You are on page 1of 110

‫الفصل السادس عشر‬

‫"مرحبا ليث‪ ,‬كيف حالك اي ابن العم؟"‬

‫ذليب أحرق روحو ما إن مسع صوهتا ادلرح‬

‫والذي سبأله السعادة ولكنو أجرب نفسو على‬

‫الرد بصوت اثبت‪:‬‬


‫"خبَت ريفال‪ ,‬كيف ِ‬
‫حالك ِ‬
‫أنت؟"‬

‫"أبلف خَت‪ ,‬احلمد هلل"‬

‫أومأ ابختصار وىو يشَت للفتيات أن‬

‫يصعدن للسيارة وغادر سريعا ما إن أغلقت‬

‫‪1‬‬
‫أخراىن الباب‪..‬‬

‫وعلى عكس رحلة الذىاب امتألت السيارة‬

‫بضجيج الفتيات الضاحك وصوهتن والذي‬

‫حيكي عن ريفال وسعادهتا بزواجها وحبها‬

‫لزوجها وكأهنن يرسلن لو رسالة أن ديحيها‬

‫من ذاكرتو سباما ويعيش حياتو بعيدا عن‬

‫طيفها الذي جيرح قلبو من حُت آلخر‪..‬‬

‫وىذا ما قرره منذ ما حدث‪ ,‬فهو رجل‬

‫ال يقبل أبن يكون بديال آلخر حبياة‬

‫‪2‬‬
‫َمن حيب‪..‬‬

‫إما أن يكون األول واألخَت وإما ال!‬

‫"ليث‪ ,‬أين شردت حبييب؟ كاد منزل عمي‬

‫يفوتك"‬
‫َ‬ ‫أن‬

‫قالتها غزل زبرجو من شروده حبكاايهتن عن‬

‫ريفال وزوجها وحياهتا فابتسم ذلا ابختصار‬

‫وىو يقف أمام منزل عمو سلطان واجملاور‬

‫لعمو مصعب فنزلت َو َىج وشيهانة‬

‫ومها تشكرانو ٍب اتبع الطريق دلنزذلم‪..‬‬

‫‪3‬‬
‫معك أخي؟"‬
‫"ماذا حيدث َ‬
‫سألتو غزل بقلق من حالتو الغريبة واليت‬

‫تراىا عليو ألول مرة فابتسم ذلا حبنو وىو‬

‫جييبها‪":‬شردت قليال فقط حبيبيت‪,‬‬

‫ال تقلقي أان خبَت"‬

‫رمقتو بنظرة داعمة وىي تقول‪:‬‬

‫نصيبك ليس‬
‫َ‬ ‫لك أخي‪,‬‬
‫"مل تكن تصلح َ‬
‫حبياتك‬
‫َ‬ ‫معها فاترك الذكرايت سبضي ورّكز‬

‫لك األفضل"‬
‫القادمة وأت ّكد أن هللا كتب َ‬

‫‪4‬‬
‫تًتجل من السيارة‬
‫وقبل أن يرد عليها كانت ّ‬
‫وتدلف إىل منزذلم أما ليث فخرج من البلدة‬

‫أبكملها وترك العنان لغضبو أن خيرج أخَتا‬

‫وىو يزيد من سرعة سيارتو حىت كادت تطَت‬

‫بو وبعد فًتة كان قد أصبح أفضل فه ّدأ‬

‫وصف السيارة جانبا حادلا مسع‬


‫ّ‬ ‫السرعة‬

‫صوت ىاتفو‬

‫أنت اي رجل؟ كيف تًتكٍت بيوم كهذا؟"‬


‫"أين َ‬
‫وصلو صوت قتادة الغاضب فابتسم على‬

‫‪5‬‬
‫توتر ابن عمو والذي ينتظر الرد من والده‬

‫الليلة ابلزواج من ابنة خالتو إيالف وخيشى‬

‫من الرد خاصة أهنا الزالت تدرس وابقي‬

‫ذلا سنة واحدة ومسع أهنا ترفض الزواج وىي‬

‫مازالت تدرس‪..‬‬

‫أنت خائف؟‬
‫بك اي رجل ىل َ‬
‫"ما َ‬
‫عليك ال تقلق"‬
‫ستوافق َ‬
‫قال ليث دبرح فسبّو قتادة قبل أن يهتف‪:‬‬

‫"أتوق ألمتلك نصف برودك اي ليث"‬

‫‪6‬‬
‫قهقو ليث رغما عنو ٍب قال‪:‬‬

‫معك"‬
‫"نصف ساعة وأكون َ‬
‫***‬
‫توتر وقلق وبعض اإلحراج خليط من‬

‫قرر مفاربة والده‬


‫ادلشاعر الغريبة عليو منذ ّ‬
‫يف أمر إيالف‪..‬‬

‫ورغم ترحيب والده الشديد وإشادتو‬

‫متسرع قليال‬
‫ابختياره إال أنو يشعر أنو ّ‬
‫وخيشى أيضا رد فعلها ولكن خوفو أن‬

‫‪7‬‬
‫تصبح لسواه لو أت ّخر بطلبها جعلو يسرع‬

‫ابحلديث مع والده آخذا بنصيحة عمو‬

‫قسورة‪..‬‬

‫توجو للمجلس اخلارجي الذي جيالس بو‬


‫ّ‬
‫والده أعمامو هبذا الوقت وتوتره يزداد حدة‬

‫وما إن دلف حىت مسع عمو حاًب يقول‪:‬‬

‫"لقد رفضتو أيضا بل رفضت حىت أن تراه‪..‬‬

‫ال أعلم ما هبا ىذه الفتاة ترفض كل َمن‬

‫حجج ابلدراسة"‬
‫خيطبوهنا وتت ّ‬

‫‪8‬‬
‫ذبمدت قدماه على ابب اجمللس والحظو‬
‫ّ‬
‫استشف مشاعره تلك‬
‫ّ‬ ‫عمو قسورة والذي‬

‫ادلرة فابتسم هبدوء وىو حيثو على الدخول‪:‬‬

‫"تعال بٍت‪ ,‬ال أحد غريب"‬

‫دلف وحيّاىم مجيعا ٍب جاور عمو قسورة‬

‫الذي ربّت على ساقو وىو يهمس لو‪:‬‬

‫سأساندك"‬
‫َ‬ ‫"ال تقلق‬

‫ابتسم لعمو ابىتزاز وىو يتساءل داخلو‪..‬‬

‫ىل سًتفضو أيضا؟!‬

‫‪9‬‬
‫لو فعلت لن يكررىا مرة أخرى‪ ,‬يعرف‬

‫نفسو جيدا‪..‬‬

‫لن يستطيع تقبّل رفضها بسهولة بل سينتج‬

‫عنو ندبة بروحو وقلبو الذي تعلّق هبا‪..‬‬

‫ىو يشبو ليث هبذه الصفة‪ ,‬ليث الذي يظنو‬

‫ال يعلم إبعجابو بريفال ورغبتو ابلزواج منها‬

‫وقلبو اجلريح إثر زواجها من آخر ظهر فجأة‬

‫حبياهتم ومازال يعاين من تبعات ذلك ويظنو‬

‫ال يالحظ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫يتجسد أمامو‬
‫زفر خبفوت وزلور أفكاره ّ‬
‫داخال من ابب اجمللس زليّيا اجلميع ٍب جياوره‬

‫دبجلسو وىو يهمس لو‪:‬‬

‫"ىل أخربهتم أم ماذا؟"‬

‫هبزة من رأسو فربّت ليث على ساقو‬


‫نفى ّ‬
‫وىو يقول‪":‬إذا رب ّدث على بركة هللا‬

‫سأساندك"‬
‫َ‬
‫ابتسم لو قبل أن يتنحنح وىو ينظر لوالده‬

‫نظرة ذات مغزى فابتسم األخَت وىو يبدأ‬

‫‪11‬‬
‫لديك اي حاًب ونرجو‬
‫احلديث‪":‬لدينا طلب َ‬
‫أن يكون الرضا ىو اجلواب لو"‬

‫قال فيصل وىو ينظر حلاًب الذي رمقو‬

‫بدىشة وىو يقول‪":‬أتسألٍت اي فيصل؟‬

‫طلبك رلاب قبل أن أعرفو"‬


‫َ‬
‫ابتسم فيصل بتقدير وىو يتابع‪":‬ىذا الطلب‬

‫موافقتو مرتبطة بصاحبة الشأن لذا‪"..‬‬

‫"ال أفهم!"‬

‫قاذلا حاًب وىو يرمقو عاقدا حاجبيو زلاوال‬

‫‪12‬‬
‫الفهم فضحك قسورة وىو يساند شقيقو‬

‫ديتك إيالف البننا قتادة"‬


‫وابنو قائال‪":‬نريد كر َ‬
‫انفرجت أسارير حاًب وىو يقول‪:‬‬

‫"إهنا ابنتكم مثلي سباما اي قسورة ولن أجد‬

‫أفضل من قتادة ألعطيو ابنيت"‬

‫ربّت مصعب الذي جياوره على ساقو وىو‬

‫عرفناك‬
‫َ‬ ‫يقول‪":‬أنت أخ لنا اي حاًب ومنذ‬
‫َ‬
‫كسبنا رجال قلّما يلد الزمان مثلو"‬

‫اغرورقت عينا حاًب ابلدموع وىو يسمع‬

‫‪13‬‬
‫حديث مصعب وموافقة أوالد عمو مجيعا‬

‫على قولو‪..‬‬

‫لقد عاش طوال حياتو يهرب من الناس‬

‫بسبب اسم والده الذي يلحقو رغما عنو‬

‫ومل يشعر أن الناس يرونو ىو ال والده إال‬

‫تعرف على الزىرانية واعترب نفسو فردا‬


‫منذ ّ‬
‫مر الوقت كلما تي ّقن من‬
‫منهم‪ ..‬وكلما ّ‬
‫عوض هللا لو وادلتمثل هبم وبدعمهم لو‬

