You are on page 1of 6

‫مفهوم االلتزام‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫‪   ‬إنّ قانون اإللتزامات مادة أساسية في تكوين طلبة الحقوق‪ ،‬كونها تشكل الجدع المشترك‪  ‬لكافة المواد القانونية‪،‬‬
‫وبصفة عامة تعتبر قواعد قانون االلتزامات و مرجعا أساس ًيّا لباقي المواد‪ ،‬وهو جزء أساسي من القانون المدني‪ ،‬ويكون‬
‫برنامج دراسة السداسيين الثالث والرابع ليسانس في الحقوق‪.‬‬

‫‪   ‬فلقد نظم المشرع االلتزامات في الكتاب الثاني من القانون المدني تحت عنوان‪ ":‬االلتزامات والعقود"‪ ،‬والجدير‬
‫بالمالحظة أنّه ال يمكن أن ننكر= القيمة العلمية والعملية لنظرية اإللتزامات‪ ،‬كونها أساس علم القانون ومناط دراسته‬
‫وتطبيقه‪ ،‬حيث تستمد هذه النظرية قوتها وأهميتها من أهمية وقوة القانون الذي تنتمي إليه وهو القانون المدني‪ ،‬إلعتباره‬
‫الشريعة العامة التي يجب الرجوع إليها في كل الحاالت التي يخلو حكم النزاع من نص خاص‪.‬‬

‫‪   ‬ونظرية اإللتزام تشمل العديد من المواضيع‪ ،‬منها ما يتعلق بقواعد عامة‪ ،‬ويندرج ضمنها خاصة مصادر اإللتزام‬
‫وأحكام اإللتزام‪ ،‬ومنها ما يتعلق بقواعد خاصة‪ ،‬تتعلق ببعض العقود المسماة واإللتزامات الخاصة سواء كانت متضمنة‬
‫في القانون المدني أو في قوانين خاصة‪.‬‬

‫‪   ‬وتعد مصادر اإللتزام من المواضيع= المهة لما تحتويه من أحكام وقواعد ال يمكن في أي حال من األحوال أن يستغني‬
‫عنها دارس القانون أو مطبقه أو شارحه‪ ،‬فالجهل بها هو جهل بأصل القانون وجهل بمقتضياته= ومبادئه‪ ،‬فالقانون ليس‬
‫شرحا وتطبيقًا‪.‬‬
‫ً‬ ‫نصوصً ا مدونة فحسب‪ ،‬بل هو أيضً ا مبادئ عامة ال يمكن في غيابها الوصول إلى سليم القانون‬

‫‪    ‬وتهتم نظرية االلتزام بعالقات الفرد بغيره من حيث المال‪ ،‬إذ تدخل في دائرة إختصاصها= كل عالقات التبادل‬
‫اإلقتصادي القائمة بين أفراد المجتمع تلبية لحاجياتهم اليومية المختلفة والمتنوعة‪ ،‬كما تشمل هذه النظرية جبر األضرار=‬
‫التي قد تلحق بالغير في ذاته أو ممتلكاته في إطار النشاطات االقتصادية واالجتماعية= والثقافية وغيرها‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم االلتــزام‬

‫‪  ‬حتى نحدد تعريف اإللتزام يقتضي األمر إبراز المقصود بهذا المصطلح وفقا للمذهب الشخصي ثم المذهب المادي ثم‬
‫موقف التشريع الجزائري من هذه المفاهيم ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف االلتــــــــــزام‬

‫‪    ‬االلتزام هو عالقة قانونية ذات قيمة مالية وهو يتميز عن حقوق غير مالية والحقوق اللصيقة بالشخصية كحق‬
‫اإلنسان في الحياة وحقه في صورته واسمه وحقوق األسرة كحقوق الزوجة واألبناء= وتسمى العالقة القانونية ذات القيمة‬
‫المالية بااللتزام ‪.‬‬

‫أن االلتزام حالة قانونية يرتبط بمقتضاه شخص معين ينقل حق عيني أو بالقيام بعمل أو باالمتناع= عن عمل‪.‬‬

