‬تتلخص يف ذتان طوائف‪:ٕٛ‬‬
‫ٔ‪ .‬اللغات اذلندية والفارسية‪ ،‬وتسمى اللغات اآلرية‪ ،‬وتنتشر يف بالد اذلند‬
‫واإليران‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬اللغات اليونانية‪ ،‬وتشمل اليونانية القددية واليونانية احلديثة (اليت نشأت‬
‫يف القرن السابع ادليالدي)‪ ،‬ولغة اليونان يف عصرنا احلاضر‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬اللغات الرومانية‪ ،‬ومن فروعها (الالتينية) اليت انقسمت إذل ع ّدة لغات‪،‬‬
‫ىي‪ :‬الربتغالية‪ ،‬واألسبانية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬واإليطالية‪ ،‬ولغة رومانية‪.ٕٜ‬‬
‫ٗ‪ .‬اللغات اجلرمانية‪ ،‬شعبتان‪ :‬الغربية والشمالية‪ ،‬فمن فروع القسم الغريب‪:‬‬
‫اإلصلليزية‪ ،‬واذلولندية واألدلانية‪ .‬ومن فروع القسم الشمارل‪ :‬السويدية‪،‬‬
‫والنروجيية‪ ،‬والدمنركية‪.‬‬
‫األول‪ :‬الروسية‬
‫٘‪ .‬اللغات السالفيّة‪ ،‬وىي شعبتان صقلبية وبلطيقية‪ .‬فمن ّ‬
‫والتشيكية‪ ،‬ومن الثاين‪ :‬الربوسية القددية والليتوانية‪.‬‬
‫‪ .ٙ‬اللّغات األرمنية‪.‬‬
‫‪ .ٚ‬اللّغات األلبانيّة‪.‬‬
‫‪ .Les‬وذلا‬ ‫‪Celtes‬‬ ‫‪ .ٛ‬اللغات الكلتية اليت كان ينطق هبا شعوب الكلت‬
‫بقايا يف إقليم أيرلندا والربيتون الواقع يف غريب فرنسا‪.‬‬

‫‪57‬عهً عثذ انُاحذ َافً‪ ،‬عهم انهغح‪ ،‬ص ‪199‬‬


‫‪59‬عثذ انغفّار حامذ ٌالل‪ ،‬انعرتٍّح خظائظٍا َسماتٍا‪ ،‬انطثعح انخامسح‪ ،‬ص ‪56‬‬
‫‪ُ 58‬ركر فً مرجع آخر "انهغاخ اإلٌطانٍح"‬
‫[ ‪ ] 111‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫السامية‬
‫ب‪ .‬الفصيلة الحامية – ّ‬
‫احلامية ىي اللغات اليت ترجع إذل ساللة حام بن نوح‪ ،‬وقد انتشرت يف‬
‫مشارل أفريقيا وشرقيها‪ .‬وىذه الفصيلة تشمل لغات كثَتة منها‪:‬‬
‫ٔ‪ .‬اللّغة الرببرية‪ ،‬و ّأما الرببريّة فهي لغة السكان األصليُت لشمال إفريقيّة‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬اللّغة ادلصريّة القددية‪ ،‬وىي اللغة قبل اتصاذلا باللغة السامية‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬اللغة الكوشيتيّة‪ ،‬فهي لغة السكان األصليُت للقسم الشرقي من إفريقيّة‪.‬‬
‫اللغات السامية تقسم إذل‪ :‬شرقية وغربية‪ ،‬كما تقسم الغربية إذل غربية‬
‫‪31‬‬
‫مشالية وغربية جنوبية‪.‬‬

‫ج‪ .‬فصائل اللغات اإلنسانية األخرى‬


‫ّأما بقيّة اللّغات اإلنسانية األخرى فقد ذىبت رتعية علم اللّغة ببارس‬
‫إذل قسمتها إذل تسعة عشر فصيلة‪ ،‬أمههأٖ‪:‬‬
‫ٔ‪ .‬اللّغات الطورانية‪ ،‬كالًتكيّة وادلغوليّة وادلنشورية‪ ،‬وهبا مسي ماكس مولر‬
‫رتيع الفصائل الباقية على سبيل اإلصالح اخلاص‪.‬‬
‫ٕ‪ .‬اللّغات اليابانيّة‪.‬‬
‫ٖ‪ .‬اللّغات الصينيّة – التيبتية‪.‬‬
‫ٗ‪ .‬اللّغات الكورية (لسكان جزيرة كورية)‪.‬‬
‫٘‪ .‬اللّغات القوقازيّة (ويستثٌت منها اللّغات القوقازيّة السامية واذلندية‬
‫األوروبيّة)‪.‬‬