‫دوما‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫"حسنا مىت سنسمع الرد اي عمي؟‬

‫متعجل الرد"‬
‫العريس ّ‬
‫ىتف ليث دبرح فلكزه قتادة حبرج لينفجر‬

‫اجلميع بضحكات عالية وحاًب خيربه‪:‬‬

‫"حال عودٌب سأفاتح العروس ابألمر وإن‬

‫شاء هللا ربصل على الرد الذي تريده قتادة‬

‫منك البنيت بكل أتكيد"‬


‫فلن أجد أفضل َ‬
‫***‬

‫‪15‬‬
‫يف اليوم التايل‬

‫"أيب‪ ,‬ىل فاربت عمي قيس ابألمر؟"‬

‫سألو داغر بلهفة فأغمض سلطان عينيو‬

‫وىو يقول من بُت أسنانو‪":‬اي هللا! أمل أخربك‬

‫بٍت أنٍت لن أفاربو حىت أيٌب؟ ىل سأفاتح‬

‫الرجل وىو بعيدا عن ابنتو وىي ىنا بيننا‬

‫حىت يقلق عليها؟"‬

‫"وِملَ سيقلق عليها ىل سآكلها؟"‬

‫ىتف هبا داغر بنزق فرمقو سلطان بنظرة‬

‫‪16‬‬
‫ك الفرصة‬
‫ذات مغزى وىو يقول‪":‬لو واتتَ َ‬
‫أعرفك‬
‫َ‬ ‫لن تًتدد بفعلها اي ولد‪..‬أال‬

‫أخيك مشاعركما‬
‫أنت أو َ‬
‫كنت َ‬
‫اي داغر؟ إذا َ‬
‫والدتك"‬
‫َ‬ ‫ملتهبة على الدوام اي حبيب‬

‫ابتسمت مشوخ اليت خرجت ذلما ومسعت‬

‫بعض حديثهما ٍب قالت‪":‬أجل مشاعركما‬

‫ملتهبة على النقيض من والدكما‪..‬ال أفهم‬

‫ِملَ مل أتخذا ثَِقل والدكما؟"‬

‫قالت اجلملة األخَتة بنظرة ذات مغزى وىي‬

‫‪17‬‬
‫تناظر سلطان الذي أدرك مغزى نظرهتا‬

‫وحديثها والذي يشَت إىل بداية لقائهما‬

‫بذلك البلد واجلفاء الذي عاملها بو وعدم‬

‫تقبّل مشاعره ذباىها بسهولة‪.‬‬

‫تنحنح داغر وىو ينقل نظره بينهما يشعر‬

‫حبرب الكلمات الباردة بينهما فقال دبرح‪:‬‬


‫"حسنا سأترككما اآلن ِ‬
‫وآت بوقت آخر‬

‫تكون النفوس أكثر ىدوءا‪"..‬‬

‫حيرك حاجبيو‬
‫ٍب نظر لسلطان قائال وىو ّ‬

‫‪18‬‬
‫أنك ستنام الليلة حبضن‬
‫إبغاظة‪":‬يبدو َ‬
‫دايب اي أيب"‬

‫وىرب قبل أن ديسك بو سلطان فيما‬

‫ضحكت مشوخ عاليا ليسأذلا سلطان‪:‬‬

‫"ىل ستفعلُت ىذا حقا اي مشوخي؟"‬

‫ربّتت على حليتو اليت تعشقها وىي تقول‬

‫بدونك‬
‫َ‬ ‫حبب‪":‬وىل أستطيع النوم‬

‫اي سلطاين؟"‬

‫‪19‬‬
‫***‬
‫ال يعلم ِملَ يشعر بل ّذة يف إغاظتها كلمات‬

‫رآىا ولسوء حظها فقد عُ ُّت بنفس ادلشفى‬

‫اليت تعمل هبا لذا كان عليها أن تراه يوميا‪..‬‬

‫ىي يرتسم الغضب على وجهها واالستياء‬

‫حادلا تراه أما ىو ترتسم ادلتعة على وجهو‬

‫وابتسامة َِمس َجة يواجهها هبا وتقابلها ىي‬

‫بتكشَتة وجد نفسو ينتظرىا منها كلما‬

‫تقابال!‬

‫‪21‬‬
‫ىو‪ ,‬ساىد راكان الزىراين والذي مل تلفت‬

‫أنثى نظره يوما وكان العمل والدراسة كل‬

‫يتلهف اآلن للذىاب للعمل‬


‫حياتو أصبح ّ‬
‫فقط ليشاكسها ويرى تكشَتهتا اللذيذة‬

‫وادلمتعة لو‪.‬‬

‫"مرحبا دكتورة فداء‪"..‬‬

‫ابدرىا ساىد ما إن رآىا فقابلتو اببتسامة‬

‫ساحرة ألول مرة ففتنتو واستحوذت عليو‬

‫بك دكتور ساىد‪,‬‬


‫سباما وىي ذبيبو‪":‬مرحبا َ‬

‫‪21‬‬
‫كيف ذبد العمل معنا؟"‬

‫رمقها بتيو وىو يقول بنربة غريبة‪":‬ساحر"‬

‫ضب وجهها حبمرة اخلجل وىي تشيح‬


‫زب ّ‬
‫بعينيها من عينيو وتقول‪:‬‬

‫"جيد‪ ,‬ىذا ما نرجوه"‬

‫كادت تتابع طريقها فأوقفها وىو يسأذلا‪:‬‬


‫"ىل ِ‬
‫أنت مرتبطة دكتورة فداء؟"‬

‫ارتفع حاجباىا عاليا وىي ترمقو بنظرة‬


‫مرتبكة‪..‬دلاذا ي ِ‬
‫صر على ىذا السؤال‬ ‫ُ‬

‫‪22‬‬
‫ال تفهم!‬

‫"كال‪"..‬‬

‫أجابتو بصوت خافت واختفت بعدىا من‬

‫أمامو بلمح البصر وقبل أن ترى ذلك‬

‫التعبَت الذي ارتسم على مالزلو السعيدة‬

‫وبعينيو اللتُت تتبّعاهتا حىت اختفت بنهاية‬

‫الرواق‪.‬‬

‫***‬
‫رنُت اذلاتف أيقظها من نومها فظنّتها َو َىج‬

‫‪23‬‬
‫اليت دعتها حلضور كل ذبهيزات زفاف‬

‫شيهانة وشادن وكم أسعدت قلبها ىذه‬

‫الدعوة فتقبّلهم ذلا جعلها تشعر أنو زواج‬

‫عادي وليس فقط من أجل إنقاذ مسعتها‪..‬‬

‫فتحت اخلط وىي تقول‪":‬حسنا َو َىج‪,‬‬


‫سأكون ِ‬
‫لديك بعد نصف ساعة‪..‬‬
‫فقط أغتسل ِ‬
‫وآت على الفور"‬
‫ِ‬
‫سأنتظرك على أحر من اجلمر‪"..‬‬ ‫"وأان‬

‫وصلها الصوت اذلامس احلاار الذي أشعل‬

‫‪24‬‬
‫مشاعرىا وخجلها آبن واحد وىي هتمس‬

‫بصدمة‪":‬دايب؟"‬

‫"قلبو وروحو‪"..‬‬

‫أجاهبا بنفس النربة اليت دغدغت مشاعرىا‬

‫التواقة لو فصمتت خبجل ال تدري ِِبَ ذبيبو‬


‫ّ‬
‫ولكنو مل ينتظر حديثها بل اتبع‪:‬‬

‫"ىل تعرفُت أهنا ادلرة األوىل اليت تناديٍت هبا‬

‫ابمسي من دون لقب قبيليت؟!"‬

‫"ماذا تريد؟"‬

‫‪25‬‬
‫قالتها ابرتباك فأجاهبا وكأنو م ِ‬
‫صر على‬ ‫ُ‬
‫أكثر‪":‬أنت‪ ..‬ال أريد ِ‬
‫سواك‬ ‫ِ‬ ‫إرابكها‬

‫اي غجرية"‬

‫خفق قلبها بقوة ومل تعرف ماذا تفعل معو؟!‬

‫ماذا زبربه حىت يكف عن إرابكها؟!‬

‫"موعدان الليلة اي غجرية"‬

‫قاذلا دايب عندما طال هبا الصمت خجلة‬

‫من احلديث معو ومرتبكة ال تعرف ماذا‬

‫تفعل وكيف تتصرف معو؟!‬

‫‪26‬‬
‫تتصرف على أنو زوجها خاصة وقد‬
‫ىل ّ‬
‫عُ ِق َد قراهنما؟!‬

‫أم تعتربه فاعل خَت سيًتكها حلال سبيلها‬

‫ما إن ينتهي التهديد لسمعتها وكرامتها؟!‬

‫***‬
‫منذ ذلك اليوم الذي زارهتا هبا قريباهتا وقد‬

‫تغَتت قليال‪ ,‬ال بل كثَتا‪..‬‬


‫ّ‬
‫مل تعد تكًتث إن رآىا بتلك ادلالبس اليت‬

‫تقوده للجنون وربرمو النوم بل أصبحت‬

‫‪27‬‬
‫ترتديها أمامو بكل حرية وأمام بيداء الصغَتة‬

‫اليت خطفت قلب زوجتو منذ رأهتا أول مرة‬

‫على الرغم أنو ظنّها ال ربب األطفال ولكن‬

‫تعلّقها الشديد ببيداء وصداقتها مع خنساء‬

‫والدهتا ومع ابقي فتيات عمو جعلو يشعر‬

‫أهنا فتاة أخرى غَت تلك ادلغرورة اليت‬

‫تفرط بكرامتها وكرامة‬


‫تزوجها ليعلّمها ّأال ّ‬
‫عائلتها ألي سبب كان ومهما كانت‬

‫الظروف‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫زفر بقوة وىو يضرب ادلكتب اجلالس عليو‬