‫الفرع االول‪ :‬االلتزام وفق المذهب الشخصي ‪.‬‬

‫‪      ‬يرى الفقيه سافيني‪" ‬أن االلتزام ليس إالّ رابطة شخصية تُخضع المدين للدائن"‪ ‬أي‪" ‬سلطة للدائن‬
‫على المدين" ‪ ،‬فالدائن في هذا التعريف يمنح سلطة على شخص المدين تشبه إلى حد كبير السلطة التي يخولها الحق‬
‫العيني لصاحبه‪ ،‬فيستطيع الدائن وفقًا لهذه السلطة واقتضاء للحصول على حقه من المدين في حالة إمتناعه عن التنفيذ‬
‫أن ينفذ على جسم المدين‪ ،‬وذلك باسترقاقه أو إعدامه أو بحبسه عنده لحين قيامه بالتنفيذ‪ ،‬وهذا ما كان عليه الحال إبان‬
‫القانون الروماني القديم‪ ،‬لكن سرعان ما تلطفت هذه السلطة وأصبحت مقصورة على إمكان الدائن حبس المدين حال‬
‫تطور القانون الروماني‪.‬‬

‫‪  ‬ووفقًا لهذه النظرية فإن اإلرادة المنفردة ال تعد مصدر من مصادر االلتزام‪ ،‬ألن أحد الشخصين غير موجود وقت‬
‫إنشاء االلتزام ‪ ،‬وهو الدائن عادة‪.‬‬

‫الفرع الثانـي‪ :‬االلتزام وفق المذهب المادي‬

‫‪    ‬هاجم كثير من الفقه االلماني النظرية الشخصية في االلتزام وعلى رأسهم الفقيه جيرك ‪ Gierke‬وعمال على تحرير‬
‫قانونهم من النظريات الرومانية ‪ ،‬واستند أنصار هذه النظرية في عنايتهم= بمحل االلتزام كأداء يقوم به المدين والمنفعة‬
‫التي يحصل= عليها الدائن ‪ ،‬مما يساعد على رواج النشاط التجاري وتتداول الحقوق الشخصية كما وجدوا في النظرية‬
‫المادية تفسيرً ا للكثير من المسائل القانونية التي ال تفسير للنظرية الشخصية لها كااللتزام بإرادة المدين المنفردة ودون‬
‫تعيين شخص الدائن وقت نشوء االلتزام‪  ‬مثل الوعد بالجائزة الموجه للجمهو‪.‬‬

‫‪   ‬وبالتالي فإن العنصر الجوهري في االلتزام هو محله بحيث أصبح عنصرً ا= ماليًا أكثر ممّا هو رابطة شخصية بين‬
‫الدائن والمدين‪ ،‬ويترتب على هذا التصور بعض النتائج أهمــــــها ‪:‬‬

‫‪‬‬ ‫‪ .‬االعتداد باإلرادة المنفردة كمصدر من مصادر االلتزام‬


‫‪‬‬ ‫‪.‬صحة االشتراط لمصلحة الغير وكذا حوالة الدين أو الحق‬

‫الفرع الثالــث‪ :‬موقـــف المشـــرعـ الجزائـري‬

‫‪    ‬نظرً ا لغياب تعريف قانوني بقي الرجوع ‪ ‬لموقف المشرع من هذه المذاهب واآلراء المختلفة بعرض أسباب القانون‬
‫المدني وبعض أحكامه‪ ،‬حيث يتضح من عرض هذه األسباب أن قواعد القانون المدني مستمدة من القيم‪  ‬العربية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ونستخلص من عناصر التقدير هذه أن المشرع انحاز إلى النظرية الشخصية في تعريف االلتزام وهو ما‬
‫تؤكده بعض أحكام القانون المدني التي أقر المشرع صراحة من خاللها في الصياغة األولى للقانون لمدني في سنة‬
‫‪ 1975‬أربعة مصادر االلتزام وخصص كل واحد منها بفصل مستقل في الباب األول من الكتاب الثاني للقانون المدني ‪،‬‬
‫ولكن عند االطالع عن المضمون يظهر انه اعتمد في الحقيقة مصدرا خامسا هو اإلرادة المنفردة كما يتجلى ذلك في‬
‫المادة ‪ 150‬قانون مدني الملغاة و المتعلقة بالوعد بالجائزة‪.‬‬