‫‪31‬أحمذ محمذ‪ ،‬قذَر‪ .‬مذخم إنى فقً ان ّهغح انعرتٍّح‪ ،‬ص ‪58-59‬‬
‫‪31‬عثذ انغفّار‪ ،‬انعرتٍّح خظائظٍا َسماتٍا‪ ،‬ص ‪59‬‬
‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 111 [ ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫‪ .ٙ‬اللغات البنطوية‪ ،‬ادلنتشرة يف منطقة كبَتة من جنوب أفريقية كالصومال‬


‫والكامَتون‪.‬‬
‫‪ .ٚ‬لغة السودان وغانة‪.‬‬
‫ومنها األندونيسية‬ ‫‪Malayo-Polynésiennes‬‬ ‫‪ .ٛ‬اللغات ادلاليوية البولينزية‬
‫وادلالنيزية‪.‬‬
‫‪ .ٜ‬اللغات االسًتالية اآلسيوية‪ ،‬وتنتشر يف اجلزء اآلسيوي اجلنويب ادلنحذر إذل‬
‫اسًتاليا‪.‬‬
‫ٓٔ‪ .‬اللغات الدرافية‬
‫ٔٔ‪ .‬اللغات األمريكية‬
‫ٕٖ‬
‫ٕٔ‪ .‬لغات البوشيمان واذلرتنتوت والنيجريُت‪ ,‬وغَت ذلك‬

‫العوامل المباشرة في تفرع اللغة إلى لهجات ولغات‬


‫يرجع السبب الرئيسى يف ىذا التفرع إرل انتشار اللغة يف مناطق سلتلفة‬
‫واسعة‪ ،‬واسخدامها لدى رتاعات كثَتة العدد وطوائف سلتلفة من الناس‪ .‬غَت‬
‫أن ىذا السبب اليؤدى إذل ذلك بشكل مباشر‪ ،‬بل يتيح الفرص لظهور‬
‫عوامل أخرى تؤدي إذل ىذه النتيجة‪ .‬وباستقراء ىذه العوامل يف ادلاضي‬
‫ٖٖ‬
‫واحلاضر يظهر أن أمهها يرجع إذل الطوائف اآلتية‪:‬‬
‫وىناك التصنيف النوعي الذي يعتمد على اخلصائص الصرفية والنحوية‬
‫للغات‪ .‬وىناك التصنيف السالرل الذي يعتمد على انتساب اللغة إذل ساللة‬
‫ٖٗ‬
‫أو عائلة لغوية وتفرعها من تلك العائلة اللغوية‪.‬‬

‫‪35‬اوظر‪َ :‬افً‪ ،‬عهم انهغح‪ ،‬ص ‪519 -178‬‬


‫‪33‬عهً عثذ انُاحذ َافى‪ ،‬وشأج انهغح عىذ اإلوسان َانطفم ‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪34‬محمذ عهً انخُنً‪ ،‬مذخم إنى عهم انهغح‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫[ ‪ ] 115‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬
‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫حسب التصنيف اجلغرايف‪ ،‬تنقسم اللغات إذل التجمعات اآلتية‪ :‬اللغة‬


‫اآلسيوية‪ ،‬اللغة اإلفريقية‪ ،‬اللغة األوروبية‪ ،‬اللغة األمريكية‪,‬اللغة األسًتالية‪.‬‬
‫وحسب ال تصنيف السالرل‪ ،‬تنقسم اللغات إذل العائالت اآلتية‪ :‬العائلة اذلندية‬
‫األوروبية‪ ،‬العائلة احلامية السامية‪ ،‬والعائلة الطورانية‪.‬‬

‫خالصة‬
‫اللغة اليت حبثت يف الًتاث العريب ىي كل ما من رموز‪ ,‬وكتابة‪,‬‬
‫وإشارة‪ ,‬وأصوات الذي يعرضو اإلنسان عن أغراضو وأفكاره‪ .‬اختلفت النظرية‬
‫عن نشأة اللغة األوذل‪ .‬وأما نظرياهتا فهي نظرية التوفيقي اليت رأت أن اللغة اليت‬
‫علمها أدم عليو السالم ىي أذلام وموىبة وتوفيق من اهلل‪ .‬ونظرية احملاكاة ىي‬
‫أن اللغة نشأت من طريق التقليد الذي يسمعها اإلنسان حول الطبيعة‪ .‬ونظرية‬
‫ادلواضيع واإلصطالحات‪ ,‬أن اللغة عند ىذه النظرية نشأت من اتفاق بُت‬
‫األفراد يف اجملتمع‪ .‬ونظرية التنفيس عن النفس‪ ,‬أن اللغة اإلنسانية بدأت يف‬
‫صورة تعجبية عاطفية‪ ،‬صدرت عن اإلنسان ‪ ،‬للتعبَت عن أدلو أو سروره أو‬
‫رضاه أو نفوره‪ ،‬وما إذل ذلك من األحاسيس ادلختلفة‪.‬‬
‫ونظرية اإلستعداد الفطرى‪ ,‬ىي أن اهلل خلق اإلنسان مفطورا على‬
‫قدرة استحداث أدوات اإلتصال اللغوي وأن اإلنسان مفطور على القدرة على‬
‫التعبَت عن انفعاالتو‪ .‬ونظرية ادلالحظة‪ ,‬يرى ىذه النظرية أن اللغة ىي ما ديكن‬
‫أقدم ما أمكنو الوصول إليو‪ ،‬مناألصوات اللغوية األوذل‪،‬يعرب عن أعمال أو‬
‫إشارات اإلنسانية‪ .‬والنظرية بنظرية التطور العام‪.‬‬

‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 113 [ ٕٓٔٚ‬‬


‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫وتنقسم اللغات السامية عموما إذل‪ :‬شرقية وغربية‪ .‬أما السامية‬


‫الشرقية‪ ،‬فهي األكادية بفرعيها‪ :‬البابلية واآلشورية‪ .‬وموطن ىذه اللغة‪ ،‬ىو‬
‫بالد ما بُت النهرين‪ ،‬دجلة والفرات يف العراق‪ ( ،‬واللغة األكدية‪ ،‬اسم جامع‬
‫أطلقو البابليون‪ ،‬يف جبوب أرض الرافدين‪ ،‬على لغتهم البابلية‪ ،‬ولغة إخواهنم‬
‫اآلشورين‪ ،‬يف مشال أرض الرافدين‪.‬‬

‫المراجع‬
‫أبو الفتح ابن جٍت‪ .‬اخلصائص‪ ،ٖٖ/ٔ ،‬عادل الكتب‪.‬‬
‫توفيق زلمد شاىُت‪ .‬عوامل تنمية اللغة العربية‪ ،‬القاىرة‪ :‬مكتبة وىبة‪.ٜٔٛٓ ،‬‬
‫رحبي كمال‪ .‬دروس اللّغة العربيّة‪ ،‬بَتوت‪ :‬دار العلم للماليُت‪.ٜٖٔٙ ،‬‬
‫رمضان عبد التواب‪ .‬فصول يف فقو العربية‪,‬قاىرة‪ :‬مكتبة اخلاصلي‪ ٜٜٜٔ ،‬م‪.‬‬
‫_________‪ .‬ادلدخل إرل علم اللغة‪ ،‬الرياض‪ :‬دار الرفاعى‪ ،‬الطبعة‬
‫األوذل‪ٜٕٔٛ ،‬م‪.‬‬
‫صبحي الصاحل‪ .‬دراسات يف فقو اللغة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬بَتوت‪ :‬ادلكتبة األىلية‪،‬‬
‫‪.ٜٕٔٙ‬‬
‫عبد الغ ّفار حامد ىالل‪ .‬العربيّة خصائصها ومساهتا‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪ ،‬القاىرة‪:‬‬
‫مكتبة وىبة‪.ٕٓٓٗ ،‬‬
‫علي عبد الواحد وايف‪ .‬علم اللغة‪ ،‬القاىرة‪ :‬دار هنضة مصر‪.ٜٕٔٙ ،‬‬
‫__________‪ .‬نشأة اللغة عند اإلنسان والطفل‪ ،‬جدة‪ :‬دار هنضة مضر‬
‫للطبع والنشر‪.ٜٔٛٛ ،‬‬

‫[ ‪ ] 114‬التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪ٕٓٔٚ‬‬


‫ٌاشم أشعري‪ ،‬نظرية نشأة اللغة وتف ّرعها في التراث العربي‬

‫كرل بروكلمان‪ .‬فقو اللغة السامية‪ ،‬رياض‪ :‬ادلملكة العربية السعودية‪.ٜٔٚٚ ،‬‬
‫زلمد بن ابراىيم احلمد‪ .‬فقو اللغة مفهومو وموضوعة وقضاياه‪ ،‬رياض‪ :‬ادلملكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬
‫زلمد علي اخلورل‪ .‬مدخل إذل علم اللغة‪ ،‬األردن‪ :‬دار الفالح للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫ٕٓٓٓ‪.‬‬
‫زلمد شرف الدين اجلوىري‪ .‬فقو اللغة العربية‪ ،‬سورابايا‪ :‬اجلامعة اإلسالمية‬
‫احلكومة‪.ٜٔٚٔ ،‬‬
‫مصطفى الغاليُت‪ .‬جامع الدروس العربية‪ ،‬ط االوذل‪ ،‬بَتوت ‪ :‬ادلكتبة العصرية‬
‫ٕٗٓٓ‪.‬‬
‫نايف معروف‪ .‬خصائص العربية وطرائق تدريسها‪ ،‬لبنان‪ :‬دار النفس‪.ٜٜٔٔ،‬‬

‫التدريس‪ :‬اجمللد اخلامس‪ -‬العدد األول‪ -‬يونيو ‪] 115 [ ٕٓٔٚ‬‬

You might also like