‫وقد أصبح يتأ ّخر كل ليلة ابلعمل علّها تنام‬

‫قبل عوده وترمحو من فتنتها إال أنو جيدىا‬

‫جهزت العشاء‬
‫أغلب األوقات ابنتظاره وقد ّ‬
‫حىت يتناواله معا‪.‬‬

‫يتحمل كل ىذا‬
‫لك ادلكتب حىت ّ‬
‫"ماذا فعل َ‬
‫الضرب؟"‬

‫انتفض حادلا وصلو صوت شقيقو عمران‬

‫الساخر وىو يتابع سؤالو بنظرة ذات مغزى‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫"ألن تعود للمنزل أخي؟‬

‫أصبحت تتأ ّخر ابلعمل دون داع لذلك"‬

‫أشاح ببصره عنو وىو يقول‪:‬‬

‫"سأذىب بعد قليل"‬

‫ٍب اتبع حىت ال يسألو عمران سؤاال آخر‪:‬‬

‫وصلتك ادلوافقة على طلبك للزواج؟"‬


‫َ‬ ‫"ىل‬

‫أومأ عمران وىو يقول هبدوء‪":‬أجل‪ ,‬أخربين‬

‫أيب ىذا الصباح أن عمي قسورة أخربه‬

‫سنؤجل الزفاف قليال‬


‫ابدلوافقة ولكن ّ‬

‫‪31‬‬
‫وسنكتفي بعقد قران ابدلنزل لديهم فقط‬

‫حىت سبر موجة األفراح اليت لديهم ولدينا"‬

‫انظره غازي بغموض وىو يسألو‪:‬‬

‫أنك ال رببها اي عمران!‬ ‫أشعر‬ ‫مل‬‫"ال أعلم ِ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫وكما مسعت من زوجيت أهنا رقيقة لن‬

‫عمليتك ادلغيظة يل أان شخصيا"‬


‫َ‬ ‫ربتمل‬

‫رفع عمران حاجبيو ألعلى وىو يقول‪:‬‬

‫"منذ مىت ىذا القلب احلنون والرقيق أخي؟‬

‫غَتك كثَتا"‬
‫يبدو أن الزواج ّ‬

‫‪31‬‬
‫ظل يناظره بصمت فزفر‬
‫مل جيبو غازي بل ّ‬
‫عمران قائال‪":‬إهنا فتاة جيدة وهبا كل‬

‫ادلواصفات اليت أريدىا بزوجيت أما عن‬

‫احلب وما إىل ذلك فيكفي أنٍت أراتح إليها‬

‫وأريدىا يل‪ ..‬ال يكون كل الزواج عن حب‬

‫وغسان‪ ..‬الشخصيات‬
‫مثلك ومثل حرب ّ‬
‫َ‬
‫سلتلفة وال أظنها ذبنح خبياذلا أنٍت أعشقها‬

‫وىذه األمور"‬

‫"أرجو ّأال ذبرحها اي عمران فهي فتاة جيدة‬

‫‪32‬‬
‫منك ىذا اجلمود الذي أراه‬
‫وال تستحق َ‬
‫بعينيك والربود الذي يغلّف نربتك"‪.‬‬

‫***‬
‫"ىل تصدقُت ذلك اي ريفال؟ لقد خطبٍت‬

‫الدكتور عمران‪ ..‬مازلت ال أص ّدق ذلك‬

‫حىت ىذه اللحظة"‬

‫ابتسمت ريفال حبنو وىي تالحظ العشق‬

‫ادلقربة‪..‬‬
‫بنربة ابنة عمها وصديقتها ّ‬
‫"ودلاذا ال تصدقُت اي غزل؟ ىل سيجد َمن‬

‫‪33‬‬
‫منك؟ عليو أن حيمد هللا ِ‬
‫أنك‬ ‫ىي أفضل ِ‬

‫ِ‬
‫وافقت عليو"‬

‫قالتها ريفال حبنق واضح من نربة ابنة عمها‬

‫الوذلانة‪..‬زبشى عليها من ىذه الرومانسية أن‬

‫تصطدم بعقلية عمران العملية الباردة‪..‬‬

‫تدعو هللا أن يكون حقا حيبها حىت ال‬

‫تنكسر غزل فهي رقيقة وىشة ولن ربتمل‬

‫كسر قلبها أبدا‪..‬‬


‫أن يُ َ‬
‫"أنت تقولُت ىذا فقط ِ‬
‫ألنك رببيٍت‪..‬‬ ‫ِ‬

‫‪34‬‬
‫مل ت ِر الفتيات الالٌب تتهافنت عليو يف‬

‫الكلية‪ ..‬فاتنات وساحرات كثَتا"‬

‫قالت غزل بعدم ثقة بنفسها فاشتعلت‬

‫النَتان بقلب ريفال‪ ..‬دلاذا ترى ابنة عمها‬

‫نفسها أقل من تلك الفتيات؟!‬

‫دلاذا قلة الثقة بنفسها وىي اجلميلة ادلدللة‬

‫من اجلميع؟‬

‫يبدو أهنا ربتاج لدروس ادلكثفة للتعامل مع‬

‫الرجال وخاصة تلك النوعية أمثال عمران‬

‫‪35‬‬
‫البارد‪.‬‬
‫"غزل‪ ,‬حبيبيت‪ ..‬ال ِ‬
‫أريدك أن تندفعي‬
‫دبشاعرك بقوة ذباىو ىكذا‪ ..‬أر ِ‬
‫يدك أن‬ ‫ِ‬

‫ِ‬
‫مشاعرك‬ ‫تًتيثي وال زبربيو أبي شيء عن‬
‫ِ‬
‫يصارحك ىو يف البداية"‬ ‫ذباىو‪ ..‬البد أن‬

‫اتبعت ريفال حديثها آملة أن تن ّفذىا غزل‬

‫حىت ال ربزن من رد فعل عمران والذي ال‬

‫تتلهفي على احلديث معو‬


‫تراتح لو‪":‬ال ّ‬
‫تك لو‬
‫انتظريو أن يبدأ ىو وال تظهري غَت َ‬

‫‪36‬‬
‫عليك واكبحي غَت ِ‬
‫تك‬ ‫اجعليو ىو يغار ِ‬

‫وعفويتك معو‪ ..‬ال زبربيو كل شيء ِ‬


‫عنك‬ ‫ِ‬

‫كوين غامضة قليال الرجال حيبون الغموض‪..‬‬

‫ال تبادري ابحلديث معو ما مل يبدأ ىو‪"..‬‬

‫قاطعتها غزل‪":‬ريفال‪ ..‬لقد أخفتيٍت كثَتا‪,‬‬

‫ىل سأتزوج أم سأدخل حراب ضده؟!‬


‫ِ‬
‫وحديثك أربكٍت أكثر‪..‬‬ ‫أان خائفة ابلفعل‬

‫ىل أرفضو أفضل؟"‬

‫قالت اجلملة األخَتة بنربة مهتزة آدلت قلب‬

‫‪37‬‬
‫ريفال عليها‪ ..‬غزل تعشقو وعفويتها وحبها‬

‫لو سيجعلها تغدق عليو دبشاعرىا وردبا لن‬

‫يق ّدر ىو كل ىذا‪ ..‬ردبا يقابلها هبدوء ورزانة‬

‫تفقدىا ثقتها بنفسها مثل شقيقو وردبا أكثر‬

‫فغازي رغم ىدوئو وصمتو إال أن مشاعره‬

‫ىائجة كالبحر‪..‬‬

‫قبل أن تكمل حديثها مع غزل ىتفت غزل‪:‬‬

‫"سأغلق اآلن ريفال أمي تناديٍت"‬

‫‪38‬‬
‫***‬
‫"ىل تقول الصدق اي حاًب؟ قتادة طلب‬

‫الزواج من إيالف؟"‬

‫ىتفت أدلاسة بفرحة فابتسم حاًب وىو يومئ‬


‫ِ‬
‫حلمت بو‬ ‫هبدوء وىو يقول‪":‬أجل‪ ,‬ربقق ما‬
‫ِ‬
‫وأختك قدديا"‬ ‫ِ‬
‫أنت‬

‫ابتسمت أدلاسة بسعادة وىي تقول‪:‬‬

‫"ىل أخربتو دبوافقتنا؟"‬

‫رمقها بدىشة قبل أن ينفجر ضاحكا وىو‬

‫‪39‬‬
‫ِ‬
‫صوابك حبيبيت؟‬ ‫ِ‬
‫أفقدتك‬ ‫يقول‪":‬ىل الفرحة‬
‫مل أخرب ِ‬
‫ابنتك بعد وأخشى أن ترفضو‬

‫كعادهتا‪"..‬‬

‫"من ترفض َمن؟"‬


‫َ‬
‫قالتها إيالف وىي تطل برأسها على والديها‬

‫دبرح فابتسم ذلا حاًب وىو يدعوىا للجلوس‬

‫معهما‪..‬‬
‫أيك بقتادة ابن خال ِ‬
‫تك؟"‬ ‫"ما ر ِ‬

‫سأذلا حاًب فارتبكت إيالف قليال وىي تقول‬

‫‪41‬‬
‫خبفوت‪":‬ال أفهم أيب! رأيي بو من أي‬

‫جهة؟"‬
‫"كشاب ِ‬
‫طلبك للزواج"‬

‫ىتفت أدلاسة بلهفة فناظرىا حاًب بلوم‬

‫خاصة عندما ارتبكت إيالف وهنضت وىي‬

‫تتمتم أبشياء غَت مفهومة وغادرهتما إىل‬

‫غرفتها مرة أخرى فعاتبها حاًب‪:‬‬


‫"أمل أخ ِ‬
‫ربك أن تًتيّثي قليال اي أدلاسة؟"‬

‫"ابنتك موافقة اي أاب مشاري"‬


‫َ‬

‫‪41‬‬
‫قالتها أدلاسة بثقة جعلتو يناظرىا بريبة وىو‬
‫ِ‬
‫علمت وىي مل تنطق بشيء؟"‬ ‫يسأذلا‪":‬وكيف‬