‫المطلب الثانــي ‪ :‬تقسيمات االلتزامات‬

‫‪     ‬تختلف تقسيمات االلتزام حسب المعيار الذي ينظر من خالله له ‪ ،‬ومن أهم هذه المعايير نجد تقسيمه من حيث األثر‬
‫ثم من حيث المحل ثم من حيث المضمون ‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬تقسيم االلتزام من حيث األثـــــــــر‬

‫أوالً‪ :‬االلتزام المدنـــي‪  ‬‬

‫‪     ‬االلتزام المدني هو الذي يجبر المدين على وفائه ‪ ،‬ذلك ان هذا االلتزام يجتمع فيه عنصر المديونية‬
‫والمسئولية‪  ،‬ويستفيد هذا االلتزام من الحماية القانونية الكاملة حيث يكون من حق الدائن عند اقتضاء األمر مطالبة‬
‫المدين أمام المحاكم المختصة‪ ،‬وله أن يكرهه بشتى الطرق القانونية لتنفيذ التزامه بالعالقة القانونية والعالقة القانونية‬
‫هي تلك التي يعتد بها المجتمع ويحميها بالطرق المقررة لذلك ‪.‬‬
‫‪   ‬ويالحظ أن االلتزامات المدنية في اغلب األحوال تقوم على واجبات أخالقية باعتبار أن األخالق من‬
‫األسس التي يستند إليها القانون‪ ،‬إال أنّ القانون لم يجعل كافة الواجبات الخلقية التزامات مدنية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا‪ :‬االلتزام الطبيعـــــي‬

‫‪     ‬االلتزام الطبيعي هو االلتزام الذي ال يتقيد من الحماية القانونية الكاملة إذ ال يمكن إكراه المدني على تنفيذ إلتزامه‬
‫وهذه الحالة استثنائية ألنه من بين الوظائف الرئيسية للقانون إكراه المدنيين على تنفيذ التزاماتهم ويعتبر االلتزام الطبيعي‬
‫من الحقوق والناقصة أي الحقوق التي يعترف بها القانون‪ ،‬غير أنه ال يعطي لصاحبها وسائل إكراه المدين على تنفيذها‬
‫بل هي أصل غير قابلة للتنفيذ الجبري‪ ،‬فاللتزام الطبيعي هو التزام قانوني جعله المشرع الجزائري سبيالً للوفاء فال‬
‫يستطيع المدين أن يسترد ما أداه تنفيذ االلتزام الطبيعي‪ ،‬كما أن تنفيذ االلتزام الطبيعي يعد وفاء ال تبرعً ا أو هبة غير أن‬
‫تنفيذه يكون دائ ًم ا باختيار المدين وال يخضع إال لضميره‪ ،‬وهناك من يرى في هذا الشأن أن االلتزام يكون من عنصرين‬
‫المديونية الذي يتضمن الدين وعنصر المسؤولية الذي يسمح بإكراه المدين على تنفيذ التزامه وإذا كان التزام المدين‬
‫يشمل العنصرين فإن االلتزام الطبيعي يفتقر لعنصر المسؤولية ممّا يجعله قابالً للتنفيذ االختياري دون التنفيذ الجبري‪ .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تقسيم االلتزام من حيث المحل‬

‫‪    ‬نقصد بمحل االلتزام الشيء الذي التزم به المدين نحو الدائن‪ ،‬ولقد اعتمد المشرع الجزائري في هذا الشأن إلى‬
‫تقسمين‪ ،‬يعود األول للقانون الروماني وهو التقسيم التقليدي‪ ،‬بينما= أخذ الثاني عن الفقه الفرنسي الذي استحدثه مع مطلع‬
‫القرن الماضي والتقسيم الحديث‪.‬‬

‫أوالً ‪ :‬التقسيــم التقليـدي‬

‫طبقًا للمادة ‪ 54‬من القانون المدني فااللتزام ثالثة أنواع ‪ :‬التزام بمنح أو إعطاء‪ ،‬وااللتزام بفعل‪ ،‬وااللتزام باالمتناع= عن‬
‫عدم فعل شيء ما ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ .1‬االلتزام بمنح أو إعطاء‬