‫"لو رفضتو لقالتها صراحة دون خجل أما‬

‫خجلها وارتباكها ىذا يعٍت أهنا موافقة"‬

‫قالتها أدلاسة هبدوء فضحك حاًب وىو‬

‫يقول‪":‬حسنا ولكن ادخلي ذلا واطليب ردا‬

‫مباشرا حىت أستطيع الرد على فيصل‬

‫متعجل الرد"‬
‫فالعريس ّ‬
‫تركتو ابلفعل وحلقت إبيالف اليت جلست‬

‫‪42‬‬
‫على فراشها وىي تفرك كفيها ابرتباك‬

‫تتساءل ىل حيبها؟!‬

‫ىل حديثو السابق ذلا كان مقصودا حقا؟‬

‫أم أنو يتزوج هبا فقط حبمية قبلية نشأ‬

‫عليها؟!‬

‫قاطع أفكارىا دخول أدلاسة والدهتا واليت‬

‫جلست جوارىا وىي تقول‪":‬أخربيٍت ماذا‬


‫بعقلك الشبيو بعقل ِ‬
‫والدك الذي يثَت‬ ‫ِ‬ ‫يدور‬

‫جنوين"‬

‫‪43‬‬
‫ابتسمت إيالف قبل أن تسأذلا خبجل‪:‬‬

‫"دلاذا طلب الزواج يب؟"‬

‫قهقهت أدلاسة وىي تقول ساخرة‪:‬‬


‫"ألنو حيب ِ‬
‫والدك"‬

‫اتّسعت عينا إيالف بصدمة فازداد ضحك‬

‫أدلاسة قبل أن تقول‪":‬لو تسأليٍت ىل طلبو‬


‫ِ‬
‫فسأخربك أنو ال‪..‬‬ ‫منو كحمية نشأ عليها‬
‫يبدو أنو يكن ِ‬
‫لك الكثَت من ادلشاعر‬

‫فتعجلو للرد خاصة مع انشغالنا بتجهيزات‬


‫ّ‬

‫‪44‬‬
‫ضح إىل أي مدى‬ ‫الزفاف لعم ِ‬
‫يك يو ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫يعشقك"‬ ‫ىو‬

‫أخفضت إيالف عيناىا خبجل فابتسمت‬

‫أدلاسة وىي تضمها ذلا حبنو وىي تقول‪:‬‬


‫"لو شككت لواحد ابدلائة أنو ال ير ِ‬
‫يدك‬

‫سوى من أجل العادات لكنت رفضتو دون‬


‫ِ‬
‫أخربك حىت"‪.‬‬ ‫تردد وقبل أن‬

‫***‬

‫‪45‬‬
‫ظننتك‬
‫َ‬ ‫سالمتك غازي‪ ,‬لقد‬
‫َ‬ ‫"محدا هلل على‬

‫ستنام ابلعمل"‬

‫قالتها ريفال ساخرة فلملم ابتسامتو وىي‬

‫زبربه دون مواربة أهنا تعلم سر ابتعاده عنها‬

‫وأتخره ابلعمل‪..‬‬

‫"كان لدي الكثَت من العمل"‬

‫قاذلا غازي ابقتضاب فابتسمت وىي تقول‪:‬‬

‫بعونك‪ ,‬ولكن ىل العمل كثَت‬


‫َ‬ ‫"كان هللا‬

‫عليك فقط؟ ألن اجلميع عادوا إىل منازذلم‬

‫‪46‬‬
‫منذ فًتة طويلة"‬

‫ىم ابلرد إال أهنا اتبعت هبدوء‪":‬لو العمل‬


‫ّ‬
‫أيك أن أساعدك؟"‬
‫كثَت عليك ما ر َ‬
‫زبيّل وجودىا معو بنفس ادلكان يف العمل‬

‫أيضا جعلو يهتف سريعا‪:‬‬

‫"كال‪ ,‬زوجيت لن تعمل"‬

‫رفعت حاجبها وىي ترمقو بنظرة ذات مغزى‬

‫قبل أن تشَت إليو أن جيلس حىت يتناوال‬

‫العشاء فلم يستطع أن يرفض خاصة عندما‬

‫‪47‬‬
‫جهزتو لو‪..‬‬
‫رأى ما ّ‬
‫كل ما حيبو وجده على الطاولة أمامو وشعر‬

‫ابلدىشة اليت ترمجها بقولو‪:‬‬


‫ِ‬
‫"ظننتك ال تستطيعُت الطبخ!"‬

‫"ىل تظنٍت مدللة ال أعرف شيئا عن الطبخ‬

‫أو أي من أمور ادلنزل؟! خاليت مشوخ ال تًتك‬

‫الفتيات دون عمل وما فعلتو مع أمي‬

‫وخاليت بينار فعلتو معنا مجيعا‪..‬‬

‫حىت الشباب عندان يساعدون والدهتم يف‬

‫‪48‬‬
‫ادلنزل‪ ..‬ىذا ما نشأان عليو مجيعا‪ ,‬ال فرق‬

‫بُت شاب وفتاة‪ ,‬الكل يعمل ويساعد‬

‫اآلخرين"‬

‫كانت تتحدث بفخر وحنُت لتلك األايم‬

‫اليت كانت رباول اذلرب من شئون ادلطبخ‬

‫وذبرىا والدهتا من أذهنا وتكلّفها‬


‫وادلنزل ّ‬
‫ابدلزيد من األعمال عقااب ذلا وزلاولة والدىا‬

‫التخفيف من عقاهبا فهي مدللتو وأمَتتو‪..‬‬

‫أدمعت عيناىا والحظها ىو فوجد نفسو‬

‫‪49‬‬
‫يقًتب منها ديسح دموعها اليت سالت على‬

‫غفلة منها وىو يقول‪:‬‬


‫ِ‬
‫مكادلاتك؟"‬ ‫ِ‬
‫والدتك ال ترد على‬ ‫"أالزالت‬

‫فضمها لو حبنو وىو‬


‫أومأت وازداد بكاؤىا ّ‬
‫البنيت‬ ‫ادلقام‬ ‫الزفاف‬ ‫‪,‬‬ ‫ِ‬
‫فرصتك‬ ‫"ىذه‬ ‫يقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫عميك‪ ..‬اذىيب واطليب منها الصفح وقبّلي‬
‫ِ‬
‫تسازلك‬ ‫يدىا بل وقدمها إذا لزم األمر حىت‬
‫يظال غاضبُت ِ‬
‫منك طوال‬ ‫ِ‬
‫ووالدك‪ ..‬لن ّ‬
‫العمر بكل أتكيد"‬

‫‪51‬‬
‫"خائفة‪"..‬‬

‫مهست هبا وىي تتمسك بقميصو وكأهنا‬

‫تطلب دعمو وحنانو فازداد ضمو ذلا وىو‬

‫أنك ستحصلُت على‬ ‫ِ‬


‫أخربك ِ‬ ‫يقول‪":‬لن‬

‫السماح بسهولة ولكن البد أن رباويل حىت‬


‫ِ‬
‫ضرابك‪..‬‬ ‫ِ‬
‫رؤيتك‪ ,‬أو‬ ‫لو رفضا‬

‫أي شيء حيدث منهما تقبّليو حىت ربصلي‬

‫على صفحهما وأان على يقُت أهنما لن‬


‫يبخال ِ‬
‫عليك بو"‬

‫‪51‬‬
‫"حقا؟ ىل تظن أهنما سيسازلاين؟"‬

‫سألتو برباءة فبدت كطفلة اتئهة وجعلت‬

‫ىذا الذي ينبض ابلركن األيسر من صدره‬

‫خيفق بقوة وحنو‬

‫"أجل‪ ,‬سيفعالن بكل أتكيد ولكن ال تيأسي‬

‫سريعا"‪.‬‬

‫***‬
‫"لن أستطيع السفر سوى بنفس اليوم أيب‪,‬‬

‫لقد استلمت العمل بتلك ادلشفى للتو ولن‬

‫‪52‬‬
‫أستطيع أن أحصل على عطلة سوى هناية‬

‫األسبوع وسأعود على الفور"‬

‫قال ساىد لوالده راكان فهتفت اتليا‪:‬‬

‫"أان سأسافر ابلغد أيب كما اتفقنا مع عمي‬

‫قيس وعميت أفنان"‬

‫ابتسم راكان وقال‪":‬سنسافر مجيعا اي قلب‬


‫ِ‬
‫أبيك وسيأٌب ساىد دبوعده وحده"‬

‫"ىل سنًتكو وحده وىو مازال مريضا؟"‬

‫ىتفت أسرار بعدم رضا فضحك راكان‬

‫‪53‬‬
‫يتذمر‪":‬ىل أان طفل أمي؟ ٍب أنٍت‬
‫وساىد ّ‬
‫أصبحت خبَت وعدت للعمل أيضا‪,‬‬

‫مىت ستقتنعُت أنٍت أصبحت خبَت ال أعلم!"‬

‫ضربتو أسرار على رأسو حبنق وىي هتتف‪:‬‬

‫"كان هللا بعوهنا‪ ,‬ال أعلم كيف ستتحملك"‬

‫"من ىي؟"‬
‫َ‬
‫سأل ساىد حبَتة فأجابتو أسرار‪:‬‬

‫"زوجتك اليت دعت عليها أمها بليلة قدر‬

‫وستكون من نصيبك"‬

‫‪54‬‬
‫ضحكت اتليا بقوة قبل أن هتتف‪:‬‬

‫ربملو من األساس‬
‫"لن صلد َمن تستطيع ّ‬
‫أمي‪ ,‬إنو ميئوس منو"‬

‫رمقها ساىد بوعيد وىو يهتف‪:‬‬


‫"لقد ًبّ إنقاذ رفيق مشاري ِ‬
‫منك بكل أتكيد‬

‫دعت لو والدتو كثَتا"‬

‫"ىو اخلاسر‪ٍ ,‬ب أنٍت َمن رفضتو"‬

‫قالت اتليا بغرور مصطنع فضحك راكان ىو‬

‫يقول‪":‬بكل أتكيد‪َ ..‬من أيخذ أمَتٌب البد‬

‫‪55‬‬
‫أن يكون شليزا"‬

‫رمست ابتسامة واسعة مغرورة حبديث والدىا‬

‫وداخلها يئن أدلا وقلبها يهتف (ال أريد‬

‫سوى شخص واحد فقط ولو كان غَت شليز‬

‫ولكٍت ال أريد سواه)‪.‬‬

‫***‬
‫تفاجأت بسفر مشاري معهم بنفس ادلوعد‬

‫وقد ظنّتو سينتظر ساىد وكانت جلستها‬

‫جواره وال تعلم ىل ستحتمل أم ستنفجر فيو‬

‫‪56‬‬
‫صارخة أهنا رببو وأنو غيب وأمحق!‬

‫إال أهنا حىت ال تفعل ذلك أو يفلت منها‬

‫زمام أمرىا انمت أو تظاىرت ابلنوم إذا‬

‫أرادت الدقة حىت وصلوا وما إن خرجوا من‬

‫ابب ادلطار حىت وجدت ليث وقتادة يف‬

‫انتظارىم ألن داغر ودايب ومراد مع‬

‫العرسان حسن وحيدر ووالدىا قد أقسم‬

‫على أعمامها ّأال أيٌب أحد منهم وسيقابلهم‬

‫ابلزىرانية‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫اشت ّدت قبضة مشاري على حقيبتو وىو‬

‫يرحبان‬
‫يرى ابتسامة اتليا الرقيقة والشاابن ّ‬
‫هبا ٍب اختيارىا سيارة قتادة للصعود إليها‬

‫مع عمها قيس وعمتها أفنان‪..‬‬

‫صر على أسنانو حىت كاد يكسرىا وصعد‬


‫ّ‬
‫إىل سيارة ليث الذي رمقو بنظرة متسائلة‬

‫أرجأ السؤال عنها حادلا يكوان دبفردمها‬

‫فحال مشاري ال يعجبو منذ تلك الزايرة‪.‬‬

‫ما إن توقفت السيارة أمام منزل سلطان‬

‫‪58‬‬
‫ترجلت اتليا مسرعة وىي‬
‫ومصعب حىت ّ‬
‫تصيح‪":‬آفيندار‪َ ,‬و َىج‪ ..‬اي عروس‬

‫أننت؟"‬
‫أين ّ‬
‫كن رلتمعات‬
‫ظهرت الفتيات مجيعا والالٌب ّ‬
‫دبنزل عمهن مصعب والد العروس األكرب‬

‫ورحنب بقيس وراكان وزوجتيهما قبل أن‬


‫ّ‬
‫خيتفُت مرة أخرى فيما علّق قتادة‪:‬‬

‫"كان ينقصنا حقا جنون اتليا مع شادن"‬

‫صر مشاري على‬


‫ضحك الشباب فيما ّ‬

‫‪59‬‬
‫أسنانو واستأذن ليسًتيح قليال من تعب‬

‫السفر فيما اجلميع يرمقو بنظرات متسائلة‬

‫ومتفاجئة!‬

‫***‬

‫(صبيحة يوم الزفاف)‬


‫رنبُت ىاتفها أخرجها من حلمها الصاخب‬

‫فأجابت بنزق‪:‬‬

‫"ماذا يوجد على بكرة الصبح ىا؟"‬

‫"سالم قوال من رب رحيم! أىذه ربية‬

‫‪61‬‬
‫ِ‬
‫لزوجك اي فتاة؟"‬ ‫الصباح‬

‫وصلها الصوت والذي كان مألوفا ذلا ولكن‬

‫َمن زوجها ىذا؟!‬

‫"زوجي َمن؟ َمن ادلتصل؟"‬

‫ىتفت شادن بغضب فوصلها الصوت‬


‫ِ‬
‫ألديك‬ ‫ِ‬
‫زوجك َمن؟‬ ‫الساخر‪":‬أال تعرفُت‬

‫أكثر من واحد وال أعلم اي زوجيت العزيزة؟‬


‫ِ‬
‫زوجك"‬ ‫أان حيدر األسعد‬

‫"حيدر؟"‬

‫‪61‬‬
‫رددت بغباء لوىلة قبل أن تنتفض جالسة‬

‫على الفراش وىي هتتف‪:‬‬

‫"كيف أتيت برقم ىاتفي؟"‬

‫"ىذا شيء ال خيفى على ضابط زلنّك‬

‫مثلي‪"..‬‬

‫قاذلا ساخرا قبل أن يتابع بنفس النربة‪:‬‬

‫"ىل أىاتف ابنة اجلَتان خلف ظهر والدىا‬


‫اي شادن؟ ِ‬
‫أنت زوجيت ويل كل احلق‬
‫ِ‬
‫بغرفتك‬ ‫بك والدخول ِ‬
‫لك‬ ‫ابالتصال ِ‬

‫‪62‬‬
‫لو لزم األمر"‬

‫زوجتك بعد"‬
‫َ‬ ‫"أنت وقح وأان لست‬
‫َ‬
‫ىتفت هبا شادن وىي تشعر أهنا ستنصهر‬

‫من اخلجل فوصلها صوتو ادلشاكس قائال‪:‬‬

‫"الليلة ستكوين زوجيت وبُت أحضاين أيضا‪,‬‬

‫الليلة ال ىروب اي غزالة"‬

‫أنت‪"..‬‬
‫"أنت‪َ ..‬‬
‫َ‬
‫قاطعها قائال بصرامة دغدغت مشاعرىا‪:‬‬
‫"إايك أن ترفعي ِ‬
‫شعرك‪ ,‬أسدليو حىت ال‬ ‫ِ‬

‫‪63‬‬
‫تظهر فراوليت‪ ..‬أريدىا يل وحدي حىت أتل ّذذ‬

‫هبا كما حلمت دوما"‬

‫"وقح‪"..‬‬

‫ىتفت بو قبل أن تغلق اخلط بوجهو فنظر‬

‫للهاتف للحظات قبل أن ينفجر ضاحكا‬

‫بقوة وعيناه يلمعان بشغف ٍب قال بتنهيدة‬

‫طويلة‪":‬موعدان الليلة اي غزالة"‪.‬‬

‫***‬

‫‪64‬‬
‫ب‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫قًت‬‫ِ‬‫الت‬ ‫لك‬ ‫ِ‬
‫لت‬‫ُ‬‫ق‬ ‫‪...‬‬‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قالت ‪:‬ال ت ْ‬
‫قًت‬

‫اربمل‬
‫ماين قادرَة ْ‬
‫عيونك واىي تِناظرين‬
‫َ‬
‫مادري نَظرة َشفقة‬
‫ِ‬
‫شبابك‬ ‫انت تتّحسر على‬
‫وال ْ‬
‫زوجوك من البنات شينَة اجلسد‬

‫ااثر حرق َخطّت على َجسدىا‬


‫قًتب ‪ ....‬التِ ِ‬
‫قًتب‬ ‫ال تِ ِ‬

‫*‬

‫‪65‬‬
‫ينهم ويف‬‫قللّها ‪ :‬وخطاوي الشوق يِ ْقطعها بِ‬
‫ْ‬
‫لمها‬‫ِ‬
‫ي‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ضي‬‫ح‬‫ِ‬
‫ْ ّ‬
‫أقًتب ‪ِ ....‬‬
‫وأقًتب‬ ‫ِ‬

‫اي َحليلة الروح‬


‫تر ِ‬
‫اك يف قَليب س ْك ِ‬
‫نت‬ ‫َ‬
‫ومذبوح‬ ‫ِمتولو ِ‬
‫فيك‬
‫َ‬
‫أَري ْدك رفيقة ِلقلييب‬

‫وأَريدك قِصة ِعش ْق‬

‫قب‬ ‫أَسولف هبا مع األايم ِ‬


‫للع‬
‫ْ‬

‫‪66‬‬
‫واقوذلم ترى حبيبيت إِ ْس َكنت ال َقلب والروح‬
‫ْ‬
‫السما ريب بَعتها‬
‫وكانت ىدية من ّ‬
‫واقًتب وا ْخ ِطفك ِ‬
‫ايسنا القلب‬ ‫أبْغي ِ‬
‫اقًتب َ‬
‫ايعذبة الروح‬
‫منك َ‬
‫وارتوي ْ‬
‫وحبَضرت وجودك ايالغاليّة‬ ‫ْ‬
‫صة ِعشقنا‬
‫ّ‬
‫تِبتدي قِ‬
‫ْ‬
‫خاطرة على لسان رىب ومراد بقلم الرائعة رىب‬

‫صقر‬

‫‪67‬‬
‫تقف أمام ادلرآة تستعد للذىاب للفتيات‬

‫عندما أصررن أن ربضر معهن التجهيزات‪..‬‬

‫مل تعد زبفي وجهها بشعرىا كما كانت تفعل‬

‫حىت أهنا أحبّت ندوهبا بسبب حب مراد‬

‫زوجها وحبيبها ذلا‪..‬‬

‫مل تظن يوما أهنا ديكن أن ذبد الشخص‬

‫الذي جيعلها ربب ندوهبا وشكلها وىي اليت‬

‫خجلت منو طوال حياهتا‪..‬‬

‫مل تظن حىت أهنا ديكن أن ذبد احلب بزجية‬

‫‪68‬‬
‫من أجل السالم بُت القبيلتُت‪ ..‬زجية كانت‬

‫لًتفضها لو كانت أخرى واثقة بنفسها‬

‫وجبماذلا ومكانتها إال أهنا مل تندم يوما أهنا‬

‫انصاعت الختيار والدىا بل كلما رأتو‬

‫تشكره بصمت على إىدائها ىذا الزوج‬

‫الرائع احملب واحلنون والذي جعلها ربب‬

‫احلياة وربب نفسها أيضا‪.‬‬

‫أجفلت عندما أحاط مراد خبصرىا مسندا‬

‫ظهرىا لصدره وىو يقول‪":‬ىل ستذىبُت‬

‫‪69‬‬
‫ابكرا ىكذا وتًتكيٍت؟"‬

‫ابتسمت لو دبرح وىي تقول‪:‬‬

‫"ابكرا؟ لقد أذّن الظهر والفتيات سيقتلوين‬

‫أنك ستكون‬
‫إن مل أذىب أبسرع وقت‪ٍ ..‬ب َ‬
‫مع العرسان فلن تشعر بغيايب"‬

‫"ولو كنت معا العامل أمجع ال يغنيٍت أحد عن‬

‫اعي"‬
‫ر‬ ‫ذ‬ ‫وبُت‬ ‫حضٍت‬ ‫داخل‬ ‫ِ‬
‫وجودك‬
‫ّ‬
‫قاذلا مراد بشغف وىو يقبّلها فذابت بُت‬