‫‪   ‬إن المعنى القانوني لكلمة منح مختلف عن المعنى اللغوي ‪ ،‬وهذا المصطلح هو ترجمة لكلمة الفرنسية ‪Donner‬‬
‫المأخوذة من الكلمة الالتينية ‪ Dane‬التي تفيد نقل حق الملكية أو حق عيني‪ ،‬فعقد البيع مثال يرتب على البائع االلتزام‬
‫بمنح وعليه أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حق ماليا أخر مقابل ثمن نقدي طبقا المادة ‪ 351‬قانون مدني‪ ،‬إن نقل ملكية‬
‫شيء أو حق من شخص المدني التي شخص الدائن هو معيار االلتزام بمنح بغض النظر عما إذا كان ذلك بمقابل أن‬
‫بدون مقابل‪.‬‬

‫‪  .2‬االلتزام بفعل‬

‫‪      ‬يقوم المدين بمقتضى هذا االلتزام بعمل أو نشاط معين لفائدة الدائن كالبائع الذي يلتزم بتسليم المبيع إن مثل هذه‬
‫االلتزامات متعددة ومختلفة وقد ذكر المشرع في الباب التاسع تحت عنوان (العقود الواردة على العمل عقد المقاولة عقد‬
‫الوكالة وعقد الوديعة وعقد الحراسة‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ .3‬االلتزام باالمتناع عن عدم فعل شيء ما‬

‫‪ ‬‬

‫‪     ‬بمقتضى هذا االلتزام بمنع المدين عن القيام بعمل معين فالمادة ‪ 691‬مدني تمنع المالك من التعسف في استعمال‬
‫حقه إلى حد يضر بملك الجار وتقضي المادة ‪ 361‬مدني المستأجر من يحدث بالعين المؤجرة تغييرا وقد يتعهد كذلك‬
‫بعدم فتح محل تجاري نحو المشتري بعدم تشغيل عامل سابقا له وقد يتعهد كذلك بعدم فتح محل تجاري مماثل في نفس‬
‫لحي لمدة معينة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيًا ‪ :‬التقسيم الحديــث‬

‫‪     ‬أخذ المشرع بهذا التقسيم حيث أشار إليه في عدة مواد من القانون المدني منها ‪ 172‬و ‪ 576‬و‪ 607‬قانون مدني‬
‫جزائري‪ ،‬وفي الحقيقة أن هذا التقسيم يتعلق أساسًا بااللتزام بفعل ألن االلتزام بمنح وااللتزام بعدم فعل شيء ما‬
‫يستلزمان دائما تحقيق نتيجة معينــــــــة ‪.‬‬

‫االلتزام بتحقيق نتيجة ‪1.‬‬

‫‪     ‬االلتزام بنتيجة أو االلتزام بتحقيق غاية محددة هو االلتزام يتعهد بمقتضاه المدين بتحقيق نتيجة محددة وما لم تتحقق‬
‫هذه النتيجة يكون مسؤوال أمام الدائن لكونه لم يقم بتنفيذ التزامه‪ ،‬فالشخص في مثل هذا االلتزام مدين بتحقيق نتيجة‬
‫معينة بحيث يفترض خطأه ومن ثم قد تقوم مسؤولية لمجرد أن الغاية المنتظرة ‪ -‬والتي هي محل التزامه ‪-‬لم تتحقق ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫االلتزام ببذل عنايــــــة‪1.  ‬‬

‫‪      ‬االلتزام ببدل عناية أو االلتزام بوسيلة لتحقيق غاية معينة‪ ،‬حيث يتعهد المدين ببدل جهد وعناية للوصول إلى الغرض‬
‫سواء تحقق هذا الغرض أو لم يتحقق‪ ،‬فالطبيب مثالً يلتزم بمعالجة المريض ودون أن يضمن الشفاء‪ ،‬ويتمثل محل‬
‫االلتزام ببذل عناية في الجهد أو العناية التي يبدلها المدين في تنفيذ التزامه‪ ،‬وأما النتيجة التي ترمي إلى تحقيقها هذه‬
‫الجهود فهي خارجة على االلتزام في حد ذاته‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تقسيم االلتزام من حيث المصدر‬

‫أوالً‪ :‬المصادر اإلرادية‬

‫‪   ‬المصادر اإلرادية هي تلك التي تكون فيها اإلرادة هي السبب المنشئ سواء أكان ذلك بإرادة منفردة أو بإتفاق إرادتين‬
‫فالعبرة في هذا التصنيف هي بإرادة الشخص أو األشخاص التي ترمي إلى إنشاء االلتزام ‪ ،‬وبعبارة أخرى يكون‬
‫المصدر إراديًا متى كان الشخص يريد تحمل االلتزام بمحض إرادته نحو شخص ثاني وتسمى هذه المصادر أيضً ا تسمية‬
‫التصرفات القانونية والتي تنقسم إلى نوعين‪:‬‬

‫‪    ü‬العمل أو التصرف القانوني من جانب واحد أو االلتزام بإرادة منفردة وهو االلتزام الذي ينشأ بإرادة المدين فقط‬
‫كالوصية والوعد بالجائزة ‪.‬‬
‫‪    ü‬العقد وهو تصرف قانوني ينشأ عن إرادتين أو أكثر لألشخاص لهم على العموم مصالح متضاربة= ‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬المصادر غير اإلراديـة‬

‫‪    ‬تتمثل المصادر غير اإلرادية في األقوال أو األفعال اإلرادية وغير اإلرادية المنشئة لاللتزام والتي يرتب عليها‬
‫القانون أثار ففي حالة الفعل اإلرادي تنسب اآلثار للفعل إال اإلرادة‪ ،‬ألن الفاعل ال يرغب في إنشاء االلتزام‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫للقول فأنه يكون دائمًا إراديًا غير أن إرادة الشخص لم يتصرف إلى تحمل االلتزام بل انصرفت إلى التعدي على‬
‫الشخص فقط كأن يقوم شخص بشتم أخر فالغرض في هذا القول هو الشتم وليس تحمل االلتزام ‪.‬‬

‫‪    ‬وذلك يجبر الضرر الذي أصاب الصحة من جزاء والشتم بل كل ما‪  ‬كان يريده الفاعل هو التعدي على شخص‬
‫الصحية وقد تكون هذه المصادر غير اإلرادية أفعاال أو أقواالً غير مشروعة وقد تكون أفعاال نافعة كالفضالة‪ ،‬ويطلق‬
‫على هذه األقوال واألفعال تسمية (الوقائع القانونية وتتميز عن الوقائع المادية التي يرتب عليها القانون آثارً ا)‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مصــــادر االلتـــــــزام‬

‫‪        ‬نقصد بمصدر االلتزام السبب القانوني المنشئ له‪ ،‬ويرجع إلى القانون نشاة جميع االلتزامات‪ ،‬فال يقوم أي التزام‬
‫إال إذا أقره القانون واعترف به‪ ،‬حيث يعد مصدرا غير مباشر لها‪ ،‬ألنه يعلق نشوءها على حدوث وقائع محددة تعد‬
‫بمثابة المصدر المباشر لها‪ ،‬فااللتزامات الناشئة عن العقد وعن العمل غير المشروع ‪ ،‬مصدرها القانون لكون القانون‬
‫هو الذي جعلها تنشأ من مصادرها فحدد أركانها وبين أحكامها‪ ،‬فهذه االلتزامات لها مصدر مباشر تنشأ عنه مباشرة‪،‬‬
‫وهو إ ّما العقد أو االرادة المنفردة ‪ ،‬أما مصدرها غير المباشر فهو القانون‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العقـــــــــد‬

‫‪    ‬العقد لغة ‪ :‬كلمة تفيد الربط بين أطراف الشيء والعقد كمصطلح قانوني عرفه المشرع في المادة ‪ 54‬قانون مدني‬
‫على النحو التالي العقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص نحو أشخاص آخرين بمنح أو فعل شيء ما العقد هو‬
‫توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين يتمثل هذا األثر بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما‪ ،‬أي أن اإلرادتين‬
‫تتجهان إلى إنشاء التزام أو نقله وبهذا فالعقد أخص من االتفاق باعتبار العقد تتجه فيه اإلرادتان إلى إنشاء عالقة مُلزمة‪،‬‬
‫فاالتفاق ال يكون عقدًا إال إذا كان منشئ لاللتزام أو ناقالً له‪ ،‬وليس كل اتفاق يمكن أن يكون عقدًا في حين أن كل عقد‬
‫يمكن أن يكون اتفا ًقا‪.‬‬

‫‪ ‬والمثال على إنشاء التزام كعقد البيع= الذي ينشئ التزام في جانب كل من البائع والمشتري‪.‬‬