‫ذراعيو ومل تشعر ابلوقت حىت أفاقا على‬

‫‪71‬‬
‫أذان العصر فشهقت وىي تنهض من جواره‬

‫ىاتفة‪":‬اي إذلي ستقتلٍت شيهانة"‬

‫قهقو مراد وىو يغمزىا بعبث قائال‪:‬‬

‫"أخربيها مل أستطع ترك زوجي وىي ستفهم"‬

‫***‬
‫وقفت أمام ابب ادلنزل بًتدد‪ ,‬زبطو لألمام‬

‫خطوة وتعود للخلف اثنتُت‪ ..‬تنظر لغازي‬

‫الذي مازال يف السيارة ابنتظار دخوذلا أوال‬

‫قبل أن يتجو جمللس الشباب فيومئ ذلا‬

‫‪71‬‬
‫بتشجيع أن تطرق الباب وتدخل لوالديها‬

‫وأخَتا فعلت‪..‬‬

‫طرقت الباب وعلى الرغم أن طرقتها كانت‬

‫ىادئة إال أن الباب فُتِ َح وظهرت والدهتا‬

‫أمامها بغتة فلم تستطع ريفال إال أن ترسبي‬

‫حبضنها وىي ربيطها بذراعيها تردد من بُت‬


‫دموعها‪":‬أمي‪ ..‬اشتقت ِ‬
‫لك كثَتا أمي‪"..‬‬

‫مل تستطع جوزال إال أن تضم ابنتها حلضنها‬

‫بقوة‪..‬‬

‫‪72‬‬
‫غاضبة منها أجل‪ ,‬أحنت رأسها أجل‪..‬‬

‫إال أهنا ابنتها بعد كل شيء ولن تستطيع‬

‫كرىها ولو أرادت‪..‬‬

‫وِملَ تنكر أهنا اشتاقت ذلا؟!‬

‫أىناك أم ال تشتاق لفلذة كبدىا مهما فعل‬

‫هبا؟!‬

‫قلب األم كالوطن يضم أبنائو لو مهما‬

‫قصروا حبقو وسيظل يضمهم‬


‫ابتعدوا عنو أو ّ‬
‫وحيميهم مهما حدث‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫اطمأن غازي ما إن رأى ريفال حبضن والدهتا‬

‫فاذبو إىل رللس الرجال ليقابلو مراد أمام‬

‫اجمللس ويرافقو جمللس الشباب بعد أن‬

‫صافح الشيوخ عدا محيو بتّار والذي مل يكن‬

‫قد حضر بعد‪.‬‬

‫***‬
‫"من الطارق اي جوزال‪..‬؟"‬
‫َ‬
‫ىتف بتّار الذي ظهر على ابب ادلنزل من‬

‫الداخل عندما أتخرت زوجتو ليتفاجأ بريفال‬

‫‪74‬‬
‫ابنتو أمامو!‬

‫عاد خطوة للخلف من ادلفاجأة وقلبو ينبض‬

‫أبمل شوقو إليها وحزنو منها‪..‬‬

‫أجل‪ ,‬ذىب الغضب دبرور الوقت ومل َّ‬


‫يتبق‬

‫سوى احلزن وادلرارة اليت خلّفتها فِعلتها حبقو‬

‫وما أقساىا من فِعلة على قلب رجل عشق‬

‫ابنتو ودلّلها كاألمَتات وطعنتو ىي خبنجر‬

‫اخليانة بعد ثقتو التامة هبا!‬

‫"أيب‪"..‬‬

‫‪75‬‬
‫مهست ريفال وىي تتق ّدم منو ببطء‪..‬‬

‫ترى احلزن واألمل بعينيو احلبيبتُت‪..‬‬

‫ترى مرارة اخلذالن اليت خلّفتها فِعلتها اليت‬

‫ال تُغتَفر‪ ..‬ترى الشوق واحلنُت إليها‬

‫والكربايء يتص ّدى ذلما بقسوة حىت ال يعلنا‬

‫عن وجودمها!‬

‫لك أيب"‬
‫"اشتقت َ‬
‫مهست هبا ريفال وىي تقف أمام والدىا‬

‫بتّار مباشرة ال يفصل بينهما سوى خطوة‬

‫‪76‬‬
‫واحدة صغَتة جدا يف ظاىرىا‪..‬‬

‫وبعيدة جدا بواقعها!‬

‫حاول بتّار أن يشيح بوجهو عنها إال أنو مل‬

‫يستطع‪ ..‬لقد اشتاق ألمَتتو وصغَتتو ادلدللة‬

‫وال يستطيع أن ينكر ولكن مازالت ادلرارة‬

‫عالقة حبلقو وخيشى أن يضمها فتنهار قوتو‬

‫اليت يتظاىر هبا أمامها اآلن‪..‬‬

‫ستختفي قسوتو الظاىرة على مالزلو حال‬

‫أن يضمها لو ويشم رائحتها احلبيبة‪..‬‬

‫‪77‬‬
‫وكأنو انداىا بصمت فارسبت بُت ذراعيو‬

‫تبكي حبرقة على صدره وىي تردد‪:‬‬

‫"سازلٍت أيب‪ ,‬ابهلل عليك سازلٍت واغفر يل‬

‫زلّيت‪ ..‬لقد أخطأت حبقك وندمت على ما‬

‫بعدك عٍت وشقائي‬


‫فعلت ودفعت الثمن َ‬
‫ببعدك"‬
‫َ‬
‫يضمها بقوة دون حديث‪..‬‬
‫مل يستطع إال أن ّ‬
‫ماذا سيخربىا؟ أخيربىا عن كسرتو عندما‬

‫اكتشف ما فعلتو؟! أم خيربىا عن صورتو اليت‬

‫‪78‬‬
‫اىتزت بعُت نفسو قبل الناس؟ أم خيربىا‬

‫عن حَتتو بُت أن يئدىا بسبب فِعلتها أم‬

‫خيفيها عن العيون مجيعها فقط ليحميها‬

‫من هتورىا وسذاجتها واليت جعلتها مطمع‬

‫لكل خائن!‬

‫أخرجها صوت بيداء اليت نسيتها يف خضم‬

‫لقائها بوالديها وىي هتتف بنزق‪:‬‬

‫"ىل سنظل واقفُت على الباب اي ريفال؟‬

‫تعرفيٍت على جدي وجدٌب اجلدد؟"‬


‫ألن ّ‬

‫‪79‬‬
‫انتبهت ريفال من بُت دموعها لبيداء اليت‬

‫أصرت أن أتٌب معها ال مع والديها حىت‬


‫ّ‬
‫تتعرف على ج ّديها اجلديدان كما تطلق على‬
‫ّ‬
‫والدي ريفال واللذين مل ترمها أبدا‪..‬‬
‫ّ‬
‫فأشارت ذلا لتقًتب دون أن تبتعد عن‬

‫حضن والدىا بل تشبّثت بو بقوة وكأهنا‬

‫الزالت ال تصدق أهنا عادت حلضنو مرة‬

‫أخرى‪..‬‬

‫انتبو بتّار للفتاة الصغَتة فابتسم ذلا وىو‬

‫‪81‬‬
‫يقول‪":‬ما ِ‬
‫امسك صغَتٌب؟"‬

‫وأنت ما امسك؟"‬
‫"امسي بيداء جدي‪َ ,‬‬
‫أجابتو بيداء بعفوية فاتسعت ابتسامة بتّار‬