‫المطلب الثانـي‪ :‬اإلرادة المنفـــردة‬

‫‪   ‬اإلرادة‪ ‬المنفردة‪ ‬هي تصرف قانوني يصدر عن شخص بهدف إحداث أثر قانوني‪ ،‬ومن دون حاجـة إلى إرادة ثانية‬
‫تتوافق معها‪ ،‬وال شك في أن اآلثار القانونية التي يمكن أن ترتبهـا‪ ‬اإلرادة المنفـردة‪ ‬متنوعة؛ فيمكن‬
‫لإلرادة‪ ‬المنفردة‪ ‬أن تنقل حقا عينيا‪ ،‬كما في الوصية‪ ،‬ويمكن أن تزيل هذا الحق‪ ،‬كما في التنازل= عن حق عيني‪.‬‬

‫‪   ‬ويقضي هذا المبدأ بأن اإلرادة وحدها القادرة على إنشاء االلتزام دون اشتراط إجراء أو شكل خاص‪.‬‬
‫‪   ‬فالعقد يبنى أساسًا على اإلرادة ويعد ترجمة لمبدأ سلطان اإلرادة والتي تعني قدرتها على إنشاء العقد أو العمل‬
‫القانوني وكذلك حريتها في ترتيب اآلثار التي تترتب على هذا العقد‪.‬‬

‫‪   ‬هذا وقد شهد مبدأ سلطان اإلرادة في العصور الحديثة الكثير من االنتقادات في كثير من الحاالت السيما منذ أن‬
‫ظهرت المبادئ االشتراكية مما أدّى إلى انتكاسها وتراجعها في العديد من العقود‪.‬‬

‫المطلب الثالـث‪ :‬القانـــون‬

‫‪   ‬لقد اعتبر المشرع الجزائري القانون مدر من مصادر االلتزام وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 43‬من القانون المدني‬
‫تسري عن االلتزامات الناجمة مباشرة عن القانون دون غيرها النصوص القانونية التي قررتها‪.‬‬

‫المطلب الرابــع ‪ :‬أشباه العقـــود‬

‫‪    ‬إنّ أشباه العقود حسب ما نص عليها القانون المدني هي اإلثراء= بال سبب الدفع غير المستحق و أعمال الفضالة ‪.‬‬

‫‪ ‬أوالً ‪ -‬اإلثراء بال سبب‪ :  ‬يقصد به أنه من أثرى من عمل الغير وشيء لدى الغير وترتب عن ذلك افتقار في جانب‬
‫الطرف الثاني ‪ ،‬فان المثرى يلتزم بتعويض ما أثري به دون وجه حق‪ ،‬ويعتبر اإلثراء= بدون سبب مصدرً ا مهمًا لاللتزام‬
‫في القانون المدني‪ ،‬مما يعني أن أي شخص‪ ،‬حتى لو لم يكن مميزً ا ‪ ،‬يحصل على مكسب على حساب شخص آخر‪.‬‬

‫ثانيًــا ‪ -‬الدفع غير المستحق‪ :  ‬ويقصد به أن يفي الشخص بااللتزام مكره عليه في حين أن وفاءه ذلك غير مستحق‬
‫أصالً ‪ ،‬أو أن يكون مستحق في زمن ما تم يصير غير ذلك ال حق‪ ،‬ففي هذه الحالة يلتزم من تسلم ما ليس مستحق له‬
‫برد ما تسلمه‪.‬‬

‫ثالثــ ًـا ‪ -‬أعمال الفضالـــة‬

‫‪    ‬يقصد بها أن يتولى شخص القيام بشأن ضروري عاجل لحساب شخص آخر دون أن يكون ملزما بذلك‪ ،‬وأمثلتها‬
‫كثيرة= كأن يقوم شخص ببناء جدار يوشك أن يسقط في بيت جاره الغائب أو كأن يبادر إلى إسعاف ابن الجار من إصابة‬
‫مفاجئة ‪.‬‬

‫فالفضالة تتضمن في حقيقتها تدخال في شؤون الغير إال أنها ومع ذلك تقوم على واجب خلقي تجعل الشخص الفضولي‬
‫متفضال ال متطفالً ‪ ،‬ومن هنا كان قصد الفضولي إلى تحقيق منفعة الغير شرطا أساسيا لقيام الفضالة‪.‬‬

You might also like