‫وىو ديد ذلا يده قائال‪":‬امسي بتّار"‬

‫"ماذا؟ ما ىذا االسم الغريب؟ ماذا يعٍت؟"‬

‫ضحك بتّار خبفة وىو يقول‪:‬‬

‫"معناه السيف القاطع"‬


‫ٍب سأذلا‪":‬ىل تعرفُت معٌت ِ‬
‫امسك؟"‬

‫أومأت بيداء قائلة‪":‬أجل‪ ,‬معناه الصحراء‬

‫‪81‬‬
‫الواسعة"‬

‫ربّت بتّار على رأسها حبنو جعل ريفال‬

‫تضمو مرة أخرى ودموعها تغرق صدره‬

‫فربّت على كتفها هبدوء وىو يقول‪:‬‬

‫"كفى ريفال‪ ,‬اىدأي"‬

‫مل تص ّدق ريفال أنو نطق ابمسها فرمقتو بعدم‬

‫تصديق للحظات قبل أن تقبّل وجنتو وىي‬

‫"أحبك أيب"‬
‫تقول‪َ :‬‬
‫أغمض بتّار عينيو وىو يكبح لسانو من‬

‫‪82‬‬
‫النطق أنو أيضا حيبها وأنو مل يكرىها ولو‬

‫حلظة واحدة على الرغم شلا فعلتو بو‪..‬‬

‫زفر خبفوت وىو يشَت إليها أن تدخل ادلنزل‬

‫حىت يذىب جمللس الرجال فقد أت ّخر عليهم‬

‫فاشتدت أانمل ريفال على جلبابو خبوف ٍب‬


‫أخربتو‪":‬ىل ستسمح يل أن ِ‬
‫آت لرؤيتكم‬

‫مرة أخرى؟"‬

‫"ألن نبيت ىنا ريفال؟"‬

‫سألتها بيداء بعفوية فنقلت ريفال نظرىا بُت‬

‫‪83‬‬
‫والديها وبُت بيداء وما إن مهّت ابختالق‬

‫حجة حىت قال بتّار‪":‬بل ستبيتان ىنا‬


‫ّ‬
‫اي صغَتة حىت نتحدث أكثر"‬

‫اتّسعت عينا ريفال بقوة وىي تشعر ابلفرحة‬

‫تغمرىا‪..‬‬

‫لقد انلت موافقة والدىا على ادلبيت‬

‫دبنزلو‪ ..‬لقد مسح ذلا أن تزورمها وتبيت‬

‫معهما بعدما عانت ألشهر بعيدا عنهما ال‬

‫تعرف شيئا عنهما إال من حديث الفتيات‪..‬‬

‫‪84‬‬
‫وأخَتا شعرت أن روحها قد ُردَّت إليها‬

‫بعودهتا حبضن والديها اللذين اتقت‬

‫للسكون داخلو لألبد‪.‬‬

‫***‬
‫"أت ّخ ِ‬
‫رت اي رىب؟ ىل ىذا ىو الصباح‬
‫ِ‬
‫لديك؟"‬

‫ىتفت هبا شيهانة ما إن دلفت للجناح‬

‫اخلاص ابلعروستُت‪ ..‬ابتسمت رىب حبرج‬

‫وىي تقول‪":‬مل أستطع اجمليء ابكرا أعتذر‬

‫‪85‬‬
‫ِ‬
‫منك شيهانة‪"..‬‬

‫اشتعال وجهها ابحلمرة جعل الفتيات يتن ّدرن‬

‫عليها‪..‬‬

‫"أخربيٍت ما ىو سبب التأخَت اي رىب؟"‬

‫سألتها شادن وىي تغمزىا بوقاحة فيما‬

‫ذلن وتركت‬
‫ىتفت هبا ريفال اليت انضمت ّ‬
‫بيداء مع والدهتا إبحياء‪:‬‬
‫"أمل يوافق أخي على تر ِ‬
‫كك إال اآلن؟"‬

‫ساد ادلرح بُت الفتيات حىت رمحنها أخَتا‬

‫‪86‬‬
‫وانقلب األمر على شيهانة وشادن ما إن‬

‫استأذن شقيقيهما ابلدخول لتوقّعا على عقد‬

‫القران‪.‬‬

‫***‬
‫ليال‬
‫أر ِ‬
‫اك صلمة يف السماء عالية‬

‫أسبٌت الوصول إليها ولكٍت أخشى بريقها‪..‬‬

‫كيف الوصال ذلا وىي ادللكة وما أان إال‬

‫شللوك يف حاشيتها‪..‬‬

‫‪87‬‬
‫ِ‬
‫ويهواك وعقلي ينهرين ويكبّلٍت‬ ‫قليب يعصاين‬
‫بعُرف‬

‫ما أان بقادر على إهنائو‪..‬‬


‫فهل يل ِ‬
‫عندك طريق تكوين ِ‬
‫أنت هنايتو‬

‫أم ُكتب على القلب شقائو‪..‬‬

‫خاطرة من حسن لشيهانة‬

‫بقلم اجلميلة منال الشباسي‬

‫دلفت إىل الشقة ببطء وىي تنظر بكل اذباه‬

‫إال ىو‪ ,‬تشعر بنبضات قلبها تنتفض داخلها‬

‫‪88‬‬
‫بل يكاد قلبها يهرب من صدرىا وىي تشعر‬

‫بو خلفها وقد أغلق الباب‬


‫"ىل ِ‬
‫أنت على وضوء؟"‬

‫أجفلت على سؤالو فنظرت إليو للحظات‬

‫رباول استيعاب ما قالو قبل أن تومئ‬

‫بصمت فأشار إليها أن تتق ّدمو لركن قد‬

‫جهز‬
‫وضع بو سجادتُت للصالة وكأنو ّ‬
‫ادلكان قبل الزفاف مباشرة حىت يبدآ‬

‫حياهتما بطاعة هللا‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫وقفت تصلّي خلفو لتغافلها دمعتُت‬

‫فتسيالن على وجنتيها دون شعور وما إن‬

‫انتهى حسن من الدعاء حىت انظرىا بقلق‬

‫وىو يسأذلا‪":‬دلاذا تبكي شيهانة؟"‬

‫رمقتو بعدم فهم قبل أن تشعر ابلدموع اليت‬

‫غافلتها وسالت رغما عنها فلم سبلك إال أن‬

‫تًتك العنان لباقي الدموع وبلحظة كان‬

‫يضمها لو حبنو وىو يربّت على كتفها‬


‫ىامسا‪":‬أعلم اي حبيبيت‪ ,‬أعلم أنٍت ع ّذ ِ‬
‫بتك‬

‫‪91‬‬
‫معي كثَتا ببعدي األمحق ِ‬
‫عنك ولكٍت‬

‫خشيت فقدان احللم لو حاولت جعلو‬

‫حقيقة لذا اكتفيت بكونو حلما مجيال‬


‫بعيدا عن يدي ومل أكن أعلم ِ‬
‫أنك تتع ّذبُت‬

‫معي وبسبيب"‬

‫اخنفضت وتَتة بكائها وىدأت شهقاهتا فقال‬

‫دبرح‪":‬ىل ىذه وسيلة للهروب مٍت الليلة؟‬


‫ِ‬
‫والدتك بعد قليل؟"‬ ‫ىل ستطلبُت‬

‫ابتسمت خبجل وىي تدفن رأسها بصدره‬

‫‪91‬‬
‫وحركتها ىذه جعلت سعادتو تبلغ عنان‬

‫فضمها لو بقوة وىو يقول ذلا‪:‬‬


‫السماء ّ‬
‫"انظري يل اي صلميت"‬

‫أبعدت رأسها عنو وىي تناظره بدىشة‬

‫مرددة‪":‬صلمة؟"‬
‫رك ِ‬
‫وأنت‬ ‫صغَ ِ‬
‫أومأوىو يقول بشجن‪":‬منذ ِ‬

‫النجمة اليت أحلم ابلوصول إليها‪ ,‬األمَتة‬

‫اليت حيلم هبا الشاطر حسن وال حيصل حىت‬

‫على نظرة منها"‬

‫‪92‬‬
‫"ولكن األمَتة أحبّت الشاطر حسن‪"..‬‬

‫قالتها شيهانة بعفوية فابتسم حسن بسعادة‬

‫وىو يقول‪" :‬األمَتة يف احلكاية أم‬

‫أمَتٌب أان؟"‬

‫أغمضت عينيها خبجل فأمسك بذقها ورفع‬

‫رأسها جاعال عينامها تتقابالن وىو يهمس‬

‫ذلا‪":‬حسن يعشق األمَتة‪,‬‬

‫حسن يتوق المتالك النجمة ويتوق لو‬

‫يسمعها من أمَتتو وصلمتو ولو مرة واحدة"‬

‫‪93‬‬
‫علمت ما يريده ومل تبخل عليو رغم خجلها‬

‫فهمست‪":‬واألمَتة ربب حسن والنجمة‬

‫ملك لو إىل األبد"‪.‬‬

‫***‬
‫أصرت أن‬
‫أمسكت شادن بكف َو َىج واليت ّ‬
‫تذىب معها ابلسيارة فقاد هبما شهم حىت‬

‫يعود َبو َىج بدال من قتادة شقيق شادن‪..‬‬

‫"اتركيٍت شادن"‬

‫قالتها َو َىج خبفوت وىي رباول انتزاع يدىا‬

‫‪94‬‬
‫سبسكت هبا وىي تقول‪:‬‬
‫من شادن اليت ّ‬
‫"كال‪ ,‬اصعدي معي"‬

‫اتّسعت عينا َو َىج بقوة وىي تقول من بُت‬


‫أسناهنا‪":‬ىل ِ‬
‫جننت شادن؟ أصعد إىل أين؟‬

‫أال يكفي موقفي اآلن وقد جعلتيٍت أحضر‬


‫ِ‬
‫والدتك"‬ ‫ِ‬
‫شقيقك أو‬ ‫م ِ‬
‫عك بدال من‬
‫ِ‬
‫ولكنك تشعرين دبا‬ ‫"لن يشعر يب أي منهما‬

‫يف داخلي اآلن‪ ..‬أليس كذلك؟"‬

‫قالت شادن ابىتزاز فابتسمت َو َىج‬

‫‪95‬‬
‫بتعاطف وىي تقول‪":‬اىدأي حبيبيت‪ِ ,‬ملَكل‬

‫ىذا التوتر؟ ىو لن يفعل شيئا ال تريديو‪..‬‬


‫ِ‬
‫أنت تعرفُت ىذا جيدا"‬

‫أومأت شادن وقد بدأت هتدأ قليال فربّتت‬

‫عليها َو َىج وىي تقول‪":‬ثقي بو وأت ّكدي أنو‬


‫ِ‬
‫يرغمك على شيء‪ ,‬فاىدأي‬ ‫ِ‬
‫حيبك لذا لن‬
‫ِ‬
‫ليخيفك"‬ ‫وال ِ‬
‫تًتك العنان للشيطان‬

‫أومأت شادن مرة أخرى ٍب تركت كف َو َىج‬

‫اليت ربّتت على كتفها حبنو ٍب غادرت اتركة‬

‫‪96‬‬
‫إايىا مع عريسها‪.‬‬

‫دخلت الشقة وىو خلفها مغلقا الباب‬

‫خلفو ٍب قال هبدوء مراعيا توترىا والذي رآه‬


‫ِ‬
‫مالبسك أوال قبل‬ ‫ابخلارج‪":‬ىل تبدلُت‬

‫الصالة؟"‬

‫أومأت وىي تسرع إىل الغرفة فسار خلفها‬

‫وىو يكبح ضحكاتو عليها‪ ..‬ما ابذلا ىادئة؟‬

‫أين لساهنا الالزع؟‬

‫أكل ىذا خوف منو؟! ىل أخربىا أحدىم‬

‫‪97‬‬
‫أنو سيأكلها؟‬

‫عض شفتيو وىو يهمس داخلو‬


‫ّ‬
‫(بل سألتهمها ولن أترك قضمة واحدة منها‪,‬‬

‫فراوليت اللذيذة)‬

‫بعد انتهاء الصالة هنضت مسرعة فأوقفها‬


‫ِ‬
‫أساعدك"‬ ‫وىو يقول‪":‬دعيٍت‬

‫مل تدرك معٌت مجلتو وال كنو ادلساعدة اليت‬

‫خيربىا عنها إال عندما وجدتو خيلع عنها‬

‫ثوب الصالة لتقف أمامو ابلثوب احلريري‬

‫‪98‬‬
‫الناعم الذي ارتدتو وظنّت أهنا ستجد‬

‫الوقت لتبدلو قبل أن يراىا فربغم جرأهتا يف‬

‫العادة إال أهنا مل تتخيل يوما أن تقف أمام‬

‫حيدر خاصة بثوب كهذا‪..‬‬

‫ذبمد حيدر ما إن وقعت عيناه عليها‪..‬‬


‫ّ‬
‫شطاهنا وىو‬
‫ازدرد ريقو بصعوبة وعيناه سب ّ‬
‫يهمس داخلو‬

‫(لقد أصبحت شادن حاليل‪ ..‬اي إذلي)‬

‫استدارت لتهرب منو إال أنو ثبّتها‪..‬‬

‫‪99‬‬
‫ظهرىا متّكئا على صدره وذراع سبسك هبا‬

‫واألخرى تزيح شعرىا من اخللف لَتى‬

‫فراولتو كما يدعوىا‪..‬‬

‫"أشتهي الفراولة"‬

‫ارتعدت بُت ذراعيو حادلا حطّت شفتيو على‬

‫الفراولة خاصتها بشغف فهمست امسو‬

‫بضعف‪":‬حيدر‪"..‬‬
‫"قلبو وروحو وحياتو كلها ملك ِ‬
‫لك اي غزالة"‬

‫‪111‬‬
‫****‬
‫صعدت جواره يف السيارة بصمت وىي‬

‫تسب شادن داخلها على ىذا ادلوقف الذي‬

‫وضعتها فيو‪..‬‬

‫"ىل ستظلُت صامتة كثَتا؟"‬

‫سأذلا شهم الذي يسَت ببطء شديد ابلسيارة‬

‫يتحرك فقالت هبدوء‪:‬‬


‫حىت ظنّتو ال ّ‬
‫"ماذا أقول؟"‬

‫إيل؟"‬
‫"أمل تشتاقي ّ‬

‫‪111‬‬
‫سأذلا شهم فأغمضت عينيها بقوة وىي‬

‫تفكر بل ُم ُّ‬
‫ت شوقا اي شهم ولكن ماذا أفعل‬

‫وبظنونك اليت ذبرحٍت‪..‬‬


‫َ‬ ‫بك‬
‫َ‬
‫زفرت هبدوء ومل ترد فوجدتو يصف السيارة‬

‫على جانب الطريق ويلتفت ذلا بكليتو قائال‪:‬‬


‫"حىت لو مل تشتاقي يل أان اشتقت ِ‬
‫لك بقوة‬

‫اي ذات الغمازات"‬

‫ك يب؟"‬
‫"اشتقت يل أم لش ّك َ‬
‫قالتها َو َىج أبمل فاتّسعت عيناه بقوة وىو‬

‫‪112‬‬
‫يهتف هبا‪":‬اي إذلي! ىل تظنيٍت شككت ِ‬
‫بك‬

‫تفرقُت بُت الغَتة‬


‫تلك ادلرة اي َو َىج؟ أال ّ‬
‫والشك؟"‬

‫أنت الذي‬
‫َ‬ ‫شهم‪..‬‬ ‫اي‬ ‫ق‬‫تفر‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫أنت‬
‫"بل َ‬
‫ّ‬
‫مل َتر زوجتو ورّكزت فقط عليو فهل ذلذا‬

‫معٌت آخر؟"‬

‫ىم ابلدفاع عن‬


‫قالت َو َىج بصرامة وعندما ّ‬
‫نفسو قاطعتو قائلة‪":‬ىل تظن أنٍت كنت‬

‫عليك وأان أمحل ولو ذرة مشاعر‬


‫ألوافق َ‬

‫‪113‬‬
‫ذباه أحد آخر؟ لست أان َمن تفعل ذلك‬

‫يدك مل أكن ألوافق‬


‫اي شهم‪ ..‬لو مل أكن أر َ‬
‫علي الذي‬
‫ّ‬ ‫ابلنهي‬ ‫جت‬‫ربج‬
‫ّ‬ ‫كنت‬
‫و‬ ‫عليك‬
‫َ‬
‫فعلتو أمام اجلميع ومل يكن أحد ليعارضٍت‬

‫وقتها"‬

‫أمسك كفها بُت كفيو وىو يقول ابعتذار‪:‬‬


‫منك و َىج‪ ,‬لقد أخطأت ِ‬
‫حبقك‬ ‫"أعتذر ِ‬
‫َ‬
‫ولكن بسبب غَتٌب ِ‬
‫عليك فقط وليس ألي‬
‫ِ‬
‫لذىنك"‬ ‫سبب آخر تبادر‬

‫‪114‬‬
‫أومأت بصمت فاقًتب بوجهو منها وىو‬
‫يقول‪":‬ولكٍت مل أقتنع ِ‬
‫أنك سازلتيٍت"‬

‫"سازلتك"‬
‫َ‬
‫قالتها َو َىج خبفوت شديد من اخلجل من‬

‫قربو هبذا الشكل إال أنو مل يرحم خجلها‬

‫وىو يقًتب برأسو منها أكثر ويقول‪:‬‬

‫"قبّليٍت إذا‪"..‬‬

‫"ماذا؟!"‬

‫ىتفت َو َىج بصدمة فغمزىا قائال‪:‬‬

‫‪115‬‬
‫"حسنا سأقب ِ‬
‫لك أان"‬‫ّ‬
‫ط بشفتيو على‬
‫ومل دينحها الفرصة للرد بل ح ّ‬
‫وجنتها وقبّل غمازهتا بشغف وىو يهمس‬

‫ذلا‪":‬ال تغضيب مٍت مرة أخرى واعذريٍت‬


‫فأان أغاار بقوة علي ِ‬
‫ك اي ذات الغمازات"‪.‬‬

‫***‬
‫"ىل ِ‬
‫جننت اي خزامى؟ أمل نتفق أن نغلق ىذا‬
‫ِ‬
‫عرفت احلقيقة؟"‬ ‫األمر وقد‬

‫غسان حبدة وىي تواجهو مرة‬


‫ىتف هبا ّ‬
‫أخرى بصباح يوم عقد القران والزفاف‬
‫‪116‬‬
‫وزبربه أن يرفضها ىو حىت ال ربرجو أمام‬

‫"أنت أخربتٍت أن‬


‫اجلميع لتجيبو بغضب‪َ :‬‬
‫أيتك بعيٍت معها‬
‫ذلك مل حيدث ولكٍت ر َ‬
‫أنت؟‬
‫قك َ‬‫غسان؟ ىل أك ّذب عيٍت وأص ّد َ‬
‫اي ّ‬
‫أم أذىب ألسأل تلك اخلائنة؟"‬
‫"اي إذلي لقد ِ‬
‫جننت حقا! مل حيدث ىذا أبدا‬
‫وأان أبدا لن أخون أحدا فما ِ‬
‫ابلك أبخي‬

‫اي غبية"‬

‫غسان بصرامة حىت تغلق ىذا األمر‬


‫ىتف ّ‬

‫‪117‬‬
‫سباما إال أهنا ىتفت بو‪":‬إذا مل تكن خنساء‬

‫معك إذا َمن ستكون؟ لقد رأيتها‬


‫َمن رأيتها َ‬
‫غسان فال تكذب وأان أعلم‬
‫أحضانك اي ّ‬
‫َ‬ ‫بُت‬

‫جيدا ِملَ تتزوج يب وهبذا الوقت ربديد"‬

‫رمقها غسان ابشتعال وىو يسأذلا ساخرا‪:‬‬


‫"ودلاذا بر ِ‬
‫أيك؟"‬

‫ابنك ففكرت أن تتخذين ستارا‬


‫"ألن الطفل َ‬
‫ألفعالك القذرة معها ولكٍت لن أكون ستارا‬

‫عالقتك هبا أبدا وسأخرب حرب أيضا‬


‫َ‬ ‫على‬

‫‪118‬‬
‫أن زوجتو زبونو مع شقيقو األصغر و‪"...‬‬

‫غسان أن حيتمل فصفعها بقوة‬


‫مل يستطع ّ‬
‫وىو يهتف هبا‪":‬اخرسي‪"..‬‬

‫وخبضم شجارمها معا مل يشعرا هبذا الذي‬

‫ُى ّدت الدنيا فوق رأسو من الصدمة شلا‬

‫مسعو‪..‬‬

‫حرب والذي نزلت عليو كل كلمة قالتها‬

‫خزامى ابنة عمو كالصاعقة وشعر بنَ َف ِسو‬

‫يضيق فغادر مكانو ابلقرب من اجمللس‬

‫‪119‬‬
‫الداخلي دلنزل والده اخلايل هبذا الوقت‬

‫واستقل سيارتو وانطلق هبا ال يلووي على‬


‫ّ‬
‫شيء‪..‬‬

‫ال يرى إال الدم أمامو‪ ..‬دم أخيو األصغر‬

‫ودم زوجتو بل حبيبة عمره كلو!‬

‫وانتهى اليوم ابلدماء اليت رآىا ابلفعل‬

‫ولكنها دماءه ىو وحده‪.‬‬

‫هناية الفصل‬

‫‪111‬‬

You might also like